ج1.
الدر المنثور
المؤلف : عبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي
مقدمة
المؤلف
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله : أحيا بما شاء مآثر الآثار بعد الدثور ووفق لتفسير كتابه العزيز بما
وصل إلينا بالإسناد العالي من الخبر المأثور وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له شهادة تضاعف لصاحبها الأجور وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الذي أسفر فجره
الصادق فمحا ظلمات أهل الزيغ والفجور صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه ذوي العلم
المرفوع والفضل المشهور صلاة وسلاما دائمين ممر الليالي والدهور
وبعد : فلما ألفت كتاب " ترجمان القرآن " وهو التفسير المسند عن رسول
الله وأصحابه رضي الله عنهم وتم بحمد الله في مجلدات فكان ما أوردته فيه من الآثار
بأسانيد الكتب المخرج منها واردات رأيت قصور أكثر الهمم عن تحصيله ورغبتهم في
الاقتصار على متون الأحاديث دون الإسناد وتطويله فخلصت منه هذا المختصر مقتصرا فيه
على متن الأثر مصدرا بالعزو والتخريج إلى كل كتاب معتبر وسميته : الدر المنثور في
التفسير بالمأثور والله أسأل أن يضاعف لمؤلفه الأجور ويعصمه من الخطأ والزور بمنه
وكرمه إنه البر الغفور
(1/9)
مقدمة
سورة الفاتحة أخرج عبد بن حميد في تفسيره عن إبراهيم قال : سألت الأسود عن فاتحة
الكتاب أمن القرآن هي ؟ قال : نعم وأخرج عبد بن حميد ومحمد بن نصر المروزي في كتاب
الصلاة وابن الانباري في المصاحف عن محمد بن سيرين وابن الأنباري في المصاحف أن
أبي كعب كان يكتب فاتحة الكتاب والمعوذتين واللهم إياك نعبد واللهم ؟ إياك نستعين
ولم يكتب ابن مسعود شيئا منهن
وكتب عثمان بن عفان فاتحة الكتاب والمعوذتين
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال : كان عبدالله لايكتب فاتحة الكتاب في المصحف
وقال : لو كتبتها لكتبت في أول كل شيء
وأخرج الواحدي في أسباب النزول والثعلبي في تفسيره عن علي رضي الله عنه قال : نزلت
فاتحة الكتاب بمكة من كنز تحت العرش
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في دلائل النبوة والواحدي
والثعلبي عن أبي ميسرة عمرو بن شرحبيل أن رسول الله قال لخديجة " إني إذا
خلوت وحدي سمعت نداء فقد والله خشيت أن يكون هذا أمرا ! فقالت : معاذ الله
! ماكان الله ليفعل بك
فوالله إنك لتؤدي الأمانة وتصل الرحم وتصدق الحديث
فلما دخل أبو بكر وليس رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم ذكرت خديجة حديثه لها
وقالت : إذهب مع محمد إلى ورقة فلما دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم أخذ أبو
بكر بيده فقال : انطلق بنا إلى ورقة فقال : ومن أخبرك ؟ قال : خديجة
فانطلقا إليه فقصا عليه فقال : إذا خلوت وحدي سمعت نداء خلفي يامحمد يامحمد
فأنطلق هاربا في الأرض
فقال : لاتفعل إذا أتاك فاثبت حتى تسمع مايقول ثم ائتني
(1/10)
فأخبرني
فلما خلا ناداه يا محمد قل بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين حتى بلغ
ولا الضالين قال : قل لاإله إلا الله
فأتى ورقة فذكر ذلك له
فقال له ورقة : أبشر ثم أبشر فإني أشهد أنك الذي بشر به ابن مريم وأنك على مثل
ناموس موسى وأنك نبي مرسل "
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق ابن اسحق حدثني بن يسار عن رجل من بني سلمة قال
: لما أسلم بني سلمة وأسلم ولد عمرو بن الجموح قالت امرأة عمرو له : هل لك أن تسمع
من ابنك ماروي عنه ؟ فقال : أخبرني ما سمعت من كلام هذا الرجل
فقرأ عليه الحمد لله رب العالمين إلى قوله الصراط المستقيم فقال : ماأحسن هذا
وأجمله ! وكل كلامه مثل هذا ؟ فقال : ياأبتاه وأحسن من هذا وذلك قبل الهجرة
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأبو سعيد بن الأعرابي في معجمه والطبراني في الأوسط
من طريق مجاهد عن أبي هريرة
أن إبليس رن حين أنزلن فاتحة الكتاب
وأنزلت بالمدينة
وأخرج وكيع والفريابي في تفسيريهما وأبو عبيد في فضائل القرآن وابن أبي شيبة في
المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر في تفسيره وأبو بكر بن الأنباري في كتاب المصاحف
وأبو الشيخ في العظمة وأبو نعيم في الحلية من طرق عن مجاهد قال : نزلت فاتحة
الكتاب بالمدينة
وأخرج وكيع في تفسيره عن مجاهد قال : نزلت فاتحة الكتاب بالمدينة
وأخرج أبو بكر بن الأنباري في المصاحف عن قتادة قال : نزلت فاتحة الكتاب بمكة
وأخرج ابن الضريس في فضائل القرآن عن أيوب أن مجمد بن سيرين كان يقول : يكره أن
يقول : أم القرآن
ويقول : قال الله وعنده أم الكتاب ولكن فاتحة الكتاب
وأخرج الدارقطني وصححه والبيهقي في السنن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " إذا قرأتم الحمد فاقرؤا بسم الله الرحمن
الرحيم إنها أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى
آياتها "
(1/11)
وأخرج
البخاري والدارمي في مسنده وأبو داود والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن أبي
مردويه في تفاسيرهم عن أبي هريرة قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
الحمد لله رب العالمين أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني " وأخرج أحمد في
مسنده وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه في تفاسيرهم عن أبي هريرة
عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال لأم القرآن : " هي أم القرآن وهي
فاتحة الكتاب وهي السبع المثاني وهي القرآن العظيم " وأخرج الثعلبي عن عبد
الجبار بن العلاء قال : كان سفيان بن عيينة يسمي فاتحة الكتاب : الوافية
وأخرج الثعلبي عن عفيف بن سالم قال : سألت عبد الله بن يحيى بن أبي كثير عن قراءة
الفاتحة خلف الإمام فقال : عن الكافية تسأل ؟ قلت : وما الكافية ؟ قال الفاتحة أما
علمت أنها عن سواها ولايكفي سواها عنها
وأخرج الثعلبي عن الشعبي أن رجلا شكا إليه وجع الخاصرة فقال : عليك بأساس القرآن
قال : وما أساس القرآن ؟ قال : فاتحة الكتاب
وأخرج الدارقطني والبيهقي في السنن بسند صحيح عن عبد خير قال : سئل علي رضي الله
عنه عن السبع المثاني فقال الحمد لله رب العالمين فقيل له : إنما هي ست آيات !
فقال بسم الله الرحمن الرحيم آية
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه في تفسيره والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم الحمد لله رب العالمين سبع آيات بسم الله الرحمن
الرحيم إحداهن وهي السبع المثاني والقرآن العظيم وهي أم القرآن وهي الفاتحة الكتاب
"
وأخرج الدارقطني والبيهقي عن أبي هريرة " إن النبي صلى الله عليه و سلم كان
إذا قرأ - وهو يؤم الناس - افتتح بسم الله الرحمن الرحيم قال أبو هريرة : آية من
كتاب الله اقرؤا إن شئتم فاتحة الكتاب فإنها الآية المسابعة "
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن أم سلمة قالت " قرأ رسول الله صلى الله
عليه و سلم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم
الدين إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير
المغضوب عليهم ولا الضالين وقال : هي سبع يا أم سلمة "
(1/12)
وأخرج
أحمد والبخاري والدارمي وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن حبان وابن مردويه
والبيهقي عن أبي سعيد بن المعلى قال : كنت أصلي فدعاني النبي صلى الله عليه و سلم
فلم أجبه فقال " ألم يقل الله استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم الأنفال الآية
24 ثم قال : لأعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد فأخذ بيدي فلما
أردنا أن نخرج قلت : يارسول الله إنك قلت لأعلمنك سورة في القرآن قال الحمد لله رب
العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته "
وأخرج أبو عبيد وأحمد والدارمي والترمذي وصححه النسائي وابن خزيمة وابن المنذر
والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو ذر الهروي في فضائل القرآن والبيهقي في سننه عن
أبي هريرة " إن رسول الله صلى الله عليه و سلم وخرج على أبي بن كعب فقال :
ياأبي - وهو يصلي - فالتفت أبي فلم يجبه
فصلى أبي فخفف ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : السلام عليك
يارسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : مامنعك أن تجبني إذ دعوتك ؟
فقال : يارسول الله إني كنت في الصلاة قال : أفلم تجد فيما أوحى الله إلي أن
استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم الأنفال الآية 24 قال : بلى
ولا أعود إن شاء قال : أتحب أن أعلمك سورة لم ينزل في التوراة ولا في الانجيل ولا
في الزبور ولا في الفرقان مثلها ؟ قال : نعم يا رسول الله : فقال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : كيف تقرأ في الصلاة ؟ فقرأ بأم الكتاب فقال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : والذي نفسي بيده ما أنزل في التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور
ولا في الفرقان مثلها وإنها السبع من المثاني
أو قال : السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيته "
وأخرج الدارمي والترمذي وحسنه والنسائي وعبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند
وابن الضريس في فضائل القرآن وابن جرير وابن خزيمة والحاكم وصححه من طريق العلاء
عن أبيه عن أبي هريرة عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ما أنزل الله في التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثل
أم القرآن
وهي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيت وهي مقسومة بيني وبين عبدي ولعبدي ما
سأل "
وأخرج مسلم والنسائي وابن حبان والطبراني والحاكم عن ابن عباس قال " بينما
(1/13)
رسول
الله صلى الله عليه و سلم جالس وعنده جبريل إذ سمع نقيضا من السماء من فوق فرفع
جبريل بصره إلى السماء فقال : يامحمد هذا ملك قد نزل لم ينزل إلى الأرض قط قال :
فأتى النبي فسلم عليه فقال : أبشر بنورين قد أوتيتهما لم يؤتهما نبي من قبلك
فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة لن تقرأ حرفا إلا أوتيته "
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن أبي زيد وكانت له صحبة قال " كنت مع
النبي صلى الله عليه و سلم في بعض فجاج المدينة فسمع رجلا يتهجد ويقرأ بأم القرآن
فقام النبي فاستمع حتى ختمها ثم قال : ما في الأرض مثلها "
وأخرج أبو عبيدة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة
والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم
في سرية ثلاثين راكبا فنزلنا بقوم من العرب فسألناهم أن يضيفونا فأبوا فلدغ سيدهم
فأتونا فقالوا : فيكم أحد يرقي من العقرب ؟ فقلت : نعم أنا
ولكن لا أفعل حتى تعطونا شيئا قالوا : فإنا نعطيكم ثلاثين شاة فقال : فقرأت عليها
الحمد سبع مرات فبرأ فلما قبضنا الغنم عرض في أنفسنا منها فكففنا حتى أتينا النبي
فذكرنا ذلك له قال " أما علمت أنها رقية ! اقتسموها واضربوا لي معكم بسهم
"
وأخرج أحمد والبخاري والبيهقي في سننه عن ابن عباس
أن نفرا من أصحاب رسول الله مروا بماء فيه لديغ أو سليم فعرض لهم رجل من أهل الحي
فقال : هل فيكم من راق ؟ إن في الماء رجلا لديغا أو سليما
فانطلق رجل منهم فقرأ بفاتحة الكتاب على شاء فبرأ فجاء بالشاء إلى أصحابه فكرهوا
ذلك وقالوا : أخذت على كتاب الله أجرا ! حتى قدموا المدينة فقالوا : يارسول الله
أخذ على كتاب الله أجرا ! فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن أحق ما
أخذتم عليه أجرا
كتاب الله "
وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان بسند جيد عن عبد الله بن جابر أن رسول الله
قال له " ألا أخبرك بأخير سورة نزلت في القرآن ؟ قلت : بلى يا رسول الله قال
: فاتحة الكتاب
وأحسبه قال : فيها شفاء من كل داء "
وأخرج الطبراني في الأوسط والدارقطني في الأفراد وابن عساكر بسند ضعيف عن السائب
بن يزيد قال : عوذني رسول الله صلى الله عليه و سلم بفاتحة الكتاب تفلا
وأخرج سعيد بن منصور في سننه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي سعيد الخدري أن رسول
الله قال " فاتحة الكتاب شفاء من السم "
(1/14)
وأخرج
أبو الشيخ بن حبان في كتاب الثواب من وجه آخر عن أبي سعيد وأبي هريرة مرفوعا
مثله
وأخرج الدارمي والبيهقي في شعب الإيمان بسند رجاله ثقات عن عبد الملك بن عمير قال
" قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فاتحة الكتاب شفاء من كل داء "
وأخرج الثعلبي من طريق معاوية بن صالح عن أبي سلمان قال : مر أصحاب رسول الله في
بعض غزوهم على رجل قد صرع فقرأ بعضهم في أذنه بأم القرآن فبرأ فقال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " هي أم الكتاب وهي شفاء من كل داء "
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن السني في عمل اليوم والليلة والحاكم وصححه
والبيهقي في الدلائل عن خارجة بن الصلت التميمي عن عمه
أنه أتى رسول الله ثم أقبل راجعا من عنده
فمر على قوم عندهم رجل مجنون موثق بالحديد فقال أهله : أعندك ماتداوي به هذا فإن
صاحبكم قد جاء بخير ؟ قال : فقرأت عليه فاتحة الكتاب ثلاثة أيام في كل يوم مرتين
غدوة وعشية أجمع بزاقي ثم أتفل فبرأ فأعطوني مائة شاة
فأتيت النبي صلى الله عليه و سلم فذكرت ذلك له فقال " كل فمن أكل برقية باطل
فقد أكلت برقية حق "
وأخرج البزار في مسنده بسند ضعيف عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إذا وضعت جنبك على الفراش وقرأت فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد فقد أمنت من
كل شيء إلا الموت "
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " من قرأ أم القرآن و قل هو الله أحد الإخلاص الآية 1 فكأنما قرأ
ثلث القرآن "
وأخرج عبد بن حميد في مسنده بسند ضعيف عن ابن عباس يرفعه إلى النبي صلى الله عليه
و سلم " فاتحة الكتاب تعدل بثلثي القرآن "
وأخرج الحاكم وصححه وأبو ذر الهروي في فضائله والبيهقي في الشعب عن أنس قال "
كان صلى الله عليه و سلم في مسير له فنزل فمشى رجل من أصحابه إلى جنبه فاتفت إليه
النبي فقال : ألا أخبرك بأفضل القرآن ؟ فتلا عليه الحمد لله رب العالمين "
(1/15)
وأخرج
ابن الضريس في فضائل القرآن والبيهقي في الشعب عن أنس عن النبي قال " إن الله
أعطاني فيما من به علي أني أعطيتك فاتحة الكتاب وهي من كنوز عرشي ثم قسمتها بيني
وبينك نصفين "
وأخرج اسحق بن راهويه في مسنده عن علي
أنه سئل عن فاتحة الكتاب فقال : حدثنا نبي الله صلى الله عليه و سلم " أنها
أنزلت من كنز تحت العرش "
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه في تفسيره وأبو ذر الهروي في فضائله والبيهقي في
الشعب عن معقل بن يسار قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أعطيت سورة
البقرة من الذكر الأول وأعطيت فاتحة الكتاب وخواتيم سورة البقرة من تحت العرش
والمفصل نافلة "
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن عمران بن حصين
فاتحة الكتاب وآية الكرسي لايقرؤهما عبد في دار فتصيبهم في ذلك اليوم عين إنس أو
جن
أوخرج أبو الشيخ في الثواب والطبراني وابن مردويه والديلمي والضياء المقدسي في
المختارة عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أربع أنزلن
من كنز تحت العرش لم ينزل منه شيء غيرهن أم الكتاب وآية الكرسي وخواتم سورة البقرة
والكوثر "
وأخرج ابن الضريس عن أبي أمامة موقوفا
مثله
وأخرج أبو نعيم والديلمي عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" فاتحة الكتاب تجزىء مالا يجزىء شيء من القرآن
ولو أن فاتحة الكتاب جعلت في كفة الميزان وجعل القرآن في الكفة الأخرى لفضلت فاتحة
الكتاب على القرآن سبع مرات "
وأخرج أبو عبيد في فضائله عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من قرأ فاتحة الكتاب فكأنما قرأ التوراة والانجيل و الزبور و الفرقان
"
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن الحسن قال : أنزل الله مائة وأربعة كتب أودع
علومها أربعة منها
التوراة والانجيل والزبور والفرقان ثم أودع علوم التوارة والانجيل والزبور
والفرقان ثم أودع علوم القرآن المفصل ثم أودع المفصل فاتحة الكتاب
فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة
وأخرج وكيع في تفسيره وابن الآنباري في المصاحف وأبو الشيخ في العظمة وأبو
(1/16)
نعيم
في الحلية عن مجاهد قال : رن إبليس أربعا
حين نزلت فاتحة الكتاب وحين لعن وحين هبط إلى الأرض وحين بعث محمد صلى الله عليه و
سلم
وأخرج ابن الضريس عن مجاهد قال : لما نزلت الحمد لله رب العالمين شق على إبليس
مشقة شديدة ورن رنة شديدة ونخر نخرة شديدة
قال مجاهد : فمن أن أو نخر فهو ملعون
وأخرج ابن الضريس عن عبد العزيز بن ربيع قال : لما نزلت فاتحة الكتاب رن إبليس
كرنته يوم لعن
وأخرج أبو عبيد عن مكحول قال : أم القرآن قراءة ومسألة ودعاء
وأخرج أبو الشيخ في الثواب عن عطاء قال : إذا أردت حاجة فاقرأ بفاتحة الكتاب حتى
تختمها تقضى إن شاء الله
وأخرج ابن قانع في معجم الصحابة عن رجاء الغنوي قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " استشفوا بما حمد الله به نفسه قبل أن يحمده خلقه وبما مدح الله به
نفسه
قلنا : وماذاك يا نبي الله ؟ قال الحمد لله و قل هو الله أحد الإخلاص الآية 1 فمن لم
يشفه القرآن فلا شفاه الله "
وأخرج أبو عبيد عن أبي المنهال سيار بن سلامة أن عمر بن الخطاب سقط عليه رجل من
المهاجرين وعمر يتهجد من الليل يقرأ بفاتحة الكتاب لايزيد عليها ويكبر ويسبح ثم
يركع ويسجد
فلما أصبح الرجل ذكر ذلك لعمر فقال عمر : لامك لأمك ؟ الويل
! أليست تلك صلاة الملائكة ؟ قلت : فيه أن الملائكة أذن لهم في قراءة الفاتحة فقط
فقد ذكر ابن الصلاح أن قراءة القرآن خصيصة أوتيها البشر دون الملائكة وأنهم حريصون
على سماعه من الإنس
وأخرج ابن الضريس عن أبي قلابة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
من شهد فاتحة الكتاب حين يستفتح كان كمن شهد فتحا في سبيل الله ومن شهد حتى تختم
كمن شهد الغنائم حتى تقسم "
وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق عن شداد بن أوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " إذا أخذ أحدكم مضجعه ليرقد فليقرأ بأم القرآن وسورة
فإن الله يوكل به ملكا يهب معه إذا هب "
(1/17)
وأخرج
الشافعي في الأم وابن أبي شيبة في المصنف وأحمد في مسنده والبخاري ومسلم وأبو داود
والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي في السنن عن عبادة بن الصامت
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب
"
وأخرج الدارقطني والحاكم عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " أم القرآن عوض عن غيرها وليس غيرها عوضا عنها "
وأخرج أحمد والبيهقي في سنه عن أبي هريرة قال : أمرني رسول الله قال " كل
صلاة لايقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداع "
وأخرج مالك في الموطأ وسفيان بن عيينة في تفسيره وأبو عبيد في فضائله وابن أبي
شيبة وأحمد في مسنده والبخاري في جزء القراءة ومسلم في صحيحه وأبو داود والترمذي
والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف وابن حبان والدارقطني
والبيهقي في السنن عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج فهي خداج ثلاث مرات
غير تام
قال أبو السائب : فقلت ياأبا هريرة إني أحيانا أكون وراء الإمام
فغمز ذراعي وقال : اقرأ بها يا فارسي في نفسك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : قال الله عز و جل " قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي
ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اقرؤا
يقول العبد الحمد لله رب العالمين فيقول الله : حمدني عبدي
ويقول العبد الرحمن الرحيم فيقول الله : أثنى علي عبدي
ويقول العبد مالك يوم الدين فيقول الله مجدني عبدي ويقول العبد إياك نعبد وإياك
نستعين فيقول الله : هذا بيني وبين عبدي أولها لي وآخرها لعبدي وله ماسأل
ويقول العبد اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا
الضالين فيقول الله : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل "
وأخرج الدارقطني والبيهقي في السنن بسند ضعيف عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " يقول الله تعالى : قسمت هذه الصلاة بيني وبين عبدي
نصفين فإذا قال العبد بسم الله الرحمن الرحيم يقول الله : ذكرني عبدي
فإذا قال الحمد لله رب العالمين يقول الله : حمدني عبدي
فإذا قال الرحمن الرحيم يقول الله : أثنى علي عبدي
فإذا قال مالك يوم الدين يقول الله :
(1/18)
مجدني
عبدي
فإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين قال : هذه الآية بيني وبين عبدي نصفين وآخر
السورة لعبدي ولعبدي ماسأل "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيرهما عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " قال الله : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين وله
ما سأل
فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين قال : حمدني عبدي
وإذا قال الرحمن الرحيم قال : أثنى علي عبدي
ثم قال : هذا لي وله مابقي "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي بن كعب قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم
فاتحة الكتاب ثم قال " قال ربكم : ابن آدم أنزلت عليك سبع آيات
ثلاث لي وثلاث لك وواحدة بيني وبينك
فأم التي لي فالحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين والتي بيني
وبينك إياك نعبد وإياك نستعين منك العباده وعلي العون لك
وأما التي لك اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا
الضالين "
1 -
سورة الفاتحة
مكية وآياتها سبع
1 - قوله تعالى : بسم الله الرحمن الرحيم ... أخرج أبو عبيد وابن سعد في الطبقات
وابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود وابن خزيمة وابن الأنباري في المصاحف والدارقطني
والحاكم وصححه والبيهقي والخطيب وابن عبد البر كلاهما في كتاب المسألة عن أم سلمة
" أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب
العالمين الرحمن الرحيم ملك يوم الدين إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا الصراط
المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين قطعها آية آية
وعددها عد الاعراب وعد بسم الله الرحمن الرحيم ولم يعد عليهم "
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والدارقطني والبيهقي في سننه بسند ضعيف عن بريدة قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا أخرج من المسجد حتى أخبرك بآية أو
سورة لم تنزل على نبي بعد سليمان غيري
قال : فمشى وتبعته حتى انتهى إلى باب المسجد فأخرج احدى رجليه من أسكفة المسجد
وبقيت الأخرى في المسجد
فقلت بيني وبين نفسي : نسي ذلك
فأقبل علي بوجهه فقال : بأي شيء تفتتح القرآن إذا افتتحت الصلاة ؟ قلت بسم الله
الرحمن الرحيم قال : هي هي
ثم خرج "
(1/19)
وأخرج
ابن الضريس عن ابن عباس قال بسم الله الرحمن الرحيم آية
وأخرج سعيد بن منصور في سننه وابن خزيمة في كتاب البسملة والبيهقي عن ابن عباس قال
: استرق الشيطان من الناس
وأخرج أبو عبيد وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : أغفل الناس
آية من كتاب الله لم تنزل على أحد سوى النبي صلى الله عليه و سلم إلا أن يكون
سليمان بن داود عليهما السلام بسم الله الرحمن الرحيم
وأخرج الدارقطني بسند ضعيف عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
" كان جبريل إذا جاءني بالوحي أول مايلقي علي بسم الله الرحمن الرحيم "
وأخرج الواحدي عن ابن عمر قال : نزلت بسم الله الرحمن الرحيم في كل سورة
وأخرج أبو داود والبزار والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في المعرفة عن ابن عباس
قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم لايعرف فصل السورة - وفي لفظ خاتمة السورة -
حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن الرحيم زاد البزار والطبراني فإذا نزلت عرف أن
السورة قد ختمت واستقبلت أو ابتدئت سورة أخرى
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : كان المسلمون لايعرفون
انقضاء السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم فإذا نزلت عرفوا أن السورة قد
انقضت
وأخرج أبو عبيد عن سعيد بن جبير أنه في عهد النبي صلى الله عليه و سلم كانوا
لايعرفون انقضاء السورة حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم فإذا نزلت علموا أن قد
انقضت سورة ونزلت أخرى
واخرج الطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس
أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا جاءه جبريل فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم علم
أنها سورة
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان والواحدي عن ابن مسعود قال : كنا لانعلم فصل مابين
السورتين حتى تنزل بسم الله الرحمن الرحيم
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر أنه كان يقرأ في الصلاة بسم الله الرحمن
الرحيم فإذا ختم السورة قرأها يقول : ماكتبت في المصحف إلا لتقرأ
وأخرج الدارقطني عن أبي هريرة قال : قال رسول الله " علمني جبريل
(1/20)
الصلاة
فقام فكبر لنا ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم فيما يجهر به في كل ركعة "
وأخرج الثعلبي عن علي بن يزيد بن جدعان أن العبادلة كانوا يستفتحون القراءة ب بسم
الله الرحمن الرحيم يجهرون بها
عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير
وأخرج الثعلبي عن أبي هريرة قال : كنت مع النبي صلى الله عليه و سلم في المسجد إذ
دخل رجل يصلي فافتتح الصلاة وتعوذ ثم قال الحمد لله رب العالمين فسمع النبي صلى
الله عليه و سلم فقال " يارجل قطعت على نفسك الصلاة أما علمت أن بسم الله
الرحمن الرحيم من الحمد
فمن تركها فقد ترك آية
ومن ترك آية فقد أفسد عليه صلاته "
وأخرج الثعلبي عن علي أنه كان إذا افتتح السورة في الصلاة يقرأ بسم الله الرحمن
الرحيم وكان يقول من ترك قراءتها فقد نقص وكان يقول هي تمام السبع المثاني
وأخرج الثعلبي عن طلحة بن عبيد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من ترك بسم الله الرحمن الرحيم فقد ترك آية من كتاب الله "
وأخرج الشافعي في الأم والدارقطني والحاكم وصححه والبيهقي عن معاوبة أنه قدم
المدينة فصلى بهم ولم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ولم يكبر إذا خفض وإذا رفع
فناداه المهاجرون والأنصار حين سلم : يا معاوية أسرقت صلاتك أين بسم الله الرحمن
الرحيم ؟ وأين التكبير ؟ فلما صلى بعد ذلك قرأ بسم الله الرحمن الرحيم لام القرآن
وللسوره التي بعدها وكبر حين يهوي ساجدا
وأخرج البيهقي عن الزهري قال : من سنة الصلاة أن تقرأ بسم الله الرحمن الرحيم وإن
أول من أسر بسم الله الرحمن الرحيم عمرو بن سعيد بن العاص بالمدينة وكان رجلا حييا
أخرج أبو داود والترمذي والدارقطني والبيهقي عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله
عليه و سلم يفتتح صلاته ب بسم الله الرحمن الرحيم
وأخرج البزار والدارقطني والبيهقي في شعب الإيمان من طريق أبي الطفيل قال : سمعت
علي بن أبي طالب وعمار يقولان : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يجهر في
(1/21)
المكتوبات
ب بسم الله الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب
وأخرج الطبراني في الأوسط والدارقطني والبيهقي عن نافع
أن ابن عمر إذا افتتح الصلاة يقرأ ب بسم الله الرحمن الرحيم في أم القرآن وفي
السورة التي تليها ويذكر أنه سمع ذلك من رسول الله
وأخرج الدارقطني والحاكم والبيهقي عن ابي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه
و سلم يجهر ب بسم لله الرحمن الرحيم في الصلاة "
وأخرج الدارقطني والحاكم والبيهقي وصححه عن نعيم المجمر قال : كنت وراء أبي هريرة
فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ بأم القرآن حتى بلغ ولا الضالين قال : آمين
وقال الناس : آمين
ويقول كلما سجد : الله أكبر وإذا قام من الجلوس قال الله أكبر ويقول إذا سلم :
والذي نفسي بيده إني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج الدارقطني عن علي بن أبي طالب قال : " كان النبي يجهر ب بسم الله
الرحمن الرحيم في السورتين جميعا "
وأخرج الدارقطني عن علي بن أبي طالب قال : قال النبي " كيف تقرأ إذا قمت إلى
الصلاة ؟ قلت الحمد لله رب العالمين قال : قل بسم الله الرحمن الرحيم "
وأخرج الدارقطني والبيهقي في شعب الإيمان عن جابر قال : قال لي رسول الله صلى الله
عليه و سلم " كيف تقرأ إذا قمت إلى الصلاة ؟ قلت : أقرأ الحمد لله رب
العالمين قال : قل بسم الله الرحمن الرحيم "
وأخرج الدارقطني عن ابن عمر قال : صليت خلف النبي صلى الله عليه و سلم وأبي بكر
وعمر فكانوا يجهرون ب بسم الله الرحمن الرحيم
وأخرج الدارقطني عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" أمني جبريل عليه السلام عند الكعبة فجهر ب بسم الله الرحمن الرحيم "
وأخرج الدارقطني عن الحكم بن عمير وكان بدريا قال " صليت خلف النبي
(1/22)
صلى
الله عيه وسلم فجهر في الصلاة ببسم الله الرحم الرحيم في صلاة الليل وصلاة الغداة
وصلاة الجمعة "
وأخرج الدارقطني عن عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يجهر ب بسم
الله الرحمن الرحيم "
وأخرج أبو عبيد عن محمد بن كعب القرظي قال : فاتحة الكتاب سبع آيات ب بسم الله
الرحمن الرحيم
وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره والحاكم في المستدرك وصححه والبيهقي في شعب الإيمان
وأبو ذر الهروي في فضائله والخطيب البغدادي في تاريخه عن ابن عباس
أن عثمان بن عفان سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن بسم الله الرحمن الرحيم فقال
" هو اسم من أسماء الله تعالى ومابينه وبين اسم الله الأكبر إلا كما بين سواد
العين وبياضها من القرب "
وأخرج ابن جرير وابن عدي في الكامل وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر في
تاريخ دمشق والثعلبي بسند ضعيف جدا عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " إن عيسى بن مريم أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه فقال له
المعلم : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم قال له عيسى : وما باسم الله ؟ قال المعلم :
لا أدري ! فقال له عيسى الباء بهاء الله والسين سناؤه والميم مملكته والله إله
الآلهة والرحمن رحمان الدنيا والآخرة والرحيم رحيم الآخرة "
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جويبر عن الضحاك
مثل قوله
وأخرج ابن جريج وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال " أول ما نزل جبريل على محمد
قال له جبريل بسم الله يا محمد
يقول : اقرأ بذكر الله : و الله ذو الألوهية والمعبودية على خلقه أجمعين والرحمن
الفعلان من الرحمة و الرحيم الرفيق الرقيق بمن أحب أن يرحمه والبعيد الشديد على من
أحب أن يضعف عليه العذاب "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : اسم الله الأعظم
هو الله
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في تاريخه وابن الضريس في فضائله وابن أبي حاتم عن
جابر بن يزيد قال : اسم الله الأعظم
هو الله ألا ترى أنه في جميع
(1/23)
القرآن
يبدأ به قبل كل اسم
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا في الدعاء الشعبي قال : اسم الله الأعظم
يا الله
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال الرحمن اسم ممنوع
وأخرج ابن أبي حاتم قال الرحيم اسم لايستطيع الناس أن ينتحلوه
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال الرحمن لجميع الخلق و الرحيم بالمؤمنين خاصة
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال الرحمن وهو الرفيق والرحيم وهو
العاطف على خلقه بالرزق
وهما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر
وأخرج ابن جرير عن عطاء الخراساني قال : كان الرحمن فلما اختزل الرحمن من اسمه كان
الرحمن الرحيم
وأخرج البزار والحاكم والبيهقي في الدلائل بسند ضعيف عن عائشة قالت : قال لي أبي :
ألا أعلمك دعاء علمنيه رسول الله صلى الله عليه و سلم - قال : وكان عيسى يعلمه
للحواريين - لوكان عليك مثل أحد ذهبا لقضاه الله عنك قلت : بلى
قال : " قولي : اللهم فارج الهم كاشف الغم - ولفظ البزار وكاشف الكرب - مجيب
دعوة المضطرين رحمن الدنيا والآخرة ورحيمها أنت ترحمني رحمة تغنني بها عمن سواك
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن سابط قال : كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم يدعو بهؤلاء الكلمات ويعلمهن " اللهم فارج الهم وكاشف الكرب ومجيب
المضطرين ورحمن الدنيا والآخرة ورحيمها أنت ترحمني فارحمني رحمة تغنني بها عمن
سواك "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن سابط قال " كان رسول الله صلى الله عليه
و سلم يدعو بهؤلاء الكلمات ويعلمهن
اللهم فارج الهم وكاشف الكرب ومجيب المضطرين ورحمن الدنيا والآخرة ورحيمها ارحمني
اليوم رحمة تغنني بها عن رحمة من سواك "
(1/24)
وأخرج
البيهقي في شعب الإيمان من طريق ابن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال " إن الله أنزل علي سورة لم ينزلها على أحد من الأنبياء
والرسل من قبلي
قال النبي صلى الله عليه و سلم : قال الله تعالى : قسمت هذه السورة بيني وبين
عبادي فاتحة الكتاب جعلت نصفها لي : ونصفها لهم وآية بيني وبينهم فإذا قال العبد
بسم الله الرحمن الرحيم قال الله : عبدي دعاني باسمين رقيقين
أحدهما أرق من الآخر
فالرحيم أرق من الرحمن
وكلاهما رقيقان فإذا قال الحمد لله قال الله : شكرني عبدني وحمدني
فإذا قال رب العالمين قال الله شهد عبدي أني رب العالمين
رب الإنس والجن والملائكة والشياطين ورب الخلق ورب كل شيء فإذا قال الرحمن الرحيم
يقول مجدني عبدي
وإذا قال ملك يوم الدين - يعني بيوم الدين : يوم الحساب -
قال الله تعالى : شهد عبدي أنه لا مالك ليومه أحد غيري
وإذا قال ملك يوم الدين فقد أثنى علي عبدي
إياك نعبد يعني الله أعبد وأوحد وإياك نستعين قال الله : هذا بيني وبين عبدي إياي
يعبد فهذه لي واياي نستعين فهذه له ولعبدي بعد ماسأل
بقية السورة اهدنا أرشدنا الصراط المستقيم يعني دين الإسلام لأن كل دين غير
الإسلام فليس بمستقيم الذي ليس فيه التوحيد صراط الذين أنعمت عليهم يعني به
النبيين والمؤمنين الذين أنعم الله عليهم بالإسلام والنبوة غير المغضوب عليهم يقول
: أرشدنا غير دين هؤلاء الذين غضبت عليهم وهم اليهود ولا الضالين وهم النصارى
أضلهم اله بعد الهدى فبمعصيتهم غضب الله عليهم وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت
أولئك شر مكانا المائدة الآية 60 في الدنيا والآخرة
يعني شر منزلا من النار وأض عن سواء السبيل المائدة الآية 60 من المؤمنين
يعني أضل عن قصد السبيل المهدى من المسلمين قال النبي صلى الله عليه و سلم : فإذا
قال الإمام ولا الضالين فقولوا آمينن يحبكم الله
قال النبي صلى الله عليه و سلم قال لي يا محمد هذه نجاتك ونجاة أمتك ومن اتبعك على
دينك من النار " قال البيهقي : قوله : رقيقان
قيل هذا تصحيف وقع في الأصل وإنما هو رفيقان
والرفيق : من أسماء الله تعالى
(1/25)
وأخرج
ابن مردويه والثعلبي عن جابر بن عبد الله قال : لما نزلت بسم الله الرحمن الرحيم
هرب الغيم إلى المشرق وسكنت الريح وهاج البحر وأصغت البهائم بآذانها ورجمت
الشياطين من السماء وحلف الله بعزته وجلاله أن لا يسمى على شيء إلا بارك فيه
وأخرج وكيع والثعلبي عن ابن مسعود قال : من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة
عشر فليقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ليجعل الله له بكل حرف منها جنة من كل واحد
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن ابن عباس مرفوعا " إن المعلم إذا قال للصبي
قل بسم الله الرحمن الرحيم كتب للمعلم وللصبي ولأبويه براءة من النار "
وأخرج ابن السني في عمل اليوم والليلة والديلمي عن علي مرفوعا " إذا وقعت في
ورطة فقل بسم الله الرحمن الرحيم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
فإن الله يصرف بها ما يشاء من أنواع البلاء "
وأخرج الحافظ عن عبد القادر الرهاوي في الأربعين بسند صحيح عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه ب بسم الله
الرحمن الرحيم أقطع "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وأبو نعيم في الحلية عن عطاء قال : إذا تناهقت الحمر
من الليل فقولوا بسم الله الرحمن الرحيم أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن صفوان بن سليم قال : الجن يستمتعون بمتاع الإنس
وثيابهم فمن أخذ منكم أو وضعه فليقل بسم الله فإن اسم الله طابع
وأخرج أبو نعيم والديلمي عن عائشة قالت : لما نزلت بسم الله الرحمن الرحيم ضجت
الجبال حتى سمع أهل مكة دويها فقالوا : سحر محمد الجبال فبعث الله دخانا حتى أظل
على أهل مكة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من قرأ بسم الله الرحمن
الرحيم موقنا سبحت معه الجبال إلا أنه لايسمع ذلك منها "
وأخرج الديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من
قرأ بسم الله الرحمن الرحيم كتب له بكل حرف أربعة آلاف حسنة ومحي عنه أربعة آلاف
سيئة ورفع له أربعة آلاف درجة "
(1/26)
وأخرج
ابن أبي شيبة والبخاري والدارقطني والحاكم والبيهقي في سننه عن أنس بن مالك أنه
سئل عن قراءة رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : كانت مدا ثم قرأ بسم الله
الرحمن الرحيم يمد بسم الله ويمد الرحمن ويمد الرحيم
وأخرج الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي في الجامع عن أبي جعفر محمد بن علي قال
" قال رسول الله صلى الله عليه و سلم بسم الله الرحمن الرحيم مفتاح كل كتاب
"
وأخرج الخطيب في الجامع عن سعيد بن جبير قال : لايصلح كتاب إلا أوله بسم الله
الرحمن الرحيم وإن كان شعرا
وأخرج الخطيب عن الزهري قال : قضت السنة أن لايكتب في الشعر بسم الله الرحمن
الرحيم
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو بكر بن أبي داود والخطيب في الجامع عن الشعبي قال : كانوا
يكرهون أن يكتبوا أمام الشعر بسم الله الرحم الرحيم
وأخرج الخطيب عن الشعبي قال أجمعوا أن لايكتبوا أمام الشعر بسم الله الرحمن الرحيم
وأخرج أبوعبيد وابن أبي شيبة في المصنف عن مجاهد والشعبي أنهما كرها أن يكتب الجنب
بسم الله الرحمن الرحيم
وأخرج أبونعيم في تاريخ أصبهان وابن اشته في المصاحف بسند ضعيف عن أنس قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " من كتب بسم الله الرحمن الرحيم مجودة تعظيما
لله غفر الله له "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب قال : تنوق رجل في بسم الله
الرحمن الرحيم فغفر له
وأخرج السلفي في جزء له عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" لاتمد الباء إلى الميم حتى ترفع السين "
وأخرج الخطيب في الجامع عن الزهري قال : نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن تمد
بسم الله الرحمن الرحيم
وأخرج الخطيب وابن اشته في المصاحف عن محمد بن سيرين
أنه كان يكره أن يمد الباء إلى الميم حتى يكتب السين
(1/27)
وأخرج
الديلمي في مشند الفردوس وابن عساكر في تارخ دمشق عن يزيد بن ثابت قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " إذا كتبت بسم الله الرحمن الرحيم فبين السين فيه
"
وأخرج الخطيب في الجامع والديلمي عن أنس عن النبي قال " إذا كتب أحدكم بسم
الله الرحمن الرحيم فليمد الرحمن "
وأخرج الديلمي عن معاوية قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " يامعاوية
ألق الدواة وحرف القلم وانصب الباء وفرق السين ولاتغور الميم وحسن الله ومد الرحمن
وجود الرحيم وضع قلمك على أذنك اليسرى فإنه أذكر لك "
وأخرج الخطيب عن مطر الوراق قال " كان معاوية بن أبي سفيان كاتب رسول الله
صلى الله عليه و سلم فأمره أن يجمع بين حروف الباء والسين ثم يمده إلى الميم ثم
يجمع حروف الله الرحمن الرحيم ولايمد شيئا من أسماء الله في كتابه ولاقراءته
"
وأخرج أبوعبيد عن مسلم بن يسار أنه كان يكره أن يكتب بم حين يبدأ قيسقط السين
وأخرج أبوعبيد عن ابن عون أنه كتب لابن سيرين بم فقال : مه
اكتب سينا
اتقوا أن يأثم أحدكم وهو لايشعر
وأخرج أبوعبيد عن عمران بن عون
أن عمر بن عبد العزيز ضرب كاتبا كتب الميم قبل السين
فقيل له : فيم ضربك أمير المؤمنين ؟ فقال : في سين
وأخرج ابن سعد في طبقاته عن جويرية بنت أسماء
أن عمر بن عبد العزيز عزل كاتبا له في هذا كتب بم ولم يجعل السين
وأخرج ابن سعيد عن محمد بن سيرين أنه كان يكره أن يكتب الباء ثم يمدها إلى الميم
حتى يكتب السين ويقول فيه قولا شديدا
وأخرج الخطيب عن معاذ بن معاذ قال : كتبت عند سوار بسم الله الرحمن الرحيم فممدت
الباء ولم أكتب السين فأمسك يدي وقال : كان محمد والحسن يكرهان هذا
وأخرج الخطيب عن عبد الله بن صالح قال : كتبت بسم الله الرحمن الرحيم ورفعت الباء
فطالت فأنكر ذلك الليث وكرهه وقال : غيرت المعنى يعني لأنها تصير لاما
(1/28)
وأخرج
أبوداود في مراسيله عن عمر بن عبد العزيز أن النبي صلى الله عليه و سلم مر على
كتاب في الأرض فقال لفتى معه " ما في هذا ؟ قال بسم الله قال : لعن من فعل
هذا لاتضعوا بسم الله إلا في موضعه "
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن أنس مرفوعا " من رفع قرطاسا من الأرض فيه
بسم الله الرحمن الرحيم إجلالا له أن يداس كتب عند الله من الصديقين وخفف عن
والديه وإن كانا كافرين "
وأخرج ابن أبي داود في البعث عن أم خالد بن خالد بن سعيد بن العاص قال : إني أول
من كتب بسم الله الرحمن الرحيم
وأخرج الثعلبي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال " قام النبي صلى
الله عليه و سلم بمكة فقال بسم الله الرحمن الرحيم فقالت قريش : دق الله فاك
"
وأخرج أبوداود في مراسيله عن سعيد بن جبير قال " كان رسول الله صلى الله عليه
و سلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم بمكة وكان أهل مكة يدعون مسيلمة الرحمن
فقالوا : إن محمدا يدعو إلى إله اليمامة فأمر رسول الله بإخفائها فما جهر بها حتى
مات "
وأخرج الطبراني من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال " كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم إذا قرأ بسم الله الرحمن الرحيم هزأ منه المشركون وقالوا : محمد
يذكر إله اليمامة وكان مسيلمة يتسمى الرحمن
فلما نزلت هذه الآية أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم أن لا يجهر بها "
وأخرج الطبراني عن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يسر بسم الله
الرحمن الرحيم وأبو بكر وعمر "
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه والبيهقي عن ابن عبد الله
بن مغفل قال : سمعني أبي وأنا أقرأ بسم الله الرحمن الرحيم فقال : أي بني محدث ؟
صليت خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدا منهم
جهر بسم الله الرحمن الرحيم
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : الجهر بسم الله الرحمن الرحيم قراءة الأعراب
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : جهر الإمام ببسم الله الرحمن
(1/29)
الرحيم
بدعة
وأخرج ابن الضريس عن يحيى بن عتيق قال : كان الحسن يقول : اكتبوا في أول الإمام
بسم الله الرحمن الرحيم واجعلوا بين كل سورتين خطا
2 - قوله تعالى : الحمد لله رب العالمين
عبد الرزاق في المصنف والحكيم الترمذي في نوادر الأصول والخطابي في الغريب
والبيهقي في الأدب والديلمي في مسند الفردوس والثعلبي عن عبد الله بن عمرو بن
العاص " عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قرأ الحمد رأس الشكر فما شكر
الله عبد لايحمده "
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن النواس بن سمعان قال : سرقت ناقة رسول الله
صلى الله عليه و سلم فقال " لئن ردها الله لأشكرن ربي فوقعت في حي من أحياء
العرب فيهم امرأة مسلمة فوقع في خلدها أن تهرب عليها فرأت من القوم غفلة فقعدت
عليها ثم حركتها فصبحت بها المدينة فلما رآها المسلمون فرحوا بها ومشوا بمجئها حتى
أتوا رسول الله فلما رآها قال الحمد لله فانتظروا هل يحدث رسول الله صلى الله عليه
و سلم صوما أو صلاة ؟ فظنوا أنه نسي فقالوا : يارسول الله قد كنت قلت لئن ردها
الله لأشكرن ربي
قال : ألم أقل الحمد لله ؟ "
وأخرج ابن جرير والحاكم في تاريخ نيسابور والديلمي بسند ضعيف عن الحكم بن عمير
وكانت له صحبة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إذا قلت الحمد لله
رب العالمين فقد شكرت الله فزادك "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس قال الحمد لله كلمة
الشكر إذا قال العبد الحمد لله قال الله شكرني عبدي
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الحمد هو الشكر والاستحذاء لله
والإقرار بنعمه وهدايته وابتدائه
وغير ذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قال عمر : قد علمنا سبحان الله ولاإله إلا
الله فما الحمد ؟ قال علي : كلمة رضيها الله لنفسه وأحب أن تقال
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن كعب قال الحمد لله ثناء على الله
(1/30)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك قال الحمد رداء الرحمن
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي عبد الرحمن الجبائي قال : الصلاة شكر
والصيام شكر وكل خير تفعله لله شكر وأفضل الشكر الحمد
وأخرج الترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه وابن حبان والبيهقي في شعب الإيمان عن
جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أفضل الذكر لا
إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله "
وأخرج ابن ماجه والبيهقي بسند صحيح عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " ما أنعم الله على عبده نعمة فقال الحمد لله إلا كان الذي أعطى أفضل مما
أخذه "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ما من عبد ينعم عليه بنعمة إلا كان الحمد أفضل منها "
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي في الشعب عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " ما أنعم الله على عبد نعمة يحمد الله عليها إلا كان كان حمد الله أعظم
منها كائنة ما كانت "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " لو أن الدنيا كلها بحذافيرها في يد رجل من أمتي ثم قال الحمد لله لكان
الحمد أفضل من ذلك "
وأخرج أحمد ومسلم والنسائي عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " الطهور شطر الإيمان والحمد لله تملأ الميزان وسبحان الله تملآن - أو
تملأ - مابين السماء والأرض والصلاة نور والصدقة برهان والصبر ضياء والقرآن حجة لك
أو عليك كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها "
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والترمذي وحسنه وابن مردويه عن رجل من بني سليم أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال " سبحان الله نصف الميزان والحمد لله تملأ
الميزان والله أكبر يملأ مابين السماء والأرض والطهور نصف الميزان والصوم نصف
الصبر "
وأخرج الترمذي عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
التسبيح نصف الميزان والحمد لله تملؤه ولا إله إلا الله ليس لها دون الله حجاب حتى
تخلص إليه "
(1/31)
وأخرج
أحمد والبخاري في الأدب المفرد والنسائي والحاكم وصححه وأبو نعيم في الحلية
والبيهقي في شعب الإيمان عن الأسود بن سريع التميمي قال " قلت : يا رسول الله
ألا أنشدك محامد حمدت بها ربي تبارك وتعالى قال : أما أن ربك يحب الحمد "
وأخرج ابن جرير عن الأسود بن سريع أن النبي صلى الله عليه و سلم قال " ليس
شيء أحب إليه الحمد من الله ولذلك أثنى على نفسه فقال الحمد لله "
وأخرج البيهقي عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " التأني من الله
والعجلة من الشيطان وما شيء أكثر معاذير من الله وما شيء أحب إلى الله من الحمد
"
وأخرج ابن شاهين في السنة والديلمي من طريق أبان عن أنس قال : قال رسول الله
" التوحيد ثمن الجنة و الحمد لله ثمن كل قطعة ويتقاسمون الجنة بأعمالهم
"
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص من طريق ثابت عن أنس مرفوعا " التوحيد ثمن
الجنة والحمد وفاء شكر كل نعمة "
وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن حبان والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو
أقطع "
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن ابن عباس قال : إذا عطس أحدكم فقال الحمد لله
قال الملك : رب العالمين فإذا قال رب العالمين قال الملك يرحمك الله
وأخرج البخاري في الأدب وابن السني وأبو نعيم كلاهما في الطب النبوي عن علي ابن
أبي طالب قال : من قال عند كل عطسة سمعها الحمد لله رب العالمين على كل حال ما كان
لم يجد وجع الضرس والأذن أبدا
وأخرج الحكيم الترمذي عن واثله بن الأسقع قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من بادر العاطس بالحمد لم يضره شيء من داء البطن " وأخرج الحكيم
الترمذي عن موسى بن طلحة قال : أوحى الله إلى سليمان : إن عطس عاطس من وراء سبعة
أبحر فاذكرني
وأخرج البيهقي عن علي قال " بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم سرية من أهله
فقال : اللهم لك علي إن رددتهم سالمين أن أشكرك حق شكرك
فما لبثوا أن جاؤا سالمين فقال
(1/32)
رسول
الله صلى الله عليه و سلم الحمد لله على سابغ نعم الله فقلت يا رسول الله ألم تقل
إن ردهم الله أن أشكره حق شكره فقال أو لم أفعل "
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر وابن مردويه والبيهقي من طريق سعد بن اسحق بن
كعب بن عجرة عن أبيه عن جده قال " بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم بعثا من
الأنصار وقال : إن سلمهم الله وأغنهم فإن لله علي في ذلك شكرا
فلم يلبثوا أن غنموا وسلموا فقال بعض أصحابه : سمعناك تقول إن سلمهم الله وأغنهم
فإن لله علي في ذلك شكرا قال : قد فعلت ! قلت : اللهم شكرا ولك الفضل المن فضلا
"
وأخرج أبو نعيم في الحلية والبيهقي عن جعفر بن محمد قال : فقد أبي بغلته فقال :
لئن ردها الله علي لأحمدنه بمحامد يرضاها فما لبث أن أتى بها بسرجها ولجامها
فركبها فلما استوى عليها رفع رأسه إلى السماء فقال الحمد لله لم يزد عليها فقيل له
: في ذلك
فقال : وهل تركت شيئا أو أبقيت شيئا ؟ جعلت الحمد كله لله عز و جل
وأخرج البيهقي من طريق منصور بن إبراهيم قال : يقال إن الحمد لله أكثر الكلام
تضعيفا
وأخرج أبو الشيخ والبيهقي عن محمد بن حرب قال : قال سفيان الثوري : الحمد لله ذكر
وشكر وليس شيء يكون ذكرا وشكرا غيره
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو نعيم في الحلية عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : إن
العبد إذا قال : سبحان الله فهي صلاة الخلائق وإذا قال الحمد لله فهي كلمة الشكر
التي لم يشكر عبد قط حتى يقولها ; وإذا قال لا إله إلا الله فهي كلمة الإخلاص التي
لم يقبل الله من عبد قط عملا حتى يقولها وإذا قال : الله أكبر ملأ مابين السماء
والأرض وإذا قال : لاحول ولا قوة إلا بالله قال الله : أسلم واستسلم
2 - قوله تعالى : الحمد لله رب العالمين
الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وصححه من طرق عن ابن
عباس في قوله رب العالمين قال : الجن والإنس
(1/33)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله رب العالمين قال : الجن والإنس
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير مثله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله رب العالمين قال : إله الخلق
كله
السموات كلهن ومن فيهن والأرضون كلهن ومن فيهن ومن بينهن مما يعلم ومما لايعلم
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وأبو يعلى في مسنده وابن عدي في الكامل وأبو
الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإيمان والخطيب في التاريخ بسند ضعيف عن جابر بن
عبد الله قال : قل الجراد في سنة من سني عمر التي ولي فيها فسأل عنه فلم يخبر بشيء
فاغتم لذلك فأرسل راكبا يضرب إلى كداء وآخر إلى الشام وآخر إلى العراق يسأل هل رؤي
من الجراد شيء أولا ؟ فأتاه الراكب الذي من قبل اليمن بقبضة من جراد فألقاها بين
يديه
فلما رآها كبر ثم قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " خلق الله
ألف أمة ستمائة في البحر وأربعمائة في البر فأول شيء يهلك من هذه الأمم الجراد
فإذا أهلكت تتابعت مثل النظام إذا قطع سلكه "
وأخرج ابن جريج عن قتادة في قوله رب العالمين قال : كل صنف عالم
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن تتبع الجهري قال : العالمون ألف أمة
فستمائة في البحر وأربعمائة في البر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله رب العالمين قال : الإنس
عالم والجن عالم وما سوى ذلك ثمانية عشر ألف عالم من الملائكة وللأرض أربع زوايا
في كل زاوية ثلاثة آلاف عالم وخمسمائة عالم خلقهم لعبادته
وأخرج الثعلبي من طريق شهر بن حوشب عن أبي كعب قال : العالمون الملائكة وهم ثمانون
ثمانية عشر ألف ملك منهم أربعمائة أو خمسمائة ملك بالمشرق ومثلها بالمغرب ومثلها
بالكتف الثالث من الدنيا ومثلها بالكتف الرابع من الدنيا مع كل ملك من الأعوان ما
لا يعلم عددهم إلا الله
وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم في الحلية عن وهب قال : إن لله عز و جل ثمانية عشر ألف
عالم
الدنيا منها عالم واحد
(1/34)
3 -
قوله تعالى : الرحمن الرحيم
عبد بن حميد من طريق مطر الوراق عن قتادة في قول الله الحمد لله رب العالمين قال :
ماوصف من خلقه
وفي قوله الرحمن الرحيم قال : مدح نفسه ملك يوم الدين قال : يوم يدان بين الخلائق
أي هكذا فقولوا إياك نعبد وإياك نستعين قال : دل على نفسه اهدنا الصراط المستقيم
أي الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم أي طريق الأنبياء غير المغضوب عليهم
قال : اليهود ولا الضالين قال : النصارى
وأخرج الدارقطني والحاكم والبيهقي عن أم سلمة " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم فعدها آية الحمد لله رب العالمين آيتين
الرحمن الرحيم ثلاث آيات ملك يوم الدين أربع آيات وقال : هكذا إياك نعبد وإياك
نستعين وجمع خمس أصابعه "
4 - قوله تعالى : ملك يوم الدين وفي قراءة : مالك يوم الدين
الترمذي وابن أبي الدنيا وابن الأنباري كلاهما في كتاب المصاحف عن أم سلمة أن
النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ ملك يوم الدين بغير ألف وأخرج ابن الأنباري عن
أنس قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو بكر وعمر وطلحة والزبير وعبد
الرحمن بن عوف ومعاذ بن جبل ملك يوم الدين بغير ألف
وأخرج أحمد في الزهد والترمذي وابن أبي داود وابن الأنباري عن أنس أن النبي صلى
الله عليه و سلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يقرؤون مالك يوم الدين بالألف
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي داود في المصاحف من طريق سالم عن أبيه
أن النبي صلى الله عليه و سلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يقرؤون مالك يوم الدين
وأخرج وكيع في تفسيره وعبد بن حميد وأبو داود وابنه عن الزهري
أن رسول
(1/35)
الله
صلى الله عليه و سلم وأبا بكر وعمر كانوا يقرؤونها مالك يوم الدين وأول من قرأها
ملك يوم الدين بغير ألف مروان
وأخرج ابن أبي داود والخطيب من طريق ابن شهاب عن سعيد بن المسيب والبراء بن عازب
قالا : قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبا بكر وعمر ملك يوم الدين
وأخرج ابن أبي داود عن ابن شهاب
أنه بلغه أن النبي صلى الله عليه و سلم وأبا بكر وعمر وعثمان ومعاوية وابنه يزيد
كانوا يقرؤون مالك يوم الدين قال ابن شهاب : وأول من أحدث ملك مروان
وأخرج ابن أبي داود وابن الأنباري عن الزهري
أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ ملك يوم الدين وأبا بكر وعمر وعثمان وطلحة
والزبير وابن مسعود ومعاذ بن جبل
وأخرج ابن أبي داود وابن الأنباري عن أنس قال : صليت خلف النبي صلى الله عليه و
سلم وأبي بكر وعمر وعثمان وعلي ; كلهم كان يقرأ ملك يوم الدين
وأخرج ابن أبي داود وابن أبي مليكة عن بعص أزواج النبي صلى الله عليه و سلم أن
النبي صلى الله عليه و سلم قرأ مالك يوم الدين
وأخرج ابن أبي داود وابن الأنباري والدارقطني في الأفراد وابن جميع في معجمه عن
أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ ملك يوم الدين
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقرأ مالك
يوم الدين
وأخرج الطبراني في معجمه الكبير عن ابن مسعود
أنه قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم مالك يوم الدين بالألف غير المغضوب عليهم
خفض
وأخرج وكيع والفريابي وأبو عبيد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر من طرق
عن عمر بن الخطاب
أنه كان يقرأ مالك يوم الدين بالألف
وأخرج وكيع وسعيد بن منصور عن أبي قلابة أن أبي بن كعب كان يقرأ مالك يوم الدين
وأخرج وكيع والفريابي وعبد بن حميد وابن أبي داود عن أبي هريرة أنه كان يقرؤها
مالك يوم الدين بالألف
(1/36)
وأخرج
عبد بن حميد عن أبي عبيدة أن عبد الله قرأها مالك يوم الدين
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه عن ابن مسعود وأناس من الصحابة في قوله مالك يوم
الدين قال : هو يوم الحساب
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله مالك يوم الدين يقول : لايملك
أحد معه في ذلك اليوم حكما كملكهم في الدنيا
وفي قوله يوم الدين قال : يوم حساب الخلائق وهو يوم القيامة يدينهم بأعمالهم
إن خيرا فخير وإن شرا فشر إلا من عفا عنه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله مالك يوم الدين قال : يوم يدين
اله العباد بأعمالهم
وأخرج أبو داود والحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة قالت " شكا الناس إلى رسول
الله صلى الله عليه و سلم قحوط المطر فأمر بمنبر فوضعه في المصلى ووعد الناس يوما
يخرجون فيه فخرج حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر فكبر وحمد الله ثم قال : إنكم
شكوتم جدب دياركم واستئخار المطر عن أبان زمنه عنكم وقد أمركم الله أن تدعوه
ووعدكم أن يستجيب لكم ثم قال الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم ملك يوم الدين
لا إله إلا الله يفعل ما يريد اللهم أنت لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء أنزل
علينا الغيث واجعل ما أنزل قوة وبلاغا إلى حين "
قال أبو داود : حديث غريب إسناده جيد
أهل المدينة يقرؤون ملك يوم الدين وهذا الحديث حجة لهم
5 - قوله تعالى : إياك نعبد وإياك نستعين
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله إياك نعبد يعني إياك نوحد ونخاف ونرجو
ربنا لا غيرك وإياك نستعين على طاعتك وعلى أمورنا كلها
وأخرج وكيع والفريابي عن أبي رزين قال : سمعت عليا قرأ هذا الحرف وكان قرشيا عربيا
فصيحا إياك نعبد وإياك نستعين اهدنا يرفعهما جميعا
(1/37)
وأخرج
الخطيب في تاريخه عن أبي رزين أن عليا قرأ إياك نعبد وإياك نستعين فهمز ومد وشد
وأخرج أبو القاسم البغوي والماوردي معا في معرفة الصحابة والطبراني في الأوسط وأبو
نعيم في الدلائل عن أنس بن مالك عن أبي طلحة قال : " كنا مع رسول الله صلى
الله عليه و سلم في غزو فلقي العدو فسمعته يقول : يا مالك يوم الدين إياك نعبد
وإياك نستعين قال : فلقد رأيت الرجال تصرع تضربها الملائكة من بين يديها ومن خلفها
"
6 - قوله تعالى : اهدنا الصراط المستقيم
الحاكم وصححه وتعقبه الذهبي عن أبي هريرة
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ اهدنا الصراط المستقيم بالصاد
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن الأنباري عن ابن عباس
أنه قرأ اهدنا السراط بالسين
وأخرج ابن الأنباري عن عبد الله بن كثير
أنه كان يقرأ السراط بالسين
وأخرج ابن الأنباري عن الفراء قال : قرأ حمزة الزراط بالزاي قال الفراء : و الزراط
باخلاص الزاي
لغة لعذرة وكلب وبني العين
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله اهدنا الصراط المستقيم يقول : ألهمنا دينك
الحق
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله اهدنا الصراط المستقيم قال : ألهمنا الطريق
الهادي وهو دين الله الذي لا عوج له
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال الصراط الطريق
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والمحاملي في أماليه من نسخة
المصنف والحاكم وصححه عن جابر بن عبد الله في قوله اهدنا الصراط المستقيم قال : هو
الإسلام وهو أوسع مما بين السماء والأرض
وأخرج ابن جريج عن ابن عباس قال الصراط المستقيم الإسلام
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة الصراط المستقيم الإسلام
(1/38)
وأخرج
أحمد والترمذي وحسنه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن
مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن النواس بن سمعان عن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال " ضرب الله صراطا مستقيما وعلى جنبتي الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة
وعلى الأبواب ستور مرخاة وعلى باب الصراط داع يقول : ياأيها الناس أدخلوا الصراط
جميعا ولاتتفرقوا
وداع يدعو من فوق : الصراط فإذا أراد الإنسان أن يفتح شيئا من تلك الأبواب قال :
ويحك
لا تفتحه فإنك إن تفتحه تلجه
فالصراط
الإسلام والسوران حدود الله والأبواب المفتحة محارم الله وذلك الداعي على رأس
الصراط كتاب الله والداعي من فوق واعظ الله تعالى في قلب كل مسلم "
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو بكر بن الأنباري في كتاب
المصاحف والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن مسعود في قوله
اهدنا الصراط المستقيم قال : هو كتاب الله
وأخرج ابن الأنباري عن ابن مسعود قال : إن هذا الصراط محتضر تحضره الشياطين
ياعباد الله هذا الصراط فاتبعوه والصراط المستقيم كتاب الله فتمسكوا به
وأخرج ابن أبي شيبة والدارمي والترمذي وضعفه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن
الأنباري في المصاحف وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن علي قال : سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول " ستكون فتن قلت : وما المخرج منها ؟ قال :
كتاب الله
فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل وليس بالهزل وهو حبل الله
المتين وهو ذكره الحكيم وهو الصراط المستقيم "
وأخرج الطبراني في الكبير عن ابن مسعود قال الصراط المستقيم الذي تركنا عليه رسول
الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال الصراط المستقيم تركنا
رسول الله صلى الله عليه و سلم على طرفه والطرف الآخر في الجنة
وأخرج البيهقي في الشعب من طريق قيس بن سعد عن رجل عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
" القران هو النور المبين والذكر الحكيم والصراط المستقيم "
وأخرج عبد بن حميد وابن جريج وابن أبي حاتم وابن عدي وابن عساكر من
(1/39)
طريق
عاصم الأحول عن أبي العالية في قوله الصراط المستقيم قال : هو رسول الله صلى الله
عليه و سلم وصاحباه من بعده قال : فذكرنا ذلك للحسن فقال : صدق أبو العالية ونصح
وأخرج الحاكم وصححه من طريق أبي العالية عن ابن عباس في قوله الصراط المستقيم قال
: هو رسول الله وصاحباه
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية الرياحي قال : تعلموا الإسلام فإذا علمتموه فلا
ترغبوا عنه وعليكم بالصراط المستقيم فإن الصراط المستقيم الإسلام ولا تحرفوا يمينا
وشمالا
وأخرج سعيد بن منصور في سننه وابن المنذر والبيهقي في كتاب الرؤية عند سفيان قال :
ليس في تفسير القرآن اختلاف إنما هو كلام جامع يراد به هذا وهذا
وأخرج ابن سعد في الطبقات وأبو نعيم في الحلية عن أبي قلابة قال : قال أبو الدرداء
: إنك لاتفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها
وأخرج ابن سعد عن عكرمة قال : سمعت ابن عباس يحدث عن الخوارج الذين أنكروا الحكومة
فاعتزلوا علي بن أبي طالب قال : فاعتزل منهم اثنا عشر ألفا فدعاني علي فقال : اذهب
إليهم فخاصهم وادعهم إلى الكتاب والسنة ولا تحاجهم بالقرآن فإنه ذوو وجوه ولكن
خاصهم بالسنة
وأخرج ابن سعد عن عمران بن مناح قال : فقال ابن عباس : يا أمير المؤمنين فأنا أعلم
بكتاب الله منهم
في بيوتنا نزل فقال : صدقت ولكن القرآن جمال ذو وجوه يقول
ويقولون
ولكن حاججهم بالسنن فإنهم لن يجدوا عنها محيصا
فخرج ابن عباس إليهم فحاججهم بالسنن فلم يبق بأيديهم حجة
7 - قوله تعالى : صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين
وكيع وأبو عبيد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي داود وابن
الأنباري كلاهما في المصاحف من طرق عمر بن الخطاب
أنه كان يقرأ صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين
(1/40)
وأخرج
أبو عبيد وعبد بن حميد وابن أبي داود وابن الأنباري عن عبد الله بن الزبير قرأ
صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين في الصلاة
وأخرج ابن الأنباري عن الحسن أنه كان يقرأ عليهمي بكسر الهاء والميم واثبات الياء
وأخرج ابن الأنباري عن الأعرج أنه كان يقرأ عليهمو بضم الهاء والميم وإلحاق الواو
وأخرج ابن الأنباري عن عبد الله بن كثير أنه كان يقرأ أنعمت عليهمو بكسر الهاء وضم
الميم مع إلحاق الواو
وأخرج ابن الأنباري عن ابن اسحق أنه قرأ عليهم بضم الهاء والميم من غير إلحاق واو
وأخرج ابن أبي داود عن إبراهيم قال : كان عكرمة والأسود يقرآنها صراط من أنعمت
عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين
وأخرج الثعلبي عن أبي هريرة قال أنعمت عليهم الآية السادسة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله صراط الذين أنعمت عليهم يقول :
طريق من أنعمت عليهم من الملائكة والنبيين والصديقين والشهداء والصالحين الذين
أطاعوك وعبدوك
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله صراط الذين أنعمت عليهم قال : المؤمنين
وأخرج ابن جرير عن أبي زيد في قوله صراط الذين قال : النبي صلى الله عليه و سلم
ومن معه
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس في قوله صراط الذين أنعمت عليهم قال : النبيون
غير المغضوب عليهم قال : اليهود ولا الضالين قال : النصارى
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد غير المغضوب عليهم قال : اليهود ولا الضالين قال :
النصارى
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير غير المغضوب عليهم ولا الضالين
(1/41)
قال
: اليهود والنصارى
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في مسنده وعبد بن حميد وابن جرير والبغوي في معجم الصحابة
وابن المنذر وأبو الشيخ عن عبد الله بن شقيق قال : " أخبرني من سمع النبي صلى
الله عليه و سلم وهو بوادي القرى على فرس له وسأله رجل من بني العين فقال : من
المغضوب عليهم يا رسول الله ؟ قال : اليهود قال : فمن الضالون ؟ قال : النصارى
"
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير عن عبد الله بن شقيق العقيلي قال : كان رسول
الله صلى الله عليه و سلم يحاصر أهل وادي القرى فقال له رجل : من هؤلاء ؟ قال :
هؤلاء المغضوب عليهم يعني اليهود قال : يا رسول الله فمن هؤلاء الطائفة الأخرى ؟
قال : هؤلاء الضالون يعني النصارى
وأخرج ابن مردويه من طريق عبد الله بن شقيق عن أبي ذر قال " سألت رسول الله
صلى الله عليه و سلم عن المغضوب عليهم قال : اليهود
قلت الضالين قال : النصارى "
وأخرج البيهقي في الشعب من طريق عبد الله بن شقيق عن رجل من بلعين عن ابن عم له
أنه قال " أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو بوادي القرى فقلت : من
هؤلاء عندك ؟ قال : المغضوب عليهم اليهود ولا الضالين النصارى "
وأخرج سفيان بن عيينة في تفسيره وسعيد بن منصور عن اسمعيل بن أبي أبي خالد "
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال المغضوب عليهم اليهود والضالون هم النصارى
"
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
حبان في صحيحه عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن
المغضوب عليهم اليهود وإن الضالين النصارى "
وأخرج أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم وصححه والطبراني عن الشريد قال : "
مر بي رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنا جالس هكذا وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري
واتكأت على الية يدي قال : أتقعد قعدة المغضوب عليهم ؟ "
وأخرج ابن جريج عن ابن مسعود قال المغضوب عليهم اليهود و الضالين النصارى
وأخرج ابن جريج عن مجاهد
مثله
قال ابن أبي حاتم : لا أعلم خلافا بين المفسرين في تفسير المغضوب عليهم باليهود
والضالين بالنصارى
(1/42)
ذكر
آمين أخرج وكيع وابن أبي شيبة عن أبي ميسرة قال : لما أقرأ جبريل رسول الله صلى
الله عليه و سلم فاتحة الكتاب فبلغ ولا الضالين قال : " قل آمين فقال : آمين
"
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وأحمد وأبوداود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه والحاكم
وصححه والبيهقي في سننه عن وائل بن حجر الحضرمي قال " سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم قرأ غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقال آمين يمد بها صوته "
وأخرج الطبراني والبيهقي عن وائل بن حجر " أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و
سلم حين قال غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال : رب اغفر لي آمين "
وأخرج الطبراني عن وائل بن حجر قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم
دخل في الصلاة فلما فرغ من فاتحة الكتاب قال آمين ثلاث مرات "
وأخرج ابن ماجه عن علي " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قال ولا
الضالين قال آمين
وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن أبي شيبة عن أبي موسى الأشعري قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إذا قرأ - يعني الإمام - غير المغضوب
عليهم ولا الضالين فقولوا آمين يحبكم الله "
وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي
والنسائي وابن ماجه والبيهقي عن أبي هريرة " أن رسول الله صلىالله عليه وسلم
قال : إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم
من ذنبه "
وأخرج أبو يعلى في مسنده وابن مردويه بسند جيد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال
الذين خلفه آمين التقت من أهل السماء وأهل الأرض ومن لم يقل آمين كمثل رجل غزا مع
قوم فاقترعوا سهامهم ولم يخرج سهمه فقال : ما لسهمي لم يخرج ؟ قال : إنك لم تقل
آمين "
وأخرج أبو داود بسند حسن عن أبي زهير النميري وكان من الصحابة أنه كان إذا دعا
الرجل بدعاء قال : اختمه بآمين فإن آمين مثل الطابع على الصحيفة
(1/43)
وقال
" أخبركم عن ذلك ؟ خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات ليلة فأتينا
على رجل قد ألح في المسألة فوقف النبي صلى الله عليه و سلم يسمع منه فقال النبي
صلى الله عليه و سلم : أوجب إن ختم
فقال رجل من القوم : بأي شيء يختم ؟ قال بآمين فإنه إن ختم بآمين فقد أوجب "
وأخرج أحمد وابن ماجه والبيهقي في سننه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
" ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على التأمين "
وأخرج ابن ماجه بسند ضعيف عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على آمين فأكثروا من قول آمين
وأخرج ابن عدي في الكامل عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إن اليهود قوم حسد حسدوكم على ثلاثة أشياء إفشاء السلام وإقامة الصف وآمين
"
وأخرج الطبراني في الأوسط عن معاذ بن جبل " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
: إن اليهود قوم حسد ولم يحسدوا المسلمين على أفضل من ثلاث
رد السلام وإقامة الصفوف وقولهم خلف إمامهم في المكتوبة آمين "
وأخرج الحرث بن أسامة في مسنده والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن مردويه عن
أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أعطيت ثلاث خصال
أعطيت صلاة الصفوف وأعطيت السلام وهو تحية أهل الجنة وأعطيت آمين ولم يعطها أحد
ممن كان قبلكم إلا أن يكون الله أعطاها هرون فإن موسى كان يدعو وهرون يؤمن
ولفظ الحكيم : إن الله أعطى أمتي ثلاثا لم يعطعها أحد قبلهم
السلام وهو تحية أهل الجنة وصفوف الملاءكة وآمين إلا ما كان من موسى وهرون "
وأخرج الطبراني في الدعاء وابن عدي وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " آمين خاتم رب العالمين على لسان عباده
المؤمنين "
(1/44)
وأخرج
جوبير في تفسيره عن الضحاك عن ابن عباس قال " قلت يا رسول الله ما معنى آمين
؟ قال : رب افعل "
وأخرج الثعلبي من طريق الكلبي عن ابن صالح عن ابن عباس
مثله
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة في المصنف عن هلال بن يساف ومجاهد قالا آمين اسم من
أسماء الله
وأخرج ابن أبي شيبة عن حكيم بن جبير
مثله
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي قال : كان يستحب إذا قال الإمام غير المغضوب
عليهم ولا الضالين أن يقال : اللهم اغفر لي آمين
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضالين
فقل : اللهم إني أسالك الجنة وأعوذ بك من النار
وأخرج ابن أبي شيبة عن الربيع بن خيثم قال : إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا
الضالين فاستعن من الدعاء ماشئت
وأخرج ابن شاهين في السنة عن اسماعيل بن مسلم قال : في حرف أبي بن كعب غير المغضوب
عليهم وغير الضالين آمين بسم الله قال اسمعيل : وكان الحسن إذا سئل عن آمين
ماتفسيرها : هو اللهم استجب
وأخرج الديلمي عن أنس قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من قرأ بسم
الله الرحمن الرحيم ثم قرأ فاتحة الكتاب ثم قال آمين لم يبق في السماء ملك مقرب
إلا استغفر له "
(1/45)
2 -
سورة البقرة
مدنية وآياتها ست وثمانون ومائتان إلا آية 281 فنزلت في حجة الوداع
- مقدمة سورة البقرة أخرج ابن الضريس في فضائله وأبو جعفر النحاس في الناسخ
والمنسوخ وابن مردويه والبيهقي في دلائل النبوة من طرق عن ابن عباس قال : نزلت
بالمدينة سورة البقرة
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : أنزل بالمدينة سورة البقرة
وأخرج أبو داود في الناسخ والمنسوخ عن عكرمة قال : أول سورة نزلت بالمدينة سورة
البقرة
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه
والبيهقي عن جامع ابن شداد قال : كنا في غزاة فيها عبد الرحمن بن يزيد ففشا في
الناس أن ناسا يكرهون أن يقولوا سورة البقرة وآل عمران حتى يقولوا : السورة التي
يذكر فيها البقرة والسورة التي يذكر فيها آل عمران
فقال عبد الرحمن : إني أسمع عبد الله بن مسعود إذا استبطن الوادي فجعل الجمرة على
حاجبه الأيمن ثم استقبل الكعبة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة
فلما فرغ قال : من ههنا - والذي لا إله غيره - رمى الذي أنزلت عليه سورة البقرة
وأخر ابن الضريس والطبراني في الأوسط وابن مردويه والبيهقي في الشعب بسند ضعيف عن
أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لاتقولوا سورة البقرة ولا
سورة آل عمران ولا سورة النساء وكذلك القرآن كله ولكن قولوا : السورة التي يذكر
فيها البقرة والسورة التي يذكر فيها آل عمران وكذلك القرآن كله "
وأخرج البيهقي في الشعب بسند صحيح عن ابن عمر قال : لاتقولوا سورة البقرة ولكن
قولوا : السورة التي يذكر فيها البقرة
(1/46)
وأخرج
ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه
والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن حذيفة قال " صليت مع رسول الله صلى الله
عليه و سلم ليلة من رمضان فافتتح البقرة فقلت : يصلي بها ركعة
ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها مترسلا
إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ "
وأخرج أحمد وابن الضريس والبيهقي عن عائشة قال " كنت أقوم مع رسول الله في
الليل فيقرأ بالبقرة وآل عمران والنساء فإذا مر بآية فيها استبشار دعا ورغب وإذا
مر بآية فيها تخويف دعا واستعاذ "
وأخرج أبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي والبيهقي عن عوف بن مالك الأشجعي قال
" قمت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ليلة فقام فقرأ سورة البقرة لايمر
بآية رحمة إلا وقف فسأل ولايمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ
ثم ركع بقدر قيامه يقول في ركوعه : سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة
ثم سجد بقدر قيامه ثم قال في سجوده مثل ذلك
ثم قام فقرأ بآل عمران ثم قرأ سورة سورة "
وأخرج ابن شيبة في المصنف عن سعيد بن خالد قال " صلى رسول الله صلى الله عليه
و سلم بالسبع الطوال في ركعة "
وأخرج أبو عبيد وأحمد وحميد بن زنجويه في فضائل القرآن ومسلم وابن الضريس وابن
حبان والطبراني وأبو ذر الهروي في فضائله والحاكم والبيهقي في سننه عن أبي أمامة
الباهلي قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : اقرؤا القرآن فإنه
يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه
اقرؤا الزهراوين : سورة البقرة وسورة آل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما
غبابتان وكأنهما غمامتان أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجان عن صاحبهما
اقرؤوا سورة البقرة
فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطعيها بطلة "
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه ومسلم والترمذي ومحمد بن نصر عن نواس بن سمعان قال
" سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : يؤتى بالقرآن وأهله الذين كانوا
يعملون به في الدنيا تقدمهم سورة البقرة وآل عمران قال : وضرب لهما رسول الله صلى
الله عليه و سلم ثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد
قال : كأنهما غمامتان أو كانهما غبابتان أو
(1/47)
كأنهما
ظلتان سوداوان بينهما شرف أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجان عن صاحبهما "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد بن حنبل وابن أبي عمر العربي في مسانيدهم والدارمي ومحمد
بن نصر والحاكم وصححه عن بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
تعلموا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطعيها البطلة - ثم سكت ساعة
- ثم قال : تعلموا سورة البقرة وآل عمران فإنهما الزهروان يظلان صاحبهما يوم
القيامة كأنهما غمامتان أو غبابتان أو فرقان من طير صواف "
وأخرج الطبراني وأبو ذر الهروي في فضائله بسند ضعيف عن ابن عباس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " تعلموا الزهراوين
البقرة وآل عمران فإنهما يجيآن يوم القيامة كأنهما غمامتان أو كأنهما غبابتان أو
كأنهما فرقان من طير صواف تحاجان عن صاحبهما
تعلموا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا تستطيعها البطلة "
وأخرج البزار بسند صحيح وأبو ذر الهروي ومحمد بن نصر قال " قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم اقرؤا البقرة وآل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان
أو غبابتان أو فرقان من طير صواف "
وأخرج أبو عبيد والدارمي عن أبي أمامة قال : إن أخا لكم رأى في المنام أن الناس
يسلكون في صدر جبل وعر طويل وعلى رأس الجبل شجرتان خضراوان تهتفان : هل فيكم من
يقرأ سورة البقرة ؟ هل فيكم من يقرأ سورة آل عمران ؟ فإذا قال الرجل : نعم
دنتا منه بأعناقهما حتى يتعلق بهما فيخطرا به الجبل
وأخرج الدارمي عن ابن مسعود أنه قرأ عنده رجل سورة البقرة وآل عمران فقال : قرأت
سورتين فيهما اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى
وأخرج أبو عبيد وابن الضريس عن أبي منيب عن عمه
أن رجلا قرأ البقر وآل عمران فلما قضى صلاته قال له كعب : أقرأت البقرة وآل عمران
؟ قال : نعم
قال - فوالذي نفسي بيده - إن فيهما اسم الله الذي إذا دعي به استجاب قال : فأخبرني
به ؟ قال : لا والله لا أخبرك ولو أخبرتك لأوشكت أن تدعو بدعوة أهلك فيها أنا وأنت
(1/48)
وأخرج
أحمد ومسلم وأبو نعيم في الدلائل عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان الرجل إذا
قرأ البقرة وآل عمران جد فينا
يعني عظم
وأخرج الدارمي عن كعب قال : من قرأ البقرة وآل عمران جاءتا يوم القيامة يقولان :
ربنا لاسبيل عليه
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن عبد الواحد بن أيمن قال " قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم من قرأ سورة البقرة وآل عمران في ليلة الجمعة كان له الأجر كما
بين لبيدا وعروبا
فلبيدا : الأرض السابعة وعروبا : السماء السابعة "
وأخرج حميد بن زنجويه في فضائل الأعمال عن عبد الواحد بن أيمن عن حميد الشامي قال
: من قرأ في ليلة البقرة وآل عمران كان أجره ما بين لبيدا وعروبا
قال عروبا : السماء السابعة
ولبيدا : الأرض السابعة
وأخرج حميد بن زنجويه في فضائل القرآن من طريق محمد بن أبي سعيد عن وهب بن منبه
قال : من قرأ ليلة الجمعة سورة البقرة وسورة آل عمران كان له نورا ما بين عريبا
وعجيبا
قال محمد : عريبا : العرش
وعجيبا : أسفل الأرضين
وأخرج أبو عبيد عن أبي عمران
أنه مع أبا الدرداء يقول : إن رجلا ممن قد قرأ القرآن أغار على جار له فقتله وأنه
أقيد منه فقتل
فما زال القرآن ينسل منه سورة سورة حتى بقيت البقرة وآل عمران جمعة ثم إن آل عمران
انسلت منه فأقامت البقرة جمعة
فقيل لها مايبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد ق الآية 29 قال : فخرجت كأنها
السحابة العظيمة قال : أبو عبيد : يعني أنهما كانتا معه في قبره تدفعان عنه
وتؤنسانه فكانتا من آخر ما بقي معه من القرآن
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب عن عمر ابن الخطاب
قال : من قرأ البقرة وآل عمران والنساء في ليلة كتب من القانتين
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
ما خيب الله إمرأ قام في جوف الليل فافتتح سورة البقرة وآل عمران
وأخرج أبو عبيد عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي أن يزيد بن الأسود الجرشي كان يحدث
: إنه من قرأ البقرة وآل عمران في يوم برىء من النفاق حتى
(1/49)
يمسي
ومن قرأهما في ليلة برىء من النفاق حتى يصبح
قال : فكان يقرؤهما كل يوم وكل ليلة سوى جزئه
وأخرج أبو ذر في فضائله عن سعيد بن أبي هلال قال : بلغني أنه ليس من عبد يقرأ
البقرة وآل عمران في ركعة قبل أن يسجد ثم يسأل الله شيئا إلا أعطاه
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : لا تجعلوا بيوتكم مقابر الشيطان ينفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة
ولفظ الترمذي : وإن البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان "
وأخرج أبو عبيد والنسائي وابن الضريس ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة عن أبي هريرة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " صلوا في بيوتكم ولاتجعلوا قبورا
وزينوا أصواتكم بالقرآن فإن الشيطان ينفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة
"
وأخرج أبو عبيد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن الشيطان
يخرج من البيت إذا سمع سورة البقرة تقرأ فيه "
وأخرج ابن عدي في الكامل وابن عساكر في تاريخه عن أبي الدرداء " سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : تعلموا القرآن فوالذي نفسي بيده - إن الشيطان
ليخرج من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة "
وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن عبد الله بن مغفل قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة لايدخله الشيطان تلك الليلة "
وأخرج ابن الضريس والنسائي وابن الأنباري في المصاحف والطبراني في الأوسط والصغير
وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان بسند ضعيف عن ابن مسعود قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " لا ألقين أحدم يضع إحدى رجليه على الأخرى ثم يتعنى
ويدع أن يقرأ سورة البقرة فإن الشيطان ينفر من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة
"
وأخرج الدارمي ومحمد بن نصر وابن الضريس والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في
الشعب عن ابن مسعود قال : إن لكل شيء سناما وسنام القرآن البقرة
وإن الشيطان إذا سمع سورة البقرة نفر من البيت الذي يقرأ فيه وله ضريط
وأخرج أبو يعلى وابن حبان والطبراني والبيهقي في الشعب عن سهل بن سعد الساعدي قال
" قال رسول الله صلى الله عليهوسلم إن لكل شيء سناما وسنام القرآن سورة
البقرة من قرأها في بيته نهارا لم يدخله الشيطان ثلاث ليال "
(1/50)
وأخرج
وكيع والحرث بن أبي أسامة ومحمد بن نصر وابن الضريس بسند صحيح عن الحسن قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " أفضل القرآن سورة البقرة وأعظم آية فيه آية
الكرسي
وإن الشيطان ليفر من ابيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة "
وأخرج سعيد بن منصور والترمذي ومحمد بن نصر وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في
الشعب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن لكل شيء
سناما وإن سنام القرآن البقرة وفيها آية هي سيدة أي القرآن آية الكرسي لا تقرأ في
بيت فيه شيطان إلا خرج منه "
وأخرج البخاري في تاريخه عن السائب بن حباب
ويقال له صحبة قال : البقرة سنام القرآن
وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
السورة التي يذكر فيها البقرة فسطاط القرآن فتعلموها فإن تعلمها بركة وتركها حسرة
ولا تستطيعها البطلة "
وأخرج الدارمي عن خال بن معدان موقوفا
مثله
وأخرج أحمد ومحمد بن نصر والطبراني بسند صحيح عن معقل بن يسار أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم " قال البقرة سنام القرآن وذروته نزل مع كل آية منها ثمانون
ملكا استخرجت الله لا إله إلا هو الحي القيوم من تحت العرش فوصلت بها "
وأخرج البغوي في معجم الصحابة وابن عساكر في تاريخه عن ربيعة الحرشي قال "
سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم أي القرآن أفضل ؟ قال : السورة التي يذكر فيها
البقرة قيل : فأي البقرة أفضل ؟ قال : آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة نزلن من تحت
العرش "
وأخرج عبيد وأحمد والبخاري في صحيحه تعليقا ومسلم والنسائي والحاكم وأبو نعيم
والبيهقي كلاهما في دلائل النبوة من طرق عن أسيد بن حضير قال : بينما هو يقرأ من
الليل سورة البقرة وفرسه مربوطة عنده
إذا جالت الفرس فسكت
فسكنت
ثم قرأ فجالت الفرس فسكت
فسكنت
ثم قرأ فجالت فسكت
فسكنت
ثم قرأ فجالت
فانصرف إلى ابنه يحيى وكان قريبا منها فأشفق أن تصيبه فلما أخذه رفع رأسه إلى
السماء فإذا هو بمثل الظلة فيها أمثال المصابيح عرجت إلى السماء حتى ما يراها فلما
أصبح حدث رسول الله صلى الله عليه و سلم بذلك فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" أتدري
(1/51)
ما
ذاك ؟ قال : لا يا رسول الله قال : تلك الملائكة دنت لصوتك ولو قرأت لأصبحت تنظر
الناس إليها لا تتوارى منهم "
وأخرج ابن حبان والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب عن أسيد بن حضير أنه قال
" يا رسول الله بينما أقرأ الليلة سورة البقرة إذا سمعت وجبة من خلفي فظننت
أن فرسي انطلق فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اقرأ يا أبا عبيد
فالتفت فإذا مثل المصباح مدلى بين السماء والأرض فما استطعت أن أمضي فقال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : تلك الملائكة نزلت لقراءتك سورة البقرة أما إنك لو
مضيت لرأيت العجائب "
وأخرج الطبراني عن أسيد بن حضير قال : كنت أصلي في ليلة مقمرة وقد أوثقت فرسي
فجالت جولة ففزعت ثم جالت أخرى فرفعت رأسي وإذا ظلة قد غشيتني وإذا هي قد حالت
بيني وبين القمر ففزعت فدخلت البيت
فلما أصبحت ذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال " تلك الملائكة جاءت
تسمع قراءتك من آخر الليل سورة البقرة "
وأخرج أبو عبيد عن محمد بن جرير بن يزيد " أن أشياخ أهل المدينة حدثوه : إن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قيل له : ألم تر أن ثابت بن قيس بن شماس لم تزل
داره البارحة تزهر مصابيح ؟ قال " فلعله قرأ سورة البقرة
فسئل ثابت فقال : قرأت سورة البقرة "
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان عن ابن مسعود قال : خرج رجل من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه و سلم لقيه الشيطان فاتخذا فاصطرعا فصرعه الذي من أصحاب محمد
فقال الشيطان : أرسلني أحدثك حديثا فأرسله قال : لا
فاتخذ الثانية فاصطرعا فصرعه الذي من أصحاب محمد فقال : أرسلني فلأحدثنك حديثا
يعجبك فأرسله فقال : حدثني قال : لا
فاتخذ الثالثة فصرعه الذي من أصحاب محمد ثم جلس على صدره وأخذ بإبهامه يلوكها فقال
: أرسلني
فقال : لا أرسلك حتى تحدثني قال : سورة البقرة فإنه ليس من آية منها تقرأ في وسط
الشياطين إلا تفرقوا أولا تقرأ في بيت فيدخل ذلك البيت شيطان قالوا : يا أبا عبد
الرحمن فمن ذلك الرجل ؟ قال : فمن ترونه إلا عمر بن الخطاب ؟
وأخرج الترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه ومحمد بن نصر الموزي في كتاب الصلاة وابن
حبان والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال " بعث رسول
الله صلى الله عليه و سلم بعثا وهم ذوو عدد فاستقرأهم فاستقرأ كل رجل منهم يعني ما
(1/52)
معه
من القرآن فآتى على رجل منهم من أحدثهم سنا فقال : ما معك يا فلان ؟ قال : معي كذا
وكذا
وسورة البقرة قال : أمعك سورة البقرة ؟ قال : نعم
قال : اذهب فأنت أميرهم فقال رجل من أشرافهم
والله ما منعني أن أتعلم سورة البقرة إلا خشية أن لا أقوم بها
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : تعلموا القرآن واقرؤه فإن مثل القرآن لمن
تعلمه فقرأه وقام به كمثل جراب محشو مسكا يفوح ريحه في كل مكان ومثل من تعلمه
فيرقد وهو في جوفه
كمثل جراب أوكى على مسك "
وأخرج البيهقي في الدلائل عن عثمان ابن العاص قال " استعملني رسول الله صلى
الله عليه و سلم وأنا أصغر السته الذين وفدوا عليه من ثقيف وذلك أني كنت قرأت سورة
البقرة " وأخرج البيهقي في شعب الإيمان بسند ضعيف عن الصلصال ابن الدلهمس
" أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : اقرؤا سورة البقرة في بيوتكم
ولاتجعلوها قبورا قال : ومن قرأ سورة البقرة تتوج بتاج في الجنة "
وأخرج وكيع والدارمي ومحمد بن نصر وابن الضريس عن محمد بن الأسود قال : من قرأ
سورة البقرة في ليلة توج بها تاجا في الجنة
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : من قرأ سورة البقرة فقد أكثر وأطاب
وأخرج وكيع وأبو ذر الهروي في فضائله عن التميمي قال : سألت ابن عباس أي سورة في
القرآن أفضل ؟ قال : البقرة قلت : فأي آية ؟ قال : آية الكرسي
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : أشرف
سورة في القرآن البقرة وأشرف آية
آية الكرسي
وأخرج الحاكم وصححه وأبو ذر الهروي والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر قال : تعلموا
سورة البقرة سورة النساء وسورة الحج وسورة وسورة النور فإن فيهن الفرائض
وأخرج الدارقطني والبيهقي في السنن عن ابن مسعود " أن امرأة أتت رسول الله
صلى الله عليه و سلم فقالت : يا رسول الله رأيي في رأيك فقال رسول الله صلى الله
عليه و سلم للذي خطبها : هل تقرأ من القرآن شيئا ؟ فقال : نعم
سورة البقره وسورة من المفصل فقال : قد أنكحتكها على أن تقرئها وتعلمها "
وأخرج أبو داود والبيهقي عن أبي هريرة " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
للرجل : ما تحفظ من القرآن ؟ قال : سورة البقرة والتي تليها
قال : قم فعلمها عشرين آية وهي
(1/53)
إمراتك
" وكان مكحول يقول : ليس ذلك لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عمران بن أبان قال : أتي عثمان بسارق فقال :
أراك جميلا ! ما مثلك يسرق ! قال : هل تقرأ شيئا من القرآن ؟ قال : نعم
أقرأ سورة البقرة قال : اذهب فقد وهبت يدك بسورة البقرة
وأخرج البيهقي في سننه عن أبي جمرة قال : قلت لإبن عباس : إني سريع القراءة فقال :
لأن أقرأ سورة البقرة فأرتلها أحب إلي من أن أقرأ القرآن كله
وأخرج الخطيب في رواة مالك والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر قال : تعلم عمر
البقرة في اثنتي عشرة سنة فلما ختمها نحر جزورا
وذكر مالك في الموطأ : أنه بلغه أن عبد الله بن عمر مكث على سورة البقرة ثماني
سنين يتعلمها
وأخرج ابن سعد في طبقاته عن ميمون
أن ابن عمر تعلم سورة البقرة في أربع سنين
وأخرج مالك وسعيد بن منصور والبيهقي في سننه عن عروة
أن أبا بكر الصديق صلى الصبح فقرأ فيها بسورة البقرة في الركعتين كلتيهما
وأخرج الشافعي في الأم وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة في المصنف والبيهقي عن أنس
أن أبا بكر الصديق صلى بالناس الصبح فقرأ بسورة البقرة فقال عمر : كربت الشمس أن
تطلع فقال : لو طلعت لم تجدنا غافلين
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس
أن أبا بكر قرأ في يوم عيد البقرة حتى رأيت الشيخ يميد من طول القيام
وأخرج ابن أبي شيبة والمروزي في الجنائز وأبو ذر الهروي في فضلائله عن الشعبي قال
: كانت الأنصار يقرؤون عن الميت بسورة البقرة
وأخرج أبو بكر بن الأنباري في المصاحف من طريق ابن وهب عن سليمان قال : سئل ربيعة
- وأنا حاضر - لم قدمت البقرة وآل عمران وقد نزل قبلهما نيف وثمانون سورة بمكة ؟
فقال : يعلم من قدمهما بتقدمتهما فهذا ما ينتهى إليه ولا يسأل عنه
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة معا في المصنف عن عروة قال : كان شعار أصحاب النبي
صلى الله عليه و سلم يوم مسيلمة يا أصحاب سورة البقرة
وأخرج أحمد في الزهد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن سليمان بن يسار
(1/54)
قال
: استيقظ أبو أسيد الأنصاري ليلة وهو يقول : إنا لله وإنا إليه راجعون
فاتني وردي الليلة - وكان وردي البقرة - فلقد رأيت قفي المنام كأن بقرة تنطحني
وأخرج ابن أبي شيبة عن مسدد عن ابن مسعود قال : من حلف بسورة البقرة وفي لفظ بسورة
من القرآن فعليه بكل آية منها يمين
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من
حلف بسورة من القرآن فعليه بكل آية منها يمين صبر فمن شاء بر ومن شاء فجر "
وأخرج أحمد والحاكم في الكنى عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " من
قرأ سورة البقرة وآل عمران جعل الله له جاحين منظومين بالدر والياقوت " قال
أبو أحمد : هذا الحديث منكر
1 - قوله تعالى : الم
وكيع وعبد بن حميد عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه كان يعد الم آية وحم آية
وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي وصححه وابن الضريس ومحمد بن نصر وابن الأنباري
في المصاحف والحاكم وصححه وابن مردويه وابو ذر الهروي في فضائله والبيهقي في شعب
الإيمان عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من قرأ حرفا
من كتاب الله فله به حسنة والحسنة بعشرة أمثالها
لا تقول ألم حرف ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف "
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والدارمي وابن الضريس والطبراني ومحمد بن نصر
عن ابن مسعود موقوفا
مثله
وأخرج محمد بن نصر وأبو جعفر النحاس في كتاب الوقف والابتداء والخطيب في تاريخه
وأبو نصر السجزي في الإبانة عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " اقرؤا القرآن فإنكم تؤجرون عليه
أما إني لا أقول ألم حرف ولكن ألف عشر ولام عشر وميم عشر فتلك ثلاثون "
(1/55)
وأخرج
ابن أبي شيبة والبزار والمرهبي في فضل العلم وأبو ذر الهروي وأبو نصر السجزي بسند
ضعيف عن عوف بن مالك الأشجعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من
قرأ القرآن كتب الله له بكل حرف حسنة
لا أقول ألم ذلك الكتاب حرف ولكن الألف حرف والذال والألف والكاف "
وأخرج محمد بن نصر والبيهقي في شعب الإيمان والسجزي عن عوف بن مالك قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " من قرأ حرفا من القرآن كتب الله له به حسنة
لا أقول بسم الله ولكن باء وسين وميم ولا أقول ألم ولكن الألف واللام والميم
"
وأخرج محمد بن نصر السلفي في كتاب الوجيز في ذكر المجاز والمجيز عن أنس بن مالك عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال " من قرأ حرفا من القرآن كتب الله له عشر
حسنات
بالباء والتاء والثاء "
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف وأبو نصر السجزي عن ابن عمر قال : إذا فرغ الرجل من
حاجته ثم رجع إلى أهله ليأت المصحف فليفتحه فليقرأ فيه فإن الله سيكتب له بكل حرف
عشر حسنات
أما أني لا أقول ألم ولكن الألف عشر واللام عشر والميم عشر
وأخرج أبو جعفر النحاس في الوقف والابتداء وأبو نصر السجزي عن قيس بن سكن قال :
قال ابن مسعود : تعلموا القرآن فإنه يكتب بكل حرف منه عشر حسنات ويكفر به عشر يئات
أما أني لا أقول ألم حرف ولكن أقول ألف عشر ولام عشر وميم عشر
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس من طرق عن
ابن عباس في قوله ألم قال : أنا الله أعلم
وأخرج ابن جرير والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات عن ابن مسعود قال ألم حروف اشتقت
من حروف هجاء أسماء الله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله ألم وحم و ن قال :
اسم مقطع
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في كتاب الأسماء
عن ابن عباس في قوله ألم و المص و الر و المر
(1/56)
و
كهيعص و طه و طسم و طس و يس و ص و حم و ق و ن قال : هو قسم أقسمه الله وهو من
أسماء الله
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال ألم قسم
وأخرج ابن جريج عن ابن مسعود في قوله ألم قال : هو اسم الله الأعظم
وأخرج ابن جريج وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ألم و حم و طس قال : هي اسم
الله الأعظم
وأخرج ابن أبي شيبة في تفسيره وعبد بن حميد وابن المنذر عن عامر
أنه سئل عن فواتح السور نحو ألم و الر قال : هي أسماء من أسماء الله مقطعة الهجاء
فإذا وصلتها كانت أسماء من أسماء الله
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس في قوله ألم قال : ألف مفتاح اسمه الله ولام
مفتا اسمه لطيف وميم مفتاح اسمه مجيد
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : فواتح السور أسماء من أسماء الله
وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن السدي قال : فواتح السور كلها من
أسماء الله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ألم قال
: اسم من أسماء ألقرآن
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله ألم قال : اسم من أسماء القرآن
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ بن حبان عن مجاهد قال ألم و
حم و المص و ص فواتح افتتح الله بها القرآن
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال ألم و طسم فواتح يفتتح الله بها
السور
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : فواتح السور كلها ألم و المر و حم و ق وغير ذلك
هجاء موضوع
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم قال ألم ونحوها أسماء السور
وأخرج ابم اسحق والبخاري في تاريخه وابن جرير بسند ضعيف عن ابن عباس عن جابر بن
عبد الله بن رباب قال : مر أبو ياسر بن أخطب في رجال من يهود برسول الله صلى الله
عليه و سلم وهو يتلو فاتحة سورة البقرة ألم ذلك الكتاب فأتاه أخوه حيي بن
(1/57)
أخطب
في رجال من اليهود فقال : تعلمون - والله - لقد سمعت محمدا يتلو فيما أنزل عليه
ألم ذلك الكتاب فقالوا أنت سمعته ؟ قال : نعم
فمشى حيي في أولئك النفر إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : قد جاءك بهذا
جبريل من عند الله ؟ قال : نعم
قالوا : لقد بعث الله قبلك أنبياء مانعلمه بين لنبي لهم ما مدة ملكه وما أجل أمته
غيرك فقال حيي بن أخطب : وأقبل على من معه الألف واحدة واللام ثلاثون والميم
أربعون فهذه احدى وسبعون سنة
أفتدخلون في دين نبي إنما مدة ملكه وأجل أمته احدى وسبعون سنة ! ثم أقبل على رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا محمد هل مع هذا غيره ؟ قال : نعم
قال : وما ذاك ؟ قال المص قال : هذه أثقل وأطول
الأف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد تسعون فهذه مائة واحدى وستون
هل مع هذا يا محمد غيره ؟ قال : نعم
قال : ماذا ؟ قال الر قال : هذه أثقل وأطول
الألف واحدة واللام ثلاثون والراء مائتان فهذه احدى وثلاثون ومائتا سنة
فهل مع هذا غيره ؟ قال : نعم
المر قال : فهذه أثقل وأطول
الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والراء مائتان فهذه احدى وسبعون سنة
ومائتان
ثم قال : لقد لبس علينا أمرك يا محمد حتى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرا ! ثم
قاموا فقال أبو ياسر لأخيه حيي ومن معه من الأحبار : ما يدريكم لعله قد جمع هذا
لمحمد كله
احدى وسبعون واحدى وستون ومائة واحدى وثلاثون ومائتان واحدى وسبعون ومائتان فذلك
سبعمائة واربع وثلاثون
فقالوا : لقد تشابه علينا أمره
فيزعمون أن هذه الآيات نزلت فيهم هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم
الكتاب وأخر متشابهات " آل عمران الآية 7
وأخرج ابن المنذرعن ابن جريج قال : إن اليهود كانوا يجدون محمدا وأمته في كتابهم
اصحفنا لمعرفة المعج أن محمدا مبعوث ولا يدرون ما مدة أمة محمد
فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه و سلم وأنزل ألم قالوا : قد كنا نعلم أن هذه
الأمة مبعوثة وكنا لاندري كم مدتها فإن كان محمد
(1/58)
صادقا
فهو نبي هذه الأمة قد بين لنا كم مدة محمد لأن ألم في حساب جملنا إحدى وسبعون سنة
فما نصنع بدين إنما هو واحد وسبعون سنة ؟ فلما نزلت الر وكانت في حسابهم مائتي سنة
وواحدا وثلاثين سنة قالوا : هذا الآن مائتان وواحدا وثلاثون سنة وواحدة وسبعون
قيل ثم أنزل المر فكان في حساب حملهم مائتي سنة وواحدة وسبعين سنة في نحو هذا من
صدور السور فقالوا : قد التبس علينا أمره
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : هذه الأحرف الثلاثة من التسعة
والعشرين حرفا دارت فيها الألسن كلها ليس منها إلا حرف وهو مفتاح اسم من أسمائه
وليس منها حرف إلا وهو من آية وثلاثة وليس منها حرف إلا وهو في مدة قوم وآجالهم
فالألف مفتاح اسمه الله واللام مفتاح اسمه اللطيف والميم مفتاح اسمه مجيد
فالألف آلاء الله واللام لطف الله والميم مجد الله
فالألف سنة واللام ثلاثون والميم أربعون
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ بن حبان في التفسير عن داود بن أبي هند قال : كنت
أسأل الشعبي عن فواتح السور قال : يا داود إن لكل كتاب سرا وإن سر هذا القرآن
فواتح السور فدعها وسل عما بدا لك
وأخرج أبو نصر السجزي في الإبانة عن ابن عباس قال : آخر حرف عارض به جبريل رسول
الله صلى الله عليه و سلم ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين
2 - قوله تعالى : ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين
الفريابي وعبد بن حميد وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال : من أول
البقرة أربع آيات في نعت المؤمنين وآيتان في نعت الكافرين وثلاث عشرة آية في نعت
المنافقين ومن أربعين آية إلى عشرين ومائة في بني إسرائيل
وأخرج وكيع عن مجاهد قال : هؤلاء الآيات الأربع في أول سورة البقرة إلى المفلحون
نزلت في نعت المؤمنين واثنتان من بعدها إلى عظيم نزلت في نعت الكافرين وإلى العشر
نزلت في المنافقين
(1/59)
وأخرج
ابن جرير عن الربيع بن أنس قال : أربع آيات من فاتحة سورة البقرة في الذين آمنوا
وآيتان في قادة الأحزاب
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه عن ابن مسعود ألم حرف اسم الله و الكتاب القرآن لا
ريب لا شك فيه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ذلك الكتاب قال : هذا الكتاب
وأخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن عكرمة
مثله
وأخرج ابن اسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله لا ريب فيه قال : لا
شك فيه
وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي حاتم عن أبي الدرداء قال الريب الشك من الكفر
وأخرج الطستي في مسائل ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز و
جل لا ريب فيه قال : لا شك فيه قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم
أما سمعت ابن الزبعرى وهو يقول : ليس في الحق يا أمامة ريب إنما الريب ما يقول
الكذوب وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله لا ريب فيه قال : لا شك فيه
وأخرج ابن جرير عن مجاهد مثله
2 - قوله تعالى : ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين
وكيع وابن جرير عن الشعبي في قوله هدى قال : من الضلالة
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله هدى قال : نور للمتقين قال : هم المؤمنون
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله هدى للمتقين أي الذين
يحذرون من أمر الله عقوبته في ترك ما يعرفون من الهدى ويرجون رحمته في التصديق بما
جاء منه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله هدى للمتقين قال : للمؤمنين الذين يتقون الشرك
ويعملون بطاعتي
(1/60)
وأخرج
عبد بن حميد عن قتادة في قوله هدى للمتقين قال : جعله الله هدى وضياء لمن صدق به
ونور للمتقين
وأخرج أبن أبي حاتم عن معاذ بن جبل قال : يحبس الناس يوم القيامة بقيع واحد فينادي
مناد : أين المتقون ؟ فيقومون في كنف الرحمن لا يحتجب الله منهم ولا يستتر
قيل : من المتقون ؟ قال : قوم اتقوا الشرك عبادة الأوثان واخلصوا لله العبادة
فيمرون إلى الجنة
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن أبي
حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن عطية السعدي وكان من الصحابة قال :
" قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يبلغ العبد المؤمن أن يكون من
المتقين حتى يدع ما لا بأس به حذرا لما به بأس "
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن أبي هريرة
أن رجلا قال له : ما التقوى ؟ قال : هل أخذت طريقا ذا شوك ؟ قال : نعم
قال : فكيف صنعت ؟ قال : إذا رأيت الشوك عدلت عنه أو جاوزته أو قصرت عنه قال : ذاك
التقوى
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم عن طلق بن حبيب أنه قيل له :
ألا تجمع لنا التقوى في كلام يسير يرونه ؟ قال : التقوى العمل بطاعةالله على نور
من الله رجاء رجمة الله والتقوى ترك معاصي الله على نور من الله مخافة عذاب الله
وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي الدنيا عن أبي الدرداء قال : تمام التقوى أن يتقي
الله العبد حتى يتقيه من مثقال ذرة وحتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون
حراما
يكون حجابا بينه وبين الحرام
وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن قال : ما زالت التقوى بالمتقين حتى تركوا كثيرا من
الحلال مخافة الحرام
وأخرج ابن أبي الدنيا عن سفيان الثوري قال : إنما سموا المتقين لأنهم اتقوا ما لا
يتقى
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن المبارك قال : لو أن رجلا اتقى مائة شيء ولم
يتق شيئا واحدا لم يكن من المتقين
(1/61)
وأخرج
ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا عن عون بن عبد الله قال : تمام التقوى أن تبتغي علم
ما لم تعلم منها إلى ما قد علمت منها
وأخرج ابن أبي الدنيا عن رجاء قال : من سره أن يكون متقيا فليكن أذل من قعود أبل
كل من أتى عليه أرغاه
وأخرج ابن أبي الدنيا من طريق مالك بن أنس عن وهب بن كيسان قال : " كتب رجل
إلى عبد الله بن الزبير بموعظة
أما بعد
فإن لأهل التقوى علامات يعرفون بها ويعرفونها من أنفسهم
من صبر على البلاء ورضى بالقضاء وشكر النعماء وذل لحكم القرآن "
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن المبارك قال : قال داود لابنه سليمان عليه السلام :
يا بني إنما تستدل على تقوى الرجل بثلاثة أشياء
لحسن توكله على الله فيما نابه ولحسن رضاه فيما أتاه ولحسن زهده فيما فاته
وأخرج ابن أبي الدنيا عن سهم بن سحاب قال : معدن من التقوى لا يزال لسانك رطبا من
ذكر الله
وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي الدنيا عن سعيد بن أبي سعيد المقبري قال : بلغنا أن
رجلا جاء إلى عيسى فقال : يا معلم الخير كيف أكون تقيا لله كما ينبغي له ؟ قال :
بيسير من الأمر
تحب الله بقلبك كله وتعمل بكدحك وقوتك ما استطعت وترحم ابن جنسك كما ترحم نفسك
قال : من ابن جنسي يا معلم الخير ؟ قال : ولد آدم كلهم وما لا تحب أن يؤتى إليك
فلا تأته إلى أحد فأنت تقي لله حقا
وأخرج ابن أبي الدنيا عن إياس بن معاوية قال : رأس التقوى ومعظمه أن لا تعبد شيئا
دون الله ثم تتفاض الناس بالتقى والنهى
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عون بن عبد الله قال : فواتح التقوى حسن النية وخواتمها
التوفيق والعبد فيما بين ذلك بين هلكات وشبهات ونفس تحطب على سلوها وعدو مكيد غير
غافل ولا عاجز
وأخرج ابن أبي الدنيا عن محرز الطفاري قال : كيف يرجو مفاتيح التقوى من يؤثر على
الآخرة الدنيا ؟ ! وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز قال : ليس تقوى الله
بصيام
(1/62)
النهار
ولا بقيام الليل والتخليط فيما بين ذلك ولكن تقوى الله ترك ما حرم الله وأداء ما
افترض الله فمن رزق بعد ذلك خيرا فهو خير إلى خير
وأخرج ابن أبي الدنيا عن محمد بن يوسف الفريابي قال : قلت لسفيان أرى الناس يقولون
سفيان الثوري وأنت تنام الليل ؟ فقال لي : اسكت
ملاك هذا الأمر التقوى
وأخرج ابن أبي الدنيا عن شبيب بن شبة قال : تكلم رجل من الحكماء عند عبد الملك بن
مروان فوصف المتقي فقال : رجل آثر الله على خلقه وآثر الآخرة على الدنيا ولم تكربه
المطالب ولم تمنعه المطامع نظر ببصر قلبه إلى معالي إرادته فسما لها ملتمسا لها
فزهده مخزون يبيت إذا نام الناس ذا شجون ويصبح مغموما في الدنيا مسجون قد انقطعت
من همته الراحة دون منيته فشفاؤه القرآن ودواؤه الكلمة من الحكمة والموعظة الحسنة
لا يرى منها الدنيا عوضا ولا يستريح إلى لذة سواها
فقال عبد الملك : أشهد أن هذا أرجىء بالا منا وأنعم عيشا
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو نعيم في الحلية عن ميمون بن مهران قال : لا يكون الرجل من
المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه حتى تعلم من أين مطعمه ومن أين ملبسه
ومن أين مشربه أمن حل ذلك أو من حرام ؟ وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز
أنه لما ولي حمد الله وأثنى عليه ثم قال : أوصيكم بتقوى الله فإن تقوى الله خلف من
كل شيء وليس من تقوى الله خلف
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمر بن عبد العزيز قال : يا أيها الناس اتقوا الله فإنه
ليس من هالك إلا له خلف إلا التقوى
وأخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة قال : لما خلق الله الجنة قال لها تكلمي قالت :
طوبى للمتقين
وأخرج ابن أبي الدنيا عن مالك بن دينار قال : القيامة عرس المتقين
وأخرج ابن أبي الدنيا عن محمد بن يزيد الرحبي قال : قيل لأبي الدرداء : أنه ليس
أحد له بيت في الأنصار إلا قال شعرا فما لك لا تقول ؟ ! قال : وأنا قلت فاستمعوه :
يريد المرء أن يعطى مناه وي أبى ويأبى الله إلا ما أرادا
(1/63)
يقول
المرء فائدتي وذخري وتقوى الله أفضل ما استفادا وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العفيف
وكان من أصحاب معاذ بن جبل قال : يدخل أهل الجنة على أربعة أصناف
المتقين ثم الشاكرين ثم الخائفين ثم أصحاب اليمين
3 - قوله تعالى : الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون
جرير عن قتادة هدى للمتقين قال : نعتهم ووصفهم بقوله الذين يؤمنون بالغيب الآية
وأخرج ابن اسحق وابن جرير عن ابن عباس في قوله الذين يؤمنون قال : يصدقون بالغيب
قال : بما جاء منه يعني من الله
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله الذين يؤمنون بالغيب قال : هم المؤمنون من
العرب قال : و الإيمان التصديق و الغيب ما غاب عن العباد من أمر الجنة والنار وما
ذكر الله في القرآن لم يكن تصديقهم بذلك من قبل أصحاب الكتاب أو علم كان عندهم
والذين يؤمنون بما أنزل إليك هم المؤمنون من أهل الكتاب ثم جمع الفريقين فقال
أؤلئك على هدى الآية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله الذين يؤمنون بالغيب قال :
بالله وملائكته ورسله واليوم الآخر وجنته وناره ولقائه والحياة بعد الموت
وأخرج عبد بن حميد وابن جريرعن قتادة في قوله الذين يؤمنون بالغيب قال : آمنوا
بالبعث بعد الموت والحساب والجنة والنار وصدقوا بموعود الله الذي وعد في هذا
القرآن
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز
و جل الذين يؤمنون بالغيب قال : ما غاب عنهم من أمر الجنة والنار قال وهل تعرف
العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت أبا سفيان بن الحرث يقول :
(1/64)
وبالغيب
آمنا وقد كان قومنا يصلون للأوثان قبل محمد وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن
منده وأبو نعيم كلاهما في معرفة الصحابة عن تويلة بنت أسلم قال : صليت الظهر أو
العصر في مسجد بني حارثة فاستقبلنا مسجد إيلياء فصلينا سجدتين ثم جاءنا من يخبرنا
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد استقبل البيت الحرام فتحول الرجال مكان
النساء والنساء مكان الرجال فصلينا السجدتين الباقيتين ونحن مستقبلو البيت الحرام
فبلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم ذلك فقال " أولئك قوم آمنوا بالغيب
"
وأخرج سفيان بن عيينة وسعيد بن منصور وأحمد بن منيع في مسنده وابن أبي حاتم وابن
الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه وابن مردويه عن الحرث بن قيس أنه قال لإبن
مسعود : عند الله يحتسب ما سبقتمونا به يا أصحاب محمد من رؤية رسول الله صلى الله
عليه و سلم
فقال ابن مسعود : عند الله يحتسب إيمانكم بمحمد صلى الله عليه و سلم ولم تروه ! إن
أمر محمد كان بيننا لمن رآه
والذي لا إله غيره
ما آمن أحد أفضل من إيمان بغيب
ثم قرأ ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه البقرة الآية 1 - 2 إلى قوله المفلحون البقرة
الآية 5
وأخرج البزار وأبو يعلى والمرهبي في فضل العلم والحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب قال
كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه و سلم فقال " أنبئوني بأفضل أهل الإيمان
إيمانا ؟ قالوا : يا رسول الله الملائكة
؟ قال : هم كذلك ويحق لهم وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها
قالوا : يا رسول الله الأنبياء الذين أكرمهم الله برسالاته والنبوة ! قال : هم
كذلك ويحق لهم وما يمنعهم وقد أنزلهم الله المنزلة التي أنزلهم بها قالوا : يا
رسول الله الشهداء الذين استشهدوا مع الأنبياء
قال : هم كذلك ويحق لهم وما يمنعهم وقد أكرمهم الله بالشهادة مع الأنبياء
بل غيرهم قالوا : فمن يا رسول الله ؟ ! قال : أقوام في أصلاب الرجال يأتون من بعدي
يؤمنون بي ولم يروني ويصدقوني ولم يروني يجدون الورق المعلق فيعملون بما فيه
فهؤلاء أفضل أهل الإيمان إيمانا
وأخرج الحسن بن عروة في حزبه المشهور والبيهقي في الدلائل والأصبهاني في الترغيب
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
أي
(1/65)
الخلق
أعجب إليكم إيمانا ؟ قالوا : الملائكة
قال : وما لهم لايؤمنون وهم عند ربهم
قالوا : فالأنبياء
قال : فما لهم لا يؤمنون والوحي ينزل عليهم
قالوا : فنحن
قال : وما لكم لاتؤمنون وأنا بين أظهركم ألا إن أعجب الخلق إلي إيمانا لقوم يكونون
من بعدكم يجدون صحفا فيها كتاب يؤمنون بما فيه "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : أصبح رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما فقال
" ما من ماء ما من ماء ؟ قالوا : لا
قال : فهل من شن ؟ فجاؤا بالشن فوضع بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم ووضع
يده عليه ثم فرق أصابعه فنبع الماء مثل عصا موسى من بين أصابع رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقال : يا بلال اهتف بالناس بالوضوء فأقبلوا يتوضؤن من بين أصابع رسول
الله صلى الله عليه و سلم وكانت همة ابن مسعود الشرب فلما توضؤا صلى بهم الصبح ثم
قعد للناس فقال : يا أيها الناس من أعجب الخلق إيمانا ؟ قالوا : الملائكة
قال : كيف لا تؤمن الملائكة وهم يعاينون الأمر ! قالوا : فالنبيون يا رسول الله
قال : كيف لا يؤمن النبيون والوحي ينزل عليهم من السماء ! قالوا : فأصحابك يا رسول
الله
فقال : وكيف لا تؤمن أصحابي وهم يرون ما يرون ولكن أعجب الناس إيمانا قوم يجيئون
بعدي يؤمنون بي ولم يروني ويصدقوني ولم يروني أولئك إخواني "
وأخرج الإسماعيلي في معجمه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" أي شيء أعجب إيمانا ؟ قيل : الملائكة
فقال : كيف وهم في السماء يرون من الله ما لا ترون ! قيل : فالأنبياء
قال : كيف وهم يأيتهم الوحي ؟ قالوا : فنحن
قال : كيف وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ! ولكن قوم يأتون من بعدي
يؤمنون بي ولم يروني أولئك أعجب إيمانا وأولئك إخواني وأنتم أصحابي "
وأخرج البزار عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أي الخلق
أعجب إيمانا ؟ قالوا : الملائكة
قال : الملائكة
كيف لا يؤمنون ؟ قالوا : النبيون
قال : النبيون يوحى إليهم فكيف لا يؤمنون ؟ ولكن أعجب الناس إيمانا قوم يجيئون من
بعدكم فيجدون كتابا من الوحي فيؤمنون به ويتبعونه
فهؤلاء أعجب الناس إيمانا "
وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده عن عوف بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم يا ليتني قد لقيت إخواني ؟ قالوا يا رسول الله ألسنا إخوانك وأصحابك ؟ قال :
(1/66)
بلى
ولكن قوما يجيئون من بعدكم يؤمنون بي إيمانكم ويصدقوني تصديقكم وينصروني نصركم
فيا ليتني قد لقيت إخواني "
وأخرج ابن عساكر في الأربعين السباعية من طريق أبي هدبة وهو كذاب عن أنس قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " ليتني قد لقيت إخواني ؟ فقال له رجل من
أصحابه : أولسنا إخوانك ؟ قال : بلى
أنتم أصحابي وإخواني قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني ثم قرأ الذين يؤمنون
بالغيب ويقيمون الصلاة "
وأخرج أحمد والدارمي والباوردي وابن قانع معا في معجم الصحابة والبخاري في تاريخه
والطبراني والحاكم عن أبي جمعة الأنصاري قال " قلنا يار سول الله هل من قوم
أعظم منا آجرا ؟ آمنا بك واتبعناك
قال : ما يمنعكم من ذلك ورسول الله بين أظهركم يأتيكم الوحي من السماء ! بل قوم
يأتون من بعدي يأتيهم كتاب بين لوحين فيؤمنون به ويعملون بما فيه أولئك أعظم منكم
أجرا "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي عمر وأحمد والحاكم عن أبي عبد الرحمن الجهني قال
" بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ طلع راكبان فقال رسول الله
صلى الله عليه و سلم كنديان أو مذحجيان حتى أتيا فإذا رجلان من مذحج
فدنا أحدهما ليبايعه فلما أخذ بيده قال : يا رسول الله أرأيت من آمن بك واتبعك
وصدقك فماذا له ؟ قال : طوبى له فمسح على يده وانصرف
ثم جاء الآخر ختى أخذ على يده ليبايعه فقال : يا رسول الله أرأيت من آمن بك وصدقك
واتبعك ولم يرك ؟ قال : طوبى له
ثم طوبى له
ثم مسح على يده وانصرف "
وأخرج الطيالسي وأحمد والبخاري في تاريخه والطبراني والحاكم عن أبي أمامة الباهلي
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " طوبى لمن رآني وآمن بي وطوبى لمن
آمن بي ولم يرني سبع مرات "
وأخرج أحمد وابن حبان عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه و سلم "
إن رجلا قال : يا رسول الله طوبى لمن رآك و آمن بك
قال : طوبى لمن رآني وآمن بي وطوبى ثم طوبى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني "
وأخرج الطيالسي وعبد بن حميد عن نافع قال : جاء رجل إلى ابن عمر
(1/67)
فقال
: يا أبا عبد الرحمن رأيتم رسول الله صلى الله عليه و سلم بأعينكم هذه ؟ قال : نعم
قال : طوبى لكم
فقال ابن عمر : ألا أخبرك بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال :
بلى
قال : سمعته يقول " قال طوبى لمن رأني وآمن بي وطوبى لمن آمن بي ولم يرني
ثلاث مرات "
وأخرج أحمد وأبو يعلى والطبراني عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" طوبى لمن رآني وآمن بي وطوبى لمن آمن بي ولم يرني سبع مرات "
وأخرج الحاكم عن أبي هريرة مرفوعا " إن ناسا من أمتي يأتون بعدي يود أحدهم لو
اشترى رؤيتي بأهله وماله "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن اسحق عن ابن عباس في قوله ويقيمون الصلاة قال :
الصلوات الخمس ومما رزقتاهم ينفقون قال : زكاة أموالهم
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ويقيمون الصلاة قال :
يقيمونها بفروضها ومما رزقتناهم ينفقون قال : يؤدون الزكاة احتسابا لها
وأخرج ابن جريرعن ابن عباس قال : إقامة الصلاة إتمام الركوع والسجود والتلاوة
والخشوع والإقبال عليها فيها
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله يقيمون الصلاة قال : إقامة الصلاة المحافظة
على مواقيتها ووضؤئها وركوعها وسجودها ومما رزقناهم ينفقون قال : انفقوا في فرئض
الله التي افترض الله عليهم في طاعته وسبيله
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله ومما رزقناهم ينفقون قال : إنما يعني
الزكاة خاصة دون سائر النفقات
لا يذكر الصلاة إلا ذكر معها الزكاة فإذا لم يسم الزكاة قال في أثر ذكر الصلاة
ومما رزقناهم ينفقون
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله ومما رزقناهم ينفقون قال : هي نفقة الرجل على
أهله
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله ومما رزقناهم ينفقون قال : كانت النفقات قربانا
يتقربون بها إلى الله على قدر ميسورهم وجهدهم حتى نزلت فرائض الصدقات في سورة براءة
هن الناسخات المبينات
(1/68)
4 -
5 - قوله تعالى : والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم
يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون
ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله والذين يؤمنون بما أنزل
إليك ومآ أنزل من قبلك أي يصدقونك بما جئت به من الله وما جاء به من قبلك المرسلين
لا يفرقون بينهم ولا يجحدون ما جاؤوهم به من ربهم وبالأخرة هم يوقنون أي بالبعث
والقيامة والجنة والنار والحساب والميزان أي لا هؤلاء الذين يزعمون أنهم آمنوا بما
كان قبلك ويكفرون بما جاءك من ربك
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة والذين يؤمنون بما أنزل إليك قال : هو الفرقان الذي
فرق الله به بين الحق والباطل وما أنزل من قبلك أي الكتب التي خلت قبله أولئك على
هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون قال : استحقوا الهدى والفلاح بحق فاحقه الله عليهم
وهذا نعت أهل الإيمان ثم نعت المشركين فقال إن الذين كفروا سواء عليهم البقرة
الآية 6 الآيتين
وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد المسند والحاكم والبيهقي في الدعوات عن
أبي بن كعب قال " كنت عند النبي صلى الله عليه و سلم فجاء أعرابي فقال : يا
نبي الله إن لي أخا وبه وجع قال : وما وجعه ؟ قال : به لمم قال : فائتني به
فوضعه بين فعوذه النبي صلى الله عليه و سلم بفاتحة الكتاب وأربع آيات من أول سورة
البقرة وهاتين الآيتين وإلهكم إله واحد البقرة الآية 163 وآية الكرسي وثلاث آيات
من آخر سورة البقرة وآية من آل عمران شهد الله أنه لا إله إلا هو آل عمران 18 وآية
من الأعراف إن ربكم الله الأعراف الآية 54 وآخر سورة المؤمنين فتعالى الله الملك
الحق المؤمنون الآية 116 وآية من سورة الجن وأنه تعالى حد ربنا الجن الآية 3 وعشر
آيات من أول الصافات وثلاث آيات من آخر سورة الحشر و قل هو الله أحد و المعوذتين فقام
الرجل كأنه لم يشك قط "
(1/69)
وأخرج
ابن السني في عمل اليوم والليلة من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن رجل عن أبيه
مثله سواء
وأخرج الدارمي وابن الضريس عن ابن مسعود قال : من قرأ أربع آيات من أول سورة
البقرة وآية الكرسي وآيتين بعد آية الكرسي وثلاثا من آخر سورة البقرة لم يقربه ولا
أهله يومئذ شيطان ولا شيء يكرهه في أهله ولا ماله ولا يقرأن على مجنون إلا أفاق
وأخرج الدارمي وابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود قال : من قرأ عشر آيات من سورة
البقرة في ليلة لم يدخل ذلك البيت شيطان تلك الليلة حتى يصبح
أربع من أولها وآية الكرسي وآيتان بعدها وثلاث خواتيمها
أولها لله ما في السموات البقرة الآية 284
وأخرج سعيد بن منصور والدارمي والبيهقي في شعب الإيمان عن المغيرة بين سبيع وكان
من أصحاب عبد الله قال : من قرأ عشر آيات من البقرة عند منامه لم ينس القرآن
أربع آيات من أولها وآية الكرسي وآيتان بعدها وثلاث من آخرها
وأخرج الطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقول " إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره وليقرأ عند رأسه
بفاتحة البقرة وعند رجليه بخاتمة سورة البقرة في قبره "
وأخرج الطبراني في الكبير عن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج قال : قال لي أبي :
يا بني إذا وضعتني في لحدي فقل : بسم الله وعلى ملة رسول الله
ثم سن علي التراب سنا ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها
فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول ذلك
وأخرج ابن النجار في تاريخه من طريق محمد بن علي المطلبي عن خطاب بن سنان عن قيس
بن الربيع عن ثابت بن ميمون عن محمد بن سيرين قال : نزلنا يسيرى فاتانا أهل ذلك
المنزل فقالوا : ارحلوا فإنه لم ينزل عندنا هذا المنزل أحد إلا اتخذ متاعه فرحل
أصحابي وتخلفت للحديث الذي حدثني ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
" من قرأ في ليلة ثلاثا وثلاثين آية لم يضره في تلك الليلة سبع ضار ولا لص
(1/70)
طار
وعوفي في نفسه وأهله وماله حتى يصبح "
فلما أمسينا حتى رأيتهم قد جاءوا أكثر من ثلاثين مرة مخترطين سيوفهم فما يصلون إلي
فلما أصبحت رحلت فلقيني شيخ منهم فقال : يا هذا إنسي أم جني ؟ قلت : بل إنسي ! قال
: فما بالك
! لقد أتيناك أكثر من سبعين مرة كل ذلك يحال بيننا وبينك بسور من حديد
فذكرت له الحديث والثلاث وثلاثون آية أربع آيات من أول البقرة إلى قوله المفلحون
وآية الكرسي وآيتان بعدها إلى قوله خالدون البقرة الآية 257 والثلاث آيات من آخر
البقرة لله ما في السموات وما في الأرض البقرة الآية 284 وثلاث آيات من الأعراف إن
ربكم الله إلى قوله من المحسنين الأعراف الآية 54 - 57 وآخر بني إسرائيل قل ادعوا
الله أو ادعوا الرحمن الإسراء الآية 110 إلى آخرها وعشر آيات من أول الصافات إلى
قوله لا زب وآيتان من الرحمن يا معشر الجن والإنس إلى قوله فلا تنتصران الرحمن
الآية 33 - 34 ومن آخر الحشر لو أنزلنا هذا القرآن على جبل الحشر الآية 21 إلى آخر
السورة وآيتان من قل أوحي إلي إلى وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة إلى قوله شططا
الجن الآية 1 - 4
فذكرت هذا الحديث لشعيب بن حرب فقال لي : كنا نسميها آيات الحرب ويقال : إن فيها
شفاء من كل داء
فعد علي الجنون والجذام والبرص وغير ذلك
قال محمد بن علي : فقرأتها على شيخ لنا قد فلج حتى أذهب اللله عنه ذلك
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : من قرأ عشر من سورة البقرة أول
النهار لا يقربه شيطان حتى يمسي وإن قرأها حين يمسي لم يقربه حتى يصبح ولا يرى
شيئا يكرهه في أهله وماله وإن قرأها على مجنون أفاق
أربع آيات من أولها وآية الكرسي وآيتان بعدها وثلاث آيات من آخرها
(1/71)
قوله
تعالى : إن الذين كفروا سوآء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون ختم الله على
قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصرهم غشاوة ولهم عذاب عظيم
ابن جريج وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير في السنة وابن مردويه والبيهقي في
الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله إن الذين كفروا سوآء عليهم أأنذرتهم أم لم
تنذرهم لا يؤمنون ونحو هذا من القرآن قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
يحرص أن يؤمن جميع الناس ويتابعوه على الهدى فأخبره الله أنه لايؤمن إلا من سبق له
من الله السعادة في الذكر الأول ولا يضل إلا من سبق له من الله الشقاء في الذكر
الأول
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو قال " قيل يا رسول الله أنا تقرأ من
القرآن فنرجو ونقرأ فنكاد نيأس فقال : ألا أخبركم عن أهل الجنة وأهل النار ؟ قالوا
: بلى يا رسول اله ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين إلى قوله المفلحون هؤلاء
أهل الجنة قالوا : إنا نرجو أن نكون هؤلاء
ثم قال : إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم إلى قوله عظيم هؤلاء أهل النار
قلنا لسنا هم يا رسول الله ؟ قال : أجل "
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله إن الذين كفروا أي
بما أنزل إليك وإن قالوا إنا قد آمنا بما جاء من قبلك سواء عليه أأنذرتهم أم لم
تنذرهم لايؤمنون أي أنهم قد كفروا بما عندهم من ذكرك وجحدوا ما أخذ عليهم من
الميثاق لك فقد كفروا بما جاءك وبما عندهم مما جاءهم به غيرك فكيف يسمعون منك
إنذارا وتخويفا وقد كفروا بما عندهم من نعتك ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى
أبصارهم غشاوة أي عن الهدى أن يصيبوه أبدا بغير ما كذبوا به من الحق الذي جاءك من
ربك حتى يؤمنوا به وأن آمنوا بكل ما كان قبلك ولهم بما هو عليه من خلافك عذاب عظيم
فهذا في الأحبار من يهود
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله إن الذين
(1/72)
كفروا
قال : نزلت هاتان الآيتان في قادة الأحزاب وهم الذين ذكرهم في هذه الآية ألم تر
إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا إبراهيم الآيه28 قال : فهم الذين قتلوا يوم بدر
ولم يدخل من القادة أحد في الإسلام إلا رجلان
أبو سفيان والحكم بن أبي العاص
وأخرج ابن المنذر عن السدي في قوله أأنذرتهم أم لم تنذرهم قال : وعظتهم أم لم
تعظهم
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم
تنذرهم لا يؤمنون قال : أطاعوا الشيطان فاستحوذ عليهم فختم الله على قلوبهم وعلى
سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة فهم لا يبصرون هدى ولا يسمعون ولا يفقهون ولا يعقلون
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : الختم على قلوبهم وعلى
سمعهم والغشاوة على أبصارهم
وأخرج ابن جريج عن ابن مسعود قال ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم فلا يعقلون ولا
يسمعون وجعل على أبصارهم يقول : أعينهم غشاوة فلا يبصرون
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأرزق قال له : أخبرني عن قوله عز
و جل ختم الله على قلوبهم قال : طبع الله عليها قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال :
أما سمعت الأعشى وهو يقول : وصهباء طاف يهود بها فأبرزها وعليها ختم وأخرج سعيد بن
منصورعن الحسن وأبي رجاء قرأ أحدهما غشاوة والآخر غشوة
قوله تعالى : ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين
ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ومن الناس من يقول آمنا
بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين يعني المنافقين من الأوس والخزرج ومن كان على
أمرهم
(1/73)
وأخرج
ابن اسحق وابن جرير عن ابن عباس
أن سورة البقرة إلى المائة منها هي رجال سماهم بأعيانهم وأنسابهم من أحبار يهود
ومن المنافقين من الأوس والخزرج
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر
وما هم بمؤمنين قال : المراد بهذه الآية المنافقون
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله ومن الناس من يقول آمنا بالله
وباليوم الآخر حتى بلغ وما كانوا مهتدين قال : هذه في المنافقين
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله ومن الناس من يقول آمنا بالله الآية
قال : هذا نعت المنافق نعت عبدا خائن السريرة كثير الإخلاف يعرف بلسانه وينكر
بقلبه ويصدق بلسانه ويخالف بعمله ويصبح على حال ويمسي على غيره ويتكفأ تكفؤ
السفينة كلما هبت ريح هب فيها
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن سيرين قال : لم يكن عندهم أخوف من هذه الآية ومن
الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين
وأخرج عبد بن حميد عن يحيى بن عتيق قال : كان محمد يتلو هذه الآية عند ذكر الحجاج
ويقول : أنا لغير ذلك أخوف ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين
وأخرج ابن سعد عن أبي يحيى قال سأل رجل حذيفة وأنا عنده فقال : وما النفاق ؟ قال :
أن تتكلم باللسان ولا تعمل به
قوله تعالى : يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون أخرج
أحمد بن منيع في مسنده بسند ضعيف عن رجل من الصحابة
إن قائلا من السلمين قال : يا رسول الله ما النجاة غدا قال : لا تخدع الله قال
وكيف نخادع الله قال أن تعمل بما أمرك به تريد به غيره فاتقوا الرياء فإنه الشرك
بالله فإن المرائي ينادى به يوم القيامة على رؤوس الخلائق بأربعة أسماء
يا كافر يا فاجر يا خاسر يا غادر
ضل عملك وبطل أجرك فلا خلاق لك اليوم عند الله فالتمس أجرك
(1/74)
ممن
كنت تعمل له يا مخادع وقرأ من القرآن فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا
الكهف الآية 110 الآية وإن المنافقين يخادعون الله النساء الآية 142 الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله يخادعون الله قال : يظهرون لا إله إلا
الله يريدون أن يحرزوا بذلك دمائهم وأموالهم وفي أنفسهم غير ذلك
وأخرج ابن جرير عن ابن وهب قال : سألت ابن زيد عن قوله يخادعون الله والذين آمنوا
قال : هؤلاء المنافقون يخادعون الله ورسوله والذين آمنوا أنهم يؤمنون بما أظهروه
وعن قوله وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون قال : ما يشعرون بأنهم ضروا أنفسهم بما
أسروا من الكفر والنفاق ثم قرأ يوم يبعثهم الله جميعا قال هم المنافقون حتى بلغ
قوله ويحسبون أنهم علي شيء المجادلة الآية 18
وأخرج البيهقي في الشعب عن قيس بن سعد قال : لولا أني سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم " المكر والخديعة في النار لكنت أمكر هذه الأمة "
قوله تعالى : في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون
ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله مرض قال : شك فزادهم الله
مرضا أي قال : شكا
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود مثله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله في قلوبهم مرض قال : النفاق
ولهم عذاب أليم قال : نكال موجع بما كانوا يكذبون قال : يبدلون ويحرفون
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله تعالى في
قلوبهم مرض قال : النفاق قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
(1/75)
أما
سمعت قول الشاعر : أجامل أقواما حياء وقد أرى صدروهم تغلي علي مراضها قال :
فأخبرني عن قوله ولهم عذاب أليم قال الأليم الموجع قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال
: نعم
أما سمعت قول الشاعر : نام من كان خليا من ألم وبقيت الليل طولا لم أنم وأخرج ابن
أبي حاتم عن ابن عباس قال : كل شيء في القرآن أليم فهو الموجع
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال الأليم الموجع في القرآن كله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله مرض قال : ريبة وشك في أمر الله فزادهم
الله مرضا قال : ريبة وشكا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون قال : إياكم والكذب
فإنه من باب النفاق وإنا والله ما رأينا عملا قط أسرع في فساد قلب عبد من كبر أو
كذب
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله في قلوبهم مرض قال : هذا مرض في الدين وليس
مرضا في الأجساد
وهم المنافقون و المرض الشك الذي دخل في الإسلام
وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله في قلوبهم مرض قال : هؤلاء أهل النفاق
والمرض في قلبوهم الشك في أمر الله عز و جل فزادهم الله مرضا قال : شكا
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : العذاب الأليم
هم الموجع وكل شيء في القرآن من الأليم فهو الموجع
قوله تعالى : وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم
المفسدون ولكن لايشعرون
ابن جرير عن ابن مسعود في قوله وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قال : الفساد هو
الكفر والعمل بالمعصية
(1/76)
وأخرج
ابن جرير عن مجاهد في قوله وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون
قال : إذا ركبوا معصية فقيل لهم لا تفعلوا كذا قالوا إنما نحن على الهدى
وأخرج ابن اسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله إنما نحن مصلحون أي
إنما نريد الإصلاح بين الفريقين من المؤمنين وأهل الكتاب
وأخرج وكيع وابن جرير وابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله الأسدي قال : قرأ سلمان
هذه الآية وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون قال : لم يجيء
أهل هذه الآية بعد
قوله تعالى : وإذا قيل لهم آمنوا كما أمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا
إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قال
: صدقوا كما صدق أصحاب محمد أنه نبي ورسول وأن ما أنزل عليه حق قالوا أنؤمن كما
آمن السفهاء يعنون أصحاب محمد ألا إنهم السفهاء يقول : الجهال ولكن لا يعلمون يقول
: لا يعقلون
وأخرج ابن عساكر في تاريخه بسند واه عن ابن عباس في قوله آمنوا كما من الناس قال
أبو بكر وعمر وعثمان وعلي
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله كما آمن السفهاء قال : يعنون أصحاب النبي صلى
الله عليه و سلم
وأخرج عن الربيع وابن زيد مثله
قوله تعالى : وإذا لقوا الذين أمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا
معكم إنما نحن مستهزءون الله يستهزىء بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون
(1/77)
الواحدي
والثعلبي بسنده عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في عبد الله بن أبي وأصحابه وذلك
أنهم خرجوا ذات يوم فاستقبلهم نفر من أصحاب رسول الله فقال عبد الله بن أبي :
انظروا كيف أرد هؤلاء السفهاء عنكم فذهب فأخذ بيد أبي بكر فقال : مرحبا بالصديق
سيد بني تميم وشيخ الإسلام وثاني رسول الله في الغار الباذل نفسه وماله لرسول الله
صلى الله عليه و سلم
ثم أخذ بيد عمر فقال : مرحبا بسيد عدي بن كعب الفاروق القوي في دين الله الباذل
نفسه وماله لرسول الله صلى الله عليه و سلم
ثم أخذ بيد علي وقال : مرحبا بابن عم رسول الله وختنه سيد بني هاشم ما خلا رسول
الله صلى الله عليه و سلم
ثم افترقوا فقال عبد الله لأصحابه : كيف رأيتموني فعلت ؟ فإذا رأيتموهم فافعلوا
كما فعلت فأثنوا عليه خيرا
فرجع المسلمون إلى النبي وأخبروه بذلك فنزلت هذه الآية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وإذا لقوا الذين آمنوا الآية
قال : كان رجال من اليهود إذا لقوا أصحاب النبي أو بعضهم قالوا : أنا على دينكم
وإذا خلوا إلى شياطينهم وهم إخوانهم قالوا : إنا معكم أي على مثل ما أنتم عليه
إنما نحن مستهزئون قال : ساخرون بأصحاب محمد الله يستهزىء بهم قال : يسخر بهم
للنقمة منهم ويمدهم في طغيانهم قال : في كفرهم يعمهون قال يترددون
وأخرج البيهقي في الأسماء عن ابن عباس في قوله وإذا لقوا الذين أمنوا قالوا آمنا
وهم منافقو أهل الكتاب فذكرهم وذكر استهزاءهم وأنهم إذا خلوا إلى شياطينهم قالوا
إنا معكم على دينكم إنما نحن مستهزئون بأصحاب محمد
يقول الله الله يستهزىء بهم في الآخرة يفتح لهم بابا في جهنم من الجنة ثم يقال لهم
: تعالوا فيقبلون يسبحون في النار والمؤمنون على الأرائك وهي السرر في الحجال
ينظرون إليهم فإذا انتهوا إلى الباب سد عنهم فضحك المؤمنون منهم فذلك قول الله
الله يستهزىء بهم في الآخرة ويضحك المؤمنون منهم حين غلقت دونهم الأبواب
فذلك قوله فاليوم ذالذين آمنوا من الكفار يضحكون المطففون الآية 34
(1/78)
أخرج
ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وإذا لقوا الذين آمنوا
قالوا آمنا أي صاحبكم رسول الله ولكنه إليكم خاصة وإذا خلوا إلى شياطينهم من يهود
الذين يأمرونهم بالتكذيب قالوا إنا معكم أي إنا على مثل ما أنتم عليه إنما نحن
مستهزئون أي إنما نحن مستهزئون بالقوم ونلعب بهم
وأخرج ابن الأنباري عن اليماني أنه قرأ وإذا لاقوا الذين آمنوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله إذا خلوا قال : مضوا
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله وإذا خلوا إلى شياطينهم قال : رؤوسهم في
الكفر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله إذا خلوا إلى شياطينهم قال :
أصحابهم من المنافقين والمشركين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله وإذا خلوا إلى شياطينهم قال : إلى
إخوانهم من المشركين ورؤوسهم وقادتهم في الشر قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزئون
يقولون : إنما نسخر من هؤلاء القوم ونستهزىء بهم
وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح في قوله الله يستهزىء بهم قال : يقال : لأهل النار
وهم في النار اخرجوا وتفتح لهم أبواب النار فإذا رأوها قد فتحت أقبلوا إليها
يريدون الخروج والمؤمنون ينظرون إليهم على الأرائك فإذا انتهوا إلى أبوابها غلقت
دونهم
فذلك قوله الله يستهزىء بهم ويضحك عليهم المؤمنون حين غلقت دونهم
ذلك قوله فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون المطففون الآية
34 - 35 الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود ي قوله ويمدهم قال : يملي لهم في طغيانهم يعمهون قال
: في كفرهم يتمادون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله يعمهون قال :
يتمادون
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله عز و جل يعمهون
قال : يلعبون ويترددون
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟
(1/79)
قال
: نعم
أما سمعت قول الشاعر : أراني قد عمهت وشاب رأسي وهذا اللعب شين بالكبير وأخرج
الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله
ويمدهم قال : يزيدهم في طغيانهم يعمهون قال : يلعبون ويترددون في الضلالة
قوله تعالى : آولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى فما ربحت تجارتهم وما كانوا
مهتدين
ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أولئك الذين اشتروا الضلالة
بالهدى قال : الكفر بالإيمان
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله استروا الضلالة بالهدى قال : أخذوا الضلالة
تركوا الهدى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله أولئك الذين اشتروا
الضلالة بالهدى قال : آمنوا ثم كفروا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله أولئك
الذين اشتروا الضلالة بالهدى قال : استحبوا الضلال على الهدى فما ربحت تجارتهم قال
: قد والله رأيتم خرجوا من الهدى إلى الضلالة ومن الجماعة إلى الفرقة ومن الأمن
إلى الخوف ومن السنة إلى البدعة
قوله تعالى : مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم
وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمي فهم لا يرجعون أو كصيب من السماء فيه ظلمات
ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين
يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولوشاء
الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير
(1/80)
ابن
جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والصابوني في المائتين عن ابن عباس في قوله مثلهم
كمثل الذي استوقد نارا الآية
قال : هذا ضربه الله للمنافقين كانوا يعتزون بالإسلام فيناكحم المسلمون ويوارثوهم
ويقاسمونهم الفيء
فلما ماتوا سلبم الله العز كما سلب صاحب النار ضوءه وتركهم في ظلمات يقول في عذاب
صم بكم عمي لا يسمعون الهدى ولايبصرونه ولا يعقلونه أو كصيب هو المطر
ضرب مثله في القرآن فيه ظلمات يقول : ابتلاء ورعد وبرق تخويف يكاد البرق يخطف
أبصارهم يقول : يكاد محكم القرآن يدل على عورات المنافقين كلما أضاء لهم مشوا فيه
يقول : كلما أصاب المنافقون من الإسلام اطمأنوا فإن أصاب الإسلام نكبة قاموا
ليرجعوا إلى الكفر كقوله ومن الناس من يعبد الله على حرف
الحج الآية 11 الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله مثلهم كمثل الذي استوقد نارا
الآية
قال : إن ناس دخلوا في الإسلام مقدم النبي صلى الله عليه و سلم المدينة ثم نافقوا
فكان مثلهم كمثل رجل كان في ظلمة فأوقدا نارا فأضاءت ما حوله من قذى أو أذى فأبصره
حتى عرف ما يتقى
فبينا هو كذلك إذ طفئت ناره فأقبل لا يدري ما يتقي من أذى فكذلك المنافق كان في
ظلمة الشرك فأسلم فعرف الحلال من الحرام والخير من الشر بينا هو كذلك إذ كفر فصار
لايعرف الحلال من الحرام ولا الخير من الشر فهم صم بكم فهم الخرس فهم لا يرحعون
إلى الإسلام
وفي قوله أو كصيب
الآية
قال : كان رجلان من المنافقين من أهل المدينة هربا من رسول الله إلى المشركين
فأصابهما هذا المطر الذي ذكر الله
فيه رعد شديد وصواعق وبرق فجعلا كلما أصابتهما الصواعق يجعلان أصابعهما في آذانهما
من الفرق أن تدخل الصواعق في مسامعهما فتقتلهما وإذا لمع البرق مشيا في ضوئه وإذا
لم يلمع لم يبصرا
قاما مكانهما لا يمشيان فجعلا يقولان
ليتنا قد أصبحنا فنأتي محمد فنضع أيدينا في يده فأصبحا فأتياه فأسلما ووضعا
أيديهما في يده وحسن إسلامهما
فضرب الله شأن هذين المنافقين الخارجين مثلا للمنافقين الذين بالمدينة وكان
المنافقون إذا حضروا مجلس النبي صلى الله عليه و سلم جعلوا أصابعهم في آذانهم فرقا
من كلام
(1/81)
النبي
صلى الله عليه و سلم أن ينزل فيهم شيء أو يذكر بشيء فيقتلوا كما كان ذانك
المنافقان الخارجان يجعلان أصابعهما في آذانهما وإذا أضاء لهم مشوا فيه فإذا كثرت
أموالهم وولدهم وأصابوا غنيمة وفتحا مشوا فيه وقالوا : إن دين محمد حينئذ صدق :
واستقاموا عليه كما كان ذانك المنافقان يمشيان إذا أضاء بهما البرق وإذا أظلم
عليهم قاموا فكانوا إذا هلكت أموالهم وولدهم وأصابهم البلاء قالوا هذا من أجل دين
محمد وارتدوا كفارا كما كان ذانك المنافقان حين أظلم البرق عليهما
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله كمثل الذي استوقد قال : ضربه الله مثلا
للمنافق
وقوله ذهب الله بنورهم أما النور فهو إيمانهم الذي يتكلمون به وأما الظلمة فهي
ضلالهم وكفرهم
وفي قوله أو كصيب الآية
قال الصيب المطر
وهو مثل المنافق في ضوء ما تكلم بما معه من كتاب الله وعمل مراءاة للناس فإذا خلا
وحده عمل بغيره فهو في ظلمة ما أقام على ذلك وأما الظلمات فالضلالة وأما البرق
فالإيمان
وهم أهل الكتاب وإذا أظلم عليهم فهو رجل يأخذ بطرف الحق لا يستطيع أن يجاوزه
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله مثلهم
الآية
قال : ضرب الله مثلا للمنافقين يبصرون الحق ويقولون به حتى إذا خرجوا من ظلمة
الكفر أطفئوه بكفرهم ونفاقهم فتركهم في ظلمات الكفر لا يبصرون هدى ولا يستقيمون
على حق صم بكم عمي عن الخير فهم لا يرجعون إلى هدى ولا إلى خير
وفي قوله أو كصيب
الآية
يقول : هم من ظلمات ماهم فيه من الكفر والحذر من القتل على الذي هم عليه من الخلاف
والتخويف منكم على مثل ما وصف من الذي هم في ظلمة الصيب فجعل أصابعه في أذنيه من
الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين منزل ذلك بهم من النقمة يكاد البرق يخطف
أبصارهم أي لشدة ضوء الحق كلما أضاء لهم مشوا فيه أي يعرفون الحق ويتكلمون به فهم
من قولهم به على استقامة فإذا ارتكسوا منه إلى الكفر قاموا أي متحيرين ولو شاء
الله لذهب بسمعهم أي لما سمعوا تركوا من الحق بعد معرفته
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله مثلهم كمثل الذي
(1/82)
استوقد
نارا قال : أما إضاءة النار فإقبالهم إلى المؤمنين والهدى وذهاب نورهم إقبالهم إلى
الكافرين والضلالة وإضاءة البرق على نحو المثل والله محيط بالكافرين قال : جامعهم
في جهنم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله مثلهم كمثل الذي استوقد نارا قال :
هذا مثل ضربه الله للمنافقين
إن المنافق تكلم بلا إله إلا الله فناكح بها المسلمين ووارث بها المسلمين وغازى
بها المسلمين وحقن بها دمه وماله
فلما كان عند الموت لم يكن لها أصل في قلبه ولا حقيقة في عمله فسلبها المنافق عند
الموت فترك في ظلمات وعمى يتسكع فيها
كما كان أعمى في الدنيا عن حق الله وطاعته صم عن الحق فلا يبصرونه فهم لا يرحعون
عن ضلالتهم ولا يتوبون ولا يتذكرون أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون
أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت قال : هذا مثل ضربه الله للمنافق لجنبه لا
يسمع صوتا إلا ظن أنه قد أتي ولا يسمع صياحا إلا ظن أنه قد أتي ولا يسمع صياحا إلا
ظن أنه ميت
أجبن قوم وأخذله للحق
وقال الله في آية أخرى يحسبون كل صيحة عليهم المنافقون الآية4 يكاد البرق يخطف
أبصارهم الآية
قال البرق هو الإسلام و الظلمة هو البلاء والفتنة
فإذا رأى المنافق من الإسلام طمأنينة وعافية ورخاء وسلوة من عيش قالوا : إنا معكم
ومنكم وإذا رأى من الإسلام شدة وبلاء فقحقح عند الشدة فلا يصبر لبلائها ولم يحتسب
أجرها ولم يرج عاقبتها
إنما هو صاحب دنيا لها يغضب ولها يرضى وو كما هو نعته الله
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وأبو يعلى في مسنده وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
وأبو الشيخ في العظمة من طرق عن ابن عباس في قوله أو كصيب من السماء قال : المطر
وأخرج ابن جرير عن مجاهد والربيع وعطاء
مثله
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
إنما الصيب من ههنا
وأشار بيده إلى السماء "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله يكاد
(1/83)
البرق
قال : يلتمع يخطف أبصارهم ولما يخطف
وكل شيء في القرآن يكاد وأكاد وكادوا فإنه لا يكون أبدا
وأخرج وكيع عن المبارك بن فضالة قال : سمعت الحسين يقرؤها يكاد البرق يخطف أبصارهم
قوله تعالى : يا آيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون
البزار والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال : ما كان يا
آيها الذين آمنوا أنزل بالمدينة وما كان يا أيها الناس فبمكة
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه عن
ابن مسعود قال : قرأنا المفصل ونحن بمكة حجيجا ليس فيها يا أيها الذين آمنوا
وأخرج أبو عبيد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن الضريس وابن المنذر وأبو الشيخ بن
حبان في التفسير عن علقمة قال : كل شيء في القرآن يا أيها الناس فهو مكي وكل شيء
في القرآن يا أيها الذين آمنوا فإنه مدني
وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه وعبد بن حميد وابن المنذر عن الضحاكمثله
وأخرج أبو عبيد عن ميمون بن مهران قال : ماكان في القرآن ياأيها الناس ويابني آدم
فإنه مكي وما كان ياأيها الذين آمنوا فإنه مدني
وأخرج ابن أبي شيبه وابن مردويه عن عروه قال : ماكان ياأيها الناس بمكه وماكان
ياأيها الذين آمنوا بالمدينه
وأخرج ابن أبي شيبه وابن مردويه عن عروة قال : ما كان من حج أو فريضة فإنه نزل
بالمدينة أو حد أو جهاد فإنه نزل بالمدينة
وما كان من ذكر الأمم والقرون وضرب الأمثال فإنه نزل بمكة
وأخرج ابن أي شيبة عن عكرمة قال : كل سورة فيها يا أيها الذين آمنوا فهي مدنية
(1/84)
وأخرج
ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس فيقوله يا أيها الناس فهي للفريقين
جميعا من الكفار والمؤمنين اعبدوا قال : وحدوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله الذي خلقكم والذين من قبلكم يقول : خلقكم
وخلق الذين من قبلكم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك قوله لعلكم يعني كي غير آية في الشعراء لعلكم
تخلدون الشعراء 129 يعني كأنكم تخلدون
وأخرج ابن أبي حاتم وابو الشيخ عن عون بن عبد الله بن غنية قال لعل من الله واجب
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله لعلكم تتقون قال :
تطعيون
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله لعلكم تتقون قال : تتقون النار
قوله تعالى : الذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء وأنزل من السماء ماء فأخرج به
من الثمرات رزقا لكم فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله الذي جعل لكم الأرض
فراشا قال : هي فراش يمشي عليها وهي المهاد والقرار والسماء بناء قال بنى السماء
على الأرض كهيئة القبة وهي سقف على الأرض
وأخرج أبو داود وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات
عن جبير بن مطعم قال " جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال :
يا رسول الله جهدت الأنفس وضاعت العيال ونهكت الأموال وهلكت المواشي
استسق لنا ربك فإنا نستشفع بالله عليك وبك على الله
فقال النبي صلى الله عليه و سلم " سبحان الله ! فما زال يسبح حتى عرف ذلك في
وجوه أصحابه فقال : ويحك أتدري ما الله ؟ إن شأنه أعظم من ذاك وإنه لا يستشفع به
على أحد وإنه لفوق
(1/85)
سمواته
على عرشه وعرشه على سمواته وسمواته على أرضيه هكذا - وقال بأصابعه مثل القبة -
وإنه لئط به أطيط الرحل بالراكب "
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة عن إياس بن معاوية قال : السماء مقببة على
الأرض مثل القبة
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن وهب بن منبه قال : شيء من أطراف السماء محدق
بالأرضين والبحار كأطراف الفسطاط
وأخرج ابن أبي حاتم عن القاسم بن أبي برة قال : ليست السماء مربعة ولكنها مقببة
يراها الناس خضراء
أما قوله تعالى وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات رزقا لكم أخرج أبو الشيخ
في العظمة عن الحسن
أنه سئل المطر من السماء أم من السحاب ؟ قال : من السماء إنما السحاب علم ينزل
عليه الماء من السماء
وأخرج أبو الشيخ عن وهب قال : لا أدري المطر أنزل قطرة من السماء في السحاب أم خلق
في السحاب فأمطر ؟ وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن كعب قال : السحاب غربال المطر
ولولا السحاب حين ينزل الماء من السماء لأفسد ما يقع عليه من الأرض والبذر ينزل من
السماء
وأخرج ابن ابي حاتم وأبو الشيخ عن خالد بن معدان قال : المطر ماء يخرج من تحت
العرش فينزل من سماء إلى سماء حيث يجمع في السماء الدنيا فيجتمع في موضع يقال له
الإيرم فتجيء السحاب السود فتدخله فتشربه مثل شرب الاسفنجة فيسوقها الله حيث يشاء
وأخرج ابن ابي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة قال : ينزل الماء من السماء السابعة فتقع
القطرة منه على السحابة مثل البعير
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن خالد بن يزيد قال : المطر منه من السماء ومنه
ماء يسقيه الغيم من البحر فيعذبه الرعد والبرق
فأما ما كان من البحر فلا يكون له نبات وأما النبات فما كان من السماء
وأخرج ابن ابي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة قال : ما أنزل الله من السماء قطرة إلا
أنبت بها في الأرض عشبة أو في البحر لؤلؤة
(1/86)
وأخرج
ابن أبي الدنيا في كتاب المطر عن ابن عباس قال : إذا جاء القطر من السحاب تفتحت له
الأصداف فكان لؤلؤا
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : يخلق الله اللؤلؤ في الأصداف من المطر تفتح
الأصداف أفواهها عند المطر فاللؤلؤة العظيمة من القطرة العظيمة واللؤلؤة الصغيرة
من القطرة الصغيرة
وأخرج الشافعي في الأم وابن أبي الدنيا في كتاب المطر عن المطلب بن حنطب
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال " ما من ساعة من ليل ولا نهار إلا والسماء
تمطر فيها يصرفه الله حيث يشاء "
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : ما نزل مطر من السماء إلا ومعه
البذر
أما أنكم لوبسطتم نطعا لرأيتموه
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : المطر مزاجه من الجنة فإذا عظم
المزاج عظمت البركة وإن قل المطر وإذا قل المزاج قلت البركة وإن كثر المطر
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن قال : ما من عام بأمطر من عام ولكن الله يصرفه حيث يشاء
وينزل مع المطر كذا وكذا من الملائكة ويكتبون حيث يقع ذلك المطر ومن يرزقه وما
يخرج منه مع كل قطرة
أما قوله تعالى : فلا تجعلوا لله أندادا وأنتم تعلمون أخرج ابن اسحق وابن جرير
وابن أبي حاتم عن ابن عباس فلا تجعلوا لله أندادا أي لا تشركوا به غيره من الأنداد
التي لا تضر ولا تنفع وأنتم تعلمون أنه لا رب لكم يرزقكم غيره
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال الأنداد هو الشرك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله الأنداد قال : أشباها
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله فلا تجعلوا لله أندادا قال : أكفاء من الرجال
تطعيونهم في معصية الله
وأخرج الطستي عن ابن عباس
أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قول الله عز و جل أندادا قال : الأشباه
والأمثال قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول لبيد :
(1/87)
أحمد
الله فلا ند له بيديه الخير ما شاء فعل وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله أندادا
قال : شركاء
وأخرج ابن أبي حاتم عن عوف بن عبد الله قال " خرج النبي صلى الله عليه و سلم
ذات يوم من المدينة فسمع مناديا ينادي للصلاة فقال : الله أكبر الله أكبر فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : على الفطرة فقال : أشهد أن لا إله إلا الله فقال
: خلع الأنداد "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب المفرد والنسائي وابن ماجه وأبو نعيم
في الحلية والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال " قال رجل للنبي صلى
الله عليه و سلم : ما شاء الله وشئت فقال : جعلتني لله ندا ما شاء الله وحده
"
وأخرج ابن سعد عن قتيلة بنت صيفي قال " جاء حبر من الأحبار إلى النبي صلى
الله عليه و سلم فقال : يا محمد نعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون قال : وكيف ؟ قال
: يقول أحدكم : لا والكعبة
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : إنه قد قال فمن حلف فليحلف برب الكعبة فقال : يا
محمد نعم القوم أنتم لولا أنكم تجعلون لله أندادا قال : وكيف ذلك ؟ ! قال : يقول
أحدكم ما شاء الله وشئت
فقال النبي صلى الله عليه و سلم للحبر : أنه قد قال فمن قال منكم فليقل ما شاء ثم
شئت "
وأخرج أحمد وابن ماجه والبيهقي عن طفيل بن سخبرة " أنه رأ ى فيما يرى النائم
كأنه مر برط من اليهود فقال : أنتم نعم القوم لولا أنكم تزعمون أن عزيرا ابن الله
فقالوا : وأنتم نعم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد
ثم مر برهط من النصارى فقال : أنتم نعم القوم لولا أنكم تقولون المسيح ابن الله
قالوا : وأنتم نعم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد
فلما أصبح أخبر النبي صلى الله عليه و سلم فخطب فقال : إن طفيلا رأى رؤيا وأنكم
تقولون كلمة كان يمنعني الحياء منكم فلا تقولوها ولكن قولوا : ما شاء الله وحده لا
شريك له "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي عن حذيفة ابن
اليمان عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " لا تقولوا ما شاء الله وشاء فلان
قولوا : ما شاء الله ثم شاء فلان "
وأخرج ابن جريج عن قتادة في قوله " فلا تجعلوا لله
(1/88)
أندادا
أي عدلاء وأنتم تعلمون قال : إن الله خلقكم وخلق السموات والأرض
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله فلا تجعلوا لله أندادا أي
عدلاء وأنتم تعلمون قال تعلمون أنه إله واحد في التوراة والانجيل لا ند له
قوله تعالى : وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا
شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي
وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين
أحمد والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه
البشر وإنما كان الذي أوتيته وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم
القيامة "
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله وإن كنتم في ريب الآيه قال : هذا قول الله
لمن شك من الكفار في ما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وإن كنتم
في ريب قال : في شك مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله قال : من مثل هذا
القرآن حقا وصدقا لا باطل فيه ولا كذب
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جريروابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فأتوا بسورة
من مثله قال : مثل القرآن وادعوا شهداءكم من دون الله قال : ناس يشهدون لكم إذا
أتيتم بها أنه مثله
وأخرج ابن جرير وابن اسحق وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وادعوا شهداءكم قال :
أعوانكم على ما أنتم عليه فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فقد بين لكم الحق
وأخرج عبد بن حميد وابن جريج عن قتادة فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا يقول : لن تقدروا
على ذلك ولن تطيقوه
أما قوله تعالى : فاتقوا النار أخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن مسعود قال :
إذا مر أحدكم في الصلاة بذكر النار فلسيتعذ بالله من النار وإذا مر أحدكم بذكر
الجنة فليسأل الله الجنة
(1/89)
وأخرج
ابن أبي شيبة وأبو داود وابن ماجه عن أبي ليلى قال " صليت إلى جنب النبي صلى
الله عليه و سلم فمر بآية فقال : أعوذ بالله من النار ويل لأهل النار "
وأخرج ابن أبي شيبة عن النعمان بن بشير قال " سمعت النبي صلى الله عليه و سلم
وهو على المنبر يقول : أنذركم النار أنذركم النار حتى سقط أحد عطفي ردائه على
منكبيه "
وأما قوله تعالى التي وقودها الناس والحجارة أخرج عبد بن حميد من طريق طلحة عن
مجاهد
أنه كان يقرأ كل شيء في القرآن وقودها برفع الواو الأولى إلا التي في "
والسماء ذات البروج " النار ذات الوقود البروج الآية 5 بنصب الواو
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور والفريابي وهناد بن السري في كتاب الزهد وعبد بن
حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير والحاكم وصححه
والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن الحجارة التي ذكرها الله في القرآن في
قوله وقودها الناس والحجارة حجارة من كبريت خلقها الله عنده كيف شاء
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : هي حجارة في النار من كبريت أسود
يعذبون به مع النار
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن ميمون قال : هي حجارة من كبريت خلقها الله يوم خلق
السموات والأرض في السماء الدنيا فأعدها للكافرين
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال " تلا رسول الله صلى
الله عليه و سلم هذه الآية وقودها الناس والحجارة فقال : أوقد عليها ألف عام حتى
احمرت وألف عام حتى ابيضت وألف عام حتى اسودت فهي سوداء مظلمة لا يطفأ لهبها
"
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال
" قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أوقدت النار ألف سنة حتى احمرت ثم
أوقد عليها ألف سنة حتى ابيضت ثم أوقد عليها ألف سنة حتى اسودت فهي سوداء مظلمة
"
وأخرج أحمد ومالك والبخاري ومسلم والبيهقي في البعث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال " نار بني آدم التي توقدون جزء من سبعين جزء من نار جهنم
(1/90)
فقالوا
: يا رسول الله إن كانت لكافية ؟ قال : فإنها فضلت عليها بتسعة وستين جزءا كلهن
مثل حرها "
وأخرج مالك في الموطأ والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : أترونها حمراء مثل
ناركم هذه التي توقدون ؟ إنها لأشد سوادا من القار
وأخرج الترمذي وحسنه عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " ناركم
هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم لكل جزء منها حرها "
وأخرج ابن ماجه والحاكم وصححه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم لولا أنها أطفئت بالماء مرتين
ما انتفعتم منها بشيء وإنها لتدعو الله أن لا يعيدها فيها "
وأخرج البيهقي في البعث عن ابن مسعود قال : إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءا من تلك
النار ولولا أنها ضربت في البحر مرتين ما امنتفعتم منها بشيء
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن ناركم
هذه جزء من سبعين جزءا من نار جهنم ضربت بماء البحر مرتين ولولا ذلك ما جعل الله
فيها منفعة لأحد "
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : إن ناركم هذه تعوذ من نار جهنم
وأما قوله تعالى : أعدت للكافرين أخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله أعدت للكافرين قال : أي لمن كان على مثل ما أنتم عليه من الكفر
قوله تعالى : وبشر الذين أمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجري من تحتها الأنهار
كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوابه متشابها ولهم
فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون
ابن ماجه وابن أبي الدنيا في صفة الجنة ةالبزار وابن أبي حاتم وابن حبان وابن أبي
داود والبيهقي كلاهما في البعث وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن أسامة ابن زيد
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ألا هل مشمر للجنة فإن للجنة لا
خطر لها هي ورب الكعبة نور يتلألأ وريحانة تزهر وقصر مشيد ونهر مطرد وثمرة نضيجة
(1/91)
وزوجة
حسناء جميلة وحلل كثيرة ومقام في أبد في فاكهة دار سليمة وفاكهة خضرة وخيرة ونعمة
في محلة عالية بهية قالوا : نعم يا رسول الله قال : قولوا إن شاء الله قال القوم :
إن شاء الله
"
وأخرج أحمد وعبد بن حميد في مسنده والترمذي وابن حبان في صحيحه والبيهقي في البعث
عن أبي هريرة قال : قلنا يا رسول الله حدثنا عن الجنة ما بناؤها ؟ قال " لبنة
من ذهب ولبنة من فضة وحصاؤها الؤلؤ والياقوت وملاطها المسك وترابها الزعفران من
يدخلها ينعم لا ييأس ويخلد لا يموت
لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والطبراني وابن مردويه عن ابن عمر قال : سئل
رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الجنة كيف هي ؟ قال " من يدخل الجنة يحيا
لا يموت وينعم لا ييأس
لا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه
قيل يا رسول الله كيف بناؤها ؟ قال : لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها مسك أذفر
وحصاؤها اللؤلؤ والياقوت وترابها الزعفران "
أخرج البزار والبيهقي في البعث عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
" إن حائط الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ومجامرهم الألوه وأمشاطهم الذهب
ترابها زعفران وطيبها مسك "
وأخرج ابن المبارك في الزهد وابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن أبي هريرة قال : حائط
الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة ودرمها اللؤلؤ والياقوت ورضاضها اللؤلؤ وترابها
الزعفران
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " أرض
الجنة بيضاء عرصتها صخور الكافور وقد أحاط به المسك مثل كثبان الرمل فيها أنهار
مطردة
فيجتمع أهل الجنة أولهم وآخرهم يتعارفون فيبعث الله عليهم ريح الرحمة فتهيج عليهم
المسك فيرجع الرجل إلى زوجه وقد ازداد حسنا وطيبا فتقول : لقد خرجت من عندي وأنا
بك معجبة وأنا بك الآن أشد إعجابا "
وأخرج أبو نعيم عن سعيد بن جبير قال : أرض الجنة فضة
وأخرج البزار والطبراني وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن الله أحاط حائط الجنة لبنة من ذهب
ولبنة من
(1/92)
فضة
ثم شقق فيها الأنهار وغرس فيها الأشجار فلما نظرت الملائكة إلى حسنها وزهرتها قالت
: طوباك منازل الملوك "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن أبي سعيد
أن النبي صلى الله عليه و سلم سأله ابن صائد عن تربة الجنة فقال " درمكة
بيضاء مسك خالص "
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وأبو الشيخ في العظمة عن أبي زميل
أنه سأل ابن عباس ما أرض الجنة ؟ قال : مرمرة بيضاء من فضة كانها مرآة قال : ما
نورها ؟ قال : ما رأيت الساعة التي يكون فيها طلوع الشمس فذلك نورها إلا أنه ليس
فيها شمس ولا زمهرير قال : فما أنهارها أفي أخدود ؟ قال : لا ولكنها نقيض على وجه
الأرض لاتفيض ههنا ولا ههنا قال : فمن حللها ؟ قال : فيها الشجر الثمر كأنه الرمان
فإذا أراد ولي الله منها كسوة انحدرت إليه من أغصانها فانفلقت له من سبعين حلة
ألوانا بعد ألوان ثم لتطبق فترجع كما كانت
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم خلق الله جنة
عدن بيده وذلل فيها ثمارها وشق فيها أنهارها ثم نظر إليها فقال لها تكلمي فقالت قد
أفلح المؤمنون المؤمنون الآية 1 فقال وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل
وأخرج البزار عن ابن عباس
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " إن الله خلق جنة عدن بيضاء "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه عن سهل بن سعد الساعدي قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها
"
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول صلى الله عليه و سلم الله
" لقاب قوس أحدكم في الجنة خير مما طلعت عليه الشمس أو تغرب "
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد بن السري في الزهد وابن ماجه عن أبي سعيد عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال " الشبر في الجنة خير من الدنيا وما فيها "
وأخرج الترمذي وابن أبي الدنيا عن سعد بن أبي وقاص عن النبي صلى الله عليه و سلم
" لو أن ما يقل ظفر مما في الجنة بدا لتزخرفت له مابين خوافق السموات والأرض
ولو أن رجلا من أهل الجنه اطلع فبدا أساوره لطمس ضوء الشمس كما تطمس الشمس ضوء
النجوم "
(1/93)
وأخرج
البخاري عن أنس قال : أصيب حارثة يوم بدر فجاءت أمه فقالت : يا رسول الله قد علمت
منزلة حارثة مني فإن يكن في الجنة صبرت وإن يكن غير ذلك ترى ما أصنع ؟ فقال "
إنها ليست بجنة واحدة إنها جنان كثيرة وإنه في الفردوس الأعلى "
وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " من خاف ادلج ومن ادلج بلغ المنزل إلا إن سلعة الله غالية "
وأخرج الحاكم عن أبي كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من خاف
ادلج ومن ادلج بلغ المنزل
إلا إن سلعة الله غالية إلا أن سلعة الله الجنة جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء
الموت بما فيه "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : والذي أنزل الكتاب على محمد صلى الله عليه
و سلم إن أهل الجنة ليزدادون حسنا وجمالا كما يزدادون في الدنيا قباحة وهرما
أما قوله تعالى : تجري من تحتها الأنهار
أخرج ابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن
أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أنهار الجنة تفجر من
تحت جبال مسك "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وأبو الشيخ بن حبان في التفسير والبيهقي في
البعث وصحه عن ابن مسعود قال : إن أنهار الجنة تفجر من جبل مسك
وأخرج أحمد مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة "
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن ابن عباس قال : إن في الجنة نهرا يقال له
البيدخ عليه قباب من ياقوت تحته جوار نابتات يقول : أهل الجنة انطلقوا بنا إلى
البيدخ فيجيئون فيتصفحون تلك الجواري فإذا أعجب رجل منهم بجارية مس معصمها فتبعته
وتنبت مكانها أخرى "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد في مسنده والنسائي وأبو يعلى والبيهقي في الدلائل والضياء
المقدسي في صفة الجنة وصححه عن أنس قال " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
تعجبه
(1/94)
الرؤيا
الحسنة فجاءت إمراءة فقالت : يا رسول الله رأيت في المنام كأني أخرجت فأدخلت الجنة
فسمعت وجبة التجت لها الجنة فإذا أنا بفلان وفلان حتى عدت اثني عشر رجلا وقد بعث
رسول الله صلى الله عليه و سلم سرية قبل ذلك فجيء بهم عليهم ثياب طلس تشخب أوداجهم
فقيل : اذهبوا بهم إلى نهر البيدخ فغمسوا فيه فخرجوا وحوهم كالقمر ليلة البدر
وأتوا بكراسي من ذهب فقعدوا عليها وجيء بصحفة من ذهب فيها بسرة فأكلوا من بسره ما
شاؤا فما يقبلونها لوجهة إلا أكلوا من فاكهة ما شاؤا فجاء البشير فقال : يا رسول
الله كان كذا وكذا
وأصيب فلان وفلان حتى عد اثني عشر رجلا فقال : علي بالمرأة فجاءت فقال : قصي رؤياك
على هذا فقال الرجل : هو كما قالت أصيب فلان وفلان "
وأخرج البيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : إن في الجنة نهرا طول الجنة حافتاه
العذارى قيام متقابلات يغنين بأحسن أصوات يسمعها الخلائق حتى ما يرون أن في الجنة
لذة مثلها
قلنا : يا أبا هريرة وما ذاك الغناء ؟ قال : إن شاء الله التسبيح والتحميد
والتقديس وثناء على الرب
وأخرج أحمد بن حنبل في الزهد والدارقطني في المديح عن المعتمر بن سليمان قال : إن
في الجنة نهرا ينبت الحواري الأبكار
وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن أنس مرفوعا " في الجنة نهر يقال له الريان عليه
مدينة من مرجان لها سبعون ألف باب من ذهب وفضة لحامل القرآن "
وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ
والبيهقي في البعث عن مسروق قال : أنهار الجنة تجري في غير أخدود ونخل الجنة نضيد
من أصلها إلى فرعها
وثمرها أمثال القلال كلما نزعت ثمرة عادت مكانها أخرى والعنقود اثنا عشر ذراعا
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم والضياء المقدسي كلاهما في صفة الجنة عن أنس قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " لعلكم تظنون أن أنهار الجنة أخدود في الأرض
لا
والله إنها لسائحة على وجه الأرض افتاه خيام اللؤلؤ وطينها المسك الأذفر
قلت : يا رسول الله ما الأذفر ؟ قال : الذي لا خلط معه "
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن مردويه والضياء عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال " إن أنهار الجنة تشخب من جنة عدن في حوبة ثم تصدع بعد أنهارا "
(1/95)
وأما
قوله تعالى كلما رزقوا منها الآية وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في
قوله كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قال : أتوا بالثمره في الجنة فينظروا إليها
فقالوا هذا الذي رزقنا من من قبل في الدنيا وأتوا به متشابها اللون والمرأى وليس
يشبه الطعم
وأخرج عبد بن حميد عن علي بن زيد كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي
رزقنا من قبل يعني به ما رزقوا به من فاكهة الدنيا قبل الجنة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن جرير وابن الأنباري في كتاب الأضداد عن قتادة في
قوله هذا الذي رزقنا من قبل أي في الدنيا وأتوا به متشابها قال : يشبه ثمار الدنيا
غير أن ثمر الجنة أطيب
وأخرج مسدد وهناد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث
عن ابن عباس قال : ليس في الدنيا مما في الجنة شيءإلا الأسماء
وأخرج الديلمي عن عمر " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : في طعام
العرس مثقال من ريح الجنة "
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله هذا الذي رزقنا من قبل قال : قولهم من قبل
معناه
مثل الذي كان بالأمس
وأخرج ابن جرير عن يحيى بن كثير قال : يؤتى أحدهم بالصحفة فيأكل منها ثم يؤتى
بأخرى فيقول : هذا الذي أتينا به من قبل فيقول الملك : كل اللون واحد والطعم مختلف
وأخرج وكيع وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله وأتوا به متشابها
قال : متشابها في اللون مختلفا في الطعم
مثل الخيار من القثاء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله وأتوا به متشابها قال : خيارا كله
لا رذل فيه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في قوله أتوا به متشابها قال : خيار كله
يشبه بعضه بعضا لا رذل فيه
ألم تر إلى ثمار الدنيا كيف ترذلون بعضه
(1/96)
وأخرج
البزار والطبراني عن ثوبان
أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " لاينزع رجل من أهل الجنة من
ثمره إلا أعيد في مكانها مثلاها "
وأخرج ابن عساكر في تاريخه من طريق ابن حيوة عن خالد بن يزيد بن معاوية ابن أبي سفيان
قال : بينا أسير في أرض الجزيرة إذ مررت برهبان وقسيسين وأساقفة فسلمت فردوا
السلام فقلت : أين تريدون ؟ فقالوا : نريد راهبا في هذا الدير نأتيه في كل عام
فيخبرنا بما يكون في ذلك العام لمثله من قابل فقلت : لآتين هذا الراهب فلأنظرن ما
عنده - وكنت معنيا بالكتب - فأتيته وهوعلى باب ديره فسلمت فرد السلام ثم قال : ممن
أنت ؟ فقلت : من المسلمين قال : أمن أمة محمد ؟ فقلت : نعم
فقال : من علمائهم أنت أم من جهالهم ؟ قلت : ما أنا من علمائهم ولا من جهالهم قال
: فإنكم تزعمون أنكم تدخلون الجنة فتأكلون من طعامها وتشربون من شرابها ولا تبولوا
ولا تتغوطون قلت : نحن نقول ذلك وهو كذلك قال : فإن له مثلا في الدنيا فأخبرني
ماهو ؟ قلت : مثله كمثل الجنين في بطن أمه إنه يأتيه رزق الله ولا يبول ولا يتغوط
قال : فتربد وجهه ثم قال لي : أما أخبرتني أنك لست من علمائهم ! قلت : ما كذبتك
قال : فإنكم تزعمون أنكم تدخلون الجنة فتأكلون من طعامها وتشربون من شرابها ولا
ينقص ذلك منها شيئا قلت : نحن نقول ذلك وهو كذلك قال : فإن له مثلا في الدنيا
فأخبرني ما هو ؟ قلت : مثله في الدنيا كمثل الحكمة لو تعلم منها الخلق أجمعون لم
ينقص ذلك منها شيئا فتربد وجهه ثم قال : أما أخبرتني أنك لست من علمائهم ! قلت :
وما كذبتك ما أنا من علمائهم ولا من جهالهم
وأخرج الحاكم وابن مردويه وصححه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم
في قوله ولهم فيها أزواج مطهرة قال : من الحيض والغائط والنخامة والبزاق "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ولهم فيها أزواج
مطهرة قال : من القذر والأذى
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله ولهم فيها أزواج مطهرة قال : لا يحضن ولا
يحدثن ولا يتنخمن
(1/97)
وأخرج
وكيع وعبد الرزاق وهناد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ولهم
فيها أزواج مطهرة قال : من الحيض والغائط والبول والمخاط والنخامة والبزاق والمني
والولد
وأخرج وكيع وهناد عن عطاء في قوله ولهم فيها أزواج مطهرة قال : لا يحضن ولايمنين
ولايلدن ولايتغوطن ولايبلن ولايبزقن
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ولهم فيها أزواج مطهرة
قال : طهرهن الله من كل بول وغائط وقذر ومآثم
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وابن ماجه والبيهقي في البعث عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أول زمرة تلج الجنة صورتهم
على صورة القمر ليلة البدر لايبصقون فيها ولايتمخطون ولايتغوطون آنيتهم وأمشاطهم
من الذهب والفضة ومجامرهم من الألوة ورضخهم المسك ولكل واحد مهم زوجتان يرى مخ
ساقها من وراء اللحم من الحسن لااختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم على قلب رجل واحد
يسبحون الله بكرة وعشيا "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أول زمرة تدخل الجنة وجوههم
كالقمر ليلة البدر
والزمرة الثانية أحسن كوكب دري في السماء لكل إمرىء زوجتان على كل زوجة سبعون حلة
يرى مخ ساقهن من وراء الحلل "
وأخرج أحمد والترمذي عن أبي سعيد الخدري
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " إن أدنى أهل الجنة منزلة الذي له
ثمانون ألف خادم واثنتان وسبعون زوجة ومنصب له قبة من لؤلؤ وياقوت وزبرجد كما بين
الجابية وصنعاء "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والبيقهي في النعت عن أبي هريرة أنهم تذاكروا الرجال
أكثر في الجنة أم النساء ؟ فقال : ألم يقل رسول الله صلى الله عليه و سلم "
ما في الجنة أحد إلا له زوجتان
إنه ليرى مخ ساقهما من وراء سبعين حلة ما فيها عزب "
وأخرج الترمذي وصححه والبزار عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " يزوج
العبد في الجنة سبعين زوجة فقيل : يارسول الله يطيقها قال : يعطى قوة مائة "
(1/98)
وأخرج
ابن السكن في المعرفة وابن عساكر في تاريخه عن حاطب بن أبي بلتعة سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول " يزوج المؤمن في الجنة اثنتين وسبعين زوجة من نساء
الآخرة واثنتين من نساء الدنيا "
وأخرج ابن ماجه وابن عدي في الكامل والبيهقي في البعث عن أبي أمامة الباهلي قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما من أحد يدخله الله الجنة إلا زوجه
اثنتين وسبعين زوجة
اثنتين من الحور العين وسبعين من ميراثه من أهل الجنة ما منهن واحدة إلا ولها قبل
شهي وله ذكر لا ينثني "
وأخرج أحمد عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن أدنى
أهل الجنة منزلة من له سبع درجات وهو على السادسة وفوقه السابعة وإن له لثلثمائة
خادم ويغدى عليه كل يوم ويراح بثلثمائة صحفة من ذهب في كل صحفة لون ليس في الأخرى
وأنه ليلذ أوله كما يلذ آخره وأنه ليقول : يا رب لو أذنت لي لأطعمت أهل الجنة
وسقيتهم لم ينقص مما عندي شيء وإن له من الحور العين لاثنتين وسبعين زوجة وإن
الواحدة منهن لتأخذ مقعدتها قدر ميل من الأرض
وأخرج البيهقي في البعث عن أبي عبد الله بن أبي أوفى قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " يزوج كل رجل من أهل الجنة بأربعة آلاف بكر وثمانية آلاف أيم
ومائة حوراء
فيجتمعن في كل سبعة أيام فيقلن بأصوات حسان لم يسمع الخلائق بمثلهن : نحن الخالدات
فلا نبيد ونحن الناعمات فلانبأس ونحن الراضيات فلا نسخط ونحن المقيمات فلا نظعن
طوبى لمن كان لنا وكنا له "
وأخرج أحمد والبخاري عن أنس
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " غدوة في سبيل الله أو روحة خير من
الدنيا وما فيها ولقاب قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها ولو أن امرأة من
نساء أهل الجنة اطلعت إلى الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأت ما بينهما ريحا ولنصيفها
على رأسها - يعني الخمار - خير من الدنيا وما فيها "
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن ابن عباس
لو أن امرأة من نساء أهل الجنة بصقت في سبعة أبحر كانت تلك الأبحر أحلى من العسل
وأخرج أحمد في الزهد عن عمر بن الخطاب
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " لو اطلعت امرأة من نساء أهل الجنة
إلى الأرض لملأت الأرض ريح مسك "
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد بن السري عن كعب قال : لو أن امرأة من أهل
(1/99)
الجنة
اطلعت كفها لأضاء ما بين السماء والأرض
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وهناد بن السري في الزهد والنسائي وعبد بن حميد في مسنده
وابن المنذر وابن أبي حاتم قال : جاء رجل من أهل الكتاب إلى رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال " يا أبا القاسم تزعم أن أهل الجنة يأكلون ويشربون ؟ فقال :
والذي نفسي بيده إن الرجل ليؤتى قوة مائة رجل منكم
في الأكل والشرب والجماع والشهوة قال : فإن الذي يأكل ويشرب يكون له الحاجة والجنة
طاهرة ليس فيها قذر ولا أذى فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : حاجتهم عرق يفيض
مثل ريح مسك فإذا كان ذلك ضمر له بطنه "
وأخرج أبو يعلى والطبراني وابن عدي في الكامل والبيهقي في البعث عن أبي أمامة
" إن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم هل تتناكح أهل الجنة ؟ فقال :
دحاما دحاما
لا مني ولا منية ,
وأخرج البزار والطبراني والخطيب والبغدادي في تاريخه عن أبي هريرة قال " قيل
يا رسول الله هل نصل إلى نسائنا في الجنة ؟ فقال : إن الرجل ليصل في اليوم إلى
مائة عذراء "
وأخرج أبو يعلى والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال " قيل يا رسول الله أنفضي
إلى نسائنا في الجنة كما نفضي إليهن في الدنيا ؟ قال : والذي نفس محمد بيده إن
الرجل ليفضي في الغداة الواحدة إلى مائة عذراء "
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أمامة قال " سئل رسول الله صلى الله
عليه و سلم تتناك أهل الجنة ؟ فقال : نعم
بفرج لا يمل وذكر لا ينثني وشهوة لا تنقطع دحما دحما "
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا والبزار عن أبي هريرة قال " سئل رسول الله
صلى الله عليه و سلم هل تمس أهل الجنة أزواجهم ؟ قال : نعم
بذكر لا يمل وفرج لا يحفى وشهوة لا تنقطع "
وأخرج الحرث بن أبي أسامة وابن أبي حاتم عن سليم بن عامر والهيثم الطائي " أن
النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن البضع في الجنة قال : نعم بقبل شهي وذكر لا يمل
وإن الرجل ليتكىء فيها المتكأ مقدار أربعين سنة لا يتحول عنه ولا يمله يأتيه فيه
ما اشتهت نفسه ولذت عينه "
(1/100)
وأخرج
البيهقي في البعث وابن عساكر في تاريخه عن خارجة العذري قال : سمعت رجلا بتبوك قال
" يا رسول الله أيباضع أهل الجنة ؟ قال : يعطى الرجل منهم من القوة في اليوم
الواحد أفضل من سبعين منكم "
وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال " إن البول والجنابة عرق يسيل من تحت
ذوائبهم إلى أقدامهم مسك "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والأصبهاني في الترغيب عن أبي الدرداء قال : ليس في
الجنة مني ولا منية إنما يدحمونهن دحما
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن طاوس قال : أهل الجنة ينكحون النساء ولا يلدن
ليس فيها مني ولا منية
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء الخراساني
مثله
وأخرج وكيع وعبد الرزاق وهناد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن إبراهيم النخعي قال :
في الجنة جماع ما شئت ولا ولد قال : فيلتفت فينظر النظرة فتنشأ له الشهوة ثم ينظر
النظرة فتنشأ له شهوة أخرى
وأخرج الضياء المقدسي في صفة الجنة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
" أنه سئل أنطأ في الجنة ؟ قال : نعم
والذي نفسي بيده دحما دحما
فإذا قام عنها رجعت مطهرة بكرا "
وأخرج البزار والطبراني في الصغير وأبو الشيخ في العظمة عن أبي سعيد الخدري قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عادوا
أبكارا "
وأخرج عبد بن حميد وأحمد بن حنبل في زوائد الزهد وابن المنذر عن عبد الله ابن عمرو
قال : إن المؤمن كلما أراد زوجته وجدها بكرا
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : طول الرجل من أهل الجنة تسعون ميلا
وطول المرأة ثلاثون ميلا
ومقعدتها جريب وإن شهوته لتجري في جسدها سبعين عاما تجد اللذة
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن أبي داود في البعث عن معاذ ابن جبل عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال " لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت
زوجته من الحور العين : قاتلك الله فإنما هو عندك دخيل يوشك أن يفارقك إلينا
"
أما قوله تعالى : وهم فيها خالدون
(1/101)
أخرج
ابن اسحق وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وهم فيها خالدون أي خالدون أبدا
يخبرهم أن الثواب بالخير والشر مقيم على أهله لا انقطاع له
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله وهم فيها خالدون يعني لا يموتون
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز
و جل وهم فيها خالدون ؟ قال : ماكثون لا يخرجون منها أبدا قال : وهل تعرف العرب
ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول عدي بن زيد : فهل من خالد إما هلكنا وهل بالموت يا للناس عار وأخرج
عبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن مردويه عن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
" يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار
ثم يقول مؤذن بينهم : يا أهل النار لا موت ويا أهل الجنة لا موت كل خالد فيما هو
فيه "
وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم " يقال لأهل
الجنة خلود ولا موت ولأهل النار خلود ولا موت "
وأخرج عبد بن حميد وابن ماجه والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " يؤتى بالموت في هيئة كبش أملح فيوقف على
الصراط فيقال : يا أهل الجنة
فيطلعون خائفين وجلين مخافة أن يخرجوا مما هم فيه فيقال : تعرفون هذا ؟ فيقولون :
نعم هذا الموت فيقال : يا أهل النار
فيطلعون مستبشرين فرحين أن يخرجوا مما هم فيه
فيقال : أتعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم
هذا الموت
فيؤمر به فيذبح على الصراط فيقال للفريقين : خلود فيما تجدون لا موت فيها أبدا
"
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن معاذ بن جبل " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم بعثه إلى اليمن فلما قدم عليهم قال : يا أيها الناس إني رسول رسول الله إليكم
إن المرد إلى الله إلى جنة أو نار خلود بلا موت وإقامة بلا ظعن وأجساد لا تموت
"
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " لو قيل لأهل النار ماكثون في النار عدد كل حصاة في الدنيا
لفرحوا بها ولو قيل لأهل الجنة إنكم ماكثون عدد كل حصاة لحزنوا ولكن جعل لهم الأبد
"
(1/102)
قوله
تعالى : إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا
فيعرفون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا يضل
به من كثيرا ويهدي به كثيرا وما يضل به إلا الفاسقين الذين ينقضون عهد الله من بعد
ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك هم الخاسرون
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا : لما ضرب الله هذين
المثلين للمنافقين قوله كمثل الذي استوقد نارا وقوله أو كصيب من السماء قال
المنافقون : الله أعلى وأجل من أن يضرب هذه الأمثال
فأنزل الله إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا إلى قوله أولئك هم الخاسرون
وأخرج عبد الغني الثقفي في تفسيره والواحدي عن الن عباس قال : إن الله ذكر آلهة
المشركين فقال وإن يسلبهم الذباب شيئا وذكر كيد الآلهة كبيت العنكبوت فقالوا :
أرأيت حيث ذكر الله الذباب والعنكبوت فيما أنزل من القرآن على محمد
أي شيء كان يصنع بهذا ؟ فأنزل الله إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا الآية
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال
: لما ذكر الله العنكبوت والذباب قال المشركون : ما بال العتكبوت والذباب يذكران ؟
فأنزل الله إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : لما أنزلت يا أيها الناس ضرب مثل قال المشركون
: ما هذا من الأمثال فيضرب أو ما يشبه هذا الأمثال
فأنزل الله إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها لم يرد البعوضة إنما
أراد المثل
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : البعوضة أضعف ما خلق الله
(1/103)
وأخرج
ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والديلمي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " يا أيها الناس لا تغتروا بالله فإن الله لو كان مغفلا شيئا
لأغفل البعوضة والذرة والخردلة "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله فأما الذين آمنوا فيعلمون
أنه الحق قال : يؤمن به المؤمنون ويعلمون أنه الحق من ربهم ويهديهم الله به ويعرفه
الفاسون فيكفرون به
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله يضل به كثيرا يعني المنافقين
ويهدي به كثيرا يعني المؤمنين وما يضل به إلا الفاسقين قال : هم المنافقون
وفي قوله الذين ينقضون عهد الله فأقروا به ثم كفروا فنقضوه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وما يضل به إلا الفاسقين يقول : يعرفه
الكافرون فيكفرون به
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله وما يضل به إلا الفاسقين يقول : فسقوا فأضلم
الله بفسقهم
وأخرج البخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعد بن أبي وقاص قال :
الحرورية هم الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه قال : إياكم ونقض هذا الميثاق
وكان يسميهم الفاسقين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله الذين ينقضون
عهد الله من بعد ميثاقه قال : إياكم ونقض هذا الميثاق فإن الله قد كره نقضه وأوعد
فيه وقدم فيه في آي من القرآن تقدمة ونصيحة وموعظة وحجة
ما نعلم الله أوعد في ذنب ما أوعد في نقض هذا الميثاق
فمن أعطى عهد الله وميثاقه من ثمرة قلبه فليوف به
وأخرج أحمد والبزار وابن حبان والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس
قال " خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال " ألا لا إيمان لمن لا
أمانة له ولا دين لمن لا عهد له "
(1/104)
وأخرج
الطبراني في الكبير من حديث عبادة بن الصامت وأبي أمامة
مثله
وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث ابن عمر
مثله
وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " حسن العهد من الإيمان "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل قال
: الرحم والقرابة
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ويفسدون في الأرض قال : يعملون فيها بالمعصية
وأخرج ابن المنذر عن مقاتل في قوله تعالى أولئك هم الخاسرون يقول هم أهل النار
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كل شيء نسبه الله إلى غير أهل
الإسلام من اسم
مثل خاسر ومسرف وظالم وفاسق فإنما يعني به الكفر وما نسبه إلى أهل الإسلام فإنما
يعني به الذنب
قوله تعالى : كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه
ترجعون
ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم
قال : لم تكونوا شيئا فخلفكم ثم يميتكم ثم يحييكم يوم القيامه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله وكنتم أمواتا في أصلاب آبائكم
لم تكونوا شيئا حتى خلقكم ثم يميتكم موتة الحق ثم يحييكم حياة الحق حين يبعثكم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : كانوا أمواتا في أصلاب
آبائهم فأحياهم الله فأخرجهم ثم أماتهم الموتة التي لابد منها ثم أحياهم للبعث يوم
القيامة
فهما حياتان وموتتان
وأخرج وكيع وابن جرير عن أبي صالح في الآية قال يميتكم ثم يحييكم في القبر ثم
يميتكم
(1/105)
وأخرج
ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : لم تكونوا شيئا حتى خلقكم ثم يميتكم موتة الحق
ثم يحييكم وقوله ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين مثلها
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في الآية يقول : لم يكونوا شيئا ثم أماتهم ثم
أحياهم ثم يوم القيامة يرجعون إليه بعد الحياة
قوله تعالى : هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع
سموات وهو بكل شيء عليم
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا قال :
سخر لكم ما في الأرض جميعا كرامة من الله ونعمة لإبن آدم
متاعا وبلغة ومنفعة إلى أجل
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن
مجاهد في قوله هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا قال : سخر لكم ما في الأرض جميعا
ثم استوى إلى السماء قال : خلق الله الأرض قبل السماء فلما خلق الأرض ثار منها
دخان فذلك قوله ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات يقول : خلق سبع سموات بعضهن
فوق بعض وسبع أرضين بعضهن تحت بعض
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق
السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمداني عن ابن مسعود وعن
ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله قوله تعالى : هو الذي خلق لكم
ما في الأرض جميعا ثم استوى إلى السماء فسواهن سبع سموات قال : إن الله كان عرشه
على الماء ولم يخلق شيئا قبل الماء فلما أراد أن يخلق أخرج من الماء دخانا فارتفع
فوق الماء فسما سماء ثم أيبس الماء فجعله أرضا فتقها واحدة ثم فتقها فجعلها سبع
أرضين في يومين
في الأحد والاثنين فخلق الأرض على حوت وهو الذي ذكره في قوله ن والقلم والحوت في
الماء والماء على ظهر صفاة والصفاة على ظهر ملك والملك على صخرة والصخرة في الريح
وهي الصخرة التي ذكرها لقمان
ليست في السماء ولا في الأرض فتحرك الحوت فاضطرب
(1/106)
فتزلزلت
الأرض فأرسى عليها الجبال فالجبال تفخر على الأرض
فذلك قوله وجعل لها رواسي أن تميد بكم وخلق الجبال فيها وأقوات أهلها وشجرها وما
ينبغي لها في يومين : في الثلاثاء والأربعاء وذلك قوله إنكم لتكفرون بالذي خلق
الأرض إلى قوله وبارك فيها يقول : أنبت شجرها وقدر فيها أقواتها يقول لأهلها في
أربعة أيام سواء للسائلين يقول : من سأل فهكذا الأمر ثم استوى إلى السماء وهي دخان
وكان ذلك الدخان من تنفس الماء حين تتنفس ثم جعلها سماء واحدة ثم فتقها فجعلها سبع
سموات في يومين : في الخميس والجمعة وإنما سمي يوم الجمعة لأنه جمع فيه خلق
السموات والأرض وأوحى في كل سماء أمرها قال : خلق في كل سماء خلقها
من الملائكة والخلق الذي فيها من البحار وجبال البرد ومما لا يعلم
ثم زين السماء بالكواكب فجعلها زينة وحفظا من الشياطين فلما فرغ من خلق ما أحب
استوى على العرش
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله ثم استوى إلى السماء يعني
خلق سبع سموات قال : أجرى النار على الماء فبخر البحر فصعد في الهواء فجعل السموات
منها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن أبي العالية في قوله ثم استوى إلى
السماء قال : ارتفع
وفي قوله فسواهن قال : سوى خلقهن
وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في كتاب الرد على الجهمية عن عبد الله بن عمرو قال :
لما أراد الله أن يخلق الأشياء إذا كان عرشه على الماء وإذ لا أرض ولا سماء
خلق الريح فسلطها على الماء حتى اضطربت أمواجه وأثار ركامه فأخرج من الماء دخانا
وطينا وزبدا فأمر الدخان فعلا وسمل ونما فخلق منه السموات وخلق من الطين الأرضين
وخلق من الزبد الجبال
وأخرج أحمد والبخاري في التاريخ ومسلم والنسائي وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة
وابن مردويه والبيهقي في كتاب الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال " أخذ النبي
صلى الله عليه و سلم بيدي فقال : خلق الله التربة يوم السبت وخلق الجبال يوم الأحد
وخلق الشجر يوم الاثنين وخلق المكروه يوم الثلاثاء وخلق النور يوم الأربعاء وبث
فيها الدواب يوم الخميس وخلق آدم يوم الجمعة بعد العصر "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجه وعثمان بن
(1/107)
سعيد
الدارمي في الرد على الجهمية وابن أبي الدنيا في كتاب المطر وابن أبي عاصم في
السنة وأبو يعلى وابن خزيمة في التوحيد وابن أبي حاتم وأبو أحمد والحاكم في الكنى
والطبراني في الكبير وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه واللالكائي في السنة
والبيهقي في الأسماء والصفات عن العباس بن عبد المطلب قال " كنا عند النبي
صلى الله عليه و سلم فقال : هل تدرون كم بين السماء والأرض ؟ قلنا : الله ورسوله
أعلم ! قال : بينهما مسيرة خمسمائة عام ومن مسيرة سماء إلى سماء مسيرة خمسمائة عام
وكثف كل سماء خمسمائة سنة وفوق السماء السابعة بحر
بين أعلاه وأسفله كما بين السماء وأرض ثم فوق ذلك ثمانية أوعال بين وركهن وأظلافهن
كما بين السماء والأرض ثم فوق ذلك العرش بين أسفله وأعلاه ما بين السماء والأرض
والله سبحانه وتعالى علمه فوق ذلك وليس يخفى عليه من أعمال بني آدم شيء "
وأخرج اسحق بن راهويه فس مسنده والبزار وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي
عن أبي ذر قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما بين السماء والأرض
مسيرة خمسمائة عام كذلك إلى السماء السابعة
والأرضون مثل ذلك وما بين السماء السابعة إلى العرش مثل جميع ذلك ولو حفرتم
لصاحبكم ثم دليتموه لوجد الله ثمة يعني علمه "
وأخرج الترمذي وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة قال " كنا جلوسا مع رسول
الله صلى الله عليه و سلم فمرت سحابة فقال : أتدرون ما هذه ؟ قالوا : الله ورسوله
أعلم فقال : هذه الغبابة هذه روايا الأرض يسوقها الله إلى بلد لا يعبدونه ولا
يشكرونه
هل تدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ! قال : فإن فوق ذلك سماء
هل تدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ! قال : فإن فوق ذلك موجا مكفوفا
وسقفا محفوظا
هل تدروت ما فوق ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ! قال : فإن فوق ذلك سماء
هل تدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ! قال : فإن فوق ذلك سماء أخرى
هل تدرون كم ما بينهما ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ! قال : فإن بينهما مسيرة
خمسمائة عام حتى عد سبع سموات بين كل سمائين مسيرة خمسمائة عام ثم قال : هل تدرون
ما فوق ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ! قال : فإن فوق ذلك العرش
فهل تدرون كم بينهما ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ! قال : فإن بين ذلك كما بين
السمائين ثم قال : هل تدرون ما هذه ؟ هذه أرض
هل تدرون ماتحتها ؟
(1/108)
قالوا
: الله ورسوله أعلم ! قال : أرض أخرى وبينهما مسيرة خمسمائة عام حتى عد سبع أرضين
بين كل أرضين مسيرة خمسمائة عام "
وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهمية وابن المنذر والطبراني وأبو
الشيخ وابن مردويه واللالكائي والبيهقي عن ابن مسعود قال : بين السماء والأرض خمسمائة
عام وما بين كل سماءين خمسمائة عام ومصير كل سماء - يعني غلظ ذلك - مسيرة خمسمائة
عام وما بين السماء إلى الكرسي مسيرة خمسمائة عام وما بين الكرسي والماء مسيرة
خمسمائة عام
والعرش على الماء والله فوق العرش وهو يعلم ما أنتم عليه
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه نظر إلى السماء فقال : تبارك الله
ما أشد بياضها والثانية أشد بياضها منها ثم كذلك حتى بلغ سبع سموات
وخلق فوق السابعة الماء وجعل فوق الماء العرش وجعل فوق السماء الدنيا الشمس والقمر
والنجوم والرجوم
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال " قال رجل : يا
رسول الله ما هذه السماء ؟ قال : هذه موج مكفوف عنكم "
وأخرج اسحق بن راهويه في مسنده وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط
وأبو الشيخ عن الربيع بن أنس قال : السماء الدنيا موج مكفوف والثانية مرمرة بيضاء
والثالثة حديد والرابعة نحاس والخامسة فضة والسادسة ذهب والسابعة ياقوتة حمراء وما
فوق ذلك صحارى من نور ولا يعلم ما فوق ذلك إلا الله وملك موكل بالحجب يقال له
ميطاطروش
وأخرج أبو الشيخ عن سلمان الفارسي قال : السماء الدنيا من زمردة خضراء واسمها
رقيعاء والثانية من فضة بيضاء واسمها أزقلون والثالثة من ياقوتة حمراء واسمها
قيدوم والرابعة من درة بيضاء واسمها ماعونا والخامسة من ذهبة حمراء واسمها ريقا
والسادسة من ياقوتة صفراء واسمها دقناء والسابعة من نور واسمها عريبا
وأخرج أبو الشيخ عن علي بن أبي طالب قال : اسم السماء الدنيا رقيع واسم السابعة
الصراخ
وأخرج عثمان ابن سعيد الدارمي في كتاب الرد على الجهمية وابن المنذر عن ابن عباس
قال : سيد السموات السماء التي فيها العرش وسيد الأرضين الأرض التي أنتم عليها
(1/109)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الشعبي قال : كتب ابن عباس إلى أبي الجلد يسأله عن السماء من أي
شيء هي ؟ فكتب إليه : إن السماء من موج مكفوف
وأخرج ابن أبي حاتم عن حبة العوفي قال : سمعت عليا ذات يوم يحلف والذي خلق السماء
من دخان وماء
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن كعب قال : السماء أشد بياضا من اللبن
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن سفيان الثوري قال : تحت الأرضين صخرة بلغنا أن
تلك الصخرة منها خضرة السماء
وأخرج أبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال : تفكروا
في كل شيء ولا تفكروا في ذات الله فإن بين السماء السابعة إلى كرسيه سبعة آلاف نور
وهو فوق ذلك
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله فسواهن سبع سموات قال : بعضهن فوق
بعض بين كل سمائين مسيرة خمسمائة عام
أما قوله تعالى : وهو بكل شيء عليم أخرج ابن الضريس عن ابن مسعود قال : أن أعدل
آية في القرآن آخرها اسم من أسماء الله تعالى
قوله تعالى : وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من
يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون
ابن أبي حاتم عن أبي مالك قال : ما كان في القرآن إذ فقد كان
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله إني جاعل قال : فاعل
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : كل شيء في القران جعل فهو خلق
وأخرج وكيع وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن عساكر عن ابن عباس قال : إن
الله أخرج آدم من الجنه قبل أن يخلقه ثم قرأ إني جاعل في الأرض خليفة
(1/110)
وأخرج
الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : لقد أخرج الله آدم من الجنة قبل أن يدخلها قال
الله وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها
ويسفك الدماء وقد كان فيها قبل أن يخلق بألفي عام الجن بنو الجان ففسدوا في الأرض
وسفكوا الدماء
فلما أفسدوا في الأرض بعث عليهم جنودا من الملائكة فضربوهم حتى ألحقوهم بجزائر
البحور فلما قال الله وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل
فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء كما فعل أولئك الجان فقال الله إني أعلم ما لا
تعلمون
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر
مثله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم
الجن خلقوا من نار السموم من بين الملائكة وكان اسمه الحارث فكان خازنا من خزان
الجنة وخلقت الملائكة كلهم من نور غير هذا الحي وخلقت الجن من مارج من نار
وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت فأول من سكن الأرض الجن فأفسدوا
فيها وسفكوا الدماء وقتلوا بعضهم بعضا فبعث الله إليهم إبليس في جند من الملائكة
فقتلهم حتى ألحقهم بجزائر البحور وأطراف الجبال فلما فعل إبليس ذلك اغتر بنفسه
وقال : قد صنعت شيئا لم يصنعه أحد فاطلع الله على ذلك من قلبه ولم يطلع عليه
الملائكة
فقال الله للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة فقالت الملائكه أتجعل فيها من يفسد
فيها ويسفك الدماء كما أفسدت الجن قال إني أعلم ما لا تعلمون يقول : إني قد اطلعت
من قلب إبليس على ما لم تطلعوا عليه من كبره واغتراره
ثم أمر بتربة آدم فرفعت فخلق الله آدم عليه السلام من طين لازب واللازب اللزج
الطيب من حمأ مسنون منتن وإنما كان حمأمسنون بعد التراب فخلق منه آدم بيده فمكث
أربعين ليلة جسدا ملقى فكان إبليس يأتيه يضربه برجله فيصلصل فيصوت ثم يدخل من فيه
ويخرج من دبره ويدخل من دبره ويخرج من فيه ثم يقول : لست شيئا
ولشيء ما خلقت ! ولئن سلطت عليك لأهلنك ولئن سلطت على لأعصينك
فلما نفخ الله فيه من روحه أتت النفخة من قبل رأسه فجعل لا يجري شيء منها في جسده
إلا صار لحما ودما فلما انتهت النفخة
(1/111)
إلى
سرته نظر إلى جسده فأعجبه ما رأى من جسده فذهب لينهض فلم يقدر
فهو قول الله خلق الإنسان من عجل
فلما تمت النفخة في جسده عطس فقال الحمد لله رب العالمين بإلهام من الله فقال الله
له " يرحمك الله يا آدم " ثم قال للملائكة الذين كانوا مع إبليس خاصة
دون الملائكة الذين في السموات : اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر لما
حدث في نفسه من الكبر فقال : لا أسجد له وأنا خير منه وأكبر سنا وأقوى خلقا فأبلسه
الله وآيسه من الخير كله وجعله شيطانا رجيما
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن أبي العالية قال : إن الله
خلق الملائكة يوم الأربعاء وخلق الجن يوم الخميس وخلق آدم يون الجمعة فكفر قوم من
الجن
فكانت الملائكة تهبط إليهم في الأرض فتقاتلهم فكانت الدماء وكان الفساد في الأرض
فمن ثم قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : لما خلق الله النار ذعرت منها الملائكة ذعرا
شديدا وقالوا : ربنا لم خلقت هذه ؟ قال : لمن عصاني من خلقي - ولم يكن لله خلق
يمئذ إلا الملائكة - قالوا : يا رب ويأتي دهر نعصيك فيه ؟ قال : لا
إني أريد أن أخلق في الأرض خلقا وأجعل فيها خليفة يسفكون الدماء ويفسدون في الأرض
قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها فاجعلنا نحن فيها ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني
أعلم ما لا تعلمون
وأخرج ابن جرير وابن عساكر عن ابن مسعود وناس من الصحابة
لما فرغ الله من خلق ما أحب استوى على العرش فجعل إبليس على ملك سماء الدنيا
وكان من قبيلة من الملائكة يقال لهم الجن وإنما سموا الجن لأنهم خزائن الجنه وكان
إبليس مع ملكه خازنا فوقع في صدره كبر وقال : ما أعطاني الله هذا إلا لمزيد أو
لمزية لي فاطلع الله على ذلك منه فقال للملائكو إني جاعل في الأرض خليفة قالوا
ربنا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء
قال إني أعلم ما لا تعلمون
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وإذ قال ربك للملائكة
الآية
قال : إن الله قال للملائكة : إني خالق بشرا وإنهم
(1/112)
متحاسدون
فيقتل بعضهم بعضا ويفسدون في الأرض
فلذلك قالوا أتجعل من يفسد فيها قال : وكان إبليس أميرا على ملائكة سماء الدنيا
فاستكبر وهم بالمعصية وطغى فعلم الله ذلك منه
فذلك قوله إني أعلم ما لا تعلمون وإن في نفس إبليس بغيا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك
الدماء قال : قد علمت الملائكة وعلم الله أنه لاشيء أكره عند الله من سفك الدماء
والفساد في الأرض
وأخرج ابن المنذر وابن بطة في أماليه عن ابن عباس قال : إياكم والرأي فإن الله
تعالى رد الرأي على الملائكة وذلك إن الله قال إني جاعل في الأرض خليفة قالت
الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها
قال إني أعلم ما لا تعلمون
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التوبة عن أنس قال " قال رسول الله صلىالله
عليه وسلم : إن أول من لبى الملائكة قال الله إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل
فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء قال : " فزادوه فأعرض عنهم فطافوا بالعرش ست
سنين يقولون : لبيك لبيك اعتذارا إليك لبيك لبيك نستغفرك ونتوب إليك "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن عساكر عن ابن سابط " أن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : دحيت الأرض من مكة وكانت الملائكة تطوف بالبيت فهي أول من طاف به
وهي الأرض التي قال الله إني جاعل في الأرض خليفة وكان النبي إذا هلك قومه نجا هو
والصالحون أتاها هو ومن معه فيعبدون الله بها حتى يموتوا فيها وإن قبر نوح وهود
وشعيب وصالح بين زمزم وبين الركن والمقام "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ونحن نسبح بحمدك ونقدس
لك قال التسبيح التسبيح و التقديس الصلاة
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي ذر " أن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : أحب الكلام إلى الله ما اصطفاه الله لملائكته
سبحان ربي وبحمده - وفي لفظ - سبحان الله وبحمده "
وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في الحلية عن سعيد بن جبير " أن عمر بن الخطاب سأل
النبي صلى الله عليه و سلم عن صلاة الملائكة فلم يرد عليه شيئا
فأتاه جبريل فقال : إن
(1/113)
أهل
السماء الدنيا سجود إلى يوم القيامة يقولون : سبحان ذي الملك والملكوت وأهل السماء
الثانية ركوع إلى يوم القيامة يقولون : سبحان ذي العزة والجبروت وأهل السماء
الثالثة قيام إلى يوم القيامة يقولون : سبحان الحي الذي لا يموت "
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله ونقدس لك قال : نصلي لك
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال التقديس التطهير
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ونقدس لك قال : نعظمك ونكبرك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي صالح في قوله ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال :
نعظمك ونمجدك
وأخرج وكيع وسفيان بن عيينة وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير في
قوله إني أعلم ما لا تعلمون قال
علم من ابليس وخلقه لها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة إني أعلم ما لا تعلمون قال : كان في علم
الله أنه سيكون من تلك الخليقة أنبياء ورسل وقوم صالحون وساكنو الجنة
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد في الزهد وابن أبي الدنيا في الأمل عن الحسن
قال : لما خلق الله آدم وذريته قالت الملائكة : ربنا إن الأرض لم تسعهم قال : إني
جاعل موتا قالوا : إذا لا يهنأ لهم العيش قال : إني جاعل أملا
وأخرج أحمد وعبد بن حميد في مسنده وابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات وابن حبان في
صحيحه والبيهقي في الشعب عن عبد الله بن عمر " أنه سمع رسول الله صلى اله
عليه وسلم يقول : إن آدم لما أهبطه إلى الأرض قالت الملائكة : أي رب أتجعل فيها من
يفسد فيها ويفسك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون قالوا
: ربنا نحن أطوع لك من بني آدم قال الله للملائكة : هلموا ملكين من الملائكة حتى
نهبطهما إلى الأرض فننظر كيف يعملان ؟ فقالوا : ربنا هاروت وماروت
قال فاهبطا إلى الأرض فتمثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر فجاءتهما فسألاها
نفسها
(1/114)
فقالت
: لا والله حتى تتكلما بهذه الكلمة من الإشراك قالا : والله لا نشرك بالله أبدا
فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي تحمله فسألاها نفسها فقالت : لا والله حتى تقتلا هذا
الصبي قالا : لا والله لا نقتله أبدا
فذهبت ثم رجعت بقدح من خمر فسألاها نفسها فقالت : لا والله حتى تشربا هذا الخمر
فشربا فسكرا فوقعا عليها وقتلا الصبي
فلما أفاقا قالت المرأة : والله ما تركتما شيئا أبيتماه علي قد فعلتماه حين سكرتما
فخيرا عند ذلك بين عذاب الدنيا والآخرة فاختارا عذاب الدنيا "
وأخرج ابن سعد في طبقاته وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وصححه والحكيم في
نوادر الأصول وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه وابن
مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي موسى الأشعري قال " قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : إن الله خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم
على قدر الأرض
جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك والسهل والحزن والخبيث والطيب "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : خلقت الكعبة
قبل الأرض بألفي سنة قالوا كيف خلقت قبل وهي من الأرض ؟ قال : كانت حشفة على الماء
عليها ملكان يسبحان الليل والنهار ألفي سنة فلما أراد الله أن يخلق الأرض دحاها
منها فجعلها في وسط الأرض فلما أراد الله أن يخلق آدم بعث ملكا من حملة العرش يأتي
بتراب من الأرض فلما هوى ليأخذ قالت الأرض : أسألك بالذي أرسلك أن لا تأخذ مني اليوم
شيئا يكون منه للنار نصيب غدا فتركها فلما رجع إلى ربه قال : ما منعك أن تأتي بما
أمرتك ؟ قال : سألتني بك فعظمت أن أرد شيئا سألني بك فأرسل ملكا آخر فقال : مثل
ذلك حتى أرسلهم كلهم فأرسل ملك الموت فقالت له : مثل ذلك قال : إن الذي أرسلني أحق
بالطاعة منك
فأخذ من وجه الأرض كلها
من طيبها وخبيثها حتى كانت قبضة عند موضع الكعبة فجاء به إلى ربه فصب عليه من ماء
الجنة فجاءحمأ مسنونا فخلق منه آدم بيده ثم مسح على ظهره فقال : تبارك الله أحسن
الخالقين فتركه أربعين ليلة لا ينفخ فيه الروح ثم نفخ فيه الروح فجرى فيه الروح من
رأسه إلى صدره فأراد أن يثب
فتلا أبو هريرة خلق الإنسان من عجل
فلما جرى فيه الروح قعد جالسا فعطس فقال الله : قل الحمد لله
فقال :
(1/115)
الحمد
لله فقال : رحمك ربك ثم قال : انطلق إلى هؤلاء الملائكة فسلم عليهم فقال : السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته فقالوا : وعليك السلام ورحمة الله وبركاته فقال : هذه
تحيتك وتحية ذريتك
يا آدم
أي مكان أحب إليك أن أريك ذريتك فيه ؟ فقال : بيمين ربي وكلتا يدي ربي يمين
فبسط يمينه فأراه فيها ذريته كلهم وما هو خالق إلى يوم القيامة
الصحيح على هيئته والمبتلى على هيئته والأنبياء على هيئتهم
فقال : أي رب ألا عافيهتم كلهم ؟ فقال : إني أحببت أن أشكر فرأى فيها رجلا ساطعا
نوره فقال : أي رب من هذا ؟ فقال : هذا ابنك داود فقال : كم عمره ؟ قال : ستون سنة
قال : كم عمري ؟ قال : ألف سنة قال : انقص من عمري أربعين سنة فزدها في عمره ثم
رأى آخر ساطعا نوره ليس مع أحد من الأنبياء مثل ما معه فقال : أي رب من هذا ؟ قال
: هذا ابنك محمد وهو أول من يدخل الجنة فقال آدم : الحمد لله الذي جعل من ذريتي من
يسبقني إلى الجنة ولا أحسده
فلما مضى لآدم ألف سنة إلا أربعين جاءته الملائكة تتوفاه عيانا قال : ما تريدون ؟ قالوا
: أردنا أن نتوفاك قال : بقي من أجلي أربعون ! قالوا : أليس قد أعطيتها ابنك داود
؟ قال : ما أعطيت أحدا شيئا
قال أبو هريرة : جحد آدم وجحدت ذريته ونسي ونسيت ذريته
وأخرج ابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات وابن عساكر عن ابن مسعود ونا س من
الصحابة قالوا : بعث الله جبريل إلى الأرض ليأتيه بطين منها فقالت الأرض : أعوذ
منك أن تنقص مني فرجع ولم يأخذ شيئا وقال : يا رب إنها أعاذت بك فأعذتها
فبعث الله ميكائيل كذلك
فبعث ملك الموت فعاذت منه فقال : وأنا أعوذ بالله أن أرجع ولم أنفذ أمره فأخذ من
وجه الأرض وخلط ولم يأخذ من مكان واحد وأخذ من تربة حمراء وبيضاء وسوداء - فذلك
خرج بنو آدم مختلفين - فصعد به فبل التراب حتى صار طينا لا زبا واللازب : هو الذي
يلزق بعضه ببعض ثم قال للملائكة : إني خالق بشرا من طين فخلقه الله بيده لئلا
يتكبر عليه إبليس فخلقه بشرا سويا فكان جسدا من طين أربعين سنة من مقدار يوم
الجمعة فمرت به الملائكة ففزعوا منه لما رأوه وكان أشدهم منه فزعا إبليس فكان يمر
به فيضربه فيصوت الجسد كما يصوت الفخار يكون له
(1/116)
صلصلة
فيقول : لأمر ما خلقت ! ويدخل من فيه ويخرج من دبره ويقول للملائكة : لا ترهبوا
منه فإن ربكم صمد وهذا أجوف لئن سلطت عليه لأهلكنه
فلما بلغ الحين الذي يريد الله أن ينفخ فيه الروح قال للملائكة : إذا نفخت فيه من
روحي فاسجدوا له فلما نفخ فيه الروح فدخل في رأسه عطس فقالت الملائكة : الحمد لله
فقال : الحمد لله فقال الله له : يرحمك ربك
فلما دخلت الروح في عنقه نظر إلى ثمار الجنة فلما دخلت إلى جوفه اشتهى الطعام فوثب
قبل أن تبلغ إلى رجليه عجلا إلى ثمار الجنة
وذلك قوله تعالى خلق الإنسان من عجل
وأخرج ابن سعد في طبقاته وابن جرير وابن أبي حاتم وابن عساكر في تاريخه عن ابن
عباس قال : بعث رب العزة إبليس فأخذ من أديم الأرض : من عذبها ومالحها فخلق منها
آدم
فكل شيء خلقه من عذبها فهو صائر إلى السعادة وإن كان ابن كافرين وكل شيء خلقه من
مالحها فهو صائر إلى الشقاء وإن كان أبن نبيين
قال : ومن ثم قال إبليس : أأسجد لمن خلقت طينا ؟ إن هذه الطينة أنا جئت بها
ومن ثم سمي آدم لأنه أخذ من أديم الأرض
وأخرج ابن جرير عن علي قال : إن آدم خلق من أديم الأرض
فيه الطيب والصالح والرديء فكل ذلك أنت راء في ولده
وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن أبي ذر " سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول :
إن آدم خلق من ثلاث تربات : سوداء وبيضاء وحمراء "
وأخرج ابن سعد في الطبقات وعبد بن حميد وأبو بكر الشافعي في الغيلانيات وابن عساكر
عن سعيد بن جبير قال : خلق الله آدم من أرض يقال لها دحناء
وأخرج الديلمي عن أبي هريرة مرفوعا " الهوى والبلاء والشهوة معجونة بطينة آدم
عليه السلام "
وأخرج الطيالسي وابن سعد وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وأبو يعلى وابن حبان وأبو الشيخ
في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس " أن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : لما صور الله تعالى آدم في الجنة تركه ما شاء أن يتركه فجعل إبليس يطيف
به ينظر ما هو فلما رآه أجوف علم أنه خلق لا يتمالك
ولفظ أبي الشيخ قال : خلق لا يتمالك ظفرت به "
(1/117)
وأخرج
ابن حبان عن أنس " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لما نفخ الله في آدم
الروح فبلغ الروح رأسه عطس فقال الحمد لله رب العالمين فقال له تبارك وتعالى :
يرحمك الله "
وأخرج ابن حبان عن أبي هريرة قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لما
خلق الله آدم عطس فألهمه الله ربه أن قال : الحمد لله قال له ربه : يرحمك الله
فلذلك سبقت رحمته غضبه "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : لما فرغ الله من خلق آدم وجرى فيه الروح عطس
فقال : الحمد لله فقال له ربه : يرحمك الله
وأخرج ابن سعد وأبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة
قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله خلق آدم من تراب ثم جعله
طينا ثم تركه حتى إذا كا حمأ مسنونا خلقه وصوره ثم تركه حتى إذا كان صلصالا
كالفخار وجعل إبليس يمر به فيقول : لقد خلقت لأمر عظيم ثم نفخ الله فيه من روحه
فكأن أول شيء جرى فيه الروح بصره وخياشيمه فعطس فلقنه الله حمد ربه فقال الرب :
يرحمك ربك
ثم قال : يا آدم اذهب إلى أولئك النفر فقل لهم وانظر ماذا يقولون ؟ فجاء فسلم
عليهم فقالوا : وعليك السلام ورحمة الله فجاء إلى ربه فقال : ماذا قالوا لك وهو
أعلم بما قالوا له ؟ قال : يا رب سلمت عليهم فقالوا وعليك السلام ورحمة الله قال :
يا آدم هذه تحيتك وتحية ذريتك قال : يا رب وما ذريتي ؟ ! قال : اختر يدي قال :
أختار يمين ربي وكلتا يدي ربي يمين
فبسط الله كفه فإذا كل ماهو كائن من ذريته في كف الرحمن عز و جل "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
خلق الله آدم وطوله ستون ذراعا قال : اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة فاسمع
ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك
فذهب فقال : السلام عليكم فقالوا : السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله
فكل من يدخل الجنة على صورة آدم طوله ستون ذراعا فلم تزل الخلق تنقص حتى الآن
"
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن أبي الدنيا في صفة الجنة والطبراني في الكبير عن
أبي هريرة قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يدخل أهل الجنة الجنة
جردا مردا بيضا جعادا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين وهم عبى خلق آدم طوله ستون ذراعا
في عرض سبعة أذرع "
(1/118)
وأخرج
مسلم وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة قال "
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة
فيه خلق الله آدم وفيه أدخل الجنة وفيه أهبط منها وفيه مات وفيه تيب عليه وفيه
تقوم الساعة "
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي نضرة قال : لما خلق الله آدم ألقى جسده في
السماء لا روح فيه فلما رأته الملائكة راعهم ما رأوه من خلقه فأتاه إبليس فلما رأى
خلقه منتصبا راعه فدنا منه فنكته برجله فصل آدم فقال : هذا أجوف لا شيء عنده
وأخرج أبو الشيخ عن ابن جريج قال : خلق الله آدم في سماء الدنيا وإنما أسجد له
ملائكة سماء الدنيا ولم يسجد له ملائكة السموات
وأخرج أبو الشيخ بسند صحيح عن ابن زيد يرفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم قال
" إن الله لما أراد أن يخلق آدم بعث ملكا والأرض يومئذ وافرة فقال : اقبض لي
منها قبضة آتني بها أخلق منها خلقا قالت : فإني أعوذ بأسماء الله أن تقبض اليوم
مني قبضة يخلق خلقا يكون لجهنم منه نصيب فعرج الملك ولم يقبض شيئا فقال له : مالك
؟ قال : عاذت بأسمائك أن أقبض منها خلقا يكون لحهنم منه نصيب فلم أجد عليها نجازا
فبعث ملكا خر فلما أتاها قالت له مثل ما قالت للأول ثم بعث الثالث فقالت له مثل
قالت لهما فعرج ولم يقبض منها شيئا فقال له الرب تعالى مثل ما قال للذين قبله
ثم دعا إبليس - واسمه يومئذ في الملائكة حباب - فقال له : اذهب فاقبض لي من الأرض
قبضة فذهب حتى أتاها فقالت له مثل ما قالت للذين من قبله من الملائكة فقبض منها
قبضة ولم يسمع لحرجها فلما أتاه قال الله تعالى : ما أعاذت بأسمائي منك ؟ قال :
بلى
قال : فما كان من أسمائي ما يعيذها منك ؟ قال : بلى
ولكن أمرتني فأطعتك فقال الله : لأخلقن منها خلقا يسوء وجهك فألقى الله تلك القبضة
في نهر من أنهر الجنة حتى صارت طينا فكان أول طين ثم تركها حتى صارت حمأ مسنونا
منتن الريح ثم خلق منها آدم ثم تركه في الجنة أربعين سنة حتى صار صلصللا كالفخار
يبس حتى كان كالفخار
ثم نفخ فيه الروح بعد ذلك وأوحى الله إلى ملائكته : إذا نفخت فيه من الروح فقعوا
له ساجدين وكان
(1/119)
آدم
مستلقيا في الجنة فجلس حين وجد مس الروح فعطس فقال الله له : أحمد ربك فقال :
يرحمك ربك
فمن هنالك يقال : سبقت رحمته غضبه
وسجدت الملائكة إلا هو قام فقال ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك أستكبرت أم كنت من
العالين فأخبر الله أنه لا يستطيع أن يعلن على الله ما له يكيد على صاحبه فقال أنا
خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين قال : فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها
إلى قوله ولاتجد أكثرهم شاكرين وقال الله إن إبليس قد صدق عليهم ظنه وإنما كان ظنه
أن لا يجد أكثرهم شاكرين "
قوله تعالى : وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء
هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم
الحكيم قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم
غيب السموات والأرض وأعلم ماتبدون وما كنتم تكتمون
الفريابي وابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء
والصفات عن ابن عباس قال : إنما سمي آدم لأنه خلق من أديم الأرض الحمرة والبياض
والسواد وكذلك ألوان الناس مختلفة فيها الأحمر والأبيض والأسود والطيب والخبيث
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : خلق الله آدم من أديم الأرض
من طينة حمراء وبيضاء وسوداء
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير قال : أتدرون لم سمي آدم ؟
لأنه خلق من آديم الأرض
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وعلم آدم الأسماء
كلها قال : علمه اسم الصحفة والقدر وكل شيء حتى الفسوة والفسية
وأخرج وكيع وابن جرير عن ابن عباس في قوله وعلم آدم الأسماء كلها قال : علمه اسم
كل شيء
حتى علمه القصعة والقصيعة والفسوة والفسية
(1/120)
وأخرج
وكيع وابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله وعلم آدم الأسماء كلها قال : علمه اسم كل
شيء
حتى البعير والبقرة والشاة
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وعلم آدم الأسماء كلها قال :
ما خلق الله
وأخرج الديلمي عن أبي رافع قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : مثلت
لي أمتي في الماء والطين وعلمت الأسماء كما علم آدم الأسماء كلها "
وأخرج وكيع في تاريخه وابن عساكر والديلمي عن عطية بن يسر مرفوعا
في قوله وعلم آدم الأسماء كلها قال " علم الله في تلك الأسماء ألف حرفة من
الحرف وقال له : قل لولدك وذريتك يا آدم إن لم تصبروا عن الدنيا فاطلبوا الدنيا
بهذه الحرف ولا تطلبوها بالدين فإن الدين لي وحدي خالصا
ويل لمن طلب الدنيا بالدين ويل له "
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله وعلم آدم الأسماء كلها قال : أسماء ذريته
أجمعين ثم عرضهم قال : أخذهم من ظهره
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس في قوله وعلم آدم الأسماء كلها قال : أسماء
الملائكة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة وعلم آدم الأسماء كلها قال : علم آدم من الأسماء أسماء
خلقه ثم قال ما لم تعلم الملائكة فسمى كل شيء باسمه وألجأ كل شيء إلى جنسه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله وعلم آدم الأسماء كلها قال : علم الله آدم
الأسماء كلها وهي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس
إنسان دابة وأرض وبحر وسهل وحمار وأشباه ذلك من الأمم وغيرها ثم عرضهم على
الملائكة يعني عرض أسماء جميع الأشياء التي علمها آدم من أصناف الخلق فقال أنبئوني
يقول : أخبروني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين إن كنتم تعلمون أني لم أجعل في الأرض
خليفة قالوا سبحانك تنزيها لله من أن يكون يعلم الغيب أحد غيره تبنا إليك لا علم
لنا تبريا منهم من علم الغيب إلا ما علمتنا كما علمت آدم
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله ثم عرضهم قال : عرض أصحاب
(1/121)
الأسماء
على الملائكة
وأخرج ابن جرير عن مجاهد عن ابن عباس قال : إن الله لما أخذ في خلق آدم قالت
الملائكة : ما الله خالق خلقا أكرم عليه منا ولا أعلم منا
فابتلوا بخلق آدم
وأخرج ابن جرير عن قتادة والحسن قالا : لما أخذ الله في خلق آدم همست الملائكة
فيما بينها فقالوا : لن يخلق الله خلقا إلا كنا أعلم منه وأكرم عليه منه
فلما خلقه أمرهم أن يسجدوا له لما قالوا
ففضله عليهم فعلموا أنهم ليسوا بخير منه فقالوا : إن لم نكن خيرا منه فنحن أعلم
منه لانا كنا قبله فعلم آدم الأسماء كلها فعلم اسم كل شيء
جعل يسمي كل شيء باسمه وعرضوا عليه أمة ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء
هؤلاء إن كنتم صادقين ففزعوا إلى التوبة فقالوا سبحانك لا علم لنا
الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله إنك أنت العليم الحكيم قال : العليم الذي قد
كمل في علمه الحكيم الذي قد كمل في حكمه
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله إن كنتم صادقين قال : إن بني
آدم يفسدون في الأرض ويسفكون الدماء
وفي قوله وأعلم ما تبدون قال : قولهم أتجعل فيها من يفسد فيها
وماكنتم تكتمون يعني ما أسر إبليس في نفسه من الكبر
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون قال : ما أسر
إبليس من الكفر في السجود
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله وأعلم ما تبدون قال : ما تظهرون وما كنتم
تكتمون يقول : أعلم السر كما أعلم العلانية
وأخرج ابن جرير عن قتادة والحسن في قوله ما تبدون يعني قولهم أتجعل فيها من يفسد
فيها وما كنتم تكتمون يعني قول بعضهم لبعض : نحن خير منه وأعلم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مهدي بن ميمون قال : سمعت الحسن وسأله الحسن بن
دينار فقال : يا أبا سعيد أرأيت قول الله للملائكة وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون
ما الذي كتمت الملائكة ؟ قال : إن الله لما خلق آدم رأت الملائكة خلقا عجبا فكأنهم
دخلهم من ذلك شيء قال : ثم أقبل بعضهم على بعض
(1/122)
فأسروا
ذلك بينهم فقال بعضه لبعض : ما الذي يهمكم من هذا الخلق ؟ إن الله لا يخلق خلقا
إلا كنا أكرم عليه منه
فذلك الذي كتمت
قوله تعالى : وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من
الكافرين
ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله اسجدوا لآدم قال : كانت السجدة لآدم والطاعة لله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : أمرهم أن يسجدوا فسجدوا له كرامة
من الله أكرم بها آدم
وأخرج ابن عساكر عن أبي إبراهيم المزني أنه سئل عن سجود الملائكة لآدم فقال : إن
الله جعل آدم كالكعبة
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن محمد بن عباد بن حعفر المخزومي قال : كان سجود
الملائكة لآدم إيماء
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ضمرة قال : سمعت من يذكر أن أول الملائكة خر
ساجدا لله حين أمرت الملائكة بالسجود لآدم إسرافيل فأثابه الله بذلك أن كتب القرآن
في جبهته
وأخرج ابن عساكر عن عمر بن عبد العزيز قال : لما أمر الله الملائكة بالسجود لآدم
كان أول من سجد إسرافيل فأثابه الله أن كتب القرآن في جبهته
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وإذ قلنا
للملائكة اسجدوا لآدم قال : كانت السجدة لآدم والطاعة لله وحسد عدو الله إبليس آدم
على ما أعطاه من الكرامة فقال : أنا ناري وهذا طيني
فكان بدء الذنوب الكبر
استكبر عدو الله أن يسجد لآدم
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان وابن أبي حاتم وابن الأنباري في كتاب
الأضداد والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : كان إبليس اسمه عزازيل وكان من أشرف
الملائكة من ذوي الأجنحة الأربعة ثم أبلس بعد
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري عن ابن عباس قال : إنما
سمي إبليس لأن الله أبلسه من الخير كله آيسه منه
(1/123)
وأخرج
ابن اسحاق في المبتدأ وابن جرير وابن الأنباري عن ابن عباس قال : كان إبليس قبل أن
يركب المعصية من الملائكة اسمه عزازيل وكان من سكان الأرض وكان أشد الملائكة
اجتهادا وأكثرهم علما
فذلك دعاه إلى الكبر وكان من حي يسمون جنا
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : كان اسم إبليس الحرث
وأخرج وكيع وابن المنذر والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : كان إبليس من خزان
الجنة وكان يدبر أمر السماء الدنيا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال : كان إبليس رئيس ملائكة سماء
الدنيا
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : كان إبليس من أشرف الملائكة من أكبرهم قبيلة
وكان خازن الجنان وكان له سلطان سماء الدنيا سلطان الأرض
فرأى أن لذلك عظمة وسلطانا على أهل السموات فأضمر في قلبه من ذلك كبرا لم يعلمه
إلا الله فلما أمر الله الملائكه بالسجود لآدم خرج كبره الذي كان يسر
وأخرج ابن جرير وابن الأنباري عن ابن عباس قال : إن الله خلق خلقا فقال اسجدوا
لآدم فقالوا : لا نفعل فبعث نارا فأحرقهم ثم خلق هؤلاء فقال اسجدوا لآدم فقالوا :
نعم
وكان إبليس من أولئك الذين أبوا أن يسجدوا لآدم
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال : لما خلق الله الملائكة قال
إني خالق بشرا من طين فإذا أنا خلقته فاسجدوا له فقالوا : لا نفعل
فأرسل عليهم نارا فأحرقتهم
وخلق ملائكة أخرى فقال إني خالق بشرا من طين فإذا أنا خلقته فاسجدوا له
فأبوا فأرسل عليه نارا فأحرقتهم ثم خلق ملائكة أخرى فقال إني خالق بشرا من طين
فإذا أنا خلقته فاسجدوا له
فقالوا : سمعنا وأطعنا إلا إبليس كان من الكافرين الأولين
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن عامر المكي قال : خلق الله الملائكة من نور وخلق
الجان من نار وخلق البهائم من ماء وخلق آدم من طين فجعل الطاعة في الملائكة وجعل
المعصية في الجن والأنس
(1/124)
وأخرج
محمد بن نصر عن أنس قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله أمر
آدم بالسجود فسجد فقال : لك الجنة ولمن سجد من ذريتك وأمر إبليس بالسجود فأبى أن
يسجد فقال : لك النار ولمن أبى من ولدك أن يسجد "
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان عن ابن عمر قال : لقي إبليس موسى فقال : يا
موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وكلمك تكليما إذ تبت ؟ وأنا أريد أن أتوب
فاشفع لي إلى ربي أن يتوب علي قال موسى : نعم
فدعا موسى ربه فقيل " يا موسى قد قضيت حاجتك " فلقي موسى إبليس قال : قد
أمرت أن تسجد لقبر آدم ويتاب عليك
فاستكبر وغضب وقال : لم أسجد حياء أسجد به ميتا ؟ ثم قال إبليس : يا موسى إن لك
علي حقا بما شفعت لي إلى ربك فاذكرني عند ثلاث لا أهلكك فيهن
أذكرني حين تغضب فإني أجري منك مجرى الدم وأذكرني حين تلقى الزحف فإني آتي ابن آدم
حين يلقى الزحف
فاذكره ولده وزوجته حتى يولي وإياك أن تجالس امرأة ليست بذات محرم فإني رسولها
إليك ورسولك إليها
وأخرج ابن المنذر عن أنس قال : إن نوحا لما ركب السفينة أتاه إبليس فقال له نوح :
من أنت ؟ قال : أنا إبليس قال : فما جاء بك ؟ قال : جئت تسأل لي ربي هل لي من توبة
؟ فأوحى الله إليه : إن توبته أن يأتي قبر آدم فيسجد له قال : أما أنا لم أسجد له
حيا أسجد له ميتا ؟ قال : فاستكبر وكان من الكافرين
وأخرج ابن المنذر من طريق مجاهد عن جنادة بن أبي أمية قال : كان أول خطيئة كانت
الحسد
حسد إبليس آدم أن يسجد له حين أمر فحمله الحسد على المعصية
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : ابتدأ الله خلق إبليس على الكفر
والضلالة وعمل بعمل الملائكة فصيره إلى ما بدىء إليه خلقه من الكفر قال الله وكان
من الكافرين
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله وكان من الكافرين قال : جعله الله كافرا لا
يستطيع أن يؤمن
قوله تعالى : وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا
تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين
(1/125)
الطبراني
وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن أبي ذر قال " قلت يا رسول الله أرأيت
آدم نبيا كان ؟ قال : نعم
كان نبيا رسولا كلمه الله قبلا قال له يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة "
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن أبي ذر قلت " يا رسول الله من أول الأنبياء
؟ قال : آدم
قلت : نبي كان ؟ قال : نعم مكلم
قلت : ثم من ؟ قال : نوح وبينهما عشرة آباء "
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه والبزار والبيهقي في الشعب عن أبي ذر قال "
قلت : يا رسول الله أي الأنبياء كان أول ؟ قال : آدم قلت : يا رسول الله ونبي كان
؟ قال : نعم
نبي مكلم
قلت : كم كان المرسلون يا رسول الله ؟ قال : ثلثمائة وخمسة عشر
جما غفيرا "
وأخرج عبد بن حميد والآجري في الأربعين عن أبي ذر قال " قلت يا رسول من كان
أولهم ؟ - يعني الرسل - قال : آدم قلت : يا رسول الله أنبي مرسل ؟ قال : نعم
خلقه الله بيده ونفخ فيه من روحه وسواه قبلا "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء
والصفات عن أبي أمامة الباهلي " أن رجلا قال : يا رسول الله أنبي كان آدم ؟
قال : نعم
مكلم
قال : كم بينه وبين نوح ؟ قال : عشرة قرون قال : كم بين نوح وبين إبراهيم ؟ قال :
عشرة قرون قال : يا رسول الله كم الأنبياء ؟ قال : مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا
قال : يا رسول الله كم كانت الرسل من ذلك ؟ قال : ثلثمائة وخمسة عشر
جما غفيرا "
وأخرج أحمد وابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن أبي أمامة " أن أبا ذر قال
: يا نبي الله أي الأنبياء كان أول ؟ قال : آدم
قال : أونبي كان آدم ؟ قال : نعم
نبي مكلم خلقه اله بيده ثم نفخ فيه من روحه ثم قال له يا آدم قبلا
قلت : يا رسول الله كم وفى عدة الأنبياء ؟ قال : مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا
الرسل من ذلك ثلثمائة وخمسة عشر
جما غفيرا "
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر والحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في
الشعب وابن عساكر في تاريخه عن الحسن قال : قال موسى يا رب كيف يستطيع آدم أن يؤدي
شكر ما صنعت إليه خلقته بيدك ونفخت فيه من روحك
(1/126)
وأسكنته
جنتك وأمرت الملائكة فسجدوا له ؟ فقال : يا موسى علم أن ذلك مني فحمدني عليه فكان
ذلك شكرا لما صنعت إليه
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : خلق الله آدم يوم الجمعة وأدخله الجنة
يوم الجمعة فجعله في جنات الفردوس
وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : ما سكن آدم الجنة إلا مابين
صلاة العصر إلى غروب الشمس
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات وابن عساكر
عن ابن عباس قال : خلق الله آدم من أديم الأرض يوم الجمعة بعد العصر فسماه آدم ثم
عهد إليه فنسي فسماه الإنسان
قال ابن عباس : فتالله ما غابت الشمس من ذلك اليوم حتى أهبط من الجنة إلى الأرض
وأخرج الفريابي وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن قال : لبث آدم
في الجنة ساعة من نهار
تلك الساعة مائة وثلاثون سنة من أيام الدنيا
وأخرج أحمد في الزهد عن سعيد بن جبير قال : ما كان آدم عليه السلام في الجنة إلا
مقدار ما بين الظهر والعصر
وأخرج عبد الله في زوائده عن موسى بن عقبة قال : مكث آدم في الجنة ربع النهار وذلك
ساعتان ونصف وذلك مائتان سنة وخمسون سنة فبكى على الجنة مائة سنة
أما قوله تعالى : وزوجك أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات
وابن عساكر من طريق السدي بن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن ابن مسعو وناس
من الصحابة قالوا : لما سكن آدم الجنة كان يمشي فيها وحشا ليس له زوج يسكن إليها
فنام نومة فاستيقظ فإذا عند رأسه امرأة قاعدة خلقها الله من ضلعه فسألها ما أنت ؟
قالت : امرأة قال : ولم خلقت ؟ قالت : لتسكن إلي قالت له الملائكة ينظرون ما يبلغ
علمه : ما اسمها يا آدم ؟ قال : حواء
قالوا : لم سميت حواء ؟ قال : لأنها خلقت من حي فقال الله يا آدم اسكن أنت وزوجك
الجنة
وأخرج سفيان بن عيينة عن مجاهد قال : نام آدم فخلقت حواء من قصيراه فاستيقظ فرآها
فقال : من أنت ؟ فقالت : أنا أسا
يعني امرأة بالسريانية
(1/127)
وأخرج
البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شيء من الضلع رأسه وإن ذهبت
تقيمه كسرته وإن تركته تركته وفيه عوج
فاستوصوا بالنساء خيرا "
وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن ابن عباس قال : إنما سميت حواء لأنها أم كل حي
وأخرج أبو الشيخ وابن عساكر من وجه آخر عن ابن عباس قال : إنما سميت المرأة مرأة
لأنها خلقت من المرء وسميت حواء لأنها أم كل حي
وأخرج اسحاق بن بشر وابن عساكر عن عطاء قال : لما سجدت الملائكة لآدم نفر إبليس
نفرة ثم ولى هاربا وهو يلتفت أحيانا ينظر هل عصى ربه أحد غيره
فعصمهم الله ثم قال الله لآدم : قم يا آدم فسلم عليهم
فقام فسلم عليهم وردوا عليه ثم عرض الأسماء على الملائكة فقال الله لملائكته :
زعتم أنكم أعلم منه أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين قالوا سبحانك إن العلم
منك ولك ولا علم لنا إلا ما علمتنا فلما أقروا بذلك قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم
فقال آدم : هذه ناقة جمل بقرة نعجة شاة فرس وهو من خلق ربي
فكل شيء سمى آدم فهو اسمه إلى يوم القيامة وجعل يدهو كل شيء باسمه حين يمر بين
يديه حتى بقي الحمار وهو آخر شيء مر عليه
فجاء الحمار من وراء ظهره فدعا آدم : أقبل يا حمار
فعلمت الملائكة أنه أكرم على الله وأعلم منهم ثم قال له ربه : يا آدم ادخل الجنة
تحيا وتكرم فدخل الجنة فنهاه عن الشجرة قبل أن يخلق حواء
فكان آدم لا يستأنس إلى خلق في الجنة ولا يسكن إليه ولم يكن في الجنة شيء يشبهه
فألقى الله عليه النوم وهو أول نوم كان فانتزعت من ضلعه الصغرى من جانبه الأيسر
فخلقت حواء منه فلما استيقظ آدم جلس فنظر إلى حواء تشبهه من أحسن البشر ولكل امرأة
فضل على الرجل بضلع وكان الله علم آدم اسم كل شيء فجاءته الملائكة فهنوه وسلموا
عليه فقالوا : يا آدم ما هذه ؟ قال : هذه مرأة قيل له : فما اسمها ؟ قال : حواء
فقيل له : لم سميتها حواء ؟ قال : لأنها خلقت من حي
فنفخ بينهما من روح الله فما كان من شيء يتراحم الناس به فهو من فضل رحمتها
وأخرج ابن أبي حاتم عن أشعث الحداني قال : كانت حواء من نساء الجنة وكان الولد يرى
في بطنها إذا حملت ذكر أم أنثى من صفاتها
(1/128)
وأخرج
ابن عدي وابن عساكر عن إبراهيم النخعي قال : لما خلق الله آدم وخلق له زوجته بعث
إليه ملكا وأمره بالجماع ففعل فلما فرغ قالت له حواء : يا آدم هذه طيب زدنا منه
أما قوله تعالى وكلا منها رغدا أخرج ابن جرير وابن عساكر عن ابن مسعود وناس من
الصحابة قال الرغد الهني
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال الرغد سعة العيشة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وكلا منها رغدا حيث شئتما قال : لا
حساب عليكم
أما قوله تعالى : ولاتقربا هذه الشجرة أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
وأبو الشيخ وابن عساكر من طرق عن ابن عباس قال : الشجرة التي نهى الله عنها آدم
السنبلة
وفي لفظ البر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : الشجرة التي نهى الله عنها آدم
البر ولكن الحبة منها في الجنة كمكلي البقر ألين من الزبد وأحلى من العسل
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن أبي مالك الغفاري في قوله
ولاتقربا هذه الشجرة قال : هي السنبلة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس
قال : الشجرة التي نهى عنها آدم
الكرم
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود
مثله
وأخرج وكيع وابن سعد وابن جرير وأبو الشيخ عن جعدة بن هبيرة قال : الشجرة التي
افتتن بها آدم الكرم وجعلت فتنة لولده من بعده والتي أكل منها آدم العنب
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : هي اللوز
قلت : كذا في النسخة وهي قديمة وعندي إنها تصحفت من الكرم
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله ولا تقربا هذه الشجرة قال : بلغني أنها التينة
(1/129)
وأخرج
ابن جرير عن بعض الصحابة قال : هي تينة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : هي التين
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مالك في قوله ولا تقربا هذه الشجرة قال : هي
النخلة
وأخرج أبو الشيخ عن يزيد بن عبد الله بن قسيط قال : هي الأترج
وأخرج أحمد في الزهد عن شعيب الحيائي قال : كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم
وزوجته شبه البر
تسمى الرعة وكان لباسهم النور
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي العالية قال : كانت الشجرة من أكل منها أحدث
ولاينبغي أن يكون في الجنة حدث
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ولا تقربا هذه الشجرة قال : ابتلى الله آدم
كما ابتلى الملائكة قبله وكل شيء خلق مبتلى ولم يدع الله شيئا من خلقه إلا ابتلاه
بالطاعة فما زال البلاء بآدم حتى وقع فيما نهي عنه
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : ابتلى الله آدم فاسكنه الجنة يأكل منها رغدا حيث
شاء ونهاه عن شجرة واحدة أن يأكل منها وقدم إليه فيها
فما زال به البلاء حتى وقع بما نهي عنه فبدت له سوءته عند ذلك وكان لا يراها فاهبط
من الجنة
قوله تعالى : فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض
عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فأزلهما قال : فأغواهما
وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم بن بهدلة فأزلهما فنحاهما
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءتنا في البقرة مكان فأزلهما
فوسوس
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة قالوا : لما قال الله
لآدم اسكن أنت وزوجك الجنة أراد إبليس أن يدخل عليهما الجنة
(1/130)
فأتى
الحية هي دابة لها أربع قوائم كأنها البعير وهي كأحسن الدواب فكلمها إن تدخله في
فمها حتى تدخل به إلى آدم فأدخلته في فمها فمرت الحية على الخزنة فدخلت ولا يعلمون
لما أراد الله من الأمر فكلمه من فمها فلم يبال بكلامه فخرج إليه فقال يا آدم هل
أدلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى وحلف لهما بالله إني لكما لمن الناصحين فأبى آدم
أن يأكل منها فقعدت حواء فأكلت ثم قالت : يا آدم كل فإني قد أكلت فلم يضر بي
فلما أكل بدت لهما سوآتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن ابن عباس قال : إن عدو الله إبليس عرض نفسه على
دواب الأرض أنها تحمله حتى يدخل الجنة معها ويكلم آدم
فكل الدواب أبى ذلك عليه حتى كلم الحية فقال لها : أمنعك من ابن آدم فإنك في ذمتي
إن أدخلتني الجنة فحملته بين نابين حتى دخلت به فكلمه من فيها وكانت كاسية تمشي
على أربع قوائم فأعراها الله وجعلها تمشي على بطنها
يقول ابن عباس : فاقتلوها حيث وجدتموها اخفروا ذمة عدو الله فيها
وأخرج سفيان بن عيينة وعبد الرزاق وابن المنذر وابن عساكر في تاريخه عن ابن عباس
قال : كانت الشجرة التي نهى الله عنها آدم وزوجته السنبلة فلما أكلا منها بدت لهما
سوآتهما وكان الذي دارى عنهما من سوآتهما أظفارهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق
الجنة ورق التين يلزقان بعضه إلى بعض فانطلق آدم موليا في الجنة فأخذت برأسه شجرة
من شجر الجنة فناداه به : يا آدم أمني تفر ؟ قال : لا ولكني استحيتك يا رب قال :
أما كان لك فيما منحتك من الجنة وأبحتك منها مندوحة عما حرمت عليك ؟ قال : بلى يا
رب ولك - وعزتك - ما حسبت أن أحدا يحلف بك كاذبا قال : فبعزتي لأهبطنك إلى الأرض
ثم لا تنال العيش إلا كدا
فاهبطا من الجنة وكانا يأكلان منها رغدا فاهبط إلى غير رغد من طعام ولا شراب فعلم
صنعة الحديد وأمر بالحرث فحرث فزرع ثم سقى حتى إذا بلغ حصد درسه ثم ذراه ثم طحنه
عجنه ثم خبزه ثم أكله فلم يبلغه حتى بلغ منه ما شاء الله أن يبلغ وكان آدم حين
أهبط من الجنة بكى بكاء لم يبكه أحد فلو وضع بكاء داود على خطيئته وبكاء يعقوب على
ابنه وبكاء ابن آدم على أخيه حين قتله ثم بكاء أهل الأرض ما عدل ببكاء آدم عليه
السلام حين أهبط
(1/131)
وأخرج
ابن عساكر عن عبد العزيز بن عميرة قال " قال الله لآدم اخرج من جواري وعزتي
لا يجاورني في داري من عصاني يا جبريل أخرجه إخراجا غير عنيف فأخذ بيده يخرجه
"
وأخرج ابن اسحاق في المبتدأ وابن سعد وأحمد وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في
التوبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه ابن مردويه والبيهقي في البعث
والنشور عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " إن آدم كان رجلا
طوالا كأنه نخلة سحوق ستين ذراعا كثير شعر الرأس
فلما ركب الخطيئة بدت له عورته وكان لا يراها قبل ذلك فانطلق هاربا في الجنة
فتعلقت به شجرة فأخذت بناصيته فقال لها : أرسليني قال : لست بمرسلتك وناداه ربه :
يا آدم أمني تفر ؟ قال : يا رب إني استحييتك قال : يا آدم اخرج من جواري فبعزتي لا
أساكن من عصاني ولو خلقت ملء الأرض مثلك خلقا ثم عصوني لأسكنتهم دار العاصين
قال : أرأيت إن أنا تبت ورجعت أتتوب علي ؟ قال : نعم
يا آدم
وأخرج ابن عساكر من حديث أنس
مثله
وأخرج ابن منيع وابن أبي الدنيا في كتاب البكاء وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة
والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب وابن عساكر عن ابن عباس قال " قال الله لآدم
: يا آدم ما حملك على أن أكلت من الشجرة التي نهيتك عنها ؟ قال : يا رب زينته لي
حواء قال : فإني عاقبتها بأن لا تحمل إلا كرها ولا تضع إلا كرها ودميتها في كل شهر
مرتين قال : فرنت حواء عند ذلك فقيل لها : عليك الرنة وعلى بناتك "
وأخرج الدارقطني في الأفراد وابن عساكر عن عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال " إن الله بعث جبريل إلى حواء حين دميت فنادت ربها جاء مني دم
لا أعرفه
فناداها لأدمينك وذريتك ولأجعنله لك كفارة وطهورا "
وأخرج البخاري والحاكم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " لولا
بنو إسرائيل لم يخنز اللحم ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها "
وأخرج البيهقي في الدلائل والخطيب في التاريخ والديلمي في مسند الفردوس وابن عساكر
بسند واه عن ابن عمر مرفوعا " فضلت على آدم بخصلتين
كان شيطاني كافرا فأعانني الله عليه حتى أسلم وكان أزواجي عونا لي
وكان شيطان آدم كافرا وزوجته عونا له على خطيئته "
(1/132)
وأخرج
ابن عساكر في حديث أبي هريرة مرفوعا
مثله
وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن زيد
أن آدم ذكر محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : إن أفضل ما فضل به علي ابني
صاحب البعير إن زوجته كانت عونا له على دينه وكانت زوجتي عونا لي على الخطيئة
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن أبي حاتم والآجري
في الشريعة والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : تحاج آدم وموسى فحج آدم موسى فقال موسى : أنت آدم الذي
أغويت الناس وأخرجتهم من الجنة ؟ فقال له آدم : أنت موسى الذي أعطاه الله كل شيء
واصطفاه برسالته ؟ قال : نعم
قال : فتلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق "
وأخرج عبد بن حميد في مسنده وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال " قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : احتج آدم وموسى
فقال موسى : أنت خلقك الله بيده أسكنك جنته وأسند لك ملائكته فأخرجت ذريتك من
الجنة وأشقيتهم ؟ فقال آدم : أنت موسى الذي اصطفاك الله بكلامه ورسالاته تلومني في
شيء وجدته قد قدر علي قبل أن أخلق ؟ فحج آدم موسى "
وأخرج أبو داود والآجري في الشريعة والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمر بن الخطاب
قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن موسى قال يا رب أرنا آدم الذي
أخرجنا ونفسه من الجنة ؟ فأراه الله آدم فقال : أنت أبونا آدم ؟ فقال له آدم : نعم
قال : أنت الذي نفخ الله فيك من روحه وعلمك الأسماء كلها و أمر الملائكة فسجدوا لك
؟ قال : نعم
فقال : ما حملك على أن أخرجتنا من الجنة ؟ فقال له آدم : ومن أنت ؟ قال : موسى قال
: أنت نبي بني إسرائي الذي كلمك الله من وراء الحجاب لم يجعل بينك وبينه رسولا من
خلقه ؟ قال : نعم
قال : فما وجدت إن ذلك كان في كتاب الله قبل أن أخلق ؟ قال : نعم
قال : فلم تلومني في شيء سبق فيه من الله القضاء قبل ؟ قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : عند ذلك فحج آدم موسى
فحج آدم موسى "
وأخرج النسائي وأبو يعلى والطبراني والآجري عن جندب البجلي قال " قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : احتج آدم وموسى فقال موسى : يا آدم أنت الذي خلقك الله
بيده
(1/133)
ونفخ
فيك من روحه وأسجد لك ملائكته وأسكنك جنته وفعلت ما فعلت فأخرجت ولدك من الجنة ؟
فقال آدم : أنت موسى الذي بعثك الله رسالته وكلمك وآتاك التوراة وقربك نجيا ؟ أنا
أقدم أم الذكر ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فحج آدم موسى "
وأخرج أبو بكر الشافعي في الغيلانيات عن أبي موسى قال " قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : احتج آدم وموسى فقال موسى : أنت آدم الذي خلقك الله بيده وأسجد
لك ملائكته وعملت الخطيئة التي أخرجتك من الجنة ؟ قال آدم ك أنت موسى الذي اصطفاك
الله برسالته وأنزل عليك التوراة وكلمك تكليما فبكم خطيئتي سبقت خلقي ؟ قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : فحج آدم موسى "
وأخرج ابن النجار عن ابن عمر قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
التقى آدم وموسى عليهما السلام فقال له موسى : أنت آدم الذي خلقك الله بيده وأسجد
لك ملائكته وأدخلك جنته ثم أخرجتنا منها ؟ فقال له آدم : أنت موسى الذي اصطفاك
الله برسالته وقربك نجيا وأنزل عليك التوراة فأسألك بالذي أعطاك ذلك بكم تجده كتب
علي قبل أن أخلق ؟ قال : أجده كتب عليك بالتوراة بألفي عام فحج آدم موسى "
أما قوله تعالى وقلنا اهبطوا الآية
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وقلنا
اهبطوا بعضكم لبعض عدو قال : آدم وحواء وإبليس والحية ولكم في الأرض مستقر قال :
القبور ومتاع إلى حين قال : الحياة
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد في قوله اهبطوا بعضكم لبعض عدو قال : آدم والحية
والشيطان
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة عن أبي صالح قال اهبطوا قال : آدم وحواء والحية
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال اهبطوا يعني آدم وحواء وإبليس
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال " سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قتل
الحيات ؟ فقال : خلقت هي والإنسان كل واحد منهما عدو لصاحبه
إن رآها أفزعته وإن لدغته أوجعته
فاقتلها حيث وجدتها "
(1/134)
وأخرج
أبو الشيخ عن ابن مسعود في قوله ولكم في الأرض مستقر فوق الأرض ومستقر تحت الأرض
قال ومتاع إلى حين حتى يصير إلى الجنة أو إلى النار
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أهبط آدم إلى أرض يقال لها دجنا بين مكة
والطائف
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : اهبط آدم بالصفا وحواء بالمروة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس
أن أول ما أهبط الله آدم إلى أرض الهند
وفي لفظ بدجناء أرض الهند
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في البعث وابن عساكر عن ابن عباس قال : قال
علي بن أبي طالب : أطيب ريح الأرض الهند
أهبط بها آدم فعلق ريحها من شجر الجنة
وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن ابن عباس قال : أهبط آدم بالهند وحواء بجدة فجاء في
طلبها حتى أتى جمعا فازدلفت إليه حواء
فلذلك سميت " المزدلفة " واجتمعا بجمع فلذلك سميت " جمعا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن رجاء بن أبي سلمة قال : أهبط آدم يديه على ركبتيه مطأطئا
رأسه وأهبط إبليس مشبكا بين أصابعه رافعا رأسه إلى السماء
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن حميد بن هلال قال : إنما كره التخصر في الصلاة
لأن إبليس أهبط متخصرا
وأخرج الطبراني وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن أبي هريرة قال " قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : نزل آدم عليه السلام بالهند فاستوحش فنزل جبريل
بالأذان : الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله مرتين أشهد أن محمد رسول الله مرتين
فقال : ومن محمد هذا ؟ قال : هذا آخر ولدك من الأنبياء "
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان وابن المنذر وابن عساكر عن جابر بن عبد
الله قال : إن آدم لما أهبط إلى الأرض هبط بالهند وإن رأسه كان ينال السماء وإن
الأرض شكت إلى ربها ثقل آدم فوضع الجبار تعالى يده على راسه فانحط منه سبعون ذراعا
وهبط معه بالعجوة والأترنج والموز
فلما أهبط قال : رب هذا العبد الذي جعلت بيني وبينه عداوة إن لم تعني عليه لا أقوى
عليه قال : لا
(1/135)
يولد
لك ولد إلا وكلت به ملكا قال : رب زدني قال : أجازي السيئة بالسيئة وبالحسنة عشرة
أمثالها إلى ما أزيد قال : رب زدني قال : باب التوبة له مفتوح ما دام الروح في
الجسد قال إبليس : يا رب هذا العبد الذي أكرمته إن لم تعني عليه لا أقوى عليه قال
: لا يولد له ولد إلا ولد لك ولد قال : يا رب زدني قال : تجري منه مجرى الدم وتتخذ
في صدروهم بيوتا قال : رب زدني قال اجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال
والأولاد الإسراء آية 64
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال : لما خلق الله آدم كان رأسه يمس السماء فوطاه الله
إلى الأرض حتى صار ستين ذراعا في سبعة أذرع عرضا
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن عمر قال : لما اهبط الله آدم أهبطه بأرض الهند ومعه
غرس من شجر الجنة فغرسه بها وكان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض وكان يسمع كلام
الملائكة فكان ذلك يهون عليه وحدته فغمز غمزة فتطأطأ إلى سبعين ذراعا فأنزل الله
أني منزل عليك بيتا يطاف حوله كما تطوف الملائكة حول عرشي ويصلى عنده كما تصلي
الملائكة حول عرشي
فأقبل نحو البيت فكان موضع كل قدم قرية وما بين قدميه مفازة حتى قدم مكة فدخل من
باب الصفا وطاف بالبيت وصلى عنده ثم خرج إلى الشام فمات بها
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن مجاهد قال : لما أهبط آدم إلى الأرض فزعت الوحوش ومن
في الأرض من طوله فأطر منه سبعون ذراعا
وأخرج ابن جرير في تاريخه والبيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر عن ابن عباس قال :
إن آدم حين خرج من الجنة كان لا يمر بشيء إلا عنت به فقيل للملائكة : دعوه فليتزود
منها ما شاء
فنزل حين نزل بالهند ولقد حج منها أربعين حجة على رجليه
وأخرج سعيد بن منصور عن عطاء بن أبي رياح قال : هبط آدم بأرض الهند ومعه أعواد
أربعة من أعواد الجنة وهي هذه التب تتطيب بها الناس وأنه حج هذا البيت على بقرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال : أخرج آدم من الجنة للساعة التاسعة أو
العاشرة فأخرج معه غصنا من شجر الجنة على رأسه تاج من شجر الجنة
(1/136)
وأخرج
ابن أبي حاتم وابن عساكر عن الحسن قال : أهبط آدم بالهند وهبطت حواء بجدة وهبط
إبليس بدست بيسان البصرة على أميال وهبطت الحية بأصبهان
وأخرج ابن جرير في تاريخه عن ابن عمر قال : إن الله أوحى إلى آدم وهو ببلاد الهند
إن حج هذا البيت فحج فكلما وضع قدميه صار قرية ومابين خطوتيه مفازة حتى انتهى إلى
البيت فطاف به وقضى المناسك كلها ثم أراد الرجوع فمضى حتى إذا كان بالمازمين تلقته
الملائكة فقالت : بر حجك يا آدم فدخله من ذلك
فلما رأت ذلك الملائكة منه قالت : يا آدم إنا قد حججنا هذا قبلك قبل أن تخلق بألفي
عام
فتقاصرت إليه نفسه
وأخرج الشافعي في الأم والبيهقي في الدلائل والأصبهاني في الترغيب عن محمد بن كعب
القرظي قال : حج آدم عليه السلام فلقيته الملائكة فقالوا : بر نسكك يا آدم لقد
حججنا قبلك بألفي عام
وأخرج الخطيب في التاريخ بسند فيه من لا يعرف عن يحيى بن أكثم أنه قال في مجلس
الواثق : من حلق رأس آدم حين حج ؟ فتعايا الفقهاء عن الجواب فقال الواثق : أنا
أحضر من ينبئكم بالخبر
فبعث إلى علي بن محمد بن جعفر بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحين بن
علي بن أبي طالب فسأله
; فقال : حدثني أبي عن جدي عن أبيه عن جده قال " قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : أمر جبريل أن ينزل بياقوتة من الجنة فهبط بها فمسح بها رأس آدم فتناثر
الشعر منه فحيث بلغ نورها صار حرما "
وأخرج البزار وابن أبي حاتم والطبراني عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه
و سلم قال " إن الله لما أخرج آدم من الجنة زوده من ثمار الجنة وعلمه صنعة كل
شيء
فثماركم من ثمار الجنة غير أن هذه تتغير وتلك لا تتغير "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصحه والبيهقي في البعث عن أبي موسى الأشعري
موقوفا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أهبط آدم بثلاثين صنفا من فاكهة الجنة منها
ما يؤكل داخله وخارجه ومنها ما يؤكل داخله ويطرح خارجه ومنها ما يؤكل خارجه ويطرح
داخله
(1/137)
وأخرج
ابن أبي الدنيا في كتاب البكاء عن علي بن أبي طلحة قال : أول شيء أكله آدم حين
أهبط إلى الأرض الكمثرى وأنه لما أراد أن يتغوط أخذه من ذلك كما يأخذ المرأة عند
الولادة فذهب شرقا وغربا لا يدري كيف يصنع ! حتى نزل إليه جبريل فأقعى آدم فخرج
ذلك منه فلما وجد ريحه مكث يبكي سبعين سنة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ثلاثة أشياء أنزلت مع آدم
السندان والكلبتان والمطرقة
وأخرج ابن عدي وابن عساكر في التاريخ بسند ضعيف عن سلمان قال " قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : إن آدم أهبط إلى الأرض ومعه السندان والكلبتان والمطرقة
واهبطت حواء بجدة "
وأخرج ابن عساكر من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال " قال النبي صلى
الله عليه و سلم : إن الله لما خلق الدنيا لم يخلق فيها ذهبا ولا فضة فلما أن أهبط
آدم وحواء أنزل معهما ذهبا وفضة فسلكه ينابيع الأرض منفعة لأولادهما من بعدهما وجعل
ذلك صداق آدم لحواء
فلا ينبغي لأحد أن يتزوج إلا بصداق
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : لما أهبط الله آدم أهبطه بأشياء ثمانية :
أزواج من الأبل والبقر والضأن والمعز وأهبطه بباسنة فيها بذر وتعريشة عنبة وريحانة
والباسنة : قيل : آلات الصناع وقيل هي سكة الحرث وليس بعربي محض
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن السري بن يحيى قال : اهبط آدم من
الجنة ومعه البذور فوضع إبليس عليها يده فما أصاب يده ذهيت منفعته
وأخرج ابن عساكر بسند ضعيف عن أنس قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
هبط آدم وحواء عريانيين جميعا عليهما ورق الجنة فأصابه الحر حتى قعد يبكي ويقول
لها : يا حواء قد آذاني الحر فجاءه جبريل بقطن وأمرها أن تغزل وعلمها وعلم آدم
وأمر آدم بالحياكة وعلمه وكان لم يجامع إمرائته في الجنة حتى هبط منها وكان كل
منهما ينام على حدة حتى جاءه جبريل فأمره أن يأتي أهله وعلمه كيف يأيتها فلما
أتاها جاءه جبريل فقال : كيف وجدت إمرأتك ؟ قال : صالحة "
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أنس مرفوعا " أول من حاك آدم عليه السلام
"
(1/138)
وأخرج
ابن عساكر عن ابن عباس قال : كان آدم عليه السلام حراثا وكان إدريس خياطا وكان نوح
نجارا وكان هود تاجرا وكان إبراهيم راعيا وكان داود زرادا وكان سليمان خواصا وكان
موسى أجيرا وكان عيسى سياحا وكان محمد صلى الله عليه و سلم شجاعا جعل رزقه تحت
رمحه
وأخرج الحاكم عن ابن عباس أنه قال لرجل عنده : إدن مني أحدثك عن الأنبياء
المذكورين في كتاب الله
أحدثك عن آدم كان حراثا وعن نوح كان نجارا وعن إدريس كان خياطا وعن داود كان زرادا
وعن موسى كان راعيا وعن إبراهيم كان زراعا عظيم الضيافة وعن شعيب كان راعيا وعن
لوط كان زراعا وعن صالح كان تاجرا وعن سليمان كان ولي الملك
ويصوم من الشهر ستة أيام في أوله وثلاثة في وسطه وثلاثة في آخره وكان له تسعمائة
سرية وثلاثمائة مهرية وأحدثك عن ابن العذراء البتول عيسى
أنه كان لا يخبىء شيئا لغد ويقول : الذي غداني سوف يعشيني والذي عشاني سوف يغديني
ويعبد الله ليلته كلها وهو بالنهار يسبح ويصوم الدهر ويقوم الليل كله
وأخرج أبو الشيخ والبيهقي وابن عساكر عن ابن عباس قال : نزل آدم بالحجر الأسود من
الجنة يمسح به دموعه ولم ترق دموع آدم حين خرج من الجنة حتى رجع إليها
وأخرج أبو الشيخ عن جابر بن عبد الله قال : إن آدم لما أهبط إلى الأرض شكا إلى ربه
الوحشة فأوحى الله إليه : أن أنظر بحيال بيتي الذي رأيت ملائكتي يطوفون به فاتخذ
بيتا فطف به كما رأيت ملائكتي يطوفون به
فكان ما بين يديه مفاوز وما بين قدميه الأنهار والعيون
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : نزل آدم بالهند فنبتت شجرة الطيب
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال : خرج آدم من الجنة بين الصلاتين
صلاة الظهر وصلاة العصر فأنزل إلى الأرض
وكان مكثه في الجنة نصف يوم من أيام الآخرة وهو خمسمائة سنة من يوم كان مقداره
اثنتي عشرة ساعة واليوم ألف سنة مما يعد أهل الدنيا
فأهبط آدم على جبل بالهند يقال له نود وأهبطت حواء بجدة فنزل آدم معه ريح الجنة
فعلق بشجرها وأوديتها فامتلأ ما هنالك
(1/139)
طيبا
ثم يؤتى بالطيب من ريح آدم وقالوا : أنزل عليه من طيب الجنة أيضا وأنزل معه الحجر
الأسود وكان أشد بياضا من الثلج وعصا موسى وكانت من آس الجنة
طولها عشرة أذرع على طول موسى
ومر ولبان
ثم أنزل عليه بعد السندان والكلبة والمطرقتان فنظر آدم حين أهبط على الجبل إلى
قضيب من حديد نابت على الجبل فقال : هذا من هذا ! فجعل يكسر أشجارا قد عتقت ويبست
بالمطرقة ثم أوقد على ذلك القضيب حتى ذاب فكان أول شيء ضرب منه مدية فكان يعمل بها
ثم ضرب التنور وهو الذي ورثه نوح وهو الذي فار بالهند بالعذاب
فلما حج آدم عليه السلام وضع الحجر الأسود على أبي قبيس فكان يضيء لأهل مكة في
ليالي الظلم كما يضيء القمر فلما كان قبيل الإسلام بأربع سنين وقد كان الحيض
والجنب يعمدون إليه يمسحونه فاسود فأنزلته قريش من أبي قبيس وحج آدم من الهند
أربعين حجة إلى مكة على رجليه
وكان آدم حين أهبط يمسح رأسه السماء فمن ثم صلع وأورث ولده الصلع ونفرت من طوله
دواب البر فصارت وحشا يومئذ وكان آدم وهو على ذلك الجبل قائما يسمع أصوات الملائكة
ويجد ريح الجنة
فهبط من طوله ذلك إلى ستين ذراعا فكان ذلك طوله حتى مات
ولم يجمع حسن آدم لأحد من ولده إلا ليوسف عليه السلام وأنشأ آدم يقول : رب كنت
جارك في دارك ليس لي رب غيرك ولا رقيب دونك آكل فيها رغدا واسكن حيث أحببت
فأهبطتني إلى هذا الجبل المقدس فكنت أسمع أصوات الملائكة وأراهم كيف يحفون بعرشك
وأجد ريح الجنة وطيبها
ثم أهبطتني إلى الأرض وحططتني إلى ستين ذراعا فقد انقطع عني الصوت والنظر وذهب عني
ريح الجنة فأجابه الله تبارك وتعالى : لمعصيتك يا آدم فعلت ذلك بك
فلما رأى الله عري آدم وحواء أمره أن يذبح كبشا من الضأن من الثمانية الأزواج التي
أنزل الله من الجنة فأخذ آدم كبشا وذبحه ثم أخذ صوفه فغزلته حواء ونسجته هو فنسج
آدم جبة لنفسه وجعل لحواء درعا وخمارا فلبساه وقد كانا اجتمعا بجمع فسميت "
جمعا " وتعارفا بعرفة فسميت " عرفة " وبكيا عاى ما فاتهما مائة سنة
ولم يأكلا ولم يشربا أربعين يوما ثم أكلا وشربا وهما يومئذ على نود الجبل الذي
أهبط عليه آدم ولم يقرب حواء مائة سنة
(1/140)
وأخرج
ابن عساكر عن ابن عباس
أن آدم كان لغته في الجنة العربية فلما عصى سلبه الله العربية فتكلم بالسريانية
فلما تاب رد عليه العربية
وأخرج أبو نعيم وابن عساكر عن مجاهد قال : أوحى الله إلى الملكين : أخرجا آدم
وحواء من جواري فإنهما عصياني فالتفت آدم إلى حواء باكيا وقال : استعدي للخروج من
جوار الله هذا أول شؤم المعصية فنزع جبريل التاج عن رأسه وحل ميكائيل الأكليل عن
جبينه وتعلق به غصن فظن آدم أنه قد عوجل بالعقوبة فنكس رأسه يقول : العفو العفو
فقال الله : فرار مني ؟ فقال : بل حياء منك يا سيدي
وأخرج اسحق بن بشر وابن عساكر عن عطاء
أن آدم لما أهبط من الجنة خر في موضع البيت ساجدا فمكث أربعين سنة لا يرفع رأسه
وأخرج ابن عساكر عن قتادة قال : لما أهبط الله آدم إلى الأرض قيل له : لن تأكل
الخبز بالزيت حتى تعمل عملا مثل الموت
وأخرج ابن عساكر عن عبد الملك بن عمير قال : لما أهبط آدم وإبليس ناح إبليس حتى
بكى آدم ثم حدا ثم ضحك
وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال " بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: إن آدم قبل أن يصيب الذنب كان أجله بين عينيه وأمله خلفه فلما أصاب الذنب جعل
الله أمله بين عينيه وأجله خلفه فلا يزال يؤمل حتى يموت "
وأخرج وكيع وأحمد في الزهد عن الحسن قال : كان آدم قبل أن يصيب الخطيئة أجله بين
عينيه وأمله وراء ظهره فلما أصاب الخطيئة حول أمله بين عينيه وأجله وراء ظهره
وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال : كان عقل آدم مثل عقل جميع ولده
وأخرج ابن عساكر عن الحسن
أن آدم لما أهبط إلى الأرض تحرك بطنه فأخذ لذلك غم فجعل لا يدري كيف يصنع فأوحى
الله إليه : أن أقعد فقعد فلما قضى حاجته فوجد الريح جزع وبكى وعض على إصبعه فلم
يزل يعض عليها ألف عام
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال : بكى آدم حين أهبط من الجنة بكاء لم يبكه أحد
فلو أن بكاء جميع بني آدم مع بكاء داود على خطيئته ما عدل بكاء
(1/141)
آدم
حين أخرج من الجنة ومكث أربعين سنة لا يرفع رأسه إلى السماء
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن عدي في الكامل والبيهقي في شعب الإيمان والخطيب
وابن عساكر معا في التاريخ عن بريدة يرفعه قال : لو أن بكاء داود وبكاء جميع أهل
الأرض يعدل بكاء آدم ما عدله
ولفظ البيهقي : لو وزن دموع آدم بجميع دموع ولده لرجحت دموعه على جميع دموع ولده
وأخرج ابن سعد عن الحسن قال : بكى آدم على الجنة ثلثمائة سنة
وأخرج ابن عساكر عن مجاهد قال : إن الله لما أهبط آدم وحواء قال : اهبطوا إلى
الأرض فلدوا للموت وابنوا للخراب
وأخرج ابن المبارك في الزهد عن مجاهد قال : لما أهبط آدم إلى الأرض قال له ربه عز
و جل : ابن للخراب ولد للفناء
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن سعيد بن جبير قال : لما أهبط آدم إلى الأرض كان فيها
نسر وحوت في البحر ولم يكن في الأرض غيرهما فلما رأى النسر آدم وكان يأوي إلى
الحوت ويبيت عنده كل ليلة قال : يا حوت لقد أهبط ايوم إلى الأرض شيء يمشي على
رجليه ويبطش بيده فقال له الحوت : لئن كنت صادقا مالي في البحر منه منجى ولا لك في
البر
قوله تعالى : فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم
الطبراني في المعجم الصغير والحاكم وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن
عمر بن الخطاب قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لما أذنب آدم
بالذنب الذي أذنبه رفع رأسه إلى السماء فقال : أسألك بحق محمد إلا غفرت لي ؟ فأوحى
الله إليه : ومن محمد ؟ فقال : تبارك اسمك
لما خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب " لا إله إلا الله محمد رسول
الله " فعلمت أنه ليس أحد أعظم عندك قدرا ممن جعلت اسمه مع اسمك
فأوحى الله إليه : يا آدم إنه آخر النبيين من ذريتك ولولا هو ما خلقتك "
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في التوبة وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس في قوله فتلقى آدم
(1/142)
من
ربه كلمات قال : أي رب ألم تخلقني بيدك ؟ قال : بلى
قال : أي رب ألم تنفخ في من روحك ؟ قال : بلى
قال أي رب ألم تسبق إلي رحمتك قبل غضبك ؟ قال : بلى
قال : أي رب أرأيت إن تبت وأصلحت أراجعي أنت إلى الجنة ؟ قال : نعم
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن عساكر بسند ضعيف عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال " لما أهبط الله آدم إلى الأرض قام وجاء الكعبة فصلى ركعتين فألهمه
الله هذا الدعاء : اللهم إنك تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي وتعلم حاجتي فأعطني
سؤلي وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنبي
اللهم إني أسألك إيمانا يباشر قلبي ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما
كتبت لي وأرضني بما قسمت لي
فأوحى الله إليه : يا آدم قد قبلت توبتك وغفرت ذنك ولن يدعوني أحد بهذا الدعاء إلا
غفرت له ذنبه وكفيته المهم من أمره وزجرت عنه الشيطان واتجرت له من وراء كل تار
وأقبلت إليه الدنيا راغمة وإن لم يردها "
وأخرج الجندي والطبراني وابن عساكر في فضائل مكة عن عائشة قالت : لما أراد الله أن
يتوب على آدم أذن له فطاف بالبيت سبعا - والبيت يومئذ ربوة حمراء - فلما صلى
ركعتين قام استقبل البيت وقال : اللهم إنك تعلم سريرتي وعلانيتي فاقبل معذرتي
فأعطني سؤلي وتعلم ما في نفسي فاغفر لي ذنوبي
اللهم إني أسألك إيمانا يباشر قلبي ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما
كتبت لي والرضا بما قسمت لي
فأوحى الله إليه : إني قد غفرت ذنبك ولن يأتي أحد من ذريتك يدعوني بمثل ما دعوتني
إلا غفرت ذنوبه وكشفت غمومه وهمومه ونزعت الفقر من بين عينيه واتجرت له من وراء كل
تاجر وجاءته الدنيا وهي راغمة وإن كان لا يريدها
وأخرج الأزرقي في تاريخ مكة والطبراني في الأوسط والبيهقي في الدعوات وابن عساكر
بسند لابأس به عن بريدة قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لما أهبط
الله آدم إلى الأرض طاف بالبيت أسبوعا وصلى حذاء البيت ركعتين ثم قال : اللهم أنت
تعلم سري وعلانيتي فاقبل معذرتي وتعلم حاجتي فأعطني سؤلي وتعلم ما عندي فاغفر لي
ذنوبي
أسألك إيمانا يباهي قلبي ويقينا صادقا حتى أعلم أنه لا يصيبني إلا ما كتيت لي
ورضني بقضائك
فأوحى الله إليه : يا آدم إنك دعوتني بدعاء فاستجبت
(1/143)
لك
فيه ولن يدعوني به أحد من ذريتك إلا استجبت له وغفرت له ذنبه وفرجت همه وغمه
واتجرت له من وراء كل تاجر وأتته الدنيا راغمة وإن كان لا يريدها "
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة وأبو نعيم عن عبيد ان عمير اللثي
قال : قال آدم : يا رب أرأيت ما أتيت أشيء كتبته علي قبل أن تخلقني أو شيء ابتدعته
علي نفسي ؟ قال : بل شيء كتبته عليك قبل أن أخلقك قال : يا رب فكما كتبته علي
فاغفره لي
فذلك قوله فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم
وأخرج عبد بن حميد والن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن قتادة في قوله فتلقى
آدم من ربه كلمات قال : ذكر لنا أنه قال : يا رب أرأيت إن تبت وأصلحت ؟ قال : فإني
إذن أرجعك إلى الجنة قالا ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من
الخاسرين فاستغفر آدم ربه وتاب إليه فتاب عليه
وأما عدو الله إبليس فوالله ما تنصل من ذنبه ولا سأل التوبة حين وقع بما وقع به
ولكنه سأل النظرة إلى يوم الدين فأعطى الله كل واحد مهما ما سأل
وأخرج الثعلبي من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله فتلقى آدم من ربه كلمات قال :
قوله ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله فتلقى آدم من ربه كلمات
قال هو قوله ربنا ظلمنا أنفسنا
الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن محمد بن كعب
القرظي في قوله فتلقى آدم من ربه كلمات قال : هو قوله ربنا ظلمنا أنفسنا
الآيه
ولو سكت الله عنها لتفحص رجال حتى يعلموا ما هي
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله فتلقى آدم من
ربه كلمات قال : هو قوله ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من
الخاسرين
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وعن الضحاك
مثله
(1/144)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق ابن اسحق التميمي قال : قلت لإبن
عباس ما الكلمات التي تلقى آدم من ربه ؟ قال : علم شأن الحج
فهي الكلمات
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن زيد ي قوله فتلقى آدم من ربه كلمات قال : لا إله
إلا أنت سبحانك وبحمدك
رب عملت سوءا وظلمت نفسي فإغفر لي إنك أنت خير الغافرين
لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك رب عملت سوءا وظلمت نفسي فارحمني إنك أنت أرحم
الراحمين
لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك
رب عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنت أنت التواب الرحيم
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر عن أنس في قوله فتلقى آدم من ربه كلمات
قال : سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت خير الغافرين
لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فارحمني إنك أنت أرحم الراحمين
لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم
وذكر أنه عن النبي صلى الله عليه و سلم ولكن شك فيه
وأخرج هناد في الزهد عن سعيد بن جبير قال : لما أصاب آدم الخطيئة فزع إلى كلمة
الإخلاص فقال : لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك
رب عملت سوءا وظلمت نفسي فتب علي إنك أنت التواب الرحيم
وأخرج ابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس
إن آدم عليه السلام طلب التوبة مائتي سنة حتى آتاه الله الكلمات ولقنه إياها قال :
بينا آدم عليه السلام جالس يبكي واضع راحته على جبينه إذا أتاه جبريل فسلم عليه
فبكى آدم وبكى جبريل لبكائه فقال له : يا آدم ما هذه البلية التي أجحف بك بلاؤها
وشقاؤها وما هذا البكاء ؟ قال : يا جبريل وكيف لا أبكي وقد حولني ربي من ملكوت
السموات إلى هوان الأرض ومن دار المقام إلى دار الظعن والزوال ومن دار النعمة
إلىدار البؤس والشقاء ؟ ومن دار الخلد إلى دار الفناء ؟ كيف أحصي يا جبريل هذه
المصيبة ؟ فانطلق جبريل إلى ربه فأخبره بقالة آدم فقال الله عز و جل : انطلق يا
جبريل إلى آدم فقل : يا آدم ألم أخلقك بيدي ؟ قال : بلى يا رب قال : ألم أنفخ فيك
من روحي ؟ قال : بلى يا رب قال : ألم أسجد لك ملائكتي ؟
(1/145)
قال
: بلى يا رب قال ألم أسكنك جنتي ؟ قال : بلى يا رب قال : ألم آمرك فعصيتني ؟ قال :
بلى يا رب قال : وعزتي وجلالي وارتفاعي في علو مكاني لو أن ملء الأرض رجالا مثلك
ثم عصوني لأنزلتهم منازل العاصين غير أنه يا آدم قد سبقت رحمتي غضبي قد سمعت صوتك
وتضرعك ورحمت بكاءك وأقلت عثرتك فقل : لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا
وظلمت نفسي فارحمني إنك أنت خير الراحمين
لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي
فتب علي إنك أنت التواب الرحيم
فذلك قوله فتلقى آدم من ربه كلمات
الآية
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن علي بن الحسين بن أبي طالب قال : لما أصاب آدم
الخطيئة عظم كربه واشتد ندمه
فجاءه جبريل فقال : يا آدم هل أدلك على باب توبتك الذي يتوب الله عليك منه ؟ قال :
بلى يا جبريل قال : قم في مقامك الذي تناجي فيه ربك فمجده وامدح فليس شيء أحب إلى
الله من المدح قال : فأقول ماذا يا جبريل ؟ قال : فقل لا إله إلا الله وحده لا
شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير كله وهو على كل
شيء قدير
ثم تبوء بخطيئتك فتقول : سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت
رب إني ظلمت نفسي وعملت السوء فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت
الله إني أسألك بجاه محمد عبدك وكرامته عليك أن تغفر لي خطيئتي
قال : ففعل آدم فقال الله : يا آدم من علمك هذا ؟ فقال : يا رب إنك لما نفخت في
الروح فقمت بشرا سويا أسمع وأبصر وأعقل وأنظر رأيت على ساق عرشك مكتوبا " بسم
الله الرحمن الرحيم لا إله إلا الله وحده لا شريك له محمد رسول الله " فلما
لم أر أثر اسمك اسم ملك مقرب ولا نبي مرسل غير اسمه علمت أنه أكرم خلقك عليك
قال : صدقت
وقد تبت عليك وغفرت لك خطيئتك قال : فحمد آدم ربه وشكره وانصرف بأعظم سرور ولم
ينصرف به عبد من عند ربه
وكان لباس آدم النور قال الله ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما ثياب النور قال
: فجاءته الملائكة أفواجا تهنئه يقولون : لتهنك توبة الله يا أبا محمد
وأخرج أحمد في الزهد عن قتادة قال : اليوم الذي تاب الله فيه على آدم يوم عاشوراء
(1/146)
وأخرج
الديلمي في مسند الفردوس بسند واه عن علي قال " سألت النبي صلى الله عليه و
سلم عن قول الله فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه فقال : إن الله أهبط آدم بالهند
وحواء بجدة وإبليس ببيسان والحية بأصبهان
وكان للحية قوائم كقوائم البعير ومكث آدم بالهند مائة سنة باكيا على خطيئته حتى
بعث الله إليه جبريل وقال : يا آدم ألم أخلقك بيدي ؟ ألم أنفخ فيك من روحي ؟ ألم
أسجد لك ملائكتي ؟ ألم أزوجك حواء أمتي ؟ قال : بلى
قال : فما هذا البكاء ؟ قال : وما يمنعني من البكاء وقد أخرجت من جوار الرحمن !
قال : فعليك بهؤلاء الكلمات
فإن الله قابل توبتك وغافر ذنبك
قل : اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد سبحانك لا إله إلا أنت عملت سوءا وظلمت
نفسي فاغفر لي إنك أنت الغفور الرحيم
اللهم إني أسألك بحق محمد وآل محمد سبحانك لا إله إلا أنت عملت سوءا وظلمت نفسي
فتب علي إنك أنت التواب الرحيم
فهؤلاء الكلمات التي تلقى آدم "
وأخرج ابن النجار عن ابن عباس قال " سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن
الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه قال : سأل بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن
والحسين ألا تبت علي فتاب عليه "
وأخرج الخطيب في أماليه وابن عساكر بسند فيه مجاهيل عن ابن مسعود عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال " إن آدم لما أكل من والشجرة أوحى الله إليه : اهبط من جواري
وعزتي لا يجاورني من عصاني
فهبط إلى الأرض مسودا فبكت الأرض وضجت
فأوحى الله : يا آدم صم لي اليوم يوم ثلاثة عشر
فصامه فأصبح ثلثه أبيض ثم أوحى الله إليه : صم لي هذا اليوم يوم أربعة عشر
فصامه فأصبح ثلثاه أبيض ثم أوحى الله إليه صم لي هذا اليوم يوم خمسة عشر
فصامه فأصبح كله أبيض
فسميت أيام البيض "
وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال : لما أهبط الله آدم من الجنة إلى الأرض قال له : يا
آدم أربع احفظهن
واحدة لي عندك وأخرى لك عندي وأخرى بيني وبينك وأخرى بينك وبين الناس
فأما التي لي عندك فتعبدني لا تشرك بي شيئا وأما التي لك عندي فأوفيك عملك لا
أظلمك شيئا وأما التي بيني وبينك فتدعوني فاستجيب لك وأما التي بينك وبين الناس
فترضى للناس أن تأتي إليهم بما ترضى أن يؤتوا إليك بمثله
(1/147)
وأخرج
أحمد في الزهد والبيهقي في الأسماء والصفات عن سلمان قال : لما خلق الله آدم قال :
يا آدم واحدة لي وواحدة لك وواحدة بيني وبينك
فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا وأما التي لك فما عملت من شيء جزيتك به وأن
أغفر فأنا غفور رحيم وأما التي بيني وبينك فمنك المسألة والدعاء وعلي الإجابة
والعطاء
وأخرجه البيهقي من وجه آخر عن سلمان رفعه
وأخرج الخطيب وابن عساكر عن أنس قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
لما أهبط الله آدم إلى الأرض مكث فيها ما شاء الله أن يمكث ثم قال له بنوه : يا
أبانا تكلم
فقام خطيبا في أربعين ألفا من ولده وولد ولده فقال : إن الله أمرني فقال : يا آدم
أقلل كلامك ترجع إلى جواري "
وأخرج الخطيب وابن عساكر عن ابن عباس قال : لما أهبط الله آدم إلى الأرض أكثر
ذريته فنمت فاجتمع إليه ذات يوم ولده وولد ولده فجعلوا يتحدثون حوله وآدم ساكت لا
يتكلم فقالوا : يا أبانا ما لنا نحن نتكلم وأنت ساكت لا تتكلم ؟ ! فقال : يا بني
إن الله لما أهبكني من جواره إلى الأرض عهد إلي فقال : يا آدم أقل الكلام حتى ترجع
إلى جواري
وأخرج ابن عساكر عن فضالة بن عبيد قال : إن آدم كبر حتى تلعب به بنو بنيه فقيل له
: إلا تنهى بني بنيك أن يلعبوا بك قال : إني رأيت ما لم يروا وسمعت ما لم يسمعوا
وكنت في الجنة وسمعت الكلام إن ربي وعدني إن أنا أسكت فمي أن يدخلني الجنة
وأخرج ابن الصلاح في أماليه عن محمد بن النضر قال : قال آدم : يا رب شغلتني بكسب
يدي فعلمني شيئا فيه مجامع الحمد والتسبيح
فأوحى الله إليه : يا آدم إذا أصبحت فقل ثلاثا وإذا أمسيت فقل ثلاثا
الحمد لله رب العالمين حمدا يوافي نعمه ويكافىء مزيده
فذلك مجامع الحمد والتسبيح
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن قتادة قال : كان آدم عليه السلام يشرب من السحاب
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن كعب قال : أول من ضرب الدينار والدرهم
(1/148)
آدم
عليه السلام
وأخرج ابن عساكر عن معاوية بن يحيى قال : أول من ضرب الدينار والدرهم آدم ولا تصلح
المعيشة إلا بهما
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : أول من مات آدم عليه السلام
وأخرج ابن سعد والحاكم وابن مردويه عن عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : لما حضر آدم قال لبنيه : انطلقوا فاجنوا لي من ثمار الجنة فخرجوا فاستقبلتهم
الملائكة فقالوا : أين تريدون ؟ قالوا : بعثنا أبونا لنجني له من ثمار الجنة
فقالوا : ارجعوا فقد كفيتم
فرجعوا معهم حتى دخلوا على آدم فلما رأتهم حواء ذعرت منهم وجعلت تدنو إلى آدم
وتلصق به فقال : إليك عني
إليك عني فمن قبلك أتيت
خلي بيني وبين ملائكة ربي قال : فقبضوا روحه ثم غسلوه وحنطوه وكفنوه ثم صلوا عليه
ثم حفروا له ودفنوه ثم قالوا : يا بني آدم هذه سنتكم في موتاكم فكذلكم فافعلوا
"
وأخرجه ابن أبي شيبة عن أبي
موقوفا
وأخرج ابن عساكر عن أبي " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن آدم لما
حضرته الوفاة أرسل الله إليه بكفن وحنوط من الجنة فلما رأت حواء الملائكة جزعت
فقال : خلي بيني وبين رسل ربي
فما لقيت الذي لقيت إلا منك ولا أصابني الذي أصابني إلا منك "
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال : كان لآدم بنون
ود سواع ويغوث ويعوق ونسر
فكان أكبرهم يغوث فقال له : يا بني انطلق
فإن لقيت أحدا من الملائكة فأمره يجيئني بطعام من الجنة وشراب من شرابها
فانطلق فلقي جبريل بالكعبة فسأله عن ذلك قال : ارجع فإن أباك يموت
فرجع فوجداه يجود بنفسه فوليه جبريل فجاءه بكفن وحنوط وسدر ثم قال : يا بني آدم
أترون ما أصنع بأبيكم ؟ فاصنعوه بموتاكم فغسلوه وكفنوه وحنطوه ثم حملوه إلى الكعبة
فكبر عليه أربعا ووضعوه مما يلي القبلة عند القبور ودفنوه في مسجد الخيف
وأخرج الدارقطني في سننه عن ابن عباس قال : صلى جبريل على آدم وكبر عليه أربعا
صلى جبريل بالملائكة يومئذ في مسجد الخيف وأخذ من قبل القبلة ولحد له وسنم قبره
وأخرج أوب نعيم في الحلية عن ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه و سلم أتي
بجنازة فصلى عليها وكبر أربعا وقال : كبرت الملائكة على آدم أربع تكبيرات "
(1/149)
وأخرج
ابن عساكر عن أبي " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ألحد آدم وغسل بالماء
وترا
فقالت الملائكة : هذه سنة ولد آدم من بعده "
وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن أبي فراس قال : قبر آدم في مغارة فيما بين بيت
المقدس ومسجد إبراهيم ورجلاه عند الصخرة ورأسه عند مسجد إبراهيم
و بينهما ثمانية عشر ميلا
وأخرج ابن عساكر عن عطاء الخراساني قال : بكت الخلائق على آدم حين توفي سبعة أيام
وأخرج ابن عدي في الكامل وأبو الشيخ في العظمة وابن عساكر عن جابر " أن النبي
صلى الله عليه و سلم قال : ليس أحد من أهل الجنة إلا يدعى باسمه إلا آدم فإنه يكنى
أبا محمد وليس أحد من أهل الجنة إلا وهم جرد مرد إلا ما كان من موسى بن عمران فإن
لحيته تبلغ سرته "
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن علي قال " قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : أهل الجنة ليست لهم كنى إلا آدم فإنه يكنى أبا محمد تعظيما
وتوقيرا "
وأخرج ابن عساكر عن كعب قال : ليس أحد في الجنة له لحية إلا آدم عليه السلام له
لحية سوداء إلى سرته : وذلك أنه لم يكن له في الدنيا لحية وإنما كانت اللحى بعد
آدم وليس أحد يكنى في الجنة غير آدم
يكنى فيها أبا محمد
وأخرج أبو الشيخ عن بكر بن عبد الله المزني قال : ليس أحد في الجنة له كنية إلا
آدم يكنى أبا محمد
أكرم الله بذلك محمدا صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن عساكر عن غالب بن عبد الله العقيلي قال : كنية آدم في الدنيا أبو البشر
وفي الجنة أبو محمد
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن خالد بن معدان قال : أهبط آدم بالهند وأنه لما توفي
حمله خمسون ومائة رجل من بنيه إلى بيت المقدس وكان طوله ثلاثين ميلا ودفنوه بها
وجعلوا رأسه عند الصخرة ورجليه خارجا من بيت المقدس ثلاثين ميلا
وأخرج الطبراني عن أبي برزة الأسلمي قال : إن آدم لما طؤطىء منع كلام الملائكة -
وكان يستأنس بكلامهم - بكى على الجنة مائة سنة فقال الله عز و جل له : يا آدم ما
يحزنك ؟ قال : كيف لا أحزن وقد أهبطتني من الجنة ولا أدري أعود إليها أم لا ؟ فقال
الله تعالى : يا آدم قل : اللهم لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك
(1/150)
سبحانك
وبحمدك
رب إني عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت خير الغافرين
والثانية : اللهم لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك سبحانك وبحمدك
رب إني عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي إنك أنت أرحم الراحمين
والثالثة اللهم لا إله إلا أنت سبحانك وبحمدك لا شريك لك رب عملت سوءا وظلمت نفسي
فاغفر لي إنك أنت التواب الرحيم
فهي الكلمات التي أنزل الله على محمد صلى الله عليه و سلم فتلقى آدم من ريه كلمات
فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم قال : وهي لولده من بعده وقال آدم لابن له يقال
هبة الله
ويسميه أهل التوراة وأهل الإنجيل شيث : تعبد لربك وأسأله أيردني إلى الجنة أم لا ؟
فتعبد الله وسأل
فأوحى الله إليه : إني راده إلى الجنة فقال : أي رب إني لست آمن إن أبي سيسألني
العلامة فألقى الله سوارا من أسورة الحورفلما أتاه قال : ما وراءك ؟ قال : أبشر
قال : أخبرني أنه رادك إلى الجنه قال : فما سألته العلامة
فأخرج السوار فرآه فعرفه فخر ساجدا فبكى حتى سال من عينيه نهر من دموع
وآثاره تعرف بالهند
وذكر أن كنز الذهب بالهند مما ينبت من ذلك السوار ثم قال : استطعم لي ربك من ثمر
الجنة
فلما خرج من عنده مات آدم فجاءه جبريل فقال : إلى أين ؟ قال : إن أبي أرسلني أن
أطلب إلى ربي أن يطعمه من ثمر الجنة قال : فإن ربه قضى أن لا يأكل منها شيئا حتى
يعود إليها وأنه قد مات فأرجع فواره فأخذ جبريل عليه السلام فغسله وكفنه وحنطه
وصلى عليه ثم قال جبريل : هكذا فاصنعوا بموتاكم
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد قال : قبر آدم عليه السلام بني في مسجد الخيف وقبر حواء
بجدة
وأخرج ابن أبي حنيفة في تاريخه وابن عساكر عن الزهري والشعبي قالا : لما هبط آدم
من الجنة وانتشر ولده أرخ بنوه من هبوط آدم فكان ذلك التاريخ حتى بعث الله نوحا
فأرخوا ببعث نوح حتى كان الغرق فكان التاريخ من الطوفان إلى نار إبراهيم فأرخ بنو
اسحق من نار إبراهيم إلى بعث يوسف ومن بعث يوسف إلى مبعث موسى ومن مبعث موسى إلى
ملك سليمان ومن ملك سليمان إلى ملك عيسى ومن مبعث عيسى إلى مبعث رسول الله صلى
الله عليه و سلم وأرخ بنو اسماعيل من نار إبراهيم إلى بناء البيت حين بناه إبراهيم
واسماعيل
فكان التاريخ من بناء البيت حتى تفرقت معد فكان كلما خرج قوم من تهامة أرخوا
مخرجهم حتى مات كعب بن لؤي
(1/151)
فأرخوا
من موته إلى الفيل فكان التاريخ من الفيل حتى أرخ عمر بن الخطاب من الهجرة
وذلك سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة
وأخرج ابن عساكر عن عبد العزيز بن عمران قال : لم يزل للناس تاريخ كانوا يؤرخون في
الدهر الأول من هبوط آدم من الجنة فلم يزل ذلك حتى بعث الله نوحا فأرخوا من دعاء
نوح على قومه ثم أرخوا من الطوفان ثم أرخوا من نار إبراهيم ثم أرخ بنو اسماعيل من
بنيان الكعبة ثم أرخوا من موت كعب بن لؤي ثم أرخوا من عام الفيل ثم أرخ المسلمون
بعد من هجرة رسول الله صلى الله عليه و سلم
قوله تعالى : قلنا اهبطوا منها جميعا فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا خوف
عليهم ولاهم يحزنون والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون
ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله قلنا اهبطوا منها جميعا فإما
يأتينكم مني هدى قال : الهدى الأنبياء والرسل والبيان
وأخرج ابن المنذر عن قتادة في قوله فمن اتبع هداي
الآية
قال : ما زال لله في الأرض أولياء منذ هبط آدم ما أخلى الأرض لإبليس إلا وفيها
أولياء له يعملون لله بطاعته
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن أبي الطفيل قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه و
سلم فمن اتبع هدي بتثقيل الياء وفتحها
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله فلا خوف عليهم يعني في الآخرة ولا هم
يحزنون يعني لا يحزنون للموت
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي في شعب الإيمان عن قتادة قال : لما هبط إبليس
قال : أي رب قد لعنته فما علمه ؟ قال : السحر
قال : فما قراءته ؟ قال : الشعر
قال : فما كتابه ؟ قال : الوشم
قال : فما طعامه ؟ قال : كل ميتة وما لم يذكر اسم الله عليه
قال : فما شرابه ؟ قال : كل مسكر
قال : فأين مسكنه ؟ قال : الحمام
قال : فأين مجلسه ؟ قال : الأسواق
قال : فما صوته ؟ قال : المزمار
قال : فما مصائده ؟ : قال : النساء
(1/152)
وأخرج
أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال : قال رسول صلى الله عليه و سلم " قال
إبليس لربه تعالى : يا رب قد أهبط آدم وقد علمت أنه سيكون كتاب ورسل فما كتابهم
ورسلهم ؟ قال : رسلهم الملائكة والنبيون وكتبهم التوراة والإنجيل والزبور والفرقان
قال : فما كتابي ؟ قال : كتابك الوشم وقراءتك الشعر ورسلك الكهنة وطعامك ما لم
يذكر اسم الله عليه وشرابك كل مسكر وصدقك الكذب وبيتك الحمام ومصائدك النساء
ومؤذنك المزمار ومسجدك الأسواق "
قوله تعالى : يا بني إسرائيل اذكروا نعمي التي أنعمت عليكم وأوفوا بعهدي أوفي
بعهدكم وإيي فارهبون وأمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به ولا
تشتروا بآيتي ثمنا قليلا وإيي فاتقون ولا تلبسوا الحق بالباطل وتكتموا الحق وأنتم
تعلمون وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين
عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس قال : إسرائيل يعقوب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال :
إسرائيل هو يعقوب
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي مجلز قال : كان يعقوب رجلا بطيشا فلقي ملكا
فعالجه فصرعه الملك فضربه على فخذيه فلما رأى يعقوب ما صنع به بطش به فقال : ما
أنا بتاركك حتى تسميني اسما
فسماه إسرائيل
قال أبو مجلز : ألا ترى أنه من أسماء الملائكة إسرائيل وجبريل وميكائيل وإسرافيل
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : كانت الأنبياء من بني إسرائيل إلا عشرة
نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وإبراهيم وإسماعيل واسحق ومحمد عليه السلام ولم من
الأنبياء من له اسمان إلا إسرائيل وعيسى فإسرائيل يعقوب وعيسى المسيح
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس : إن إسرائيل وميكائيل وجبريل وإسرافيل كقولك عبد الله
(1/153)
وأخرج
ابن جرير عن عبد الله بن الحرث البصري قال ايل الله بالعبرانية
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله يا بني إسرائيل قال :
للأحبار من اليهود اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم أي آلائي عندكم وعند آبائكم لما
كان نجاهم به من فرعون وقومه أوفوا بعهدي الذي أخذت بأعناقكم للنبي صلى الله عليه
و سلم إذ جاءكم أوف بعهدكم أنجز لكم ما وعدتكم عليه بتصديقكم معه وأتباعه بوضع ما
كان عليهم من الإصر والأغلال وإياي فارهبون أن أنزل بكم ما أنزلت بمن كان قبلكم من
آبائكم من النقمات وآمنوا بما أنزلت مصدقا لما معكم ولا تكونوا أول كافر به وعندكم
به من العلم ما ليس عند غيركم وتكتموا الحق وأنتم تعلمون أي لا تكتموا ما عندكم من
المعرفة برسولي وبما جاء به وأنتم تجدونه عندكم فيما تعلمون من الكتب التي بأيديكم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أوفوا بعهدي يقول : ما أمرتكم
به من طاعتي ونهيتكم عنه من معصيتي في النبي صلى الله عليه و سلم وغيره أوف بعهدكم
يقول : أرض عنكم وأدخلكم الجنة
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود
مثله
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم قال : هو الميثاق الذي
أخذ عليهم في سورة لقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل
المائدة الآية 12 الآية
وأخرج عبد بن حميدعن قتادة في قوله وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم قال : العهد الذي أخذ
الله عليهم وأعطاهم الآية التي في سورة المائدة لقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل
المائدة الآية 12 إلى قوله ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم قال : أوفوا بما
افترضت عليكم أوف لكم بما رايت الوعد لكم به على نفسي
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة عن الضحاك في قوله وأوفوا بعهدي أوف
بعهدكم قال : أوفوا بطاعتي أوف لكم بالجنة
(1/154)
وأخرج
ابن جرير عن أبي العالية في قوله وآمنوا بما أنزلت قال : القرآن مصدقا لما معكم
قال : التوراة والإنجيل
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله ولا تكونوا أول كافر به قال : بالقرآن
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في الآية قال : يقول يا معشر أهل الكتاب آمنوا بما
أنزلت على محمد مصدقا لما معكم لأنكم تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل ولا
تكونوا أول كافر به يقول : لا تكونوا أول من كفر بمحمد ولا تشتروا بآياتي ثمنا
يقول : لا تأخذوا عليه أجرا
قال : وهو مكتوب عندهم في الكتاب الأول : يا ابن آدم علم مجانا كما علمت مجانا
وأخرج أبو الشيخ عن أبي العالية في قوله لا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا قال : لا
تأخذ على ما علمت أجرا فإنما أجر العلماء والحكماء على الله وهم يجدونه عندهم يا
ابن آدم علم مجانا كما علمت مجانا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ولا تلبسوا الحق بالباطل قال : لا تخلطوا
الصدق بالكذب وتكتموا الحق وأنتم تعلمون قال : لا تكتموا الحق وأنتم قد علمتم أن
محمدا رسول الله
وأخرج عبد بن حميدعن قتادة في قوله ولا تلبسوا الحق بالباطل قال : لا تلبسوا
اليهودية والنصرانية بالإسلام وأنتم تعلمون أن دين الله الإسلام وأن اليهودية
والنصرانية بدعة ليست من الله وتكتمون الحق وأنتم تعلمون قال : كتموا محمدا وهم
يعلمون أنه رسول الله يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف
وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث
وأخرج ابن جرير عن أبي زيد في قوله ولا تلبسوا الحق بالباطل قال : الحق التوراة
التي أنزل الله والباطل الذي كتبوه بأيديهم
وأخرج ابن جرير عن السدي عن مجاهد في قوله وتكتموا الحق قال : هو محمد صلى الله
عليه و سلم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله واركعوا قال : صلوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله واركعوا مع الراكعين قال : أمرهم أن يركعوا
مع أمة محمد يقول : كونوا منهم ومعهم
(1/155)
قوله
تعالى : أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون
عبد بن حميد عن قتادة في قوله أتأمرون النتس بالبر وتنسون أنفسكم قال : أولئك أهل
الكتاب كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب ولا ينتفعون بما
فيه
وأخرج الثعلبي والواحدي عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في يهود أهل المدينة كان
الرجل منهم يقول لصهره ولذوي قرابته ولمن بينه وبينهم رضاع من المسلمين : اثبت على
الدين الذي أنت عليه وما يأمرك به هذا الرجل - يعنون به محمدا - فإن أمره حق
وكانوا يأمرون الناس بذلك ولا يفعلونه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله أتأمرون الناس بالبر قال : بالدخول في دين
محمد وأنتم تتلون يقولون : تدرسون الكتاب بذلك أفلا تعقلون تفهمون ينهاهم عن هذا
الخلق القبيح
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : تنهون الناس
عن الكفر لما عندكم من النبوة والعهد من التوراة وأنتم تكفرون بما فيها من عهدي
إليكم في تصديق رسولي
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي
قلابة في الآية قال : قال أبو الدرداء : لا يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس في
ذات الله ثم يرجع إلى نفسه فيكون لها أشد مقتا
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبزار وأبن أبي داود في البعث وابن
المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه والبيهقي في شعب
الإيمان عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " رأيت ليلة أسري بي
رجالا تقرض شفاههم بمقاريض من نار كلما قرضت رجعت فقلت لجبريل : من هؤلاء ؟ قال :
هؤلاء خطباء من أمتك كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب
أفلا يعقلون "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أسامة بن زيد قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول " يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق به أقتابه فيدور
بها كما يدور
(1/156)
الحمار
برحاه فيطف به أهل النار فيقولون : يا فلان مالك ما أصابك ألم تكن تأمرنا بالمعروف
وتنهانا عن المنكر
؟ ! فيقول : كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه "
وأخرج الخطيب في اقتضاء العلم بالعمل وابن النجار في تاريخ بغداد عن جابر عن النبي
صلى الله عليه و سلم قال " اطلع قوم من أهل الجنة على قوم من أهل النار
فقالوا : بم دخلتم النار وإنما دخلنا الجنة بتعليمكم ؟ ! قالوا : إنا كنا نأمركم
ولا نفعل "
وأخرج الطبراني والخطيب في اقتضاء العلم بالعمل وابن عساكر بسند ضعيف عن الوليد بن
عقبة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن أناسا من أهل الجنة يتطلعون
إلى أناس من أهل النار فيقولون : بم دخلتم النار فوالله ما دخلنا الجنة إلا
بتعليمكم ؟ ! فيقولون : إنا كنا نقول ولا نفعل
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن الوليد بن عقبة أنه خطب الناس فقال في
خطبته : ليدخلن أمراء النار ويدخلن من أطاعهم الجنة فيقولون لهم وهم في النار :
كيف دخلتم النار وإنما دخلنا الجنة بطاعتكم ؟ فيقولون لهم : إنا كنا نأمركم بأشياء
نخالف إلى غيرها
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : يشرف قوم في الجنة على قوم في النار فيقولون :
ما لكم في النار وإنما كنا نعمل بما تعلمون
؟ ! قالوا : كنا نعلمكم ولا نعمل به
وأخرج ابن المبارك في الزهد عن الشعبي قال : يطلع قوم من أهل الجنة إلى قوم من
النار فيقولون : ما أدخلكم النار وإنما دخلنا الجنة بفضل تأدبيكم وتعليمكم ؟ قالوا
: إنا كنا نأمر بالخير ولا نفعله
وأخرج الطبراني والخطيب في الإقتضاء والأصبهاني في الترغيب بسند جيد عن جندب بن
عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " مثل العالم الذي يعلم
الناس الخير ولا يعمل به كمثل السراج يضيء للناس ويحرق نفسه "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن جندب البجلي قال : إن مثل
الذي يعظ الناس وينسى نفسه كمثل المصباح يضيء لغيره ويحرق نفسه
وأخرج الطبراني والخطيب في الإقتضاء عن أبي بزرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم
(1/157)
"
مثل الذي يعلم الناس وينسى نفسه كمثل الفتيلة تضيء للناس وتحرق نفسها "
وأخرج ابن قانع في معجمه والخطيب في الإقتضاء عن سليك قال : سمعت النبي صلى الله
عليه و سلم يقول " إذا علم العالم ولم يعمل كان كالمصباح يضيء للناس ويحرق
نفسه "
وأخرج الأصبهاني في الترغيب بسند ضعيف عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " يجاء بالعالم السوء يوم القيامة فيقذف في جهنم فيدور بقصبه -
قلت : ما قصبه ؟ قال : أمعاؤه - كما يدور الحمار بالرحى فيقال : يا ويله بم لقيت
هذا وإنما اهتدينا بك ؟ ! قال : كنت أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه "
وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من دعا الناس إلى قول أو عمل ولم يعمل هو به لم يزل في ظل سخط الله حتى يكف
أو يعمل ما قال ودعا إليه "
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر عن ابن عباس
أنه جاءه رجل فقال : يا ابن عباس إني أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر
قال : أو بلغت ذلك ؟ قال : أرجو
قال : فإن لم تخش أن تفتضح بثلاثة أحرف في كتاب الله فافعل
قال : وما هن ؟ قال : قوله عز و جل أتأمرون النتس بالبر وتنسون أنفسكم أحكمت هذه
الآية ؟ قال : لا
قال : فالحرف الثاني قال قوله تعالى لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن
تقولوا مالا تفعلون الصف الآية 3 أحكمت هذه الآية ؟ قال : لا
قال : فالحرف الثالث قال قول العبد الصالح شعيب ما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم
عنه هود الآية 88 أحكمت هذه الآية ؟ قال : لا
قال : فابدأ بنفسك
وأخرج ابن المبارك في الزهد والبيهقي في شعب الإيمان عن الشعبي قال : ما خطب خطيب
في الدنيا إلا سيعرض الله عليه خطبته ما أراد بها
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال : ويل للذي لا
يعلم مرة ولو شاء الله لعلمه وويل للذي يعلم ولا يعمل سبع مرات
وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الله بن مسعود قال : ويل للذي لا يعلم ولو شاء الله
لعلمه وويل لمن يعلم ثم لايعمل سبع مرات
(1/158)
قوله
تعالى : واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين
عبد بن حميد عن قتادة في قوله واستعينوا بالصبر والصلاة قال : إنهما معونتان من
الله فاستعينوا بهما
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب العزاء وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : الصبر
اعتراف العبد لله بما أصاب منه واحتسابه عند الله رجاء ثوابه وقد يجزع الرجل وهو
متجلد لا يرى منه إلا الصبر
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب قال : الصبر صبران : صبر عند المصيبة حسن
وأحسن منه الصبر عن محارم الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : الصبر بابين الصبر لله فيما أحب وإن ثقل على
الأنفس والأبدان والصبر عما كره وإن نازعت إليه الأهواء فمن كان هكذا فهو من
الصابرين الذين يسلم عليهم إن شاء الله تعالى
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الصبر وأبو الشيخ في الثواب والديلمي في مسند
الفردوس عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " الصبر ثلاثة فصبر
على المصيبة وصبر على الطاعة وصبر على المعصية "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد في مسنده والترمذي وحسنه وابن مردويه والبيهقي في شعب
الإيمان وفي الأسماء والصفات عن ابن عباس قال : كنت رديف رسول الله صلى الله عليه
و سلم فقال " يا غلام ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن ؟ قلت : بلى
قال : احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في
الشدة وأعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك وإن الخلائق لو
اجتمعوا على أن يعطوك شيئا لم يرد الله أن يعطيكه لم يقدروا على ذلك أو أن يصرفوا
عنك شيئا أراد اله أن يعطيكه لم يقدروا على ذلك وأن قد جف القلم بما هو كائن إلى
يوم القيامة فإذا سألت فسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله وإذا اعتصمت فاعتصم
بالله واعمل لله بالشكر في اليقين وأعلم أن الصبر على ما تكره خير كثير وإن النصر
مع الصبر وإن الفرج مع الكرب إن مع العسر يسرا "
وأخرج الدارقطني في الأفراد وابن مردويه والبيهقي والأصبهاني في الترغيب عن
(1/159)
سهل
بن سعد الساعدي
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لعبد الله بن عباس " ألا أعلمك كلمات
تنتفع بهن ؟ قال : بلى يا رسول الله
قال : احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده أمامك تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في
الشدة فإذا سألت فسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله جف القلم بما هو كائن فلو جهد
العباد أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه ولو جهد العباد أن يضروك
بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه فإن استطعت أن تعمل لله بالصدق في اليقين
فافعل فإن لم تستطع فإن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا وأعلم أن النصر مع الصبر
وإن الفرج مع الكرب وإن مع العسر يسرا "
وأخرج الحكيم والترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس قال : كنت ذات يوم رديف رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال " ألا أعلمك خصالا ينفعك اله بهن ؟ قلت : بلى
قال : عليك بالعلم فإن العلم خليل المؤمن والحلم وزيره والعقل دليله والعمل قيمه
والرفق أبوه واللين أخوه والصبر أمير جنوده "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان والخرائطي في كتاب الشكر عن أنس قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " الإيمان نصفان
فنصف في الصبر ونصف في الشكر "
وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " الصبر
نصف الإيمان واليقين الإيمان كله "
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والطبراني والبيهقي عن ابن مسعود موقوفا مثله
وقال البيهقي : إنه المحفوظ
وأخرج البيهقي عن علي بن أبي طالب قال : الإيمان على أربع دعائم
على الصبر والعدل واليقين والجهاد
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن جابر بن عبد الله قال : " قيل يا رسول الله
أي الإيمان أفضل ؟ قال : الصبر والسماحة
قيل : فأي المؤمنين أكمل إيمانا ؟ قال : أحسنهم خلقا "
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عبيد بن عمير الليثي عن أبيه عن جده قال : بينا أنا
عند رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا جاءه رجل فقال : يا رسول الله ما الإيمان ؟
قال : الصبر والسماحة
قال : فأي الإسلام أفضل ؟ قال : من سلم المسلمون من لسانه ويده
قال : فأي الهجرة أفضل ؟ قال : من هجر السوء
قال : فأي الجهاد أفضل ؟
(1/160)
قال
: من أهرق دمه وعقر جواده
قال : فأي الصدقة أحسن أفضل ؟ قال : جهد المقل
قال : فأي الصلاة أفضل ؟ قال : طول القنوت "
وأخرج أحمد والبيهقي عن عبادة بن الصامت قال : قال رجل " يا رسول الله أي
العمل أفضل ؟ قال : الصبر والسماحة
قال : أريد أفضل من ذلك
قال : لا تتهم الله في شيء من قضائه "
وأخرج البيهقي عن الحسن قال : الإيمان الصبر والسماحة الصبر عن محارم الله وأداء
فرائض الله
وأخرج ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان والبيهقي عن علي قال : الصبر من الإيمان
بمنزلة الرأس من الجسد إذا قطع الرأس نتن باقي الجسد ولا إيمان لمن لا صبر له
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الحسن
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " ادخل نفسك في هموم الدنيا واخرج منها
بالصب وليردك عن الناس ما تعلم من نفسك "
وأخرج البيهقي عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
من قضى نهمته في الدنيا حيل بينه وبين شهوته في الآخرة ومن مد عينيه إلى زينة المترفين
كان مهينا في ملكوت السماء ومن صبر على القوت الشديد أسكنه الله الفردوس حيث شاء
"
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه والبيهقي واللفظ له عن ابن عمر عن رسول الله
صلى الله عليه و سلم أنه قال " قد أفلح من أسلم وكان رزقه كفافا وصبر على ذلك
"
وأخرج البيهقي عن أبي الحويرث أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " طوبى
لمن رزقه الله الكفاف وصبر عليه "
وأخرج البيهقي عن عسعس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم فقد رجلا فسأل عنه
فجاء فقال : يا رسول الله إني أردت أن آتي هذا الجبل فأخلو فيه وأتعبد فقال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : لصبر أحدكم ساعة على ما يكره في بعض مواطن الإسلام خير
من عبادته خاليا أربعين سنة "
وأخرج البيهقي من طريق عسعس بن سلامة عن أبي حاضر الأسدي " أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم فقد رجلا فسأل عنه فقيل : إنه قد تفرد يتعبد
فبعث إليه فأتى إليه فقال : رسول الله صلى الله عليه و سلم ألا إن موطنا من مواطن
المسلمين أفضل من عبادة الرجل وحده ستين سنة
قالها ثلاثا "
وأخرج البخاري في الأدب والترمذي وابن ماجه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و
سلم
(1/161)
قال
" المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المسلم الذي لا يخالط
الناس ولا يصبر على أذاهم "
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أيكم
يسره أن يقيه الله من فيح حهنم ثم قال : ألا إن عمل الجنة خزن بربوة ثلاثا ألا إن
عمل النهار سهل لشهوة ثلاثا والسعيد من وقي الفتن ومن ابتلي فصبر فيا لها ثم يا
لها
! "
وأخرج البيهقي وضعفه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
ما صبر أهل بيت على جهد ثلاثا إلا أتاهم الله برزق
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول من حديث ابن عمر
مثله
وأخرج البيهقي من وجه آخر ضعيف عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " من جاع أو احتاج فكتمه الناس كان حقا على الله أن يرزقه رزق سنة من
حلال "
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : ما من مؤمن تقي يحبس الله عنه الدنيا ثلاثة أيام
وهو في ذلك راض عن الله من غير جزع إلا وجبت له الجنة
وأخرج البيهقي عن شريح قال : إني لأصاب بالمصيبة فأحمد الله عليها أربع مرات :
أحمده إذ لم تكن أعظم مما هي وأحمده إذ رزقني الصبر عليها وأحمده إذ وفقني
للاسترجاع لما أرجو فيه من الثواب وأحمده إذ لم يجعلها في ديني
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الحسن قال : خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم
ذات يوم فقال " هل منكم من يريد أن يؤتيه الله علما بغير تعلم وهديا بغير
هداية هل منكم من يريد أن يذهب الله عنه العمى ويجعله بصيرا ألا إنه من زهد الدنيا
وقصر أمله فيها أعطاه الله علما بغير تعلم وهدى بغير هداية ألا إنه سيكون بعدكم
قوم لايستقيم لهم الملك إلا بالقتل والتجبر ولا الغنى إلا بالبخل والفخر ولا
المحبة إلا باللاستجرام في الدين واتباع الهوى ألا فمن أدرك ذلك الزمان منكم فصبر
للفقر وهو يقدر على الغنى وصبر للبغضاء وهو يقدر على المحبة وصبر على الذل وهو
يقدر على العز لا يريد بذلك إلا وجه الله أعطاه ثواب خمسين صديقا "
وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" أفضل الإيمان الصبر والسماحة "
وأخرج مالك وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والبيهقي عن أبي
سعيد الخدري
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " إنه من يستعف يعفه الله ومن يستغن
(1/162)
يغنه
الله ومن يتصبر يصبره الله ولم تعطوا عطاءا خيرا وأوسع من الصبر "
وأخرج أحمد في الزهد عن عمر بن الخطاب قال : وجدنا خير عيشنا الصبر
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ميمون بن مهران قال : ما نال رجلا من جسيم الخير شيء
إلا بالصبر
وأما قوله تعالى : والصلاة أخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله واستعينوا بالصبر
والصلاة قال : على مرضاة الله واعلموا أنهما من طاعة الله
وأخرج أحمد وأبو داود وابن جرير عن حذيفة قال " كان رسول الله صلى الله عليه
و سلم إذا حز به أمر فزع إلى الصلاة "
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن عساكر عن أبي الدرداء قال " كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم إذا كانت ليلة ريح كان مفزعه إلى المسجد حتى يسكن وإذا حدث في
السماء حدث من كسوف شمس أو قمر كان مفزعه إلى الصلاة "
وأخرج أحمد والنسائي وابن حبان عن صهيب عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
كانوا - يعني الأنبياء - يفزعون إذا فزعوا إلى الصلاة "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس
أنه كان في مسير له فنعي إليه ابن له فنزل فصلى ركعتين ثم استرجع وقال : فعلنا كما
أمرنا الله فقال واستعينوا بالصبر والصلاة
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الشعب عن ابن عباس
أنه نعي إليه أخوه قثم وهو في مسير فاسترجع ثم تنحى عن الطريق فصلى ركعتين أطال
فيهما الجلوس ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها
لكبيرة إلا على الخاشعين
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عبادة بن محمد بن عبادة بن الصامت قال : لما حضرت
عبادة الوفاة قال : أحرج على إنسان منكم يبكي فإذا خرجت نفسي فتوضؤوا وأحسنوا
الوضوء ثم ليدخل كل إنسان منكم مسجدا فيصلي ثم يستغفر لعباده ولنفسه فإن الله
تبارك وتعالى قال واستعينوا بالصبر والصلاة ثم أسرعوا بي إلى حفرتي
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي من طريق معمر عن الزهري عن حميد
(1/163)
ابن
عبد الرحمن بن عوف عن أمه أم كلثوم بنت عقبة وكانت من المهاجرات الأول في قوله
واستعينوا بالصبر والصلاة قالت : غشي على الرحمن بن عبد الرحمن غشية فظنوا أنه
أفاض نفسه فيها فخرجت امرأته أم كلثوم إلى المسجد تستعين بما أمرت به من الصبر
والصلاة فلما أفاق قال : أغشي علي آنفا ؟ قالوا : نعم
قال : صدقتم إنه جاءني ملكان فقالا لي : انطلق نحاكمك إلى العزيز الأمين
فقال ملك أخر : ارجعا فإن هذا ممن كتبت له السعادة وهم في بطون أمهاتهم ويستمع به
بنوه ما شاء الله فعاش بعد ذلك شهرا ثم مات
وأخرج البيهقي في الشعب عن مقاتل بن حبان في قوله واستعينوا بالصبر والصلاة يقول :
استعينوا على طلب الآخرة بالصبر على الفرائض والصلاة فحافظوا عليها وعلى مواقيتها
وتلاوة القرآن فيها وركوعها وسجودها وتكبيرها والتشهد فيها والصلاة على النبي صلى
الله عليه و سلم وإكمال ظهورها فذلك إقامتها وإتمامها قوله وإنها لكبيرة إلا على
الخاشعين يقول : صرفك عن بيت المقدس إلى الكعبة كبر ذلك على المنافقين واليهود إلا
على الخاشعين يعني المتواضعين
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله وإنها لكبيرة قال : لثقيلة
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله وإنها لكبيرة قال : قال المشركون واله يا محمد
إنك لتدعونا إلى أمر كبير
قال : إن الصلاة والإيمان بالله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله إلا على الخاشعين قال :
المصدقين بما أنزل الله
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله إلا على الخاشعين قال : المؤمنين حقا
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله إلا على الخاشعين قال : الخائفين
قوله تعالى : الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كل ظن في القرآن فهو يقين
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ما كان من ظن الآخرة فهو علم
(1/164)
وأخرج
ابن جرير عن أبي العالية في قوله وإنهم إليه راجعون قال : يسيقنون أنهم راجعون إليه
يوم القيامة
قوله تعالى : يا بني إسرائيل اذكروا نعمني التي أنعمت عليكم وإني فضلتكم على
العالمين
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب أنه كان إذا تلا اذكروا نعمتي التي
أنعمت عليكم قال : مضى القوم وإنما يعني به أنتم
وأخرج ابن جرير عن سفيان بن عينية في قوله اذكروا نعمتي قال : إيادي الله عليكم
وأيامه
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله يا بني إسرائيل اذكروا نعمني التي أنعمت عليكم
قال : نعمة الله التي أنعم على بني إسرائيل فيما سمي وفيما سوى ذلك فجر لهم الحجر
وأنزل عليهم المن والسلوى وأنجاهم من عبودية آل فرعون
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله وإني فضلتكم على العالمين قال :
فضلوا على العالم الذي كانوا فيه ولكل زمان عالم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله وإني فضلتكم على العالمين قال : على من هم بين
ظهريه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله وإني فضلتكم على العالمين
قال : بما أعطوا من الملك والرسل والكتب على من كان في ذلك الزمان فإن لكل زمان
عالما
قوله تعالى : واتقوا يوما لاتجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ
منها عدل ولا هم ينصرون
الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قرأت على أبي بن كعب
(1/165)
واتقوا
يوما لاتجزى نفس عن نفس بالتاء لاتقبل منها شفاعة بالتاء ولا يؤخذ منها عدل بالياء
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله لاتجزى نفس عن نفس شيئا قال : لا تغني نفس
مؤمنة عن نفس كافرة من المنفعة شيئا
وأخرج ابن جرير عن عمر بن قيس الملائي عن رجل من بني أمية من أهل الشام أحسن
الثناء عليه قال : " قيل : يا رسول الله ما العدل ؟ قال : العدل الفدية
"
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ولا يؤخذ منها عدل قال : بدل
البدل الفدية
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءتنا قبل الخمسين من البقرة
مكان لا تقبل منها شفاعة لا يؤخذ
قوله تعالى : وإذ نجيناكم من آل فرعون يسومونكم سوء العذاب يذبحون أبناءكم
ويستحيون نساؤكم وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم
ابن جرير عن ابن عباس قال : قالت الكهنة لفرعون : أنه يولد في هذا العام مولود
يذهب بملكك
فجعل فرعون على كل ألف امرأة مائة رجل وعلى كل مائة عشرة وعلى كل عشر رجلا فقال :
أنظروا كل امرأة حامل في المدينة فإذا وضعت حملها ذكرا فاذبحوه وإن أتت أنثى فخلوا
عنها وذلك قوله يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله يسومونكم سوء العذاب
الآية
قال : إن فرعون ملكهم أربعمائة سنة فقال له الكهنة : سيولد العام بمصر غلام يكون
هلاكك على يديه
فبعث في أهل مصر للنساء قوابل فإذا ولدت أمرأة غلاما أتى به فرعون فقتله ويستحي
الجواري
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله بلاء من ربكم عظيم يقول : نعمة
وأخرج وكيع عن مجاهد في قوله وفي ذلكم بلاء من ربكم عظيم قال : نعمة من ربكم عظيمة
قوله تعالى : وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم تنظرون
(1/166)
عبد
بن حميد عن قتادة في قوله وإذ فرقنا بكم البحر فأنجيناكم وأغرقنا آل فرعون وأنتم
تنظرون قال : أي والله لفرق بهم البحر حتى صار طريقا يبسا يمشون فيه فأنجاهم وأغرق
آل فرعون عدوهم نعم من عند الله يعرفهم لكيما يشكروا ويعرفوا حقه
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي عن ابن عباس قال : قدم رسول الله صلى
الله عليه و سلم المدينة فرأى اليهود يصومون يوم عاشوراء فقال : " ما هذا
اليوم الذي تصومون ؟ قالوا : هذا يوم صالح نجى الله فيه بني إسرائيل من عدوهم
فصامه موسى
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : نحن أحق بموسى منكم فصامه وأمر بصومه "
وأخرج الطبراني وأبو نعيم في الحلية عن سعيد بن جبير
إن هرقل كتب إلى معاوية وقال : إن كان بقي فيهم شيء من النبوة فسيخبرني عما اسالهم
عنه
قال : وكتب إليه يسأله عن المجرة وعن القوس وعن البقعة التي لم تصبها الشمس إلا
ساعة واحدة قال : فلما أتى معاوية الكتاب والرسول قال : إن هذا شيء مل كنت آبه له
أن أسال عنه إلى يومي هذا من لهذا ؟ قالوا : ابن عباس
وطوى معاوية كتاب هرقل وبعثه إلى ابن عباس فكتب إليه : إن القوس أمان لأهل الأرض
من الغرق والمجرة باب السماء الذي تشق منه وأما البقعة التي لم تصبها الشمس إلا
ساعة من نهار فالبحر الذي أفرج عن بني إسرائيل
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " فلق
البحر لبني إسرائيل يوم عاشوراء "
قوله تعالى : وإذ وعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون
ابن جرير عن أبي العالية في قوله وإذ وعدنا موسى أربعين ليلة قال : ذا القعدة
وعشرا من ذي الحجة وذلك حين خلف موسى أصحابه
(1/167)
واستخلف
عليهم هارون فمكث على الطور أربعين ليلة وأنزل عليهم التوراة في اللوح فقربه الرب
نجيا وكلمه وسمع صرير القلم وبلغنا أنه لم يحدث حدثا في الأربعين ليلة حتى هبط
الطور
أما قوله ثم اتخذتم أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : اسم عجل بني سرائيل الذي
عبدوه يهبوب
قوله تعالى : ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون
ابن جرير عن أبي العالية في قوله ثم عفونا عنكم من بعد ذلك يعني من بعد ما اتخذتم
العجل
قوله تعالى : وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان لعلكم تهتدون
عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله وإذ آتينا موسى الكتاب والفرقان قال :
الكتاب هو الفرقان فرق بين الحق والباطل
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال : الفرقان جماع اسم التوراة والإنجيل
والزبور والفرقان
قوله تعالى : وإذ قال موسى لقومه يا قوم إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا
إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلك خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب
الرحيم
ابن جرير عن ابن عباس قال : أمر موسى قومه عن أمر ربه أن يقتلوا أنفسهم واحتبى
الذين عكفوا على العجل فجلسوا وقام الذين لم يعكفوا على العجل فأخذوا الخناجر
بأيديهم وأصابتهم ظلمة شديدة فجعل يقتل بعضهم بعضا فانجلت الظلمة عنهم وقد أجلوا
عن سبعين ألف قتيل كل من قتل منهم كانت له توبة وكل من وبقي كانت له توبة
(1/168)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن علي قال : قالوا لموسى : ما توبتنا ؟ قال : يقتل بعضكم بعضا
فأخذوا السكاكين فجعل الرجل يقتل أخاه وأباه وابنه - والله لا يبالي من قتل - حتى
قتل منهم سبعون ألفا فأوحى الله إلى موسى : مرهم فليرفعوا أيديهم وقد غفر لمن قتل
وتيب على من بقي
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله إنكم ظلمتم أنفسكم
الآية
قال : أمر القوم بشديدة من البلاء فقاموا يتناحرون بالشفار ويقتل بعضهم بعضا حتى
بلغ الله نقمته فيهم وعقوبته فلما بلغ ذلك سقطت الشفار من أيديهم وأمسك عنهم القتل
فجعله الله للحي منهم توبة وللمقتول شهادة
وأخرج أحمد في الزهد وابن جرير عن الزهري قال : لما أمرت بنو إسرائي بقتل أنفسها
برزوا ومعهم موسى فاضطربوا بالسيوف وتطاعنوا بالخناجر وموسى رافع يديه حتى إذا
أفنوا بعضهم قالوا : يا نبي الله ادع لنا وأخذوا بعضديه فلم يزل أمرهم على ذلك حتى
إذا قبل الله توبتهم قبض أيديهم بعضهم عن بعض فألقوا السلاح وحزن موسى وبنو
إسرائيل للذي كان من القتل فيهم فأوحى الله إلى موسى : ما يحزنك
؟ أما من قتل منكم فحي عندي يرزق وأما من بقي فقد قبلت توبته
فسر بذلك موسى وبنو إسرائيل
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز و جل إلى
بارئكم قال : خالقكم
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول تبع : شهدت على أحمد أنه رسول من الله باري النسم وأخرج ابن أبي حاتم
عن أبي العالية في قوله إلى بارئكم قال : خالقكم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : كان أمر موسى قومه عن أمر ربه أن يقتل بعضهم بعض
بالخناجر ففعلوا فتاب الله عليهم
قوله تعالى : وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتكم الصاعقة
وأنتم تنظرون ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون
(1/169)
ابن
جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله حتى نرى الله جهرة قال :
علانية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله وإذ قلتم يا موسى لن نؤمن
لك حتى نرى الله جهرة قال : هم السبعون الذي اختارهم موسى فأخذتكم الصاعقة قال :
ماتوا ثم بعثناكم من بعد موتكم فبعثوا من بعد الموت ليستوفوا آجالهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : عوقب القوم فأماتهم الله
عقوبة ثم بعثهم إلى بقية آجالهم ليتوفوها
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز و جل
فأخذتكم الصاعقة قال : العذاب وأصله الموت
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت ربيعة وهو يقول : وقد كنت أخشى عليك الحتوف وقد كنت آمنك الصاعقة
قوله تعالى : وظللنا عليكم الغمام وأنزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما
رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون
ابن جرير عن ابن عباس في قوله وظللنا عليكم الغمام قال : غمام أبرد من هذا وأطيب
وهو الذي يأتي فيه يوم القيامة وهو الذي جاءت فيه الملائكة يوم بدر وكان معهم في
التيه
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وظللنا عليكم
الغمام قال : ليس بالسحاب هو الغمام الذي يأتي الله فيه يوم القيامة ولم يكن إلا
لهم
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة وظللنا عليكم الغمام قال : هو السحاب الأبيض الذي لا ماء
فيه
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مجلز في قوله وظللنا عليكم الغمام قال : ظلل عليهم في
التيه
(1/170)
وأخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتاد في قوله وظللنا عليكم الغمام
الآية
قال : كان هذا في البرية ظلل عليهم الغمام من الشمس وأطعمهم المن والسلوى حين
برزوا إلى البرية فكان المن يسقط عليهم في محلتهم سقوط الثلج أشد بياضا من الثلج
يسقط عليهم من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فيأخذ الرجل قدر ما يكفيه يومه ذلك فإن
تعدى فسد وما يبقى عنده حتى إذا كان يوم سادسه جمعة أخذ ما يكفيه ليوم سادسه ويوم
سابعه فيبقي عنده لأن إذا كان يوم عيد لا يشخص فيه لأمر معيشة ولا لطلب شيء وهذا
كله في البرية
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة قال المن شيء أنزله الله عليهم مثل الطل
شبه الرب الغليظ والسلوى طير أكبر من العصفور
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : المن صمغة السلوى
طائر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : قالوا يا موسى كيف لنا بماء ههنا أين
الطعام ؟ فأنزل الله عليهم المن فكان يسقط على شجرة الترنجبين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن وهب بن منبه
أنه سئل ما المن ؟ قال : خبز الرقاق مثل الذرة أو مثل النقي
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال المن شراب كان ينزل عليهم مثل
العسل فيمزجونه بالماء ثم يشربونه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان المن ينزل عليهم بالليل على
الأشجار فيغذون إليه فيأكلون منه ما شاؤوا والسلوى طائر شبيه بالسماني كانوا
يأكلون منه ما شاؤوا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : المن الذي يسقط من السماء على الشجر فتأكله
الناس والسلوى هو السماني
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن أبي حاتم عن سعيد بن
زيد قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم " الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين
"
وأخرج أحمد والترمذي من حديث أبي هريرة
مثله
وأخرج النسائي من حديث جابر بن عبد الله وأبي سعيد الخدري وابن عباس
مثله
(1/171)
وأخرج
ابن جرير عن ابن مسعود وناس من الصحابة السلوى طائر يشبه السماني
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن الضحاك أنه كان يقول : السماني هي السلوى
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : كانت
السلوى طيرا إلى الحمرة تحشرها عليهم الريح الجنوب فكان الرجل منهم يذبح منها قدر
ما يكفيه يومه ذلك فإذا تعدى فسد ولم يبق عنده حتى إذا كان يوم سادسه يوم جمعته
أخذ ما يكفيه ليوم سادسه ويوم سابعه
وأخرج سفيان بن عينية وابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : سألت بنو إسرائيل موسى
اللحم فقال الله : لأطعمنهم من أقل لحم يعلم في الأرض
فأرسل عليهم ريحا فاذرت عند مساكنهم السلوى - وهو السماني - ميلا في ميل قيد رمح
في السماء فجنوا للغد فنتن اللحم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن وهب بن منبه أنه سئل عن السلوى فقال
: طير سمين مثل الحمام وكان يأيتهم فيأخذون منه سبت إلى سبت
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وما ظلمونا قال : نحن أعز من أن نظلم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله ولكن كانوا أنفسهم
يظلمون قال : يضرون
قوله تعالى : وإذ قلنا ادخلوا هذه القرية فكلوا منها حيث شئتم رغدا وادخلوا الباب
سجدا وقولوا حطة نغفر لكم خطياكم وسنزيد المحسنين
عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ادخلوا هذه القرية قال : بيت
المقدس
وأخرج وكيع والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم
وصححه عن ابن عباس في قوله وادخلوا الباب قال : باب ضيق
(1/172)
سجدا
قال : ركعا وقولوا حطة قال : مغفرة قال : فدخلوا من قبل استاههم وقالوا : حنطة
استهزاء قال : فذلك قوله عز و جل فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم البقرة
الآية 59
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله وادخلوا الباب سجدا قال : هو أحد أبواب بيت
المقدس وهو يدعى باب حطة
وأخرج وكيع والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني
في الكبير وأبو الشيخ عن ابن مسعود قال : قيل لهم ادخلوا الباب سجدا فدخلوا مقنعي
رؤوسهم وقولوا حطة فقالوا : حنطة حبة حمراء فيها شعيرة فذلك قوله فبدل الذين ظلموا
البقرة الآية 59 وأخرج ابن جرير والطبراني وأبو الشيخ والحاكم عن ابن مسعود أنهم
قالوا : هطى سمقاثا أزبة مزبا
فهي بالعربية حبة حنطة حمراء مثقوبة فيها شعيرة سوداء
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله وقولوا حطة أي احطط عنا خطايانا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله وادخلوا الباب سجدا
قال : طأطئوا رؤوسكم وقولوا حطة قال : قولوا لا إله إلا الله
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله وقولوا حطة
قال : لا إله إلا الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان الباب قبل القبلة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : باب حطة من أبواب بيت
المقدس أمر موسى قومه أن يدخلوا ويقولوا حطة وطؤطىء لهم الباب ليخفضوا رؤوسهم فلما
سجدوا قالوا حنطة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله وادخلوا الباب سجدا قال : كنا نتحدث أنه باب
من أبواب بيت المقدس وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم وسنزيد المحسنين قال : من كان
خاطئا غفرت له خطيئته ومن كان محسنا زاده الله
(1/173)
إحسانا
فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم البقرة الآية 59 قال : بين لهم أمرا علموه
فخالفوه إلى غيره جرأة على الله وعتوا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله وسنزيد المحسنين قال : من كان قبلكم محسنا زيد
في إحسانه ومن كان مخطئا نغفر له خطيئته
وأخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم وعبد بن حميد والترمذي والنسائي وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : قيل
لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة فبدلوا فدخلوا يزحفون على استاههم
وقالوا حبة في شعرة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس وأبي هريرة قالا : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " دخلوا الباب الذي أمروا أن يدخلوا فيه سجدا يزحفون على استاههم
وهم يقولون : حنطة في شعيرة "
وأخرج أبو داود والضياء المقدسي في المختارة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله
عليه و سلم " قال الله لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة نغفر لكم
خطاياكم "
واخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال : " سرنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم
حتى إذا كان من آخر الليل اجتزنا في برية يقال لها ذات الحنظل فقال : ما مثل هذه
الثنية الليلة إلا كمثل الباب الذي قال الله لبني إسرائيل ادخلوا الباب سجدا
وقولوا حطة نغفر لكم خطاياكم "
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي بن أبي طالب قال : إنما مثلنا في هذه الأمة كسفينة نوح
وكتاب حطة في بني إسرائيل
قوله تعالى : فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا
رجزا من السماء بما كانوا يفسقون
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كل شيء في كتاب الله من الرجز يعني به
العذاب
(1/174)
وأخرج
أحمد وعبد بن حميد ومسلم والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن مالك وأسامة
بن زيد وخزيمة بن ثابت قالوا : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن هذا
الطاعون رجز وبقية عذاب عذب به أناس من قبلكم فإذا كان بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا
منها وإذا بلغكم أن بأرض فلا تدخلوها "
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في الآية قال : الرجز الغضب
قوله تعالى : وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا يا موسى اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه
اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشاربهم كلوا واشربوا من رزق الله ولا تعثوا في
الأرض مفسدين
ابن جرير عن ابن عباس في قوله وإذ وإذ استسقى موسى لقومه
الآية
قال : ذلك في التيه ضرب لهم موسى الحجر فصار فيه اثنتا عشرة عينا من ماء لكل سبط
منهم عين يشربون منها
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله وإذ وإذ استسقى موسى لقومه
الآية
قال : كان هذا في البرية حيث خشوا الظمأ استسقى موسى فأمر بحجر أن يضربه وكان حجرا
طورانيا من الطور يحملونه معهم حتى إذا نزلوا ضربه موسى بعصاه فانفجرت منه اثنتا
عشرة عينا قد علم كل أناس مشاربهم قال : لكل سبط مهم عين معلومة يستفيد ماءها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال : انفجر لهم الحجر بضربة موسى اثنتي
عشرة عينا كل ذلك كان في تيههم حين تاهوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن جوبير أنه سئل في قوله قد علم كل أناس مشاربهم قال : كان
موسى يضع الحجر ويقوم من كل سبط رجل ويضرب موسى الحجر فينفجر منه اثنتا عشرة عينا
فينتضح من كل عين على رجل فيدعو ذلك الرجل سبطه إلى تلك العين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ولا تعثوا في الأرض قال : لا
تسعوا
(1/175)
وأخرج
ابن جرير عن أبي العالية في قوله ولا تعثوا في الأرض مفسدين قال : لا تسعوا في
الأرض فسادا
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله ولا تعثوا قال : يعني ولا تمشوا بالمعاصي
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ولا تعثوا في الأرض
مفسدين قال : لا تسيروا في الأرض مفسدين
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : استسقى موسى لقومه فقال : اشربوا يا حمير :
فقال الله تعالى له : لاتسم عبادي حميرا
قوله تعالى : وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما
تنبت الأرض من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها قال أتستبدلون الذي هو أدنى
بالذي هو خير اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم وضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا
بغضب من الله ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق ذلك
بما عصوا وكانوا يعتدون
عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله وإذ قلتم يا موسى لن نصبر على طعام واحد
قال : المن والسلوى استبدلوا به البقل وما ذكر معه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قالوا : ملوا طعامهم في البرية وذكروا عيشهم
الذي كانوا فيه قبل ذلك فقالوا ادع لنا ربك
الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في
قوله وفومها قال : الخبز
وفي لفظ : البر
وفي لفظ : الحنطة بلسان بني هاشم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير من طرق عن ابن عباس أن نافع بن
الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى وفومها قال : الحنطة
(1/176)
قال
: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت أحيحة بن الجلاح وهو يقول : قد كنت أغنى
الناس شخصا واحدا ورد المدينة عن زراعة فوم وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير عن
مجاهد وعطاء في قوله وفومها قالا : الخبز
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن وأبي مالك في قوله وفومها قالا : الخبز
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن وأبي مالك في قوله وفومها قالا : الحنظة
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس قال : الفوم الثوم
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس قال : الفوم الثوم - وفي بعض القراءة وثومها
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي داود في المصاحف وابن المنذر عن ابن مسعود : أنه قرأ
وثومها
وأخرج ابن أبي داود عن ابن عباس قال : قرائتي قراءة زيد وأنا آخذ ببضعة عشر حرفا
من قراءة ابن مسعود هذا أحدها من بقلها وقثائها وثومها
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز
و جل وفومها قال : الفوم الحنطة
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت أبا محجن الثقفي وهو يقول : قد كنت
أحسبني كأغنى واحد قدم المدينة عن زراعة فوم قال : يا ابن الأزرق ومن قرأها على
قراءة ابن مسعود فهو المنتن قال أمية ابن أبي الصلت : كانت منازلهم إذ ذاك ظاهرة
فيها الفراديس والفومات والبصل وقال أمية ابن الصلت أيضا : أنفي الدياس من الفوم
الصحيح كما أنفي من الأرض صوب الوابل البرد وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله
أتسبدلون الذي هو أدنى قال : أردأ
(1/177)
وأخرج
سفيان بن عينية وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله اهبطوا مصرا قال :
مصرا من الأمصار
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله اهبطوا مصرا يقول : مصرا من الأمصار
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله اهبطوا مصرا قال : يعني به مصر فرعون
وأخرج ابن أبي داود وابن الأنباري في المصاحف عن الأعمش أنه كان يقرأ اهبطوا مصرا
بلا تنوين ويقول : هي مصر التي عليها صالح بن علي
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وضربت عليهم الذلة والمسكنة قال : هم
أصحاب الجزية
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة والحسن وضربت عليهم الذلة والمسكنة قال :
يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله والمسكنة قال : الفاقة
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله وباؤوا بغضب من الله قال : استحقوا الغضب من
الله
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله وباؤوا قال : انقلبوا
وأما قوله تعالى : ويقتلون النبيين
أخرج أبو داود والطاليسي وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : كانت بنو إسرائيل في
اليوم تقتل ثلاثمائة نبي ثم يقيمون سوق بقلهم في آخر النهار
وأخرج أحمد عن ابن مسعود
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " أشد الناس عذابا يوم القيامة رجل قتل
نبيا أو قتله نبي وإمام ضلالة وممثل من الممثلين "
وأخرج الحاكم وصححه وتعقبه الذهبي عن أبي ذر قال " جاء إعرابي إلى رسول الله
صلى الله عليه و سلم فقال : يا نبيء الله
قال : لست بنبيء الله ولكنني نبي الله قال الذهبي : منكر لم يصح "
وأخرج ابن عدي عن حمران بن أعين " أن رجلا من أهل البادية أتى النبي
(1/178)
صلى
الله عليه و سلم فقال : السلام عليك يا نبيء الله
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : لست بنبيء الله ولكنني نبي الله "
وأخرج الحاكم عن ابن عمر قال " ما همز رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا أبو
بكر ولا عمر ولا الخلفاء وإنما الهمز بدعة من بعدهم
قوله تعالى : إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم
الآخر وعمل صالحا فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
ابن أبي عمر العدني في سنده وابن أبي حاتم عن سلمان قال : سألت النبي صلى الله
عليه و سلم عن أهل دين كنت معهم فذكر من صلاتهم وعبادتهم فنزلت وإن الذين آمنوا
والذين هادوا
الآية
وأخرج الواحدي عن مجاهد قال : لما قص سلمان على رسول الله صلى الله عليه و سلم قصة
أصحابه قال : هم في النار
قال سلمان : فأظلمت علي الأرض فنزلت وإن الذين آمنوا والذين هادوا إلى قوله يحزنون
قال : فكأنما كشف عني جبل
وأخرج ابن جرير واللفظ له وابن أبي حاتم عن السدي في قوله وإن الذين آمنوا والذين
هادوا
الآية
قال : نزلت هذه الآية في أصحاب سلمانالفارسي وكان رجلا من جند نيسابور وكان من
أشرافهم وكان ابن الملك صديقا له مؤاخيا لا يقضي واحد منهما أمر دون صاحبه وكانا
يركبان إلى الصيد جميعا فبينما هما في الصيد إذ رفع لهما بيت من عباءة فأتياه فإذا
هما فيه برجل بين يديه مصحف يقرأ فيه وهو يبكي فسألاه ما هذا ؟ فقال : الذي يريد
أن يعلم هذا لا يقف موقفكما فإن كنتما تريدان أن تعلما ما فيه فانزلا حتى أعلمكما
فنزلا إليه فقال لهما : هذا كتاب جاء من عند الله أمر فيه بطاعته ونهى عن معصيته
فيه أن لا تسرق ولا تزني ولا تأخذ أموال الناس بالباطل فقص عليهما ما فيه وهو
الإنجيل الذي أنزل الله على عيسى فوقع في قلوبهما وتابا فأسلما وقال لهما : إن
ذبيحة قومكما عليكما حرام فلم يزالا معه كذلك يتعلمان منه حتى كان عيد للملك فجمع
طعاما ثم جمع
(1/179)
الناس
والأشراف وأرسل إلى ابن الملك رسولا فدعاه إلى ضيعته ليأكل مع الناس فأبى الفتى
وقال : إني عنك مشغول فكل أنت وأصحابك فلما أكثر عليه من الرسل أخبرهم أنه لا يأكل
من طعامهم فبعث الملك إلى ابنه ودعاه وقال : ما أمرك هذا ؟ قال : إنا لا نأكل من
ذبائحكم إنكم كفار ليس تحل ذبائحكم
فقال له الملك : من أمرك هذا ؟ فأخبره أن الراهب أمره بذلك فدعا الراهب فقال :
ماذا يقول ابني ؟ قال : صدق ابنك
قال له : لولا الدم فينا عظيم لقتلتك ولكن اخرج من أرضنا فأجله أجلا فقال سلمان :
فقمنا نبكي عليه
فقال لهما : إن كنتما صادقين فإنا في بيعة في الموصل ستين رجلا نعبد الله فأتونا
فيها فخرج الراهب وبقي سلمان وابن الملك فجعل سلمان يقول لابن الملك : انطلق بنا
وابن الملك يقول : نعم
وجعل ابن الملك يبيع متاعه يريد الجهاز فلما أبطأ على سلمان خرج سلمان حتى أتاهم
فنزل على صاحبه وهو رب البيعة فكان أهل تلك البيعة أفضل مرتبة من الرهبان فكان
سلمان معه يجتهد في العبادة ويتعب نفسه فقال له سلمان : أرأيت الذي تأمرني به هو
أفضل أو الذي أصنع ؟ قال : بل الذي تصنع
قال : فخل عني
ثم إن صاحب البيعة دعاه فقال أتعلم أن هذه البيعة لي وأنا أحق الناس بها ولو شئت
أن أخرج منها هؤلاء لفعلت ولكني رجل أضعف عن عبادة هؤلاء وأنا أريد أن أتحول من
هذه البيعة إلى بيعة أخرى هم أهون عبادة من ههنا فإن شئت أن تقيم هنا فاقم وإن شئت
أن تنطلق معي فانطلق
فقال له سلمان : أي البيعتين أفضل أهلا ؟ قال : هذه
قال سلمان : فأنا اكون في هذه فأقام سلمان بها وأوصى صاحب البيعة بسلمان يتعبد
معهم
ثم إن الشيخ أراد أن يأتي بيت المقدس فدعا سلمان فقال : إني أريد أن آتي بيت
المقدس فإن شئت أن تنطلق معي فانطلق وإن شئت أن تقيم فأقم
قال له سلمان : أيهما أفضل أنطلق معك أو أقيم ؟ قال : لا بل تنطلق
فانطلق معه فمروا بمقعد على ظهر الطريق ملقى فلما رآهما نادى يا سيد الرهبان
ارحمني رحمك الله فلم يكلمه ولم ينظر إليه وانطلقا حتى أتيا بيت المقدس وقال الشيخ
لسلمان : أخرج فاطلب العلم فإنه يحضر هذا المسجد علماء الأرض
فخرج سلمان يسمع منهم فرجع يوما حزينا فقال له الشيخ مالك يا سلمان قال : إن الخير
كله قد
(1/180)
ذهب
به من كان قبلنا من الأنبياء والأتباع
فقال له الشيخ : لا تحزن فإنه قد بقي نبي ليس من نبي بأفضل تبعا منه وهذا الزمان
الذي يخرج فيه ولا أراني أدركه وأما أنت فشاب فلعلك أن تدركه وهو يخرج في أرض
العرب فإن أدركته فآمن به واتبعه
قال له سلمان : فأخبرني عن علامته بشيء
قال : نعم وهو مختوم في ظهره بخاتم النبوة وهو يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة ثم
رجعا حتى بلغا مكان المقعد فناداهما فقال : يا سيد الرهبان ارحمني رحمك الله فعطف
إليه حماره فأخذ بيده فرفعه فضرب به الأرض ودعا له وقال : قم بإذن الله
فقام صحيحا يشتد
فجعل سلمان يتعجب وهو ينظر إليه وسار الراهب فغيب عن سلمان ولا يعلم سلمان
ثم إن سلمان فزع بطلب الراهب فلقيه رجلان من العرب من كلب فسألهما هل رأيتما
الراهب ؟ فأناخ أحدهما راحلته قال : نعم ؟ راعي الصرمة هذا فحمله فانطلق به إلى
المدينة قال سلمان : فأصابني من الحزن شيء لم يصبني مثله قط فاشترته امرأة من
جهينة فكان يرعى عليها هو وغلام لها يتراوحان الغنم هذا يوما وهذا يوما وكان سلمان
يجمع الدراهم ينتظر خروج محمد صلى الله عليه و سلم
فبينما هو يوما يرعى إذ أتاه صاحبه بعقبة فقال له : أشعرت أنه قد قدم المدينة
اليوم رجل يزعم أنه نبي ؟ ! فقال له سلمان : أقم في الغنم حتى آتيك
فهبط سلمان إلى المدينة فنظر إلى النبي صلى الله عليه و سلم ودار حوله فلما رآه
النبي صلى الله عليه و سلم عرف ما يريد فأرسل ثوبه حتى خرج خاتمة فلما رآه أتاه
وكلمه ثم انطلق فاشترى بدينار ببعضه شاة فشواها وببعضه خبزا ثم أتاه به فقال :
ماهذه ؟ قال سلمان : هذه صدقة
قال : لا حاجة لي بها فأخرجها فليأكلها المسلمون
ثم انطلق فاشترى بدينار آخر خبزا ولحما ثم أتى به النبي صلى الله عليه و سلم فقال
: ما هذا ؟ قال : هذه هدية
قال : فاقعد فكل
فقعد فأكلا منها جميعا
فبينما هو يحدثه إذ ذكر أصحابه فأخبره خبرهم فقال : كانوا ويصومون ويؤمنون بك
ويشهدون أنك ستبعث نبيا فلما فرغ سلمان من ثنائه عليهم قال له نبي الله صلى الله
عليه و سلم " يا سلمان هم من أهل النار " فاشتد ذلك على سلمان وقد كان
قال له سلمان : لو أدركوك صدقوك واتبعوك
فأنزل الله هذه الآية إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن
بالله واليوم الآخر
(1/181)
وأخرج
ابن جرير عن مجاهد قال " سأل سلمان الفارسي النبي صلى الله عليه و سلم عن أولئك
النصارى وما رأى أعمالهم قال : لم يموتوا على الإسلام
قال سلمان : فأظلمت علي الأرض وذكرت اجتهادهم فنزلت هذه الآية إن الذين آمنوا
والذين هادوا فدعا سلمان فقال : نزلت هذه الآية في أصحابك ثم قال : من مات على دين
عيسى قبل أن يسمع بي فهو على خير ومن سمع بي ولم يؤمن فقد هلك "
وأخرج أبو داود في الناسخ والمنسوخ وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
إن الذين آمنوا والذين هادوا
الآية
قال : فأنزل الله بعد هذا ومن يتبع غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة
من الخاسرين وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن نجى عن علي قال :
إنما سميت اليهود لأنهم قالوا : إنا هدنا إليك
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال : نحن أعلم الناس من أين تسمت اليهود
باليهودية بكلمة موسى عليه السلام إنا هدنا إليك ولم تسمت النصارى بالنصرانية من
كلمة عيسى عليه السلام كونوا أنصار الله
وأخرج أبو الشيخ عن ابن مسعود قال : نحن أعلم الناس من أين تسمت اليهود باليهودية
ولم تسمت النصارى بالنصرانية إنما تسمت اليهود باليهودية بكلمة قالها موسى إنا هنا
إليك فلما مات قالوا هذه الكلمة كانت تعجبه فتسموا اليهود وإنما تسمت النصارى بالنصرانية
لكلمة قالها عيسى من أنصاري إلى الله ؟ قال الحواريون : نحن أنصار الله فتسموا
بالنصرانية
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : إنما سموا نصارى بقرية يقال لها ناصرة ينزلها عيسى
بن مريم فهو اسم تسموا به ولم يؤمروا به
وأخرج ابن سعد في طبقاته وابن جرير عن ابن عباس قال : إنما سميت النصارى لأن قرية
عيسى كانت تسمى ناصرة
وأخرج وكيع وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال :
الصابئون قوم بين اليهود والمجوس والنصارى ليس لهم دين
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : الصابئون ليسوا بيهود ولا نصارى هم قوم من
المشركين لا كتاب لهم
(1/182)
وأخرج
عبد الرزاق عن مجاهد قال : سئل ابن عباس عن الصابئين ؟ فقال : هم قوم بين اليهود
والنصارى والمجوس لا تحل ذبائحهم ولا مناكحهم
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : الصابئون منزله بين
النصرانية والمجوسية
لفظ ابن أبي حاتم : منزلة بين اليهود والنصارى
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال : ذهبت الصابئون إلى اليهود فقالوا : ما
أمركم ؟ قالوا : نبينا موسى جاءنا بكذا وكذا ونهانا عن كذا وكذا وهذه التوراة فمن
تابعنا دخل الجنة ثم أتوا النصارى فقالوا في عيسى ما قالت اليهود في موسى وقالوا
هذا الإنجيل فمن تابعنا دخل الجنة فقالت الصابئون هؤلاء يقولون نحن ومن اتبعنا في
الجنة واليهود يقولون نحن ومن اتبعنا في الجنة فنحن به لاندين فسماهم الله
الصابئين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : الصابئون فرقة من أهل الكتاب
يقرؤون الزبور
وأخرج وكيع عن السدي قال الصابئون من أهل الكتاب
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : الصابئون قوم يعبدون
الملائكة ويصلون إلى غير القبلة ويقرؤون الزبور
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : الصابىء : الذي يعرف الله وحده وليست له
شريعة يعمل بها ولم يحدث كفرا
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الزناد قال : الصابئون قال : الصابئون مما يلي العراق
وهم بكوثى يؤمنون بالنبيين كلهم
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : يقولون الصابئون : وما الصابئون ؟ الصابئون
ويقولون : الخاطئون وما الخاطئون الخاطئون
قوله تعالى : وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا
ما فيه لعلكم تتقون ثم توليتم من بعد ذلك فلولا فضل الله عليكم ورحمته لكنتم من
الخاسرين
(1/183)
عبد
بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور فقال :
جبل نزلوا بأصله فرفع فوقهم فقال : لتأخذن أمري أو لأرمينكم
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : الطور الذي أنزلت عليه التوراة وكان بنو إسرائيل
أسفل منه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : الطور ما أنبت من الجبال
وما لم ينبت فليس بطور
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال :
الطور الجبل بالسريانية
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : النبط يسمون الجبل الطور
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله خذوا ما آتيناكم بقوة قال : بجد
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية واذكروا ما فيه يقول : اقرؤوا ما في
التوراة واعلموا به
وأخرج ابن اسحق وابن جرير عن ابن عباس في قوله لعلكم تتقون قال : لعلكم تنزعون عما
أنتم عليه
قوله تعالى : ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين
فجعلنها نكالا لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين
ابن جرير عن ابن عباس ولقد علمتم قال : عرفتم وهذا تحذير لهم من المعصية يقول :
احذورا أن يصيبكم ما أصاب أصحاب السبت إذ عصوني اعتدوا يقول : اجترؤوا في السبت
بصيد السمك فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين فمسخهم الله قردة بمعصيتهم ولم يعش مسخ
فوق ثلاثة أيام ولم يأكل ولم يشرب ولم ينسل
(1/184)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إنما كان الذين اعتدوا في السبت فجعلوا قردة فواقا
ثم هلكوا ما كان للمسخ نسل
وأخرج ابن المنذر من وجه آخر عن ابن عباس قال : القردة والخنازير من نسل الذين
مسخوا
وأخرج ابن المنذر عن الحسن قال : انقطع ذلك النسل
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين قال : مسخت
قلوبهم ولم يمخوا قردة وإنما هو مثل ضربه الله لهم مثل الحمار يحمل أسفارا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : أحلت لهم الحيتان وحرمت
عليهم يوم السبت ليعلم من يطيعه ممن يعصيه فكان القوم فيهم ثلاثة أصناف وأما صنف
فأمسك ونهى عن المعصية وأما صنف فأمسك عن حرمة الله وأما صنف فانتهك المعصية ومرن
على المعصية فلما أبوا إلا عتوا عما نهاهم الله عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين
وصار القوم قردوا تعاوى لها الذئاب بعد ما كانوا رجالا ونساء
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله خاسئين قال : ذليلين
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله خاسئين قال : صاغرين
وأخرج ابن جرير عن مجاهد
مثله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس فجعلناها نكالا لما بين يديها من الذنوب
وما خلفها من القرى وموعظة للمتقين الذين من بعدهم إلى يوم القيامة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس فجعلناها يعني الحيتان نكالا لما بين يديها وما خلفها
من الذنوب التي عملوا قبل وبعد
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس فجعلناها قال : فجعلنا تلك العقوبة وهي المسخة نكالا
عقوبة لما بين يديها يقول : ليحذر من بعدهم عقوبتي وما خلفها يقول : للذين بقوا
معهم وموعظة تذكرة وعبرة للمتقين
وأخرج عبد بن حميد عن سفيان في قوله نكالا لما بين يديها وما خلفها قال : من
الذنوب وموعظة للمتقين قال : لأمة محمد عليه السلام
(1/185)
قوله
تعالى : وإذ قال موسى لقومه إن الله يأمركم أن تذبجوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال
أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين
ابن ابي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت عن ابن عباس قال : كانت مدينتان في بني
إسرائيل
وأحداها حصينة ولها أبواب والآخرى خربة
فكان أهل المدينة الحصينة إذا أمسوا أغلقوا أبوابها فإذا أصبحوا قاموا على سور
المدينة فنظروا هل حدث فيما حولها حادث فأصبحوا يوما فإذا شيخ قتيل مطروح بأصل
مدينتهم فأقبل أهل المدينة الخربة فقالوا : قتلتم صاحبنا وابن أخ له شاب يبكي عليه
ويقول : قتلتم عمي
قالوا : والله ما فتحنا مدينتنا منذ أغلقناها وما لدينا من دم صاحبكم هذا ! فأتوا
موسى فأوحى الله إلىموسى إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة إلى قوله فذبحوها وما
كادوا يفعلون
قال : وكان في بني إسرائيل غلام شاب يبيع في حانوت له وكان له أب شيخ كبير فأقبل
رجل من بلد آخر يطلب سلعة له عنده فأعطاه بها ثمنا فانطلق معه ليفتح حانوته فيعطيه
الذي طلب والمفتاح مع أبيه فإذا أبوه نائم في ظل الحانوت فقال : أيقظه
قال ابنه : إنه نائم وأنا أكره أن أروعه من نومته
فانصرفا فأعطاه ضعف ما أعطاه على أن يوقظه فأبى فذهب طالب السلعة
فاستيقظ الشيخ فقال له ابنه : يا أبت والله لقد جاء ههنا رجل يطلب سلعة كذا فأعطى
بها من الثمن كذا وكذا فكرهت أن أروعك من نومك فلامه الشيخ فعوضه الله من بره
بوالده أن نتجت من بقر تلك البقرة التي يطلبها بنو إسرائيل فأتوه فقالوا له :
بعناها فقال : لا
قالوا : إذن نأخذ منك
فأتوا موسى فقال : اذهبوا فأرضوه من سلعته
قالوا : حكمك ؟ قال : حكمي أن تضعوا البقرة في كفة الميزان ذهبا صامتا في الكفة
الآخرى فإذا مال الذهب أخذته ففعلوا وأقبلوا بالبقرة حتى انتهوا بها إلى قبر الشيخ
واجتمع أهل المدينتين فذبحوها فضرب ببضعة من لحمها القبر فقام الشيخ ينفض رأسه
يقول : قتلني ابن أخي طال عليه عمري وأراد أخذ مالي ومات
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عبيدة
السلماني قال : كان رجل من بني اسرائيل عقيما لا يولد له وكان له مال
(1/186)
كثير
وكان ابن أخيه وارثه فقتله ثم احتمله ليلا فوضعه على باب رجل منهم ثم أصبح يدعيه
عليهم حتى تسلحوا وركب بعضهم إلى بعض فقال ذوو الرأي منهم : علا م يقتل بعضكم بعضا
وهذا رسول الله فيكم ؟ فأتوا موسى فذكروا ذلك له فقال إن الله يأمركم أن تذبجوا
بقرة قالوا أتتخذنا هزوا قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين قال : فلو لم يعترضوا
لأجزأت عنهم أدنى بقرة ولكنهم شددوا فشدد عليهم حتى انتهوا إلى البقرة التي أمروا
بذبحها فوجدوها عند رجل ليس له بقرة غيرها فقال : والله لا أنقصها من ملء جلدها
ذهبا فذبحوها فضربوه ببعضها فقام فقالوا : من قتلك ؟ فقال : هذا لإبن أخيه ثم مال
ميتا فلم يعط من ماله شيئا ولم يورث قاتل بعد
وأخرج عبد الرزاق عن عبيدة قال : أول ما قضي أنه لا يرث القاتل في صاحب بني
إسرائيل
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال : أول ما منع القاتل الميراث لكان صاحب
البقرة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : إن شيخا من بني إسرائيل على عهد موسى كان مكثرا
من المال وكان بنو أخيه فقراء لا مال لهم وكان الشيخ لا ولد له وكان بنو أخيه
ورثته فقالوا : ليت عمنا قد مات فورثنا ماله وأنه لما تطاول عليهم أن لا يموت
أتاهم الشيطان فقال : هل لكم إلى أن تقتلوا عمكم وتغرموا أهل المدينة التي لستم
بها ديته وذلك أنهما كانتا مدينتين كانوا في أحداهما وكان القتيل إذ قتل فطرح بين
المدينتين قيس ما بين القتيل والقريتين فأيهما كانت أقرب إليه غرمت الدية وأنهم
لما سول لهم الشيطان ذلك عمدوا إليه فقتلوه ثم طرحوه على باب المدينة التي ليسوا
بها فلما أصبح أهل المدينة جاء بنو أخي الشيخ فقالوا : عمنا قتل على باب مدينتكم
فوالله لتغرمن لنا ديته
قال : أهل المدينة نقسم بالله ما قتلنا ولا علمنا قاتلا ولا فتحنا باب مدينتنا منذ
أغلق حتى أصبحنا فعمدوا إلى موسى فجاءه جبريل فقال : قل لهم إن الله يأمركم أن
تذبجوا بقرة فتضربوه ببعضها
وأخرج سفيان بن عينية عن عكرمة قال : كان لبني إسرائيل مسجد له اثنا عشر بابا لكل
سبط منهم باب يدخلون منه ويخرجون فوجد قتيل على باب سبط من
(1/187)
الأسباط
قتل على باب سبط وجر إلى باب سبط آخر فاختصم فيه أهل السبطين
فقال هؤلاء : أنتم قتلتم هذا وقال الآخرون : بل أنتم قتلتموه ثم جررتموه إلينا
فاختصموا إلى موسى فقال ن الله يأمركم أن تذبجوا بقرة
الآية
قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان
بين ذلك قال : فذهبوا يطلبونها فكأنها تعذرت عليهم فرجعوا إلى موسى فقالوا قالوا
ادع لنا ربك يبين لنا ما هي
وإنا إن شاء الله لمهتدون ولولا أنهم قالوا إن شاء الله ما وجدوها قال : إنه يقول
إنها بقرة لا ذلول ألا وإنما كانت البقرة يومئذ بثلاثة دنانير ولو أنهم أخذوا أدنى
بقرهم فذبحوها كفتهم ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم
فذهبوا يطلبونها فيجدون هذه الصفة عند رجل فقالوا : تبيعنا هذه البقرة ؟ قال :
أبيعها
قالوا : بكم تبيعها ؟ قال : بمائة دينار
فقالوا : إنها بقرة بثلاثة دنانير ! فأبوا أن يأخذوها فرجعوا إلى موسى فقالوا :
وجدناها عند رجل فقال لا أنقطكم من مائة دينار وإنها بقرة بثلاثة دنانير قال : هو
أعلم هو صاحبها إن شاء باع وإن لم شاء لم يبع فرجعوا إلى الرجل فقالوا : قد
أخذناها بمائة دينار
فقال : لا أنقصها عن مائتي دينار
فقالوا سبحان الله
! قد بعتنا بمائة دينار ورضيت فقد أخذناها
قال : ليس أنقصها من مائتي دينار
فتركوها ورجعوا إلى موسى فقالوا له : قد أعطاناها بمائة دينار فلما رجعنا إليه قال
: لا أنقصها من مائتي دينار
قال : هو أعلم إن شاء باعها وإن شاء لم يبعها فعادوا إليه فقالوا : قد أخذناها
بمائتي دينار
فقال : لا أنقصها من أربعمائة دينار
قالوا : قد كنت أعطيتناها بمائتي دينار فقد أخذناها ! فقال : ليس أنقصها من
أربعمائة دينار فتركوها وعادوا إلى موسى فقالوا : قد أعطيناه مائتي دينار فأبى أن
يأخذها وقال : لا أنقصها من أربعمائة دينار
فقال : هو أعلم هو صاحبها إن شاء باع وإن شاء لم يبع فرجعوا إليه فقالوا : قد
أخذناها بأربعمائة دينار فقال : لا أنقصها من ثمانمائة دينار
فلم يزالوا يعودون إلى موسى ويعودون عليه فكلما عادوا إليه أضعف عليه الثمن حتى
قال : ليس أبيعها إلا بملء مسكها فأخذوها فذبحوها فقال : اضربوه ببعضها فضربوه
بفخذها فعاش
فقال : قتلني فلان
فإذا هو رجل كان له عم وكان لعمه مال كثير وكان له ابنة فقال : أقتل
(1/188)
عمي
هذا وأرث ماله وأتزوج ابنته فقتل عمه فلم يرث شيئا ولم يورث قاتل منذ ذلك شيئا قال
موسى : إن لهذه البقرة لشأنا ادعوا إلي صاحبها فدعوه فقال : أخبرني عن هذه البقرة وعن
شأنها ؟ قال : نعم
كنت رجلا أبيع في السوق وأشتري فسامني رجل بضاعة عندي فبعته إياها وكنت قد أشرفت
منها على فضل كبير فذهبت لآتيه بما قد بعته فوجدت المفتاح تحت رأس والدتي فكرهت أن
أوقظها من نومها ورجعت إلى الرجل فقلت : ليس بيني وبينك بيع فذهب ثم رجعت فنتجت لي
هذه البقرة فألقى الله عليها مني محبة فلم يكن عندي شيء أحب إلي منها فقيل له إنما
أصبت هذا ببر والدتك
قوله تعالى : قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي قال إنه يقول إنها بقرة لا فارض
ولا بكر عوان بين ذلك فافعلوا ما تأمرون قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما لونها قال
إنه يقول أنها بقرة صفراء فاقع لونها تسر الناظرين قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما
هي إن البقر تشابه علينا وإنا إن شاء الله لمهتدون قال إنه يقول أنها بقرة لا ذلول
تثير الأرض ولا تسقى الحرث مسلمة لاشية قالوا ألن جئت بالحق فذبحوها وما كادوا
يفعلون
البزار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إن بني إسرائيل لو أخذوا
أدنى بقرة لأجزاهم ذلك أو لأجزأت عنهم
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " لولا أن بني إسرائيل قالوا وإنا إن شاء الله لمهتدون ما أعطوا أبدا ولو
أنهم اعترضوا بقرة من البقر فذبحوها لأجزأت عنهم ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم
"
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر عن عكرمة يبلغ به النبي صلى الله عليه
و سلم " فقال لو أن بني إسرائيل أخذوا أدنى بقرة فذبحوها أجزأت عنهم ولكنهم
شددوا ولولا أنهم قالوا وإنا إن شاء الله لمهتدون ما وجدوها "
(1/189)
وأخرج
ابن جرير عن ابن جريج قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إنما أمروا
بأدنى بقرة ولكنهم لما شددوا على أنفسهم شدد الله عليهم ولو لم يستثنوا ما بينت
لهم آخر الأبد "
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم كان يقول
" إنما أمر القوم بأدنى بقرة ولكنهم لما شددوا على أنفسهم شدد عليهم والذي
نفس محمد بيده لو لم يستثنوا ما بينت لهم "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس قال : لو أخذوا أدنى بقرة
فذبحوها لأجزأت عنهم ولكنهم شددوا وتعنتوا موسى فشدد الله عليهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله لا فارض ولا
بكر عوان بين ذلك قال : الفارض الهرمة والبكر الصغيرة والعوان النصف
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز
و جل لا فارض قال : الكبيرة الهرمة
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول : لعمري لقد أعطيت
ضيفك فارضا تساق إليه ما تقوم على رجل قال : أخبرني عن قوله صفراء فاقع لونها
الفاقع الصافي اللون من الصفرة قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت
لبيد بن ربيعة وهو يقول : سدما قليلا عهده بأنيسه من بين أصفر فاقع ودفان وأخرج
عبد بن حميد عن سعيد بن جبير
أنه كان يستحب أن يسكت على بكر ثم يقول : عوان بين ذلك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله عوان بين ذلك قال : بين الصغيرة
والكبيرة وهي أقوى ما يكون وأحسنه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله صفراء فاقع لونها قال : شديدة
الصفرة تكاد من صفرتها تبيض
(1/190)
وأخرج
ابن ابي حاتم عن ابن عمر في قوله صفراء قال : صفراء الظلف فاقع لونها قال : صافي
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة فاقع لونها قال : صاف لونها تسر
الناظرين قال : تعجب الناظرين
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والخطيب والديلمي عن ابن عباس قال : من لبس نعلا
صفراء لم يزل في سرور ما دام لابسها وذلك قوله صفراء فاقع لونها تسر الناظرين
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في قوله صفراء فاقع لونها
قال : سوداء شديدة السواد
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة
أنه قرأ إن الباقر تشابه علينا
وأخرج عبد بن حميد عن يحيى عن يعمر
أنه قرأ إن الباقر تشابه علينا
وقال : الباقر أكثر من البقر
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءتنا إن البقر متشابه علينا
واخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله إنها بقرة لا ذلول أي لم يذله العمل تثير
الأرض يعني ليست بذلول فتثير الأرض ولا تسقي الحرث يقول : ولا تعمل في الحرث مسلمة
قال : من العيوب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله بقرة لا ذلول تثير يقول : ليست
بذلول فتفعل ذلك مسلمة قال : من الشبه قال لاشية فيها قال : لا بياض ولا سواد
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس مسلمة قال : لا عوار فيها
وأخرج ابن جرير عن عطية لاشية فيها قال : لونها واحد ليس فيها لون سوى لونها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله لا ذلول يعني صنفة يقول : لم يذلها
العمل مسلمة قال : من العيوب لاشية فيها قال : لا بياض فيها قالوا الآن جءت بالحق
قالوا : الآن بينت لنا فذبحوها وما كادوا يفعلون
(1/191)
وأخرج
ابن جرير عن محمد بن كعب في قوله فذبحوها وما كادوا يفعلون لغلاء ثمنها
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس
أن أصحاب البقرة بني إسرائيل طلبوها أربعين سنة حتى وجدوها عند رجل في بقر له
وكانت بقرة تعجبه فجعلوا يعطونه بها فيأبى حتى أعطوه ملء مسكها دنانير فذبحوها
فضربوه بعضو منها فقام تشخب أوداجه دما فقالوا له : من قتلك ؟ قال : قتلني فلان
وأخرج وكيع وابن أبي حاتم عن عطاء قال : الذبح والنحر في البقر سواء لأن الله يقول
فذبحوها
وأخرج وكيع وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال :
كان لبني إسرائيل الذبح وأنتم لكم النحر ثم قرأ فذبحوها فصل لربك وانحر سورة
الكوثر الآية 2
قوله تعالى : وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون
عبد بن حميد وابن جريرعن مجاهد في قوله وإذ قتلتم نفسا فادارأتم فيها قال :
اختلفتم فيها والله مخرج ما كنتم تكتمون قال : ماتغيبون
وأما قوله تعالى : والله مخرج ما كنتم تكتمون أخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في شعب
الإيمان عن المسيب بن رافع قال : ما عمل رجل حسنة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله
وما عمل رجل سيئة في سبعة أبيات إلا أظهرها الله وتصديق ذلك كتاب الله والله مخرج
ما كنتم تكتمون
وأخرج أحمد والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " لو أن رجلا عمل في صخرة صماء لا باب فيها ولا كوة خرج عمله
إلى الناس كائنا ما كان "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبيهقي عن عثمان بن عفان قال : من عمل عملا كساه الله
رداءه وإن خيرا فخير وإن شرا فشر
وأخرج البيهقي من وجه آخر عن عثمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من كانت له
(1/192)
سريرة
صالحة أو سيئة أظهر الله عليه منها رداء يعرف به
قال البيهقي : الموقوف أصح "
وأخرج أبو الشيخ والبيهقي وضعفه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
لأصحابه " من المؤمن ؟ قالوا الله رسوله أعلم
قال : المؤمن الذي لا يموت حتى يملاء الله مسامعه مما يحب ولو أن عبدا اتقى الله
في جوف بيت إلى سبعين بيتا على كل بيت باب من حديد لألبسه الله رداء عمله حتى
يتحدث به الناس ويزيدون
قالوا : وكيف يزيدون يا رسول الله ؟ قال : لأن التقي لو يستطيع أن يزيد في بره
لزاد
ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من الكافر ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم
قال : الكافر الذي لا يموت حتى يملاء الله مسامعه مما يكره ولو أن فاجرا فجر في
جوف بيت إلى سبعين بيتا على كل بيت باب من حديد لألبسه الله رداء عمله حتى يتحدث
به الناس ويزيدون
قالوا : وكيف يزيدون يا رسول الله ؟ قال : لأن الفاجر لو يستطيع أن يزيد في فجوره
لزاد "
وأخرج ابن عدي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " إن الله مرد كل
إمرىء رداء عمله "
وأخرج البيهقي عن ثابت قال : كان يقال لو أن ابن آدم عمل بالخير في سبعين بيتا
لكساه الله تعالى رداء عمله حتى يعرف به
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن سعيد بن المسيب قال : الناس يعرف أعمالهم من تحت
كنف الله فإذا أراد الله بعبد فضيحة أخرجه من تحت كنفه فبدت عورته
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي ادريس الخولاني رفعه قال : لا يهتك الله
عبدا وفيه مثقال حبة من خير
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : لو أن عبدا اكتتم بالعبادة كما يكتتم بالفجور
لأظهر الله ذلك منه
قوله تعالى : فقلنا اضربوه ببعضها كذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته لعلكم
تعقلون
(1/193)
وكيع
والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فقلنا
اضربوه ببعضها قال : ضرب بالعظم الذي يلي الغضروف
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : ذكر لنا أنهم ضربوه بفخذها فلما فعلوا أحياه
الله حتى أنبأهم بقاتله الذي قتله وتكلم ثم مات
وأخرج وكيع وابن جرير عن عكرمة في الآية قال : ضربوه بفخذها فحي فما زاد على أن
قال : قتلني فلان ثم عاد فمات
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في الآية قال : ضرب بفخذ البقرة فقام حيا
فقال : قتلني فلان ثم عاد في ميتته
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : ضرب بالبضعة التي بين الكتفين
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال : أمرهم أن يأخذوا عظما فيضربوا به القتيل
ففعلوا فرجع الله روحه فسمى قاتله ثم عاد ميتا كما كان
وأما قوله تعالى : كذلك يحيي الله الموتى الآية
أخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال : إن فتى من بني
إسرائيل كان برا بوالدته وكان يقوم ثلث الليل يصلي ويجلس عند رأس والدته ثلث الليل
فيذكرها بالتسبيح والتهليل والتكبير والتحميد ويقول : يا أمه إن كنت ضعفت عن قيام
الليل فكبري الله وسبيحه وهلليه فكان ذلك عملهما الدهر كله فإذا أصبح أتى الجبل
فاحتطب على ظهره فيأتي به السوق فيبيعه بما شاء الله أن يبيعه فيتصدق بثلثه ويبقي
لعبادتع ثلثا ويعطي الثلث أمه وكانت أمه تأكل النصف وتتصدق بالنصف وكان ذلك عملهما
الدهر كله
فلما طال عليها قالت : يابني أعلم أني قد ورثت من أبيك بقرة وختمت عنقها وتركتها
في البقر على اسم إله إبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب قالت وسأبين لك ما لونها
وهيئتها فإذا أتيت البقر فادعها باسم إله إبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب فإنها
تفعل كما وعدتني وقالت : إن علامتها ليست بهرمة ولا فتية غير أنها بينهما وهي صفراء
فاقع لونها تسر الناظرين إذا نظرت إلى جلدها يخيل إليك أن شعاع الشمس يخرج من
جلدها وليست بالذلول ولا صعبة تثير الأرض ولا تسقي الحرث مسلمة لاشية فيها ولونها
واحد فإذا رأيتها فخذ بعنقها فإنها تتبعك بإذن إله إسرائيل
(1/194)
فانطلق
الفتى وحفظ وصية والدته وسار في البرية يومين أو ثلاثا حتى إذا كان صبيحة ذلك
اليوم انصرف فصاح بها فقال : بإله إبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب ألا ما أتيتني
فأقبلت البقرة عليه وتركت الرعي فقامت بين يدي الفتى فأخذ بعنقها فتكلمت البقرة
وقالت : يا أيها الفتى البر بوالدته اركبني فإنه أهون عليك
قال الفتى : لم تأمرني والدتي أن أركب عليك ولكنها أمرتني أن أسوقك سوقا فأحب أن
أبلغ قولها
فقالت : بإله إسرائيل لو ركبتني ما كنت لتقدر علي فانطلق يا أيها الفتى البر
بوالدته لو أنك أمرت هذا الجبل أن ينقلع لك من أصله لأنقلع لبرك بوالدتك ولطاعتك
إلهك
فانطلق حتى إذا كان من مسيرة يوم من منزله استقبله عدو الله إبليس فتمثل له على
صورة راع من رعاة البقر فقال : يا أيها الفتى من أين جئت بهذه البقرة ألا تركبها
فإني أراك قد أعييت ؟ أظنك لا تملك من الدنيا مالا غير هذه البقرة فإني أعطيك
الأجر ينفعك ولا يضرها فإني رجل من رعاة البقر اشتقت إلى أهلي فأخذت ثورا من
ثيراني فحملت عليه طعامي وزادي حتى غذا بلغت شطر الطريق أخذني وجع بطني فذهبت
لأقضي حاجتي فعدا وسط الجبل وتركني وأنا أطلبه ولست أقدر عليه فأنا أخشى على نفسي
الهلاك وليس معي زاد ولا ماء فإن رأيت أن تحملني على بقرتك فتبلغني مراعي وتنجيني
من الموت وأعطيك أجرها بقرتين
قال الفتى : إن بني آدم ليس بالذي يقتلهم اليقين وتهلكهم أنفسهم فلو علم الله منك
اليقين لبلغك بغير زاد ولا ماء ولست براكب أمرا لم أومر به إنما أنا عبد مأمور ولو
علم سيدي أني عصيته في هذه البقرة لأهلكني وعاقبني عقوبة شديدة وما أنا بمؤثر هواك
على هوى سيدي فانطلق يا أيها الرجل بسلام فقال له إبليس : أعطيك بكل خطوة تخطوها
إلى منزلي درهما فذلك مال عظيم وتفدي نفسي من الموت في هذه البقرة
قال الفتى : إن سيدي له ذهب الأرض وفضتها فإن أعطيتني شيئا منها علم أنه من ماله ولكن
أعطني من ذهب السماء وفضتها فأقول أنه ليس هذا من مالك فقال إبليس : وهل في السماء
ذهب وفضة أو هي يقدر أحد على هذا ؟ قال الفتى : أو هل يستطيع العبد بما لم يأمر به
سيده كما لا تستطيع أنت ذهب السماء وفضتها
قال له إبليس : أراك أعجز العبيد في أمرك
قال له الفتى : إن العاجز من
(1/195)
عصى
ربه
قال له إبليس : ما لي لا أرى معك زادا ولاماء ؟ قال الفتى : زادي التقوى وطعامي
الحشيش وشرابي من عيون الجبال قال إبليس : ألا آمرك بأمر يرشدك ؟ قال : مر به نفسك
فإني على رشاد إن شاء الله
قال له إبليس : ما أراك تقبل نصيحة ! قال له الفتى : الناصح لنفسه من أطاع سيده
وأدى الحق الذي عليه فإن كنت شيطانا فأعوذ بالله منك وإن كنت آدميا فأخرج فلا حاجة
لي في صحابتك
فجمد إبليس عند ذلك ثلاث ساعات مكانه ولو ركبها له إبليس ما كان الفتى يقدر عليها
ولكن الله حبسه عنها
فبينما الفتى يمشي إذ طار طائر من بين يديه فاختلس البقرة ودعاها الفتى وقال :
بإله إبراهيم وإسماعيل واسحق ويعقوب ألا ما آتيتني فأتت البقرة إليه وقامت بين
يديه فقالت : يا أيها الفتى ألم تر إلى ذلك الطائر الذي طار من بين يديك ؟ فإنه
إبليس عدو الله اختلسني فلما ناديتني بإله اسرائيل جاء ملك من الملائكة فانتزعني
منه فردني إليك لبرك بوالدتك وطاعتك إلهك فانطلق فلست ببارحتك حتى تأتي أهلك إن
شاء الله
قال : فدخل الفتى إلى أمه يخبرها الخبر فقالت : يا بني إني أراك تحتطب على ظهرك
الليل و النهار فتشخص فاذهب بهذه البقرة فبعها وخذ ثمنها فتقو به وودع به نفسك
قال الفتى : بكم أبيعها ؟ قالت : بثلاثة دنانير على رضا مني
فانطلق الفتى إلى السوق فبعث الله إليه ملكا من الملائكة ليري خلقه قدرته فقال
للفتى : بكم تبيع هذه البقرة أيها الفتى ؟ فقال : أبيعها بثلاثة دنانير على رضا من
والدتي
قال : لك ستة دنانير ولا تستأمر والدتك
فقال : لو أعطيتني زنتها لم أبعها حتى أستأمرها فخرج الفتى فأخبر والدته الخبر
فقالت : بعها بستة دنانير على رضا مني
فانطلق الفتى وأتاه الملك فقال : ما فعلت ؟ فقال : أبيعها بستة دنانير على رضا من
والدتي
قال : فخذ اثني عشر دينارا ولا تستأمرها
قال : لا
فانطلق الفتى إلى أمه فقالت : يا بني إن الذي يأتيك ملك من الملائكة في صورة آدمي
فإذا أتاك فقل له : إن والدتي تقرأ عليك السلام وتقول : بكم تأمرني أن أبيع هذه
البقرة ؟ قال له الملك : يا أيها الفتى يشتري بقرتك هذه موسى بن عمران لقتيل يقتل
من بني إسرائيل وله مال كثير ولم يترك أبوه ولدا غيره وله أخ له بنون كثيرون
فيقولون كيف لنا أن نقتل هذا الغلام ونأخذ ماله فدعوا الغلام إلى منزلهم
(1/196)
فقتلوه
فطرحوه إلى جانب دارهم فأصبح أهل الدار فأخرجوا الغلام إلى باب الدار وجاء بنو عم
الغلام فأخذوا أهل الدار فانطلقوا بهم إلى موسى فلم يدر موسى كيف يحكم بينهم من
أجل أن أهل الدار برآء من الغلام
! فشق ذلك على موسى فدعا ربه فأوحى الله إليه : أن خذ بقرة صفراء فاقعا لوناه
فاذبحها ثم اضرب الغلام ببعضها
فعمدوا إلى بقرة الفتى فاشتروها على أن يملؤوا جلدها دنانير ثم ذبحوها ثم ضربوا
الغلام ببعضها فقام يخبرهم فقال : إن بني عمي قتلوني وأهل الدار مني برآء فأخذهم
موسى فقالوا : يا موسى أتتخذنا هزوا قد قتلنا ابن عمنا مظلوما وقد علموا أن
سيفضحوا فعمدوا إلى جلد البقرة فملؤوه دنانير ثم دفعوه إلى الفتى فعمد الفتى فتصدق
بالثلثين على فقراء بني إسرائيل وتقوى بالثلث وكذلك يحيي الله الموتى ويريكم آياته
لعلكم تعقلون
قوله تعالى : ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة
لما يتفجر منه الأتهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من
خشية الله وما الله بغافل عما تعملون
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ثم قست قلوبكم من بعد ذلك قال : من بعد ما
أراهم الله من إحياء الموتى ومن بعد ما أراهم من أمر القتيل فهي كالحجارة أو أشد
قسوة ثم عذر الله الحجارة ولم يعذر شقي ابن آدم فقال وإن من الحجارة لما يتفجر منه
الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وإن من الحجارة
الآية
أي أن من الحجارة لألين من قلوبكم لما تدعون إليه من الحق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال : كل حجر يتفجر منه الماء أو يشقق عن
ماء أو يتردى من رأس جبل فمن خشية الله
نزل بذلك القرآن
(1/197)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وإن من منها لما يهبط
من خشية الله قال : إن الحجر ليقع على ألرض ولو اجتمع عليه كثير من الناس ما
استطاعوه وإنه ليهبط من خشية الله
قوله تعالى : أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم
يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون
ابن اسحق وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ثم قال الله لنبيه ومن معه من المؤمنين
يؤيسهم منهم أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله وليس قوله
التوراة كلها وقد سمعها ولكنهم الذين سألوا موسى رؤية ربهم فأخذتهم الصاعقة فيها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله أفتطمعون أن يؤمنوا لكم
الآية
قال : فالذين يحرفونه والذين يكتبونه م العلماء منهم والذين نبذوا كتاب الله وراء
ظهورهم هؤلاء كلهم يهود
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله يسمعون كلام الله قال : هي التوراة حرفوها
قوله تعالى : وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا
أتحدثونهم بما فتح الله عليكم ليحاجوكم به عند ربكم أفلا تعقلون أو لا يعلمون أن
الله يعلم ما يسرون وما يعلنون
ابن اسحق وابن جرير عن ابن عباس في قوله وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا أي
بصاحبكم رسول الله ولكنه إليكم خاصة وإذا خلا بعضهم إلى بعض قالوا : لا تحدثوا
العرب بهذا فإنكم قد كنتم تستفتحون به عليكم فكان منهم ليجادلوكم به عند ربكم أي
يقرون أنه نبي وقد علمتم أنه قد أخذ عليكم الميثاق بإتباعه وهو يخبرهم أنه النبي
الذي كان ينتظر ونجده في كتابنا اجحدوه ولا تقروا به
(1/198)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس في قوله وإذا لقوا الذين آمنوا
الآية
قال : هذه الآية في المنافقين من اليهود
وقوله بما فتح الله عليكم يعني بما أكرمكم به
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : قام النبي
صلى الله عليه و سلم يوم قريظة تحت حصونهم فقال " يا إخوان القردة والخنازير
ويا عبدة الطاغوت
فقالوا : من أخبر هذا الأمر محمد ما خرج هذا الأمر إلا منكم أتحدثونهم بما فتح
الله عليكم بما حكم الله ليكون لهم حجة عليكم "
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا
يدخلن علينا قصبة المدينة إلا مؤمن
فقال : رؤساء اليهود : اذهبوا فقولوا آمنا واكفروا إذا رجعتم إلينا فكانوا يأتون
المدينة بالبكر ويرجعون إليهم بعد العصر وهو قوله وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا
بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار وأكفروا آخره آل عمران الآية 72 وكانوا
يقولون : إذا دخلوا المدينة نحن مسلمون ليعلموا خبر رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأمره فكان المؤمنون يظنون أنهم مؤمنون فيقولون لهم : أليس قد قال لكم في التوراة
كذا وكذا ؟ فيقولون : بلى
فإذا رجعوا إلى قومهم قالوا أتحدثونهم بما فتح الله به عليكم
الآية "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : نزلت هذه الآية في ناس من اليهود
آمنوا ثم نافقوا فكانوا يحدثون المؤمنين من العرب بما عذبوا به فقال بعضهم لبعض
أتحدثونهم بما فتح الله به عليكم من العذاب ليقولوا نحن أحب إلى الله منكم وأكرم
على الله منكم
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة " أن امرأة من اليهود أصابت فاحشة فجاؤوا إلى
النبي صلى الله عليه و سلم يبتغون منه الحكم رجاء الرخصة فدعا رسول الله صلى الله
عليه و سلم عالمهم وهو ابن صوريا فقال له : احكم
قال : فجبؤة
والتجبئة يحملونه على حمار ويجعلون على وجهه إلى ذنب الحمار
فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : أبحكم الله حكمت ؟ قال : لا
ولكن نساءنا كن حسانا فأسرع فيهن رجالنا فغيرنا الحكم وفيه أنزلت وإذا خلا بعضهم
إلى بعض
الآية "
(1/199)
وأخرج
عبد بن حميد عن قتادة في قوله وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا قالوا : هم اليهود
وكانوا إذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا فصانعوهم بذلك ليرضوا عنهم وإذا خلا بعضهم
إلى بعض نهى بعضهم بعضا أن يحدثوا بما فتح الله عليهم وبين لهم في كتابه من أمر
محمد عليه السلام رفعته ونبوته وقالوا : إنكم إذا فعلتم ذلك احتجوا عليكم بذلك عند
ربكم أفلا تعقلون أو لا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون وما يعلنون قال : ما يعلنون
من أمرهم وكلامهم إذا لقوا الذين آمنوا وما يسرون إذا خلا بعضهم إلى بعض من كفرهم
بمحمد صلى الله عليه و سلم وتكذيبهم به وهم يجدونه مكتوبا عندهم
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله و لا يعلمون أن الله يعلم ما يسرون يعني من
كفرهم بمحمد وتكذيبهم به وما يعلنون حين قالوا للمؤمنين : آمنا
قوله تعالى : ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون
ابن جرير عن ابن عباس قال : الأميون قوم لم يصدقوا رسولا أرسله الله ولا كتابا
أنزله فكتبوا كتابا بأيديهم ثم قالوا لقوم سفلة جهال : هذا من عند الله
وقال : قد أخبرهم أنهم يكتبون بأيديهم ثم سماهم أميين لجحودهم كتب الله ورسله
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي في قوله ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب قال :
منهم من لا يحسن أن يكتب
وأخرج ابن اسحق وابن جرير عن ابن عباس في قوله ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب قال :
لا يدرون ما فيه وإن هم إلا يظنون وهم يجحدون نبؤتك بالظن
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب قال : ناس من يهود
لم يكونوا يعلمون من الكتاب شيئا وكانوا يتكلمون بالظن بغير ما في كتاب الله
ويقولن هو من الكتاب أماني تمنونها
(1/200)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله إلا أماني قال : إلا
أحاديث
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله إلا أماني قال : إلا قولا يقولون بأفواههم
كذبا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله إلا أماني قال : إلا كذبا وإن هم
إلا يظنون قال : إلا يكذبون
قوله تعالى : فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هذا من عند الله ليشتروا
به ثمنا قليلا فويل لهم مما كتبت أيديهم وويل لهم مما يكسبون
وكيع وابن المنذر والنسائي عن ابن عباس في قوله فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم
قال : نزلت في أهل الكتاب
وأخرج أحمد وهناد بن السري بن الزهد وعبد بن حميد والترمذي وابن أبي الدنيا في صفة
النار وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن حبان في صحيحه والحاكم في
المستدرك وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : " ويل واد في حهنم يهوي فيه الكافر أربعين خريفا
قبل أن يبلغ قعره "
وأخرج ابن جرير عن عثمان بن عفان عن رسول الله صلى الله عليه و سلم " في قوله
فويل لهم مما كتبت أيديهم قال : الويل جبل في النار وهو الذي أنزل في اليهود لأنهم
حرفوا التوراة زادوا فيها ما أحبوا ومحوا منها ما كانوا يكرهون ومحوا اسم محمد صلى
الله عليه و سلم من التوراة "
وأخرج البزار وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " إن في النار ؟ حجرا يقال لها ويل يصعد عليه العرفاء وينزلون فيه "
وأخرج الحربي في فوائده عن عائشة قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ويحك يا عائشة
! فجزعت منها
فقال لي : يا حميراء إت ويحك أو ويك رحمة فلا تحجزعي منها ولكن اجزعي من الويل
"
(1/201)
وأخرج
أبو نعيم في دلائل النبوة عن علي بن أبي طالب قال : الويح والويل بابان
فأما الويح فباب رحمة وأما الويل فباب عذاب
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والطبراني والبيهقي في البعث عن ابن مسعود قال :
ويل واد في جهنم يسيل من صديد أهل النار
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن النعمان بن بشير قال : الويل واد من فيح في
جهنم
وأخرج ابن المبارك في الزهد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن عطاء بن
يسار قال : ويل واد في جهنم لو سيرت فيه الجبال لماعت من شدة حره
وأخرج هناد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ويل
سيل من صديد في أصل جهنم وفي لفظ ويل واد في جهنم يسيل فيه صديده
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر مولى عفرة قال : إذا سمعت الله يقول : ويل هي النار
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فويل للذين يكتبون الكتاب
الآية
قال : هم أحبار اليهود وجدوا صفة النبي صلى الله عليه و سلم مكتوبة في التوراة
أكحل أعين ربعة جعد الشعر حسن الوجه فلما وجدوه في التوراة محوه حسدا وبغيا فأتاهم
نفر من قريش فقالوا : تجدون في التوراة نبيا أميا ؟ فقالوا : نعم نجده طويلا أزرق
سبط الشعر فأنكرت قريش وقالوا : ليس هذا منا
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : وصف الله محمد صلى الله عليه و سلم في
التوراة فلما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم حسده أحبار اليهود فغيروا صفته في
كتابهم وقالوا : لا نجد نعته عندنا وقالوا للسفلة : ليس هذا نعت النبي الذي يحرم
كذا وكذا كما كتبوه وغيروا نعت هذا كذا كما وصف فلبسوا على الناس وإنما فعلوا ذلك
لأن الأحبار كانت لهم مأكلة يطعمهم إياها السفلة لقيامهم على التوراة فخافوا أن
تؤمن السفلة فتنقطع تلك المأكلة
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبخاري وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن
ابن عباس أنه قال : يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء وكتابكم الذي
أنزل الله على نبيه أحدث أخبارا لله تعرفونه غضا محضا لم يشب
(1/202)
وقد
حدثكم الله ان أهل الكتاب قد بدلوا كتاب الله وغيروه وكتبوا بأيديهم الكتاب وقالوا
: هو من عند الله ليشتروا به ثمنا أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسائلهم ولا
والله ما رأينا منهم أحدا قط سألكم عن الذي أنزل إليكم ؟
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال كان ناس من اليهود يكتبون كتابا من
عندهم ويبيعونه من العرب ويحدثونهم أنه من عند الله فيأخذون ثمنا قليلا
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر واين أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : كان ناس من
بني إسرائيل كتبوا كتابا بأيديهم ليتأكلوا الناس فقالوا : هذه من عند الله وما هي
من عند الله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ليشتروا به ثمنا قليلا قال : عرضا من عرض
الدنيا فويل لهم مما يكسبون يقول : مما يأكلون به الناس السفلة وغيرهم
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي داود في المصاحف وابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي
أنه كره كتابة المصاحف بالأجر وتلا هذه الآية فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم
الآية
وأخرج وكيع عن الأعمش
أنه كره أن يكتب المصاحف بالأجر وتأول هذه الآية فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم
ثم يقولون هذا من عند الله
وأخرج وكيع وابن أبي داود عن محمد بن سيرين أنه يكره شراء المصاحف وبيعها
وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد وابن أبي داود عن أبي الضحى قال : سألت ثلاثة من أهل
الكوفة عن شراء المصاحف
عبد الله بن يزيد الخطمي ومسروق بن الأجدع وشريحا فكلهم قال : لا نأخذ لكتاب الله
ثمنا
وأخرج ابن أبي داود من طريق قتادة عن زرارة عن مطرف قال : شهدت فتح تستر مع
الأشعري فأصبنا دانيال بالسوس وأصبنا معه ربطتين من كتان وأصبنا معه ربعة فيها
كتاب الله وكان أول من وقع عليه رجل من بلعنبر يقال له حرقوص فأعطاه الأشعري
الربطتين وأعطاه مائتي درهم وكان معنا أجير نصراني يسمى نعيما فقال : بيعوني هذه
الربعة بما فيها فقالوا : إن يكن فيها ذهب أو فضة أو كتاب الله ؟
(1/203)
قال
: فإن الذي فيها كتاب الله فكرهوا أن يبيعوه الكتاب فبعناه الربعة بدرهمين ووهبنا
له الكتاب
قال قتادة : فمن ثم كره بيع المصاحف لأن الأشعري وأصحابه كرهوا بيع ذلك الكتاب
وأخرج ابن أبي داود من طريق قتادة عن سعيد بن المسيب والحسن : أنهما كرها بيع
المصاحف
وأخرج ابن أبي داود عن حماد بن أبي سليمان أنه سئل عن بيع المصاحف فقال : إن
إبراهيم يكره بيعها وشراءها
وأخرج ابن أبي داود عن سالم قال : كان ابن عمر إذا أتى على الذي يبيع المصاحف قال
: بئس التجارة
وأخرج ابن أبي داود عن عبادة بن نسي
أن عمر كان يقول : لا تبيعوا المصاحف ولا تشتروها
وأخرج ابن أبي داود عن ابن سيرين وإبراهيم
أن عمر كان يكره بيع المصاحف وشراءها
وأخرج ابن أبي داود عن ابن مسعود : أنه كره بيع المصاحف وشراءها
وأخرج ابن أبي داود من طريق نافع عن ابن عمر قال : وددت أن الأيدي تقطع على بيع
المصاحف
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي داود من طريق سعيد بن جبير قال : وددت أن الأيدي قطعت
على بيع المصاحف وشرائها
وأخرج ابن أبي داود عن عكرمة قال : سمعت سالم بن عبد الله يقول : بئس التجارة
المصاحف
وأخرج ابن أبي داود عن جابر بن عبد الله : أنه كره بيع المصاحف وشراءها
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي داود عن عبد الله بن شقيق العقيلي : أنه كان يكره بيع
المصاحف قال : وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يشددون في بيع المصاحف
ويرونه عظيما
وأخرج ابن أبي داود عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب : أنه كره بيع المصاحف كراهية
شديدة وكان يقول : أعن أخاك بالكتاب أو هب له
وأخرج ابن أبي داود عن علي بن حسين قال : كانت المصاحف لا تباع وكان
(1/204)
الرجل
يأتي بورقة عند المنبر فيقول من الرجل يحتسب فيكتب لي ؟ ثم يأتي الآخر فيكتب حتى
يتم المصحف
وأخرج ابن أبي داود عن مسروق وعلقمة وعبد الله بن يزيد الأنصاري وشريح وعبادة
أنهم كرهوا بيع المصاحف وشراءها وقالوا : لا نأخذ لكتاب الله ثمنا
وأخرج ابن أبي داود عن إبراهيم عن أصحابه قال : كانوا يكرهون بيع المصاحف وشراءها
وأخرج ابن أبي داود عن أبي العالية
أنه كان يكره بيع المصاحف وقال : وددت أن الذين يبيعون المصاحف ضربوا
وأخرج ابن ابي داود عن ابن سيرين قال : كانوا يكرهون بيع المصاحف وكتابتها بالأجر
وأخرج ابن أبي داود عن ابن جريج قال : قال عطاء : لم يكن من مضى يبيعون المصاحف
إنما حدث ذلك الآن وإنما يجلسون بمصاحفهم في الحجر فيقول أحدهم للرجل إذا كان
كاتبا وهو يطوف : يا فلان إذا فرغت تعال فاكتب لي
قال : فيكتب المصحف وما كان من ذلك حتى يفرغ من مصحفه
وأخرج ابن أبي داود عن عمرو بن مرة قال : كان في أول الزمان يجتمعون فيكتبون
المصاحف ثم إنهم استأجروا العباد فكتبوها لهم ثم إن العباد بعد أن كتبوها باعوها
وأول من باعها هم العباد العباد : جمع عبد وهم قبائل شتى من العرب اجتمعوا بالحيرة
على المسيحية قبل الإسلام والنسبة عبادي
وأخرج أبو عبيد وابن أبي داود عن عمران بن جرير قال : سألت أبا مجلز عن بيع
المصاحف قال : إنما بيعت في زمن معاوية فلا تبعها
وأخرج ابن أبي داود عن محمد بن سيرين قال : كتاب الله أعز من أن يباع
وأخرج ابن سعيد عن حنظلة قال : كنت أمشي مع طاوس فمر بقوم يبيعون المصاحف فاسترجع
ذكر من رخص في بيعها وشراءها أخرج ابن أبي داود عن ابن عباس أنه سئل عن بيع
المصاحف فقال : لا بأس إنما يأخذون أجور أيديهم
(1/205)
وأخرج
ابن أبي داود عن ابن الحنفية أنه سئل عن بيع المصاحف قال : لا بأس إنما يبيع الورق
وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد وابن أبي داود عن الشعبي قال : لا بأس ببيع المصاحف
إنهم لا يبيعون كتاب الله إنما يبيعون الورق وعمل أيديهم
وأخرج ابن أبي داود عن جعفر عن أبيه قال : لا بأس بشراء المصاحف وأن يعطى الأجر
على كتابتها
وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد وابن أبي داود عن مطر الوراق
أنه سئل عن بيع المصاحف فقال : كان خيرا أو حبرا هذا الأمة لا يريان يبيعها بأسا
الحسن والشعبي
وأخرج ابن أبي داود عن حميد
أن الحسن كان يكره بيع المصاحف فلم يزل به مطر الوراق حتى رخص فيه
وأخرج ابن أبي داود من طرق عن الحسن قال : لا بأس ببيع المصاحف ونقطها بالأجر
وأخرج ابن أبي داود عن الحكم : أنه كان لا يرى بأسا بشراء المصاحف وبيعها
وأخرج أبو عبيد وابن أبي داود عن أبي شهاب موسى بن نافع قال : قال لي سعيد بن جبير
: هل لك في مصحف عندي قد كفيتك عرضه فتشتريه ؟ وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد وابن
أبي داود من طرق عن ابن عباس قال : اشتر المصاحف ولا تبعها
وأخرج ابن ابي داود عن ابن عباس قال : رخص في شراء المصاحف وكره في بيعها
قال ابن أبي داود : كذا قال رخص كأنه صار مسندا
وأخرج أبو عبيد وابن أبي داود عن جابر بن عبد الله في بيع المصاحف قال : ابتعها
ولا تبعها
وأخرج ابن أبي داود عن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير
مثله
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر
مثله
قوله تعالى : وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قل أتخذتم عند الله لن يخلف
الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون
(1/206)
ابن
اسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والواحدي عن ابن عباس أن يهود
كانوا يقولون : مدة الدنيا سبعة آلاف سنة وإنما نعذب لكل ألف سنة من أيام الدنيا
يوما واحدا في النار وإنما هي سبعة أيام معدودات ثم ينقطع العذاب فأنزل الله في
ذلك وقالوا لن تمسنا النار إلى قوله هم فيها خالدون
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد
مثله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والواحدي عن ابن عباس قال : وجد أهل
الكتاب مسيرة ما بين طرفي جهنم مسيرة أربعين فقالوا : لن يعذب أهل النار إلا قدر
أربعين فإذا كان يوم القيامة ألجموا في النار فساروا فيها حتى انتهوا إلى سقر
وفيها شجرة الزقوم إلى آخر يوم من الأيام المعهودة فقال له خزنة النار : يا أعداء
الله زعمتم أنكم لن تعذبوا في النار إلا أياما معدودة فقد انقضى العدد وبقي الأبد
فيأخذون في الصعود يرهقون على وجوههم
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس
أن اليهود قالوا : لن تمسنا النار إلا أربعين يوما مدة عبادة العجل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن ابي حاتم عن عكرمة قال : اجتمعت
يهود يوما فخاصموا النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : لن تمسنا النار إلا أياما
معدودات وسموا أربعين يوما ثم يخلفنا فيها ناس وأشاروا إلى النبي صلى الله عليه و
سلم وأصحابه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ورد يده على رؤوسهم كذبتم
بل أنتم خالدون مخلدون فيها لا نخلفكم فيها إن شاء الله تعالى أبدا ففيهم أنزلت
هذه الآية وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة يعنون أربعين ليلة "
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لليهود
" أنشدكم بالله وبالتوراة التي أنزل الله على موسى يوم طور سيناء من أهل
النار الذين أنزلهم الله في التوراة ؟ قالوا : إن ربهم غضب عليهم غضبة فنمكث في
النار أربعين ليلة ثم نخرج فتخلفوننا فيها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
كذبتم والله لا نخلفكم فيها أبدا فنزل القرآن تصديقا لقول النبي صلى الله عليه و
سلم وتكذيبا لهم وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة إلى قوله وهم فيها خالدون
"
وأخرج أحمد والبخاري والدارمي والنسائي والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة
(1/207)
قال
" لما افتتحت خيبر أهديت لرسول الله صلى الله عليه و سلم شاة فيها سم فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : اجمعوا لي من كان ههنا من اليهود فقال لهم : من
أبوكم ؟ قال : فلان
قال : كذبتم بل أبوكم فلان
قالوا : صدقت وبررت
ثم قال لهم : هل أنتم صادقي عن شيء إن سألتكم عنه ؟ قالوا : نعم يا أبا القاسم وإن
كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا
فقال لهم : من أهل النار ؟ قالوا : نكون فيها يسيرا ثم تخلفوننا فيها
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : اخسئوا - والله - لا نخلفكم فيها أبدا
"
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله قل أتخذتم عند الله عهدا أي موثقا
من الله بذلك أنه كما تقولون
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : لما قالت اليهود ما قالت قال الله لمحمد قل
أتخذتم عند الله عهدا يقول : ادخرتم عند الله عهدا
يقول : أقلتم لا إله إلا الله لم تشركوا ولم تكفروا به فإن كنتم قلتموها فأرجوا
بها وإن كنتم لم تقولوها فلم تقولون على الله ما لا تعلمون
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله قل أتخذتم عند الله قال : بفراكم وبزعمكم أن
النار ليس تمسكم إلا أياما معدودة يقول : إن كنتم اتخذتم عند الله عهدا بذلك فلن
يخلف الله عهده أم تقولون على الله ما لا تعلمون قال : قال القوم : الكذب والباطل
وقالوا عليه مالا يعلمون
قوله تعالى : بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون
والذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون
ابن ابي حاتم عن ابن عباس في
(1/208)
قوله
بلى من كسب قال : الشرك
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وعكرمة وقتادة
مثله
وأخرج ابن ابي حاتم عن أبي هريرة في قوله وأحاطت به خطيئته قال : أحاط به شركه
وأخرج ابن اسحاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله بلى من كسب سيئة
أي من عمل مثل أعمالكم وكفر بما كفرتم به حتى يحيط كفره بما له من حسنة فأولئك
أصحاب النار هم فيها خالدون والذين آمنوا وعملوا الصالحات أي من آمن بما كفرتم به
وعمل بما تركتم من دينه فلهم الجنة خالدين فيها يخبرهم أن الثواب بالخير والشر
مقيم على أهله أبدا لا انقطاع له أبدا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله وأحاطت به خطيئته قال : هي الكبيرة
الموجبة لأهلها النار
وأخرج وكيع وابن جرير عن الحسن أنه سئل عن قوله وأحاطت به خطيئته ما الخطيئة ؟ قال
: اقرؤوا القرآن فكل آية وعد الله عليها النار فهي الخطيئة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله وأحاطت به خطيئته قال : الذنوب تحيط
بالقلوب فكلما عمل ذنبا ارتفعت حتى تغشى القلب حتى يكون هكذا وقبض كفه ثم قال :
والخطيئة كل ذنب وعد الله عليه النار
وأخرج ابن ابي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن الربيع بن خيثم في قوله وأحاطت به
خطيئته قال : هو الذي يموت على خطيئته قبل أن يتوب
وأخرج وكيع وابن جرير عن الأعمش في قوله وأحاطت به خطيئته قال : مات بذنبه
قوله تعالى : وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا
وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسنا وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم
توليتم إلا قليلا منكم وأنتم معرضون
ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال وإذا أخذنا ميثاق بني إسرائيل
أي ميثاقكم
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل الآية
قال : أخذ مواثيقهم أن يخلصوا له وأن لا يعبدوا غيره
(1/209)
وأخرج
عبد بن حميد عن قتادة في قوله وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل قال : ميثاق أخذه الله
على بني إسرائيل فاسمعوا على ما أخذ ميثاق القوم لا تعبدون إلا الله وبالوالدين
إحسانا
الآية
وأخرج عبد بن حمي عن عيسى بن عمر قال : قال الأعمش : نحن نقرأ لا يعبدون إلا الله
بالياء لأنا نقرأ آخر الآية ثم تولوا عنه وأنتم تقرؤون ثم توليتم فاقرؤوها لا
تعبدون
وأخرج ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس في قوله وقولوا للناس حسنا قال : الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر أمرهم أن يأمروا بلا إله إلا الله من لم يقلها
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وقولوا للناس حسنا قال : الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب في قوله وقولوا للناس حسنا قال :
يعني الناس كلهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عطاء وأبي جعفر في قوله وقولوا للناس حسنا قالا :
للناس كلهم
وأخرج أبو عبيد سعيد بن منصور وابن المنذر عن عبد الملك بن سليمان أن زيد ابن ثابت
كان يقرأ وقولوا للناس حسنا وكان ابن مسعود يقرأ وقولوا للناس حسنا
وأخرج ابن اسحاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ثم توليتم أي تركتم
ذلك كله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ثم توليتم قال : أعرضتم عن طاعتي إلا قليلا
منكم وهم الذين اخترتهم لطاعتي
قوله تعالى : وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دمائكم ولا تخرجون أنفسكم من دياركم ثم
أقررتم وأنتم تشهدون ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم
تظاهرون عليهم
(1/210)
بالإثم
والعدوان وإن يأتوكم أسرى تفادوهم وهو محرم عليكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب
وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيمة
يردون إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعقلون أولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا
بالأخرة فلا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينصرون
عبد بن حميد عن عاصم
أنه قرأ لا تسفكون دمائكم بنصب التاء وكسر الفاء ورفع الكاف
وأخرج عبد بن حميد عن طلحة بن مصرف أنه قرأها تسفكون برفع الفاء
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون دمائكم يقول :
لا يقتل بعضكم بعضا ولا تخرجون أنفسكم من دياركم يقول : لا يخرج بعضكم بعضا من
الديار ثم أقررتم بهذا الميثاق وأنتم تشهدون
يقول : وأنتم شهود
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ثم أقررتم وأنتم
تشهدون إن هذا حق من ميثاقي عليكم ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم أي أهل الشرك ختى
تسفكوا دماءكم معهم وتخرجون فريقا منكم من ديارهم قال : تخرجونهم من ديارهم معهم
تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان فكانوا إذا كان بين الأوس والخزرج حرب خرجت بنو
قينقاع مع الخزرج وخرجت النضير وقريظة من الأوس وظاهر كل واحد من الفريقين حلفاءه
على إخوانه حتى تسافكوا دماءهم فإذا وضعت أوزارها افتدوا أسراهم تصديقا لما في
التوراة وإن يأتوكم أسارى تفادوهم وقد عرفتم أن ذلك عليكم في دينكم وهو محرم عليكم
في كتابكم إخراجهم أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض أتفادونهم مؤمنين بذلك
وتخرجونهم كفرا بذلك
(1/211)
وأخرج
ابن جرير عن أبي العالية أن عبد الله بن سلام مر على رأس الجالوت بالكوفة وهو
يفادي من النساء من لم يقع عليه العرب ولا يفادي من وقع عليه العرب فقال له عبد
الله بن سلام : أما مكتوب عندك في كتابك أن فادوهن كلهن
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي أنه قرأ وإن يأتوكم أسارى تفدوهم
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن أنه قرأ أسارى تفادوهم
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءتنا وإن يؤخذوا تفدوهم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي عبد الرحمن
السلمي قال : يكون أول الآية عاما وآخرها خاصا وقرأ هذه الآية ويوم القيامة يردون
إلى أشد العذاب وما الله بغافل عما تعملون
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله أولئك اشتروا الحياة الدنيا بالآخرة قال :
استحبوا قليل الدنيا على كثير الآخرة
قوله تعالى : ولقد آتينا موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل وآتينا عيسى ابن مريم
البينات وأيدناه بروح القدس أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ففريقا
كذبتم وفريقا تقتلون
ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله وقفينا اتبعنا
وأخرج ابن عساكر من طريق جوبير عن الضحاك عن ابن عباس في قوله ولقد آتينا موسى
الكتاب يعني التوراة جملة واحدة مفصلة محكمة وقفينا من بعده بالرسل يعني رسولا
يدعى اشمويل بن بابل ورسولا يدعى مشتانيل ورسولا يدعى شعيا بن أمصيا ورسولا يدعى
حزقيل ورسولا يدعى أرميا بن حلقيا وهو الخضر ورسولا يدعى داود بن ايشا وهو أبو
سليمان ورسولا يدعى المسيح عيسى بن مريم فهؤلاء الرسل ابتعثهم الله وانتخبهم للأمة
بعد موسى بن
(1/212)
عمران
وأخذ عليهم ميثاقا غليظا أن يؤدوا إلى أممهم صفة محمد صلى الله عليه و سلم وصفة
أمته
وأما قوله تعالى وآتينا عيسى بن مريم البينات أخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي
حاتم قال : هي الآيات التي وضعت على يده من إحياء الموتى وخلقه من الطين كهيئة
الطير وإبراء الأسقام والخبر بكثير من الغيوب وما رد عليهم من التوراة مع الإنجيل
الذي أحدث الله إليه
وأما قوله تعالى : وأيدناه بروح القدس أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
وأيدناه قال : قويناه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : روح القدس
الاسم الذي كان عيسى يحيي به الموتى
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : القدس الله تعالى
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال : القدس هو الرب تعالى
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : القدس الطهر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : القدس البركة
وأخرج ابن أبي حاتم عن اسماعيل بن أبي خالد في قوله وأيدناه بروح القدس قال :
أعانه جبريل
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : روح القدس جبريل
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " روح
القدس جبريل "
وأخرج ابن سعيد وأحمد والبخاري وأبو داود والترمذي عن عائشة " أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم وضع لحسان منبرا في المسجد فكان ينافح عن رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اللهم أيد حسان بروح القدس كما
نافح عن نبيه "
وأخرج ابن حبان عن ابن مسعود " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن
روح القدس نفث في روعي : إن نفسا لن تموت حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا في
الطلب "
وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " من كلمه روح القدس لن يؤذن للأرض أن تأكل من لحمه "
وأما قوله تعالى : ففريقا كذبتم وفريقا تقتلون
(1/213)
أخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله تعالى : فريقا يعني طائفة
قوله تعالى : وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون
ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إنما سمي القلب لتقلبه
أخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس أنه كان يقرأ قلوبنا غلف مثقلة كيف تتعلم
وإنما قلوبنا غلف للحكمه أي أوعية للحكمة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله قلوبنا غلف مملوءة علما لا
تحتاج إلى علم محمد صلى الله عليه و سلم ولا غيره
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عطية في قوله وقالوا قلوبنا غلف قال : هي القلوب
المطبوع عليها
وأخرج وكيع عن عكرمة في قوله قلوبنا غلف قال : عليها طابع
وأخرج ابن جرير عن مجاهد وقالوا قلوبنا غلف عليها غشاوة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله وقالوا قلوبنا غلف قال : قالوا لا
تفقه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا في كتاب الإخلاص وابن جرير عن حذيفة قال :
القلوب أربعة
قلب أغلف فذلك قلب الكافر وقلب مصفح فذلك قلب المنافق وقلب أجرد فيه مثل السراج
فذلك قلب المؤمن وقلب فيه إيمان ونفاق فمثل الإيمان كمثل شجرة يمدها ماء طيب ومثل
النفاق كمثل قرحة يمدها القيح والدم فأي المادتين غلبت صاحبتها أهلكته
وأخرج الحاكم وصححه عن حذيفة قال : تعرض فتنة على القلوب فأي قلب أنكرها نكتت في
قلبه نكتة بيضاء وأي قلب لم ينكرها نكتت في قلبه نكتة سوداء ثم تعرض فتنة أخرى على
القلوب فإن أنكرها القلب الذي أنكرها نكتت في قلبه نكتة بيضاء وإن لم ينكرها نكتت
نكتة سوداء ثم تعرض فتنة أخرى فإن أنكرها ذلك القلب الذي اشتد وابيض وصفا ولم تضره
فتنة أبدا وإن لم ينكرها في المرتين الأوليتين اسود وارتد ونكس فلا يعرف حقا ولا
ينكر منكرا
(1/214)
وأخرج
ابن ابي شيبة في كتاب الإيمان والبيهقي في شعب الإيمان عن علي رضي الله عنه قال :
إن الإيمان يبدو لحظة بيضاء في القلب فكلما ازداد الإيمان عظما ازداد ذلك البياض
فإذا استكمل الإيمان ابيض القلب كله وإن النفاق لحظة سوداء في القلب فكلما ازداد
النفاق عظما ازداد ذلك السواد فإذا استكمل النفاق اسود القلب كله وأيم الله لو
شققتم على قلب مؤمن لوجدتموه أبيض ولو شققتم عن قلب منافق لوجدتموه أسود
وأخرج أحمد بسند جيد عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
القلوب أربعة
قلب أجرد فيه مثل السراج يزهر وقلب أغلف مربوط على غلافه وقلب منكوس وقلب مصفح
وأما القلب الأجرد فقلب المؤمن سراجه فيه نوره وأما القلب الأغلف فقلب الكافر وأما
القلب المنكوس فقلب المنافق الكافر عرف ثم أنكر وأما القلب المصفح فقلب فيه إيمان
ونفاق ومثل الإيمان كمثل البقلة يمدها الماء الطيب ومثل النفاق كمثل القرحة يمدها
القيح والدم فأي المادتين غلبت على الأخرى غلبت عليه "
وأخرج ابن أبي حاتم عن سلمان الفارسي موقوفا مثله سواء
وأما قوله تعالى : فقليلا ما يؤمنون أخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله
فقليلا ما يؤمنون قال : لا يؤمن منهم إلا قليل
قوله تعالى : ولما جاءكم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون
على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ولما جاءكم كتاب من عند الله قال : هو
القرآن مصدق لما معهم قال : من التوراة والإنجيل
وأما قوله تعالى : وكانوا من قبل يستفتحون الآية
أخرج ابن اسحق وابن جرير وابن المنذر وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل من
(1/215)
طريق
عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري حدثني أشياخ منا قالوا : لم يكن أحد من العرب أعلم
بشأن رسول الله صلى الله عليه و سلم منا كان معنا يهود وكانوا أهل كتاب وكنا أصحاب
وثن وكنا إذا بلغنا منهم ما يكرهون قالوا : إن نبيا يبعث الآن قد أظل زمانه نتبعه
فنقتلكم معه قتل عاد وارم فلما بعث الله رسوله اتبعناه وكفروه به ففينا - والله -
وفيهم أنزل الله وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا
الآية كلها
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن
مرة عن ابن مسعود وناس من الصحابة في الآية قال : كانت العرب تمر باليهود فيؤذونهم
وكانوا يجدون محمدا في التوراة فيسألون الله أن يبعثه نبيا فيقاتلون معه العرب
فلما جاءهم محمد كفروا به حين لم يكن من بني إسرائيل
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق عطاء والضحاك عن ابن عباس قال : كانت يهود بني
قريظة والنضير من قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه و سلم يستفتحون الله يدعون على
الذين كفروا ويقولون : اللهم إنا نستنصرك بحق النبي الأمي إلا نصرتنا عليهم
فينصرون فلما جاءهم ما عرفوا يريد محمدا ولم يشكوا فيه كفروا به
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : كان يهود
أهل المدينة قبل قدوم النبي صلى الله عليه و سلم إذا قاتلوا من يليهم من مشركي
العرب من أسد وغطفان وجهينة وعذرة يستفتحون عليهم ويستنصرون يدعون عليهم باسم نبي
الله فيقولون : اللهم ربنا انصرنا عليهم باسم نبيك وبكتابك الذي تنزل عليه الذي
وعدتنا إنك باعثه في آخر الزمان
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو نعيم عن قتادة قال : كانت اليهود تستفتح بمحمد
على كفار العرب يقولون : اللهم ابعث النبي الذي نجده في التوراة يعذبهم ويقتلهم
فلما بعث الله محمد كفروا به حين رأوه بعث من غيرهم حسدا للعرب وهم يعلمون أنه رسول
الله
وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل بسند ضعيف عن ابن عباس قال : كانت يهود خيبر
تقاتل غطفان فكلما التقوا هزمت يهود فعاذت بهذا الدعاء : اللهم إنا نسألك بحق محمد
النبي الأمي الذي وعدتنا أن تخرجه لنا في آخر الزمان إلا نصرتنا عليهم فكانوا إذا
التقوا دعوا بهذا فهزموا غطفان فلما بعث النبي صلى الله عليه و سلم كفروا به
(1/216)
فأنزل
الله وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا يعني وقد كانوا يستفتحون بك يا محمد
إلى قوله فلعنة الله على الكافرين
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل عن ابن
عباس
أن يهود كانوا يستفتحون على الأوس والخزرج برسول الله صلى الله عليه و سلم قبل
مبعثه فلما بعثه الله من العرب كفروا به وجحدوا ما كانوا يقولون فيه فقال لهم معاذ
ابن جبل وبشر بن البراء ودادو بن سلمة : يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فقد كنتم
تستفتحون علينا بمحمد ونحن أهل شرك وتخبرونا بأنه مبعوث وتصفونه بصفته
فقال سلام بن مشكم أحد بني النضير : ما جاءنا بشيء نعرفه وما هو بالذي كنا نذكر
لكم فأنزل الله ولما جاءهم كتاب من عند الله
الآية
وأخرج أحمد وابن قانع والطبراني والحاكم وصححه وأبو نعيم كلاهما في الدلائل عن
سلمة بن سلامة وقش وكان من أهل بدر قال : كان لنا جار يهودي في بني عبد الأشهل
فخرج علينا يوما من بيته قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم بيسير حتى وقف
على مجلس بني الأشهل قال سلمة : وأنا يومئذ أحدث من فيه سنا علي بردة مضطجعا فيها
بفناء أهلي فذكر البعث والقيامة والحساب والميزان والجنة والنار قال : ذلك لأهل
شرك أصحاب أوثان لا يرون أن بعثا كائن بعد الموت
فقالوا له : ويحك يا فلان
! ترى هذا كائنا أن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار يجزنون فيها
بأعمالهم ؟ فقال : نعم والذي يحلف به يود أن له بحظه من تلك النار أعظم تنور في
الدنيا يحمونه ثم يدخلونه إياه فيطيونه عليه وإن ينجو من تلك النار غدا
قالوا له : ويحك وما آية ذلك ؟ ! قال : نبي يبعث من نحو هذه البلاد وأشار بيده نحو
مكة واليمن
فقالوا : ومتى نراه ؟ قال : فنظر إلي وأنا من أحدثهم سنا أن يستنفذ هذا الغلام
عمره يدركه قال سلمة : فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله رسوله صلى الله
عليه و سلم وهو بين أظهرنا فآمنا به وكفر به بغيا وحسدا فقلنا ويلك يا فلان ألست
بالذي قلت لنا ؟ ! قال : بلى وليس به
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا يقول يستنصرون
بخروج محمد على مشركي العرب يعني بذلك أهل الكتاب فلما بعث الله محمدا ورأوه من
غيرهم كفروا به وحسدوه
(1/217)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به قال
: نزلت في اليهود عرفوا محمدا أنه نبي وكفروا به
قوله تعالى : بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله
من فضله على من يشاء من عباده فباوءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله بئسما اشتروا به أنفسهم
الآية
قال : هم اليهود كفروا بما أنزل الله وبمحمد صلى الله عليه و سلم بغيا وحسدا للعرب
فباءوا بغضب على غضب قال : غضب الله عليهم مرتين بكفرهم بالإنجيل وبعيسى وبكفرهم
بالقرآن وبمحمد
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز
و جل بئسما اشتروا به أنفسهم قال : بئس ما باعوا به أنفسهم حيث باعوا نصيبهم من
الآخرة بطمع يسير من الدنيا
قال : وهل تعرف ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول : يعطى بها ثمنا فيمنعها
ويقول صاحبها ألا تشرى وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في
قوله بغيا أن ينزل الله أي أن الله جعله من غيرهم فباءوا بغضب بكفرهم بهذا النبي
على غضب كان عليهم فيما ضيعوه من التوراة
وأخرج ابن جرير عن عكرمة فباءوا بغضب على غضب قال : كفرهم بعيسى وكفرهم بمحمد
وأخرج ابن جرير عن مجاهد فباءوا بغضب اليهود غضب بما كان من تبديلهم التوراة قبل
خروج النبي صلى الله عليه و سلم على غضب جحودهم النبي صلى الله عليه و سلم وكفرهم
بما جاء به
(1/218)
قوله
تعالى : وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما
وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم قل فلم تقتلون أنبياء الله من قبل إن كنتم مؤمنين
ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون
ابن جرير عن ابي العالية في قوله ويكفرون بما وراءه قال : بما بعده
وأخرج ابن جرير عن الدي في قوله ويكفرون بما وراءه قال : القرآن
قوله تعالى : وإذ أخذنا ميثاقكم ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما آتيناكم بقوة قالوا
سمعنا وعصينا واشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم قل بئسما يأمركم به آيمانكم إن كنتم
مؤمنين
عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله واشربوا في قلوبهم العجل قال : اشربوا حبه
حتى خلص ذلك إلى قلوبهم
قوله تعالى : قل إن كانت لكم الدار
(1/219)
الآخرة
عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولن يتمنوه أبدا بما
قدمت أيديهم والله عليم بالظالمين
ابن جرير عن أبي العالية قال قالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هود أو نصارى البقرة
الآية 111 وقالوا نحن أبناء الله وأحباؤه المائدة الآية 18 فأنزل الله قل إن كانت
لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين فلم
يفعلوا
وأخرج ابن جرير عن قتادة
مثله
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس في هذه الآية قال : قل لهم يا محمد إن كانت
لكم الدار الآخرة يعني الجنة كما زعتم خالصة من دون الناس يعني المؤمنين فتمنوا
الموت إن كنتم صادقين إنها لكم خالصة من دون المؤنين فقال لهم رسول الله صلى الله
عليه و سلم " إن كنتم في مقالتكم صادقين قولوا اللهم أمتنا فو الذي نفسي بيده
لا يقولها رجل منكم إلا غص بريقه فمات مكانه فأبوا أن يفعلوا وكرهوا ما قال لهم
فنزل ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم يعني عملته أيديهم والله عليم بالظالمين
أنهم لن يتمنوه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم عند نزول هذه الآية : والله لا
يتمنونه أبدا "
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فتمنوا الموت أي
ادعوا بالموت على أي الفريقين أكذب فأبوا ذلك ولو تمنوه يوم قال ذلك ما بقي على
وجه الأرض يهودي إلا مات
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله قل إن لكم الدار الآخرة يعني الجنة خالصة خاصة
فتمنوا الموت فاسألوا الموت ولن يتمونه أبدا لأنعم يعلمون أنهم كاذبون بما قدمت
قال : أسلفت
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال :
لو تمنى اليهود الموت لماتوا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لو تمنوا الموت لشرق أحدهم بريقه
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن مردويه وأبو نعيم عن ابن عباس
عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " لو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا
ولرأوا مقاعدهم من النار "
قوله تعالى : ولتجدنهم أحرص الناس على حياة ومن الذين أشركوا يود أحدهم لو يعمر
ألف سنة وما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمر والله بصير بما يعملون
(1/220)
ابن
أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله ولتجدنهم أحرص الناس على حياة قال :
اليهود ومن الذين أشركوا قال : الأعاجم
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ولتجدنهم أحرص الناس
على حياة يعني اليهود ومن الذين أشركوا وذلك أن المشرك لا يرجو بعثا بعد الموت فهو
يحب طول الحياة وإن اليهودي قد عرف ما له في الآخرة من الخزي بما صنع بما عنده من
العلم وما هو بمزحزحه قال : بمنجية
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والحاكم عن ابن عباس في
قوله يود أحدهم لو يعمر ألف سنة قال : هو قول الأعاجم إذا عطس أحدهم زه هزا رسال
يعني ألف سنة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله وما هو بمزحزحه قال : هم الذين عادوا جبريل
قوله تعالى : قل من كان عدو لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين
يديه وهدى وبشرى للمؤمنين من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل فإن
الله عدو الكافرين
الطيالسي والفريابي وأحمد وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وأبو
نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن ابن عباس قال : حضرت عصابة من اليهود نبي الله
صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا أبا القاسم حدثنا عن خلال نسألك عنهن لا يعلمهن
إلا نبي
قال " سلوني عما شئتم ولكن اجعلوا لي ذمة الله وما أخذ يعقوب على نبيه لئن
أنا حدثتكم شيئا فعرفتموه للتتابعني ؟ قالوا : فذلك لك
قالوا : أربع خلال نسألك عنها
أخبرنا أي طعام حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة وأخبرنا كيف ماء
الرجل من ماء المرأة وكيف الأنثى منه والذكر وأخبرنا كيف هذا النبي الأمي في النوم
ومن وليه من الملائكة فأخذ عليهم عهد الله لئن
(1/221)
أخبرتكم
لتتابعني فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق
قال : فأنشدكم بالذي أنزل التوراة هل تعلمون أن إسرائيل مرض مرضا طال سقمه فنذر
نذرا لئن عافاه الله من سقمه ليحرمن أحب الشراب إليه وأحب الطعام إليه وكان أحب
الطعام إليه لحمان الإبل وأحب الشراب إليه ألبانها ؟ فقالوا : اللهم نعم
فقال : اللهم اشهد
قال : أنشدكم بالذي لا إله إلا هو هل تعلمون أن ماء الرجل أبيض غليظ وأن ماء
المرأة أصفر رقيق فأيهما علا كان له الواد والشبه بإذن الله إن علا ماء الرجل كان
ذكرا بإذن الله وإن علا ماء المرأة كان أنثى بإذن الله ؟ قالوا : اللهم نعم
قال : اللهم اشهد قال : فأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن النبي
الأمي هذا تنام عيناه ولا ينام قلبه ؟ قالوا : نعم
قال : اللهم اشهد عليهم
قالوا : أنت الآن فحدثنا من وليك من الملائكة فعندها نتابعك أو نفارقك ؟ قال :
وليي جبريل ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه
قالوا : فعندها نفارقك لو كان وليك سواه من الملائكة لأتبعناك وصدقناك
قال : فما يمنعكم أن تصدقوه ؟ قالوا : هو عدونا
فأنزل الله تعالى من كان عدوا لجبريل إلى قوله كأنهم لا يعلمون فعند ذلك باؤوا
بغضب على غضب "
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف واسحاق بن راهويه في مسنده وابن جرير وابن أبي حاتم
عن الشعبي قال " نزل عمر رضي الله عنه بالروحاء فرأى ناسا يبتدرون أحجارا
فقال : ما هذا ؟ فقالوا : يقولون أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى إلى هذه
الأحجار فقال : سبحان الله
! ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا راكبا مر بواد فحضرت الصلاة فصلى ثم
حدث فقال : إني كنت أغشى اليهود يوم دراستهم فقالوا : ما من أصحابك أحد أكرم علينا
منك لأنك تأتينا
قلت : وما ذاك إلا أني أعجب من كتب الله كيف يصدق بعضها بعضا كيف تصدق التوراة
والفرقان التوراة فمر النبي صلى الله عليه و سلم يوما وأنا أكلمهم فقلت : أنشدكم
بالله وما تقرؤون من كتابه أتعلمون أنه رسول الله ؟ قالوا : نعم
فقلت : هلكتم والله تعلمون أنه رسول الله ثم لا تتبعونه ؟ فقالوا : لم نهلك ولكن
سألناه من يأتيه بنبوته فقال : عدونا جبريل لأنه ينزل بالغلظة والشدة والحرب
والهلاك ونحو هذا فقلت فمن سلمكم من الملائكة ؟ فقالوا : ميكائيل ينزل بالقطر
والرحمة وكذا
قلت : وكيف منزلتهما من ربهما ؟ فقالوا : أحدهما عن يمينه والآخر من الجانب الآخر
قلت : فإنه لا يحل لجبريل أن يعادي ميكائيل ولا يحل
(1/222)
لميكائيل
أن يسالم عدو جبريل وإني أشهد أنهما وربهما سلم لمن سالموا وحرب لمن حاربوا ثم
أتيت النبي صلى الله عليه و سلم وأنا أريد أن أخبره فلما لقيته قال : ألا أخبرك
بآيات أنزلت علي ؟ قلت : بلى يا رسول الله فقرأ من كان عدوا لجبريل حتى بلغ
الكافرين قلت : والله يا رسول الله ما قمت من عند اليهود إلا إليك لأخبرك بما
قالوا إلي وقلت لهم فوجدت الله قد سبقني
صحيح الإسناد ولكن الشعبي لم يدرك عمر "
وأخرج سفيان بن عينية عن عكرمة قال " كان عمر يأتي يهود يكلمهم فقالوا : إنه
ليس من أصحابك أحد أكثر إتيانا إلينا منك فأخبرنا من صاحب صاحبك الذي يأتيه بالوحي
؟ فقال : جبريل
قالوا : ذاك عدونا من الملائكة ولو أن صاحبه صاحب صاحبنا لأتبعناه فقال عمر : ومن
صاحب صاحبكم ؟ قالوا : ميكائيل
قال : وما هما ؟ قالوا : أما جبريل فينزل بالعذاب والنقمة وأما ميكائيل فينزل
بالغيث والرحمة وأحدهما عدو لصاحبه
فقال عمر
وما منزلتهما ؟ قالوا : إنهما من أقرب الملائكة منه أحدهما عن يمينه وكلتا يديه
يمين والآخر على الشق الآخر
فقال عمر : لئن كانا كما تقولون ما هما بعدوين ثم خرج من عندهم فمر بالنبي صلى
الله عليه و سلم فدعاه فقرأ عليه من كان عدوا لجبريل
الآية
فقال عمر : والذي بعثك بالحق إنه الذي خاصمتهم به آنفا
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا عمر بن الخطاب انطلق ذات يوم إلى اليهود
فلما أبصروه رحبوا به فقال عمر : والله ما جئت لحبكم ولا للرغبة فيكم ولكني جئت
لأسمع منكم وسألوه فقالوا : من صاحب صاحبكم ؟ فقال لهم : جبريل قالوا : ذاك عدونا
من الملائكة يطلع محمد على سرنا وإذا جاء جاء بالحرب والسنة ولكن صاحبنا ميكائيل
وإذا جاء جاء بالخصب والسلم
فتوجه نحو رسول الله صلى الله عليه و سلم ليحدثه حديثهم فوجده قد أنزل هذه الآية
قل من كان عدوا لجبريل
الآية
وأخرج ابن جرير عن السدي قال " لما كان لعمر أرض بأعلى المدينة يأتيها وكان
ممره على مدارس اليهود وكان كلما مر دخل عليهم فسمع منهم وإنه دخل عليهم ذات يوم
فقال لهم : أنشدكم بالرحمن الذي أنزل التوراة على موسى بطور سيناء أتجدون محمدا
عندكم ؟ قالوا : نعم إنا نجده مكتوبا عندنا ولكن صاحبه
(1/223)
من
الملائكة الذي يأتيه بالوحي جبريل وجبريل عدونا وهو صاحب كل عذاب وقتال وخسف ولو كان
وليه ميكائيل لآمنا به فإن ميكائيل صاحب كل رحمة وكل غيث
قال عمر : فأين مكان جبريل من الله ؟ قالوا : جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره
قال عمر : فأشهدكم أن الذي عدو للذي عن يمينه عدو للذي هو عن يساره والذي عدو للذي
عن يساره عدو للذي هو عن يمينه وأنه من كان عدوهما فإنه عدو لله ثم رجع عمر ليخبر
النبي صلى الله عليه و سلم فقال فوجد جبريل قد سبقه بالوحي فدعاه النبي صلى الله
عليه و سلم فقرأ قل من كان عدوا لجبريل
الآية
فقال عمر : والذي بعثك بالحق لقد جئت وما أريد إلا أن أخبرك "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى
أن يهوديا لقي عمر فقال : إن جبريل الذي يذكر صاحبكم عدو لنا
فقال عمر من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل فإن الله عدو الكافرين
قال : فنزلت على لسان عمر وقد نقل ابن جرير الإجماع على أن سبب نزول الآية ذلك
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري والنسائي وأبو يعلى وابن حبان
والبيهقي في الدلائل عن أنس قال " سمع عبد الله بن سلام بمقدم النبي صلى الله
عليه و سلم وهو بأرض يخترف فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : إني سائلك عن
ثلاث لا يعلمهن إلا نبي
ما أول أشراط الساعة وما أول طعام أهل الجنة وما ينزع الولد إلى أبيه أو أمه ؟ قال
: أخبرني جبريل بهن آنفا
قال : جبريل ؟ قال : نعم
قال : ذاك عدو اليهود من الملائكة
فقرأ هذه الآية من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك قال : أما أول أشراط الساعة
فنار تخرج من المشرق فتحشر الناس إلى المغرب وأما أول ما يأكل أهل الجنة فزيادة
كبد حوت وأما ما ينزع الولد إلى أبيه وأمه فإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع إليه
الولد وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزع إليها
قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فإنه نزله على قلبك بإذن الله
يقول : جبريل نزل بالقرآن بإذن الله يشدد به فؤادك ويربط به على قلبك مصدقا لما
بين يديه يقول : لما قبله من الكتب التي أنزلها والآيات والرسل الذين بعثهم الله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله مصدقا لما بين يديه
(1/224)
قال
: من التوراة والإنجيل وهدى وبشرى للمؤمنين قال : جعل الله هذا القرآن هدى وبشرى
للمؤمنين لأن المؤمن إذا سمع القرآن حفظه ووعاه وانتفع به وإطمأن إلبه وصدق بموعود
الله الذي وعده فيه وكان على يقين من ذلك
وأخرج ابن جرير من طريق عبيد الله العكي عن رجل من قريش قال : سأل النبي صلى الله
عليه و سلم اليهود فقال " أسألكم بكتابكم الذي تقرؤون هل تجدونه قد بشر بي
عيسى أن يأيتكم رسول اسمه أحمد ؟ فقالوا : اللهم وجدناك في كتابنا ولكنا كرهنا
لأنك تستحل الأموال وتهرق الدماء فأنزل الله من كان عدوا له وملائكته ورسله الآية
"
وأما قوله تعالى وجبريل وميكال
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : جبريل كقولك عبد الله جبر عبد وإيل الله
وأخرج ابن ابي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان والخطيب في المتفق والمفترق عن ابن
عباس قال : جبريل عبد الله وميكائيل عبيد الله وكل اسم فيه إيل فهو معبد لله
وأخرج الديلمي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " اسم
جبريل عبد الله واسم اسرافيل عبد الرحمن "
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن علي بن حسين قال : اسم جبريل عبد الله
واسم ميكائيل عبيد الله واسم إسرافيل عبد الرحمن وكل شيء راجع إلى ايل فهو معبد
لله عز و جل
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال : جبريل اسمه عبد الله وميكائيل اسمه عبيد الله قال
: والإل الله وذلك قوله لا يرقبون في مؤمن إلا ولاذمة التوبة الآية 10 قال : لا
يرقبون الله
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن يحيى بن يعمر أنه كان يقرأها جبرال ويقول جبر هو
عبد وال هو الله
وأخرج وكيع عن علقمة أنه كان يقرأ مثقلة جبريل وميكائيل
(1/225)
وأخرج
وكيع وابن جرير عن عكرمة قال : جبر عبد وايل الله وميك عبد وايل الله واسراف عبد
وايل الله
وأخرج الطبراني وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإيمان بسند حسن عن ابن
عباس قال " بينا رسول الله صلى الله عليه و سلم ومعه جبريل يناجيه إذ انشق
أفق السماء فأقبل جبريل يتضاءل ويدخل بعضه في بعض ويدنو من الأرض فإذا ملك قد مثل
بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويخيرك
بين أن تكون نبيا ملكا وبين أن تكون نبيا عبدا
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
فأشار جبريل إلي بيده أن تواضع فعرفت أنه لي ناصح فقلت : عبد نبي
فعرج ذلك الملك إلى السماء فقلت : يا جبريل قد كنت أردت أن أسألك عن هذا فرأيت من
حالك ماشغلني عن المسألة فمن هذا يا جبريل ؟ قال : هذا اسرافيل خلقه الله يوم خلقه
بين يديه صافا قدميه لايرفع طرفه بينه وبين الرب سبعون نورا ما منها نور يدنو منه
إلا احترق بين يديه اللوح المحفوظ فإذا أذن الله في شيء في السماء أو في الأرض
ارتفع ذلك اللوح فضرب جبهته فينظر فيه فإذا كان من عملي أمرني به وإن كان من عمل
ميكائيل أمره به وإن كان من عمل ملك الموت أمره به
قلت : يا جبريل على أي شيء أنت ؟ قال : على الرياح والجنود
قلت : على أي شيء ميكائيل ؟ قال : على النبات والقطر
قلت : على أي شيء ملك الموت ؟ قال : على قبض الأنفس وما ظننت أنه هبط إلا بقيام
الساعة وما ذاك الذي رأيته مني إلا خوفا من قيلم الساعة "
وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ألا أخبركم بأفضل الملائكة جبريل وأفضل النبيين آدم وأفضل الأيام يوم
الجمعة وأفضل الشهور رمضان وأفضل الليالي ليلة القدر وأفضل النساء مريم بنت عمران
"
وأخرج ابن ابي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن عبد العزيز بن عمير قال : اسم جبريل
في الملائكة خادم الله عز و جل
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عكرمة قال : قال جبريل عليه السلام : إن ربي عز و جل
ليبعثني على الشيء لأمضيه فأجد الكون قد سبقني إليه
وأخرج أبو الشيخ عن موسى بن عائشة قال : بلغني أن جبريل إمام أهل السماء
وأخرج أبو الشيخ عن عمرو بن مرة قال : جبريل على ريح الجنوب
(1/226)
وأخرج
البيهقي في شعب الإيمان عن ثابت قال : بلغنا أن الله تعالى وكل جبريل بحوائج الناس
فإذا دعا المؤمن قال " يا جبريل احبس حاجته فإني أحب دعاءه وإذا دعا الكافر
قال : يا جبريل اقض حاجته فإني أبغض دعاءه "
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق عبد الله بن عبيد قال " إن جبريل موكل بالحوائج
فإذا سأل المؤمن ربه قال : احبس احبس حبا لدعائه أن يزداد وإذا سأل الكافر قال :
أعطه أعطه بغضا لدعائه "
وأخرج البيهقي والصابوني في المائتين عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه
و سلم قال " إن جبريل موكل بحاجات العباد فإذا دعا المؤمن قال : يا جبريل
احبس حاجة عبدي فإني أحبه وأحب صوته وإذا دعا الكافر قال : يا جبريل اقض حاجة عبدي
فإني أبغضه وأبغض صوته "
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
لجبريل : وددت أني رأيتك في صورتك قال : وتحب ذلك ؟ قال : نعم
قال : موعدك كذا وكذا من الليل بقيع الغرقد فلقيه رسول الله صلى الله عليه و سلم
موعده فنشر جناحا من أجنحته فسد أفق السماء حتى ما يرى من السماء شيء "
وأخرج أحمد وأبو الشيخ عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " رأيت
جبريل مهبطا قد ملأ ما بين الخافقين عليه ثياب سندس معلق بها اللؤلؤ والياقوت
"
وأخرج أبو الشيخ عن شريح بن عبيد " أن النبي صلى الله عليه و سلم لما صعد إلى
السماء رأى جبريل في خلقته منظومة أجنحته بالزبرجد واللؤلؤ والياقوت قال : فخيل
إلي أن ما بين عينيه قد سد الأفق وكنا أراه قبل ذلك على صور مختلفة وأكثر ما كنت
أراه على صورة دحية الكلبي وكنت أحيانا أراه كما يرى الرجل صاحبه من وراء الغربال
"
وأخرج ابن جرير عن حذيفة وقتادة
دخل حديث بعضهم لبعض لجبريل جناحان وعليه وشاح من در منظوم وهو براق الثنايا أجلى
الجبينين ورأسه حبك حبكا مثل المرجان وهو اللؤلؤ كأنه الثلج وقدماه إلى الخضرة
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " ما بين
منكبي جبريل مسيرة خمسمائة عام للطائر السريع الطيران "
(1/227)
وأخرج
أبو الشيخ عن وهب بن منبه
أنه سئل عن خلق جبريل ؟ فذكر أن ما بين منكبيه من ذي إلى ذي خفق الطير سبعمائة عام
وأخرج ابن سعد والبيهقي في الدلائل عن عمار بن أبي عمار
أن حمزة بن عبد المطلب قال : يا رسول الله أرني جبريل على صورته
قال " إنك لا تستطيع أن تراه
قال : بلى فأرنيه
قال : فاقعد
فقعد فنزل جبريل على خشبة كانت الكعبة يلقي المشركون عليها ثيابهم إذا طافوا فقال
النبي صلى الله عليه و سلم : ارفع طرفك
فانظر فرفع طرفه فرأى قدميه مثل الزبرجد الأخضر فخر مغشيا عليه "
وأخرج ابن المبارك في الزهد عن ابن شهاب " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
سأل جبريل أن يترأى له في صورته فقال جبريل : إنك لن تطيق ذلك
قال : إني أحب أن تفعل
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المصلى في ليلة مقمرة فأتاه جبريل في
صورته فغشي على رسول الله صلى الله عليه و سلم حين رآه ثم أفاق وجبريل مسنده وواضع
إحدى يديه على صدره والآخرى بين كتفيه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما
كنت أرى إن شيئا من الخلق هكذا ! فقال جبريل : فكيف لو رأيت اسرافيل إن له لأثني
عشر جناحا منها جناح في المشرق وجناح في المغرب وإن العرش على كاهله وإنه ليتضاءل
أحيانا لعظمة الله عز و جل حتى يصير مثل الوصع حتى ما يحمل عرشته إلا عظمته "
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن أبي جعفر قال : كان أبو بكر يسمع مناجاة جبريل
لرسول الله صلى الله عليه و سلم ولا يراه
وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال : قال لي النبي صلى الله عليه و سلم " لما رأيت
جبريل لم يره خلق إلا عمي إلا أن يكون نبيا ولكن أن جعل ذلك في آخر عمرك "
وأخرج أبو الشيخ عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " إن في
الجنة لنهرا ما يدخله جبريل من دخلة فيخرج فينتفض إلا خلق الله من كل قطرة تقطر
ملكا "
وأخرج أبو الشيخ عن أبي العلاء بن هارون قال : لجبريل في كل يوم انغماسة في نهر
الكوثر ثم ينتفض فكل قطرة يخلق منها ملك
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إن جبريل
ليأتيني كما يأتي الرجل صاحبه في ثياب بيض مكفوفة باللؤلؤ والياقوت رأسه كالحبك
وشعره كالمرجان ولونه كالثلح أجلى الجبين براق الثنايا عليه وشاحان من در
(1/228)
منظوم
وجناحاه أخضران ورجلاه مغموستان في الخضرة وصورته التي صور عليها تملأ ما بين
الأفقين وقد قال صلى الله عليه و سلم : أشتهي أن أراك في صورتك يا روح الله
فتحول له فيها فسد ما بين الأفقين "
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
لجبريل " هل ترى ربك ؟ قال : إن بيني وبينه لسبعين حجابا من نار أو نور لو
رأيت أدناه لاحترقت "
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية بسند واه عن أبي هرير
أن رجلا من اليهود أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله هل احتجب
الله بشيء عن خلقه غير السموات ؟ قال : " نعم بينه وبين الملائكة الذين حول
العرش سبعون حجابا من نور وسبعون حجابا من نار وسبعون حجابا من ظلمه وسبعون حجابا
من رفارف الاستبرق وسبعون حجابا من ظلمة وسبعون حجابا من رفاف السندس وسبعون حجابا
من در أبيض وسبعون حجابا من در أخضر وسبعون حجابا من در أحمر وسبعون حجابا من در
أصفر وسبعون حجابا من در أخضر وسبعون حجابا من ضياء وسبعون حجابا من ثلج وسبعون
حجابا من برد وسبعون حجابا من عظمة الله التي لا توصف قال : فأخبرني عن ملك الله
الذي يليه ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم : إن الملك الذي يليه اسرافيل ثم
جبريل ثم ميكائيل ثم ملك الموت عليهم السلام "
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي عمران الجوني " أنه بلغه أن جبريل أتى النبي صلى
الله عليه و سلم وهو يبكي فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : وما يبكيك ؟ !
قال : ومالي لا أبكي
! فوالله ما جفت لي عين منذ خلق الله النار مخافة أن أعصيه فيقذفني فيها "
وأخرج أحمد في الزهد عن رباح قال " حدثت أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
لجبريل : لم تأتني إلا وأنت صار بين عينيك ؟ قال : إني لم أضحك منذ خلقت النار
"
وأخرج أحمد في مسنده وأبو الشيخ عن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال لجبريل : مالي لم أر ميكائيل ضاحكا قط ؟ قال : ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار
"
وأخرج أبو الشيخ عن عبد العزيز بن أبي رواد قال " نظر الله إلى جبريل
وميكائيل وهما يبكيان فقال الله : ما يبكيكما وقد علمتما أني لا أجور
؟ فقالا : يا رب إنا لا نأمن مكرك
قال : هكذا فافعلا فإنه لا يأمن مكري إلا كل خاسر "
وأخرج أبو الشيخ من طريق الليث عن خالد بن سعيد قال : بلغنا أن اسرافيل
(1/229)
يؤذن
لأهل السماء فيؤذن لاثنتي عشرة ساعة من النهار ولاثنتي عشرة ساعة من الليل لكل
ساعة تأذين يسمع تأذينه من في السموات السبع ومن في الأرضين السبع إلا الجن والإنس
ثم يتقدم بهم عظيم الملائكة فيصلي بهم
قال : وبلغنا أن ميكائيل يؤم الملائكة في البيت المعمور
وأخرج الحكيم الترمذي عن زيد بن رفيع قال " دخل على رسول الله صلى الله عليه
و سلم جبريل وميكائيل وهو يستاك فناول رسول الله صلى الله عليه و سلم جبريل السواك
فقال جبريل : كبر
قال جبريل : ناول ميكائيل فإنه أكبر "
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة بن خالد " أن رجلا قال : يا رسول الله أي الخلق
أكرم على الله عز و جل ؟ قال : لا أدري
! فجاءه جبريل عليه السلام فقال : يا جبريل أي الخلق أكرم على الله ؟ قال : لا
أدري
! فعرج جبريل ثم هبط فقال : أكرم الخلق على الله جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك
الموت فأما جبريل فصاحب الحرب وصاحب المرسلين وأما ميكائيل فصاحب كل قطرة تسقط وكل
ورقة تنيت وكل ورقة تسقط وأما ملك الموت فهو موكل بقبض كل روح عبد في بر أو بحر
وأما إسرافيل فأمين الله بينه وبينهم "
وأخرج أبو الشيخ عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" أقرب الخلق إلى الله جبريل وميكائيل واسرافيل وهم منه مسيرة خمسين ألف سنة
جبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره واسرافيل بينهما "
وأخرج أبو الشيخ عن خالد بن أبي عمران قال : جبريل أمين الله إلى رسله وميكائيل
يتلقى الكتب التي تلقى من أعمال الناس واسرافيل كمنزلة الحاجب "
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وابن أبي داود في المصاحف وأبو الشيخ في العظمة والحاكم
وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " اسرافيل صاحب الصور وجبريل عن يمينه وميكائيل عن يساره وهو
بينهما "
وأخرج أبو الشيخ عن وهب قال : إن أدنى الملائكة من الله جبريل ثم ميكائيل فإذا ذكر
عبدا بأحسن عمله قال : فلان بن فلان عمل كذا وكذا من طاعتي صلوات الله عليه ثم سأل
ميكائيل جبريل ما أحدث ربنا ؟ فيقول :
(1/230)
فلان
بن فلان ذكر بأحسن عمله فصلى عليه صلوات الله عليه ثم سأل ميكائيل من يراه من أهل
السماء فيقول : ماذا أحدث ربنا ؟ فيقول : ذكر فلان بن فلان بأحسن عمله فصلى عليه
صلوات الله عليه فلا يزال يقع إلى الأرض
وإذا ذكر عبدا بأسوأ عمله قال : عبدي فلان بن فلان عمل كذا وكذا من معصيتي فلعنتي
عليه ثم سأل ميكائيل جبريل ماذا أحث ربنا ؟ فيقول : ذكر فلان بن فلان بأسوأ عمله
فعليه لعنة الله فلا يزال يقع من سماء إلى سماء حتى يقع إلى الأرض
وأخرج الحاكم عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " وزيراي
من السماء جبريل وميكائيل ومن أهل الأرض أبو بكر وعمر "
وأخرج البزار والطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إن الله أيدني بأربعة وزراء اثنين من أهل السماء جبريل وميكائيل واثنين من
أهل الأرض أبي بكر وعمر "
وأخرج الطبراني بسند حسن عن أم سلمة
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال " إن في السماء ملكين أحدهما يأمر بالشدة
والآخر يأمر باللين وكل مصيب جبريل وميكائيل
ونبيان أحدهما يأمر باللين والآخر يأمر بالشده وكل مصيب وذكر إبراهيم ونوحا ولي
صاحبان أحدهما يأمر باللين والآخر يأمر بالشده وكل مصيب وذكر أبا بكر وعمر "
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط والبيهقي في الأسماء والصفات عن عبد الله بن
عمرو قال " جاء فئام الناس إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا رسول
الله زعم أبو بكر أن الحسنات من الله والسيئات من العباد وقال عمر : الحسنات
والسيئات من الله فتابع هذا قوم وهذا قوم
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لأقضين بينكما بقضاء اسرافيل بين جبريل
وميكائيل إن ميكائيل قال بقول أبي بكر وقال جبريل بقول عمر
فقال جبريل لميكائيل : إنا متى تختلف أهل السماء تختلف أهل الأرض فلنتحاكم إلى
اسرافيل فتحاكما إليه فقضى بينهما بحقيقة القدر خيره وشره وحلوه ومره كله من الله
ثم قال : يا أبا بكر إن الله لو أراد أن لا يعصى لم يخلق إبليس
فقال أبو بكر : صدق الله ورسوله "
وأخرج الحاكم عن أبي المليح عن أبيه " أنه صلى مع النبي صلى الله عليه و سلم
ركعتي
(1/231)
الفجر
فصلى النبي صلى الله عليه و سلم ركعتين خفيفتين قال : فسمعته يقول : اللهم رب
جبريل وميكائيل واسرافيل ومحمد أعوذ بك من النار ثلاث مرات "
وأخرج أحمد في الزهد عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه و سلم أغمي عليه
وراسه في حجرها فجعلت تمسح وجهه وتدعو له بالشفاء فلما أفاق قال : لا بل أسأل الله
الرفيق الأعلى مع جبريل وميكائيل واسرافيل عليهم السلام "
قوله تعالى : ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون أو كلما
عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق
لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون
ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال " قال ابن صوريا للنبي صلى
الله عليه و سلم : يا محمد ما جئتنا بشيء نعرفه ما أنزل الله عليك من آية بينة
فأنزل الله في ذلك ولقد أنزلنا إليك آيات بينات وما يكفر بها إلا الفاسقون وقال
مالك بن الضيف : حين بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم وذكر ما أخذ عليهم من
الميثاق وما عهد إليهم في محمد والله ما عهد إلينا في محمد ولا أخذ علينا ميثاقا
فأنزل الله تعالى أو كلما عاهدوا عهدا
الآية "
وأخرج ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس في قوله ولقد أنزلنا إليك آيات بينات
يقول : فأنت تتلوه عليهم وتخبرهم به غدوة وعشية وبين ذلك
وأنت عندهم أمي لم تقرأ كتابا وأنت تخبرهم بما في أيديهم على وجهه ففي ذلك عبرة
لهم وبيان وحجة عليهم لو كانوا يعلمون
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله نبذه قال : نقضه
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله نبذه فريق منهم قال : لم يكن في الأرض عهد
يعاهدون إليه إلا نقضوه ويعاهدون اليوم وينقضون غدا قال : وفي قراءة عبد الله :
نقضه فريق منهم
(1/232)
وأخرج
ابن جرير عن السدي في قوله ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم
الآية
قال : ولما جاءهم محمد صلى الله عليه و سلم عارضوه بالتوراة فاتفقت التوراة
والقرآن فنبذوا التوراة وأخذوا بكتاب آصف وسحر هاروت وماروت كأنهم لا يعلمون ما في
التوراة من الأمر باتباع محمد صلى الله عليه و سلم وتصديقه
قوله تعالى : واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن
الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما
يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين
المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم
ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا
يعلمون
سفيان بن عينية وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصحه
عن ابن عباس قال : إن الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء فإذا سمع أحدهم بكلمة
حق كذب عليها ألف كذبة فاشربتها قلوب الناس واتخذوها دواوين فاطلع الله على ذلك
سليمان بن داود فأخذها فقذفها تحت الكرسي فلما مات سليمان قام شيطان بالطريق فقال
: ألا أدلكم على كنز سليمان الذي لا كنز لأحد مثل كنزه الممنع ؟ قالوا : نعم
فأخرجوه فإذا هو سحر فتناسخها الأمم وأنزل الله عذر سليمان فيما قالوا من السحر
فقال واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان
الآية
وأخرج النسائي وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان آصف كاتب سليمان وكان يعلم
الاسم الأعظم وكان يكتب كل شيء بأمر سليمان ويدفنه تحت كرسيه فلما مات سليمان
أخرجته الشياطين فكتبوا بين كل سطرين سحرا وكفرا وقالوا : هذا
(1/233)
الذي
كان سليمان يعمل به فاكفره جهال الناس وسبوه ووقف علماؤهم فلم يزل جهالهم يسبونه
حتى أنزل الله على محمد واتبعوا ما تتلو الشياطين
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما ذهب ملك سليمان ارتد فئام من الجن
والإنس واتبعوا الشهوات فلما رجع إلى سليمان ملكه وقام الناس على الدين ظهر على
كتبهم فدفنها تحت كرسيه وتوفي حدثان ذلك فظهر الجن والإنس على الكتب بعد وفاة
سليمان وقالوا : هذا كتاب من الله نزل على سليمان أخفاه عنا فأخذوه فجعلوه دينا فأنزل
الله واتبعوا ما تتلو الشياطين أي الشهوات التي كانت الشياطين تتلو وهي المعازف
واللعب وكل شيء يصد عن ذكر الله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : كان سليمان إذا أراد أن يدخل الخلاء أو يأتي
شيئا من شأنه أعطى الجرادة وهي امرأته خاتمه فلما أراد الله أن يبتلي سليمان بالذي
ابتلاه به أعطى الجرادة ذلك اليوم خاتمه فجاء الشيطان في صورة سليمان فقال لها :
هاتي خاتمي
فأخذه فلبسه فلما لبسه دانت له الشياطين والجن والإنس فجاءها سليمان فقال : هاتي
خاتمي
فقالت : كذبت لست سليمان
فعرف أنه بلاء ابتلي به فانطلقت الشياطين فكتبت في تلك الأيام كتبا فيها سحر وكفر
ثم دفنوها تحت كرسي سليمان ثم أخرجوها فقرؤوها على الناس وقالوا : إنما كان سليمان
يغلب الناس بهذه الكتب فبرىء الناس من سليمان وأكفروه حتى بعث الله محمدا صلى الله
عليه و سلم وأنزل عليه وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا
وأخرج ابن جرير عن شهر بن حوشب قال : قال اليهود : انظروا إلى محمد يخلط الحق
بالباطل يذكر سليمان مع الأنبياء إنما كان ساحرا يركب الريح فأنزل الله واتبعوا ما
تتلو الشياطين
الآية
وأخرج ابن جرير وابن ابي حاتم عن أبي العالية قال : إن اليهود سألوا النبي صلى
الله عليه و سلم زمانا عن أمور من التوراة لا يسألونه عن شيء من ذلك إلا أنزل الله
عليه ما سألوا عنه فيخصمهم فلما رأوا ذلك قالوا هذا أعلم بما أنزل علينا منا وأنهم
سألوه عن السحر وخاصموه به فأنزل الله واتبعوا ما تتلو الشياطين
الآية
وأن الشياطين عمدوا إلى كتاب فكتبوا فيه السحر والكهانة وما شاء الله من ذلك
فدفنوه تحت مجلس سليمان وكان سليمان لا يعلم الغيب فلما فارق سليمان الدنيا
استخرجوا ذلك السحر وخدعوا به الناس وقالوا : هذا علم كان سليمان يكتمه
(1/234)
ويحسد
الناس عليه فأخبرهم النبي صلى الله عليه و سلم بهذا الحديث فرجعوا من عنده وقد
حزنوا وأدحض الله حجتهم
وأخرج سعيد بن منصور عن خصيف قال : كان لسليمان إذا نبتت الشجرة قال : لأي داء أنت
؟ فتقول : لكذا وكذا
فلما نبتت الشجرة الخرنوبة قال : لأي شيء أنت ؟ قالت : لمسجدك أخربه
فلم يلبث أن توفي فكتب الشياطين كتابا فجعلومه في مصلى سليمان فقالوا : نحن ندلكم
على ما كان سليمان يداوي به فانطلقوا فاستخرجوا ذلك الكتاب فغذا فيه سحر ورقى
فأنزل الله واتبعوا ما تتلو الشياطين إلى قوله وما أنزل على الملكين وذكر أنها في
قراءة أبي وما يتلى على الملكين ببابل هاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا
إنما نحن فتنة فلا تكفر سبع مرار فإن أبى إلا أن يكفر علماه فيخرج منه نور حتى
يسطع في السماء قال : المعرفة التي كان يعرف
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي مجلز قال : أخذ سليمان من كل دابة عهدا فإذا
أصيب رجل فيسأل بذلك العهد خلي عنه فرأى الناس بذلك السجع والسحر وقالوا : هذا كان
يعمل به سليمان
فقال الله وما كفر سليمان الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ما تتلو قال : ما تتبع
وأخرج ابن جرير عن عطاء في قوله ما تتلو الشياطين قال : يراد ما تحدث
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله على ملك سليمان يقول : في ملك سليمان
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله وما كفر سليمان يقول : ما كان عن مشورته ولا رضا
منه ولكنه شيء افتعلته الشياطين دونه يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين
فالسحر سحران سحر تعلمه الشياطين وسحر يعلمه هاروت وماروت
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله وما أنزل على الملكين قال : هذا سحر خاصموه به
فإن كلام الملائكة فيما بينهم إذا علمته الإنس فصنع وعمل به كان سحرا
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : أما السحر فإنما يعلمه الشياطين وأما الذي يعلمه
الملكان فالتفريق بين المرء وزوجه
(1/235)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وما أنزل على الملكين قال
: التفرقة بين المرء وزوجه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وما أنزل على الملكين قال : لم
ينزل الله السحر
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي في الآية قال : هما ملكان من ملائكة السماء
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عنه مرفوعا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن أبزى
أنه كان يقرؤها وما أنزل على الملكين داود وسليمان
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك
أنه قرأ وما أنزل على الملكين وقال : هما علجان من أهل بابل
وأخرج البخاري في تاريخه وابن المنذر عن ابن عباس وما أنزل على الملكين يعني جبريل
وميكائيل ببابل هاروت وماروت يعلمان الناس السحر
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية وما أنزل على الملكين قال : ما أنزل على جبريل
وميكائيل السحر
وأما قوله تعالى : ببابل أخرج أبو داود وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن علي قال
" إن حبيبي صلى الله عليه و سلم نهاني أن أصلي بأرض بابل فإنها ملعونه "
وأخرج الدينوري في المجالسة وابن عساكر من طريق نعيم بن سالم - وهو متهم - عن أنس
بن مالك قال : لما حشر الله الخلائق إلى بابل بعث إليهم ريحا شرقية وغربية وقبلية
وبحرية فجمعتهم إلى بابل فاجتمعوا يومئذ ينظرون لما حشروا له إذ نادى مناد : من
جعل المغرب عن يمينه والمشرق عن يساره واقتصد إلى البيت الحرام بوجهه فله كلام أهل
السماء
فقام يعرب بن قحطان فقيل له : يا يعرب بن قحطان بن هود أنت هو فكان أول من تكلم
بالعربية فلم يزل المنادي ينادي : من فعل كذا وكذا فله كذا وكذا حتى افترقوا على
اثنين وسبعين لسانا وانقطع الصوت وتبلبلت الألسن فسميت بابل وكان اللسان يومئذ
بابليا وهبطت ملائكة الخير والشر وملائكة الحياء والإيمان وملائكة الصحة والشفاء
وملائكة الغنى وملائكة الشرف وملائكة المروءة وملائكة الجفاء وملائكة الجهل
(1/236)
وملائكة
السيف وملائكة البأس حتى انتهوا إلى العراق فقال بعضهم لبعض : افترقوا
فقال ملك الإيمان : أنا أسكن المدينة ومكة
فقال ملك الحياء : أنا أسكن معك
وقال ملك الشفاء : أسكن البادية
فقال ملك الصحة : وأنا معك
وقال ملك الجفاء : وأنا أسكن المغرب
فقال ملك الجهل
وأنا معك
وقال ملك السيف : أنا أسكن الشام
فقال ملك البأس : وأنا معك
وقال ملك الغنى : أنا أقيم ههنا
فقال ملك المروءة : أنا معك
فقال ملك الشرف : وأنا معكما
فاجتمع ملك الغنى والمروءة والشرف بالعراق
وأخرج ابن عساكر بسند فيه مجاهيل عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " إن الله عز و جل خلق أربعة أشياء وأردفها أربعة اشياء خلق
الجدب وأردفه الزهد وأسكنه الحجاز وخلق العفة وأردفها الغفلة وأسكنها اليمن وخلق
الرزق وأردفه الطاعون وأسكنه الشام وخلق الفجور وأردفه الدرهم وأسكنه العراق
"
وأخرج ابن عساكر عن سليمان بن يسار قال : كتب عمر بن الخطاب إلى كعب الأحبار أن
اختر لي المنازل
فكتب إليه يا أمير المؤمنين أنه بلغنا أن الأشياء اجتمعت فقال السخاء : أريد اليمن
فقال حسن الخلق : أنا معك
وقال الجفاء : أريد الحجاز
فقال الفقر : أنا معك
قال البأس : أريد الشام
فقال السيف : أنا معك
وقال العلم : أريد العراق
فقال العقل : أنا معك
وقال الغنى : أريد مصر
فقال الذل : أنا معك
فاختر لنفسك يا أمير المؤمنين فلما ورد الكتاب على عمر قال : العراق إذن فالعراق
إذن
وأخرج ابن عساكر عن حكيم بن جابر قال : أخبرت أن الإسلام قال : أنا لاحق بأرض
الشام
قال الموت : وأنا معك
قال الملك : وأنا لاحق بأرض العراق
قال القتل : وأنا معك
قال الجوع : وأنا لاحق بأرض العرب
قالت الصحة : وأنا معك
وأخرج ابن عساكر عن دغفل قال : قال المال : أنا أسكن العراق
فقال الغدر : أنا أسكن معك
وقالت الطاعة : أنا أسكن الشام
فقال الجفاء : أنا أسكن معك
وقالت المروءة : أنا أسكن الحجاز
فقال : وأنا أسكن معك
(1/237)
وأما
قوله تعالى : هاروت وماروت قد تقدم حديث ابن عمر في قصة آدم وبقيت آثار أخر
أخرج سعيد وابن جرير والخطيب في تاريخه عن نافع قال : سافرت مع ابن عمر فلما كان
من آخر الليل قال : يا نافع انظر هل طلعت الحمراء ؟ قلت : لا مرتين أو ثلاثا ثم
قلت : قد طلعت
قال : لا مرحبا بها ولا أهلا
قلت : سبحان الله
! نجم مسخر سامع مطيع ؟ قال : ما قلت لك إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال " إن الملائكة قالت : يا رب كيف صبرك على بني آدم في الخطايا والذنوب
؟ قال : إني ابتليتهم وعافيتكم
قالوا : لو كنا مكانهم ما عصيناك
قال : فاختاروا ملكين منكم فلم يألوا جهدا أن يختاروا فاختاروا هاروت وماروت فنزلا
فالقى الله عليهم الشبق
قلت : وما الشبق ؟ قال : الشهوة
فجاءت امرأة يقال لها الزهرة فوقعت في قلوبهما فجعل كل واحد منهما يخفي عن صاحبه
ما في نفسه ثم قال أحدهما للآخر : هل وقع في نفسك ما وقع في قلبي ؟ قال : نعم
فطلباها لأنفسهما فقالت : لا أمكنكما حتى تعلماني الاسم الذي تعرجان به إلى السماء
وتهبطان به فأبيا ثم سألاها أيضا فأبت ففعلا فلما استطيرت طمسها الله كوكبا وقطع
أجنحتهما ثم سألا التوبة من ربهما فخيرهما فقال : إن شئتما رددتكما إلى ما كنتما
عليه فإذا كان يوم القيامة عذبتكما وإن شئتما عذبتكما في الدنيا فإذا كان يوم
القيامة رددتكما إلى ما كنتما عليه
فقال أحدهما لصاحبه : إن عذاب الدنيا ينقطع ويزول فاختارا عذاب الدنيا على عذاب
الآخرة
فأوحى الله إليهما : أن ائتيا بابل
فانطلقا إلى بابل فخسف بهما فهما منكوسان بين السماء والأرض معذبان إلى يوم
القيامة "
وأخرج سعيد بن منصور عنمجاهد قال : كنت مع ابن عمر في سفر فقال لي : ارمق الكوكب
فإذا طلعت أيقظني فلما طلعت أيقظته فاستوى جالسا فجعل ينظر إليها ويسبها سبا شديدا
فقلت : يرحمك الله أبا عبد الرحمن نجم ساطع مطيع ماله تسبه ؟ ! فقال : أما إن هذه
كانت بغيا في بني إسرائيل فلقي الملكان منها ما لقيا
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق موسى بن جبير عن موسى بن عقبة عن سالم عن
ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أشرفت الملائكة على
الدنيا فرأت بني آدم يعصون فقالت : يا رب ما أجهل هؤلاء ! ما أقل معرفة هؤلاء
بعظمتك !
(1/238)
فقال
الله : لو كنتم في مسالخهم لعصيتموني
قالوا : كيف يكون هذا ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ؟ قال : فاختاروا منكم ملكين
فاختاروا هاروت وماروت ثم أهبطا إلى الأرض وركبت فيهما شهوات مثل بني آدم ومثلت
لهما امرأة فما عصما حتى واقعا المعصية فقال الله : اختارا عذاب الدنيا أو عذاب
الآخرة فنظر أحدهما إلى صاحبه قال : ما تقول فاختر ؟ قال : أقول أن عذاب الدنيا
ينقطع وأن عذاب الآخرة لا ينقطع فاختارا عذاب الدنيا فهما اللذان ذكر الله في
كتابه وما أنزل على الملكين
الآية "
وأخرج اسحق بن راهويه وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في العقوبات وابن جرير وأبو
الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن علي بن أبي طالب قال : إن هذه الزهرة تسميها
العرب الزهرة والعجم أناهيذ وكان الملكان يحكمان بين الناس فأتتهما فأرادها كل
واحد عن غير علم صاحبه فقال أحدهما : يا أخي إن في نفسي بعض الأمر أريد أن أذكره لك
قال : اذكره لعل الذي في نفسي مثل الذي في نفسك فاتفقا على أمر في ذلك
فقالت المرأة : ألا تخبراني بما تصعدان به إلى السماء وبما تهبطان به إلى الأرض ؟
فقالا : باسم الله الأعظم
قالت : ما أنا بمؤاتيتكما حتى تعلمانيه
فقال أحدهما لصاحبه : علمها إياه
فقال : كيف لنا بشدة عذاب الله ؟ قال الآخر : إنا نرجو سعة رحمة الله فعلمها إياه
فتكلمت به فطارت إلى السماء ففزع ملك في السماء لصعودها فطأطأ رأسه فلم يجلس بعد
ومسخها الله كوكبا
وأخرج ابن راهويه وابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " لعن الله الزهرة فإنها هي التي فتنت الملكين هاروت وماروت
"
وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه عن أبي العباس قال : كانت الزهرة امرأة في قومها
يقال لها في قومها بيذخت
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن عباس قال : إن المرأة التي فتن بها الملكان
مسخت فهي هذه الكوكبة الحمراء يعني الزهرة
وأخرج موحد بن عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في كتاب
العقوبات وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان من طريق
الثوري عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر عن كعب قال : ذكرت
(1/239)
الملائكة
أعمال بني آدم وما يأتون من الذنوب فقيل : لو كنتم مكانهم لأتيتم مثل الذي يأتون
فاختاروا منكم اثنين فاختاروا هاروت وماروت فقيل لهما : أني أرسل إلى بني آدم رسلا
فليس بيني وبينكما رسول أنزلكما لا تشركا بي شيئا ولا تزنيا ولا تشربا الخمر قال
كعب : فوالله ما أمسيا من يومهما الذي أهبطا فيه حتى استكملا جميع ما نهيا عنه
وأخرج الحاكم وصححه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عمر
أنه كان يقول : أطلعت الحمراء بعد فإذا رآها قال : لا مرحبا
ثم قال : إن ملكين من الملائكة هاروت وماروت سألا الله أن يهبطا إلى الأرض فأهبطا
إلى الأرض فكانا يقضيان بين الناس فإذا أمسيا تكلما بكلمات فعرجا بها إلى السماء
فقيض الله لهما امرأة من أحسن الناس وألقيت عليهما الشهوة فجعلا يؤخرانها وألقيت
في نفسيهما فلم يزالا يفعلان حتى وعدتهما ميعادا فأتتهما للميعاد فقالت : كلماني
الكلمة التي تعرجان بها فعلماها الكلمة فتكلمت بها فعرجت إلى السماء فمسخت فجعلت
كما ترون فلما أمسيا تكلما بالكلمة فلم يعرجا فبعث إليهما إن شئتما فعذاب الآخرة
وإن شئتما فعذاب الدنيا إلى أن تقوم الساعة
فقال أحدهما لصاحبه : بل نختار عذاب الدنيا ألف ألف ضعف فهما يعذبان إلى يوم
القيامة
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كنت نازلا عند عبد الله بن عمر في سفر فلما كان
ذات ليلة قال لغلامه : انظر طلعت الحمراء لا مرحبا بها ولا أهلا ولا حياها الله هي
صاحبة الملكين قالت الملائكة : كيف تدع عصاة بني آدم وهم يسفكون الدم الحرام
وينتهكون محارمك ويفسدون في الأرض ؟ قال : إني قد ابتليتهم فلعل أن أبتليكم بمثل
الذي ابتليتهم به فعلتم كالذي يفعلون
قالوا : لا
قال : فاختاروا من خياركم اثنين
فاختاروا هاروت وماروت فقال لهما : إني مهبطكما إلى الأرض ومعاهد إليكما أن لا
تشركا ولا تزنيا ولا تخونا
فأهبطا إلى الأرض وألقى عليهما الشبق وأهبطت لهما الزهرة في أحسن صورة امرأة
فتعرضت لهما فأراداها عن نفسها فقالت : إني على دين لا يصلح لأحد أن يأتيني إلا من
كان على مثله
قالا : وما دينك ؟ قالت : المجوسية
قالا : أنشرك ؟ هذا شيء لا نقر به
فمكثت عنهما ما شاء الله ثم تعرضت لهما فأراداها عن نفسها فقالت : ما شئتما غير أن
لي زوجا وأنا أكره أن يطلع على هذا مني فافتضح وإن أقررتما لي بديني
(1/240)
وشرطتما
أن تصعدا بي إلى السماء فعلت
فأقرا لها بدينها وأتياها فيما يريان ثم صعدا بها إلى السماء فلما انتهيا إلى
السماء اختطفت منهما وقطعت أجنحتهما فوقعا خائفين نادمين يبكيان
وفي الأرض نبي يدعو بين الجمعتين فإذا كان يوم الجمعة أجيب فقالا : لو أتينا فلانا
فسألناه يطلب لنا التوبة
فأتياه فقال : رحمكما الله كيف تطلب أهل الأرض لأهل السماء ؟ قالا : إما ابتلينا
قال : ائتياني يوم الجمعة فأتياه فقال : ما أجبت فيكما بشيء ائتياني في الجمعة
الثانية فأتياه فقال : اختارا فقد خيرتما إن أحببتما معافاة الدنيا وعذاب الآخرة
وإن أحببتما فعذاب الدنيا وأنتما يوم القيامة على حكم الله
فقال أحدهما : الدنيا لم يمض منها إلا القليل وقال الآخر : ويحك
! إني قد أطعتك في الأول فأطعني الآن وأن عذابا يفنى ليس كعذاب يبقى
قال : إننا يوم القيامة على حكم الله فأخاف أن يعذبنا
قال : لا إني أرجو أن علم الله أنا قد اخترنا عذاب الدنيا مخافة عذاب الآخرة لا
يجمعهما الله علينا
قال فاختارا عذاب الدنيا فجعلا في بكرات من حديد في قليب مملوءة من نار أعاليهما
أسافلهما قال ابن كثير : إسناده يد وهو أثبت وأصح إسنادا من رواية معاوية بن صالح
عن نافع
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن
عباس قال : لما وقع الناس من بني آدم فيما وقعوا فيه من المعاصي والكفر بالله قالت
الملائكة في السماء : رب هذا العالم الذي إنما خلقتهم لعبادتك وطاعتك وقد وقعوا
فيما وقعوا فيه وركبوا الكفر وقتل النفس وأكل مال الحرام والزنا والسرقة وشرب
الخمر فجعلوا يدعون عليهم ولا يعذرنهم
فقيل : إنهم في غيب فلم يعذروهم
فقيل لهم : اختاروا منكم من أفضلكم ملكي آمرهما وأنهاهما فاختاروا هاروت وماروت
فأهبطا إلى الأرض وجعل لهما شهوات بني آدم وأمرهما أن يعبداه ولا يشركا به شيئا
ونهاهما عن قتل النفس الحرام وأكل مال الحرام وعن الزنا وشرب الخمر فلبثا في الأرض
زمانا يحكمان بين الناس بالحق وذلك في زمان إدريس وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في
النساء كحسن الزهرة في سائر الكواكب
وأنهما أتيا عليها فخضعا لها في القول وأراداها عن نفسها فأبت إلا أن يكونا على
أمرها ودينها فسألاها عن دينها فأخرجت لهما صنما فقالت : هذا أعبده
فقالا : لا حاجة لنا في عبادة هذا
(1/241)
فذهبا
فغبرا ما شاء الله ثم أتيا عليها فأراداها عن نفسها ففعلت مثل ذلك فذهبا ثم أتيا
فأراداها عن نفسها فلما رأت أنهما أبيا أن يعبدا الصنم قال لهما : اختارا أحد
الخلال الثلاث
إما أن تعبدا هذا الصنم أو أن تقتلا هذا النفس ووإما أن تشربا هذا الخمر فقالا : كل
هذا لا ينبغي وأهون الثلاثة شرب الخمر
فأخذت منهما فواقعا المرأة فخشيا أن يخبر الإنسان عنهما فقتلاه فلما ذهب عنهما
السكر وعلما ما وقعا فيه من الخطيئة أراد أن يصعد إلى السماء فلم يستطيعا وحيل
بينهما وبين ذلك وكشف الغطاء فيما بينهما وبين أهل السماء فنظرت الملائكة إلى ما
وقعا فيه فعجبوا كل العجب وعرفوا أنه من كان في غيب فهو أقل خشية فجعلوا بعد ذلك
يستغفرون لمن في الأرض فنزل في ذلك والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في
الأرض الشورى الآية 5
فقيل لهما : اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة ؟ فقالا : أما عذاب الدنيا فإنه
ينقطع ويذهب وأما عذاب الآخرة فلا انقطاع له فاختارا عذاب الدنيا فجعلا ببابل فهما
يعذبان
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إن أهل سماء الدنيا أشرفوا على أهل الأرض
فرأوهم يعملون بالمعاصي فقالوا : يا رب أهل الأرض يعملون بالمعاصي ! فقال الله :
أنتم معي وهم غيب عني
فقيل لهم : اختاروا منكم ثلاثة : فاختاروا منهم ثلاثة على أن يهبطوا إلى الأرض
يحكمون بين أهل الأرض وجعل فيهم شهوة الآدميين - فأمروا أن لا يشربوا خمرا ولا
يقتلون نفسا ولا يزنوا ولا يسجدوا لوثن
فاستقال منهم واحد فأقيل فأهبط اثنان إلى الأرض فأتتهما امرأة من أحسن الناس يقال
لها أناهيلة فهوياها جميعا ثم أتيا منزلها فاجتمعا عندها فأراداها فقالت لهما : لا
حتى تشربا خمري وتقتلا ابن جاري وتسجدوا لوثني
فقالا : لا نسجد
ثم شربا من الخمر ثم قتلا ثم سجدا فأشرف أهل السماء عليهما وقالت لهما : أخبراني
بالكلمة التي إذا قلتماها طرتما فأخبراها فطارت فمسخت جمرة وهي هذه الزهرة وأما
هما فأرسل إليهما سليمان بن داود فخيرهما بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا
عذاب الدنيا فهما مناطان بين السماء والأرض
(1/242)
وأخرج
ابن جرير من طريق أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود وابن عباس قالا : لما كثر بنو آدم
وعصوا دعت الملائكة عليهم والأرض والجبال : ربنا لا تمهلهم
فأوحى الله إلى الملائكة : أني أزلت الشهوة والشيطان من قلوبكم ولو تركتكم لفعلتم
أيضا
قال : فحدثوا أنفسهم أن لو ابتلوا لعصموا فأوحى اله إليهم : أن اختاروا ملكين من
أفضلكم
فاختاروا هاروت وماروت فأهبطا إلى الأرض وأنزلت الزهرة إليهما في صورة امرأة من
أهل فارس يمونها بيدخت
قال : فواقعاها بالخطيئة فكانت الملائكة يستغفرون للذين آمنوا فلما وقعا بالخطيئة
استغفروا لمن في الأرض فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من طريق الزهري عن عبيد الله
بن عبد الله في هذه الآية
كانا ملكين من الملائكة فأهبطا ليحكما بين الناس وذلك أن الملائكة سخروا من حكام
بني آدم فحاكمت إليهما امرأة فخافا لها ثم ذهبا يصعدان فحيل بينهما وبين ذلك وخيرا
بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا
وأخرج سعيد بن منصور عن خصيف قال : كنت مع مجاهد فمر بنا رجل من قريش فقال له
مجاهد : حدثنا ما سمعت من أبيك ؟ قال : حدثني أبي : أن الملائكة حين جعلوا ينظرون
إلى أعمال بني آدم وما يركبون من المعاصي الخبيثة وليس يستر الناس من الملائكة شيء
فجعل بعضهم يقول لبعض : انظروا إلى بني آدم كيف يعملون كذا وكذا ما أجرأهم على
الله يعيبونهم بذلك ! فقال الله لهم : لقد سمعت الذي تقولون في بني آدم فاختاروا
منكم ملكين أهبطهما إلى الأرض وأجعل فيهما شهوة بني آدم فاختاروا هاروت وماروت
فقالوا : يا رب ليس فينا مثلهما
فأهبطا إلى الأرض وجعلت فيهما شهوة بني آدم ومثلت لهما الزهرة في صورة امرأة فلما
نظرا إليها لم يتمالكا أن تناولا ما الله أعلم به وأخذت الشهوة بأسماعهما
وأبصارهما فلما أرادا أن يطيرا إلى السماء لم يستطيعا فأتاهما ملك فقال : إنكما قد
فعلتما ما فعلتما فاختاراعذاب الدنيا أو عذاب الآخرة
فقال أحدهما للآخر : ماذا ترى ؟ ! قال : أرى أن أعذب في الدنيا ثم أعذب أحب إلي من
أن أعذب ساعة واحدة في الآخرة فهما معلقان منكسان في السلاسل وجعلا فتنة
(1/243)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس قال : إن الله أفرج السماء إلى ملائكته ينظرون إلى أعمال بني
آدم فلما أبصروهم يعملون بالخطايا قالوا : يا رب هؤلاء بنو آدم الذي خلقت بيدك
وأسجدت له ملائكتك وعلمته أسماء كل شيء يعملون بالخطايا
قال : أما أنكم لو كنتم مكانهم لعملتم مثل أعمالهم
قالوا : سبحانك ما كان ينبغي لنا فأمروا أن يختاروا من يهبط إلى الأرض فاختاروا
هاروت وماروت وأهبطا إلى الأرض وأحل لهما ما فيها من شيء غير أنهما لا يشركا بالله
شيئا ولا يسرقا ولا يزنيا ولا يشربا الخمر ولا يقتلا النفس التي حرم الله إلا
بالحق فعرض لهما امرأة قد قسم لها نصف الحسن يقال لها بيذخت فلما أبصراها أراداها
قالت : لا إلا أن تشركا بالله وتشربا الخمر وتقتلا النفس وتسجدا لهذا الصنم
فقالا : ما كنا نشرك بالله شيئا ! فقال أحدهما للآخر : أرجع إليها
فقالت : لا إلا أن تشربا الخمر فشربا حتى ثملا ودخل عليهما سائل فقتلاه فلما وقعا
فيما وقعا فيه أفرج الله السماء لملائكته فقالوا : سبحانك
! أنت أعلم
فأوحى الله إلى سليمان بن داود أن يخيرهما بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا
عذاب الدنيا فكبلا من أكعبهما إلى أعناقهما بمثل أعناق البخت وجعلا ببابل
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي الدرداء قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " احذروا الدنيا فإنها أسحر من هاروت
وماروت "
وأخرج الخطيب في رواية مالك عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" قال أخي عيسى : معاشر الحواريين احذروا الدنيا لا تسحركم لهي والله أشد
سحرا من هاروت وماروت واعلموا أن الدنيا مدبرة والآخرة مقبلة وإن لكل واحدة منهما
بنين فكونوا من أبناء الآخرة دون بني الدنيا فاليوم عمل ولا حساب وغدا الحساب ولا
عمل "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عبد الله بن بسر المازني قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " اتقوا الدنيا فو الذي نفسي بيده إنها لأسحر من
هاروت وماروت "
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : لما وقع الناس من بني آدم فيما وقعوا فيه من
المعاصي والكفر بالله قالت الملائكة في السماء : أي رب هذا العالم إنما خلقتهم لعبادتك
وطاعتك وقد ركبوا الكفر وقتل النفس الحرام وأكل المال الحرام
(1/244)
والسرقة
والزنا وشرب الخمر فجعلوا يدعون عليهم ولا يعذرونهم
فقيل لهم : إنهم في غيب فلم يعذروهم فقيل لهم : اختاروا منكم ملكين آمرهما بأمري
وأنهاهما عن معصيتي
فاختاروا هاروت وماروت فأهبطا إلى الأرض وجعل بهما شهوات بني إسرائيل وأمرا أن
يعبدا الله ولا يشركا به شيئا ونهيا عن قتل النفس الحرام وأكل المال الحرام
والسرقة والزنا وشرب الخمر فلبثا على ذلك في الأرض زمانا يحكمان بين الناس بالحق
وذلك في زمان إدريس
وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في سائر الناس كحسن الزهرة في سائر الكواكب وأنها أبت
عليهما فخضعا لها بالقول وأراداها على نفسها وأنها أبت إلا أن يكونا على أمرها
ودينها وأنهما سألاها عن دينها الذي هي عليه فأخرجت لهما صنما فقالت : هذا أعبده
فقالا : لا حاجة لنا في عبادة هذا فذهبا فصبرا ما شاء الله ثم أتيا عليها فخضعا
لها ما شاء الله بالقول وأراداها على نفسها فقالت : لا إلا أن تكونا على ما أنا
عليه
فقالا : لا حاجة لنا في عبادة هذا
فلما رأت أنهما قد أبيا أن يعبدا الصنم قالت لهما : اختارا أحدى الخلال الثلاث
إما أن تعبدا الصنم أو تقتلا النفس أو تشربا الخمر فقالا : كل هذا لا ينبغي وأهون
الثلاثه شرب الخمر
وسقتهما الخمر حتى إذا أخذت الخمرة فيهما وقعا بها فمر إنسان وهما في ذلك فخشيا أن
يفشي عليهما فقتلاه
فلما أن ذهب عنهما السكر عرفا ما قد وقعا فيه من الخطيئه وأرادا أن يصعدا إلى
السماء فلم يستطيعا وكشف الغطاء فيما بينهما وبين أهل السماء فنظرت الملائكة إلى
ما قد وقعا فيه من الذنوب وعرفوا أنه من كان في غيب فهو أقل خشية فجعلوا بعد ذلك
يستغفرون لمن في الأرض فلما وقعا فيما وقعا فيه من الخطيئة قيل لهما : اختارا عذاب
الدنيا أو عذاب اللآخرة فقالا : أما عذاب الدنيا فينقطع ويذهب وأما عذاب الآخرة
فلا انقطاع له فاختارا عذاب الآخرة فجعلا ببابل فهما يعذبان "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إن هاروت وماروت أهبطا إلى الأرض فإذا
أتاهما الآتي يريد السحر نهياه أشد النهي وقالا له : إنما نحن فتنة فلا تكفر
وذلك أنهما علما الخير والشر والكفر والإيمان فعرفا أن السحر من الكفر فإذا ابى
عليهما أمراه أن يأتي مكان كذا وكذا فإذا أتاه عاين الشيطان فعلمه فإن تعلمه خرج
منه النور فينظر إليه ساطعا في السماء
(1/245)
وأخرج
ابن جرير وابن ابي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن عائشة أنا قالت : قدمت
على امرأة من أهل دومة الجندل تبتغي رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد موته حداثة
ذلك تسأله عن شيء دخلت فيه من أمر السحر ولم تعمل به
قالت : كان لي زوج غاب عني فدخلت على عجوز فشكوت إليها فقالت : إن فعلت ما آمرك
فأجعله يأتيك فلما كان الليل جاءتني بكلبين أسودين فركبت أحدهما وركبت الآخر فلم
يكن كشيء حتى وقفنا ببابل فإذا أنا برجلين معلقين بأرجلهما فقالا : ما جاء بك ؟
فقلت : أتعلم السحر
فقالا : إنما نحن فتنة فلا تكفري وارجعي
فأبيت وقلت : لا
قالا : فاذهبي إلى ذلك التنور فبولي به ثم ائتي فذهبت فاقشعر جلدي وخفت ثم رجعت
إليهما فقلت : قد فعلت
فقالا : ما رأيت ؟ فقلت : لم أر شيئا
فقالا : كذبت لم تفعلي ارجعي إلى بلادك ولا تكفري فإنك على رأس أمرك فأبيت
فقالا اذهبي إلى ذلك التنور فبولي به وذهبت فبلت فيه فرأيت فارسا مقنعا بحديد خرج
مني حتى ذهب في السماء وغاب عني حتى ما أراه وجئتهما فقلت : قد فعلت
فقالا : فما رأيت ؟ فقلت : رأيت فارسا مقنعا خرج مني فذهب في السماء حتى ما أراه
قالا : صدقت ذلك إيمانك خرج منك اذهبي
فقلت للمرأة : والله ما أعلم شيئا ولا قالا لي شيئا
فقالت : لا لم تريدي شيئا إلا كان خذي هذا القمح فابذري فبذرت وقلت اطلعي فاطلعت
قلت احقلي فاحقلت ثم قلت افركي فأفركت ثم قلت ايبسي فأيبست ثم قلت اطحني فأطحنت ثم
قلت اخبزي فأخبزت فلما رأيت أني لا أريد شيئا إلا كان سقط في يدي وندمت والله يا
أم المؤمنين ما فعلت شيئا ولا أفعله أبدا فسألت رسول أصحاب الله صلى الله عليه و
سلم وهم يومئذ متوافرون فما دروا ما يقولون لها وكلهم خاف أن يفتيها بما لا يعلمه
إلا أنه قد قال لها ابن عباس أو بعض من كان عنده لو كان أبواك حيين أو أحدهما
لكانا يكفيانك
وأخرج ابن المنذر من طريق الأوزاعي عن هارون بن رباب قال : دخلت على عبد الملك بن
مروان وعنده رجل قد ثنيت له وسادة وهو متكىء عليها فقالوا هذا قد لقي هاروت وماروت
فقلت : هذا
! قالوا : نعم
فقلت حدثنا رحمك الله
فأنشلأ يحدث فلم يتمالك من الدموع فقال : كنت غلاما حدثا ولم أدرك أبي وكانت
(1/246)
أمي
تعطيني من المال حاجتي فأنفقه وأفسده وأبذره ولا تسألني أمي عنه فلما طال ذلك
وكبرت أحببت أن أعلم من أين لأمي هذه الأموال فقلت لها يوما : من أين لك هذه
الأموال ؟ فقالت : يا بني كل وتنعم ولا تسأل فهو خير لك فأححت عليها فقالت : إن
أباك كان ساحرا فلم أزل اسألها وألح فأدخلتني بيتا فيه أموال كثيرة فقالت : يا بني
هذا كله لك فكل وتنعم ولا تسأل عنه
فقلت : لا بد من أن أعلم من أين هذا
قال : فقالت : يا بني كل وتنعم ولا تسأل فهو خير لك
قال : فألححت عليها فقالت : إن أباك كان ساحرا وجمع هذه الأموال من السحر
قال : فأكلت ما أكلت ومضى ما مضى ثم تفكرت قلت : يوشك أن يذهب هذا المال ويفنى
فينبغي أن أتعلم السحر فأجمع كما جمع أبي فقلت لأمي : من كان خاصة أبي وصديقه من
أهل الأرض ؟ قالت : فلان لرجل في مكان ما
فتجهزت فأتيته فسلمت عليه فقال : من الرجل ؟ قلت : فلان بن فلان صديقك
قال : نعم مرحبا ما جاء بك فقد ترك أبوك من المال ما لا يحتاج إلى أحد ؟ قال :
فقلت : جئت لأتعلم السحر
قال : يا بني لا تريده لا خير فيه
قلت : لابد من أن أتعلمه
قال : فناشدني وألح علي أن لا أطلبه ولا أريده
فقلت : لا بد من أن أتعلمه
قال : أما إذا أبيت فاذهب فإذا كان يوم كذا وكذا فوافن ههنا
قال : ففعلت فوافيته قال : فأخذ يناشدني أيضا وينهاني ويقول : لا تريد السحر لا
خير فيه
فأبيت عليه فلما رآني قد أبيت قال : فإني أدخلك موضعا فإياك أن تذكر الله فيه
! قال : فأدخلني في سرب تحت الأرض
قال : فجعلت أدخل ثلثمائة وكذا مرقاة ولا أنكر من ضوء النهار شيئا قال : فلما بلغت
أسفله إذا أنا بهاروت وماروت معلقان بالسلاسل في الهواء قال : فإذا أعينهما
كالترسة ورؤوسهما ذكر شيئا لا أحفظه ولهما أجنحةفلما نظرت إليهما قلت : لا إله إلا
الله قال : فضربا بأجنحتهما ضربا شديدا وصاحا صياحا شديدا ساعة ثم سكتا ثم قلت : أيضا
لا إله إلا الله ففعلا مثل ذلك ثم قلت الثالثة ففعلا مثل ذلك أيضا ثم سكتا وسكت
فنظرا إلي فقالا لي : آدمي
؟ فقلت : نعم
قال : قلت ما بالكما حين ذكرت الله فعلتما ما فعلتما
! قالا : إن ذلك اسم لم نسمعه من حين خرجنا من تحت العرش
(1/247)
قالا
: من أمة من ؟ قلت : من أمة محمد ؟
قالا : أو قد بعث ؟ قلت : نعم
قالا : اجتمع الناس على رجل واحد أو هم مختلفون ؟ قلت : قد اجتمعوا على رجل واحد
قال : فساءهما ذلك فقالا : كيف ذات بينهم ؟ قلت سيىء
فسرهما ذلك فقالا : هل بلغ البنيان بحيرة الطبرية ؟ قلت : لا
فساءهما ذلك فسكتا
فقلت لهما : ما بالكما حين أخبرتكما باجتماع الناس على رجل واحد ساءكما ذلك ؟
فقالا : إن الساعة لم تقرب ما دام الناس على رجل واحد
قلت : فما بالكما سركما حين أخبرتكما بفساد ذات البين ؟ قالا : لأنا رجونا اقتراب
الساعة
قال : قلت : فما بالكما ساء كما أن البنيان لم يبلغ بحيرة الطبرية ؟ قالا : لأن
الساعة لا تقوم أبدا حتى يبلغ البنيان بحيرة الطبرية
قال : قلت لهما : أوصياني
قالا : إن قدرت أن لا تنام فافعل فإن الأمر جد
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : وأما شأن هاروت وماروت فإن الملائكة
عجبت من ظلم بني آدم وقد جاءتهم الرسل والبينات فقال لهم ربهم : اختاروا منكم
ملكين أنزلهما في الأرض بين بني آدم فاختاروا فلم يألوا بهاروت وماروت فقال لهما
حين أنزلهما : أعجبتما من بني آدم ومن ظلمهم ومعصيتهم وإنما تأتيهم الرسل والكتب
من وراء وراء وأنتما ليس بيني وبينكما رسول فافعلا كذا وكذا ودعا كذا وكذا فأمرهما
بأمر ونهاهما ثم نزلا على ذلك ليس أحد لله أطوع منهما فحكما فعدلا فكانا يحكمان
النهار بين بني آدم فإذا أمسيا عرجا وكانا مع الملائكة وينزلان حين يصبحان فيحكمان
فيعدلان حتىأنزلت عليهما الزهرة في أحسن صورة امرأة تخاصم فقضيا عليها
فلما قامت وجد كل واحد منهما في نفسه فقال أحدهما لصاحبه : وجدت مثل ما وجدت ؟ قال
: نعم
فبعثا إليها أن ائتينا نقض لك
فلما رجعت قضيا لهاوقالا لها : ائتينا فأتتهما فكشفا لها عن عورتها وإنما كانت
شهوتهما في أنفسهما ولم يكونا كبني آدم في شهوة النساء ولذتها فلما بلغا ذلك
واستحلاه وافتتنا طارت الزهرة فرجعت حيث كانت فلما أمسيا عرجا فزجرا فلم يؤذن لهما
ولم تحملهما أجنحتهما فاستغاثا برجل من بني آدم فأتياه فقالا : ادع لنا ربك
فقال : كيف يشفع أهل الأرض لأهل السماء ؟ قالا : : سمعنا ربك يذكرك بخير في السماء
فوعدهما يوما وعدا
(1/248)
يدعو
لهما فدعا لهما فاستجيب له فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فنظر أحدهما إلى
صاحبه فقالا : نعلم أن أفواج عذاب الله في االآخرة كذا وكذا في الخلد ؟ نعم ومع
الدنيا سبع مرات مثلها فأمرا أن ينزلا ببابل فثم عذابهما وزعم أنهما معلقان في
الحديد مطويان يصطفقان بأجنحتهما
وأخرج الزبير بن البكار في الموفقيات وابن مردويه والديلمي عن علي " أن النبي
صلى الله عليه و سلم سئل عن المسوخ فقال : هم ثلاثة عشر
الفيل والدب والخنزير والقرد والجريث والضب والوطواط والعقرب والدعموص والعنكبوت
والأرنب وسهيل والزهرة فقيل : يا رسول الله وما سبب مسخهن ؟ فقال : أما الفيل فكان
رجلا جبارا لوطيا لا يدع رطبا ولا يابسا وأما الدب فكان مؤنثا يدعو الناس إلى نفسه
وأما الخنزير فكان من النصارى الذين سألوا المائدة فلما نزلت كفروا وأما القردة
فيهود اعتدوا في السبت وأما الجريث فكان ديوثا الرجال إلى حليلته وأما الضب فكان
أعرابيا يسرق الحاج بمحجنه وأما الوطواط فكان رجلا يسرق الثمار من رؤوس النخل وأما
العقرب فكان رجلا لا يسلم أحد من لسانه وأما الدعموص فكان نماما يفرق بين الأحبة
وأما العنكبوت فامرأة سحرت زوجها وأما الأرنب فامرأة كانت لا تطهر من حيض وأما
سهيل فكان عشارا باليمن وأما الزهرة فكانت بنتا لبعض ملوك بني إسرائيل افتتن بها
هاروت وماروت "
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : جاء
جبريل إلى النبي صلى الله عليه و سلم في حين غير حينه الذي كان يأتيه فيه فقام
إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال " يا جبريل مالي أراك متغير اللون ؟
! فقال : ما جئتك حتى أمر الله بمفاتيح النار
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا جبريل صف لي النار وانعت لي جهنم
فقال جبريل : إن الله تبارك وتعالى أمر بجهنم فأوقد عليها ألف عام حتى ابيضت ثم
امر فأوقد عليها ألف عام حتى احمرت ثم أمر فأوقد عليها ألف عام حتى اسودت فهي
سوداء مظلمة لا يضيء شررها ولا يطفأ لهبها والذي بعثك بالحق لو أن ثقب إبرة فتح من
جهنم لمات من في الأرض كلهم جميعا من حره والذي بعثك بالحق لو أن ثوبا من ثياب
الكفار علق بين السماء والأرض لمات من في الأرض جميعا من حره والذي بعثك بالحق لو
أن خازنا من خزنة جهنم برز إلى أهل الدنيا فنظروا إليه
(1/249)
لمات
من في الأرض كلهم من قبح وجهه ومن نتن ريحه والذي بعثك بالحق لو أن حلقة من حلق
سلسلة أهل النار التي نعت الله في كتابه وضعت علىجبال الدنيا لأرفضت وما تقارت حتى
تنتهي إلى الأرض السفلى
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " حسبي يا جبريل فنظر رسول الله صلى الله
عليه و سلم إلى جبريل وهو يبكي فال : تبكي يا جبريل وأنت من الله بالمكان الذي أنت
فيه ؟ فقال : وما لي لا أبكي أنا أحق بالبكاء لعلي أكون في علم الله على غير الحال
التي أنا عليها وما أدري لعلي ابتلى بما ابتلي به إبليس فقد كان من الملائكة وما
أدري لعلي ابتلى بما ابتلي به هاروت وماروت فبكى رسول الله صلى الله عليه و سلم
وبكى جبريل فما زالا يبكيان حتى نوديا : أن يا جبريل ويا محمد إن الله قد أمنكما
أن تعصياه "
وأما قوله تعالى : وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة أخرج ابن جرير عن
الحسين وقتادة قالا : كانا يعلمان السحر فأخذ عليهما أن لا يعلما أحد حتى يقولا
إنما نحن فتنة فلا تكفر
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله إنما نحن فتنة قال : بلاء
وأما قوله تعالى : فلا تكفر أخرج البزار والحاكم وصححه عن عبد الله بن مسعود قال :
من أتى كاهنا أو ساحرا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد
وأخرج البزار عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
ليس منا من تطير أو تطير له أو تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن عقد عقدة ومن
أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد "
وأخرج عبد الرزاق عن صفوان بن سليم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من تعلم شيئا من السحر قليلا أو كثيرا كان آخر عهده من الله "
وأما قوله تعالى : فيتعلمون منهما الآية أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في
قوله فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه قال : يؤخرون أحدهما عن صاحبه
ويبغضون أحدهما إلى صاحبه
وأخرج ابن جرير عن سفيان في قوله إلا بإذن الله قال : بقضاء الله
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله ولقد علموا قال : لقد علم أهل
(1/250)
الكتاب
فيما يقرؤون من كتاب الله وفيما عهد لهم أن الساحر لا خلاق له عند الله يوم
القيامة
وأخرج مسلم عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " إن
الشيطان يضع عرشه على الماء ثم يبعث سراياه في الناس فأقربهم عنده منزلة أعظمهم
عنده فتنة فيقول : ما زلت بفلان حتى تركته وهو يقول كذا وكذا
فيقول إبليس : لا والله ما صنعت شيئا ويجيء أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه
وبين أهله فيقربه ويدنيه ويلتزمه ويقول : نعم أنت "
وأخرج أبو الفرج الأصبهاني في الأغاني عن عمرو بن دينار قال : قال الحسن بن علي بن
أبي طالب لذريح أبي قيس : أحل لك إن فرقت بين نفسي وبيني وأما سمعت عمر بن الخطاب
يقول : ما أبالي أفرقت بين الرجل وامرأته أو مشيت إليهما بالسيف
وأخرج ابن ماجة عن أبي رهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من
أفضل الشفاعة أن يشفع بين اثنين في النكاح "
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ماله في الآخرة من خلاق قال : قوام
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ماله في الآخرة من خلاق قال : من نصيب
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز
و جل ماله في الآخرة من خلاق قال : من نصيب
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت أمية بن أبي الصلت وهو يقول :
يدعون بالويل فيها لا خلاق لهم إلا سرابيل من قطر وأغلال وأخرج ابن جرير عن مجاهد
ماله في الآخرة من خلاق قال : من نصيب
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن الحسن ماله في الآخرة من خلاق قال : ليس له دين
وأما قوله تعالى : ولبئس ما شروا الآية أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في
قوله ولبئس ما شروا قال : باعوا
(1/251)
قوله
تعالى : ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كل شيء في القرآن لو فإنه لا يكون أبدا
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله لمثوبة قال : ثواب
قوله تعالى : يا آيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا
وللكافرين عذاب أليم
ابن المبارك في الزهد وأبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور في سننه وأحمد في الزهد
وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس
أن رجلا أتاه فقال : اعهد إلي
فقال : إذا سمعت الله يقول يا أيها الذين آمنوا فأوعها سمعك فإنه خير يأمر به أو
شر ينهى عنه
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد ين حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم
في الحلية عن خيثمة قال : ما تقرؤون في القرآن يا أيها الذين آمنوا فإنه في
التوراة يا أيها المساكين
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن خيثمة قال : ما كان في القرآن يا أيها الذين
آمنوا فهو في التوراة والإنجيل يا أيها المساكين
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال راعنا بلسان اليهود السب القبيح فكان
اليهود يقولون لرسول الله صلى الله عليه و سلم سرا فلما سمعوا أصحابه يقولون
أعلنوا بها فكانوا يقولون ذلك ويضحكون فيما بينهم فأنزل الله الآية
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال لا تقولوا راعنا وذلك أنها سبة بلغة
اليهود
فقال تعالى قولوا انظرنا يريد اسمعنا فقال المؤمنون بعدها : من سمعتموه يقولها
فاضربوا عنقه فانتهت اليهود بعد ذلك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس في قوله لا تقولوا راعنا قال
: كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه و سلم أرعنا سمعك وإنما راعنا كقولك أعطنا
(1/252)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر عن السدي قال : " كان رجلان من اليهود مالك بن الصيف
ورفاعة بن زيد إذا لقيا النبي صلى الله عليه و سلم قالا له وهما يكلمانه : راعنا
سمعك واسمع غير مسمع فظن المسلمون أن هذا شيء كان أهل الكتاب يعظمون به أنبياءهم
فقالوا للنبي صلى الله عليه و سلم ذلك فأنزل الله يا آيها الذين آمنوا لا تقولوا
راعنا
الآية
" وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صخر قال " كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم إذا أدبر ناداه من كانت له حاجة من المؤمنين فقالوا : أرعنا سمعك
فأعظم الله رسوله أن يقال له ذلك وأمرهم أن يقولوا انظرنا ليعززوا رسوله ويوقروه
وأخرج عبد ين حميد وابن جرير وأبو نعيم في الدلائل عن قتادة في قوله لا تقولوا
راعنا قال : قولا كانت اليهود تقوله استهزاء فكرهه الله للمؤمنين أن يقولوا كقولهم
وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في الدلائل عن قتاده في قوله لا تقولوا راعنا قال : كان
أناس من اليهود يقولون : راعنا سمعك حتى قالها أناس من المسلمين فكره الله لهم ما
قالت اليهود
وأخرج ابن جرير وابن اسحاق عن ابن عباس في قوله لا تقولوا راعنا أي ارعنا سمعك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ماهد في قوله لا تقولوا راعنا قال : خلافا
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله لا تقولوا راعنا لا تقولوا اسمع منا ونسمع منك
وقولوا انظرنا أفهمنا بين لنا
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال : إن مشركي العرب كانوا إذا حدث بعضهم بعضا
يقول أحدهم لصاحبه : أرعني سمعك
فنهوا عن ذلك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والنحاس في ناسخه عن عطاء في قوله لا تقولوا راعنا
قال : كانت لغة في الأنصار في الجاهلية ونهاهم الله أن يقولوها وقال قولوا انظرنا
واسمعوا
وأخرج ابن ابي حاتم عن الحسن أنه قرأ : راعنا وقال : الراعن من يقول السخري منه
(1/253)
وأخرج
ابن جرير عن السدي في قوله واسمعوا قال : اسمعوا ما يقال لكم
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ما أنزل الله آية فيها يا أيها الذين آمنوا إلا وعلي رأسها وأميرها
قال أبو نعيم : لم نكتبه مرفوعا إلا من حديث ابن أبي خيثمة والناس رأوه موقوفا
"
قوله تعالى : ما يودالذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير
من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم
ابن ابي حاتم عن مجاهد والله يختص برحمته من يشاء قال : القرآن والسلام
قوله تعالى : ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله
على كل شيء قدير ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض وما لكم من دون الله من
ولي ولا نصير
ابن ابي حاتم والحاكم في الكنى وابن عدي وابن عساكر عن ابن عباس قال " كان
مما ينزل على النبي صلى الله عليه و سلم الوحي بالليل وينساه بالنهار فأنزل الله
ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثله
وأخرج الطبراني عن ابن عمر قال : قرأ رجلان من الأنصار سورة أقرأها رسول الله صلى
الله عليه و سلم وكانا يقرآن بها فقاما يقرآن ذات ليلة يصليان فلم يقدرا منها على
حرف فأصبحا غاديين على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : إنها مما نسخ أو نسي
فالهوا عنه فكان الزهري يقرؤها ما ننسخ من آية أو ننسها بضم النون خفيفة "
وأخرج البخاري والنسائي وابن الأنباري في المصاحف والحاكم والبيهقي في الدلائل عن
ابن عباس قال : قال عمر : اقرؤنا أبي واقضانا علي وإنا لندع شيئا
(1/254)
من
قراءة أبي وذلك أن أبيا يقول : لا ادع شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه و
سلم وقد قال الله ما ننسخ من آية أو ننساها
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وأبو داود في ناسخه وابن في المصاحف والنسائي
وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن سعد بن أبي وقاص أنه قرأ ما
ننسخ من آية أو ننساها فقيل له : إن سعيد بن المسيب يقرأ ننسها قال سعد : إن القرآن
لم ينزل على المسيب ولا آل المسيب قال الله سنقرئك فلا تنسى الأعلى الآية 6
واذكر ربك إذا نسيت الكهف الآية 24
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن ابي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن
عباس في قوله ما ننسخ من آية أو ننساها يقول : ما نبدا من آية أو نتركها لا نبدلها
نأت بخير منها أو مثلها يقول : خير لكم في المنفعة وأرفق بكم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : خطبنا عمر فقال : يقول الله تعالى ماننسخ من
آية أو ننساها أي نؤخرها
وأخرج ابن الأنباري عن مجاهد أنه قرأ أو ننساها
وأخرج أبو داود في ناسخه عن مجاهد قال في قراءة أبي ماننسخ من آية أو ننسك وأخرج
آدم بن إياس ولأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء
والصفات عن مجاهد عن اصحاب ابن مسعود في قوله ما ننسخ من آية قال : نثبت خطها
ونبدل حكمها أو ننساها قال : نؤخرها عندنا
وأخرج آدم وابن جرير والبيهقي عن عبيد بن عمير الليثي في قوله ما ننسخ من آية أو
ننساها يقول : أو نتركها نرفعها من عندهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الضحاك قال : في قراءة ابن مسعود ما ننسك من آية
أو ننسخها
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير عن قتادة قال : كانت الآية تنسخ
الآية وكان نبي الله يقرأ الآية والسورة وما شاء الله من السورة ثم ترفع فينسيها
الله نبيه فقال الله يقص على نبيه ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها
يقول : فيها تخفيف فيها رخصة فيها أمر فيها نهي
(1/255)
وأخرج
أبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو
مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ثم قال وإذا بدلنا آية مكان آية النحل
الآية 101 وقال يمحو الله ما يشاء ويثبت الرعد الآية 39
وأخرج أبو داود وابن جرير عن ابي العالية قال : يقولون ماننسخ من آية أو ننساها
كان الله أنزل أمورا من القرآن ثم رفعها
فقال نأت بخير منها أو مثلها
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله أو ننسها قال : إن نبيكم صلى الله عليه و سلم
أقرىء قرآنا ثم أنسيه فلم يكن شيئا ومن القرآن ما قد نسخ وأنتم تقرءونه
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف وأبو ذر الهروي في
فضائله عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف " أن رجلا كانت معه سورة فقام من الليل
فقام بها فلم يقدر عليها وقام آخر بها فلم يقدر عليها وقام آخر بها فلم يقدر عليها
فأصبحوا فأتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فاجتمعوا عنده فأخبروه فقال : إنها
نسخت البارحة "
وأخرج أبو داود في ناسخه والبيهقي في الدلائل من وجه آخر عن أبي أمامة " أن
رهطا من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم أخبروه أن رجلا قام من جوف
الليل يريد أن يفتتح سورة كان قد وعاها فلم يقدر منها على شيء إلا بسم الله الرحمن
الرحيم ووقع ذلك لناس من أصحابه فأصبحوا فسألوا رسول الله صلى الله عليه و سلم عن
السورة فسكت ساعة لم يرجع إليهم شيئا ثم قال : نسخت البارحة فنسخت من صدورهم ومن
كل شيء كانت فيه "
وأخرج ابن سعد وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود في ناسخه وابن الضريس وابن جرير
وابن المنذر وابن حبان والبيهقي في الدلائل عن أنس قال : أنزل الله في الذين قتلوا
ببئر معونة قرآنا قرأناه حتى نسخ بعد أن بلغوا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا
وأرضانا
وأخرج مسلم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الدلائل عن أبي موسى
الأشعري قال : كنا نقرأ سورة نشبهها في الطول والشدة ببراءة فأنسيتها غير أني
(1/256)
حفظت
منها : لو كان لابن آدم واديان من مال لأبتغى واديا ثالثا ولا يملأ جوفه إلا
التراب
وكنا نقرأ سورة نشبهها بإحدى المسبحات أولها سبح لله ما في السموات فأنسيناها غير
أني حفظت منها : يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون
فتكتب شهادة في أعناقكم فتسألون عنها يوم القيامة
وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن الضريس عن أبي موسى الأشعري قال : نزلت سورة شديدة
نحو براءة في الشدة ثم رفعت وحفظت منها : إن الله سيؤيد الدين بأقوام لا خلاق لهم
وأخرج ابن الضريس : ليؤيدن الله هذا الدين برجال ما لهم في الآخرة من خلاق ولو أن
لابن آدم واديين من مال لتمنى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب إلا من
تاب فيتوب الله عليه والله غفور رحيم
وأخرج أبو عبيد وأحمد والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي واقد
الليثي قال " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا أوحي إليه أتيناه فعلمنا
ما أوحي إليه قال : فجئته ذات يوم فقال " إن الله يقول : إنا أنزلنا المال
لإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ولو أن لابن آدم واديا لأحب أن يكون إليه الثاني ولو
كان له الثاني لأحب أن يكون إليهما ثالثهما ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب
الله على من تاب "
وأخرج أبو داود وأحمد وأبو يعلى والطبراني عن زيد بن أرقم قال : كنا نقرأ على عهد
رسول الله صلى الله عليه و سلم " لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضة لأبتغى
الثالث ولا يملأ بطن ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب "
وأخرج أبو عبيد وأحمد عن جابر بن عبد الله قال : كنا نقرأ : لو أن لابن آدم ملء
واد مالا لأحب إليه مثله ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب
وأخرج أبو عبيد والبخاري ومسلم عن ابن عباس قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول " لو أن لابن آدم ملء واد مالا لأحب أن له إليه مثله ولا يملأ عين
ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب
قال ابن عباس : فلا أدري أمن القرآن هو أم لا "
وأخرج البزار وابن الضريس عن بريدة " سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ في
الصلاة : لو
(1/257)
أن
لابن آدم واديا من ذهب لأبتغى إليه ثانيا ولو أعطي ثانيا لأبتغى ثالثا لا يملأ جوف
ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب "
وأخرج ابن الأنباري عن أبي ذر قال : في قراءة أبي بن كعب : ابن آدم لو أعطي واديا
من مال لأبتغى ثانيا ولألتمس ثالثا ولو أعطي واديين من مال لألتمس ثالثا ولا يملأ
جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب
وأخرج ابن الضريس عن ابن عباس قال : كنا نقرأ : لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم
وإن كفر بكم أن ترغيوا عن آبائكم
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وابن حبان عن عمر بن الخطاب قال " إن الله بعث محمدا
بالحق وأنزل معه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فرجم ورجمنا بعده ثم قال :
قد كنا نقرأ : ولا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم "
وأخرج الطيالسي وأبو عبيد والطبراني عن عمر بن الخطاب قال : كنا نقرأ فيما نقرأ :
لا ترغبوا عن آبائكم فإنه كفر بكم ثم قال لزيد بن ثابت : أكذلك يا زيد ؟ قال : نعم
وأخرج ابن عبد البر في التمهيد من طريق عدي بن عدي بن عمير بن قزوة عن أبيه عن جده
عمير بن قزوة
أن عمر بن الخطاب قال لأبي : أوليس كنا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله : إن انتفاءكم
من آبائكم كفر بكم ؟ فقال : بلى
ثم قال : أوليس كنا نقرأ : الولد للفراش وللعاهر الحجر
فيما فقدنا من كتاب الله ؟ فقال أبي : بلى
وأخرج أبو عبيد وابن الضريس وابن الأنباري عن المسور بن مخرمة قال : قال عمر لعبد
الرحمن بن عوف : ألم تجد فيما أنزل علينا : إن جاهدوا كما جاهدتم أول مرة
فإنا لا نجدها ؟ قال : أسقطت من القرآن
وأخرج أبو عبيد وابن الضريس وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عمر قال : لا يقولن
أحدكم قد أخذت القرآن كله ما يدريه ما كله ؟ قد ذهب منه قرآن كثير ولكن ليقل : قد
أخذت ما ظهر منه
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن الأنباري والبيهقي في الدلائل عن عبيدة
السلماني قال : القراءة التي عرضت على رسول الله صلى الله عليه و سلم في العام
الذي قبض فيه هذه القراءة التي يقرؤها الناس التي جمع عثمان الناس عليها
(1/258)
وأخرج
ابن الأنباري وابن اشتة في المصاحف عن ابن سيرين قال : كان جبريل يعارض النبي صلى
الله عليه و سلم كل سنة في شهر رمضان فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه مرتين
فيرون أن تكون قراءتنا هذه على العرضة الأخيرة
وأخرج ابن الأنباري عن أبي ظبيان قال : قال لنا ابن عباس : أي القراءتين تعدون أول
؟ قلنا : قراءة عبد الله وقراءتنا هي الأخيرة
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " كان يعرض عليه جبريل القرآن كل سنة مرة
في شهر رمضان وأنه عرضه عليه في آخر سنة مرتين فشهد منه عبد الله ما نسخ وما بدل
"
وأخرج ابن الأنباري عن مجاهد قال : قال لنا ابن عباس : أي القراءتين تعدون أول ؟
قلنا : قراءة عبد الله وقراءتنا هي الأخيرة
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " كان يعرض عليه جبريل القرآن كل سنة مرة
في شهر رمضان وأنه عرضه عليه في آخر سنة مرتين فقراءة عبد الله آخرهن
وأخرج ابن الأنباري عن ابن مسعود قال : كان جبريل يعارض النبي صلى الله عليه و سلم
بالقرآن في كل سنة مرة وأنه عارضه بالقرآن في آخر سنة مرتين فأخذته من النبي صلى
الله عليه و سلم ذلك العام
وأخرج ابن الأنباري عن ابن مسعود قال : لو أعلم أحدا أحدث بالعرضة الأخيرة مني
لرحلت إليه
وأخرج الحاكم وصححه عن سمرة قال : عرض القرآن على رسول الله صلى الله عليه و سلم
ثلاث عرضات فيقولون : إن قراءتنا هذه هي العرضة الأخيرة
وأخرج أبو جعفر النحاس في ناسخه عن أبي البختري قال : دخل علي بن أبي طالب المسجد
فإذا رجل يخوف فقال : ما هذا ؟ ! فقالوا : رجل يذكر الناس
فقال : ليس برجل يذكر الناس ولكنه يقول أنا فلان بن فلان فاعرفوني فأرسل إليه فقال
: أتعرف الناسخ من المنسوخ ؟ فقال : لا
قال : فاخرج من مسجدنا ولا تذكر فيه
وأخرج ابو داود والنحاس كلاهما في الناسخ والمنسوخ والبيهقي في سننه عن أبي عبد
الرحمن السلمي قال : مر علي بن أبي طالب برجل يقص فقال : أعرفت الناسخ والمنسوخ ؟
قال : لا
قال : هلكت وأهلكت
(1/259)
وأخرج
النحاس والطبراني عن الضحاك بن مزاحم قال : مر ابن عباس بقاص يقص فركله برجله وقال
: أتدري الناسخ والمنسوخ ؟ قال : لا
قال : هلكت وأهلكت
وأخرج الدارمي في مسنده والنحاس عن حذيفة قال : إنما يفتي الناس أحد ثلاثة رجل
يعلم ناسخ القرآن من منسوخه وذلك عمر ورجل قاض لايجد من القضاء بدا ورجل أحمق
متكلف فلست بالرجلين الماضيين فأكره أن أكون الثالث
قوله تعالى : أم تريدون أن تسألوا كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان
فقد ضل سواء السبيل ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا
من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن
الله على كل شيء قدير وأقيموا الصلوة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير
تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير
ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال " قال رافع بن حريملة ووهب
بن زيد لرسول الله صلى الله عليه و سلم : يا محمد ائتنا بكتاب تنزله علينا من
السماء نقرؤه أو فجر لنا أنهارا نتبعك ونصدقك فأنزل الله في ذلك أم تريدون أن
تسألوا رسولكم إلى قوله سواء السبيل وكان حيي بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب من أشد
اليهود حسدا للعرب إذ خصهم الله برسوله وكانا جاهدين في رد الناس عن الإسلام ما
استطاعا فأنزل الله فيهما ود كثير من أهل الكتاب
"
وأخرج ابن جرير وابن ابي حاتم عن أبي العالية قال : قال رجل " يا رسول الله
لو كانت كفاراتنا ككفارات بني إسرائيل
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما أعطيتم خير كانت بنو إسرائيل إذا أصاب
أحدهم الخطيئة وجدها مكتوبة على بابه وكفارتها فإن كفرها كانت له خزيا في الدنيا
وإن لم يكفرها كانت له خزيا في الآخرة وقد أعطاكم الله خيرا من ذلك قال ومن يعمل
سوءا أو يظلم نفسه النساء الآية 110 الآية والصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة
كفارات لما بينهن
فأنزل الله أم تريدون أن تسألوا رسولكم
الآية "
(1/260)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي قال : سألت العرب محمدا صلى الله
عليه و سلم أن يأتيهم بالله فيروه جهرة فنزلت هذه الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال " سألت
قريش محمد صلى الله عليه و سلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا
فقال : نعم وهو كالمائدة لبني إسرائيل إن كفرتم فأبوا ورجعوا
فأنزل الله أم تريدون أن تسألوا كما سئل موسى من قبل أن يريهم الله جهرة "
وأخرج ابن جرير عن ابي العالية في قوله ومن يتبدل الكفر بالإيمان يقول : يتبدل
الشدة بالرخاء
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله فقد ضل سواء السبيل قال : عدل عن السبيل
وأخرج أبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن كعب بن مالك قال
" كان المشركون واليهود من أهل المدينة حين قدم رسول الله صلى الله عليه و
سلم يؤذون رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه أشد الأذى فأمر الله رسوله
والمسلمين بالصبر على ذلك والعفو عنهم ففيهم أنزل الله ولتسمعن من الذين أوتوا
الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا آل عمران الآية 186 الآية
وفيهم أنزل الله ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا
الآيه " وأخرج البخاري ومسلم وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي
في الدلائل عن أسامه بن زيد قال " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه
يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله ويصبرون على الأذى قال الله ولتسمعن
من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا آل عمران الآيه 186
وقال ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من
بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره وكان رسول الله صلى الله
عليه و سلم يتأول في العفو ما أمره الله به حتى أذن الله فيهم بقتل فقتل الله به
من قتل من صناديد قريش "
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن الزهري وقتادة في قوله ود كثير من أهل الكتاب قالا
: كعب بن الأشرف
(1/261)
وأخرج
ابن جرير عن الربيع بن أنس في قوله حسدا من عند أنفسهم قال : من قبل أنفسهم من بعد
تبين لهم لهم الحق يقول : يتبين لهم أن محمدا رسول الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله من بعد تبين لهم لهم الحق قال : من
بعد ما تبين لهم أن محمد رسول الله يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل نعته
وأمره ونبوته ومن بعد ما تبين لهم أن الإسلام دين الله الذي جاء به محمد صلى الله
عليه و سلم فاعفوا واصفحوا قال : أمر الله نبيه أن يعفو عنهم ويصفح حتى يأتي الله
بأمره فأنزل الله في براءة وأمره فقال قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله التوبة الآية
29 الآية
فنسختها هذه الآية وأمره الله فيها بقتال أهل الكتاب حتى يسلموا أو يقروا بالجزية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في
قوله فاعفوا واصفحوا وقوله وأعرض عن المشركين الأنعام الآية 106 ونحو هذا في العفو
عن المشركين قال : نسخ ذلك كله بقوله قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله التوبة الآية
29 وقوله اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم التوبة الآية 5
وأخرج ابن جرير والنحاس في تاريخه عن السدي في قوله فاعفوا واصفحوا قال : هي منسوخه
نسختها قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر التوبه الآيه 29 وأخرج ابن
أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله وما تقدموا لأنفسكم من خير يعني من الأعمال من
الخير في الدنيا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله تجدوه عند الله قال : تجدوا
ثوابه
(1/262)
قوله
تعالى : وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هود أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا
برهانكم إن كنتم صادقين بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف
عليهم ولا هم يحزنون
ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هود أو
نصارى قال : قالت اليهود : لن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا
وقالت النصارى : لن يدخل الجنة إلا من كان نصرانيا تلك أمانيهم قال : أماني
يتمنونها على الله بغير الحق قل هاتوا برهانكم يعني حجتكم إن كنتم صادقين بما
تقولون أنها كما تقولون بلى من أسلم وجهه لله يقول : أخلص لله
وأخرج ابن جرير عن مجاهد من أسلم وجهه لله قال : أخلص دينه
قوله تعالى : وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على
شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم
القيامة فيما كانوا فيه يختلفون
ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال " لما قدم أهل نجران من
النصارى على رسول الله صلى الله عليه و سلم أتتهم أحبار اليهود فتنازعوا عند رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقال رافع بن حريملة : ما أنتم على شيء وكفر بعيسى
والإنجيل
فقال رجل من أهل نجران لليهود : ما أنتم على شيء وجحد نبوة موسى وكفر بالتوراة
فأنزل الله في ذلك وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود
على شيء وهم يتلون الكتاب أي كل يتلو في كتابه تصديق من كفر به "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله وقالت اليهود ليست النصارى على شيء
الآية
قال : هؤلاء أهل الكتاب الذين كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم
(1/263)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله وقالت اليهود ليست النصارى على شيء قال :
بلى قد كانت أوائل النصارى على شيء ولكنهم ابتدعوا وتفرقوا
واخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : من هؤلاء الذين لا يعلمون ؟ قال :
أمم كانت قبل اليهود والنصارى
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله كذلك قال الذين لا يعلمون قال : هم العرب قالوا :
ليس محمد على شيء
قوله تعالى : ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها أولئك
ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين لهم في الدنيا خزي ولهم في الآخرة عذاب عظيم
ابن اسحق وابن أبي حاتم عن ابن عباس
أن قريشا منعوا النبي صلى الله عليه و سلم الصلاة عند الكعبة في المسجد الحرام
فأنزل الله ومن أظلم ممن منع مساجد الله
الآية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ومن أظلم ممن منع مساجد الله
قال : هم النصارى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ومن أظلم ممن منع مساجد الله قال :
هم النصارى وكانوا يطرحون في بيت المقدس الأذى ويمنعون الناس أن يصلوا فيه
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله ومن أظلم ممن منع مساجد الله
الآية
قال : هم الروم كانوا ظاهروا بختنصر على بيت المقدس
وفي قوله أولئك ما كان لهم أن يدخلوها إلا خائفين قال : فليس في الأرض رومي يدخله
اليوم إلا وهو خائف أن تضرب عنقه وقد أخيف بأداء الجزية فهو يؤديها
وفي قوله لهم في الدنيا خزي قال : أما خزيهم في الدنيا فإنه إذا قام المهدي وفتحت
القسطنطينية قتلهم فذلك الخزي
(1/264)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : أولئك أعداء الله الروم حملهم بغض
اليهود على أن أعانوا بختنصر البابلي المجوسي على تخريب بيت المقدس
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال : إن النصارى لما ظهروا على بيت المقدس حرقوه فلما
بعث الله محمد أنزل عليه ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في
خرابها
الآية
فليس في الأرض نصراني يدخل بيت المقدس إلا خائفا
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : هؤلاء المشركون حين صدوا رسول الله صلى
الله عليه و سلم عن البيت يوم الحديبة
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح قال : ليس للمشركين أن يدخلوا المسجد إلا وهم
خائفون
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله لهم في الدنيا خزي قال : يعطون
الجزية عن يد وهم صاغرون
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه عن بسر بن أرطاة قال " كان رسول الله صلى الله
عليه و سلم يدعو اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا ومن عذاب
الآخرة "
قوله تعالى : ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله إن الله واسع عليم
أبو عبيد في الناسخ والمنسوخ وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في
سننه عن ابن عباس قال " أول ما نسخ لنا من القرآن فيما ذكر والله أعلم شأن
القبلة
قال الله تعالى ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله فاستقبل رسول الله
صلى الله عليه و سلم فصلى نحو بيت المقدس وترك البيت العتيق ثم صرفه الله تعالى
إلى البيت العتيق ونسخها
فقال ومن حيث خرجت فول وجهك البقرة الآية 149 الآية "
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود وناس من الصحابة في قوله ولله المشرق
(1/265)
والمغرب
فأينما تولوا فثم وجه الله قال " كان الناس يصلون قبل بيت المقدس فلما قدم
النبي صلى الله عليه و سلم المدينة على رأس ثمانية عشر شهرا من مهاجره وكان إذا
صلى رفع رأسه إلى السماء ينظر كا يؤمر به فنسختها قبل الكعبة "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر
والنحاس في ناسخه والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عمر قال " كان النبي صلى
الله عليه و سلم يصلي على راحلته تطوعا أينما توجهت به ثم قرأ ابن عمر هذه الآية
فأينما تولوا فثم وجه الله وقال ابن عمر : في هذا نزلت هذه الآية "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والدارقطني والحاكم وصححه عن ابن عمر قال : أنزلت
فأينما تولوا فثم وجه الله أن تصلي حيثما توجهت بك راحلتك في التطوع
وأخرج البخاري والبيهقي عن جابر بن عبد الله قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه و
سلم في غزوة أنمار يصلي على راحلته متوجها قبل المشرق تطوعا
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والبيهقي عن جابر بن عبد الله " أن النبي صلى
الله عليه و سلم كان يصلي على راحلته قبل المشرق - فإذا أراد أن يصلي المكتوبة نزل
واستقبل القبلة وصلى " , وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والبيهقي عن أنس
" أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا سافر وأراد أن يتطوع بالصلاة استقبل
بناقته القبلة وكبر ثم صلى حيث توجهت الناقة "
وأخرج أبو داود والطيالسي وعبد بن حميد والترمذي وضعفه وابن ماجه وابن جرير وابن
أبي حاتم والعقيلي وضعفه والدارقطني وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في سننه عن عامر
بن ربيعة قال " كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في ليلة سوداء مظلمة
فنزلنا منزلا فجعل الرجل يأخذ الأحجار فيعمل مسجدا فيصلي فيه فلما أن أصبحنا إذا
نحن قد صلينا على غير القبلة فقلنا : يا رسول الله لقد صلينا ليلتنا هذه لغير
القبلة فأنزل الله ولله المشرق والمغرب
الآية
فقال مضت صلاتكم "
وأخرج الدارقطني وابن مردويه والبيهقي عن جابر بن عبد الله قال " بعث رسول
الله صلى الله عليه و سلم سرية كنت فيها فأصابتنا ظلمة فلم نعرف القبلة فقالت
طائفة منا : القبلة ههنا قبل الشمال فصلوا وخطوا خطا
وقال بعضنا : القبلة ههنا قبل الجنوب فصلوا وخطوا خطا
فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير
(1/266)
القبلة
فلما قفلنا من سفرنا سألنا النبي صلى الله عليه و سلم ؟ فسكت فأنزل الله ولله
المشرق والمغرب
الآية "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن عطاء " أن قوما عميت عليهم القبلة فصلى
كل إنسان منهم إلى ناحية ثم أتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكروا ذلك له
فأنزل الله فأينما تولوا فثم وجه الله " وأخرج ابن مردويه بسند ضعيف عن ابن
عباس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث سريه فأصابتهم ضبابه فلم يهتدوا
إلى القبله فصلوا لغير القبله ثم استبان لهم بعدما طلعت الشمس أنهم صلوا لغير
القبله فلما جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم حدثوه فأنزل الله ولله
المشرق والمغرب
الآية "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
إن أخا لكم قد مات - يعني النجاشي - فصلوا عليه
قالوا : نصلي على رجل ليس بمسلم
! فأنزل الله وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله
آل عمران الآية 199
قالوا : فإنه كان لا يصلي إلى القبلة فأنزل الله ولله المشرق والمغرب
الآية "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال : لما نزلت ادعوني أستجب لكم غافر الآية
60 قالوا : إلى أين ؟ فأنزلت فأينما تولوا فثم وجه الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس فأينما تولوا فثم وجه الله قال : قبلة الله أينما
توجهت شرقا أو غربا
وأخرج ابن ابي شيبة وعبد بن حميد والترمذي والبيهقي في سننه عن مجاهد فثم وجه الله
قال : قبلة الله فأينما كنتم في شرق أو غرب فاستقبلوها
وأخرج عبد بن حميد والترمذي عن قتادة في هذه الآية قال : هي منسوخة نسخها قوله
تعالى فول وجهك شطر المسجد الحرام البقرة الآية 149 أي تلقاءه
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وصححه وابن ماجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه
و سلم قال : مابين المشرق والمغرب قبلة
وأخرج ابن ابي شيبة والدارقطني والبيهقي عن ابن عمر
مثله
(1/267)
وأخرج
ابن أبي شيبة والبيهقي عن عمر قال : ما بين المشرق والمغرب قبلة إذا توجهت قبل
البيت
قوله تعالى : وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه بل له ما في السموات والأرض كل له
قانتون
البخاري عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " قال الله تعالى :
كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك وشتمني ابن آدم ولم يكن له ذلك فأما تكذيبه إياي
فيزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان وأما شتمه إياي فقوله لي ولد فسبحاني أن أتخذ
صاحبة أو ولدا "
وأخرج البخاري وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " يقول الله : كذبني ابن آدم ولم ينبغ له أن
يكذبني وشتمني ابن آدم ولم ينبغ له أن يشتمني فأما تكذيبه إياي فقوله لن يعيدني
كما بدأني وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته وأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله
ولدا وأنا الله الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن مردويه ولبيهقي عن أبي موسى الأشعري عن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " لا أحد أصبر على أذى يسمعه من الله
أنهم يجلعون له ولدا ويشركون به وهو يرزقهم ويعافيهم "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن غالب بن عجرد قال : حدثني رجل من
أهل الشام قال : بلغني أن الله لما خلق الأرض وخلق ما فيها من الشجر لم يكن في
الأرض شجرة يأتيها بنو آدم إلا أصابوا منها ثمرة حتى تكلم فجرة بني آدم بتلك
الكلمة العظيمة قولهم اتخذ الله ولدا فلما تكلموا بها اقشعرت الأرض وشاك الشجر
وأخرج أبو الشيخ عن قتادة في قوله وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه قال : إذا قالوا
عليه البهتان سبح نفسه
أما قوله تعالى سبحانه
(1/268)
أخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم والمحاملي في أماليه عن ابن عباس في قوله سبحان الله
قال : تنزيه الله نفسه عن السوء
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات
عن موسى بن طلحة عن النبي صلى الله عليه و سلم " أنه سئل عن التسبيح أن يقول
الإنسان سبحان الله ؟ قال : براءة الله من السوء
وفي لفظ : إنزاهه عن السوء مرسل "
وأخرجه ابن جرير والديلمي والخطيب في الكفايه من طرق أخرى موصولا عن موسى بن طلحه
بن عبيد الله عن أبيه عن جده طلحه بن عبيد الله قال " سألت رسول الله صلى
الله عليه و سلم عن تفسير سبحان الله قال : هو تنزيه الله من كل سوء " وأخرج
ابن مردويه من طريق سفيان الثوري عن عبد الله بن عبيد الله بن موهب أنه سمع طلحة
قال " سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن سبحان الله قال : تنزيه الله عن
كل سوء "
وأخرج ابن ابي حاتم عن ميمون بن مهران
أنه سئل عن سبحان الله فقال : اسم يعظم الله به ويحاشى عن السوء
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس أن ابن الكواء سأل عليا عن قوله سبحان
الله فقال علي : كلمة رضيها الله لنفسه
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال سبحان الله اسم لا يستطيع الناس أن ينتحلوه
وأخرج عبد بن حميد عن يزيد بن الأصم قال : جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنه فقال
: لا إله إلا الله نعرفها أنه لا إله غيره والحمد لله نعرفها أن النعم كلها منه
وهو المحمود عليها والله أكبر نعرفها أنه لا شيء أكبر منه فما سبحان الله ؟ فقال
ابن عباس : وما تنكر منها
؟ ! هي كلمة رضيها الله لنفسه وأمر بها ملائكته وفرغ إليها الأخيار من خلقه
أما قوله تعالى : كل له قانتون أخرج أحمد وعبد بن حميد وأبو يعلى وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وابن حبان والطبراني في الأوسط وأبو نصر
السجزي في الإبانة وأبو نعيم في الحلية والضياء في المختارة عن أبي سعيد الخدري عن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " كل حرف في القرآن يذكر فيه القنوت فهو
الطاعة "
(1/269)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر من طرق عن ابن عباس في قوله قانتون قال : مطيعون
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس
أن نافع ابن الأزرق سأله عن قوله عز و جل كل له قانتون قال : مقرون
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول عدي بن زيد : قانتا لله يرجو عفوه يوم لا يكفر عبد ما ادخر وأخرج ابن
جرير عن عكرمة كل له قانتون قال : مقرون بالعبودية
وأخرج ابن جرير عن قتادة كل له قانتون اي مطيع مقر بأن الله ربه وخالقه
قوله تعالى : بديع السموات والأرض وإذ قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون
(1/270)
ابن
جرير وابن ابي حاتم عن أبي العالية بديع السموات والأرض يقول : ابتدع خلقهما ولم
يشركه في خلقهما أحد
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : ابتدعهما فخلقهما ولم يخلق قبلهما شيء
فتمثل به
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سابط " أن داعيا دعا في عهد النبي صلى الله عليه و
سلم فقال : اللهم إني أسألك باسمك الذي لا إله إلا أنت الرحمن الرحيم بديع السموات
والأرض وإذا أردت أمرا فإنما تقول له كن فيكون فقال النبي صلى الله عليه و سلم :
لقد كدت أن تدعو باسمه العظيم "
قوله تعالى : وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله أو تأتينا آية كذلك قال الذين
من قبلهم مثل قولهم تشابهت قلوبهم قد بينا الآيات لقوم يوقنون
ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال " قال نافع بن حريلمة
لرسول الله صلى الله عليه و سلم : يا محمد إن كنت رسولا من الله كما تقول فقل لله
فليكلمنا حتى نسمع كلامه فأنزل الله في ذلك وقال الذين لا يعلمون قال : هم كفار
العرب لولا يكلمنا الله قالا : هلا يكلمنا كذلك قال الذين من قبلهم يعني اليهود
والنصارى وغيرهم تشابهت قلوبهم يعني العرب اليهود والنصارى وغيرهم "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا
الله قال : النصارى يقوله والذين من قبلهم يهود
قوله تعالى : إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسئل عن أصحاب الجحيم
وكيع وسفيان بن عيينة وعبد الرزاق وعبد بن حميد والن جرير والن المنذر عن محمد بن
كعب القرظي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ليت شعري ما فعل أبواي
فنزل إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا ولا تسئل عن أصحاب الجحيم فما ذكرها حتى توفاه
الله " قلت : هذا مرسل ضعيف الإسناد
وأخرج ابن جرير عن داود بن أبي عاصم " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ذات
يوم : أين أبواي ؟ فنزلت " قلت : والآخر معضل الإسناد ضعيف لا يقوم به ولا
بالذي قبله حجة
وأخرج ابن المنذر عن الأعرج أنه قرأ لا تسأل عن أصحاب الجحيم أي أنت يا محمد
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك قال : الجحيم ما عظم من النار
قوله تعالى : ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم قل إن هدى الله هو
الهدى ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم مالك من الله من ولي ولا نصير
(1/271)
الثعلبي
عن ابن عباس " أن يهود المدينة ونصارى نجران كانوا يرجون أن يصلي النبي صلى
الله عليه و سلم إلى قبلتهم فلما صرف الله القبلة إلى الكعبة شق ذلك عليهم وأيسوا
منه أن يوافقهم على دينه فأنزل الله ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى
الآية "
قوله تعالى : الذين أتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته أولئك يؤمنون به ومن يكفر به
فأولئك هم الخاسرون يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي الت أنعمت عليكم وإني فضلتكم على
العالمين واتقوا يوما لا تجزى نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها عدل ولا تنفعها شفاعة
ولا هم ينصرون
عبد الرزاق عن قتادة في قوله الذين أتيناهم الكتاب قال : هم اليهود والنصارى
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله حق
تلاوته قال : يحلون حلاله ويحرمون حرامه ولا يحرفونه عن مواضعه
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم والهروي في فضائله ن ابن عباس في قوله
يتلونه حق تلاوته قال : يتبعونه حق اتباعه ثم قرأ والقمر إذا تلاها الشمس الآية 2
يقول : اتبعها
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب في قوله يتلونه حق تلاوته قال : إذا مر بذكر
الجنة سأل الله الجنة وإذا مر بذكر النار تعوذ بالله من النار
وأخرج الخطيب في كتاب الرواة عن مالك بسند فيه مجاهيل عن ابن عمر عن النبي صلى
الله عليه و سلم في قوله يتلونه حق تلاوته قال : يتبعونه حق اتباعه
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير من طرق عن ابن مسعود قال : في قوله يتلونه حق تلاوته
قال : أن يحل حلاله ويحرم حرامه ويقرأه كما أنزل ولا يحرف الكلم عن مواضعه ولا
يتأول منه شيئا غير تأويله
وفي لفظ : يتبعونه حق اتباعه "
(1/272)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله يتلونه حق تلاوته قال : يتكلمونه كما أنزل
الله ولا يكتمونه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله الذين أتيناهم الكتاب يتلونه حق
تلاوته أولئك يؤمنون به قال : منهم أصحاب محمد الذين آمنوا بآيات الله وصدقوا بها
قال : وذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول : والله إن حق تلاوته أن يحل حلاله ويحرم
حرامه ويقرأه كما أنزله الله ولا يحرف عن مواضعه
قال : وحدثنا عمر بن الخطاب قال : لقد مضى بنو إسرائيل وما يعني بما تسمعون غيركم
وأخرج وكيع وابن جرير عن الحسن في قوله يلتونه حق تلاوته قال : يعملون بمحكمه
ويؤمنون بمتشابهه ويكلون ما أشكل عليهم إلى عالمه
وأخرج ابن جرير عن مجاهد يلتونه حق تلاوته قال : يتبعونه حق اتباعه
قوله تعالى : وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعك للناس إماما قال
ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات قال : ابتلاه
الله بالطهارة خمس في الراس وخمس في الجسد في الرأس قص الشارب والمضمضة والاستنشاق
والسواك وفرق الرأس
وفي الجسد تقليم الأظفار وحلق العانة والختان ونتف الإبط وغسل مكان الغائط والبول
بالماء
وأخرج ابن اسحق وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الكلمات التي ابتلي بهن إبراهيم
فأتمهن فراق قومه في الله حين أمر بمفارقتهم ومحاجته نمرود في الله حين وقفه على
ما وقفه عليه من خطر الأمر الذي فيه خلافهم وصبره على قذفهم إياه في النار ليحرقوه
في الله والهجرة بعد ذلك من وطنه وبلاده حين أمره بالخروج عنهم وما أمره به من
الضيافة والصبر عليها وما بتلي به من ذبح ولده
فلما مضى على ذلك كله وأخلصه البلاء قال الله له أسلم قال أسلمت لرب العالمين
البقرة الآية 131
(1/273)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن ابي حاتم عن ابن عباس قال : الكلمات التي ابتلى بها عشر
ست في الإنسان وأربع في المشاعر
فأما التي في الإنسان فحلق العانة ونتف الإبط والختان وتقليم الأظفار وقص الشارب
والسواك وغسل يوم الجمعة
والأربعة التي في المشاعر الطواف بالبيت والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار
والإفاضة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه وابن عساكر عن
ابن عباس قال : ما ابتلي أحد بهذا الدين فقام به كله إلا إبراهيم قال وإذ ابتلى
إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قيل ما الكلمات ؟ قال : سهام الإسلام ثلاثون سهما
عشر في براءة التائبون العابدون إلى آخر الآية وعشر في أول سورة قد أفلح وسأل سائل
والذين يصدقون بيوم الدين الآيات وعشر في الأحزاب إن المسلمين والمسلمات إلى آخر
الآية فأتمهن كلهن فكتب له براءة قال تعالى وإبراهيم الذي وفى النجم الاية 37
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم من طرق عن ابن عباس
وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال : منهن مناسك الحج
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : الكلمات إني جاعلك للناس إماما البقرة الآية 124
وإذ يرفع إبراهيم القوعد البقرة الآية 127 والآيات في شأن المناسك والمقام الذي
جعل لإبراهيم والرزق الذي رزق ساكنو البيت وبعث محمد في ذريتهما
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن مجاهد في قوله وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات قال
: ابتلى بالآيات التي بعدها
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن الحسن قال : ابتلاه بالكوكب فرضي عنه وابتلاه
بالقمر فرضي عنه وابتلاه بالشمس فرضي عنه وابتلاه بالهجرة فرضي عنه وابتلاه
بالختان فرضي عنه وابتلاه بابنه فرضي عنه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله فأتمهن قال : فأداهن
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من
فطرة إبراهيم السواك "
(1/274)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : من فطرة إبراهيم غسل الذكر والبراجم
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن مجاهد قال : ست من فطرة إبراهيم قص الشارب
والسواك والفرق وقص الأظفار والاستنجاء وحلق العانة قال : ثلاثة في الرأس وثلاثة
في الجسد
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه
عن أبي هريرة " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : الفطرة خمس أو خمس
من الفطرة
الختان والاستحداد وقص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الآباط "
وأخرج البخاري والنسائي عن ابن عمر " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظفار وقص الشارب "
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عائشة قالت :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " عشر من الفطرة قص الشارب وإعفاء اللحية
والسواك والاستنشاق بالماء وقص الأظفار وغسل البراجم ونتف الآباط وحلق العانة
وانتفاض الماء يعني الاستنجاء بالماء
قال مصعب : نسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود وابن ماجه عن عمار بن ياسر " أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : الفطرة المضمضة والاستنشاق والسواك وقص الشارب
وتقليم الأظفار ونتف الابط والاستنجاء وغسل البراجم والانتضاح والاختتان "
وأخرج البزار والطبراني عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" الطهارات أربع قص الشارب وحلق العانة وتقليم الأظفار والسواك "
وأخرج ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أنس بن مالك قال " وقت
لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم في قص الشارب وتقليم الأظفار وحلق العانة ونتف
الابط أن لا تترك أكثر من أربعين يوما "
وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال " قيل للنبي صلى الله
عليه و سلم : لقد أبطأ عنك جبريل
فقال : ولم لا يبطىء عني وأنتم حولي لا تستنون لا تقلمون أظفاركم ولا تقصون
شواربكم ولا تنقون براجمكم "
وأخرج الترمذي وحسنه عن ابن عباس قال " كان النبي صلى الله عليه و سلم يقص أو
يأخذ من شاربه قال : لأن خليل الرحمن إبراهيم يفعله "
(1/275)
وأخرج
ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه والنسائي عن زيد بن أرقم " أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : من لم يأخذ من شاربه فليس منا "
وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه
و سلم قال " خالفوا المشركين وفروا اللحى وأحفوا الشوارب "
وأخرج البزار عن أنس " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : خالفوا المجوس
جزوا الشوارب وأعفوا اللحى "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبيد الله بن عبد الله بن عبيد الله قال " جاء رجل من
المجوس إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وقد حلق لحيته وأطال شاربه فقال له
النبي صلى الله عليه و سلم : ما هذا ؟ قال : هذا في ديننا
قال : ولكن في ديننا أن تجز الشارب وأن تعفي اللحية "
وأخرج البزار عن عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أبصر رجلا وشاربه
طويل فقال : ائتوني بمقص وسواك فجعل السواك على طرفه ثم أخذ ما جاوز "
وأخرج البزرا والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان بسند حسن عن أبي هريرة
" أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقلم أظفاره ويقص شاربه يوم الجمعة
قبل أن يخرج إلى الصلاة "
وأخرج ابن عدي بسند ضعيف عن أنس قال " وقت لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم
أن يحلق الرجل عانته كل أربعين يوما وأن ينتف ابطه كلما طلع ولا يدع شاربيه يطولان
وأن يقلم أظفاره من الجمعة إلى الجمعة "
وأخرج ابن عساكر بسند ضعيف عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " قصوا أظافيركم فإن الشيطان يجري ما بين اللحم والظفر "
وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن وابصة بن معبد قال " سألت رسول الله صلى الله
عليه و سلم عن كل شيء حتى سألته عن الوسخ الذي يكون في الأظفار فقال : دع ما يريبك
إلى ما لا يريبك "
وأخرج البزار عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما لي
لا أهم ورفع أحدكم بين أنملته وظفره "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن قيس بن حازم قال " صلى النبي صلى الله عليه
و سلم صلاة فأوهم فيها فسأل فقال : ما لي لا أهم ورفع أحدكم بين ظفره وأنملته
"
وأخرج ابن ماجه والبيهقي بسند ضعيف عن أبي أمامة " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم
(1/276)
قال
: تسوكوا فإن السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ما جاءني جبريل إلا أوصاني بالسواك حتى
خشيت أن يفرض علي وعلى أمتي ولولا أني أخاف أن أشق على أمتي لفرضته لهم وأني
لأستاك حتى أني خشيت أن أحفي مقادم في "
وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
" السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ومجلاة للبصر "
وأخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " عليكم بالسواك فإنه مطهرة للفم مرضاة للرب مفرحة للملائكة
يزيد في الحسنات وهو من السنة يجلو البصر ويذهب الحفر ويشد اللثة ويذهب البلغم
ويطيب الفم "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل
صلاة "
وأخرج أحمد بسند حسن عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم عند كل صلاة بوضوء وعند كل وضوء بسواك "
وأخرج البزار وأبويعلى والطبراني بسند ضعيف عن عائشة قالت " ما زال النبي صلى
الله عليه و سلم يذكر بالسواك حتى خشينا أن ينزل فيه قرآن "
وأخرج أحمد والحرث بن أبي أسامة والبزار وأبو يعلى وابن خزيمة والدارقطني والحاكم
وصححه وأبو نعيم في كتاب السواك والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال " فضل الصلاة بسواك على الصلاة بغير سواك سبعون ضعفا
"
وأخرج البزار والبيهقي بسند جيد عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
ركعتان بسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك "
وأخرج أحمد وأبو يعلى بسند جيد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
" لقد أمرت بالسواك حتى ظننت أنه ينزل علي به قرآن أو وحي "
وأخرج أحمد وأبو يعلى والطبراني بسند ضعيف عن ابن عمر " أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم كان لا ينام إلا السواك عنده فإذا استيقظ بدأ بالسواك "
وأخرج الطبراني بسند حسن عن أم سلمة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" مازال جبريل يوصيني بالسواك حتى خفت على أضراسي "
وأخرج البزار والترمذي الحكيم في نوادر الأصول عن كليح بن عبد الله الخطمي
(1/277)
عن
أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " خمس من سنن المرسلين
الحياء والحلم والحجامة والسواك والتعطر "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال " كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم لا ينام ليلة ولا ينتبه إلا استن "
وأخرج الطبراني بسند حسن عن زيد بن خالد الجهني قال " ما كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم يخرج من بيته لشيء من الصلوات حتى يستاك "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود بسند ضعيف عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه و
سلم كان لا يرقد من ليل ولا نهار فيستقيظ تسوك قبل أن يتوضأ "
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن عائشة " أنها سئلت
بأي شيء كان النبي صلى الله عليه و سلم يبدأ إذا دخل بيته ؟ قالت : كان إذا دخل
يبدأ بالسواك "
وأخرج ابن ماجه عن علي بن أبي طالب قال : إن أفواهكم طرق للقرآن فطيبوها بالسواك
وأخرجه أبو نعيم في كتاب السواك عن علي مرفوعا
وأخرج ابن السني وأبو نعيم معا في الطب النبوي عن أبي هريره قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " إن السواك ليزيد الرجل فصاحة "
وأخرج ابن السني عن علي بن أبي طالب قال : قراءة القرآن والسواك يذهب البلغم
وأخرج أبو نعيم في معرفة الصحابة عن سمويه " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم ما نام ليلة حتى استن "
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأبو نعيم في كتاب السواك بسند ضعيف من طريق أبي
عتيق عن جابر
أنه كان ليستاك إذا أخذ مضجعه وإذا قام من الليل وإذا خرج إلى الصلاة
فقلت له : لقد شققت على نفسك
فقال : إن أسامة أخبرني أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يستاك هذا السواك
وأخرج أبو نعيم بسند حسن عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يستاكوا بالأسحار "
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن علي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء "
(1/278)
وأخرج
الشافعي وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي وأبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان والحاكم
والبيهقي عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " السواك مطهرة
للفم مرضاة للرب "
وأخرج أحمد والطبراني في الأوسط بسند حسن عن ابن عمر " ان النبي صلى الله
عليه و سلم قال : عليكم بالسواك فإنه مطيبة للفم مرضاة للرب تبارك وتعالى "
وأخرج أحمد بسند ضعيف عن قثم أو تمام بن عباس قال : أتينا النبي صلى الله عليه و
سلم فقال " ما لكم تأتوني قلحا لا تسوكون لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم
السواك كما فرضت عليهم الوضوء "
وأخرج الطبراني عن جابر قال : كان السواك من أذن النبي صلى الله عليه و سلم موضع
القلم من أذن الكاتب "
وأخرج العقيلي في الضعفاء وأبو نعيم في السواك بسند ضعيف عن عائشة قالت " كان
النبي صلى الله عليه و سلم إذا سافر حمل السواك والمشط والمكحلة والقارورة والمرآة
"
وأخرج أبو نعيم بسند واه عن رافع بن خديج مرفوعا " السواك واجب "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : لقد كنا نؤمر بالسواك حتى ظننا أنه سينزل به
وأخرج ابن أبي شيبة عن حسان بن عطية مرفوعا " الوضوء شطر الإيمان والسواك شطر
الوضوء ولولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ركعتان يستاك بهما
العبد أفضل من سبعين ركعة لا يستاك فيها "
وأخرج ابن أبي شيبة عن سليمان بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" استاكوا وتنظفوا وأوتروا فإن الله وتر يحب الوتر "
وأخرج ابن عدي عن أنس " أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر بتعاهد البراجم عند
الوضوء لأن الوسخ إليها سريع "
وأخرج الترمذي الحكيم في نوادر الأصول بسند فيه مجهول عن عبد الله بن بسر رفعه
" قصوا أظفاركم وادفنوا قلاماتكم ونقوا براجمكم "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي وابن ماجه عن ابن
عباس قال " كان أهل الكتاب يسدلون أشعارهم وكان المشركون يفرقون رؤوسهم وكان
النبي صلى الله عليه و سلم يعجبه موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر به فسدل رسول
الله صلى الله عليه و سلم ناصيته ثم فرق بعد "
(1/279)
وأخرج
ابن ماجه والبيهقي بسند جيد عن أم سلمة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
كان إذا أطلى ولى تابع عانته بيده "
وأخرج البيهقي بسند ضعيف جدا عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم كان لا يتنور
وكان إذا كثر شعره حلقه
وأخرج أحمد والبيهقي عن شداد بن أوس رفعه " الختان سنة للرجال مكرمة للنساء
"
وأخرج الطبراني في مسند الشاميين وأبو الشيخ في كتاب العقيقة والبيهقي من حديث ابن
عباس
مثله
وأخرج أبو داود عن عيثم بن كليب عن أبيه عن جده " أنه جاء إلى النبي صلى الله
عليه و سلم فقال : فقد أسلمت - فقال له : ألق عنك شعر الكفر - يقول : احلق "
قال : وأخبرني آخر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لآخر معه " ألق عنك شعر
الكفر واختتن "
وأخرج البيهقي عن الزهري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " من أسلم فليختتن
"
وأخرج أحمد والطبراني عن عثمان بن أبي العاص أنه دعي إلى ختان فقال : ما كنا نأتي
الختان على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا ندعى له
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال : سبع من السنة في الصبي يوم السابع
يسمى ويختن ويماط عنه الأذى ويعق عنه ويحلق رأسه ويلطخ من عقيقته ويتصدق بوزن شعر
رأسه ذهبا أو فضة
وأخرج أبو الشيخ في كتاب العقيقة والبيهقي عن جابر " أن النبي صلى الله عليه
و سلم عق عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيام "
وأخرج البيهقي عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه
إن إبراهيم عليه السلام ختن اسحق لسبعة أيام وختن اسماعيل عند بلوغه
وأخرج ابن سعد عن حي بن عبد الله قال : بلغني أن اسماعيل عليه السلام اختتن وهو
ابن ثلاث عشر سنة
وأخرج أبو الشيخ في العقيقة من طريق موسى بن علي بن رباح عن أبيه
أن إبراهيم عليه السلام أمر أن يختتن وهو حينئذ ابن ثمانين سنة فعجل واختتن
بالقدوم فاشتد عليه الوجع فدعا ربه فأوحى إليه " إنك عجلت قبل أن نأمرك بآلته
قال : يا رب كرهت أن أؤخر أمرك "
(1/280)
وأخرج
البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " اختتن
إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثلاثين سنة بالقدوم
وأخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال " كان إبراهيم أول من اختتن وهو ابن عشرين ومائة سنة واختتن بالقدوم ثم
عاش بعد ذلك ثمانين سنة "
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي وصححاه من طريق سعيد بن المسيب عن
أبي هريرة قال : اختتن إبراهيم خليل الله وهو ابن عشرين ومائة سنة بالقدوم ثم عاش
بعد ذلك ثمانين سنة
قال سعيد : وكان إبراهيم أول من اختتن وأول من رأى الشيب فقال : يا رب ما هذا ؟
قال : وقار يا إبراهيم
قال : رب زدني وقارا
وأول من أضاف الضيف وأول من جز شاربه وأول من قص أظافيره وأول من استحد
وأخرج ابن عدي والبيهقي عن أبي هريرة " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
إن إبراهيم أول من اضاف الضيف وأول من قص الشارب وأول من رأى الشيب وأول من قص
الأظافير وأول من اختتن بقدومه "
وأخرج البيهقي عن علي رضي الله عنه قال : كانت هاجر لسارة فأعطت هاجر إبراهيم
فاستبق اسماعيل واسحاق لنفسه فسبقه اسماعيل فقعد في حجر إبراهيم
قالت : سارة : والله لأغيرن منها ثلاثة أشراف فخشي إبراهيم أن تجدعها أو تخرم
أذنيها فقال لها : هل لك أن تفعلي شيئا وتبري يمينك ؟ تثقبين أذنيها وتخفضينها
فكان أول الخفاض هذا "
وأخرج البهقي عن سفيان بن عينية قال : شكا إبراهيم عليه السلام إلى ربه ما يلقى من
رداءة خلق سارة فأوحى الله إليه يا إبراهيم ؟ أول من تسرول وأول من فرق وأول من
استحد وأول من اختتن وأول من قرى الضيف وأول من شاب
وأخرج وكيع عن واصل مولى ابن عينية قال : أوحى الله إلى إبراهيم يا إبراهيم إنك
أكرم أهل الأرض إلي فإذا سجدت فلا تر الأرض عورتك
قال : فاتخذ سراويل
وأخرج الحاكم عن أبي أمامة قال : طلعت كف من السماء بين أصبعين من أصابعها شعرة
بيضاء فجعلت تدنو من رأس إبراهيم ثم تدنو فألقتها في راسه وقالت : أشعل وقارا ثم
أوحى الله إليها أن تظهر وكان أول من شاب واختتن
(1/281)
وأنزل
الله على إبراهيم مما أنزل على محمد التائبون العابدون الحامدون التوبة الاية 112
إلى قوله وبشر المؤمنين و قد أفلح المؤمنون المؤمنون الآيات 1 - 11 إلى قوله هم
فيها خالدون و إن المسلمين والمسلمات
الأحزاب الاية 35 الآية
والتي في سأل و الذين هم على صلاتهم دائمون المعارج الآيات 23 - 33 إلى قوله
قائمون فلم يف بهذه السهام إلا إبراهيم ومحمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن سعد في الطبقات عن سلمان قال : سأل إبراهيم ربه خيرا فأصبح ثلثا رأسه
أبيض فقال : ما هذا ؟ ! فقيل له : عبرة في الدنيا ونور في الآخرة
وأخرج أحمد في الزهد عن سلمان الفارسي قال : أوى إبراهيم إلى فراشه فسأل الله أن
يؤتيه خيرا فأصبح وقد شاب ثلثا رأسه فساءه ذلك فقيل : لا يسوءنك فإنه عبرة في
الدنيا ونور لك في الآخرة وكان أول شيب كان
وأخرج الديلمي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أول من خضب
بالحناء والكتم إبراهيم عليه السلام "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن إبراهيم قال : قال النبي
صلىالله عليه وسلم " إن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم "
وأخرج أبو داود والترمذي وصححه النسائي وابن ماجه عن أبي ذر قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " إن أحسن ما غيرتم به الشيب الحناء والكتم "
وأخرج الترمذي وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود "
وأخرج البزار عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " لا تشبهوا
بالأعاجم غيروا اللحى "
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف والبزار عن سعد عن إبراهيم عن أبيه قال : أول من خطب
على المنبر إبراهيم عليه السلام حين أسر لوط واستأسرته الروم فعزا إبراهيم حتى
اسنقذه من الروم
وأخرج ابن عساكر عن حسان بن عطية قال : أول من رتب العسكر في الحرب ميمنة وميسرة
وقلبا إبراهيم عليه السلام لما سار لقتال الذين أسروا لوطا عليه السلام
(1/282)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن يزيد بن أبي يزيد عن رجل قد سماه قال : أول من عقد الألوية
إبراهيم عليه السلام بلغه أن قوما أغاروا على لوط فسبوه فعقد لواء وسار إليهم
بعبيده ومواليه حتى أدركهم فاستقذه وأهله
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الرومي عن ابن عباس قال : أول من عمل القسي إبراهيم
عليه السلام
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " كان أول من ضيف الضيف إبراهيم عليه السلام "
وأخرج ابن سعد وابن أبي الدنيا وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان عن
عكرمة قال : كان إبراهيم خليل الرحمن يكنى أبا الضيفان وكان لقصره أربعة أبواب لكي
لا يفوته أحد
وأخرج البيهقي عن عطاء قال : كان إبراهيم خليل الله عليه السلام إذا أراد أن يتغدى
طلب من يتغدى معه إلى ميل
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الإخوان والخطيب في تاريخه والديلمي في مسند الفردوس
والغسولي في جزئه المشهور واللفظ له عن تميم الداري " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم سئل عن معانقة الرجل الرجل إذا لقيه ؟ قال : كانت تحية الأمم وفي لفظ
كانت تحية أهل الإيمان وخالص ودهم وأول من عانق خليل الرحمن فإنه خرج يوما يرتاد
لماشيته في جبال من جبال بيت المقدس إذ سمع صوت مقدس يقدس الله تعالى فذهل عما كان
يطلب فقصد قصد الصوت فإذا هو بشيخ طوله ثمانية عشر ذراعا أهلب يوحد الله عز و جل
فقال له إبراهيم : يا شيخ من ربك ؟ قال : الذي في السماء
قال : من رب الأرض ؟ قال : الذي في السماء
قال : فيها رب غيره ؟ قال : ما فيها رب غيره لا إله إلا هو وحده
قال إبراهيم : فأين قبلتك ؟ قال : إلى الكعبة
فسأله عن طعامه فقال : أجمع من هذه الثمرة في الصيف فآكله في الشتاء
قال : هل بقي معك أحد من قومك ؟ قال : لا
قال : أين منزلك ؟ قال : تلك المغارة
قال : اعبر بنا إلى بيتك
قال : بيني وبينها واد لا يخاض
قال : فكيف تعبره ؟ فقال : أمشي عليه ذاهبا وأمشي عليه عائدا
قال : فانطلق بنا فافعل الذي ذلله لك يذلله لي
(1/283)
فانطلقا
حتى انتهيا فمشيا جميعا عليه كل واحد منهما يعجب من صاحبه فلما دخلا المغارة فإذا
بقبلته قبلة إبراهيم قال له إبراهيم : أي يوم خلق الله أشد ؟ قال الشيخ : ذلك
اليوم الذي يضع كرسيه للحساب يوم تسعر جهنم لا يبقى ملك مقرب و لانبي مرسل إلا خر
يهمه نفسه
قال له إبراهيم : ادع الله يا شيخ أن يؤمني وإياك من هول ذلك اليوم
قال الشيخ : وما تصنع بدعائي ولي في السماء دعوة محبوسة منذ ثلاث سنين ؟ قال
إبراهيم : ألا أخبرك ما حبس دعاءك قال : بلى
قال : إن الله عز و جل إذا أحب عبدا احتبس مسألته يحب صوته ثم جعل له على كل مسألة
ذخرا لا يخطر على قلب بشر وإذا أبغض الله عبدا عجل له حاجته أو ألقى الأياس في
صدره ليقبض صوته فما دعوتك التي هي في السماء محبوسة ؟ قال : مر بي ههنا شاب في
راسه ذؤابة منذ ثلاث سنين ومعه غنم قلت : لمن هذه ؟ قال : لخليل الله إبراهيم
قلت : اللهم إن كان لك في الأرض خليل فأرنيه قبل خروجي من الدنيا
قال له إبراهيم عليه السلام : قد أجيبت دعوتك ثم اعتنقا فيومئذ كان أصل المعانقة
وكان قبل ذلك السجود هذا لهذا وهذا لهذا ثم جاء الصفاح مع الإسلام فلم يسجد ولم
يعانق ولن تفترق الأصابع حتى يغفر لكل مصافح "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد أبو نعيم في الحلية عن كعب قال : قال إبراهيم
عليه السلام : إنني ليحزنني أن لا أرى أحدا في الأرض يعبدك غيري فأنزل الله إليه
ملائكته يصلون معه ويكونون معه
وأخرج أحمد وأبو نعيم عن نوف البكالي قال : قال إبراهيم عليه السلام : يا رب إنه
ليس في الأرض أحد يعبدك غيري فأنزل الله عز و جل ثلاثة آلاف ملك فأمهم ثلاثة أيام
وأخرج ابن سعد عن الكلبي قال : إبراهيم عليه السلام أول من اضاف الضيف وأول من ثرد
الثريد وأول من رأى الشيب وكان قد وسع عليه في المال والخدم
وأخرج ابن أبي شيبة عن السدي قال : أول من ثرد الثريد إبراهيم عليه السلام
وأخرج الديلمي عن نبيط بن شريط قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
أول من اتخذ الخبز المبلقس إبراهيم عليه السلام "
(1/284)
وأخرج
أحمد في الزهد عن مطرف قال : أول من راغم إبراهيم عليه السلام حين راغم قومه إلى
الله بالدعاء
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف واللفظ له والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن ابن
عباس قال " قام فينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : أول الخلائق يلقى
بثوب - يعني يوم القيامة - إبراهيم عليه السلام "
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : يحشر الناس عراة حفاة فأول من يلقى بثوب
إبراهيم
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن عبيد بن عمير قال : يحشر الناس عراة حفاة فيقول الله
: ألا أرى خليلي عريانا فيكسى يحشر الناس عراة حفاة ثوبا ابيض فهو أول من يكسى
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن عبد الله بن الحرث قال : أول من يكسى يوم
القيامة إبراهيم عليه السلام قبطيتين ثم يكسى النبي صلى الله عليه و سلم حلة
الحيرة وهو على يمين العرش
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والنسائي عن أنس قال " جاء رجل إلى
رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا خير البرية
قال : ذاك إبراهيم "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح قال : انطلق إبراهيم عليه السلام يمتار فلم يقدر
على الطعام فمر بسهلة حمراء فأخذ منها ثم رجع إلى أهله فقالوا : ما هذا ؟ قال :
حنطه حمراء ففتحوها فوجدها حنطة حمراء فكان إذا زرع منها شيئا نبتت سنبلة من أصلها
إلى فرعها حبا متراكبا
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن سلمان قال : أرسل على
إبراهيم عليه السلام أسدان مجوعان فلحساه وسجدا له
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي عن أبي بن كعب " أن النبي صلى الله عليه
و سلم قال : أرسل إلي ربي أن أقرأ القرآن على حرف فرددت عليه يا رب هون على أمتي
فرد على الثانية أن أقرأ على حرفين قلت : يا رب هون على أمتي فرد على الثالثة أن
أقرأ على سبعة أحرف ولك بكل ردة رددتها مسألة فسلنيها
فقلت : اللهم اغفر لأمتي اللهم اغفر لأمتي وأخرت الثالثة إلى يوم يرغب إلي فيه
الخلائق حتى إبراهيم "
(1/285)
وأخرج
أحمد في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن كعب قال : كان إبراهيم عليه السلام يقري
الضيف ويرحم المسكين وابن السبيل فابطأت عليه الأضياف حتى أشرأب بذلك فخرج إلى
الطريق يطلب فجلس ملك الموت عليه السلام في صورة رجل فسلم عليه فرد السلام ثم سأله
من أنت ؟ قال : أنا ابن السبيل قال : إنما قعدت ههنا لمثلك فأخذ بيده فقال له :
انطلق
فذهب إلى منزله فلما رآه اسحق عرفه فبكى اسحق فلما رأت سارة اسحق يبكي بكت لبكائه
فلما رأى إبراهيم ساره تبكي فبكى لبكائها فلما رأى ملك الموت إبراهيم يبكي بكى
لبكائه ثم صعد ملك الموت فلما ارتقى غضب إبراهيم فقال : بكيتم في وجه ضيفي حتى ذهب
فقال اسحق : لا تلمني يا أبت فإني رأيت ملك الموت معك لا أرى أجلك إلا قد حضر فارث
في أهلك أي أوصه وكان لأبراهيم بيت يتعبد فيه فإذا خرج أغلقه لا يدخله غيره فجاء
إبراهيم ففتح بيته الذي يتعبد فيه فإذا هو برجل جالس فقال إبراهيم : من أدخلك بإذن
من دخلت ؟ ! قال : بإذن رب البيت
قال : رب البيت أحق به ثم تنحى في ناحية البيت فصلى ودعا كما كان يصنع وصعد ملك
الموت فقيل له : ما رأيت ؟ قال : يا رب جئتك من عند عبدك ليس بعده في الأرض خير
قيل له : ما رأيت منه ؟ قال : ما ترك خلقا من خلقك إلا قد دعا له بخير في دينه وفي
معيشته
ثم مكث إبراهيم عليه السلام ما شاء الله ثم جاء ففتح بابه فإذا هو برجل جالس قال
له : من أنت ؟ قال : إنما أنا ملك الموت
قال إبراهيم : إن كنت صادقا فأرني آية أعرف أنك ملك الموت
قال : اعرض بوجهك يا إبراهيم
قال : ثم أقبل فأراه الصورة التي يقبض بها المؤمنين فرأى شيئا من النور والبهاء لا
يعلمه إلا الله ثم قال : انظر فأراه الصورة التي يقبض بها الكفار والفجار فرعب
إبراهيم عليه السلام رعبا حتى ألصق بطنه بالأرض كادت نفس إبراهيم تخرج فقال : أعرف
الذين أمرت به فامض له
فصعد ملك الموت فقيل له : تلطف بإبراهيم فأتاه وهو في عنب له وهو في صورة شيخ كبير
لم يبق منه شيء فلما رآه إبراهيم رحمه فأخذ مكتلا ثم دخل عنبه فقطف من العنب في
مكتله ثم جاء فوضعه بين يديه فقال : كل
فجعل يضع ويريه أن يأكل ويمجه على لحيته وعلى صدره فعجب إبراهيم فقال : ما أبقت
(1/286)
السن
منك شيئا كم أتى لك ؟ فحسب مدة إبراهيم فقال : أمالي كذا وكذا
فقال إبراهيم : قد أتي لي هذا إنما أنتظر أن أكون مثلك اللهم اقبضني إليك فطابت
نفس إبراهيم على نفسه وقبض ملك الموت نفسه تلك الحال
وأخرج الحاكم عن الواقدي قال : ولد إبراهيم بغوطة دمشق في قرية يقال لها برزة ومن
جبل يقال له قاسيون
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي السكن الهجري قال : مات خليل الله فجأة ومات
داود فجأة ومات سليمان بن داود فجأة والصالحون وهو تخفيف على المؤمن وتشديد على الكافر
وأخرج ؟ " أن ملك الموت جاء إلى إبراهيم عليه السلام ليقبض روحه فقال إبراهيم
: يا ملك الموت هل رأيت خليلا يقبض روح خليله ؟ فعرج ملك الموت إلى ربه فقال : قله
له : هل رأيت خليلا يكره لقاء خليله ؟ فرجع قال : فاقبض روحي الساعة "
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن سعيد بن جبير قال " كان الله يبعث ملك الموت إلى
الأنبياء عيانا فبعثه إلى إبراهيم عليه السلام ليقبضه فدخل دار إبراهيم في صورة
رجل شاب جميل وكان إبراهيم غيورا فلما دخل عليه حملته الغيرة على أن قال له : يا
عبد الله ما أدخلك داري ؟ قال : أدخلنيها ربها
فعرف إبراهيم أن هذا الأمر حدث قال يا إبراهيم : إني أمرت بقبض روحك
قال : أمهلني يا ملك الموت حتى يدخل اسحق فأمهله فلما دخل اسحق قام إليه فاعتنقه
كل واحد منهما صاحبه فرق لهما ملك الموت فرجع إلى ربه فقال : يا رب رأيت خليلك جزع
من الموت
قال : يا ملك الموت فائت خليلي في منامه فاقبضه فأتاه في منامه فقبضه "
وأخرج أحمد في الزهد والمروزي في الجنائز عن أبي مليكة " أن إبراهيم لما لقي
ربه قيل له : كيف وجدت الموت ؟ قال : وجدت نفسي كأنما تنزع بالسلي
قيل له : قد يسرنا عليك الموت "
وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا في العزاء وابن أبي داود في البعث وابن حبان والحاكم
وصححه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" أولاد المؤمنين في جبل في الجنة يكفلهم إبراهيم وسارة عليهما السلام حتى
يردهم إلى آبائهم يوم القيامة "
(1/287)
وأخرج
سعيد بن منصور عن مكحول " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن ذراري
المسلمين في عصافير خضر في شجر في الجنة يكفلهم إبراهيم عليه السلام "
أما قوله تعالى : وقال إني جاعلك للناس إماما الآية أخرج عبد بن حميد عن ابن عباس
قال : إني جاعلك للناس إماما يقتدى بدينك وهديك وسنتك قال ومن ذريتي إماما لغير
ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين أن يقتدى بدينهم وهديهم وسنتهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : هذا عند الله يوم القيامة
لا ينال عهده ظالما فأما في الدنيا نالوا عهده فوارثوا به المسلمين وغازوهم
وناكحوهم فلما كان يوم القيامة قصر الله عهده وكرامته على أوليائه
وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله إني جاعلك للناس إماما يؤتم به ويقتدى قال
إبراهيم ومن ذريتي فاجعل من يؤتم به ويقتدى به
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قال الله لإبراهيم إني جاعلك
للناس إماما قال ومن ذريتي فأبى أن يفعل ثم قال لا ينال عهدي الظالمين
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله لا ينال عهدي الظالمين قال :
لا أجعل إماما ظالما يقتدى به
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : يخبره أنه
كائن في ذريته ظالم لا ينال عهده ولا ينبغي له أن يوليه شيئا من أمره
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله لا
ينال عهدي الظالمين قال : ليس بظالم عليك عهد في معصية الله أن تطيعه
وأخرج وكيع وابن مردويه عن علي بن أبي طالب عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله
لا ينال عهدي الظالمين قال : لا طاعة إلا في المعروف
وأخرج عبد بن حميد عن عمران بن حصين " سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول :
لا طاعة لمخلوق في معصية الله "
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال : لا طاعة مفترضة إلا لنبي
(1/288)
قوله
تعالى : وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى وعهدنا
إلى إبراهيم وإسماعيل أن طهرنا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود
ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله وإذ حعلنا البيت قال : الكعبة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله مثابة للناس قال :
يثوبون إليه ثم يرجعون
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله مثابة للناس قال لا يقضون منه وطرا يأتونه ثم
يرجعون إلى أهليهم ثم يعودون إليه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عطاء في قوله وإذ جعلنا البيت مثابة للناس قال :
يأتون إليه من كل مكان
وأخرج سفيان بن عينية وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان
عن مجاهد في قوله مثابة للناس قال : يأتون إليه لا يقضون منه وطرا أبدا يحجون ثم
يعودون وأمنا قال : تحريمه لا يخاف من دخله , وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله وأمنا قال : أمنا للناس
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله وأمنا قال : أمنا من العدوان يحمل فيه
السلاح وقد كانوا في الجاهلية يتخطف الناس من حولهم وهم آمنون
أما قوله تعالى : واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى أخرج عبد بن حميد عن أبي اسحق أن
أصحاب عبد الله كانوا يقرؤون واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى قال : أمرهم أن يتخذوا
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الملك بن أبي سليمان قال : سمعت سعيد بن جبير قرأها
واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى بخفض الخاء
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والعدني والدارمي والبخاري والترمذي والنسائي وابن ماجه
وابن أبي داود في المصاحف وابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية
(1/289)
والطحاوي
وابن حبان والدارقطني في الأفراد والبيهقي في سننه عن أنس بن مالك قال : قال عمر
بن الخطاب : وافقت ربي في ثلاث أو واقفني ربي في ثلاث
قلت : يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى ؟ فنزلت واتخذوا من مقام
إبراهيم مصلى وقلت : يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهم البر والفاجر فلو أمرتهن أن
يحتجبن فنزلت آية الحجاب
واجتمع على رسول الله صلى الله عليه و سلم نساؤه في الغيرة فقلت لهن عسى ربه إن
طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن التحريم الآية 5 فنزلت كذلك
وأخرج مسلم وابن أبي داود وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في سننه عن جابر " أن
النبي صلى الله عليه و سلم رمل ثلاثة أشواط ومشى أربعا حتى إذا فرغ عمد إلى مقام
إبراهيم فصلى خلفه ركعتين ثم قرأ واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى "
وأخرج ابن ماجه وابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر قال " لما وقف رسول الله
صلى الله عليه و سلم يوم فتح مكة عند مقام إبراهيم قال له عمر : يا رسول الله هذا
مقام إبراهيم الذي قال الله واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ؟ قال : نعم "
وأخرج الطبراني والخطيب في تاريخه عن ابن عمر " أن عمر قال : يا رسول الله لو
اتخذنا من مقام إبراهيم مصلى ؟ فنزلت واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى "
وأخرج عبد بن حميد والترمذي عن أنس " أن عمر قال : يا رسول الله لوصلينا خلف
المقام ؟ فنزلت واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى "
وأخرج ابن أبي داود عن مجاهد قال : كان المقام إلى لزق البيت فقال عمر بن الخطاب
" يا رسول الله لو نحيته إلى البيت ليصلي إليه الناس ففعل ذلك رسول الله صلى
الله عليه و سلم فأنزل الله واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى "
وأخرج ابن أبي داود وابن مردويه عن مجاهد قال : قال عمر " يا رسول الله صلينا
خلف المقام فأنزل الله واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى فكان المقام عند البيت فحوله
رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى موضعه هذا
قال مجاهد : وقد كان عمر يرى الرأي فينزل به القرآن "
وأخرج ابن مردويه من طريق عمر بن ميمون عن عمر " أنه مر بمقام إبراهيم فقال :
يا رسول الله أليس نقوم مقام إبراهيم خليل ربنا ؟ قال : بلى
قال : أفلا
(1/290)
نتخذه
مصلى ؟ فلم يلبث إلا يسيرا حتى نزلت واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى "
وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده والدارقطني في الأفراد عن أبي ميسرة قال : قال عمر
" يا رسول الله هذا مقام خليل ربنا أفلا نتخذه مصلى ؟ فنزلت واتخذوا من مقام
إبراهيم مصلى
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أما مقام إبراهيم الذي ذكر ههنا فمقام
إبراهيم هذا الذي في المسجد ومقام إبراهيم بعد كثير مقام إبراهيم الحج كله
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : مقام إبراهيم الحرم كله
واخرج ابن سعد وابن المنذر عن عائشة قالت : ألقي المقام من السماء
وأخرج ابن أبي حاتم والأزرقي عن ابن عمر قال : إن المقام ياقوتة من ياقوت الجنة
محي نوره ولولا ذلك لأضاء ما بين السماء والأرض والركن مثل ذلك
وأخرج الترمذي وابن حبان والحاكم والبيهقي في الدلائل عن ابن عمرو قال : قال رسول
الله " الركن والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة طمس الله نورهما ولولا ذلك
لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب "
وأخرج الحاكم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " الركن
والمقام ياقوتتان من يواقيت الجنة "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن ابي حاتم عن سعيد بن جبير قال : الحجر مقام
إبراهيم لينه الله فجعله رحمة وكان يقوم عليه ويناوله اسماعيل الحجارة
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إن الركن والمقام من ياقوت الجنة ولولا ما مسهما من خطايا بني آدم لأضاءا
ما بين المشرق والمغرب ومل مسهما من ذي عاهة ولا سقيم إلا شفي "
وأخرج البيهقي عن ابن عمر رفعه ولولا ما مسه من أنجاس الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا
شفي وما على وجه الأرض شيء من الجنة غيره
وأخرج الجندي في فضائل مكة عن سعيد بن المسيب قال : الركن والمقام حجران من حجارة
الجنة
وأخرج الأزرقي في تاريخ مكة والجندي عن مجاهد قال : يأتي الحجر والمقام يوم
القيامة كل واحد منهما مثل أحد لهما عينان وشفتان يناديان بأعلى أصواتهما يشهدان
لمن وافاهما بالوفاء
(1/291)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن ابن الزبير أنه رأى قوما يمسحون المقام فقال : لم تؤمروا بهذا
إنما أمرتم بالصلاة عنده
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والأزرقي عن قتادة واتخذوا من مقام
إبراهيم مصلى قال : إنما أمروا أن يصلوا عنده ولم يؤمروا بمسحه ولقد تكلفت هذه
الأمة شيئا ما تكلفته الأمم قبلها وقد ذكر لنا بعض من رأى أثر عقبه وأصابعه فما
زالت هذه الأمة تمسحه حتى اخلولق وانماح
وأخرج الأزرقي عن نوفل بن معاوية الديلمي قال " رأيت في المنام في عهد عبد
المطلب مثل المهاة " قال أبو محمد الخزاعي : المهاة خرزة بيضاء
وأخرج الأزرقي عن ابي سعيد الخدري قال : سألت عبد الله بن سلام عن الأثر الذي في
المقام فقال : كانت الحجارة على ما هي عليه اليوم إلا أن الله أراد أن يجعل المقام
آية من آياته فلما أمر إبراهيم عليه السلام أن يؤذن في الناس بالحج قام على المقام
وارتفع المقام حتى صار أطول الجبال وأشرف على ما تحته فقال : يا ايها الناس أجيبوا
ربكم فأجابه الناس فقالوا : لبيك اللهم لبيك فكان أثره فيه لما أراد الله فكان
ينظر عن يمينه وعن شماله أجيبوا ربكم فلما فرغ أمر بالمقام فوضعه قبله فكان يصلي
إليه مستقبل الباب فهو قبلته إلى ما شاء الله ثم كان إسماعيل بعد يصلي إليه إلى
باب الكعبة ثم كان رسول الله صلى الله عليه و سلم فأمر أن يصلي إلى بيت المقدس
فصلى إليه قبل أن يهاجر وبعدما هاجر ثم أحب الله أن يصرفه إلى قبلته التي رضي
لنفسه ولأنبيائه فصلى إلى الميزاب وهو بالمدينة ثم قدم مكة فكان يصلي إلى المقام
ما كان بمكة "
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن مجاهد في قوله واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى قال
: مدعى
وأخرج الأزرقي عن كثير بن ابي كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي عن أبيه عن جده
قال : كانت السيول تدخل المسجد الحرام من باب بني شيبة الكبير قبل أن يردم عمر
الردم الأعلى فكانت السيول ربما رفعت المقام عن موضعه وربما نحته إلى وجه الكعبة
حتى جاء سيل أم نهشل في خلافة عمر بن الخطاب فاحتمل المقام من موضعه هذا فذهب به
حتى وجد بأسفل مكة فأتي به فربط إلى أستار الكعبة وكتب في ذلك إلى عمر فأقبل فزعا
في شهر رمضان وقد عفى موضعه وعفاه
(1/292)
السيل
فدعا عمر بالناس فقال : أنشد الله عبدا علم في هذا المقام
فقال المطلب بن أبي وداعة : أنا يا أمير المؤمنين عندي ذلك قد كنت أخشى عليه هذا
فأخذت قدره من موضعه إلى الركن ومن موضعه إلى باب الحجر ومن موضعه إلى زمزم بمقاط
وهو عندي في البيت
فقال له عمر : فاجلس عندي وأرسل إليه
فجلس عنده وأرسل فأتي بها فمدها فوجدها مستوية إلى موضعه هذا فسأل الناس وشاورهم
فقالوا : نعم هذا موضعه
فلما استثبت ذلك عمر وحق عنده أمر به فأعلم ببناء ربضه تحت المقام ثم حوله فهو في
مكانه هذا إلى اليوم
وأخرج الأزرقي من طريق سفيان بن عينية عن حبيب بن الأشرس قال : كان سيل أم نهشل
قبل أن يعمل عمر الردم بأعلى مكة فاحتمل المقام من مكانه فلم يدر أين موضعه فلما
قدم عمر بن الخطاب سأل من يعلم موضعه ؟ فقال عبد المطلب بن أبي وداعة : أنا يا
أمير المؤمنين قد كنت قدرته وذرعته بمقاط وتخوفت عليه هذا من الحجر إليه ومن الركن
إليه ومن وجه الكعبة
فقال : ائت به
فجاء به فوضعه في موضعه هذا وعمل عمر الردم عند ذلك قال سفيان : فذلك الذي حدثنا
هشام ابن عروة عن ابيه أن المقام كان عند سقع البيت فأما موضعه الذي هو موضعه
فموضعه الآن وأما ما يقول الناس : أنه كان هنالك موضعه فلا
وأخرج الأزرقي عن ابن أبي مليكة قال : موضع المقام هذا هو الذي به اليوم هو موضعه
في الجاهلية وفي عهد النبي وأبي بكر وعمر إلا أن السيل ذهب به في خلافة عمر فجعل
في وجه الكعبة حتى قدم عمر فرده بمحضر الناس
وأخرج البيهقي في سننه عن عائشه
إن المقام كان في زمن رسول الله صلى الله عليه و سلم زمان أبي بكر ملتصقا بالبيت
ثم أخره عمر بن الخطاب
وأخرج ابن سعد عن مجاهد
قال عمر بن الخطاب : من له علم بموضع المقام حيث كان ؟ فقال أبو وداعة بن صبيرة
السهمي : عندي يا أمير المؤمنين قدرته إلى الباب وقدرته إلى ركن الحجر وقدرته إلى
الركن الأسود وقدرته إلى زمزم , فقال عمر : هاته
فأخذه عمر فرده إلى موضعه اليوم للمقدار الذي جاء به أبو وداعة
وأخرج الحميدي وابن النجار عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " من طاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين وشرب من ماء زمزم غفرت له
ذنوبه كلها بالغة ما بلغت "
(1/293)
وأخرج
الأزرقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" المرء يريد الطواف بالبيت أقبل يخوض الرحمة فإذا دخلته غمرته ثم لا يرفع
قدما ولا يضع قدما إلا كتب الله له بكل قدم خمسمائة حسنة وحط عنه خمسمائة سيئة
ورفعت له خمسمائة درجة فإذا فرغ من طوافه فأتى مقام إبراهيم فصلى ركعتين دبر
المقام خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وكتب له أحر عتق عشر رقاب من ولد اسماعيل
واستقبله ملك على الركن فقال له : استأنف العمل فيما بقي فقد كفيت ما مضى وشفع في
سبعين من أهل بيته
وأخرج أبو داود عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما دخل مكة
طاف بالبيت وصلى ركعتين خلف المقام يعني يوم الفتح "
وأخرج البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن عبد الله بن أبي أوفى " أن
رسول الله صلى الله عليه و سلم اعتمر فطاف بالبيت وصلى خلف المقام ركعتين "
وأخرج الأزرقي عن طلق بن حبيب قال : كنا جلوسا مع عبد الله بن عمرو بن العاص في
الحجر إذ قلص الظل وقامت المجالس إذا نحن ببريق أيم طلع من هذا الباب - يعني من
باب بني شيبة والأيم الحية الذكر - فاشرأبت له أعين الناس فطاف بالبيت سبعا وصلى
ركعتين وراء المقام فقمنا إليه فقلنا : أيها المعتمر قد قضى الله نسكك وإن بأرضنا
عبيدا وسفهاء وإنما نخشى عليك منهم فكوم برأسه كومة بطحاء فوضع ذنبه عليها فسما
بالسماء حتى ما نراه
وأخرج الأزرقي عن أبي الطفيل قال : كانت امرأة من الجن في الجاهلية تسكن ذا طوى
وكان لها ابن ولم يكن لها ولد غيره فكانت تحبه حبا شديدا وكان شريفا في قومه فتزوج
وأتى زوجته فلما كان يوم سابعه قال لأمه : يا أماه إني أحب أن أطوف بالكعبة سبعا
نهارا
قالت له أمه : أي بني إني أخاف عليك سفهاء قريش فقال : أرجو السلامة
فأذنت له فولى في صورة جان فمضى نحو الطواف فطاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام
ركعتين ثم أقبل منقلبا فعرض له شاب من بني سهم فقتله فثارت بمكة غبرة حتى لم يبصر
لها الجبال
قال أبو الطفيل : بلغنا أنه إنما تثور تلك الغبرة عند موت عظيم من الجن
قال : فأصبح من بني سهم على فرشهم موتى كثير من قتل الجن فكان فيهم سبعون شيخا
أصلع سوى الشاب
وأخرج الأزرقي عن الحسن البصري قال : ما أعلم بلدا يصلى فيه حيث أمر
(1/294)
الله
عز و جل نبيه صلى الله عليه و سلم إلا بمكة
قال الله واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى قال : ويقال : يستجاب الدعاء بمكة في خمسة
عشر
عند الملتزم وتحت الميزاب وعند الركن اليماني وعلى الصفا وعلى المروة وبين الصفا
والمروة وبين الركن والمقام وفي جوف الكعبة وبمنى وبجمع وبعرفات وعند الجمرات
الثلاث
وأما قواه تعالى : وعهدنا إلى إبراهيم الآية أخرج ابن جرير عن عطاء وعهدنا إلى
إبراهيم قال : أمرناه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أن طهرا بيتي قال : من الأوثان
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد وسعيد بن جبير في قوله أن طهرا بيتي قالا : من
الأوثان والريب وقول الزور والرجس
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله أن طهرا بيتي قال : من عبادة
الأوثان والشرك وقول الزور
وفي قوله والركع السجود قال : هم من أهل الصلاة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إذا كان قائما فهو من الطائفبن وإذا كان
جالسا فهو من العاكفين وإذا كان مصليا فهو من الركع السجود
وأخرج عبد بن حميد عن سويد بن غفلة قال : من قعد في المسجد وهو طاهر فهو عاكف حتى
يخرج منه
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ثابت قال : قلت لعبد الله بن عبيد الله بن
عمير : ما أراني إلا مكلم الأمير أن أمنع الذين ينامون في المسجد الحرام فإنهم
يجنبون ويحدثون
قال : لا تفعل فإن ابن عمر سئل عنهم فقال : هم العاكفون
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابي بكر بن أبي موسى قال : سئل ابن عباس عن الطواف أفضل أم
الصلاة ؟ فقال : أما أهل مكة فالصلاة وأما أهل الأمصار فالطواف
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : الطواف للغرباء أحب إلي من الصلاة
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : الصلاة لأهل مكة أفضل والطواف لأهل العراق
(1/295)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن حجاج قال : سألت عطاء فقال : أما أنتم فالطواف وأما أهل مكة
فالصلاة
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : الطواف أفضل من عمرة بعد الحج
وفي لفظ طوافك بالبيت أحب إلي من الخروج إلى العمرة
قوله تعالى : وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات من
آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فامتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار
ولبئس المصير
أحمد ومسلم والنسائي وابن جرير عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " إن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابيتها فلا يصاد
صيدها ولا يقطع عضاهها "
وأخرج مسلم وابن جرير عن رافع بن خديج قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إن إبراهيم حرم مكة وإني أحرم ما بين لابتيها "
وأخرج أحمد عن ابي قتادة " إن رسول الله صلى الله عليه و سلم توضأ ثم صلى
بأرض سعد بأرض الحرة عند بيوت السقيا ثم قال : اللهم إن إبراهيم خليلك وعبدك ونبيك
دعاك لأهل مكة وأنا محمد عبدك ورسولك أدعوك لأهل المدينة مثل ما دعاك إبراهيم بمكة
أدعوك أن تبارك لهم في صاعهم ومدهم وثمارهم اللهم حبب إلينا المدينة كما حببت
إلينا مكة واجعل ما بها من وراء خم اللهم إني حرمت ما بين لا بتيها كما حرمت على
لسان إبراهيم الحرم "
وأخرج البخاري ومسلم عن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أشرف على
المدينة فقال : اللهم إني أحرم ما بين جبليها مثل ما أحرم به إبراهيم مكة اللهم
بارك لهم في مدهم وصاعهم "
وأخرج مسلم عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : اللهم إن
إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك وإني عبدك ونبيك وأنه دعاك لمكة وإني أدعوك للمدينة
بمثل ما دعاك به لمكة ومثله معه "
(1/296)
وأخرج
الطبراني في الأوسط عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك دعاك لأهل مكة بالبركة وأنا محمد عبدك ورسولك
وإني أدعوك لأهل المدينة أن تبارك لهم في صاعهم ومدهم مثل ما باركت لأهل مكة واجعل
مع البركة بركتين "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عبد الله بن زيد بن عاصم المازني عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال " إن إبراهيم حرم مكة ودعا لها وحرمت المدينة كما حرم إبراهيم
مكة ودعوت لها في مدها وصاعها مثل ما دعا إبراهيم مكة "
وأخرج البخاري والجندي في فضائل مكة عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : اللهم إن إبراهيم عبدك ونبيك دعاك لأهل مكة وأنا أدعوك لأهل المدينة بمثل ما
دعاك إبراهيم لأهل مكة "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
اللهم اجعل بالمدينة ضعفي ما بمكة من البركة "
وأخرج الأزرقي في تاريخ مكة والجندي عن محمد بن الأسود
أن إبراهيم عليه السلام هو أول من نصب أنصاب الحرم أشار له جبريل إلى مواضعها
وأخرج الجندي عن ابن عباس قال : إن في السماء لحرما على قدر حرم مكة
وأخرج الأزرقي والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة قالت : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " ستة لعنتهم وكل نبي مجاب
الزائد في كتاب الله والمكذب بقدر الله والمتسلط بالجبروت ليذل من أعز الله ويعز
من اذل الله والتارك لسنتي والمستحل من عترتي ما حرم الله عليه والمستحل لحرم الله
"
وأخرج البخاري تعليقا وابن ماجه عن صيفة بنت شيبة قالت : سمعت النبي صلى الله عليه
و سلم يخطب عام الفتح فقال : يا أيها الناس إن الله تعالى حرم مكة يوم خلق السموات
والأرض وهي حرام إلى يوم القيامة ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا يأخذ لقطتها
إلا منشد فقال العباس : إلا الاذخر فإنه للبيوت والقبور
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إلا الاذخر "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والأزرقي عن ابن
عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم فتح مكة " إنهذا البلد
حرمه الله يوم خلق السموات والأرض والشمس والقمر ووضع هذين الأخشبين فهو حرام
بحرمة
(1/297)
الله
إلى يوم القيامة وأنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولا يحل لأحد بعدي ولم يحل لي
إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يختلى خلاها ولا يعضد
شجرها ولا ينفر صيدها ولا يلتقط لقطتها إلا من عرفها
قال العباس إلا إلا ذخر فإنه لقينهم وبيوتهم
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إلا الأذخر "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة
قال " لما فتح الله مكة على رسوله مكة قام فيهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال
: إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليه رسوله والمؤمنين وإنما أحلت لي ساعة من
النهار ثم هي حرام إلى يوم القيامة لا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا تحل لقمتها
إلا لمنشد ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين أما أن يفدى وأما أن يقتل
فقام رجل من أهل اليمن يقال له أبو شاه فقال له : يا رسول الله اكتب لي
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اكتبوا لأبي شاه
فقال العباس : يا رسول الله إلا الاذخر فإنه لقبورنا وبيوتا : فقال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : إلا الاذخر "
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " مكة
حرم حرمها الله لا يحل بيع رباعها ولا إجارة بيوتها "
وأخرج الأزرقي في تاريخ مكة عن الزهري في قوله رب اجعل هذا البلد آمنا قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن الناس لم يحرموا مكة ولكن الله حرمها فهي
حرام إلى يوم القيامة وإن من أعتى الناس على الله رجل قتل في الحرم ورجل قتل غير
قاتله ورجل أخذ بذحول الجاهلية "
وأخرج الأزرقي عن قتادة قال : ذكر لنا أن الحرم حرم بحياله إلى العرش
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : إن هذا الحرم حرم مناه من السموات السبع والأرضين
السبع وإن هذا رابع أربعة عشر بيتا في كل سماء بيت وفي كل أرض بيت ولو وقعن وقعن
بعضهن على بعض
وأخرج الأزرقي عن الحسن قال : البيت بحذاء البيت المعمور وما بينهما بحذائه إلى
السماء السابعة وما أسفل منه بحذائه إلى الأرض السابعة حرام كله
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : البيت المعمور الذي
في السماء يقال له الصراخ وهو على بناء الكعبة يعمره كل يوم سبعون ألف ملك لم تزره
قط وأن للسماء السابعة لحرما على منى حرم مكة
(1/298)
وأخرج
ابن سعد والأزرقي عن ابن عباس قال : أول من نصب أنصاب الحرم إبراهيم عليه السلام
يريه ذلك جبريل عليه السلام فلما كان يوم الفتح بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم
تميم بن أسد الخزاعي فجدد ما رث منها
وأخرج الأزرقي عن حسين بن القاسم قال : سمعت بعض أهل العلم يقول : إنه لما خاف آدم
على نفسه من الشيطان استعاذ بالله فأرسل الله ملائكته حفوا بمكة من كل جانب ووقفوا
حواليها قال : فحرم الله الحرم من حيث كانت الملائكة وقفت
قال : ولما قال إبراهيم عليه السلام : ربنا أرنا مناسكنا نزل إليه جبريل فذهب به
فأراه المناسك ووقفه على حدود الحرم فكان إبراهيم يرضم الحجارة وينصب الأعلام
ويحثي عليها التراب فكان جبريل يقفه على الحدود
قال : وسمعت أن غنم اسماعيل كانت ترعى في الحرم ولا تجاوزه ولا تخرج فإذا بلغت
منتهاه من ناحية رجعت صابة في الحرم
وأخرج الأزرقي عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال " إن إبراهيم عليه
السلام نصب أنصاب الحرم يريه جبريل عليه السلام ثم لم تحرك حتى كان قصي فجددها ثم
لم تحرك حتى كان رسول الله صلى الله عليه و سلم فبعث عام الفتح تميم بن أسد
الخزاعي فجددها "
وأخرج البزار والطبراني عن محمد بن الأسود بن خلف عن أبيه " أن النبي صلى
الله عليه و سلم أمره أن يجدد أنصاب الحرم
"
وأخرج الأزرقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : أيها الناس إن هذا البيت
لاق ربه فسائله عنكم ألا فانظروا فيما هو سائلكم عنه من أمره ألا واذكروا الله إذ
كان أحدكم ساكنه لا تسفكون فيه دماء ولا تمشون فيه بالنميمة "
وأخرج البزار عن عبد الله بن عمرو " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مر
بنفر من قريش وهم جلوس بفناء الكعبة فقال : انظروا ما تعملون فيها فإنها مسئولة
عنكم فتخبر عن أعمالكم واذكروا إذ ساكنها من لا يأكل الربا ولا يمشي بالنميمة
"
وأخرج الأزرقي عن أبي نجيح قال : لم يكن كبار الحيتان تأكل صغارها في الحرم زمن
الغرق
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي عن جويرية بن أسماء عن عمه قال : حججت مع قوم
فنزلنا منزلا ومعنا امرأة فانتبهت وحية عليها لا تضرها شيئا حتى
(1/299)
دخلنا
أنصاب الحرم فانسابت فدخلنا مكة فقضينا نسكنا وانصرفنا حتى إذا كنا بالمكان الذي
تطوقت عليها فيه الحية وهو المنزل الذي نزلنا فنامت فاستيقظت والحية منطوية عليها
ثم صفرت الحية فإذا بالوادي يسيل علينا حيات فنهشنها حتى بقيت عظاما فقلت لجارية
كانت معها : ويحك أخبرينا عن هذه المرأة ؟ ! قال : بغت ثلاث مرات كل مرة تلد ولدا
فإذا وضعته سجرت التنور ثم ألقته فيه
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : من أخرج مسلما من ظله في حرم الله من غير ضرورة
أخرجه الله من ظل عرشه يوم القيامة
وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي عن عبد الله بن الزبير قال : إن كانت الأمة من بني
إسرائيل لتقدم مكة فإذا بلغت ذا طوى خلعت نعليها تعظيما للحرم
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال : كان يحج من بني إسرائيل مائة ألف فإذا
بلغوا أنصاب الحرم خلعوا نعالهم ثم دخلوا الحرم حفاة
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : كانت الأنبياء إذا أتت علم الحرم نزعوا نعالهم
وأخرج الأزرقي وابن عساكر عن ابن عباس قال : حج الحواريون فلما دخلوا الحرم مشوا
تعظيما للحرم
وأخرج الأزرقي عن عبد الرحمن بن سابط قال " لما أراد رسول الله صلى الله عليه
و سلم أن ينطلق إلى المدينة استلم الحجر وقام وسط المسجد والتفت إلى البيت فقال :
إني لأعلم ما وضع الله في الأرض بيتا أحب إليه منك وما في الأرض بلد أحب إليه منك
وما خرجت عنك رغبة ولكن الذين كفروا هم أخرجوني "
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لما خرج من
مكة " أما والله إني لأخرج وإني لأعلم أنك أحب البلاد إلى الله وأكرمها على
الله ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت "
وأخرج الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم لمكة " ما أطيبك وأحبك إلي ولولا أن قومك أخرجوني ما
سكنت غيرك "
وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه والأزرقي والجندي عن عبد
الله بن عدي بن الحمراء قال " رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو على
ناقته واقف بالحزورة يقول لمكة : والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله
(1/300)
ولولا
أخرجت ما خرجت "
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : كان بمكة حي يقال لهم العماليق فكلنوا في عز
وثروة وكثرة فكانت أموالهم كثيرة من خيل وإبل وماشية فكانت ترعى مكة وما حواليها
من مر ونعمان وما حول ذلك فكانت الحرف عليهم مظلة والأربعة مغدقة والأودية بحال
والغضاه ملتفه والأرض مبقلة فكانوا في عيش رخى فلم يزل بهم البغي والإسراف على
أنفسهم بالظلم والجهار بالمعاصي والاضطهاد لمن قاربهم حتى سلبهم الله ذلك فنقصهم بحبس
المطر وتسليط الجدب عليهم وكانوا يكرون بمكة الظل ويبيعون الماء فأخرجهم الله من
مكة بالذي سلطه عليهم حتى خرجوا من الحرم فكانوا حوله ثم ساقهم الله بالجدب يضع
الغيث أمامهم ويسوقهم بالجدب حتى ألحقهم بمساقط رؤوس آبائهم وكانوا قوما غرباء من
حمير فلما دخلوا بلاد اليمن تفرقوا وهلكوا فأبدل الله الحرم بعدهم جرهم فكانوا
سكانه حتى بغوا فيه واستخفوا بحقه فأهلكهم الله جميعا
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سابط قال : كان إذا كان الموسم بالجاهلية خرجوا فلم يبق
أحد بمكة وأنه تخلف رجل سارق فعمد إلى قطعة من ذهب ثم دخل ليأخذ أيضا فلما أدخل
رأسه سرة البيت فوجدوا رأسه في البيت واسته خارجه فألقوه للكلاب واصلحوا البيت
وأخرج الأزرقي والطبراني عن حويطب بن عبد العزى قال : كنا جلوسا بفناء الكعبة في
الجاهلية فجاءت امرأة إلى البيت تعوذ به من زوجها فجاء زوجها فمد يده إليها فيبست
يده فلقد رأيته في الإسلام وإنه لأشل
وأخرج الأزرقي عن ابن جريج قال : الحطيم ما بين الركن والمقام وزمزم والحجر وكان
أساف ونائلة رجلا وامرأة دخلا الكعبة فقبلها فيها فمسخا حجرين فأخرجا من الكعبة
فنصب أحدهما في مكان زمزم ونصب الآخر في وجه الكعبة ليعتبر بهما الناس ويزدجروا عن
مثل ما ارتكبا فسمي هذا الموضع الحطيم لأن الناس كانوا يحطمون هنالك بالإيمان
ويستجاب فيه الدعاء على الظالم للمظلوم فقل من دعا هنالك على ظالم إلا هلك وقل من
حلف هنالك آثما إلا عجلت عليه العقوبة وكان ذلك يحجز بين الناس عن الظلم ويتهيب
الناس الإيمان هنالك فلم يزل ذلك كذلك حتى جاؤ الله بالإسلام فأخر الله ذلك لما
أراد إلى يوم القيامة
(1/301)
وأخرج
الأزرقي عن أيوب بن موسى
أن امرأة كانت في الجاهلية معها ابن عم لها صغير تسب عليه فقالت له : يا بني إني
أغيب عنك وإني أخاف عليك أن ظلمك ظالم فإن جاءك ظالم بعدي فإن لله بيتا لا يشبهه
شيء من البيوت ولا يقاربه مفاسد وعليه ثياب فإن ظلمك ظالم يوما فعذ به فإن له ربا
يسمعك
قال : فجاءه رجل فذهب به فاسترقه فلما رأى الغلام البيت عرف الصفة فنزل يشتد حتى
تعلق بالبيت وجاءه سيده فمد يده إليه ليأخذه فيبست يده فمد الأخرى فيبست فاستفتى
في الجاهلية فافتي ينحر عن كل واحدة من يديه بدنة ففعل فانطلقت له يداه وترك
الغلام وخلى سبيله
وأخرج الأزرقي عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث قال : غدا رجل من بني كنانة من
هذيل في الجاهلية على ابن عم له يظلمه واضطهده فناشده بالله والرحم فابى إلا ظلمه
فلحق بالحرم فقال : اللهم إني أدعوك دعاء جاهد مضطر على فلان ابن عمي لترمينه بداء
لا دواء له
قال : ثم انصرف فوجد ابن عمه قد رمي في بطنه فصار مثل الزق فمازالت تنتفخ حتى اشتق
قال عبد المطلب : فحدثت هذا الحديث ابن عباس فقال : رأيت رجلا دعا على ابن عم له
بالعمى فرأيته يقاد أعمى
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب أنه قال : يا أهل
مكة اتقوا الله في حرمكم هذا أتدرون من كان ساكن حرمكم هذا من قبلكم ؟ كان فيه بنو
فلان فأحلوا حرمته فهلكوا وبنو فلان فأحلوا حرمته فهلكوا حتى عد ما شاء ثم قال :
والله لأن أعمل عشر خطايا بغيره أحب إلي من أن أعمل واحدة بمكة
(1/302)
وأخرج
الجندي عن طاوس قال : إن أهل الجاهلية لم يكونوا يصيبون في الحرم شيئا إلا عجل لهم
ويوشك أن يرجع الأمر إلى ذلك
وأخرج الأزرقي والجندي وابن خزيمة عن عمر بن الخطاب أنه قال لقريش : إنه كان ولاة
هذا البيت قبلكم طسم فاستخفوا بحقه واستحلوا حرمته فأهلكهم الله ثم ولى بعدهم جرهم
فاستخفوا بحقه واستحلوا حرمته فأهلكهم الله فلا تهاونوا به وعظموا حرمته
وأخرج الأزرقي والجندي عن عمر بن الخطاب قال : لأن أخطىء سبعين خطيئة مزكية أحب
إلي من أن أخطىء خطيئة واحدة بمكة
وأخرج الجندي عن مجاهد قال : تضعف بمكة السيئات كما تضعف الحسنات
وأخرج الأزرقي عن ابن جريج قال : بلغني أن الخطيئة بمكة مائة خطيئة والحسنة على
نحو ذلك
وأخرج أبو بكر الواسطي في فضائل بيت المقدس عن عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال " إن مكة بلد عظمه الله وعظم حرمته خلق مكة وحفها بالملائكة قبل أن يخلق
شيئا من الأرض يومئذ كلها بألف عام ووصل المدينة ببيت المقدس ثم خلق الأرض كلها
بعد ألف عام خلقا واحدا "
أما قوله تعالى : وارزق أهله من الثمرات أخرج الأرزرقي عن محمد بن المنكدر عن
النبي صلى الله عليه و سلم " لما وضع الله الحرم نقل له الطائف من فلسطين
"
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن محمد بن مسلم الطائفي قال : بلغني أنه لما دعا
إبراهيم للحرم وارزق أهله من الثمرات نقل الله الطائف من فلسطين
وأخرج الن أبي حاتم والأزرقي عن الزهري قال : إن الله نقل قرية من قرى الشام
فوضعها بالطائف لدعوة إبراهيم عليه السلام
وأخرج الأزرقي عن سعيد بن المسيب بن يسار قال : سمعت بعض ولد نافع بن جبير بن مطعم
وغيره
يذكرون أنهم سمعوا : أنه لما دعا إبراهيم بمكة أن يرزق أهله من الثمرات نقل الله
أرض الطائف من الشام فوضعها هنالك رزقا للحرم
وأخرج الأزرقي عن محمد بن كعب القرظي قال : دعا إبراهيم للمؤمنين وترك الكفرا لم
يدع لهم بشيء فقال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير
وأخرج سفيان بن عينية عن مجاهد في قوله وارزق أهله من الثمرات من آمن قال : استرزق
إبراهيم لمن آمن بالله وباليوم الآخر قال الله : ومن كفر فأنا أرزقه
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس في قوله من آمن منهم بالله
قال : كان إبراهيم احتجرها على المؤمنين دون الناس فأنزل في قوله ومن كفر أيضا
فأنا أرزقهم كما أرزق المؤمنين أخلق خلقا لأرزقهم أمتعهم قليلا ثم أضطرهم إلى عذاب
النار ثم قرأ ابن عباس كلا نمد هؤلاء الإسراء الآية 20 الآية
(1/303)
وأخرج
ابن جرير وابن ابي حاتم عن أبي العالية قال أبي بن كعب في قوله ومن كفر : إن هذا
من قول الرب قال ومن كفر فأمتعه قليلا وقال ابن عباس : هذا من قول إبراهيم يسأل
ربه إن من كفر فأمتعه قليلا
قلت : كان ابن عباس يقرأ فامتعه بلفظ الأمر فلذلك قال هو من قول إبراهيم
قوله تعالى : وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت واسماعيل ربنا تقبل منا إنك أنت
السميع العليم
ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : القواعد اساس البيت
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن أبي حاتم والجندي وابن مردويه
والحاكم والبيهقي في الدلائل عن سعيد بن جبير أنه قال : سلوني يا معشر الشباب فإني
قد أوشكت أن أذهب من بين أظهركم فأكثر الناس مسألته فقال له رجل : أصلحك الله
أرأيت المقام أهو كما نتحدث ؟ قال : وماذا كنت تتحدث ؟ قال : كنا نقول أن غبراهيم
حين جاء عرضت عليه امرأة اسماعيل النزول فأبى أن ينزل فجاءت بهذا الحجر فقال : ليس
كذلك فقال سعيد بن جبير : قال ابن عباس : إن أول من اتخذ المناطق من النساء أم
اسماعيل اتخذت منطقا لتعفي أثرها على سارة ثم جاء بها إبراهيم وبابنها اسماعيل وهي
ترضعه حتى وضعهما عند البيت عند دوحة فوق زمزم في أعلى المسجد وليس بمكة يومئذ أحد
وليس بها ماء فوضعهما هنالك ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاء فيه ماء ثم قفى
إبراهيم منطلقا فتبعته أم اسماعيل فقالت : يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا
الوادي الذي ليس فيه أنس ولا شيء ؟ قالت له ذلك مرارا وجعل لا يلتفت إليهما
قالت له : آلله أمرك بهذا ؟ قال : نعم
قالت : إذا لا يضيعنا ثم رجعت
فانطلق إبراهيم حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت ثم دعا
بهؤلاء الدعوات ورفع يديه قال ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير ذي زرع عند بيتك
المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات
لعلهم يشكرون إبراهيم الآية 37 وجعلت أم اسماعيل ترضع اسماعيل وتشرب من ذلك الماء
حتى إذا نفذ ما في السقاء
(1/304)
عطشت
وعطش ابنها وجعلت تنظر إليه يتلوى أو قال : يتلبط
فانطلقت كراهية أن تنظر إليه فوجدت الصفا أقرب جبل في الأرض يليها فقامت عليه ثم
استقبلت الوادي تنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا فهبطت من الصفا حتى إذا بلغت الوادي
رفعت طرف درعها ثم سعت سعي الإنسان المجهود حتى جاوزت الوادي ثم أتت المروة فقامت
عليها ونظرت هل ترى أحدا ففعلت ذلك سبع مرات
قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه و سلم " فلذلك سعى الناس بينهما
"
فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا فقالت : صه تريد نفسها ثم تسمعت فسمعت صوتا أيضا
فقالت : قد اسمعت إن كان عندك غواث - فإذا هي بالملك موضع زمزم فنجت بعقبه - أو
قال بجناحه - حتى ظهر الماء فجعلت تخوضه بيدها وتغرف من الماء في سقائها وهي تفور
بعدما تغرف
قال ابن عباس : قال النبي صلى الله عليه و سلم " يرحم الله أم اسماعيل لو
تركت زمزم - أو قال - لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا فشربت وأرضعت
ولدها "
فقال لها الملك : لاتخافي الضيعة فإن ههنا بيتا لله عز و جل يبنيه هذا الغلام
وأبوه وإن الله لا يضيع أهله وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية تأتيه السيول
فتأخذ عن يمينه وعن شماله فكانت كذلك حتى مرت بهم رفقة من جرهم أو أهل بيت من جرهم
مقبلين من طريق كذا فنزلوا في أسفل مكة فرأوا طائرا عائفا فقالوا : إن هذا الطائر
ليدور على الماء لعهدنا بهذا الوادي وما فيه ماء
! فأرسلوا جريا أو جريين فإذا هم بالماء فرجعوا فأخبروهم بالماء فأقبلوا قال : وأم
اسماعيل عند الماء فقالوا به : أتأذنين لنا أن ننزل عندك ؟ قالت : نعم ولكن لا حق
لكم في الماء قالوا : نعم
قال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه و سلم " فألفى ذلك أم اسماعيل وهي تحب
الأنس "
فنزلوا وأرسلوا إلى أهليهم فنزلوا معه حتى إذا كان بها أهل أبيات منهم وشب الغلام
وتعلم العربية منهم وأنفسهم وأعجبهم حين شب فلما أدرك زوجوه امرأة منهم وماتت أم
اسماعيل فجاء إبراهيم بعدما تزوج اسماعيل يطالع تركته فلم يجد اسماعيل فسأل زوجته
عنه
! فقالت : خرج يبتغي لنا
ثم سألها عن عيشهم وهيئتهم ؟ فقالت : نحن بشر في ضيق وشدة وشكت إليه قال : إذا جاء
زوجك فاقرئي عليه السلام وقولي له يغير عتبة بابه
(1/305)
فلما
جاء اسماعيل كأنه آنس شيئا فقال : هل جاءكم من أحد ؟ قالت : نعم
جاءنا شيخ كذا وكذا فسألني عنك فأخبرته وسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته إنا في جهد
وشدة
قال : فهل أوصاك بشيء ؟ قالت : نعم أمرني أن أقرىء عليك السلام ويقول : غير عتبة بابك
قال : ذاك أبي وأمرني أن أفارقك فالحقي بأهلك فطلقها وتزوج منهم أخرى فلبث عنهم
إبراهيم ما شاء الله ثم أتاهم بعد ذلك فلم يجده ؟ فدخل على امرأته فسألها عنه
فقالت : خرج يبتغي لنا
قال : كيف أنتم ؟ وسألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت : نحن بخير وسعة وأثنت على الله
فقال : ما طعامكم ؟ قالت : اللحم
قال : فما شرابكم فقالت : الماء
فقال : اللهم بارك لهم في اللحم والماء
قال النبي صلى الله عليه و سلم " ولم يكن لهم يومئذ حب ولو كان لهم حب لدعا
لهم فيه
قال : فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه " قال : فإذا جاء
زوجك فاقرئي عليه السلام ومريه يثبت عتبة بابه
فلما جاء اسماعيل قال : هل أتاكم من أحد ؟ قالت : نعم أتانا شيخ حسن الهيئة وأثنت
عليه فسألني عنك فأخبرته وسألني كيف عيشنا ؟ فأخبرته إنا بخير
قال : أما أوصاك بشيء ؟ قالت : نعم وهو يقرأ السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك قال
: ذاك ابي وأنت العتبة فأمرني أن أمسكك
ثم لبث عنهم ما شاء الله ثم جاء بعد ذلك واسماعيل يبري نبلا تحت دوحة قريبا من
زمزم فما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الولد بالوالد والوالد بالولد ثم قال : يا
اسماعيل إن الله أمرني بأمر
قال : فاصنع ما أمرك
قال : وتعينني
؟ قال : وأعينك
قال : فإن الله أمرني أن أبني ههنا بيتا وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها قال :
فعند ذلك رفع القواعد من البيت فجعل اسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني حتى إذا
ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه وهو يبني واسماعيل يناوله الحجارة
وهما يقولان : ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم
قال معمر : وسمعت رجلا يقول : كان إبراهيم يأتيهم على البراق قال معمر : وسمعت
رجلا يذكر أنهما حين التقيا بكيا حتى أجابتهما الطير
وأخرج ابن سعد في الطبقات عن أبي جهم بن حذيفة بن غانم قال : أوحى الله عز و جل
إلى إبراهيم يأمره بالمسير إلى بلده الحرام فركب إبراهيم البراق وجعل اسماعيل
أمامه وهو ابن ستين وهاجر خلفه ومعه جبريل عليه السلام يدله على موضع
(1/306)
البيت
حتى قدم به مكة فأنزل اسماعيل وأمه إلى جانب البيت ثم انصرف إبراهيم إلى الشام ثم
أوحى الله إلى إبراهيم أن يبني البيت وهو يومئذ ابن مائة سنة واسماعيل يومئذ ابن
ثلاثين فبناه معه وتوفي اسماعيل بعد أبيه فدفن داخل الحجر مما يلي الكعبة مع أمه
هاجر وولي ثابت بن اسماعيل البيت بعد أبيه مع أخواله جرهم
وأخرج الديلمي عن علي عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله وإذ يرفع إبراهيم
القواعد من البيت
الآية
قال " جاءت سحابة على تربيع البيت لها رأس تتكلم ارتفاع البيت على تربيعي
فرفعاه على تربيعها "
وأخرج ابن أبي شيبة وايحق بن راهويه في مسنده وعبد بن حميد والحرث بن أبي أسامة
وابن جرير وابن أبي حاتم والأزرقي والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل من طريق خالد
بن عرعرة عن علي بن أبي طالب
أن رجلا قال له : ألا تخبرني عن البيت أهو أول بيت وضع في الأرض ؟ قال : لا ولكنه
أول بيت وضع للناس فيه البركة والهدى ومقلم إبراهيم ومن دخله كان آمنا ثم حدث أن
إبراهيم لما أمر ببناء البيت ضاق به ذرعا فلم يدر كيف يبنيه فأرسل الله إليه
السكينة - وهي ريح خجوج ولها رأسان - فتطوقت له على موضع البيت وأمر إبراهيم أن
يبني حيث تستقر السكينة فبنى إبراهيم فلما بلغ موضع الحجر قال لاسماعيل : اذهب
فالتمس لي حجرا أضعه ههنا
فذهب اسماعيل يطوف في الجبال فنزل جبريل بالحجر فوضعه فجاء اسماعيل فقال : من أين
هذا الحجر ؟ ! قال : جاء به من لم يتكل على بنائي ولا بنائك فلبث ما شاء الله أن
يلبث ثم انهدم فبنته العمالقة ثم انهدم فبنته جرهم ثم انهدم فبنته قريش فلما
أرادوا أن يضعوا الحجر تشاحنوا في وضعه فقالوا : أول من يخرج من هذا الباب فهو
يضعه فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم من قبل باب بني شيبة فأمر بثوب فبسط فأخذ
الحجر فوضعه في وسطه وأمر من كل فخذ من أفخاذ قريش رجلا يأخذ بناية الثوب فرفعوه
فأخذه رسول الله صلى الله عليه و سلم بيده فوضعه في موضعه
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والأزرقي والحاكم من
طريق سعيد بن المسيب عن علي قال : أقبل إبراهيم على أرمينية ومعه السكينة تدله على
موضع البيت كما تبني العنكبوت بيتها فحفر من تحت السكينة فأبدى عن قواعد البيت ما
يحرك القاعدة منها دون ثلاثين رجلا
قلت : يا أبا محمد فإن الله يقول وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت قال : كان ذلك
بعد
(1/307)
وأخرج
عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس
في وقله يرفع إبراهيم القواعد قال : القواعد التي كانت قواعد البيت قبل ذلك
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر والجندي عن عطاء قال : قال آدم : أي رب ما
لي لا أسمع أصوات الملائكة ؟ قال : لخطيئتك ولكن اهبط إلى الأرض فابن لي بيتا ثن
احفف به كما رأيت الملائكة تحف ببيتي الذي في السماء فزعم الناس أنه بناه من خمسة
جبال
من حراء ولبنان وطورزيتا وطورسينا والجودي فكان هذا بناء آدم حتى بناه إبراهيم
بعده
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لما
أهبط الله آدم من الجنة قال : إني مهبط معك بيتا يطاف حوله كما يكاف حول عرشي
ويصلى عنده كما يصلى عند عرشي فلما كان زمن الطوفان رفعه الله إليه فكانت الأنبياء
يحجونه ولا يعلمون مكانه حتى بوأه الله بعد لإبراهيم وأعلمه مكانه فبناه من خمسة
جبال : حراء ولبنان وثيبر وجبل الطور وجبل الحمر وهو جبل ببيت المقدس
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال : وضع البيت على أركان الماء
على أربعة قبل أن تخلق الدنيا بألفي عام ثم دحيت الأرض من تحت البيت
وأخرج عبد الرزاق والأزرقي في تاريخ مكة والجندي عن مجاهد قال : خلق الله موضع
البيت الحرام من قبل أن يخلق شيئا من الأرض بألفي سنة وأركانه في الأرض السابعة
وأخرج ابن أبي حاتم عن علياء بن أحمر أن ذا القرنين قدم مكة فوجد إبراهيم واسماعيل
يبنيان قواعد البيت من خمسة جبال فقال : ما لكما ولأرضي ؟ ! فقالا : نحن عبدان
مأموران أمرنا ببناء هذه الكعبة
قال : فهاتا بالبينة على ما تدعيان
فقام خمسة أكباش فقلن : نحن نشهد أن اسماعيل وابراهيم عبدان مأموران أمرا ببناء
هذه الكعبة فقال : قد رضيت وسلمت ثم مضى
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن الحرم حرم بحياله إلى العرش وذكر لنا أن
البيت هبط مع آدم حين هبط قال الله له : اهبط معك بيتي يطاف
(1/308)
حوله
كما يطاف حول عرشي فطاف آدم حوله ومن كان بعده من المؤمنين حتى إذا كان زمن
الطوفان حين أغرق الله قوم نوح رفعه وطهره فلم تصبه عقوبة أهل الأرض فتتبع منه آدم
أثرا فبناه على أساس قديم كان قبله
وأخرج ابن عساكر عن مجاهد قال : بني البيت من أربعة جبال
من حراء وطورزيتا وطورسينا ولبنان
وأخرج البيهقي في الدلائل عن السدي قال : خرج آدم من الجنة ومعه حجر في يده وورق
في الكف الآخر فبث الورق في الهند فمنه ما ترون من الطيب وأما الحجر فكان ياقوتة
بيضاء يستضاء بها فلما بنى إبراهيم البيت فبلغ موضع الحجر قال لاسماعيل : ائتني
بحجر أضعه ههنا فأتاه بحجر من الجبل فقال : غير هذا
فرده مرارا لا يرضى ما ياتيه به فذهب مرة وجاء جبريل عليه السلام بحجر من الهند
الذي خرج به آدم من الجنة فوضعه فلما جاء اسماعيل قال : من جاءك بهذا ؟ ! قال : من
هو أنشط منك
وأخرج الثعلبي قال : سمعت أبا القاسم الحسن بن محمد بن حبيب يقول : سمعت أبا بكر
محمد بن محمد بن أحمد القطان البلخي وكان عالما بالقرآن يقول : كان إبراهيم عليه
السلام يتكلم بالسريانية واسماعيل عليه السلام يتكلم بالعربية وكل واحد منهما يعرف
ما يقول صاحبه ولا يمكنه التفوه به فكان إبراهيم يقول لاسماعيل : هل لي كثيبا -
يعني ناولني حجرا - ويقول له اسماعيل : هاك الحجر فخذه
قال : فبقي موضع حجر فذهب اسماعيل يبغيه فجاء جبريل عليه السلام بحجر من السماء
فأتى اسماعيل وقد ركب إبراهيم الحجر في موضعه فقال : يا أبت من أتاك بهذا ؟ ! قال
: أتاني من لم يتكل على بنائك فأتما البيت
فذلك قوله عز و جل وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت واسماعيل
وأخرج البيهقي عن ابن شهاب قال " لما بلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم
الحلم أجمرت امرأة الكعبة فطارت شرارة من مجمرتها في ثياب الكعبة فاحترقت فهدموها
حتى إذا بنوها فبلغوا موضع الركن اختصمت قريش في الركن أي القبائل تلي رفعه فقالوا
: تعالوا نحكم أول من يطلع علينا
فطلع رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو غلام عليه وشاح نمرة فحكموه فأمر بالركن
فوضع في ثوب ثم أخرج سيد كل قبيلة فأعطاه ناحية من الثوب ثم ارتقى هو فرفعوا إليه
الركن فكان هو يضعه ثم طفق لا يزداد على
(1/309)
الألسن
إلا رضى حتى دعوه الأمين قبل أن ينزل عليه الوحي فطفقوا لا ينحرون جزورا إلا
التمسوه فيدعو لهم فيها "
وأخرج أبو الوليد الأزرقي في تاريخ مكة عن سعيد بن المسيب قال : قال كعب الأحبار :
كانت الكعبة غثاء على الماء قبل أن يخلق الله السموات والأرض بأربعين سنة ومنها
دحيت الأرض
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : خلق الله هذا البيت قبل أن يخلق شيئا من الأرضين
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : لما كان العرش على الماء قبل أن يخلق الله
السموات والأرض بعث الله تعالى ريحا هفافة فصفقت الريح الماء فأبرزت عن حشفة في
موضع البيت كأنها قبة فدحا الله تعالى الأرض من تحتها - فمادت ثم مادت فأوتدها
الله بالجبال فكان أول جبل وضع فيه أبو قبيس فلذلك سميت أم القرى
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : كان البيت على أربعة أركان في الماء قبل أن
يخلق السموات والأرض فدحيت الأرض من تحته
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : دحيت الأرض من تحت الكعبة
وأخرج الأزرقي عن علي بن الحسين
أن رجلا سأله ما بدء هذا الطواف بهذا البيت ؟ لم كان وأنى كان وحيث كان فقال : أما
بدء هذا الطواف بهذا البيت فإن الله تعالى قال للملائكة إني جاهل في الأرض خليفة
البقرة الآية 30 فقالت : رب أي خليفة من غيرنا ممن يفسد فيها ويسفك الدماء
ويتحاسدون ويتباغضون ؟ ! أي رب اجعل ذلك الخليفه منا فنحن لا نفسد فيها ولا نسفك
الدماء ولا نتباغض ولا نتحاسد ولا نتباغى ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ونطيعك ولا
نعصيك
قال الله تعالى إني أعلم ما لا تعلمون البقرة الآية 30 قال : فظننت الملائكة أن ما
قالوا رد على ربهم عز و جل وأنه قد غضب عليهم من قولهم فلاذوا بالعرش ورفعوا
رؤوسهم وأشاروا بالأصابع يتضرعون ويبكون إشفاقا لغضبه فطافوا بالعرش ثلاث ساعات
فنظر الله إليهم فنزلت الرحمة عليهم فوضع الله سبحانه تحت العرش بيتا على أربع
أساطين من زبرجد وغشاهن بياقوتة حمراء وسمى البيت الضراح ثم قال الله
(1/310)
للملائكة
: طوفوا بهذا البيت ودعو العرش فطافت الملائكة بالبيت وتركوا العرش فصار أهون
عليهم وهو البيت المعمور الذي ذكره الله يدخله كل يوم وليلة سبعون ألف ملك لا
يعودون فيه أبدا ثم إن الله تعالى بعث ملائكته فقال : ابنوا لي بيتا في الأرض
بمثاله وقدره فأمر الله سبحانه من في الأرض من خلقه أن يطوفوا بهذا البيت كما تطوف
أهل السماء بالبيت المعمور
وأخرج الأزرقي عن ليث بن معاذ قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " هذا
البيت خامس خمسة عشر بيتا سبعة منها في السماء وسبعة منها إلى تخوم الأرض السفلى
وأعلاها الذي يلي العرش البيت المعمور لكل بيت منها حرم كحرم هذا البيت لو سقط
منها بيت لسقط بعضها على بعض إلى تخوم الأرض السفلى ولكل بيت من أهل السماء ومن
أهل الأرض من يعمره كما يعمر هذا البيت "
وأخرج الأزرقي عن عمرو بن يسار المكي قال : بلغني أن الله إذا أراد أن يبعث ملكا
من الملائكة لبعض أموره في الأرض استأذنه ذلك الملك في الطواف ببيته فهبط الملك
مهلا
وأخرج ابن المنذر والأزرقي عن وهب بن منبه قال : لما تاب الله على آدم أمره أن
يسير إلى مكة فطوى له المفاوز والأرض فصار كل مفاوزة يمر بها خطوة وقبض له ما كان
فيها من مخاض أو بحر فجعله له خطوة فلم يضع قدمه في شيء من الأرض إلا صار عمرانا
وبركة حتى انتهى إلى مكة فكان قبل ذلك قد اشتد بكاؤه وحزنه لما كان به من عظم
المصيبة حتى أن كانت الملائكة لتبكي لبكائه وتحزن لحزنه فعزاه الله بخيمة من خيام
الجنة وضعها له بمكة في موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة
وتلك الخيمة ياقوتة حمراء من يواقيت الجنة فيها ثلاث قناديل من ذهب فيها نور يلتهب
من نور الجنة ونزل معها يومئذ الركن وهو يومئذ ياقوتة بيضاء من ربض الجنة وكان كرسيا
لآدم يجلس عليه فلما صار آدم بمكة حرسه الله وحرس له تلك الخيمة بالملائكة كانوا
يحرسونها ويذودون عنها سكان الأرض وساكنها يومئذ الجن والشياطين ولا ينبغي لهم أن
ينظروا إلى شيء من الجنة لأنه من نظر إلى شيء من الجنة وجبت له والأرض يومئذ طاهرة
نقية طيبة لم تنجس ولم يسفك فيها الدم ولم يعمل فيها بالخطايا فلذلك جعلها الله
مسكن الملائكة وجعلهم فيها كما كانوا في السماء يسبحون الليل والنهار لا يفترون
(1/311)
وكان
وقوفهم على أعلام الحرم صفا واحدا مستدبرين بالحرم كله من خلفهم والحرم كله أمامهم
ولا يجوزهم جني ولا شيطان من أجل مقام الملائكة حرم الحرم حتى اليوم ووضعت أعلامه
حيث كان مقام الملائكة وحرم الله على حواء دخول الحرم والنظر إلى خيمة آدم من أجل
خطيئتها التي أخطأت في الجنة فلم تنظر إلى شيء من ذلك حتى قبضت وإن آدم إذا أراد
لقاءها ليلة ليلم بها للولد خرج من الحرم كله حتى يلقاها فلم تزل خيمة آدم مكانها
حتى قبض الله آدم ورفعها إليه وبنى بنو آدم من بعدها مكانها بيتا بالطين والحجارة
فلم يزل معمورا يعمرونه ومن بعدهم حتى كان زمن نوح فنسفه الغرق وخفي مكانه فلما
بعث الله إبراهيم خليله طلب الأساس الأول الذي وضع بنو آدم في موضع الخيمة فلم يزل
يحفر حتى وصل إلى القواعد التي وضع بنو آدم في موضع الخيمة فلما وصل إليها ظلل
الله له مكان البيت بغمامة فكانت حفاف البيت الأول فلم تزل راكدة على حفافه تظل
إبراهيم وتهديه مكان القواعد حتى رفع القواعد قامة ثم انكشفت الغمامة فذلك قوله عز
وجا وإذ بؤانا لإبراهيم مكان البيت الحج الآية 26 للغمامة التي ركدت على الحفاف
لتهديه مكان القواعد فلم يزل يحمد الله مذ رفعه الله معمورا
قال وهب بن منبه : وقرأت في كتاب من كتب الأول ذكر فيه أمر الكعبة فوجد فيه أن ليس
من ملك بعثه الله إلى الأرض إلا أمره بزيارة البيت فينقض من عند العرش محرما ملبيا
حتى يستلم الحجر ثم يطوف سبعا بالبيت ويصلي في جوفه ركعتين ثم يصعد
وأخرج الجندي في فضائل مكة عن وهب بن منبه قال : ما بعث الله ملكا قط ولا سحابة
فيمر حيث بعث حتى يطوف بالبيت ثم يمضي حيث أمر
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" بعث الله جبريل إلى آدم وحواء فقال لهما : ابنيا بيتا
فخط لهما جبريل فجعل آدم يحفر وحواء تنقل حتى أجابه الماء نودي من تحته : حسبك يا
آدم
فلما بنياه أوحى الله إليه : أن يطوف به وقيل له : أنت أول الناس وهذا أول بيت ثم
تناسخت القرون حتى حجة نوح ثم تناسخت القرون حتى رفع إبراهيم القواعد منه "
(1/312)
وأخرج
ابن اسحاق والأزرقي والبيهقي في الدلائل عن عروة قال : ما من نبي إلا وقد حج البيت
إلا ما كان من هود وصالح ولقد حجه نوح فلما كان في الأرض ما كان من الغرق أصاب
البيت ما أصاب الأرض وكان البيت ربوة حمراء فبعث الله عز و جل هودا فتشاغل بأمر
قومه حتى قبضه الله إليه فلم يحجه حتى مات فلما بؤاه الله لإبراهيم عليه السلام
حجه ثم لم يبق نبي بعده إلا حجه
وأخرج أحمد في الزهد عن مجاهد قال : حج البيت سبعون نبيا منهم موسى ابن عمران عليه
عباءتان قطوانتيان ومنهم يونس يقول : لبيك كاشف الكرب
وأخرج الأزرقي وأبو الشيخ في العظمة وابن عساكر عن ابن عباس قال : لما أهبط الله
آدم إلى الأرض من الجنة كان رأسه في السماء ورجلاه في الأرض وهو مثل الفلك من
رعدته فطأطأ الله منه لإلى ستين ذراعا فقال : يا رب مالي لا أسمع أصوات الملائكة
ولا حسهم ؟ قال : خطيئتك يا آدم ولكن اذهب فابن لي بيتا فطف به واذكرني حوله كنحو
ما رأيت الملائكة تصنع حول عرشي فأقبل آدم يتخطى فطويت له الأرض وقبض الله له
المفاوز فصارت كل مفاوزة يمر بها خطوة وقبض الله ما كان فيها من مخاض أو بحر فجعله
له خطوة ولم يقع قدمه في شيء من الأرض إلا صار عمرانا وبركة حتى انتهى إلى مكة
فبنى البيت الحرام وأن جبريل عليه السلام ضرب بجناحه الأرض فأبرز عن أس ثابت على
الأرض السابعة فقذفت فيه الملائكة الصخر ما يطيق الصخرة منها ثلاثون رجلا وأنه
بناه من خمسة أجبل
من لبنان وطورزيتا وطورسينا والجودي وحراء حتى استوى على وجه الأرض فكان أول من
أسس البيت وصلى فيه وطاف آدم عليه السلام حتى بعث الله الطوفان فكان غضبا ورجسا
فحيثما انتهى الطوفان ذهب ريح آدم عليه السلام ولم يقرب الطوفان أرض السند والهند
فدرس موضعه الطوفان حتى بعث الله إبراهيم واسماعيل عليهما السلام فرفعا قواعده
وأعلامه ثم بنته قريش بعد ذلك وهو بحذاء البيت المعمور لو سقط ما سقط إلا عليه
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : لما أهبط آدم إلى الأرض أهبطه إلى موضع البيت
الحرام وهو مثل الفلك من رعدته ثم نزل عليه الحجر الأسود وهو يتلألأ من شدة بياضه
فأخذه آدم فضمه إليه آنسا به ثم نزل عليه القضاء فقيل له : تخط يا آدم فتخطى فإذا
هو بأرض الهند أو السند فمكث بذلك ما شاء الله
(1/313)
ثم
استوحش إلى الركن فقيل له : احجج
فحج فلقيته الملائكة فقالوا : بر حجك يا آدم ولقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام
وأخرج الأزرقي عن أبان
أن البيت أهبط باقوتة واحدة أو ذرة واحدة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان البيت من ياقوتة حمراء ويقولون : من
زمردة خضراء
وأخرج الأزرقي عن عطاء بن أبي رباح قال : لما بنى ابن الزبير الكعبة أمر العمال أن
يبلغوا في الأرض فبلغوا صخرا أمثال الإبل الخلف قال زيد : فاحفروا فلما زادوا
بلغوا هواء من نار فقال : مالكم ؟ ! قالوا : لسنا نستطيع أن نزيد رأينا أمرا عظيما
فقال لهم : ابنوا عليه
قال عطاء : يروون أن ذلك الصخر مما بنى آدم عليه السلام
وأخرج الأزرقي عن عبيد الله بن أبي زياد قال : لما أهبط الله آدم من الجنة قال :
يا آدم ابن لي بيتا بحذاء بيتي الذي في السماء تتعبد فيه أنت وولدك كما يتعبد
ملائكتي حول عرشي فهبطت عليه الملائكة فحفر حتى بلغ الأرض السابعة فقذف فيه
الملائكة الصخر حتى أشرف على وجه الأرض وهبط آدم بياقوتة حمراء مجوفة لها أربعة
أركان بيض فوضعها على الأساس فلم تزل الياقوتة كذلك حتى كان زمن الغرق فرفعها الله
وأخرج الأزرقي عن عثمان بن ساج قال : أخبرني سعيد أن آدم عليه السلام حج على رجليه
سبعين حجة ماشيا وأن الملائكة لقيته بالمأزمين فقالوا : بر حجك يا آدم أما إنا قد
حججنا قبلك بألفي عام
وأخرج الأزرقي عن مقاتل يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه و سلم
أن آدم عليه السلام قال : أي رب إني أعرف شقوتي لا أرى شيئا من نورك بعد فأنزل
الله عليه البيت الحرام على عرض البيت الذي في السماء وموضعه من ياقوت الجنة ولكن
طوله ما بين السماء والأرض وأمره أن يطوف به فاذهب عنه الهم الذي كان قبل ذلك ثم
رفع على عهد نوح عليه السلام
وأخرج الأزرقي من طريق ابن جريج عن مجاهد قال : بلغني أنه لما خلق الله السموات
والأرض كان أول شيء وضعه فيها البيت الحرام وهو يومئذ ياقوتة حمراء جوفاء لها
بابان أحدهما شرقي والأخر غربي فجعله مستقبل البيت المعمور فلما كان
(1/314)
قبلك
بألفي عام
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " والبيت يومئذ ياقوتة حمراء جوفاء لها
بابان من يطوف يرى من جوف البيت ومن في جوف البيت يرى من يطوف " فقضى آدم
نسكه فأوحى الله إليه : يا آدم قضيت نسكك ؟ قال : نعم يا رب قال : فسل حاجتك تعط
قال : حاجتي أن تغفر لي ذنبي وذنب ولدي
قال : أما ذنبك يا آدم فقد غفرناه حين وقعت بذنبك وأما ذنب ولدك فمن عرفني وآمن بي
وصدق رسلي وكتابي غفرنا له ذنبه
وأخرج ابن خزيمة وأبو الشيخ في العظمة والديلمي عن ابن عباس عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال " إن آدم أتى هذا البي ألف أتية لم يركب قط فيهن من الهند على
رجليه من ذلك ثلثمائة حجة وسبعمائة عمرة وأول حجة حجها آدم وهو واقف بعرفات أتاه
جبريل فقال : يا آدم بر نسكك أما إنا قد طفنا بهذا البيت قبل أن تخلق بخمسين ألف
سنة "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : أول من طاف بالبيت الملائكة وإن ما بين الحجر
إلى الركن اليماني لقبور من قبور الأنبياء كان النبي منهم عليهم السلام إذا آذاه
قومه خرج من بين أظهرهم فعبد الله فيها حتى يموت
وأخرج الأزرقي والبيهقي في شعب الإيمان عن وهب بن منبه " أن آدم لما أهبط إلى
الأرض استوحش فيها لما رأى من سعتها ولم يرى فيها أحد غيره فقال : يا رب أما لأرضك
هذه عامر يسبحك فيها ويقدس لك غيري ؟ ! قال الله : إني سأجعل فيها من ذريتك من
يسبح بحمدي ويقدس لي وسأجعل فيها بيوتا ترفع لذكري فيسبح فيها خلقي سأبوئك فيها
بيتا أختاره لنفسي وأخصه بكرامتي وأوثره على بيوت الأرض كلها باسمي واسمه بيتي
أنطقه بعظمتي وأحوزه بحرمتي وأجعله أحق البيوت كلها وأولاها بذكري وأضعه في البقعة
المباركة التي اخترت لنفسي فإني اخترت مكانه يوم خلقت السموات والأرض وقبل ذلك قد
كان بغيتي فهو صفوتي من البيوت ولست أسكنه وليس ينبغي أن أسكن البيوت ولا ينبغي
لها أن تحملني أجعل ذلك البيت لك ومن بعدك حرما وأمنا أحرم بحرمته ما فوقه وما
تحته وما حوله حرمته بحرمتي فقد عظم حرمتي ومن أحله فقد أباح حرمتي من أمن أهله
استوجب بذلك أماني ومن أخافهم فقد أخفرني في ذمتي ومن عظم شأنه فقد عظم في عيني
ومن تهاون به صغر عندي
(1/315)
زمن
الغرق رفع في ديباجتين فهو فيهما إلى يوم القيامة واستودع الله الركن أبا قبيس قال
ابن عباس كان ذهبا فرفع في زمان الغرق قال ابن جريج قال جوبير كان بمكة البيت
المعمور فرفع زمن الغرق فهو في السماء
وأخرج الأزرقي عن عروة بن الزبير قال بلغني أن البيت وضع لآدم عليه السلام يطوف به
ويعبد الله عنده وأن نوحا قد حجه وجاءه وعظمه قبل الغرق فلما أصاب الأرض من الغرق
حين أهلك الله قوم نوح أصاب البيت ما أصاب الأرض فكان ربوة حمراء معروف مكانه فبعث
الله هودا إلى عاد فتشاغل حتى هلك ولم يحجه ثم بوأهع الله لإبراهيم عليه السلام
فحجه وعلم مناسكه ودعا إلى زيارته ثم لم يبعث الله نبيا بعد إبراهيم إلا حجه
وأخرج الأزرقي عن أبي قلابة قال قال الله لآدم أني مهبط معك بيتي يطاف حوله كما
يطاف حول عرشي ويصلي عنده كما يصلي عند عرشي فلم يزل حتى كان زمن الطوفان فرفع حتى
بوىء لابراهيم مكانه فبناه من خمسة جبال من حراء وثبير ولبنان والطور والجبل
الأحمر
وأخرج الجندي عن معمر قال أن سفنية نوح طافت بالبيت سبعا حتى إذا غرق قوم نوح رفعه
وبقي أساسه فبوأه الله لإبراهيم فبناه بعد ذلك وذلك قوله تعالى وإذ يرفع إبراهيم
القواعد من البيت وإسمعيل واستودع الركن أبا قبيس حتى إذا كان بناء إبراهيم نادى
أبو قبيس إبراهيم فقال يا إبراهيم هذا الركن فجاء فحفر عنه فجعله في البيت حين
بناه إبراهيم عليه السلام
وأخرج الأصبهاني في ترغيبه وابن عساكر عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال أوحى الله إلى آدم أن يا آدم حج هذا البيت قبل أن يحدث بك حدث قال وما يحدث
علي يا رب قال ما لا تدري وهو الموت قال وما الموت قال سوف تذوق قال ومن استخلف في
أهلي قال اعرض ذلك على السموات والأرض والجبال فعرض على السموات فأبت وعرض على
الأرض فأبت وعرض على الجبال فأبت وقبله ابنه قاتل أخيه فخرج آدم من أرض الهند حاجا
فما نزل منزلا أكل فيه وشرب إلا صار عمرانا بعده وقرى حتى قدم مكة فاستقبلته
الملائكة بالبطحاء فقالوا السلام عليك يا آدم بر حجك أما أنا قد حججنا هذا البيت
(1/316)
ولكل
ملك حيازة وبطن مكة حوزتي التي اخترت لنفسي دون خلقي فأنا الله ذو بكة أهلها خفرتي
وجيران بيتي وعمارها وزوارها وفدي وأضيافي وضماني وذمتي وجواري أجعله أول بيت وضع
للناس وأعمره بأهل السماء وأهل الأرض يأتونه أفواجا شعثا غبرا على كل ضامر يأتين
من كل فج عميق يعجون بالتكبير عجيجا يرجون بالتلبية رجيجا فمن اعتمره وحق الكريم
أن يكرم وفده وأضيافه وزواره وأن يسعف كل واحد منهم بحاجته تعمره يا آدم ما كنت
حيا ثم يعمره من بعدك الأمم والقرون والأنبياء من ولدك أمة بعد أمة وقرنا بعد قرن
ونبيا بعد نبي حتى ينتهي ذلك إلى نبي من ولدك يقال له محمد وهو خاتم النبيين
فأجعله من عماره وسكانه وحماته وولاته وحجابه وسقته يكون أميني عليه ما كان حيا
فإذا انقلب إلي وجدني قد ادخرت له من أجره ونصيبه ما يتمكن به من القربة إلي
والوسيلة عندي وأفضل المنازل في دار المقامة
وأجعل اسم ذلك البيت وذكره وشرفه ومجده وسناه مكرمة لنبي من ولدك يكون قبيل هذا
النبي وهو أبوه يقال له إبراهيم أرفع له قواعده وأقضي على يديه عمارته وأنيط له
سقايته وأريه حله وحرمه ومواقفه وأعلمه مشاعره ومناسكه وأجعل أمة واحدة قانتا
بأمري داعيا إلى سبيلي وأجتبيه وأهديه إلى صراط مستقيم
أبتليه فيصبر وأعافيه فيشكر وآمره فيفعل وينذر لي فيفي ويعدني فينجز وأستجيب دعوته
في ولده وذريته من بعده وأشفعه فيهم وأجعلهم أهل ذلك البيت وحماته وسقاته وخدمه
وخزنته وحجابه حتى يبتدعوا ويغيروا ويبدلوا
فإذا فعلوا ذلك فأنا أقدر القادرين على أن استبدل من اشاء بمن أشاء وأجعل إبراهيم
إمام ذلك وأهل تلك الشريعة يأتم به من حضر تلك المواطن من جميع الإنس والجن يطأون
فيها آثاره ويتبعون فيها سنته ويقتدون فيها بهديه فمن فعل ذلك منهم أوفى بنذره
واستكمل نسكه وأصاب بغيته ومن لم يفعل ذلك منهم ضيع نسكه وأخطأ بغيته ولم يوف بنذره
فمن سأل عني يومئذ في تلك المواطن أين أنا ؟ فأنا من الشعث الغبر الموبقين الموفين
بنذرهم المستكملين مناسكهم المتبتلين إلى ربهم الذي يعلم ما يبدون وما يكتمون
وأخرجه الجندي عن عكرمة ووهب بن منبه رفعاه إلى ابن عباس بمثله سواء "
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس بن مالك " أن رسول
(1/317)
الله
صلى الله عليه و سلم قال : كان موضع البيت في زمن آدم عليه السلام شبرا أو أكثر
علما فكانت الملائكة تحج إليه قبل آدم ثم حج فاستقبلته الملائكة قالوا : يا آدم من
أين جئت ؟ قال : حججت البيت
فقالوا : قد حجته الملائكة قبلك بألفي عام "
وأخرج البيهقي عن عطاء قال : أهبط آدم بالهند فقال : يا رب مالي لا أسمع صوت
الملائكة كما كنت أسمعها في الجنة ؟ ! فقال له : لخطيئتك يا آدم فانطلق فابن لي
بيتا فتطوف به كما رأيتهم يتطوفون
فانطلق حتى أتى مكة فبنى البيت فكان موضع قدمي آدم قرى وأنهارا وعمارة ومابين خطاه
مفاوز فحج آدم البيت من الهند أربعين سنة
وأخرج البيهقي عن وهب بن منبه قال : لما تاب الله على آدم وأمره أن يسير إلى مكة
فطوى له الأرض حتى انتهى إلى مكة فلقيته الملائكة بالأبطح فرحبت به وقالت له : يا
آدم إنا لننظرك بر حجك أما أنا قد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام وأمر الله جبريل
فعلمه المناسك والمشاعر كلها وانطلق به حتى أوقفه في عرفات والمزدلفة وبمنى وعلى
الجمار وأنزل عليه الصلاة والزكاة والصوم والاغتسال من الجنابة
قال : وكان البيت على عهد آدم ياقوتة حمراء يلتهب نورا من ياقوت الجنة لها بابان
شرقي وغربي من ذهب من تبر الجنة وكان فيها ثلاث قناديل من تبر الجنة فيها نور
يلتهب بابها بنجوم من ياقوت أبيض والركن يومئذ نجم من نجومها ياقوتة بيضاء فلم يزل
على ذلك حتى كان في زمان نوح وكان الغرق فرفع من الغرق فوضع تحت العرش ومكثت الأرض
خرابا ألفي سنة
فلم يزل على ذلك حتى كان إبراهيم فأمره أن يبني بيتي فجاءت السكينة كأنها سحابة
فيها رأس تتكلم لها وجه كوجه الإنسان فقالت : يا إبراهيم خذ قدر ظلي فابن عليه
ولاتزد ولا تنقص
فأخذ إبراهيم قدر ظلها ثم بنى هو واسماعيل البيت ولم يجعل له سقفا فكان الناس
يلقون فيه الحلى والمتاع حتى إذا كاد أن يمتلىء أنفذ له خمسون نفرا ليسرقوا ما فيه
فقام كل واحد على زاوية واقتحم الخامس فسقط على رأسه فهلك وبعث الله عند ذلك حية
بيضاء سوداء الرأس والذنب فحرست البيت خمسمائة عام لا يقربه أحد إلا أهلكته فلم
يزل حتى بنته قريش
وأخرج الأزرقي والبيهقي عن عطاء
أن عمر بن الخطاب سأل كعبا فقال أخبرني عن هذا البيت ما كان أمره ؟ فقال : إن هذا
البيت أنزله الله من السماء ياقوتة حمراء
(1/318)
مجوفة
مع آدم فقال : يا آدم إن هذا بيتي فطف حوله وصل حوله كما رأيت ملائكتي تطوف حول
عرشي وتصلي ونزلت معه الملائكة فرفعوا قواعده من حجارة ثم وضع البيت على القواعد
فلما أغرق الله قوم نوح رفعه الله إلى السماء وبقيت قواعده
وأخرج البيهقي من طريق عطاء بن أبي رباح عن كعب الأحبار قال : شكت الكعبة إلى ربها
وبكت إليه فقالت : أي رب قل زواري وجفاني الناس
! فقال الله لها " إني محدث لك إنجيلا وجاعل لك زوارا يحنون إليك حنين
الحمامة إلى بيضاتها "
وأخرج الأزرقي والبيهقي من طريق عبد الرحمن بن سابط عن عبد الله بن ضمرة السلولي
قال : ما بين المقام إلى الركن إلى بئر زمزم إلى الحجر قبر سبعة وسبعين نبيا جاؤوا
حاجين فماتوا فقبروا هنالك
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : أقبل تبع يريد الكعبة حتى إذا كان بكراع الغميم
بعث الله عليه ريحا لا يكاد القائم يقوم إلا عصفته وذهب القائم ليقعد فيصرع وقامت
عليهم ولقوا منها عناء ودعا تبع حبريه فسألهما ما هذا الذي بعث علي ؟ قالا : أو تؤمننا
؟ قال : أنتم آمنون
قالا : فإنك تريد بيتا يمنعه الله ممن أراده
قال : فما يذهب هذا عني ؟ قالا : تجرد في ثوبين ثم تقول لبيك لبيك ثم تدخل فتطوف
بذلك البيت ولا تبيح أحدا من أهله
قال : فإن أجمعت على هذا ذهبت هذه الريح عني ؟ قالا : نعم
فتجرد ثم لبى
قال ابن عباس : فأدبرت الريح كقطع الليل المظلم
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : لما نظر رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى
الكعبة فقال " مرحبا بك من بيت ما أعظمك وأعظم حرمتك وللمؤمن أعظم عند الله
حرمة منك "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه
و سلم " أنه نظر إلى الكعبة فقال : لقد شرفك الله وكرمك والمؤمن أعظم حرمة
منك "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن جابر قال " لما افتتح النبي صلى الله عليه و سلم
مكة استقبلها بوجهه وقال : أنت حرام ما أعظم حرمتك وأطيب ريحك وأعظم حرمة عند الله
منك المؤمن "
(1/319)
وأخرج
ابن أبي شيبة والأزرقي عن مكحول " أن النبي صلى الله عليه و سلم لما رأى
البيت حين دخل مكة رفع يديه وقال : اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما
ومهابة وزد من شرفه وكرمه ممن حجه واعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما وبرا "
وأخرج الشافعي في الأم عن ابن جريج " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا
رأى البيت رفع يديه وقال : اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما وتكريما ومهابة وزد
من شرفه وكرمه ممن حجه أواعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما وبرا "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
إن للكعبة لسانا وشفتين وقد اشتكت فقالت : يا رب قل عوادي وقل زواري
فأوحى الله : إني خالق بشرا خشعا سجدا يحنون إليك كما تحن الحمامة إلى بيضها
"
وأخرج الأزرقي عن جابر الجزري قال : جلس كعب الأحبار أو سلمان الفارسي بفناء البيت
فقال : شكت الكعبة إلى ربها ما نصب حولها من الأصنام وما استقسم به من الأزلام
فأوحى الله إليها : إني منزل نورا وخالق بشرا يحنون إليك حنين الحمام إلى بيضه
ويدفون إليك دفيف النسور
فقال له قائل : وهل لها لسان ؟ قال : نعم وأذنان وشفتان
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس
أن جبريل وقف على رسول الله صلى الله عليه و سلم وعليه عصابة خضراء قد علاها
الغبار فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما هذا الغبار الذي أدى على
عصابتك ؟ قال : إني زرت البيت فازدحمت الملائكة على الركن فهذا الغبار الذي ترى
مما تثير بأجنحتها "
وأخرج الأزرقي عن أبي هريرة قال : حج آدم عليه السلام فقضى المناسك فلما حج قال :
يا رب إن لكل عامل أجرا قال الله تعالى : أما أنت يا آدم فقد غفرت لك وأما ذريتك
فمن جاء منهم هذا البيت فباء بذنبه غفرت له
فحج آدم عليه السلام فاستقبلته الملائكة بالردم فقالت : بر حجك يا آدم قد حججنا
هذا البيت قبلك بألفي عام
قال : فما كنتم تقولون حوله ؟ قالوا : كنا نقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله
إلا الله والله أكبر
قال : فكان آدم إذا طاف يقول هؤلاء الكلمات فكان طواف آدم سبع أسابيع بالليل وخمسة
أسابيع بالنهار
وأخرج الأزرقي والجندي وابن عساكر عن ابن عباس قال : حج آدم فطاف بالبيت سبعا
فلقيته الملائكة في الطواف فقالوا : بر حجك يا آدم أما إنا قد
(1/320)
حججنا
هذا البيت قبلك بألفي عام
قال : فماذا كنتم تقولون في الطواف ؟ قالوا : كنا نقول : سبحان الله والحمد لله
ولا إله إلا الله والله أكبر
قال آدم : فزيدوا فيها ولا حول ولا قوة إلا بالله فزادت الملائكة فيها ذلك ثم حج
إبراهيم بعد بنائه البيت فلقيته الملائكة في الطواف فسلموا عليه فقال لهم : ماذا
كنتم تقواون في طوافكم ؟ قالوا : كنا نقول قبل أبيك آدم سبحان الله والحمد لله ولا
إله إلا الله والله أكبر فأعلمناه ذلك فقال : زيدوا ولا حول ولا قوة إلا بالله
فقال إبراهيم : زيدوا فيها العلي العظيم
فقالت الملائكة ذلك
وأخرج الجندي والديلمي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" كان البيت قبل هبوط آدم ياقوتة من يواقيت الجنة وكان له بابان من زمرد أخضر
باب شرقي وباب غربي وفيه قناديل من الجنة والبيت المعمور الذي في السماء يدخله كل
يوم سبعون ألف ملك لا يعودون فيه إلى يوم القيامة حذاء الكعبة الحرام وأن الله عز
و جل لما أهبط آدم إلى موضع الكعبة وهو مثل الفلك من شدة رعدته وأنزل عليه الحجر
الأسود وهو يتلألأ كأنه لؤلؤة فأخذه آدم فضمه إليه استئناسا ثم أخذ الله من بني
آدم ميثاقهم فجعله في الحجر الأسود ثم أنزل على آدم العصا ثم قال : يا آدم تخط
فتخطى فإذا هو بأرض الهند فمكث هناك ما شاء الله ثم استوحش إلى البيت فقيل له :
احجج يا آدم
فأقبل يتخطى فصار كل موضع قدم قرية وما بين ذلك مفازة حتى قدم مكة فلقيته الملائكة
فقالوا : بر حجك يا آدم لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام
قال : فما كنتم تقولون حوله ؟ قالوا : كنا نقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله
إلا الله والله أكبر
وكان آدم إذا طاف بالبيت قال هؤلاء الكلمات وكان آدم يطوف سبعة أسابيع بالنهار
قال آدم : يا رب اجعل لهذا البيت عمارا يعمرونه من ذريتي فأوحى الله تعالى أني
معمره نبيا من ذريتك اسمه إبراهيم أتخذه خليلا أقضي على يديه عمارته وأنيط له
سقايته وأريه حله وحرمه ومواقفه وأعلمه مشاعره ومناسكه
وقال النبي صلى الله عليه و سلم " إن آدم سأل ربه فقال : يا رب أسألك من حج
هذا البيت من ذريتي لا يشرك بك شيئا أن تلحقه بي في الجنة
فقال الله تعالى : يا آدم من مات في الحرم لا يشرك بي شيئا بعثته آمنا يوم القيامة
"
وأخرج الجندي عن مجاهد
أن آدم طاف بالبيت فلقيته الملائكة فصافحته
(1/321)
وسلمت
عليه وقالت : بر حجك يا آدم طف بهذا البيت فإنا قد طفناه قبلك بألفي عام
قال لهم آدم : فما كنتم تقولون حوله ؟ قالوا : كنا نقول : سبحان الله والحمد لله
ولا إله إلا الله والله أكبر
قال آدم : وأنا أزيد فيها ولا حول ولا قوة إلا بالله
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : كان موضع الكعبة قد خفي ودرس زمان الغرق فيما بين
نوح وإبراهيم عليهما السلام وكان موضعه أكمة حمراء مدرة لا تعلوها السيول غير أن
الناس يعلمون أن موضع البيت فيما هنالك ولا يثبت موضعه وكان يأتيه المظلوم
والمتعوذ من أقطار الأرض ويدعو عنده المكروب فقل من دعا هنالك إلا استجب له فكان
الناس يحجون إلى موضه البيت حتى بوأ الله مكانه لإبراهيم عليه السلام لما أراد من
عمارة بيته وإظهار دينه وشعائره فلم يزل منذ اهبط الله آدم إلى الأرض معظما محرما
بيته تتناسخه الأمم والملل أمة بعد أمة وملة بعد ملة
قال : وقد كانت الملائكة تحجه قبل ذلك
وأخرج الأزرقي عن عثمان بن ساج قال : بلغنا - والله أعلم - أن إبراهيم خليل الله
عرج به إلى السماء فنظر إلى الأرض مشارقها ومغاربها فاختار موضع الكعبة فقالت له
الملائكة : يا خليل الله اخترت حرم الله في الأرض فبناه من حجارة سبعة أجبل
ويقولون خمسة فكانت الملائكة تأتي بالحجارة إلى إبراهيم عليه السلام من تلك الجبال
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : أقبل إبراهيم عليه السلام والسكينه والصرد والملك من
الشام فقالت السكينة : يا إبراهيم ربض على البيت فلذلك لا يطوف بالبيت ملك من
جبابرة الملوك ولا أعرابي نافر إلا وعليه السكينة والوقار
وأخرج الأزرقي عن بشر بن عاصم قال : أقبل إبراهيم من أرمينية معه السكينة والملك
والصرد دليلا به يتبوأ إبراهيم كما تتبوأ العنكبوت بيتها فرفع صخرة فما رفعها عنه
إلا ثلاثون رجلا فقالت السكينة : ابن علي
فلذلك لا يدخله أعرابي نافر ولا جبار إلا رأيت عليه السكينة
وأخرج الأزرقي عن علي بن أبي طالب قال : أقبل إبراهيم والملك والسكينة والصرد
دليلا حتى تبوأ البيت كما تبوأت العنكبوت بيتها فحفر ما برز عن أسها أمثال خلف
الإبل لا يحرك الصخرة إلا ثلاثون رجلا ثم قال الله لإبراهيم : قم فابن
(1/322)
لي
بيتا
قال : يا رب وأين ؟ قال : سنريك
فبعث الله سحابة فيها رأس يكلم إبراهيم فقال : يا إبراهيم إن ربك يأمرك أن تخط قدر
هذه السحابة فجعل ينظر إليها ويأخذ قدرها
فقال له الرأس : أقد فعلت ؟ قال : نعم
قال : فارتفعت السحابة فأبرز عن أس نابت من الأرض فبناه إبراهيم عليه السلام
وأخرج الأزرقي عن قتدة في قوله وإذ يرفه إبراهيم القواعد من البيت قال : ذكر لنا
أنه بناه من خمسة أجبل
من طورسينا وطورزيتا ولبنان والجودي وحراء وذكر لنا أن قواعده من حراء
وأخرج الأزرقي عن الشعبي قال : لما أمر إبراهيم أن يبني البيت وانتهى إلى موضع
الحجر قال لاسماعيل : ائتني بحجر ليكون علما للناس يبتدئون منه الطواف فأتاه بحجر
فلم يرضه فأتى إبراهيم بهذا الحجر ثم قال : أتاني به من لم يكلني إلى حجرك
وأخرج الأزرقي عن عبد الله بن عمرو أن جبريل عليه السلام هو الذي نزل عليه بالحجر
من الجنة وأنه وصعه حيث رأيتم وأنكم لن تزالوا بخير ما دام بين ظهرانيكم فتمسكوا
به ما استطعتم فإنه يوشك أن يجيء فيرجع به إلى حيث جاء به
وأخرج أحمد والترمذي وصححه وابن خزيمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " نزل الحجر الأسود من الجنة وهوأشد بياضا من اللبن فسودته خطايا
بني آدم "
وأخرج البزار عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " الحجر الأسود من
حجارة الجنة "
وأخرج الأزرقي والجندي عن مجاهد قال : الركن من الجنة ولو لم يكن من الجنة لفني
وأخرج الأزرقي والجندي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
لولا ما طبع من الركن من أنجاس الجاهلية وأرجاسها وأيدي الظلمة والأثمة لاستشفي به
من كل عاهة ولألقاه اليوم كهيئته يوم خلقه الله وإنما غيره الله بالسواد لئلا ينظر
أهل الدنيا إلى زينة الجنة وإنه لياقوتة بيضاء من ياقوت الجنة فوضعه الله يومئذ
لآدم حين أنزله في موضع الكعبة قبل أن تكون الكعبة والأرض يومئذ طاهرة لم يعمل
(1/323)
فيها
بشيء من المعاصي وليس لها أهل ينجسونها ووضع لها صفا من الملائكة على أطراف الحرم
يحرسونه من جان الأرض وسكانها يومئذ الجن وليس ينبغي لهم أن ينظروا إليه لأنه من
الجنة ومن نظر إلى الجنة دخلها فهم على أطراف الحرم حيث أعلامه اليوم محدقون به من
كل جانب بينه وبين الحرم "
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " إن البيت الذي بوأه الله لآدم كان من
ياقوتة حمراء لها بابان أحدهما شرقي والآخر غربي فكان فيها قناديل من نور الجنة
آنيتها الذهب منظومة بنجوم من ياقوت أبيض والركن يومئذ نجم من نجومه ووضع لها صفا
من الملائكة على أطراف الحرم فهم اليوم يذبون عنه لأنه شيء من الجنة لا ينبغي أن
ينظر إليه إلا من وجبت له الجنة ومن نظر إليها دخلها وإنما سمي الحرم لأنهم لا
يجاوزونه وإن الله وضع البيت لآدم حيث وضعه والأرض يومئذ طاهرة لم يعمل عليها شيء
من المعاصي وليس لها أهل ينجسونها وكان سكانها الجن "
وأخرج الجندي عن ابن عباس قال : الحجر الأسود يمين الله في الأرض فمن لم يدرك بيعة
رسول الله صلى الله عليه و سلم فاستلم الحجر فقد بايع الله ورسوله
وأخرج الأزرقي والجندي عن ابن عباس قال : إن هذا الركن الأسود يمين الله في الأرض
يصافح به عباده
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : ليس في الأرض من الجنة إلا الركن الأسود والمقام
فهما جوهرتان من جوهر الجنة ولولا ما مسهما من أهل الشرك ما مسهما ذو عاهة إلا
شفاه الله تعالى
وأخرج الأزرقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : نزل الركن وإنه لأشد بياضا من
الفضة ولولا ما مسه من أنجاس الجاهلية وأرجاسهم ما مسه ذو عاهة إلا برىء
وأخرج الأزرقي عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أكثروا
استلام هذا الحجر فإنكم توشكون أن تفقدوه بينما الناس يطوفون به ذات ليلة إذ
أصبحوا وقد فقدوه إن الله لا ينزل شيئا من الجنة إلا أعاده فيها قبل يوم القيامة
"
وأخرج الأزرقي عن يوسف بن ماهك قال : إن الله جعل الركن عيد أهل هذه القبلة كما
كانت المائدة عيدا لبني إسرائيل وإنكم لن تزالوا بخير ما دام بين ظهرانيكم وأن
جبريل عليه السلام وضعه في مكانه
(1/324)
وأخرج
الأزرقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : إن الله يرفع القرآن من صدور الرجال
والحجر الأسود قبل يوم القيامة
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : كيف بكم إذا أسرى بالقرآن فرفع من صدوركم ونسخ من
قلوبكم ورفع الركن ؟ وأخرج الأزرقي عن عثمان بن ساج قال : بلغني أن النبي صلى الله
عليه و سلم قال " أول ما يرفع الركن والقرآن ورؤيا النبي في المنام "
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن عبد الله بن عمرو قال : حجوا هذا البيت واستلموا
هذا الحجر فوالله ليرفعن أو ليصيبه أمر من السماء إن كانا لحجرين إهبطا من الجنة
فرفع أحدهما وسيرفع الآخر وإن لم يكن كما قلت فمن مر على قبري فليقل هذا قبر عبد
الله بن عمرو الكذاب "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر قال : " استقبل النبي
صلى الله عليه و سلم الحجر فاستلمه ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلا فالتفت فإذا بعمر
يبكي فقال : يا عمر ههنا تسكب العبرات "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " الحجر
الأسود من حجارة الجنة وما في الأرض من الجنة غيره وكان أبيض كالمهاة ولولا ما مسه
من رجس الجاهلية ما مسه ذو عاهة إلا برىء "
وأخرج الطبراني عن ابن عمر قال : نزل الركن الأسود من السماء فوضع على أبي قبيس
كأنه مهاة بيضاء فمكث أربعين سنة ثم وضع على قواعد إبراهيم
وأخر الأزرقي عن عكرمة قال : الركن ياقوتة من يواقيت الجنة وإلى الجنة مصيره
قال : وقال ابن عباس : لولا ما مسه من أيدي الجاهلية لأبرأ الأكمه والأبرص
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : أنزل الله الركن والمقام مع آدم عليه السلام ليلة
نزل بين الركن والمقام فلما أصبح رأى الركن والمقام فعرفهما فضمهما وأنس بهما
وأخرج الأزرقي عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " الحجر
الأسود نزل به ملك من السماء "
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : أنزل الله الركن الأسود من الجنة وهو يتلألأ
تلألؤا من شدة بياضه فاخذه آدم فضمه إليه أنسا به
(1/325)
وأخرج
الأزرقي عن ابن عباس قال : نزل آدم من الجنة ومعه الحجر الأسود متأبطه وهو ياقوتة
من يواقيت الجنة ولولا أن الله طمس ضوءه ما استطاع أحد أن ينظر إليه ونزل بالباسة
ونخلة العجوة
قال أبو محمد الخزاعي : الباسة آلات الصناع
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : أن عمر بن الخطاب سأل كعبا عن الحجر الأسود فقال
: مروة من مرو الجنة
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : لولا أن الحجر تمسه الحائض وهي لا تشعر والجنب
وهو لا يشعر ما مسه أجذم ولا أبرص إلا برىء
وأخرج الأزرقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كان الحجر الأسود أبيض كاللبن
وكان طوله كعظم الذراع وما اسود إلا من المشركين كانوا يمسحونه ولولا ذلك ما مسه
ذو عاهة إلا برىء
وأخرج الأزرقي عن عثمان بن ساج قال : أخبرني ابن نبيه الحجبي عن أمه أنها حدثته أن
أباها حدثها : أنه رأى الحجر قبل الحريق وهو أبيض يتراءى الإنسان فيه وجهه
قال عثمان : وأخبرني زهير : أنه بلغه أن الحجر من رضراض ياقوت الجنة وكان أبيض
يتلألأ فسوده أرجاس المشركين وسيعود لى ما كان عليه وهو يوم القيامة مثل أبي قبيس
في العظم له عينان ولسان وشفتان يشهد لمن استلمه بحق ويشهد على من استلمه بغير حق
وأخرج ابن خزيمة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
الحجر الأسود ياقوتة بيضاء من يواقيت الجنة وإنما سودته خطايا المشركين يبعث يوم
القيامة مثل أحد يشهد لمن استلمه وقبله من أهل الدنيا "
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان وابن مردويه والبيهقي
في شعب الإيمان عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " إن الله يبعث
الركن الأسود له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد لمن استلمه بحق "
وأخرج الأزرقي عن سلمان الفارسي قال : الركن من حجارة الجنة أما والذي نفس سلمان
بيده ليجيئن يوم القيامة له عينان ولسان وشفتان يشهد لمن استلمه بالحق
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : الركن يمين الله في الأرض يصافح بها
(1/326)
خلقه
والذي نفسي بيده ما من إمرىء مسلم يسأل الله عنده شيئا إلا أعطاه إياه
وأخرج ابن ماجه عن عطاء بن أبي رباح
أنه سئل عن الركن أسود فقال : حدثني أبو هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول " من فاوضه فإنما يفاوض يد الرحمن "
وأخرج الترمذي وحسنه والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن لهذا الحجر لسانا وشفتين يشهد لمن استلمه
يوم القيامة بحق "
وأخرج ابن خزيمه والطبراني في الأوسط والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن عبد
الله بن عمرو " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : يأتي الركن يوم
القيامه أعظم من أبي قبيس له لسان وشفتان يتكلم عن من استلمه ؟ واخرج الطبراني في
الأوسط عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " اشهدوا هذا
الحجر خيرا فإنه يأتي يوم القيامة شافع مشفع له لسان وشفتان يشهد لمن استلمه
"
وأخرج الجندي من طريق عطاء بن السائب عن محمد بن سابط عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال " كان النبي من الأنبياء إذ هلكت أمته لحق بمكة فيتعبد فيها النبي
ومن معه حتى يموت فمات بها نوح وهود وصالح وشعيب عليهم السلام وقبورهم بين زمزم
والحجر "
وأخرج الأزرقي والجندي من عطاء بن السائب عن محمد بن سابط قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " مكة لا يسكنها سافك دم ولا تاجر بربا ولا مشاء بنميمة
قال : ودحيت الأرض من مكة وكانت الملائكة تطوف بالبيت وهي أول من طاف به وهي الأرض
التي قال الله إني جاعل في الأرض خليفة البقرة الآية 30 وكان النبي من الأنبياء
إذا هلك قومه فنجا هو والصالحون معه أتاها بمن معه فيعبدون الله حتى يموتوا فيها
وإن قيبر نوح وهود وشعيب وصالح بين زمزم والركن والمقام "
وأخرج الأزرقي عن مجاهد قال : حج موسى عليه السلام على جمل أحمر فمر
(1/327)
بالروحاء
عليه عباءتان قطوانيتان متزر بإحداهما مرتد بالأخرى فطاف بالبيت ثم طاف بين الصفا
والمروة فبينما هو يطوف ويلبي بين الصفا والمروة إذ سمع صوتا من السماء وهو يقول :
لبيك عبدي أنا معك فخر موسى عليه السلام ساجدا
وأخرج الأزرقي عن مقاتل قال : في المسجد الحرام بين زمزم قبر سبعين نبيا منهم هود
وصالح واسماعيل وقبر آدم وابراهيم واسحق ويعقوب ويوسف في بيت المقدس
وأخرج الأزرقي والجندي عن ابن عباس قال : النظر إلى الكعبة مخض الإيمان
وأخرج الأزرقي والجندي عن ابن المسيب قال : من نظر إلى الكعبة إيمانا وتصديقا خرج
من الخطايا كيوم ولدته أمه
وأخرج الأزرقي والجندي من طريق زهير بن محمد عن أبي السائب المدني قال : من نظر
إلى الكعبة إيمانا وتصديقا تحاتت ذنوبه كما يتحات الورق من الشجر
قال : والجالس في المسجد ينظر إلى البيت لا يطوف به ولا يصلي أفضل من المصلي في
بيته لا ينظر إلى البيت
وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي والجندي والبيهقي في شعب الإيمان عن عطاء قال : النظر
إلى البيت عبادة والناظر إلى البيت بمنزلة القائم الصائم المخبت المجاهد في سبيل
الله
وأخرج الجندي عن عطاء قال : إن نظرة إلى هذا البيت في غير طواف ولا صلاة تعدل
عبادة سنة قيامها وركوعها وسجودها
وأخرج ابن أبي شيبة والجندي عن طاوس قال : النظر إلى هذا البيت أفضل من عبادة
الصائم القائم الدائم المجاهد في سبيل الله
وأخرج الأزرقي عن إبراهيم النخعي قال : الناظر إلى الكعبة كالمجتهد في العبادة في
غيرها من البلاد
وأخرج ابن أبي شيبة والأزرقي عن مجاهد قال : النظر إلى الكعبة عبادة
وأخرج الأزرقي والجندي وابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه والأصبهاني في
الترغيب عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن لله في كل
يوم وليلة عشرين ومائة رحمة تنزل على هذا البيت ستون للطائفين وأربعون للمصلين
وعشرون للناظرين "
(1/328)
وأخرج
الجندي عن ابن مسعود قال : أكثروا الطواف بالبيت قبل أن يرفع وينسى الناس مكانه
وأخرج البزار في مسنده وابن خزيمة وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن ابن عمر
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " استمتعوا بهذا البيت فقد هدم
مرتين ويرفع في الثالثة
وأخرج الجندي عن الزهري قال : إذا كان يوم القيامة رفع الله الكعبة البيت الحرام
إلى بيت المقدس فمر بقبر النبي صلى الله عليه و سلم بالمدينة فيقول : السلام عليك
يا رسول الله ورحمة الله وبركاته
فيقول صلى الله عليه و سلم : وعليك السلام يا كعبة الله ما حال أمتي ؟ فتقول : يا
محمد أما من وفد إلي من أمتك فأنا القائم بشأنه وأما من لم يفد من أمتك فأنت
القائم بشأنه "
وأخرج أبو بكر الواسطي في فضائل بيت المقدس عن خالد بن معدان قال : لا تقوم الساعة
حتى تزف الكعبة إلى الصخرة زف العروس فيتعلق بها جميع من حج واعتمر فإذا رأتها
الصخرة قالت لها : مرحبا بالزائرة والمزورة إليها
وأخرج الواسطي عن كعب قال : لا تقوم الساعة حتى يزف البيت الحرام إلى بيت المقدس
فينقادان إلى الجنة وفيهما أهلهما والعرض والحساب ببيت المقدس
وأخرج ابن مردويه والأصبهاني في الترغيب والديلمي عن جابر قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " إذا كان يوم القيامة زفت الكعبة البيت الحرام إلى قبري
فتقول : السلام عليك يا محمد فأقول : وعليك السلام يا بيت الله ما صنع بك أمتي
بعدي ؟ فتقول : يا محمد من أتاني فأنا أكفيه وأكون له شفيعا ومن لم يأتني فأنت
تكفيه وتكون له شفيعا "
وأخرج الأزرقي عن أبي اسحق قال : بنى إبراهيم عليه السلام البيت وجعل طوله في
السماء تسعة أذرع وعرضه في الأرض اثنين وثلاثين ذراعا من الركن الأسود إلى الركن
الشامي الذي عند الحجر من وجهه وجعل عرض ما بين الركن الشامي إلى الركن الغربي
الذي فيه الحجر اثنين وعشرين ذراعا وجعل طول ظهرها من الركن الغربي إلى الركن
اليماني أحدا وثلاثين ذراعا وجعل عرض شقها اليماني من الركن الأسود إلى الركن
اليماني عشرين ذراعا
قال : فلذلك سميت الكعبة لأنها على خلقة الكعب
(1/329)
قال
: وكذلك سنن أساس آدم وجعل لها غلقا فارسيا وكساها كسوة تامة ونحر عندها وجعل
إبراهيم عليه السلام الحجر إلى جنب البيت عريشا من أراك تقتحمه العنز فكان زربا
لغنم اسماعيل وحفر إبراهيم جبا في بطن البيت على يمين من دخله يكون خزانة للبيت
يلقي فيه ما يهدى للكعبة وكان الله استودع الركن أبا قبيس حين أغرق الله الأرض زمن
نوح وقال : إذا رأيت خليلي يبني بيتي فأخرجه له فجاء به جبريل فوضعه في مكانه وبنى
عليه إبراهيم وهو حينئذ يتلألأ نورا من شدة بياضه وكان نوره يضيء إلى منتهى أنصاف
الحرم من كل ناحية
قال : وإنما شدة سواده لأنه أصابه الحريق مرة بعد مرة في الجاهلية والإسلام
وأخرج مالك والشافعي والبخاري ومسلم والنسائي عن عائشة " أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : ألم تر إلى قومك حين بنوا الكعبة أقصروا عن قواعد إبراهيم ؟
فقلت : يا رسول الله ألا تردها على قواعد إبراهيم ؟ قال : لولا حدثان قومك بالكفر
فقال ابن عمر : ما أرى رسول الله صلى الله عليه و سلم ترك استلام الركنين اللذين
يليان الحجر إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم "
وأخرج الأزرقي عن ابن جريج قال : كان ابن الزبير بنى الكعبة من الذرع على ما بناها
إبراهيم عليه السلام
قال : وهي مكعبة على خلقة الكعب ولذلك سميت الكعبة
قال : ولم يكن إبراهيم سقف الكعبة ولا بناها بمدر وإنما رضمها رضما
وأخرج الأزرقي عن أبي المرتفع قال : كنا مع ابن الزبير في الحجر فأول حجر من
المنجنيق وقع في الكعبة سمعنا لها أنينا كأنين المريض : آه آه
وأخرج الجندي عن مجاهد قال : رأيت الكعبة في النوم وهي تكلم النبي صلى الله عليه و
سلم وهي تقول : لئن لم تنته أمتك يا محمد عن المعاصي لأنتفضن حتى يصير كل حجر مني
في مكان
وأخرج الجندي عن وهيب بن الورد قال : كنت أطوف أنا وسفيان بن سعيد الثوري ليلا
فانقلب سفيان وبقيت في الطواف فدخلت الحجر فصليت تحت الميزاب فبنا أنا ساجد إذ
سمعت كلاما بين استار الكعبة والحجارة وهي تقول : يا جبريل أشكو إلى الله ثم إليك
ما يفعل هؤلاء الطائفون حولي تفكههم في الحديث ولغطهم وشؤمهم
قال وهيب : فأولت إن البيت يشكو إلى جبريل عليه السلام
وأما قوله تعالى : ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم
(1/330)
أخرج
الدارقطني عن ابن عباس قال " ان النبي صلى الله عليه و سلم إذا أفطر قال :
اللهم لك صمنا وعلى رزقك أفطرنا فتقبل منا إنك أنت السميع العليم "
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش
أنه قرأ وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت اسماعيل يقولان ربنا تقبل منا
قوله تعالى : ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب
علينا إنك أنت التواب الرحيم
ابن أبي حاتم عن عبد الكريم في قوله تعالى ربنا واجعلنا مسلمين قال : مخلصين
أخرج ابن أبي حاتم عن سلام بن أبي مطيع في هذه الآية قال : كانا مسلمين ولكن سألاه
الثبات
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله ومن ذريتنا أمة مسلمة لك يعنيان
العرب
وأما قوله تعالى : وأرنا مناسكنا أخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم والأزرقي عن
مجاهد قال : قال إبراهيم عليه السلام : رب أرنا مناسكنا
فاتاه جبريل فأتى به البيت فقال : ارفع القواعد
فرفع القواعد وأتم البنيان ثم أخذ بيده فأخرجه فانطلق به إلى الصفا قال : هذا من
شعائر الله ثم انطلق به إلى المروة فقال : وهذا من شعائر الله ثم انطلق به نحو منى
فلما كان من العقبة إذا إبليس قائم عند الشجرة فقال : كبر وارمه
فكبر ورماه ثم انطلق إبليس فقام عند الجمرة الوسطى فلما حاذى به جبريل وابراهيم
قال له : كبر وارمه
فكبر ورمى فذهب إبليس حتى أتى الجمرة القصوى فقال له جبريل : كبر وارمه
فكبر ورمى فذهب إبليس وكان الخبيث أراد أن يدخل في الحج شيئا فلم يستطع فأخذ بيد
إبراهيم حتى أتى به المشعر الحرام فقال : هذا المشعر الحرام ثم ذهب حتى أتى به
عرفات قال : قد عرفت ما أريتك ؟ قالها ثلاث مرات
قال : نعم
قال : فأذن في الناس بالحج
قال : وكيف أؤذن ؟ قال : قل
(1/331)
يا
أيها الناس أجيبوا ربكم ثلاث مرات فأجاب العباد لبيك اللهم ربنا لبيك فمن أجاب
إبراهيم يومئذ من الخلق فهو حاج
وأخرج ابن جرير من طريق ابن المسيب عن علي قال : لما فرغ إبراهيم من بناء البيت
قال : قد فعلت أي رب فأرنا مناسكنا ابرزها لنا علمناها فبعث الله جبريل فحج به
وأخرج سعيد بن منصور الأزرقي عن مجاهد قال : حج إبراهيم واسماعيل وهما ماشيان
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : كان المقام من أصل الكعبة فقام عليه إبراهيم
فتفرجت عنه هذه الجبال أبو قبيس وصواحبه إلى مابينه وبين عرفات فأرأه مناسكه حتى
انتهى إليه فقال : عرفت ؟ قال : نعم
فسميت عرفات
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي مجلز في قوله وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت
واسماعيل البقرة الآية 127 قال : لما فرغ إبراهيم من البيت جاءه جبريل أراه الطواف
بالبيت والصفا والمروة ثم انطلقا إلى العقبة فعرض لهما الشيطان فأخذ جبريل سبع
حصيات وأعطى إبراهيم سبع حصيات فرمى وكبر وقال لابراهيم : ارم وكبر مع كل رمية حتى
أمل الشيطان ثم انطلقا إلى الجمرة الوسطى فعرض لهما الشيطان فأخذ جبريل سبع حصيات
فرميا وكبرا مع كل رمية حتى أمل الشيطان ثم أتيا الجمرة القصوى فعرض لهما الشيطان
فأخذ جبريل سبع حصيات وأعطى إبراهيم سبع حصيات وقال : ارم وكبر
فرميا وكبرا مع كل رمية حتى أقل ثم أتى به إلى منى فقال : ههنا يحلق الناس رؤوسهم
ثم أتى به جمعا فقال : ههنا يجمع الناس الصلاة ثم أتى به عرفات فقال : عرفت
؟ قال : نعم
فمن ثم سميت عرفات
واخرج الأزرقي عن زهير بن محمد قال : لما فرغ إبراهيم من البيت الحرام قال : أي رب
قد فعلت فأرنا مناسكنا فبعث الله إليه جبريل فحج به حتى إذا جاء يوم النحر عرض له
إبليس فقال : احصب
فحصب سبع حصيات ثم الغد ثم اليوم الثالث فملأ ما بين الجبلين ثم علا على منبر فقال
: يا عباد الله أجيبوا ربكم فسمع دعوته من بين الأبحر ممن في قلبه مثقال ذرة من
إيمان قالوا : لبيك اللهم لبيك
قال : ولم يزل على وجه الأرض سبعة مسلمون فصاعدا ولولا ذلك
(1/332)
لأهلكت
الأرض ومن عليها
قال : وأول من أجاب حين أذن بالحج أهل اليمن
وأخرج الأزرقي عن مجاهد في قوله وأرنا مناسكنا قال : مذابحنا
وأخرج الجندي عن مجاهد قال : قال الله لابراهيم عليه السلام " قم فابن لي
بيتا
قال : أي رب أين
؟ قال : سأخبرك " فبعث الله إليه سحابة لها رأس فقالت : يا إبراهيم إن ربك
يأمرك أن تخط قدر هذه السحابة
قال : فجعل إبراهيم ينظر إلى السحابة ويخط
فقالت : قد فعلت ؟ قال : نعم
فارتفعت السحابة فحفر إبراهيم فأبرز عن أساس نابت من الأرض فبنى إبراهيم فلما فرغ
قال : أي رب قد فعلت فأرنا مناسكنا
فبعث الله إليه جبريل يحج به حتى إذا جاء يوم النحر عرض له إبليس فقال له جبريل :
احصب
فحصب بسبع حصيات ثم الغد ثم اليوم الثالث فالرابع ثم قال : أعل ثبيرا
فعلا ثبيرا فقال : أي عباد الله أجيبوا أي عباد الله أطيعوا لله فسمع دعوته ما بين
الأبحر ممن في قلبه مثقال ذرة من الإيمان قالوا لبيك أطعناك اللهم أطعناك وهي التي
أتى الله إبراهيم في المناسك : لبيك اللهم لبيك ولم يزل على الأرض سبعة مسلمون
لولا ذلك هلكت الأرض ومن عليها
وأخرج ابن خزيمة والطبراني وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رفعه قال
" لما أتى إبراهيم خليل الله المناسك عرض له الشيطان عند جمرة العقبة فرماه
بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض ثم عرض له عند الجمرة الثانية فرماه بسبع حصيات حتى
ساخ في الأرض ثم عرض له عند الجمرة الثالثة فرماه بسبع حصيات حتى ساخ في الأرض قال
ابن عباس : الشيطان ترجمون وملة أبيكم إبراهيم تتبعون
وأخرج الطيالسي وأحمد وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : إن
إبراهيم لما رأى المناسك عرض له الشيطان عند المسعى فسابق إبراهيم فسبقه إبراهيم
ثم انطلق به جبريل حتى أراه منى فقال : هذا مناخ الناس
فلما انتهى إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات من ذهب ثم أتى به
إلى الجمرة الوسطى فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ثم أتى به إلى الجمرة
القصوى فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب فأتى به جمعا فقال : هذا المشعر
ثم أتى به عرفة فقال : هذه عرفة
فقال له جبريل :
(1/333)
أعرفت
؟ قال : نعم
ولذلك سميت عرفة
أتدري كيف كانت التلبية ؟ : إن إبراهيم لما أمر أن يؤذن في الناس بالحج أمرت
الجبال فخفضت رؤوسها ورفعت له القرى فأذن في الناس بالحج
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله وأرنا مناسكنا قال : أراهما الله مناسكهما
الموقف بعرفات والإفاضة من جمع ورمي الجمار والطواف بالبيت والسعي بين الصفا
والمروة
قوله تعالى : ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب
والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم
أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن العرباض
بن سارية قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إني عند الله في أم
الكتاب لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته وسأنبئكم بأول ذلك دعوة أبي إبراهيم
وبشارة عيسى بي ورؤيا أمي التي رأت وكذلك أمهات النبيين يرين
وأخرج أحمد وابن سعد والطبراني وابن مردويه والبيهقي عن أبي أمامة قال : قلت
" يا رسول الله ما كان بدء أمرك ؟ قال : دعوة إبراهيم وبشرى عيسى ورأت أمي
أنه يخرج منها نور أضاءت له قصور الشام "
وأخرج ابن سعد في طبقاته وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك " أن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : أنا دعوة إبراهيم
قال وهو يرفع القواعد من البيت ربنا وابعث فيهم رسولا منهم حتى أتم الآيه "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العاليه في قوله ربنا وابعث فيهم رسولا منهم
يعني أمة محمد
فقيل له : قد استجيب لك وهو كائن في آخر الزمان
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله وابعث فيهم رسولا منهم قال : هو
محمد صلى الله عليه و سلم
(1/334)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ويعلمهم الكتاب والحكمة قال : السنة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ويعلمهم الكتاب والحكمة قال :
الحكمة السنة
قال : ففعل ذلك بهم فبعث فيهم رسولا منهم يعرفون اسمه ونسبه يخرجهم من الظلمات إلى
النور ويهديهم إلى صراط مستقيم
وأخرج أبو داود في مراسيله عن مكحول قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" آتاني الله القرآن ومن الحكمة مثليه "
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله يزكيهم قال : يطهرهم من الشرك ويخلصهم منه
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله العزيز الحكيم قال : عزيز في نقمته إذا
انتقم حكيم في أمره
قوله تعالى : ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه ولقد اصطفيناه في الدنيا
وإنه في الآخرة لمن الصالحين إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين
ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله ومن يرغب عن ملة إبراهيم قال : رغبت اليهود
والنصارى عن ملته واتخذوا اليهودية والنصرانية بدعة ليست من الله وتركوا ملة
إبراهيم الإسلام وبذلك بعث الله نبيه محمدا صلى الله عليه و سلم بملة إبراهيم
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة مثله
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله إلا من سفه نفسه قال : إلا من أخطأ حظه
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله ولقد اصطفيناه قال : اخترناه
قوله تعالى : ووصى إبراهيم بها بنيه ويعقوب يا بني إن الله اصطفى لك اليدن فلا
تموتن إلا وأنتم مسلمون
(1/335)
ابن
أبي داود في المصاحف عن أسد بن يزيد قال : في مصحف عثمان ووصى بغير ألف
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ووصى بها إبراهيم ينيه قال :
وصاهم بالاسلام ووصى يعقوب بنيه مثل ذلك
وأخرج الثعلبي عن فضيل بن عياض في قوله فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون أي محسنون
بربكم الظن
وأخرج ابن سعد عن الكلبي قال : ولد لابراهيم اسماعيل وهو أكبر ولده وأمه هاجر وهي
قبطية واسحق وأمه سارة ومدن ومدين وبيشان وزمران وأشبق وشوح وأمهم قنطوراء من
العرب العاربة فأما بيشان فلحق بنوه بمكة وأقام مدين بأرض مدين فسميت به ومضى
سائرهم في البلاد وقالوا لابراهيم : يا أبانا أنزلت اسماعيل واسحق معك وأمرتنا أن
ننزل أرض الغربة والوحشة ؟ قال : بذلك أمرت
فعلمهم اسما من أسماء الله فكانوا يستسقون به ويستنصرون
قوله تعالى : أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدي
قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم واسماعيل واسحق إلها واحدا ونحن له مسلمون
ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله أم كنتم شهداء يعني أهل مكة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت الآية
قال : يقول لم تشهد اليهود ولاالنصارى ولا أحد من الناس يعقوب إذ أخذ على بنيه
الميثاق إذ حضره الموت ألا تعبدوا إلا إياه فأقروا بذلك وشهد عليهم أن قد أقروا
بعبادتهم وأنهم مسلمون
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس
أنه كان يقول : الجد أب ويتلو قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم واسماعيل واسحق
وأخرج ابن جرير عن أبي زيد في الآية قال : يقال بدأ باسماعيل لأنه أكبر
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال : سمى العم أبا
(1/336)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال : الخال والد العم والد وتلا قالوا نعبد إلهك
وإله آبائك
الآية
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه كان يقرأ نعبد إلهك وإله أبيك على معنى الواحد
قوله تعالى : تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا
يفعلون
ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله تلك أمة قد خلت قال : يعني إبراهيم واسماعيل
واسحق ويعقوب والاسباط
قوله تعالى : وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا قل بل ملة إبراهيم حنيفا وما كان
من المشركين
ابن اسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قال عبد الله بن
صوريا الأعور للنبي صلى الله عليه و سلم " ما الهدى إلا ما نحن عليه فاتبعنا
يا محمد تهتد وقالت النصارى مثل ذلك فأنزل الله وقالوا كونوا هودا أو نصارى تهتدوا
الآية "
وأما قوله تعالى : حنيفا
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله حنيفا قال : حاجا
وأخرج ابن أبي حاتم محمد بن كعب قال : الحنيف المستقيم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله حنيفا قال : متبعا
وأخرج ابن أبي حاتم عن خصيف قال : الحنيف المخلص
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي قلابة قال : الحنيف الذي يؤمن بالرسل كلهم من أولهم إلى
آخرهم
(1/337)
وأخرج
ابن المنذر عن السدي قال : ما كان في القرآن حنيفا مسلما وما كان في القرآن حنفاء
مسلمين حجاجا
وأخرج أحمد عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " بعثت
بالحنيفية السمحة "
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد وابن المنذر عن ابن عباس قال " قيل : يا
رسول الله أي الأديان أحب إلى الله ؟ قال : الحنيفية السمحة "
وأخرج أبو الترس في الغرائب والحاكم في تاريخه وأبو موسى المديني في الصحابة وابن
عساكر عن سعد بن عبد الله بن مالك الخزاعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " أحب الدين إلى الله الحنيفية السمحة "
قوله تعالى : قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم واسماعيل
واسحق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين
أحد منهم ونحن له مسلمون
ابن أبي حاتم عن معقل بن يسار قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
آمنوا بالتوراة والزبور والإنجيل وليسعكم القرآن "
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال " كان
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما الآية التي في
البقرة قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا
الآية
كلها وفي الآخرة ب آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون آل عمران الآية 52 "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال " أكثر ما كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقرأ في ركعتي الفجر قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنول إلى إبراهيم
الاية
وفي الثانية قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة
آل عمران الآية 64 الآية "
وأخرج وكيع عن الضحاك قال : علموا نساءكم وأولادكم وخدمكم أسماء
(1/338)
الأنبياء
المسلمين في الكتاب ليؤمنوا بهم فإن الله أمر بذلك فقال قولوا آمنا بالله وما أنزل
إلينا إلى قوله ونحن له مسلمون
وأخر ابن جرير عن ابن عباس قال : الأسباط بنو يعقوب كانوا اثني عشر رجلا كل واحد
منهم ولد سبطا أمة من الناس
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : الأسباط بنو يعقوب يوسف وبنيامين
وروبيل ويهوذا وشمعون ولاوى ودان وقهات وكوذ وباليوق
وأخرج الطبراني وأبو نعيم وابن عساكر عن عبد الله بن عبد الثمالي أنه سمع النبي
صلى الله عليه و سلم يقول : لو حلفت لبررت أنه لا يدخل الجنة قبل الرعيل الأول من
أمتي إلا بضعة عشر إنسانا إبراهيم واسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط وموسى وعيسى بن
مريم "
قوله تعالى : فإن آمنوا بمثل ما آمنتم به فقد اهتدوا وإن تولوا فإنما هم في شقاق
فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال : لا
تقولوا فإن آمنوا بمثل ما امنتم به فإن الله لا مثل له ولكن قولوا : فإن آمنوا
بالذي أمنتم به
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف والخطيب في تاريخه عن أبي جمرة قال : كان ابن عباس
يقرأ فإن آمنوا بالذي آمنتم به
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي اعالية في قوله فإنما هم في شقاق قال : فراق
وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال : كنت قاعدا إذ أقبل عثمان فقال النبي صلى الله عليه
و سلم " يا عثمان تقتل وأنت تقرأ سورة البقرة فتقع قطرة من دمك على فسيكفيكهم
الله قال الذهبي في مختصر المستدرك : هذا كذب بحت وفي إسناده أحمد بن محمد بن عبد
الحميد الجعفي وهو المتهم به "
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف وأبو القاسم بن بشران في أماليه وأبو نعيم في
(1/339)
المعرفة
وابن عساكر عن أبي سعيد مولى بني أسد قال : لما دخل المصريون على عثمان والمصحف
بين يديه فضربوه بالسيف على يديه فجرى الدم فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم فمد
يده وقال : والله لأنها أول يد خطت المفصل
وأخرج ابن أبي حاتم عن نافع بن أبي نعيم قال : أرسل إلي بعض الخلفاء بمصحف عثمان
بن عفان فقلت له : إن الناس يقولون : إن مصحفه كان في حجره حين قتل فوقع الدم على
فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم فقال نافع ك بصرت عيني بالدم على هذه الآية وقد
قدم
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن عمرة بنت أرطاة العدوية قال : خرجت مع
عائشة سنة قتل عثمان إلى مكة فمررنا بالمدينة ورأينا المصحف الذي قتل وهو في حجره
وكانت أول قطرة من دمه على هذه الآية فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم قالت عمرة
: فما مات منهم رجل سويا
قوله تعالى : صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة ونحن له عابدون
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله صبغة الله قال : دين الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله صبغة الله قال : فطرة الله التي فطر
الناس عليها
وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال " إن بني اسرائيل قالوا : يا موسى هل يصبغ ربك ؟ فقال : اتقوا الله
فناداه ربه : يا موسى سألوك هل يصبغ ربك فقل : نعم : أنا اصبغ الألوان الأحمر
والأبيض والأسود والألوان كلها من صبغتي وأنزل الله على نبيه صبغة الله ومن أحسن
من الله صبغة وأخرجه ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس موقوفا "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال : إن اليهود تصبغ أبناءها
يهود وأن النصارى تصبغ أبناءها نصارى وأن صبغة الله الإسلام ولا صبغة أحسن من صبغة
الله الإسلام ولا أطهر وهو دين الله الذي بعث به نوحا ومن كان بعده من الأنبياء
(1/340)
وأخرج
ابن النجار في تاريخ بغداد عن ابن عباس في قوله صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة
قال : البياض
قوله تعالى : قل أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم ولنا أعمالنا ولكم أعمالكم ونحن
له مخلصون أم تقولون إن إبراهيم واسماعيل وإسحق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو
نصارى قل أأنتم أعلم أم الله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل
عما تعملون تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسئلون عما كانوا يعملون
ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أتحاجوننا في الله قال : أتخاصمونا ؟ وأخرج ابن
جرير عن ابن عباس في قوله أتحاجوننا تجادلوننا ؟ وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن
مجاهد في قوله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله قال : في قول يهود لابراهيم
واسمعيل ومن ذكر معهما أنهم كانوا يهودا أو نصارى فيقول الله لهم : لا تكتموا مني
شهادة إن كانت عندكم وقد علم الله أنهم كاذبون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ومن أظلم ممن كتم شهادة
الآية
قال : أولئك أهل الكتاب كتموا الإسلام وهم يعلمون أنه دين الله واتخذوا اليهودية
والنصرانية وكتموا محمد وهم يعلمون أنه رسول الله
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله قال : كان
عند القوم من الله شهادة أن أنبياءه براء من اليهودية والنصرانية
وأخرج ابن جرير عن قتادة والربيع في قوله تلك أمة قد خلت قالا : يعني إبراهيم
واسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط
(1/341)
وأخرج
ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي المليح قال : الأمة ما بين الأربعين إلى المائة
فصاعدا
قوله تعالى : سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها قل لله
المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم
ابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود في ناسخه والترمذي
والنسائي وابن جرير وابن حبان والبيهقي في سننه عن البراء بن عازب " أن النبي
صلى الله عليه و سلم كان أول ما قدم المدينة نزل على أخواله من الأنصار وأنه صلى
إلى بيت المقدس ستة أو سبعة عشر شهرا وكان يعجبه أن تكون قبلته إلى البيت وأن أول
صلاة صلاها صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن كان صلى معه فمر على أهل المسجد
وهم راكعون فقال : أشهد بالله لقد صليت مع النبي صلى الله عليه و سلم قبل الكعبة
فداروا كما هم قبل البيت ثم أنكروا ذلك وكان الذي مات على القبلة قبل أن تحول قبل
البيت رجالا وقتلوا فلم ندر ما نقول فيهم فأنزل الله وما كان الله ليضيع إيمانكم
إن الله بالناس لرؤوف رحيم " البقرة الآية 143
وأخرج ابن إسحاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن البراء قال " كان رسول الله
صلى الله عليه و سلم يصلي نحو بيت المقدس ويكثر النظر إلى السماء ينتظر أمر الله
فأنزل الله قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد
الحرام البقرة الآية 144 فقال رجال من المسلمين : وددنا لو علمنا من مات منا قبل
أن نصرف إلى القبلة وكيف بصلاتنا نحو بيت المقدس ؟ فأنزل الله وما كان الله ليضيع
إيمانكم البقرة الآية 143 وقال السفهاء من الناس وهم من أهل الكتاب : ما ولاهم عن
قبلتهم التي كانوا عليها ؟ فأنزل الله سيقول السفهاء من الناس
إلى آخر الآية "
وأخرج الترمذي والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني والبيهقي عن البراء
قال " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد صلى نحو بيت المقدس ستة عشر أو
سبعة عشر شهرا
(1/342)
وكان
يجب أن يصلي نحو الكعبة فكان يرفع رأسه إلى السماء فأنزل الله قد نرى تقلب وجهك
البقرة الآية 144 الآية
فوجه نحو الكعبة وقال السفهاء من الناس وهم اليهود ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا
عليها ؟ فأنزل الله قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي عن ابن عباس
قال " أول ما نسخ في القرآن القبلة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
لما هاجر إلى المدينة وكان أكثر أهلها اليهود أمره الله أن يستقبل بيت المقدس
ففرحت اليهود فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه و سلم بضعة عشر شهرا وكان رسول الله
صلى الله عليه و سلم يحب قبلة إبراهيم وكان يدعو الله وينظر إلى السماء فأنزل الله
قد نرى تقلب وجهك البقرة الآية 144 إلى قوله فولوا وجوهكم شطره يعني نحوه فارتاب
من ذلك اليهود وقالوا : ما ولاهم عن قبلتهم الني كانوا عليها ؟ فأنزل الله قل لله
المشرق والمغرب وقال : أينما تولوا فثم وجه الله البقرة الآية 115 "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود في ناسخه والنحاس والبيهقي في سننه عن ابن عباس
" أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلي وهو بمكة نحو بيت المقدس والكعبة
بين يديه وبعدما تحول إلى المدينة ستة عشر شهرا ثم صرفه الله إلى الكعبة "
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال : أول ما نسخ من القرآن القبلة وذلك أن
محمدا كان يستقبل صخرة بيت المقدس وهي قبلة اليهود فاستقبلها سبعة عشر شهرا
ليؤمنوا به وليتبعوه وليدعوا بذلك الأميين من العرب
فقال الله ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله وقال قد نرى تقلب وجهك
الآية "
وأخرج ابن جرير عن عكرمة مرسلا
وأخرج أبو داود في ناسخه عن أبي العالية " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
نظر نحو بيت المقدس فقال لجبريل " وددت أن الله صرفني عن قبلة اليهود إلى
غيرها ؟ فقال له
(1/343)
جبريل
: إنما أنا عبد مثلك ولا أملك لك شيئا إلا ما أمرت فادع ربك وسله فجعل رسول الله
صلى الله عليه و سلم يديم النظر إلى السماء رجاء أن يأتيه جبريل بالذي سأل فأنزل
الله قد نرى تقلب وجهك في السماء البقرة الآية 144 يقول : إنك تديم النظر إلى
السماء للذي سألت فول وجهك شطر المسجد الحرام يقول فحول وجهك في الصلاة نحو المسجد
الحرام وحيثما كنتم يعني من الأرض فولوا وجوهكم في الصلاة شطره نحو الكعبة "
وأخرج ابن إسحق وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال :
" صرفت القبلة عن الشام إلى الكعبة في رجب على رأس سبعة عشر شهرا من مقدم
رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينه فأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم رفاعة
بن قيس وقردم بن عمرو وكعب بن الأشرف ونافع بن نافع والحجاج بن عمرو حليف كعب بن
الأشرف والربيع بن أبي الحقيق وكنانة بن أبي الحقيق فقالوا له : يا محمد ما ولاك
عن قبلتك التي كنت عليها وأنت تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه ارجع إلى قبلتك التي
كنت عليها نتبعك ونصدقك وإنما يريدون فتنته عن دينه
فأنزل الله سيقول السفهاء من الناس إلى قوله إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب
على عقبيه أي ابتلاء واختبارا وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله البقرة
الآية 143 أي ثبت الله وما كان الله ليضيع إيمانكم يقول : صلاتكم بالقبلة الأولى
وتصديقكم نبيكم وإتباعكم إياه إلى القبلة الآخرة أي ليعطينكم أجرهما جميعا إن الله
بالناس لرؤوف رحيم إلى قوله فلا تكونن من الممترين
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم عن البراء في قوله سيقول السفهاء من الناس قال : اليهود
وأخرج أبو داود في ناسخه من طريق مجاهد عن ابن عباس قال : أول آية نسخت من القرآن
القبلة ثم الصلاة الأولى
(1/344)
وأخرج
الطبراني عن ابن عباس قال " صلى النبي صلى الله عليه و سلم ومن معه نحو بيت
المقدس ستة عشر شهرا ثم حولت القبلة بعد "
وأخرج البيهقي في الدلائل عن الزهري قال " صرفت القبلة نحو المسجد الحرام في
رجب على ستة عشر شهرا من مخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم من مكة وكان رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقلب وجهه في السماء وهو يصلي نحو بيت المقدس فأنزل الله حين
وجهه إلى البيت الحرام سيقول السفهاء من الناس وما بعدها من الآيات فأنشأت اليهود
تقول : قد اشتاق الرجل إل بلده وبيت أبيه وما لهم حتى تركوا قبلتهم يصلون مرة وجها
ومرة وجها آخر وقال رجال من الصحابة : فكيف بمن مات وهو يصلي قبل بيت المقدس وفرح
المشركون وقالوا : إن محمد قد التبس عليه أمره ويوشك أن يكون على دينكم فأنزل الله
في ذلك هؤلاء الآيات "
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : لما وجه النبي صلى الله عليه و سلم قبل المسجد
الحرام اختلف الناس فيها فكانوا أصنافا فقال المنافقون : ما بالهم كانوا على قبلة
زمانا ثم تركوها وتوجهوا غيرها ؟ وقال المسلمون : ليت شعرنا عن إخواننا الذين
ماتوا وهم يصلون قبل بيت المقدس هل يقبل الله منا ومنهم أم لا ؟ وقال اليهود : إن
محمدا اشتاق إلى بلد أبيه ومولده ولو ثبت على قبلتنا لكنا نرجو أن نكون يكون هو
صاحبنا الذي ننتظر وقال المشركون من أهل مكة : تحير على محمد دينه فتوجه بقبلته
إليكم وعلم أنكم أهدى منه ويوشك أن يدخل في دينكم فأنزل الله في المنافقين سيقول
السفهاء من الناس إلى قوله إلا على الذين هدى الله وأنزل في الآخرين الآيات بعدها
وأخرج مالك وأبو داود في ناسخه وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن سعيد بن المسيب
" أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى بعد أن قدم المدينة ستة عشر شهرا نحو
بيت المقدس ثم تحولت القبلة إلى الكعبة قبل بدر بشهرين "
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الدلائل من طريق سعيد بن المسيب قال : سمعت سعد بن أبي
وقاص يقول " صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بعدما قدم المدينة ستة عشر
شهرا نحو بيت المقدس ثم حول بعد ذلك قبل المسجد الحرام قبل بدر بشهرين "
وأخرج أبو داود في ناسخه عن سعيد بن عبد العزيز " أن النبي صلى الله عليه و
سلم صلى نحو بيت المقدس من شهر ربيع الأول إلى جمادى الآخرة "
(1/345)
وأخرج
ابن جرير عن سعيد بن المسيب " أن الأنصار صلت للقبلة الأولى قبل قدوم النبي
صلى الله عليه و سلم المدينة بثلاث حجج وأن النبي صلى الله عليه و سلم صلى للقبلة
الأولى بعد قدومه المدينة ستة عشر شهرا "
وأخرج ابن جرير عن معاذ بن جبل " أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى للقبلة
الأولى بعد قدومه المدينة ستة عشر شهرا "
وأخرج ابن جرير عن معاذ بن جبل " أن النبي صلى الله عليه و سلم قدم المدينة
فصلى نحو بيت المقدس ثلاثة عشر شهرا "
وأخرج البزار وابن جرير عن أنس قال " صلى النبي صلى الله عليه و سلم نحو بيت
المقدس تسعة أشهر أو عشرة أشهر فبينما هو قائم يصلي الظهر بالمدينة وقد صلى ركعتين
نحو بيت المقدس انصرف بوجهه إلى الكعبة فقال السفهاء : ما ولاهم عن قبلتهم التي
كانوا عليها ؟ "
وأخرج البخاري عن أنس قال : لم يبق ممن صلى للقبلتين غيري
وأخرج أبو داود في ناسخه وأبو يعلى والبيهقي في سننه عن أنس " أن النبي صلى
الله عليه و سلم وأصحابه كانوا يصلون نحو بيت المقدس فلما نزلت هذه الآية فول وجهك
شطر المسجد الحرام البقرة الآية 144 مر رجل من بني سلمة فناداهم وهم ركوع في صلاة
الفجر نحو بيت المقدس ألا إن القبلة قد حولت إلى الكعبة مرتين فمالوا كما هم ركوع
إلى الكعبة "
وأخرج مالك وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود في ناسخه والنسائي عن الن عمر
قال : بينما الناس بقباء في صلاة الصبح إذ جاءهم آت فقال " إن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قد أنزل عليه الليلة القرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها
وكانت وجوهم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة "
وأخرج الوبير بن بكار في أخبار المدينة عن عثمان بن عبد الرحمن قال " كان
رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قام يصلي انتظر أمر الله في القبلة وكان يفعل
أشياء لم يؤمر بها ولم ينه عنها من فعل أهل الكتاب فبينا رسول الله صلى الله عليه
و سلم يصلي الظهر في مسجده قد صلى ركعتين إذ نزل عليه جبريل فأشار له أن صل إلى
البيت وصلى جبريل إلى البيت وأنزل الله قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة
ترضاها فول
(1/346)
وجهك
شطر المسجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره البقرة الآية 144
و وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعملون
البقرة الآية 144 قال : فقال المنافقون : حن محمد إلى أرضه وقومه وقال المشركون :
أراد محمد أن يجعلنا له قبلة ويجعلنا له وسيلة وعرف أن ديننا أهدى من دينه
وقال اليهود للمؤمنين : ما صرفكم إلى مكة وترككم به القبلة قبلة موسى ويعقوب
والأنبياء والله إن أنتم إلا تفتنون
وقال المؤمنون : لقد ذهب منا قوم ماتوا ما ندري أكنا نحن وهم على قبلة أو لا ؟ قال
: فأنزل الله عز و جل في ذلك سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي
كانوا عليها إلى قوله إن الله بالناس لرؤوف رحيم "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله " كانت القبلة فيها بلاء
وتمحيص صلت الأنصار حولين قبل قدوم النبي وصلى نبي الله بعد قدومه المدينة نحو بيت
المقدس ستة عشر شهرا ثم وجهه الله بعد ذلك إلى الكعبة البيت الحرام فقال في ذلك
قائلون من الناس : ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها لقد اشتاق الرجل إلى مولده
؟ ! قال الله عز و جل قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم وقال أناس
من ؟ أناس : لقد صرفت القبلة إلى البيت الحرام فكيف أعمالنا التي عملنا في القبلة
الأولى ؟ فأنزل الله وما كان الله ليضيع إيمانكم البقرة الآية 143 وقد يبتلي الله
عباده بما شاء من أمره الأمر بعد الأمر ليعلم من يطيعه ممن يعصيه وكل ذلك مقبول في
درجات في الإيمان بالله والإخلاص والتسليم لقضاء الله "
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة عن عمارة بن أوس الأنصاري قال : صلينا إحدى صلاتي
العشي فقام رجل على باب المسجد ونحن في الصلاة فنادى أن الصلاة قد وجبت نحو الكعبة
فحول أو انحرف أمامنا نحو الكعبة والنساء والصبيان
وأخرج ابن أبي شيبة والبزار عن أنس بن مالك قال : جاءنا منادي رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقال " إن القبلة قد حولت إلى بيت الله الحرام وقد صلى الإمام
ركعتين فاستداروا فصلوا الركعتين الباقيتين نحو الكعبة "
(1/347)
وأخرج
ابن سعد عن محمد بن عبد الله بن جحش قال " صليت القبلتين مع رسول الله صلى
الله عليه و سلم فصرفت القبلة إلى البيت ونحن في صلاة الظهر فاستدار رسول الله صلى
الله عليه و سلم بنا فاستدرنا معه "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم قال :
يهديهم إلى المخرج من الشبهات والضلالات والفتن
وأخرج أحمد والبيهقي في سننه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إنهم - يعني أهل الكتاب - لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على الجمعة التي
هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى القبلة التي هدانا الله لها وضلوا عنها وعلى قولنا
خلف الإمام آمين "
وأخرج الطبراني عن عثمان بن حنيف قال " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
قبل أن يقدم من مكة يدعو الناس إلى الإيمان بالله في تصديق به قولا وعملا والقبلة
إلى بيت المقدس فلما هاجر إلينا نزلت الفرائض ونسخت المدينة مكة والقول فيها ونسخ
البيت الحرام بيت المقدس فصار الإيمان قولا وعملا "
وأخرج البزار والطبراني عن عمرو بن عوف قال " كنا مع رسول الله صلى الله عليه
و سلم حين قدم المدينة فصلى نحو بيت المقدس سبعة عشر شهرا ثم حولت إلى الكعبة
"
قوله تعالى : وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم
شهيدا وما جعلنا القبلة التي كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على
عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع إيمانكم إن الله
بالناس لرؤوف رحيم
سعيد بن منصور وأحمد والترمذي والنسائي وصححه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان
والاسماعيلي في صحيحه والحاكم وصححه عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه و سلم في
قوله وكذلك جعلناكم أمة وسطا قال : عدلا
(1/348)
وأخرج
ابن جرير عن أبي هريرة عن النبي في قوله وكذلك جعلناكم أمة وسطا قال : عدلا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس جعلناكم أمة وسطا قال : جعلكم أمة عدلا
وأخرج ابن سعد عن القاسم بن عبد الرحمن قال : قال رجل لابن عمر : من أنتم ؟ قال :
ما تقولون ؟ قال : نقول إنكم سبط وتقول إنكم وسط
فقال : سبحان الله
! إنما السبط في بني إسرائيل والأمة الوسط أمة محمد جميعا
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير والن المنذر وابن
أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي سعيد قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " يدعى نوح يوم القيامة فيقال له : هل بلغت ؟ فيقول
: نعم
فيدعو قومه فيقال لهم : هل بلغكم ؟ فيقولون : ما أتانا من نذير وما أتانا من أحد
فيقال لنوح : من يشهد لك ؟ فيقول : محمد وأمته فذلك قوله وكذلك جعلناكم أمة وسطا
قال : والوسط العدل فتدعون فتشهدون له بالبلاغ وأشهد عليكم
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والنسائي وابن ماجه والبيهقي في البعث والنشور عن أبي
سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " يجيء النبي يوم القيامة ومعه
الرجل والنبي ومعه الرجلان وأكثر من ذلك فيدعى قومه فيقال لهم : هل بلغكم هذا ؟
فيقولون : لا
فيقال له : هل بلغت قومك ؟ فيقول : نعم
فيقال له : من يشهد لك ؟ فيقول : محمد وأمته
فيدعى محمد وأمته
فيقال لهم : هل بلغ هذا قومه ؟ فيقولون : نعم
فيقال : وما علمكم ؟ فيقولون : جاءنا نبينا فأخبرنا أن الرسل قد بلغوا
فذلك قوله وكذلك جعلناكم أمة وسطا قال : عدلا لتكونوا شهداء على الناس ويكون
الرسول عليكم شهيدا "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال " أنا وأمتي يوم القيامة على كوم مشرفين على الخلائق ما من
الناس أحد إلا ود أنه منا وما من نبي كذبه قومه إلا ونحن نشهد أنه بلغ رسالة ربه
"
وأخرج ابن جرير عن أبي سعيد في قوله وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على
الناس بأن الرسل قد بلغوا ويكون الرسول عليكم شهيد بما عملتم
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه عن جابر قال " شهد رسول الله صلى الله عليه و
سلم جنازة في بني سلمة وكنت إلى جانبه فقال بعضهم : والله يا رسول الله لنعم المرء
(1/349)
كان
لقد كان عفيفا مسلما وأثنوا عليه خيرا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنت الذي تقول ؟ فقال : يا رسول الله بدا
لنا والله أعلم بالسرائر
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : وجبت
قال : وكنا معه في جنازة رجل من بني حارثة أو من بني عبد الأشهل فقال رجل : بئس
المرء ما علمنا إن كان لفظا غليظا إن كان
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنت الذي تقول ؟ فقال : يا رسول الله الله
أعلم بالسرائر فأما الذي بدا لنا منه فذاك
فقال : وجبت ثم تلا رسول الله وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس
"
وأخرج الطيالسي وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن
أنس قال : مروا بجنازة فأثني عليه خير فقال النبي صلى الله عليه و سلم " وجبت
وجبت وجيت ومر بجنازة فأثني عليه بشر فقال النبي صلى الله عليه و سلم : وجبت وجبت
فسأله عمر
؟ فقال : من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار
أنتم شهداء الله في الأرض أنتم شهداء الله في الأرض أنتم شهداء الله في الأرض
زاد الحكيم الترمذي ثم تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم وكذلك جعلناكم أمة وسطا
لتكونوا شهداء على الناس "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري والترمذي والنسائي عن عمر
أنه مرت به جنازة فأثني على صاحبها خير فقال : وجبت وجبت ثم مر بأخرى فأثني شر
فقال عمر : وجبت
فقال أبو الأسود : وما وجبت ؟ قال : قلت كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدله الله الجنة
فقلنا : وثلاثة
؟ فقال : وثلاثة
فقلنا : واثنان
؟ فقال : واثنان ولم نسأله عن الواحد "
وأخرج أحمد وابن ماجة والطبراني والبغوي والحاكم في الكنى والدارقطني في الأفراد
والحاكم في المستدرك والبيهقي في سننه عن أبي زهير الثقفي قال : سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم بالبناوة يقول " يوشك أن تعلموا خياركم من شراركم
قال : بم يا رسول الله ؟ قال : بالثناء الحسن والثناء السيء أنتم شهداء الله في
الأرض "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال " أتي النبي صلى الله عليه و
سلم بجنازة يصلي عليها فقال الناس : نعم الرجل
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : وجبت
وأوتي بجنازة أخرى فقال الناس : بئس الرجل
فقال : وجبت
قال أبي بن كعب : ما قولك ؟ فقال : قال تعالى لتكونوا شهداء على الناس "
(1/350)
وأخرج
أحمد وأبو يعلى وابن حبان والحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان
والضياء في المختارة عن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ما من
مسلم يموت فتشهد له أربعة من أهل أبيات جيرانه الأدنين أنهم لا يعلمون منه لا خيرا
إلا قال الله : قد قبلت شهادتكم فيه وغفرت له ما لا تعلمون "
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن جرير والطبراني عن سلمة بن الأكوع قال " مر
على النبي صلى الله عليه و سلم بجنازة رجل من الأنصار فأثني عليها خيرا فقال :
وجبت
ثم مر عليه بجنازة أخرى فأثني عليها دون ذلك فقال : وجبت
فقال : يا رسول الله وما وجبت ؟ قال : الملائكة شهود الله في السماء وأنتم شهود
الله في الأرض "
وأخرج الخطيب في تاريخه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما
من مسلم يموت فيشهد له رجلان من جيرانه الأدنين فيقولان اللهم لا نعلم إلا خيرا
إلا قال الله للملائكة : اشهدوا أني قد قبلت شهادتهما وغفرت ما لا يعلمان "
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن كعب قال : أعطيت هذه
الأمة ثلاث خصال لم يعطها إلا الأنبياء كان النبي يقال له : بلغ ولا حرج وأنت شهيد
على قومك وادع أجبك
وقل لهذه الأمة ما جعل عليكم في الدين من حرج الحج الآية 78 وقال لتكونوا شهداء
على الناس وقال ادعوني استجب لكم غافر الآية 60
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم أن الأمم يقولون يوم القيامة : والله لقد كادت هذه
الأمة أن يكونوا أنبياء كلهم لما يرون الله أعطاهم
وأخرج ابن المبارك في الزهد وابن جرير عن حبان بن أبي جبلة يسنده إلى رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال " إذا جمع الله عباده يوم القيامة كان أول من يدعى
اسرافيل فيقول له ربه : ما فعلت في عهدي هل بلغت عهدي ؟ فيقول : نعم رب قد بلغته
جبريل
فيدعى جبريل فيقال : هل بلغك اسرافيل عهدي ؟ فيقول : نعم
فيخلى عن اسرافيل ويقول لجبريل : هل بلغت عهدي ؟ فيقول : نعم قد بلغت الرسل فتدعى
الرسل فيقال لهم : هل بلغكم جبريل عهدي ؟ فيقولون : نعم
فيخلى جبريل ثم يقال للرسل : هل بلغتم عهدي ؟ فيقولون : نعم بلغناه الأمم
فتدعى
(1/351)
الأمم
فيقال لهم : هل بلغتكم الرسل عهدي ؟ فمنهم المكذب ومنهم المصدق
فتقول الرسل : إن لنا عليهم شهداء
فيقول : من ؟ فيقولون : أمة محمد
فتدعى أمة محمد فيقال لهم : أتشهدون أن الرسل قد بلغت الأمم ؟ فيقولون : نعم
فتقول الأمم : يا ربنا كيف يشهد علينا من لم يدركنا ؟ فيقول الله : كيف تشهدون
عليهم ولم تدركوهم ؟ فيقولون : يا ربنا أرسلت إلينا رسولا وأنزلت علينا كتابا
وقصصت علينا فيه أن قد بلغوا فنشهد بما عهدت إلينا
فيقول الرب : صدقوا فذلك قوله وكذلك جعلناكم أمة وسطا والوسط العدل لتكونوا شهداء
على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا "
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي العالية عن أبي بن كعب في الآية قال لتكونوا شهداء
على الناس يوم القيامة كانوا شهداء على قوم نوح وعلى قوم هود وعلى قوم صالح وعلى
قوم شعيب وعندهم أن رسلهم بلغتهم وأنهم كذبوا رسلهم
قال أبو العالية : وهي في قراءة أبي لتكونوا شهداء على الناس يوم القيامة
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله ويكون الرسول عليكم شهيدا قال : يشهد أنهم قد
آمنوا بالحق إذ جاءهم وقبلوه وصدقوا به
وأخرج عبد بن حميد عن عبيد بن عمير قال : يأتي النبي صلى الله عليه و سلم بإذنه
ليس معه أحد فتشهد له أمة محمد أنه قد بلغهم
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : يقال : يا نوح قد بلغت ؟ قال : نعم يا رب
قال : فمن يشهد لك ؟ قال : رب أحمد وأمته
قال : فكلما دعي نبي كذبه قومه شهدت له هذه الأمة بالبلاغ فإذا سأل عن هذه الأمة
لم يسأل عنها إلا نبيها
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن حبان بن أبي جبلة قال : بلغني أن ترفع
أمة محمد على كوم بين يدي الله تشهد للرسل على أممها بالبلاغ فإنما يشهد منهم
يومئذ من لم يكن في قلبه احنة على أخيه المسلم
وأخرج مسلم وأبو دلود والحكيم الترمذي عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله "
لا يكون اللعانون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة "
وأما قوله تعالى وما حعلنا القبلة التي كنت عليها الآية أخرج ابن جرير عن عطاء في
قوله وما حعلنا القبلة التي كنت عليها قال :
(1/352)
يعني
بيت المقدس إلا لنعلم من يتبع الرسول قال : يبتليهم ليعلم من يسلم لأمره
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله
إلا لنعلم قال : إلا لنميز أهل اليقين من أهل الشك وإن كانت لكبيرة يعني تحويلها
على أهل الشك والريب
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : بلغني أن أناسا من الذين أسلموا رجعوا فقالوا
مرة ههنا ومرة ههنا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله وإن كانت لكبيرة يقول : ما أمر به
من التحول إلى الكعبة من بيت المقدس
وأخرج وكيع والفريابي والطيالسي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن
المنذر وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : لما وجه رسول الله
صلى الله عليه و سلم إلى القبلة قالوا : يا رسول الله فكيف بالذين ماتوا وهم يصلون
إلى بيت المقدس ؟ فأنزل الله وما كان الله ليضيع إيمانكم
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن البراء بن عازب في
قوله وما كان الله ليضيع إيمانكم قال : صلاتكم نحو بيت المقدس
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله وما كان الله ليضيع إيمانكم يقول : صلاتكم
اليت صليتم من قبل أن تكون القبلة وكان المؤمنون قد أشفقوا على من صلى منهم أن
لايقبل صلاتهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله رؤوف قال : يرأف بكم
قوله تعالى : قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر
المسجد الحرام وحيث كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه
الحق من ربهم وما الله بغافل عما يعماون
ابن ماجه عن البراء قال " صلينا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم نحو بيت
المقدس ثمانية
(1/353)
عشر
شهرا وصرفت القبلة إلى الكعبة بعد دخوله المدينة بشهرين وكان رسول الله صلى الله
عليه و سلم إذا صلى إلى بيت المقدس أكثر تقلب وجهه في السماء وعلم الله من قلب
نبيه أنه يهوى الكعبة فصعد جبريل فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يتبعه بصره
وهو يصعد بين السماء والأرض ينظر ما يأتيه به فأنزل الله قد نرى تقلب وجهك في
السماء
الآية
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا جبريل كيف حالنا في صلاتنا إلى بيت
المقدس ؟ فأنزل الله وما كان الله ليضيع إيمانكم البقرة الآية 143 "
وأخرج الطبراني عن معاذ بن جبل قال " صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد
أن قدم المدينة إلى بيت المقدس سبعة عشر شهرا ثم أنزل الله أنه يأمره فيها بالتحول
إلى الكعبة فقال قد نرى تقلب وجهك في السماء
الآية "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال " كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا سلم
من صلاته إلى بيت المقدس رفع رأسه إلى السماء فأنزل الله قد نرى تقلب وجهك
الآية "
وأخرج النسائي والبزار وابن المنذر والطبراني عن أبي سعيد بن المعلى قال "
كنا نغدو إلى المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فنمر على المسجد فنصلي
فيه فمررنا يوما ورسول الله صلى الله عليه و سلم قاعد على المنبر فقلت : لقد حدث
أمر
! فجلست
فقرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية قد نرى تقلب وجهك في السماء حتى فرغ
من الآية فقلت لصاحبي : تعال نركع ركعتين قبل أن ينزل رسول الله صلى الله عليه و
سلم فنكون أول من صلى فتوارينا فصلينا ثم نزل رسول الله صلى الله عليه و سلم فصلى
للناس الظهر يومئذ إلى الكعبة "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله قد نرى تقلب وجهك في السماء
فلنولينك قبلة ترضاها قال : هو يومئذ يصلي نحو بيت المقدس وكان يهوى قبلة نحو
البيت الحرام فولاه الله قبلة كان يهواها ويرضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام قال
: تلقاء المسجد الحرام
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال : قالت اليهود : يخالفنا محمد ويتبع
قبلتنا
! فقال : يدعو الله ويستفرض القبلة فنزلت قد نرى تقلب وجهك في السماء
الآية فانقطع قول يهود حين وجه للكعبة وحول الرجال مكان النساء والنساء مكان
الرجال
(1/354)
وأخرج
عبد الرزاق وابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وأحمد بن منيع في مسنده وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم في الكبير وصححه عن عبد الله بن عمرو في قوله فلنولينك قبلة
ترضاها قال : قبلة إبراهيم نحو الميزاب
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن أبي حاتم عن البراء في قوله
فول وجهك شطر المسجد الحرام قال : قبله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والدينوري في المجالسة والحاكم وصححه
والبيهقي في سننه عن علي في قوله فول وجهك شطر المسجد الحرام قال : شطره قبله
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير والبيهقي عن ابن عباس قال : شطره نحوه
وأخرج آدم والدينوري في المجالسة والبيهقي عن مجاهد في قوله شطره يعني نحوه
وأخرج وكيع وسفيان بن عينية وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير والدينوري عن
أبي العالية في قوله شطر المسجد الحرام قال : تلقاءه
وأخرج ابن أبي حاتم عن رفيع قال شطره تلقاءه بلسان الحبش
وأخرج أبو بكر بن أبي داود في المصاحف عن أبي رزين قال : في قراءة عبد الله وحيثما
كنتم فولوا وجوهكم قبله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : البيت كله قبلة وقبلة البيت الباب
وأخرج البيهقي في سننه عن ابن عباس مرفوعا " البيت قبلة لأهل المسجد والمسجد
قبلة لأهل الحرم والحرم قبلة لأهل الأرض في مشارقها ومغاربها من أمتي "
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله وإن الذين أوتوا الكتاب قال : أنزل ذلك في اليهود
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وإن الذين أوتوا الكتاب ليعلمون أنه الحق
من ربهم قال : يعني بذلك القبلة
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير عن أبي العالية في قوله وإن الذين أوتوا الكتاب
ليعلمون أنه الحق من ربهم يقول : ليعلمون أن الكعبة كانت قبلة إبراهيم والأنبياء
ولكنهم تركوها عمدا وإن فريقا منهم ليتكمون الحق البقرة الآية 146 يقول : يكتمون
صفة محمد وأمر القبلة
(1/355)
قوله
تعالى : ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع
قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك
إذل لمن الظالمين
ابن جرير عن السدي في قوله وما بعضهم بتابع قبلة بعض يقول : لا اليهود بتابعي قبلة
النصارى ولا النصارى بتابعي قبلة اليهود
قوله تعالى : الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم
ليكتمون الحق وهم يعلمون
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله
الذين آتيناهم الكتاب قال : اليهود والنصارى يعرفونه أي يعرفون رسول الله في
كتابهم كما يعرفون أبناءهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما
يعرفون أبناءهم قال : يعرفون أن البيت الحرام هو القبلة
وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون
أبناءهم قال : يعرفون أن البيت الحرام هو القبلة التي أمروا بها وإن فريقا منهم
ليكتمون الحق يعني القبلة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله وإن فريقا منهم قال : أهل الكتاب
ليكتمون الحق وهم يعلمون قال : يكتمون محمدا وهم يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة
والإنجيل
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه قال
: زعموا أن بعض أهل المدينة من أهل الكتاب ممن أسلم قال : والله لنحن أعرف به منا
بأبنائنا من الصفة والنعت الذي نجده في كتابنا وأما أبناؤنا فلا ندري ما أحدث
النساء
(1/356)
وأخرج
الثعلبي من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن ابن عباس قال : " لما قدم رسول
الله صلى الله عليه و سلم المدينة قال عمر بن الخطاب لعبد الله بن سلام : قد أنزل
الله على نبيه الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم فكيف يا عبد الله
هذه المعرفة ؟ فقال عبد الله بن سلام : ياعمر لقد عرفته حين رأيته كما أعرف ابني
إذا رأيته مع الصبيان وأنا أشد معرفة بمحمد مني بابني فقال عمر : كيف ذلك ؟ قال :
إنه رسول الله حق من الله وقد نعته الله في كتابنا ولا أدري ما تصنع النساء
فقال له عمر : وفقك الله يا ابن سلام "
وأخرج الطبراني عن سلمان الفارسي قال : خرجت أبتغي الدين فوقعت في الرهبان بقايا
أهل الكتاب قال الله تعالى يعرفونه كما يعرفون أبناءهم فكانوا يقولون : هذا زمان
نبي قد أظل يخرج من أرض العرب له علامات من ذلك شامة مدورة بين كتفيه خاتم النبوة
قوله تعالى : الحق من ربك فلا تكونن من الممترين
أبو دلود في ناسخه وابن جرير عن أبي العالية قال : قال الله لنبيه الحق من ربك فلا
تكونن من الممترين يقول : لا تكونن في شك يا محمد أن الكعبة هي قبلتك وكانت قبلة
لأنبياء قبلك
قوله تعالى : ولكل وجهة هو موليها فاستبقوا الخيرات أين ما تكونوا يأت بكم الله
جميعا إن الله على كل شيء قدير
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ولكل وجهة يعني بذلك أهل الأديان
يقول : لكل قبلة يرضونها ووجه الله حيث توجه المؤمنون
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قرأ ولكل وجهة هو موليها مضاف قال : مواجهها
قال : صلوا نحو بيت المقدس مرة ونحو الكعبة قبلة
وأخرج أبو داود في ناسخه عن قتادة ولكل وجهة هو موليها قال : هي صلاتهم إلى بيت
المقدس وصلاتهم إلى الكعبة
(1/357)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي داود في المصاحف عن منصور قال : نحن نقرؤها ولكل جعلنا قبلة
يرضونها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ولكل وجهة هو موليها قال : لكل صاحب
ملة قبلة وهو مستقبلها
وأخرج أبو داود في ناسخه عن أبي العالية ولكل وجهة هو موليها قال : لليهود وجهة هو
موليها وللنصارى وجهة هو موليها فهداكم الله أنتم أيتها الأمة القبلة التي هي
القبلة
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس أنه كان يقرأ ولكل وجهة هو مولاها
وأما قوله تعالى : فاستبقوا الخيرات الآية أخرج ابن جرير عن قتادة في قوله
فاستبقوا الخيرات يقول : لاتغلبن على قبلتكم
وأخرج ابن جرير عن أبي زيد في قوله فاستبقوا الخيرات قال : فسارعوا في الخيرات
أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا قال : يوم القيامة
وأخرج البخاري والنسائي والبيهقي في سننه عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا وأكل ذبيحتنا فذلك المسلم له
ذمة الله وذمة رسوله فلا تخفروا الله في ذمته "
قوله تعالى : ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وإنه للحق من ربك وما الله
بغافل عما يعملون ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا
وجوهكم شطره لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني
ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون
ابن جرير من طريق السدي عن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن
(1/358)
ابن
مسعود وناس من الصحابة قالوا : لما صرف النبي صلى الله عليه و سلم نحو الكعبة بعد
صلاته إلى بيت المقدس قال المشركون من أهل مكة : تحير محمد دينه فتوجه بقبلته
إليكم وعلم أنكم أهدى منه سبيلا ويوشك أن يدخل في دينكم
فأنزل الله لئلا يكون للناس عليكم حجة إلا الذين ظلموا منهم فلا تخشوهم واخشوني
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله لئلا يكون للناس عليكم حجة قال :
يعني بذلك أهل الكتاب قالوا حين صرف نبي الله إلى الكعبة البيت الحرام : اشتاق
الرجل إلى بيت أبيه ودين قومه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله لئلا يكون للناس عليكم حجة قال :
حجتهم قولهم : قد راجعت قبلتنا
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ومجاهد في قوله إلا الذين
ظلموا منهم قال : هم مشركو العرب قالوا حين صرفت القبلة إلى الكعبة : قد رجع إلى
قبلتكم فيوشك أن يرجع إلى دينكم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله إلا الذين ظلموا منهم قال : الذيت
ظلموا منهم مشركو قريش إنهم سيحتجون بذلك عليكم واحتجوا على نبي الله بانصرافه إلى
البيت الحرام وقالوا : سيرجع محمد على ديننا كما رجع إلى قبلتنا فأنزل الله في ذلك
كله يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين البقرة
الآية 153
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله لئلا يكون للناس عليكم حجة قال : يعني
بذلك أهل الكتاب إلا الذين ظلموا منهم بمعنى مشركي قريش
قوله تعالى : كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم
الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون
ابن أبي حاتم عن أبي الاعلاية في قوله كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يقول : كا فعلت
فاذكروني
(1/359)
قوله
تعالى : فاذكروني أذكركم وأشكروا لي ولا تكفرون
عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله فاذكروني أذكركم قال : اذكروني
بطاعتي أذكركم بمغفرتي
وأخرج أبو الشيخ والديلمي من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال " قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم فاذكروني أذكركم يقول : اذكروني يا معاشر العباد
بطاعتي أذكروكم بمغفرتي "
وأخرج ابن لال والديلمي وابن عساكر عن أبي هند الداري " عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال الله : اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي فمن ذكرني وهو مطيع فحق علي
أن أذكره بمغفرتي ومن ذكرني وهو لي عاص فحق علي أن أذكره بمقت "
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله فاذكروني أذكركم قال : قال ابن عباس : يقول
الله " ذكري لكم خير من ذكركم لي "
وأخرج الطبراني في الأوسط وأبو نعيم عن أبي هرير عن النبي صلى الله عليه و سلم
يقول الله " يا ابن آدم إنك إذا ماذكرتني شكرتني وإذا ما نسيتني كفرتني
"
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن زيد بن أسلم
أن موسى عليه السلام قال : يا رب أخبرني كيف أشكرك ؟ قال " تذكرني ولا تنساني
فإن ذكرتني شكرتني وإذا نسيتني فقد كفرتني "
وأخرج الطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " من أعطي أربعا أعطي أربعا وتفسير ذلك في كتاب
الله من أعطي الذكر ذكره الله لأن الله يقول فاذكروني أذكروكم ومن أعطي الدعاء
أعطي الإجابة لأن الله يقول ادعوني استجب لكم غافر الآية 60 ومن أعطي الشكر أعطي
الزيادة لأن الله يقول لئن شكرتم لأزيدنكم إبراهيم الآية 7 ومن أعطي الاستغفار
أعطي المغفرة لأن الله يقول استغفروا ربكم إنه كان غفارا نوح الآية 10 "
(1/360)
وأخرج
ابن جرير عن السدي في قوله تعالى فاذكروني أذكركم قال : ليس من عبد يذكر الله إلا
ذكره الله إلا يذكره مؤمن إلا ذكره برحمة ولا يذكره كافر إلا ذكره بعذاب
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد في الزهد والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس
قال : أوحى الله إلى داود " قل للظلمة لايذكروني فإن حقا علي أذكر من ذكرني
إن ذكري إياهم أن ألعنهم "
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عمر
أنه قيل له : أرأيت قاتل النفس وشارب الخمر والزاني يذكر الله وقد قال الله
فاذكروني أذكركم ؟ قال : إذا ذكر الله هذا ذكره الله بلعنته حتى يسكت
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن خالد بن أبي عمران
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من أطاع الله فقد ذكر الله وإن
قلت صلاته وصيامه وتلاوته القرآن ومن عصى الله فقد نسي الله وإن كثرت صلاته وصيامه
وتلاوته للقرآن "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " يقول الله : أنا عند
ظن عبدي بي وأنا معه إذا ذكرني فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي وإن ذكرني في ملأ
ذكرته في ملأ خير منهم وإن تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا وإن تقرب إلي ذراعا
تقربت إليه باعا وإن أتاني يمشي أتيته هرولة "
وأخرج أحمد والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم قال : قال الله عز و جل : يا ابن آدم إذا ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي وإن
ذكرتني في ملأ ذكرتك في ملأ من الملاءكة
أو قال : في ملأ خير منهم وإن دنوت مني شبرا دنوت منك باعا وإن أتيتني تمشي أتيتك
بهرولة "
وأخرج الطبراني عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
قال الله عز و جل ذكره : لا يذكرني أحد في نفسه إلا ذكرته في ملأ من ملائكتي ولا
يذكرني في ملأ إلا ذكرته في الرفيق الأعلى "
وأخرج ابن أبي الدنيا في الذكر والبزار و البيهقي عن ابن عباس عن النبي صلى الله
عليه و سلم
(1/361)
قال
: " قال الله : يا ابن آدم إذا ذكرتني خاليا ذكرتك خاليا وإذا ذكرتني في ملأ
ذكرتك في ملأ خير من الذين تذكرني فيهم وأكثر "
وأخرج ابن ماجه وابن حبان والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
" إن الله عز و جل يقول : أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت بي شفتاه "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه
والبيهقي عن عبد الله بن بسر أن رجلا قال : يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت
علي فأخبرني بشيء أستن به قال : لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله "
وأخرج ابن أبي الدنيا والبزار وابن حبان والطبراني والبيهقي عن مالك بن يخامر أن
معاذ بن جبل قال لهم " إن آخر كلام فارقت عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم
أن قلت : أي الأعمال أحب إلى الله ؟ قال : أن تموت ولسانك رطب من ذكر الله "
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي المخارق قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم "
مررت ليلة أسرى بي برجل في نور العرش قلت : من هذا ملك ؟ ! قيل : لا
قلت : نبي
؟ قيل : لا
قلت : من هذا ؟ قال : هذا رجل كان في الدنيا لسانه رطب من ذكر الله وقلبه معلق
بالمساجد ولم يستسب لوالديه "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن أبي الدنيا عن سالم بن أبي الجعد قال :
قيل لأبي الدرداء : إن الرجل أعتق مائة نسمة قال : إن مائة نسمة من مال رجل لكثير
وأفضل من ذلك إيمان ملزوم بالليل والنهار أن لا يزال لسان أحدكم رطبا من ذكر الله
وأخرج أحمد والترمذي وابن ماجه وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي
الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ألا أنبئكم بخير أعمالكم
وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إنفاق الذهب والورق وخير لكم
من أن تلقوا أعداءكم فتضربوا أعناقهم ؟ قالوا : بلى
قال : ذكر الله "
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه و سلم
أنه كان يقول " إن لكل شيء صقالة وإن صقالة القلوب ذكر الله وما من شيء أنجى
من عذاب الله من ذكر الله
قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولو أن يضرب بسيفه حتى ينقطع "
وأخرج البزار والطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من
(1/362)
عجز
منكم عن الليل أن يكابده وبخل بالمال أن ينفقه وحين غدر العدوان يجاهده فليكثر ذكر
الله "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن جابر رفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم قال "
ما عمل آدمي عملا أنجى له من العذاب من ذكر الله
قيل : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا أن يضرب بسيفه
حتى ينقطع "
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر والطبراني والبيهقي عن ابن عباس " إن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : أربع من أعطيهن فقد أعطي خير الدنيا والآخرة :
قلب شاكر ولسان ذاكر وبدن على البلاء صابر وزوجة لاتبغيه خونا في نفسها وماله
"
وأخرج ابن حبان عن أبي سعيد الخدري " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
ليذكرن الله أقوام في الدنيا على الفرش الممهدة يدخلهم الله الرجات العلى "
وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي عن أبي موسى قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم
" مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت "
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " ما من
يوم وليلة إلا والله عز و جل فيه صدقة من بها على من يشاء من عباده وما من الله
على عبد بأفضل من أن يلهمه ذكره "
وأخرج ابن أبي شيبة عن خالد بن معدان قال : إن الله يتصدق كل يوم بصدقة فما تصدق
على عبده بشيء أفضل من ذكره
وأخرج الطبراني عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لو أن
رجلا في حجره دراهم يقسمها وآخر يذكر الله لكان الذاكر لله أفضل "
وأخرج الطبراني والبيهقي عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ليس يتحسر أهل الجنة إلا على ساعة مرت بهم لم يذكر الله تعالى فيها "
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عائشة " أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقول : ما من ساعة تمر بابن آدم لم يذكر الله فيها بخير إلا تحسر عليها يوم
القيامة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه البيهقي عن أبي هريرة وأبي
سعيد " أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : لا يقعد قوم
2يذكرون الله إلا حفتهم الملائكة وغشيتهم الرحمة ونزلت عليهم السكينة وذكرهم الله
فيمن عنده "
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم
(1/363)
"
إن لأهل ذكر الله أربعا
ينزل عليهم السكينة وتغشاهم الرحمة وتحف بهم الملائكة ويذكرهم الرب في ملأ عنده
"
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي الدرداء " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : إن الله يقول : أنا مع عبدي إذا هو ذكرني وتحركت بي شفتاه "
وأخرج الحاكم وصححه عن أنس مرفوعا قال الله " عبدي أنا عند ظنك بي وأنا معك
إذا ذكرتني "
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عمر قال : ذكر الله بالغداة والعشي أعظم من
حطم السيوف في سبيل الله وإعطاء المال سخاء
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ بن جبل قال : لو أن رجلين أحدهما يحمل على الجياد في
سبيل الله والآخر يذكر الله لكان الذاكر أعظم وأفضل أجرا
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن سلمان الفارسي قال : لو بات رجل يعطي القناة
البيض يقصد قتال الأعداء
ولفظ أحمد : يطاعن الأقران وبات آخر يقرأ القرآن أو يذكر الله لرأيت أن ذاكر الله
أفضل
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمرو لو أن رجلين أقبل أحدهما من المشرق والآخر من
المغرب مع أحدهما ذهب لا يضع منه شيئا إلا في حق والآخر يذكر الله حتى يلتقيا في
طريق كان الذي يذكر الله أفضلهما
وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر
فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا هلموا إلى حاجتكم فيحفونهم بأجنحتهم إلى
السماء فإذا تفرقوا عرجوا إلى السماء فيسألهم ربهم - وهو يعلم - من أين جئتم ؟
فيوقلون : جئنا من عند عباد لك يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك
فيقول : لو رأوك كانوا أشد لك عبادة وأشد لك تمجيدا وأشد لك تسبيحا
فيقول : فما يسألون ؟ فيقولون : يسألونك الجنة
فيقول : وهل رأوها ؟ فيقولون :
(1/364)
لا
فيقول : فكيف لو رأوها ؟ فيقولون : لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصا وأشد لها
طلبا وأعظم فيها رغبة
قال : فمم يتعوذون : يتعوذون من النار
فيقول : وهل رأوها ؟ فيقولون : لا
فيقول : فكيف لو رأوها ؟ فيقولون : لو أنهم رأوها كانوا أشد منها فرارا وأشد لها
مخافة
فيقول : أشهدكم أني قد غفرت لهم
فيقول ملك من الملائكة : فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة
قال : هم القوم لا يشقى بهم جليسهم "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والترمذي و النسائي عن معاوية " أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم خرج على حلقة من أصحابه فقال : ما أجلسكم ؟ قالوا : جلسنا نذكر
الله ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن به علينا
قال آلله ماجلسكم إلا ذلك ؟ قالوا : آلله ما أجلسنا إلا ذلك
قال : أما أني لم استحلفكم تهمة لكم ولكن أتاني جبريل فأخبرني أن الله يباهي بكم
الملائكة "
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن حبان والبيهقي عن أبي سعيد الخدري " أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : يقول الله يوم القيامة : سيعلم أهل الجمع اليوم من أهل
الكرم
فقيل : ومن أهل الكرم يا رسول الله ؟ قال : أهل مجالس الذكر "
وأخرج أحمد عن أنس قال : كان عبد الله بن رواحة إذا لقي الرجل من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : تعال نؤمن بربنا ساعة
فقال ذات يوم لرجل فغضب الرجل فجاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول
الله صلى الله عليه و سلم ألا ترى إلى ابن رواحة يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة ؟
فقال النبي صلى الله عليه و سلم " يرحم الله ابن رواحة إنه يحب المجالس التي
تتباهى بها الملائكة "
وأخرج أحمد والبزار وأبو يعلى والطبراني عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال " ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله لا يريدون بذلك إلا وجهه إلا ناداهم
مناد من السماء أن قوموا مغفورا لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات "
وأخرج الطبراني عن سهل بن الحنظلية قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ما جلس قوم مجلسا يذكرون الله عز و جل فيه فيقومون حتى يقال لهم : قوموا قد
غفرت لكم وبدلت سيئاتكم حسنات "
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن مغفل قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله إلا ناداهم مناد في السماء : قوموا مغفورا
لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات وما من قوم اجتمهوا في مجلس فتفرقوا ولم يذكروا الله
إلا كان ذلك عليهم حسرة يوم القيامة "
وأخرج أحمد عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما عمل
آدمي
(1/365)
عملا
قط أنجى له من عذاب القبر من ذكر الله
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند ميلككم
وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من تعاطي الذهب والفضة ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا
أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله
قال : ذكر الله "
وأخرج أحمد عن معاذ بن جبل " أنه سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن أفضل
الإيمان ؟ قال : أن تحب لله وتبغض لله وتعمل في ذكر الله
قال : وماذا ؟ قال : وأن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره للناس ما تكره لنفسك وأن
تقول خيرا أو تصمت "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي برزة الأسلمي قال :
لو أن رجلا في حجره دنانير يعطيها وآخر ذاكر الله عز و جل لكان الذاكر أفضل
وأخرج عبد الله بن أحمد عن أبي الدرداء قال : اذكر الله عند كل حجيرة وشجيرة ومدرة
واذكره في سرائك تذكر في ضرائك
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال : إن الذين لا تزال ألسنتهم
رطبة بذكر الله تبارك وتعالى يدخل أحدهم الجنة وهو يضحك
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال : لأن أكبر مائة تكبيرة أحب إلي من أن
أتصدق بمائة دينار
وأخرج عبد الله ابنه عن عبد الله بن عمرو قال : ما اجتمع ملأ يذكرون الله إلا
ذكرهم الله في ملأ أعز منه وأكرم وما تفرق قوم لم يذكروا الله في مجلسهم إلا كان
حسرة عليهم يوم القيامة
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال : التكبيرة خير من الدنيا وما فيها
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ما عمل ابن آدم عملا أنجى له من النار من ذكر الله
قالوا : يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله
إلا أن تضرب بسيفك حتى ينقطع ثم تضرب بسيفك حتى ينقطع ثم تضرب حتى ينقطع "
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ بن جبل قال : لأن اذكر الله من غدوة حتى تطلع الشمس
أحب إلي من أن أحمل على الجياد في سبيل الله من غدوة حتى تطلع الشمس
(1/366)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن عبادة بن الصامت قال : لأن أكون في قوم يذكرون الله من حين يصلون
الغداة إلى حين تطلع الشمس أحب إلي من أن أكون على متون الخيل أجاهد في سبيل الله
إلى أن تطلع الشمس ولأن أكون في قوم يذكرون من حين يصلون العصر حتى تغرب الشمس أحب
إلي من أن أكون على متون الخيل أجاهد في سبيل الله حتى تغرب الشمس
وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان قال : إذا كان العبد يحمد الله في السراء ويحمده في
الرخاء فأصابه ضر دعا الله قالت الملائكة : صوت معروف من إمرىء ضعيف فيشفعون له
فإذا كان العبد لا يذكر الله في السراء ولا يحمده في الرخاء فأصابه ضر فدعا الله
قالت الملائكة : صوت منكر
وأخرج ابن أبي شيبة عن جعفر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أشد
الأعمال ثلاثة ذكر الله على كل حال والإنصاف من نفسك والمواساة في المال "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : إن أهل السماء ليرون بيوت أهل الذكر تضيء
لهم كما يضيء الكوكب لأهل الأرض
وأخرج البزار عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " إن لله سيارة من
الملائكة يطلبون حلق الذكر فإذا أتوا عليهم حفوا بهم ثم بعثوا رائدهم إلى السماء
إلى رب العزة تبارك وتعالى فيقولون : ربنا أتينا على عباد من عبادك يعظمون آلاءك
ويتلون كتابك ويصلون على نبيك محمد صلى الله عليه و سلم ويسألونك لآخرتهم ودنياهم
فيقول تبارك وتعالى : غشوهم برحمتي فهم الجلساء لا يشقى بهم جليسهم "
وأخرج أحمد عن ابن عمر قال : قلت : يا رسول الله ما غنيمة مجالس الذكر ؟ قال :
غنيمة مجالس الذكر الجنة
وأخرج ابن أبي الدنيا والبزار وأبو يعلى والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في
الدعوات عن جابر قال " خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا
أيها الناس إن لله سرايا من الملائكة تحل وتقف على مجالس الذكر فارتعوا في رياض
الجنة
قالوا : وأين رياض الجنة ؟ قال : مجالس الذكر فاغدوا وروحوا في ذكر الله وذكروه
أنفسكم من كان يحب أن يعلم منزلته عند الله فلينظر الله كيف منزلة الله عنده فإن
الله ينزل العبد منه حيث أنزله من نفسه "
(1/367)
وأخرج
أحمد والترمذي وحسنه عن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إذا
مررتم برياض الجنة فارتعوا
قال : وما رياض الجنة ؟ قال : حلق الذكر "
وأخرج الطبراني عن عمرو بن عبسة " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
عن يمين الرحمن وكلتا يديه يمين رجال ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغشي بياض وجوهم نظر
الناظرين يغبطهم النبيون والشهداء بمقعدهم وقربهم من الله
قيل : يا رسول الله من هم ؟ قال : هم جماع من نوازع القبائل يجتمعون على ذكر الله
تعالى فينتقون أطايب الكلام كما ينتقي آكل التمر أطايبه "
وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
ليبعثن الله أقواما يوم القيامة في وجوهم النور على منابر اللؤلؤ يغبطهم الناس
ليسوا بأنبياء ولا شهداء
فقال أعرابي : يا رسول الله صفهم لنا نعرفهم ؟ قال : هم المتحابون في الله من
قبائل شتى وبلاد شتى يجتمعون على ذكر الله يذكرونه "
وأخرج الخرائطي في الشكر عن خليد العقري قال : إن لكل بيت زينة وزينة المساجد
الرجال على ذكر الله
وأخرج البيهقي في الدعوات عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال لهم : أتحبون أيها الناس أن تجتهدوا في الدعاء ؟ قالوا : نعم
قال : قولوا : اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك "
(1/368)
وأخرج
أحمد في الزهد عن عمرو بن قيس قال : أوحى الله إلى داود إنك إن ذكرتني ذكرتك وإن
نستني تركتك واحذر أن أجدك على حال لا أنظر إليك فيه
وأخرج عبد الله ابنه في زوائده عن معاوية بن قرة عن أبيه أنه قال له : يا بني إذا
كنت في قوم يذكرون الله فبدت لك حاجة فسلم عليهم حين تقوم فإنك لا تزال لهم شريكا
ما داموا جلوسا
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جعفر قال : ما من شيء أحب إلى الله من الذكر والشكر
أما قوله تعالى واشكروا لي ولا تكفرون أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الشكر والبيهقي
في شعب الإيمان عن ابن المنكدر قال : كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه و سلم
" اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك "
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن أبي الدنيا والبيهقي عن معاذ قال : قال لي
النبي صلى الله عليه و سلم " إني أحبك لا تدعن أن تقول في دبر كل صلاة :
اللهم أعني على شكرك وشكرك وحسن عبادتك "
وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي الجلد قال : قرأت في مساءلة
موسى عليه السلام
أنه قال : يا رب كيف لي أن أشكرك وأصغر نعمة وضعتها عندي من نعمك لا يجازي بها
عملي كله ؟ فأتاه الوحي : أن يا موسى الآن شكرتني
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن سليمان التيمي قال : إن الله عز و جل أنعم على
العباد على قدره وكلفهم الشكر على قدرهم
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الملك بن مروان قال : ما قال عبد كلمة أحب إليه وابلغ
من الشكر عنده من أن يقول : الحمد لله الذي أنعم علينا وهدانا للإسلام
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الأصبغ بن نباتة قال : كان علي رضي الله عنه إذا
دخل الخلاء قال : بسم الله الحافظ من المؤذي وإذا خرج مسح بيده على بطنه ثم قال :
يا لها من نعمة لو يعلم العباد شكرها
وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن قال : إن الله ليمنع النعمة ما شاء فإذا لم يشكر
قلبها عذابا
وأخرج ابن أبي الدنيا والخرائطي كلاهما في كتاب الشكر والحاكم والبيهقي في شعب
الإيمان عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " ما أنعم الله على عبده
من نعمة فعلم أنها من عند الله إلا كتب الله له شكرها قبل أن يحمده وما علم الله
من عبد ندامة على ذنب إلا غفر له ذلك قبل أن يستغفره إن الرجل ليشتري الثوب
بالدينار فيلبسه فيحمد الله فما يبلغ ركبتيه حتى يغفر له "
وأخرج البيهقي في الشعب عن علي رضي الله عنه قال : من قال حين يصبح : الحمد لله
على حسن المساء والحمد لله على حسن المبيت والحمد لله على حسن الصباح فقد أدى شكر
ليلته ويومه
(1/369)
وأخرج
ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والبيهقي عن عبد الله : أدى شكر ليلته ويومه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا البيهقي عن عبد الله بن سلام قال : قال موسى
عليه السلام : يا رب ما الشكر الذي نبغي لك ؟ قال : لا يزال لسانك رطبا من ذكري
قال : فإنا نكون من الحال إلى حال نجلك أن نذكرك عليها قال : ما هي ؟ قال : الغائط
وإهراق الماء من الجنابة وعلى غير وضوء
قال : كلا
قال : يا رب كيف أقول ؟ قال : تقول سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت فجنبني
الأذى سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت فقني من الأذى
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن اسحق بن عبد الله بن أبي طلحة أن رجلا كان يأتي
النبي صلى الله عليه و سلم فيسلم عليه فيقول النبي صلى الله عليه و سلم يدعو له
فجاء يوما فقال له النبي صلى الله عليه و سلم " كيف أنت يا فلان ؟ قال : بخير
إن شكرت
فسكت النبي صلى الله عليه و سلم فقال الرجل : يا نبي الله كنت تسألني وتدعو لي
وإنك سألتني اليوم فلم تدع لي ؟ قال : إني كنت أسألك فتشكر الله وإني سألتك اليوم
فشككت في الشكر "
عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه
أنه ان يقول في دعائه : أسألك تمام النعمة في الأشياء كلها والشكر لك عليها حتى
ترضى وبعد الرضا
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي حازم أن رجلا قال له : ما شكر العينين ؟ قال
: إن رأيت بهما خيرا أعلنته وإن رأيت بهما شرا سترته
قال : فما شكر الأذنين ؟ قال : إن سمعت خيرا وعيته وإن سمعت بهما شرا أخفيته
قال : فما شكر اليدين ؟ قال : لا تأخذ بهما ما ليس لهما ولا تمنع حقا لله عز و جل
هو فيهما
قال : فما شكر البطن ؟ قال : أن يكون أسفله طعاما وأعلاه علما
قال : فما شكر الفرج ؟ قال : كما قال الله عز و جل إلا على أزواجهم أو ما ملكت
أيمانهم المؤمنون الآية 6 إلى قوله فأولئك هم العادون قال : فما شكر الرجلين ؟ قال
: إن رأيت حيا غبطته بهما عملته وإن رأيت ميتا مقته كففتهما عن عمله وأنت شاكر لله
عز و جل فأما من شكر بلساه ولم يشكر بجميع أعضائه فمثله كمثل رجل له كساء فأخذ
بطرفه ولم يلبسه فلم ينفعه ذلك من الحر والبرد والثلج والمطر
وأخرج البيهقي في الشعب عن علي بن المديني قال : قيل لسفيان بن عينية : ما
(1/370)
حد
الزهد ؟ قال : أن تكون شاكرا في الرخاء صابرا في البلاء فإذا كان كذلك فهو زاهد
قيل لسفيان : ما الشكر ؟ قال : أن تجتنب ما نهى الله عنه
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عمر بن عبد العزيز قال : قيدوا نعم الله بالشكر
لله عز و جل شكر الله ترك المعصية
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن محمد بن لوط الأنصاري قال : كان يقال : الشكر
ترك المعصية
وأخرج ابن أبي الدنيا عن مخلد بن حسين قال : كان يقال : الشكر ترك المعاصي
وأخرج البيهقي عن اجنيد قال : قال السري يوما : ما الشكر ؟ فقلت له : الشكرعندي أن
لا يستعان على المعاصي بشيء من نعمه
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن سفيان بن عينية قال : قيل للزهري ما الزاهد ؟
قال : من لم يغلب الحرام صبره ولم يمنع الحلال شكره
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال : الشكر يأخذ بجرم الحمد
وأصله وفرعه فلينظر في نعم من الله في بدنه وسمعه وبصره ويديه ورجليه وغير ذلك ليس
من هذا شيء إلا وفيه نعمة من الله حق على العبد أن يعمل بالنعم اللاتي هي في يديه
لله عز و جل في طاعته ونعم أخرى في الرزق وحق عليه أن يعمل لله فيما أنعم به عليه
من الرزق في طاعته فمن عمل بهذا كان أخذ بجرم الشكر وأصله وفرعه
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عامر قال : الشكر نصف الإيمان والصبر نصف
الإيمان واليقين الإيمان كله
وقال البيهقي : أنبأنا أبو عبد الرحمن السلمي قال : سئل الأستاذ أبو سهل محمد بن
سليمان الصعلوكي عن الشكر والصبر أيهما أفضل ؟ فقال : هما في محل الاستواء فالشكر
وظيفة السراء والصبر فريضة الضراء
وأخرج الترمذي وحسنه وابن ماجه والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال " للطاعم الشاكر من الأجر مثل ما للصائم الصابر "
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء قال : من لم يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعمه
ومشربه فقد قل عمله وحضر عذابه
(1/371)
وأخرج
البيهقي عن الفضيل بن عياض قال : عليكم بالشكر فإنه قل قوم كانت عليهم من الله
نعمة فزالت عنهم ثم عادت إليهم
وأخرج البيهقي عن عمارة بن حمزة قال : إذا وصلت إليكم أطراف النعم فلا تنفروا
أقصاها بقلة الشكر
وأخرج البيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من نظر في
الدين إلى من فوقه وفي الدنيا إلى من تحته كتبه الله صابرا شاكرا ومن نظر في الدين
إلى من تحته ونظر في الدنيا إلى من فوقه لم يكتبه الله صابرا ولا شاكرا "
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده " سمعت أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : خصلتان من كانتا فيه كتبه الله صابرا شاكرا ومن لم
يكونا فيه لم يكتبه الله صابرا ولا شاكرا من نظر في دينه إلى من فوقه فاقتدى به
ومن نظر في دنياه إلى من هو دونه ونظر في دنياه إلى من هو فوقه فاسف على ما فاته
لم يكتبه الله شاكرا ولا صابرا "
وأخرج مسلم والبيهقي عن صهيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " عجبا
لأمر المؤمن كله خير إن أصابته سراء فشكر كان خيرا وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا
"
وأخرج النسائي والبيهقي عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " عجبت للمؤمن إن أعطي قال : الحمد لله فشكر وإن ابتلي قال : الحمد لله
فصبر فالمؤمن يؤجر على كل حال حتى اللقمة يرفعها إلى فيه "
وأخرج البيهقي وضعفه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
من كانت فيه ثلاث أدخله الله في رحمته وأراه محبته وكان في كنفه : من إذا أعطي شكر
وإذا قدر غفر وإذا غضب فتر "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي وضعفه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " ثلاث من كن فيه آواه الله في كنفه وستر عليه برحمته وأدخله في محبته
قيل : وما هن يا رسول الله ؟ قال : من إذا أعطي شكر وإذا قدر غفر وإذا غضب فتر
"
وأخرج أبو داود والنسائي وابن أبي الدنيا في الشكر والفريابي في الذكر والمعمري في
عمل اليوم والليلة والطبراني في الدعاء وابن حبان والبيهقي والمستغفري كلاهما في
الدعوات عن عبد الله بن غنام قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من
قال حين يصبح :
(1/372)
اللهم
ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر فقد
أدى شكر يومه ومن قال مثل ذلك حين يمسي فقد أدى شكر ليلته "
وأخرج ابن أبي الدنيا عن السري بن عبد الله أنه كان في الطائف فاصابهم مطر فخطب الناس
فقال : يا أيها الناس احمدوا الله على ما وضع لكم من رزقه فإنه بلغني عن النبي صلى
الله عليه و سلم أنه قال " إذا أنعم الله عز و جل على عبده بنعمة فحمده عندها
فقد أدى شكرها "
وأخرج ابن أبي الدنيا والخرائطي كلاهما في كتاب الشكر عن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " من رأى صاحب بلاء فقال : الحمدلله الذي عافاني
مما ابتلاك به وفضلني عليك وعلى جميع خلقه تفضيلا فقد أدى شكر النعمة "
وأخرج ابن أبي الدنيا عن كعب قال : ما أنعم الله عز و جل على عبد نعمة في الدنيا
فشكرها لله عز و جل وتواضع بها لله إلا أعطاه نفعها في الدنيا ورفع له بها درجة في
الآخرة وما أنعم الله على عبد من نعمة في الدنيا فلم يشكرها لله عز و جل ولم
يتواضع بها لله إلا منعه الله عز و جل نفعها في الدنيا وفتح له طبقا من النار
فعذبه إن شاء أو تجاوز عنه
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما من عبد يشرب من ماء القراح
فيدخل بغير أذى ويجري بغير أذى إلا وجب عليه الشكر
وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه عن أبي
بكرة " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا جاءه أمر يسره خر ساجدا لله عز
و جل شكرا لله "
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الرحمن بن عوف " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال له : إني لقيت جبريل عليه السلام فبشرني وقال : إن الله يقول لك : من صلى
عليك صليت عليه ومن سلم عليك سلمت عليه فسجدت لله شكرا "
وأخرج الخرائطي في الشكر عن جابر " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا رأى
صاحب بلاء خر ساجدا "
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة والخرائطي في الشكر عن شداد بن أوس " سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : إذا كنز الناس الذهب والفضة فأكثروا هؤلاء
(1/373)
الكلمات
: اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد وأسألك شكر نعمتك وأسألك
حسن عبادتك وأسألك قلبا سليما ولسانا صادقا وأسألك من خير ما تعلم وأعوذ بك من شر
ما تعلم وأستغفرك لما تعلم إنك أنت علام الغيوب "
وأخرج الخرائطي عن جابر بن عبد الله " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : أفضل الذكر لا إلا إله إلا الله وأفضل الشكر الحمد لله "
وأخرج الخرائطي والبيهقي في الدعوات عن منصور بن صفية قال : مر النبي صلى الله
عليه و سلم برجل وهو يقول : الحمد لله الذي هداني للإسلام وجعلني من أمة محمد
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لقد شكرت عظيما "
وأخرج الخرائطي عن محمد بن كعب القرظي قال : يا هؤلاء احفظوا اثنتين شكر النعمة
وإخلاص الإيمان
وأخرج الخرائطي عن أبي عمر الشيباني قال : قال موسى عليه السلام يوم الطور : يا رب
إن أنا صليت فمن قبلك وإن أنا تصدقت فمن قبلك وإن أنا بلغت رسالاتك فمن قبلك فكيف
أشكرك ؟ قال : يا موسى الآن شكرتني
وأخرج ابن أبي الدنيا والخرائطي والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن قرط
الأزدي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إنما تثبت النعمة بشكر
المنعم عليه للمنعم
وأخرج الخرائطي عن جعفر بن محمد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب قال : أشكر
المنعم عليك فإنه لا نفاد للنعم إذا شكرت ولا بقاء لها إذا كفرت والشكر زيادة في
النعم وأمان من الغير
وأخرج الخرائطي عن خالد الربعي قال : كان يقال : إن من أجدر الأعمال أن تعجل
عقوبته : الأمانة تخان والرحم يقطع والإحسان يكفر
وأخرج الخرائطي عن كعب الأحبار قال : شر الحديث التجديف قال أبو عبيد : قال
الأصمعي : التجديف هو الكفر بالنعم وقال الأموي : هو استقلال ما أعطاه الله عز و
جل
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين
(1/374)
الحاكم
والبيهقي في الدلائل عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال : غشي على عبد الرحمن بن
عوف في وجعه غشية ظنوا أنه قد فاضت به نفسه فيها حتى قاموا من عنده وجللوه ثوبا
وخرجت أم كلثوم بنت عقبة امرأته إلى المسجد تستعين بما أمرت به من الصبر والصلاة
فلبثوا ساعة وهو في غشيته ثم أفاق
قوله تعالى : ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون
ابن منده في المعرفة من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال
: قتل تميم بن الحمام ببدر وفيه وفي غيره نزلت ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله
أموات
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن حبير في قوله لمن يقتل في سبيل الله قال : في طاعة
الله في قتال المشركين
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي العالية في قوله ولا تقولوا
لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء قال : يقول : هم أحياء في صور طير خضر
يطيرون في الجنة حيث شاؤوا ويأكلون من حيث شاؤوا
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير عن عكرمة في قوله تعالى ولا تقولوا لمن
يقتل في سبيل الله أموات
الآية
قال : أرواح الشهداء طير بيض فقاقيع في الجنة
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في البعث والنشور عن كعب قال : جنة المأوى فيها طير
خضر ترتقي فيها أرواح الشهداء في أجواف طير خضر وأولاد المؤمنين الذين لم يبلغوا
الحنث عصافير من عصافير الجنة ترعى وتسرح
وأخرج عبد الرزاق عن معمرعن قتادة قال " بلغنا أن أرواح الشهداء في صور طير
بيض تأكل من ثمار الجنة وقال الكلبي عن النبي صلى الله عليه و سلم : في صورة طير
بيض تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل
أحياء ولكن لا تشعرون قال : ذكر لنا أن أرواح الشهداء تعارف في طير
(1/375)
بيض
تأكل من ثمار الجنة وإن مساكنهم السدرة وأن الله أعطى المجاهد ثلاث خصال من الخير
من قتل في سبيل الله حيا مرزوقا ومن غلب آتاه الله أجره عظيما ومن مات رزقه الله
رزقا حسنا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله بل أحياء
قال : كان يقول : من ثمر الجنة ويجدون ريحها وليسوا فيها
وأخرج مالك وأحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه عن كعب بن مالك " أن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر تعلق تعلق
من ثمر الجنة : ترعى من أعلاه من ثمر الجنة أو شجر الجنة "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عبد الله بن كعب بن مالك قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " أرواح الشهداء في صور طير خضر معلقة في قناديل الجنة حتى
يرجعها الله يوم القيامة "
وأخرج النسائي والحاكم وصححه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" يؤتى بالرجل من أهل الجنة فيقول الله له : يا ابن آدم كيف وجدك منزلك ؟
فيقول : أي رب خير منزل
فيقول : سل وتمن
فيقول : وما أسألك وأتمنى أسألك أن تردني إلى الدنيا فأقتل في سبيل الله عشر مرات
لما يرى من فضل الشهادة "
قوله تعالى : ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات
وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك
عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن
عباس في قوله ولنبلونكم
الآية
قال : أخبر الله المؤمنين أن الدنيا دار بلاء وأنه مبتليهم فيها وأمرهم بالصبر
وبشرهم فقال وبشر الصابرين
وأخبر أن المؤمن إذا سلم لأمر الله ورجع واسترجع عند المصيبة كتب الله له ثلاث
(1/376)
خصال
من الخير : الصلاة من الله والرحمة وتحقيق سبل الهدى
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من استرجع عند المصيبة جبر الله مصيبته
وأحسن عقباه وجعل له خلفا صالحا يرضاه "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عطاء في قوله ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع قال
: هم أصحاب محمد عليه السلام
وأخرج سفيان بن عينية وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب
الإيمان عن جويبر قال : كتب رجل إلى الضحاك يسأله عن هذه الآية إنا لله وإنا إليه
راجعون أخاصة هي أم عامة ؟ فقال : هي لمن أخذ بالتقوى وأدى الفرائض
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله لنبلونكم قال : ولنبتليكم يعني
المؤمنين وبشر الصابرين قال : على أمر الله في المصائب يعني بشرهم بالجنة أولئك
عليهم يعني على من صبر على أمر الله عند المصيبة صلوات يعني مغفرة من ربهم ورحمة
يعني رحمة لهم وأمنة من العذاب وأولئك هم المهتدون يعني من المهتدين بالاسترجاع
عند المصيبة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن رجاء بن حيوة في قوله :
ونقص من الثمرات
قال : يأتي على الناس زمان لا تحمل النخلة فيه إلا تمرة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق رجاء بن حيوة عن كعب
مثله
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم
" أعطيت أمتي شيئا لم يعطه أحد من الأمم أن يقولوا عند المصيبة إنا لله وإنا
إليه راجعون "
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن سعيد بن جبير قال :
لقد أعطيت هذه الأمة عند المصيبة شيئا لم تعطه الأنبياء من قبلهم ولو أعطيها
الأنبياء لأعطيها يعقوب إذ يقول : يا أسفي على يوسف إنا لله وإنا إليه راجعون لفظ
البيهقي قال : لم يعط أحد من الأمم الاسترجاع غير هذه الأمة أما سمعت قول يعقوب ؟
: يا أسفي على يوسف
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه
راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون قال :
(1/377)
من
استطاع أن يستوجب لله في مصيبته ثلاثا الصلاة والرحمة والهدى فليفعل ولا قوة إلا
بالله فإنه من استوجب على الله حقا بحق أحقه الله له ووجد الله وفيا
وأخرج وكيع وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في كتاب العزاء وابن
المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب قال : نعم العدلان
ونعم العلاوة الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم
صلوات من ربهم ورحمة نعم العدلان وأولئك هم المهتدون نعم العلاوة
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله ابن عمرو
قال : أربع من كن فيه بنى الله له بيتا في الجنة : من كان عصمة أمره لا إله إلا
الله وإذا أصابته مصيبة قال : إنا لله وإنا إليه راجعون وإذا أعطي شيئا قال :
الحمد لله وإذا أذنب ذنبا قال : استغفر الله
وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها كتب الله له ثلثمائة درجة ما بين
الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء والأرض "
وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء عن يونس بن يزيد قال : سألت ربيعة بن أبي عبد
الرحمن ما منتهى الصبر ؟ قال : يكون يوم تصبيه المصيبة مثله قبل أن تصيبه
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الاعتبار عن عمر بن عبد العزيز
أن سليمان بن عبد الملك قال له عند موت ابنه : أيصبر المؤمن حتى لا يجد لمصيبته
ألما ؟ قال : يا أمير المؤمنين لا يستوي عندك ما تحب وما تكره ولكن الصبر معول
المؤمن
وأخرج أحمد وابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسين بن علي عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال " ما من مسلم يصلب بمصيبة فيذكرها وإن طال عهدها فيحدث لذلك
استرجاعا إلا جدد الله له عند ذلك فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب "
وأخرج سعيد بن منصور والعقيلي في الضعفاء من حديث عائشة
مثله
وأخرج الحكيم الترمذي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ما من نعمة وإن تقادم عهدها فيجدد لها العبد الحمد إلا جدد الله له ثوابها
وما من مصيبة وإن تقادم عهدها فيجدد لها العبد الاسترجاع إلا جدد الله له ثوابها
وأجرها "
وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء عن سعيد بن المسيب رفعه " من استرجع بعد
أربعين سنة أعطاه الله ثواب مصيبته يوم أصيبها "
(1/378)
وأخرج
ابن أبي الدنيا عن كعب قال : ما من رجل تصيبه مصيبة فيذكرها بعد أربعين سنة
فيسترجع إلا أجرى الله له أجرها تلك الساعة كما أنه لو استرجع يوم أصيب
وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان عن أم سلمة قالت : أتاني أبو سلمة يوما من عند
رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه و سلم
قولا سررت به قال " لا يصيب أحدا من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته ثم
يقول : اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها إلا فعل ذلك به
قالت : أم سلمة : فحفظت ذلك منه فلما توفي أبو سلمة استرجعت فقلت : اللهم أجرني في
مصيبتي وأخلف لي خيرا منها ثم رجعت إلى نفسي وقلت من أين لي خير من أبي سلمة ؟
فأبدلني الله بأبي سلمة خيرا منه رسول الله صلى الله عليه و سلم "
وأخرج مسلم عن أم سلمة قالت " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ما
من عبد تصيبه مصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف
لي خيرا منها إلا آجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها
قالت : فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخلف
الله لي خيرا منه رسول الله صلى الله عليه و سلم "
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي موسى قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته : قبضتم ولد
عبدي ؟ فيقولون : نعم
فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون : نعم
فيقول : ماذا قال عبدي ؟ فيقولون : حمدك واسترجع فيقول الله ابنوا لعبدي بيتا في
الجنة وسموه بيت الحمد "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن
للموت فزعا فإذا أتى أحدكم وفاة أخيه فليقل : إنا لله وإنا إليه راجعون وإنا إلى
ربنا لمنقلبون "
وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء عن أبي بكر بن أبي مريم سمعت أشياخا يقولون : إن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " إن أهل المصيبة لتنزل بهم فيجزعون وتسور
عنهم فيمر بها مار من الناس فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون فيكون فيها أعظم
أجرا من أهلها "
وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن أبي أمامة قال " انقطع قبال قبال : زمام النعل
النبي صلى الله عليه و سلم فاسترجع فقالوا : مصيبة يا رسول الله ؟ فقال : ما أصاب
المؤمن مما يكره فهو مصيبة "
(1/379)
وأخرج
البزار بسند ضعيف والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال " إذا انقطع شسع زمام النعل بين الأصبع الوسطى والتي تليها أحدكم
فليسترجع لأنها من المصائب "
وأخرج البزار بسند ضعيف عن شداد بن أوس مرفوعا
مثله
وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء عن شهر بن حوشب رفعه قال " من انقطع شسعه
فليقل إنا لله وإنا إليه راجعون فإنها مصيبة "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا عن عوف بن عبد الله قال : من انقطع شسعه فليقل
إنا لله وإنا إليه راجعون فإنها مصيبة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا عن عوف بن عبد الله قال : كان ابن مسعود يمشي
فانقطع شسعه فاسترجع فقيل : يسترجع على مثل هذا ؟ قال : مصيبة
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وهناد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد
وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب
أنه انقطع شسعه فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون
فقيل له : مالك ؟ ! فقال : انقطع شسعي فسائني وما ساءك فهو لك مصيبة
وأخرج ابن أبي الدنيا في الأمل والديلمي عن أنس " أن النبي صلى الله عليه و
سلم رأى رجلا اتخذ قبالا من حديد فقال : أما أنت أطلت الأمل إن أحدكم إذا انقطع
شسعه فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون كان عليه من ربه الصلاة والهدى والرحمة وذلك
خير له من الدنيا "
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في العزاء عن عكرمة قال " طفىء سراج النبي
صلى الله عليه و سلم فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون
فقيل : يا رسول الله أ مصيبة هي ؟ قال : نعم وكل ما يؤذي المؤمن فهو مصيبة له وأجر
"
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد العزيز بن أبي رواد قال " بلغني أن المصباح طفىء
فاسترجع النبي صلى الله عليه و سلم قال : كل ما ساءك مصيبة "
وأخرج الطبراني وسمويه في فوائده عن أبي أمامة قال " خرجنا مع رسول الله صلى
الله عليه و سلم فانقطع شسع النبي صلى الله عليه و سلم فقال : إنا لله وإنا إليه
راجعون
فقال له رجل : هذا الشسع ؟ ! فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنها مصيبة
"
وأخرج ابن السني في عمل يوم وليلة عن أبي إدريس الخولاني قال " بينا النبي
(1/380)
صلى
الله عليه و سلم يمشي هو وأصحابه إذ انقطع شسعه فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون
قال : ومصيبة هي ؟ ! قال : نعم كل شيء ساء المؤمن فهو مصيبة "
وأخرج الديلمي عن عائشة قالت " أقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم وقد لدغته
شوكة في إبهامه فجعل يسترجع منها ويمسحها فلما سمعت استرجاعه دنوت منه فنظرت !
فإذا أثر حقير فضحكت ! فقلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي أكل هذا الاسترجاع من
أجل هذه الشوكة ؟ ! فتبسم ثم ضرب على منكبي فقال : يا عائشة إن الله عز و جل إذا
أراد أن يجعل الصغير كبيرا جعله وإذا أراد أن يجعل الكبير صغيرا جعله "
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : إذا فاتتك صلاة في جماعة فاسترجع فإنها مصيبة
وأخرج عبد بن حميد عن سواد بن داود
أن سعيد بن المسيب جاء وقد فاتته الصلاة في الجماعة فاسترجع حتى سمع صوته خارجا من
المسجد
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " الصبر عند الصدمة الأولى والعبرة لا يملكها ابن آدم صبابة المرء
إلى أخيه "
وأخرج ابن سعد عن خيثمة قال : لما جاء عبد الله بن مسعود نعي أخيه عتبة دمعت عيناه
فقال : إن هذه رحمة جعلها الله لا يملكها ابن آدم
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أنس
" أن النبي صلى الله عليه و سلم رأى امرأة تبكي على صبي لها فقال لها : اتقي
الله واصبري
فقالت : وما تبالي أنت مصيبتي ؟ فلما ذهب قيل له : إنه رسول الله فأخذها مثل الموت
فأتت بابه فلم تجد عليه بوابين فقالت : لم أعرفك يا رسول الله ! فقال : إنما الصبر
عند أول صدمة "
وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن ماجه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أيما مسلمين مضى لهما ثلاثة من أولادهما
لم يبلغوا حنثا كانوا لهما حصنا حصينا من النار
قال : أبو ذر مضى لي اثنان
قال : واثنان
قال أبو المنذر سيد القراء : مضى لي واحد يا رسول الله قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : وواحد وذلك في الصدمة الأولى "
وأخرج عبد بن حميد عن كريب بن حسان قال : توفي رجل منا فوجد به أبوه
(1/381)
أشد
الوجد فقال له رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم يقال له حوشب : ألا أحدثكم
بمثلها شهدتها من النبي صلى الله عليه و سلم كان رجل يأتي النبي صلى الله عليه و
سلم ومعه ابن له توفي فوجد به أبوه أشد الوجد
قال النبي صلى الله عليه و سلم " ما فعل فلان ؟ قالوا : يا رسول الله توفي
ابنه الذي كان يختلف معه إليك
فلقيه النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا فلان أيسرك إن ابنك عندك كأجرى الغلمان
جريا يا فلان أيسرك أن ابنك عندك كأنشط الغلمان نشاطا يا فلان أيسرك أن ابنك عندك
كأجود الكهول كهلا أو يقال لك أدخل الجنة ثواب ما أخذ منك "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن
معاوية بن قرة عن أبيه قال " كان رجل يختلف إلى رسول الله صلى الله عليه و
سلم ومعه بني له فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم : أتحبه ؟ قال :
يا رسول الله أحبك الله كما أحبه
ففقده رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ما فعل ابن فلان ؟ قالوا : مات
قال : فلقيه النبي صلى الله عليه و سلم فقال : أما تحب أن لا تأتي بابا من أبواب
الجنة تستفتحه إلا جاء يسعى حتى يفتحه لك ؟ قالوا : يا رسول الله أله وحده أم
لكلنا ؟ قال : بل لكلكم "
وأخرج البخاري عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ما
لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة "
وأخرج مالك في الموطأ والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة " أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : ما يزال المؤمن يصاب في ولده وحاجته حتى يلقى الله
وليست له خطيئة "
وأخرج أحمد والطبراني عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من أثكل ثلاثة من صلبه فاحتسبهم على الله وجبت له الجنة "
وأخرج البزار والحاكم وصححه عن بريدة قال " كنت عند النبي صلى الله عليه و
سلم فبلغه أن امرأة من الأنصار مات ابن لها فجزعت عليه فقام النبي صلى الله عليه و
سلم ومعه أصحابه فلما دخل عليها قال : أما أنه قد بلغني أنك جزعت ؟ فقالت : ما لي
لا أجزع وأنا رقوب لا يعيش لي ولد ؟ ! فقال : إنما الرقوب التي يعيش ولدها إنه لا
يموت لأمرأة مسلمة ثلاثة من الولد فتحتسبهم إلا وجبت لها الجنة
فقال عمر : واثنين ؟ قال : واثنين "
وأخرج مالك في الموطأ عن أبي نصر السلمي " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : لا يموت لأحد من المسلمسن ثلاثة من الولد فيحتسبهم إلا كانوا له جنة من
النار
فقالت امرأة : أو اثنان
؟ قال : أو اثنان "
(1/382)
وأخرج
أحمد والبيهقي في شعب الإيمان عن جابر " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : من مات له ثلاثة من الولد فاحتسبهم دخل الجنة
فقالت امرأة : واثنين
؟ قال : واثنين "
وأخرج أحمد عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما من
مسلمين يتوفى لهما ثلاثة إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمته إياهم
فقالوا : يا رسول الله أو اثنان
؟ قال : أو اثنان
قالوا : أو واحد
؟ قال : أو واحد
ثم قال : والذي نفسي بيده إن السقط ليجر أمه بسرره إلى الجنة إذا احتسبته "
وأخرج الطبراني عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
من دفن ثلاثة فصبر عليهم واحتسب وجبت له الجنة
فقالت أم أيمن : واثنين
؟ قال : واثنين
قالت : أو واحد
؟ فسكت ثم قال : وواحد "
وأخرج أحمد وابن قانع في معجم الصحابة وابن منده في المعرفة عن حوشب عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال " من مات له ولد فصبر واحتسب قيل له : ادخل الجنة بفضل
ما أخذنا منك "
وأخرج النسائي وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي
سلمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " بخ بخ لخمس ما أثقلهن في
الميزان لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله والولد الصالح يتوفى
للمرء فيحتسبه "
وأخرج ابن أبي الدنيا في العزاء والبيهقي عن أنس قال " توفي ابن عثمان بن
مظعون فاشتد حزنه عليه فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : إن للجنة ثمانية أبواب
وللنار سبعة أبواب أفما يسرك أن لا تأتي بابا منها إلا وجدت ابنك إلى جنبك آخذا
بحجزتك يشفع لك عند ربك ؟ قال : بلى
قال المسلمون : يا رسول الله ولنا في إفراطنا ما لعثمان ؟ قال : نعم لمن صبر منكم
واحتسب "
وأخرج النسائي عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن
الله لا يرضى لعبده المؤمن إذا ذهب بصفيه من أهل الأرض فصبر واحتسب بثواب من الجنة
"
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي سعيد الخدري " سمعت رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقول : قسم الله العقل على ثلاثة أجزاء فمن كن فيه فهو العاقل ومن لم يكن
فيه فلا عقل له
حسن المعرفة بالله وحسن الطاعة لله وحسن الصبر لله "
(1/383)
وأخرج
ابن سعد عن مطوف بن عبد الله بن الشخير
أنه مات ابنه عبد الله فخرج وهو مترجل في ثياب حسنة فقيل له في ذلك ؟ فقال : قد
وعدني الله على مصيبتين ثلاث خصال كل خصلة منها أحب إلي من الدنيا كلها
قال الله الذين أصابتهم مصيبة إلى قوله المهتدون أفأستكين لها بعد هذا ؟
قوله تعالى : إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج أو اعتمر فلا جناح عليه أن
يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم
مالك في الموطأ وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن جرير وابن
أبي داود وابن الأنباري في المصاحف معا وابن أبي حاتم والبيهقي في السنن عن عائشة
" أن عروة قال لها : أرأيت قول الله تعالى إن الصفا والمروة من شعائر الله
فمن حج أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما فما أرى على أحد جناحا أن يطوف بهما ؟
فقالت عائشة : بئسما قلت يا ابن أختي إنها لو كانت على ما أولتها كانت فلا جناح
عليه أن لا يطوف بهما ولكنها إنما أنزلت أن الأنصار قبل أن يسلموا كانوا يهلون
لمناة الطاغية التي كانوا يعبدونها وكان من أهل لها يتحرج أن يطوف بالصفا والمروة
فسألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا رسول الله إنا كنا نتحرج
أن نطوف بالصفا والمروة في الجاهلية فأنزل الله إن الصفا والمروة من شعائر الله
الآية
قالت عائشة : ثم سن رسول الله صلى الله عليه و سلم الطواف بهما فليس لأحد أن يدع
الطواف بهما "
وأخرج عبد بن حميد والبخاري والترمذي وابن جرير وابن أبي داود في المصاحف وابن أبي
حاتم وابن السكن والبيهقي عن أنس
أنه سئل عن الصفا والمروة قال : كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية فلما جاء الإسلام
أمسكنا عنهما فأنزل الله إن الصفا والمروة من شعائر الله
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن عائشة قالت : نزلت هذه الآية في الأنصار كانوا
في الجاهلية إذا أحرموا لا يحل لهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة فلما قدمنا ذكروا
ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فأنزل الله إن الصفا والمروة من شعائر الله
(1/384)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي داود في المصاحف وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس قال :
كانت الشياطين في الجاهلية تعزف الليل أجمع بين الصفا والمروة فكانت فيها آلهة لهم
أصنام فلما جاء الإسلام قال المسلمون : يا رسول الله ألا نطوف بين الصفا والمروة
فإنه شيء كنا نصنعه في الجاهلية ؟ فأنزل الله فمن حج أو اعتمر فلا جناح عليه أن
يطوف بهما يقول : ليس عليه إثم ولكن له أجر
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال : قالت الأنصار : إن السعي بين الصفا
والمروة من أمر الجاهلية فأنزل الله إن الصفا والمروة من شعائر الله
الآية
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن حبيش قال : سألت ابن عمر عن قوله إن الصفا والمروة
الآية
فقال : انطلق إلى ابن عباس فاسأله فإنه أعلم من بقي بما أنزل على محمد
فأتيته فسألته فقال : إنه كان عندهما أصنام فلما أسلموا أمسكوا عن الطواف بينهما
حتى أنزلت إن الصفا والمروة
الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله إن الصفا والمروة من شعائر الله الآية
وذلك أن ناسا تحرجوا أن يطوفوا بين الصفا والمروة فأخبر الله أنهما من شعائره
الطواف بينهما أحب إليه فمضت السنة بالطواف بينهما
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عامر الشعبي قال :
" كان وثن بالصفا يدهى اساف ووثن بالمروة يدعى نائلة فكان أهل الجاهلية إذا
طافوا بالبيت يسعون بينهما ويمسحون الوثنين فلما قدم رسول الله صلى الله عليه و
سلم قالوا : يا رسول الله إن الصفا والمروة إنما كان يطاف بهما من أجل الوثنين
وليس الطواف بهما من الشعائر ! فأنزل الله إن الصفا والمروة
الآية
فذكر الصفا من أجل الوثن الذي كان عليه وأنثت المروة من أجل الوثن الذي كان عليه
مونثا "
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال : قالت الأنصار إنما
السعي بين هذين الحجرين من عمل أهل الجاهلية فأنزل الله إن الصفا والمروة من شعائر
الله قال : من الخير الذي أخبرتكم عنه فلم يحرج من لم يطف بهما ومن تطوع خيرا فهو
خيرا له فتطوع رسول الله صلى الله عليه و سلم فكانت من السنن فكان عطاء يقول :
يبدل مكانه سبعين بالكعبة إن شاء
(1/385)
وأخرج
ابن جرير عن قتادة قال " كان ناس من أهل تهامة في الجاهلية لا يطوفون بين
الصفا والمروة فأنزل الله إن الصفا والمروة من شعائر الله وكان من سنة إبراهيم
واسماعيل بينهما
وأخرج عبد بن حميد ومسلم والترمذي وابن جرير وابن مروديه والبيهقي في سننه من طريق
الزهري عن عروة عن عائشة قال : كان رجال من الأنصار ممن كان يهل لمناة في الجاهلية
ومناة صنم بين مكة والمدينة
قالوا : يا نبي الله إنا كنا لانطوف بين الصفا والمروة تعظيما لمناة فهل علينا من
حرج أن نطوف بهما ؟ فأنزل الله إن الصفا والمروة من شعائر الله
الآية
قال عروة : فقلت لعائشة : ما أبالي أن لا أطوف بين الصفا والمروة ! قال الله فلا
جناح عليه أن يطوف بهما فقالت : يا ابن أختي ألا ترى أنه يقول إن الصفا والمروة من
شعائر الله قال الزهري : فذكرت ذلك لأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام فقال
: هذا العلم
قال أبو بكر : ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يقولون : لما أنزل الله الطواف بالبيت
ولم ينزل الطواف بين الصفا والمروة قيل للنبي صلى الله عليه و سلم : إنا كنا نطوف
في الجاهلية بين الصفا والمروة وأن الله قد ذكر الطواف بالبيت ولم يذكر الطواف بين
الصفا والمروة فهل علينا من حرج أن لا نطوف بهما ؟ فأنزل الله إن الصفا والمروة من
شعائر الله
الآية كلها
قال أبو بكر : فاسمع هذه الآية نزلت في الفريقين كليهما فيمن طاف وفيمن لم يطف
"
وأخرج وكيع وعبد الرزاق وعبد بن حميد ومسلم وابن ماجه وابن جرير عن عائشة قالت :
لعمري ما أتم الله حج من لم يسع بين الصفا والمروة ولا عمرته ولأن الله قال إن
الصفا والمروة من شعائر الله
وأخرج عبد بن حميد ومسلم عن أنس قال : كانت الأنصار يكرهون السعي بين الصفا
والمروة حتى نزلت هذه الآية إن الصفا والمروة من شعائر الله فالطواف بينهما تطوع
وأخرج أبو عبيد في فضائله وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي داود في المصاحف وابن
المنذر وابن الأنباري عن ابن عباس
أنه كان يقرأ فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما
(1/386)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عطاء قال : في مصحف ابن مسعود فلا جناح عليه
أن لا يطوف بهما
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن حماد قال : وجدت في مصحف أبي فلا جناح عليه أن
لا يطوف بهما
وأخرج ابن أبي داود عن مجاهد
أنه كان يقرأ فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس
أنه قرأ فلا جناح عليه أن يطوف مثقلة فمن ترك فلا بأس
وأخرج سعيد بن منصور والحاكم وصححه عن ابن عباس
أنه أتاه رجل فقال : أبدأ بالصفا قبل المروة وأصلي قبل أن أطوف أو أطوف قبل
وأحلق قبل أن أذبح أو أذبح قبل أن أحلق ؟ فقال ابن عباس : خذوا ذلك من كتاب الله
فإنه أجدر أن يحفظ قال الله إن الصفا والمروة من شعائر الله فالصفا قبل المروة
وقال لا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله البقرة الآية 196 فالذبح قبل الحلق
وقال وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود الحج الآية 26 والطواف قبل
الصلاة
وأخرج وكيع عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس لم بدىء بالصفا قبل المروة ؟ قال
: لأن الله قال : إن الصفا والمروة من شعائر الله
وأخرج مسلم والترمذي وابن جرير والبيهقي في سننه عن جابر قال " لما دنا رسول
الله صلى الله عليه و سلم من الصفا في حجته قال : إن الصفا والمروة من شعائر الله
ابدؤا بما بدأ الله به فبدأ بالصفا فرقي عليه "
وأخرج الشافعي وابن سعد وأحمد وابن المنذر وابن قانع والبيهقي عن حبيبة بنت أبي
بحران قالت " رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يطوف بين الصفا والمروة
والنايس بين يديه وهو وراءهم وهو يسعى حتى أرى ركبتيه من شدة السعي يدور به إزاره
وهو يقول : اسعوا فإن الله عز و جل كتب عليكم السعي "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : " سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال
: إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا "
(1/387)
وأخرج
وكيع عن أبي الطفيل عامر بن واثلة قال : سألت ابن عباس عن السعي بين الصفا والمروة
قال : فعله إبراهيم عليه السلام
وأخرج الطبراني والبيهقي عن أبي الطفيل قال " قلت لابن عباس يزعم قومك أن
رسول الله صلى الله عليه و سلم سعى بين الصفا والمروة وإن ذلك سنة قال : صدقوا إن
إبراهيم لما أمر بالمناسك اعترض عليه الشيطان عند المسعى فسابقه فسبقه إبراهيم
"
وأخرج الحاكم عن ابن عباس
أنه رآهم يطوفون بين الصفا والمروة فقال : هذا مما أورثتكم أم اسماعيل
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن سعيد بن جبير قال : أقبل إبراهيم ومعه هاجر
واسماعيل عليهم السلام فوضعهم عند البيت فقالت : الله أمرك بهذا ؟ قال : نعم
قال : فعطش الصبي فنظرت فإذا أقرب الجبال إليها الصفا فسعت فرقت عليه فنظرت فلم تر
شيئا ثم نظرت فإذا أقرب الجبال إليها المروة فنظرت فلم تر شيئا قال : فهي أول من
سعى بين الصفا والمروة ثم أقبلت فسمعت حفيفا أمامها قال : قد أسمع فإن يكن عندك
غياث فهلم فإذا جبريل أمامها يركض زمزم بعقبه فنبع الماء فجاءت بشيء لها تقرى فيه
الماء فقال لها : تخافين العطش ؟ هذا بلد ضيفان الله لا يخافون العطش
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داو والترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن
عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إنما جعل الطواف بالبيت
والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار لأقامة ذكر الله لا لغيره "
وأخرج الأزرقي عن أبي هريرة قال : السنة في الطواف بين الصفا والمروة أن ينزل من
الصفا ثم يمشي حتى يأتي بطن المسيل فإذا جاءه سعى حتى يظهر منه ثم يمشي حتى يأتي
المروة
وأخرج الأزرقي من طريق مسروق عن ابن مسعود أنه خرج إلى الصفا فقام إلى صدع فيه
فلبى فقلت له : إن ناسا ينهون عن الإهلال ههنا قال : ولكني آمرك به هل تدري ما
الإهلال ؟ إنما هي استجابة موسى لربه فلما أتى الوادي رمل وقال : رب اغفر وارحم
إنك أنت الأعز والأكرم
وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن ابن مسعود
أنه قام على الصدع الذي في الصفا وقال : هذا والذي لا إله غيره مقام الذي أنزلت
عليه سورة البقرة
(1/388)
أما
قوله تعالى : ومن تطوع خيرا أخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في
قراءة عبد الله ومن تطوع بخير
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عمر " أنه كان يدعو على الصفا والمروة يكبر ثلاثا
سبع مرات يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل
شيء قدير لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له ولو كره الكافرون
وكان يدعو بدعاء كثير حتى يبطئنا وإنا لشباب وكان من دعائه : اللهم اجعلني ممن
يحبك ويحب ملائكتك ويحب رسلك ويحب عبادك الصالحين اللهم حببني إليك وإلى ملائكتك
وإلى رسلك وإلى عبادك الصالحين اللهم يسرني لليسرى وجنبني للعسرى واغفر لي في
الآخرة والأولى واجعلني من الأئمة المتقين ومن ورثة جنة النعيم واغفر لي خطيئتي
يوم الدين
اللهم إنك قلت ادعوني أستجب لكم وإنك لا تخلف الميعاد
اللهم إذ هديتني للإسلام فلا تنزعه مني ولا تنزعني منه حتى توفاني على الإسلام وقد
رضيت عني
اللهم لا تقدمني للعذاب ولا تؤخرني لسيء الفتن "
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن عمر بن الخطاب قال : من قدم منكم حاجا
فليبدأ بالبيت فليطف به سبعا ثم ليصل ركعتين عند مقام إبراهيم ثم ليأت الصفا فليقم
عليه مستقبل الكعبة ثم ليكبر سبعا بين كل تكبيرتين حمد الله وثناء عليه والصلاة
على النبي صلى الله عليه و سلم ويسأله لنفسه وعلى المروة مثل ذلك
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس قال : ترفع الأيدي في سبعة مواطن
إذا قام إلى الصلاة وإذا رأى البيت وعلى الصفا والمروة وفي عرفات وفي جمع وعند
الجمرات
وأخرج الشافعي في الأم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " ترفع
الأيدي في الصلاة وإذا رأى البيت وعلى الصفا والمروة وعلى عرفات وبجمع وعند الجمرتين
وعلى الميت "
أما قوله تعالى : فإن الله شاكر عليم أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : لا شيء
أشكر من الله ولا أجزىء بخير من الله عز و جل
(1/389)
قوله
تعالى : إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في
الكتاب أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا فأولئك
أتوب عليهم وأنا التواب الرحيم
ابن اسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : سأل معاذ بن جبل
أخو بني سلمة وسعد بن معاذ أخو بني الأشهل وخارجة بن زيد أخو الحرث بن الخزرج نفرا
من أحبار اليهود عن بعض ما في التوراة فكتموهم إياه وأبوا أن يخبروهم فأنزل الله
فيهم إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى
الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله إن الذين يكتمون ما أنزلنا من
البينات والهدى قال : هم أهل الكتاب
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله إن الذين يكتمون ما أنزلنا
من البينات والهدى
الآية
قال : أولئك أهل الكتاب كتوا الإسلام وهو دين الله وكتموا محمدا وهم يجدونه مكتوبا
عندهم في التوراة والإنحيل الأعراف الآية 157 ويلعنهم اللاعنون قال : من ملائكة
الله المؤمنين
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال : هم أهل الكتاب كتموا محمدا
ونعته وهم يجدونه مكتوبا عندهم حسدا وبغيا
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : زعموا أن رجلا من اليهود كان له صديق من
الأنصار يقال له ثعلبة بن غنمة قال له : هل تجدون محمدا عندكم ؟ قال : لا
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء في قوله أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون قال : الجن
والإنس وكل دابة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله ويلعنهم اللاعنون
(1/390)
قال
: إذا أجدبت الهائم دعت على فجار بني آدم
فقالت : تحبس عنا الغيث بذنوبهم
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن مجاهد في قوله ويلعنهم اللاعنون قال : إن
البهائم إذا اشتدت عليهم السنة قالت : هذا من أجل عصاة بني آدم لعن الله عصاة بني
آدم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان عن
مجاهد في قوله ويلعنهم اللاعنون قال : دواب الأرض العقارب والخنافس يقولون : إنما
منعنا القطر بذنوبهم فيلعنونهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة في قوله ويلعنهم اللاعنون قال : يلعنهم كل
شيء حتى الخنافس والعقارب يقولون : منعنا القطر بذنوب بني آدم
وأخرج عبد بن حميد عن أبي جعفر في قوله ويلعنهم اللاعنون قال : كل شيء حتى
الخنفساء
وأخرج ابن ماجه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن البراء بن عازب قال : كنا في جنازة
مع النبي صلى الله عليه و سلم فقال " إن الكافر يضرب ضربتين بين عينيه فيسمعه
كل دابة غير الثقلين فتلعنه كل دابة سمعت صوته فذلك قول الله ويلعنهم اللاعنون
يعني دواب الأرض "
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله ويلعنهم اللاعنون قال : قال البراء ابن عازب : إن
الكافر إذا وضع في قبره أتته دابة كأن عينيها قدران من نحاس معها عمود من حديد
فتضربه ضربة بين كتفيه فيصيح لا يسمع أحد صوته إلا لعنه ولا يبقى شيء إلا سمع صوته
إلا الثقلين الحن والإنس
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله ويلعنهم اللاعنون قال : الكافر إذا وضع في حفرته
ضرب ضربة بمطرق فيصيح صيحة يسمع صوته كل شيء إلا الثقلين الجن والإنس فلا يسمع
صيحته شيء إلا لعنه
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الوهاب بن عطاء في قوله إن الذين يكتمون
الآية
قال : سمعت الكلبي يقول : هم اليهود
قال : ومن لعن شيئا ليس هو بأهل رجعت اللعنة على يهودي فذلك قوله ويلعنهم اللاعنون
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق محمد بن مروان أخبرني الكلبي عن أبي
(1/391)
صالح
عن ابن مسعود في هذه الآية قال : هو الرجل يلعن صاحبه في أمر يرى أن قد أتى إليه
فترتفع اللعنة في السماء سريعا فلا تجد صاحبها التي قيلت له أهلا فترجع إلى الذي
تكلم بها فلا تجد لها أهلا فتنطلق فتقع على اليهود فهو قوله ويلعنهم اللاعنون فمن
تاب منهم ارتفعت عنهم اللعنة فكانت فيمن بقي من اليهود وهو قوله إلا الذين تابوا
الآية
وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن ماجه والحاكم عن أبي هريرة " أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : من سئل عن علم عنده فكتمه ألجمه الله بلجام من نار يوم
القيامة "
وأخرج ابن ماجه عن أنس بن مالك " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
من سئل عن علم فكتمه ألجمه يوم القيامة بلجام من نار "
وأخرج ابن ماجه والمرهبي في فضل العلم عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " من كتم علما مما ينفع الله به الناس في أمر الدين ألجمه الله
يوم القيامة بلجام من نار "
وأخرج ابن ماجه عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إذا لعن
آخر هذه الأمة أولها فمن كتم حديثا فقد كتم ما أنزل الله "
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أيما
عبد آتاه الله علما فكتمه لقي الله يوم القيامة ملجما بلجام من نار "
واخرج أبو يعلى والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " من سؤل عن علم فكتمه جاء يوم القيامه ملجما بلجام من نار
"
وأخرج الطبراني من حديث ابن عمر وابن عمرو مثله
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : مثل الذي يتعلم العلم ثم لا يحدث به كمثل الذي يكنز الكنز فلا ينفق منه
"
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن سلمان قال : علم لا يقال به ككنز لا ينفق
منه
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد والبخاري وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم والحاكم عن أبي هريرة قال : لولا آية في كتاب الله ما حدثت أحدا بشيء أبدا ثم
تلا هذه الآية إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى
الآية
(1/392)
وأخرج
أبو داود في ناسخه عن ابن عباس في قوله إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات
والهدى إلى قوله اللاعنون ثم استثنى فقال إلا الذين تابوا وأصلحوا وبينوا
الآية
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء إلا الذين تابوا وأصلحوا قال : ذلك كفارة له
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة إلا الذين تابوا وأصلحوا قال : أصلحوا ما
بينهم وبين الله وبينوا الذي جاءهم من الله ولم يكتموا ولم يجحدوا به
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله أتوب عليهم يعني أتجاوز عنهم
أما قوله تعالى : وأنا التواب أخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم وأبو نعيم في
الحلية عن أبي زرعة عمرو بن جرير قال : إن أول شيء كتب أنا التواب أتوب على من تاب
قوله تعالى : إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملائكة
والناس أجمعين خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون
ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : إن الكافر يوقف يوم القيامة فيلعنه
الله ثم تلعنه الملائكة ثم يلعنه الناس أجمعون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله أولئك عليهم لعنة الله والملائكة
والناس أجمعين قال : يعني الناس أجمعين المؤمنين
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : لا يتلاعن اثنان مؤمنان ولا كافران فيقول
أحدهما : لعن الله الظالم إلا رجعت تلك اللعنة على الكافر لأنه ظالم فكل أحد من
الخلق يلعنه
وأخرج عبد بن حميد عن جرير بن حازم قال : سمعت الحسن يقرؤها أولئك عليهم لعنة الله
والملائكة والناس أجمعون
(1/393)
وأخرج
ابن جرير عن أبي العالية في قوله خالدين فيها يقول : خالدين في جهنم في اللعنة
وفي قوله ولا هم ينظرون ويقول : لا ينظرون فيعتذرون
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ولا هم ينظرون قال : لا يؤخرون
قوله تعالى : وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم
ابن أبي شيبة وأحمد والدارمي وأبو داود والترمذي وصححه وابن ماجة وأبو مسلم الكجي
في السنن وابن الضريس وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن أسماء بنت يزيد بن
السكن عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال " اسم الله الأعظم في هاتين
الآيتين وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم و ألم الله لا إله إلا هو
الحي القيوم آل عمران الآيتان 1 - 2 "
وأخرج الديلمي عن أنس " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ليس أشد على مردة
الجن من هؤلاء الآيات التي في سورة البقرة وإلهكم إله واحد
الآيتين "
وأخرج ابن عساكر عن إبراهيم بن وثمة قال : الآيات التي يدفع الله بهن من اللمم من لزمهن
في كل يوم ذهب عنه ما يجد وإلهكم إله واحد
الآية
وآية الكرسي وخاتمة البقرة و إن ربكم الله الأعراف الآية 54 إلى المحسنين وآخر
الحشر بلغنا أنهن مكتوبات في زوايا العرش وكان يقول : اكتبوهن لصبيانكم من الفزع
واللم
164 - قوله تعالى : إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي
تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد
موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات
لقوم يعقلون
(1/394)
ابن
أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : قالت قريش للنبي صلى الله عليه و سلم :
" ادع الله أن يجعل لنا الصفا ذهبا نتقوى به على عدونا فأوحى الله إليه : إني
معطيهم فأجعل لهم الصفا ذهبا ولكن إن كفروا بعد ذلك عذبتهم عذابا لا أعذبه أحدا من
العالمين
فقال : رب دعني وقومي فأدعوهم يوما بيوم فأنزل الله هذه الآية إن في خلق السموات
والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات والفلك التي تجري في البحر وكيف يسألونك الصفا
وهم يرون من الآيات ما هو لأعظم من الصفا "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير قال : سألت قريش فقالوا : حدثونا عما
جاءكم به موسى من الآيات فأخبروهم أنه كان يبرىء الأكمه والأبرص ويحيي الموتى بإذن
الله
فقالت قريش عند ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم " ادع الله أن يجعل لنا الصفا
ذهبا فنزداد به يقينا ونتقوى به على عدونا فسأل النبي صلى الله عليه و سلم ربه
فأوحى الله إليه : أني معطيكم ذلك ولكن إن كذبوا بعد عذبتهم عذابا لا أعذبه أحدا
من العالمين
فقال : ذرني وقومي فأدعوهم يوما بيوم فأنزل الله عليه إن في خلق السموات والأرض
الآية
فخلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار أعظم من أن أجعل الصفا ذهبا "
وأخرج وكيع والفريابي وآدم بن أبي إياس وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي الضحى قال : لما
نزلت وإلهكم إله واحد البقرة الآية 163 عجب المشركون وقالوا : إن محمد يقول :
وإلهكم إله واحد فليأتنا بآية إن كان من الصادقين ! فأنزل الله إن في خلق السموات
والأرض
الآية يقول : إن في هذه الآيات لآيات لقوم يعقلون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء قال : نزل على النبي
صلى الله عليه و سلم بالمدينة وإلهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم البقرة
الآية 163 فقال كفار قريش بمكة : كيف يسع الناس إله واحد ؟ ! فأنزل الله إن في خلق
السموات والأرض إلى قوله تعالى لقوم يعقلون فبهذا يعلمون أنه إله واحد وأنه إله كل
شيء وخالق كل شيء
أما قوله تعالى : واختلاف الليل والنهار
(1/395)
أخرج
أبو الشيخ في العظمة عن سلمان قال : الليل موكل به ملك يقال له شراهيل فإذا حان
وقت الليل أخذ خرزة سوداء فدلاها من قبل المغرب فإذا نظرت إليها الشمس وجبت في
أسرع من طرفة عين وقد أمرت الشمس أن لا تغرب حتى ترى الخرزة فإذا غربت جاء الليل
فلا تزال الخرزة معلقة حتى يجيء ملك آخر يقال له هراهيل بخرزة بيضاء فيعلقها من
قبل المطلع فإذا رآها شراهيل مد إليه خرزته وترى الشمس الخرزة البيضاء فتطلع وقد
أمرت أن لا تطلع حتى تراها فإذا طلعت جاء النهار
أما قوله تعالى : والفلك التي تجري في البحر أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في
قوله والفلك قال : السفينة
أما قوله تعالى : وبث فيها من كل دابة أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله وبث
فيها من كل دابة قال : بث خلق
وأخرج الحاكم وصححه عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أقلوا
الخروج إذا هدأت الرجل إن الله يبث من خلقه بالليل ما شاء "
أما قوله تعالى : وتصريف الرياح أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن
قتادة في قوله وتصريف الرياح قال : إذا شاء جعلها رحمة لواقح للسحاب ونشرا بين يدي
رحمته وإذا شاء جعلها عذابا ريحا عقيما لا تلقح
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي كعب قال : كل شيء في القرآن من الرياح فهي رحمة وكل شيء
في القرآن من الريح فهو عذاب
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بن كعب قال : لا
تسبوا الريح فإنها من نفس الرحمن
قوله وتصريف الرياح والسحاب المسخر ولكن قولوا : اللهم إن نسألك من خير هذه الريح
وخير ما فيها وخير ما أرسلت به ونعوذ بك من شرهل وشر ما أرسلت به
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال : الريح من روح الله فإذا
رأيتموها فأسألوا من خيرها وتعوذوا بالله من شرها
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبدة عن أبيها قال : إن من الرياح رحمة ومنها رياح
(1/396)
عذاب
فإذا سمعتم الرياح فقولوا : اللهم اجعلها رياح رحمة ولا تجعلها رياح عذاب
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال : الماء والريح جندان من جنود الله
والريح جند الله الأعظم
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد قال : الريح لها جناحان وذنب
وأخرج أبو عبيد وابن أبي الدنيا في كتاب المطر وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو
الشيخ في العظمة عن ابن عمرو قال : الرياح ثمان أربع منها رحمة وأربع عذاب فأما
الرحمة فالناشرات والمبشرات والمرسلات والذاريات
وأما العذاب فالعقيم والصرصر وهما في البر والعاصف والقاصف وهما في البحر
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : الرياح ثمان أربع رحمة وأربع
عذاب الرحمة المنتشرات والمبشرات والمرسلات والرخاء
والعذاب العاصف والقاصف وهما في البحر والعقيم والصرصر وهما في البر
وأخرج أبو الشيخ عن عيسى ابن أبي عيسى الخياط قال : بلغنا أن الرياح سبع : الصبا
والدبور والجنوب والشمال والخروق والنكباء وريح القائم
فأما الصبا فتجيء من المشرق وأما الدبور فتجيء من المغرب وأما الجنوب فيجيء عن
يسار القبلة وأما الشمال فتجيء عن يمين القبلة وأما النكباء فبين الصبا والجنوب
وأما الخروق فبين الشمال والدبور وأما ريح القائم فأنفاس الخلق
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن قال : جعلت الرياح على الكعبة فإذا أردت أن تعلم ذلك
فاسند ظهرك إلى باب الكعبة فإن الشمال عن شمالك وهي مما يلي الحجر والجنوب عن
يمينك وهو مما يلي الحجر الأسود والصبا مقابلك وهي مستقبل باب الكعبة والدبور من
دبر الكعبة
وأخرج ابن أبي حاتم عن حسين بن علي الجعفي قال : سألت اسرائيل بن يونس عن أي شيء
سميت الريح ؟ قال : على القبلة
شماله الشمال وجنوبه الجنوب والصبا ما جاء من قبل وجهها والدبور ما جاء من خلفها
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ضمرة بن حبيب قال : الدبور والريح الغربية
والقبول الشرقية والشمال الجنوبية واليمان القبلية والنكباء تأتي من الجوانب
الأربع
(1/397)
وأخرج
أبو الشيخ عن ابن عباس قال : الشمال ما بين الجدي والدبور ما بين مغرب الشمس إلى
سهيل
وأخرج أبو الشيخ عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " الجنوب من
ريح الجنة "
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب السحاب وابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ريح الجنوب من الجنة وهي من
اللواقح وفيها منافع للناس والشمال من النار تخرج فتمر بالجنة فتصيبها نفحة من
الجنة فبردها من ذلك "
وأخرج ابن أبي شيبة واسحق بن راهويه في مسنديهما والبخاري في تاريخه والبزار وأبو
الشيخ عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " إن الله خلق في الجنة
ريحا بعد الريح بسبع سنين من دونها باب مغلق إنما يأتيكم الروح من خلل ذلك الباب
ولو فتح ذلك الباب لأذرت ما بين السماء والأرض وهي عند الله الأزيب وعندكم الجنوب
"
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : الجنوب سيدة الأرواح واسمها عند الله الأزيب
ومن دونها سبعة أبواب وإنما يأتيكم منها ما يأتيكم من خللها ولو فتح منها باب واحد
لأذرت ما بين السماء والأرض
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : الشمال ملح الأرض ولولا الشمال لأنتنت الأرض
وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد وأبو الشيخ في العظمة عن كعب قال :
لو احتبست الريح عن الناس ثلاثة أيام لأنتن ما بين السماء والأرض
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن المبارك قال : إن للريح جناحا وإن القمر يأوي
إلى غلاف من الماء
وأخرج أبو الشيخ عن عثمان الأعرج قال : إن مساكن الرياح تحت أجنحة الكروبيين حملة
العرش فتهيج فتقع بعجلة الشمس فتعين الملائكة على جرها ثم تهيج من عجلة الشمس فتقع
في البحر ثم تهيج في البحر فتقع برؤوس الجبال ثم تهيج من رؤوس الجبال فتقع في البر
فأما الشمال فإنها تمر بجنة عدن فتأخذ من عرف طيبها ثم تأتي الشمال وحدها من كرسي
بنات نعش إلى مغرب الشمس وتأتي
(1/398)
الدبور
وحدها من مغرب الشمس إلى مطلع الشمس إلى كرسي بنات نعش فلا تدخل هذه ولا هذه في حد
هذه
وأخرج الشافعي وابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والبيهقي في سننه
عن أبي هريرة قال : أخذت لنا الريح بطريق مكة وعمر حاج فاشتدت فقال عمر لمن حوله :
ما بلغكم في الريح ؟ فقلت : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " الريح
من روح الله تأتي بالرحمة والعذاب فلا تسبوها وسلوا الله من خيرها وعوذوا بالله من
شرها "
وأخرج الشافعي عن صفوان بن سليم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
لا تسبوا الريح وعوذوا بالله من شرها "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس " أن رجلا لعن الريح فقال له النبي
صلى الله عليه و سلم : لاتعلن الريح فإنها مأمورة وأنه من لعن شيئا ليس له بأهل
رجعت اللعنة عليه "
وأخرج الشافعي وأبو الشيخ والبيهقي في المعرفة عن ابن عباس قال " ما هبت ريح
قط إلا جثا النبي صلى الله عليه و سلم على ركبتيه وقال : اللهم اجعلها رحمة ولا
تجعلها عذابا اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا
قال ابن عباس : والله إن تفسير ذلك في كتاب الله أرسلنا عليهم ريحا صرصرا القمر
الآية 19
أرسلنا عليهم الريح العقيم النازعات الآية 41 وقال وأرسلنا الرياح لواقح الحجر
الآية 22
أن يرسل الرياح مبشرات الروم الآية 46 "
وأخرج الترمذي والنسائي وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند عن أبي بن كعب قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا تسبوا الريح فإنها من روح الله وسلوا
الله خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وتعوذوا بالله من شرها وشر ما فيها وشر
ما أرسلت به "
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : هاجت ريح فسبوها
فقال ابن عباس : لا تسبوها فإنها تجيء بالرحمة وتجيء بالعذاب ولكن قولوا : اللهم
اجعلها رحمة ولا تجعلها عذابا
(1/399)
وأخرج
ابن أبي شيبة وأبو الشيخ عن عمر
أنه كان إذا عصفت الريح فدارت يقول : شدوا التكبير فإنها مذهبة
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " لا تسبوا الليل والنهار ولا الشمس ولا القمر ولا الريح فإنها تبعث
عذابا على قوم ورحمة على آخرين "
أما قوله تعالى : والسحاب المسخر بين السماء والأرض
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات وابن عساكر
عن معاذ بن عبد الله بن حبيب الجهني قال : رأيت ابن عباس سأل تبيعا ابن امرأة كعب
هل سمعت كعبا يقول في السحاب شيئا ؟ قال : نعم سمعته يقول : إن السحاب غربال المطر
ولولا السحاب حين ينزل الماء من السماء لأفسد ما يقع عليه من الأرض
قال : وسمعت كعبا يذكر أن الأرض تنبت العام نباتا وتنبت عاما قابلا غيره
وسمعته يقول : إن البذر ينزل من السماء مع المطر فيخرج في الأرض
قال ابن عباس : صدقت وأنا سمعت ذلك من كعب
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عطاء قال : السحاب تخرج من الأرض
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن خالد بن معدان قال : إن في الجنة شجرة تثمر
السحاب فالسوداء منها الثمرة التي قد نضجت التي تحمل المطر والبيضاء الثمرة التي
لا تنضج لا تحمل المطر
أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس عن أبي المثنى أن الأرض قالت : رب أروني من الماء ولا
تنزله علي منهمرا كما أنزلته علي يوم الطوفان
قال : سأجعل لك السحاب غربالا
وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا في كتاب المطر وأبو الشيخ عن الغفاري " سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : ينشىء السحاب فتنطق أحسن المنطق وتضحك أحسن الضحك
وأخرج أبو الشيخ عن عائشة " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : إذا
أنشأت بحرية ثم تشامت فتلك عين أو عام يعني مطرا كثيرا "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن علي رضي الله عنه قال : أشد خلق ربك عشرة : الجبال
والحديد ينحت الجبال النار تأكل الحديد والماء يطفىء
(1/400)
النار
والسحاب المسخر بين السماء والأرض يحمل الماء والريح تنقل السحاب والإنسان يتقي
الريح بيده ويذهب فيها لحاجته والسكر يغلب الإنسان والنوم يغلب السكر والهم يمنع
النوم فأشد خلق ربك الهم
أخرج أبو الشيخ عن الحسن
أنه كان إذا نظر إلى السحاب قال فيه : والله رزقكم ولكنكم تحرمونه بذنوبكم
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن عائشة " أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم كان إذا رأى سحابا ثقيلا من أفق من آفاق ترك ما هو فيه وإن
كان في صلاة حتى يستقبله فيقول : اللهم إنا نعوذ بك من شر ما أرسل به فإن أمطر
قال : اللهم سيبان نافعا مرتين أو ثلاثا وإن كشفه الله ولم يمطر حمد الله على ذلك
قوله تعالى : ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا
أشد حبا لله ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب أن القوة لله جميعا وأن الله شديد
العذاب إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب
وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرءوا منا كذلك يريهم الله
أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار
عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا
يحبونهم كحب الله قال : مباهاة ومضارة للحق بالأنداد والذين آمنوا أشد حبا لله قال
: من الكفار لآلهتهم
وأخرج ابن جريرعن السدي في الآية قال : الأنداد من الرجال يطيعونهم كما يطيعون
الله إذا أمر وهم أطاعوهم وعصوا الله
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا أي شركاء
يحبونهم كحب الله أي يحبون آلهتهم كحب المؤمنين لله والذين آمنوا أشد حبا لله قال
: من الكفار لآلهتهم أي لأوثانهم
(1/401)
وأخرج
عبد بن حميد عن قتادة في قوله يحبونهم كحب الله قال : يحبونهم أوثانهم كحب الله
والذين آمنوا أشد حبا لله من الكفار لأوثانهم
وأخرج ابن جرير عن الزبير في قوله ولو ترى الذين ظلموا قال : ولو ترى يا محمد
الذين ظلموا أنفسهم فاتخذوا من دوني أندادا يحبونهم كحبكم إياي حين يعاينون عذابي
يوم القيامة الذي أعددت لهم لعلمتم أن القوة كلها إلي دون الأنداد والآلهة لا تغني
عنهم هنالك شيئا ولا تدفع عنهم عذابا أحللت بهم وأيقينتهم أني شديد عذابي لمن
كفرني وادعى معي إلها غيري
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن جعفر بن محمد قال : كان في خاتم إن القوة لله جميعا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله إذ تبرأ الذين اتبعوا قال : هم
الجبابرة والقادة والرؤوس في الشر والشرك من الذين اتبعوا وهم الأتباع والضعفاء
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله إذ تبرأ الذين اتبعوا قال : هم الشياطين تبرؤوا
من الإنس
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس
في قوله وتقطعت بهم الأسباب قال : المودة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وتقطعت بهم الأسباب قال :
المنازل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وتقطعت بهم الأسباب قال :
الأرحام
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير وأبو نعيم في الحلية عن مجاهد في قوله وتقطعت
بهم الأسباب قال : الأوصال التي كانت بينهم في الدنيا والمودة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الربيع وتقطعت بهم الأسباب قال : أسباب المنازل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله وتقطعت بهم الأسباب قال :
(1/402)
أسباب
الندامة يوم القيامة والأسباب التي كانت بينهم في الدنيا يتواصلون بها ويتحابون
بها فصارت عداوة يوم القيامة يلعن بعضهم بعضا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة
قال : رجعة إلى الدنيا
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم
يقول : صارت أعمالهم الخبيثة حسرة عليهم يوم القيامة
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله وما هم بخارجين من النار قال : أولئك أهلها
الذين هم أهلها
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الأوزاعي قال : سمعت ثابت بن معبد قال : ما زال أهل
النار يأملون الخروج منها حتى نزلت وما هم بخارجين من النار
قوله تعالى : يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ولا تتبعوا خطوات
الشيطان إنه لكم عدو مبين إنما يأمركم بالسوء والفحشاء وأن تقولوا على الله ما لا
تعلمون
ابن مردويه عن ابن عباس قال " تليت هذه الآية عند النبي صلى الله عليه و سلم
يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا فقام سعد بن أبي وقاص فقال : يا رسول
الله أدع الله أن يجعلني مستجاب الدعوة
فقال : يا سعد أطب مطعمك تكن مستجاب الدعوة والذي نفس محمد بيده إن الرجل ليقذف
اللقمة الحرام في جوفه فما يتقبل منه أربعين يوما وأيما عبد نبت لحمه من السحت
والربا فالنار أولى به "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ولا تتبعوا خطوات الشيطان قال :
عمله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ما خالف القرآن فهو من خطوات الشيطان
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ولا تتبعوا خطوات الشيطان قال :
خطأه
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة ولا تتبعوا خطوات الشيطان نزغات الشيطان
(1/403)
وأخرج
أبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله خطوات الشيطان قال : تزيين الشيطان
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة قال : كل معصية لله فهي من خطوات الشيطان
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : ما كان من يمين أو نذر في غضب فهو من خطوات
الشيطان وكفارته كفارة يمين
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم
وصححه عن ابن مسعود
أنه أتى بضرع وملح فجعل يأكل فاعتزل رجل من القوم فقال ابن مسعود : ناولوا صاحبكم
فقال : لا أريد
فقال : أصائم أنت ؟ قال : لا
قال : فما شأنك ؟ قال : حرمت أن آكل ضرعا أبدا
فقال ابن مسعود : هذا من خطوات الشيطان فاطعم وكفر عن يمينك
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن أبي مجلز في قوله ولا تتبعوا خطوات الشيطان قال :
النذور في المعاصي
وأخرج عبد بن حميد عن عيسى بن عبد الرحمن السلمي قال : جاء رجل إلى الحسن فسأله
وأنا عنده فقال له : حلفت إن لم أفعل كذا وكذا أن أحج حبوا
فقال : هذا من خطوات الشيطان فحج واركب وكفر عن يمينك
وأخرج عبد بن حميد عن عثمان بن غياث قال : سألت جابر بن زيد عن رجل نذر أن يجعل في
أنفه حلقة من ذهب فقال : هي من خطوات الشيطان ولا يزال عاصيا لله فليكفر عن يمينه
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : إنما سمى الشيطان لأنه يشيطن
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله إنما يأمركم بالسوء قال : المعصية والفحشاء قال :
الزنا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون قال : هو ما كانوا يحرمون من البحائر
والسوائب والوصائل والحوامي ويزعمون أن الله حرم ذلك
قوله تعالى : وإذ قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما آلفينا عليه
آباءنا أولو كان أباءهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون
(1/404)
ابن
اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال " دعا رسول الله صلى الله عليه
و سلم اليهود إلى الإسلام ورغبهم فيه وحذرهم عذاب الله ونقمته
فقال له رافع بن خارجة ومالك بن عوف : بل نتبع يا محمد ما وجدنا عليه آباءنا فهم
كانوا أعلم وخيرا منا فأنزل الله في ذلك وإذ قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل
نتبع ما آلفينا عليه آباءنا
الآية "
وأخرج الطستي عن ابن عباس
أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ما ألفينا قال : يعني وجدنا قال : وهل تعرف العرب
ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول نابغة بن ذبيان : فحسبوه فألفوه كما زعمت تسعا
وتسعين لم ينقص ولم يزد وأخرج ابن جرير عن الربيع وقتادة في قوله ما ألفينا قالا :
وجدنا
قوله تعالى : ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما لايسمع إلا دعاء ونداء صم بكم
عمي فهم لا يعقلون
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ومثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق بما
لايسمع قال : كمثل البقر والحمار والشاة وإن قلت لبعضهم كلاما لم يعلم ما تقول غير
أنه يسمعك وكذلك الكافر إن أمرته بخير أو نهيته عن شر أو وعظته لم يعقل ما تقول
غير أنه يسمع صوتك
أخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : مثل الدابة تنادى فتسمع ولا تعقل ما
يقال لها كذلك الكافر يسمع الصوت ولا يعقل
وأخرج الطستي عن ابن عباس
أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز و جل كمثل الذي ينعق بما لايسمع قال
: شبه الله أصوات المنافقين والكفار بأصوات البهم أي بأنهم لا يعقلون
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت بشر بن أبي حازم وهو يقول : هضيم
الكشح لم يغمز ببوس ولم ينعق بناحية الرياق وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله
كمثل الذي ينعق قال :
(1/405)
الراعي
بما لا يسمع قال : البهائم إلا دعاء ونداء قال : كمثل البعير والشاة تسمع الصوت
ولا تعقل
وأخرج وكيع عن عكرمة في قوله كمثل الذي ينعق بما لايسمع إلا دعاء ونداء مثل الكافر
مثل البهيمة تسمع الصوت ولا تعقل
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : قال لي عطاء في هذه الآية : هم اليهود الذين
أنزل الله فيهم إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب البقرة الآية 174 إلى قوله
فما أصبرهم على النار
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم واشكروا لله إن كنتم
إياه تعبدون
أحمد ومسلم والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا وإن الله أمر المؤمنين
بما أمر به المرسلين فقال يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما
تعملون عليم المؤمنون الآية 51 وقال يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم
ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يا رب يا رب ومطعمه حرام
ومشربه حرام وملبسه حرام وغذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك "
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير كلوا من طيبات قال : من الحلال
وأخرج ابن سعد عن عمر بن عبد العزيز
أنه قال يوما : إني أكلت حمصا وعدسا فنفخني
فقال له بعض القوم : يا أمير المؤمنين إن الله يقول في كتابه كلوا من طيبات ما
رزقناكم فقال عمر : هيهات ذهبت به إلى غير مذهبه إنما يريد به طيب الكسب ولا يريد
به طيب الطعام
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله يا أيها الذين آمنوا يقول : صدقوا كلوا من طيبات
ما رزقناكم يعني اطعموا من حلال الرزق الذي أحللناه لكم
(1/406)
بتحليلي
إياه لكم مما كنتم تحرمونه أنتم ولم أكن حرمته عليكم من المطاعم والمشارب واشكروا
لله يقول : أثنوا على الله بما هو أهل له على النعم التي رزقكم وطيبها لكم
وأخرج عبد بن حميد عن أبي أمية يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم قال
: فلم يوجد من الطيبات شيء أحل ولا أطيب من الولد وماله
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة ويشرب الشربة فيحمد الله عليها
"
قوله تعالى : إنما حرم عليكم المينة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن
اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم
أحمد وابن ماجه والدارقطني والحاكم وابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " أحلت لنا ميتتان ودمان
السمك والجراد والكبد والطحال "
أما قوله تعالى : وما أهل به الآية
أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله وما أهل به قال : ذبح
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله وما أهل به لغير الله يعني ما أهل للطواغيت
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد وماأهل به قال : ما ذبح لغير لله
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية وما أهل به لغير الله يقول : ما ذكر عليه اسم
غير الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فمن اضطر يعني إلى شيء مما حرم غير باغ
ولا عاد يقول : من أكل شيئا من هذه وهو مضطر فلا حرج ومن أكله وهو غير مضطر فقد
بغى واعتدى
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر عن ابن عباس في قوله غير باغ قال : في الميتة
قال : في الأكل
(1/407)
وأخرج
سفيان بن عينية وآدم بن أبي إياس وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن
المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في المعرفة وفي السنن عن مجاهد في قوله
غير باغ ولا عاد قال : غير باغ على المسلمسن ولا معتد عليهم من خرج يقطع الرحم أو
يقطع سبيل أو يفسد في الأرض أو مفارقا للجاعة والأئمة أو خرج في معصية الله فاضطر
إلى الميتة لم تحل له
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير في قوله فمن اضطر غير باغ ولا عاد
قال : العادي الذي يقطع الطريق لا رخصة له فلا إثم عليه يعني في أكله حين اضطر
إليه إن الله غفور يعني لما أكل من الحرام رحيم به إذ أحل له الحرام في الاضطرار
وأخرج وكيع عن إبراهيم والشعبي قالا : إذا اضطر إلى الميتة أكل منها قدر ما يقيمه
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وأبو الشيخ عن مسروق قال : من اضطر إلى الميتة والدم ولحم
الخنزير فتركه تقذرا ولم يأكل ولم يشرب ثم مات دخل النار
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله فمن اضطر غير باغ ولا عاد قال : غير باغ في
أكله ولا عاد بتعدي الحلال إلى الحرام وهو يجد عنه بلغة ومندوحة
قوله تعالى : إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنا قليلا أولئك
ما يأكلون في بطونهم إلا النار ولا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب
أليم
ابن جرير عن عكرمة في قوله إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب والتي في آل
عمران إن الذين يشترون بعهد الله وإيمانهم ثمنا قليلا آل عمران الآية 77 نزلتا
جميعا في يهود
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : كتموا اسم محمد صلى الله عليه و سلم
وأخذوا عليه طمعا قليلا
(1/408)
وأخرج
ابن جرير عن أبي العالية في قوله إن الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب قال :
أهل الكتاب كتموا ما أنزل الله عليهم في كتابهم من الحق والهدى والإسلام وشأن محمد
ونعته أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار يقول : ما أخذوا عليه من الأجر فهو نار
في بطونهم
وأخرج الثعلبي بسند ضعيف عن ابن عباس قال : سألت الملوك اليهود قبل مبعث محمد صلى
الله عليه و سلم ما الذي يجدون في التوراة ؟ قالوا : إنا نجد في التوراة أن الله
يبعث نبيا من بعد المسيح يقال له محمد بتحريم الزنا والخمر والملاهي وسفك الدماء
فلما بعث الله محمدا ونزل المدينة قالت الملوك لليهود : هذا الذي تجدون في كتابكم
؟ فقالت : اليهود طمعا في أموال الملوك : ليس هذا بذلك النبي
فأعطاهم الملوك الأموال فأنزل الله هذه الآية إكذابا لليهود
وأخرج الثعلبي بسند ضعيف عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في رؤساء اليهود
وعلمائهم كانوا يصيبون من سفلتهم الهدايا والفضل وكانوا يرجون أن يكون النبي
المبعوث منهم فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه و سلم من غيرهم خافوا ذهاب
مأكلتهم وزوال رياستهم فعمدوا إلى صفة محمد فغيروها ثم أخرجوها إليهم فقالوا : هذا
نعت النبي الذي يخرج في آخر الزمان لا يشبه نعت هذا النبي فإذ نظرت السفلة إلى
النعت وجدوه مخالفا لصفة محمد فلم يتبعوه فأنزل الله إن الذين يكتمون ما أنزل الله
من الكتاب
قوله تعالى : أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة فما أصبرهم على
النار ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد
ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى
الآية
قال : اختاروا الضلالة على الهدى والعذاب عبى المغفرة فما أصبرهم على النار قال :
ما أجرأهم على عمل النار
وأخرج سفيان بن عينية وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
(1/409)
وابن
أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية في قوله فما أصبرهم على النار قال : والله ما لهم
عليها من صبر ولكن يقول : ما أجرأهم على النار
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله فما أصبرهم قال : ما أجرأهم على العمل الذي
يقربهم إلى النار
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله فما أصبرهم على النار قال : هذا على وجه
الاستفهام يقول : ما الذي أصبرهم على النار ؟ وفي قوله وإن الذين اختلفوا في
الكتاب قال : هم اليهود والنصارى لفي شقاق بعيد قال : في عداوة بعيدة
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية قال : اثنان ما أشدهما علي من يجادل في القرآن
ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا غافر الآية 4 وإن الذين اختلفوا في الكتاب
لفي شقاق بعيد
قوله تعالى : ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله
واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين وآتى المال على حبه ذوى القربى واليتامى
و المساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب وأقام الصلوة وآتى الزكوة والوفون
بعهدهم إذا عاهدوا والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس أولئك الذين صدقوا
وأولئك هم المتقون
ابن أبي حاتم وصححه عن أبي ذر " أنه سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن
الإيمان فتلا ليس البر أن تولوا وجوهكم حتى فرغ منها ثم سأله فتلاها وقال : وإذا
عملت حسنة أحبها قلبك وإذا عملت سيئة أبغضها قلبك "
(1/410)
وأخرج
اسحق بن راهويه في مسنده وعبد بن حميد وابن مردويه عن القاسم بن عبد الرحمن قال
" جاء رجل إلى أبي ذر فقال : ما الإيمان ؟ فتلا عليه هذه اللآية ليس البر أن
تولوا وجوهكم حتى فرغ منها
فقال الرجل : ليس عن البرسألتك
فقال أبو ذر : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فسأله عما سألتني فقرأ
عليه هذه الآية فأبى أن يرضى كما أبيت أن ترضى فقال له رسول الله صلى الله عليه و
سلم : ادن
فدنا فقال : المؤمن إذا عمل الحسنة سرته رجاء ثوابها وإذا عمل السيئة أحزنته وخاف
عقابه "
وأخرج عبد الرزاق وابن راهويه وعبد بن حميد عن عكرمة قال : سئل الحسن بن علي مقبله
من الشام عن الإيمان فقرأ ليس البر
الآية
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة قال : كانت اليهود تصلي قبل المغرب والنصارى
قبل المشرق فنزلت ليس البر أن تولوا وجوهكم
الآية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس ليس البر أن تولوا وجوهكم يعني في
الصلاة يقول : ليس البر أن تصلوا ولا تعملوا فهذا حين تحول من مكه إلى المديته
ونزلت الفرائض وحد الحدود فأمر الله بالفرائض والعمل بها
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : هذه الآيه نزلت بالمدينه ليس البر أن تولوا
وجوهكم يعني الصلاة تبدل ليس البر أن تصلوا ولكن البر ما ثبت في القلب من طاعة
الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ليس البر
الآية
قال : ذكر لنا أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن البر فأنزل الله هذه الآية
فدعا الرجل فتلاها عليه وقد كان الرجل قبل الفرائض إذ شهد أن لا إله إلا الله وأن
محمدا رسول عبده ورسوله ثم مات على ذلك يرجى له في خير فأنزل الله ليس البر أن
تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب وكانت اليهود توجهت قبل المغرب والنصارى قبل
المشرق ولكن البر من آمن بالله
الآية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : كانت اليهود تصلي قبل المغرب
والنصارى قبل المشرق فنزلت ليس البر أن تولوا وجوهكم
الاية
وأخرج أبو عبيد في فضائله والثعلبي من طريق هرون عن ابن مسعود وأبي بن كعب أنهما
قرآ ليس البر بأن تولوا
(1/411)
وأخرج
وكيع وابن أبي شيبة وابن المنذر عن أبي ميسرة قال : من عمل بهذه الآية فقد استكمل
الإيمان ليس البر
الآية
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن
البر ما ثبت في القلوب من طاعة الله
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءتنا مكان ليس البر أن تولوا
ولا تحسبن أن البر
أما قوله تعالى : ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين
أخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن أبي حاتم والآجري في
الشريعة واللالكائي في السنة وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن
الخطاب " أنهم بينما هم جلوس عند النبي صلى الله عليه و سلم جاءه رجل يمشي
حسن الشعر عليه ثياب بياض فنظر القوم بعضهم إلى بعض ما نعرف هذا وما هذا بصاحب سفر
! ثم قال : يا رسول الله آتيك ؟ قال : نعم
فجاءه فوضع ركبتيه عند ركبتيه ويديه على فخذيه فقال : ما الإسلام ؟ قال : شهادة أن
لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج
البيت قال : فما الإيمان ؟ قال : أن تؤمن بالله وملائكته ولفظ ابن مردويه : أن
تؤمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين والجنة والنار والبعث بعد
الموت والقدر كله
قال : فما الإحسان ؟ قال : أن تعمل لله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فهو يراك
قال : فمتى الساعة ؟ قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل ! قال : فما أشراطها ؟
قال : إذا العراة الحفاة العالة رعاء الشاء تطاولوا في البنيان وولدت الإماء
أربابهن ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم علي بالرجل فطلبوه فلم يروا شيئا
فمكث يومين أو ثلاثة ثم قال : يا ابن الخطاب أتدري من السائل كذا وكذا ؟ قال :
الله ورسوله أعلم
! قال : ذاك جبريل جاءكم ليعلمكم دينكم "
وأخرج أحمد والبزارعن ابن عباس قال " جلس رسول الله صلى الله عليه و سلم
مجلسا فأتاه جبريل فجلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم واضعا كفيه على
ركبتي رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : يا رسول الله حدثني عن الإسلام ؟ قال :
الإسلام أن تسلم وجهك لله عز و جل وأن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأن محمد عبده ورسوله
قال :
(1/412)
فإذا
فعلت ذلك فقد أسلمت
قال : يا رسول الله حدثني عن الإيمان ؟ قال : الإيمان أن تؤمن بالله وباليوم الآخر
والملائكة والكتاب والنبيين والموت والحياة بعد الموت وتؤمن بالجنة والنار والحساب
والميزان وتؤمن بالقدر كله خيره وشره
قال : فإذ فعلت فقد آمنت
قال : يا رسول الله حدثني ما الإحسان ؟ قال : الإحسان أن تعمل لله كأنك تراه فإن
لا تراه فإنه يراك "
وأخرج البزار عن أنس قال " بينا رسول الله صلى الله عليه و سلم جالس مع
أصحابه إذا جاءه رجل ليس عليه ثياب السفر يتخلل الناس حتى جلس بين يدي رسول الله
صلى الله عليه و سلم فوضع يده على ركبة رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا
محمد ما الإسلام ؟ قال : شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده
ورسوله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم شهر رمضان وحج البيت ان استطعت إليه سبيلا
قال : فإذا فعلت فأنا مؤمن ؟ قال : نعم
قال : صدقت
قال : يا محمد ما الإحسان ؟ قال : أن تخشى الله كأنك تراه فإن لم تراه فإن يراك
قال : فإذا فعلت فأنا محسن ؟ قال : نعم
قال : صدقت
قال : يا محمد متى الساعة ؟ قال : ما المسئول عنها بأعلم من السائل ! وأدبر الرجل
فذهب
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : علي بالرجل فاتبعوه يطلبونه فلم يروا شيئا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ذاك جبريل جاءكم ليعلمكم دينكم "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة وأبي ذر قالا : " إنا لجلوس ورسول الله صلى
الله عليه و سلم جالس في مجلسه محتب إذ أقبل رجل من أحسن الناس وجها وأطيب الناس
ريحا وأنقى الناس ثوبا فقال : يا محمد ما الإسلام ؟ قال : أن تعبد الله ولا تشرك
به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج البيت وتصوم رمضان قال : فإذا فعلت هذا
فقد أسلمت ؟ قال : نعم
قال : صدقت
فقال : يا محمد أخبرني ما الإيمان ؟ قال : الإيمان بالله وملائكته والكتاب
والنبيين وتؤمن بالقدر كله
قال : فإذا فعلت ذلك فقد آمنت ؟ قال : نعم
قال : صدقت "
وأخرج أحمد والنسائي عن معاوية بن حيدة قال " قلت يا رسول الله ما الذي بعثك
الله به ؟ قال : بعثني الله بالإسلام ! قلت : وما الإسلام ؟ قال : شهادة أن لا إله
إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة "
أما قوله تعالى وآتى المال على حبه
(1/413)
أخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله وآتى المال يعني أعطى المال على حبه يعني
على حب المال
وأخرج ابن المبارك في الزهد ووكيع وسفيان بن عينية وعبد الرزاق والفريابي وسعيد بن
منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه
والبيهقي في سننه عن ابن مسعود وآتى المال على حبه قال : يعطي وهو صحيح شحيح يأمل
العيش ويخاف الفقر
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود مرفوعا
مثله
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن المطلب " أن قيل : يا رسول الله ما آتى
المال على حبه فكلنا نحبه ؟ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : تؤتيه حين تؤتيه
ونفسك حين تحدثك بطول العمر والفقر "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن حبان عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " أفضل الصدقة أن تصدق وأنت صحيح تأمل البقاء
وتخشى الفقر ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا إلا وقد كان
لفلان "
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي
الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " مثل الذي ينفق أو
يتصدق عند الموت مثل الذي يهدي إذا شبع "
أما قوله تعالى : ذوي القربى أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ذوي
القربى يعني قرابته
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط
" سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : أفضل الصدقة على ذي الرحم
الكاشح "
وأخرج أحمد والدارمي والطبراني عن حكيم بن حزام " أن رجلا سأل رسول الله صلى
الله عليه و سلم عن الصدقات أيهما أفضل ؟ قال : على ذي الرحم الكاشح "
وأخرج أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم وصححه عن ميمونة أم المؤمنين قال "
أعتقت جارية لي فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أما لو أعطيتها بعض أخوالك كان
أعظم لأجرك "
(1/414)
وأخرج
الخطيب في تالي التلخيص عن الن عباس " أن ميمونة استأذنت رسول الله صلى الله
عليه و سلم في جارية تعتقها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أعطيها أختك
ترعى عليها وصلي بها رحما فإنه خير لك "
وأخرج ابن المنذر عن فاطمة بنت قيس " أنها قالت : يا رسول الله إن لي مثقالا
من ذهب
قال : اجعليها في قرابتك "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجه والحاكم والبيهقي في
سننه عن سلمان بن عامر الضبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
الصدقة على المسكين صدقة وعلى ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة "
وأخرج أحمد وابخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود
قالت " سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم أتجزيء عني من الصدقة النفقة على
زوجي وأيتام في حجري ؟ قال : لك أجران : أجر الصدقة وأجر القرابة "
أما قوله تعالى : وابن السبيل أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ابن السبيل هو
الضيف الذي ينزل بالمسلمين
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : ابن السبيل الذي يمر عليك وهو مسافر
أما قوله تعالى : والسائلين أخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله والسائلين قال :
السائل الذي يسألك
وأخرج أحمد وأبو داود وابن أبي حاتم عن الحسين بن علي قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " للسائل حق وإن جاء على فرس "
وأخرج ابن عدي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
أعطوا السائل وإن كان على فرس " وأخرج ابن أبي شيبه عن سالم بن أبي الجعد قال
: قال عيسى بن مريم : للسائل حق وإن جاء على فرس مطوق بالفضة
وأخرج ابن سعد والترمذي وصححه وابن خزيمة وابن حبان من طريق عبد الرحمن بن بجيد عن
جدته أم بجيد وكانت ممن تابع رسول الله صلى الله عليه و سلم أنها قالت " يا
رسول الله إن المسكين ليقوم على بابي فما أجد شيئا أعطيه إياه ؟ ! فقال لها : إن
لم
(1/415)
تجدي
إلا ظلفا محرقا فادفعيه إليه
ولفظ ابن خزيمة : ولا تردي سائلك ولو بظلف "
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد من طريق عمرو بن معاذ الأنصاري عن جدته حواء قالت :
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " ردوا السائل ولو بظلف محرق "
وأخرج ابن أبي شيبة عن حميد بن عبد الرحمن قال : كان يقال : ردوا السائل ولو بمثل
رأس القطاة
وأخرج أبو نعيم والثعلبي والديلمي والخطيب في رواة مالك بسند واه عن ابن عمر
مرفوعا " هدية الله للؤمن السائل على بابه "
وأخرج ابن شاهين وابن النجار في تاريخه عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " ألا أدلكم على هدايا الله عز و جل إلى خلقه ؟ قلنا : بلى
قال : الفقير هو هدية الله قبل ذلك أو ترك "
قوله تعالى وفي الرقاب أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير وفي الرقاب يعني فكاك
الرقاب
أما قوله تعالى : وأقام الصلاة وآتى الزكاة أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في
قوله وأقام الصلاة يعني وأتم الصلاة المكتوبة وآتى الزكاة يعني الزكاة المفروضة
وأخرج الترمذي وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عدي والدارقطني
وابن مردويه عن فاطمة بنت قيس قالت : قال رسول الله " صلى الله عليه و سلم في
المال حق سوى الزكاة ثم قرأ ليس البر ان تولوا وجوهكم
الآية "
وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي هريرة " أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل في
المال حق بعد الزكاة ؟ قال : نعم
تحمل على النجيبة "
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي
أنه سئل هل على الرجل في ماله حق سوى الزكاة ؟ قال : نعم
وتلا هذه الآية وآتى المال على حبه ذوي القربى
إلى آخرة الآية "
وأخرج عبد بن حميد عن ربيعة بن كلثوم قال : حدثني أبي قال لي مسلم بن يسار : إن
الصلاة صلاتان وإن الزكاة زكاتان والله إنه لفي كتاب الله أقرأ عليك به قرآنا
قلت له : أقرأ
قال : فإن الله يقول في كتابه ليس البر ان تولوا
(1/416)
وجوهكم
إلى قوله وآتى المال على حبه ذوي القربى واليتامى المساكين وابن السبيل فهذا وما
دونه تطوع كله وأقام الصلاة على الفريضة وآتى الزكاة فهاتان فريضتان
أما قوله تعالى : والموفون بعهدهم إذا عاهدوا أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي
العالية في قوله والموفون بعهدهم إذا عاهدوا قال : فمن أعطى عهد الله ثم نقضه
فالله ينتقم منه ومن أعطى ذمة النبي صلى الله عليه و سلم ثم غدر بها فالنبي صلى
الله عليه و سلم خصمه يوم القيامة
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله والموفون بعهدهم إذا عاهدوا يعني فيما
بينهم وبين الناس
أما قوله تعالى : والصابرين في البأساء والضراء وحين البأس
أخرج وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو
الشيخ والحاكم وصححه عن ابن مسعود في الآية قال البأساء والضراء السقم وحين البأس
حين القتال
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : كنا نحدث أن البأساء البؤس والفقر
والضراء السقم والوجع وحين البأس عند مواطن القتال
وأخرج الطستي عن ابن عباس
أن نافع بن الأزرق سأله عن البأساء والضراء قال : البأساء الخصب والضراء الجدب
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول زيد بن عمرو : إن الإله عزيز
واسع حكم بكفه الضر والبأساء والنعم أما قوله تعالى : أولئك الذين صدقوا الآية
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله أولئك يعني الذين فعلوا ما ذكر الله في
هذه الآية هم الذين صدقوا
وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله أولئك الذين صدقوا قال : تكلموا بكلام الإيمان
فكانت حقيقته العمل صدقوا الله قال : وكان الحسن يقول : هذا كلام الإيمان وحقيقته
العمل فإن لم يكن مع القول عمل فلا شيء
(1/417)
وأخرج
الحكيم الترمذي عن أبي عامر الأشعري قال : قلت يا رسول الله ما تمام البر قال
" تعمل في السر عمل العلانية "
وأخرج ابن عساكر عن إبراهيم بن أبي شيبان قال : سألت زيد بن رفيع فقلت : يا أبا
جعفر ما تقول في الخوارج في تكفيرهم الناس ؟ قال : كذبوا بقول الله عز و جل ليس
البر أن تولوا وجوهكم
الآية
فمن آمن فهو مؤمن ومن كفر بهن فهو كافر
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد
بالعبد والأنثى بالأنثى فمن عفي له من أخيه شيء فاتباع بالمعروف وأداء إليه بأحسن
ذلك تخفيف من ربكم ورحمة فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : إن حيين من العرب اقتتلوا في الجاهلية قبل
الإسلام بقليل فكان بينهم قتل وجراحات حتى قتلوا العبيد والنساء فلم يأخذ بعضهم من
بعض حتى أسلموا فكان أحد الحيين يتطاول على الآخر في العدة والأموال فحلفوا أن لا
يرضوا حتى بالعبد من الحر منهم وبالمرأة من الرجل منهم فنزل فيهم يا أيها الذين
آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى وذلك
أنهم كانوا لا يقتلون الرجل بالمرأة ولكن يقتلون الرجل بالرجل والمرأة بالمرأة
فأنزل الله النفس بالنفس المائدة الآية 45 فجعل الأحرار في قصاص سواء فيما بينهم
من العمد رجالهم ونساؤهم في النفس وما دون النفس وجعل العبيد مستويين في العمد
النفس وما دون النفس رجالهم ونساؤهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الشعبي قال : نزلت هذه الآية في قبيلتين من قبائل
العرب اقتتلتا قتال عمية على عهد الرسول صلى الله عليه و سلم قال : يقتل بعبدنا
فلان بن فلان وتقتل بأمتنا فلانة بنت فلانة
فأنزل الله الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى
(1/418)
وأخرج
ابن جرير وابن مردويه عن أبي مالك قال : كان بين حيين من الأنصار قتال كان لأحدهما
على الآخر الطول فكأنهم طلبوا الفضل فجاء النبي صلى الله عليه و سلم ليصلح بينهم
فنزلت الآية الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى قال ابن عباس : نسختها
النفس بالنفس المائدة الآية 45
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : لم يكن لمن كان قبلنا دية إنما هو القتل والعفو
فنزلت هذه الآية في قوم أكثر من غيرهم فكانوا إذا قتل من الكثير عبد قالوا : لا
نقتل به إلا حرا وإذا قتلت منهم امرأة قالوا : لا نقتل بها إلا رجلا فأنزل الله
الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وأبو القاسم الزجاجي في أماليه والبيهقي في
سننه عن قتادة في الآية قال : كان أهل الجاهلية فيهم بغي وطاعة للشيطان فكان الحي
منهم إذا كان فيهم عدد فقتل لهم عبدا عبد قوم آخرين فقالوا : لن نقتل به إلا حرا
تعززا وتفضلا على غيرهم في أنفسهم وإذا قتلت لهم أنثى قتلتها امرأة قالوا : لن
نقتل بها إلا رجلا فأنزل الله هذه الآية يخبرهم أن العبد بالعبد إلىآخر الآية
نهاهم عن البغي ثم أنزل سورة المائدة فقال وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس
المائدة الآية 45 الآية
وأخرج النحاس في ناسخه عن ابن عباس الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى
قال : نسختها وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس المائدة الآية 45 الآية
أما قوله تعالى : فمن عفي له الآية
أخرج عبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس فمن عفي
له قال : هو العمد يرضى أهله بالدية فاتباع بالمعروف أمر به الطالب أو أداء إليه
بإحسان قال : يؤدى المطلوب بإحسان ذلك تخفيف من ربكم ورحمة مما كان على بني
اسرائيل
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فمن عفي له من أخيه شيء بعد أخذ الدية بعد
استحقاق الدم وذلك العفو فاتباع بالمعروف يقول : فعلى الطالب
(1/419)
اتباع
بالمعروف إذا قبل الدية وأداء إليه بإحسان من القاتل في غير ضرر ولا فعلة المدافعة
وذلك تخفيف من ربكم ورحمة يقول : رفق
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وابن حبان والبيهقي عن ابن عباس قال : كان
في بني اسرائيل القصاص ولم يكن فيهم الدية فقال الله لهذه الأمة كتب عليكم القصاص
في القتلى إلى قوله فمن عفي له من أخيه شيء فالعفو أن تقبل الدية في العمد فاتباع
بالمعروف وأداء إليه بإحسان يتبع الطالب بالمعروف ويؤدي إليه المطلوب بإحسان ذلك
تخفيف من ربكم ورحمة مما كتب من كان قبلكم فمن اعتدى بعد ذلك قتل بعد قبول الدية
فله عذاب أليم
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كانت بنو اسرائيل إذا قتل فيهم القتيل عمدا لا
يحل لهم إلا القود وأحل الله الدية لهذه الأمة فأمر هذا أن يتبع بمعروف وأمر هذا
أن يؤدي بإحسان ذلك تخفيف من ربكم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : كان على بني اسرائيل
القصاص في القتلى ليس بينهم دية في نفس ولا جرح وذلك قول الله وكتبنا عليه فيها أن
النفس بالنفس
المائدة الآية 45 الآية
فخخف الله عن أمة محمد فجعل عليهم الدية في النفس وفي الجراحة وهو قوله ذلك تخفيف
من ربكم
وأخرج ابن جرير والزجاجي في أماليه عن قتادة في قوله ورحمة قال : هي رحمة رحم بها
الله هذه الأمة أطعمهم الدية وأحلها لهم ولم تحل لأحد قبلهم فكان في أهل التوراة
إنما هو القصاص أو العفو ليس بينهما أرش فكان أهل الإنجيل إنما هو عفو أمروا به
وجعل الله لهذه الأمة القتل والعفو الدية إن شاؤوا أحلها لهم ولم يكن لأمة قبلهم
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن شريح الخزاعي
" أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من أصيب بقتل أو جرح فإنه يختار إحدى
(1/420)
ثلاث
إما أن يقتض وإما أن يعفو وإما أن يأخذ الدية فإن أراد رابعة فخذوا على يديه ومن
اعتدى بعد ذلك فله نار جهنم خالدا فيها أبدا "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه فمن اعتدى بعد ذلك بأن قتل بعد
أخذه الدية فله عذاب أليم قال : فعليه القتل لا يقبل منه الدية وذكر لنا أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال " لا أعافي رجل قتل بعد أخذ الدية "
وأخرج سمويه في فوائده عن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا
أعافي رجل قتل بعد أخذ الدية "
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير ن الحسن في قوله فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب
أليم قال : كان الرجل في الجاهلية إذا قتل قتيلا ينضم إلى قومه فيجيء قومه
فيصالحون عنه بالدية فيخرج الفار وقد أمن في نفسه فيقتله ويرمي إليه بالدية فذلك
الاعتداء
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة
في رجل قتل بعد أخذ الدية قال : يقتل أما سمعت الله يقول فله عذاب أليم
قوله تعالى : ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون
عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله ولكم في القصاص حياة يعني نكالا وعظة إذا
ذكره الظالم المعتدي كف عن القتل
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : جعل الله هذا القصاص حياة وعبرة لأولي الألباب
وفيه عظة لأهل الجهل والسفه كم من رجل قد هم بداهية لولا مخافة القصاص لوقع بها
ولكن الله حجز عباده بها بعضهم عن بعض وما أمر الله بأمر قط إلا وهو أمر إصلاح في
الدنيا والآخرة وما نهى الله عن أمر إلا وهو أمر فساد والله أعلم بالذي يصلح خلقه
وأخر ابن جرير عن السدي في القصاص حياة قال : بقاء لا يقتل القاتل إلا بجناية
وأخرج سفيلن بن عينية عن مجاهد في قوله ولكم في القصاص حياة قال : يناهي بعضهم عن
بعض
(1/421)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب يعني
من كان له لب أو عقل يذكر القصاص فيحجزه خوف القصاص عن القتل لعلكم تتقون لكي
تتقوا الدماء مخافة القصاص
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي الجوزاء
أنه قرأ ولكم في القصاص قال : قصص القرآن
وأخرج آدم والبيهقي في سننه عن أبي العالية فمن اعتدى قتل بعد أخذه الدية تخفيف من
ربكم ورحمة يقول : حين أعطيتم الدية ولم تحل لأهل التوراة إنما هو قصاص أو عفو
وكان أهل الإنجيل إنما هو عفو وليس غيره فجعل الله لهذ الأمة القود والدية والعفو
ولكم في القصاص حياة يقول : جعل الله القصاص حياة فكم من رجل يريد أن يقتل فيمنعه
منه مخافة أن يقتل
قوله تعالى : كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين
والأقربين بالمعروف حقا على المتقين
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله إن ترك خيرا قال : مالا
أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله إن ترك خيرا قال : الخير المال
أخرج ابن جرير عن مجاهد قال : الخير في القرآن كله المال إن ترك خيرا
لحب الخير العاديات الآية 8
أحببت حب الخير ص الآية 32
إن علمتم فيهم خيرا النور الآية 33
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله إن ترك خيرا الوصية قال : من لم يترك ستين
دينار لم يترك خيرا
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عروة
أن علي بن أبي طالب دخل على مولى لهم في الموت وله سبعمائة درهم أو ستمائة درهم
(1/422)
فقال
: ألا أوصي قال : لا إنما قال الله إن ترك خيرا وليس لك كثير مال فدع ملك لورثتك
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي عن عائشة
أن رجلا قال لها : إني أريد أن أوصي قالت : كم مالك
؟ قال : ثلاثة آلاف
قالت : كم عيالك ؟ قال : أربعة
قالت : قال الله إن ترك خيرا وهذا شيء يسير فاتركه لعيالك فهو أفضل
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور والبيهقي عن ابن عباس قال : إن ترك الميت سبعمائة
درهم فلا يوصي
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مجلز قال : الوصية على من ترك خيرا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الزهري قال : جعل الله الوصية حقا مما قل منه أو
كثر
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقول " ما حق إمرىء مسلم تمر عليه ثلاث ليال إلا وصيته عنده
قال ابن عمر : فما مرت علي ثلاث قط إلا ووصيتي عندي "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" أيها الناس ابتاعوا أنفسكم من ربكم إلا أنه ليس لإمرىء شيء إلا عرف أمرا
بخل بحق الله فيه حتى إذا حضر الموت يوزع ماله ههنا وههنا " ثم يقول قتادة :
ويلك يا ابن آدم اتق الله ولا تجمع إساءتين مالك إساءة في الحياة وإساءة عند الموت
أنظر إلى قرابتك الذين يحتاجون ولا يرثون فأوص لهم من مالك بالمعروف
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عبيد الله بن عبد الله بن معمر قاضي البصرة قال
: من أوصى فسمى أعطينا من سمى وإن قال : ضعها حيث أمر الله أعطيناها قرابته
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن طاوس قال : من أوصى لقوم وسماهم وترك ذوي قرابته
محتاجين انتزعت منهم وردت على قرابته
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الحسن قال : إذا أوصى في غير أقاربه بالثلث جاز
لهم ثلث الثلث ويرد على أقاربه ثلثي الثلث
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود في الناسخ وابن جرير
(1/423)
وابن
المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن محمد بن سيرين قال : خطب ابن عباس فقرأ
سورة البقرة فبين ما فيها حتى مر على هذه الآية إن ترك خيرا الوصية للوالدين
والأقربين فقال : نسخت هذه الآية
وأخرج أبو داود والنحاس معا في الناسخ وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في
الوصية للوالدين والأقربين قال : كان ولد الرجل يرثونه وللوالدين الوصية فنسختها
للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون النساء الآية 7 الآية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان لا يرث مع الوالدين غيرهما
إلا وصية الأقربين فأنزل الله آية الميراث فبين ميراث الوالدين وأقر وصية الأقربين
في ثلث مال الميت
وأخرج أبو داود في سننه وناسخه والبيهقي عن ابن عباس في قوله إن ترك خيرا الوصية
للوالدين والأقربين قال : فكانت الوصية لذلك حين نسختها آية الميراث
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : نسخ من يرث ولم ينسخ الأقربين الذين لا
يرثون
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر
أنه سئل عن هذه الآية الوصية للوالدين والأقربين قال : نسختها آية الميراث
وأخرج ابن جرير عن قتادة عن شريح في الآية قال : كان الرجل يوصي بماله كله حتى
نزلت آية الميراث
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في الآية قال : كان الميراث للولد والوصية للوالدين
والأقربين فهي منسوخة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في الآية قال : الخير المال كان يقال ألف فما فوق ذلك
فأمر أن يوصي للوالدين والأقربين ثم نسخ الوالدين وألحق لكل ذي ميراث نصيبه منها
وليست لهم منه وصية فصارت الوصية لمن لا يرث من قريب أو غير قريب
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه عن عمرو بن خارجة
" أن النبي صلى الله عليه و سلم خطبهم على راحلته فقال : إن الله قد قسم لكل
إنسان نصيبه من الميراث فلا تجوز لوارث وصية "
(1/424)
وأخرج
أحمد وعبد بن حميد والبيهقي في سننه عن أبي أمامة الباهلي " سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم في حجة الوداع في خطبته يقول : إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه
فلا وصية لوارث "
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا
وصية لوارث أن تجيزه الورثة "
قوله تعالى : فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع
عليم فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فمن بدله بعد ما سمعه
فإنما إثمه على الذين يبدلونه وقد وقع أجر الموصي على الله وبرىء من إثمه في وصيته
أو حاف فيها فليس على الأولياء حرج أن يردوا خطأه إلى الصواب
وأخرج ابن جرير عن قتاده في قوله فمن بدله قال : من بدل الوصيه بعد ما سمعها فإثم
ما بدل عليه
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير فمن بدله يقول : للأوصياء من بدل وصية الميت من
بعد ما سمعه يعني من بعد ما سمع من الميت فلم يمض وصيته إذا كان عدلا فإنما إثمه
يعني إثم ذلك على الذين يبدلونه يعني الوصي وبرىء منه الميت إن الله سميع يعني للوصية
عليم بها فمن خاف يقول : فمن علم من موص يعني من الميت جنفا ميلا أو إثما يعني أو
خطأ فلم يعدل فأصلح بينهم رد خطأه إلى الصواب إن الله غفور للوصي حيث أصلح بين
الورثة رحيم به رخص له في خلاف جور وصية الميت
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله جنفا قال : الجور والميل
في الوصية قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول عدي بن زيد وهو يقول
: وأمك يا نعمان في أخواتها يأتين ما يأتينه جنفا
(1/425)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله جنفا أو إثما قال : الجنف الخطأ
والإثم العمد
وأخرج سفيان بن عينية وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله جنفا أو إثما قال : خطأ أو
عمدا
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء في قوله جنفا قال : حيفا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله فمن خاف من موص
الآية
قال : هذا حين يحضر الرجل وهو يموت فإذا أسرف أمره بالعدل وإذا قصر عن حق قالوا له
: افعل كذا وكذا وأعط فلانا كذا وكذا
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله خاف من موص
الآية
قال : من أوصى بحيف أو جار في وصية فيردها ولي الميت أو إمام من أئمة المسلمين إلى
كتاب الله وإلى سنة نبيه كان له ذلك
وأخرج سفيان بن عينية وسعيد بن منصور والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : الجنف في
الوصية والأضرار فيها من الكبائر
وأخرج أبو داود في مراسيله وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال " يرد من صدقة الجانف في حياته ما يرد من وصية المجنف عند
موته "
وأخرج عبد الرزاق عن الثوري في قوله فمن بدله بعد ما سمعه قال : بلغنا أن الرجل
إذا أوصى لم تغير وصيته حتى نزلت فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فرده
إلى الحق
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم
لعلكم تتقون أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخرى وعلى
الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن
كنتم تعلمون
البخاري ومسلم والترمذي والنسائي والبيهقي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و
سلم
(1/426)
قال
" بني الإسلام على خمس
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة إيتاء الزكاة وصوم
رمضان والحج "
وأخرج أحمد وأبو داود وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي
في سننه عن معاذ بن جبل قال : أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال وأحيل الصيام ثلاثة أحوال
فأما أحوال الصلاة فإن النبي صلى الله عليه و سلم قدم المدينة فصلى سبعة عشر شهرا
إلى بيت المقدس ثم إن الله أنزل عليه قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة
ترضاها
البقرة الآية 144 الآية فوجهه الله إلى مكة هذا حول وقال : وكانوا يجتمعون للصلاة
ويؤذن بها بعضهم بعضا حتى نفسوا أو كادوا ثم إن رجلا من الأنصار يقال له عبد الله
بن يزيد أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله إني رأيت فيما يرى
النائم ولو قلت أني لم أكن نائما لصدقت إني بينا أنا بين النائم واليقظان إذ رأيت
شخصا عليه ثوبان أخضران فاستقبل القبلة فقال : الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله
إلا الله مثنى مثنى حتى فرغ الأذان ثم أمهل ساعة ثم قال مثل الذي قال : غير أنه
يزيد في ذلك قد قامت الصلاة
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : علمها بلالا فليؤذن بها
فكان بلال أول من أذن بها قال : وجاء عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله إنه قد
طاف بي مثل الذي طاف به غير أنه سبقني فهذان حولان
قال : وكانوا يأتون الصلاة قد سبقهم النبي صلى الله عليه و سلم ببعضها فكان الرجل
يسر إلى الرجل كم صلى فيقول واحدة أو اثنتين فيصليهما ثم يدخل مع القوم صلاتهم
فجاء معاذ فقال : لا أجده على حال أبدا إلا كنت عليها ثم قضيت ما سبقني فجاء وقد
سبقه النبي صلى الله عليه و سلم ببعضها فثبت معه فلما قضى رسول الله صلى الله عليه
و سلم صلاته قام فقضى فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : قد سن لكم معاذ فهكذا
فاصنعوا
فهذه ثلاثة أحوال
وأما أحوال الصيام فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم قدم المدينة فجعل يصوم من كل
شهر ثلاثة أيام وصام عاشوراء ثم إن الله فرض عليه الصيام وأنزل الله يا أيها الذين
آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم إلى قوله وعلى الذين يطيقونه
فدية طعام مسكين فكان من شاء صام ومن شاء أطعم مسكينا فأجزأ ذلك عنه ثم إن الله
أنزل الآية الأخرى شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى
(1/427)
للناس
البقرة الآية 185 إلى قوله فمن شهد منكم الشهر فليصمه فأثبت الله صيامه على المقيم
الصحيح ورخص فيه للمريض والمسافر وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام فهذان
حولان
قال : وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا فإذا ناموا امتنعوا ثم إن
رجلا من الأنصار يقال له صرمة كان يعمل صائما حتى إذا أمسى فجاء إلى أهله فصلى
العشاء ثم نام فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح فأصبح صائما فرآه النبي صلى الله عليه و
سلم وقد جهد جهدا شديدا فقال : " ما لي أراك قد جهدت جهدا شديدا ؟ قال : يا
رسول الله عملت أمس فجئت حين جئت فألقيت نفسي فنمت فأصبحت حين أصبحت صائما قال :
وكان عمر قد أصاب النساء بعد ما نام فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فذكر ذلك له فأنزل
الله أحل لكم ليلة الصيام الرفث البقرة الآية 187 إلى قوله ثم أتموا الصيام إلى
الليل "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله كما كتب على الذين من قبلكم يعني بذلك أهل
الكتاب
وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال : إن النصارى فرض عليهم شهر رمضان كما فرض علينا
فكانوا ربما صاموه في القيظ فحولوه إلى الفصل وضاعفوه حتى صار إلى خمسين يوما فذلك
قوله كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله كما كتب على الذين من قبلكم قال : الذين من قبلنا
هم النصارى كتب عليهم رمضلن وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم ولا
ينكحوا في شهر رمضان
فاشتد على النصارى صيام رمضان فاجتمعوا فجعلوا صياما في الفصل بين الشتاء والصيف
وقالوا : نزيد عشرين يوما نكفر بها ما صنعنا فلم تزل المسلمون يصنعون كما تصنع
النصارى حتى كان من أمر أبي قيس بن صرمة وعمر بن الخطاب ما كان فأحل الله لهم
الأكل والشرب والجماع إلى قبيل طلوع الفجر
وأخرج ابن حنظلة في تاريخه والنحاس في ناسخه والطبراني عن معقل بن
(1/428)
حنظلة
عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " كان على النصارى صوم شهر رمضان فمرض
ملكهم فقالوا : لئن شفاه الله لنزيدن عشرا ثم كان آخر فأكل لحما فأوجع فوه فقالوا
: لئن شفاه الله لنزيدن سبعة ثم كان ملك آخر فقالوا : ما تدع من هذه الثلاثة أيام
شيئا أن نتمها ونجعل صومنا في الربيع ففعل فصارت خمسين يوما "
وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم
قال : كتب عليهم الصيام من العتمة إلى العتمة
وأخرج ابن جرير عن مجاهد كما كتب على الذين من قبلكم قال : أهل الكتاب
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله لعلكم تتقون من الطعام والشراب والنساء مثل ما
اتقوا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عطاء في قوله أياما معدودات قال : وكان هذا صيام
الناس ثلاثة أيام من كل شهر ولم يسم الشهر أياما معدودات
قال : وكان هذا صيام الناس قبل ذلك ثم فرض الله عليهم شهر رمضان
وأخرج سعيد بن منصور عن أبي جعفر قال : نسخ شهر رمضان كل صوم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل أياما معدودات يعني أيام رمضان ثلاثين يوما
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله كتب عليكم الصيام قال : كان
ثلاثة أيام من كل شهر ثم نسخ بالذي أنزل الله من صيام شهر رمضان فهذا الصوم الأول
من العتمة وجعل الله فيه فدية طعام مسكين فمن شاء من مسافر أو مقيم يطعم مسكينا
ويفطر وكان في ذلك رخصة له فأنزل الله في الصوم الآخر فعدة من أيام أخر ولم يذكر
الله في الأخر فدية طعام مسكين فنسخت الفدية وثبت في الصوم الأخر يريد الله بكم
اليسر ولا يريد بكم العسر وهو الإفطار في السفر وجعله عدة من أيام أخر
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم
قال : هو شهر رمضان كتبه الله على من كان قبلكم وقد كانوا يصومون من كل شهر ثلاثة
أيام ويصلون ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي حتى افترض عليهم شهر رمضان
(1/429)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : كان الصوم الأول صامه نوح فمن دونه حتى صامه النبي
صلى الله عليه و سلم وأصحابه وكان صومهم من شهر ثلاثة أيام إلى العشاء وهكذا صامه
النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
صيام رمضان كتبه الله على الأمم قبلكم "
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : لقد كتب الصيام على كل أمة خلت كما كتب علينا
شهرا كاملا
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : كتب على النصارى الصيام كما كتب عليكم وتصديق
ذلك في كتاب الله كتب عليكم الآية
قال : فكان أول أمر النصارى أن قدموا يوما قالوا : حتى لا نخطىء ثم قدموا يوما
وأخروا يوما قالوا : لا نخطىء ثم إن آخر أمرهم صاروا إلى أن قالوا : نقدم عشرا
ونؤخر عشرا حتى لا نخطىء فضلوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : أنزلت كتب عليكم الصيام
الآية
كتب عليهم أن أحدهم إذا صلى العتمة ونام حرم عليه الطعام والشراب والنساء إلى
مثلها
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير في قوله كتب عليكم الصيام
الآية
قال : كتب عليهم إذا نام أحدهم قبل أن يطعم شيئا لم يحل له أن يطعم إلى القابلة
والنساء عليهم حرام ليلة الصيام وهو ثابت عليهم وقد رخص لكم في ذلك
وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة قالت : كان عاشوراء يصام فلما نزل رمضان كان من شاء
صام ومن شاء أفطر
وأخرج سعيد وابن عساكر عن ابن عباس في قوله يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام
الآية
يعني بذلك أهل الكتاب وكان كتابه على أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم : إن الرجل
يأكل ويشرب وينكح مابينه وبين أن يصلي العتمة أو يرقد فإذا صلى العتمة أو رقد منع
من ذلك إلى مثلها من القابلة فنسختها هذه الآية أحل لكم ليلة الصيام
وأما قوله تعالى : وعلى الذين يطيقونه فدية
(1/430)
أخرج
عبد بن حميد عن ابن سيرين قال : كان ابن عباس يخطب فقرأ هذه الآية وعلى الذين
يطيقونه فدية قال : قد نسخت هذه الآية
وأخرج ابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت هذه
الآية وعلى الذين يطيقونه فدية فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا ثم نزلت
هذه الآية فمن شهد منكم الشهر فليصمه فنسخت الأولى إلا الفاني إن شاء أطعم عن كل
يوم مسكينا وأفطر
وأخرج أبو داود عن ابن عباس وعلى الذين يطيقونه فدية ومن شاء منهم أن يفتدي بطعام
مسكين افتدى وتم له صومه فقال ومن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم وقال
فمن شهد منكم الشهر فليصمه
الآية
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وأبو داود وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والبيهقي في سننه عن ابن عباس في الآية قال : كانت مرخصة الشيخ الكبير والعجوز
وهما يطيقان الصوم أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينا ثم نسخت بعد ذلك فقال الله
فمن شهد منكم الشهر فليصمه وأثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان
أن يفطرا ويطعما وللحبلى والمرضع إذا خافتا أفطرتا وأطعمتا مكان كل يوم مسكينا ولا
قضاء عليهما
وأخرج الدارمي والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير وابن خزيمة
وأبو عوانة وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وابن حبان والطبراني والحاكم
والبيهقي في سننه عن سلمة بن الأكوع قال : لما نزلت هذه الآية وعلى الذين يطيقونه
فدية من شاء منا صام ومن شاء أن يفطر ويفتدي فعل ذلك حتى نزلت الآية التي بعدها
فنسختها فمن شهد منكم الشهر فليصمه
وأخرج ابن حبان عن سلمة بن الأكوع قال : كنا في رمضان في عهد رسول الله صلى الله
عليه و سلم من شاء صام ومن شاء أفطر وافتدى حتى نزلت هذه الآية فمن شهد منكم الشهر
فليصمه
وأخرج البخاري عن أبي ليلى قال " نبأ أصحاب منا أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم لما نزل رمضان فشق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكينا ترك رمضان فشق عليهم ترك
الصوم ممن يطيقه ورخص لهم في ذلك فنسختها وإن تصوموا خير لكم فأمروا بالصوم "
وأخرج ابن جرير عن أبي ليلى " نبأ أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم : أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم لما
(1/431)
قدم
المدينة أمرهم بصيام ثلاثة أيام من كل شهر تطوعا من غير فريضة ثم نزل صيام رمضان
وكانوا قوما لم يتعودوا الصيام فكان مشقة عليهم فكان من لم يصم أطعم مسكينا ثم
نزلت هذه الآية فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام
أخر فكانت الرخصة للمريض والمسافر وأمرنا بالصيام "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عامر الشعبي قال : لما نزلت هذه الآية وعلى
الذين يطيقونه فدية أفطر الأغنياء وأطعموا وجعلوا الصوم على الفقراء فأنزل الله
فمن شهد منكم الشهر فليصمه فصام الناس جميعا
وأخرج وكيع وعبد بن حميد عن أبي ليلى قال : دخلت على عطاء بن أبي رباح في شهر
رمضان وهو يأكل فقلت له : أتأكل ؟ ! قال : إن الصوم أول ما نزل كان من شاء صام ومن
شاء أفطر وأطعم مسكينا كل يوم فلما نزلت فمن تطوع خيرا فهو خير له كان من تطوع
أطعم مسكينين فلما نزلت فمن شهد منكم الشهر فليصمه وجب الصوم على كل مسلم إلا
مريضا أو مسافرا أو الشيخ الكبير الفاني مثلي فإنه يفطر ويطعم كل يوم مسكينا
وأخرج وكيع وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة في المصنف والبخاري وابن جرير وابن
المنذر والبيهقي في سننه عن ابن عمر
أنه كان يقرأ فدية طعام مسكين وقال : هي منسوخة نسختها الآية التي بعدها فمن شهد
منكم الشهر فليصمه
وأخرج وكيع وسفيان وعبد الرزاق والفريابي والبخاري وأبو داود في ناسخه وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والطبراني والدارقطني
والبيهقي من طرق عن ابن عباس أنه كان يقرأ وعلى الذين يطوقونه مشددة قال : يكلفونه
ولا يطيقونه ويقول : ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير الهرم والعجوز الكبيرة الهرمة
يطعمون لكل يوم مسكينا ولا يقضون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني والحاكم وصححاه والبيهقي عن
ابن عباس وعلى الذين يطيقونه قال : يكلفونه فدية طعام مسكين واحد فمن تطوع خيرا
زاد طعام مسكين آخر فهو خير له وأن تصوموا خير لكم قال : فهذه ليست منسوخة ولا
يرخص إلا للكبير الذي لا يطيق الصوم أو مريض يعلم أنه لا يشفى
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن عائشة كانت تقرأ يطوقونه
(1/432)
وأخرج
ابن أبي داود في المصاحف عن سعيد بن جبير أنه قرأ وعلى الذين يطوقونه
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن الأنباري عن عكرمة أنه كان يقرأ وعلى الذين يطوقونه
قال : يكلفونه
وقال : ليس هي منسوخة الذين يطيقونه يصومونه والذين يطوقونه عليهم الفدية
وأخرج ابن جرير وابن الأنبياري عن ابن عباس أنه قرأ وعلى الذين يطيقونه قال :
يتجشمونه يتكلفونه
وأخرج سعيد بن منصور وأبو داود في ناسخه وابن جرير عن عكرمة أنه كان يقرؤها وعلى
الذين يطيقونه وقال : ولو كان يطيقونه إذن صاموا
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال نزلت وعلى الذين يطيقونه فدية في الشيخ الكبير
الذي لا يطيق الصوم فرخص له أن يطعم مكان كل يوم مسكينا
(1/433)
وأخرج
عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن أبي حاتم والدارقطني والبيهقي عن
ابن عباس وعلى الذين يطيقونه قال : ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير الذي لا يطيق
الصيام يفطر ويتصدق لكل يوم نصف صاع من بر مدا لطعامه ومدا لإدامه
وأخرج ابن سعد في طبقاته عن مجاهد قال : هذه الآية نزلت في مولى قيس بن السائب
وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين فأفطر وأطعم لكل يوم مسكينا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس وعلى الذين يطيقونه قال : من لم يطق الصوم إلا على جهد
فله أن يفطر ويطعم كل يوم مسكينا والحامل والمرضع والشيخ الكبير والذي سقمه دائم
وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب في قوله وعلى الذين يطيقونه قال : الشيخ الكبير
الذي لايستطيع الصوم يفطر ويطعم مكان كل يوم مسكينا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو يعلى وابن المنذر والدارقطني والبيهقي عن
أنس بن مالك
أنه ضعف عن الصوم عاما قبل موته فصنع جفنة من ثريد فدعا ثلاثين مسكينا فأطعمهم
وأخرج الطبراني عن قتادة : أن إنسانا ضعف عن الصوم قبل موته عاما فأفطر وأطعم كل
يوم مسكينا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والدارقطني وصححه عن ابن عباس
أنه قال لأم ولد له حامل أو مرضع : أنت بمنزلة الذين لا يطيقون الصوم عليك الطعام
ولا قضاء عليك
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم والدارقطني عن نافع قال : أرسلت إحدى بنات ابن
عمر إلى ابن عمر تسأله عن صوم رمضان وهي حامل قال : تفطر وتطعم كل يوم مسكينا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال : تفطر الحامل التي في شهرها
والمرضع التي تخاف على ولدها يفطران ويطعمان كل يوم مسكينا كل واحد منهما ولا قضاء
عليهما
وأخرج عبد بن حميد عن عثمان بن الأسود قال : سألت مجاهدا عن إمرأتي وكانت حاملا
وشق عليها الصوم فقال : مرها فلتفطر ولتطعم مسكينا كل يوم فإذا صحت فلتقض
وأخرج عبد بن حميد عن الحين قال : المرضع إذا خافت أفطرت وأطعمت والحامل إذا خافت
على نفسها أفطرت وقضت وهي بمنزلة المريض
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الحسن قال : يفطران ويقضيان صياما
وأخرج عبد بن حميد عن النخعي قال : الحامل والمرضع إذا خافتا أفطرتا وقضتا مكان
ذلك صوما
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال : إذ خشي الإنسان على نفسه في رمضان فليفطر
وأما قوله تعالى طعام مسكين
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن سيرين قال : قرأ ابن عباس سورة البقرة على المنبر فلما
أتى على هذه الآية قرأ طعام مسكين
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله فدية طعام مسكين قال : واحد
وأخرج وكيع عن عطاء في قوله فدية طعام مسكين قال : مد بمد أهل مكة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عكرمة قال : سألت طاوسا عن أمي
(1/434)
وكان
أصابها عطاش فلم تستطع أن تصوم فقال : تفطر وتطعم كل يوم مدا من بر
قلت : بأي مد ؟ قال : بمد أرضك
وأخرج الدارقطني عن أبي هريرة قال : من أدركه الكبر فلم يستطع أن يصوم رمضان فعليه
كل يوم مد من قمح
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن سفيان قال : ما الصدقات والكفارات إلا بمد النبي
صلى الله عليه و سلم
وأما قوله تعالى : فمن تطوع خيرا فهو خير له
وأخرج وكيع عن مجاهد في قوله فمن تطوع خيرا قال : أطعم المسكين صاعا
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله فمن تطوع خيرا قال : أطعم مسكينين
وأخرج عبد بن حميد عن طاوس فمن تطوع خيرا قال : أطعم مساكين
وأخرج وكيع وعبد بن حميد عن أنس
أنه أفطر في رمضان وكان قد كبر وأطعم أربعة مساكين لكل يوم
وأخرج الدارقطني في سننه من طريق مجاهد قال : سمعت قيس بن السائب يقول : إن شهر
رمضان يفتديه الإنسان أن يطعم لكل يوم مسكينا فأطعموا عني مسكينين
قوله تعالى : وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون
أخرج ابن جرير عن ابن شهاب في قوله وإن تصوموا خير لكم أي أن الصيام خير لكم من
الفدية
وأخرج مالك وأحمد وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن
ماجه وابن خزيمة والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة عشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف
قال الله عز و جل : إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه وشهوته من
أجلي للصائم فرحتان : فرحة عند فطره فرحة عند لقاء ربه ولخلوف فم الصائم أطيب عند
الله من ريح المسك "
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة وأبي سعيد قالا : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " يقول الله تعالى : الصوم لي وأنا أجزي به
للصائم فرحتان
(1/435)
إذا
أفطر فرح وإذا لقي ربه فجازاه فرح ولخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك
"
وأخرج أحمد والبيهقي عن جابر " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : قال
ربنا : الصيام جنة يستجن بها العبد من النار وهو لي وأنا أجزي به
قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : الصيام جنة حصينة من النار "
وأخرج البيهقي عن أيوب بن حسان الواسطي قال " سمعت رجلا سأل سفيان بن عينية
فقال : يا أبا محمد فيما يرويه النبي صلى الله عليه و سلم عن ربه عز و جل كل عمل
ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به
فقال ابن عينية : هذا من أجود الأحاديث وأحكمها إذا كان يوم القيامة يحاسب الله
عبده ويؤدي ما عليه من المظالم من سائر عمله حتى لايبقى إلا الصوم فيتحمل الله ما
بقي عليه من المظالم ويدخله بالصوم الجنة "
وأخرج مالك وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " قال الله عز و جل : كل عمل ابن آدم له إلا
الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا
يصخب وإن سابه أو شاتمه أحد فليقل إني إمرؤ صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم
الصائم أطيب عن الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرح بهما : إذا أفطر فرح وإذا
لقي ربه فرح بصومه "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن خزيمة والبيهقي عن سهل بن
سعد
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " للجنة ثمانيةأبواب فيها باب يسمى
الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل معهم أحد غيرهم يقال : أين الصائمون
؟ فيدخلون منه فإذا دخل آخرهم أغلق فلم يدخل منه أحد
زاد ابن خزيمة ومن دخل منه شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
الصيام لا رياء فيه
قال الله : هو لي وأنا أجزي به يدع طعامه وشرابه من أجلي "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي عن
أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " من صام رمضان إيمانا واحتسابا
غفر له ما تقدم من ذنبه "
(1/436)
وأخرج
النسائي والبيهقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال " سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة "
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن أبي أوفى قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" نوم الصائم عبادة وصمته تسبيح وعمله مضاعف ودعاؤه مستجاب وذنبه مغفور
"
وأخرج ابن عدي في الكامل وأبو الحسن محمد بن أحمد بن جميع الغساني وأبو سعيد بن
الأعرابي والبيهقي عن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
" ما من عبد أصبح صائما إلا فتحت له أبواب السماء وسبحت أعضاؤه واستغفر له
أهل السماء الدنيا إلى أن توارى بالحجاب فإن صلى ركعة أو ركعتين أضاءت له السموات
نورا وقال أزواجه من الحور العين اللهم اقبضه إلينا فقد اشتقنا إلى رؤيته وإن هلل
أو سبح أو كبر تلقاه سبعون ألف ملك يكتبون ثوابها إلى أن توارى بالحجاب "
وأخرج البيهقي عن علي بن أبي طالب سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول "
من منعه الصيام من الطعام والشراب يشتهيه أطعمه الله من ثمار الجنة وسقاه من
شرابها "
وأخرج البيهقي عن علي بن أبي طالب قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول " إن الله أوحى إلى نبي من بني اسرائيل : أخبر قومك أن ليس عبد يصوم
يوما ابتغاء وجهي إلا صححت جسمه وأعظمت أجره "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى الأشعري قال : بينما نحن في البحر غزاة إذ مناد
ينادي : يا أهل السفينة خبروا بخبركم
قال أبو موسى : قلت : ألا ترى الريح لنا طيبة والشراع لنا مرفوعة والسفينة لنا
تجري في لجة البحر ؟ قال : أفلا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه ؟ قلت : بلى
قال : فإن الله قضى على نفسه أيما عبد عطش نفسه لله في الدنيا يوما فإن حقا على
الله أن يرويه يوم القيامة
وأخرج أحمد والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي أمامة
قال " قلت : يا رسول الله مرني بعمل آخذه عنك ينفعني الله به
قال : عليك بالصوم فإنه لا مثل له "
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن أبي رباح قال : توضع الموائد يوم القايمة للصائمين
فيأكلون والناس في كرب الحساب
وأخرج البيهقي عن كعب الأحبار قال : ينادي يوم القيامة مناد : إن كل حارث يعطي
بحرثه ويزاد غير أهل القرآن والصيام يعطون أجورهم بغير حساب
(1/437)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لكل
أهل عمل باب من أبواب الجنة يدعون منه بذلك العمل ولأهل الصيام باب يقال له الريان
"
وأخرج مالك في الموطأ وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " الصيام جنة "
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
الصيام جنة وحصن حصينة من النار "
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة والبيهقي عن عثمان بن أبي
العاصي الثقفي قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : الصيام جنة
من النار كجنة أحدكم من القتال "
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن خزيمة والبيهقي عن عبيدة قال " سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : الصيام جنة ما لم يخرقها "
وأخرج الطبراني في الأوسط من حديث أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " الصيام جنة ما لم يخرقها
قيل وبم يخرقها ؟ بكذب أو غيبة "
وأخرج الترمذي والبيهقي عن رجل من بني سليم " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم أخذ بيده فقال : سبحان الله نصف الميزان والحمد لله تملأ الميزان والله أكبر
تملأ ما بين السماء والأرض والوضوء نصف الميزان والصيام نصف الصبر "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجه والبيهقي عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : الصيام نصف الصبر وأن لكل شيء زكاة وزكاة الجسد الصيام "
وأخرج ابن عدي والبيهقي عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" لكل شيء زكاة وزكاة الجسد الصوم "
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه والبيهقي عن أم
عمارة بنت كعب " أن النبي صلى الله عليه و سلم دخل عليها فقربت إليه طعاما
فقال : كلي
فقالت : إني صائمة
فقال : إن الصائم إذا أكل عنده صلت عليه الملائكة حتى يفرغوا أو يقضوا "
(1/438)
وأخرج
ابن ماجه والبيهقي عن بريدة قال : دخل بلال على رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو
يتغذى فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " تغذى يا بلال
قال : إني صائم يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : نأكل رزقنا
وفضل رزق بلال في الجنة أشعرت يا بلال أن الصائم تسبح عظامه وتستغفر له الملائكة
ما أكل عنده ؟ ! "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر قال : الصائم إذا أكل عنده صلت عليه
الملائكة
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : الصائم إذا أكل عنده صلت عليه الملائكة
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : الصائم إذا أكل عنده سبحت مفاصله
وأخرج ابن أبي شيبة عن يزيد بن خليل مثله
وأخرج أبو يعلى والطبراني والبيهقي عن سلمة بن قيصر " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : من صام يوما ابتغاء وجه الله بعده الله من جهنم كبعد غراب كار
وهو فرخ حتى مات هرما "
وأخرج أحمد والبزار من حديث أبي هريرة
مثله
وأخرج البزار والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ثلاث دعوات مستجابات : دعوة الصائم ودعوة المسافر ودعوة المظلوم "
وأخرج البيهقي عن أنس قال " خرج النبي صلى الله عليه و سلم إلى المسجد وفيه
فئة من أصحابه فقال : من كان عنده طول فلينكح وإلا فعليه بالصوم فإن له وجاء
ومجسمة للعرق "
وأخرج الترمذي وابن ماجه عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
في الجنة باب يدعى الريان يدعى له الصائمون فمن كان من الصائمين دخله ومن دخله لا
يظمأ أبدا "
وأخرج ابن ماجه والحاكم والبيهقي عن عبد الله بن عمرو " سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد "
وأخرح البزار عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن
للصوم يوم القايمة حوضا ما يرده غير الصوام "
(1/439)
وأخرج
ابن أبي الدنيا والبزار عن ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه و سلم بعث أبا
موسى في سرية في البحر فبينما هم كذلك قد رفعوا الشراع في ليلة مظلمة إذا هاتف من
قومهم يهتف : يا أهل السفينة قفوا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه
قال أبو موسى : أخبرنا إن كنت مخبرا قال : إن الله قضى على نفسه أنه من أعطش نفسه
له في يوم صائف سقاه الله يوم العطش "
وأخرج ابن سعد والترمذي وصححه والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه
والبيهقي في الدعوات عن الحرث الأشعري " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات أن يعمل بها ويأمر بني اسرائيل أن يعملوا
بها وأنه كاد أن يبطىء بها فقال عيسى : إن الله أمرك بخمس كلمات لتعمل بها وتأمر
بني اسرائيل أن يعملوا بها فإما تأمرهم وإما أن آمرهم فقال يحيى : أخشى إن سبقتني
بها أن يخسف بي أو أعذب فجمع الناس في بيت المقدس فامتلأ وقعد على الشرف فقال : إن
الله أمرني بخمس كلمات أن أعمل بهن وأمركم أن تعملوا بهن
أولهن أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وإن مثل من أشرك بالله كمثل رجل اشترى
عبدا من خالص ماله بذهب أو ورق فقال : هذه داري وهذا عملي فأعمل وأد إلي فكان يعمل
ويؤدي إلى سيده فإيكم يرضى أن يكون عبده كذلك ؟ وإن الله أمركم بالصلاة فإذا صليتم
فلا تلتفتوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت وأمركم بالصيام
فإن مثل ذلك كمثل رجل في عصابة معه صرة فيها مسك فكلهم يعجبه ريحها وإن ريح الصائم
أطيب عند الله من ريح المسك وأمركم بالصدقة فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو ولفوا
يده إلى عنقه وقدموه ليضربوا عنقه فقال : أفدي نفسي منكم بالقليل والكثير ففدى
نفسه منهم وأمركم أن تذكروا الله فإن مثل ذلك كمثل رجل خرج العدو في أثره سراعا
حتى إذا أتى به على حصن حصين فأحرز نفسه منهم كذلك العبد لا يحرز نفسه من الشيطان
إلا بذكر الله "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" اغزوا تغنموا وصوموا تصحوا وسافروا تستغنوا "
وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا في كتاب الجوع والطبراني والحاكم وصححه عن عبد الله بن
عمرو " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : الصيام والقرآن يشفعان للعبد
يوم
(1/440)
القيامة
يقول الصيام : أي رب منعته الطعام والشهوة فشفعني به ويقول القرآن : منعته النوم
بالليل فشفعني به قال : فيشفعان "
وأخرج أبو يعلى والطبراني عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" لو أن رجلا صام يوما تطوعا ثم أعطى ملء الأرض ذهبا لم يستوف ثوابه دون يوم
الحساب "
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد
الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا "
وأخرج الطبراني في الأوسط والصغير عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " من صام يوما في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقا كما
بين السماء والأرض "
وأخرج الطبراني عن عمرو بن عبسة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
من صام يوما في سبيل الله بعدت من النار مسيرة مائة عام "
وأخرج الترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم قال : من صام يوما في سبيل الله زحزح الله وجهه عن النار بذلك اليوم سبعين
خريفا "
وأخرح الترمذي عن أبي أمامة " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من صام
يوما في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقا كما بين السماء والأرض "
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " ثلاثة لا ترد دعوتهم : الصائم إحتى يفطر
والإمام العادل ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام ويفتح لها أبواب السماء
ويقول الرب : وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين "
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الجوع عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " الصائمون تنفح من أفواههم ريح المسك وتوضع لهم يوم القيامة مائدة تحت
العرش فيأكلون منها والناس في شدة "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " إن الله
جعل مائدة عليها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر لا يقعد عليها
إلا الصائمون "
(1/441)
وأخرج
أبو الشيخ بن حبان في الثواب عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إذا كان يوم القيامة تخرج الصوام من قبورهم يعرفون برياح صيامهم أفواههم
أطيب من ريح المسك فيلقون بالموائد والأباريق مختمة بالمسك فيقال لهم : كلوا فقد
جعتم واشربوا فقد عطشتم ذروا الناس واستريحوا فقد أعييتم إذ استراح الناس فيأكلون
ويشربون ويستريحون والناس في عناء وظمأ "
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الأهوال عن مغيب بن سمى قال : تركد الشمس فوق رؤوسهم
على أذرع وتفتح أبواب جهنم فتهب عليهم لفحها وسمومها وتخرج عليها نفحاتها حتى تجري
الأرض من عرقهم أنتن من الجيف والصائمون في ظل العرش
وأخرج الأصبهاني في الترغيب من طريق أحمد بن أبي الحواري أنبأنا أبو سليمان قال :
جاءني أبو علي الأصم بأحسن حديث سمعته في الدنيا قال : توضع للصوام مائدة يأكلون
والناس في الحساب فيقولون : يا رب نحن نحاسب وهؤلاء يأكلون ؟ ! فيقول " طالما
صاموا وأفطرتم وقاموا ونمتم "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " إن في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها
الله لمن ألان الكلام وأطعم الطعام وتابع الصيام وصلى بالليل والناس نيام "
وأخرج البيهقي عن نافع قال ابن عمر : كان يقال : إن لكل مؤمن دعوة مستجابة عند
إفطاره إما أن تعجل له في دنياه أو تدخر له في آخرته فكان ابن عمر يقول عند إفطاره
: يا واسع المغفرة اغفر لي
وأخرج أحمد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه ذات يوم
" من شهد منكم جنازة ؟ قال عمر : أنا
قال : من عاد مريضا ؟ قال عمر : أنا
قال : من تصدق بصدقة ؟ قال عمر : أنا
قال : من أصبح صائما ؟ قال عمر : أنا
قال : وجبت وجبت "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن رباح قال : خرجنا إلى معاوية فمررنا براهب فقال
: توضع الموائد فأول من يأكل منها الصائمون
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة والدارقطني
والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : من
(1/442)
أفطر
يوما من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقضه عنه صوم الدهر كله وإن صامه "
وأخرج الدارقطني عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
من أفطر يوما من رمضان من غير عذر فعليه صوم شهر "
وأخرج الدارقطني عن رجاء بن جميل قال : كان ربيعة بن أبي عبد الرحمن يقول : من
أفطر يوما من رمضان صام اثني عشر يوما لأن الله رضي من عباده شهرا من اثني عشر
شهرا
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و
سلم فقال : إني أفطرت يوما من رمضان فقال له النبي صلى الله عليه و سلم "
تصدق واستغفر وصم يوما مكانه "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : من أفطر يوما من رمضان متعمدا من غير سفر
ولا مرض لم يقضه أبدا وإن صام الدهر كله
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي قال : من أفطر يوما من رمضان متعمدا لم يقضه أبدا طول
الدهر
قوله تعالى : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان
فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم
اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم
تشكرون
ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عدي والبيهقي في سننه والديلمي عن أبي هريرة مرفوعا
وموقوفا " لا تقولوا رمضان فإن رمضان اسم من أسماء الله ولكن قولوا شهر رمضان
"
وأخرج وكيع وابن جرير عن مجاهد قال : لا تقل رمضان فإنك لا تدري ما رمضان لعله اسم
من أسماء الله عز و جل ولكن قل شهر رمضان كما قال الله عز و جل
(1/443)
وأخرج
ابن عساكر في تاريخه عن ابن عمر قال : إنما سمي رمضان لأن الذنوب ترمض فيه وإنما
سمي شوالا لأنه يشول الذنوب كما تشول الناقة ذنبها
وأخرج ابن مردويه والأصبهاني في الترغيب عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " إنما سمي رمضان لأن رمضان يرمض الذنوب "
وأخرج ابن مردويه والأصبهاني عن عائشة قالت : قيل للنبي صلى الله عليه و سلم
" يا رسول الله ما رمضان ؟ قال : أرمض الله فيه ذنوب المؤمنين وغفرها لهم
قيل : فشوال ؟ قال : شالت فيه ذنوبهم فلم يبق فيه ذنب إلا غفره "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن أبي بكرة عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال " شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة "
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه عن أنس " أن
النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا دخل رجب قال : اللهم بارك لنا في رجب وشعبان
وبلغنا رمضان "
وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن طلحة بن عبيد الله " أن
أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ثائر الرأس فقال : يا رسول الله
أخبرني بما فرض الله علي من الصيام ؟ فقال : شهر رمضان إلا إن تطوع
فقال : أخبرني بما فرض الله علي من الزكاة ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه و سلم
بشرائع الإسلام
قال : والذي أكرمك لا أتطوع شيئا ولا أنقص مما فرض الله علي شيئا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أفلح إن صدق أو دخل الجنة إن صدق "
وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبخاري والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم
وسلسلت الشياطين "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي والبيهقي عن عرفجة قال : كنا عند عتبة ابن فرقد
وهو يحدثنا عن رمضان إذ دخل رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فسكت عتبة بن
فرقد قال : يا أبا عبد الله حدثنا عن رمضان كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول فيه ؟ قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " رمضان شهر
مبارك تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب السعير وتصفد فيه الشياطين وينادي
مناد كل ليلة : يا باغي الخير هلم ويا باغي الشر أقصر حتى ينقضي رمضان "
(1/444)
وأخرج
أحمد والطبراني والبيهقي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إن لله عند كل فطر عتقاء من النار "
وأخرج مسلم والبيهقي عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت
الكبائر "
وأخرج ابن حبان والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " من صام رمضان وعرف حدوده وحفظ مما ينبغي أن يحفظ منه كفر ما قبله
"
وأخرج ابن ماجه عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن لله
عند كل فطر عتقاء وذلك في كل ليلة "
وأخرج الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إذا كان أول ليلة من شهر رمضان
صفدت الشياطين ومردة الجن وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب وفتح أبواب الجنة
فلم يغلق منها باب وينادي مناد كل ليلة : يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر
ولله عز و جل عتقاء من النار وذلك عند كل ليلة "
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال لأصحابه : نبشركم قد جاءكم رمضان شهر مبارك افترض الله عليكم صيامه
تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه الشياطين فيه ليلة خير من
ألف شهر من حرم خيرها فقد حرم "
وأخرج أحمد والبزار وأبو الشيخ في الثواب والبيهقي والأصبهاني في الترغيب عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أعطيت أمتي في شهر رمضان
خمس خصال لم تعط أمة قبلهم : خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وتستغفر
لهم الملائكة حتى يفطروا ويزين الله كل يوم جنته ثم قال : يوشك عبادي الصالحون أن
يلقوا عنهم المؤنة والأذى ويصيروا إليك وتصفد الشياطين ولا يخلصوا فيه إلى ما
يخلصون في غيره ويغفر لهم آخر ليلة
قيل : يا رسول الله أهي ليلة القدر ؟ قال : لا ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى
عمله "
وأخرج البيهقي والأصبهاني عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " أعطيت أمتي في شهر رمضان خمسا لم يعطهن نبي قبلي : أما واحدة فإنه
إذا كان
(1/445)
أول
ليلة من شهر رمضان نظر الله إليهم ومن نظر الله إليه لم يعذبه أبدا وأما الثانية
فإنه خلوف أفواههم حين يمسون أطيب عند الله من ريح المسك وأما الثالثة فإن
الملائكة تستغفر لهم في كل يوم وليلة وأما الرابعة فإن الله يأمر جنته فيقول لها
استعدي وتزيني لعبادي أوشك أن يستريحوا من تعب الدنيا إلى داري وكرامتي وأما
الخامسة فإذا كان آخر ليلة غفر لهم جميعا
فقال رجل من القوم : أهي ليلة القدر ؟ فقال : لا ألم تر إلى العمال يعملون فإذا
فرغوا من أعمالهم أعطوا أجورهم ؟ "
وأخرج البيهقي في الشعب والأصبهاني في الترغيب عن الحسن قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " إن لله في كل ليلة من رمضان ستمائة ألف عتيق من النار فإذا
كان آخر ليلة أعتق بعدد من مضى "
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال "
إذا كان أول ليلة من شهر رمضان فتحت أبواب الجنان فلم يغلق منها باب واحد الشهر
كله وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب واحد الشهر كله وغلت الجن ونادى مناد من
كل ليلة إلى انفجار الصبح : يا باغي الخير تمم وابشر ويا باغي الشر أقصر وابصر
السماء هل من مستغفر نغفر له ؟ هل من تائب نتوب عليه ؟ هل من داع نستجيب له ؟ هل
من سائل نعطي سؤله ؟ ولله عند كل فطر من شهر رمضان كل ليلة عتقاء من الناء ستون
ألفا فإذا كان يوم الفطر أعتق مثل ما أعتق في جميع الشهر ثلاثين مرة ستين ألفا ستين
ألفا "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي والأصبهاني في الترغيب عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أظلكم شهركم هذا - يعني شهر
رمضان - بمحلوف رسول الله صلى الله عليه و سلم ما مر على المسلمين شهر خير لهم منه
ولا يأتي على المنافقين شهر شر لهم منه بمحلوف رسول الله صلى الله عليه و سلم أن
الله يكتب أجره وثوابه من قبل أن يدخل ويكتب وزره وشقاءه قبل أن يدخل وذلك أن
المؤمن يعد فيه النفقة للقوة في العبادة ويعد فيه المنافق اغتياب المؤمنين واتباع
عوراتهم فهو غنم للمؤمنين وغرم على الفاجر "
وأخرج العقيلي وضعفه وابن خزيمة في صحيحه والبيهقي والخطيب والأصبهاني في الترغيب
عن سلمان الفارسي قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم في آخر يوم من شعبان
فقال " يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم شهر مبارك شهر فيه ليلة خير من ألف
شهر
(1/446)
جعل
الله صيامه فريضة وتطوع ليله تطوعا من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن تقرب أدى
فريضة فيما سواه ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه وهو شهر
الصبر والصبر ثوابه الجنة وشهر المواساة وشهر يزاد في رزق المؤمن من فطر فيه صائما
كان له مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من
أجره شيء
قلنا : يا رسول الله ليس كلنا نجد ما يفطر الصائم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على مذقة لبن أو تمرة أو شربة من ماء
ومن أشبع صائما سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة وهو شهر أوله
وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار من خفف عن مملوكه فيه غفر له وأعتقه من النار
فاستكثروا فيه من أربع خصال : خصلتان ترضون بهما ربكم وخصلتان لا غنى بكم عنهما
فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم فشهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه وأما
اللتان لا غنى بكم عنهما فتسألون الجنة وتعوذون به من النار "
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن ماجه والبيهقي عن عبد الرحمن بن عوف قال "
ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم رمضان فقال : شهر فرض الله عليكم صيامه وسننت
أنا قيامه فمن صامه وقامه إيمانا واحتسابا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه "
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
الصلاة المكتوبة إلى الصلاة التي تليها كفارة والجمعة إلى الجمهة التي تليها كفارة
ما بينهما والشهر إلى الشهر يعني شهر رمضان إلى شهر رمضان كفارة إلا من ثلاث
الإشراك بالله وترك السنة ونكث الصفقة
فقلت : يا رسول الله أما الإشراك بالله فقد عرفناه فما نكث الصفقة وترك السنة ؟
قال : أما نكث الصفقة فأن تبايع رجلا بيمينك ثم تخالف إليه فتقاتله بسيفك وأما ترك
السنة فالخروج من الجماعة "
وأخرج ابن خزيمة والبيهقي والأصبهاني عن أنس بن مالك قال : لما أقبل شهر رمضان قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " سبحان الله ! ماذا تستقبلون وماذا يستقبلكم
؟ قال عمر بن الخطاب : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ! وحي نزل أو عدو حضر ؟ قال :
لا ولكن شهر رمضان يغفر الله في أول لية لكل أهل هذه القبلة وفي القوم رجل يهز
راسه فيقول : بخ بخ فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : كان ضاق صدرك بما سمعت
قال : لا
(1/447)
والله
يا رسول ولكن ذكرت المنافق فقال النبي صلى الله عليه و سلم : المنافق كافر وليس
للكافر في ذا شيء "
وأخرج البيهقي عن جابر بن عبد الله قال : لما بنى رسول الله صلى الله عليه و سلم
المنبر جعل له ثلاث عتبات فلما صعد رسول الله صلى الله عليه و سلم العتبة الأولى
قال : آمين ثم صعد العتبة الثانية فقال : آمين حتى إذا صعد العتبة الثالثة قال :
آمين
فقال المسلمون : يا رسول الله رأيناك تقول آمين آمين آمين ولا نرى أحدا ؟ ! فقال :
إن جبريل صعد قبلي العتبة الأولى فقال : يا محمد
فقلت لبيك وسعديك
فقال : من أدرك أبويه أو أحدهما فلم يغفر له فأبعده الله قل آمين
فقلت : آمين
فلنا صعد العتبة الثانية قال : يا محمد قلت : لبيك وسعديك
قال : من أدرك شهر رمضان وصام نهاره وقام ليله ثم مات ولم يغفر فدخل النار فأبعده
الله فقل آمين
فقلت : آمين
فلما صعد العتبة الثالثة قال : يا محمد
قلت : لبيك وسعديك
قال : من ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات ولم يغفر له فدخل فأبعده الله قل آمين
فقلت : آمين "
وأخرج الحاكم وصححه من طريق سعد بن اسحق بن كعب بن عجرة عن أبيه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " احضروا المنبر فحضرنا فلما ارتقى درجة قال : آمين
فلما ارتقى الثانية قال : آمين
ثم لما ارتقى الثالثة قال : آمين
فلما نزل قلنا : يا رسول الله لقد سمعنا منك اليوم شيئا ما كنا نسمعه ؟ ! قال : إن
جبريل عرض لي فقال : بعد من أدرك رمضان فلم يغفر له
قلت : آمين
فلما رقيت الثانية قال : بعد من ذكرت عنده فلم يصل عليك
فقلت : آمين
فلما رقيت الثالثة قال : بعد من أدرك أبويه الكبر أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة
فقلت : آمين "
وأخرج ابن حبان عن الحسن بن مالك بن الحويرث عن أبيه عن جده " فلما صعد رسول
الله صلى الله عليه و سلم المنبر فلما رقى عتبة قال : آمين
ثم رقى أخرى قال : آمين
ثم رقى عتبة ثالثة فقال : آمين
ثم قال : أتاني جبريل فقال : يا محمد من أدرك رمضان فلم يغفر له فأبعده الله
فقلت : آمين
قال : ومن أدرك والديه أو أحدهما فدخل النار فأبعده الله
فقلت : آمين
قال : ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فأبعده الله
فقلت : آمين
"
وأخرج ابن خزيمة وابن حبان عن أبي هريرة " أن النبي صلى الله عليه و سلم صعد
المنبر فقال :
(1/448)
آمين
آمين آمين
قيل : يا رسول الله إنك صعدت المنبر فقلت آمين آمين آمين ؟ ! فقال : إن جبريل
أتاني فقال : من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فدخل النار فأبعده الله قل آمين
فقلت : آمين "
وأخرج البيهقي عن عائشة قالت " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا دخل
شهر رمضان شد مئزره ثم لم يأت فراشه حتى ينسلخ "
وأخرج البيهقي والأصبهاني عن عائشة قالت " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
إذا دخل شهر رمضان تغير لونه وكثرت صلاته وابتهل في الدعاء وأشفق منه "
وأخرج البزار والبيهقي عن ابن عباس قال " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
إذادخل شهر رمضان أطلق كل أسير وأعطى كل سائل "
وأخرج البيهقي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " إن في رمضان
ينادي مناد بعد الثلث الأول أو ثلث الليل الآخر : ألا سائل يسأل فيعطى ألا مستغفر
يستغفر فيغفر له ألا تائب يتوب فيتوب الله عليه "
وأخرج البيهقي والأصبهاني عن أنس قال : قيل يا رسول الله أي الصدقة أفضل ؟ قال :
صدقة في رمضان
وأخرج البيهقي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " إن الجنة
لتتزين من الحول إلى الحول لشهر رمضان وإن الحور العين لتتزين من الحول إلى الحول
لصوام رمضان فإذا دخل رمضان قالت الجنة : اللهم اجعل لي في هذا الشهر من عبادك
ويقول الحور : اللهم اجعل لنا من عبادك في هذا الشهر أزواجا
فمن لم يقذف مسلما فيه ببهتان ولم يشرب مسكرا كفر الله عنه ذنوبه ومن قذف فيه
مسلما أو شرب فيه مسكرا أحبط الله عمله لسنة فاتقوا شهر رمضان فإنه شهر الله جعل الله
لكم أحد عشر شهرا تأكلون فيها وتشربون وتتلذذون وجعل لنفسه شهرا فاتقوا رمضان فإنه
شهر الله "
وأخرج الدارقطني في الإفراد والطبراني وأبو نعيم في الحلية والبيهقي وابن عساكر عن
ابن عمرو " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إن الجنة لتزخرف لرمضان من
رأس الحول إلى حول قابل فإذا كان أول يوم من رمضان هبت ريح تحت العرش من ورق الجنة
على الحور العين فيقلن : يا رب اجعل لنا من عبادك أزواجا تقر بهم أعيننا وتقر
أعينهم بنا "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن خزيمة وأبو الشيخ في الثواب وابن
(1/449)
مردويه
والبيهقي والأصبهاني في الترغيب عن أبي مسعود الأنصاري قال " سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم ذات يوم وأهل رمضان فقال : لو يعلم العباد ما رمضان لتمنت
أمتي أن يكون السنة كلها
فقال رجل : يا نبي الله حدثنا فقال : إن الجنة للتزين لرمضان من رأس الحول إلى
الحول فإذا كان أول يوم من رمضان هبت ريح من تحت العرش فصفقت ورق الجنة فتنظر
الحور العين إلى ذلك فيقلن : يا رب اجعل لنا من عبادك في هذا الشهر أزواجا تقر بهم
أعيننا وتقر أعينهم بنا
فيقال : فما من عبد يصوم يوما من رمضان إلا زوج زوجة من الحور العين في خيمة من
درة مما نعت الله حور مقصورات في الخيام الرحمن الآية 72 على كل امرأة منهن سبعون
حلة ليس منها حلة على لون أخرى ويعطى سبعين لونا من الطيب ليس منه لون على ريح
الآخر - لكل امرأة منهن سبعون ألف وصيفة لحاجتها وسبعون ألف وصيف مع كل وصيفة صحفة
من ذهب فيها لون طعام يجد لآخر لقمة منها لذة لم يجدها لأوله لكل امرأة منهن سبعون
سريرا من ياقوتة حمراء على كل سرير سبعون فراشا بطائنها من استبرق فوق كل فراش
سبعون أريكة ويعطى زوجها مثل ذلك على سرير من ياقوت أحمر موشحا بالدر عليه سواران
من ذهب هذا بكل يوم صامه من رمضان سوى ما عمل من الحسنات "
وأخرج البيهقي والأصبهاني عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " إذا كان أول ليلة من رمضان فتحت أبواب السماء فلا يغلق منها باب حتى
يكون آخر ليلة من رمضان وليس من عبد مؤمن يصلي في ليلة منها إلا كتب الله ألفا
وخمسمائة حسنة بكل سجدة وبنى له بيتا في الجنة من ياقوتة حمراء لها ستون ألف باب
فيها قصر من ذهب موشح بياقوتة حمراء فإذا صام أول يوم من رمضان غفر له ما تقدم من
ذنبه إلى مثل ذلك اليوم من شهر رمضان واستغفر له كل يوم سبعون ألف ملك من صلاة
الغداة إلى أن توارى بالحجاب وكان له بكل سجدة يسجدها في شهر رمضان بليل أو نهار
شجرة يسير الراكب في ظلها خمسمائة عام "
وأخرج البزار والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " سيد الشهور رمضان وأعظمها حرمة ذو الحجة "
(1/450)
وأخرج
ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن مسعود قال : سيد الشهور رمضان وسيد الأيام الجمعة
وأخرج البيهقي عن كعب قال : إن الله اختار ساعات الليل والنهار فجعل منهن الصلوات
المكتوبة واختار الأيام فجعل منهن الجمعة واختار الشهور فجعل منهن شهر رمضان
واختار الليالي فجعل منهن ليلة القدر واختار البقاع فجعل منها المساجد "
وأخرج أبو الشيخ في الثواب والبيهقي والأصبهاني عن ابن عباس " أنه سمع رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : إن الجنة لتعد وتتزين من الحول إلى الحول لدخول
شهر رمضان فإذا كانت أول ليلة من شهر رمضان هبت ريح من تحت العرش يقال لها المثيرة
تصفق ورق الجنة وحلق المصاريع يسمع لذلك طنين لم يسمع السامعون أحسن منه فيثب
الحور العين حتى يشرفن على شرف الجنة فينادين : هل من خاطب إلى الله فيزوجه ؟ ثم
يقول الحور العين : يا رضوان الجنة ما هذه الليلة ؟ فيجيبهن بالتلبية ثم يقول :
هذه أول ليلة من شهر رمضان فتحت أبواب الجنة على الصائمين من أمة محمد ويا جبريل
إهبط إلى الأرض فاصفد مردة الشياطين وغلهم بالأغلال ثم اقذفهم في البحار حتى لا
يفسدوا على أمة محمد حبيبي صيامهم ويقول الله عز و جل في ليلة من شهر رمضان لمناد
ينادي ثلاث مرات : هل من سائل فأعطيه سؤله ؟ هل من تائب فأتوب عليه ؟ هل من مستغفر
فأغفر له ؟ من يقرض المليء غير المعدم ؟ والوفي غير الظلوم ؟ قال : وله في كل يوم
من شهر رمضان عند الإفطار ألف ألف عتيق من النار كلهم قد استوجبوا النار فإذا كان
آخر يوم من شهر رمضان أعتق الله في ذلك اليوم بقدر ما أعتق من أول الشهر إلى آخره
وإذا كان ليلة القدر يأمر الله جبريل فيهبط في كبكبة من الملائكة إلى الأرض ومعهم
لواء أخضر فيركز اللواء على ظهر الكعبة وله ستمائة جناح منها جناحان لا ينشرهما
إلا في تلك الليلة فينشرهما في تلك الليلة فتجاوز المشرق إلى المغرب فيحث جبريل
الملائكة في هذه الليلة فيسلمون على كل قائم وقاعد ومصل وذاكر يصافحونهم ويؤمنون
على دعائهم حتى يطلع الفجر فإذا طلع الفجر ينادي جبريل : معاشر الملائكة الرحيل
الرحيل
فيقولون : يا جبريل فما صنع الله في حوائج المؤمنين من أمة محمد صلى الله عليه و
سلم ؟ فيقول جبريل : نظر الله إليهم في هذه الليلة فعفا عنهم وغفر لهم إلا أربعة
قلنا : يا رسول الله من هم ؟ قال : رجل مدمن خمر
(1/451)
وعاق
لوالديه وقاطع رحم ومشاحن قلنا : يا رسول الله ما المشاحن ؟ قال : هو المصارم
فإذا كانت ليلة القدر سميت تلك الليلة ليلة الجائزة فإذا كانت غداة الفطر بعث الله
الملائكة في كل بلاد فيهبطون إلى الأرض فيقومون على أفواه السكك فينادون بصوت يسمع
من خلق الله إلا الجن والأنس فيقولون : يا أمة محمد اخرجوا إلى رب كريم يعطي
الجزيل ويعفو عن العظيم فإذا برزوا إلى مصلاهم يقول الله للملائكة : ما جزاء
الأجير إذا عمل عمله ؟ فتقول الملائكة : إلهنا وسيدنا جزاؤه أن يوفيه أجره
فيقول : فإني أشهدكم يا ملائكتي أني قد جعلت ثوابهم من صيامهم شهر رمضان وقيامه
رضاي ومغفرتي
ويقول : يا عبادي سلوني فوعزتي وجلالي لا تسالوني اليوم شيئا في جمعكم لآخرتكم إلا
أعطيتكم ولا لدنياكم إلا نظرت لكم فوعزتي لأسترن عليكم عثراتكم ما راقبتموني وعزتي
لا أخزيكم ولا أفضحكم بين يدي أصحاب الحدود انصرفوا مغفورا لكم قد أرضيتموني ورضيت
عنكم
فتفرح الملائكة ويستغفرون بما يعطي الله هذه الأمة إذا أفطروا من شهر رمضان "
وأخرج البيهقي في الشعب عن كعب الأحبار قال : أوحى الله إلى موسى عليه السلام :
إني افترضت على عبادي الصيام وهو شهر رمضان
يا موسى من وافى القيامة وفي صحيفته عشر رمضانات فهو من الأبدال ومن وافى القيامه
وفي صحيفته عشرون رمضانا فهو من المخبتين ومن وافى القيامة وفي صفحته ثلاثون
رمضانا فهو من أفضل الشهداء عندي ثوابا يا موسى إني آمر حملة العرش إذا دخل شهر
رمضان أن يمسكوا عن العبادة فكلما دعا صائمو رمضان بدعوة وأن يقولوا آمين وإني
أوجبت على نفسي أن لا أرد دعوة صائمي رمضان
يا موسى إني ألهم في رمضان السموات والأرض والجبال والدواب والهوام أن يستغفروا
لصائمي رمضان
يا موسى اطلب ثلاثة ممن يصوم رمضان فصل معهم وكل واشرب معهم فإني لا أنزل عقوبتي
ولا نقمتي في بقعة فيها ثلاثة ممن يصوم رمضان
يا موسى إن كنت مسفرا فاقدم وإن كنت مريضا فمرهم أن يحملوك وقل للنساء والحيض
والصبيان الصغار أن يبرزوا معك حيث يبرز صائمو رمضان عند صوم رمضان فإني لو أذنت
لسمائي وأرضي لسلمتا عليهم ولكلمتاهم ولبشرتاهم بما أجيزهم إني أقول لعبادي الذين
صاموا رمضان ارجعوا إلى رحالكم فقد
(1/452)
أرضيتموني
وجعلت ثوابكم من صيامكم أن أعتقكم من النار وأن أحاسبكم حسابا يسيرا وأن أقيل لكم
العثرة وأخلف لكم النفقة وأن لا أفضحكم بين يدي أحد وعزتي لا تسألوني شيئا بعد
صيام رمضان موقفكم هذا من آخرتكم إلا أعطيتكم ولا تسألوني شيئا من أمر دنياكم إلا
نظرت لكم
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي والأصبهاني عن عمر بن الخطاب قال " سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ذاكر الله في رمضان مغفور وسائل الله فيه لا
يخيب "
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي في الشمائل والنسائي والبيهقي عن ابن عباس قال
" كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أجود الناس بالخير وكان أجود ما يكون في
رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه جبريل كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ يعرض النبي
صلى الله عليه و سلم عليه القرآن فإذا لقيه جبريل كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم أجود بالخير من الريح المرسلة "
وأخرج ابن ماجه عن أنس قال : دخل رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
إن الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد الحرم الخير كله ولا
يحرم خيرها إلا محروم "
وأخرج البزار عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن لله
تبارك وتعالى عتقاء في كل يوم وليلة من رمضان وإن لكل مسلم في كل يوم وليلة دعوة
مستجابة "
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إذا كان أول ليلة من شهر رمضان نظر الله إلى خلقه وإذا نظر الله إلى عبده
لم يعذبه أبدا ولله في كل يوم ألف ألف عتيق من النار فإذا كانت ليلة تسع وعشرين
أعتق الله فيها مثل جميع ما أعتق في الشهر كله فإذا كانت ليلة القدر ارتجت الملائكة
وتجلى الجبار بنوره مع أنه لا يصفه الواصفون فيقول لملائكته وهم في عيدهم من الغد
: يا معشر الملائكة ما جزاء الأجير إذا وفى عمله ؟ تقول الملائكة : يوفى أجره
فيقول الله : أشهدكم أني قد غفرت لهم "
وأخرج الطبراني عن عبادة بن الصامت " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
يوما وحضر رمضان : أتاكم شهر بركة يغشاكم الله فيه فتنزل الرحمة وتحط الخطايا
ويستجيب فيه الدعاء ينظر الله إلى تنافسكم ويباهي بكم ملائكته فأروا الله من
أنفسكم خيرا فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز و جل "
(1/453)
وأخرج
ابن أبي شيبة والطبراني في الأوسط عن أنس قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقول : هذا رمضان قد جاء تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب النار وتغل
فيه الشياطين بعدا لمن أدرك رمضان فلم يغفر له إذا لم يغفر له فيه فمتى "
وأخرج أبو الشيخ في الثواب عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " إن شهر رمضان شهر أمتي يمرض مريضهم فيعودنه فإذا صام مسلم لم يكذب
ولم يغتب وفطره طيب ويسعى إلى العتمات محافظا على فرائضه خرج من ذنوبه كما تخرج
الحية من سلخها "
وأخرج ابن مردويه والأصبهاني في ترغيبه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " من صام يوما من رمضان فسلم من ثلاث ضمنت له الجنة
فقال أبو عبيدة بن الجراح : يا رسول الله على ما فيه سوى الثلاث ؟ قال : على ما
فيه سوى الثلاث
لسانه وبطنه وفرجه "
وأخرج الأصبهاني عن الزهري قال : تسبيحة في شهر رمضان أفضل من ألف تسبيحة في غيره
وأخرج الأصبهاني عن معلى بن الفضل قال : كانوا يدعون الله عز و جل ستة أشهر أن
يبلغهم شهر رمضان ويدعون الله ستة أشهر أن يتقبل منهم
وأخرج الأصبهاني عن البراء بن عازب قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : فضل الجمعة في شهر رمضان على سائر أيامه كفضل رمضان على سائر الشهور "
وأخرج الأصبهاني عن إبراهيم النخعي قال : صوم يوم من رمضان أفضل من ألف يوم
وتسبيحة في رمضان أفضل من ألف تسبيحة وركعة في رمضان أفضل من ألف ركعة "
وأخرج الأصبهاني عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إذا سلم
رمضان سلمت السنة وإذا سلمت الجمعة سلمت الأيام "
وأخرج الأصبهاني من طريق الأوزاعي عن مكحول والقاسم بن مخيمرة وعبد بن أبي لبابة
قالوا : سمعنا أبا لبابة الباهلي ووائلة بن الأسقع وعبد الله بن بشر سمعوا رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول " إن الجنة لتتزين من الحول إلى الحول لشهر
رمضان ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من صان نفسه ودينه في شهر رمضان
زوجه الله من الحور العين وأعطاه قصرا من قصور الجنة ومن عمل سيئة أو رمى بها
مؤمنا ببهتان أو
(1/454)
شرب
مسكرا في شهر رمضان أحبط الله عمله سنة ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
اتقوا شهر رمضان لأنه شهر الله جعل لكم أحد عشر شهرا تشبعون فيها وتروون وشهر
رمضان شهر الله فاحفظوا فيه أنفسكم "
وأخرج الأصبهاني عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
أمتي لن يخزوا أبدا ما أقاموا شهر رمضان فقال رجل من الأنصار : وما خزيهم من
إضاعتهم شهر رمضان ؟ فقال : إنتهاك المحارم
من عمل سوءا أو زني أو سرق لم يقبل منه شهر رمضان ولعنة الرب والملائكة إلى مثلها
من الحول فإن مات قبل شهر رمضان فليبشر بالنار فاتقوا شهر رمضان فإن الحسنات تضاعف
فيه وكذلك السيئات "
وأخرج الأصبهاني عن علي قال : لما كان أول ليلة من رمضان قام رسول الله صلى الله
عليه و سلم وأثنى على الله وقال : أيها الناس قد كفاكم الله عدوكم من الجنة ووعدكم
الإجابة وقال ادعوني أستجب لكم غافر الآية 60 إلا وقد وكل الله بكل شيطان مريد
سبعة من الملائكة فليس بمحلول حتى ينقضي شهر رمضان ألا وأبواب السماء مفتحة من أول
ليلة منه إلى آخر ليلة منه إلا والدعاء فيه مقبول حتى إذا كان أول ليلة من العشر
شمر وشد المئزر وخرج من بيته واعتكفهن وأحيا الليل
قيل : وما شد المئزر ؟ قال : كان يعتزل النساء فيهن "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن اسحق بن أبي اسحق
أن أبا هريرة قال لكعب : تجدون رمضان عندكم ؟ قال : نجده حطة
وأخرج أحمد والبزار وابن خزيمة وابن حبان وابن مردويه والبيهقي عن عمرو بن مرة
الجهني قال " جاء رجل من قضاعة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال :
أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الصلوات الخمس وصمت رمضان
وقمته وآتيت الزكاة فمن أنا ؟ فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : من مات على هذا
كان مع النبيين والصديقين والشهداء يوم القيامة هكذا - ونصب أصبعيه - ما لم يعق
والديه "
وأخرج البيهقي عن علي
أنه كان يخطب إذا حضر رمضان ثم يقول : هذا الشهر المبارك الذي فرض الله صيامه ولم
يفرض قيامه ليحذر الرجل أن يقول : أصوم إذا صام فلان وأفطر إذا أفطر ألا إن الصيام
ليس من الطعام والشراب
(1/455)
ولكن
من الكذب والباطل واللغو ألا لا تقدموا الشهر إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا
رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأتموا العدة
وأما قوله تعالى : الذي أنزل فيه القرآن أخرج أحمد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن
أبي حاتم والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان والأصبهاني في الترغيب عن وائلة بن
الأسقع " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : أنزلت صحف إبراهيم في أول
ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان وأنزل الإنجيل لثلاث عشرة خلت من
رمضان وأنزل الزبور لثمان عشرة من رمضان وأنزل الله القرآن لأربع وعشرين خلت من
رمضان "
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال : أنزل الله صحف إبراهيم أول
ليلة من رمضان وأنزل التوراة على موسى لست خلون من رمضان وأنزل الزبور على داود
لاثنتي عشرة خلت من رمضان وأنزل الإنجيل على عيسى لثماني عشرة خلت من رمضان وأنزل
الفرقان على محمد لأربع وعشرين خلت من رمضان
وأخرج ابن الضريس عن أبي الجلد قال : أنزل الله صحف إبراهيم عليه السلام في أول
ليلة من رمضان وأنزل الإنجيل لثماني عشرة خلون شهر من رمضان وأنزل القرآن لأربع
وعشرين ليلة خلت من رمضان وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم قال "
أعطيت السبع الطوال مكان التوراة وأعطيت المبين مكان الإنجيل وأعطيت المثاني مكان
الزبور وفضلت بالمفصل "
وأخرج محمد بن نصر عن عائشة قالت : أنزلت الصحف الأولى في أول يوم من رمضان وأنزلت
التوراة في ست من رمضان وأنزل الإنجيل في اثنتي عشرة من رمضان وأنزل الزبور في
ثماني عشرة من رمضان وأنزل القرآن في أربع وعشرين من رمضان
وأخرج ابن جرير ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه
والبيهقي في الأسماء والصفات عن مقسم قال : سأل عطية بن الأسود ابن عباس فقال :
إنه قد وقع في قلبي الشك في قوله الله شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن وقوله إنا
أنزلناه في ليلة القدر القدر الآية 1 وقوله إنا أنزلناه في ليلة مباركة الدخان
الآية 3
(1/456)
وقد
أنزل في شوال وذي القعدة وذي الحجة والمحرم وشهر ربيع الأول فقال ابن عباس : في
رمضان وفي ليلة القدر وفي ليلة مباركة جملة واحدة ثم أنزل بعد ذلك على مواقع النجم
مرسلا في الشهور والأيام
وأخرج الفريابي وابن جرير ومحمد بن نصر والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه
والبيهقي والضياء في المختارة عن ابن عباس قال : نزل القرآن جملة
وفي لفظ : فصل القرآن من الذكر لأربعة وعشرين من رمضان فوضع في بيت العزة في
السماء الدنيا فجعل جبريل ينزله على رسول الله صلى الله عليه و سلم يرتله ترتيلا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : شهر رمضان والليلة المباركة وليلة القدر فإن
ليلة القدر هي الليلة المباركة وهي في رمضان نزل القرآن جملة من الذكر إلى البيت
المعمور وهو موقع النجوم في السماء الدنيا حيث وقع القرآن ثم نزل على محمد صلى
الله عليه و سلم بعد ذلك في الأمر والنهي وفي الحروب رسلا رسلا
وأخرج ابن الضريس والنسائي ومحمد بن نصر وابن جرير والطبراني والحاكم وصححه وابن
مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : أنزل القرآن كله جملة واحدة في ليلة القدر في
رمضان إلى السماء الدنيا فكان الله إذا أراد أن يحدث في الأرض شيئا أنزله منه حتى
جمعه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : نزل القرآن جملة واحدة على جبريل في ليلة القدر
فكان لا ينزل منه إلا ما أمر به
وأخرج ابن الضريس عن سعيد بن جبير قال : نزل القرآن جملة واحدة في رمضان في ليلة
القدر فجعل في بيت العزة ثم أنزل على النبي صلى الله عليه و سلم في عشرين سنة جواب
كلام الناس
وأخرج أبو يعلى وابن عساكر عن الحسن بن علي
أنه لما قتل علي قام خطيبا فقال : والله لقد قتلتم الليلة رجلا في ليلة نزل فيها
القرآن فيها رفع عيسى بن مريم وفيها قتل يوشع بن نون وفيها تيب على بني اسرائيل
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج قال : بلغني أنه كان ينزل فيه من
القرآن حتى انقطع الوحي وحتى مات محمد صلى الله عليه و سلم فكان ينزل من القرآن في
ليلة القدر كل شيء ينزل من القرآن في تلك السنة فينزل ذلك من السماء السابعة على
جبريل في السماء الدنيا فلا ينزل جبريل من ذلك على محمد إلا بما أمره ربه
(1/457)
وأخرج
عبد بن حميد وابن الضريس عن داود بن أبي هند قال : قلت لعامر الشعبي : شهر رمضان
الذي أنزل فيه القرآن فهل كان نزل عليه في سائر السنة إلا ما في رمضان ؟ قال : بلى
ولكن جبريل كان يعارض محمدا ما أنزل في السنة في رمضان فيحكم الله ما يشاء ويثبت
ما يشاء وينسخ ما ينسخ وينسيه ما يشاء
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن يقول : الذي أنزل
صومه في القرآن
وأما قوله تعالى : هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان أخرج ابن المنذر عن ابن جريج
في قوله هدى للناس قال : يهتدون به وبينات من الهدى قال : فيه الحلال والحرام
والحدود
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله وبينات من الهدى والفرقان قال : بينات من الحلال
والحرام
وأما قوله تعالى : فمن شهد منكم الشهر فليصمه أخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن
ابن مسعود قال : كان يوم عاشوراء يصام قبل أن ينزل شهر رمضان فلما نزل رمضان ترك
أخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن جابر بن سمرة قال " كان رسول الله صلى الله عليه
و سلم يأمر بصيام يوم عاشوراء ويحثنا عليه ويتعاهدنا عنده فلما فرض رمضان لم
يأمرنا ولم ينهنا عنه ولم يتعاهدنا عنده "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس في قوله فمن شهد منكم الشهر فليصمه قال :
هو هلاكه بالدار
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد فمن شهد منكم الشهر فليصمه قال : من كان مسافرا في بلد
مقيم فليصمه
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير فمن شهد منكم الشهر فليصمه قال : إذا كان مقيما
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن علي قال : من أدركه رمضان وهو
مقيم ثم سافر فقد لزمه الصوم لأن الله يقول فمن شهد منكم الشهر فليصمه
(1/458)
وأخرج
سعيد بن منصور عن ابن عمر في قوله فمن شهد منكم الشهر فليصمه قال : من أدركه رمضان
في أهله ثم أراد السفر فليصم
وأخرج الدارقطني بسند ضعيف عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
" من أفطر يوما من شهر رمضان في الحضر فليهد بدنه فإن لم يجد فليطعم ثلاثين
صاعا من تمر للمساكين "
وأما قوله تعالى : ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر أخرج ابن جرير عن
الحسن وابراهيم النخعي قالا : إذا لم يستطع المريض أن يصلي قائما أفطر
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : الصيام في السفر مثل الصلاة تقصر إذا أفطرت
وتصوم إذا وفيت الصلاة
وأخرج سفيان بن عينية وابن سعد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن
ماجه وابن جرير والبيهقي في سننه عن أنس بن مالك القشيري
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال " إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر
الصلاة وعلى الحبلى والمرضع "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس
أنه سئل عن الصوم في السفر فقال : يسر وعسر فخذ بيسر الله
وأخرج مالك والشافعي وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي
وابن ماجه عن عائشة " إن حمزة الأسلمي سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن
الصوم في السفر فقال : إن شئت فصم وإن شئت فأفطر "
وأخرج الدارقطني وصححه عن حمزة بن عمرو الأسلمي " أنه قال : يا رسول الله إني
أجد قوة على الصيام في السفر فهل علي جناح ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
هي رخصة من الله تعالى من أخذ بها فحسن وإن أحب أن يصوم فلا جناح عليه "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم عن الصوم في السفر فقال : إن شئت أن تصوم فصم وإن
شئت أن تفطر فأفطر
وأخرج عبد بن حميد والدارقطني عن عائشة قالت " كل قد فعل النبي صلى الله عليه
و سلم فقد صام وأفطر وأتم وقصر في السفر "
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن معاذ بن جبل قال " صام النبي صلىالله عليه
وسلم بعد ما أنزلت عليه آية الرخصة في السفر "
(1/459)
وأخرج
عبد بن حميد عن أبي عياض قال " خرج النبي صلى الله عليه و سلم مسافرا في
رمضان فنودي في الناس : من شاء صام ومن شاء أفطر
فقيل لأبي عياض : كيف فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال : صام وكان أحقهم
بذلك "
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : لا أعيب على من صام وعلى من أفطر في السفر
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب وعامر " أنهما اتفقا أن أصحاب رسول الله
صلى الله عليه و سلم كانوا يسافرون في رمضان فيصوم الصائم ويفطر المفطر فلا يعيب
المفطر على الصائم ولا الصائم على المفطر "
وأخرج مالك والشافعي وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود عن أنس بن مالك قال : "
سافرنا مع النبي صلى الله عليه و سلم في رمضان فصام بعضنا وأفطر بعضنا فلم يعب
الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم "
وأخرج مسلم والترمذي والنسائي عن أبي سعيد الخدري قال : " كنا نسافر مع رسول
الله صلى الله عليه و سلم في شهر رمضان فمنا الصائم ومنا المفطر فلا يجد المفطر
على الصائم ولا الصائم على المفطر وكانوا يرون أنه من وجد قوة فصام محسن ومن وجد
ضعفا فأفطر محسن "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي عن جابر بن عبد الله
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " ليس من البر الصيام في السفر "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والنسائي وابن ماجه والحاكم وصححه عن كعب
بن عاصم الأشعري " ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : ليس من البر الصيام في
السفر "
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عمر قال : لأن أفطر في رمضان في السفر أحب إلي من أن
أصوم
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد عن ابن عمر قال : الإفطار في السفر صدقة تصدق
الله بها على عباده
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عمر
أنه سأل عن الصوم في السفر فقال : رخصة نزلت من السماء فإن شئتم فردوها
(1/460)
وأخرج
عبد بن حميد عن ابن عمر
أنه سئل عن الصوم في السفر فقال : لو تصدقت بصدقة فردت ألم تكن تغضب إنما هو صدقة
صدقها الله عليكم
وأخرج النسائي وابن ماجه وابن جرير عن عبد الرحمن بن عوف قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " صائم رمضان في السفر كالمفطر في الحضر "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن ابن عباس قال : الإفطار في السفر كالمفطر في
الحضر
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن ابن عباس قال : الإفطار في السفر عزمة
وأخرج عبد بن حميد عن محرز بن أبي هريرة
أنه كان في سفر فصام رمضان فلما رجع أمره أبو هريرة أن يقضيه
وأخرج عبد بن حميد عن عامر بن ربيعة : أن عمر أمر رجلا صام لامضان في السفر أن
يعيد
وأخرج وكيع وعبد بن حميد عن عامر بن عبد العزيز
أنه سئل عن الصوم في السفر فقال : إن كان أهون عليك فصم
وفي لفظ : إذا كان يسر فصوموا وإن كان عسر فأفطروا
قال الله يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر
وأخرج عبد بن حميد والنسائي وابن جرير عن خيثمة قال : سألت أنس بن مالك عن الصوم
في السفر فقال : يصوم قلت : فأين هذه الآية فعدة من أيام أخر ؟ قال : إنها نزلت
يوم نزلت ونحن نرتحل جياعا وننزل على غير شبع واليوم نرتحل شباعا وننزل على شبع
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أنس قال : من أفطر فهي رخصة ومن صام فهو أفضل
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم وسعيد بن جبير ومجاهد أنهم قالوا في الصوم في السفر
: إن شئت فأفطر وإن شئت فصم والصوم أفضل
وأخرج عبد بن حميد من طريق العوام عن مجاهد قال : " كان النبي صلى الله عليه
و سلم يصوم ويفطر في السفر ويرى أصحابه أنه يصوم ويقول : كلوا إني أظل يطعمني ربي
ويسقيني
قال العوام : فقلت لمجاهد : فأي ذلك يرى ؟ قال : صوم في رمضان أفضل من صوم في غير
رمضان "
وأخرج عبد بن حميد من طريق أبي البختري قال : قال عبيدة : إذا سافر
(1/461)
الرجل
وقد صام في رمضان فليصم ما بقي ثم قرأ هذه الآية فمن شهد منكم الشهر فليصمه قال :
وكان ابن عباس يقول : من شاء صام ومن شاء أفطر
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن سيرين سألت عبيدة قلت : أسافر في رمضان ؟ قال : لا
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال : إذا أدرك الرجل رمضان فلا يخرج فإن خرج وقد
صام شيئا منه فليصمه في السفر فإنه إن يقضه في رمضان أحب إلي من أن يقضيه في غيره
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مجلز قال : إذا دخل شهر رمضان فلا يسافرن الرجل فإن أبى
إلا أن يسافر فليصم
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الرحمن بن القاسم
أن إبراهيم بن محمد جاء إلى عائشة يسلم عليها وهو في رمضان فقالت : أين تريد ؟ قال
: العمرة
قالت : قعدت حتى دخل هذا الشهر لا تخرج
قال : فإن أصحابي وأهلي قد خرجوا ! قالت : وإن فردهم ثم أقم حتى تفطر
وأخرج عبد بن حميد عن أم درة قالت : كنت عند عائشة فجاء رسول إلي وذلك في رمضان
فقالت لي عائشة : ما هذا ؟ فقلت : رسول أخي يريد أن نخرج
قالت : لا تخرجي حتى ينقضي الشهر فإن رمضان لو أدركني وأنا في الطريق لأقمت
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : لا بأس أن يسافر الرجل في رمضان ويفطر إن شاء
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : لم يجعل الله رمضان قيدا
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء قال : من أدركه شهر رمضان فلا بأس أن يسافر ثم يفطر
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود عن سنان بن سلمة بن محبق الهذلي عن أبيه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " من كانت له حمولة تأوي إلى شبع فليصم رمضان
حيث أدركه "
وأخرج ابن سعد عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن الله
تصدق بفطر رمضان على مريض أمتي ومسافرها "
(1/462)
وأخرج
الطبراني عن أنس بن مالك عن رجل من كعب قال " أغارت علينا خيل لرسول الله صلى
الله عليه و سلم فانتهيت إليه وهو يأكل فقال : اجلس فأصب من طعامنا هذا
فقلت : يا رسول الله إني صائم
قال : اجلس أحدثك عن الصلاة وعن الصوم : إن الله عز و جل وضع شطر الصلاة عن
المسافر ووضع الصوم عن المسافر والمريض والحامل "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة فعدة من أيام أخر قال : إن شاء وصل وإن شاء فرق
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قضاء رمضان قال :
إن شاء تابع وإن شاء فرق لأن الله تعالى يقول فعدة من أيام أخر
وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني عن ابن عباس في قضاء رمضان
صم كيف شئت وقال ابن عمر : صمه كما أفطرته
وأخرج مالك وابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : يصوم شهر رمضان متتابعا من أفطره من
مرض أو سفر
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن أنس
أنه سئل عن قضاء رمضان فقال : إنما قال الله فعدة من أيام أخر فإذا أحصى العدة فلا
بأس بالتفريق
وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني والبيهقي عن أبي عبيدة بن الجراح
أنه سئل عن قضاء رمضان متفرقا فقال : إن الله لم يرخص لكم في فطره وهو يريد أن يشق
عليكم في قضائه فاحصر العدة واصنع ما شئت
وأخرج الدارقطني عن رافع بن خديج قال : احصر العدة وصم كيف شئت
وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني عن معاذ بن جبل
أنه سئل عن قضاء رمضان فقال : احصر العدة وصم كيف شئت
وأخرج الدارقطني عن عمرو بن العاص قال : فرق قضاء رمضان إنما قال الله فعدة من
أيام أخر
وأخرج وكيع وابن أبي حاتم عن أبي هريرة
أن امرأة سألته : كيف تقضي رمضان ؟ فقال : صومي كيف شئت وأحصي العدة فإنما يريد
الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر
(1/463)
وأخرج
ابن المنذر والدارقطني وصححه والبيهقي في سننه عن عائشة قالت : نزلت فعدة من أيام
أخر متتابعات فسقطت متتابعات
قال البيهقي : أي نسخت
وأخرج الدارقطني وضعفه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من كان عليه صوم من رمضان فليسرده ولا يفرقه "
وأخرج الدارقطني وضعفه عن عبد الله بن عمرو " سئل النبي صلى الله عليه و سلم
عن قضاء رمضان فقال : يقضيه تباعا وإن فرقه أجزأه "
وأخرج الدارقطني عن ابن عمر " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : في قضاء
رمضان إن شاء فرق وإن شاء تابع "
وأخرج الدارقطني من حديث ابن عباس
مثله
وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني عن محمد بن المنكدر قال " بلغني عن رسول الله
صلى الله عليه و سلم سئل عن تقطيع قضاء صيام شهر رمضان فقال : ذاك إليك أرأيت لو
كان على أحدكم دين فقضى الدرهم والدرهمين إلم يكن قضاء ؟ ! فالله تعالى أحق أن
يقضى ويغفر
قال الدارقطني : إسناده حسن إلا أنه مرسل ثم رواه من طريق آخر موصولا عن جابر
مرفوعا وضعفه "
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله يريد الله بكم اليسر ولا يريد
بكم العسر قال : الإفطار في السفر والعسر الصوم في السفر
وأخرج ابن مردويه عن محجن بن الأدرع " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم رأى
رجلا يصلي فتراءاه ببصره ساعة فقال : أتراه يصلي صادقا ؟ قلت : يا رسول الله هذا
أكثر أهل المدينة صلاة
! فقال : لا تسمعه فتهلكه وقال : إن الله إنما أراد بهذه الأمة اليسر ولا يريد بهم
العسر "
وأخرج أحمد عن الأعرج " أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول : إن خير
دينكم أيسره إن خير دينكم أيسره "
وأخرج ابن سعد وأحمد وأبو يعلى والطبراني وابن مردويه عن عروة التميمي قال "
سأل الناس رسول الله صلى الله عليه و سلم هل علينا حرج في كذا ؟ فقال : أيها الناس
إن دين الله يسر ثلاثا يقوله "
(1/464)
وأخرج
البزار عن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : يسروا ولا تعسروا
وسكنوا ولا تنفروا "
وأخرج أحمد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن هذا الدين متين
فأوغلوا فيه برفق "
وأخرج البزار عن جابر قال : قال رسول اله صلى الله عليه و سلم " إن هذا الدين
متين فأوغل فيه برفق فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى "
وأخرج أحمد عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " الإسلام ذلول لا
يركب إلا ذلولا "
وأخرج البخاري والنسائي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال " سمعت
النبي صلى الله عليه و سلم يقول : الدين يسر ولن يغالب الدين أحد إلا غلبه سددوا
وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة "
وأخرج الطيالسي وأحمد والبيهقي عن بريدة قال " أخذ رسول الله صلى الله عليه و
سلم بيدي فانطلقنا نمشي جميعا فإذا رجل بين أيدينا يصلي يكثر الركوع والسجود فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : تراه مرائيا ؟ قلت : الله ورسوله أعلم
؟ فأرسل يدي فقال : عليكم هديا قاصدا فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه "
وأخرج البيهقي عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " إن هذا الدين
متين فأوغل فيه برفق ولا تكرهوا عبادة الله إلى عباده فإن المنبت لا يقطع سفرا ولا
يستبقي ظهرا "
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
" إن هذا الدين متين فأوغل به برفق ولا تبغض إلى نفسك عبادة ربك فإن المنبت
لا سفر قطع ولا ظهرا أبقى فاعمل عمل امرىء يظن أن لن يموت أبدا واحذر حذرا تخشى أن
تموت غدا "
وأخرج الطبراني والبيهقي عن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن أبيه عن جده
" أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لا تشددوا على أنفسكم فإنما هلك من
كان قبلكم بتشديدهم على أنفسهم وستجدون بقاياهم في الصوامع والديارات "
وأخرج البيهقي من طريق معبد الجهني عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " العلم أفضل من العمل وخير الأعمال
أوسطها ودين الله بين القاسي والغالي والحسنة بين الشيئين لا ينالها إلا بالله وشر
السير الحقحقة "
(1/465)
وأخرج
ابن عبيد والبيهقي عن إسحق بن سويد قال : تعبد عبد الله بن مطرف فقال له مطرف : يا
عبد الله ! العلم أفضل من العمل والحسنة بين الشيئين وخير الأمور أوساطها وشر
السير الحقحقة "
وأخرج أبو عبيد والبيهقي عن تميم الداري قال : خذ من دينك لنفسك ومن نفسك لدينك
حتى يستقيم بك الأمر على عبادة تطيقها
وأخرج البيهقي عن ابن عمر " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن الله
يحب أن يؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه "
وأخرج البزار والطبراني وابن حبان عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم
" إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه "
وأخرج أحمد والبزار وابن خزيمة وابن حبان والطبراني في الأوسط والبيهقي عن ابن عمر
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما لا
يحب أن تؤتى معصيته "
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن ابن عباس قال " سئل النبي صلى الله عليه و
سلم أي الأديان أحب إلى الله ؟ قال : الحنيفية السمحة "
وأخرج الطبراني عن ابن عمر
أن رجلا قال له : إني أقوى على الصيام في السفر فقال ابن عمر : إني سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول " من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال
عرفة "
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن يزيد بن أديم قال : حدثني أبو الدرداء ووأئلة بن
الأسقع وأبو أمامة وأنس بن مالك " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن
الله يحب أن تقبل رخصه كما يحب العبد مغفرة ربه "
وأخرج أحمد عن عائشة قالت " وضع رسول الله صلى الله عليه و سلم ذقني على
منكبه لأنظر زفن الحبشة حتى كنت الذي مللت وانصرفت عنهم قالت : وقال يومئذ : لتعلم
يهود أن في ديننا فسحة أي أرسلت بحنيفية سمحة "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن الحسن قال : إن دين الله وضع دون الغلو
وفوق التقصير
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس قال : لا تعب على من صام في السفر ولا على من أفطر
خذ بأيسرهما عليك
قال الله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر
(1/466)
وأخرج
عبد الرزاق عن مجاهد قال : خذ بأيسرهما عليك فإن الله لم يرد إلا اليسر
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله ولتكملوا العدة قال : عدة رمضان
وأخرج أبو ادود والنسائي وابن المنذر والدارقطني في سننه عن حذيفة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " لا تقدموا الشهر حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة
ثلاثين ثم صوموا حتى تروا الهلال أو تكملوا العدة ثلاثين "
وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " لا تقدموا الشهر بصيام يوم ولا يومين إلا أن يكون شيء يصومه أحدكم
ولا تصوموا حتى تروه ثم صوموا حتى تروه فإن حال دونه الغمام فأتموا العدة ثلاثين
ثم أفطروا "
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة " أن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غيم عليكم الشهر فأكملوا العدة
"
وفي لفظ : " فعدوا ثلاثين "
وأخرج الدارقطني عن رافع بن خديج قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
احصوا عدة شعبان لرمضان ولا تقدموا الشهر بصوم فإذا رأيتموه فصوموا وإذا رأيتموه
فأفطروا فإن غم عليكم فإكملوا العدة ثلاثين يوما ثم أفطروا فإن الشهر هكذا وهكذا
وهكذا وهكذا وحبس إبهامه في الثالثة "
وأخرج الدارقطني عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب قال : إنا اصطحبنا أصحاب النبي
صلى الله عليه و سلم وأنهم حدثونا أن النبي صلى الله عليه و سلم قال " صوموا
لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن أغمي عليكم فعدوا ثلاثين فإن شهد ذو عدل فصوموا وأفطروا
وانسكوا "
وأخرج الدارقطني عن أبي مسعود الأنصاري " أن النبي صلى الله عليه و سلم أصبح
صائما لتمام الثلاثين من رمضان فجاء أعرابيان فشهدا أن لآ إله إلا الله وأنهما
أهلاه بالأمس فأمرهم فأفطروا "
(1/467)
وأخرج
ابن جرير عن الضحاك في قوله ولتكملوا العدة قال : عدة ما أفطر المريض والمسافر
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والمروزي في كتاب العيدين عن زيد بن أسلم في قوله
ولتكبروا الله على ما هداكم قال : لتكبروا يوم الفطر
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : حق على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوال أن
يكبروا الله حتى يفرغوا من عيدهم لأن الله يقول ولتكملوا العدة ولتكبروا الله
وأخرج الطبراني في المعجم الصغير عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" زينوا أعيادكم بالتكبير "
وأخرج المروزي والدارقطني والبيهقي في السنن عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : كانوا
في الفطر أشد منهم في الأضحى يعني في التكبير
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن الزهري " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
كان يخرج يوم الفطر فيكبر حتى يأتي المصلى حيث تقضى الصلاة فإذا قضى الصلاة قطع
التكبير
وأخرجه البيهقي من وجه آخر موصولا عن الزهري عن سالم عن ابن عمر وضعفه "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق نافع عن عبد الله " أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم كان يخرج إلى العيدين رافعا صوته بالتهليل والتكبير "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : إن من السنة أن تكبر يوم العيد
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والمروزي عن ابن مسعود أنه كان يكبر الله أكبر
الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد
وأخرج ابن أبي شيبة والمروزي والبيهقي في سننه عن ابن عباس أنه كان يكبر الله أكبر
كبيرا الله أكبر كبيرا الله أكبر ولله الحمد الله أكبر وأجل على ما هدانا
وأخرج البيهقي عن أبي عثمان النهدي قال : كان عثمان يعلمنا التكبير الله أكبر الله
أكبر الله أكبر كبيرا اللهم أنت أعلى وأجل من أن يكون لك صاحبة أو يكون لك ولد أو
يكون لك شريك في الملك أو يكون لك ولي من الذل وكبره تكبيرا اللهم اغفر لنا اللهم
ارحمنا
(1/468)
قوله
تعالى : وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي
وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون
ابن جرير والبغوي في معجمه وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه من طريق الصلت بن
حكيم عن رجل من الأنصار عن أبيه عن جده قال " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقال : يا رسول الله أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه ؟ فسكت النبي
صلى الله عليه و سلم فأنزل الله وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع
إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا إذا أمرتهم أن يدعوني فدعوني أستجيب لهم "
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن الحسن قال " سأل أصحاب النبي صلى الله عليه و
سلم أين ربنا ؟ فأنزل الله وإذا سألك عبادي عني فإني قريب
الآية
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال " سأل أعرابي رسول الله صلى الله عليه و سلم أين
ربنا ؟ قال : في السماء على عرشه ثم تلا الرحمن على العرش استوى طه الآية 5 وأنزل
الله وإذا سألك عبادي عني فإني قريب
الآية
وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
لا تعجزوا عن الدعاء فإن الله أنزل علي ادعوني أستجب لكم فقال رجل : يا رسول الله
ربنا يسمع الدعاء أم كيف ذلك ؟ فأنزل الله وإذا سألك عبادي عني فإني قريب
الآية "
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي رباح
أنه بلغه لما أنزلت وقال ربكم ادعوني أستجيب لكم غافر الآية 60 قالوا : لو نعلم أي
ساعة ندعو ؟ فنزلت وإذا سألك عبادي عني فإني قريب إلى قوله يرشدون
وأخرج سفيان بن عينية في تفسيره وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد من طريق
(1/469)
سفيان
عن أبي قال " قال المسلمون يا رسول الله أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه
؟ فأنزل الله وإذا سألك عبادي عني فإني قريب الآية "
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أنه لما أنزل الله ادعوني أستجيب لكم غافر
الآية 60 قال رجال : كيف ندعو يا نبي الله ؟ فأنزل الله وإذا سألك عبادي عني فإني
قريب
الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عبد الله بن عبيد قال : لما نزلت هذه الآية
ادعوني أستجيب لكم غافر الآية 60 قالوا : كيف لنا به أن نلقاه حتى ندعوه ؟ فأنزل
الله وإذا سألك عبادي عني فإني قريب
الآية
فقالوا : صدق ربنا وهو بكل مكان
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : قال المسلمون : أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد
فنناديه ؟ فنزلت فليستجيبوا لي ليطعوني والاستجابة هي الطاعة وليؤمنوا بي ليعلموا
أني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : مفتاح البحار السفن ومفتاح الأرض الطرق ومفتاح
السماء الدعاء
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد في الزهد عن كعب قال : قال موسى : أي رب !
أقريب أنت فأناجيك أم بعيد فأناديك ؟ قال : يا موسى أنا جليس من ذكرني قال : يا رب
فإن نكون من الحال على حال نعظمك أو نجلك أن نذكرك عليها ؟ قال : وماهي ؟ قال :
الجنابة والغائط
قال : يا موسى اذكرني على كل حال
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه
وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي موسى الأشعري قال " كنا مع
رسول الله صلى الله عليه و سلم في غزاة فجعلنا لا نصعد شرفا ولا نهبط واديا إلا
رفعنا أصواتنا بالتكبير فدنا منا فقال : يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا
تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا بصيرا إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق
راحلته "
وأخرج أحمد عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال " يقول الله : أنا عند
ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني "
(1/470)
وأخرج
أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء
والصفات عن سلمان الفارسي عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " إن ربكم حي
كريم يستحي من عبده إذا رفع يديه إليه أن يردهما صفرا
وفي لفظ : يستحي أن يبسط العبد إليه فيردهما خائبين "
وأخرج البيهقي عن سلمان قال : إني أجد في التوراة
أن الله حي كريم يستحي أن يرد يدين خائبتين يسأل بهما خيرا
وأخرج عبد الرزاق والحاكم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
إن ربكم حي كريم يستحي إذا رفع العبد يديه إليه أن يردهما حتى يجعل فيهما خيرا
"
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
إن الله جواد كريم يستحي من العبد المسلم إذا دعاه أن يرد يديه صفرا ليس فيهما شيء
"
وأخرج الطبراني في الكبير عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إن الله حي كريم يستحي أن يرفع العبد يديه فيردهما صفرا لا خير فيهما فإذا
رفع أحدكم يديه فليقل : يا حي يا قيوم لا إله إلا أنت يا أرحم الراحمين ثلاث مرات
ثم إذا أراد رد يديه فليفرغ الخير على وجهه "
وأخرج الطبراني عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما رفع
قوم أكفهم إلى الله عز و جل يسألونه شيئا إلا كان حقا على الله أن يضع في أيديهم
الذي سألوه "
وأخرج الطبراني عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن الله
عز و جل حي كريم يستحي من عبده أن يرفع يديه فيردهما صفرا ليس فيهما شيء "
وأخرج الطبراني في الدعاء عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " إذا دعا أحدكم فرفع يديه فإن الله جاعل في يديه بركة
ورحمة فلا يردهما حتى يمسح بهما وجهه "
وأخرج البزار والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
" يقول الله تعالى : يا ابن آدم واحدة لي وواحدة لك وواحدة فيما بيني وبينك
وواحدة فيما بينك وبين عبادي
فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئا وأما التي لك فما عملت من شيء أو من عمل
وفيتكه وأما التي بيني وبينك فمنك الدعاء وعلي الإجابة وأما التي بينك وبين عبادي
فأرض لهم ما ترضى لنفسك "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب المفرد والحاكم عن أبي سعيد
(1/471)
أن
النبي صلى الله عليه و سلم قال " ما من مسلم يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم
ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال إما أن يعجل له دعوته وإما أن
يدخرها له في الآخرة وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها
قالوا : إذا نكثر قال الله أكثر "
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
يستجاب لأحدكم ما لم يعجل يقول : دعوت فلم يستجب لي
وأخرج الحاكم عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا يغني
حذر من قدر والدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل وأن البلاء لينزل فيتلقاه الدعاء
فيعتلجان إلى يوم القيامة "
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن ماجه والحاكم عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " لا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر
"
وأخرج الترمذي والحاكم عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم عباد الله بالدعاء "
وأخرج الترمذي وابن أبي حاتم والحاكم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم
" ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يقبل دعاء من قلب
غافل لاه "
وأخرج الحاكم عن أنس مرفوعا " لا تعجزوا في الدعاء فإنه لا يهلك مع الدعاء
أحد "
وأخرج الحاكم عن جابر مرفوعا " يدعو الله بالمؤمن يوم القيامة حتى يوقفه بين
يديه فيقول : عبدي إني أمرتك أن تدعوني ووعدتك أن أستجيب لك فهل كنت تدعوني ؟
فيقول : نعم يا رب
فيقول : أما إنك لم تدعوني بدعوة إلا أستجيب لك أليس دعوتني يوم كذا وكذا لغم نزل
بك أن أفرج عنك ففرجت عنك ؟ فيقول : بلى يا رب
فيقول : فإني عجلتها لك في الدنيا
ودعوتني يوم كذا وكذا لغم نزل بك أن أفرج عنك فلم تر فرجا فيقول : نعم يا رب
فيقول : إني ادخرت لك بها في الجنة كذا وكذا
ودعوتني في حاجة قضيتها لك فقال النبي صلى الله عليه و سلم : فلا يدعو الله عبده
المؤمن إلا بين له إما أن يكون عجل له في الدنيا وإما أن يكون ادخر له في الآخرة
فيقول المؤمن في ذلك المقام : يا ليته لم يكن عجل له شيء من دعائه "
وأخرج البخاري في الأدب المفرد والحاكم عن أبي هريرة مرفوعا " ما من عبد ينصب
وجه إلى الله في مسألة إلا أعطاها إياه أما أن يعجلها له في الدنيا وإما أن يدخرها
له في الآخرة "
(1/472)
وأخرج
البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
يستجاب لأحدكم ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم أو يستعجل فيقول : دعوت فلا أرى تستجيب
لي فيدع الدعاء "
وأخرج أحمد عن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لا يزال العبد
بخير ما لم يستعجل
قالوا : وكيف يستعجل ؟ قال : يقول قد دعوت ربكم فلم يستجب لي "
وأخرج أحمد في الزهد عن مالك بن دينار قال : قال الله تبارك وتعالى على لسان نبي من
بني اسرائيل " قل لبني إسرائيل تدعوني بألسنتكم وقلوبكم بعيدة مني باطل ما
تدعوني وقال : تدعوني وعلى أيديكم الدم اغسلوا أيديكم من الدم أي من الخطايا هلموا
نادوني "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي عن أنس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " لا يقل أحدكم اغفر لي إن شئت وليعزم في المسألة فإنه لا
مكره له "
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند عن عبادة بن الصامت " أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : ما على ظهر الأرض من رجل مسلم يدعو الله بدعوة إلا آتاه
إياها أو كف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم "
وأخرج أحمد عن جابر " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ما من أحد
يدعو بدعاء إلا آتاه الله ما سأل وكف عنه من السوء مثله ما لم يدع بإثم أو قطيعة
رحم "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن
الله إذا أراد أن يستجيب لعبد أذن له في الدعاء "
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " إذا سأل أحدكم ربه مسألة فتعرف الاستجابة فليقل : الحمد لله الذي
بعزته تتم الصالحات ومن أبطأ عليه من ذلك شيء فليقل الحمد لله على كل حال "
وأخرج الحكيم الترمذي عن معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال "
لو عرفتم الله حق معرفته لزالت لدعائكم الجبال "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي ذر قال : يكفي من الدعاء مع البر ما
يكفي الطعام من الملح "
(1/473)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن عبد الله بن شبيب قال : صليت إلى جنب سعيد بن المسيب المغرب فرفعت
صوتي بالدعاء فانتهرني وقال : ظننت أن الله ليس بقريب منك
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من فتح له في الدعاء منكم فتحت له أبواب الإجابة
ولفظ الترمذي : من فتح له منكم باب الدعاء فتحت له أبواب الرحمة وما سئل شيئا أحب
إليه من أن يسأل العافية "
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم التيمي قال : كان يقال : إذا بدأ الرجل بالثناء قبل
الدعاء فقد استوجب وإذا بدأ بالدعاء قبل الثناء كان على رجاء
وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان قال : لما خلق الله آدم قال : واحدة لي وواحدة لك
وواحدة بيني وبينك فمنك المسألة والدعاء وعلي الإجابة
وأخرج ابن مردويه عن نافع بن معد يكرب قال : كنت أنا وعائشة فقالت " سألت
رسول الله صلى الله عليه و سلم عن هذه االآية أجيب دعوة الداع إذا دعان قال : يا
رب مسألة عائشة فهبط جبريل فقال : الله يقرئك السلام هذا عبدي الصالح بالنية
الصادقة وقلبه تقي يقول : يا رب فأقول
لبيك فأقضي حاجته "
وأخرج ابن أبي الدنيا في الدعاء وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات
والأصبهاني في الترغيب والديلمي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال :
حدثني جابر بن عبد الله " أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ وإذا سألك عبادي
عني فإني قريب
الآية
فقال : اللهم إني أمرت بالدعاء وتكفلت بالإجابة لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك
لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك اللهم أشهد أنك فرد أحد صمد لم تلد
ولم تولد ولم يكن لك كفوا أحد وأشهد أن وعدك حق ولقاءك حق والجنة حق والنار حق
والساعة آتية لا ريب فيها وإنك تبعث من في القبور "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس في قوله فليستجيبوا لي قال : ليدعوني وليؤمنوا بي أنهم
إذا دعوني أستجيب لهم
وأخرج ابن جرير عن مجاهد فليستجيبوا لي قال : فليطيعوني
وأخرج ابن جرير عن عطاء الخراساني فليستجيبوا لي قال : فليدعوني وليؤمنوا بي يقول
: إني أستجيب لهم
(1/474)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الربيع في قوله لعهم يرشدون قال : يهتدون
قوله تعالى : أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم هن لباس لكم وأنتم لباس لهن
علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن وابتغوا ما
كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر
ثم أتموا الصيام إلى الليل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد تلك حدود الله
فلا تقربوها كذلك يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون
وكيع وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود والترمذي والنحاس في ناسخه وابن جرير وابن
المنذر والبيهقي في سننه عن البراء بن عازب قال " كان أصحاب النبي صلى الله
عليه و سلم إذا كان الرجل صائما فحضر الإفطار فنام قبل أن يفطر لم يأكل ليلته ولا
يومه حتى يمسي وأن قيس بن صرمة الأنصاري كان صائما فكان يومه ذاك يعمل في أرضه
فلما حضر الإفطار أتى امرأته فقال : هل عندك طعام ؟ قالت : لا ولكن انطلق فأطلب لك
فغلبته عينه فنام وجاءت امرأته فلما رأته نائما قالت : خيبة لك أنمت ؟ فلما انتصف
النهار غشي عليه فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فنزلت هذه الآية أحل لكم ليلة
الصيام الرفث إلى قوله من الفجر ففرحوا بها فرحا كثيرا "
وأخرج البخاري عن البراء قال : لما نزل صوم شهر رمضان كانوا لا يقربون النساء
رمضان كله فكان رجال يخونون أنفسهم فأنزل الله علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم
فتاب عليكم وعفا عنكم
وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم بسند حسن عن كعب بن مالك قال
" كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فنام حرم عليه الطعام والشراب والنساء
حتى يفطر من الغد فرجع عمر بن الخطاب من عند النبي صلى الله عليه و سلم ذات ليلة
وقد سمر عنده فوجد امرأته قد نامت فأيقظها وأرادها فقالت : إني قد نمت
(1/475)
فقال
: ما نمت ثم وقع بها
وصنع كعب بن مالك مثل ذلك فغدا عمر بن الخطاب إلى النبي صلى الله عليه و سلم
فأخبره فأنزل الله علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم "
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة قال : كان المسلمون قبل أن تنزل هذه الآية إذا صلوا
العشاء الآخرة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء حتى يفطروا وأن عمر أصاب أهله بعد
صلاة العشاء وأن صرمة بن قيس غلبته عينه بعد صلاة المغرب فنام فلم يشبع من الطعام
ولم يستيقظ حتى صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم العشاء فقام فأكل وشرب فلما
أصبح أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبره بذلك فأنزل أحل لكم ليلة الصيام
الرفث إلى نسائكم يعني بالرفث مجامعة النساء كنتم تختانون أنفسكم يعني تجامعون
النساء وتأكلون وتشربون بعد العشاء فالآن باشروهن يعني جامعوهن وابتغوا ما كتب
الله لكم يعني الولد وكلوا واشربوا فكان ذلك عفوا من الله ورحمة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس " أن المسلمين كانوا في شهر رمضان
إذا صلوا العشاء حرم عليهم النساء والطعام إلى مثلها من القابلة ثم إن ناسا من
المسلمين أصابوا الطعام والنساء في رمضان بعد العشاء منهم عمر بن الخطاب فشكوا ذلك
إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأنزل الله أحل لكم ليلة الصيام إلى قوله فالآن
باشروهن يعني انكحوهن "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال " كان الناس أول ما أسلموا إذا
صام أحدهم يصوم يومه حتى إذا أمسى طعم من الطعام حتى يمسي من الليلة القابلة وأن
عمر بن الخطاب بينما هو نائم إذ سولت له نفسه فأتى أهله ثم أتى رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقال : يا رسول الله إني أعتذر إلى الله وإليك من نفسي هذه الخاطئة
فإنها زينت لي فواقعت أهلي هل تجد لي من رخصة قال : لم تكن حقيقا بذلك يا عمر
فلم بلغ بيته أرسل إليه فأنبأه بعذره في آية من القرآن وأمر الله رسوله أن يضعها
في المائة الوسطى من سورة البقرة فقال أحل لكم ليلة الصيام إلى قوله تختانون
أنفسكم يعني بذلك الذي فعل عمر فأنزل الله عفوه فقال فتاب عليكم إلى قوله من الخيط
الأسود فأحل لهم المجامعة والأكل والشرب حتى يتبين لهم الصبح "
(1/476)
وأخرج
ابن جرير عن ثابت " أن عمر بن الخطاب واقع أهله ليلة في رمضان فاشتد عليه ذلك
فأنزل الله أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم "
وأخرج أبو داود والبيهقي في سننه عن ابن عباس يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم
الصيام كما كتب على الذين من قبلكم قال : فكان الناس على عهد رسول الله صلى الله
عليه و سلم إذا صلوا العتمة حرم عليهم الطعام والشراب والنساء وصاموا إلى القابلة
فاختان رجل نفسه فجامع امرأته وقد صلى العشاء ولم يفطر فأراد الله أن يجعل ذلك
تيسيرا لمن بقي ورخصة ومنفعة فقال علم الله أنكم كنتم تختانون
الآية
فرخص لهم ويسر
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج وكلوا واشربوا قال : نزلت في أبي قيس بن صرمة من
بني الخزرج
وأخرج وكيع وعبد بن حميد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال " كانوا إذا صاموا
فنام أحدهم قبل أن يطعم لم يأكل شيئا إلى مثلها من الغد وإذا نام قبل أن يجامع لم
يجامع إلى مثلها فانصرف شيخ من الأنصار يقال له صرمة بن مالك ذات ليلة إلى أهله
وهو صائم فقال : عشوني
فقالوا : حتى نجعل لك طعاما سخنا تفطر عليه فوضع الشيخ رأسه فغلبته عيناه فنام
فجاؤوا بالطعام وقد نام فقالوا : كل
فقال : قد كنت نمت فترك الطعام وبات ليلته يتقلب ظهرا لبطن فلما أصبح أتى النبي
صلى الله عليه و سلم فذكر ذلك له فقام عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله إني أردت
أهلي البارحة على ما يريد الرجل أهله فقالت : إنها قد نامت فظننتها تعتل فواقعتها
فأخبرتني أنها كانت نامت فأنزل الله في صرمة بن مالك وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم
الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ونزل في عمر بن الخطاب أحل لكم ليلة الصيام
الرفث إلى نسائكم إلى آخر الآية "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم
قال : كان هذا قبل صوم رمضان أمروا بصيام ثلاثة أيام من كل شهر من كل عشرة أيام
يوما وأمروا بركعتين غدوة وركعتين عشية فكان هذا بدء الصلاة والصوم فكانوا في
صومهم هذا وبعد ما فرض الله رمضان إذا رقدوا لم يمسوا النساء والطعام إلى مثلها من
القابلة وكان أناس من المسلمين يصيبون من
(1/477)
النساء
والطعام بعد رقادهم وكانت تلك خيانة القوم أنفسهم فأنزل الله في ذلك القرآن علم
الله أنكم كنتم تختانون
الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال : كان أصحاب محمد يصوم الصائم في شهر
رمضان فإذا أمسى أكل وشرب وجامع النساء فإذا رقد حرم ذلك عليه حتىمثلها من القابلة
وكان منهم رجال يختانون أنفسهم في ذلك فعفا الله عنهم أحل لهم ذلك بعد الرقاد
وقبله في الليل كله
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم التيمي قال : كان المسلمون في أول الإسلام يفعلون
كما يفعل أهل الكتاب إذا نام أحدهم لم يطعم حتى يكون القابلة فنزلت وكلوا واشربوا
إلى آخر الآية
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عمرو بن العاص " أن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة
السحر "
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عن ابن
عباس قال : الرفث الجماع
وأخرج ابن المنذر عن ابن عمر قال : الرفث الجماع
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال :
الدخول والتغشي والإفضاء والمباشرة والرفث واللمس والمس والمسيس : الجماع والرفث
في الصيام : الجماع والرفث في الحج : الإغراء به
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله هن
لباس لكم وأنتم لباس لهن قال : هن سكن لكم وأنتم سكن لهن
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز و جل هن
لباس لكم قال : هن سكن لكم تسكنون إليهن بالليل والنهار قال : وهل تعرف العرب ذلك
؟ قال : نعم
أما سمعت نابغة بن ذبيان وهو يقول : إذا ما الضجيع ثنى عطفها تثنت عليه فكانت
لباسا وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن يحيى بن العلاء عن ابن أنعم " أن سعد بن
مسعود الكندي قال : أتى عثمان بن مظعون رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا
رسول الله إني لأستحي أن ترى أهلي عورتي
قال : لم وقد جعلك الله لهم لباسا وجعلهم لك ؟ ! قال : أكره ذلك
قال : لإغنهم يرونه مني وأراه منهم
قال : أنت يا رسول الله ؟
(1/478)
قال
: أنا
قال : أنت فمن بعدك إذا ؟ ! فلما أدبر عثمان قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
إن ابن مظعون لحيي ستير
وأخرجه ابن سعد عن سعد بن مسعود وعمارة بن غراب اليحصبي "
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله تختانون فال : تقعون عليهن خيانة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله فالآن باشروهن قال : انكحوهن
وأخرج ابن جرير وابن المنذر ابن وأبي حاتم والبيهقي من طرق عن ابن عباس قال :
المباشرة الجماع ولكن الله كريم يستكني
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال : المباشرة في كل كتاب الله الجماع
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وابتغوا ما كتب الله لكم قال :
الولد
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وقتادة والضحاك
مثله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وابتغوا ما كتب
الله لكم قال : ليلة القدر
وأخرج البخاري في تاريخه عن أنس في قوله وابتغوا ما كتب الله لكم قال : ليلة القدر
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في قوله وابتغوا ما كتب الله لكم قال : وابتغوا الرخصة
التي كتب الله لكم
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عطاء
قال : قلت لابن عباس كيف تقرأ هذه الآية وابتغوا ما كتب الله لكم قال : أو واتبعوا
قال : أيتهما شئت عليك بالقراءة الأولى
وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي عن عائشة قالت " قد كان
رسول الله صلى الله عليه و سلم يدركه الفجر في رمضان وهو جنب من أهله ثم يغتسل
ويصوم "
وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن
(1/479)
أم
سلمة " أنها سئلت عن الرجل يصبح جنبا أيصوم ؟ فقالت : كان رسول الله صلى الله
عليه و سلم يصبح جنبا من جماع غير احتلام في رمضان ثم يصوم "
وأخرج مالك والشافعي ومسلم وأبو داود والنسائي عن عائشة " أن رجلا قال : يا
رسول الله إني أصبح جنبا وأنا أريد الصيام فقال النبي صلى الله عليه و سلم : وأنا
أصبح جنبا وأريد الصيام فأغتسل وأصوم ذلك اليوم ؟ فقال الرجل : إنك لست مثلنا قد
غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر فغضب وقال : والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم
لله وأعلمكم بما أتقي "
وأخرج أبو بكر بن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء والطستي في مسائله عن ابن عباس
أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود قال :
بياض النهار من سواد الليل وهو الصبح إذا ؟ قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول أمية ؟ : الخيط الأبيض ضوء الصبح منغلق والخيط الأسود لون الليل
مكموم وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي
في سننه عن سهل بن سعد قال : أنزلت وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من
الخيط الأسود ولم ينزل من الفجر فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه
الخيط الأبيض والخيط الأسود فلا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما فأنزل الله
بعد من الفجر فعلموا إنما يعني الليل والنهار
وأخرج سفيان بن عينية وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو
داود والترمذي وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن عدي بن حاتم قال " لما
أنزلت هذه الآية وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود عمدت
إلى عقالين أحدهما أسود والآخر أبيض فجعلتهما تحت وسادتي فجعلت أنظر إليهما فلا
يتبين لي الأبيض من الأسود فلما أصبحت غدوت على رسول الله صلى الله عليه و سلم
فأخبرته بالذي صنعت فقال : إن وسادك إذا لعريض إنما ذاك بياض النهار من سواد الليل
"
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عدي بن حاتم قال " أتيت رسول الله صلى الله
عليه و سلم فعلمني الإسلام ونعت لي الصلوات الخمس كيف أصلي كل صلاة لوقتها ثم قال
: إذا جاء رمضان فكل واشرب حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط
(1/480)
الأسود
من الفجر ثم أتم الصيام إلى الليل ولم أدر ما هو ! ففتلت خيطين من أبيض وأسود
فنظرت فيهما عند الفجر فرأيتهما سواء فأتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت :
يا رسول الله كل شيء أوصيتني قد حفظت غير الخيط الأبيض من الخيط الأسود قال : وما
منعك يا ابن حاتم ؟ وتبسم كأنه قد علم ما فعلت
قلت : فتلت خيطين من أبيض وأسود فنظرت فيهما من الليل فوجدتهما سواء فضحك رسول
الله صلى الله عليه و سلم حتى رؤي نواجذه ثم قال : ألم أقل لك من الفجر ؟ إنما هو
ضوء النهار من ظلمة الليل "
وأخرج عبد بن حميد والبخاري وابن جرير عن عدي بن حاتم قال " قلت يا رسول الله
ما الخيط الأبيض من الخيط الأسود أهما الخيطان ؟ فقال : إنك لعريض القفا إن أبصرت
الخيطين ثم قال : لا بل هو سواد الليل وبياض النهار "
وأخرج ابن أبي شيبه عن جابر الجعدي " أنه سأل عن هذه الآيه حتى يتبين لكم
الخيط الأبيض من الخيط الأسود يعني الليل والنهار
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن علي بن أبي طالب أنه قال لابن عباس :
متى أدع السحور ؟ فقال رجل : إذا شككت فقال ابن عباس : كل ما شككت حين يتبين لك
وأخرج وكيع عن أبي الضحى قال : كانوا يرون أن الفجر المستفيض في السماء
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن ابن عباس قال : هما فجران فأما الذي يسطع في السماء
فليس يحل ولا يحرم شيئا ولكن الفجر الذي يستبين على رؤوس الجبال هو الذي يحرم
الشراب
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير عن سمرة بن
جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لايمنعكم من سحوركم أذان
بلال ولا الفجر المستطيل ولكن الفجر المستظهر في الأفق "
وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا
يمنعكم أذان بلال من سحوركم فإنه ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا أذان ابن أم
مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر "
(1/481)
وأخرج
ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه عن طلق بن علي " أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : كلوا واشربوا ولا يمنعكم الساطع المصعد وكلوا واشربوا
حتى يعترض لكم الأحمر "
وأخرج أحمد : ليس الفجر المستطيل في الأفق ولكنه المعترض الأحمر
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة والدارقطني والبيهقي عن محمد بن عبد الرحمن عن ثوبان
" أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : الفجر فجران فأما الذي
كأنه ذنب السرحان فإنه لا يحل شيئا ولا يحرمه وأما المستطيل الذي يأخذ الأفق فإنه
يحل الصلاة ويحرم الطعام وأخرجه الحاكم من طريقه عن جابر موصولا "
وأخرج الدارقطني والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس " أن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : الفجر فجران فجر يحرم فيه الطعام والشراب ويحل فيه الصلاة وفجر
يحل فيه الطعام ويحرم فيه الصلاة "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أنس قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " من أراد أن يصوم فليتسحر ولو بشيء "
وأخرج ثم أتموا الصيام إلى الليل "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عمر قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من
ههنا وغربت الشمس فقد أفطر الصائم "
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد
فيمن أفطر ثم طلعت الشمس قال : يقضي لأن الله يقول أتموا الصيام إلى الليل
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي أمامة " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
: بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعي فأتياني جبلا وعرا فقالا لي : اصعد
فقلت : إني لا أطيقه
فقالا : إنا سنسهله لك فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا أنا بأصوات شديدة !
فقلت : ما هذه الأصوات ؟ ! قالوا : هذا عواء أهل النار ثم انطلقا بي فإذا أنا بقوم
معلقين بعراقيبهم مشققة أشداقهم تسيل أشداقهم دما
قلت : من هؤلاء ؟ ! قال : هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني عن ليلى امرأة بشير بن الخصاصية
قالت " أردت أن أصوم يومين مواصلة فمنعني بشير وقال : إن رسول
(1/482)
الله
صلى الله عليه و سلم نهى عنه وقال : إنما يفعل ذلك النصارى ولكن صوموا كما أمركم
الله وأتموا الصيام إلى الليل فإذا كان الليل فأفطروا "
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن عساكر عن أبي ذر " أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم واصل يومين وليلة فأتاه جبريل فقال : إن الله قد قبل وصالك ولا يحل لأحد بعدك
وذلك بأن الله قال : وأتموا الصيام إلى الليل "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن قتادة قال : قالت عائشة ثم أتموا الصيام إلى
الليل يعني أنها كرهت الوصال
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أبي العالية
أنه ذكر عنده الوصال فقال : فرض الله الصوم بالنهار فقال ثم أتموا الصيام إلى
الليل فإذا جاء الليل فأنت مفطر فإن شئت فكل وإن شئت فلا
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا يزال الدين ظاهرا ما عجل الناس
الفطر إن اليهود والنصارى يؤخرون "
وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي عن سهل بن سعد "
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر "
وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود عن ابن عمر " أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم نهى عن الوصال قالوا : إنك تواصل ؟ قال : لست مثلكم إني
أطعم وأسقى "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " لا
تواصلوا
قالوا : إنك تواصل ؟ قال : إني لست كأحد منكم إني أبيت أطعم وأسقى "
وأخرج البخاري وأبو داود عن أبي سعيد " أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم
يقول : لا تواصلوا فأيكم أراد أن يواصل حتى السحر
قالوا : فإنك تواصل يا رسول الله ؟ قال : إني لست كهيئتكم إني أبيت لي مطعم يطعمني
وساق يسقيني "
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن عائشة قالت " نهى رسول الله صلى الله عليه و
سلم عن الوصال رحمة لهم فقالوا : إنك تواصل ؟ قال : إني لست كهيئتكم إني يطعمني
ربي ويسقيني "
(1/483)
وأخرج
مالك وابن أبي شيبة والبخاري والنسائي عن أبي هريرة قال " نهى النبي صلى الله
عليه و سلم عن الوصال في الصوم فقال له رجل من المسلمين : إنك تواصل يا رسول الله
؟ قال : وأيكم مثلي
إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني "
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث فإن سابك أحد أو جهل عليك
فقل : إني صائم إني صائم "
وأخرج البخاري والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
" من لم يدع
وفي لفظ : إذا لم يدع الصائم قول الزور والعمل به والجهل فليس لله حاجة في أن يدع
طعامه وشرابه "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : رب قائم حظه من القيام السهر ورب صائم حظه من الصيام الجوع والعطش
"
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : الغيبة تخرق الصوم والاستغفار يرقعه فمن استطاع
منكم أن يجيء غدا بصومه مرقعا فليفعل
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن جابر بن عبد الله قال : إذا صمت فليصم سمعك وبصرك
ولسانك عن الكذب والمحارم ودع أذى الخادم وليكن عليك وقار وسكينة يوم صيامك ولا
تجعل فطرك وصومك سواء
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن طلق بن قيس قال : قال أبو ذر : إذا صمت فتحفظ ما
استطعت فكان طلق إذا كان يوم صومه دخل فلم يخرج إلا للصلاة
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن مجاهد قال : خصلتان من حفظهما يسلم له صومه الغيبة
والكذب
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن أبي العالية قال : الصائم في عبادة ما لم يغتب
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما صام
من ظل يأكل لحوم الناس "
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : كانوا يقولون : الكذب يفطر الصائم
وأخرج البيهقي عن أبي بكرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
لايقولن أحدكم : إني قمت رمضان كله وصمته
فلا أدري أكره التزكية أو قال : لابد من نومة أو رقدة "
(1/484)
وأخرج
البيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله ولا تباشروهن وأنتم عاكفون قال : المباشرة
الملامسة والمس الجماع ولكن الله يكني ما شاء بما يشاء
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ولا تباشروهن الآية
قال : هذا في الرجل يعتكف في المسجد في رمضان أو غير رمضان فحرم الله عليه أن ينكح
النساء ليلا أو نهارا حتى يقضي اعتكافه
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن الضحاك قال : كانوا يجامعون
وهم معتكفون حتى نزلت ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال : كان الرجل إذا اعتكف فخرج
من المسجد جامع إن شاء فنزلت
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : كان ناس يصيبون نساءهم وهم عاكفون فنهاهم الله عن
ذلك
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : كانوا إذا اعتكفوا فخرج الرجل إلى الغائط جامع
امرأته ثم اغتسل ثم رجع إلى اعتكافه فنهوا عن ذلك
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : نهى عن جماع النساء في المساجد كما كانت
الأنصار تصنع
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس قال : إذا جامع المعتكف
بطل اعتكافه ويستأنف
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم في معتكف وقع بأهله قال : يستقبل اعتكافه ويستغفر
الله ويتوب إليه ويتقرب ما استطاع
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد في المعتكف إذا جامع قال : قال : يتصدق بدينارين
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن في رجل غشي امرأته وهو معتكف أنه بمنزلة الذي غشي في
رمضان عليه على الذي في رمضان
وأخرج ابن أبي شيبة عن الزهري قال : من أصاب امرأته وهو معتكف فعليه من الكفارة
مثل ما على الذي يصيب في رمضان
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : لا يقبل المعتكف ولا يباشر
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : المعتكف لا يبيع ولا يبتاع
قوله تعالى : وأنتم عاكفون في المساجد
(1/485)
وأخرج
الدارقطني والبيهقي في شعب الإيمان من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب وعن عروة عن
عائشة " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى
توفاه الله عز و جل ثم اعتكف أزواجه من بعده والسنة في المعتكف أن لا يخرج إلا
لحاجة الإنسان ولا يتبع جنازة ولا يعود مريضا ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا
اعتكاف إلا في مسجد جماعة والسنة إلى آخره
فقد قيل : أنه من قول عروة وقال الدارقطني : هو من كلام الزهري زمن أدرجه في
الحديث فقد وهم "
وأخرج ابن ماجه والبيهقي وضعفه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال
" في المعتكف أنه معتكف الذنوب ويجري له من الأجر كأجر عامل الحسنات كلها
"
وأخرج الطبراني في الأوسط والحاكم وصححه والبيهقي وضعفه والخطيب في تاريخه عن ابن
عباس " أنه كان معتكفا في مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم فأتاه رجل في
حاجة فقام معه وقال : سمعت صاحب هذا القبر يقول " من مشى في حاجة أخيه وبلغ
فيها كان خيرا من اعتكاف عشر سنين ومن اعتكف يوما ابتغاء وجه الله جعل الله بينه
وبين النار ثلاث خنادق أبعد مما بين الخافقين "
وأخرج البيهقي وضعفه عن علي بن حسين عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " من اعتكف عشرا في رمضان كان كحجتين و عمرتين "
وأخرج البيهقي عن الحسن قال : للمعتكف كل يوم حجة قال البيهقي : لا يقوله الحسن
إلا عن بلاغ بلغه
وأخرج البيهقي عن زياد بن السكن قال : كان زبيد اليامي وجماعة إذا كان يوم النيروز
ويوم المهرجان اعتكفوا في مساجدهم ثم قالوا : إن هؤلاء قد اعتكفوا على كفرهم
واعتكفنا على إيماننا فاغفر لنا
وأخرج البيهقي عن عطاء الخراساني قال : إن مثل المعتكف مثل المحرم ألقى نفسه بين
يدي الرحمن
فقال : والله لا أبرح حتى ترحمني
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب قضاء الجوائج عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال :
جاء رجل إلى الحسين بن علي فسأله أن يذهب معه في حاجة فقال : إني معتكف فأتى الحسن
فأخبره الحسن : لو مشى معك لكان خيرا له من اعتكافه والله لأن أمشي معك في حاجتك
أحب إلي من أعتكف شهرا
(1/486)
وأخرج
البخاري في جزء التراجم بسند ضعيف جدا عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " لأن أمشي مع أخ لي في حاجة أحب إلي من أن أعتكف شهرا في مسجدي
هذا ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجة حتى يقضيها ثبت الله قدميه يوم تزل الأقدام
"
وأخرج عبد الرزاق عن محمد بن واسع الأزدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من أعان أخاه يوما كان خيرا له من اعتكاف شهر "
وأخرج الدارقطني عن حذيفة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول "
كل مسجد له مؤذن وإمام فالإعتكاف فيه يصلح "
وأخرج ابن أبي شيبة عن المسيب قال : لا اعتكاف إلا في مسجد
وأخرج الدارقطني والحاكم عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا
إعتكاف إلا بصيام "
وأخرج مالك عن القاسم بن محمد ونافع مولى ابن عمر قالا : لا إعتكاف إلا بصيام لقول
الله تعالى وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض إلى قوله وأنتم عاكفون في
المساجد فإنما ذكر الله عز و جل الإعتكاف مع الصيام
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : المعتكف عليه الصوم
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي قال : لا إعتكاف إلا بصوم
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة مثله
وأخرج ابن أبي شيبة عن من وجه آخر عن علي وابن مسعود قالا : المعتكف ليس عليه صوم
إلا أن يشرطه على نفسه
وأخرج الدارقطني والحاكم وصححه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه "
وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني عن علي رضي الله عنه قال : المعتكف يعود المريض
ويشهد الجنازة ويأتي الجمعة ويأتي أهله ولا يجالسهم
وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عائشة قالت
" إن كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ليدخل علي رأسه وهو في المسجد فأرجله
وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفا "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة عن ابن عمر قال " كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان "
(1/487)
وأخرج
البخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة قال " كان النبي صلى الله
عليه و سلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين
"
وأخرج مالك عن أهل الفضل والدين أنهم كانوا إذا إعتكفوا العشر الأواخر من شهر
رمضان لا يرجعون حتى يشهدوا العيد مع الناس
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : كانوا يستحبون للمعتكف أن يبيت ليلة الفطر
حتى يكون غدوه منه
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي مجلز قال : بت ليلة الفطر في المسجد الذي اعتكفت فيه
حتى يكون غدوك إلى مصلاك منه
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " نظر الرجل إلى أخيه على شوق خير من إعتكاف
سنة في مسجدي هذا "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة " أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه و سلم كانت
مستحاضة وهي عاكف "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تلك حدود الله يعني طاعة الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك تلك حدود الله قال : معصية الله يعني المباشرة في
الإعتكاف
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل تلك حدود الله فلا تقربوها يعني الجماع
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله كذلك يعني هكذا يبين الله
قوله تعالى : ولا تأكلوا
(1/488)
أموالكم
بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم
تعلمون
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ولا تأكلوا أموالكم بينكم
بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام قال : هذا في الرجل يكون عليه مال وليس عليه فيه
بينة فيجحد المال ويخاصمهم إلى الحكام وهو يعرف أن الحق عليه وقد علم أنه إثم أكل
حرام
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله ولا تأكلوا أموالكم بينكم
بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام قال : لا تخاصم وأنت تعلم أنك ظالم
وأخرج ابن المنذر عن قتادة في الآية قال : لا تدل بمال أخيك إلى الحكام وأنت تعلم
أنك ظالم فإن قضاءه لا يحل لك شيئا كان حراما عليك
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل
يعني بالظلم وذلك أن إمرأ القيس بن عابس وعبدان بن أشوع الحضرمي اختصما في أرض
واراد إمرؤ القيس أن يحلف ففيه نزلت ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وفي قوله
لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم يعني طائفة وأنتم تعلمون يعني تعلمون أنكم
تدعون الباطل
وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن أم سلمة زوج النبي صلى الله
عليه و سلم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " إنما أنا بشر وإنكم
تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه
فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذنه فإنما أقطع له قطعة من النار "
وأخرج أحمد عن أبي حميد الساعدي " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لا
يحل لإمرىء أن يأخذ مال أخيه بغير حقه وذلك لما حرم الله مال المسلم على المسلم
"
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس " أنه كان يكره أن يبيع الرجل
الثوب ويقول لصاحبه : إن كرهته فرد معه دينارا " فهذا مما قال الله ولا
تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل
وأخرج اين أبي شيبة عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال : قلت لعبد الله بن عمرو :
هذا ابن عمك يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل وأن نقتل أنفسنا وقد قال الله
ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام إلى آخر الآية
فجمع يديه فوضعهما على جبهته ثم قال : أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله
(1/489)
قوله
تعالى : يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت
من ظهورها ولكن البر من اتقى وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون
ابن عساكر بسند ضعيف عن ابن عباس في قوله يسألونك عن الأهلة قال : نزلت في معاذ بن
جبل وثعلبة بن غنمة وهما رجلان من الأنصار قالا : يا رسول الله ما بال الهلال يبدو
ويطلع دقيقا مثل الخيط ثم يزيد حتى يعظم ويستوي ويستدير ثم لا يزال ينقص ويدق حتى
يعود كما كان لا يكون على حال واحد ؟ فنزلت يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس
في محل دينهم ولصومهم ولفطرهم وعدة نسائهم والشروط التي تنتهي إلى أجل معلوم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال " سألوا النبي صلى الله عليه و سلم
: لم جعلت الأهلة ؟ فأنزل الله يسألونك عن الأهلة الآية
فجعلها لصوم المسلمين ولإفطارهم ولمناسكهم وحجهم ولعدة نسائهم ومحل دينهم في أشياء
والله أعلم بما يصلح خلقه "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال " ذكر لنا أنهم قالوا للنبي صلى الله
عليه و سلم : لم خلقت الأهلة ؟ فأنزل الله يسألونك عن الأهلة الآية
جعلها الله مواقيت لصوم المسلمين وإفطارهم ولحجهم ومناسكهم ولعدة نسائهم ومحل
دينهم "
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس مثله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال " سأل الناس رسول الله صلى
الله عليه و سلم عن الأهلة فنزلت هذه الآية يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس
يعلمون بها حل دينهم وعدة نسائهم ووقت حجهم "
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس قال :
لحجكم وصومكم وقضاء ديونكم وعدة نسائكم
وأخرج الطستي عن ابن عباس
أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز و جل مولقيت للناس قال : في عدة
نسائهم ومحل دينهم وشروط الناس قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول
الشاعر وهو يقول :
(1/490)
والشمس
تجري على وقت مسخرة إذا قضت سفرا استقبلت سفرا وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في
سننه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " جعل الله الأهلة
مواقيت للناس فصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما "
وأخرج أحمد والطبراني وابن عدي والدارقطني بسند ضعيف عن طلق بن علي قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " جعل الله الأهلة مواقيت للناس فإذا رأيتم الهلال
فصوموا وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين "
وأما قوله تعالى : وليس البر بأن تأتوا البيوت الآية
أخرج وكيع والبخاري وابن جرير عن البراء قال : كانوا إذا أحرموا في الجاهلية أتوا
البيت من ظهره فأنزل الله وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى
وآتوا البيوت من أبوابها
وأخرج الطيالسي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن البراء
كانت الأنصار إذا حجوا فرجعوا لم يدخلوا البيوت إلا من ظهورها فجاء رجل من الأنصار
فدخل من بابه فقيل له في ذلك فنزلت الآية
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن جابر قال " كانت قريش تدعى الحمس
وكانوا يدخلون من الأبواب في الإحرام وكانت الأنصار وسائر العرب لا يدخلون من باب
في الإحرام فبينا رسول الله صلى الله عليه و سلم في بستان إذ خرج من بابه وخرج معه
قطبة بن عامر الأنصاري فقالوا : يا رسول الله إن قطبة بن عامر رجل فاجر وإنه خرج
معك من الباب فقال له : ما حملك على ما صنعت ؟ قال : رأيتك فعلته ففعلته كما فعلت
قال : إني رجل أحمس
قال له : فإن ديني دينك
فأنزل الله وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها
الآية "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس " أن رجالا من أهل المدينة كانوا
إذا خاف أحدهم من عدوه شيئا أحرم فأمن فإذا أحرم لم يلج من باب بيته واتخذ نقبا من
ظهر بيته فلما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة كان بها رجل محرم كذلك
وأن رسول الله صلى الله عليه و سلم دخل بستانا فدخله من بابه ودخل معه ذلك المحرم
فناداه رجل من ورائه : يا فلان إنك محرم وقد دخلت مع الناس
فقال : يا رسول الله إن كنت محرما فأنا محرم وإن كنت أحمس فأنا أحمس
فأنزل الله وليس البر بأن
(1/491)
تأتوا
البيوت من ظهورها إلى آخر الآية
فأحل للمؤمنين أن يدخلوا من أبوابها "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قيس بن جبير النهشلي " أن الناس
كانوا إذا أحرموا لم يدخلوا حائطا من بابه ولا دارا من بابها وكانت الحمس يدخلون
البيوت من أبوابها فدخل رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه دارا وكان رجل من
الأنصار يقال له رفاعة بن تابوت فتسور الحائط ثم دخل على رسول الله صلى الله عليه
و سلم فلما خرج من باب الدار خرج معه رفاعة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
ما حملك على ذلك ؟ قال : يا رسول الله رأيتك خرجت منه فخرجت منه
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إني رجل أحمس
فقال : إن تكن رجلا أحمس فإن ديننا واحد فأنزل الله وليس البر
الآية "
وأخرج ابن جرير عن الزهري قال " كان ناس من الأنصار إذا أهلوا بالعمرة لم يحل
بينهم وبين السماء شيء يتحرجون من ذلك وكان الرجل يخرج مهلا بالعمرة فتبدو له
الحاجة فيرجع ولا يدخل من باب الحجرة من أجل سقف الباب أن يحول بينه وبين السماء
فيفتح الجدار من ورائه ثم يقوم في حجرته فيأمر بحاجته فتخرج إليه من بيته حتى
بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أهل زمن الحديبة بالعمرة فدخل حجرة فدخل
رجل على أثره من الأنصار من بني سلمة فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : إني
أحمس
وكان الحمس لا يبالون ذلك فقال الأنصاري : وأنا أحمس
يقول : وأنا على دينك
فأنزل الله ليس البر
الآية "
وأخرج ابن جرير عن السدي قال " أن نايا من العرب كانوا إذا حجوا لم يدخلوا
بيوتهم من أبوابها كانوا ينقبون في أدبارها فلما حج رسول الله صلى الله عليه و سلم
حجة الوادع أقبل يمشي ومعه رجل من أولئك وهو مسلم فلما بلغ رسول الله صلى الله
عليه و سلم باب البيت احتبس الرجل خلفه وأبى أن يدخل
قال : يا رسول الله إني أحمس
وكان أولئك الذين يفعلون ذلك يسمون الحمس قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
وأنا أيضا أحمس فادخل فدخل الرجل فأنزل الله وأتوا البيوت من أبوابها "
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي في الآية قال : كان الرجل من أهل الجاهلية
إذا أتى البيت من بيوت بعض أصحابه أو ابن عمه رفع البيت من خلفه أي بيوت الشعر ثم
يدخل فنهوا عن ذلك وأمروا أن يأتوا البيوت من أبوابها ثم يسلموا
(1/492)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : كان الرجل إذا إعتكف لم يدخل منزله من
باب البيت فأنزل الله ليس البر الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال : كان أهل يثرب إذا رجعوا من عيدهم دخلوا البيوت
من ظهورها ويرون أن ذلك أدنى إلى البر فأنزل الله الآية
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في الآية قال : كان الرجل في الجاهلية يهم بالشيء
يصنعه فيحبس عن ذلك فكان لا يأتي بيته من قبل بابه حتى يأتي الذي كان هم به وأراده
قوله تعالى : وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب
المعتدين
آدم بن أبي إياس في تفسيره وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله وقاتلوا في سبيل
الله الذين يقاتلونكم قال : لأصحاب محمد أمروا بقتال الكفار
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ولا تعتدوا يقول :
لا تقتلوا النساء والصبيان ولا الشيخ الكبير ولا من ألقى السلم وكف يده فإن فعلتم
فقد اعتديتم
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن ابن عمر قال " وجدت امرأة مقتولة في
بعض مغازي رسول الله صلى الله عليه و سلم فنهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن
قتل النساء والصبيان "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس قال " كنا إذا استنفرنا نزلنا بظهر المدينة حتى
يخرج إلينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فيقول انطلقوا بسم الله وفي سبيل الله
تقاتلون أعداء الله لا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا صغيرا ولا امرأة ولا تغلوا
"
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة عن يحيى بن يحيى الغساني قال : كتبت إلى عمر بن عبد
العزيز أسأله عن هذه الآية وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن
الله لا يحب المعتدين فكتب إلي أن ذلك في النساء والذرية من لم ينصب لك الحرب منهم
(1/493)
قوله
تعالى : واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا
تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء
الكافرين فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم
ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله واقتلوهم حيث ثقفتموهم
الآية
قال : عنى الله بهذا المشركين
وأخرج الطستي عن ابن عباس
أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ثقفتموهم قال : وجدتموهم
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول حسان : فإما يثقفن بني لؤي جذيمة إن قتلهم دواء وأخرج ابن أبي حاتم
عن أبي العالية في قوله والفتنة أشد من القتل قال : الشرك أشد
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله والفتنة أشد من القتل قال : الفتنة
التي أنتم مقيمون عليها أكبر من القتل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله والفتنة أشد من القتل قال : ارتداد
المؤمن إلى الوثن أشد عليه من أن يقتل محقا
وأخرج عبد بن حميد من طريق أبي بكر بن عياش عن عاصم ولا تقاتلوهم عند المسجد
الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم كلها بالألف فاقتلوهم آخرهن بغير ألف
وأخرج عبد بن حميد عن أبي الأحوص قال : شمعت أبا اسحق يقرؤهن كلهن بغير ألف
وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش قال : كان أصحاب عبد الله يقرؤونها كلهن بغير ألف
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود في ناسخه عن قتادة في قوله ولا
(1/494)
تقاتلوهم
عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه قال : حتى يبدؤوا بالقتال ثم نسخ بعد ذلك فقال
: وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة البقرة الآية 193 وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد
وأبو داود والنحاس معا في الناسخ عن قتادة في قوله ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام
وقوله يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير البقرة الآية 217 فكان
كذلك حتى نسخ هاتين الآيتين جميعا في براءة قوله فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم
التوبة الآية 5
وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة التوبة الآية 36
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله فإن انتهوا قال : فإن تابوا
قوله تعالى : واقتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا
على الظالمين
ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن عباس في قوله وقاتلوهم
حتى لا تكون فتنة يقول : شرك بالله ويكون الدين ويخلص التوحيد لله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة قال : لا تقاتلوا
إلا من قاتلكم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ عن قتادة
ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فكان هذا كذا حتى نسخ فأنزل الله
وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة أي شرك ويكون الدين لله قال : حتى يقال : لا إله إلا
الله عليها قاتل رسول الله صلى الله عليه و سلم وإليها دعا
وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول " إن الله أمرني أن أقاتل
الناس حتى يقولوا : لا إلأه إلا الله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين قال :
وإن الظالم الذي أبى أن يقول : لا إله إلا الله يقاتل حتى يقول : لا إله إلا الله
"
(1/495)
وأخرج
ابن جرير عن الربيع ويكون الدين لله يقول : حتى لا يعبد إلا الله
وأخرج ابن جرير عن عكرمة فلا عدوان إلا على الظالمين قال : هم من أبى أن يقول لا
إله إلا الله
وأخرج البخاري وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عمر أنه أتاه رجلان في فتنة ابن
الزبير فقالا : إن الناس صنعوا وأنت ابن عمر وصاحب النبي صلى الله عليه و سلم فما
يمنعك أن تخرج ؟ قال : يمنعني إن الله حرم دم أخي
قالا : ألم يقل الله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة قال : قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان
الدين لله وأنتم تريدون أن تقاتلوا حتى تكون فتنة ويكون الدين لغير الله
قوله تعالى : الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا
عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين
البخاري عن نافع
أن رجلا أتى ابن عمر فقال : ما حملك على أن تحج عاما وتعتمر عاما وتترك الجهاد في
سبيل الله وقد علمت ما رغب الله فيه ؟ قال : يا ابن أخي : بني الإسلام على خمس :
إيمان بالله ورسوله والصلاة الخمس وصيام رمضان وأداء الزكاة وحج البيت
قال : ألا تسمع ما ذكر الله في كتابه ؟ : وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا
بينهما الحجرات الآية 9 وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة قال : فعلنا على عهد رسول الله
صلى الله عليه و سلم وكان الإسلام قليلا وكان الرجل يفتن في دينه إما قتلوه وإما
عذبوه حتى كثر الإسلام فلم تكن فتنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي ظبيان قال : جاء رجل إلى سعد فقال له : ألا تخرج تقاتل
مع الناس حتى لا تكون فتنة ؟ فقال سعد : قد قاتلت مع رسول الله صلى الله عليه و
سلم حتى لم تكن فتنة فأما أنت وذا البطين تريدون أن أقاتل حتى تكون فتنة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال " لما سار رسول الله صلى الله عليه و سلم
معتمرا في سنة ست من الهجرة وحبسه المشركون عن الدخول والوصول إلى البيت وصدوه بمن
معه
(1/496)
من
المسلمين في ذي القعدة وهو شهر حرام حتى قاضاهم على الدخول من قابل فدخلها في
السنة الآتية هو ومن كان معه من المسلمين وأقصه الله منهم نزلت هذه الآية الشهر
الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص "
وأخرج الواحدي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال " نزلت هذه الآية
في صلح الحديبية وذلك أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما صد عن البيت ثم صالحه
المشركون على أن يرجع عامه القابل فلما كان العام القابل تجهز وأصحابه لعمرة
القضاء وخافوا أن لا تفي قريش بذلك وأن يصدوهم عن المسجد الحرام ويقاتلوهم وكره
أصحابه قتالهم في الشهر الحرام فأنزل الله ذلك "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال " أقبل رسول الله صلى الله
عليه و سلم وأصحابه فأحرموا بالعمرة في ذي القعدة ومعهم الهدي حتى إذا كانوا
بالحديبية صدهم المشركون فصالحهم رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يرجع ثم يقدم
عاما قابلا فيقيم بمكة ثلاثة أيام ولا يخرج معه بأحد من أهل مكة فنحر رسول الله
صلى الله عليه و سلم أصحابه بالهدي بالحديبية وحلقوا أو قصروا فلما كان عام قابل
أقبلوا حتى دخلوا مكة في ذي القعدة فاعتمروا وأقاموا بها ثلاثة أيام وكان المشركون
قد فخروا عليه حين صدوه يوم الحديبية فقص الله له منهم فأدخله مكة في ذلك الشهر
الذي ردوه فيه فقال الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله الشهر الحرام بالشهر الحرام
والحرمات قصاص قال " فخرت قريش بردها رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم
الحديبية محرما في ذي القعدة عن البلد الحرام فأدخله الله مكة من العام المقبل
فقضى عمرته وأقصه ما حيل بينه وبين يوم الحديبية "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال " أقبل نبي الله صلى الله عليه و
سلم وأصحابه معتمرين في ذي القعدة ومعهم الهدي حتى إذا كانوا بالحديبية فصدهم
المشركون فصالحهم نبي الله أن يرجع عامه ذلك حتى يرجع من العام المقبل فيكون بمكة
ثلاث ليال ولا يدخلوها إلا بسلاح الراكب ولا يخرج بأحد من أهل مكة فنحروا الهدي
بالحديبية وحلقوا وقصروا حتى إذا كان من العام المقبل أقبل نبي الله وأصحابه
معتمرين في ذي القعدة حتى دخلوا فأقام بها ثلاث ليال وكان المشركون قد فخروا عليه
حين ردوه يوم الحديبية فأقصه الله منهم وأدخله مكة في
(1/497)
ذلك
الشهر الذي كانوا ردوه فيه في ذي القعدة فقال الله الشهر الحرام بالشهر الحرام
والحرمات قصاص "
وأخرج ابن جرير والنحاس في ناسخه عن ابن جريج قال " قلت لعطاء : قول الله عز
و جل الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فقال : هذا يوم الحديبية صدوا رسول
الله صلى اللهعليه وسلم عن البيت الحرام وكان معتمرا فدخل رسول الله صلى الله عليه
و سلم في السنة التي بعدها معتمرا مكة فعمرة في الشهر الحرام بعمره في الشهر
الحرام "
وأخرج البيهقي في الدلائل عن عروة وابن شهاب قالا " خرج رسول الله صلى الله
عليه و سلم من العام القابل من عام الحديبية معتمرا في ذي القعدة سنة سبع وهو
الشهر الذي صده فيه المشركون عن المسجد الحرام وأنزل الله في تلك العمرة الشهر
الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فاعتمر رسول الله صلى الله عليه و سلم في
الشهر الحرام الذي صد فيه "
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن
ابن عباس " في قوله فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم وقوله
وجزاء سيئة سيئة مثلها الشورى الآية 40 وقوله ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم
من سبيل الشورى الآية 41 وقوله وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به النحل الآية
126 قال : هذا ونحوه نزل بمكة والمسلمون يومئذ قليل فليس لهم سلطان يقهر المشركين
فكان المشركون يتعاطونهم بالشتم والأذى فأمر الله المسلمين من يتجازى منهم أن
يتجازى بمثل ما أوتي إليه أو يصبر أو يعفو فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه و
سلم إلى المدينة وأعز الله سلطانه أمر الله المسلمين أن ينتهوا في مظالهم إلى
سلطانهم ولا يعدو بعضهم على بعض كأهل الجاهلية فقال ومن قتل مظلوما فقد جعلنا
لوليه سلطانا الإسراء الآية 33 الآية
يقول : ينصره السلطان حتى ينصفه من ظالمه ومن انتصر لنفسه دون السلطان فهو عاص
مسرف قد عمل بحمية الجاهلية ولم يرض بحكم الله تعالى "
(1/498)
وأخرج
ابن جرير عن مجاهد في قوله فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه قال : فقاتلوهم فيه كما
قاتلوكم
وأخرج أحمد وابن جرير والنحاس في ناسخه عن جابر بن عبد الله قال : لم يكن رسول
الله صلى الله عليه و سلم يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزى ويغزو فإذا حضره أقام
حتى ينسلخ
قوله تعالى : وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله
يحب المحسنين
وكيع وسفيان بن عينية وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم عن حذيفة في قوله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قال : هو ترك النفقة في سبيل
الله مخافة العيلة
وأخرج وكيع وعبد بن حميد والبيهقي عن ابن عباس في قوله ولا تلقوا بأيديكم إلى
التهلكة قال : ترك النفقة في سبيل الله أنفق ولو مشقصا
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال : ليس التهلكة أن
يقتل الرجل في سبيل الله ولكن الإمساك عن النفقة في سبيل الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة في قوله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قال
: نزلت في النفقات في سبيل الله
وأخرج وكيع وعبد بن حميد عن مجاهد قال : إنما أنزلت هذه الآية ولا تلقوا بأيديكم
إلى التهلكة في النفقة في سبيل الله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : كان القوم في سبيل الله
فيتزود الرجل فكان أفضل زادا من الآخر أنفق اليابس من زاده حتى لا يبقى من زاده
شيء أحب أن يواسي صاحبه فأنزل الله وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى
التهلكة
وأخرج ابن جرير عن الحسن في الآية قال : كانوا يسافرون ويقترون ولا ينفقون من
أموالهم فأمرهم أن ينفقوا في مغازيهم في سبيل الله
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي في الشعب في قوله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة قال :
هو البخل
(1/499)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن زيد بن الأسلم في الآية قال : كان رجال يخرجون في بعوث
يبعثها رسول الله صلى الله عليه و سلم بغير نفقة فإما يقطع بهم وإما كانوا عيالا
فأمرهم الله أن يستنفقوا مما رزقهم الله ولا يلقوا بأيديهم إلى التهلكة والتهلكة
أن يهلك رجال من الجوع والعطش ومن المشي وقال لمن بيده فضل وأحسنوا إن الله يحب
المحسنين
وأخرج عبد بن حميد وأبو يعلى وابن جرير والبغوي في معجمه وابن المنذر وابن أبي
حاتم وابن حبان وابن قانع والطبراني عن الضحاك بن أبي جبيرة أن الأنصاركانوا
ينفقون في سبيل الله ويتصدقون فأصابتهم سنة فساء ظنهم وأمسكوا عن ذلك فأنزل الله
وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة
وأخرج سفيان بن عينية وعبد بن حميد عن مجاهد وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا
بأيديكم إلى التهلكة قال : لا يمنعنكم النفقة في حق خيفة العيلة
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وأبو يعلى وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه والطبراني وابن مردويه والبيهقي في
سننه عن أسلم أبي عمران قال : كنا بالقسطنطينية وعلى أهل مصر عقبة بن عامر وعلى
أهل الشام فضالة بن عبيد فخرج صف عظيم من الروم فصففنا لهم فحمل رجل من المسلمين
على صف الروم حتى دخل فيهم فصاح الناس وقالوا : سبحان الله ! يلقي بيديه إلى
التهلكة فقام أبو أيوب صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا أيها الناس
إنكم تتأولون هذه الآية هذا التأويل وإنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار إنا
لما أعز الله دينه وكثر ناصروه قال بعضنا لبعض سرا دون رسول الله صلى الله عليه و
سلم : إن أموالنا قد ضاعت وإن الله قد أعز الإسلام وكثر ناصروه فلو أقمنا في
أموالنا فأصلحنا ما ضاع فيها فأنزل الله على نبيه يرد علينا ما قلنا وأنفقوا في
سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة فكانت التهلكة الإقامة في الأموال
وإصلاحها وتركنا الغزو
وأخرج وكيع وسفيان بن عينية والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي عن البراء بن عازب أنه قيل له وأنفقوا في سبيل
الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة هو الرجل يلقى العدو فيقاتل حتى يقتل قال : لا
ولكن هو الرجل يذنب فيلقي بيديه فيقول : لا يغفر الله لي أبدا
(1/500)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والطبراني والبيهقي في الشعب عن النعمان بن
بشير قال : كان الرجل يذنب فيقول : لا يغفر الله لي
فأنزل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير عن عبيدة السلماني في قوله ولا تلقوا بأيديكم
إلى التهلكة قال : القنوط
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : التهلكة عذاب الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث أنهم حاصروا دمشق فأسرع
رجل إلى العدو وحده فعاب ذلك عليه المسلمون ورفعوا حديثه إلى عمرو بن العاص فأرسل
إليه فرده فقال : قال الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة
وأخرج ابن جرير عن رجل من الصحابة في قوله وأحسنوا قال : أدوا الفرائض
وأخرج عبد بن حميد عن أبي اسحق
مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة في قوله وأحسنوا إن الله يحب المحسنين قال :
أحسنوا الظن بالله
قوله تعالى : وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدى ولا تحلقوا
رؤوسكم حتى يبلغ الهدى محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام
أو صدقة أو نسك فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدى فمن لم
يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله
حاضري المسجد الحرام واتقوا الله واعلموا أن الله شديد العقاب
ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل وابن عبد البر في التمهيد عن يعلى بن أمية قال
" جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم وهو بالجعرانة وعليه جبة وعليه أثر
خلوق
(1/501)
فقال
: كيف تأمرني يا رسول الله أن أصنع في عمرتي ؟ فأنزل الله وأتموا الحج والعمرة لله
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أين السائل عن العمرة ؟ فقال : هذا أناذا
قال : اخلع الجبة واغسل عنك أثر الخلوق ثم ما كنت صانعا في حجك فاصنعه في عمرتك
"
وأخرج الشافعي وأحمد وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن
يعلى بن أمية قال " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم وهو بالجعرانة
عليه جبة وعليها خلوق فقال : كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي ؟ قال : فأنزل على النبي
صلى الله عليه و سلم فتستر بثوب وكان يعلى يقول : وددت أني أرى النبي صلى الله
عليه و سلم وقد أنزل عليه الوحي
فقال عمر : أيسرك أن تنظر النبي صلى الله عليه و سلم وقد أنزل عليه الوحي ؟ فرفع
طرف الثوب فنظرت إليه له غطيط كغطيط البكر فلما سري عنه قال : أين السائل عن
العمرة ؟ اغسل عنك أثر الخلوق واخلع عنك جبتك واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك
"
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والنحاس في ناسخه والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن علي وأتموا الحج والعمرة لله
قال : أن تحرم من دويرة أهلك
وأخرج ابن عدي والبيهقي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم " في
قوله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله إن تمام الحج أن تحرم من دويرة أهلك "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن ابن عمر في قوله و أتموا الحج والعمرة لله قال
: من تمامهما أن يفرد كل واحد منهما عن الآخر وأن يعتمر في غير أشهر الحج
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال : من أحرم بحج أو عمرة فليس
له أن يحل حتى يتمها تمام الحج يوم النحر إذا رمى يوم النحر إذا رمى جمرة العقبة
وزار البيت فقد حل وتمام العمرة إذا طاف بالبيت وبالصفا والمروة إذا حل
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : تمامهما ما أمر الله فيهما
وأخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم وابن الأنباري عن علقمة وابراهيم قالا : في قراءة ابن مسعود وأقيموا الحج
والعمرة إلى البيت لا يجاوز بالعمرة البيت الحج المناسك والعمرة البيت والصفا
والمروة
(1/502)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن علي أنه قرأ وأقيموا الحج والعمرة للبيت ثم قال : هي
واجبة مثل الحج
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في سننه والأصبهاني في الترغيب عن ابن مسعود قال :
أمرتم بأقامة أربع
أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت
والحج الحج الأكبر والعمرة الحج الأصغر
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن يزيد بن معاوية قال : إني لفي المسجد زمن الوليد
بن عقبة حلقة فيها حذيفة وليس إذ ذاك حجزة ولا جلاوزة إذ هتف هاتف : من كان يقرأ
على قراءة أبي موسى فليأت الزاويه التي عند أبواب كنده ومن كان يقرأ على قراءة عبد
الله بن مسعود فليأت هذه الزاوية التي عند دار عبد الله واختلفا في آية في سورة
البقرة قرأ هذا وأتموا الحج والعمرة للبيت وقرأ هذا وأتموا الحج والعمرة لله فغضب
حذيفة واحمرت عيناه ثم قام - وذلك في زمن عثمان - فقال : إما أن تركب إلى أمير
المؤمنين وإما أن أركب فهكذا كان من قبلكم ثم أقبل فجلس فقال : إن الله بعث محمدا
فقاتل بمن أقبل من أدبر حتى أظهر الله دينه ثم إن الله قبضه فطعن الناس في الإسلام
طعنة جواد ثم إن الله استخلف أبا بكر وكان ما شاء الله ثم إن الله قبضه فطعن الناس
في الإسلام طعنة جواد ثم إن الله استخلف عمر فنزل وسط الإسلام ثم إن الله قبضه
فطعن الناس في الإسلام طعنة جواد ثم إن الله استخلف عثمان
وأيم الله ليوشكن أن تطعنوا فيه طعنة تحلقونه كله
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي عن الشعبي
أنه قرأها وأتموا الحج ثم قطع ثم قال والعمرة لله يعني برفع التاء وقال : هي تطوع
وأخرج سفيان بن عينية والشافعي والبيهقي في سننه عن طاوس قال : قيل لابن عباس
أتأمر بالعمرة قبل الحج والله تعالى يقول وأتموا الحج ةالعمرة لله ؟ فقال ابن عباس
: كيف تقرؤون من بعد وصية يوصى بها أو دين النساء الآية 11 ؟ فبأيهما تبدؤون ؟
قالوا : بالدين
قال : فهو ذلك
(1/503)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد والدارقطني والحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال : العمرة
واجبة كوجوب الحج من استطاع إليه سبيلا
وأخرج سفيان بن عينية والشافعي في الأم والبيهقي عن ابن عباس قال : والله إنها
لقرينتها في كتاب الله وأتموا الحج والعمرة لله
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة كلاهما في المصنف وعبد بن حميد عن مسروق قال :
أمرتم في القرآن بإقامة أربع : أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأقيموا الحج والعمرة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : العمرة الحجة الصغرى
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي داود في المصاحف عن ابن مسعود أنه قرأ وأقيموا الحج
والعمرة للبيت ثم قال : والله لولا التحرج أني لم أسمع فيها من رسول الله صلى الله
عليه و سلم شيئا لقلنا أن العمرة واجبة مثل الحج
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والحاكم وصححه عن ابن عمر قال :
العمرة واجبة ليس أحد من خلق الله إلا عليه حجة وعمرة واجبتان من استطاع إلى ذلك
سبيلا
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن طاوس قال : العمرة على الناس كلهم
إلا على أهل مكة فإنها ليست عليهم عمرة إلا أن يقدم أحد منهم من أفق من الآفاق
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء قال : ليس أحد من خلق الله إلا عليه حجة
وعمرة واجبتان من استطاع إلى ذلك سبيلا كما قال الله حتى أهل بوادينا إلا أهل مكة
فإن عليهم حجة وليست عليهم عمرة من أجل أنهم أهل البيت وإنما العمرة من أجل الطواف
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : الحج
والعمرة فريضتان على الناس كلهم إلا أهل مكة فإن عمرتهم طوافهم فمن جعل بينه وبين
الحرم بطن واد فلا يدخل مكة إلا بالإحرام
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : ليس على أهل مكة عمرة إنما يعتمر من زار البيت
ليطوف به وأهل مكة يطوفون متى شاؤوا
(1/504)
وأخرج
ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن ابن مسعود قال : الحج فريضة والعمرة تطوع
وأخرج الشافعي في الأم وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أبي صالح ماهان
الحنفي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " الحج جهاد والعمرة تطوع
"
وأخرج ابن ماجة عن طلحة بن عبيد الله " أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : الحج جهاد والعمرة تطوع "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وصححه عن جابر بن عبد الله " أن
رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن العمرة أواجبة هي ؟ قال : لا وأن
تعتمروا خير لكم "
وأخرج الحاكم عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن
الحج والعمرة فريضتان لا يضرك بأيهما بدأت "
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم عن ابن سيرين " أن زيد بن ثابت سئل عن العمرة قبل
الحج قال : صلاتان
وفي لفظ " نسكان لله عليك لا يضرك بأيهما بدأت "
وأخرج الشافعي في الأم عن عبد الله بن أبي بكر أن في الكتاب الذي كتبه رسول الله
صلى الله عليه و سلم لعمرو بن حزم " إن العمرة هي الحج الأصغر "
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عمر قال " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و
سلم فقال : أوصني قال : تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة
وتصوم شهر رمضان وتحج وتعتمر وتسمع وتطيع وعليك بالعلانية وإياك والسر "
وأخرج ابن خزيمة وابن حبان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" أفضل الأعمال عند الله إيمان لا شك فيه وغزو لا غلول فيه وحج مبرور "
وأخرج مالك في الموطأ وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن كاجة
والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " العمرة إلى
العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة "
وأخرج أحمد عن عامر بن ربيعة مرفوعا
مثله
وأخرج البيهقي في الشعب والأصبهاني في الترغيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " ما سبح الحاج من تسبيحة ولا هلل من تهليلة ولا كبر من
تكبيرة إلا بشر بها تبشيرة "
(1/505)
وأخرج
مسلم وابن خزيمة عن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
إن الإسلام يهدم ما قبله وإن الهجرة تهدم ما كان قبلها وإن الحج يهدم ما كان قبله
"
وأخرج الطبراني عن الحسن بن علي قال " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم
فقال : إني جبان وضعيف
فقال : هلم إلى جهاد لا شوكة فيه : الحج "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن علي بن حسين قال " سأل رجل النبي صلى الله
عليه و سلم عن الجهاد فقال : ألا أدلك على جهاد لا شوكة فيه ؟ الحج "
وأخرج عبد الرزاق عن عبد الكريم الجزري قال " جاء رجل إلى النبي صلى الله
عليه و سلم فقال : إني رجل جبان ولا أطيق لقاء العدو
فقال : ألا أدلك على جهاد لا قتال فيه ؟ قال : بلى يا رسول الله
قال : عليك بالحج والعمرة "
وأخرج البخاري عن عائشة قالت " قلت : يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل
أفلا نجاهد ؟ فقال : لكن أفضل الجهاد حج مبرور "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي داود في المصاحف وابن خزيمة عن عائشة قالت " قلت
: يا رسول الله !
هل على النساء من جهاد ؟ قال : عليهن جهاد لا قتال فيه
الحج والعمرة "
وأخرج النسائي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " جهاد
الكبير والضعيف والمرأة : الحج والعمرة "
وأخرج ابن خزيمة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " الإسلام أن
تشهد أن لا إله إلا الهه وأن محمدا رسول الله وأن تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج
وتعتمر وتغتسل من الجنابة وأن تتم الوضوء وتصوم رمضان "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجه عن أم سلمة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " الحج جهاد كل ضعيف "
وأخرج أحمد والطبراني عن عمرو بن عبسة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" أفضل الأعمال حجة مبرورة أو عمرة مبرورة "
وأخرج أحمد والطبراني عن ماعز عن النبي صلى الله عليه و سلم " أنه سئل أي
الأعمال أفضل ؟ قال : إيمان بالله وحده ثم الجهاد ثم حجة برة تفضل سائر الأعمال
كما بين مطلع الشمس ومغربها "
(1/506)
وأخرج
أحمد وابن خزيمة والطبراني في الأوسط والحاكم والبيهقي عن جابر عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة
قيل : وما بره ؟ قال : إطعام الطعام وطيب الكلام " وفي لفظ " وإفشاء
السلام "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن عبد الله بن جراد قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " حجوا فإن الحج يغسل الذنوب كما يغسل الماء الدرن "
وأخرج البزار عن أبي موسى رفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم قال " الحاج
يشفع في أربعمائة من أهل بيته ويخرج من ذنوبه كما ولدته أمه "
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي هريرة " سمعت أبا القاسم صلى الله عليه و سلم
يقول : من جاء يؤم البيت الحرام فركب بعيره فما يرفع خفا ولا يضع خفا إلا كتب الله
له بها حسنة وحط عنه بها خطيئة ورفع له بها درجة حتى إذا انتهى إلى البيت فطاف
وطاف بين الصفا والمروة ثم حلق أو قصر خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه فليستأنف العمل
"
وأخرج الحاكم والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" وفد الله ثلاثة : الغازي والحاج المعتمر "
وأخرج البزار عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " الحجاج
والعمار وفد الله دعاهم فأجابوه وسألوه فأعطاهم "
وأخرج ابن ماجة وابن حبان والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " الحجاج والعمار وفد الله إن دعوه أجابهم وإن استغفروه غفر لهم
"
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : لو يعلم المقيمون ما للحجاج عليهم من الحق لأتوهم
حين يقدمون حتى يقبلوا رواحلهم لأنهم وفد الله من جميع الناس
وأخرج البزار وابن خزيمة والطبراني في الصغير والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " يغفر للحجاج ولمن استغفر له الحاج
وفي لفظ : اللهم اغفر للحجاج ولمن استغفر له الحاج "
وأخرج ابن أبي شيبة ومسدد في مسنده عن عمر قال : يغفر للحاج ولمن استغفر له الحاج
بقية ذي الحجة والمحرم وصفر وعشرا من ربيع الأول
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر أنه خطب عند باب الكعبة فقال : ما من أحد يجيء إلى هذا
البيت لا ينهزه غير صلاة فيه حتى يستلم الحجر إلا كفر عنه ما كان قبل ذلك
(1/507)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن عمر قال : من حج هذا البيت لا يريد غيره خرج من ذنوبه كيوم ولدته
أمه
وأخرج الحاكم وصححه عن أم معقل " أن زوجها جعل بكرا في سبيل الله وأنها أرادت
العمرة فسألت زوجها البكر فأبى عليها فأتت رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكرت
ذلك له فأمره رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يعطيها وقال : إن الحج والعمرة لمن
سبيل الله وإن عمرة في رمضان تعدل حجة أو تجزىء بحجة "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال " أراد رسول الله صلى الله عليه و سلم
الحج فقالت امرأة لزوجها : حج بي
قال : ما عندي ما أحج بك عليه
قالت : فحج بي على ناضحك
قال : ذاك نعتقبه أنا وولدك
قالت : فحج بي على جملك فلان
قال : ذاك احتبس في سبيل الله قالت : فبع تمر رفك
قال : ذلك قوتي وقوتك
فلما رجع النبي صلى الله عليه و سلم من مكة أرسلت إليه زوجها فقالت : أقرىء رسول
الله صلى الله عليه و سلم مني السلام وسله ما يعدل حجة معك فأتى زوجها النبي صلى
الله عليه و سلم فأخبره فقال : أما أنك لو كنت حججت بها على الجمل الحبيس كان في
سبيل الله وضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم تعجبا من حرصها على الحج وقال :
أقرءها مني السلام ورحمة الله وأخبرها أنها تعدل حجة معي عمرة في رمضان "
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لها
في عمرتها : " إن لك من الأجر على قدر نصبك ونفقتك "
وأخرج ابن أبي شيبة عن حبيب
أن قوما مروا بأبي ذر بالربذة فقال له : ما أنصبكم إلا الحج استأنفوا العمل
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم : أن ابن مسعود قال لقوم ذلك
وأخرج ابن أبي شيبة عن حبيب بن الزبير قال : قلت لعطاء : أبلغك أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : استقبلوا العمل بعد الحج قال : لا ولكن عثمان وأبو ذر
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب أنه رأى قوما من الحجاج فقال : لو يعلم هؤلاء ما لهم
بعد المغفرة لقرت عيونهم
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : إذا كبر الحاج والمعتمر والغازي كبر المرتفع الذي
يليه ثم الي يليه حتى ينقطع في الأفق
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
(1/508)
"
من أراد الحج فليتعجل فإنه قد تضل الضالة ويمرض المريض وتكون الحاجة "
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" تعجلوا إلى الحج - يعني الفريضة - فإن أحدكم لا يدري ما يعرض له "
وأخرج الأصبهاني عن أبي جعفر محمد بن علي عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " ما من عبد يدع الحج لحاجة من حوائج الدنيا إلا رأى
المخلفين قبل أن يقضي تلك الحاجة وما من عبد يدع المشي في حاجة أخيه قضيت أو لم
تقض إلا ابتلى بعونه من يأثم عليه ولا يؤجر فيه "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي ذر " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إن
داود عليه السلام قال : إلهي ما لعبادك إذا هم زوارك في بيتك ؟ قال : لكل زائر حق
على المزور يا داود إن لهم أن أعافيهم في الدنيا وأغفر لهم إذا لقيتهم "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ما راح مسلم في سبيل الله مجاهدا أو حاجا مهلا أو ملبيا إلا غربت الشمس
بذنوبه وخرج منها "
وأخرج البيهقي في الشعب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " الحجاج والعمار وفد الله سألوا أعطوا
وإن دعوا أجيبوا وإن أنفقوا أخلف لهم والذي نفس أبي القاسم بيده ما كبر مكبر على
نشز ولا أهل مهل على شرف إلا أهل ما بين يديه وكبر حتى ينقطع منه منقطع التراب
"
وأخرج البيهقي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
الحجاج والعمار وفد الله يعطيهم ما سألوا ويستجيب لهم ما دعوا ويخلف عليهم ما
أنفقوا الدرهم بألف ألف "
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط والبيهقي عن جابر بن عبد الله يرفعه " قال
: ما أمعر حاج قط "
قيل لجابر : وما الأمعار ؟ قال : ما افتقر
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن خزيمة وابن حبان عن
ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
(1/509)
"
تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد
والذهب والفضة وليس للحجة المبرورة ثواب دون الجنة وما من مؤمن يظل يومه محرما إلا
غابت الشمس بذنوبه "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجة وابن جرير والبيهقي عن عمر عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال " تابعوا بين الحج والعمرة فإن المتابعة بينهما تنفي الفقر والذنوب
كما ينفي الكير خبث الحديد "
وأخرج البزار عن جابر مرفوعا
مثله
وأخرج الحرث بن أبي أسامة في مسنده عن ابن عمر مرفوعا
مثله
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عامر بن ربيع مرفوعا
مثله
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
ما أهل مهل قط ولا كبر مكبر قط إلا بشر
قيل : يا رسول الله بالجنة ؟ قال : نعم "
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي هرير قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ما أهل مهل قط إلا آبت الشمس بذنوبه "
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : ما أتى هذا البيت طالب حاجة لدين أو
دنيا إلا رجع بحاجته
وأخرج أبو يعلى والدارقطني والبيهقي عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " من خرج في هذا الوجه لحج أو عمرة فمات فيه لم يعرض ولم يحاسب وقيل له
ادخل الجنة "
قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن الله يباهي بالطائفين "
وأخرج الحرث بن أبي أسامة في مسنده والأصبهاني في الترغيب عن جابر بن عبد الله قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من مات في طريق مكة ذاهبا أو راجعا لم
يعرض ولم يحاسب "
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في الشعب عن أم سلمة
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " من أهل بالحج والعمرة من المسجد
الأقصى إلى المسجد الحرام غفر له ما تقدم وما تأخر ووجبت له الجنة "
وأخرج البيهقي وضعفه عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " إذا
خرج الحاج من أهله فسار ثلاثة أيام أو ثلاث ليال خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وكان
سائر أيامه درجات ومن كفن ميتا كساه الله من ثياب الجنة ومن غسل ميتا خرج من ذنوبه
ومن حثى عليه التراب في قبره كانت له بكل هباة أثقل من ميزانه من جبل من الجبال
"
وأخرج البيهقي عن ابن عمر سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول " ما ترفع إبل
الحاج رجلا ولا تضع يدا إلا كتب له الله بها حسنة أو محا عنه سيئة أو رفعه بها
درجة "
(1/510)
وأخرج
البيهقي عن حبيب بن الزبير الأصبهاني قال : قلت لعطاء بن أبي رباح : أبلغك أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : يستأنفون العمل يعني الحجاج ؟ قال : لا ولكن بلغني
عن عثمان بن عفان وأبي ذر الغفاري أنهما قالا : يستقبلون العمل
وأخرج البيهقي من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة
أن رجلا مر بعمر بن الخطاب وقد قضى نسكه فقال له عمر : أحججت ؟ قال : نعم
فقال له : أجتنبت ما نهيت عنه ؟ فقال : ما ألوت
قال عمر : استقبل عملك
وأخرج البيهقي عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن الله عز
و جل ليدخل بالحجة الواحدة ثلاثة نفر الجنة : الميت والحاج عنه والمنفذ ذلك
يعني الوصي "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن أبي شيبة في مسنده وأبو يعلى والبيهقي عن أبي
سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " يقول تبارك وتعالى :
إن عبدا صححت له جسمه وأوسعت له في رزقه يأتي عليه خمسين سنين لا يفد إلي لمحروم
"
وأخرج أبو يعلى عن خباب بن الأرت قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
إن الله يقول : إن عبدا أصححت له جسمه وأوسعت له في الرزق يأتي عليه خمس حجج لم
يأت إلي فيهن لمحروم "
وأخرج الشافعي عن ابن عباس قال : في كل شهر عمرة
وأخرج عبد الرزاق عن عمر قال : إذا وضعتم السروج فشدوا الرحال إلى الحج والعمره
فإنهما أحد الجهادين
وأخرج ابن أبي شيبه عن جابر بن زيد قال : الصوم والصلاة يجهدان البدن ولا يجهدان
المال والصدقة تجهد المال ولا تجهد البدن وإني لا أعلم شيئا أجهد للمال والبدن من
الحج
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس فإت أحصرتم يقول : من أحرم بحج أو عمرة ثم
حبس عن البيت بمرض يجهده أو عدو يحبسه فعليه ذبح ما استيسر من الهدي شاة فما فوقها
فإن كانت حجة الإسلام فعليه قضاؤها وإن كانت بعد حجة الفريضه فلا قضاء عليه ولا
تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله فإذا كان أحرم بالحج فمحله يوم النحر وإن كان
أحرم بعمرة فمحل هدبه إذا أتى البيت
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله فإن أحصرتم
قال :
(1/511)
هو
الرجل من أصحاب محمد كان يحبس عن البيت فيهدي إلى البيت ويمكث على إحرامه حتى يبلغ
الهدي محله فإن بلغ الهدي محله حلق رأسه
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق إبراهيم عن
علقمة عن ابن مسعود في قوله فإن أحصرتم
الآية
يقول : إذا أهل الرجل بالحج فأحصر بعث بما استيسر من الهدي فإن هو عجل قبل أن يبلغ
الهدي محله فحلق رأسه أو مس طيبا أو تداوى بدواء كان عليه فدية من صيام أو صدقة أو
نسك والصيام ثلاثة أيام والصدقة ثلاثة أصوع على ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع
والنسك فإن أمنتم يقول : فإذا برىء فمضى من وجهه ذلك البيت كان عليه حجة وعمرة فإن
رجع متمتعا في أشهر الحج كان عليه ما استيسر من الهدي شاة فإن هو لم يجد فصيام
ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتم
قال إبراهيم : فذكرت هذا الحديث لسعيد بن جبير فقال : هكذا قال ابن عباس في هذا
الحديث كله
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : الحصر حبس كله
وأخرج مالك وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم والبيهقي في سننه عن علي في قوله فما استيسر من الهدي قال : شاة
وأخرج وكيع وسفيان بن عينية وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عمر فما استيسر من الهدي قال : بقرة أو
جزور
قيل : أو ما يكفيه شاة ؟ قال : لا
وأخرج وكيع وسفيان بن عينية وعبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد عن
ابن عباس فما استيسر من الهدي قال : ما يجد قد يستيسر على الرجل والجزور والجزوران
وأخرج وكيع وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن
ابن عباس في الآية قال : من الأزواج الثمانية من الإبل والبقر والضأن والمعز على
قدر الميسرة وما عظمت فهو أفضل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس فما استيسر من الهدي قال : عليه هدي إن
كان موسرا فمن الإبل وإلا فمن البقر وإلا فمن الغنم
(1/512)
وأخرج
وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق القاسم عن
عائشة يقول : ما استيسر من الهدي الشاة
وأخرج سفيان بن عينية والشافعي في الأم وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد
وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس قال : لا حصر إلا حصر
العدو فأما من أصابه مرض أو وجع أو ضلال فليس عليه شيء
إنما قال الله فإذا أمنتم فلا يكون الأمن إلا من الخوف
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : لا إحصار إلا من عدو
وأخرج ابن أبي شيبة عن الزهري قال : لا إحصار إلا من الحرب
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : لا إحصار إلا من مرض أو عدو أو أمر حابس
وأخرج ابن أبي شيبة عن عروة قال : كل شيء حبس المحرم فهو إحصار
وأخرج البخاري والنسائي عن نافع
أن عبيد الله بن عبد الله وسلام بن عبد الله أخبراه : أنهما كلما عبد الله بن عمر
ليالي نزل الجيش بابن الزبير فقال : لا يضرك ان لا تحج العام إنا نخاف أن يحال
بينك وبين البيت
فقال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم معتمرين فحال كفار قريش دون البيت
فنحر النبي صلى الله عليه و سلم هديه وحلق رأسه
وأخرج البخاري عن ابن عباس قال " قد أحصر رسول الله صلى الله عليه و سلم فحلق
رأسه وجامع نساءه ونحر هديه حتى اعتمر علما قابلا "
أما قوله تعالى : ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله
أخرج البخاري عن المسور " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نحر قبل أن يحلق
وأمر أصحابه بذلك "
وأخرج البخاري تعليقا عن ابن عباس قال : إنما البدل على من نقص حجة بالتذاذ وأما
من حبسه عذر أو غير ذلك فإنه لا يحل ولا يرجع وإن كان معه هدي وهو محصر نحره إن
كان لا يستطيع أن يبعث به وإن استطاع أن يبعث به لم يحل حتى يبلغ الهدي محله
"
وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال : إن أهل الحديبية أمروا بإبدال الهدي في العام الذي
حلوا فيه فأبدلوا وعزت الإبل فرخص لهم فيمن لا يجد بدنة في اشتراء بقرة
(1/513)
وأخرج
الحاكم وصححه عن أبي حاصر الحميري قال : خرجت معتمرا عام حوصر ابن الزبير ومعي هدي
فمنعنا أن ندخل الحرم فنحرت الهدي مكاني وأحللت فلما كان العام المقبل خرجت لأقضي
عمرتي أتيت ابن عباس فسألته فقال : أبدل الهدي فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم
أمر أصحابه أن يبدلوا الهدي الذي نحروا عام الديبية في عمرة القضاء
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : إذا حلق قبل أن يذبح أهرق لذلك دما ثم قرأ
ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله
وأخرج ابن جرير عن الأعرج أنه قرأ حتى يبلغ الهدي محله وهديا بالغ الكعبة المائدة
الآية 95 بكسر الدال مثقلا
أما قوله تعالى : فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو
نسك
أخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير والطبراني والبيهقي في
سننه عن كعب بن عجرة قال " كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم بالحديبية
ونحن محرمون وقد حصرنا المشركون وكانت لي وفرة فجعلت الهوام تساقط على وجهي فمر بي
النبي صلى الله عليه و سلم فقال : أيؤذيك هوام رأسك ؟ قلت : نعم
فأمرني أن أحلق قال : ونزلت هذه الآية فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية
من صيام أو صدقة أو نسك قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : صم ثلاثة أيام أو
تصدق بفرق بين ستة أو انسك مما تيسر "
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس ولا تحلقوا رؤؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ثم
استثنى فقال فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك
وأخرج وكيع وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي
والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والبيهقي عن عبد الله بن
مغفل قال : قعدت إلى كعب بن عجره فسألته عن هذه الآية ففدية من صيام أو صدقة أو
نسك فقال : نزلت في كان بي أذى من رأسي فحملت إلى النبي صلى الله عليه و سلم
والقمل يتناثر على وجهي فقال : ما كنت أرى أن الجهد بلغ
(1/514)
بك
هذا ! أما تجد شاة ؟ قلت : لا
قال : صم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع من طعام واحلق رأسك
فنزلت في خاصة وهي لكم عامة
وأخرج الترمذي وابن جرير عن كعب بن عجرة قال " لفي نزلت وإياي عنى بها فمن
كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه قال لي النبي صلى الله عليه و سلم وهو بالحديبية
وهو عند الشجرة : أيؤذيك هوامك ؟ قلت : نعم
فنزلت
وأخرج ابن مردويه والواحدي عن ابن عباس قال " لما نزلنا الحديبية جاء كعب بن
عجرة ينتر هوام رأسه على وجهه فقال : يا رسول الله هذا القمل قد أكلني ؟ فأنزل
الله في ذلك الموقف فمن كان منكم مريضا
الآية
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : النسك شاة والصيام ثلاثة أيام والطعام فرق
بين ستة مساكين "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فمن كان منكم مريضا يعني من اشتد مرضه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس فمن كان منكم مريضا يعني بالمرض أن
يكون برأسه أذى أو قروح أو به أذى من رأسه
قال : الأذى هو القمل
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : ما أذى من رأسه
؟ قال : القمل وغيره الصداع وما كان في رأسه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : النشك أن يذبح شاة
وأخرج ابن جرير عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لكعب بن عجرة
: " أيؤذيك هوام رأسك ؟ قال : نعم
قال : فاحلقه وافتد إما صوم ثلاثة أيام وإما أن تطعم ستة مساكين أو نسك شاة "
وأخرج ابن جرير عن علي أنه سئل عن هذه الآية فقال : الصيام ثلاثة أيام والصدقة
ثلاثة أصوع على ستة مساكين والنسك شاة
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس
مثله
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ
والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : كل شيء في القرآن أو أو فصاحبه مخير فإذا ان
فمن لم يجد فهو الأول فالأول
(1/515)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج قال : كل شيء في القرآن أو أو فهو خيار
وأخرج الشافعي في الأم عن ابن جريج عن عمرو بن دينار قال : كل شيء في القرآن أو أو
له أية شاء
قال ابن جريج : إلا قوله تعالى إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله المائدة الآية
33 فليس بمخير فيها
وأخرج الشافعي وعبد بن حميد عن عطاء قال : كل شيء في القرآن أو أو يختار منه صاحبه
ما شاء
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة وابراهيم
مثله
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد والضحاك
مثله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فمن تمتع بالعمرة
إلى الحج يقول : من أحرم بالعمرة في أشهر الحج
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال : التمتع الاعتمار في أشهر الحج
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن ابن الزبير أنه خطب فقال : يا أيها
الناس والله ما التمتع بالعمرة إلى الحج كما تصنعون إنما التمتع أن يهل الرجل
بالحج فيحصره عدو أو مرض أو كسر أو يحبسه أمر حتى يذهب أيام الحج فيقدم فيجعلها
عمرة فيتمتع تحلة إلى العام المقبل ثم يحج ويهدي هديا فهذا التمتع بالعمرة إلى
الحج
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء قال : كان ابن الزبير يقول :
إنما المتعة لمن أحصر وليست لمن خلي سبيله
وقال ابن عباس : وهي لمن أحصر وليست لمن خلي سبيله
وقال ابن عباس : وهي لمن أحصر ومن خليت سبيله
وأخرج ابن جرير عن علي في قوله فإذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة إلى الحج قال : فإن
أخر العمرة حتى يجمعها مع الحج فعليه الهدي
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عطاء قال : إنما سميت المتعة لأنهم كانوا
يتمتعون بالنساء والثياب
وفي لفظ : يتمتع بأهله وثيابه
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : كان أهل اجاهلية إذا حجوا قالوا : إذا
(1/516)
عفا
الوبر وتولى الدبر ودخل صفر حلت العمرة لمن اعتمر
فأنزل الله التمتع بالعمرة تغييرا لما كان أهل الجاهلية يصنعون وترخيصا للناس
وأخرج ابن المنذر عن أبي جمرة
أن رجلا قال لابن عباس : تمتعت بالعمرة إلى الحج ولي أربعون درهما فيها كذا وفيها
كذا وفيها نفقة
فقال : صم
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن
علي بن أبي طالب فصيام ثلاثة أيام في الحج قال : قبل التروية يوم ويوم التروية
ويوم عرفة فإن فاتته صامهن أيام التشريق
وأخرج وكيع وعبد الراق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن
عمر في قوله فصيام ثلاثة أيام في الحج قال : قبل التروية يوم ويوم التروية ويوم
عرفة فإن فاته صيامها صامها أيام منى فإنهن من الحج
وأخرج ابن أبي شيبة عن علقمة ومجاهد وسعيد بن جبير
مثله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : الصيام للمتمتع ما بين إحرامه إلى يوم عرفة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : إذا لم يجد المتمتع بالعمرة هديا فعليه
صيام ثلاثة أيام في الحج قبل يوم عرفة وإن كان يوم عرفة الثالث فقد تم صومه وسبعة
إذا رجع إلى أهله
وأخرج مالك والشافعي عن عائشة قالت : الصيام لمن يتمتع بالعمرة إلى الحج لمن لم
يجد هديا ما بين أن يهل بالحج إلى يوم عرفة فإن لم يصم صام أيام منى
وأخرج مالك والشافعي عن ابن عمر
مثله
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن جرير والدارقطني والبيهقي عن ابن عمر وعائشة
قالا : لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمتمتع لم يجد هديا
وأخرج ابن جرير والدارقطني والبيهقي عن ابن عمر قال " رخص النبي صلى الله
عليه و سلم للمتمتع إذا لم يجد الهدي ولم يصم حتى فاتته أيام العشر أن يصوم أيام
التشريق مكانها "
وأخرج الدارقطني عن عائشة " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : من لم
يكن معه هدي فليصم ثلاثة أيام قبل يوم النحر ومن لم يكن صام تلك الثلاثة أيام
فليصم أيام التشريق أيام منى
(1/517)
وأخرج
مالك وابن جرير عن الزهري قال " بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم عبد الله
بن حذاقة بن قيس فنادى في أيام التشريق فقال : إن هذه أيام أكل وشرب وذكر الله إلا
من كان عليه صوم من هدي "
وأخرج الدارقطني من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن حذاقة " أن
رسول الله صلى الله عليه و سلم أمره في رهط أن يطوفوا في منى في حجة الوداع
فينادوا أن هذه أيام أكل وشرب وذكر الله فلا صوم فيهن إلا صوما في هدي "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن
ابن عمر قال : لا يجزئه صوم ثلاثة أيام وهو متمتع إلا أن يحرم
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة قال : لا يصوم متمتع إلا في العشر
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن أبي نجيح قال : قال مجاهد يصوم المتمتع إن شاء يوما من
شوال وإن شاء يوما من ذي القعدة قال : وقال طاوس وعطاء : لا يصوم الثلاثة إلا في
العشر
وقال مجاهد
لا بأس أن يصومهن في أشهر الحج
وأخرج البخاري والبيهقي عن ابن عباس
أنه سئل عن متعة الحاج فقال أهل المهاجرون والأنصار وأزواج النبي صلى الله عليه و
سلم في حجة الوداع وأهللنا فلما قدمنا مكة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" اجعلوا إهلالكم بالحج عمرة إلا من قلد الهدي فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة
وأتينا النساء ولبسنا الثياب
وقال : من قلد الهدي فإنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله ثم أمرنا عشية التروية أن
نهل بالحج فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروة وأتينا النساء
ولبسنا الثياب
وقال : من قلد الهدي فإنه لا يحل حتى يبلغ الهدي محله ثم أمرنا عشية الترويه أن
نهل بالحج فإذا فرغنا من المناسك جئنا فطفنا بالبيت وبالصفا والمروه وقد تم حجنا
وعلينا الهدي كما قال الله فما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في
الحج وسبعة إذا رجعتم إلى أمصاركم والشاة تجزىء فجمعوا نسكين في عام بين الحج
والعمرة فإن الله أنزله في كتابه وسنة نبيه وأباحه للناس غير أهل مكة
قال الله تعالى ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام وأشهر الحج التي ذكر الله
شوال وذو القعدة وذو الحجة فمن تمتع في هذه الأشهر فعليه دم أو صوم والرفث الجماع
والفسوق المعاصي والجدال المراء
وأخرج مالك وعبد بن حميد والبيهقي عن ابن عمر : من اعتمر في أشهر
(1/518)
الحج
في شوال أو ذي القعدة أو ذي الحجة فقد استمتع ووجب عليه الهدي أو الصيام إن لم يجد
هديا
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال : من اعتمر في شوال أو في ذي القعدة ثم
قام حتى يحج فهو متمتع عليه ما استيسر من الهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام وسبعة
إذا رجع إلى أهله ومن اعتمر في أشهر الحج ثم رجع فليس بمتمتع ذاك من أقام ولم يرجع
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال : كان أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم
إذا اعتمروا في أشهر الحج ثم لم يحجوا من عامهم ذلك لم يهدوا
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : قال عمر : إذا اعتمر في أشهر الحج ثم أقام
فهو متمتع فإن رجع فليس بمتمتع
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : من اعتمر في أشهر الحج ثم أقام فهو متمتع فإن
رجع فليس بمتمتع
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : من اعتمر في أشهر الحج ثم رجع إلى بلده ثم حج من
عامه فليس بمتمتع ذاك من أقام ولم يرجع
وأخر الحاكم عن أبي أنه كان يقرؤها فصيام ثلاثة أيام متتابعات
وأخرج البخاري في تاريخه وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عمر
في قوله وسبعة إذا رجعتم قال : إلى أهليكم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وسبعة إذا رجعتم قال : إذا رجعتم إلى
أمصاركم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وسبعة إذا رجعتم قال : إلى بلادكم حيث كانت
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وابن جرير عن مجاهد وسبعة إذا رجعتم قال : إنما هي رخصة
إن شاء صامهن في الطريق وإن شاء صامها بعد ما رجع إلى أهله ولا يفرق بينهن
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء والحسن وسبعة إذا رجعتم قال عطاء : في الطريق إن شاء
وقال الحسن : إذا رجع إلى مصره
(1/519)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال : إن أقام صامهن بمكة إن شاء
وأخرج وكيع عن عطاء وسبعة إذا رجعتم قال : إذا قضيتم حجكم وإذا رجع إلى أهله أحب
إلي
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة عن طاوس وسبعة إذا رجعتم قال : إن شاء فرق
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله تلك عشرة كامله قال : كاملة من الهدي
وأخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر قال " تمتع رسول الله صلى الله عليه و سلم في
حجة الوادع بالعمرة إلى الحج وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة وبدأ رسول الله
صلى الله عليه و سلم فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج فتمتع الناس مع النبي صلى الله
عليه و سلم بالعمرة إلى الحج فكان من الناس من أهدى فساق الهدي ومنهم من لم يهد
فلما قدم النبي صلى الله عليه و سلم مكة قال للناس : من منكم أهدى فإنه لا يحل
لشيء حرم منه حتى يقضي حجه ومن لم يكن أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر
وليحلل ثم ليهل بالحج فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى
أهله "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن عمران بن حصين قال " نزلت آية المتعة
في كتاب الله وفعلناها مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم لم ينزل آية تنسخ آية
متعة الحج ولم ينه عنها حتى مات
قال رجل برأيه ما شاء
وأخرج مسلم عن أبي نضرة قال : كان ابن عباس يأمر بالمتعة وكان ابن الزبير ينهى
عنها
فذكر ذلك لجابر بن عبد الله فقال : على يدي دار الحديث تمتعنا مع رسول الله صلى
الله عليه و سلم فلما قام عمر قال : إن الله كان يحل لرسول الله ما شاء مما شاء
وإن القرآن قد نزل منازله فأتموا الحج والعمرة كما أمركم الله وافصلوا حجكم عن
عمرتكم فإنه أتم لحجكم وأتم لعمرتكم "
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن أبي موسى قال " قدمت على رسول الله صلى الله
عليه و سلم وهو بالبطحاء فقال : بم أهللت ؟ قلت : أهللت بإهلال النبي صلى الله
عليه و سلم قال : هل سقت من هدي ؟ قلت : لا
قال : طف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل
فطفت بالبيت وبالصفا والمروة ثم أتيت امرأة من قومي فمشطتني وغسلت رأسي فكنت
(1/520)
أفتي
الناس بذلك في إمارة أبي بكر وإمارة عمر فإني لقائم بالموسم إذا جاءني رجل فقال :
إنك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في شأن النسك
فقلت : أيها الناس من كنا أفتيناه بشيء فليتئد فهذا أمير المؤمنين قادم عليكم فبه
فائتموا فلما قدم قلت : يا أمير المؤمنين ما هذا الذي أحدثت في شأن النسك ؟ قال :
أن نأخذ بكتاب الله فإن الله قال وأتموا الحج والعمرة لله وأن نأخذ بسنة نبينا صلى
الله عليه و سلم لم يحل حتى نحر الهدي "
وأخرج اسحق بن راهويه في مسنده وأحمد عن الحسن
أن عمر بن الخطاب هم أن ينهى عن متعة الحج فقام إليه أبي بن كعب فقال : ليس ذلك لك
قد نزل بها كتاب الله واعتمرناها مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فنزل عمر
وأخرج مسلم عن عبد الله بن شقيق قال : كان عثمان ينهى عن المتعة وكا علي يأمر بها
فقال عثمان لعلي كلمة فقال علي : لقد علمت أنا قد تمتعنا مع رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : أجل ولكنا كنا خائفين
وأخرج اسحق بن راهويه عثمان بن عفان أنه سئل عن المتعة في الحج فقال : كانت لنا
ليست لكم
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن أبي ذر قال : كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد صلى
الله عليه و سلم خاصة
وأخرج مسلم عن أبي ذر قال : لا تصلح المتعتان إلا لنا خاصة يعني متعة النساء ومتعة
الحج
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن سعيد بن المسيب قال : اختلف علي وعثمان وهما
بسعفان في المتعة فقال علي : ما تريد إلا أن تهنى عن أمر فعله رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : فلما رأى ذلك علي أهل بهما جميعا
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي جمرة قال : سألت ابن عباس عن المتعة فأمرني بها وسألته
عن الهدي فقال : فيها جزور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم
قال : وكان ناس كرهوها فنمت فرأيت في المنام كأن إنسانا ينادي حج مبرور ومتعة
متقبلة فأتيت ابن عباس فحدثته فقال : الله أكبر سنة أبي القاسم صلى الله عليه و
سلم
وأخرج الحاكم وصححه من طريق مجاهد وعطاء عن جابر قال : كثرت القالة من الناس
فخرجنا حجاجا حتى إذا لم يكن بيننا وبين أن نحل إلا ليال قلائل أمرنا
(1/521)
بالإحلال
فقلنا : أيروح أحدنا إلى عرفة وفرجه يقطر منيا ؟ فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه
و سلم فقام خطيبا فقال " أبالله تعلموني أيها الناس فأنا والله أعلمكم بالله
وأتقاكم له ولو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت هديا ولحللت كما أحلوا فمن لم يكن
معه هدي فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله ومن وجد هديا فلينحر
فكنا ننحر الجزور عن سبعة قال عطاء : قال ابن عباس : إن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قسم يومئذ في أصحابه غنما فاصاب سعد بن أبي وقاص تيس فذبحه عن نفسه "
وأخرج مالك عن ابن عمر قال : لأن أعتمر قبل الحج وأهدى أحب إلي من أنا أعتمر بعد
الحج في ذي الحجة
أما قوله تعالى : ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام
أخرج وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عطاء في قوله ذلك لمن لم يكن أهله حاضري
المسجد الحرام قال : ست قربات
عرفة وعرنة والرجيع والنخلتان ومر الظهران وضجنان
وقال مجاهد : هم أهل الحرم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله حاضري المسجد الحرام قال : هم أهل
الحرم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس قال : الحرم كله هو المسجد الحرام
وأخرج ابن المنذر عن ابن عمر
مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والأزرقي عن عطاء بن أبي رباح أنه سئل عن المسجد
الحرام قال : هو الحرم أجمع
وأخرج الأزرقي عن عطاء بن أبي رباح أنه سئل عن المسجد الحرام قال : هو الحرم أجمع
وأخرج الأزرقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : أساس المسجد الحرام الذي وضعه
إبراهيم عليه السلام من الحزوة إلى المسعى إلى مخرج سيل جياد
وأخرج الأزرقي عن أبي هريرة قال : إنا لنجد في كتاب الله أن حد المسجد الحرام من
الحزور إلى المسعى
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الزهري قال : ليس لأحد حاضري
(1/522)
المسجد
الحرام رخصة في الإحصار لأن الرجل إذا مرض حمل ووقف به بعرفة ويطاف به محمولا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عروة قال ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد
الحرام عنى بذلك أهل مكة ليست لهم متعة وليس عليهم احصار لقربهم من المشعر
وأخرج الأزرقي عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : من له المتعة ؟ فقال : قال الله ذلك
لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام فأما القرى الحاضرة المسجد الحرام التي لا
تتمتع أهلها فالمطمئنة بمكة المطلة عليها نخلتان ومر الظهران وعرفة وضجنان والرجيع
وأما القرى التي ليست بحاضرة المسجد الحرام التي يتمتع أهلها إن شاؤوا فالسفر
والسفر ما يقصر إليه الصلاة عسفان وجدة ورهاط وأشباه ذلك
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن عباس قال : المتعة للناس إلا لأهل مكة هي
لمن لم يكن أهله في الحرم وذلك قول الله ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس
أنه كان يقول : يا أهل مكة إنه لا متعة لكم أحلت لأهل الآفاق وحرمت عليكم إنما
يقطع أحدكم واديا ثم يهل بعمرة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عمر
أنه سئل عن امرأة صرورة أتعتمر في حجتها ؟ قال : نعم إن الله جعلها رخصة إن لم يكن
أهله حاضري المسجد الحرام
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : ليس على أهل مكة هدي في متعة ثم قرأ ذلك لمن
لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام
وأخرج ابن أبي شيبة عن طاوس قال : ليس على أهل مكة هدي في متعة ثم قرأ ذلك لمن لم
يكن أهله حاضري المسجد الحرام
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : ليس على أهل مكة متعة
وأخرج ابن أبي شيبة عن ميمون بن مهران قال : ليس لأهل مكة ولا من توطن مكة متعة
(1/523)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن طاوس قال : المتعة للناس أجمعين إلا أهل مكة
وأخرج ابن أبي شيبة عن الزهري قال : ليس على أهل مكة متعة ولا إحصار إنما يغشون
حتى يقضوا حجهم
وأما قوله تعالى : واتقوا الله واعلموا إن الله شديد العقاب
أخرج ابن أبي حاتم عن مطرف أنه تلا قوله تعالى إن الله شديد العقاب قال : لو يعلم
الناس قدر عقوبة الله ونقمة الله وبأس الله ونكال الله لما رقأ لهم دمع وما قرت
أعينهم بشيء
قوله تعالى : الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في
الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي
الألباب
الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " في قوله الحج أشهر معلومات شوال وذو القعدة وذو الحجة "
أخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" الحج أشهر معلومات شوال وذو القعدة وذو الحجة "
وأخرج الخطيب عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " في قوله
تعالى الحج أشهر معلومات شوال وذو القعدة وذو الحجة "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن عمر بن الخطاب الحج أشهر معلومات شوال وذو
القعدة وذو الحجة
وأخرج الشافعي في الأم وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم عن نافع
أنه سئل أسمعت عبد الله بن عمر يسمي شهور الحج ؟ فقال : نعم كان يسمي شوالا وذا
القعدة وذا الحجة
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس وعطاء والضحاك
مثله
وأخرج وكيع وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
والحاكم وصححه والبيهقي في سننه من طرق عن ابن عمر الحج أشهر معلومات قال شوال وذو
القعدة وعشر ليال من ذي الحجة
(1/524)
وأخرج
وكيع وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم والبيهقي عن ابن مسعود الحج أشهر معلومات قال شوال وذو القعدة وعشر ليال من
ذي الحجة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني والبيهقي من طرق عن ابن عباس
الحج أشهر معلومات قال شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة لا يفرض الحج إلا فيهن
وأخرج ابن المنذر والدارقطني والطبراني والبيهقي عن عبد الله بن الزبير الحج أشهر
معلومات قال شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن ومحمد وابراهيم
مثله
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود
أنه سئل عن العمرة في أشهر الحج فقال : الحج أشهر معلومات ليس فيهن عمرة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن محمد بن سيرين قال : ما أحد من أهل العلم شك أن
عمرة في غير أشهر الحج أفضل من عمرة في أشهر الحج
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : قال عمر : افصلوا بين حجكم وعمرتكم اجعلوا
الحج في أشهر واجعلوا العمرة في غير أشهر الحج أتم لحجكم ولعمرتكم
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عون قال : سئل القاسم عن العمرة في أشهر الحج ؟ فقال :
كانوا لا يرونها تامة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عمر في قوله فمن فرض
فيهن الحج قال : من أهل فيهن الحج
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي عن ابن مسعود قال : الفرض الإحرام
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك
مثله
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن الزبير فمن فرض فيهن الحج قال : الإهلال
وأخرح ابن المنذر والدارقطني والبيهقي عن ابن الزبير قال : فرض الحج الإحرام
وأخرح ابن المنذر عن ابن عباس قال : الفرض الإهلال
وأخرج ابن أبي شيبة عن الزهري قال : الإهلال فريضة الحج
(1/525)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس فمن فرض فيهن الحج يقول : من أحرم بحج أو عمرة
وأخرج الشافعي في الأم وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : لا ينبغي لأحد
أن يحرم بالحج إلا في أشهر الحج من أجل قول الله الحج أشهر معلومات
وأخرج ابن أبي شيبة وابن خزيمة والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس قال : لا يحرم
بالحج إلا في أشهر الحج فإن من سنة الحج أن يحرم بالحج في أشهر الحج
وأخرج ابن مردويه عن جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " لا ينبغي لأحد
أن يحرم بالحج إلا في أشهر الحج "
وأخرج الشافعي في الأم وابن أبي شيبة والبيهقي عن جابر موقوفا
مثله
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء أنه قال لرجل قد أحرم بالحج في غير أشهر الحج : اجعلها
عمرة فإنه ليس لك حج فإن الله يقول الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس : فمن فرض فيهن الحج فلا ينبغي أن يلبي بالحج ثم
يقيم بأرض
وأخرج الطبراني في الأوسط عن الن عمر فمن فرض فيهن الحج قال : التلبية والإحرام
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود فمن فرض فيهن الحج قال : التلبية
وأخرج ابن أبي شيبة عن طاوس فمن فرض فيهن الحج قال : التلبية
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء وابراهيم
مثله
وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن
ماجة وابن خزيمة والحاكم وصححه عن خلاد بن السائب عن أبيه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " أتاني جبريل فأمرني أن آمر أصحابي أن يرفعوا أصواتهم
بالإهلال والتلبية فإنها شعار الحج "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه عن زيد بن علي
الجهني
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " جاءني جبريل فقال : مر أصحابك
فليرفعوا أصواتهم بالتلبية فإنها من شعار الحج "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن الزبير قال : التلبية زينة الحج
(1/526)
وأخرج
الترمذي وابن ماجة وابن خزيمة والحاكم وصححه عن أبي بكر الصديق " أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم سئل أي الأعمال أفضل ؟ قال : العج والثج "
وأخرج الترمذي وابن ماجة وابن خزيمة والحاكم وصححه والبيهقي عن سهل بن سعد عن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال " ما من ملب يلبي إلا لبى ما عن يمينه وشماله
من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من ههنا وههنا عن يمينه وشماله "
وأخرج أحمد وابن ماجة عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " ما من محرم يضحي لله يومه يلبي حتى تغيب الشمس إلا غابت بذنوبه فعاد
كما ولدته أمه "
وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عمر
" أن تلبية رسول الله صلى الله عليه و سلم لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك
لبيك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك "
وكان ابن عمر يزيد فيها لبيك لبيك وسعديك والخير بيديك لبيك والرغباء إليك والعمل
وأخرج والبخاري ومسلم عن ابن عباس
أن رجلا أوقصته راحلته وهو محلام فمات فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تخمروا رأسه ولا وجهه فإنه يبعث يوم القيامة
ملبيا "
وأخرج الشافعي عن جابر بن عبد الله قال : ما سمى رسول الله صلى الله عليه و سلم في
تلبيته حجا قط ولا عمرة
وأخرج الشافعي وابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : كان من تلبية رسول
الله صلى الله عليه و سلم " لبيك إله الخلق لبيك "
وأخرج الشافعي وابن أبي شيبة عن سعد بن أبي وقاص
أنه سمع بعض بني أخيه وهو يلبي : يا ذا المعارج
فقال سعد : إنه لذو المعارج وما هكذا كنا نلبي على عهد رسول الله صلى الله عليه و
سلم
وأخرج الشافعي عن خزيمة بن ثابت عن النبي صلى الله عليه و سلم " أنه كان إذا
فرغ من تلبية سأل الله رضوانه والجنة واستعاذه برحمته من النار
وأخرج الشافعي عن محمد بن المنكدر أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يكثر من
التلبية
أما قوله تعالى : فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج
أخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " في
قوله فلا رفث
(1/527)
ولا
فسوق ولا جدال في الحج قال : الرفث الإعرابة والتعريض للنساء بالجماع والفسوق
المعاصي كلها والجدال جدال الرجل لصاحبه "
وأخرج ابن مردويه والأصبهاني في الترغيب عن أبي أمامة قال " قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم فمن فرض فيهن الحج فلا رفث قال : لا جماع ولا فسوق
قال : المعاصي والكذب "
وأخرج وكيع وسفيان بن عينية والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد
وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طرق عن ابن عباس في الآية
: الرفث الجماع والفسوق المعاصي والجدال المراء
وفي لفظ : أن تماري صاحبك حتى يغضبك أو تغضبه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال : الرفث غشيان النساء والقبل والغمز
وأن يعرض لها بالفحش من الكلام والفسوق معاصي الله كلها والجدال المراء والملاحاة
وأخرج سفيان بن عينية وعبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن
جرير وابن أبي حاتم عن طاوس قال : سألت ابن عباس عن قوله فلا رفث قال : الرفث الذي
ذكر هنا ليس الرفث الذي ذكر في أحل لكم ليلة الصيام الرفث البقرة الآية 187 ذاك الجماع
هذا العراب بكلام العرب والتعريض بذكر النكاح
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي
عن أبي العالية قال : كنت أمشي مع ابن عباس وهو محرم يرتجز بالإبل ويقول : وهن
يمشين بنا هميسا إن صدق الطير ننك لميسا فقلت : أترفث وأنت محرم ؟ قال : إنما
الرفث ما روجع به النساء
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عمر في
الآية قال : الرفث الجماع والفسوق المعاصي والجدال السباب والمنازعة
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني في الأوسط عن ابن عمر في قوله فلا رفث قال : غشيان
النساء ولا فسوق قال : السباب ولا جدال قال : المراء
(1/528)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر في الآية فقال : الرفث إتيان النساء والتكلم
بذلك للرجال والنساء إذا ذكروا ذلك بأفواههم والفسوق إتيان معاصي الله في الحرم
والجدال السباب والمراء الخصومات
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : كان ابن عمر يقول للحادي : لا تعرض بذكر النساء
وأخرج ابن أبي شيبة عن طاوس أن عبد الله بن الزبير قال : إياكم والنساء فإن
الإعراب من الرفث
قال طاوس : وأخبرت بذلك ابن عباس فقال : صدث ابن الزبير
وأخرج ابن أبي شيبة عن طاوس
أنه كره الإعراب للمحرم قيل : وما الإعراب ؟ قال : أن يقول لو أحللت قد أصبتك
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في الآية قال : الرفث إتيان النساء والجدال تماري
صاحبك حتى تغضبه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والشيرازي في الألقاب عن ابن عباس في الآية قال :
الرفث الجماع والفسوق والمنابزة بالألقاب تقول لأخيك : يا ظالم يا فاسق والجدال أن
تجادل صاحبك حتى تغضبه
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد وعكرمة قالا : الرفث الجماع والفسوق المعاصي والجدال
المراء
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك وعطاء
مثله
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : الرفث إتيان النساء والفسوق السباب والجدال
المماراة
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : الرفث الغشيان والفسوق السباب والجدال الإختلاف
في الحج
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن الزبير في قوله فلا رفث قال : لا جماع ولا فسوق لا
سباب ولا جدال لا مراء
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي في قوله ولا جدال في الحج قال : الجدال كانت
قريش إذا اجتمعت بمنى قال هؤلاء : حجنا أتم من حجكم
وقال هؤلاء : حجنا أتم من حجكم
(1/529)
وأخرج
ابن جرير عن ابن زيد في قوله ولا جدال في الحج قال : كانوا يقفون مواقف مختلفة يتجادلون
كلهم يدعي أن موقفه موقف إبراهيم فقطعه الله حين أعلم نبيه بمناسكهم
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ولا جدال
في الحج قال : " لا شبهة في الحج ولا شك في الحج قد بين وعلم وقته كانوا
يحجون في ذي الحجة عامين وفي المحرم عامين ثم حجوا في صفر من أجل النسيء الذي نسأ
لهم أبو يمامة حين وفقت حجة أبي بكر في ذي القعدة قبل حجة النبي صلى الله عليه و
سلم ثم حج النبي صلى الله عليه و سلم من قابل في ذي الحجة فذلك حين يقول : إن
الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق السموات والأرض "
وأخرج سفيان بن عينية وابن أبي شيبة عن مجاهد في قوله ولا جدال في الحج قال : صار
الحج في ذي الحجة فلا شهر ينسىء
وأخرج سفيان وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من حج هذا البيت فلم يرفث ولم
يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " سباب المسلم فسوق وقتاله كفر "
وأخرج ابن أبي شيبة من حديث أبي هريرة
مثله
وأخرج عبد بن حميد في مسنده عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " من قضى نسكه وقد سلم المسلمون من لسانه ويده غفر له ما تقدم من
ذنبه "
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ما عمل أحب إلى الله من جهاد في سبيله وحجة مبرورة متقبلة لا رفث ولا فسوق
ولا جدال "
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن سعيد بن المسيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " ما من عمل بين السماء والأرض بعد الجهاد في سبيل الله أفضل من حجة
مبرورة لا رفث فيها ولا فسوق ولا جدال "
وأخرج الحاكم وصححه عن أسماء بنت أبي بكر قالت " خرجنا مع رسول الله صلى الله
عليه و سلم حجاجا وكانت زاملتنا مع غلام أبي بكر فجلسنا ننتظر حتى تأتينا فاطلع
(1/530)
الغلام
يمشي ما معه بعيره فقال أبو بكر : أين بعيرك ؟ قال : أضلني الليلة فقام أبو بكر
يضربه بعير واحد أضلك وأنت رجل ؟ فما يزيد رسول الله صلى الله عليه و سلم على أن
تبسم وقال : انظروا إلى هذا المحرم ما يصنع "
وأخرج ابن أبي شيبة عن طاوس قال : لا ينظر المحرم في المرآة ولا يدعو على أحد وإن
ظلمه
وأما قوله تعالى : وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب أخرج عبد
بن حميد والبخاري وأبو داود والنسائي وابن المنذر وابن حبان والبيهقي في سننه عن
ابن عباس قال : كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون يقولون : نحن متوكلون ثم يقدمون
فيسألون الناس فأنزل الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان ناس يخرجون من أهلهم ليست معهم
أزوده يقولون : نحج بيت الله ولا يطعمنا
فقال الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ما يكف وجوهكم عن الناس
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عمر قال : كانوا إذا أحرموا ومعهم أزوادهم رموا
بها واستأنفوا زادا آخرا فأنزل الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى فنهوا عن ذلك
وأمروا أن يتزودوا الكعك والدقيق والسويق
وأخرج الطبراني عن الزبير قال : كان الناس يتوكل بعضهم على بعض في الزاد فأمرهم
الله أن يتزودوا فقال وتزودوا فإن خير الزاد التقوى
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي قال : كان الناس من الأعراب يحجون بغير زاد
ويقولون : نتوكل على الله فأنزل الله وتزودوا
الآية
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة وتزودوا فإن خير الزاد التقوى قال : كان أناس من أهل
اليمن يحجون ولا يتزودون فأمرهم الله بالزاد والنفقة في سبيل الله وأخبرهم أن خير
الزاد التقوى
وأخرج سفيان بن عينية وابن أبي شيبة عن عكرمة في قوله وتزودوا فإن خير الزاد
التقوى قال : كان أناس يقدمون مكة بغير زاد في أيام الحج فأمروا بالزاد
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير وتزودوا قال : السويق والدقيق والكعك
(1/531)
وأخرج
وكيع وابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير وتزودوا قال : الخشكناتج والسويق
وأخرج سفيان بن عينية عن سعيد بن جبير وتزودوا قال : هو الكعك والزيت
وأخرج وكيع وسفيان بن عينية وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن الشعبي قال وتزودوا قال
: الطعام التمر والسويق
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حبان قال " لما نزلت هذه الآية وتزودوا قام
رجل من فقراء المسلمين فقال : يا رسول الله ما نجد زادا نتزوده
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : تزود ما تكف به وجهك عن الناس وخير ما
تزودتم به التقوى "
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن سفيان قال : في قراءة عبد الله وتزودوا وخير
الزاد التقوى
وأخرج الطبراني عن جرير بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " من
يتزود في الدنيا ينفعه في الآخرة "
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن الزبير بن العوام " سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : العباد عباد الله والبلاد بلاد الله فحيث وجدت خيرا فأقم واتق
الله "
وأخرج أحمد والبغوي في معجمه والبيهقي في سننه والأصبهاني عن رجل من أهل البادية
قال " أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه و سلم فجعل يعلمني مما علمه الله
فكان فيما حفظت عنه أن قال : إنك لن تدع شيئا اتقاء الله إلا أعطاك الله خيرا منه
"
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب والترمذي وصححه وابن ماجه وابن حبان والحاكم
والبيهقي في شعب الإيمان والأصبهاني في الترغيب عن أبي هريرة قال " سئل رسول
الله صلى الله عليه و سلم ما أكثر ما يدخل الناس الجنة ؟ قال : تقوى الله وحسن
الخلق وسئل ما أكثر ما يدخل الناس النار ؟ قال : الأجوفان : الفم والفرج "
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن رجل من بني سليط قال " أتيت رسول
الله صلى الله عليه و سلم وهو يقول : المسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يظلمه التقوى
ههنا التقوى ههنا وأومأ بيده إلى صدره "
وأخرج الأصبهاني عن قتادة بن عياش قال " لما عقد لي رسول الله صلى الله عليه
و سلم على قومي
(1/532)
أتيته
مودعا له فقال : جعل الله التقوى زادك وغفر ذنبك ووجهك للخير حيث تكون "
وأخرج الترمذي والحاكم عن أنس قال " جاء رجل فقال : يا رسول الله إني أريد
سفرا فزودني فقال : زودك الله التقوى قال : زدني
قال : وغفر ذنبك
قال : زدني بأبي أنت وأمي
قال : ويسر لك الخير حيثما كنت "
وأخرج الترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال "
جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يريد سفرا فقال : أوصني
قال : أوصيك بتقوى الله والتكبير على كل شرف فلما مضى قال : اللهم أزو له الأرض
وهون عليه السفر "
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أبي بكر
أنه قال في خطبته : الصدق أمانة والكذب خيانة أكيس الكيس التقى وأنوك النوك الفجور
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن عمر بن الخطاب
أنه كتب إلى ابنه عبد الله : أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله فإنه من اتقاه وفاه
ومن أقرضه جزاه ومن شكره زاده واجعل التقوى نصب عينيك وجلاء قلبك واعلم أنه لا عمل
لمن لا نية له ولا أجر لمن لا حسنة له ولا مال لمن لا رفق له ولا جديد لمن لا خلق
له
وأخرج ابن أبي الدنيا عن مالك بن دينار قال : سألت الحسن ما زين القرآن ؟ قال :
التقوى
وأخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة قال : مكتوب في التوراة : ابن آدم اتق الله ونم حيث
شئت
وأخرج ابن أبي الدنيا عن وهب بن منبه قال : الإيمان عريان ولباسه التقوى وزينته
الحياء وماله العفة
وأخرج ابن أبي الدنيا عن داود بن هلال قال : كان يقال : الذي يقيم به العبد وجهه
عند الله التقوى ثم يتبعه الورع
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عروة قال : كتبت عائشة إلى معاوية
أما بعد فاتق الله فإنك إذا اتقيت الله كفاك الناس وإذا اتقيت الناس لم يغنوا عنك
من الله شيئا
(1/533)
وأخرج
ابن أبي الدنيا عن أبي حازم قال : ترصدني أربعة عشر عدوا أما أربعة منها فشيطان
يضلني ومؤمن يحسدني وكافر يقتلني ومنافق يبغضني
وأما العشرة منها فالجوع والعطش والحر والبرد والعري والهرم والمرض والفقر والموت
والنار ولا أطيقهن إلا بسلاح تام ولا أجد لهم سلاحا أفضل من التقوى
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن ابن أبي نجيح قال : قال سليمان بن داود عليهما
السلام : أوتينا مما أوتي الناس ومما لم يؤتوا وعلمنا مما علم الناس وما لم يعلموا
فلم نجد شيئا هو أفضل من تقوى الله في السر والعلانية والعدل في الرضا والغضب
والقصد في الغنى والفقر
وأخرج الأصبهاني عن زيد بن أسلم قال : كان يقال : من اتقى الله أحبه الناس وإن
كرهوا
قوله تعالى : ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم فإذا أفضتم من عرفات فأذكروا
الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين
سفيان وسعيد بن منصور والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في
سننه عن ابن عباس قال : كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية فتأثموا أن
يتجروا في الموسم فسألوا رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك فنزلت ليس عليكم
جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج
وأخرج وكيع وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود وابن جرير عن ابن
عباس قال : كانوا يتقون البيوع والتجارة في الموسم والحج ويقولون : أيام ذكر الله
فنزلت ليس عليكم جناح
الآية
وأخرج أبو داود والحاكم وصححه والبيهقي من طريق عبيد بن عمير عن ابن عباس : في أول
الحج كانوا يتبايعون بمنى وعرفة وسوق ذي المجاز ومواسم الحج
(1/534)
فخافوا
وهم حرم فأنزل الله ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج فحدث
عبيد بن عمير أنه كان يقرؤها في المصحف
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود وابن
جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي أمامة التميمي قال
" قلت لابن عمر : أنا ناس نكتري فهل لنا من حج ؟ قال : أليس تطوفون بالبيت
وبين الصفا والمروة وتأتون المعروف وترمون الجمار وتحلقون رؤوسكم ؟ قلت : بلى
فقال ابن عمر : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فسأله عن الذي سألتني عنه
فلم يجبه حتى نزل عليه جبريل بهذه الآية ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم
فدعاه النبي صلى الله عليه و سلم فقرأ عليه الآية وقال : أنتم حجاج "
أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي الزبير
أنه قرأ ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج
وأخرج وكيع وأبو عبيد في فضائله وابن أبي شيبة والبخاري وعبد بن حميد وابن جرير و
ابن المنذر عن ابن عباس
أنه كان يقرأ ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم في مواسم الحج
وأخرج أبو داود في المصاحف عن عطاء قال : نزلت ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من
ربكم في مواسم الحج وفي قراءة ابن مسعود في مواسم الحج فابتغوا جينئذ
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ليس عليكم جناح يقول : لا حرج
عليكم في الشراء والبيع قبل الإحرام وبعده
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن مجاهد قال : كان ناس لا يتجرون أيام الحج فنزلت
فيهم ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم
وأخرج أبو داود عن مجاهد أن ابن عباس قرأ هذه الآية ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا
من ربكم قال : كانوا لا يتجرون بمنى فأمروا بالتجارة إذا أفاضوا من عرفات
وأخرج سفيان بن عينية وابن جرير عن مجاهد في قوله ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا
من ربكم قال : التجارة في الدنيا والأجر في الآخرة
(1/535)
وأخرج
عبد بن حميد عن قتادة في الآية قال : كان ناس من أهل الجاهلية يسمون ليلة النفر
ليلة الصدر وكانوا لا يعرجون على كسير ولا ضالة ولا لحاجة ولا يتبغون فيها تجارة
فأحل الله ذلك كله للمؤمنين أن يعرجوا على حاجاتهم ويبتغوا من فضل الله
أما قوله تعالى : فإذا أفضتم من عرفات أخرج وكيع وابن جرير وابن المنذر عن ابن
عباس قال : إنما تسمى عرفات لأن جبريل كان يقول لابراهيم عليهما السلام : هذا موضع
كذا وهذا موضع كذا
فيقول : قد عرفت قد عرفت فلذلك سميت عرفات
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو قال : إنما سميت عرفات لأنه قيل لابراهيم
حين أري المناسك عرفت
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن علي
مثله
وأخرج الحاكم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن المسور بن مخرمة قال " خطبنا
رسول الله صلى الله عليه و سلم بعرفة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد -
وكان إذا خطب قال أما بعد - فإن هذا اليوم الحج الأكبر ألا وإن أهل الشرك والأوثان
كانوا يدفعون من ههنا قبل أن تغيب الشمس إذا كانت الشمس في رؤوس الجبال كأنها
عمائم الرجال في وجوهها وإنا ندفع بعد أن تغيب الشمس وكانوا يدفعون من المشعر
الحرام بعد أن تطلع الشمس إذا كانت الشمس في رؤوس الجبال كأنها عمائم الرجال في
وجوهها وإنا ندفع قبل أن تطلع الشمس مخالفا هدينا لهدي أهل الشرك "
وأخرج البيهقي عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " من أفاض
من عرفات قبل الصبح فقد تم حجه ومن فاته فقد فاته الحج "
وأخرج البخاري عن ابن عباس قال : يطوف الرجل بالبيت ما كان حلالا حتى يهل بالحج
فإذا ركب إلى عرفة فمن تيسر له هديه من الإبل أو البقر أو الغنم ما تيسر له من ذلك
أي ذلك شاء وإن لم يتيسر له فعليه صيام ثلاثة أيام في الحج وذلك قبل يوم عرفة فإذا
كان آخر يوم من أيام الثلاثة يوم عرفة فلا جناح عليه ثم لينطلق حتى يقف بعرفات من
صلاة العصر إلى أن يكون الظلام ثم ليدفعوا من عرفات إذا أفاضوا منها حتى يبلغوا
جمعا للذي يبيتون به ثم ليذكروا الله كثيرا وأكثروا التكبير
(1/536)
والتهاليل
قبل أن تصبحوا ثم أفيضوا فإن الناس كان يفيضون وقال الله ثم أفيضوا من حيث أفاض
الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم البقرة الآية 199 حتى ترموا الجمرة
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : حد عرفة من الجبل المشرف على بطن عرفة إلى جبال
عرفة إلى ملتقى وصيق ووادي عرفة
وأخرج أبو داود عن جابر بن عبد الله " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: كل عرفة موقف وكل منى نحر وكل المزدلفة موقف وكل فجاج مكة طريق ومنحر "
وأخرج مسلم عن جابر " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : نحرت ههنا ومنى
كلها منحر فانحروا في رحالكم ووقفت ههنا وعرفة كلها موقف ووقفت هنهنا وجمع كلها
موقف "
وأخرج أحمد عن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " كل عرفات
موقف وارفعوا عن عرفة وكل جمع موقف وارفعوا عن محسر وكل فجاج مكة منحر وكل أيام
التشريق ذبح "
وأخرج أبو داود والترمذي واللفظ له وصححه وابن ماجة عن علي قال : وقف رسول الله
صلى الله عليه و سلم بعرفة فقال : هذه عرفة وهو الموقف وعرفة كلها موقف ثم أفاض
حين غربت الشمس وأردف أسامة بن زيد وجعل يشير بيده على هينته والناس يضربون يمينا
وشمالا يلتفت إليهم ويقول : يا أيها الناس عليكم السكينة
ثم أتى جمعا فصلى بهم الصلاتين جميعا فلما أصبح أتى قزح وقف عليه وقال : هذا قزح
وهو الموقف وجمع كلها موقف ثم أفاض حتى انتهى إلى وادي محسر ففزع ناقته فخبب حتى
جازوا الوادي فوقف وأردف الفضل ثم أتى الجمرة فرماها ثم أتى المنحر فقال : هذا
المنحر ومنى كلها منحر
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه عن
يزيد بن شيبان قال : أتانا ابن مربع الأنصاري ونحن وقوف بالموقف فقال : إني رسول
رسول الله إليكم
يقول : كونوا على مشاعركم فإنكم على إرث من إرث إبراهيم
وأخرج أبو داود عن ابن عباس قال : أفاض رسول الله صلى الله عليه و سلم من عرفة
وعليه السكينة ورديفه أسامة فقال : يا أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس
بإيجاف
(1/537)
الخيل
والإبل
قال : فما رأيتها رافعة يديها عادية حتى أتى جمعا ثم أردف الفضل ابن العباس فقال :
أيها الناس إن البر ليس بإيجاف الخيل والإبل فعليكم بالسكينة
قال : فما رأيتها رافعة يديها حتى أتى منى "
وأخرج البخاري عن ابن عباس " أنه دفع مع النبي صلى الله عليه و سلم يوم عرفة
فسمع النبي صلى الله عليه و سلم وراءه زجرا شديدا وضربا للإبل فأشار بسوطه إليهم
وقال : يا أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس بالإيضاع "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال " إنما كان بدء الإيضاع من أهل البادية
كانوا يقفون حافتي الناس قد علقوا العقاب والعصي فإذا أفاضوا تقعقعوا فأنفرت الناس
فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم وإن ظفري ناقته لا يمس الأرض حاركها وهو
يقول : يا أيها الناس عليكم بالسكينة "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أسامة بن زيد " أنه سأل
كيف كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يسير حين أفاض من عرفة ؟ وكان رسول الله
صلى الله عليه و سلم أردفه من عرفات قال : كان يسير العنق فإذا وجد فجوة نص "
وأخرج ابن خزيمة عن ابن عمر " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم وقف حتى غربت
الشمس فأقبل يكبر الله ويهلله ويعظمه ويمجده حتى انتهى إلى المزدلفة "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
أفاض من عرفات وهو يقول : إليك تعدو قلقا وضينها مخالفا دين النصارى دينها وأخرج
الشافعي في الأم وعبد الرزاق في المصنف وسعيد بن منصور عن عروة بن الزبير أن عمر
بن الخطاب حين دفع من عرفة قال : إليك تعدو قلقا وضينها مخالفا دين النصارى دينها
وأخرج عبد الرزاق عن عبد الملك بن أبي بكر قال : رأيت أبا بكر بن عبد الرحمن بن
الحرث بن هشام وأبا سلمة بن سفيان واقفين على طرف بطن عرفة فوقفت معهما فلما دفع
الإمام دفعا وقالا
إليك تعدو قلقا وضينها مخالفا دين النصارى دينها يكثران من ذلك وزعم أنه سمع أبا
بكر عبد الرحمن يذكر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقولها إذا دفع
(1/538)
وأخرج
البخاري ومسلم والنسائي عن ابن عباس " أن أسامة بن زيد كان ردف رسول الله صلى
الله عليه و سلم من عرفة إلى مزدلفة ثم أردف الفضل من المزدلفة إلى منى فكلاهما
قال : لم يزل النبي صلى الله عليه و سلم يلبي حتى رمى جمرة العقبة "
وأخرج مسلم عن أسامة بن زيد " أنه كان رديف رسول الله صلى الله عليه و سلم
حين أفاض من عرفة فلما جاء الشعب أناخ راحلته ثم ذهب إلى الغائط فلما رجع جئت إليه
بالأداوه فتوضأ ثم ركب حتى أتى المزدلفة فجمع بها بين المغرب والعشاء "
وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي عن ابن عمر قال : جمع رسول الله صلى الله عليه و
سلم بين المغرب والعشاء بجمع صلى المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين بإقامة واحدة
أما قوله تعالى : فاذكروا الله عند المشعر الحرام أخرج وكيع وسفيان بن عينية وابن
أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والأزرقي في تاريخ مكة والبيهقي في
سننه عن عبد الله بن عمرو
أنه سئل عن المشعر الحرام فسكت حتى إذا هبطت أيدي الرواحل بالمزدلفة قال : هذا
المشعر الحرام
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عمر
قال : المشعر الحرام مزدلفة كلها
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن ابن عمر
أنه رأى الناس يزدحمون على قزح فقال : علام يزدحمون هؤلاء ؟ كل ما ههنا مشعر
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر في قوله فاذكروا
الله عند المشعر الحرام قال : هو الجبل وما حوله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس
مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال : ما بين الجبلين اللذين
بجمع مشعر
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : ما بين جبلي مزدلفة فهو المشعر الحرام
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن الأسود قال : لم أجد أحدا يخبرني عن المشعر
الحرام
وأخرج مالك وابن جرير عن عبد الله بن الزبير قال : عرفة كلها موقف إلا بطن عرفة
والمزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر
(1/539)
وأخرج
الأزرقي والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ارفعوا عن بطن عرفة وارفعوا عن بطن محسر "
وأخرج الأزرقي عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : أين المزدلفة ؟ قال : المزدلفة إذا
أفضت من مأزمي فذلك إلى محسر وليس المأزمان مأزما عرفة من المزدلفة ولكن مفضاهما
قال : قف بأيهما شئت وأحب إلي أن تقف دون قزح
وأخرج الحاكم وصححه عن جابر
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال حين وقف بعرفة " هذا الموقف وكل عرفة
موقف وقال حين وقف على قزح : هذا الموقف وكل المزدلفة موقف "
وأخرج ابن خزيمة عن ابن عمر " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقف عند
المشعر الحرام ويقف الناس يدعون الله ويكبرونه ويهللونه ويمجدونه ويعظمونه حتى
يدفع إلى منى "
وأخرج الأزرقي عن نافع قال : كان ابن عمر يقف بجمع كلما حج على قزح نفسه لا ينتهي
حتى يتخلص عنه فيقف عليه الإمام كلما حج
وأخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر
أنه كان يقدم ضعفة أهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بليل فيذكرون الله ما
بدا لهم ثم يدفعون قبل أن يقف الإمام وقبل أن يدفع فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر
ومنهم من يقدم بعد ذلك فإذا قدموا رموا الجمرة وكان ابن عمر يقول : رخص في اولئك
رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج أبو داود والطيالسي وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة عن
عمرو بن ميمون قال : سمعت عمر بن الخطاب بجمع بعدما صلى الصبح وقف فقال : إن
المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس ويقولون : أشرق ثبير
وإن رسول الله صلى الله عليه و سلم خالفهم فأفاض قبل طلوع الشمس
وأخرج الأزرقي عن كليب الجهني قال " رأيت النبي صلى الله عليه و سلم في حجته
وقد دفع من عرفة إلى جمع والنار توقد بالمزدلفة وهو يؤمها حتى نزل قريبا منها
وأخرج الأزرقي عن ابن عمر قال : كانت النار توقد على عهد رسول الله صلى الله عليه
و سلم وأبي بكر وعمر وعثمان
وأخرج الأزرقي عن اسحق بن عبد الله بن خارجة عن أبيه قال : لما أفاض سليمان بن عبد
الملك بن مروان من المأزمين نظر إلى النار التي على قزح فقال لخارجة
(1/540)
بن
زيد : يا أبا زيد من أول من صنع النار ههنا ؟ قال خارجة : كانت في الجاهلية وضعها
قريش وكانت لا تخرج من الحرم إلى عرفة وتقول : نحن أهل الله قال خارجة : فأخبرني
رجال من قومي أنهم رأوها في الجاهلية وكانوا يحجون منهم حسان بن ثابت في عدة من
قومي قالوا : كان قصي بن كلاب قد أوقد بالمزدلفة نارا حيث وقف بها حتى يراها من
دفع من عرفات
وأخرج البخاري واللفظ له ومسلم وأبو داود والنسائي عن عبد الرحمن بن يزيد قال :
خرجت مع عبد الله إلى مكة ثم قدمنا جمعا فصلى الصلاتين كل صلاة وحدها بأذان وإقامة
العشاء بينهما ثم صلى الفجر حين طلوع الفجر وقائل يقول : طلع الفجر وقائل يقول :
لم يطلع الفجر ثم قال : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " إن هاتين
الصلاتين حولتا عن وقتهما في هذا المكان المغرب والعشاء فلا يقدم الناس جمعا حتى
يعتموا وصلاة الفجر هذه الساعة " ثم وقف حتى أسفر ثم قال : لو أن أمير
المؤمنين أفاض الآن أصاب السنة فما أدري أقوله كان أسرع أم دفع عثمان فلم يزل يلبي
حتى رمى جمرة العقبة يوم النحر
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن ابن الزبير قال : من سنة الحج أن يصلي الإمام
الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح بمنى ثم يغدو إلى عرفة فيقيل حيث قضى له حتى
إذا زالت الشمس خطب الناس ثم صلى الظهر والعصر جميعا ثم وقف بعرفات حتى تغيب الشمس
ثم يفيض فإذا رمى الجمرة الكبرى حل له كل شيء حرم عليه إلا النساء والطيب حتى يزور
البيت
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة والحاكم
وصححه عن عروة بن مضرس قال " أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو بجمع
فقلت : جئتك من جبل طيىء وقد أكلت مطيتي وأتعبت نفسي والله ما تركت من جبل إلى
وقفت عليه فهل لي من حج ؟ فقال : من صلى معنا هذه الصلاة في هذا المكان ثم وقف هذه
الموقف حتى يفيض الإمام وكان وقف قبل ذلك في عرفات ليلا ونهارا فقد تم حجه وقضى
تفثه "
وأخرج الشافعي عن ابن عمر قال : من أدرك ليلة النحر من الحاج فوقف يجبل عرفة قبل
أن يطلع الفجر فقد أدرك الحج ومن لم يدرك عرفة فيقف بها قبل أن يطلع الفجر فقد
فاته الحج فليأت البيت فليطف به سبعا ويطوف بين الصفا
(1/541)
والمروة
سبعا ثم ليحلق أو يقصر إن شاء وإن كان معه هديه فلينحره قبل أن يحلق فإذا فرغ من
طوافه وسعيه فليحلق أو يقصر ثم ليرجع إلى أهله فإن أدركه الحج قابلا فليحج إن
استطاع وليهد بدنة فإن لم يجد هديا فليصم عنه ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع
إلى أهله
وأخرج مسلم والنسائي عن عبد الرحمن بن يزيد
أن عبد الله بن مسعود لبى حين أفاض من جمع فقال أعرابي : من هذا ؟ قال عبد الله :
أنسي الناس أم ضلوا ؟ سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المكان "
لبيك اللهم لبيك "
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن ابن الزبير في قوله واذكروه كما هداكم قال : ليس
هذا بعام هذا لأهل البلد كانوا يفيضون من جمع ويفيض الناس من عرفات فأبى الله لهم
ذلك فأنزل الله ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس
وأخرج عبد بن حميد عن سفيان وإن كنتم من قبله قال : من قبل القرآن
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد وإن كنتم من قبله لمن الضالين قال : لمن الجاهلين
وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي عن جابر قال " رأيت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يرمي على راحلته يوم النحر ويقول : لتأخذوا مناسككم فإني لا أدري لعلي لا أحج
بعد حجتي هذه "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن جعفر بن محمد عن أبيه قال :
" دخلنا على جابر بن عبد الله فقلت : أخبرني عن حجة رسول الله صلى الله عليه
و سلم
فقال : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم مكث تسع سنين لم يحج ثم أذن في الناس في
العاشرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حاج فقدم المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن
يأتم برسول الله صلى الله عليه و سلم ويعمل بمثل عمله فخرج رسول الله صلى الله
عليه و سلم وخرجنا معه حتى إذا أتينا ذا الحليفة فصلى رسول الله صلى الله عليه و
سلم في المسجد ثم ركب القصواء حتى استوت به ناقته على البيداء ورسول الله صلى الله
عليه و سلم بين أظهرنا وعليه ينزل القرآن وهو يعلم تأويله فما عمل به من شيء
(1/542)
عملنا
به فأهل التوحيد لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك
لا شريك لك وأهل الناس بهذا الذي تهلون به فلم يرد عليهم رسول الله صلى الله عليه
و سلم شيئا منه
ولزم رسول الله صلى الله عليه و سلم تلبيته حتى أتينا البيت معه استلم الركن فرمل
ثلاثا ومشى أربعا ثم تقدم إلى مقام إبراهيم فقرأ واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى
فجعل المقام بينه وبين البيت فصلى ركعتين يقرأ فيهما بقل هو الله أحد وبقل يا أيها
الكافرون ثم رجع إلى البيت فاستلم الركن ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من
الصفا قرأ إن الصفا والمروة من شعائر الله البقرة الآية 158 فبدأ بما بدأ الله به
فبدأ بالصفا فرقى عليه حتى رأى البيت فكبر الله وحده وقال : لا إله إلا الله وحده
لا شريك له له الملك وله الحمد يحي ويميت وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله
وحده أنجز وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده ثم دعا بين ذلك وقال : مثل هذا ثلاث
مرات
ثم نزل إلى المروة حتى انصبت قدماه رمل في بطن الوادي حتى إذا صعد مشى حتى أتى
المروة فصنع على المروة مثل ما صنع على الصفا حتى إذا كان آخر الطواف على المروة
قال : إني لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي ولجعلتها عمرة فمن كان منكم
ليس معه هدي فليحلل وليجعلها عمرة فحل الناس كلهم وقصروا إلا النبي صلى الله عليه
و سلم ومن كان معه هدي فلما كان يوم التروية وجهوا إلى منى أهلوا بالحج فركب رسول
الله صلى الله عليه و سلم فصلى بمنى الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح ثم مكث
قليلا حتى طلعت الشمس وأمر بقبة له من شعر فضربت بنمرة
فسار رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا تشك قريش أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم واقف عند المشعر الحرام بالمزدلفة كما كانت قريش تصنع في الجاهلية فأجاز رسول
الله صلى الله عليه و سلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى
إذا غربت الشمس أمر بالقصواء فرحلت فركب حتى أتى بطن الوادي فخطب الناس فقال : إن
دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا إن كل شيء
من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع ودماء الجاهلية موضوعة وأول دم أضعه دم عثمان بن
ربيع بن الحرث بن المطلب وربا الجاهلية موضوع وأول ربا أضعه
(1/543)
ربا
عباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله اتقوا الله في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة
الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله وإن لكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه
فإن فعلن فأضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف
وإني قد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصتم به كتاب الله وأنتم مسؤولون عني فما
أنتم قائلون ؟ قالوا : نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت قال : اللهم اشهد ثم أذن بلال
ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا ثم ركب القصواء حتى
أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات وجعل جبل المشاة بين يديه فاستقبل
القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حين غاب القرص وأردف أسامة
خلفه فدفع رسول الله صلى الله عليه و سلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى أن رأسها
ليصيب مورك رحله وهو يقول بيده اليمنى : السكينة أيها الناس كلما أتى جبلا من
الجبال أرخى لها قليلا حتى صعد أتى المزدلفة فجمع بين المغرب والعشاء بأذان واحد
وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئا ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى طلع
الفجر فصلى الفجر حين تبين له الصبح
ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فرقى عليه فاستقبل الكعبة فحمد الله وكبره
ووحده فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا ثم دفع قبل أن تطلع الشمس حتى أتى محسرا فحرك
قليلا ثم سلك الطريق الوسطى الذي تخرجك إلى الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة عند
الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها فرمى بطن الوادي ثم انصرف رسول
الله صلى الله عليه و سلم إلى المنحر فنحر بيده ثلاثا وستين وأمر عليا ما غبر
وأشركه في هديه ثم أمر من كل بدنة ببضعة فجعلت في قدر فطبخت فأكلا من لحمها وشربا
من مرقتها ثم ركب ثم أفاض رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى البيت فصلى بمكة
الظهر ثم أتى بني عبد المطلب وهم يسقون على زمزم فقال : انزعوا بني عبد المطلب
فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم فأدلوه دلوا فشرب منه "
قوله تعالى : ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم
(1/544)
البخاري
ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم
في الدلائل والبيهقي في سننه عن عائشة قالت : كانت قريش ومن دان دينها يقفون
بالمزدلفة وكانوا يسمون الحمس وكانت سائر العرب يقفون بعرفات فلما جاء الإسلام أمر
نبيه أن يأتي عرفات ثم يقف بها ثم يفيض منها فذلك قوله ثم أفيضوا من حيث أفاض
الناس
وأخرج البخاري ومسلم عن هشام بن عروة عن أبيه قال : كانت العرب تطوف بالبيت عراة
إلا الحمس والحمس قريش وما ولدت كانوا يطوفون عراة إلا أن تعطيهم الحمس ثيابا
فيعطون الرجال الرجال والنساء النساء وكانت الحمس لا يخرجون من المزدلفة وكان
الناس كلهم يبلغون عرفات قال هشام : فحدثني أبي عن عائشة قال : كانت الحمس الذين
أنزل الله فيهم ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس قالت : كان الناس يفيضون من عرفات
وكان الحمس يفيضون من المزدلفة يقولون : لا نفيض إلا من الحرم
فلما نزلت أفيضوا من حيث أفاض الناس رجعوا إلى عرفات
وأخرج ابن ماجة والبيهقي عن عائشة قالت : قالت قريش : نحن قواطن البيت لا نجاوز
الحرم فقال الله ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي والطبراني عن جبير بن مطعم قال : أضللت بعيرا لي
فذهبت أطلبه يوم عرفة فرأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم واقفا مع الناس بعرفة
فقلت والله إن هذا لمن الحمس فما شأنه ههنا ؟ وكانت قريش تعد من الحمس
وزاد الطبراني وكان الشيطان قد استهواهم فقال لهم : إن عظمتم غير حرمكم استخف
الناس حرمكم وكانوا لا يخرجون من الحرم
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن جبير بن مطعم قال : كانت قريش إنما تدفع من
المزدلفة ويقولون : نحن الحمس فلا نخرج من الحرم وقد تركوا الموقف على عرفة فرأيت
رسول الله صلى الله عليه و سلم في الجاهلية يقف مع الناس بعرفة على جمل له ثم يصبح
مع قومه بالمزدلفة فيقف معهم ثم يدفع إذا دفعوا
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن جبير بن مطعم قال : " لقد رأيت رسول الله
صلى الله عليه و سلم قبل أن ينزل عليه وأنه لواقف على بعير به بعرفات مع الناس
يدفع معهم منها وما ذاك إلا توفيق من الله "
(1/545)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس قال : كانت العرب تقف بعرفة وكانت قريش دون ذلك بالمزدلفة
فأنزل الله ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس
وأخرج ابن المنذر عن أسماء بنت أبي بكر قالت : كانت قريش يقفون بالمزدلفة ويقف الناس
بعرفة إلا شيبة بن ربيعة فأنزل الله ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : كانت قريش وكل ابن اخت لهم وحليف لا يفيضون مع
الناس من عرفات إنما يفيضون من المغمس كانوا يقولون : إنما نحن أهل الله فلا نخرج
من حرمه فأمرهم الله أن يفيضوا من حيث أفاض الناس وكانت سنة إبراهيم واسماعيل
الإفاضة من عرفات
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله من حيث أفاض الناس قال : إبراهيم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس قال عرفة كانت قريش تقول
: إنما نحن حمس أهل الحرم لا يخلف الحرم المزدلفة أمروا أن يبلغوا عرفة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الزهري قال : كان الناس يقفون بعرفة إلا قريشا
وأحلافها وهي الحمس فقال بعضهم : لا تعظموا إلا الحرم فإنكم إن عظمتم غير الحرم
أوشك أن تتهاونوا بحرمكم فقصروا عن مواقف الحق فوقفوا بجمع فأمرهم الله أن يفيضوا من
حيث أفاض الناس من عرفات
أما قوله تعالى : واستغفروا الله إن الله غفور رحيم
أخرج ابن جرير عن مجاهد قال : إذا كان يوم عرفة هبط الله إلى السماء الدنيا في
الملائكة فيقول لهم : عبادي آمنوا بوعدي وصدقوا رسلي ما جزاؤهم ؟ فيقال : أن يغفر
لهم
فذلك قوله ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم
وأخرج مسلم والنسائي وابن ماجة وابن أبي الدنيا في كتاب الأضاحي والحاكم عن عائشة
" أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ما من يوم أكثر من أن يعتق الله
فيه عبدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملاءكة فيقول : مأراده
هؤلاء "
وأخرج أحمد وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن
(1/546)
أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن الله يباهي بأهل عرفات
أهل السماء فيقول لهم : انظروا عبادي جاؤوني شعثا غبرا "
وأخرج البزار وأبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان والبيهقي عن جابر " أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : أفضل الأيام أيام العشر - يعني عشر ذي الحجة - قيل
: وما مثلهن في سبيل الله ؟ قال : ولا مثلهن في سبيل الله إلا رجل عفر وجهه
بالتراب وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تبارك وتعالى إلى سماء
الدنيا فيباهي بأهل الأضر أهل السماء فيقول : انظروا عبادي جاؤوني شعثا غبرا ضاحين
جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ويستعيذون من عذابي ولم يروه فلم ير يوما أكثر
عتقا وعتيقة من النار منه "
وأخرج أحمد والطبراني عن عبد الله بن عمرو بن العاص " أن النبي صلى الله عليه
و سلم يقول : إن الله يباهي ملائكته عشية عرفة بأهل عرفة فيقول : انظروا عبادي
أتوني شعثا غبرا ضاحين من كل فج عميق أشهدكم أني قد غفرت لهم
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فما من يوم أكثر عتقا من النار من يوم عرفة
"
وأخرج مالك والبيهقي والأصبهاني في الترغيب عن طلحة بن عبيد الله بن كريز "
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ما رؤي الشيطان يوما هو فيه أصغر ولا أحقر
ولا أدحر ولا أغيظ منه من يوم عرفة وما ذاك إلا مما يرى فيه من تنزل الرحمة وتجاوز
الله عن الذنوب العظام إلا ما رأى يوم بدر
قالوا : يا رسول الله وما الذي رأى يوم بدر ؟ قال : رأى جبريل يزع الملائكة "
وأخرج البيهقي عن الفضيل بن عباس " أنه كان رديف النبي صلى الله عليه و سلم
بعرفة وكان الفتى يلاحظ النساء فقال النبي صلى الله عليه و سلم ببصره هكذا وصرفه
وقال يا ابن أخي : هذا يوم من ملك فيه بصره إلا من حق وسمعه إلا من حق ولسان إلا
من حق غفر له "
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أفضل
الدعاء دعاء يوم عرفة وأفضل قولي وقول الأنبياء قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك
له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير "
وأخرج البيهقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال " كان أكثر دعاء
(1/547)
رسول
الله صلى الله عليه و سلم يوم عرفة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله
الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير "
وأخرج الترمذي وابن خزيمة والبيهقي عن علي بن أبي طالب قال " كان أكثر دعاء
رسول الله صلى الله عليه و سلم عشية يوم عرفة اللهم لك الحمد كالذي نقول وخيرا مما
نقول : اللهم لك صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي وإليك مآبي ولك رب تدآبي اللهم إني
أعوذ بك من عذاب القبر ووسوسة الصدر وشتات الأمر اللهم إني أسألك من خير ما تجيء
به الريح وأعوذ بك من شر ما تجيء به الريح "
وأخرج البيهقي في الشعب عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " ما من مسلم يقف عشية عرفة بالوقف يستقبل القبلة يوجهه ثم يقول : لا إله
إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير مائة
مرة ثم يقرأ قل هو الله أحد الإخلاص الآية 1 مائة مرة ثم يقول : اللهم صل على محمد
كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد وعلينا معهم مائة مرة إلا قال
اله تعالى : يا ملائكتي ما جزاء عبدي هذا سبحني وهللني وكبرني وعظمني وعرفني وأثنى
علي وصلى على نبيي اشهدوا يا ملائكتي أني قد غفرت له وشفعته في نفسه ولو سألني
عبدي هذا لشفعته في أهل الموقف كلهم
قال البيهقي : هذا متن غريب وليس إسناده من ينسب إلى الوضع "
وأخرج البيهقي عن بكير بن عتيق قال : حججت فتوسمت رجلا أقتدي به إذا سالم بن عبد
الله في الموقف يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد بيده
الخير وهو على كل شيء قدير لا إله إلا الله إلها واحدا ونحن له مسلمون لا إله إلا
الله ولو كره المشركون لا إله إلا الله ربنا ورب آبائنا الأولين
فلم يزل يقول هذا حتى غابت الشمس ثم نظر إلي وقال : حدثني أبي عن جدي عمر بن
الخطاب عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " يقول الله تبارك وتعالى : من شغله
ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين "
وأخرج ابن أبي شيبة والجندي في فضائل مكة عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " أكثر دعائي ودعاء الأنبياء قبلي بعرفة لا إله إلا الله
وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير اللهم اجعل في
(1/548)
سمعي
نورا في بصري نورا وفي قلبي نورا اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري وأعوذ بك من
وسواس الصدور وتشتت الأمور وعذاب القبر اللهم إني أعوذ بك من شر ما يلج في الليل
وشر ما يلج في النهار وشر ما تهب به الرياح شر بوائق الدهر "
وأخرج الجندي عن ابن جريج قال : بلغني أنه كان يؤمر أن يكون أكثر دعاء المسلم في
الوقف : ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الأضاحي وابن أبي عاصم والطبراني معا في الدعاء
والبيهقي في الدعوات عن عبد الله بن مسعود قال " ما من عبد ولا أمة دعا الله
ليلة عرفة بهذه الدعوات - وهي عشر كلمات - ألف مرة إلا ولم يسأل الله شيئا إلا أعطاه
إياه إلا قطيعة رحم أوإثما
سبحان الله الذي في السماء عرشه سبحان الذي في النار سلطانه سبحان الذي في الجنة
رحمته سبحان الذي في القبور قضاؤه سبحان الذي في الهواء روحه سبحان الذي رفع
السماء سبحان الذي وضع الأرض سبحان الذي لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه
قيل له : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال : نعم "
وأخرج ابن أبي شيبة عن صدقة بن يسار قال : سألت مجاهدا عن قراءة القرآن أفضل يوم
عرفة أم الذكر ؟ قال : لا بل قراءة القرآن
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الأضاحي عن علي بن أبي طالب أنه قال وهو بعرفات : لا
أدع هذا الموقف ما وجدت إليه سبيلا لأنه ليس في الأرض يوم أكثر عتقا للرقاب فيه من
يوم عرفة فأكثروا في ذلك اليوم من قول : اللهم أعتق رقبتي من النار وأوسع لي في
الرزق واصرف عني فسقة الجن والإنس فإنه عامة ما أدعوك به
وأخرج الطبراني في الدعاء عن ابن عباس قال : كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه
و سلم عشية عرفة " اللهم إنك ترى مكاني وتسمع كلامي وتعلم سري وعلانيتي ولا
يخفى عليك شيء من أمري أنا البائس الفقير المستغيث المستجير الوجل المشفق المقر
المعترف بذنوبه أسألك مسألة المساكين وأبتهل إليك إبتهال المذنب الذليل وأدعوك
دعاء الخائف المضرور من خضعت لك رقبته وفاضت لك عيناه ونحل لك
(1/549)
جسده
ورغم أنفه اللهم لا تجعلني بدعائك شقيا وكن بي رؤوفا رحيما يا خير المسؤولين ويا
خير المعطين "
وأخرج الطبراني في الدعاء عن ابن عمر
أنه كان يرفع صوته عشية عرفة يقول : اللهم اهدنا بالهدي وزينا بالتقوى واغفر لنا
في الآخرة والأولى ثم يخفصض صوته بقوله : اللهم إني أسألك من فضلك رزقا طيبا
مباركا اللهم إني أمرت بالدعاء وقضيت على نفسك بالإجابة وإنك لا تخلف وعدك ولا
تنكث عهدك اللهم ما أحببت من خير فحببه إلينا ويسره لنا وما كرهت من شر فكرهه
إلينا وجنبناه ولا تنزع منا الإسلام بعد إذ أعطيتناه
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأبو ذر الهروي في
المناسك عن أبي مجلز قال : شهدت ابن عمر بالوقف بعرفات فسمعته يقول : الله أكبر
ولله الحمد ثلاث مرات ثم يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله
الحمد وهو على كل شيء قدير مرة واحدة ثم يقول : اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا
مغفورا ويسكت قدر ما يقرأ فاتحة الكتاب ثم يعود فيقول مثل ذلك حتى أفاض
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي سليمان الداراني عن عبد الله بن أحمد بن عطية قال :
سئل علي بن أبي طالب عن الوقوف بالجبل ولم لم يكن في الحرم ؟ قال : لأن الكعبة بيت
الله والحرم باب الله فلما قصدوه وافدين وقفهم بالباب يتضرعون
قيل : يا أمير المؤمنين فالوقوف بالمشعر ؟ قال : لأنه لما أذن لهم بالدخول وقفهم
بالحجاب الثاني وهو المزدلفة فلما أن طال تضرعهم أذن لهم بتقريب قربانهم بمنى فلما
أن قضوا تفثهم وقربوا قربانهم فتطهروا بها من الذنوب التي كانت لهم أذن لهم
بالوفادة إليه على الطهارة
قيل : يا أمير المؤمنين فمن أين حرم صيام أيام التشريق ؟ قال : لأن القوم زاروا
الله وهم في ضيافته ولا يجوز للضيف أن يصوم دون إذن من أضافه
قيل : يا أمير المؤمنين فتعلق الرجل بأستار الكعبة لأي معنى هو ؟ قال : مثل الرجل
بينه وبين سيده جناية فتعلق بثوبه وتنصل إليه وتحدى له ليهب له جنايته
وأخرج ابن زنجويه والأزرقي والجندي ومسدد والبزار في مسنديهما وابن مردويه والأصبهاني
في الترغيب عن أنس بن مالك قال : كنت قاعدا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في
(1/550)
مسجد
الخيف أتاه رجل من الأنصار ورجل من ثقيف فسلما عليه ثم قالا : يارسول الله جئنا
نسألك
قال : إن شئتما أخبرتكما بما جئتما تسألاني عنه وإن شئتما سألتماني
قال : أخبرنا يا رسول الله نزداد إيمانا ويقينا ! قال للأنصاري : جئت تسأل عن
مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام وما لك فيه وعن طوافك وما لك فيه وعن ركعتيك بعد
الطواف وما لك فيهما وعن طوافك بين الصفا والمروة وما لك فيه وعن وقوفك بعرفة وما
لك فيه وعن رميك الجمار وما لك فيه وعن طوافك بالبيت وما لك فيه يعني الإفاضة
قال : والذي بعثك بالحق ما جئت إلا لأسألك عن ذلك
وقال : أما مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام فإن ناقتك لا ترفع خفا ولا تضعه إلا
كتب الله لك به حسنة ومحا به عنك خطيئة وأما طوافك بالبيت فإنك لا ترفع قدما ولا
تضعها إلا كتب الله لك بها حسنة ومحا عنك بها خطيئة ورفع لك بها درجة وأما ركعتاك
بعد طوافك فكعتق رقبة من بني اسماعيل وأما طوافك بين الصفا والمروة فكعتق سبعين
رقبة وأما وقوفك عشية عرفة فإن الله تعالى يهبط إلى سماء الدنيا فيباهي بكم
الملائكة ويقول : انظروا إلى عبادي جاؤوني من كل فج عميق شعثا غبرا يرجون رحمتي
ومغفرتي فلو كانت ذنوبهم مثل الرمل وعدد القطر ومثل زبد البحر ومثل نجوم السماء
لغفرتها لهم ويقول : أفيضوا عبادي مغفورا لكم ولم شفعتم فيه وأما رميك الجمار فإن
الله يغفر لك بكل حصاة رميتها كبيرة من الكبائر الموبقات الموجبات وأما نحرك
فمدخور لك عند ربك وأما طوافك بالبيت - يعني الإفاضة - فإنك تطوف ولا ذنب عليك
ويأتيك ملك فيضع يده بين كتفيك ويقول : اعمل لما بقي فقد كفيت ما مضى
وأخرج البزار والطبراني وابن حبان عن ابن عمر قال " كنت جالسا مع النبي صلى
الله عليه و سلم في مسجد منى فأتاه رجل من الأنصار ورجل من ثقيف فسلما عليه ثم
قالا : يا رسول الله جئنا نسألك فقال : إن شئتما أخبرتكما بما جئتما تسألاني عنه
فعلت وإن شئتما أن أمسك وتسألاني فعلت
فقالا : أخبرنا يا رسول الله ! فقال الثقفي للأنصاري : سل
فقال : أخبرني يا رسول الله
فقال : جئتن تسألني عن مخرجك من بيتك تؤم البيت الحرام وما لك فيه وعن طوافك وما
لك فيهما وعن ركعتيك بعد الطواف وما لك فيهما وعن طوافك بين الصفا والمروة وما لك
فيه وعن وقوفك عشية عرفة وما لك فيه وعن رميك
(1/551)
الجمار
وما لك فيه وعن نحرك وما لك فيه مع الإفاضة
قال : والذي بعثك بالحق لعن هذا جئت أسألك
قال : فإنك إذا خرجت من بيتك تؤم البيت الحرام لاتضع ناقتك خفا ولا ترفعه إلا كتب
الله لك به حسنة ومحى عنك خطيئة وأما ركعتاك بعد الطواف فكعتق رقبة من بني اسماعيل
وأما طوافك بالصفا والمروة كعتق سبعين رقبة وأما وقوفك عشية عرفة فإن الله يهبط
إلى سماء الدنيا فيباهي بكم الملائكة فيقول : عبادي جاؤوني شعثا غبرا من كل فج
عميق يرجون جنتي فلو كانت ذنوبكم كعدد الرمل أو كقطر المطر أو كزبد البحر لغفرتها
أفيضوا عبادي مغفورا لكم ولمن شفعتم له وأما رميك الجمار فلك بكل حصاة رميتها تكفير
كبيرة من الموبقات وأما نحرك فمدخور لك عند ربك وأما حلاقك رأسك فلك بكل شعرة
حلقتها حسنة ويمحي عنك بها خطيئة وأما طوافك بالبيت بعد ذلك فإنك تطوف ولا ذنب لك
يأتي ملك حتى يضع يديه بين كتفيك فيقول : اعمل فيما يستقبل فقد غفر لك ما مضى
وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في الحلية عن ابن عمر قال : خطبنا رسول الله صلى الله
عليه و سلم عشية عرفة فقال : أيها الناس إن الله تطول عليكم في مقامكم هذا فقبل من
محسنكم وأعطى محسنكم ما سأل ووهب مسيئكم لمحسنكم إلا التبعات فيما بينكم أفيضوا
على اسم الله
فلما كان غداة جمع قال : أيها الناس إن الله قد تطول عليكم في مقامكم هذا فقبل من
محسنكم ووهب مسيئكم لمحسنكم والتبعات بينكم عوضها من عنده أفيضوا على اسم الله
فقال أصحابه : يا رسول الله أفضت بنا الأمس كئيبا حزينا وأفضت بنا اليوم فرحا
مسرورا ؟ فقال : إني سألت ربي بالأمس شيئا لم يجد لي به سألته التبعات فأبى علي
فلما كان اليوم أتاني جبريل فقال : إن ربك يقرئك السلام ويقول ضمنت التبعات
وعوضتها من عندي "
وأخرج الطبراني عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم
عرفة " أيها الناس إن الله تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لكم إلا التبعات
فيما بينكم ووهب مسيئكم لمحسنكم وأعطى محسنكم ما سأل فادفعوا باسم الله فلما كان
بجمع قال : إن الله قد غفر لصالحيكم وشفع لصالحيكم في طالحيكم تنزل الرحمة فتعمهم
(1/552)
ثم
يفرق المغفرة في الأرض فيقع على كل تائب ممن حفظ لسانه ويده وإبليس وجنوده بالويل
والثبور "
وأخرج ابن ماجة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وعبد الله بن أحمد في زوائد
المسند وابن جرير والطبراني والبيهقي في سننه والضياء المقدسي في المختارة عن
العباس بن مرداس السلمي " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم دعا عشية عرفة
لأمته بالمغفرة والرحمة فأكثر الدعاء فأوحى الله إليه : أني قد فعلت إلا ظلم بعضهم
بعضا وأما ذنوبهم فيما بيني وبينهم فقد غفرتها
فقال : يا رب إنك قادر على أن تثيب هذا المظلوم خيرا من مظلمته وتغفر لهذا الظالم
فلم يجبه تلك العشية فلما كان غداة المزدلفة أعاد الدعاء فأجابه الله أني قد غفرت
لهم
فتبسم رسول الله صلى الله عليه و سلم فسأله أصحابه ؟ قال : تبسمت من عدو الله
إبليس أنه لما علم أن الله قد استجاب لي في أمتي أهوى يدعو بالويل والثبور ويحثو
التراب على رأسه "
وأخرج ابن أبي الدنيا في الأضاحي وأبو يعلى عن أنس " سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : إن الله تطول على أهل عرفات يباهي بهم الملائكة فيقول : يا
ملائكتي انظروا إلى عبادي شعثا غبرا أقبلوا يضربون إلي من كل فج عميق فأشهدكم أني
قد أجبت دعاءهم وشفعت رغبتهم ووهبت مسيئهم لمحسنهم وأعطيت لمحسنهم جميع ما سألوني
غير التبعات التي بينهم فإذا أفاض القوم إلى جمع ووقفوا وعادوا في الرغبة والطلب
إلى الله فيقول : يا ملائكتي عبادي وقفوا فعادوا في الرغبة والطلب فأشهدكم أني قد
أجبت دعاءهم وشفعت رغبتهم ووهبت مسيئهم لمحسنهم وأعطيت محسنيهم جميع ما سألوني
وكفلت عنهم التبعات التي بينهم "
وأخرج ابن المبارك عن أنس بن مالك قال " وقف النبي صلى الله عليه و سلم
بعرفات وقد كادت الشمس أن تؤوب فقال : يا بلال أنصت لي الناس
فقام بلال فقال : انصتوا لرسول الله صلى الله عليه و سلم
فنصت الناس فقال : يا معاشر الناس أتاني جبريل آنفا فأقرأني من ربي السلام وقال :
إن الله عز و جل غفر لأهل عرفات وأهل المشعر وضمن عنهم التبعات
فقام عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله هذا لنا خاصة ؟ قال : هذا لكم ولمن أتى من
بعدكم إلى يوم القيامة
فقال عمر بن الخطاب : كثر خير الله وطاب "
وأخرج ابن ماجة عن بلال بن رباح " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال له غداة
جمع :
(1/553)
أنصت
الناس
ثم قال : إن الله تطاول عليكم في جمعكم هذا فوهب مسيئكم لمحسنكم وأعطى محسنكم ما
سأل ادفعوا باسم الله "
وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة عن محمد بن أبي بكر
الثقفي أنه سأل أنس بن مالك وهما عاديان من منى إلى عرفة كيف كنتم تصنعون في هذا
اليوم مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ فقال : كان يهل منا المهل فلا ينكر عليه
ويكبر منا المكبر فلا ينكر عليه
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود عن أم الفضل بنت الحرث " أن ناسا اختلفوا
عندها يوم عرفة في صوم النبي صلى الله عليه و سلم فقال بعضهم : هو صائم
وقال بعضهم : ليس بصائم
فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره فشربه "
وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن أبي الدنيا في الأضاحي والحاكم وصححه عن
أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة
"
وأخرج الترمذي وحسنه عن أبي نجيح قال : سئل ابن عمر عن صوم يوم عرفة فقال : حججت
مع النبي صلى الله عليه و سلم فلم يصمه ومع عمر فلم يصمه ومع عثمان فلم يصمه وأنا
لا أصومه ولا آمر به ولا أنهى عنه
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن أبي
قتادة " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : صيام يوم عرفة أني أحتسب على
الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده "
وأخرج مالك في الموطأ من طريق القاسم بن محمد عن عائشة
أنها كانت تصوم يوم عرفة قال القاسم : ولقد رأيتها عشية عرفة يدفع الإمام وتقف حتى
يبيض ما بينها وبين الناس من الأرض ثم تدعو بالشراب فتفطر
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة قالت : ما من يوم من السنة أصومه أحب إلي من يوم عرفة
وأخرج البيهقي عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول "
صيام يوم عرفة كصيام ألف يوم "
وأخرج البيهقي عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول "
صيام يوم عرفة كصيام ألف عام "
وأخرج البيهقي عن مسروق أنه دخل على عائشة يوم عرفة فقال : اسقوني
(1/554)
فقالت
عائشة " وما أنت يا مسروق بصائم
فقال : لا إني أتخوف أن يكون أضحى
فقالت عائشة : ليس كذلك يوم عرفة يوم يعرف الإمام ويوم النحر يوم ينحر الإمام أو
ما سمعت يا مسروق أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يعدله بصوم ألف يوم "
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الأضاحي والبيهقي عن أنس بن مالك قال : كان يقال في
أيام العشر : بكل يوم ألف يوم ويوم عرفة عشرة الآف يوم يعني في الفضل
وأخرج البيهقي عن الفضل بن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " من حفظ
لسانه وسمعه وبصره يوم عرفة غفر له من عرفة إلى عرفة "
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال " كان الفضل بن عباس رديف رسول الله صلى الله
عليه و سلم يوم عرفة فجعل الفتى يلاحظ النساء وينظر إليهن فقال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : ابن أخي إن هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له "
وأخرج المروزي في كتاب العيدين عن محمد بن عباد المخزومي قال : لا يستشهد مؤمن حتى
يكتب اسمه عشية عرفة فيمن يستشهد
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا في الأضاحي والمرزوي عن إبراهيم
أنه سئل عن التعريف بالأمصار فقال : إنما التعريف بعرفات
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي عوانة قال : رأيت الحسن البصري يوم عرفة بعد العصر
جلس فذكر الله ودعا واجتمع إليه الناس
وأخرج المروزي عن مبارك قال : رأيت الحسن وبكر بن عبد الله وثابتا البناني ومحمد
بن واسع وغيلان بن جرير يشهدون عرفة بالبصرة
وأخرج ابن أبي شيبة والمروزي عن موسى بن أبي عائشة قال : رأيت عمرو بن حريث في
المسجد يوم عرفة والناس مجتمعون إليه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والمروزي عن الحسن قال : إن أول من عرف البصرة
ابن عباس
وأخرج المروزي عن الحكم قال : أول من فعل ذلك بالكوفة مصعب بن الزبير
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن أبي الدنيا في
(1/555)
الأضاحي
والحاكم وصححه عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهن أيام أكل وشرب "
وأخرج ابن أبي الدنيا عن جابر بن عبد الله قال " كان رسول الله صلى الله عليه
و سلم إذا صلى صلاة الغداة يوم عرفة وسلم جثا على ركبتيه فقال : الله أكبر لا إله
إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد إلى آخر أيام التشريق يكبر في العصر
"
وأخرج الحاكم وصححه وضعفه الذهبي من طريق أبي الطفيل عن علي وعمار " أن النبي
صلى الله عليه و سلم كان يجهر في المكتوبات ببسم الله الرحمن الرحيم ويقنت في
الفجر وكان يكبر من يوم عرفة صلاة الغداة ويقطعها صلاة العصر آخر أيام التشريق
"
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والمروزي في العيدين والحاكم عن عبيد بن عمير
قال : كان عمر يكبر بعد صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة الظهر أو العصر من آخر أيام
التشريق
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم عن شقيق قال : كان يكبر بعد الفجر غداة عرفة ثم لا
يقطع حتى يصلي العصر من آخر أيام التشريق
وأخرج ابن أبي شيبة والمروزي والحاكم عن ابن عباس : أنه كان يكبر من غداة عرفة إلى
صلاة العصر من آخر أيام التشريق
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا والحاكم عن عمير بن سعد قال : قدم علينا ابن
مسعود فكان يكبر من صلاة الصبح يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عباس أنه كان يقول : من يصحبني منكم من ذكر أو أنثى
فلا يصومن يوم عرفة فإنه يوم أكل وشرب وتكبير
قوله تعالى : فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا فمن
الناس من يقول ربنا آتنا
(1/556)
في
الدنيا وما له في الآخرة من خلاق ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي
الآخرة حسنة وقنا عذاب النار أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب
ابن أبي حاتم عن عطاء فإذا قضيتم مناسككم قال : حجكم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله فإذا قضيتم مناسككم قال : حجكم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله فإذا قضيتم مناسككم قال : اهراقه
الدماء فاذكروا الله كذكركم آباءكم قال : تفاخر العرب بينها بفعال آبائها يوم
النحر حين يفزعون فأمروا بذكر الله مكان ذلك
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : كان المشركون يجلسون في الحج فيذكرون
فيه أيام آبائهم وما يعدون من أنسابهم يومهم أجمع فأنزل الله على رسوله في الإسلام
فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال : كان أهل
الجاهلية يقفون في الموسم يقول الرجل منهم : كان أبي يطعم ويحمل الحملات ويحمل
الديات ليس لهم ذكر غير فعال آبائهم فأنزل الله فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد
ذكرا
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن عبد اله بن الزبير قال : كانوا إذا فزعوا من حجهم
تفاخروا بالآباء فأنزل الله فاذكروا الله كذكركم آباءكم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال : كانوا إذا قضوا مناسكهم وقفوا عند
الجمرة فذكروا آباءهم وذكروا أيامهم في الجاهلية وفعال آبائهم فنزلت هذه الآية
وأخرج الفاكهي عن أنس قال : كانوا في الجاهلية يذكرون آباءهم فيقول أحدهم : كان
أبي يطعم الطعام
ويقول الآخر : كان أبي يضرب بالسيف
ويقول الآخر : كان أبي يجز بالنواصي
فنزلت فاذكروا الله كذكركم آباءكم
(1/557)
وأخرج
وكيع وابن جرير عن سعيد بن جبير وعكرمة قالا : كانوا يذكرون فعل آبائهم في
الجاهلية إذا وقفوا بعرفة فنزلت فاذكروا الله كذكركم آباءكم
وأخرج وكيع وعبد بن حميد عن عطاء قال : كان أهل الجاهلية إذا نزلوا منى تفاخروا
بآبائهم ومجالسهم فقال هذا : فعل أبي كذا وكذا
وقال هذا : فعل أبي كذا وكذا
فذلك قوله فاذكروا الله كذكركم آباءكم وأشد ذكرا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي رباح في قوله فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو
أشد ذكرا قال : هو قول الصبي أول ما يفصح في الكلام أباه وأمه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس
أنه قيل له : قول الله كذكركم آبائكم إن الرجل ليأتي عليه اليوم وما يذكر أباه قال
: إنه ليس بذاك ولكن يقول : تغضب لله إذا عصي أشد من غضبك إذا ذكر والديك بسوء
أما قوله تعالى : فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا الآيات
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان قوم من الأعراب يجيئون إلى الموقف
فيقولون : اللهم اجعله عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن ولا يذكرون من أمر الآخرة
شيئا فأنزل فيهم فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق
ويجيء بعدهم آخرون من المؤمنين ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا
عذاب النار فأنزل الله فيهم أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع الحساب
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن الزبير قال : كان الناس في الجاهلية إذا وقفوا عند
المشعر الحرام دعوا فقال أحدهم : اللهم ارزقني إبلا
وقال الآخر : اللهم ارزقني غنما فأنزل الله فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا
إلى قوله سريع الحساب
وأخرج ابن جرير عن أنس بن مالك في قوله فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا قال
: كانوا يطوفون بالبيت عراة فيدعون : اللهم اسقنا المطر وأعطنا على عدونا الظفر
وردنا صالحين إلى صالحين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال : كانوا يقولون : ربنا آتنا رزقا ونصرا ولا
يسألون لآخرتهم شيئا فنزلت
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وأبو يعلى عن أنس قال : كان
أكثر دعوة يدعو بها رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اللهم ربنا آتنا في
الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار "
(1/558)
وأخرج
ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو يعلى وابن
حبان وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم غادر رجلا من المسلمين قد صار مثل الفرخ المنتوف فقال له رسول الله صلى الله
عليه و سلم : هل كنت تدعو الله بشيء ؟ قال : نعم كنت أقول : اللهم ما كنت معاقبني
به في الآخرة فعجله لي في الدنيا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : سبحان الله
! إذن لا تطيق ذلك ولا تستطيعه فهلا قلت ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة
وقنا عذاب النار ؟ ودعا له فشفاه الله "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب وابن أبي حاتم عن أنس
أن ثابتا قال له : إن إخوانك يحبون أن تدعو لهم
فقال : اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
فاعاد عليه فقال : تريدون أن أشقق لكم الأمور إذا أتاكم الله في الدنيا حسنة وفي
الآخرة حسنة ووقاكم عذاب النار فقد آتاكم الخير كله
وأخرج الشافعي وابن سعد وابن أبي شيبة والبخاري في تاريخه وأبو داود والنسائي وابن
خزيمة وابن الجارود وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن عبد
الله بن السائب
أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول فيما بين الركن اليماني والحجر "
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما
مررت على الركن إلا رأيت عليه ملكا يقول آمين فإذا مررتم عليه فقولوا : ربنا آتنا
في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار "
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في الشعب عن ابن عباس
أن ملكا موكلا بالركن اليماني منذ خلق الله السموات والأرض يقول : آمين آمين
فقولوا : ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
وأخرج ابن ماجة والجندي في فضائل مكة عن عطاء بن أبي رباح أنه سئل عن الركن
اليماني وهو في الطواف فقال : حدثني أبو هريرة " أن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : وكل به سبعون ملكا فمن قال : اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا
والآخرة ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
قال : آمين "
(1/559)
وأخرج
الأزرقي عن ابن أبي نجيح قال : كان أكثر كلام عمر وعبد الرحمن بن عوف في الطواف :
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن حبيب بن صهبان الكاهلي
قال : كنت أطوف بالبيت وعمر بن الخطاب يطوف ما له إلا قوله : ربنا آتنا في الدنيا
حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ما له هجيرى غيرها
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة
أنه كان يستحب أن يقال في أيام التشريق : ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة
حسنة وقنا عذاب النار
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء قال : ينبغي لكل من نفر أن يقول حين ينفر متوجها إلى
أهله : ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : كانوا أصنافا ثلاثة في تلك المواطن يومئذ : رسول
الله صلى الله عليه و سلم والمؤمنون وأهل الكفر وأهل النفاق فمن الناس من يقول
ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق إنما حجوا للدنيا والمسألة لا
يريدون الآخرة ولا يؤمنون بها ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة
حسنة وقنا عذاب النار والصنف الثالث ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا
البقرة الآية 204
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه عن أنس قال " جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه
و سلم فقال : يا رسول الله أي الدعاء أفضل ؟ قال : تسأل ربك العفو والعافية في
الدنيا والآخرة ثم أتاه من الغد فقال : يا رسول الله أي الدعاء أفضل ؟ قال : تسأل
ربك العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة ثم أتاه من الغد فقال : يا رسول الله
أي الدعاء أفضل ؟ قال : تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ثم أتاه من
اليوم الرابع فقال : يا رسول الله أي الدعاء أفضل ؟ قال : تسأل ربك العفو والعافية
في الدنيا والآخرة فإنك إذا أعطيتهما في الدنيا ثم أعطيتهما في الآخرة فقد أفلحت
"
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في قوله ربنا آتنا في الدنيا حسنة قال : عافية وفي
الآخرة حسنة قال : عافية
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير والذهبي في فضل العلم والبيهقي في شعب
الإيمان عن الحسن في قوله ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة قال : الحسنة
في الدنيا العلم والعبادة وفي الآخرة الجنة
(1/560)
وأخرج
ابن جرير عن السدي قال : حسنة الدنيا المال وحسنة الآخرة الجنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن ربنا آتنا في الدنيا حسنة قال : الرزق الطيب والعلم
النافع
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في الآية قال : المرأة الصالحة من الحسنات
وأخرج ابن المنذر عن سالم بن عبد الله بن عمر ربنا آتنا في الدنيا حسنة قال :
الثناء
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء أولئك لهم نصيب مما كسبوا قال : مما عملوا من الخير
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد والله سريع الحساب قال : سريع الإحصاء
وأخرج الشافعي في الأم وعبد الرزاق وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن
المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس أن رجلا قال له : إني أجرت
نفسي من قومي على أن يحملوني ووضعت لهم من أجرتي على أن يدعوني أحج معهم أفيجزىء
ذلك عني ؟ قال : أنت من الذين قال الله أولئك لهم نصيب مما كسبوا والله سريع
الحساب
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن سفيان قال : أصحاب عبد الله يقرؤونها أولئك لهم
نصيب مما اكتسبوا
قوله تعالى : واذكروا الله في أيا معدودات فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن
تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى واتقوا الله واعلموا أنكم إليه تحشرون
عبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال : الأيام
المعدودات ثلاثة أيام : يوم الأضحى ويومان بعده اذبح في أيها شئت وأفضلها أولها
(1/561)
وأخرج
الفريابي وابن أبي الدنيا وابن المنذر عن ابن عمر في قوله واذكروا الله في أيام
معدودات قال : ثلاثة أيام أيام التشريق
وفي لفظ : هي الثلاثة الأيام بعد يوم النحر
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد والمروزي في العيدين وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب والضياء في المختارة من طرق عن ابن عباس قال :
الأيام المعلومات أيام العشر والأيام المعدودات أيام التشريق
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن الزبير واذكروا الله في أيام معدودات قال : هن أيام
التشريق يذكر الله فيهن بتسبيح وتهليل وتكبير وتحميد
وأخرج ابن أبي الدنيا والمحاملي في أماليه والبيهقي عن مجاهد قال : الأيام
المعلومات العشر والأيام المعدودات أيام التشريق
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الأيام المعدودات أربعة أيام : يوم النحر
وثلاثة أيام بعده
وأخرج المروزي عن يحيى بن كثير في قوله واذكروا الله في أيام معدودات قال : هو
التكبير في أيام التشريق دبر الصلوات
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر
أنه كان يكبر تلك الأيام بمنى ويقول : التكبير واجب ويتأول هذه الآية واذكروا الله
في أيام معدودات
وأخرج المروزي وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه وعمرو بن دينار قال :
رأيت ابن عباس يكبر يوم النحر ويتلو واذكروا الله في أيام معدودات
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله واذكروا الله في أيام معدودات قال : التكبير
أيام التشريق يقول في دبر كل صلاة : الله أكبر الله أكبر الله أكبر
وأخرج ابن المنذر عن ابن عمر
أنه كان يكبر ثلاثا ثلاثا وراء الصلوات بمنى : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له
الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
وأخرج المروزي عن الزهري قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكبر أيام
التشريق كلها
وأخرج سفيان بن عينية عن عمرو بن دينار قال : سمعت ابن عباس يكبر يوم الصدر ويأمر
من حوله أن يكبر فلا أدري تأول قوله تعالى واذكروا الله في أيام معدودات أو قوله
فإذا قضيتم مناسككم الآية "
وأخرج مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن عمر بن الخطاب خرج الغد من
(1/562)
يوم
النحر بمنى حتى ارتفع النهار شيئا فكبر وكبر الناس بتكبيره حتى بلغ تكبيرهم البيت
ثم خرج الثالثة من يومه ذلك حين زاغت الشمس فكبر وكبر الناس بتكبيره فعرف أن عمر
قد خرج يرمي
وأخرج البيهقي في سننه عن سالم بن عبد الله بن عمر " أنه رمى الجمرة بسبع
حصيات يكبر مع كل حصاة الله أكبر الله أكبر اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا
وعملا مشكورا وقال : حدثني أبي أن النبي صلى الله عليه و سلم كان كلما رمى بحصاة
يقول مثل ما قلت "
وأخرج البخاري والنسائي وابن ماجة عن ابن عمر " أنه كان يرمي الجمرة الدنيا
بسبع حصيات يكبر على كل حصاة ثم يتقدم حتى يسهل فيقوم مستقبل القبلة فيقوم طويلا
ويدعو ويرفع يديه يقوم طويلا ثم يرمي جمرة ذات العقبة من بطن الوادي ولا يقف عندها
ثم ينصرف ويقول : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يفعله "
وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قال " أفاض رسول الله صلى الله عليه و سلم من
آخر يومه حين صلى الظهر ثم رجع فمكث بمنى ليالي أيام التشريق يرمي الجمرة إذا زالت
الشمس كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة ويقف عند الأولى وعند الثانية فيطيل
القيام ويتضرع ثم يرمي الثالثة ولا يقف عندها "
وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قال لي رسول الله صلى الله
عليه و سلم غداة العقبة " هات القط لي حصيات من حصى الخذف فلما وضعن في يده
قال : بأمثال هؤلاء وإياكم والغلو في الدين فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في
الدين "
وأخرج الحاكم عن أبي البداح بن عاصم بن عدي عن أبيه " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم رخص للرعاء أن يرموا يوما ويدعوا يوما "
وأخرج الأزرقي عن ابن الكلبي قال : إنما سميت الجمار جمار لأن آدم كان يرمي إبليس
فيتجمر بين يديه والإجمار الإسراع
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري قال : ما يقبل من حصى الجمار رفع
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الطفيل قال : قلت لابن عباس : رمى الناس
(1/563)
في
الجاهلية والإسلام
فقال : ما تقبل منه رفع ولولا ذلك كان أعظم من ثبير
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس أنه سئل هذه الجمار ترمى في الجاهلية والإسلام كيف لا
تكون هضابا تسد الطريق ؟ فقال : إن الله وكل بها ملكا فما يقبل منه رفع ولم يقبل
منه ترك
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : والله ما قبل الله من إمرىء حجه إلا رفع حصاه
وأخرج الأزرقي عن ابن عمر
أنه قيل له : ما كنا نتراءى في الجاهلية من الحصى والمسلمون اليوم أكثر إنه لضحضاح
؟ فقال : إنه - والله - ما قبل الله من إمرىء حجه إلا رفع حصاه
وأخرج الأزرقي عن سعيد بن جبير قال : إنما الحصى قربان فما يقبل منه رفع وما لم
يتقبل منه فهو الذي يبقى
وأخرج الطبراني في الأوسط والدارقطني والحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري قال "
قلنا : يا رسول الله هذه الأحجار التي يرمى بها كل سنة فنحسب أنها تنقص ! قال : ما
يقبل منها يرفع ولولا ذلك لرأيتموها مثل الجبال "
وأخرج الطبراني عن ابن عمر أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن رمي الجمار
وما لنا فيه ؟ فسمعته يقول : " تجد ذلك عند ربك أحوج ما تكون إليه "
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس
أنه سئل عن منى وضيقه في غير الحج فقال : إن منى تتسع بأهلها كما يتسع الرحم للولد
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" مثل منى كالرحم هي ضيقة فإذا حملت وسعها الله "
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : إنما سميت منى منى لأن جبريل حين أراد أن يفارق
آدم قال له : تمن
قال : أتمنى الجنة فسميت منى لأنها منية آدم "
وأخرج الأزرقي عن عمر بن مطرف قال : إنما سميت منى لما يمنى بها من الدماء
وأخرج الحاكم وصححهعن عائشة قالت " قيل : يا رسول الله ألا نبني لك بناء
يظللك ؟ قال : لا منى مناخ من سبق "
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول ونحن
بمنى : " لو يعلم أهل الجمع بمن حلوا لأستبشروا بالفضل بعد المغفرة "
(1/564)
وأخرج
مسلم والنسائي عن نبيشة الهدبي قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله "
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث عبد
الله بن حذافة يطوف في منى لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وذكر الله
تعالى "
وأخرج ابن جرير عن عائشة قالت " نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن صوم
أيام التشريق وقال : هي أيام أكل وشرب وذكر الله "
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي الشعثاء قال : دخلنا على ابن عمر في اليوم الأوسط من
أيام التشريق فأتى بطعام فتنحى ابن له فقال : ادن فأطعم قال : إني صائم
قال : أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " هذه أيام طعم وذكر
" ؟
وأخرج الحاكم وصححه عن مسعود بن الحكم الزرقي عن أمه أنها حدثته قالت " كأني
أنظر إلى علي على بغلة رسول الله صلى الله عليه و سلم البيضاء في شعب الأنصار وهو
يقول : أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إنها ليست أيام صيام
إنها أيام أكل وشرب وذكر "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر بن خلدة الأنصاري عن أمه قالت " بعث رسول الله صلى
الله عليه و سلم عليا أيام التشريق ينادي : إنها أيام أكل وشرب وبعال "
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن ماجة عن بشر بن شحيم " أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم خطب أيام التشريق فقال : لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وإن هذه
الأيام أيام أكل وشرب "
وأخرج مسلم عن كعب بن مالك " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعثه وأوس بن
الحدثان أيام التشريق فنادى : إنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن وأيام منى أيام أكل وشرب
"
وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجة وابن أبي الدنيا عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " أيام منى أيام أكل وشرب "
وأخرج أبو داود وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه عن أبي مرة مولى أم هانىء أنه دخل
مع عبد الله على أبيه عمرو بن العاص فقرب إليهما ظعاما فقال : كل فقال : إني صائم
قال عمرو : كل فهذه الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمرنا
بإفطارها وينهانا عن صيامها
قال مالك : وهن أيام التشريق
(1/565)
وأخرج
ابن أبي الدنيا والبزار عن أبي هريرة " أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن
صيام ستة أيام من السنة : يوم الفطر ويوم الأضحى وأيام التشريق واليوم الذي يشك
فيه من رمضان "
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الله بن عمر " أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى
عن صيام أيام التشريق وقال : إنها أيام أكل وشرب "
وأخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة أنه سئل عن أيام التشريق لأي شيء سميت التشريق ؟ فقال
: كانوا يشرقون لحوم ضحاياهم وبدنهم يشرقون القديد
أما قوله تعالى : فمن تعجل في يومين الآية أخرج وكيع وابن أبي شيبة وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه قال :
في تعجيله ومن تأخر فلا إثم عليه في تأخيره
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس فمن تعجل في يومين فلا إثم
عليه قال : فلا ذنب عليه ومن تأخر فلا إثم عليه قال : فلا حرج عليه لمن اتقى
يقول : اتقى معاصي الله
وأخرج الفريابي وابن جرير عن ابن عمر قال : أحل النفر في يومين لمن اتقى
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : من غابت له الشمس
في اليوم الذي قال الله فيه فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه وهو منى فلا ينفرن حتى
يرمى الجمار من الغد
وأخرج سفيان بن عينية وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله لمن اتقى قال
: لمن اتقى الصيد وهو محرم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : هي في مصحف عبد الله لمن اتقى الله
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم وصحه
والبيهقي في سننه عن عبد الله بن يعمر الديلمي " سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول وهو واقف بعرفة وأتاه أناس من أهل مكة فقالوا : يا رسول الله كيف
الحج ؟ فقال : الحج عرفات الحج عرفات فمن أدرك ليلة جمع قبل أن يطلع الفجر فقد
أدرك
(1/566)
أيام
منى ثلاثة أيام فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه ثم أردف
رجلا خلفه ينادي بهن "
وأخرج ابن جرير عن علي في قوله فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه قال : غفر له ومن
تأخر فلا إثم عليه قال : غفر له
وأخرج وكيع والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم والطبراني عن ابن مسعود فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه قال : مغفور له ومن
تأخر فلا إثم عليه قال : مغفور له
وأخرج البيهقي في سننه عن ابن عباس في الآية قال : من تعجل في يومين غفر له ومن
تأخر إلى ثلاثة أيام غفر له
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر فمن تعجل في يومين
فلا إثم عليه قال : رجع مغفورا له
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في الآية قال : رخص الله أن ينفروا في
يومين منها إن شاؤوا ومن تأخر إلى اليوم الثالث فلا إثم عليه لمن اتقى
قال قتادة : يرون أنها مغفورة له
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة عن مجاهد فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه قال : إلى قابل
ومن تأخر فلا إثم عليه قال : إلى قابل
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال : لا والذي نفس الضحاك بيده إن نزلت هذه الآية
فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه في الإقامة والظعن ولكنه برىء من الذنوب
وأخرج سفيان بن عينية وعبد بن حميد وابن جرير عن ابن مسعود فمن تعجل في يومين فلا
إثم عليه قال : خرج من الإثم كله ومن تأخر فلا إثم عليه قال : برىء من الإثم كله
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله لمن اتقى قال : لمن اتقى في حجه
قال قتادة : وذكر لنا أن ابن مسعود كان يقول : من اتقى في حجه غفر له ما تقدم من
ذنبه
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح قال : كانت امرأة من المهاجرات تحج فإذا رجعت مرت
على عمر فيقول لها : أتقيت ؟ فتقول : نعم
فيقول لها : استأنفي العمل
(1/567)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن مجاهد
أن عمرا قال لقوم حجاج : أنهزكم إليه غيره ؟ قالوا : لا
قال : أتقيتم ؟ قالوا : نعم
قال : أما لا فأستأنفوا العمل
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه قال : قد غفر له أنهم
يتأولونها على غير تأويلها إن العمرة لتكفر ما معها من الذنروب فكيف بالحج ؟ !
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن معاوية بن مرة المزني فلا إثم
عليه قال : خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : إنما جعل الله هذه المناسك ليكفر بها خطايا
بني آدم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي العالي في قوله فلا إثم عليه لمن اتقى قال :
ذهب إثمه كله إن اتقى فيما بقى من عمره
وأخرج البيهقي في الشعب عن الحسن
أنه قيل له : الناس يقولون : إن الحاج مغفور له قال : إنه ذلك أن يدع سيء ما كان
عليه
وأخرج البيهقي عن خيثمة بن عبد الرحمن قال : إذا قضيت حجك فسل الله الجنة فلعله
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن إبراهيم قال : كان يقال : صافحوا الحجاج قبل أن
يتلطخوا بالذنوب
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال : تلقوا الحجاج والعمار والغزاة فليدعوا لكم قبل أن
يتدنسوا
وأخرج ابن أبي شيبة عن حبيب بن أبي ثابت قال : كنا نلتقي الحجاج فنصافحهم قبل أن
يقارفوا
وأخرج الأصبهاني عن الحسن
أنه قيل له ما الحج المبرور ؟ قال : أن يرجع زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة
وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إذا
قضى أحدكم حجه فليعجل الرحلة إلى أهله فإنه أعظم لأجره "
وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عمر " أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم كان إذا قفل من غزوة أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث
(1/568)
تكبيرات
ثم يقول : لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء
قدير آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون صدق الله وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب
وحده "
وأخرج ابن حبان في الضعفاء وابن عدي في الكامل والدارقطني في العلل عن ابن عمر عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال " من حج ولم يزرني فقد جفاني "
وأخرج سعيد بن منصور وأبو يعلى والطبراني وابن عدي والدارقطني والبيهقي في الشعب
وابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من حج فزار
قبري بعد وفاتي كان كم زارني في حياتي "
وأخرج الحكيم الترمذي والبزار وابن خزيمة وابن عدي والدارقطني والبيهقي عن ابن عمر
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من زار قبري وجبت له شفاعتي
"
وأخرج الطبراني عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من
جاءني زائرا لم تنزعه حاجة إلا زيارتي كان حقا على أن أكون له شفيعا يوم القيامة
"
وأخرج الطيالسي والبيهقي في الشعب عن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " من زار قبري كنت له شفيعا أو شهيدا ومن مات في أحد الحرمين بعثه
الله في الآمنين يوم القيامة "
وأخرج البيهقي عن حاطب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من زارني
بعد موتي فكأنما زارني في حياتي ومن مات بأحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة
"
وأخرج العقيلي في الضعفاء والبيهقي في الشعب عن رجل من آل الخطاب عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال " من زارني متعمدا كان في جواري يوم القيامة ومن سكن
المدينة وصبر على بلائها كنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة ومن مات في أحد الحرمين
بعثه الله من الآمنين يوم القيامة "
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أنس بن مالك " أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم قال : من زارني بالمدينة محتسبا كنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة "
(1/569)
وأخرج
البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما من عبد
يسلم علي عند قبري إلا وكل الله به ملكا يبلغني وكفي أمر آخرته ودنياه وكنت له
شهيدا وشفيعا يوم القيامة "
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما من
مسلم يسلم علي إلا رد الله علي روحي حتى أرد عليه السلام "
وأخرج البيهقي عن ابن عمر " أنه كان يأتي القبر فيسلم على رسول الله صلى الله
عليه و سلم ولا يمس القبر ثم يسلم على أبي بكر ثم على عمر "
وأخرج البيهقي عن محمد بن المنكدر قال : رأيت جابرا وهو يبكي عند قبر رسول الله
صلى الله عليه و سلم وهو يقول : ههنا تسكب العبرات سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول " ما بين قبري ومنبري روضة من رياض الجنة "
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن منيب بن عبد الله بن أبي أمامة قال : رأيت أنس
بن مالك أتى قبر النبي صلى الله عليه و سلم فوقف فرفع يديه حتى ظننت أنه افتتح
الصلاة فسلم على النبي صلى الله عليه و سلم ثم انصرف
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن سليمان بن سحيم قال : رأيت النبي صلى الله عليه
و سلم في النوم قلت : يا رسول الله هؤلاء الذين يأتونك فيسلمون عليك أتفقه سلامهم
؟ قال : نعم وأرد عليهم
وأخرج البيهقي عن حاتم بن مروان قال : كان عمر بن عبد العزيز يوجه بالبريد قاصدا
إلى المدينة ليقرىء عنه النبي صلى الله عليه و سلم السلام
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي فديك قال : سمعت بعض من أدركت يقول : بلغنا
أنه من وقف عند قبر النبي صلى الله عليه و سلم فتلا هذه الآية إن الله وملائكته
يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما الأحزاب الآية 56
صلى الله عليك يا محمد حتى يقولها سبعين مرة فأجابه ملك : صلى الله عليك يا فلان
لم تسقط لك حاجة
وأخرج البيهقي عن أبي حرب الهلالي قال : حج أعرابي إلى باب مسجد رسول الله صلى
الله عليه و سلم أناخ راحلته فعقلها ثم دخل المسجد حتى أتى القبر ووقف بحذاء وجه رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقال : بأبي أنت وأمي يا رسول الله جئتك مثقلا بالذنوب
والخطايا مستشفعا بك على ربك لأنه قال في محكم تنزيله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم
جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما النساء الآية 64
(1/570)
وقد
جئتك بأبي أنت وأمي مثقلا بالذنوب والخطايا استشفع بك على ربك أن يغفر لي ذنوبي
وأن تشفع في ثم أقبل في عرض الناس وهو يقول : يا خير من دفنت في الترب أعظمه فطاب
من طيبهن القاع والأكم نفسي الفداء لقبر أنت ساكنه فيه العفاف وفيه الجود والكرم
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر
أنه كان يقول للحاج إذا قدم : تقبل نسكك وأعظم أجرك وأخلف نفقتك
وأخرج البيهقي عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إذا قدم
أحدكم على أهله من سفر فليهد لأهله فليطرفهم ولو كان حجارة "
قوله تعالى : ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على ما في قلبه
وهو ألد الخصام
ابن اسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما أصيبت السرية
التي فيها عاصم ومرثد قال رجال من المنافقين : يا ويح هؤلاء المقتولين الذين هلكوا
هكذا لا هم قعدوا في أهلهم ولا هم أدوا رسالة صاحبهم ! فأنزل الله ومن الناس من
يعجبك قوله في الحياة الدنيا أي لما يظهر من الإسلام بلسانه ويشهد الله على ما في
قلبه أنه مخالف لما يقوله بلسانه وهو ألد الخصام أي ذو جدال إذا كلمك راجعك وإذا
تولى خرج من عندك سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد
البقرة الآية 205 أي لا يحب عمله ولا يرضى به ومن الناس من يشري نفسه
البقرة الآية 207 الآية
الذين شروا أنفسهم من الله بالجهاد في سبيله والقيام بحقه حتى هلكوا في ذلك يعني
بهذه السرية
وأخرج ابن المنذر عن أبي اسحق قال : كان الذين اجلبوا على خبيب في قتله نفر من
قريش عكرمة بن أبي جهل وسعيد بن عبد الله بن أبي قيس بن عبد ود والأخنس بن شريق
الثقفي حليف بني زهرة وعبيدة بن حكيم بن أمية بن عبد شمس وأمية ابن أبي عتبة
(1/571)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي في قوله ومن الناس من يعجبك الآية
قال " نزلت في الأخنس بن شريق الثقفي حليف لبني زهرة أقبل إلى النبي صلى الله
عليه و سلم المدينة وقال : جئت أريد الإسلام ويعلم الله أني لصادق
فأعجب النبي صلى الله عليه و سلم ذلك منه فذلك قوله ويشهد الله على ما في قلبه ثم
خرج من عند النبي صلى الله عليه و سلم فمر بزرع لقوم من المسلمين وحمر فأحرق الزرع
وعقر الحمر فأنزل الله وإذا تولى سعى في الأرض البقرة 205 الآية "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الكلبي قال : كنت جالسا بمكة فسألوني عن هذه
الآية ومن الناس من يعجبك قوله
قلت : هو الأخنس بن شريق ومعنا فتى من ولده فلما قمت أتبعني فقال : إن القرآن إنما
نزل في أهل مكة فإن رأيت أن لا تسمى أحدا حتى تخرج منها فافعل
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير والبيهقي في الشعب عن أبي سعيد المقبري
أنه ذاكر محمد بن كعب القرظي فقال : إن في بعض كتب الله : إن لله عبادا ألسنتهم
أحلى من العسل وقلوبهم أمر من الصبر لبسوا لباس مسوك الضأن من اللين يجترون الدنيا
بالدين
قال الله تعالى : أعلي يجترئون ؟ وبي يغترون ؟ وعزتي لأبعثن عليهم فتنة تترك
الحليم منهم حيران
فقال محمد بن كعب القرظي : هذا في كتاب الله ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة
الدنيا الآية
فقال سعيد : قد عرفت فيمن أنزلت
فقال محمد بن كعب : إن الآية تنزل في الرجل تكون عامة بعد
وأخرج أحمد في الزهد عن الربيع بن أنس قال : أوحى الله إلى نبي من الأنبياء : ما
بال قومك يلبسون جلود الضأن ويتشبهون بالرهبان كلامهم أحلى من العسل وقلوبهم أمر
من الصبر ؟ أبي يغترون أم لي يخادعون ؟ وعزتي لأتركن العالم منهم حيرانا ليس مني
من تكهن أو تكهن له أو سحر أو سحر له ومن آمن بي فليتوكل علي ومن لم يؤمن فليتبع
غيري
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب
" أن الرب تبارك وتعالى قال لعلماء بني اسرائيل : يفقهون لغير الدين ويعملون
لغير العمل ويبتغون الدنيا بعمل الآخرة يلبسون مسوك الضأن ويخفون أنفس الذباب
ويتقوى القذى من شرابكم ويبتلعون أمثال الجبال من المحارم ويثقلون الدين على الناس
أمثال الجبال ولا
(1/572)
يعينونهم
برفع الخناصر يبيضون الثياب ويطيلون الصلاة ينتقصون بذلك مال اليتيم والأرملة
فبعزتي حلفت لأضربنكم بفتنة يضل فيها رأي ذي الرأي وحكمة الحكيم "
وأما قوله تعالى : وهو ألد الخصام
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وهو ألد الخصام قال : شديد الخصومة
وأخرج الطستي عن ابن عباس
أن نافع بن الأزرق سأله قوله وهو أشد الخصام قال : الجدل المخاصم في الباطل
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول مهلهل : إن تحت الأحجار حزما
وجودا وخصيما ألد ذا مغلاق وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وهو ألد الخصام قال : ظالم
لا يستقيم
وأخرج وكيع وأحمد والبخاري وعبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي وابن مردويه
والبيهقي في الشعب عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " أبغض الرجال
إلى الله الألد الخصم "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عبد الله بن عمرو " أن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ومن كانت فيه
خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها إذا ائتمن خان وإذا حدث كذب وإذا
عاهد غدر وإذا خاصم فجر "
وأخرج الترمذي والبيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" كفى بك إثما أن لا تزال مخاصما "
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال : كفى بك آثما أن لا تزال مماريا وكفى بك
ظالما أن لا تزال مخاصما وكفى بك كاذبا أن لا تزال محدثا الأحاديث في ذات الله عز
و جل "
وأخرج أحمد عن أبي الدرداء قال : من كثر كلامه كثر كذبه ومن كثر حلفه كثر إثمه ومن
كثرت خصومته لم يسلم دينه
وأخرج البيهقي في الشعب عن عبد الكريم الجزري قال : ما خاصم ورع قط
وأخرج البيهقي عن ابن شبرمة قال : من بالغ في الخصومة أثم ومن قصر فيها
(1/573)
خصم
ولا يطيق الحق من تألى على من به دار الأمر وفضل الصبر التصبر ومن لزم العفاف هانت
عليه الملوك والسوق
وأخرج البيهقي عن الأحنف بن قيس قال : ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة
حليم من أحمق وبر من فاجر ؟
؟ ؟ وأخرج البيهقي عن ابن عمرو بن العلاء قال : ما تشاتم رجلان قط إلا غلب ألأمهما
قوله تعالى : وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد بها ويهلك الحرث والنسل الله لا يحب
الفساد
عبد بن حميد عن مجاهد وإذا تولى سعى في الأرض قال : عمل في الأرض ويهلك الحرث قال
: نبات الأرض والنسل نسل كل شيء من الحيوان : الناس والدواب
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد
أنه سئل عن قوله وإذا تولى سعى في الأرض قال : يلي في الأرض فيعمل فيها بالعدوان
والظلم فيحبس الله بذلك القطر من السماء فهلك بحبس القطر الحرث والنسل والله لا
يحب الفساد ثم قرأ مجاهد ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس
الروم الآية 41 الآية
وأخرج وكيع والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن
عباس أنه سئل عن قوله ويهلك الحرث والنسل قال : الحرث الزرع والنسل نسل كل دابة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : النسل نسل كل دابة الناس
أيضا
وأخرج الطستي عن ابن عباس
أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله الحرث والنسل قال : النسل الطائر
والدواب
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت الشاعر يقول :
(1/574)
كهواهم
خير الكهول ونسلهم كنسل الملوك لا ثبور ولا تخزى وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة قال
: يتخفف المحرم إذا لم يجد نعلين
قيل أشقهما ؟ قال : إن الله لا يحب الفساد
قوله تعالى : وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد
وكيع وابن المنذر والطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن من أكبر
الذنب عند الله أن يقول الرجل لأخيه : اتق الله
فيقول : عليك بنفسك أنت تأمرني ؟ ! وأخرج ابن المنذر والبيهقي في الشعب عن سفيان
قال : قال رجل لمالك بن مغول : اتق الله فقط فوضع خده على الأرض تواضعا لله
وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن
أن رجلا قال لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : اتق الله فذهب الرجل فقال عمر : وما
فينا خير إن لم يقل لنا وما فيهم خير إن لم يقولوها لنا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ولبئس المهاد قال : بئس ما
مهدوا لأنفسهم
قوله تعالى : ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد
ابن مردويه عن صهيب قال " لما أردت الهجرة من مكة إلى النبي صلى الله عليه و
سلم قالت لي قريش : يا صهيب قدمت إلينا ولا مال لك وتخرج أنت ومالك والله لا يكون
ذلك أبدا فقلت لهم : أرأيتم إن دفعت لكم مالي تخلون عني ؟ قالوا : نعم
فدفعت إليهم مالي فخلوا عني فخرجت حتى قدمت المدينة فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه
و سلم فقال : ربح البيع صهيب مرتين "
وأخرج ابن سعد والحرث بن أبي أسامة في مسنده وابن المنذر وابن أبي حاتم
(1/575)
وأبو
نعيم في الحلية وابن عساكر عن سعيد بن المسيب قال " أقبل صهيب مهاجرا نحو
النبي صلى الله عليه و سلم فاتبعه نفر من قريش فنزل عن راحلته وانتثل ما في كنانته
ثم قال : يا معشر قريش قد علمتم أني من أرماكم رجلا وأيم الله لا تصلون إلي حتى
أرمي بكل سهم في كنانتي ثم أضرب بسيفي ما بقي في يدي فيه شيء ثم افعلوا ما شئتم
وإن شئتم دللتكم على مالي وقنيتي بمكة وخليتم سبيلي
قالوا : نعم
فلما قدم على النبي صلى الله عليه و سلم قال : ربح البيع ربح البيع
ونزلت ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله والله رؤوف بالعباد "
وأخرج الطبراني وابن عساكر عن ابن جريج في قوله ومن الناس من يشري نفسه قال : نزلت
في صهيب بن سنان وأبي ذر
وأخرج ابن جرير والطبراني عن عكرمة في قوله ومن الناس من يشري نفسه
الآية
قال " نزلت في صهيب بن سنان وأبي ذر الغفاري وجندب بن السكن أحد أهل أبي ذر
أما أبو ذر فانفلت منهم فقدم على النبي صلى الله عليه و سلم فلما رجع مهاجرا عرضوا
له وكانوا بمر الظهران فانفلت أيضا حتى قدم على النبي صلى الله عليه و سلم وأما
صهيب فأخذه أهله فافتدى منهم بماله ثم خرج مهاجرا فأدركه قنفذ بن عمير بن جدعان فخرج
مما بقي من ماله وخلى سبيله "
وأخرج الطبراني والحاكم والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن صهيب قال : لما خرج
النبي صلى الله عليه و سلم إلى المدينة هممت بالخروج فصدني فتيان من قريش ثم خرجت
فلحقني منهم أناس بعد ما سرت ليردوني فقلت لهم : هل لكم إن أعطيتكم أواقي من ذهب
وتخلوا سبيلي ؟ ففعلوا
فقلت : احفروا تحت أسكفة الباب فإن تحتها الأواقي وخرجت حتى قدمت على رسول الله
صلى الله عليه و سلم قباء قبل أن يتحول منها فلما رآني قال : يا أبا يحيى ربح
البيع ثم تلا هذه الآية
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله ومن الناس من يشري نفسه
الآية
قال : هم المهاجرون والأنصار
وأخرج وكيع والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن المغيرة بن شعبة
قال : كنا في غزاة فتقدم رجل فقاتل حتى قتل فقالوا : ألقى بيده إلى التهلكة
فكتب فيه إلى عمر فكتب عمر : ليس كما قالوا هو من الذين قال الله فيهم ومن الناس
من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله
(1/576)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن محمد بن سيرين قال : حمل هشام بن عامر على الصف حتى خرقه
فقالوا : ألقى بيده
فقال أبو هريرة ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله
وأخرج البيهقي في سننه عن مدركة بن عوف الأحمسي
أنه كان جالسا عند عمر فذكروا رجلا شرى نفسه يوم نهاوند فقال : ذاك خالي زعم الناس
أنه ألقى نفسه إلى التهلكة
فقال عمر : كذب أولئك بل هو من الذين اشتروا الآخرة بالدنيا
وأخرج ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله ومن الناس من يشري
نفسه ابتغاء مرضاة الله قال : نزلت في صهيب وفي نفر من أصحابه أخذهم أهل مكة
فعذبوهم ليردوهم إلى الشرك بالله منهم عمار وأمية وسمية وأبو ياسر وبلال وخباب
وعباس مولى حويطب بن عبد العزى
وأخرج الطبراني وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن صهيب " أن المشركين لما
أطافوا برسول الله صلى الله عليه و سلم فأقبلوا على الغار وأدبروا قال : واصهيباه
ولا صهيب لي
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم الخروج بعث أبا بكر مرتين أو ثلاثا إلى
صهيب فوجده يصلي فقال أبو بكر للنبي صلى الله عليه و سلم : وجدته يصلي فكرهت أن
أقطع عليه صلاته
فقال : أصبت وخرجا من ليلتهما فلما أصبح خرج حتى أتى أم رومان زوجة أبي بكر فقالت
: ألا أراك ههنا وقد خرج أخواك ووضعا لك شيئا من زادهما ؟ قال صهيب : فخرجت حتى
دخلت على زوجتي أم عمرو فأخذت سيفي وجعبتي وقوسي حتى أقدم على رسول الله صلى الله
عليه و سلم المدينة فأجده وأبا بكر جالسين فلما رآني أبو بكر قام إلي فبشرني
بالآية التي نزلت في وأخذ بيدي فلمته بعض اللائمة فاعتذر وربحني رسول الله صلى
الله عليه و سلم فقال : ربح البيع أبا يحيى "
وأخرج ابن أبي خيثمة وابن عساكر عن مصعب بن عبد الله قال " هرب صهيب من الروم
ومعه مال كثير فنزل بمكة فعاقد عبد الله بن جدعان وحالفه وإنما أخذت الروم صهيبا
بن رضوى فلما هاجر النبي صلى الله عليه و سلم إلى المدينة لحقه صهيب فقالت له قريش
: لا تلحقه بأهلك ومالك فدفع إليهم ماله فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : ربح
البيع
وأنزل الله في أمره ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله وأخوه مالك بن سنان
"
(1/577)
وأخرج
الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : كنت قاعدا عند عمر إذ جاءه كتاب : أن أهل الكوفة
قد قرأ منهم القرآن كذا وكذا فكبر فقلت : اختلفوا
قال : من أي شيء عرفت ؟ قال : قرأت ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا
الآيتين فإذا فعلوا ذلك لم يصبر صاحب القرآن ثم قرأت وإذا قيل له اتق الله أخذته
العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد البقرة الآية 206 ومن الناس من يشري نفسه
ابتغاء مرضاة الله قال : صدقت والذي نفسي بيده
وأخرج الحاكم عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : بينما ابن عباس مع عمر وهو آخذ
بيده فقال عمر : أرى القرآن قد ظهر في الناس ؟ قلت : ما أحب ذلك يا أمير المؤمنين
قال : لم ؟ قلت : لأنهم متى يقرؤوا ينفروا ومتى نفروا يختلفوا ومتى ما يختلفوا
يضرب بعضهم رقاب بعض
فقال عمر : إن كنت لأكتمها الناس
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد أن ابن عباس قرأ هذه الآية عند عمر بن الخطاب فقال :
اقتتل الرجلان فقال له عمر : ماذا ؟ قال : يا أمير المؤمنين أرى ههنا من إذا أمر
بتقوى الله أخذته العزة بالإثم وأرى من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله يقوم هذا
فيأمر هذا بتقوى الله فإذا لم يقبل منه وأخذته العزة بالإثم قال لهذا : وأنا أشري
نفسي فقاتله فاققتل الرجلان فقال عمر : لله درك يا ابن عباس ! وأخرج عبد بن حميد
عن عكرمة
أن عمر بن الخطاب كان إذا تلا هذه الآية ومن الناس من يعجبك قوله إلى قوله ومن
الناس من يشري نفسه قال : اقتتل الرجلان
وأخرج وكيع وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن جرير وابن أبي حاتم والخطيب عن
علي بن أبي طالب
أنه قرأ هذه الآية فقال : اقتتلا ورب الكعبة
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير عن صالح أبي خليل قال : سمع عمر إنسانا يقرأ
هذه الآية وإذا قيل له اتق الله إلى قوله ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة
الله فاسترجع فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون قام الرجل يأمر بالمعروف وينهى عن
المنكر فقتل
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الحسن قال : أنزلت هذه الآية في المسلم الذي لقي
كافرا فقال له : قل لا إله إلا الله فإذا قلتها عصمت مني دمك ومالك إلا
(1/578)
بحقهما
فأبى أن يقولها فقال المسلم : والله لأشرين نفسي لله فتقدم فقاتل حتى قتل
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان
إنه لكم عدو مبين فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات فأعلموا أن الله عزيز حكيم
ابن أبي حاتم عن ابن عباس يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة كذا قرأها
بالنصب يعني مؤمني أهل الكتاب فإنهم كانوا مع الإيمان بالله مستمسكين ببعض أمر
التوراة والشرائع التي أنزلت فيهم يقول : ادخلوا في شرائع دين محمد ولا تدعوا منها
شيئا وحسبكم بالإيمان بالتوراة وما فيها
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة قال :
نزلت في ثعلبة وعبد الله بن سلام وابن يامين وأسد وأسيد إبني كعب وسعيد بن عمرو
وقيس بن زيد كلهم من يهود قالوا : يا رسول الله يوم السبت يوم كنا نعظمه فدعنا
فلنسبت فيه وإن التوراة كتاب الله فدعنا فلنقم بها بالليل فنزلت
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله ادخلوا في السلم قال : يعني
أهل الكتاب و كافة : جميعا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : السلم الطاعة وكافة يقول : جميعا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : السلم الإسلام والزلل ترك الإسلام
وأخرج ابن جرير عن السدي فإن زللتم من بعد ما جاءتكم البينات قال : فإن ضللتم من
بعد ما جاءكم محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية فأعلموا أن الله عزيز حكيم يقول : عزيز في
نقمته إذا انتقم حكيم في أمره
قوله تعالى : هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام والملائكة وقضي الأمر
وإلى الله ترجع الأمور
(1/579)
ابن
مردويه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " يجمع الله الأولين
والآخرين لميقات يوم معلوم قياما شاخصة أبصارهم إلى السماء ينظرون فصل القضاء
وينزل الله في ظلل من الغمام من العرش إلى الكرسي "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن
عمرو في هذه الآية قال : يهبط وبينه وبين خلقه سبعون ألف حجاب منها النور والظلمة والماء
فيصوت الماء في تلك الظلمة صوتا تنخلع له القلوب
وأخرج عبد بن حميد وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في هذه الآية
قال : يأتي الله يوم القيامة في ظلل من السحاب قد قطعت طاقات
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابمن أبي حاتم عن مجاهد قوله في ظلل من
الغمام قال : هو غير السحاب ولم يكن قط إلا لبني اسرائيل في تيههم وهو الذي يأتي
الله فيه يوم القيامة وهو الذي جاءت فيه الملائكة
وأخرج ابن جرير والديلمي عن ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
إن من الغمام طاقات يأتي الله فيها محفوفا بالملائكة وذلك قوله هل ينظرون إلا أن
يأتيهم الله في ظلل من الغمام "
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات
عن أبي العالية قال : في قراءة أبي بن كعب هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله والملائكة
في ظلل من الغمام قال : يأتي الملائكة في ظلل من الغمام وهو كقوله يوم تشقق السماء
ونزل الملائكة تنزيلا الفرقان الآية 25
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة في ظلل من الغمام قال : طاقات والملائكة
قال : الملائكة حوله
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : يأتيهم الله في ظلل من الغمام وتأتهم
الملائكة عند الموت
وأخرج عن عكرمة وقضي الأمر يقول : قامت الساعة
قوله تعالى : سل بني اسرائيل كم آتيناهم من آية بينة ومن يبدل نعمة الله من بعد ما
جاءته فإن الله شديد العقاب
(1/580)
أخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد سل بني اسرائيل قال : هم اليهود كم آتيناهم من آية
بينة ما ذكر الله في القرآن وما لم يذكر ومن يبدل نعمة الله قال : يكفر بها
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال : آتاهم الله آيات بينات عصا موسى
ويده وأقطعهم البحر وأغرق عدوهم وهم ينظرون وظلل عليهم الغمام وأنزل عليهم المن
والسلوى ومن يبدل نعمة الله يقول : من يكفر بنعمة الله
قوله تعالى : زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا
فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله زين للذين كفروا الحياة
الدنيا قال : الكفار يبتغون الدنيا ويطلبونها ويسخرون من الذين آمنوا في طلبهم
الآخرة
قال : ابن جرير لا أحسبه إلا عن عكرمة قال : قالوا : لو كان محمدا نبيا لأتبعه
ساداتنا وأشرافنا والله ما اتبعه إلا أهل الحاجة مثل ابن مسعود وأصحابه
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة زين للذين كفروا الحياة الدنيا قال : هي همهم وسدمهم
وطلبهم ونيتهم ويسخرون من الذين آمنوا ويقولون : ما هم على شيء استهزاء وسخرية
والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة هناكم التفاضل
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة والذين اتقوا فوقهم قال : فوقهم في الجنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال : سألت ابن عباس عن هذه الآية والله يرزق من يشاء
بغير حساب فقال : تفسيرها ليس على الله رقيب ولا من يحاسبه
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير بغير حساب قال : لا يحاسب الرب
وأخرج ميمون بن مهران بغير حساب قال : غدقا
وأخرج عن الربيع بن أنس بغير حساب قال : لا يخرجه بحساب يخاف أن ينقص ما عنده إن
الله لا ينقص ما عنده
(1/581)
قوله
تعالى : كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب
بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما
جاءتهم البينات بغيا بينهم فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه
والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم
ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو يعلى والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس قال كان
الناس أمة واحدة قال : على الإسلام كلهم
وأخرج البزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس قال : كان
بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فاختلفوا فبعث الله النبيين قال :
وكذلك في قراءة عبد الله كان الناس أمة واحدة فاختلفوا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي بن كعب قال : كانوا أمة واحدة حيث عرضوا على
آدم ففطرهم الله على الإسلام وأقروا له بالعبودية فكانوا أمة واحدة مسلمين ثم
اختلفوا من بعد آدم
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد وكان الناس أمة واحدة
قال : آدم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي أنه كان يقرؤها كان الناس أمة واحدة فاختلفوا
فبعث الله النبيين وإن الله إنما بعث الرسل وأنزل الكتاب بعد الاختلاف وما اختلف
فيه إلا الذين أوتوه يعني بني اسرائيل أوتوا الكتاب والعلم بغيا بينهم يقول : بغيا
على الدنيا وطلب ملكها وزخرفها أيهم يكون له الملك والمهابة في الناس فبغى بعضهم
على بعض فضرب بعضهم رقاب بعض فهدى الله الذين آمنوا يقول : فهداهم الله عند
الاختلاف أنهم أقاموا على ما جاءت به الرسل قبل الاختلاف أقاموا على الإخلاص لله
وحده وعبادته لا شريك له وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة واعتزلوا الاختلاف فكانوا
شهداء على الناس يوم القيامة على قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم شعيب وآل فرعون
وأن رسلهم بلغتهم وأنهم كذبوا رسلهم
(1/582)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس كان الناس أمة واحدة قال :
كفارا
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة في قوله فهدى
الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه قال : قال النبي صلى الله عليه و
سلم " نحن الأولون والآخرون الأولون يوم القيامة وأول الناس دخولا الجنة بيد
أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فهدانا الله لما اختلفوا فيه من
الحق فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله فالناس لنا فيه تبع فغدا لليهود
وبعد غد للنصارى هو في الصحيح بدون الآية "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج قال : كان بين آدم ونوح عشرة أنبياء ونشر من آدم
الناس فبعث فيهم النبيين مبشرين ومنذرين
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة قال : ذكر لنا أنه كان بين آدم ونوح
عشرة قرون كلهم على الهدى وعلى شريعة من الحق ثم اختلفوا بعد ذلك فبعث الله نوحا
وكان أول رسول أرسله الله إلى الأرض وبعث عند الاختلاف من الناس وترك الحق فبعث
الله رسله وأنزل كتابه يحتج به على خلقه
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله فهدى الله الذين آمنوا لما اختلفوا فيه
من الحق بإذنه فاختلفوا في يوم الجمعة فأخذ اليهود يوم السبت والنصارى يوم الأحد
فهدى الله أمة محمد بيوم الجمعة واختلفوا في القبلة فاستقبلت النصارى المشرق
واليهود بيت المقدس وهدى الله أمة محمد للقبلة واختلفوا في الصلاة فمنهم من يركع
ولا يسجد ومنهم من يسجد ولا يركع ومنهم من يصلي وهو يتكلم ومنهم من يصلي وهو يمشي
فهدى الله أمة محمد للحق من ذلك واختلفوا في الصيام فمنهم من يصوم النهار ومنهم من
يصوم عن بعض الطعام فهدى الله أمة محمد للحق من ذلك
واختلفوا في إبراهيم فقالت اليهود : كان يهوديا وقالت النصارى : كان نصرانيا
وجعله الله حنيفا مسلما فهدى الله أمة محمد للحق من ذلك
واختلفوا في عيسى فكذبت به اليهود وقالوا لأمه بهتانا عظيما وجعلته النصارى إلها
وولدا وجعله الله روحه وكلمته فهدى الله أمة محمد للحق من ذلك
(1/583)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر عن السدي قال في قراءة ابن مسعود : فهدى الله الذين آمنوا
لما اختلفوا فيه يقول : اختلفوا عن الإسلام
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : في قراءة أبي بن كعب فهدى الله الذين آمنوا لما
اختلفوا من الحق فيه بإذنه ليكونوا شهداء على الناس يوم القيامة والله يهدي من
يشاء إلى صراط مستقيم فكان أبو العالية يقول : في هذه الآية يهديهم للمخرج من
الشبهات والضلالات والفتن
قوله تعالى : أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتيكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم
البأساء والضراء وزلزاوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن
نصر الله قريب
عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله أم حسبتم
الآية
قال : نزلت في يوم الأحزاب أصاب النبي صلى الله عليه و سلم يومئذ وأصحابه بلاء
وحصر
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر عن ابن عباس قال : أخبر الله المؤمن أن الدنيا دار
بلاء وأنه مبتليهم فيها وأخبرهم أنه هكذا فعل بأنبيائه وصفوته اتطيب أنفسهم فقال
مستهم البأساء والضراء فالبأساء الفتن والضراء السقم وزلزلوا بالفتن وأذى الناس
إياهم
وأخرج أحمد والبخاري وأبو داود والنسائي عن خباب بن الأرت قال " قلنا يا رسول
الله ألا تستنصر لنا ألا تدعو الله لنا ؟ فقال : إن من كان قبلكم كان أحدهم يوضع
المنشار على مفرق رأسه فيخلص إلى قدميه لا يصرفه ذلك عن دينه ويمشط بأمشاط الحديد
ما بين لحمه وعظمه لا يصرفه ذلك عن دينه ثم قال : والله ليتمن هذا الأمر حتى يسير
الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون
"
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله ولما يأتيكم مثل الذين خلوا قال :
أصابهم هذا يوم الأحزاب حتى قال قائلهم ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا الأحزاب
الآية 12
(1/584)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة مثل الذين خلوا يقول : سنن الذين
خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول خيرهم وأصبرهم
وأعلمهم بالله متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب فهذا هو البلاء والنغص الشديد
ابتلى الله به الأنبياء والمؤمنين قبلكم ليعلم أهل طاعته من أهل معصيته
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
إن الله ليجرب أحدكم بالبلاء وهو أعلم به كما يجرب أحدكم ذهبه بالنار فمنهم من
يخرج كالذهب الإبريز فذلك الذي نجاه الله من السيئات ومنهم من يخرج كالذهب الأسود
فذلك الذي افتتن
قوله تعالى : يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين
واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم
ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله يسألونك ماذا ينفقون
الآية
قال : يوم نزلت هذه الآية لم يكن زكاة وهي النفقة ينفقها الرجل على أهله والصدقة
يتصدق بها فنسختها الزكاة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : سأل المؤمنون رسول الله صلى الله
عليه و سلم أين يضعون أموالهم ؟ فنزلت يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير
الآية
فذلك النفقة في التطوع والزكاة سوى ذلك كله
وأخرج ابن المنذر عن ابن حبان قال " أن عمرو بن الجموح سأل النبي صلى الله
عليه و سلم : ماذا ننفق من أموالنا وأين نضعها ؟ فنزلت يسألونك ماذا ينفقون
الآية
فهذا مواضع نفقة أموالكم "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذرعن قتادة قال " همتهم النفقة فسألوا النبي صلى
الله عليه و سلم فأنزل الله ما أنفقتم من خير
الآية "
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد يسألونك ماذا ينفقون قال : سألوه ما لهم في ذلك ؟ قل
ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين
الآية
قال : ههنا يا
(1/585)
ابن
آدم فضع كدحك وسعيك ولا تنفح بها وذاك وتدع ذوي قرابتك وذوي رحمك
وأخرج الدارمي والبزار وابن المنذر والطبراني عن ابن عباس قال : ما رأيت قوما
كانوا خيرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ما سألوه إلا عن ثلاث عشرة
مسألة حتى قبض كلهن في القرآن منهن يسألونك عن الخمر والميسر البقرة الآية 219 و
يسألونك عن الشهر الحرام البقرة الآية 217 و يسالونك عن اليتامى البقرة الآية 220
و يسألونك عن المحيض البقرة الآية 222 و يسألونك عن الأنفال الأنفال الآية 1 و
يسألونك ماذا ينفقون ما كانوا يسألونك إلا عما كان ينفعهم
قوله تعالى : كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى
أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : إن الله أمر النبي صلى الله عليه و
سلم والمؤمنين بمكة بالتوحيد وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وأن يكفوا أيديهم عن
القتال فلما هاجر إلى المدينة نزلت سائر الفرائض وأذن لهم في القتال فنزلت كتب
عليكم القتال يعني فرض عليكم وأذن لهم بعد ما كان نهاهم عنه وهو كره لكم يعني
القتال وهو مشقة لكم وعسى أن تكرهوا شيئا يعني الجهاد قتال المشركين وهو خير لكم
ويجعل الله عاقبته فتحا وغنيمة وشهادة وعسى أن تحبوا شيئا يعني القعود عن الجهاد
وهو شر لكم فيجعل الله عاقبته شرا فلا تصيبوا ظفرا ولا غنيمة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج قال : قلت
(1/586)
لعطاء
: ما تقول في قوله كتب عليكم القتال أواجب الغزوعلى الناس من أجلها ؟ قال : لا كتب
على أولئك حينئذ
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن شهاب في الآية قال : الجهاد مكتوب على كل
أحد غزا أو قعد فالقاعد إن استعين به أعان وإن استغيث به أغاث وإن استغني عنه قعد
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله وهو كره لكم قال " نسختها
هذه الآية وقالوا سمعنا وأطعنا البقرة الآية 285 وأخرجه ابن جرير موصولا عن عكرمة
عن ابن عباس "
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في سننه من طريق علي عن ابن عباس قال : عسى من الله
واجب
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : كل شيء في القرآن عسى فإن عسى من الله واجب
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك قال : كل شيء من القرآن عسى فهو
واجب إلا حرفين : حرف التحريم عسى ربه إن طلقكن التحريم الآية 5 وفي بني اسرائيل
عسى ربكم أن يرحمكم الإسراء الآية 8
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : عسى على نحوين : أحدهما في أمر واجب قوله
فعسى أن يكون من المفلحين القصص الآية 67 وأما الآخر فهو أمر ليس واجب كله قال
الله وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ليس كل ما يكره المؤمن من شيء هو خير له
وليس كل ما أحب هو شر له
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : كنت رديف رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال
" يا ابن عباس
ارض عن الله بما قدر وإن كان خلاف هواك فإنه مثبت في كتاب الله
قلت : يا رسول الله فأين وقد قرأت القرآن ؟ قال وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم
وعسى أن تحبوا شيئا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة والبيهقي في الشعب عن أبي ذر قال :
يا رسول الله أي الأعمال أفضل ؟ قال : إيمان بالله وجهاد في
(1/587)
سبيل
الله قال : فأي العتاقة أفضل ؟ أنفسها
قال : أفرأيت إن لم أجد ؟ قال : فتعين الصانع وتصنع لا خرق الخرق بضم الخاء وسكون
الراء أو فتح الخاء والراء وهو الحمق أو سوء التصرف أو ما لا يحسن عمله
قال : أفرأيت إن لم أستطع ؟ قال : تدع الناس من شرك فإنها صدقة تصدق بها على نفسك
"
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال
" سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم أي الأعمال أفضل ؟ قال : الإيمان بالله
ورسوله
قيل : ثم ماذا ؟ قال : الجهاد في سبيل الله
قيل : ثم ماذا ؟ قال : ثم حج مبرور "
وأخرج البيهقي في الشعب عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " أفضل الأعمال الصلاة لوقتها والجهاد في سبيل الله "
وأخرج مالك وعبد الرزاق في المصنف والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة
قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : مثل المجاهد في سبيل الله -
والله أعلم بمن يجاهد في سبيله - كمثل الصائم القائم الخاشع الراكع الساجد وتكفل
الله للمجاهد في سبيله أن يتوفاه فيدخله الجنة أو يرجعه سالما بما نال من أجر
وغنيمة "
وأخرج البخاري والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال " جاء رجل إلى النبي صلى
الله عليه و سلم قال : علمني عملا يعدل الجهاد قال : لا أجده حتى تستطيع إذا خرج
المجاهد أن تدخل مسجدا فتقوم ولا تفتر وتصوم ولا تفطر قال : لا أستطيع ذاك ؟ قال
أبو هريرة : إن فرس المجاهد ليستن في طوله فيكتب له حسنات "
وأخرج مسلم والترمذي والنسائي والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال " قيل : يا
رسول الله أخبرنا بما يعدل الجهاد في سبيل الله ؟ قال : لا تستطيعونه
قال : بلى يا رسول الله
قال : مثل المجاهد في سبيل الله كمثل القائم الصائم البائت بآيات الله لا يفتر من
صيام وصلاة حتى يرجع المجاهد إلى أهله "
وأخرج الترمذي وحسنه والبزار والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال
" أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم مر بشعب فيه عيينة ماء عذب
فأعجبه طيبه فقال : لو أقمت في هذا الشعب واعتزلت الناس لن أفعل حتى أستأمر رسول
الله صلى الله عليه و سلم فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال : لا تفعل فإن
مقام أحدكم في سبيل
(1/588)
الله
أفضل من صلاته في أهله ستين عاما ألا تحبون أن يغفر الله لكم ويدخلكم الجنة ؟
اغزوا في سبيل الله من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم والبيهقي عن أبي
سعيد الخدري قال " أتى رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : أي
الناس أفضل ؟ فقال : مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله
قال : ثم من ؟ قال : مؤمن في شعب من الشعاب يعبد الله ويدع الناس من شره "
وأخرج الترمذي وحسنه والنسائي وابن حبان عن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : ألا أخبركم بخير الناس منزلا ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : رجل
أخذ برأس فرسه في سبيل الله حتى يموت أو يقتل ألا أخبركم بالذي يليه ؟ قالوا : بلى
قال : امرؤ معتزل في شعب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعتزل شرور الناس ألا أخبركم
بشر الناس ؟ قالوا : بلى
قال : الذي يسأل بالله ولا يعطي "
وأخرج الطبراني عن فضالة بن عبيد " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
: الإسلام ثلاثة : سفلى وعليا وغرفة فأما السفلى فالإسلام دخل فيه عامة المسلمين
فلا تسأل أحد منهم إلا قال : أنا مسلم
وأما العليا فتفاضل أعمالهم بعض المسلمين أفضل من بعض وأما الغرفة العليا فالجهاد
في سبيل الله لا ينالها إلا أفضلهم "
وأخرج البزار عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " الإسلام
ثمانية أسهم : الإسلام سهم والصلاة سهم والزكاة سهم والصوم سهم وحج البيت سهم
والأمر بالمعروف سهم والنهي عن المنكر سهم والجهاد في سبيل الله سهم وقد خاب من لا
سهم له "
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن علي مرفوعا
مثله
وأخرج أحمد والطبراني عن عبادة بن الصامت " أن رجلا قال : يا رسول الله أي
الأعمال أفضل ؟ قال : إيمان بالله وجهاد في سبيله وحج مبرور فلما ولى الرجل قال :
وأهون عليك من ذلك إطعام الطعام ولين الكلام وحسن الخلق فلما ولى الرجل قال :
وأهون عليك من ذلك لا تتهم الله على شيء قضاه عليك "
وأخرج أحمد والطبراني والحاكم وصححه عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " جاهدوا في سبيل الله فإن الجهاد في سبيل الله باب من أبواب
الجنة ينجي الله به من الهم والغم "
(1/589)
وأخرج
عبد الرزاق في المصنف عن أبي أمامة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
عليكم بالجهاد في سبيل الله فإنه باب من أبواب الجنة يذهب الله به الهم والغم
"
وأخرج أحمد والبزار والطبراني عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " مثل الجهاد في سبيل الله كمثل الصائم نهاره القائم ليله حتى
يرجع متى رجع "
وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال " من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من
النفاق "
وأخرج النسائي والحاكم وصححه والبيهقي عن عثمان بن عفان " أنه سمع رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : يوم في سبيل الله خير من ألف يوم فيما سواه "
وأخرج أحمد والطبراني والحاكم وصححه عن معاذ بن أنس " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم بعث سرية فأتته امرأة فقالت : يا رسول الله إنك بعثت هذه السرية وإن
زوجي خرج فيها وقد كنت أصوم بصيامه وأصلي بصلاته وأتعبد بعبادته فدلني على عمل
أبلغ به عمله ؟ قال : تصلين فلا تقعدين وتصومين فلا تفطرين وتذكرين فلا تفترين
قال : وأطيق ذلك يا رسول الله ؟ قال : ولو طوقت ذلك - والذي نفسي بيده - ما بلغت
من العشير من عمله "
وأخرج الطبراني عن أبي هريرة قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
: إذا خرج الغازي في سبيل الله جعلت ذنوبه جسرا على باب بيته فإذا خلف ذنوبه كلها
فلم يبق عليه منها مثل جناح بعوضة وتكفل الله له بأربع
بأن يخلفه فيما يخلف من أهل ومال وأي ميتة مات بها أدخله الجنة فإن رده سالما بما
ناله من أجر أو غنيمة ولا تغرب الشمس إلا غربت ذنوبه "
وأخرج أحمد عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا
يجمع الله في جوف رجل غبارا في سبيل الله ودخان جهنم ومن اغبرت قدماه في سبيل الله
حرم الله سائر جسده على النار ومن صام يوما في سبيل الله ختم له بخاتم الشهداء
يعرفه بها الأولون والآخرون يقولون : فلان عليه طابع الشهداء
ومن قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة "
وأخرج أبو داود والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي مالك الأشعري " سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : من نصل في سبيل الله فمات أو قتل فهو شهيد أو رفصه
(1/590)
فرسه
أو بعيره أو لدغته هامة أو مات على فراشه بأي حتف شاء الله فإنه شهيد وإن له الجنة
"
وأخرج البزار عن أبي هند رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " مثل المجاهد في سبيل الله مثل الصائم القائم
القانت لا يفتر من صيام ولا صلاة ولا صدقة "
وأخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي عن أبي عبس عبد الرحمن بن جبر " أن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على
النار "
وأخرج البزار عن أبي بكر الصديق " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من
اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار "
وأخرج البزار عن عثمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من اغبرت قدماه
في سبيل الله حرم الله عليه النار "
وأخرج أحمد من حديث مالك بن عبد الله النخعي
مثله
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
ألا أخبركم بخير الناس منزلة ؟ قالوا : بلى
قال : رجل أخذ بعنان فرسه في سبيل الله حتى يقتل أو يموت ألا أخبركم بالذي يليه ؟
رجل معتزل في شعب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويشهد أن لا إله إلا الله "
وأخرج ابن سعد عن أم بشر بنت البراء بن معرور قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقول " ألا أنبئكم بخير الناس بعده ؟ قالوا : بلى
قال : رجل في غنمه يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة يعلم حق الله في ماله قد اعتزل شرور
الناس "
وأخرج النسائي والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي سعيد الخدري " أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم خطب الناس عام تبوك وهو مضيف ظهره إلى نخلة فقال : ألا أخبركم
بخير الناس ؟ إن من خير الناس رجلا عمل في سبيل الله على ظهر فرسه أو على ظهر
بعيره أو على قدميه حتى يأتيه الموت وإن من شر الناس رجلا فاجرا جريئا يقرأ كتاب
الله ولا يرعوي إلى شيء منه "
وأخرج أبو داود والحاكم وصححه عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ثلاثة كلهم ضامن على الله
رجل خرج غازيا في سبيل الله فهو ضامن على الله حتى يتوفاه
(1/591)
فيدخله
الجنة أو يرده بما نال من أجر أو غنيمة ورجل دخل بيته بالسلام فهو ضامن على الله
"
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن الخصاصية قال " أتيت رسول الله صلى الله عليه و
سلم لأبايعه على الإسلام فاشترط علي : تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده
ورسوله وتصلي الخمس وتصوم رمضان وتؤدي الزكاة وتحج وتجاهد في سبيل الله
قلت : يا رسول الله أما اثنتان فلا أطيقهما أما الزكاة فما لي إلا عشر ذودهن رسل
أهلي وحمولتهم وأما الجهاد فيزعمون أن من ولى فقد باء بغضب من الله فأخاف إذا
حضرتني قتال كرهت الموت وخشعت نفسي
فقبض رسول الله صلى الله عليه و سلم يده ثم حركها ثم قال : لا صدقة ولا جهاد فبم
تدخل الجنة ؟ ! ثم قلت : يا رسول الله أبايعك فبايعني عليهن كلهن "
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
ثلاثة أعين لا تمسها النار
عين فقئت في سبيل الله وعين حرست في سبيل الله وعين بكت من خشية الله "
وأخرج أحمد والنسائي والطبراني والحاكم وصححه عن أبي ريحانة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " حرمت النار على عين دمعت من خشية الله حرمت النار على
عين سهرت في سبيل الله وعين غضت عن محارم الله وعين فقئت في سبيل الله "
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : أظلتكم فتن كقطع الليل المظلم أنجى الناس منها صاحب شاهقة يأكل من رسل غنمه
أو رجل من وراء الدروب آخذ بعنان فرسه يأكل من فيء سيفه "
وأخرج ابن ماجة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
المجاهد في سبيل الله مضمون على الله إما أن يلقيه إلى مغفرته ورحمته وإما أن
يرجعه بأجر وغنيمة
ومثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم الذي لا يفتر حتى يرجع "
وأخرج ابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن عثمان بن عفان قال " سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : عينان لا تمسهما النار : عين بكت من خشية
الله وعين باتت تحرس في سبيل الله "
وأخرج أبو يعلى والطبراني في الأوسط عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " عينان لا تمسهما النار أبدا
عين باتت تكلأ في سبيل الله وعين بكت من خشية الله "
(1/592)
وأخرج
الطبراني عن معاوية بن حيدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ثلاثة
لا ترى أعينهم النار : عين حرست في سبيل الله وعين بكت من خشية الله وعين غضت عن
محارم الله "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
ألا أنبئكم بليلة القدر ؟ حارس حرس في أرض خوف لعله أن لا يرجع إلى أهله "
وأخرج الحاكم والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" كل عين باكية يوم القيامة إلا عينا غضت عن محارم الله وعينا سهرت في سبيل
الله وعينا خرج منها مثل راس الذباب من خشية الله "
وأخرج ابن ماجة عن أنس " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : حرس ليلة
في سبيل الله أفضل من صيام رجل وقيامه في أهله ألف سنة السنة ثلثمائة يوم اليوم
كألف سنة "
وأخرج ابن ماجة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من راح
روحة في سبيل الله كان له بمثل ما أصابه من الغبار مسك يوم القيامة "
وأخرج عبد الرزاق عن مكحول قال : حدثنا بعض الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : " من قاتل في سبيل الله فواق ناقة قتل أو مات دخل الجنة ومن رمى
بسهم بلغ العدو أو قصر كان عدل رقبة ومن شاب شيبة في سبيل الله كانت له نورا يوم
القيامة ومن كلم كلمة جاءت يوم القيامة ريحها مثل المسك ولونها مثل الزعفران
"
وأخرج البيهقي عن أكيدر بن حمام قال : أخبرني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و
سلم قال : جلسنا يوما في مسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلنا لفتى فينا :
اذهب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فاسأله ما يعدل الجهاد ؟ فأتاه فسأله فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا شيء ثم أرسلناه الثانية فقال مثلها ثم
قلنا إنها من رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاث فإن قال : لا شيء فقل : ما يقرب
منه ؟ فأتاه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا شيء
فقال : ما يقرب منه يا رسول الله ؟ قال : طيب الكلام وإدامة الصيام والحج كل عام
ولا يقرب منه شيء بعد "
وأخرج النسائي وابن حبان والحاكم وصححه عن فضالة بن عبيد " سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : أنا زعيم - والزعيم الجميل - لمن آمن بي وأسلم وجاهد
في سبيل الله ببيت في ربض الجنة وبيت في وسط الجنة وبيت في أعلى غرف الجنة فمن
(1/593)
فعل
ذلك لم يدع للخير مطلبا ولا من الشر مهربا يموت حيث شاء أن يموت "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن عمران بن حصين " أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم قال : مقام الرجل في الصف في سبيل الله أفضل عند الله من عبادة الرجل ستين
سنة "
وأخرج أحمد والبزار عن معاذ بن جبل أنه قال : يا نبي الله حدثني بعمل يدخلني الجنة
قال : بخ بخ لقد سألت لعظيم لقد سألت لعظيم لقد سألت لعظيم وإنه ليسير على من أراد
الله به الخير تؤمن بالله وباليوم الآخر وتقيم الصلاة تؤتي الزكاة وتعبد الله وحده
لا تشرك به شيئا حتى تموت وأنت على ذلك ثم قال : إن شئت يا معاذ حدثتك برأس هذا
الأمر وقوام هذا الأمر وذروة السنام
فقال معاذ
بلى يا رسول الله
قال : إن رأس هذا الأمر أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا
عبده ورسوله وإن قوام هذا الأمر الصلاة والزكاة وإن ذروة السنام منه الجهاد في
سبيل الله إنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويشهدوا أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله فإذا فعلوا ذلك فقد
اعتصموا وعصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : والذي نفس محمد بيده ما شجت وجه ولا اغبرت
قدم في عمل يبتغى به درجات الآخرة بعد الصلاة المفروضة كجهاد في سبيل الله ولا ثقل
ميزان عبد كدابة ينفق عليها في سبيل الله أو يحمل عليها في سبيل الله "
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " ذروة
الإسلام الجهاد لا يناله إلا أفضلهم "
وأخرج أبو داود وابن ماجة عن أبي أمامة " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
من لم يغز ولم يجهز غازيا أو يخلف غازيا في أهله بخير أصابه الله بقارعة قبل يوم
القيامة "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن مكحول قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ما من أهل بيت لا يخرج منهم غاز أو يجهزون غازيا أو يخلفونه في أهله إلا
أصابهم الله بقارعة قبل الموت "
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة وابن حبان
والحاكم وصححه والبيهقي عن معاذ بن جبل " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال :
(1/594)
من
قاتل فواق ناقة فقد وجبت له الجنة ومن سأل الله القتل من نفسه صادقا ثم مات أو قتل
فإن له أجر شهيد ومن جرح جرحا في سبيل الله أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة
كأغزر ما كانت لونها لون الزعفران وريحها ريح المسك ومن جرح في سبيل الله فإن عليه
طابع الشهداء "
وأخرج النسائي عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم فيما يحكي عن ربه قال
" أيما عبد من عبادي خرج مجاهدا في سبيل الله ابتغاء مرضاتي ضمنت له إن رجعته
أرجعته بما أصاب من أجر أو غنيمة وإن قبضته غفرت له "
وأخرج الطبراني والبيهقي عن أبي أمامة " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
ما من رجل يغبر وجهه في سبيل الله إلا آمنه الله دخان النار يوم القيامة وما من
رجل تغبر قدماه في سبيل الله إلا أمن الله قدميه من النار "
وأخرج أبو داود في مراسيله عن ربيع بن زياد " بينما رسول الله صلى الله عليه
و سلم يسير إذ هو بغلام من قريش معتزل عن الطريق يسير فقال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : أليس ذاك فلانا ؟ قالوا : بلى
قال : فادعوه فدعوه قال : ما بالك اعتزلت الطريق ؟ ! قال : يا رسول الله كرهت
الغبار
قال : فلا تعتزله فوالذي نفس محمد بيده إته لذريرة الجنة "
وأخرج أبو يعلى وابن حبان والبيهقي عن جابر بن عبد الله " سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار "
وأخرج الترمذي عن أم مالك البهزية قالت " ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم
فتنة فقر بها قلت : من خير الناس فيها ؟ قال : رجل في ماشية يؤدي حقها ويعبد ربه
ورجل أخذ برأس فرسه يخيف العدو ويخيفونه "
وأخرج الترمذي وصححه والنسائي والحاكم والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " لا يلج النار رجل بكى من خشية الله حتى يعود اللبن في
الضرع ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في منخري مسلم أبدا "
وأخرج الترمذي وحسنه عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " ليس
شيء أحب إلى الله من قطرتين أو أثرين قطرة دمع من خشية الله وقطرة دم تهراق في
سبيل الله وأما الأثران : فأثر في سبيل الله وأثر في فريضة من فرائض الله "
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي عن معاذ بن جبل
(1/595)
قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " الغزو غزوان
فإما من ابتغى به وجه الله وأطاع الإمام وأنفق الكريمة وياسر الشريك واجتنب الفساد
فإن نومه ونبهه أجر كله
وأما من غزا فخرا ورياء وسمعة وعصى الإمام وأفسد في الأرض فإنه لن يرجع بالكفاف "
وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة والحاكم والبيهقي عن عبد الله بن عمرو بن
العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما من سرية تغزو في سبيل
الله فيسلمون ويصيبون الغنيمة إلا أن تعجلوا ثلثي أجرهم في الآخرة ويبقى لهم الثلث
وما من سرية تخفق وتخوف وتصاب إلا تم لهم أجرهم "
وأخرج أبو داود عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إذا
تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم
ذلا لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة قال " أمر رسول الله صلى الله عليه
و سلم بسرية أن تخرج قالوا : يا رسول الله أنخرج الليلة أم نمكث حتى تصبح ؟ قال :
أفلا تحبون أن تبيتوا هكذا في خريف من خراف الجنة والخريف الحديقة "
وأخرج الطبراني عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إذا رجف
قلب المؤمن في سبيل الله تحات عنه الخطايا كما يتحات عذق النخلة "
وأخرد البزار عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " حجة خير
من أربعين غزوة وغزوة خير من أربعين حجة يقول : إذا حج الرجل حجة الإسلام فغزوة
خير له من أربعين حجة وحجة الإسلام خير من أربعين غزوة "
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه والبيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " حجة لمن لم يحج خير من عشر غزوات وغزوة لمن
قد حج خير من عشر حجج وغزوة في البحر خير من عشر غزوات في البر ومن أجاز البحر
فكأنما أجاز الأودية كلها والمائد فيه كالمتشحط في دمه "
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " لحجة
أفضل من عشر غزوات ولغزوة أفضل من عشر حجات "
وأخرج أبو داود في المراسيل عن مكحول قال " كثر المستأذنون على رسول الله صلى
الله عليه و سلم إلى الحج في غزوة تبوك فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
غزوة لمن قد حج أفضل من أربعين حجة "
(1/596)
وأخرج
عبد الرزاق عن ابن عمر قال : لسفرة في سبيل الله أفضل من خمسين حجة
وأخرج مسلم والترمذي والحاكم عن أبي موسى الأشعري قال : سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : " إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف "
وأخرج الترمذي وصححه عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" يقول الله : المجاهد في سبيلي هو علي ضامن إن قبضته أورثته الجنة وإن رجعته
رجعته بأجر أو غنيمة "
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن معاذ بن
جبل عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " من جاهد في سبيل الله كان ضامنا
على الله ومن عاد مريضا كان ضامنا على الله ومن غدا إلى مسجد أو راح كان ضامنا على
الله ومن دخل على إمام بغزوة كان ضامنا على الله ومن جلس في بيته لم يغتب إنسانا
كان ضامنا على الله "
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي عن عبد الله بن حبشي الخثعمي " أن النبي صلى
الله عليه و سلم سئل أي الأعمال أفضل ؟ قال : إيمان لا شك فيه وجهاد لا غلول فيه
وحجة مبرورة
قيل : فأي الصدقة أفضل ؟ قال : جهد المقل
قيل : فأي الهجرة أفضل ؟ قال : من هجر ما حرم الله
قيل : فأي الجهاد أفضل ؟ قال : من جاهد المشركين بنفسه وماله
قيل : فأي القتل أشرف ؟ قال : من أهرق دمه وعقر جواده "
وأخرج مالك والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال " من أنفق زوجين في سبيل الله نودي من
أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة ومن كان
من أهل الجهاد دعي من أبواب الجهاد ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة
فقال أبو بكر : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورة
فهل يدعى أحد من تلك الأبواب كلها ؟ قال : نعم وأرجو أن تكون منهم "
وأخرج مالك وعبد الرزاق في المصنف والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة
والبيهقي عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : تضمن الله
لمن خرج في سبيله لا يخرجه إلا جهاد في سبيلي وإيمان بي وتصديق برسلي فهو ضامن أن
(1/597)
أدخلته
الجنة أو أرجعه إلى منزله الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة والذي نفس
محمد بيده ما كلم بكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم لونه لون
دم وريحه ريح مسك والذي نفس محمد بيده لولا أن أشق على المسلمين ما قعدت خلف سرية
تغزو في سبيل الله أبدا ولكن لأجد ما أحملهم عليه ولا يجدون ما يتحملون عليه
فيخرجون ويشق عليهم أن يتخلفوا بعدي والذي نفس محمد بيده لوددت أني أغزو في سبيل
الله فأقتل ثم أحيا فأقتل ثم أحيا فأقتل "
وأخرج ابن سعد عن سهيل بن عمر " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
مقام أحدكم في سبيل الله ساعة خير من عمله عمره في أهله "
وأخرج أحمد عن أبي أمامة قال " خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في
سرية من سراياه فمر جل بغار فيه شيء من ماء فحدث نفسه بأن يقيم في ذلك الماء فيتقوت
مما كان فيه من ماء ويصيب مما حوله من البقل ويتخلى من الدنيا فذكر ذلك للنبي صلى
الله عليه و سلم فقال : إني لم أبعث باليهودية ولا بالنصرانية ولكني بعثت
بالحنيفية السمحة والذي نفس محمد بيده لغدوة أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا
وما فيها ولمقام أحدكم في الصف خير من صلاته ستين سنة "
وأخرج أحمد عن عمرو بن العاص قال " قال رجل : يا رسول الله أي العمل أفضل ؟
قال : إيمان بالله وتصديق وجهاد في سبيله وحج مبرور
قال الرجل : أكثرت يا رسول الله
فقال : فلين الكلام وبذل الطعام وسماح وحسن الخلق قال الرجل : أريد كلمة واحدة
قال له : اذهب فلا تتهم الله على نفسك "
وأخرج أحمد عن الشفاء بنت عبد الله وكانت من المهاجرات " أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم سئل عن أفضل الإيمان فقال : إيمان بالله وجهاد في سبيل الله وحج
مبرور "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن الحسن قال : بني الإسلام على عشرة أركان
: الإخلاص لله وهي الفطرة والصلاة وهي الملة والزكاة والطهرة والصيام وهو الجنة
والحج وهو الشريعة والجهاد وهو العزة والأمر بالمعروف وهو الحجة والنهي عن المنكر
وهو الواقية والطاعة وهي العصمة والجماعة وهي الألفة "
وأخرج أحمد عن عمرو بن عبسة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " من قاتل في
سبيل الله فواق ناقة حرم الله وجهه على النار "
(1/598)
وأخرج
الطبراني عن أبي المنذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من جاهد
في سبيل الله وجبت له الجنة "
وأخرج أحمد والطبراني عن عائشة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
" ما خالط قلب إمرىء رهج في سبيل الله إلا حرم الله عليه النار "
وأخرج الترمذي وابن ماجة والحاكم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " من لقي الله بغير أثر من جهاد لقيه وفيه ثلمة "
وأخرج الطبراني عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
ما ترك قوم الجهاد إلا عمهم الله بالعذاب "
وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول "
إذا ضن الناس بالدينار والدرهم وابتغوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله
وتبايعوا بالعين أنزل الله عليهم البلاء فلا يرفعه حتى يراجعوا دينهم "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة والبيهقي عن أنس عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال " لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال " الروحة والغدوة في سبيل الله أفضل من الدنيا وما فيها
"
وأخرج مسلم والنسائي عن أبي أيوب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
غدوة في سبيل الله أو روحة خير مما طلعت عليه الشمس وغربت "
وأخرج البزار عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها "
وأخرج الترمذي وحسنه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " غدوة في
سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها "
وأخرج أحمد من حديث معاوية بن جريج
مثله
وأخرج عبد الرزاق عن اسحق بن رافع قال : بلغني عن المقداد أن الغازي إذا خرج من
بيته عدد ما خلف وراءه من أهل القبلة وأهل الذمة والبهائم يجري عليه بعدد كل واحد
منهم قيراط قيراط كل ليلة مثل الجبل أو قال : مثل أحد
وأخرج عبد الرزاق عن الحين قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " على
النساء ما على الرجال إلا الجمعة والجنائز والجهاد "
(1/599)
قوله
تعالى : يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر
به والمسجد الحرام وإخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أشد من القتل ولا يزالون
يقاتلونكم حتى يردكم عن دينكم إن استطاعوا ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر
فأولئك حبطت أعمالهم في الدنيا والآخره وأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون إن
الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور
رحيم
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في سننه بسند صحيح عن جندب
بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم " أنه بعث رهطا وبعث عليهم أبا
عبيدة بن الجراح أو عبيدة بن الحرث فلما ذهب لينطلق بكى صبابة إلى رسول الله صلى
الله عليه و سلم فجلس وبعث مكانه عبد الله بن جحش وكتب له كتابا وأمره أن لا يقرأ
الكتاب حتى يبلغ مكان كذا وكذا وقال : لا تكرهن أحدا على السير معك من أصحابك فلما
قرأ الكتاب استرجع وقال : سمعا وطاعة لله ولرسوله فخبرهم الخبر وقرأ عليهم الكتاب
فرجع رجلان ومضى بقيتهم فلقوا ابن الحضرمي فقتلوه ولم يدروا أن ذلك اليوم من رجب
أو جمادى فقال المشركون للمسلمين : قتلتم في الشهر الحرام فأنزل الله يسألونك عن
الشهر الحرام قتال فيه
الآية
فقال بعضهم إن لم يكونوا أصابوا وزرا فليس لهم أجر فأنزل الله إن الذين آمنوا
والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم "
وأخرج البزار عن ابن عباس في قوله يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قال : بعث
رسول الله صلى الله عليه و سلم عبد الله بن فلان في سرية فلقوا عمرو بن الحضرمي
ببطن نخلة فذكر الحديث
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال " إن المشركين صدوا رسول الله
صلى الله عليه و سلم وردوه عن المسجد الحرام في شهر حرام ففتح الله على نبيه في
شهر حرام
(1/600)
من
العام المقبل فعاب المشركون على رسول الله صلى الله عليه و سلم القتال في شهر حرام
فقال الله قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام وإخراج أهله
منه أكبر عند الله من القتال فيه وأن محمدا صلى الله عليه و سلم بعث سرية فلقوا
عمرو بن الحضرمي وهو مقبل من الطائف في آخر ليلة من جمادى وأول ليلة من رجب وأن
أصحاب محمد كانوا يظنون أن تلك الليلة من جمادى وكانت أول رجب ولم يشعروا فقتله رجل
منهم وأخذوا ما كان معه وأن المشركين أرسلوا يعيرونه بذلك فقال الله يسألونك عن
الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وغيره أكبر منه وصد عن سبيل الله وكفر به
والمسجد الحرام وإخراج أهل المسجد الحرام منه أكبر من الذي أصاب أصحاب محمد صلى
الله عليه و سلم والشرك أشد منه "
وأخرج ابن اسحق حدثني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزل فيما كان من مصاب
عمرو بن الحضرمي يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه إلى آخر الآية
وأخرج ابن منده وابن عساكر من طريق عكرمة عن ابن عباس " أن النبي صلى الله
عليه و سلم بعث صفوان بن بيضاء في سرية عبد الله بن جحش قبل الأبواء فغنموا وفيهم
نزلت يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه
الآية "
وأخرج ابن جرير من طريق السدي " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث سرية
وكانوا سبعة نفر عليهم عبد الله بن جحش الأسدي وفيهم عمار بن ياسر وأبو حذيفة بن
عتبة بن ربيعة وسعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان السلمي حليف لبني نوفل أو سهيل بن
بيضاء وعامر بن فهيرة وواقد بن عبد الله اليربوعي حليف لعمر بن الخطاب وكتب مع ابن
جحش كتابا أمره أن لا يقرأه حتى ينزل ملل فلما نزل ببطن ملل فتح الكتاب فإذا فيه
أن سر حتى تنزل بطن نخلة
قال لأصحابه : من كان يريد الموت فليمض وليوص فإني موص وماض لأمر رسول الله صلى
الله عليه و سلم فسار وتخلف عنه سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان أضلا راحلة لهما
وسار ابن جحش إلى بطن نخلة فإذا هم بالحكم بن كيسان وعبد الله بن المغيرة بن عثمان
وعمرو الحضرمي فاقتتلوا فأسروا الحكم بن كيسان وعبد الله بن المغيرة وانقلب
المغيرة وقتل عمرو الحضرمي قتله واقد بن عبد الله فكانت أول غنيمة غنمها
(1/601)
أصحاب
محمد صلى الله عليه و سلم فلما رجعوا إلى المدينة بالأسيرين وما غنموا من الأموال
قال المشركون : محمد يزعم أنه يتبع طاعة الله وهو أول من استحل الشهر الحرام فأنزل
الله يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير لا يحل وما صنعتم أنتم يا
معشر المشركين أكبر من القتل في الشهر الحرام حين كفرتم بالله وصددتم عنه محمدا
والفتنة وهي الشرك أعظم عند الله من القتل في الشهر الحرام فذلك قوله وصد عن سبيل
الله وكفر به
الآية "
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال " أن رجلا
من بني تميم أرسله النبي صلى الله عليه و سلم في سرية فمر بابن الحضرمي يحمل خمرا
من الطائف إلى مكة فرماه بسهم فقتله وكان بين قريش ومحمد فقتله في آخر يوم من
جمادى الآخرة وأول يوم من رجب
فقالت قريش : في الشهر الحرام ولنا عهد ؟ فأنزل الله قل قتال فيه كبير
الآية
يقول : كفر به وعبادة الأوثان أكبر من قتل ابن الحضرمي "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي مالك الغفاري قال " بعث رسول الله صلى
الله عليه و سلم عبد الله بن جحش فلقي ناسا من المشركين ببطن نخلة والمسلمون
يحسبون أنه آخر يوم من جمادى وهو أول يوم من رجب فقتل المسلمون ابن الحضرمي
فقال المشركون : ألستم تزعمون أنكم تحرمون الشهر الحرام والبلد الحرام وقد قتلتم
في الشهر الحرام ؟ فأنزل الله يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه إلى قوله أكبر عند
الله من الذي استكبرتم من قتل ابن الحضرمي والفتنة التي أنتم عليها مقيمون يعني
الشرك أكبر من القتل
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق الزهري عن عروة " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم بعث سرية من المسلمين وأمر عليهم عبد الله بن جحش الأسدي فانطلقوا حتى
هبطوا نخلة فوجدوا عمرو بن الحضرمي في عير تجارة لقريش في يوم بقي من الشهر الحرام
فاختصم المسلمون فقال قائل منهم : هذه غرة من عدو وغنم رزقتموه ولا ندري أمن الشهر
الحرام هذا اليوم أم لا
وقال قائل : لا نعلم اليوم إلا من الشهر الحرام ولا نرى أن تستحلوه لطمع أشفقتم
عليه فغلب على الأمر الذين يريدون عرض الدنيا فشدوا على ابن الحضرمي فقتلوه وغنموا
عيره
فبلغ ذلك كفار قريش وكان ابن الحضرمي أول قتيل قتل بين المسلمين والمشركين فركب
وفد كفار قريش
(1/602)
حتى
قدموا على النبي صلى الله عليه و سلم بالمدينة فقالوا : أتحل القتال في الشهر
الحرام ؟ فأنزل الله عز و جل يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير
وصد عن سبيل الله
إلى آخر الآية
فحدثهم الله في كتابه : إن القتال في الشهر الحرام حرام كما كان وإن الذين يستحلون
من المؤمنين هو أكبر من ذلك فمن صدهم عن سبيل الله حين يسخمونهم ويعذبونهم
ويحبسونهم أن يهاجروا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وكفرهم بالله وصدهم
للمسلمين عن المسجد الحرام في الحج والعمرة والصلاة فيه وإخراجهم أهل المسجد
الحرام وهم سكانه من المسلمين وفتنهم إياهم عن الدين فبلغنا أن النبي صلى الله
عليه و سلم عقل ابن الحضرمي وحرم الشهر الحرام كما كان يحرمه حتى أنزل الله عز و
جل براءة من الله ورسوله التوبة الآية 1
وأخرج عبد الرزاق وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن أبي حاتم عن الزهري ومقسم
قالا " لقي واقد بن عبد الله عمرو بن الحضرمي أول ليلة من رجب وهو يرى أنه من
جمادى فقتله فأنزل الله يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه
الآية
قال الزهري : فكان النبي صلى الله عليه و سلم فيما بلغنا يحرم القتال في الشهر
الحرام ثم أحل بعد "
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي من طريق يزيد بن رومان عن عروة
قال " بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم عبد الله بن جحش إلى نخلة فقال له :
كن بها حتى تأتينا بخبر من أخبار قريش ولم يأمره بقتال وذلك في الشهر الحرام وكتب
له كتابا قبل أن يعلمه أنه يسير فقال : اخرج أنت وأصحابك حتى إذا سرت يومين فافتح
كتابك وانظر فيه فما أمرتك به فامض له ولا تستكرهن أحدا من أصحابك على الذهاب معك
فلما سار يومين فتح الكتاب فإذا فيه : أن امض حتى تنزل نخلة فتأتينا من أخبار قريش
بما تصل إليك منهم
فقال لأصحابه حين قرأ الكتاب : سمعا وطاعة من كان منكم له رغبة في الشهادة فلينطلق
معي فإني ماض لأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم ومن كره ذلك منكم فليرجع فإن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قد نهاني أن أستكره منكم أحدا فمضى معه القوم حتى
إذا كانوا بنجران أضل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان بعيرا لهما كانا يتعقبانه
فتخلفا عليه يطلبانه
ومضى القوم حتى نزلوا نخلة فمر بهم عمرو بن الحضرمي والحكم بن كيسان
(1/603)
وعثمان
والمغيرة بن عبد الله معهم تجارة قد مروا بها من الطائف إلى مكة ؟ أدم وزيت فلما
رآهم القوم أشرف لهم واقد بن عبد الله وكان قد حلق رأسه فلما رأوه حليقا قال عمار
: ليس عليكم منهم بأس وائتمر القوم بهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو
آخر يوم من جمادى فقالوا : لئن قتلتوهم إنكم لتقتلونهم في الشهر الحرام ولئن
تركتموهم ليدخلن في هذه الليلة حرم مكة فيمتنعن منكم
فأجمع القوم على قتلهم فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي فقتله
واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان وهرب المغيرة فأعجزهم
واستاقوا العير فقدموا بها على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال لهم : والله ما
أمرتكم بقتال في الشهر الحرام فأوقف رسول الله صلى الله عليه و سلم الأسيرين
والعير فلم يأخذ منها شيئا فلما قال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم ما قد سقط
في أيديهم وظنوا أن قد هلكوا وعنفهم إخوانهم من المسلمين وقالت قريش حين بلغهم أمر
هؤلاء : قد سفك محمد الدم الحرام وأخذ المال وأسر الرجال واستحل الشهر الحرام
فأنزل الله يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه
الآية
فلما نزل ذلك أخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم العير وفدى الأسيرين
فقال المسلمون : يا رسول الله أتطمع أن يكون لنا غزوة ؟ فأنزل الله إن الذين آمنوا
والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله وكانوا ثمانية وأميرهم
التاسع عبد الله بن جحش "
وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قال : يقول :
يسألونك عن قتال فيه قال : وكذلك كان يقرؤها عن قتال فيه
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءة عبد الله يسألونك عن
الشهر الحرام عن قتال فيه وأخرج ابن أبي داود عن عكرمة
أنه كان يقرأ هذا الحرف قتل فيه
وأخرج عن عطاء بن ميسرة قال : أحل القتال في الشهر الحرام في براءة في قوله فلا
تظلموا فيهن أنفسكم وقاتلوا المشركين كافة التوبة الآية 36
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري
أنه سئل عن هذه الآية فقال : هذا شيء منسوخ ولا بأس بالقتال في الشهر الحرام
(1/604)
وأخرج
النحاس في ناسخه من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : قوله يسألونك عن الشهر
الحرام قتال فيه أي في الشهر الحرام
قال قتال فيه كبير أي عظيم فكان القتال محظورا حتى نسخه آية السيف في براءة
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم التوبة الآية 5 فأبيح القتال في الأشهر الحرام وفي
غيرها
وأخرج ابن المنذر عن ابن عمر والفتنة أشد من القتل قال : الشرك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ولا يزالون يقاتلونكم قال : كفار قريش
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله أولئك يرجون رحمة الله قال : هؤلاء
خيار هذه الأمة ثم جعلهم الله أهل رجاء
إنه من رجا طلب ومن خاف هرب
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في الآية قال : هؤلاء خيار هذه الأمة جعلهم الله أهل
رجاء كما تسمعون
قوله تعالى : يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما
أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم
تتفكرون
ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وأبو يعلى
وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ وابن مردويه
والحاكم وصححه والبيهقي والضياء المقدسي في المختارة عن عمر
أنه قال : اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فإنها تذهب المال والعقل فنزلت
يسألونك عن الخمر والميسر التي في سورة البقرة فدعي عمر فقرئت عليه فقال : اللهم
بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي سورة النساء يا أيها الذين آمنوا
لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى النساء الآية 43 فكان منادي رسول الله صلى الله عليه
و سلم إذا أقام الصلاة نادى أن لا يقربن الصلاة سكران فدعي عمر فقرئت عليه فقال :
اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في المائدة فدعي عمر فقرئت
عليه فلما بلغ فهل لأنتم منتهون المائدة الآية 91 قال عمر : انتهينا انتهينا
(1/605)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أنس قال : كنا نشرب الخمر فأنزلت يسألونك عن الخمر والميسر
الآية
فقلنا : نشرب منها ما ينفعنا
فأنزلت في المائدة إنما الخمر والميسر المائدة الآية 90
الآية
فقالوا : اللهم قد انتهينا
وأخرج الخطيب في تاريخه عن عائشة قال " لما نزلت سورة البقرة نزل فيها تحريم
الخمر فنهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك "
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال : إنما سميت الخمر لأنها صفاء صفوها
وسفل كدرها
وأخرج أبو عبيد والبخاري في الأدب المفرد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
ابن عمر قال : الميسر القمار
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : الميسر القمار وإنما
سمي الميسر لقولهم أيسر جزورا كقولك ضع كذا وكذا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن عباس في قوله
يسألونك عن الخمر والميسر قال : الميسر القمار كان الرجل في الجاهلية يخاطر عن
أهله وماله فأيهما قهر صاحبه ذهب بأهله وماله
وفي قوله قل فيهما إثم كبير يعني ما ينقص من الدين عند شربها ومنافع للناس يقول :
فيما يصيبون من لذتها وفرحها إذا شربوها وإثمهما أكبر من نفعهما يقول : ما يذهب من
الدين والإثم فيه أكبر مما يصيبون من لذتها وفرحها إذا شربوها فأنزل الله بعد ذلك
لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى
النساء الآية 43 الآية
فكانوا لا يشربونها عند الصلاة فإذا صلوا العشاء شربوها فما يأتي الظهر حتى يذهب
عنهم السكر ثم إن ناسا من المسلمين شربوها فقاتل بعضهم بعضا وتكلموا بما لا يرضي
الله من القول
فأنزل الله إنما الخمر والميسر والأنصاب المائدة الآية 90 الآية
فحرم الخمر ونهى عنها
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله يسألونك عن الخمر
الآية
قال : نسخها إنما الخمر والميسر
المائده الآيه 90 الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله قل فيهما إثم كبير
(1/606)
قال
: هذا أول ما عيبت به الخمر ومنافع للناس قال : ثمنها وما يصيبون من السرور
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس
قال : منافعهما قبل التحريم وإثمهما بعدما حرما
وأما قوله تعالى : ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو
أخرج ابن اسحق وابن أبي حاتم عن ابن عباس " أن نفرا من الصحابة حين أمروا
بالنفقة في سبيل الله أتوا النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : إنا لا ندري ما هذه
النفقة التي أمرنا بها في أموالنا فما ننفق منها ؟ فأنزل الله ويسألونك ماذا
ينفقون قل العفو وكان قبل ذلك ينفق ماله حتى لا يجد ما يتصدق به ولا ما لا يأكل
حتى يتصدق عليه "
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبان عن يحيى " أنه بلغه أن معاذ بن جبل وثعلبة
أتيا رسول الله فقالا : يا رسول الله إن لنا أرقاء وأهلين فما ننفق من أموالنا ؟
فأنزل الله ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن عباس في قوله
ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو قال : هو ما لا يتبين في أموالكم وكان هذا قبل أن
تفرض الصدقة
وأخرج وكيع وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والنحاس في ناسخه والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله ويسألونك
ماذا ينفقون قل العفو قال : ما يفضل عن أهلك وفي لفظ قال : الفضل من العيال
وأخرج ابن المنذر عن عطاء بن دينار الهذلي
أن عبد الملك بن مروان كتب إلى سعيد بن جبير يسأله عن العفو
فقال : العفو على ثلاثة أنحاء
نحو تجاوز عن الذنب ونحو في القصد في النفقة ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو ونحو
في الإحسان فيما بين الناس إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح البقرة
الآية 237
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله قل العفو قال : ذلك أن لا تجد مالك ثم تقعد
تسأل الناس
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء في قوله قل العفو قال : الفضل
(1/607)
وأخرج
عبد بن حميد من طريق بن أبي نجيح عن طاوس قال : العفو اليسر من كل شيء قال : وكان
مجاهد يقول العفو الصدقة المفروضة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله قل العفو قال : لم تفرض فيه فريضة معلومة ثم
قال خذ العفو وأمر بالعرف الأعراف الآية 199 ثم نزلت الفرائض بعد ذلك مسماة
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله قل العفو قال : هذا نسخته الزكاة
وأخرج البخاري والنسائي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" أفضل الصدقة ما ترك غني واليد العليا خير من اليد السفلى وأبدأ بمن تعول
تقول المرأة : إما أن تطعمني وأما أن تطلقني ويقول العبد أطعمني واستعملني ويقول
الابن : اطعمني إلى من تدعني "
وأخرج ابن خزيمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " خير الصدقة
ما أبقت غنى واليد العليا خير من اليد السفلى وأبدأ بمن تعول تقول المرأة : أنفق
علي أو طلقني ويقول مملوكك : أنفق علي أو بعني
ويقول ولدك : إلى من تكلني "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وأبدا بمن تعول "
وأخرج أبو داود والنسائي وابن جرير وابن حبان والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال :
أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بالصدقة فقال رجل : يا رسول الله عندي دينار
قال : تصدق به على نفسك
قال : عندي آخر ؟ قال : تصدق به على ولدك قال : عندي آخر
قال : تصدق به على زوجتك
قال : عندي آخر
قال : تصدق به على خادمك
قال : عندي آخر
قال : أنت أبصر "
وأخرج ابن سعد وأبو داود والحاكم وصححه عن جابر بن عبد الله قال " كنا عند
رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ جاء رجل وفي لفظ : قدم أبو حصين السلمي بمثل
بيضة من الحمامة من ذهب فقال : يا رسول الله أصبت هذه من معدن فخذها فهي صدقة ما
أملك غيرها فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم أتاه من خلفه فأخذها رسول
الله صلى الله عليه و سلم فحذفه بها فلو أصابته لأوجعته أو لعقرته
فقال : يأتي أحدكم بما يملك
(1/608)
فيقول
هذه صدقة ثم يقعد يستكف الناس خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى وأبدا بمن تعول "
وأخرج البخاري ومسلم عن حكيم بن حزام عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
اليد العليا خير من اليد السفلى وأبدأ بمن تعول وخير الصدقة ما كان على ظهر غنى
ومن يستعف يعفه الله ومن يستغن يغنه الله "
وأخرج مسلم والنسائي عن جابر " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لرجل :
أبدأ بنفسك فتصدق عليها فإن فضل شيء فلأهلك فإن فضل شيء عن أهلك فلذي قرابتك فإن
فضل عن ذي قرابتك شيء فهكذا وهكذا "
وأخرج أبو يعلى والحاكم وصححه عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " الأيدي ثلاث
فيد الله العليا ويد المعطي التي تليها ويد السائل السفلى إلى يوم القيامة فاستعفف
عن السؤال وعن المسألة ما استطعت فإن أعطيت خيرا فلير عليك وأبدأ بمن تعول وارضخ
من الفضل ولا تلام على الكفاف "
وأخرج أبو داود وابن حبان والحاكم عن مالك بن نضلة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " الأيدي ثلاث
فيد الله العليا ويد المعطي التي تليها ويد السائل السفلى فأعط الفضل ولا تعجز عن
نفسك "
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري قال " دخل
رجل المسجد فأمر النبي صلى الله عليه و سلم الناس أن يطرحوا أثوابا فطرحوا فأمر له
منها بثوبين ثم حث على الصدقة فجاء فطرح أحد الثوبين فصاح به وقال : خذ ثوبك
"
وأخرج أبو داود والنسائي والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت "
وأخرج البزار عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
اليد العليا خير من اليد السفلى وأبدأ بمن تعول "
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي عن أبي أمامة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : يا ابن آدم إنك إن تبدل الفضل خير لك وإن تمسكه شر لك ولا تلام على كفاف
وأبدأ بمن تعول واليد العليا خير من اليد السفلى "
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الشعب عن عبد الرحمن بن عوف عن رسول الله صلى الله عليه
و سلم قال " يا ابن عوف إنك من الأغنياء ولن تدخل الجنة إلا زحفا فأقرض الله
(1/609)
يطلق
لك قدميك
قال : وما الذي أقرض يا رسول الله ؟ قال : تبرأ مما أمسيت فيه
قال : أمن كله أجمع يا رسول الله ؟ قال : نعم
فخرج وهو يهم بذلك فأتاه جبريل فقال : مر ابن عوف فليضف الضيف وليطعم المساكين
وليعط السائل وليبدأ بمن يعول فإنه إذا فعل ذلك كان تزكية مما هو فيه "
وأخرج البيهقي في الشعب عن ركب المصري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" طوبى لمن تواضع من غير منقصة وذل في نفسه من غير مسكنة وأنفق مالا جمعه في
غير معصية ورحم أهل الذلة والمسكنة وخالط أهل العفة والحكمة طوبى لمن ذل في نفسه
وطاب كسبه وصلحت سريرته وكرمت علانيته وعزل عن الناس شره وأنفق الفضل من ماله
وأمسك الفضل من قوله "
وأخرج البزار عن أبي ذر قال : قلت يا رسول الله " ما تقول في الصلاة ؟ قال :
تمام العمل
قلت : يا رسول الله أسألك عن الصدقة ؟ قال : شيء عجيب قلت : يا رسول الله تركت
أفضل عمل في نفسي أو خيره قال : ما هو ؟ قلت : الصوم
قال : خير وليس هناك
قلت : يا رسول الله وأي الصدقة ؟ قال : تمرة
قلت : فإن لم أفعل ؟ قال : بكلمة طيبة
قلت : فإن لم أفعل ؟ قال : تريد أن لا تدع فيك من الخير شيئا "
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة من طريق أبي قلابة عن أبي أسماء عن
ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أفضل دينار ينفقه الرجل على
أصحابه في سبيل الله قال أبو قلابة : وبدأ بالعيال ثم قال أبو قلابة : وأي رجل
أعظم أجرا من رجل ينفق على عيال صغار يعفهم أو ينفعهم الله به ويعينهم ؟ "
وأخرج مسلم والنسائي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
دينار أنفقته في سبيل الله ودينار أنفقته في رقبة ودينار تصدقت به على مسكين
ودينار أنفقته على أهلك أعظمها أجرا الذي أنفقته على أهلك "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن كدير الضبي قال : " أتى أعرابي على النبي
صلى الله عليه و سلم فقال : نبئني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار
قال : تقول العدل وتعطي الفضل قال : هذا شديد لا أستطيع أن أقول العدل كل ساعة ولا
أن أعطي فضل مالي
قال : فأطعم الطعام وأفش السلام قال : هذا شديد والله ! قال : هل لك من إبل ؟ قال
: نعم
قال : انظر بعيرا من إبلك وسقاء فاسق أهل
(1/610)
بيت
لا يشربون إلا غبا فلعلك أن لا يهلك بعيرك ولا ينخرق سقاؤك حتى تجب لك الجنة
قال : فانطلق يكبر ثم إنه استشهد بعد
وأخرج ابن سعد عن طارق بن عبد الله قال : " أتيت النبي صلى الله عليه و سلم
وهو يخطب فسمعت من قوله : تصدقوا فإن الصدقة خير لكم واليد العليا خير من اليد
السفلى وأبدأ بمن تعول أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك فأدناك "
وأخرج مسلم عن خيثمة قال : كنا جلوسا مع عبد الله بن عمرو إذ جاءه قهرمان له فدخل
فقال : أعطيت الرقيق قوتهم ؟ قال : لا
قال : فأنطلق فأعطهم وقال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " كفى بالمرء
إثما أن يحبس عمن يملك قوته "
أما قوله تعالى : كذلك يبين الله لكم الآيات الآية أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس في قوله كذلك يبين الله لكم الآيات
لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة يعني في زوال الدنيا وفنائها وإقبال الآخرة
وبقائها
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في قوله لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة
قال : لتعلموا فضل الآخرة على الدنيا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الصعق بن حزن التميمي قال : شهدت الحسن وقرأ
هذه الآية من البقرة لعلكم تتفكرون في الدنيا والآخرة
قال : هي والله لمن تفكرها ليعلمن أن الدنيا دار بلاء ثم دار فناء وليعلمن أن
الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في الآية قال : من تفكر في الدنيا عرف فضل إحداهما على
الأخرى عرف أن الدنيا دار بلاء ثم دار فناء وأن الآخرة دار بقاء ثم دار جزاء
فكونوا ممن يصرم حاجة الدنيا لحاجة الآخرة
قوله تعالى : في الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن
تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز
حكيم
أبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن
(1/611)
مردويه
والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال " لما أنزل الله ولا تقربوا
مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن الإسراء الآية 34 و إن الذين يأكلون أموال اليتامى
النساء الآية 10 الآيتين انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من
شرابه فجعل يفضل له الشيء من طعامه فيجلس له حتى يأكله أو يفسد فيرمى به فاشتد
عليهم فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فأنزل الله ويسألونك عن اليتامى
قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم
"
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء قال : لما نزل في اليتيم ما نزل اجتنبهم الناس فلم
يؤاكلوهم ولم يشاربوهم ولم يخالطوهم فأنزل الله ويسألونك عن اليتامى
الآية
فخالطهم الناس في الطعام وفيما سوى ذلك
وأخرج عبد بن حميد وابن الأنبياري والنحاس عن قتادة في قوله ويسألونك عن اليتامى
الآية
قال : كان أنزل قبل ذلك في سورة بني اسرائيل ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي
أحسن الإسراء الآية 34 فكانوا لا يخالطونهم في مطعم ولا غيره فاشتد ذلك عليهم
فأنزل الله الرخصة وإن تخالطوهم فإخوانكم
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت إن الذين يأكلون أموال اليتامى
ظلما
النساء الاية 10 الآية
أمسك الناس ولم يخالطوا الأيتام في الطعام والأموال حتى نزلت ويسألونك عن اليتامى
قل إصلاح لهم خير الآية
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير قال " كان أهل البيت يكون عندهم الأيتام في
حجورهم فيكون لليتيم الصرمة من الغنم ويكون الخادم لأهل البيت فيبعثون خادمهم فيرعى
غنم الأيتام أو يكون لأهل اليتيم الصرمة من الغنم ويكون الخادم للأيتام فيبعثون
خادم الأيتام فيرعى غنهم فإذا كان الرسل وضعوا أيديهم جميعا أو يكون الطعام
للأيتام ويكون الخادم لأهل البيت فيأمرون خادمهم فيصنع الطعام ويكون الطعام لأهل
البيت ويكون الخادم للأيتام فيأمرون خادم الأيتام أن يصنع الطعام فيضعون أيديهم
جميعا فلما نزلت هذه الآية إن الذين يأكلون أموال
(1/612)
اليتامى
ظلما
النساء الآية 10 الآية
قالوا : هذه موجبة فاعتزلوهم وفرقوا ما كان من خلطتهم فشق عليهم ذلك فشكوا ذلك إلى
رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : إن الغنم قد بقيت ليس لها راع والطعام ليس
له من يصنعه
فقال : قد سمع الله قولكم فإن شاء أجابكم
فنزلت هذه الآية ويسألونك عن اليتامى ونزل أيضا وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى
النساء الآية 3 الآية
فقصروا على أربع فقال : كما خشيتم أن لا تقسطوا في اليتامى وتحرجتم من مخالطتهم
حتى سألتم عنها فهلا سألتم عن العدل في جمع النساء "
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس وإن تخالطوهم قال : المخالطة أن يشرب
من لبنك وتشرب من لبنه ويأكل في قصعتك وتأكل في قصعته وتأكل من ثمرته والله يعلم
المفسد من المصلح قال : يعلم من يتعمد أكل مال اليتيم ومن يتحرج منه ولا يألو عن
إصلاحه ولو شاء لأعنتكم يقول : لو شاء ما أحل لكم ما أصبتم مما لا تتعمدون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : إن الله لما
أنزل إن الذين يأكلوا أموال اليتامى ظلما
الآية
كره المسلمون أن يضمنوا اليتامى وتحرجوا أن يخالطوهم في شيء فسألوا رسول الله صلى
الله عليه و سلم فأنزل الله قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم
المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم يقول : لأحرجكم وضيق عليكم ولكنه وسع ويسر
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قرأ وإن تخالطوهم فإخوانكم في الدين
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله والله يعلم المفسد من المصلح قال : الله يعلم
حين تخلط مالك بماله أتريد أن تصلح ماله أو تفسده فتأكله بغير حق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ولو
شاء لأعنتكم قال : لو شاء الله لجعل ما أصبتم من أموال اليتامى موبقا
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ولو شاء الله لأعنتكم قال : لو شاء الله لأعنتكم فلم
تؤدوا فريضة ولم تقوموا بحق
(1/613)
وأخرج
وكيع وعبد بن حميد عن الأسود قال : قالت عائشة : اخلط طعامه بطعامي وشرابه بشرابي
فإني أكره أن يكون مال اليتيم عندي كالعيرة
قوله تعالى : ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم
ولا تنحكوا المشركين حتى يؤمنوا ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أولئك يدعون
إلى النار والله يدعو إلى الجنة والمغفرة بإذنه ويبين الله آياته للناس لعلهم
يتذكرون
ابن أبي حاتم وابن المنذر عن مقاتل بن حبان قال " نزلت هذ الآية في أبي مرثد
الغنوي استأذن النبي صلى الله عليه و سلم في عناق أن يتزوجها وكانت ذا حظ من جمال
وهي مشركة وأبو مرثد يؤمئذ مسلم
فقال : يا رسول الله إنها تعجبني
فأنزل الله ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي في سننه عن
ابن عباس في قوله ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن قال : استثنى الله من ذلك نساء أهل
الكتاب فقال والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب المائدة الآية 5
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس في قوله ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن قال :
نسخ من ذلك نكاح نساء أهل الكتاب أحلهن للمسلمين وحرم المسلمات على رجالهم
وأخرج البيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن قال :
نسخت وأحل من المشركات نساء أهل الكتاب
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية ولا تنكحوا
المشركات فحجز الناس عنهن حتى نزلت الآية التي بعدها والمحصنات من الذين أوتوا
الكتاب من قبلكم المائدة الآية 5 فنكح الناس نساء أهل الكتاب
(1/614)
وأخرج
وكيع وابن جرير وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي في سننه عن سعيد بن جبير
في قوله ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن قال : يعني أهل الأوثان
وأخرج آدم وعبد بن حميد والبيهقي عن مجاهد ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن قال : نساء
أهل مكة من المشركين ثم أحل منهم نساء أهل الكتاب
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن قال :
مشركات العرب اللاتي ليس لهن كتاب
وأخرج عبد بن حميد عن حماد قال : سألت إبراهيم عن تزويج اليهودية والنصرانية فقال
: لا بأس به
فقلت : أليس الله يقول ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ؟ قال : إنما ذاك المجوسيات
وأهل الأوثان
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير والبيهقي عن شقيق قال : تزوج حذيفة بيهودية فكتب إليه
عمر أن خل سبيلها فكتب إليه أتزعم أنها حرام فأخلي سبيلها ؟ فقال : لا أزعم أنها
حرام ولكن أخاف أن تعاطوا المومسات منهن
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه كره نكاح نساء أهل الكتاب وتأول
ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن
وأخرج البخاري والنحاس في ناسخه عن نافع عن عبد الله بن عمر كان إذا سأل عن نكاح
الرجل النصرانية أو اليهودية قال : حرم الله المشركات على المسلمين ولا أعرف شيئا
من الإشراك أعظم من أن تقول المرأة : ربها عيسى أو عبد من عباد الله
وأما قوله تعالى : ولأمة مؤمنة خير من مشركة ولو أعجبتكم أخرج الواحدي وابن عباس
من طريق السدي عن أبي مالك عن ابن عباس في هذه الآية ولأمة مؤمنة خير من مشركة قال
" نزلت في عبد الله بن رواحة وكانت له أمة سوداء وأنه غضب عليها فلطمها ثم
إنه فزع فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره خبرها
فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : ما هي يا عبد الله ؟ قال : تصوم وتصلي وتحسن
الوضوء وتشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسوله
فقال : يا عبد الله هذه مؤمنة
فقال عبد الله : فوالذي بعثك بالحق لأعتقها ولأتزوجها ففعل فطعن عليه ناس من
المسلمين وقالوا : نكح أمة وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في
أحسابهم فأنزل الله ولأمة مؤمنة خير من مشركة "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي مثله سواء معضلا
(1/615)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله ولأمة مؤمنة قال : بلغنا أنها كانت أمة
الحذيفة سوداء فأعتقها وتزوجها حذيفة
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد في مسنده وابن ماجة والبيهقي في سننه عن عبد
الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " لا تنكحوا النساء لحسنهن
فعسى حسنهن أن يرديهن ولا تنكحوهن على أموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن وانكحوهن
على الدين فلأمة سوداء خرماء ذات دين أفضل "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي في سننه عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " تنكح المرأة لأربع : لمالها ولحسبها
ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك "
وأخرج مسلم والترمذي والنسائي والبيهقي عن جابر " أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم قال له : إن المرأة تنكح على دينها ومالها وجمالها فعليك بذات الدين تربت
يداك "
وأخرج أحمد والبزار وأبو يعلى وابن حبان والحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " تنكح المرأة على إحدى خصال : لجمالها
ومالها ودينها فعليك بذات الدين والخلق تربت يمينك "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " من تزوج
امرأة لعزها لم يزده الله إلا ذلا ومن تزوجها لمالها لم يزده الله إلا فقرا ومن
تزوجها لحسبها لم يزده الله إلا دناءة ومن تزوج امرأة لم يرد بها إلا أن يغض بصره
ويحصن فرجه أو يصل رحمه بارك الله له فيها وبارك لها فيه "
وأخرج البزار عن عوف بن مالك الأشجعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" عودوا المريض واتبعوا الجنازة ولا عليكم أن تأتوا العرس ولا عليكم أن لا
تنكحوا المرأة من أجل حسنها فعل أن لا يأتي بخير ولا عليكم أن لا تنكحوا المرأة
لكثرة مالها فعل مالها أن لا يأتي بخير ولكن ذوات الدين والأمانة "
وأما قوله تعالى : ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا أخرج ابن جرير عن أبي جعفر محمد
بن علي قال : النكاح بولي في كتاب الله ثم قرأ ولا تنكحوا المشركين حتى يؤمنوا
وأخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن أبي موسى
" أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا نكاح إلا بولي "
(1/616)
وأخرج
ابن ماجة والبيهقي عن عائشة وابن عباس قالا : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" لا نكاح إلا بولي وفي حديث عائشة : والسلطان ولي من لا ولي له "
وأخرج الشافعي وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه
والبيهقي في سننه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " أيما امرأة
نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ثلاثا فإن أصابها فلها المهر بما استحل من فرجها
وإن استجرأوا فالسلطان ولي من لا ولي له "
وأخرج ابن ماجة والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" لا تزوج المرأة المرأة ولا تزوج المرأة نفسها فإن الزانية هي التي تزوج
نفسها "
وأخرج البيهقي عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا نكاح
إلا بولي وشاهدي عدل "
وأخرج البيهقي عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
لا يجوز نكاح إلا بولي وشاهدي عدل "
وأخرج مالك والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال : لا تنكح المرأة إلا بإذن وليها أو ذي
الرأي من أهلها أو السلطان
وأخرج الشافعي والبيهقي عن ابن عباس قال : لا نكاح إلا بولي مرشد وشاهدي عدل
وأما قوله تعالى : ولعبد مؤمن خير من مشرك ولو أعجبكم أخرج البخاري وابن ماجة عن
سهل بن سعد قال " مر رجل على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ما تقولون
في هذا ؟ قالوا : حري إن خطب أن ينكح وإن شفع أن يشفع وإن قال أن يستمع
قال : ثم سكت فمر رجل من فقراء المسلمين فقال : ما تقولون في هذا ؟ قالوا : حري إن
خطب أن لا ينكح وإن شفع أن لا يشفع وإن قال لا يسمع
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هذا خير من ملء الأرض مثل هذا "
وأخرج الترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إن لا تفعلوا تكن
فتنة في الأرض وفساد عريض "
وأخرج الترمذي والبيهقي في سننه عن أبي حاتم المزني قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه إن لا تفعلوا تكن فتنة
في الأرض
(1/617)
وفساد
عريض
قالوا : يا رسول الله وإن كان فيه ؟ قال : إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فانكحوه
ثلاث مرات "
وأخرج الحاكم وصححه عن معاذ الجهني " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
من أعطى لله ومنع لله وأحب لله وأبغض لله فقد استكمل إيمانه "
قوله تعالى : ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن
حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب
المتطهرين
أحمد وعبد بن حميد والدارمي ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وأبو
يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وابن حبان والبيهقي في سننه عن
أنس " أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم أخرجوها من البيت ولم يؤاكلوها
ولم يشاربوها ولم يجامعوها في البيوت
فسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك فأنزل الله ويسألونك عن المحيض قل هو
أذى فاعتزلوا النساء في المحيض
الآية
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " جامعوهن في البيوت واصنعوا كل شيء
إلا النكاح
فبلغ ذلك اليهود فقالوا : ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه
! فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر فقالا : يا رسول الله إن اليهود قالت كذا وكذا
أفلا نجامعهن ؟ فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى ظننا أن قد وجد
عليهما فخرجا فاستقبلهما هدية من لبن إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأرسل في
أثرهما فسقاهما فعرفا أنه لم يجد عليهما "
وأخرج النسائي والبزار واللفظ له عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في
قوله تعالى ويسألونك عن المحيض قال " أن اليهود قالوا : من أتى المرأة من
دبرها كان ولده أحول وكان نساء الأنصار لا يدعن أزواجهن يأتونهن من أدبارهن فجاؤوا
إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فسألوه عن إتيان الرجل امرأته وهي حائض ؟ فأنزل
الله ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى
يطهرن فإذا
(1/618)
تطهرن
بالإغتسال فأتوهن من حيث أمركم الله
نساؤكم حرث لكم إنما الحرث موضع الولد "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس
أن القرآن نزل في شأن الحائض والمسلمون يخرجونهن من بيوتهن كفعل العجم فاستفتوا
رسول الله صلى الله عليه و سلم في ذلك فأنزل الله ويسألونك عن المحيض قل هو أذى
فاعتزلوا النساء في المحيض فظن المؤمنون أن الإعتزال كما كانوا يفعلون بخروجهن من
بيوتهن حتى قرأ آخر الآية ففهم المؤمنون ما الإعتزال إذ قال الله ولا تقربوهن حتى
يطهرن
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله ويسألونك عن المحيض قال : الذي سأل عن ذلك ثابت
بن الدحداح
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله ويسألونك عن المحيض قال
: أنزل في ثابت بن الدحداح
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : كان أهل الجاهلية لا تساكنهم حائض في
بيت ولم يؤاكلوهم في إناء فأنزل الله الآية في ذلك فحرم فرجها ما دامت حائضا وأحل
ما سوى ذلك
وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لها وقد حاضت :
" إن هذا أمر كتبه الله على بنات آدم "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وسعيد بن منصور ومسدد في مسنده عن ابن مسعود قال : كان
نساء بني اسرائيل يصلين مع الرجال في الصف فاتخذن قوالب يتطاولن بها لتنظر إحداها
إلى صديقها فألقى الله عليهن الحيض ومنعهن المساجد وفي لفظ : فألقى عليهن الحيض
فأخرن قال ابن مسعود : فأخروهن من حيث أخرهن الله
وأخرج عبد الرزاق عن عائشة قالت : كان نساء بني اسرائيل يتخذن أرجلا من خشب يتشوفن
للرجال في المساجد فحرم الله عليهن المساجد وسلطت عليهن الحيضة
وأخرج أحمد والبيهقي في سننه عن يزيد بن بابنوس قال : قلت لعائشة : ما تقولين في
العراك ؟ قالت الحيض تعنون ؟ قلنا : نعم
قالت : سموه كما سماه الله
وأخرج الطبراني والداقطني عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
أقل الحيض ثلاث وأكثره عشر "
(1/619)
وأخرج
الطبراني في الأوسط عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" الحائض تنتظر ما بينها وبين عشر فإن رأت الطهر فهي طاهرة وإن جاوزت العشر
فهي مستحاضة "
وأخرج أبو يعلى والدارقطني عن أنس بن مالك قال : : لتنتظر الحائض خمسا سبعا ثمانيا
تسعا عشرا فإذا مضت العشر فهي مستحاضة
وأخرج الدارقطني عن أنس قال : الحيض ثلاث وأربع وخمس وست وسبع وثمان وتسع وعشر
وأخرج الدارقطني عن ابن مسعود قال : الحيض ثلاث وأربع وخمس وست وسبع وثمان وتسع
وعشر فإن زاد فهي استحاضة
وأخرج الدارقطني عن أنس قال : أدنى الحيض ثلاث وأقصاه عشر
وأخرج الدارقطني عن واثلة بن الأسقع قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" أقل الحيض ثلاث وأكثره عشرة أيام "
وأخرج الدارقطني عن أنس قال : لا يكون الحيض أكثر من عشرة
وأخرج الدارقطني عن عطاء بن أبي رباح قال : أدنى وقت الحائض يوم
وأخرج الدارقطني عن عطاء قال : أكثر الحيض خمسة عشر
وأخرج الدارقطني عن شريك وحسين بن صالح قال : أكثر الحيض خمسة عشر
وأخرج الطبراني عن شريك قال : عندنا امرأة تحيض خمسة عشر من الشهر حيضا مستقيما
صحيحا
وأخرج الدارقطني عن الأوزاعي قال : عندنا امرأة تحيض غدوة وتطهر عشية
وأما قوله تعالى : قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض
أخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله قل هو أذى قال : الأذى الدم
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله قل هو أذى قال : هو قذر
وأخرج ابن المنذر عن أبي اسحق الطالقاني عن محمد بن حمير عن فلان بن السرى "
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : اتقوا النساء في المحيض فإن الجذام يكون
من أولاد الحيض "
(1/620)
وأخرج
أبو العباس السراج في مسنده عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من أتى امرأته وهي حائض فجاءه ولد أجذم فلا يلومن إلا نفسه "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي في سننه عن
ابن عباس في قوله فاعتزلوا النساء يقول : اعتزلوا نكاح فروجهن
وأخرج أبو داود والبيهقي عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه و سلم " أن النبي
صلى الله عليه و سلم كان إذا أراد من الحائض شيئا ألقى على فرجها ثوبا ثم صنع ما
أراد "
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير والنحاس في ناسخه والبيهقي عن عائشة أنها سئلت ما
للرجل من امرأته وهي حائض ؟ فقالت : كل شيء إلا فرجها
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة عن عائشة قالت " كانت
إحدانا إذا كانت حائضا فأراد النبي صلى الله عليه و سلم أن يباشرها أمرها أن تتزر
في فور حيضتها ثم يباشرها
قالت : وأيكم يملك أربه كما كان رسول الله يملك إربه ؟ "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والبيهقي عن ميمونة قالت " كان
رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فاتزرت وهي
حائض "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي عن ميمونة " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم كان يباشر المرأة من نسائه وهي حائض إذا كان عليها إزار إلى أنصاف
الفخذين أو الركبتين محتجزة به "
وأخرج أبو داود والنسائي والبيهقي عن عائشة قالت " كنت أنا ورسول الله صلى
الله عليه و سلم نبيت في الشعار الواحد وأنا حائض طامث فإن أصابه مني شيء غسل
مكانه لم يعده وإن أصاب ثوبه مني شيء غسل مكانه لم يعده وصلى فيه "
وأخرج أبو داود عن عمارة بن غراب " أن عمة له حدثته أنها سألت عائشة قالت :
إحدانا تحيض وليس لها ولزوجها إلا فراش واحد ؟ قالت : أخبرك ما صنع رسول الله صلى
الله عليه و سلم دخل فمضى إلى مسجده فلم ينصرف حتى غلبتني عيني وأوجعه البرد فقال
: ادني مني
فقلت : إني حائض
فقال : وأن اكشفي عن فخذيك فكشفت عن فخذي فوضع خده وصدره على فخذي وحنيت عليه حتى
دفىء ونام "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عائشة قالت "
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا حضت يأمرني أن أتزر ثم يباشرني "
(1/621)
وأخرج
مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن " أن عائشة رضي الله عنها كانت مع رسول الله
صلى الله عليه و سلم مضطجعة في ثوب واحد وأنها وثبت وثبة شديدة فقال لها رسول الله
صلى الله عليه و سلم : مالك لعلك نفست - يعني الحيضة - ؟ قالت : نعم
فقال : شدي عليك إزارك ثم عودي إلى مضجعك "
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن أم سلمة قالت " بينا أنا مع النبي صلى الله
عليه و سلم مضطجعة في خميصة إذ حضت فانسللت فأخذت ثياب حيضتي فقال : أنفست ؟ قلت :
نعم
فدعاني فاضطجعت معه في الخميلة "
وأخرج ابن ماجة عن أم سلمة قالت " كنت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في
لحافه فوجدت ما تجد النساء من الحيضة فانسللت من اللحاف فقال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : أنفست ؟ قلت : وجدت ما تجد النساء من الحيضة
قال : ذاك ما كتب على بنات آدم
قالت : فانسللت فأصلحت من شأني ثم رجعت فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
تعالي فادخلي معي في اللحاف
قالت : فدخلت معه "
وأخرج ابن ماجة عن معاوية بن أبي سفيان أنه سأل أم حبيبة : كيف كنت تصنعين مع رسول
الله صلى الله عليه و سلم في الحيض ؟ قالت : كانت إحدانا في فورها أول ما تحيض تشد
عليها إزار إلى أنصاف فخذيها ثم تضطجع مع رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج أبو داود وابن ماجة عن عبد الله بن سعد الأنصاري " أنه سأل رسول الله
صلى الله عليه و سلم ما يحل لي من إمرأتي وهي حائض ؟ فقال : لك ما فوق الإزار
" وأخرج الترمذي وصححه عن عبد الله بن سعد قال " سألت النبي صلى الله
عليه و سلم عن مؤاكلة الحائض ؟ فقال : واكلها "
وأخرج أحمد وأبو داود عن معاذ بن جبل قال " سألت رسول الله صلى الله عليه و
سلم عما يحل للرجل من امرأته وهي حائض ؟ قال : ما فوق الإزار والتعفف عن ذلك أفضل
"
وأخرج مالك والبيهقي عن زيد بن أسلم " أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه و
سلم فقال : ماذا يحل لي من إمرأتي وهي حائض ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه و
سلم : لتشد عليها إزارها ثم شأنك بأعلاها "
وأخرج مالك والشافعي والبيهقي عن نافع عن عبد الله بن عمر أرسل إلى عائشة يسألها
هل يباشر الرجل امرأته وهي حائض ؟ فقالت : لتشد إزارها على أسفلها ثم ليباشرها إن
شاء
(1/622)
وأخرج
البيهقي عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل ما يحل للرجل من المرأة
الحائض ؟ قال : ما فوق الإزار "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو يعلى عن عمر قال " سألت رسول الله صلى الله عليه و
سلم ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض ؟ قال : ما فوق الإزار "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس " أن رجلا قال : يا رسول الله ما لي من إمرأتي
وهي حائض ؟ قال : تشد إزارها ثم شأنك بها "
وأخرج الطبراني عن عبادة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل ما يحل
للرجل من امرأته وهي حائض ؟ قال : ما فوق الإزار وما تحت الأزرار منها حرام "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أم سلمة قالت " كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم يتقي سورة الدم ثلاثا ثم يباشر بعد ذلك "
وأخرج ابن جرير عن مسروق قال : قلت لعائشة : ما يحل للرجل من امرأته إذا كانت
حائضا ؟ قال : كل شيء إلا الجماع
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : لا بأس أن يلعب على بطنها وبين فخذيها
أما قوله تعالى ولا تقربوهن حتى يطهرن
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي في سننه عن
ابن عباس في قوله ولا تقربوهن حتى يطهرن قال : من الدم
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والنحاس عن مجاهد
في قوله ولا تقربوهن حتى يطهرن قال : حتى ينقطع الدم
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي في
سننه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " من أتى حائضا أو
امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه و سلم "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه عن
ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم في الذي يأتي امرأته وهي حائض قال : "
يتصدق بدينار أو بنصف دينار "
وأخرج أبو داود والحاكم عن ابن عباس قال : إذا أصابها في الدم فدينار وإذا أصابها
في انقطاع الدم فنصف دينار
(1/623)
وأخرج
الترمذي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " إذا كان دما أحمر
فدينار وإذا كان دما أصفر فنصف دينار "
وأخرج أبو داود عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم " أمره أن يتصدق
بخمسي دينار "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم
فقال : يا رسول الله أصبت إمرأتي وهي حائض فأمره رسول الله صلى الله عليه و سلم أن
يعتق نسمة وقيمة النسمة يومئذ دينار "
أما قوله تعالى : فإذا تطهرن
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي عن ابن عباس
في قوله فإذا تطهرن قال : بالماء
وأخرج سفيان بن عينية وعبد الرزاق في المصنف وابن جرير وابن المنذر والنحاس عن
مجاهد في قوله فإذا تطهرن قال : إذا اغتسلن ولا تحل لزوجها حتى تغتسل
وأخرج ابن جرير عن عكرمة
مثله
وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن طاوس ومجاهد قالا : إذا طهرت أمرها بالوضوء وأصاب
منها
وأخرج ابن المنذر من وجه آخر عن مجاهد وعطاء قالا : إذا رأت الطهر فلا بأس ان
تستطيب بالماء ويأتيها قبل أن تغتسل
وأخرج البيهقي في سننه عن أبي هريرة قال : جاء أعرابي فقال : يا رسول الله إنا
نكون بالرمل أربعة أشهر فيكون فينا النفساء والحائض والجنب فما ترى ؟ قال : "
عليكم بالصعيد "
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن عائشة " أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه
و سلم عن غسلها من المحيض فأمرها كيف أن تغتسل قال : خذي فرصة من مسك فتطهري بها
قالت : كيف أتطهر بها ؟ قال : تطهري بها
قال : كيف ؟ قال : سبحان الله ! تطهري بها
فاجتذبها فقلت : تتبعي أثر الدم "
أما قوله تعالى : فأتوهن من حيث أمركم الله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله فأتوهن من حيث أمركم الله قال : يعني أن
يأتيها طاهرا غير حائض
(1/624)
وأخرج
عبد بن حميد عن قتادة فأتوهن من حيث أمركم الله قال : طواهر غير حيض
وأخرج الدارمي وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله فأتوهن من حيث أمركم
الله قال : من حيث أمركم أن تعتزلوهن
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة
مثله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن عباس فأتوهن من حيث أمركم
الله يقول : في الفرج ولا تعدوه إلى غيره
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة عن مجاهد فأتوهن من حيث أمركم الله قال : حيث نهاكم الله
أن تأتوهن وهن حيض يعني من قبل الفرج
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي رزين فأتوهن من حيث أمركم الله قال : من قبل الطهر ولا
تأتوهن من قبل الحيض
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن الحنفية فأتوهن من حيث أمركم الله قال : من قبل التزويج
من قبل الحلال
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن مجاهد فأتوهن من حيث أمركم الله قال : من حيث خرج
الدم فإن لم يأتها من حيث أمر فليس من التوابين ولا من المتطهرين
أما قوله تعالى : إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين أخرج وكيع وعبد بن حميد
وابن أبي حاتم عن عطاء في قوله إن الله يحب التوابين من الذنوب ويحب المتطهرين قال
: بالماء
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش في قوله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين قال :
التوبة من الذنوب والتطهر من الشرك
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : من أتى امرأته في دبرها فليس من المتطهرين
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي العالية : أن رأى
رجلا يتوضأ فلما فرغ قال : اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين
قال : إن الطهور بالماء حسن ولكنهم المتطهرون من الذنوب
وأخرج الترمذي عن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من توضأ
فأحسن
(1/625)
الوضوء
ثم قال : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله اللهم
اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها
شاء "
وأخرج ابن أبيب شيبة عن علي بن أبي طالب
أنه كان إذا فرغ من وضوئه قال : أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله رب اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك قال : كان حذيفة إذا تطهر قال : أشهد أن لا إله إلا
الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين
وأخرج القشيري في الرسالة وابن النجار عن أنس " سمعت رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقول : التائب من الذنب كمن لا ذنب له وإذا أحب الله عبده لم يضره ذنب ثم
تلا إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين قيل : يا رسول الله وما علامة التوبة ؟
قال الندامة "
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن الشعبي قال : التائب
من الذنب كمن لا ذنب له ثم قرأ إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وابن المنذر والبيهقي في الشعب عن أنس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون "
وأخرج أحمد في الزهد عن قتادة قال : أوحى الله إلى نبي من أنبياء بني اسرائيل أن
كان بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن ابن عباس
أنه قيل له أصب الماء على رأسي وأنا محرم ؟ قال : لا بأس إن الله يحب التوابين
ويحب المتطهرين
قوله تعالى : نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا لأنفسكم واتقوا الله
واعلموا أنكم ملاقوه وبشر المؤمنين
وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة
وابن جرير وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في سننه قال : كانت اليهود تقول : إذا أتى
الرجل امرأته من خلفها في قبلها ثم حملت جاء الولد
(1/626)
أحول
فنزلت نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم إن محنية وإن شاء غير محنية غير أن ذلك
في صمام واحد
وأخرج سعيد بن منصور والدارمي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن جابر
أن اليهود قالوا للمسلمين : من أتى امرأته وهي مدبرة جاء الولد أحول
فأنزل الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم فقال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج "
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير عن مرة الهمذلني " أن
بعض اليهود لقي بعض المسلمين فقال له : تأتون النساء وراءهن كأنه كره الأبراك
فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فنزلت نساؤكم حرث لكم
الآية
فرخص الله للمسلمين أن يأتوا النساء في الفروج كيف شاؤوا وأنى شاؤوا من بين أيديهن
ومن خلفهن "
وأخرج ابن أبي شيبة عن مرة قال : كانت اليهود يسخرون من المسلمين في إتيانهم
النساء فأنزل الله نساؤكم حرث لكم
الآية
وأخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال : كانت الأنصار تأتي نساءها مضاجعة وكانت
قريش تشرح شرحا كثيرا فتزوج رجل من قريش امرأة من الأنصار فأراد أن يأتيها فقالت :
لا إلا كما يفعل
فأخبر بذلك رسول الله فأنزل فأتوا حرثكم أنى شئتم أي قائما وقاعدا ومضطجعا بعد أن
يكون في صمام واحد
وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن أبي هلال " أن عبد الله بن علي حدثه : أنه
بلغه أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم جلسوا يوما ورجل من اليهود قريب
منهم فجعل بعضهم يقول : إني لآتي إمرأتي وهي مضطجعة
ويقول الآخر : إني لآتيها وهي قائمة ويقول الآخر : إني لآتيها وهي باركة
فقال اليهودي : ما أنتم إلا أمثال البهائم ولكنا إنما نأتيها على هيئة واحدة
فأنزل الله نساؤكم حرث لكم
الآية "
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة والدارمي عن الحسن قال : كانت اليهود لا يألون ما شدد
على المسلمين كانوا يقولون : يا أصحاب محمد إنه - والله - ما يحل لكم أن تأتوا
نساءكم إلا من وجه واحد فأنزل الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم فخلى الله
بين المؤمنين وبين حاجتهم
(1/627)
وأخرج
عبد بن حميد عن الحسن
أن اليهود كانوا قوما حسدا فقالوا : يا أصحاب محمد إنه - والله - ما لكم أن تأتوا
النساء إلا من وجه واحد فكذبهم الله فأنزل الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى
شئتم فخلى بين الرجال وبين نسائهم يتفكه الرجل من امرأته يأتيها إن شاء من قبلها
وإن شاء من قبل دبرها غير أن المسلك واحد
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : قالت اليهود للمسلمين : إنكم تأتون نساءكم كما
تأتي البهائم بعضها بعضا يبركوهن فأنزل الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم
ولا بأس أن يغشى الرجل المرأة كيف شاء إذا أتاها في الفرج
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم قال : ذلك أن
اليهود عرضوا بالمؤمنين في نسائهم وعيروهم فأنزل الله في ذلك وأكذب اليهود وخلى
بين المؤمنين وبين حوائجهم في نسائهم
وأخرج ابن عساكر من طريق محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان قال : كان عبد الله بن
عمر يحدثنا : أن النساء كن يؤتين في أقبالهن وهي موليات
فقالت اليهود : من جاء امرأته وهي مولية جاء ولده أحول
فأنزل الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب من طريق صفية بنت شيبة عن أم
سلمة قالت " لما قدم المهاجرون المدينة أرادوا أن يأتوا النساء من أدبارهن في
فروجهن فأنكرن ذلك فجئن أم سلمة فذكرن ذلك لها فسألت النبي صلى الله عليه و سلم عن
ذلك فقال نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم صماما واحدا "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد الدارمي وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي
حاتم والبيهقي في سننه عن عبد الرحمن بن سابط قال " سألت حفصة بنت عبد الرحمن
فقلت لها : إني أريد أن أسألك عن شيء وأنا أستحي أن أسألك عنه
قالت : سل ابن أخي عما بدا لك
قال : أسألك عن إتيان النساء في أدبارهن ؟ فقالت : حدثتني أم سلمة قالت : كانت
الأنصار لا تجبي وكانت المهاجرون تجبي وكانت اليهود تقول : إنه من جبى امرأته كان
الولد أحول فلما قدم المهاجرون المدينة نكحوا في نساء الأنصاء فجبوهن فأبت امرأة
أن تطيع زوجها
(1/628)
وقالت
: لن تفعل ذلك حتى نسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم فأتت أم سلمة فذكرت لها ذلك
فقالت : اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه و سلم فلما جاء رسول الله صلى
الله عليه و سلم استحيت الأنصارية أن تسأله فخرجت فذكرت ذلك أم سلمة للنبي صلى
الله عليه و سلم فقال : ادعوها لي
فدعيت فتلا عليها هذه الآية نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم صماما واحدا
قال : والصمام السبيل الواحد "
وأخرج في مسند أبي حنيفة عن حفصة أم المؤمنين " أن امرأة أتتها فقالت : إن
زوجي يأتيني مجباة ومستقبلة فكرهته فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم فقال : لا
بأس إذا كان في صمام واحد "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه والنسائي وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني والخرائطي في مساوىء الأخلاق والبيهقي في سننه
والضياء في المختارة عن ابن عباس قال " جاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه
و سلم فقال : يا رسول الله هلكت
قال : وما أهلكك ؟ قال : حولت رحلي الليلة
فلم يرد عليه شيئا فأوحى الله إلى رسوله هذه الآية نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى
شئتم يقول : أقبل وأدبر واتق الدبر والحيض "
وأخرج أحمد عن ابن عباس قال " نزلت هذه الآية نساؤكم حرث لكم في أناس من
الأنصار أتوا النبي صلى الله عليه و سلم فسألوه فقال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : ائتها على كل حال إذا كان في الفرج "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والخرائطي عن ابن عباس قال " أتى ناس
من حمير إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فسألوه عن أشياء فقال له رجل : إني أحب
النساء وأحب أن آتي إمرأتي مجباة فكيف ترى في ذلك ؟ فأنزل الله في سورة البقرة
بيان ما سألوا عنه وأنزل فيما سأل عنه الرجل نساؤكم حرث لكم
الآية
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ائتها مقبلة ومدبرة إذا كان ذلك في الفرج
"
وأخرج ابن راهويه والدارمي وأبو داود وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم
وصححه والبيهقي في سننه من طريق مجاهد عن ابن عباس قال " أن ابن عمر - والله
يغفر له - أو هم إنما كان هذا الحي من الأنصار وهم أهل وثن مع هذا الحي من اليهود
وهم أهل كتاب كانوا يرون لهم فضلا عليهم في العلم فكانوا يقتدون بكثير من فعلهم
فكان من أمر أهل الكتاب لا يأتون النساء إلا على حرف وذلك استر ما
(1/629)
تكون
المرأة فكان هذا الحي من الأنصار قد أخذوا بذلك من فعلهم وكان هذا الحي من قريش
يشرحون النساء شرحا ويتلذذون منهن مقبلات مدبرات ومستلقيات فلما قدم المهاجرون
المدينة تزوج رجل منهم امرأة من الأنصار فذهب يصنع بها ذلك فأنكرته عليه وقالت :
إنما كنا نؤتى على حرف واحد فاصنع ذلك وإلا فاجتنبني فسرى أمرهما فبلغ رسول الله صلى
الله عليه و سلم فأنزل الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم يقول : مقبلات
ومدبرات بعد أن يكون في الفرج وإنما كانت من قبل دبرها في قبلها
زاد الطبراني قال ابن عباس : قال ابن عمرو : في دبرها فأوهم ابن عمر - والله يغفر
له - وإنما كان الحديث على هذا "
وأخرج عبد بن حميد والدارمي عن مجاهد قال : كانوا يجتنبون النساء في المحيض
ويأتوهن في أدبارهن فسألوا رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك فأنزل الله
ويسألونك عن المحيض قل هو أذى إلى قوله من حيث أمركم الله في الفرج ولا تعدوه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : بينا أنا ومجاهد جالسان عند
ابن عباس إذ أتاه رجل فقال : ألا تشفيني من آية المحيض ؟ قال : بلى فأقرأ ويسألونك
عن المحيض إلى قوله فأتوهن من حيث أمركم الله فقال ابن عباس : من حيث جاء الدم من
ثم أمرت أن تأتي فقال : كيف بالآية نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم فقال : أي
ويحك وفي الدبر من حرث
! لو كان ما تقول حقا لكان المحيض منسوخا إذا شغل من ههنا جئت من ههنا ولكن أنى
شئتم من الليل والنهار
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد فأتوا حرثكم أنى شئتم قال : ظهر البطن كيف شئت إلا في
دبر والحيض
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح فأتوا حرثكم أنى شئتم قال : إن شئت فأتها مستلقية
وإن شئت فمحرفة وإن شئت فباركة
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير فأتوا حرثكم أنى شئتم قال : يأتيها من بين
يديها ومن خلفها ما لم يكن في الدبر
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد فأتوا حرثكم أنى شئتم قال : ائتوا النساء في إقبالهن
على كل نحو
(1/630)
وأخرج
عبد بن حميد عن عكرمة قال : جاء رجل إلى ابن عباس فقال : كنت آتي أهلي في دبرها
وسمعت قول الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم فظننت أن ذلك لي حلال
فقال : يا لكع إنما قوله أنى شئتم قائمة وقاعدة ومقبلة ومدبرة في إقبالهن لا تعد
ذلك إلى غيره
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس فأتوا حرثكم قال : منبت الولد
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : ائت حرثك من حيث نباته
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس فأتوا حرثكم أنى شئتم قال : يأتيها كيف شاء ما لم يأتيها
في دبرها أو في الحيض
وأخرج ابن جرير والبيهقي في سننه عن ابن عباس فأتوا حرثكم أنى شئتم يعني بالحرث
الفرج
يقول : تأتيه كيف شئت مستقبلة ومستدبرة وعلى أي ذلك أردت بعد أن لا تجاوز الفرج
إلى غيره وهو قوله من حيث أمركم الله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه كان يكره أن تؤتى المرأة في دبرها ويقول : إنما
الحرث من القبل الذي يكون منه النسل والحيض ويقول : إنما أنزلت هذه الآية نساؤكم
حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم يقول : من أي وجه شئتم
وأخرج الدارمي والخرائطي في مساوىء الأخلاق عن ابن عباس فأتوا حرثكم أنى شئتم قال
: يأتيها قائمة وقاعدة ومن بين يديها ومن خلفها وكيف يشاء بعد أن يكون في المأتى
وأخرج البيهقي في سننه عن مجاهد قال : سألت ابن عباس عن هذه الآية نساؤكم حرث لكم
فأتوا حرثكم أنى شئتم فقال : ائتها من حيث يكون الحيض والولد
وأخرج البيهقي عن ابن عباس في الآية قال : تؤتى مقبلة ومدبرة في الفرج
وأخرج ابن أبي شيبة والخرائطي في مساوىء الأخلاق عن عكرمة قال : يأتيها كيف شاء
قائما وقاعدا وعلى كل حال ما لم يكن في دبرها
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والدارمي والبيهقي عن أبي القعقاع الحرمي قال :
جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود فقال : آتي إمرأتي كيف شئت ؟
(1/631)
قال
: نعم
قال : وحيث شئت ؟ قال : نعم
قال : وأنى شئت ؟ قال : نعم
ففطن له رجل فقال : إنه يريد أن يأتيها في مقعدتها ! فقال : لا محاش محاش : أسفل
مواطن الطعام في البطن المؤدي إلى المخرج النساء عليكم حرام
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وأبو داود والنسائي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال :
قلت يا نبي الله نساؤنا ما نأتي منهن وما نذر ؟ قال : حرثكم ائت حرثك أنى شئت غير
أن لا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت وأطعم إذا طعمت واكس إذا اكتسيت
كيف وقد أفضى بعضكم إلى بعض إلا بما حل عليها
وأخرج الشافعي في الأم وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي وابن ماجة وابن المنذر
والبيهقي في سننه من طرف عن خزيمة بن ثابت " أن سائلا سأل رسول الله صلى الله
عليه و سلم عن إتيان النساء في أدبارهن فقال : حلال
أو قال : لا بأس
فلما ولى دعاه فقال : كيف قلت من دبرها في قبلها فنعم وأما من دبرها في دبرها فلا
إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن "
وأخرج الحسن بن عرفة في جزئه وابن عدي والدارقطني عن جابر بن عبد الله قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " استحيوا إن الله لا يستحي من الحق لا يحل
مأتى النساء في حشوشهن "
وأخرج ابن عدي عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " اتقوا
محاشي النساء "
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه والنسائي وابن حبان عن ابن عباس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " لا ينظر الله إلى رجل أتى رجلا أو امرأة في الدبر
"
وأخرج أبو داود والطيالسي وأحمد والبيهقي في سننه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
" أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : الذي يأتي امرأته في دبرها هي اللوطية
الصغرى "
وأخرج النسائي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " استحيوا من
الله حق الحياء لا تأتوا النساء في أدبارهن "
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " ملعون من أتى امرأة في دبرها "
وأخرج ابن عدي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " من أتى شيئا
من الرجال أو النساء في الأدبار فقد كفر "
(1/632)
وأخرج
عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة قال "
إتيان الرجال والنساء في أدبارهن كفر
قال الحافظ بن كثير : هذا الموقوف أصح "
وأخرج وكيع في مصنفه والبزار عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن "
وأخرج النسائي عن عمر بن الخطاب قال : استحيوا من الله فإن الله لا يستحي من الحق
لا تأتوا النساء في أدبارهن
قال الحافظ بن كثير : هذا الموقوف أصح "
وأخرج ابن عدي في الكامل عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" لا تأتوا النساء في أعجازهن "
وأخرج ابن وهب وابن عدي عن عقبه بن عامر " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : ملعون من أتى النساء في محاشيهن "
وأخرج أحمد عن طلق بن يزيد أو يزيد بن طلق عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أستاههن "
وأخرج اين أبي شيبة عن عطاء قال " نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن تؤتى
النساء في أعجازهن
وقال : إن الله لا يستحي من الحق "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه والبيهقي عن علي بن طلق سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : " لا تأتوا النساء في أستاههن فإن الله لا يستحي
من الحق "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والنسائي
وابن ماجة والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
إن الذي يأتي امرأته في دبرها لا ينظر الله إليه يوم القيامة "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والنسائي والبيهقي في الشعب عن طاوس قال : سئل ابن
عباس عن الذي يأتي امرأته في دبرها فقال : هذا يسألني عن الكفر
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي في الشعب عن عكرمة : أن عمر بن الخطاب ضرب رجلا في مثل
ذلك
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبيهقي عن أبي الدرداء : أنه سئل
عن إتيان النساء في أدبارهن فقال : وهل يفعل ذلك إلا كافر ؟
(1/633)
وأخرج
عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبيهقي عن عبد الله بن عمرو في الذي يأتي
المرأة في دبرها قال : هي اللوطية الصغرى
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبيهقي عن الزهري قال : سألت ابن المسيب وأبا
سلمة بن عبد الرحمن عن ذلك فكرهاه ونهياني عنه
وأخرج عبد الله بن أحمد والبيهقي عن قتادة في الذي يأتي امرأته في دبرها قال :
حدثني عقبة بن وشاح أن أبا الدرداء قال : لا يفعل ذلك إلا كافر
قال : وحدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
" تلك اللوطية الصغرى "
وأخرج البيهقي في الشعب وضعفه عن أبي بن كعب قال : أشياء تكون في آخر هذه الأمة
عند اقتراب الساعة فمنها نكاح الرجل امرأته أو أمته في دبرها فذلك مما حرم الله
ورسوله ويمقت الله عليه ورسوله ومنها نكاح المرأة للمرأة وذلك مما حرم الله ورسوله
وليس لهؤلاء صلاة ما أقاموا على هذا حتى يتوبوا إلى الله توبة نصوحا
قال زر : قلت لأبي بن كعب وما التوبة النصوح ؟ قال : سألت عن ذلك رسول الله صلى
الله عليه و سلم فقال " هو الندم على الذنب حين يفرط منك فستغفر الله بندامتك
عند الحافر ثم لا تعود إليه أبدا "
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : من أتى امرأته في دبرها فهو من المرأة مثله من
الرجل ثم تلا ويسألونك عن المحيض البقرة الآية 242 إلى قوله فأتوهن من حيث أمركم
الله أن تعتزلوهن في المحيض في الفروج ثم تلا نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم
قال : إن شئت قائمة وقاعدة ومقبلة ومدبرة في الفرج
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : سئل طاوس عن إتيان النساء في أدبارهن فقال : ذلك
كفر ما بدأ قوم لوط إلا ذاك أتوا النساء في أدبارهن وأتى الرجال الرجال
وأخرج أبو بكر الأشرم في سننه وأبو بشر الدولابي في الكنى عن ابن مسعود قال : قال
النبي صلى الله عليه و سلم " محاشي النساء عليكم حرام "
وأخرج ابن أبي شيبة والدارمي والبيهقي في سننه عن ابن مسعود قال " محاشي النساء
عليكم حرام
قال ابن كثير : هذا الموقوف أصح
قال الحافظ : في جميع الأحاديث المرفوعة في هذا الباب وعدتها نحو عشرين حديثا كلها
ضعيفة لا يصح منها
(1/634)
شيء
والموقوف منها هو الصحيح
وقال الحافظ ابن حجر في ذلك : منكر لا يصح من وجه كما صرح بذلك البخاري والبزار
والنسائي وغير واحد "
وأخرج النسائي والطبراني وابن مردويه عن أبي النضر
أنه قال لنافع مولى ابن عمر : أنه قد أكثر عليك القول أنك تقول عن ابن عمر : أنه
أفتى أن يؤتى النساء في أدبارهن ؟ قال : كذبوا علي ولكن سأحدثك كيف كان الأمر : إن
ابن عمر عرض المصحف يوما وأنا عنده حتى بلغ نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم
فقال : يا نافع هل تعلم من أمر هذه الآية ؟ قلت : لا
قال : إنا كنا معشر قريش نجبي النساء فلما دخلنا المدينة ونكحنا نساء الأنصار
أردنا منهن ما كنا نريد فإذا هن قد كرهن ذلك وأعظمنه وكانت نساء الأنصار قد أخذت
بحال اليهود إنما يؤتين على جنوبهن فأنزل الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى
شئتم
وأخرج الدارمي عن سعيد بن يسار أبي الحباب قال : قلت لابن عمر : ما تقول في
الجواري نحمض لهن ؟ قال : وما التحميض ؟ فذكر الدبر
فقال : وهل يفعل ذلك أحد من المسلمين ؟ وأخرج البيهقي في سننه من طريق عكرمة عن
ابن عباس
أنه كان يعيب النكاح في الدبر عيبا شديدا
وأخرج الواحدي من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال " نزلت هذه الآية
في المهاجرين لما قدموا المدينة ذكروا إتيان النساء فيما بينهم وبين الأنصار
واليهود من بين أيديهن ومن خلفهن إذا كان المأتى واحدا في الفرج فعابت اليهود ذلك
إلا من بين أيديهن خاصة وقالوا : إنا نجد في كتاب الله أن كل إتيان النساء غير
مستلقيات دنس عند الله ومنه يكون الحول والخبل فذكر المسلمون ذلك لرسول الله صلى
الله عليه و سلم وقالوا : إنا كنا في الجاهلية وبعدما أسلمنا نأتي النساء كيف شئنا
وإن اليهود عابت علينا فأكذب الله اليهود ونزلت نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى
شئتم يقول : الفرج مزرعة الولد فأتوا حرثكم أتى شئتم من بين يديها ومن خلفها في
الفرج "
ذكر القول الثاني في الآية أخرج اسحق ابن راهويه في مسنده وتفسيره والبخاري وابن
جرير عن نافع قال قرأت ذات يوم نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم قال : ابن عمر
(1/635)
أتدري
فيم أنزلت هذه الآية ؟ قلت : لا
قال : نزلت في إتيان النساء في أدبارهن
وأخرج البخاري وابن جرير عن ابن عمر فأتوا حرثكم أنى شئتم قال : في الدبر
وأخرج الخطيب في رواة مالك من طريق النضر بن عبد الله الأزدي عن مالك عن نافع عن
ابن عمر في قوله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم قال : إن شاء في قبلها وإن
شاء في دبرها
وأخرج الحسن بن سفيان في مسنده والطبراني في الأوسط والحاكم وأبو نعيم في المستخرج
بسند حسن عن ابن عمر قال : إنما نزلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم نساؤكم
حرث لكم
الآية
رخصة في إتيان الدبر
وأخرج ابن جرير والطبراني في الأوسط وابن مردويه وابن النجار بسند حسن عن ابن عمر
" أن رجلا أصاب امرأته في دبرها زمن رسول الله صلى الله عليه و سلم فأنكر ذلك
الناس وقالوا : اثفروها
فأنزل الله نساؤكم حرث لكم
الآية "
وأخرج الخطيب في رواة مالك من طريق أحمد بن الحكم العبدي عن مالك عن نافع عن ابن
عمر قال " جاءت امرأة من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه و سلم تشكو زوجها
فأنزل الله نساؤكم حرث لكم
الآية "
وأخرج النسائي وابن جرير من طريق زيد بن أسلم عن ابن عمر
أن رجلا أتى امرأته في دبرها فوجد في نفسه من ذلك وجدا شديدا فأنزل الله نساؤكم
حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم
وأخرج الدارقطني في غرائب مالك من طريق أبي بشر الدولابي نبأنا أبو الحرث أحمد بن
سعيد نبأنا أبو ثابت محمد بن عبيد الله المدني حدثني عبد العزيز محمد الدراوردي عن
عبد الله بن عمر بن حفص وابن أبي ذئب ومالك بن أنس فرقهم كلهم عن نافع قال : قال
لي ابن عمر : أمسك على المصحف يا نافع فقرأ حتى أتى على نساؤكم حرث لكم فأتوا
حرثكم أنى شئتم قال لي : أتدري يا نافع فيم نزلت هذه الآية ؟ قلت : لا
قال : نزلت في رجل من الأنصلر أصاب امرأته في دبرها فأعظم الناس ذلك فأنزل الله
نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم
الآية
قلت له : من دبرها في قبلها ؟ قال : لا إلا في دبرها
وقال الرفا في فوائده تخريج الدارقطني نبأنا أبو أحمد بن
(1/636)
عبدوس
نبأنا علي بن الجعد نبأنا ابن أبي ذئب عن نلفع عن ابن عمر قال : وقع رجل على
امرأته في دبرها فأنزل الله نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم قال : فقلت لابن
أبي ذئب ما تقول أنت في هذا ؟ قال : ما أقول فيه بعد هذا !
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأحمد بن أسامة التجيبي في فوائده عن نافع قال : قرأ
ابن عمر هذه السور فمر بهذه الآية نساؤكم حرث لكم الآية
فقال : تدري فيم أنزلت هذه الآية ؟ قال : لا
قال : في رجال كانوا يأتون النساء في أدبارهن
وأخرج الدارقطني ودعلج كلاهما في غرائب مالك من طريق أبي مصعب واسحق بن محمد
القروي كلاهما عن نافع عن ابن عمر " أنه قال : يا نافع أمسك على المصحف فقرأ
حتى بلغ نساؤكم حرث لكم
الآية
فقال : يا نافع أتدري فيم أنزلت هذه الآية ؟ قلت : لا
قال : نزلت في رجل من الأنصار أصاب امرأته في دبرها فوجد في نفسه من ذلك فسأل
النبي صلى الله عليه و سلم فأنزل الله الآية قال الدارقطني : هذا ثابت عن مالك
وقال ابن عبد البر : الرواية عن ابن عمر بهذا المعنى صحيحة معروفة عنه مشهورة
"
وأخرج ابن راهويه وأبو يعلى وابن جرير والطحاوي في مشكل الآثار وابن مردويه بسند
حسن عن أبي سعيد الخدري " أن رجلا أصاب امرأته في دبرها فأنكر الناس عليه ذلك
فأنزلت نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم
وأخرج النسائي والطحاوي وابن جرير والدارقطني من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن
مالك بن أنس
أنه قيل له : يا أبا عبد الله إن الناس يروون عن سالم بن عبد الله أنه قال : كذب
العبد أو العلج على أبي
فقال مالك : أشهد على يزيد بن رومان أنه أخبرني عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر
مثل ما قال لنافع
فقيل له : فإن الحارث بن يعقوب يروي عن أبي الحباب سعيد بن يسار أنه سأل ابن عمر
فقال : يا أبا عبد الرحمن إنا نشتري الجواري أفنحمض لهن ؟ قال : وما التحميض ؟
فذكر له الدبر
فقال ابن عمر : أف أف أيفعل ذلك مؤمن ؟ !
أو قال : مسلم
فقال مالك : أشهد على ربيعة أخبرني عن أبي الحباب عن ابن عمر مثل ما قال نافع
قال الدارقطني : هذا محفوظ عن مالك صحيح
(1/637)
وأخرج
النسائي من طريق يزيد بن رومان عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر
أن عبد الله بن عمر كان لا يرى بأسا أن يأتي الرجل المرأة في دبرها
وأخرج البيهقي في سننه عن محمد بن علي قال : كنت عند محمد بن كعب القرظي فجاءه رجل
فقال : ما تقول في إتيان المرأة في دبرها ؟ فقال : هذا شيخ من قريش فسله يعني عبد
الله بن علي بن السائب
فقال : قذر ولو كان حلالا
وأخرج ابن جرير عن الدراوردي قال : قيل لزيد بن أسلم : إن محمد بن المنكدر نهى عن
إتيان النساء في أدبارهن
فقال زيد : أشهد على محمد لأخبرني أنه يفعله
وأخرج ابن جرير عن ابن أبي مليكة
أن سأل عن إتيان المرأة في دبرها فقال : قد أردته من جارية البارحة فاعتاصت علي
فاستعنت بدهن
وأخرج الخطيب في رواة مالك عن أبي سليمان الجرجاني قال : سألت مالك بن أنس عن وطء
الحلائل في الدبر فقال لي : الساعة غسلت رأسي منه
وأخرج ابن جرير في كتاب النكاح من طريق ابن وهب عن مالك : أنه مباح
وأخرج الطحاوي من طريق أصبغ بن الفرج عن عبد الله بن القاسم قال : ما أدركت أحدا
اقتدى به في ديني يشك في أنه حلال يعني وطء المرأة في دبرها ثم قرأ نساؤكم حرث لكم
ثم قال : فأي شيء أبين من هذا
وأخرج الطحاوي والحاكم في مناقب الشافعي والخطيب عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم
أن الشافعي سأل عنه فقال : ما صح عن النبي صلى الله عليه و سلم في تحليله ولا
تحريمه شيء والقياس أنه حلال
وأخرج الحاكم عن ابن عبد الحكم
أن الشافعي ناظر محمد بن الحسن في ذلك فاحتج عليه ابن الحسن بأن الحرث إنما يكون
في الفرج فقال له فيكون ما سوى الفرج محرما فالتزمه فقال : أرأيت لو وطئها بين
ساقيها أو في أعكانها أفي ذلك حرث ؟ قال : لا
قال : أفيحرم ؟ قال : لا
قال : فكيف تحتج بما لا تقول به ؟ قال الحاكم : لعل الشافعي كان يقول ذلك في
القديم وأما في الجديد فصرح بالتحريم
ذكر القول الثالث في الآية أخرج وكيع وابن أبي شيبة وابن منيع وعبد بن حميد وابن
جرير وابن المنذر
(1/638)
وابن
أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن مردويه والضياء في المختارة عن زائدة بن عمير قال
: سألت ابن عباس عن العزل فقال : إنكم قد أكثرتم فإن كان قال فيه رسول الله صلى
الله عليه و سلم شيئا فهو كما قال وإن لم يكن قال فيه شيئا قال : أنا أقول نساؤكم
حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم فإن شئتم فاعزلوا وإن شئتم فلا تفعلوا
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة عن أبي ذراع قال : سألت ابن عمر عن قول الله فأتوا حرثكم
أنى شئتم قال : إن شاء عزل وإن شاء غير العزل
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير هن سعيد بن المسيب في قوله نساؤكم حرث لكم فأتوا
حرثكم أنى شئتم قال : إن شئت فاعزل وإن شئت فلا تعزل
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة
والبيهقي عن جابر : كنا نعزل والقرآن ينزل فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم
فلم ينهنا عنه
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والبيهقي عن جابر " أن رجلا
أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : إن لي جارية وأنا أطوف عليها وأنا أكره أن
تحمل فقال : اعزل عنها إن شئت فإنها سيأتيها ما قدر لها فذهب الرجل فلم يلبث يسيرا
ثم جاء فقال : يا رسول الله الجارية قد حملت
فقال : قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها "
وأخرج مالك وعبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن
ماجة والبيهقي عن أبي سعيد قال " سئل النبي صلى الله عليه و سلم عن العزل
فقال : أو تفعلون
؟ لا عليكم أن لا تفعلوا فإنما هو القدر ما نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي
كائنة "
وأخرج مسلم والبيهقي عن أبي سعيد قال " سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن
العزل فقال : ما من كل الماء يكون الولد وإذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء
"
وأخرج عبد الرزاق والترمذي وصححه والنسائي عن جابر قال " قلنا يا رسول الله :
إنا كنا نعزل فزعمت اليهود أنها الموءودة الصغرى
فقال : كذبت اليهود إن الله إذا أراد أن يخلقه لم يمنعه "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأبو داود عن أبي سعيد الخدري " أن رجلا قال
: يا رسول الله إن لي جارية وأنا أعزل عنها وأنا أكره أن تحمل
(1/639)
وأنا
أريد ما أراد الرجال وإن اليهود تحدث أن العزل هو الموءودة الصغرى
قال : كذبت يهود لو أراد الله أن يخلقه ما استطعت أن تصرفه
وأخرج البزار والبيهقي عن أبي هريرة قال " سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم
عن العزل قال إن اليهود تزعم أن العزل هي الموءودة الصغرى
قال : كذبت يهود "
وأخرج مالك وعبد الرزاق والبيهقي عن زيد بن ثابت أنه سئل عن العزل فقال : هو حرثك
إن شئت سقيته وإن شئت أعطشته
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن ابن عباس
أن سئل عن العزل فقال : ما كان ابن آدم ليقتل نفسا قضى الله خلقها هو حرثك إن شئت
عطشته وإن شئت سقيته
وأخرج ابن ماجة والبيهقي عن ابن عمر قال " نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم
أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها "
وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال : تعزل عن الأمة وتستأمر الحرة
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن ابن عباس قال : تستأمر الحرة في العزل ولا تستأمر
الأمة
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي عن ابن مسعود قال : " كان رسول الله
صلى الله عليه و سلم يكره عشر خلال
التختم بالذهب وجر الإزار والصفرة يعني الخلوق وتغيير الشيب والرقى إلا بالمعوذات
وعقد التمائم والضرب بالكعاب والتبرج بالزينة لغير محلها وعزل الماء عن محله
وإفساد الصبي عشر محرمة "
ذكر القول الرابع في الآية أخرج عبد بن حميد عن ابن الحنفية في قوله فأتوا حرثكم
أنى شئتم قال : إذا شئتم
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله وقدموا لأنفسكم قال : الولد
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس وقدموا لأنفسكم قال : التسمية عند الجماع يقول : بسم
الله
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود
والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " لو
(1/640)
أن
أحدكم إذا أتى أهله قال : بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا
فقضى بينهما ولد لم يضره الشيطان أبدا "
وأخرج عبد الرزاق والعقيلي في الضعفاء عن سلمان قال " أمرنا خليلي أبو القاسم
صلى الله عليه و سلم أن لا نتخذ من المتاع إلا أثاثا كأثاث المسافر ولا نتخذ من
السباء إلا ما ينكح أو ينكح وأمرنا إذا دخل أحدنا على أهله أن يصلي ويأمر أهله أن
تصلي خلفه ويدعو يأمرها تؤمن "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن أبي وائل قال : جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود
فقال له : إني تزوجت جارية بكرا وإن قد خشيت أن تعركني
فقال عبد الله : إن الألف من الله وإن العرك من الشيطان ليكره إليه ما أحل الله له
فإذا أدخلت عليك فمرها أن تصلي خلفك ركعتين وقل : اللهم بارك في أهلي وبارك لهم في
وارزقني منهم وارزقهم مني واللهم اجمع بيننا ما جمعت وفرق بيننا ما فرقت إلى خير
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن أبي سعيد مولى بني أسد قال : " تزوجت
امرأة فدعوت أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فيهم أبو ذر وابن مسعود فعلموني
وقالوا : إذا دخل عليك أهلك فصل ركعتين ومرها فلتصل خلفك وخذ بناصيتها وسل الله
خيرها وتعوذ به من شرها ثم شأنك وشأن أهلك "
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن قال : يقال إذا آتى الرجل أهله فليقل : بسم الله اللهم
بارك لنا فيما رزقتنا ولا تجعل للشياطين نصيبا فيما رزقتنا
قال : فكان يرجى إن حملت أن يكون ولدا صالحا
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي وائل قال : اثنتان لا يذكر الله العبد فيهما
إذا أتى الرجل أهله يبدأ فيسمي الله وإذا كان في الخلاء
وأخرج ابن أبي شيبة والخرائطي في مساوىء الأخلاق عن علقمة
أن ابن مسعود كان إذا غشي امرأته فأنزل قال : اللهم لا تجعل للشيطان فيما رزقتنا
نصيبا
وأخرج الخرائطي عن عطاء في قوله وقدموا لأنفسكم قال : التسمية عند الجماع
قوله تعالى : ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس
والله سميع عليم
(1/641)
ابن
جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في مسنده عن ابن عباس ولا تجعلوا الله
عرضة لأيمانكم يقول : لا تجعلني في عرضة ليمينك أن لا تضع الخير ولكن كفر عن يمينك
واصنع الخير
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : هو أن يحلف الرجل أن لا
يكلم قرابته أو لا يتصدق أو يكون بين رجلين مغاضبة فيحلف لا يصلح بينهما ويقول قد
حلفت
قال : يكفر عن يمينه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : كان الرجل يحلف على الشيء من البر والتقوى لا
يفعله فنهى الله عن ذلك
أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال : هو الرجل يحلف لا يصل رحمه ولا يصلح
بين الناس فأنزل الله ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال : جاء رجل إلى عائشة فقال : إني نذرت إن كلمت
فلانا فإن كل مملوك لي عتيق وكل مال لي ستر للبيت
فقالت : لا تجعل مملوكيك عتقاء ولا تجعل مالك سترا للبيت فإن الله يقول ولا تجعلوا
الله عرضة لأيمانكم أن تبروا وتتقوا
الآية
فكفر عن يمينك
وأخرج ابن جرير عن عائشة في الآية قالت : لا تحلفوا بالله وإن نذرتم
وأخرج عبد الرزاق عن طاوس في قوله ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم قال : هو الرجل
يحلف على الأمر الذي لا يصلح ثم يعتل بيمينه يقول الله أن تبروا وتتقوا هو خير من
أن تمضي على ما لا يصلح
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : كان الرجل يريد الصلح بين اثنين فيغضبه
أحدهما أو يتهمه فيحلف أن لا يتكلم بينهما في الصلح فنزلت الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : حدثت أن قوله ولا تجعلوا الله عرضة لأيمانكم
الآية نزلت في أبي بكر في شأن مسطح
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله والله سميع يعني اليمين التي حلفوا
عليها عليم يعني عالم بها كان هذا قبل أن تنزل كفارة اليمين
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن ماجة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم
" لأن يلج أحدكم في يمينه في أهله أتم له عند الله من أن يعطى كفارته التي
افترض عليه "
(1/642)
وأخرج
أحمد وأبو داود وابن ماجة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " لا نذر ولا يمين فيما لا يملك ابن آدم ولا في معصية الله
ولا في قطيعة الرحم ومن حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليدعها وليأت الذي هو
خير فإن تركها كفارتها
وأخرج ابن ماجة وابن جرير عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من حلف على يمين قطيعة رحم أو معصية فبره أن يحنث فيها ويرجع عن يمينه
"
وأخرج مالك ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل
الذي هو خير "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أبي موسى الأشعري قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " إني - والله إن شاء الله - لا أحلف على يمين
فأرى غيرها خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها "
وأخرج مسلم والنسائي وابن ماجة عن عدي بن حاتم قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير فليكفر عن
يمينه "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن عبد الرحمن بن سمرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن غير
مسألة أعنت عليها وإن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها
خيرا منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك "
وأخرج أبو داود والحاكم وصححه عن سعيد بن المسيب
أن أخوين من الأنصار كان بينهما ميراث فسأل أحدهما صاحب القسمة فقال : إن عدت
تسألني القسمة لم أكلمك أبدا وكل ما لي في رتاج الكعبة
فقال له عمر : إن الكعبة لغنية عن مالك كفر عن يمينك وكلم أخاك فإني سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول " لا يمين ولا نذر في معصية الرب ولا في قطعية
الرحم وفيما لا تملك "
وأخرج النسائي وابن ماجة عن مالك الجشمي قال " قلت : يا رسول الله يأتيني ابن
عمي فأحلف أن لا أعطيه ولا أصله ؟ قال : كفر عن يمينك "
(1/643)
قوله
تعالى : لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم والله
غفور حليم
مالك في الموطأ ووكيع والشافعي في الأم وعبد الرزاق والبخاري ومسلم وعبد بن حميد
وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه من طرق عن عائشة قالت :
أنزلت هذه الآية لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم في قول الرجل : لا والله وبلى
والله وكلا والله زاد ابن جرير : يصل بها كلامه
وأخرج أبو داود وابن جرير وابن حبان وابن مردويه والبيهقي من طريق عطاء بن أبي
رباح " أنه سئل عن اللغو في اليمين فقال : قالت عائشة : أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : هو كلام الرجل في يمينه كلا والله وبلى والله "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عائشة لا يؤاخذكم الله
باللغو في أيمانكم قالت : هو القوم يتدارؤون في الأمر يقول هذا : لا والله ويقول
هذا : كلا والله يتدارؤون في الأمر لا تعقد عليه قلوبهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عائشة قالت : إنما اللغو في المزاحة والهزل وهو
قول الرجل : لا والله وبلى والله فذاك لا كفارة فيه إن الكفارة فيما عقد عليه قلبه
أن يفعله ثم لا يفعله
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال " مر رسول الله صلى الله عليه و سلم بقوم
ينتضلون ومع النبي صلى الله عليه و سلم رجل من أصحابه فرمى رجل من القوم فقال :
أصبت والله أخطأت والله فقال الذي مع النبي صلى الله عليه و سلم : حنث الرجل يا
رسول الله
فقال : كلا أيمان الرماة لغو لا كفارة فيها ولا عقوبة "
وأخرج أبو الشيخ من طريق عطاء عن عائشة وابن عباس وابن عمرو
أنهم كانوا يقولون : اللغو لا والله وبلى والله
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس
قال : لغو اليمين لا والله وبلى والله
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي من طريق طاوس عن ابن عباس
قال : لغو اليمين أن تحلف وأنت غضبان
(1/644)
وأخرج
ابن أبي حاتم والبيهقي عن عائشة
أنها كانت تتأول هذه الآية لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم وتقول : هو الشيء
يحلف عليه أحدكم لا يريد منه إلا الصدق فيكون على غير ما حلف عليه
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة قال : لغو اليمين حلف الإنسان على الشيء يظن أنه الذي
حلف عليه فإذا هو غير ذلك
وأخرج ابن جرير من طريق عطية العوفي عن ابن عباس قال : اللغو أن يحلف الرجل على
الشيء يراه حقا وليس بحق
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله لا
يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم قال : هذا في الرجل يحلف على أمر أضرار أن يفعله
أو لا يفعله فيرى الذي خير منه فأمر الله أن يكفر عن يمينه ويأتي الذي هو خير
قال : ومن اللغو أن يحلف الرجل على أمر لا يرى فيه الصدق وقد أخطأ في ظنه فهذا
الذي عليه الكفارة ولا إثم فيه
وأخرج ابن ابي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس لا يؤاخذكم الله باللغو في
أيمانكم قال : لغو اليمين أن تحرم ما أحل الله لك فذلك ما ليس عليك فيه كفارة ولكن
يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم قال : ما تعمدت قلوبكم فيه المأثم فهذا عليك فيه الكفارة
وأخرج وكيع وعبد الرزاق وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله لا يؤاخذكم الله
باللغو في أيمانكم قال : هو الرجل يحلف على المعصية يعني أن لا يصلي ولا يصنع
الخير
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي في قوله لا
يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم قال : هو الرجل يحلف على الشيء ثم ينسى فلا يؤاخذه
الله به ولكن يكفر
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ من طريق قتادة عن سليمان بن يسار لا يؤاخذكم الله
باللغو في أيمانكم قال : الخطأ غير المتعمد
وأخرج عبد بن حميد عن أبي قلابة في قول الرجل : لا والله وبلى والله
قال : إنها لمن لغة العرب ليست بيمين
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم
(1/645)
قال
: هو الرجل يحلف على الشيء يرى أنه صادق وهو كاذب فذاك اللغو لا يؤاخذكم به ولكن
يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم قال : يحلف على الشيء وهو يعلم أنه كاذب فذاك الذي لا
يؤاخذ به
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال : كان قوم حلفوا على تحريم الحلال فقالوا : أما إذ
حلفنا وحرمنا على أنفسنا فإنه ينبغي لنا أن نبر
فقال اله أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس البقرة الآية 224 ولم يجعل لها كفارة
فأنزل الله يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك
قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم التحريم الآيتان 1 - 2 فأمر النبي عليه السلام
بالكفارة لتحريم ما حرم على نفسه الجارية التي كان حرمها على نفسه أمره أن يكفر
يمينه ويعاود جاريته ثم أنزل الله لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله والله غفور يعني إذا جاوز اليمين التي
حلف عليها حليم إذ لم يجعل فيها الكفارة ثم نزلت الكفارة
قوله تعالى : للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم
عبد الرزاق وأبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن
الأنباري في المصاحف عن ابن عباس أنه كان يقرؤوها للذين يقسمون من نسائهم ويقول :
الإيلاء القسم والقسم الإيلاء
وأخرج ابن المنذر عن أبي بن كعب
مثله
وأخرج أبن أبي داود في المصاحف عن حماد قال : قرأت في مصحف أبي للذين يقسمون
وأخرج الشتفعي وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن عباس
قال : الإيلاء أن يحلف بالله أن لا يجامعها أبدا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله للذين يؤلون من
نسائهم قال : هو الرجل يحلف لأمرأته بالله لا ينكحها
(1/646)
فيتربص
أربعة أشهر فإن هو نكحها كفر يمينه فإن مضت أربعة أشهر قبل أن ينكحها خيره السلطان
أما أن يفيء فيراجع وإما أن يعزم فيطلق كما قال الله سبحانه وتعالى
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والطبراني والبيهقي والخطيب في تالي التلخيص عن
ابن عباس قال : كان إيلاء أهل الجاهلية السنة والسنتين وأكثر من ذلك فوقت الله
أربعة أشهر فإن كان إيلاؤه أقل من أربعة أشهر فليس بإيلاء
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر قال :
هذا في الرجل يؤلي من امرأته يقول : والله لا يجتمع رأسي ورأسك ولا أقربك ولا
أغشاك
قال : وكان أهل الجاهلية يعدونه طلاقا فحد لهم أربعة أشهر فإن فاء فيها كفر عن
يمينه وكانت امرأته وإن مضت الأربعة أشهر ولم يفىء فيها فهي طالقة وهي أحق بنفسها
وهو أحد الخطاب ويخطبها زوجها في عدتها ولا يخطبها غيره في عدتها فإن تزوجها فهي
عنده على تطليقتين
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن ابن عباس قال : كل يمين منعت جماعا فهي إيلاء
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم والشعبي
مثله
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : لا إيلاء إلا بحلف
وأخرج عبد بن حميد سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار أن خالد بن سعيد بن العاص
المخزومي هجر امرأته سنة ولم يكن حلف فقالت له عائشة : أما تقرأ آية الإيلاء ؟ أنه
لا ينبغي أن تهجر أكثر من أربعة أشهر
وأخرج عبد بن حميد عن القاسم بن محمد بن أبي بكر
أنه سمع عائشة وهي تعظ خالد بن العاص المخزومي في طول الهجرة لامرأته تقول : يا
خالد إياك وطول الهجرة فإنك قد سمعت ما جعل الله للموتى من الأجل إنما جعل الله له
تربص أربعة أشهر فأخذ طول الهجرة
قال محمد بن مسلم : ولم يبلغنا أنه مضى في طول الهجرة طلاق لأحد ولكن عائشة حذرته
ذلك فأرادت أن تعطفه على امرأته وحذرت عليه أن تشبهه بالإيلاء
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : لا إيلاء إلا بغضب
وأخرج عبد بن حميد عن علي بن أبي طالب قال : الإيلاء إيلاءان
إيلاء
(1/647)
الغضب
وإيلاء في الرضا أما الإيلاء في الغضب فإذا مضت أربعة أشهر فقد بانت منه وأما ما
كان في الرضا فلا يؤخذ به
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبيهقي عن عطية بن جبير قال : ماتت أم صبي بيني
وبينه قرابة فحلف أبي أن لا يطأ أمي حتى تفطمه فمضى أربعة أشهر فقالوا : قد بانت
منك
فأتى عليا فقال : إن كنت إنما حلفت على تضرة فقد بانت منك وإلا فلا
وأخرج عبد بن حميد عن أم عطية قالت : ولد لنا غلام فكان أجدر شيء وأسمنه
فقال القوم لأبيه : إنكم لتحسنون غذاء هذا الغلام
فقال : إني حلفت أن لا أقرب أمه حتى تفطمه
فقال القوم قد - والله - ذهبت عنك إمرأتك
فارتفعا إلى علي فقال علي : أنت أمن نفسك أم من غضب غضبته عليها فحلفت ؟ قال : لا
بل أريد أن أصلح إلى ولدي
قال : فإن ليس في الإصلاح إيلاء
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال : أتى رجل عليا فقال : إني
حلفت أن لا أتي إمرأتي سنتين
فقال : ما أراك إلا قد آليت
قال : إنما حلفت من أجل أنها ترضع ولدي ؟ قال : فلا إذن
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن
أنه سئل عن رجل قال لامرأته : والله لا أقربك حتى تفطمي ولدك
قال : والله ما هذا بإيلاء
وأخرج عبد بن حميد عن حماد قال : سألت إبراهيم عن الرجل يحلف أن لا يقرب امرأته
وهي ترضع شفقة على ولدها ؟ فقال إبراهيم : ما أعلم الإيلاءفي الغضب قال الله فإن
فاؤوا فإن الله غفور رحيم فإنما الفيء من الغضب
وقال إبراهيم : لا أقول فيها شيئا
وقال حماد لا أقول فيها شيئا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن يزيد بن الأصم قال : تزوجت امرأة فلقيت ابن عباس
فقلت : تزوجت بهلل بنت يزيد وقد بلغني أن في خلقها شيئا ثم قال : والله لقد خرجت
وما أكلمها
قال : عليك بها قبل أن تنقضي أربعة أشهر
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن منصور قال : سألت إبراهيم عن رجل حلف لا يكلم
امرأته فمضت أربعة أشهر قبل أن يجامعها قال : إنما كان الإيلاء في الجماع وأنا
أخشى أن يكون إيلاء
(1/648)
وأخرج
عبد بن حميد عن ابن عباس قال : إذا آلى على شهر أو شهرين أو ثلاثة دون الحد برت
يمينه لا يدخل عليه إيلاء
وأخرج الشافعي وعبد بن حميد والبيهقي عن طاوس قال : كل شيء دون الأربعة فليس
بإيلاء
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء قال : لو آلى منها شهرا كان إيلاء
وأخرج عبد بن حميد عن الحكم
أن رجلا آلى من امرأته شهرا فتركها حتى مضت أربعة أشهر قال النخعي : هو إيلاء وقد
بانت منه
وأخرج عبد بن حميد عن وبرة
أن رجلا آلى عشرة أيام فمضت أربعة أشهر فجاء إلى عبد الله فجعله إيلاء
وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي ليلى قال : إن آلى منها يوما أو ليلة فهو إيلاء
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في الرجل يقول لامرأته : والله لا أطئوك الليلة فتركها
من أجل ذلك قال : إن تركها حتى تمضي أربعة أشهر فهو إيلاء
وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن المنذر عن أبي بن كعب أنه قرأ فإن فاؤا فيهن فإن
الله غفور رحيم
وأخرج عبد بن حميد عن علي بن أبي طالب قال : الفيء الجماع
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طرق عن ابن عباس قال : الفيء الجماع
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود قال : الفيء الجماع
وأخرج ابن المنذر عن علي قال : الفيء الرضا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : الفيء الرضا
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي قال : قال مسروق : الفيء الجماع
قيل : ألا سألته عمن رواه ؟ قال : كان الرجل في عيني من ذلك
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : الفيء الإشهاد
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد عن الحسن قال : الفيء الجماع فإن كان له
عذر من مرض أو سجن أجزأه أن يفيء بلسانه
(1/649)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إذا حال بينه وبينها مرض أو سفر أو حبس أو شيء
يعذر به فإشهاده فيء
وأخرج عبد بن حميد عن أبي الشعثاء
أنه سأل علقمة عن الرجل يولي من امرأته فيكون بها نفاس أو شيء فلا يستطيع أن يطأها
قال : إذا فاء بقلبه ولسانه ورضي بذلك فهو فيء
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن أبي الشعثاء قال : يجزئه حتى يتكلم بلسانه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن أبي قلابة قال : إذا فاء في نفسه أجزأه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن الحسن قال : إذا آلى الرجل من امرأته
ثم وقع عليها قبل الأربعة أشهر فليس عليه كفارة لأن الله تعالى قال فإن فاؤوا فإن
الله غفور رحيم أي لتلك اليمين
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن إبراهيم قال : كانوا يرجون في قول
الله فإن فاؤوا فإن الله غفور رحيم أن كفارته فيئه
وأخرج عبد بن حميد عن زيد بن ثابت قال : عليه كفارة
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : إن فاء كفر وإن لم يفعل فهي واحدة وهي أحق
بنفسها
قوله تعالى : وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم
عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس أنه كان يقرأ وإن
عزموا السراح
وأخرج ابن جرير عن عمر بن الخطاب أنه قال في الإيلاء إذا مضت أربعة أشهر لا شيء
عليه حتى توقف فيطلق أو يمسك
وأخرج الشافعي وابن جرير والبيهقي عن طاوس أن عثمان كان يوقف المولي وفي لفظ كان
لا يرى إلا إيلاء شيئا وإن مضت الأربعة أشهر حتى يوقف
وأخرج مالك والشافعي وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن علي بن أبي طالب أنه كان
يقول إذا آلى الرجل من امرأته لم يقع عليها طلاق وإن مضت أربعة أشهر حتى يوقف فإما
أن يطلق وإما أن يفيء
(1/650)
وأخرج
مالك والشافعي وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير والبيهقي عن ابن عمر قال أيما رجل
آلى من امرأته فإن إذا مضى الأربعة أشهر وقف حتى يطلق أو يفيء ولا يقع عليه الطلاق
إذا مضت الأربعة أشهر حتى يوقف
وأخرج البخاري وعبد بن حميد عن ابن عمر قال الإيلاء الذي سمى الله لا يحل لأحد بعد
الأجل إلا أن يمسك بالمعروف أو يعزم الطلاق كما أمره الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن أبي الدرداء في رجل آلى من امرأته قال
يوقف عند انقضاء الأربعة أشهر فإما أن يطلق وإما أن يفىء
وأخرج الشافعي وابن جرير والبيهقي عن عائشة أنها كانت إذا ذكر لها الرجل يحلف أن
لا يأتي امرأته فيدعها خمسة أشهر لا ترى ذلك شيئا حتى يوقف وتقول كيف قال الله
إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن قتادة أن أبا ذر وعائشة قالا يوقف المولي بعد
إنقضاء المدة فإما أن يفىء وإما أن يطلق
وأخرج الشافعي والبيهقي عن سليمان بن يسار قال أدركت بضعة عشر من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه و سلم كلهم يقول يوقف المولي
وأخرج ابن جرير والدارقطني والبيهقي من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه قال سألت
اثني عشر رجلا من الصحابة عن الرجل يولي من امرأته فكلهم يقول ليس عليه شيء حتى
تمضي الأربعة أشهر فيوقف فإن فاء وإلا طلق
وأخرج البيهقي عن ثابت بن عبيدة مولى زيد بن ثابت عن اثني عشر رجلا من أصحاب النبي
صلى الله عليه و سلم الإيلاء لا يطون طلاقا حتى يوقف
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن عمر بن الخطاب وعثمان بن
عفان وعلي بن أبي طالب وزيد بن ثابت وابن مسعود وابن عمر وابن عباس قالوا الإيلاء
تطليقة بأئنة إذا مرت أربعة أشهر قبل أن يفيء فهي أملك بنفسها
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس قال عزيمة الطلاق إنقضاء أربعة أشهر
وأخرج عبد بن حميد عن أيوب قال قلت لابن جبير أكان ابن عباس يقول في الإيلاء إذا
مضت أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة وتزوج ولا عدة عليها ؟ قال : نعم
(1/651)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد والبيهقي عن ابن مسعود قال إذا آلى الرجل من امرأته فمضت
أربعة أشهر فهي تطليقة بائنة وتعتد بعد ذلك ثلاثة قروء ويخطبها زوجها في عدتها ولا
يخطبها غيره فإذا انقضت عدتها خطبها زوجها وغيره
وأخرج عبد بن حميد عن علي في الإيلاء قال إذا مضت أربعة أشهر فقد بانت منه بتطليقة
ولا يخطبها هو ولا غيره إلا من بعد إنقضاء العدة
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في رجل قال لامرأته إن قربتك سنة فأنت طالق ثلاثا إن
قربها قبل السنة فهي طالق ثلاثا وإن تركها حتى تمضي الأربعة أشهر فقد بانت منه
بتطليقة فإن تزوجها قبل إنقضاء السنة فإنه يمسك عن غشيانها حتى تنقضي السنة ولا
يدخل عليه إيلاء
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم النخعي في رجل قال لامرأته إن قربتك إلى سنة فأنت
طالق قال إن قربها بانت منه وإن تركها حتى تمضي الأربعة أشهر فقد بانت منه بتطليقة
فإن تزوجها فغشيها قبل إنقضاء السنة بانت منه وإن لم يقربها حتى تمضي الأربعة أشهر
فإنه يدخل عليه إيلاء آخر
وأخرج مالك عن سعيد بن المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن
أنهما كانا يقولان في الرجل يولي من امرأته : أنها إذا مضت أربعة أشهر فهي تطليقة
واحدة ولزوجها عليها رجعة ما كانت في العدة
وأخرج مالك عن ابن شهاب قال : إيلاء العبد نحو إيلاء الحر وهو واجب وإيلاء العبد
شهران
وأخرج عبد الرزاق عن عمر بن الخطاب قال : إيلاء العبد شهران
وأخرج عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال إيلاء العبد من الأمة أربعة أشهر
وأخرج معمر عن قتادة قال : إيلاء العبد من الحرة أربعة أشهر
وأخرج مالك عن عبد الله بن دينار قال : خرج عمر بن الخطاب من الليل يسمع امرأة
تقول : تطاول هذا الليل واسود جانبه وأرقني أن لا خليل ألاعبه فوالله لولا الله
أني أراقبه لحرك من هذا السرير جوانبه فسأل عمر ابنته حفصة كم أكثر ما تصبر المرأة
عن زوجها ؟ فقالت : ستة أشهر أو أربعة أشهر
فقال عمر : لا أحبس أحدا من الجيوش أكثر من ذلك
(1/652)
وأخرج
ابن اسحق وابن أبي الدنيا في كتاب الأشراف عن السائب بن جبير مولى ابن عباس وكان
قد أدرك أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم قال : ما زلت أسمع حديث عمر أنه خرج ذات
ليلة يطوف بالمدينة وكان يفعل ذلك كثيرا إذ مر بامرأة من نساء العرب مغلقة بابها
وهي تقول : تطاول هذا الليل تسري كواكبه وأرقني أن لا ضجيع ألاعبه فوالله لولا
الله لا شيء غيره لحرك من هذا السرير جوانبه وبت ألاهي غير بدع ملعن لطيف الحشا لا
يحتويه مضاجعه يلاعبني طورا وطورا كأنما بدا قمرا في ظلمة الليل حاجبه يسر به من
كان يلهو بقربه يعاتبني في حبه وأعاتبه ولكنني أخشى رقيبا موكلا بأنفسنا لا يفتر
الدهر كاتبه ثم تنفست الصعداء وقالت : أشكو عمر بن الخطاب وحشتي في بيتي وغيبة
زوجي علي وقلة نفقتي
فلان لها عمر يرحمه الله فلما أصبح بعث إليها بنفقة وكسوة وكتب إلى عامله يسرح
إليها زوجها
وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن قال : سأل عمر ابنته حفصة كم تصبر المرأة عن الرجل
؟ فقلت : ستة أشهر فقال : لا جرم لا أحبس رجلا أكثر من ستة أشهر
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن محمد بن معن قال : أتت امرأة إلى عمر بن
الخطاب فقالت : يا أمير المؤمنين إن زوجي يصوم النهار ويقوم الليل وأنا أكره أن
أشكوه إليك وهو يقوم بطاعة الله
فقال لها : جزاك الله خيرا من مثنية على زوجها
فجعلت تكرر عليه القول وهو يكرر عليها الجواب وكان كعب بن سوار الأسدي حاضرا فقال
له : اقض يا أمير المؤمنين بينها وبين زوجها
فقال : وهل فيما ذكرت قضاء فقال : إنها تشكو مباعدة زوجها لها عن فراشها وتطلب
حقها في ذلك
فقال له عمر : أما لأن فهمت ذلك فأقض بينهما
فقال كعب : علي بزوجها فأحضر فقال : إن إمرأتك تشكوك
فقال : قصرت في شيء من نفقتها ؟ قال : لا
فقالت المرأة : يا أيها القاضي الحكيم برشده ألهى خليلي عن فراشي مسجده نهاره
وليله ما يرقده فلست في حكم النساء أحمده زهده في مضجعي تعبده فاقض القضا يا كعب
لا تردده
(1/653)
فقال
زوجها : زهدني في فرشها وفي الحجل أني امرؤ أزهد فيما قد نزل في سورة النحل وفي
السبع الطول وفي كتاب الله تخويف جلل فقال كعب : إن خير القاضيين من عدل وقضى
بالحق جهرا وفصل إن لها حقا عليك يا رجل تصيبها في أربع لمن عقل قضية من ربها عز و
جل فأعطها ذاك ودع عنك العلل ثم قال : إن الله قد أباح لك النساء أربعا فلك ثلاثة
أيام ولياليها تعبد فيها ربك ولها يوم وليلة
فقال عمر : والله ما أدري من أي أمريك أعجب
أمن فهمك أمرها أم من حكمك بينهما ! اذهب فقد وليتك قضاء البصرة
وأخرج البيهقي في الدلائل عن عمر " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج
وعمر بن الخطاب معه فعرضت امرأة فقال لها النبي صلى الله عليه و سلم : ادعي زوجك
فدعته وكان ضرارا فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ما تقول إمرأتك يا عبد الله ؟
فقال الرجل : والذي أكرمك ما جف رأسي منها
فقالت امرأته : ما مرة واحدة في الشهر
فقال لها النبي صلى الله عليه و سلم : أتبغضيه ؟ قالت : نعم
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ادنيا رأسيكما فوضع جبهتها على جبهة زوجها ثم
قال : اللهم ألف بينهما وحبب أحدهما إلى صاحبه ثم مر رسول الله بسوق النمط ومعه
عمر بن الخطاب فطلعت امرأة تحمل إدما على رأسها فلما رأت النبي طرحته وأقبلت فقبلت
رجليه فقال رسول الله : كيف أنت وزوجك ؟ فقالت : والذي أكرمك ما طارف ولا تالد ولا
ولد بأحب إلي منه
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أشهد أني رسول الله
فقال عمر : وأنا أشهد أنك رسول الله "
وأخرج أبو يعلى وأبو نعيم في الدلائل من حديث جابر بن عبد الله
مثله
وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : يصبح
على كل سلامى من ابن آدم صدقة
تسليمه على من لقي صدقة وأمره بالمعروف صدقه ونهيه عن النمكر صدقة وإماطته الأذى
عن الطريق صدقة وبضعه أهله صدقة
قالوا : يا رسول الله أحدنا يقضي شهوته وتكون له صدقة ؟ ! قال : أرأيت لو ضعها في
غير حلها ألم يكن يأثم "
(1/654)
وأخرج
البيهقي في الشعب عن أبي ذرة قال : قلت : يا رسول الله ذهب الأغنياء بالأجر
قال : ألستم تصلون وتصومون وتجاهدون قلت : بلى وهم يفعلون كما نفعل يصلون ويصومون
ويجاهدون ويتصدقون ولا نتصدق قال : إن فيك صدقة وفي فضل سمعك صدقة على الذي لا
يسمع تعبر عن حاجته صدقة وفي فضل بصرك على الضرير تهديه إلى الطريق صدقة وفي فضل
قوتك على الضعيف تعينه صدقة وفي إماطتك الأذى عن الطريق صدقة وفي مباضتعك أهلك
صدقة قلت : يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته ويؤجر ؟ ! قال : أرأيت لو جعلته في غير
حله أكان عليك وزر ؟ قلت : نعم
قال : أتحتسبون بالشر ولا تحتسبون بالخير "
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي ذرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ولك في جماعك زوجتك أجر قلت : كيف يكون لي أجر في شهوتي ؟ قال : أرأيت لو
كان لك ولد فأدرك ورجوت خيره ثم مات أكنت تحتسبه ؟ قلت : نعم
قال : فأنت خلقته ؟ قلت : بل الله
قال : أفأنت هديته ؟ قلت : بل الله هداه
قال : أفأنت كنت ترزقه ؟ قلت : بل الله يرزقه
قال : فكذلك فضعه في حلاله وجنبه حرامه فإن شاء الله أحياه وإن شاء أماته ولك أجر
"
وأخرج ابن السنى وأبو نعيم معا في الطب النبوي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أيعجز أحدكم أن يجامع أهله في كل
يوم جمعة فإن له أجرين اثنين غسله وأجر غسل امرأته
وأخرج البيهقي في سننه عن عمر بن الخطاب قال والله إني لأكره نفسي على الجماع رجاء
أن يخرج الله مني نسمة تسبح
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن زيد بن أسلم قال بلغني أنه جاءت امرأة إلى عمر بن
الخطاب فقالت إن زوجها لا يصيبها فأرسل إليه فقال كبرت وذهبت قوتي فقال له عمر
أتصيبها في كل شهر مرة قال أكثر من ذلك قال عمر في كم تصيبها قال في كل طهر مرة
فقال عمر اذهبي فإن فيه ما يكفي المرأة
قوله تعالى : والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق
الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن في ذلك
(1/655)
إن
أرادوا إصلاحا ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة والله عزيز حكيم
أبو داود وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية
قالت : طلقت على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ولم يكن للمطلقة عدة فأنزل
الله حين طلقت العدة للطلاق والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء فكانت أول من
أنزلت فيها العدة للطلاق
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء قال :
كان أهل الجاهلية يطلق أحدهم ليس لذلك عدة
وأخرج أبو داود والنسائي وابن المنذر عن ابن عباس والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة
قروء والائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر الطلاق الآية 4
فنسخ واستثنى وقال ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها
الأحزاب الآية 49
وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم والنحاس في ناسخه والدارقطني والبيهقي في السنن عن عائشة قالت : إنما الأقراء
الأطهار
(1/656)
وأخرج
مالك والشافعي والبيهقي من طريق ابن شهاب عن عروة عن عائشة
أنها انتقلت حفصة بنت عبد الرحمن حين دخلت في الدم من الحيضة الثالثة
قال ابن شهاب : فذكرت ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن فقالت : صدق عروة وقد جادلها في
ذلك ناس قالوا : إن الله يقول ثلاثة قروء فقالت عائشة : صدقتم وهل تدرون ما
الأقراء ؟ الأقراء الأطهار
قال ابن شهاب : سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول : ما أدركت أحدا من فقهائنا إلا
وهو يقول : هذا يريد الذي قالت عائشة
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير والبيهقي عن ابن عمر وزيد بن ثابت قالا : الأقراء
الأطهار
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن عمرو بن دينار قال : الأقراء
الحيض عن أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن ابن عباس في قوله ثلاثة قروء قال : ثلاث حيض
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء قال :
حيض
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء فجعل عدة الطلاق
ثلاث حيض ثم أنه نسخ منها المطلقة التي طلقت ولم يدخل بها زوجها فقال : في سورة
الأحزاب يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن تمسوهن فما
لكم عليهن من عدة تعتدونها الأحزاب الآية 49 فهذه تزوج إن شاءت من يومها
وقد نسخ من الثلاثة فقال واللاتي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم الطلاق الآية
4 فهذه العجوز التي لا تحيض والتي لن تحض فعدتهن ثلاثة أشهر وليس الحيض من أمرها
في شيء ونسخ من الثلاثة قروء الحامل فقال أجلهن أن يضعن حملهن الطلاق الآية 4 فهذه
ليست من القروء في شيء إنما أجلها أن تضع حملها
وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد والبيهقي من طريق عروة
وعمرة عن عائشة قالت : إذا دخلت في الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها وحلت للأزواج
قالت عمرة : وكانت عائشة تقول : إنما القرء الطهر وليس بالحيضة
وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق وعبد بن حميد والبيهقي عن زيد بن ثابت قال : إذا
دخلت المطلقة في الحيضة الثالثة فقد بانت من زوجها وحلت للأزواج
وأخرج مالك والشافعي والبيهقي عن ابن عمر قال : إذا طلق الرجل امرأته فدخلت في
الدم من الحيضة الثالثة فقد برئت منه وبرىء منها ولا ترثه ولا يرثها
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبيهقي عن علقمة
أن رجلا طلق امرأته ثم
(1/657)
تركها
حتى إذا مضت حيضتان والثالة أتاها وقد قعت في مغتسلها لتغتسل من الثالثة فأتاها
زوجها فقال : قد راجعتك قد راجعتك ثلاثا
فأتيا عمر بن الخطاب فقال عمر لابن مسعود وهو إلى جنبه : ما تقول فيها ؟ قال : أرى
أنه أحق بها حتى تغتسل من الحيضة الثالثة وتحل لها الصلاة
فقال عمر : وأنا أرى ذلك
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق وعبد بن حميد والبيهقي عن علي بن أبي طالب قال : تحل
لزوجها الرجعة عليها حتى تغتسل من الحيضة الثالثة وتحل للأزواج
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود قال : أرسل عثمان بن
عفان إلى أبي يسأله عن رجل طلق امرأته ثم راجعها حين دخلت في الحيضة الثالثة قال
أبي : كيف يفتي منافق ؟ فقال عثمان : نعيذك بالله أن تكون منافقا ونعوذ بالله أن
نسميك منافقا ونعيذك بالله أن يكون منك هذا في الإسلام ثم تموت ولم تبينه
قال : فإني أرى أنه أحق بها ما لم تغتسل من الحيضة الثالثة وتحل لها الصلاة
وأخرج البيهقي من طريق الحسن عن عمر وعبد الله وأبي موسى في الرجل يطلق امرأته
فتحيض ثلاث حيض فراجعها قبل أن تغتسل قال : هو أحق بها ما لم تغتسل
وأخرج وكيع عن الحسن قال : تعتد بالحيض وإن كانت لا تحيض في السنة إلا مرة
وأخرج مالك والشافعي عن محمد بن يحيى بن حيان أنه كان عند جده هاشمية وأنصارية
فطلق الأنصارية وهي ترضع فمرت بها سنة ثم هلك ولم تحض فقالت : أنا أرثه ولم أحض
فاختصموا إلى عثمان فقضى للأنصارية بالميراث فلامت الهاشمية عثمان فقال : هذا عمل
ابن عمك هو أشار علينا بهذا يعني ابن أبي طالب
وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال : إذا طلقها وهي حائض لم تعتد بتلك الحيضة
وأخرج عبد الرزاق عن عكرمة قال : الأقراء الحيض ليس بالطهر
قال الله تعالى فطلقوهن لعدتهن ولم يقل لقروئهن
وأخرج الشافعي عن عبد الرحمن بن أبي بكر أن رجلا من الأنصار يقال له
(1/658)
حيان
بن منقذ طلق امرأته وهو صحيح وهي ترضع ابنته فمكثت سبعة عشر شهرا لا تحيض يمنعها
الرضاع من أن تحيض ثم مرض حيان فقلت له : إن إمرأتك تريد أن ترث ؟ فقال لأهله :
احملوني إلى عثمان فحملوه إليه فذكر له شأن امرأته وعنده علي بن أبي طالب وزيد بن
ثابت فقال لهما عثمان : ما تريان ؟ فقالا : نرى أنه إن مات ترثه ويرثها إن ماتت
فإنها ليست من القواعد اللاتي قد يئسن من المحيض وليست من الأبكار اللاتي لم
يبلغهن بالمحيض ثم هي على عدة حيضها ما كان من قليل أو كثير
فرجع حيان إلى أهله وأخذ ابنته فلما فقدت الرضاع حاضت حيضة ثم حاضت حيضة أخرى ثم
توفي حيان قبل أن تحيض الثالثة فاعتدت عدة المتوفى عنها زوجها وورثته
وأخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة والدارقطني والحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : طلاق الأمة تطليقتان وقرؤها حيضتان وفي لفظ
وعدتها حيضتان
وأخرج ابن ماجة والبيهقي من حديث ابن عمر مرفوعا
مثله
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن زيد بن ثابت قال : الطلاق بالرجال والعدة بالنساء
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن علي وابن مسعود وابن عباس قالوا : الطلاق بالرجال
والعدة بالنساء
وأخرج مالك والبيهقي عن سعيد بن المسيب قال : الطلاق للرجال والعدة للنساء
وأخرج مالك عن سعيد بن المسيب قال : عدة المستحاضة سنة
أما قوله تعالى : لا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن
أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله لا يحل لهن أن يكتمن ما
خلق الله في أرحامهم قال : كانت المرأة تكتم حملها حتى تجعله لرجل آخر فنهاهن الله
عن ذلك
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة لا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن قال : علم
الله أن منهن كواتم يكتمن ضرارا ويذهبن بالولد إلى غير أزواجهن فنهى عن ذلك وقدم
فيه
(1/659)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عمر لا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله
في أرحامهن قال : الحمل والحيض لا يحل لها إن كانت حاملا أن تكتم حملها ولا يحل
لها إن كانت حائضا أن تكتم حيضها
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي عن مجاهد لا يحل لهن أن
يكتمن ما خلق الله في أرحامهن قال : الحيض والولد لا يحل للمطلقة أن تقول : أنا
حائض
وليست بحائض
ولا تقول : إني حبلى
وليست بحبلى ولا تقول : لست بحبلى
وهي حبلى
وأخرج ابن جرير عن ابن شهاب في قوله لا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن
قال : بلغنا أن ما خلق الله في أرحامهن الحمل وبلغنا أنه الحيض
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي عن إبراهيم في الآية قال : أكبر ذلك
الحيض وفي لفظ : أكثر ما عنى به الحيض
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن عكرمة قال : الحيض
أما قوله تعالى : وبعولتهن أحق بردهن في ذلك
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله وبعولتهن
أحق بردهن في ذلك يقول : إذا طلق الرجل امرأته تطليقة أو تطلقتين وهي حامل فهو أحق
برجعتها ما لم تضع حملها ولا يحل لها أن تكتمه يعني حملها وهو قوله لا يحل لهن أن
يكتمن ما خلق الله في أرحامهن
وأخرج ابن المنذر عن مقاتل بن حبان في قوله وبعولتهن أحق بردهن في ذلك يعني
المراجعة في العدة نزلت في رجل من غفار طلق امرأته ولم يشعر بحملها فراجعها وردها
إلى بيته فولدت وماتت ومات ولدها فأنزل الله بعد ذلك بأيام يسيرة الطلاق مرتان
فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان البقرة الآية 229 فنسخت الآية التي قبلها وبين الله
للرجال كيف يطلقون النساء وكيف يتربصن
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن مجاهد وبعولتهن أحق بردهن في ذلك
قال : في القروء الثلاث
وأخرج ابن جرير عن الربيع وبعولتهن أحق بردهن في ذلك قال : في العدة
(1/660)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وبعولتهن أحق بردهن في ذلك قال : في
العدة ما ام يطلقها ثلاثا
أما قوله تعالى : ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله ولهن مثل الذي عليهن قال : إذا أطعن الله وأطعن
أزواجهن فعليه أن يحسن خطبتها ويكف عنها أذاه وينفق عليها من سعته
وأخرج الترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة عن عمرو بن الأحوص " أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : ألا إن لكم على نسائكن حقا ولنسائكم عليكم حقا
فأما حقكم على نسائكم فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم من تكرهون
وألا وحقهن عليكم أن تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن "
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي عن
معاوية بن حيدة القشيري " أن سأل النبي صلى الله عليه و سلم ما حق المرأة على
الزوج ؟ قال : أن تطعمها إذا طعمت وأن تكسوها إذا كسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح
ولا تهجر إلا في البيت "
وأخرج ابن عدي عن قيس بن طلق عن أبيه " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: إذا جامع أحدكم أهله فلا يعجلها حتى تقضي حاجتها كما يحب أن يقضي حاجته "
وأخرج عبد الرزاق وأبو يعلى عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إذا جامع أحدكم أهله فليصدقها فإن سبقها فلا يعجلها
ولفظ عبد الرزاق : فإن قضى حاجته ولم تقض حاجتها فلا يعجلها "
وأخرج وكيع وفيان بن عينية وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
ابن عباس قال : إني لأحب أن أتزين للمرأة كما أحب أن تتزين المرأة لي لأن الله
يقول ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وما أحب أن أستوفي جميع حقي عليها لأن الله
يقول وللرجال عليهن درجة
وأخرج ابن ماجة عن أم سلمة " أن النبي صلى الله عليه و سلم أطلى وولى عانته
بيده "
وأخرج الخرائطي في كتاب مساوىء الأخلاق عن أم سلمة " أن النبي صلى الله عليه
و سلم كان ينوره ينور : يدهن بالنورة وهي خليط من زرنيخ وغيره تستعمل لإزالة الشعر
الرجل فإذا بلغ مراقه الشعر حان له أن ينتف تولى هو ذلك "
(1/661)
وأخرج
الخرائطي عن محمد بن زياد قال " كان ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه و
سلم جارا لي فكان يدخال الحمام فقلت : وأنت صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم
تدخل الحمام
فقال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يدخل الحمام ثم يتنور "
وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن ابن عمر " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان
يتنور كل شهر ويقلم أظفاره كل خمس عشرة "
وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن عائشة أنه سئلت بأي شيء كان يبدأ
النبي صلى الله عليه و سلم إذا دخل بيته ؟ قالت : بالسواك
قوله تعالى : وللرجال عليهن درجة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله وللرجال عليهن درجة قال : فضل ما
فضله الله به عليها من الجهاد وفضل ميراثه على ميراثها وكل ما فضل به عليها
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي مالك قال : يطلقها وليس لها من الأمر شيء
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم وللرجال عليهن درجة قال :
الإمارة
قوله تعالى : الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا
مما أتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألآ يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله
فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يعتد حدود الله
فأولئك هم الظالمون
مالك والشافعي وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن
هشام بن عروة عن أبيه قال : كان الرجل إذا طلق امرأته ثم ارتجعها قبل أن تنقضي
عدتها كان ذلك له وإن طلقها ألف مرة فعمد رجل إلى إمراته فطلقها حتى ما جاء وقت
إنقضاء عدتها ارتجعها ثم طلقها ثم قال : والله لا آويك ولا تحلين أبدا فأنزل الله
الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح
(1/662)
بإحسان
فاستقبل الناس الطلاق جديدا من يومئذ من كان منهم طلق ومن لم يطلق
وأخرج الترمذي وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في سننه من طريق هشام بن عروة
عن أبيه أن عائشة قالت : " كان الناس والرجل يطلق امرأته ما شاء الله أن
يطلقها وهي امرأته إذا ارتجعها وهي في العدة وإن طلقها مائة مرة وأكثر حتى قال رجل
لامرأته : والله لا أطلقك فتبيني ولا آويك أبدا
قالت : وكيف ذلك ؟ قال : أطلقك فكلما همت عدتك أن تنقضي راجعتك
فذهبت المرأة حتى دخلت على عائشة فأخبرتها فسكتت عائشة حتى جاء النبي صلى الله
عليه و سلم فأخبرته فسكت النبي صلى الله عليه و سلم حتى نزل القرآن الطلاق مرتان
فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان قالت عائشة : فاستأنف الناس الطلاق مستقبلا من طلق
ومن لم يطلق "
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن عائشة قالت : " لم يكن للطلاق وقت يطلق امرأته
أم يراجعها ما لم تنقض العدة وكان بين رجل وبين أهله بعض ما يكون بين الناس فقال :
والله لأتركنك لا أيما ولا ذات زوج فجعل يطلقها حتى إذا كادت العدة أن تنقضي
راجعها ففعل ذلك مرارا فأنزل الله فيه الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان
فوقت لهم الطلاق ثلاثا يراجعها في الواحدة وفي الاثنتين وليس في الثالثة رجعة حتى
تنكح زوجا غيره "
وأخرج ابن النجار عن عائشة " أنها أتتها امرأة فسألتها عن شيء من الطلاق قالت
: فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فنزلت الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو
تسريح بإحسان "
وأخرج أبو داود والنسائي والبيهقي عن ابن عباس والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة
قروء البقرة الآية 228 إلى قوله وبعولتهن أحق بردهن وذلك أن الرجل كان إذا طلق
امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثا فنسخ ذلك فقال الطلاق مرتان فإمساك بمعروف
أو تسريح بإحسان
وأخرج عبد الرزاق عن الثوري عن بعض الفقهاء قال " كان الرجل في الجاهلية يطلق
امرأته ما شاء لا يكون عليها عدة فتتزوج من مكانها إن شاءت فجاء رجل من أشجع إلى
النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله إني طلقت إمرأتي وأنا أخشى أن
تتزوج فيكون الولد لغيري فأنزل الله الطلاق مرتان فنسخت هذه كل طلاق في القرآن
"
(1/663)
وأخرج
عبد بن حميد عن قتادة في قوله الطلاق مرتان قال : " لكل مرة قرء " فنسخت
هذه الآية ما كان قبلها فجعل الله حد الطلاق ثلاثة وجعله أحق برجعتها ما دامت في
عدتها ما لم يطلق ثلاثا
وأخرج وكيع وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه
وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن أبي رزين
الأسدي قال : " قال رجل : يا رسول الله أرأيت قول الله عز و جل الطلاق مرتان
فأين الثالثة ؟ قال : التسريح بإحسان الثالثة "
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أنس قال " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و
سلم فقال : يا رسول الله إني أسمع الله يقول الطلق مرتان فأين الثالثة ؟ قال :
امساك بمعروف أو تسريح بإحسان هي الثالثة "
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس
أن نافع بن الأزرق قال له : " أخبرني عن قوله عز و جل الطلاق مرتان هل كانت
تعرف العرب الطلاق ثلاثا في الجاهلية ؟ قال : نعم كانت العرب تعرف ثلاثا باتا أما
سمعت الأعشى وهو يقول وقد أخذه اختانه فقالوا : والله لا نرفع عنك العصا حتى تطلق
أهلك فقد أضررت بها فقال : أيا جارتا بتي فإنك طالقة كذاك أمور الناس غاد وطارقة
فقالوا : والله لا نرفع عنك العصا أو تثلث لها الطلاق فقال : بيني فإن البين خير
من العصا وإن لا يزال فوق رأسي بارقة فقالوا : والله لا نرفع عنك العصا أو تثلث
لها الطلاق فقال : بيني حصان الفرج غير ذميمة وموقوفة فينا كذاك روامقة وذوقي فتى
حي فإني ذائق فتاة أناس مثل ما أنت ذائقة وأخرج النسائي وابن ماجة وابن جرير
والدارقطني والبيهقي عن ابن مسعود في قوله الطلاق مرتان قال : يطلقها بعدما تطهر
من قبل جماع فإذا حاضت وطهرت طلقها أخرى ثم يدعها تطهر مرة أخرى ثم يطلقها إن شاء
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد الطلاق مرتان قال : " يطلق الرجل امرأته طاهرا في
غير جماع فإذا حاضت ثم طهرت فقد تم القرء ثم يطلق الثانية كما يطلق الأولى إن أحب
أن يفعل فإذا طلق الثانية ثم حاضت الحيضة الثانية فهاتان
(1/664)
تطليقتان
وقرآن ثم قال الله للثالثة افإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان فيطلقها في ذلك القرء
كله إن شاء "
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد عن أبي حبيب قال : التسريح في كتاب الله الطلاق
وأخرج البيهقي من طريق السدي عن أبي مالك وأبي صالح عن ابن عباس وعن مرة عن ابن
مسعود وأناس من الصحابة في قوله الطلاق مرتان قال : وهو الميقات الذي يكون عليها
فيه الرجعة فإذا طلق واحدة أو اثنتين فإما يمسك ويراجع بمعروف وإما يسكت عنها حتى
تنقضي عدتها فتكون أحق بنفسها
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : إذا طلق
الرجل امرأته تطليقتين فليتق الله في الثالثة فإما أن يمسكها بمعروف فيحسن صحابتها
أو يسرحها بإحسان فلا يظلمها من حقها شيئا
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق في المصنف وابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر
أنه كان إذا نكح قال : أنكحتك على ما أمر الله على إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان
وأخرج أبو داود وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عمر عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال " أبغض الحلال إلى الله عز و جل الطلاق "
وأخرج البزار عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لا تطلق
النساء إلا عن ريبة إن الله لا يحب الذواقين ولا الذواقات "
وأخرج عبد الرزاق عن معاذ بن جبل قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم " يا
معاذ ما خلق الله شيئا على ظهر الأرض أحب إليه من عناق وما خلق الله على وجه الأرض
أبغض إليه من الطلاق "
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن زيد بن وهب
أن بطالا كان بالمدينة فطلق امرأته ألفا فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فقال : إنما
كنت ألعب فعلاه عمر بالدرة وقال : إن كان ليكفيك ثلاث
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن أنس بن مالك قال : قال عمر بن الخطاب في الرجل
يطلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها قال : هي ثلاث لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره
وكان إذا أتي به أوجعه
(1/665)
وأخرج
البيهقي من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي فيمن طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل
بها لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره
وأخرج البيهقي من طريق حبيب بن أبي ثابت عن بعض أصحابه قال : جاء رجل إلى علي قال
: طلقت إمراتي ألفا
قال : ثلاث تحرمها عليك وأقسم سائرها بين نسائك
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن علقمة بن قيس قال : أتى رجل إلى ابن مسعود فقال : إن
رجلا طلق امرأته البارحة مائة
قال : قلتها مة واحدة ؟ قال : نعم
قال : تريد أن تبين منك إمرأتك ؟ قال : نعم
قال : هو كما قلت
قال : وأتاه رجل فقال : رجل طلق امرأته البارحة عدد النجوم
قال : قلتها مرة واحدة ؟ قال : نعم
قال : تريد أن تبين منك إمرأتك ؟ قال : نعم
قال : هو كما قلت ثم قال : قد بين الله أمر الطلاق فمن طلق كما أمره الله فقد بين
له ومن لبس على نفسه جعلنا به لبسته والله لا تلبسون على أنفسكم ونتحمله عنكم هو
كما تقولون
وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال : المطلقة ثلاثا قبل أن يدخل بها بمنزلة قد دخل
بها
وأخرج مالك والشافعي وأبو داود والبيهقي عن محمد بن إياس بن البكير قال : طلق رجل
امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها ثم بدا له أن ينكحها فجاء يستفتي فذهبت معه أسأل له
فسأل أبا هريرة وعبد الله بن عباس عن ذلك فقالا : لا نرى أن تنكحها حتى تنكح زوجا
غيرك
قال : إنما كان طلاقي إياها واحدة ! قال ابن عباس : إنك أرسلت من يدك ما كان لك من
فضل
وأخرج مالك والشافعي وأبو ادود والبيهقي عن أبي عياش الأنصاري
أنه كان جالسا مع عبد الله بن الزبير وعاصم بن عمر فجاءهما محمد بن أبي إياس بن
البكير فقال : إن رجلا من أهل البادية طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها فماذا
تريان ؟ فقال ابن الزبير : إن هذا الأمر ما لنا فيه قول : اذهب إلى ابن عباس وأبي
هريرة فإني تركتهما عند عائشة فاسألهما فذهب فسألهما قال ابن عباس لأبي هريرة :
افته يا أبا هريرة فقد جاءتك معضلة
فقال أبو هريرة : الواحدة تبينها والثلاث تحرمها حتى تنكح زوجا غيره
وقال ابن عباس مثل ذلك
(1/666)
وأخرج
مالك والشافعي والبيهقي عن عطاء بن يسار قال : جاء رجل يسأل عبد الله بن عمرو بن
العاص عن رجل طلق امرأته ثلاثا قبل أن يمسها فقلت : إنما طلاق البكر واحدة
فقال لي عبد الله بن عمرو : إنما أنت قاض الواحدة تبين والثلاث تحرمها حتى تنكح
زوجا غيره
وأخرج الشافعي والبيهقي عن مجاهد قال : جاء رجل لابن عباس قال : طلقت إمرأتي مائة
قال : نأخذ ثلاثا وندع سبعة وتسعين
وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال : إذا طلق الرجل امرأته ثلاث قبل أن يدخل بها لم تحل
له حتى تنكح زوجا غيره
وأخرج البيهقي عن قيس بن أبي حازم قال : سأل رجل المغيرة بن شعبة وأنا شاهد عن رجل
طلق امرأته مائة قال : ثلاث تحرم وسبع وتسعون فضل
وأخرج الطبراني والبيهقي عن سويد بن عفلة قال : كانت عائشة الخثعمية عند الحسن بن
علي رضي الله عنهما فلما قتل علي رضي الله عنه قالت : لتهنك الخلافة ! قال : يقتل
علي وتظهرين الشماتة ؟ ! اذهبي فأنت طالق ثلاثا
قال : فتلفعت ثيابها وقعدت حتى قضت عدتها فبعث إليها ببقية لها من صداقها وعشرة
آلاف صدقة فلما جاءها الرسول قالت : متاع قليل من حبيب مفارق !
فلما بلغه قولها بكى : ثم قال : لولا أني سمعت جدي أو حدثني أبي : أنه سمع جدي قول
: أيما رجل طلق امرأته ثلاثا عند الأقراء أو ثلاثا مبهمة لم تحل له حتى تنكح زوجا
غيره لراجعتها
وأخرج الشافعي وأبو داود والحاكم والبيهقي عن ركابة بن عبد يزيد
أنه طلق امرأته سهيمة البتة فأخبر النبي صلى الله عليه و سلم بذلك وقال : والله ما
أردت إلا واحدة
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " والله ما أردت إلا واحدة ؟ فقال :
ركانة والله ما أردت إلا واحدة
فردها إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم فطلقها الثانية في زمان عمر والثالثة في
زمان عثمان "
وأخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي من طريق عبد الله بن
علي بن زيد بن ركانه عن أبيه عن جده ركانة " أنه طلق امرأته البتة فأتى رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقال : ما أردت بها ؟ قال : واحدة
قال : والله ما أردت بها إلا واحدة ؟ قال : والله ما أردت بها إلا واحدة
قال : هو ما أردت فردها عليه "
(1/667)
وأخرج
عبد الرزاق ومسلم وأبو داود والنسائي والحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال : كان
الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق
الثلاث واحدة فقال عمر بن الخطاب : إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة
فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي عن طاوس
أن أبا الصهباء قال لابن عباس : أتعلم إنما كانت الثلاث واحدة على عهد رسول الله
صلى الله عليه و سلم وأبي بكر وثلاثا من أمارة عمر ؟ قال ابن عباس : نعم
وأخرج أبو داود والبيهقي عن طاوس
أن رجلا يقال له أبو الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس قال : أما علمت أن الرجل
كان إذا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى
الله عليه و سلم وأبي بكر وصدرا من أمارة عمر ؟ قال ابن عباس : بلى كان الرجل إذا
طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه و
سلم وأبي بكر وصدرا من أمارة عمر فلما رأى الناس قد تتابعوا فيها قال : أجيزوهن
عليهم
وأخرج عبد الرزاق وأبو داود والبيهقي عن ابن عباس قال " طلق عبد يزيد أبو
ركانة أم ركانة ونكح امرأة من مزينة فجاءت النبي صلى الله عليه و سلم فقالت : ما
يغني عني إلا كما تغني هذه الشعرة لشعرة أخذتها من رأسها ففرق بيني وبينه
فأخذت النبي صلى الله عليه و سلم حمية فدعا بركانة وإخوته ثم قال لجلسائه : أترون
فلانا يشبه منه كذا وكذا من عبد يزيد وفلانا منه كذا وكذا ؟ قالوا : نعم
قال النبي صلى الله عليه و سلم لعبد يزيد : طلقها
ففعل
قال : راجع إمرأتك أم ركانة
فقال : إني طلقتها ثلاثا يا رسول الله ! قال : قد علمت ارجعها وتلا يا أيها النبي
إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن - الطلاق الآية 1 "
(1/668)
وأخرج
البيهقي عن ابن عباس قال : " طلق ركانة أمرأته ثلاثا في مجلس واحد فحزن عليها
حزنا شديدا فسأله رسول الله صلى الله عليه و سلم كيف طلقتها ؟ قال : طلقتها ثلاثا
في مجلس واحد
قال : نعم فإنما تلك واحدة فارجعها إن شئت
فراجعها
فكان ابن عباس يرى إنما الطلاق عند كل طهر فتلك السنة التي كان عليها الناس والتي
أمر الله بها فطلقوهن لعدتهن "
وأخرج أبو داود عن ابن عباس قال : إذا قال أنت طالق ثلاثا بفم واحدة فهي واحدة
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن أبي مليكة
أن أبا الجوزاء أتى ابن عباس فقال : أتعلم أن ثلاثا كن يرددن على عهد رسول الله
صلى الله عليه و سلم إلى واحدة ؟ قال : نعم
وأخرج البيهقي عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " طلاق التي
لم يدخل بها واحدة "
وأخرج ابن عدي والبيهقي عن الأعمش قال : بان بالكوفة شيخ يقول : سمعت علي بن أبي طالب
يقول : إذا طلق الرجل امرأته في مجلس واحد فإنه يرد إلى واحدة والناس عنقا واحدا
إذ ذاك يأتونه ويسمعون منه
فأتيته فقرعت عليه الباب فخرج إلي شيخ فقلت له : كيف سمعت علي بن أبي طالب يقول
فيمن طلق امرأته ثلاثا في مجلس واحد ؟ قال : سمعت علي بن أبي طالب يقول : إذا طلق
الرجل امرأته ثلاثا في مجلس واحد فإنه يرد إلى واحدة
قال : فقلت له : أنى سمعت هذا من علي
قال : أخرج إليك كتابا فأخرج فإذا فيه : بسم الله الرحم الرحيم قال : سمعت علي بن
أبي طالب يقول : إذا طلق الرجل امرأته ثلاثا في مجلس واحد فقد بانت منه ولا تحل له
حتى تنكح زوجا غيره قلت : ويحك هذا غير الذي تقول ! قال : الصحيح هو هذا ولكن
هؤلاء أرادوني على ذلك
وأخرج البيهقي عن مسلمة بن جعفر الأحمس قال : قلت لجعفر بن محمد : يزعمون أن من
طلق ثلاثا بجهالة رد إلى السنة يجعلونه واحدة عنكم
قال : معاذ الله ! ما هذا من قولنا من طلق ثلاثا فهو كما قال
وأخرج البيهقي عن بسام الصيرفي قال : سمعت جعفر بن محمد يقول : من طلق امرأته
بجهالة أو علم فقد برئت منه
وأخرج ابن ماجة عن الشعبي قال : قلت لفاطمة بنت قيس : حدثيني عن طلاقك قالت :
طلقني زوجي ثلاثا وهو خارج إلى اليمن فأجاز ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم
أما قوله تعالى : ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا الآية أخرج أبو داود في
ناسخه وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان الرجل يأكل من مال امرأته نحلته الذي
نحلها وغيره لا يرى أن عليه جناحا فأنزل الله
(1/669)
ولا
يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا فلم يصلح لهم بعد هذه الآية أخذ شيء من
أموالهن إلا بحقها ثم قال إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله فإن خفتم أن لا
يقيما حدود الله
وقال فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا النساء الآية 4
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله إلا أن يخافا أن لا
يقيما حدود الله قال : إلا أن يكون النشوز وسوء الخلق من قبلها فتدعوك إلى أن
تفتدي منك فلا جناح عليك فيما افتدت به
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : نزلت هذه الآية في ثابت بن قيس وفي حبيبة وكانت
اشتكته إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" تردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم
فدعاه فذكر له ذلك فقال : ويطيب لي ذلك ؟ قال : نعم قال ثابت : قد فعلت
فنزلت ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود
الله
الآية "
وأخرج مالك والشافعي وأحمد وأبو داود والبيهقي من طريق عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد
بن زرارة عن حبيبة بنت سهل الأنصاري " أنها كانت تحت ثابت بن قيس وأن رسول
الله صلى الله عليه و سلم خرج إلى الصبح فوجدها عند بابه في الغلس فقال : من هذه ؟
فقالت : أنا حبيبة بنت سهل
فقال : ما شأنك ؟ ! قالت : لا أنا ولا ثابت فلما جاء ثابت بن قيس قال له رسول الله
صلى الله عليه و سلم : هذه حبيبة بنت سهل قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر
فقالت حبيبة : يا رسول الله ! كل ما أعطاني عندي
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : خذ منها
فأخذ منها وجلست في أهلها "
وأخرج عبد الرزاق وأبو داود وابن جرير والبيهقي من طريق عمرة عن عائشة " أن
حبيبة بنت سهل كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس فضربها فكسر يدها فأتت رسول الله صلى
الله عليه و سلم بعد الصبح فاشتكته إليه فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم ثابتا
فقال : خذ بعض مالها وفارقها
قال : ويصلح ذلك يا رسول الله ؟ قال : نعم
قال : فإني أصدقتها حديقتين فهما بيدها
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : خذهما وفارقها
ففعل ثم تزوجها أبي بن كعب فخرج بها إلى الشام فتوفيت هناك "
وأخرج البخاري والنسائي وابن ماجة وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس " أن
(1/670)
جميلة
بنت عبد الله بن سلول امرأة ثابت بن قيس قالت : ما أعتب عليه في خلق ولا دين ولكني
لا أطيقه بغضا وأكره الكفر في الإسلام
قال : أتردين عليه حديقته ؟ قالت : نعم
قال : اقبل الحديقة وطلقها تطليقة
ولفظ ابن ماجة : فأمره رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يأخذ منها حديقته
ولايزداد "
وأخرج ابن جرير عن عكرمة " أنه سئل هل كان للخلع أصل ؟ قال : كان ابن عباس
يقول : إن أول خلع في الإسلام في أخت عبد الله بن أبي إنها أتت رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقالت : يا رسول الله لا يجمع رأسي ورأسه شيء أبدا إني رفعت جانب
الخباء فرأيته أقبل في عدة فإذا هو أشدهم سوادا وأقصرهم قامة وأقبحهم وجها
قال زوجها : يا رسول الله إني أعطيتها أفضل مالي : حديقة لي فإن ردت علي حديقتي ؟
قال : ما تقولين ؟ قالت : نعم وإن شاء زدته
قال : ففرق بينهما "
وأخرج أحمد عن سهل بن أبي حثمة " كانت حبيبة بنت سهل تحت ثابت بن قيس بن شماس
فكرهته وكان رجلا دميما فجاءت فقالت : يا رسول الله إني لا أراه فلولا مخافة الله
لبزقت في وجهه
فقال لها : أتردين عليه حديقته التي أصدقك ؟ قالت : نعم
فردت عليه حديقته وفرق بينهما فكان ذلك أول خلع كان في الإسلام "
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن رباح عن جميلة بنت أبي بن سلول " أنها كانت
تحت ثابت بن قيس فنشزت عليه فأرسل إليها النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا
جميلة ما كرهت من ثابت ؟ قالت : والله ما كرهت منه دينا ولا خلقا إلا أني كرهت
دمامته
فقال لها : أتردين الحديقة ؟ قالت : نعم
فردت الحديقة وفرق بينهما "
وأخرج ابن ماجة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال " كانت حبيبة بنت سهل تحت
بن قيس بن شمس فكرهته وكان رجلا دميما فقالت : يا رسول الله والله لولا مخافة الله
إذا دخل علي بسقت في وجهه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أتردين عليه
حديقته ؟ قالت : نعم
فردت عليه حديقته ففرق بينهما رسول الله صلى الله عليه و سلم "
وأخرج البيهقي عن ابن عباس " أن جميلة بنت أبي بن سلول أتت النبي صلى الله
عليه و سلم تريد الخلع فقال لها : ما أصدقك ؟ قالت : حديقة
قال : فردي عليه حديقته "
(1/671)
وأخرج
البيهقي عن عطاء قال أتت امرأة النبي صلى الله عليه و سلم فقالت : إني أبغض زوجي
وأحب فراقه فقال : أتردين حديقته التي أصدقك ؟ - وكان أصدقها حديقة - قالت : نعم
وزيادة
قال النبي صلى الله عليه و سلم : إما زيادة من مالك فلا ولكن الحديقة ؟ قالت : نعم
فقضى بذلك النبي صلى الله عليه و سلم على الرجل فأخبر بقضاء النبي صلى الله عليه و
سلم فقال : قد قبلت قضاء رسول الله صلى الله عليه و سلم "
وأخرجه من وجه آخر عن عطاء عن ابن عباس موصولا وقال المرسل هو الصحيح
وأخرج البيهقي عن ابن الزبير " أن ثابت بن قيس بن شماس كانت عنده زينب بنت
عبد الله بن أبي بن سلول وكان أصدقها حديقة فكرهته فقال النبي صلى الله عليه و سلم
: أتردين عليه حديقته التي أعطاك ؟ قالت : نعم وزيادة
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أما الزيادة فلا ولكن حديقته ؟ قالت : نعم
فأخذها له وخلى سبيلها فلما بلغ ذلك ثابت بن قيس قال : قد قبلت قضاء رسول الله صلى
الله عليه و سلم "
وأخرج البيهقي عن أبي سعيد قال : " أرادت أختي أن تختلع من زوجها فأتت النبي
صلى الله عليه و سلم مع زوجها فذكرت له ذلك فقال لها : أتردين عليه حديقته ويطلقك
؟ قالت : نعم وأزيده فخلعها فردت عليه حديقته وزادته "
وأخرج البزار عن أنس قال : " جاءت امرأة ثابت بن قيس بن شماس إلى رسول الله
صلى الله عليه و سلم فقالت كلاما كأنها كرهته فقال : أتردين عليه حديقته ؟ قالت :
نعم
فأرسل إلى ثابت : خذ منها ذلك وطلقها "
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن
شيئا إلا أن يخافا أن لا يقيما حدود الله قال : هذا لهما فإن خفتم أن لا يقيما
حدود الله قال : هذا لولاة الأمر فلا جناح عليهما فيما افتدت به قال : إذا كان
النشوز والظلم من قبل المرأة فقد أحل الله له منها الفدية ولا يجوز خلع إلا عند
سلطان فإما إذا كانت راضية مغتبطة بجناحه مطيعة لأمره فلا يحل له أن يأخذ مما
آتاها شيئا
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال : إذا جاء الظلم من قبل المرأة حل له الفدية
وإذا جاء من قبل الرجل لم يحل له منها شيء
وأخرج عبد بن حميد عن عروة قال : لا يصلح الخلع إلا أن يكون الفساد من قبل المرأة
(1/672)
وأخرج
عبد بن حميد عن الليث قال : قرأ مجاهد في البقرة إلا أن يخافا برفع الياء
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءة عبد الله إلا أن يخافوا
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن ميمون بن مهران قال : في حرف أبي بن كعب أن الفداء
تطليقة فيه إلا أن يظنا أن لا يقيما حدود الله فإن ظنا أن لا يقيما حدود الله فلا
جناح عليهما فيما افتدت به لا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره
وأخرج البيهقي عن ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه و سلم جعل الخلع تطليقة
بائنة "
وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق والبيهقي عن أم بكر الأسلمية
أنها اختلعت من زوجها عبد الله بن أسيد ثم أتيا عثمان بن عفان في ذلك فقال : هي
تطليقة إلا أن تكون سميت شيئا فهو ما سميت
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن المنذر والبيهقي عن طاوس
أن إبراهيم بن سعيد بن أبي وقاص سأل ابن عباس عن امرأة طلقها زوجها طلقتين ثم
اختلعت منه أيتزوجها ؟ قال ابن عباس : نعم ذكر الله الطلاق في أول الآية وآخرها
والخلع بين ذلك فليس الخلع بطلاق ينكحها
وأخرج عبد الرزاق عن طاوس قال : لولا أنه أعلم لا يحل لي كتمانه ما حدثته أحدا كان
ابن عباس لا يرى الفداء طلاقا حتى يطلق ثم يقول : ألا ترى أنه ذكر الطلاق من قبله
ثم ذكر الفداء فلم يجعله طلاقا ثم قال في الثانية فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى
تنكح زوجا غيره البقرة الآية 230 ولم يجعل الفداء بينهما طلاقا
وأخرج الشافعي عن ابن عباس
في رجل طلق امرأته تطليقتين ثم اختلعت منه يتزوجها إن شاء لأن الله يقول الطلاق
مرتان قرأ إلى أن يتراجعا
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق عن عكرمة أحسبه عن ابن عباس قال : كل شيء أجازه المال
فليس بطلاق يعني الخلع
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن عطاء " أن النبي صلى الله عليه و سلم كره أن
يأخذ من المختلعة أكثر مما أعطاها "
(1/673)
وأخرج
عبد بن حميد عن حميد الطويل قال : قلت لرجاء بن حيوة
إن الحسن يكره أن يأخذ من المرأة فوق ما أعطاها في الخلع
فقال : قال قبيصة بن ذؤيب : اقرأ الآية التي تليها فإن خفتم إلا أن يقيما حدود
الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن كثير مولى سمرة
أن امرأة نشزت من زوجها في أمارة عمر فأمر بها إلى بيت كثير الزبل فمكثت ثلاثة
أيام ثم أخرجها فقال : كيف رأيت ؟ قالت : ما وجدت الراحة إلا في هذه الأيام
فقال عمر : اخلعها ولو من قرطها
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن عبد الله بن رباح أن عمر بن الخطاب قال في المختلعة
: تختلع بما دون عقاص رأسها
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن شهاب الخولاني
أن امرأة طلقها زوجها على ألف درهم فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فقال : با عك زوجك
طلاقا بيعا وأجازه عمر
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت : كان لي زوج يقل علي
الخير إذا حضرني ويحرمني إذا غاب عني فكانت مني زلة يوما فقلت له اختلع منك بكل
شيء أملكه
قال : نعم
ففعلت فخاصم عمي معاذ بن عفراء إلى عثمان بن عفان فأجاز الخلع وأمره أن يأخذ عقاص
رأسي فما دونه
وأخرج مالك والشافعي وعبد بن حميد والبيهقي عن نافع
أن مولاة صفية بنت عبيد امرأة عبد الله بن عمر اختلعت من زوجها بكل شيء لها فلم
ينكر ذلك عبد الله بن عمر
وأخرج مالك والبيهقي عن نافع أن ربيع بنت معوذ جاءت هي وعمها إلى عبد الله بن عمر
فأخبرته أنها اختلعت من زوجها في زمان عثمان بن عفان فبلغ ذلك عثمان فلم ينكره
فقال عبد الله بن عمر : عدتها عدة المطلقة
وأخرج البيهقي عن عروة بن الزبير
أن رجلا خلع امرأته في ولاية عثمان بن عفان عند غير سلطان فأجازه عثمان
وأخرج مالك عن سعيد بن المسيب وابن شهاب وسليمان بن يسار أنهم كانوا يقولون : عدة
المختلعة ثلاثة قروء
(1/674)
وأخرج
عبد الرزاق عن علي بن أبي طالب قال : عدة المختلعة مثل عدة المطلقة
وأخرج ابن أبي شيبة عن نافع
أن الربيع اختلعت من زوجها فأتى عمها عثمان فقال : تعتد حيضة
قال : وكان ابن عمر يقول : تعتد ثلاث حيض حتى قال هذا عثمان فكان ابن عمر يفتي به
ويقول : عثمان خيرنا وأعلمنا
وأخرج مالك وابن أبي شيبة وأبو داود عن ابن عمر قال : عدة المختلعة حيضة
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : عدة المختلعة حيضة
وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن ابن عباس " أن امرأة ثابت بن
قيس اختلعت من زوجها على عهد النبي صلى الله عليه و سلم فأمرها النبي صلى الله
عليه و سلم أن تعتد بحيضة "
وأخرج الترمذي عن الربيع بنت معوذ بن عفراء " أنها اختلعت على عهد رسول الله
صلى الله عليه و سلم فأمرها النبي صلى الله عليه و سلم أن تعتد بحيضة "
وأخرج النسائي وابن ماجة عن عبادة بن الوليد عن عبادة بن الصامت قال : قلت للربيع
بنت معوذ بن عفراء : حدثيني حديثك قالت : اختلعت من زوجي ثم جئت عثمان فسألت ماذا
علي من العدة ؟ فقال : لا عدة عليك إلا أن يكون حديث عهد بك فتمكثين حتى تحيضي
حيضة
قالت : إنما أتبع في ذلك قضاء رسول الله صلى الله عليه و سلم في مريم المغالية
وكانت تحت ثابت بن قيس فاختلعت منه
وأخرج النسائي عن ربيع بنت معوذ بن عفراء " أن ثابت بن قيس بن شماس ضرب
امرأته فكسر يدها وهي جميلة بنت عبد الله بن أبي فأتى أخوها يشتكيه إلى رسول الله
صلى الله عليه و سلم فأرسل إلى ثابت فقال له : خذ الذي لها عليك وخل سبيلها
قال : نعم
فأمرها رسول الله صلى الله عليه و سلم أن تتربص حيضة واحدة فتلحق بأهلها "
وأخرج الشافعي والبيهقي عن ابن عباس وابن الزبير أنهما قالا : في المختلعة يطلقها
زوجها قالا : لا يلزمها طلاق لأنه طلق ما لا يملك
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب قال : إذا أراد النساء الخلع فلا تكفروهن
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي
عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أيما امرأة سألت زوجها
(1/675)
الطلاق
من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة وقال : المختلعات المنافقات "
وأخرج ابن ماجة عن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لا
تسأل المرأة زوجها الطلاق في غير كنهه فتجد ريح الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة
أربعين عاما "
وأخرج أحمد والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
" المختلعات والمنتزعات هن المنافقات "
وأخرج ابن جرير عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
المختلعات المنتزعات هن المنافقات "
وأما قوله تعالى : تلك حدود الله فلا تعتدوها أخرج النسائي عن محمود بم لبيد قال
" أخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم عن رجل طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا
فقام غضبان ثم قال : أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ؟ حتى قام رجل وقال : يا
رسول الله ألا أقتله ؟ وأخرج البيهقي عن رافع بن سحبان أن رجلا أتى عمران بن حصين
فقال : رجل طلق امرأته ثلاثا في مجلس ؟ قال : أثم بربه وحرمت عليه امرأته
فانطلق الرجل فذكر ذلك لأبي موسى يريد بذلك عيبه فقال : ألا ترى أن عمران بن حصين
قال : كذا وكذا ؟ فقال أبو موسى : الله أكبر فتيا مثل أبي نجيد
قوله تعالى : فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح
عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله وتلك حدود الله يبينها لقوم يعلمون
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله فإن طلقها فلا
تحل له من بعد يقول : فإن طلقها ثلاثا فلا تحل له حتى تنكح غيره
وأخرج ابن جرير عن مجاهد فإن طلقها فلا تحل له قال : عاد إلى قوله فإمساك بمعروف
أو تسريح بإحسان البقرة الآية 229
(1/676)
وأخرج
عبد بن حميد عن قتادة فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره قال : هذه
الثالثة التي ذكر الله عز و جل جعل الله عقوبة الثالثة لا تحل له حتى تنكح زوجا
غيره
وأخرج ابن المنذر عن علي بن أبي طالب فإن طلقها فلا تحل له قال : هذه الثالثة
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن أم سلمة " أن غلاما لها طلق امرأة تطليقتين
فاستفت أم سلمة النبي صلى الله عليه و سلم فقال : حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره
"
وأخرج الشافعي والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال : ينكح العبد إمرأتين ويطلق تطليقتين
وتعتد الأمة حيضتين فإن لم تكن تحيض فشهرين
وأخرج مالك والشافعي والنحاس في ناسخه والبيهقي عن ابن عمر
أنه كان يقول : إذا طلق العبد امرأته اثنتين فقد حرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره حرة
كانت أم أمة وعدة الأمة حيضتان وعدة الحرة ثلاث حيض
وأخرج مالك والشافعي والبيهقي عن ابن المسيب
أن نفيعا مكاتبا لأم سلمة طلق امرأته حرة تطليقتين فاستفتى عثمان بن عفان فقال له
: حرمت عليك
وأخرج مالك والشافعي والبيهقي عن سليمان بن يسار
أن نفيعا مكاتبا لأم سلمة كانت تحته حرة فطلقها اثنتين ثم أراد أن يراجعها فأمره
أزواج النبي صلى الله عليه و سلم أن يأتي عثمان بن عفان يسأله عن ذلك فذهب إليه
وعنده زيد بن ثابت فسألاهما فقالا : حرمت عليك حرمت عليك
وأما قوله تعالى : حتى تنكح زوجا غيره أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لا تحل
له حتى تنكح زوجا غيره ويهزها
وأخرج ابن المنذر عن مقاتل بن حيان قال " نزلت هذه الآية في عائشة بنت عبد
الرحمن بن عتيك النضري كانت عند رفاعة بن عتيك وهو ابن عمها فطلقها طلاقا بائنا
فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير القرظي فطلقها فأتت النبي صلى الله عليه و سلم
فقالت : إنه طلقني قبل أن يمسني أفأراجع إلى الأول ؟ قال : لا حتى يمس
فلبثت ما شاء الله ثم أتت النبي صلى الله عليه و سلم فقالت له : إنه قد مسني
فقال :
(1/677)
كذبت
بقولك الأول فلم أصدقك في الآخر
فلبثت حتى قبض النبي صلى الله عليه و سلم فأتت أبا بكر فقالت : أرجع إلى الأول فإن
الآخر قد مسني ؟ فقال أبو بكر : شهدت النبي صلى الله عليه و سلم قال لك : لا ترجعي
إليه فلما مات أبو بكر أتت عمر فقال له : لئن أتيتني بعد هذه المرة لأرجمنك فمنعها
وكان نزل فيها فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فيجامعها فإن طلقها
بعد ما جامعها فلا جناح عليهما أن يتراجعا "
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي
وابن ماجة والبيهقي عن عائشة قالت " جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى رسول الله
صلى الله عليه و سلم فقالت : إني كنت عند رفاعة فطلقني فبنت طلاقي فتزوجني عبد
الرحمن بن الزبير وما معه إلا مثل هدبة الثوب فتبسم النبي صلى الله عليه و سلم
فقال : أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة حتى تذوقي عسليته ويذوق عسليتك ؟ "
وأخرج والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير والبيهقي عن عائشة " أن رجلا طلق
امرأته ثلاثا فتزوجت زوجا وطلقها قبل أن يمسها فسأل النبي صلى الله عليه و سلم
أتحل للأول ؟ قال : لا حتى يذوق من عسيلتها كما ذاق الأول "
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس
أن المرأة التي طلق رفاعة القرظي اسمها تميمة بنت وهب بن عبيد وهي من بني النضير
وأخرج مالك والشافعي وابن سعد والبيهقي عن الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير "
أن رفاعة بن سموأل القرظي طلق امرأته تميمة بنت وهب على عهد رسول الله صلى الله
عليه و سلم ثلاثا فنكحها عبد الرحمن بن الزبير فاعترض عنها فلم يستطع أن يمسها
ففارقها فأراد رفاعة أن ينكحها وهو زوجها الأول الذي طلقها فذكر ذلك لرسول الله
صلى الله عليه و سلم فنهاه أن يتزوجها وقال : لا تحل لك حتى تذوق العسيلة "
وأخرج البزار والطبراني والبيهقي من طريق الزبير بن عبد الرحمن بن الزبير عن أبيه
" أن رفاعة بن سموأل طلق امرأته فأتت النبي صلى الله عليه و سلم فقالت : يا
رسول الله قد تزوجني عبد الرحمن وما معه إلا مثل هذه وأومأت إلى هدبة من ثوبها
فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يعرض عن كلامها ثم قال لها تريدين أن ترجعي
إلى رفاعة حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك ؟ "
وأخرج ابن أبي شيبة وابو داود والنسائي وابن ماجة وابن جرير عن عائشة قالت "
(1/678)
سئل
رسول الله صلى الله عليه و سلم عن رجل طلق امرأته فتزوجت غيره فدخل بها ثم طلقها
قبل أن يواقعها أتحل لزوجها الأول ؟ قال : لا حتى تذوق عسيلة الآخر ويذوق عسيلتها
"
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي وابن ماجة وابن جرير والبيهقي عن
ابن عمر قال " سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الرجل يطلق امرأته ثلاثا
فيتزوجها آخر فيغلق الباب ويرخي الستر ثم يطلقها قبل أن يدخل بها فهل تحل للأول ؟
قال : لا حتى تذوق عسيلته
وفي لفظ : حتى يجامعها الآخر "
وأخرج أحمد وأبن جرير والبيهقي عن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
سئل عن رجل كانت تحته امرأة فطلقها ثلاثا فتزوجت بعده رجلا فطلقها قبل أن يدخل بها
أتحل لزوجها الأول ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا حتى يكون الآخر قد
ذاق من عسيلتها وذاقت من عسيلته "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " في المرأة يطلقها زوجها ثلاثا فتتزوج غيره فيطلقها قبل أن يدخل بها
فيريد الأول أن يراجعها قال : لا حتى يذوق عسيلتها "
وأخرج أحمد والنسائي عن عبد الله بن عباس " أن الغميصاء أو الرميصاء أتت
النبي صلى الله عليه و سلم تشتكي زوجها أنه لا يصل إليها فلم يلبث أن جاء زوجها
فقال : يا رسول الله هي كاذبة وهو يصل إليها ولكنها تريد أن ترجع إلى زوجها الأول
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ليس ذلك لك حتى يذوق عسيلتك رجل غيره "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة وأنس قالا : لا تحل للأول حتى يجامعها الآخر
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي قال : لا تحل له حتى يهزها به هزيز البكر
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : لا تحل له حتى يقشقشها به
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن نافع قال : جاء رجل إلى ابن عمر فسأله عن رجل طلق
امرأته ثلاثا فتزوجها أخ له من غير مؤامرة منه ليحلها لأخيه هل تحل للأول ؟ فقال :
لا الإنكاح رغبة كنا نعد هذا سفاحا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج أبو اسحق الجوزجاني عن ابن عباس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال " لا الإنكاح رغبة لا نكاح دلسة ولا استهزاء بكتاب الله ثم يذوق عسيلتها
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن دينار عن النبي صلى الله عليه و سلم نحوه
(1/679)
وأخرج
أحمد والترمذي وصححه والنسائي والبيهقي في سننه عن ابن مسعود قال : لعن رسول الله
صلى الله عليه و سلم المحلل والمحلل له
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة والبيهقي في سننه عن علي " أن النبي
صلى الله عليه و سلم قال : لعن الله المحلل والمحلل له "
وأخرج الترمذي عن جابر بن عبد الله " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لعن
المحلل والمحلل له "
وأخرج ابن ماجة عن ابن عباس قال " لعن رسول الله صلى الله عليه و سلم المحلل
والمحلل له "
وأخرج ابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " ألا أخبركم بالتيس المستعار ؟ قالوا : بلى يا رسول الله
قال : هو المحلل لعن الله المحلل والمحلل له "
وأخرج أحمد وابن أبي شيبة والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " لعن الله المحلل والمحلل له "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأبو بكر بن الأثرم في سننه والبيهقي عن عمر أنه
قال : لا أوتي بمحلل ولا محلل له إلا رجمتهما
وأخرج البيهقي عن سليمان بن يسار " أن عثمان بن عفان رفع إليه رجل تزوج امرأة
ليحللها لزوجها ففرق بينهما وقال : لا ترجع إليه الإنكاح رغبة غير دلسة "
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس
أن رجلا سأله فقال : إن عمي طلق امرأته ثلاثا قال : إن عمك عصى الله فأندمه وأطاع
الشيطان فلم يجعل له مخرجا
قال : كيف ترى في رجل يحلها له ؟ قال : من يخادع الله يخدعه
وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبيهقي عن زيد بن ثابت
أنه كان يقول في الرجل يطلق الأمة ثلاثا ثم يشتريها : إنها لا تحل له حتى تنكح
زوجا غيره
وأخرج مالك عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار أنهما سئلا عن رجل زوج عبدا له
جارية فطلقها العبد البتة ثم وهبها سيدها له هل تحل له بملك اليمين ؟ فقالا : لا
تحل له حتى تنكح زوجا غيره
وأخرج البيهقي عن عبيدة السلماني قال : إذا كان تحت الرجل مملوكة فطلقها - يعني
البتة - ثم وقع عليها سيدها لا يحلها لزوجها إلا أن يكون زوج لا تحل له إلا من
الباب الذي حرمت عليه
(1/680)
وأخرج
عبد الرزاق عن ابن مسعود قال : لا يحلها لزوجها وطء سيدها حتى تنكح زوجا غيره
وأخرج عبد الرزاق عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان
أن رجلا طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها فأتى ابن عباس يسأله وعنده أبو هريرة
فقال ابن عباس : إحدى المعضلات يا أبا هريرة
فقال أبو هريرة : واحدة تبتها وثلاث تحرمها
فقال ابن عباس : نورتها يا أبا هريرة
وأما قوله تعالى : فإن طلقها فلا جناح عليهما الآية
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن محمد بن الحنفية قال : قال علي رضي الله عنه :
أشكل علي أمران
قوله فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فإن طلقها فلا جناح عليهما
أن يتراجعا فدرست القرآن فعلمت أنه يعني إذا طلقها زوجها الآخر رجعت إلى زوجها
الأول المطلق ثلاثا
قال : وكنت رجلا مذاء فاستحيت أن أسأل النبي صلى الله عليه و سلم من أجل أن ابنته
كانت تحتي فأمرت المقداد بن الأسود فسأل النبي صلى الله عليه و سلم فقال "
فيه الوضوء "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس فإن طلقها فلا جناح عليهما
أن يتراجعا يقول : إذا تزوجت بعد الأول فدخل بها الآخر فلا حرج على الأول أن
يتزوجها إذا طلقها الآخر أو مات عنها فقد حلت له
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله إن ظنا أن يقيما حدود الله يقول :
إن ظنا أن نكاحهما على غير دلسة
وأخرج ابن ابي حاتم عن مقاتل أن يقيما حدود الله يقول : على أمر الله وطاعته
قوله تعالى : وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا
تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه ولا تتخذوا آيات الله هزوا
واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به واتقوا الله
واعملوا أن الله بكل شيء عليم
(1/681)
ابن
جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان الرجل يطلق امرأته ثم يراجعها قبل
إنقضاء عدتها ثم يطلقها فيفعل بها ذلك يضارها ويعضلها
فأنزل الله وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف ولا
تمسكوهن ضرارا لتعتدوا
وأخرج مالك وابن جرير وابن المنذر عن ثور بن زيد الديلي أن الرجل كان يطلق المرأة
ثم يراجعها ولا حاجة له بها ولا يريد إمساكها إلا كيما يطول عليها بذلك العدة
ليضارها فأنزل الله ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه يعظهم
الله بذلك
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن السدي قال : نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار يدعى
ثابت بن يسار طلق امرأته حتى إذا إنقضت عدتها إلا يومين أو ثلاثة راجعها ثم طلقها
ففعل ذلك بها حتى مضت لها تسعة أشهر يضارها فأنزل الله ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن مجاهد في قوله ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا
قال : الضرار أن يطلق الرجل تطليقة ثم يراجعها عند آخر يوم يبقى من الأقراء ثم
يطلقها عند آخر يوم يبقى من الأقراء يضارها بذلك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن الحسن في هذه الآية ولا تمسكوهن ضرارا
لتعتدوا قال : هو الرجل يطلق امرأته فإذا أرادت أن تنقضي عدتها أشهد على رجعتها ثم
يطلقها فإذا أرادت أن تنقضي عدتها أشهد على رجعتها يريد أن يطول عليها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مسروق في الآية قال : هو الذي يطلق امرأته ثم يدعها
حتى إذا كان في آخر عدتها راجعها ليس به ليمسكها ولكن يضارها ويطول عليها ثم
يطلقها فإذا كان في آخر عدتها راجعها فذلك الذي يضار وذلك الذي يتخذ آيات الله
هزوا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عطية في الآية قال : الرجل يطلق امرأته ثم يسكت
عنها حتى تنقضي عدتها إلا أياما يسيرة ثم يراجعها ثم يطلقها فتصير عدتها تسعة
أقراء أو تسعة اشهر فذلك قوله ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا
وأخرج ابن ماجة وابن جرير والبيهقي عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم
(1/682)
"
ما بال أقوام يلعبون بحدود الله يقول : قد طلقتك قد راجعتك قد طلقتك قد راجعتك قد
طلقتك قد راجعتك ليس هذا طلاق المسلمين طلقوا المرأة في قبل عدتها "
وأخرج أبو بكر بن أبي داود في كتاب المصاحف عن عروة قال : نزلت بمعروف ولا تمسكوهن
ضرارا لتعتدوا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبادة بن الصامت قال : كان الرجل على عهد النبي
صلى الله عليه و سلم يقول للرجل زوجتك ابنتي ثم يقول : كنت لاعبا
ويقول : قد أعتقت
ويقول : كنت لاعبا
فأنزل الله ولا تتخذوا آيات الله هزوا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
ثلاث من قالهن لاعبا أو غير لاعب فهن جائزات : الطلاق والعتاق والنكاح "
وأخرج ابن أبي عمر في مسنده وابن مردويه عن أبي الدرداء قال : كان الرجل يطلق ثم
يقول : لعبت
ويعتق ثم يقول : لعبت
فأنزل الله ولا تتخذوا آيات الله هزوا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
من طلق أو أعتق فقال : لعبت
فليس قوله بشيء يقع عليه ويلزمه "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال " طلق رجل امرأته وهو يلعب لا يريد الطلاق
فأنزل الله ولا تتخذوا آيات الله هزوا فألزمه رسول الله صلى الله عليه و سلم
الطلاق "
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن قال : كان الرجل
يطلق ويقول : كنت لاعبا ويعتق ويقول : كنت لاعبا وينكح ويقول : كنت لاعبا
فأنزل الله ولا تتخذوا آيات الله هزوا وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
من طلق أو أعتق أو نكح أو أنكح جادا أو لاعبا فقد جاز عليه "
وأخرج الطبراني من طريق الحسن عن أبي الدرداء قال : كان الرجل في الجاهلية يطلق ثم
يقول : كنت لاعبا ثم يعتق ويقول : كنت لاعبا
فأنزل الله ولا تتخذوا آيات الله هزوا فقال النبي صلى الله عليه و سلم " من
طلق أو حرم أو نكح أو أنكح فقال : إني كنت لاعبا فهو جاد "
وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي
(1/683)
هريرة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ثلاث جدهن جد وهزلهن جد
النكاح والطلاق والرجعة "
وأخرج البخاري في تاريخه عن عمر بن الخطاب قال : أربع مقفلات : النذر والطلاق
والعتق والنكاح
وأخرج مالك وعبد الرزاق والبيهقي في المصنف عن سعيد بن المسيب قال : ثلاث ليس فيهن
لعب
النكاح والطلاق والعتاق
وأخرج عبد الرزاق عن أبي الدرداء قال : ثلاث اللاعب فيهن كالجاد : النكاح والطلاق
والعتاق
وأخرج عبد الرزاق عن علي بن أبي طالب قال : أربع لا لعب فيهن : النكاح والطلاق
والعتاقة والصدقة
وأخرج عبد الرزاق من طريق عبد الكريم بن أمية عن جعدة بن هبيرة
أن عمر بن الخطاب قال : ثلاث اللاعب فيهن والجاد سواء : الطلاق والصدقة والعتاقة
قال عبد الكريم
وقال طلق بن حبيب : والهدي والنذر
وأخرج عبد الرزاق عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من
طلق وهو لاعب فطلاقه جائز ومن أعتق وهو لاعب فعتقه جائز ومن أنكح وهو لاعب فنكاحه
جائز "
وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس
أنه جاءه رجل فقال : إني طلقت إمرأتي ألفا
وفي لفظ : مائة قال : ثلاث تحرمها عليك وبقيتهن وزر اتخذت آيات الله هزوا
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن ابن مسعود
أن رجلا قال له : إني طلقت إمرأتي مائة
قال : بانت منك بثلاث وسائرهن معصية
وفي لفظ : عدوان
وأخرج عبد الرزاق عن داود بن عبادة بن الصامت قال : طلق جدي امرأة له ألف تطليقة
فانطلق أبي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكر ذلك له فقال النبي صلى الله
عليه و سلم " ما اتقى الله جدك أما ثلاث فله وأما تسعمائة وسبعة وتسعون
فعدوان وظلم إن شاء عذبه وإن شاء غفر له "
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد قال : سئل ابن عباس عن رجل طلق امرأته عدد النجوم قال :
يكفيه من ذلك رأس الجوزاء
(1/684)
قوله
تعالى : وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا
بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلكم أزكى لكم
وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون
وكيع والبخاري وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن
المنر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم والبيهقي من طرق عن معقل بن يسار قال :
كانت لي أخت فأتاني ابن عم لي فأنكحتها إياه فكانت عنده ما كانت ثم طلقها تطليقة
لم يراجعها حتى انقضت العدة فهويها وهويته ثم خطبها مع الخطاب فقلت له : يا لكع
أكرمتك بها وزوجتكما فطلقتها ثم جئت تخطبها والله لا ترجع إليك أبدا وكان رجلا
لابأس به وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه فعلم الله حاجته إليها وحاجتها إلى بعلها
فأنزل الله تعالى وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن قال
: ففي نزلت هذه الآية
فكفرت عن يميني وأنكحتها إياه
وفي لفظ : فلما سمعها معقل قال : سمع لربي وطاعة ثم دعاه فقال : أزوجك وأكرمك
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في الرجل يطلق
امرأته طلقة أو طلقتين فتقضي عدتها ثم يبدو له تزوجها وأن يراجعها وتريد المرأة ذلك
فيمنعها أولياؤها من ذلك فنهى الله أن يمنعوها
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فلا تعضلوهن يقول : فلا تمنعوهن
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال : نزلت هذه الآية في امرأة من مزينة
طلقها زوجها وأبينت منه فعضلها أخوها معقل بن يسار يضارها خيفة أن ترجع إلى زوجها
الأول
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : نزلت هذه الآية في معقل بن يسار وأخته جمل بنت
يسار كانت تحت أبي البداح طلقها فانقضت عدتها فخطبها فعضلها معقل
وأخرج ابن جرير عن أبي اسحق الهمذاني
أن فاطمة بنت يسار طلقها
(1/685)
زوجها
ثم بدا له فخطبها فأبى معقل فقال : زوجناك فطلقتها وفعلت
فأنزل الله فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن السدي قال : نزلت هذه الآية في جابر بن عبد الله
الأنصاري كانت له ابنة عم فطلقها زوجها تطليقة وانقضت عدتها فأراد مراجعتها فأبى
جابر فقال : طلقت بنت عمنا ثم تريد أن تنكحها الثانية وكانت المرأة تريد زوجها
فأنزل الله وإذا طلقتم النساء
الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك وإذا طلقتم النساء
فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف قال : إذا
رضيت الصداق
قال : طلق رجل امرأته فندم وندمت
فأراد أن يراجعها فأبى وليها فنزلت هذه الآية
وأخرج ابن المنذر عن أبي جعفر قال : إن الولي في القرآن
يقول الله فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل إذا تراضوا بينهم بالمعروف يعني بمهر وبينة ونكاح مؤتنف
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " انكحوا الأيامى
فقال رجل : يا رسول الله ما العلائق بينهم ؟ قال : ما تراضى عليه أهلوهن "
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال والله يعلم وأنتم لا تعلمون قال : الله يعلم من حب
كل واحد منهما لصاحبه ما لا تعلم أنت أيها الولي
قوله تعالى : والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى
المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف لا تكلف نفس إلا وسعها لا تضار والدة بولدها
ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك فإن أرادا فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا
جناح عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا سلمتم ما آتيتم
بالمعروف واتقوا الله واعلموا أن الله بما تعملون بصير
(1/686)
وكيع
وسفيان وعبد الرزاق وآدم وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن مجاهد في قوله والوالدات يرضعن أولادهن قال :
المطلقات حولين قال : سنتين لا تضار والدة بولدها يقول : لا تأبى أن ترضعه ضرارا
لتشق على أبيه ولا مولود له بولده يقول : ولا يضار الوالد بولده فيمنع أمه أن
ترضعه ليحزنها بذلك وعلى الوارث قال : يعني الولي من كان مثل ذلك قال : النفقة
بالمعروف وكفله ورضاعه إن لم يكن للمولود مال وأن لا تضار أمه فإن أرادا فصالا عن
تراض منهما وتشاور قال : غير مسببين في ظلم أنفسهما ولا إلى صبيهما فلا جناح
عليهما وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم قال : خيفة الضيعة على الصبي فلا جناح عليكم
إذا سلمتم ما آتيتم بالمعروف قال : حساب ما أرضع به الصبي
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين
قال : هو الرجل يطلق امرأته وله منها ولد فهي أحق بولدها من غيرها فهن يرضعن
أولادهن لمن أراد أن يتم الرضاعة يعني يكمل الرضاعة وعلى المولود له يعني الأب
الذي له ولد رزقهن يعني رزق الأم لا تكلف نفس إلا وسعها يقول : لا يكلف الله نفسا
في نفقة المراضع إلا ما أطاقت لا تضار والدة بولدها يقول : لا يحمل الرجل امرأته
أن يضارها فينزع ولدها منها وهي لا تريد ذلك ولا مولود له بولده يعني الرجل يقول :
لا يحملن المرأة إذا طلقها زوجها أن تضاره فتلقي إليه ولده مضارة له فإن أرادا
فصالا يعني الأبوين أن يفصلا الولد عن اللبن دون الحولين عن تراض منهما يقول :
اتفقا على ذلك وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم يعني لا حرج على
الإنسان أن يسترضع لولده ظئرا ويسلم لها أجرها إذا سلمتم لأمر الله يعني في أجر
المراضع ما آتيتم بالمعروف يقول : ما أعطيتم الظئر من فضل على أجرها واتقوا الله
يعني لا تعصوه ثم حذرهم فقال واعلموا أن الله بما تعملون بصير أي بما ذكر عليم
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي أمامة " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
: ثم انطلق بي فإذا أنا بنساء تنهش ثديهن الحيات
فقلت : ما بال هؤلاء ؟ فقيل : لي هؤلاء يمنعن أولادهن ألبانهن
(1/687)
وأخرج
أبو داود في ناسخه عن زيد بن أسلم في قوله والوالدات يرضعن أولادهن قال : إنها
المرأة تطلق أو يموت عنها زوجها
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والحاكم والبيهقي في سننه عن ابن عباس
في التي تضع لستة أشهر أنها ترضع حولين كاملين وإذا وضعت لسبعة أشهر أرضعت ثلاثة
وعشرين لتمام ثلاثين شهرا وإذا وضعت لتسعة أشهر أرضعت أحدا وعشرين شهرا ثم تلا
وحمله وفصاله ثلاثون شهرا الأحقاف الآية 15
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله والوالدات يرضعن
أولادهن حولين كاملين فجعل الله الرضاع حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة ثم
قال فإن أرادا فصالا عن تراض فلا حرج إن أرادا أن يفطماه قبل الحولين وبعده
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن أبي الأسود الديلي أن عمر بن الخطاب رفعت إليه
امرأة ولدت لستة أشهر فهم برجمها فبلغ ذلك عليا فقال : ليس عليها رجم قال الله
تعالى والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين وستة أشهر فذلك ثلاثون شهرا
وأخرج وكيع وعبد الرزاق وابن أبي حاتم عن فايد بن عباس قال : أتي عثمان بامرأة
ولدت في ستة أشهر فأمر برجمها فقال ابن عباس : إنها تخاصمك بكتاب الله تخصمك يقول
الله والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين ويقول الله في آية آخرى وحمله وفصاله
ثلاثون شهرا الأحقاف الآية 15 فقد حملته ستة أشهر فهي ترضعه لكم حولين كاملين فدعا
بها عثمان فخلى سبيلها
وأخرج ابن جرير من وجه آخر من طريق الزهري
مثله
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن الزهري قال : سئل ابن عمر وابن عباس
عن الرضاع بعد الحولين فقرأ والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين ولا نرى رضاعا
بعد الحولين يحرم شيئا
وأخرج ابن جرير من طريق أبي الضحى قال : سمعت ابن عباس يقول والوالدات يرضعن
أولادهن حولين كاملين قال : لا رضاع إلا في هذين الحولين
(1/688)
وأخرج
الترمذي وصححه عن أم سلمة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا
يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء في الثدي وكان قبل الفطام "
وأخرج ابن عدي والدارقطني والبيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " لايحرم من الرضاع إلا ما كان في الحولين "
وأخرج الطيالسي والبيهقي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا رضاع
بعد فصال ولا يتم بعد احتلام "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن عدي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " لا يتم بعد حلم ولا رضاع بعد فصال ولا صمت يوم إلى الليل
ولا وصال في الصيام ولا نذر في معصية ولا نفقة في معصية ولا يمين في قطيعة رحم ولا
تعرب بعد الهجرة ولا هجرة بعد الفتح ولا يمين لزوجة مع زوج ولا يمين لولد مع والد
ولا يمين لمملوك مع سيده ولا طلاق قبل نكاح ولا عتق قبل ملك "
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءة عبد الله لمن أرادت أن
تكمل الرضاعة
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف قال :
على قدر الميسرة
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله لا تضار والدة
بولدها ةلا مولود له بولده يقول : ليس لها أن تلقي ولدها عليه ولا يجد من يرضعه
وليس له أن يضارها فينزع منها ولدها وتحب أن ترضعه وعلى الوارث قال : هو ولي الميت
وأخرج ابن ابي حاتم عن عطاء وابراهيم والشعبي وعلى الوارث قالوا : وارث الصبي ينفق
عليه
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وعلى الوارث مثل ذلك قال : كان يلزم الوارث النفقة
وفي لفظ : نفقة الصبي إذا لم يكن له مال على وارثه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة وعلى الوارث مثل ذلك يقول : على وارث
المولود إذا كان لا مال له مثل الذي على والده من أجر الرضاع
وأخرج عبد بن حميد عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : ما قوله وعلى الوارث مثل ذلك ؟
قال : وارث المولود مثل ما ذكر الله
قلت : أيحبس وارث
(1/689)
المولود
إن لم يكن للمولود مال بأجر مرضعته وإن كره الوارث ؟ قال : أفيدعه يموت ؟ وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن سيرين
أن إمراة جاءت تخاصم في نفقة ولدها وارث ولدها إلى عبد الله بن عتبة بن مسعود فقضى
بالنفقة من مال الصبي وقال لوارثه : ألا ترى وعلى الوارث مثل ذلك ولو لم يكن له
ماله لقضيت بالنفقة عليك
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال : يجبر الرجل إذا كان موسرا على نفقة أخيه إذا
كان معسرا
وأخرج عبد بن حميد عن حماد قال : يجبر على كل ذي رحم محرم
وأخرج سفيان وعبد الرزاق وأبو عبيد في الأموال وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي
حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي عن سعيد بن المسيب : أن عمر بن الخطاب حبس بني عم
علي منفوس كلالة بالنفقة عليه مثل العاقلة
وأخرج سفيان بن عينية عن مجاهد في قوله وعلى الوارث مثل ذلك قال : على وارث الصبي
أن يسترضع له مثل ما على أبيه
وأخرج ابن جرير والنحاس عن قبيصة بن ذؤيب في قوله وعلى الوارث قال : هو الصبي
وأخرج وكيع عن عبد الله بن مغفل قال : رضاع الصبي من نصيبه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس وعلى الوارث مثل
ذلك قال : نفقته حتى يفطم إن كان أبوه لم يترك له مالا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي من طريق مجاهد والشعبي عن ابن عباس وعلى
الوارث مثل ذلك قال : أن لا يضار
وأخرج ابن جرير عن الضحاك فإذا أرادا فصالا قال : الفطام
وأخرج وكيع وسفيان وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في الآية قال :
التشاور فيما دون الحولين ليس لها أن تفطمه إلا أن يرضى وليس له أن يفطمه إلا أن
ترضى
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن عطاء وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم
قال : أمه أو غيرها فلا جناح عليكم إذا سلمتم قال : إذا سلمت لها أجرها ما آتيتم
قال : ما أعطيتم
(1/690)
وأخرج
ابن ابي حاتم عن ابن شهاب وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم فلا جناح عليكم إذا كان
ذلك عن طيب نفس من الوالد والوالدة
قوله تعالى : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فإذا
بلغن أجلهن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن بالمعروف والله بما تعملون خبير
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي في سننه عن ابن
عباس في قوله والذين يتوفون الآية
قال : كان الرجل إذا مات وترك امرأته اعتدت سنة في بيته ينفق عليها من ماله ثم
أنزل الله والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا فهذه
الآية عدة المتوفى عنها إلا أن تكون حاملا فعدتها أن تضع ما في بطنها
وقال في ميراثها ولهن الربع مما تركتم النساء الآية 12 فبين ميراث المرأة وترك
الوصية والنفقة فإذا بلغن أجلهن فلا جناح عليكم يقول : إذا طلقت المرأة أو مات
عنها فإذا انقضت عدتها فلا جناح عليها أن تتزين وتتصنع وتتعرض للتزويج فذلك
المعروف
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء
والصفات عن أبي العالية قال : ضمت هذه الأيام العشر إلى الأربعة أشهر لأن العشر
فيه ينفخ الروح
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : سألت سعيد بن المسيب ما بال العشر ؟ قال : فيه ينفخ
الروح
وأخرج ابن أبي حاتم عن ربيعة ويحيى بن سعيد
أنهما قالا في قوله وعشرا : عشر ليال
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله فإذا بلغن أجلهن يقول : إذا انقضت عدتها
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب في قوله فلا جناح عليكم يعني أولياءها
(1/691)
وأخرج
الفريابي وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم
والحاكم والبيهقي من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا
يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا قال : كانت العدة تعتد عند أهل زوجها واجبا عليها
ذلك فأنزل الله والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول
غير إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن من معروف البقرة الآية 240
قال : فجعل الله لها تمام السنة سبعة أشهر وعشرين ليلة وصية إن شاءت سكنت في
وصيتها وإن شاءت خرجت
وهو قول الله غير إخراج وقال عطاء : قال ابن عباس : نسخت هذه الآية عدتها في أهله
فتعتد حيث شاءت
وهو قول الله غير إخراج قال عطاء : إن شاءت اعتدت عند أهله وسكنت في وصيتها وإن
شاءت خرجت لقول الله فإن خرجن فلا جناح عليكم فيما فعلن في أنفسهن قال عطاء : ثم
جاء الميراث فنسخ السكنى فتعتد حيث شاءت ولا سكنى لها
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن
ابن عباس
أنه كره للمتوفى عنها زوجها الطيب والزينة
وقال : إنما قال الله والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر
وعشرا ولم يقل : في بيوتكم تعتد حيث شاءت
وأخرج مالك وعبد الرزاق وابن سعد وأبو داود والترمذي وصححه وابن ماجة والحاكم
وصححه عن الفريعة بنت مالك بن سنان وهي أخت أبي سعيد الخدري
أنه جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم تسأله أن ترجع إلى أهلها في بني خدرة
وأن زوجها خرج في طلب أعبد لها أبقوا حتى إذا تطرف القدوم لحقهم فقتلوه
قالت : فسألت رسول الله صلى الله عليه و سلم أن أرجع إلى أهلي فإن زوجي لم يتركني
في منزل يملكه ولا نفقة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " نعم
فانصرفت حتى إذا كنت في الحجرة أو في المسجد فدعاني أو أمر بي فدعيت فقال : كيف
قلت ؟ قالت : فرددت عليه القصة التي ذكرت له من شأن زوجي
فقال : امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب
(1/692)
أجله
قالت : فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا
قالت : فلما كان عثمان بن عفان أرسل إلي فسألني عن ذلك فأخبرته فاتبعه وقضى به
"
وأخرج مالك وعبد الرزاق عن عمر بن الخطاب : أنه كان يرد المتوفى عنهن أزواجهن من
البيداء يمنعهن من الحج
وأخرج مالك وعبد الرزاق عن ابن عمر قال : لا تبيت المتوفى عنها زوجها ولا المبتوتة
إلا في بيتها
وأخرج مالك وعبد الرزاق والبخاري ومسلم وابو داود والترمذي والنسائي من طريق حميد
بن نافع عن زينب بنت أبي سلمة
أنها أخبرته هذه الأحاديث الثلاثة قالت زينب : دخلت على أم حبيبة زوج النبي صلى
الله عليه و سلم حين توفي أبوها سفيان بن حرب فدعت بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره
فادهنت به جارية ثم مست به بطنها ثم قالت : والله مالي بالطيب من حاجة غير أني
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول على المنبر " لا يحل لأمرأة تؤمن
بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا
" وقالت زينب : دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها عبد الله فمسحت منه ثم
قالت : والله مالي بالطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول على المنبر " لا يحل لأمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق
ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا
وقالت زينب : سمعت أمي أم سلمة تقول : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه و
سلم فقالت : يا رسول الله إن ابنتي توفي عنها زوجها وقد اشتكت عينها أفنكحلها ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا مرتين أو ثلاثا كل ذلك يقول : لا ثم
قال : إنما هي أربعة أشهر وعشرا " وقد كانت احداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة
عند رأس الحول
قال حميد : فقلت لزينب : وما ترمي بالبعرة عند رأس الحول ؟ فقالت زينب : كانت
المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حفشا ولبست شر ثيابها ولم تمس طيبا ولا شيئا حتى
تمر بها سنة ثم تؤتى بدابة حمار أو شاة أو طائر فتقتض به فقلما تقتض بشيء إلا مات
ثم تخرج فتعطى بعرة فترمي بها ثم تراجع بعد ذلك ما شاءت من طيب أو غيره
وأخرج مالك ومسلم من طريق صفية بنت أبي عبيد عن عائشة وحفصة أمي المؤمنين رضي الله
عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله
واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشر "
وقد أخرج
(1/693)
النسائي
وابن ماجة حديث عن حفصة وحدها وحديث عائشة من طريق عروة عنها
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أم عطية قالت : قال النبي
صلى الله عليه و سلم " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق
ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشر فإنها لا تكتحل ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب
عصب ولا تمس طيبا إلا إذا طهرت نبذة من قسط أو أظفار "
وأخرج أبو داود والنسائي عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه و سلم عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال " المتوفى عنها زوجها لا تلبس المصفر من الثياب ولا
الممشقة ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل "
وأخرج أبو داود والنسائي عن أم سلمة قالت : " دخلت علي رسول الله صلى الله
عليه و سلم حين توفي أبو سلمة وقد جعلت على عيني صبرا قال : ما هذا يا أم سلمة ؟
قلت : إنما هو صبر يا رسول الله ليس فيه طيب
قال : إنه يشب الوجه فلا تجعليه إلا بالليل ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه
خضاب
قلت : بأي شيء امتشط يا رسول الله ؟ قال : بالسدر تغلفين به رأسك "
وأخرج مالك عن سعيد عن المسيب وسليمان بن يسار قالا : عدة الأمة إذا توفي عنها
زوجها شهران وخمس ليال
وأخرج مالك عن ابن عمر قال : عدة أم الولد إذا هلك سيدها حيضة
وأخرج مالك عن القاسم بن محمد قال : عدة أم الولد إذا توفي عنها سيدها حيضتان
وأخرج مالك عن القاسم بن محمد أن يزيد بن عبد الملك فرق بين الرجال ونسائهم أمهات
لأولاد رجال هلكوا فتزوجهن بعد حيضة أو حيضتين ففرق بينهم حتى يعتددن أربعة أشهر
وعشرا
قال القاسم بن محمد : سبحان الله ! يقول الله في كتابه والذين يتوفون منكم ويذرون
أزواجا ما هن لهم بأزواج
وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجة والحاكم وصحه عن عمرو بن العاص قال : لا تلبسوا
علينا سنة نبينا في أم الولد إذا توفي عنها سيدها عدتها أربعة أشهر وعشر
(1/694)
قوله
تعالى : ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم
الله أنكم ستذكرونهن ولكن لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا ولا تعزموا
عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه
واعلموا أن الله غفور حليم
وكيع والفريابي وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري
وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله ولا جناح عليكم
فيما عرضتم به من خطبة النساء قال : التعريض أن يقول إني أريد التزويج وإني لأحب
امرأة من أمرها وأمرها وإن من شأني النساء لوددت أن الله يسر لي امرأة صالحة من
غير أن ينصب لها
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : يعرض لها في عدتها يقول لها : إن رأيت
أن لا تسبقيني بنفسك ولوددت أن الله قد هيأ بيني وبينك ونحو هذا من الكلام فلا حرج
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس ولا جناح عليكم فيما عرضتم قال : يقول
: إني فيك راغب ولوددت أني تزوجتك حتى يعلمها أن يريد تزويجها من غير أن يوجب عقدة
أو يعاهدها على عهد
وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة والبيهقي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه
أنه كان يقول في قول الله ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خطبة النساء أن يقول
الرجل للمرأة وهي في عدتها : إنك علي كريمة وإني فيك راغب والله سائق إليك خيرا أو
رزقا أو نحو هذا من القول
وأخرج ابن ابي شيبة عن إبراهيم قال : لا بأس بالهدية في تعريض النكاح
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في قوله أو أكننتم قال : أسررتم
وأخرج عبد الرزاق عن الضحاك
مثله
(1/695)
وأخرج
ابن جرير عن السدي في قوله أو أكننتم في أنفسكم قال : أن يدخل فيسلم ويهدي إن شاء
ولا يتكلم بشيء
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في قوله علم الله أنكم
ستذكرونهن قال : بالخطبة
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد في قوله علم الله أنكم ستذكرونهن قال : ذكره إياها في
نفسه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ولكن لا تواعدوهن
سرا قال : لا يقول لها إني عاشق وعاهديني أن لا تتزوجي غيري ونحو هذا إلا أن
تقولوا قولا معروفا وهو قوله : إن رأيت أن لا تسبقيني بنفسك
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ولكن لا تواعدوهن سرا قال : الزنا كان الرجل
يدخل من أجل الزنا وهو يعرض النكاح
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن وأبي مجلز والنخعي
مثله
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ولا تواعدوهن
سرا قال : السر : الجماع
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول امرىء القيس : ألا زعمت بسباسة
اليوم أنني كبرت وأن لا يحسن السر أمثالي وأخرج البيهقي عن مقاتل بن حيان قال :
بلغنا أن معنى لا تواعدوهن سرا الرفث من الكلام أي لا يواجهها الرجل في تعريض
الجماع من نفسه
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد في قوله لا تواعدوهن سرا قال : الذي يأخذ عليها عهدا أو
ميثاقا أن تحبس نفسها ولا تنكح غيره
وأخرج عن سعيد بن جبير
مثله
وأخرج سفيان وابن أبي شيبة عن مجاهد في قوله لا تواعدوهن سرا قال : لا يخطبها في
عدتها إلا أن تقولوا قولا معروفا قال : يقول : إنك لجميلة وإنك لفي منصب وإنك
لمرغوب فيك
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عباس في قوله إلا أن تقولوا قولا معروفا قال
: يقول : إنك لجميلة وإنك لإلى خير أو أن النساء من حاجتي
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ولا تعزموا
(1/696)
عقدة
النكاح قال : لا تنكحوا حتى يبلغ الكتاب أجله قال : حتى تنقضي العدة
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن مجاهد
مثله
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أبي مالك ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ
الكتاب أجله قال : لا يواعدها في عدتها : إني أتزوجك حين تنقضي عدتك
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم فاحذروه قال :
وعيد
قوله تعالى : لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن تفرضوا لهن فريضة
ومتعوهن على الموسع وعلى المقتر قدره متاعا بالمعروف حقا على المحسنين
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طريق علي عن ابن عباس في
قوله لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن تفرضوا لهن فريضة قال : المس
النكاح والفريضة الصداق متعوهن قال : هو على الرجل يتزوج المرأة ولم يسم لها صداقا
ثم يطلقها قبل أن يدخل بها فأمره الله أن يمتعها على قدر عسره ويسره فإن موسرا
أمتعها بخادم أو نحو ذلك وإن كان معسرا أمتعها بثلاثة أثواب أو نحو ذلك
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : متعة
الطلاق أعلاه الخادم ودون ذلك الورق ودون ذلك الكسوة
وأخلاج عبد الرزاق وابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر
أنه أمر موسعا بمتعة فقال : تعطي كذا وتكسو وكذا فحسب فوجد ثلاثين درهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن عمر قال : أدنى ما يكون من المتعة ثلاثون
درهما
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يفرض لها وقيل أن
يدخل بها فليس لها إلا المتعة
(1/697)
قوله
تعالى : وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن
يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفو أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم
إن الله بما تعملون بصير
ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش
أنه قرأ وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وفي قراءة عبد الله من قبل أن تجامعوهن
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله
وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن
الآية
قال : هو الرجل يتزوج المرأة وقد سمى لها صداقا ثم يطلقها من قبل أن يمسها - والمس
الجماع - فلها نصف صداقها وليس لها أكثر من ذلك إلا أن يعفون وهي المرأة الثيب
والبكر يزوجها غير أبيها فجعل الله العفو لهن إن شئن عفون بتركهن وإن شئن أخذن نصف
الصداق أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وهو أبو الجارية البكر جعل الله العفو إليه
ليس لها معه أمر إذا طلقت ما كانت في حجره
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والنحاس في ناسخه عن سعيد بن المسيب
أنه قال في التي طلقت قبل الدخول وقد فرض لها : كان لها المتاع في الآية التي في
الأحزاب فلما نزلت الآية التي البقرة جعل لها النصف من صداقها ولا متاع لها فنسخت
آية الأحزاب
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن
أن أبا بكر الهدلي سأله عن رجل طلق امرأته من قبل أن يدخل بها : ألها متعة ؟ قال :
نعم
فقال له أبو بكر : أما نسختها فنصف ما فرضتم ؟ قال الحسن : ما نسخها شيء
وأخرج الشافعي وسعيد بن منصور والبيهقي عن ابن عباس أنه قال في الرجل يتزوج المرأة
فيخلو بها ولا يمسها ثم يطلقها : ليس لها إلا نصف الصداق لأن الله تعالى يقول وإن
طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم
وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال : لها نصف الصداق وإن جلس بين رجليها
(1/698)
وأخرج
الطستي عن ابن عباس
أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قول الله إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده
عقدة النكاح قال : إلا أن تدع المرأة نصف المهر الذي لها أو يعطيها زوجها النصف
الباقي فيقول : كانت في ملكي وحبستها عن الأزواج
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت زهير بن أبي سلمى وهو يقول : حزما
وبرا للإله وشيمة تعفو عن خلق المسيء المفسد وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم
والطبراني في الأوسط والبيهقي بسند حسن عن ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال " الذي بيده عقدة النكاح : الزوج "
وأخرج وكيع وسفيان والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير
وابن أبي حاتم والدارقطني والبيهقي عن علي بن أبي طالب قال الذي بيده عقدة النكاح
الزوج
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي من طرق عن ابن
عباس قال الذي بيده عقدة النكاح أبوها أو أخوها أو من لا تنكح إلا بإذنه
وأخرج الشافعي عن عائشة أنها كانت تخطب إليها المرأة من أهلها فتشهد فإذا بقيت
عقدة النكاح قالت لبعض أهلها : زوج فإن المرأة لا تلي عقد النكاح
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير ومجاهد والضحاك وشريح وابن المسيب والشعبي
ونافع ومحمد بن كعب الذي بيده عقدة النكاح الزوج
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي بشر قال : قال طاوس ومجاهد الذي بيده عقدة النكاح هو
الولي
وقال سعيد بن جبير : هو الزوج فكلماه في ذلك فما برحا حتى تابعا سعيدا
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء والحسن وعلقمة والزهري الذي بيده عقدة النكاح هو الولي
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والبيهقي عن ابن عباس قال : رضي الله بالعفو وأمر به فإن عفت فكما عفت وإن ضنت
فعفا وليها الذي بيده عقدة النكاح جاز وإن أبت
(1/699)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس في قوله إلا أن يعفون يعني النساء أو يعفو الذي بيده عقدة
النكاح هو الولي
وأخرج عبد الرزاق عن ابن المسيب قال : عفو الزوج اتمام الصداق وعفوها أن تضع شطرها
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس
في قوله وأن تعفوا أقرب للتقوى قال : أقربهما إلى التقوى الذي يعفو
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل وأن تعفوا أقرب للتقوى يعني بذلك الزوج والمرأة جميعا
أمرهما أن يستبقا في العفو وفيه الفضل
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله وأن تعفوا قال : يعني الأزواج
وأخرج وكيع وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ولا تنسوا الفضل بينكم قال : في هذا
وفي غيره
وأخرج ابن جرير عن الضحاك ولا تنسوا الفضل بينكم قال : المعروف
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : يحثهم على الفضل والمعروف
بينهم ويرغبهم فيه
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي وائل ولا تنسوا الفضل بينكم قال : هو الرجل يتزوج فتعينه
أو يكاتب فتعينه وأشباه ذلك هذا من العطية
وأخرج ابن أبي حاتم عن عون بن عبد الله ولا تنسوا الفضل بينكم قال : إذا أتى أحدكم
السائل وليس عنده شيء فليدع له
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وأبو داود وابن أبي حاتم والخرائطي في مساوىء الأخلاق
والبيهقي في سننه عن علي بن أبي طالب قال " يوشك أن يأتي على الناس زمان عضوض
يعض الموسر فيه على ما فيه يديه وينسى الفضل وقد نهى الله عن ذلك قال الله تعالى
ولا تنسوا الفضل بينكم
وأخرجه ابن مردويه من وجه آخر عن علي مرفوعا "
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن محمد
بن جبير بن مطعم عن أبيه أنه تزوج امرأة لم يدخل بها حتى طلقها فأرسل إليها
بالصداق تاما فقيل له في ذلك
فقال : أنا أولى بالفضل
(1/700)
وأخرج
مالك والشافعي وابن أبي شيبة والبيهقي عن نافع
أن بنت عبيد الله بن عمرو وأمها بنت زيد بن الخطاب كانت تحت ابن لعبد الله بن عمر
فمات ولم يدخل بها ولم يسم لها صداقا فابتغت أمها صداقها فقال ابن عمر : ليس لها
صداق ولو كان لها صداق لم نمنعكموه ولم نظلمها فأبت أن تقبل ذلك فجعل بينهم زيد بن
ثابت فقضى أن لا صداق لها ولها الميراث
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن
ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن علقمة
أن قوما أتوا ابن مسعود فقالوا : إن رجلا منا تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا ولم
يجمعها إليه حتى مات فقال : ما سئلت عن شيء منذ فارقت رسول الله صلى الله عليه و
سلم أشد من هذه فأتوا غيري فاختلفوا إليه فيها شهرا ثم قالوا في آخر ذلك : من نسأل
إذا لم نسألك وأنت آخر أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم في هذا البلد ولا نجد غيرك
؟ فقال : سأقول فيها بجهد رأيي فإن كان صوابا فمن الله وحده لا شريك له وإن كان
خطأ فمني والله ورسوله منه بريء : أرى أن أجعل لها صداقا كصداق نسائها لا وكس ولا
شطط ولها الميراث وعليها العدة أربعة أشهر وعشر
قال : وذلك بسمع ناس من أشجع فقاموا ومنهم معقل بن سنان فقالوا : نشهد أنك قضيت
بمثل الذي قضى به رسول الله صلى الله عليه و سلم في امرأة منا يقال لها بروع بنت
واشق
قال : فما رؤي عبد الله فرح بشيء ما فرح يؤمئذ إلا بإسلامه ثم قال : اللهم إن كان
صوابا فمنك وحدك لا شريك لك
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبيهقي عن علي بن أبي طالب
أنه قال في المتوفى عنها ولم يفرض لها صداق : لها الميراث وعليها العدة ولا صداق
لها وقال : لا نقبل قول الأعرابي من أشجع على كتاب الله
وأخرج الشافعي والبيهقي عن ابن عباس
أنه سئل عن المرأة يموت عنها زوجها وقد فرض لها صداقا قال : لها الصداق والميراث
وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن المسيب
أن عمر بن الخطاب قضى في المرأة يتزوجها الرجل : أنه إذا أرخيت الستور فقد وجب
الصداق
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن الأحنف بن قيس
أن عمر وعليا رضي الله عنهما قالا : إذا أرخى سترا وأغلق بابا فلها الصداق كاملا
وعليها العدة
(1/701)
وأخرج
سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن زرارة بن أوفى قال : قضاء الخلفاء الراشدين
المهديين أنه من أغلق بابا أو أرخى سترا فقد وجب الصداق والعدة
وأخرج مالك والبيهقي عن زيد بن ثابت قال : إذا دخل الرجل بإمرأته فأرخيت عليهما
الستر فقد وجب الصداق
وأخرج البيهقي عن محمد بن ثوبان
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " من كشف امرأة فنظر إلى عورتها فقد
وجب الصداق "
قوله تعالى : حافظوا على الصلوات والصلوة الوسطى وقوموا لله قانتين
ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله حافظوا على الصلوات يعني المكتوبات
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال في قراءة عبد الله : حافظوا على
الصلوات وعلى الصلوة الوسطى
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن مسروق في قوله حافظوا على الصلوات قال : المحافظة
عليها المحافظة على وقتها والسهو عنها السهو عن وقتها
وأخرج مالك والشافعي والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن طلحة بن عبيد الله قال
" جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم من أهل نجد ثائر الرأس نسمع دوي
صوته ولا نفقه ما يقول : حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه و سلم فإذا هو يسأل
عن الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : خمس صلوات في اليوم والليلة
فقال : هل علي غيرهن ؟ قال : لا إلا أن تطوع وصيام شهر رمضان فقال : هل علي غيره ؟
قال : لا إلا أن تطوع
وذكر له رسول الله صلى الله عليه و سلم الزكاة فقال : هل علي غيرها ؟ قال : لا إلا
أن تطوع - فأدبر الرجل وهو يقول : والله لا أزيد على هذا ولا أنقص منه
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أفلح إن صدق "
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أنس قال " نهينا أن نسأل رسول الله
صلى الله عليه و سلم عن شيء فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية العاقل
فيسأله
(1/702)
ونحن
نسمع فجاء رجل من أهل البادية فقال : يا محمد أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن
الله أرسلك ! قال : صدق
قال : فمن خلق السماء ؟ قال : الله
قال : فمن خلق الأرض ؟ قال : الله
قال : فمن نصب الجبال وجعل فيها ما جعل ؟ قال : الله
قال : فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب الجبال الله أرسلك ؟ قال : نعم
قال : وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا ؟ قال : صدق
قال : فبالذي أرسلك الله أمرك بهذا ؟ قال : نعم
قال : وزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا ؟ قال : صدق
قال : فبالذي أرسلك الله أمرك بهذا ؟ قال : نعم
قال : وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في سنتنا ؟ قال : صدق
قال : فبالذي أرسلك الله أمرك بهذا ؟ قال : نعم
قال : وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلا
قال : صدق
قال : والذي بعثك بالحق لا أزيد عليهن ولا أنتقص منهن
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : لئن صدق ليدخلن الجنة "
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن أبي أيوب قال " جاء رجل إلى النبي صلى الله
عليه و سلم فقال : دلني على عمل أعمله يدنيني من الجنة ويباعدني من النار
قال : تعبد الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل ذا رحمك
فلما أدبر قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن تمسك بما أمر به دخل الجنة
"
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة " أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقال : يا رسول الله دلني على عمل إذا عملته دخلت الجنة قال : تعبد
الله لا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان
قال : والذي نفسي بيده لا أزيد على هذا شيئا أبدا ولا أنقص منه فلما ولى قال النبي
صلى الله عليه و سلم : من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا "
وأخرج مسلم عن جابر " أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : أرأيت
إذا صليت الصلوات المكتوبات وصمت رمضان وأحللت الحلال وحرمت الحرام ولم أزد على ذلك
شيئا أدخل الجنة ؟ قال : نعم
قال : والله لا أزيد على ذلك شيئا "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة عن ابن عباس " أن
النبي صلى الله عليه و سلم بعث معاذا إلى اليمن فقال : إنك ستأتي قوما أهل كتاب
فإذا جئتهم فادعهم إلى أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوا
(1/703)
لذلك
فأعلمهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا فأعلمهم أن
الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم فإن هم أطاعوا لذلك
فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب "
وأخرج أبو داود وابن ماجة عن أبي قتادة بن ربعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " قال الله تبارك وتعالى : إني افترضت على أمتك خمس صلوات وعهدت عندي
عهدا أنه من حافظ عليهن لوقتهن أدخلته الجنة في عهدي ومن لم يحافظ عليهن فلا عهد
له عندي "
وأخرج أبو داود عن فضالة الليثي قال " أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم
فعلمني فيما علمني أن قال : وحافظ على الصلوات الخمس في مواقيتهن "
وأخرج مالك وابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان والبيهقي
عن عبادة بن الصامت قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : خمس
صلوات كتبهن الله تبارك وتعالى على العباد فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئا
استخفافا بحقهن وفي لفظ : من أحسن وضوءهن وصلاتهن لوقتهن وأتم ركوعهن وخشوعهن كان
له على الله تبارك وتعالى عهد أن يغفر له ومن لم يفعل فليس له على الله إن شاء غفر
له وإن شاء عذبه "
وأخرج النسائي والدارقطني والحاكم وصححه عن أنس قال : قال رجل " يا رسول الله
كم افترض الله على عباده من الصلاة ؟ ؟ قال : هل قبلهن أو بعدهن شيء ؟ قال : افترض
الله على عباده صلوات خمسا
فحلف الرجل بالله لا يزيد عليهن ولا ينقص
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن صدق دخل الجنة "
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن فضالة الزهري قال " علمني رسول
الله صلى الله عليه و سلم حافظ على الصلوات الخمس
فقلت : إن هذه ساعات لي فيها اشتغال فمرني بأمر جامع إذا أنا فعلته أجزأ عني
فقال : حافظ على العصرين وما كانت من لغتنا فقلت : وما العصران ؟ قال : صلاة قبل
طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها "
وأخرج مالك وأحمد والنسائي وابن خزيمة والحكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن
عامر بن سعيد قال " سمعت سعدا وناسا من الصحابة يقولون : كان
(1/704)
رجلان
أخوان في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم وكان أحدهما أفضل من الآخر فتوفي الذي
هو أفضلهما ثم عمر الآخر بعده أربعين ليلة ثم توفي فذكروا لرسول الله صلى الله
عليه و سلم فضيلة الأول فقال : ألم يكن الآخر يصلي ؟ قالوا : بلى وكان لا بأس به
قال : فما يدريكم ما بلغت به صلاته ؟ إنما مثل الصلاة كمثل نهر جار بباب رجل غمر
عذب يقتحم فيه كل يوم خمس مرات فماذا ترون يبقى من درنه ؟ لا تدرون ماذا بلغت به
صلاته "
وأخرج أحمد وابن ماجة وابن حبان والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال " كان
رجلان من بني حي من قضاعة أسلما مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فاستشهد أحدهما
وأخر الآخر سنة قال طلحة بن عبيد الله : فرأيت المؤخر منهما أدخل الجنة قبل الشهيد
فتعجبت لذلك فأصبحت فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : أليس قد صام بعده رمضان وصلى ستة آلاف ركعة وكذا وكذا ركعة صلاة سنة
؟ "
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند والبزار وأبو يعلى عن عثمان بن عفان أن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " من علم أن الصلاة حق واجب دخل الجنة
"
وأخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
: " إن الله افترض على العباد خمس صلوات في كل يوم وليلة "
وأخرج أبو يعلى عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن
أول ما افترض الله على الناس من دينهم الصلاة وآخر ما يبقى الصلاة وأول ما يحاسب
به الصلاة يقول الله : انظروا في صلاة عبدي فإن كانت تامة كتبت تامة وإن كانت
ناقصة قال : انظروا هل له من تطوع ؟ فإن وجد له تطوع تمت الفريضة من التطوع ثم
يقول : هل زكاته تامة ؟ فإن وجدت زكاته تامة كتبت تامة وإن كانت ناقصة قال :
انظروا هل له صدقة ؟ فإن كانت له صدقة تمت زكاته من الصدقة "
وأخرج أحمد والطبراني والبيهقي في الشعب عن حنظلة الكاتب قال : سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : " من حافظ على الصلوات الخمس : ركوعهن وسجودهن
ومواقيتهن وعلم أنهن حق من عند الله دخل الجنة "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " أول ما
يحاسب به
(1/705)
العبد
يوم القيامة الصلاة فإن صلحت صلح له سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله "
وأخرج أحمد وابن حبان والطبراني عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه و سلم
" أنه ذكر الصلاة يوما فقال : من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم
القيامة ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة وكان يوم القيامة مع
فرعون وهامان وأبي بن خلف "
وأخرج البزار عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا سهم
في الإسلام لمن لا صلاة له ولا صلاة لمن لا وضوء له "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" لا إيمان لمن لا أمانة له ولا صلاة لمن لا طهور له ولا دين لمن لا صلاة له
إنما موضع الصلاة من الدين كموضع الرأس من الجسد "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة قالت : قال أبو القاسم صلى الله عليه و سلم
" من جاء بصلاة الخمس يوم القيامة قد حافظ على وضوئها ومواقيتها وركوعها
وسجودها لم ينقص منها شيئا جاء وله عند الله عهدا أن لا يعذبه ومن جاء قد انتقص
منهن شيئا فليس له عند الله عهد إن شاء رحمه وإن شاء عذبه "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " ثلاث من
حفظهن فهو ولي حقا ومن ضيعهن فهو عدو حقا : الصلاة والصيام والجنابة "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال
لمن حوله من أمته : " اكفلوا لي بست أكفل لكم بالجنة
قلت : ما هي يا رسول الله ؟ قال : الصلاة والزكاة والأمانة والفرج والبطن واللسان
"
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
لعائشة : اهجري المعاصي فإنها خير الهجرة وحافظي على الصلوات فإنها أفضل من البر
"
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من صلى الصلوات لوقتها وأسبغ لها وضوءها وأتم لها قيامها وخشوعها وركوعها
وسجودها خرجت وهي بيضاء مسفرة تقول : حفظك الله كما حفظتني ومن صلى لغير وقتها ولم
سبغ لها وضوءها ولم يتم لها خشوعها ولا ركوعها ولا سجودها خرجت وهي سوداء مظلمة
تقول : ضيعك الله كما ضيعتني
حتى إذا كانت حيث شاء الله لفت كما يلف الثوب الخلق ثم يضرب بها وجهه "
(1/706)
وأخرج
محمد والطبراني وابن مردويه عن كعب بن عجرة قال " خرج علينا رسول الله صلى
الله عليه و سلم ونحن ننتظر صلاة الظهر فقال : هل تدرون ما يقول ربكم ؟ قلنا : لا
قال : فإن ربكم يقول : من صلى الصلوات لوقتها وحافظ عليها ولم يضيعها استخفافا
بحقها فله علي عهد أن أدخله الجنة ومن لم يصلها لوقتها ولم يحافظ عليها وضيعها
استخفاف بحقها فلا عهد له علي إن شئت عذبته وإن شئت غفرت له "
وأخرج الطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه
و سلم خرج على أصحابه يوما فقال لهم : " هل تدرون ما يقول ربكم تبارك وتعالى
؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ! قالها ثلاثا
قال : قال : وعزتي وجلالي لا يصليها عبد لوقتها إلا أدخلته الجنة ومن صلاها لغير
وقتها إن شئت رحمته وإن شئت عذبته "
وأخرج البزار والطبراني عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " إذا توضأ العبد فأحسن الوضوء ثم قام إلى الصلاة فأتم ركوعها وسجودها
والقراءة فيها
قالت : حفظك الله كما حفظتني ثم أصعد بها إلى السماء ولها ضوء ونور وفتحت لها
أبواب السماء وإذا لم يحسن العبد الوضوء ولم يتم الركوع والسجود والقراءة قالت :
ضيعك الله كما ضيعتني ثم تلف كما يلف الثوب الخلق ثم يضرب بها وجه صاحبها "
وأخرج أحمد وابن حبان عن عبد الله بن عمرو " أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله
عليه و سلم فسأله عن أفضل الأعمال فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : الصلاة
قال : ثم مه ؟ قال : ثم الصلاة
قال : ثم مه ؟ قال : ثم الصلاة ثلاث مرات
قال : ثم مه ؟ قال : ثم الجهاد في سبيل الله
قال الرجل : فإن لي والدين قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : آمرك بالوالدين
خيرا "
وأخرج الطبراني عن طارق بن شهاب أنه بات عند سلمان لينظر ما اجتهاده فقام يصلي من
آخر الليل فكأنه لم ير الذي يظن فذكر ذلك له فقال سلمان : حافظوا على هذه الصلوات
الخمس فإنهن كفارات لهذه الجراحات ما لم يصب المقتلة فإذا صلى الناس العشاء صدروا
عن ثلاث ليال منازل منهم من عليه ولا له ومنهم من له ولا عليه ومنهم من لا له ولا
عليه فرجل اغتنم ظلمة الليل وغفلة الناس
(1/707)
فركب
فرسه في المعاصي عليه ولا له ومن له ولا عليه فرجل اغتنم ظلمة الليل وغفلة الناس
فقام يصلي فذلك له ولا عليه ومنهم من لا له ولا عليه فرجل صلى ثم نام فذلك لا له
ولا عليه إياك والحقحقة وعليك بالقصد وداوم
وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
خمس من جاء بهن مع إيمان دخل الجنة
من حافظ على الصلوات الخمس : على وضوئهن وركوعهن وسجودهن ومواقيتهن وصام رمضان وحج
البيت إن استطاع إليه سبيلا وأعطى الزكاة طيبة بها نفسه وأدى الأمانة قيل : يا نبي
الله وما أداء الأمانة ؟ قال : الغسل من الجنابة لأن الله لم يأمن ابن آدم على شيء
من دينه غيرها "
وأخرج أحمد عن عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ثلاث أحلف
عليهن لا يجعل الله من له سهم في الإسلام لا سهم له وأسهم الإسلام ثلاثة : الصلاة
والصوم والزكاة "
وأخرج الدارمي عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " مفتاح
الجنة الصلاة "
وأخرج الديلمي عن علي عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " الصلاة عماد الدين
"
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
الصلاة ميزان فمن أوفى استوفى "
وأخرج البيهقي في الشعب عن عمر قال : جاء رجل فقال " يا رسول الله اي شيء أحب
عند الله في الإسلام ؟ قال : الصلاة لوقتها ومن ترك الصلاة فلا دين له والصلاة
عماد الدين "
وأخرج ابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ثوبان قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " استقيموا ولن تحصوا واعلموا أن خير أعمالكم
الصلاة ولن يحافظ على الوضوء إلا مؤمن "
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هرير قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
من حافظ على هؤلاء الصلوات المكتوبات لم يكتب من الغافلين ومن قرأ في ليلة مائة
آية كتب من القانتين "
وأخرج ابن أبي شيبة عن مسروق قال : من حافظ على هؤلاء الصلوات لم يكتب من الغافلين
فإن في إفراطهن الهلكة
(1/708)
وأخرج
مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن ابن مسعود قال : من سره أن يلقى الله غدا
مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات حيث ينادى بهن
ولفظ أبي داود : حافظوا على الصلوات الخمس حيث ينادى بهن فإنهن من سنن الهدى وإن
الله تبارك وتعالى شرع لنبيه سنن الهدى ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إلا منافق بين
النفاق ولقد رأيتنا وأن الرجل ليهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف وما منكم من
أحد إلا وله مسجد في بيته ولو صليتم في بيوتكم وتركتم مساجدكم تركتم سنة نبيكم ولو
تركتم سنة نبيكم لكفرتم
وأخرج الترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال "
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة
من عمله صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح وإن فسدت فقد خاب وخسر وإن انتقص من فريضته
قال الرب : انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل به ما انتقص من الفريضة ؟ ثم يكون سائر
عمله على ذلك "
وأخرج ابن ماجة والحاكم عن تميم الداري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته فإن كان أكملها كتبت له كاملة وإن لم يكن
أكملها قال الله لملائمته : انظروا هل تجدون له من تطوع فأكملوا به ما ضيع من
فريضته ؟ ثم الزكاة مثل ذلك ثم تؤخذ الأعمال على حسب ذلك "
وأخرج الطبراني عن النعمان بن قوقل " أنه جاء إلى رسول الله صلى الله عليه و
سلم فقال : يا رسول الله أرأيت إذا صليت المكتوبة وصمت رمضان وحرمت الحرام وأحللت
الحلال ولم أزد على ذلك أأدخل الجنة ؟ قال : نعم
قال : والله لا أزيد على ذلك شيئا "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال " جاء أعرابي من بني سعد بن بكر إلى رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقال : من خلقك ؟ ومن خلق من قبلك ؟ ومن هو خالق من بعدك
؟ قال : الله
قال : فناشدك بذلك أهو أرسلك ؟ قال : نعم
قال : من خلق السموات السبع والأرضين السبع وأجرى بينهن الرزق ؟ قال : الله
قال : فنشدتك بذلك أهو أرسلك ؟ قال : نعم
قال : فإنا قد وجدنا في كتابك وأمرتنا رسلك أن نصلي بالليل والنهار خمس صلوات
لمواقيتها فنشدتك بذلك أهو أمرك ؟ قال : نعم
قال : فإنا وجدنا في كتابك وأمرتنا رسلك أن نأخذ من حواشي
(1/709)
أموالنا
فنجعله في فقرائنا فنشدتك بذلك أهو أمرك ؟ قال : نعم
قال : والذي بعثك بالحق لأعملن بها ومن أطاعني من قومي
فضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم قال : لئن صدق ليدخلن الجنة "
وأخرج أحمد والطبراني عن أبي الطفيل عامر بن واثلة " أن رجلا مر على قوم فسلم
عليهم فردوا عليه السلام فلما جاوزهم قال رجل منهم : والله إني لأبغض هذا في الله
فقال أهل المجلس : بئس والله ما قلت أما الله لننبئه قم يا فلان فأخبره فأدركه
رسولهم فأخبره بما قال : فانصرف الرجل حتى أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال
: يا رسول الله مررت بمجلس من المسلمين فيهم فلان فسلمت عليهم فردوا السلام فلما
جاوزتهم أدركني رجل منهم فأخبرني أن فلانا قال : والله إني لأبغض هذا الرجل في
الله فادعه يا رسول الله فسأله عم يبغضني ؟ فدعاه رسول الله صلى الله عليه و سلم
فسأله عما أخبره الرجل فاعترف بذلك قال : فلم تبغضه ؟ فقال : أنا جاره وأنا به
خابر والله ما رأيته يصلي قط إلا هذه الصلاة المكتوبة التي يصليها البر والفاجر
قال : سله يا رسول الله خل رآني قط أخرتها عن وقتها أو أسأت الوضوء لها أو أسأت
الركوع والسجود فيها ؟ فسأله رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : لا
قال : والله ما رأيته يصوم قط إلا هذا الشهر الذي يصومه البر والفاجر
قال : سله يا رسول الله هل رآني قط فرطت فيه أو انتقصت من حقه شيئا ؟ فسأله رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : لا
ثم قال : والله ما رأيته يعطي سائلا قط ولا رأيته ينفق من ماله شيئا في سبيل الله
إلا الصدقة التي يؤديها البر والفاجر
قال : فسله يا رسول الله هل كتمت من الزكاة شيئا قط أو ما كست فيها طالبها ؟ فسأله
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لا
فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : قم إن أدرى لعله خير منك "
وأخرج البزار والطبراني عن مالك الأشجعي عن أبيه قال " كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم إذا أسلم الرجل أول ما يعلمه الصلاة "
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن ابن عباس أن أعرابيا أتاه فقال : أنا أناس من
المسلمين وههنا أناس من الهاجرين يزعمون أنا لسنا على شيء
فقال ابن عباس : قال نبي الله صلى الله عليه و سلم " من أقام الصلاة وآتى
الزكاة وحج البيت وصام رمضان وقرى الضيف دخل الجنة "
(1/710)
وأخرج
الطبراني عن ابن مسعود " أنه سئل أي درجات الإسلام أفضل ؟ قال : الصلاة
قيل : ثم أي ؟ قال : الزكاة "
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن مسعود
أنه سئل أي درجات الأعمال أفضل ؟ قال : الصلاة ومن لم يصل فلا دين له
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن جابر بن
عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " بين الرجل وبين الكفر
ترك الصلاة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه وابن حبان
والحاكم وصححه عن بريدة " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : العهد
الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر "
وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة والطبراني عن عبادة بن الصامت قال :
" أوصاني خليلي رسول الله صلى الله عليه و سلم بسبع خلال
فقال : لا تشركوا بالله شيئا وإن قطعتم أو حرقتم أو صلبتم ولا تتركوا الصلاة
متعمدين فمن تركها متعمدا فقد خرج من الملة ولا تركبوا المعصية فإنها تسخط الله
ولا تشربوا الخمر فإنها رأس الخطايا كلها "
؟ وأخرج الترمذي والحاكم عن عبد الله بن شقيق العقيلي عن أبي هريرة قال : كان
أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم لا يرون شيئا من الأعمال تركه كفرا غير الصلاة
وأخرج الطبراني عن ثوبان " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : بين
العبد وبين الكفر والإيمان الصلاة فإن ترها فقد أشرك "
وأخرج البزار والطبراني عن ابن عباس " أنه لما اشتكى بصره قيل له نداويك وتدع
الصلاة أياما ؟ قال : لا إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من ترك الصلاة
لقي الله وهو عليه غضبان "
وأخرج ابن ماجة ومحمد بن نصر المروزي والطبراني في الأوسط عن أنس عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال " ليس بين العبد والشرك إلا ترك الصلاة فإن تركها متعمدا
فقد أشرك "
وأخرج أبو يعلى عن ابن عباس رفعه قال : عرا الإسلام وقواعد الدين ثلاثة عليهن أسس
الإسلام من ترك واحدة منهن فهو كافر حلال الدم : شهادة أن لا إله إلا الله والصلاة
المكتوبة وصوم رمضان
(1/711)
وأخرج
أحمد والطبراني عن معاذ بن جبل قال " أوصاني رسول الله صلى الله عليه و سلم
بعشر كلمات
قال : لا تشرك بالله شيئا وإن قتلت وحرقت ولا تعقن والديك وإن أمراك أن تخرج من
أهلك ومالك ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمدا فإنه من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت
منه ذمة الله ولا تشربن الخمر فإن رأس كل فاحشة وإياك والمعصية فإن المعصية جل سخط
الله وإياك والفرار من الزحف وإن هلك الناس وإن أصاب الناس موت فاثبت وأنفق على
أهلك من طولك ولا ترفع عنهم عصاك أدبا وأخفهم في الله "
وأخرج الطبراني عن أميمة مولاة رسول الله صلى الله عليه و سلم قالت " كنت أصب
على رسول الله صلى الله عليه و سلم وضوءه فدخل رجل فقال : أوصني
فقال : لا تشرك بالله شيئا وإن قطعت أو حرقت ولا تعص والديك وإن أمراك أن تخلي من
أهلك ودنياك فتخله ولا تشربن خمرا فإنها مفتاح كل شر ولا تتركن صلاة متعمدا فمن
فعل ذلك فقد برئت منه ذمة الله ورسوله "
وأخرج ابن سعد عن سماك " أن ابن عباس في عينية الماء فذهب بصره فأتاه هؤلاء
الذين يثقبون العيون ويسيلون الماء فقالوا : خل بيننا وبين عينيك نسيل ماءهما
ولكنك تمسك خمسة أيام لا تصلي إلا على عود
قال : لا والله ولا ركعة واحدة إني حدثت أن من ترك صلاة واحدة متعمدا لقي الله وهو
عليه غضبان "
وأخرج ابن حبان عن بريدة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " بكروا بالصلاة
في يوم الغيم فإنه من ترك الصلاة فقد كفر "
وأخرج أحمد عن زياد بن نعيم الحضرمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" أربع فرضهن الله في الإسلام فمن أتى بثلاث لم يغنين عنه شيئا حتى يأتي بهن
جميعا : الصلاة والزكاة وصيام رمضان وحج البيت "
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " من ترك الصلاة متعمدا أحبط الله عمله وبرئت منه ذمة الله حتى يراجع إلى
الله عز و جل توبة "
وأخرج أحمد والبيهقي عن أم أيمن أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لا
تترك الصلاة متعمدا فإنه من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله ورسوله
"
(1/712)
وأخرج
ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان وفي المصنف والبخاري في تاريخه عن علي قال : من لم
يصل فهو كافر
وفي لفظ : فقد كفر
وأخرج محمد بن نصر المروزي وابن عبد البر عن ابن عباس قال : من ترك الصلاة فقد كفر
وأخرج ابن أبي شيبة ومحمد بن نصر والطبراني عن ابن مسعود قال : من ترك الصلاة فلا
دين له
وأخرج ابن عبد البر عن جابر بن عبد الله قال : من لم يصل فهو كافر
وأخرج ابن عبد البر عن أبي الدرداء قال : لا إيمان لمن لا صلاة له ولا صلاة لمن لا
وضوء له
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : من ترك الصلاة كفر
وأخرج مالك والطبراني في الأوسط عن عروة
أن عمر بن الخطاب أوقظ للصلاة وهو مطعون فقالوا : الصلاة يا أمير المؤمنين
فقال : هالله !
إذن ؟ ولا حق في الإسلام لمن ترك الصلاة فصلى وإن جرحه ليثعب دما
وأخرج مالك عن نافع
أن عمر بن الخطاب كتب إلى عماله : إن أهم أموركم عندي الصلاة من حفظها أو حافظ
عليها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع
وأخرج النسائي وابن حبان عن نوفل بن معاوية أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" من فاته صلاة فكأنما وتر أهله وماله "
وأخرج الترمذي والحاكم عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من جمع بين صلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر "
وأخرج الطبراني عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " نهيت عن
قتل المصلين "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو يعلى عن أبي بكر الصديق قال " نهى رسول الله صلى
الله عليه و سلم عن ضرب المصلين "
وأخرج أحمد والبيهقي في الشعب عن أبي أمامة قال : جاء علي إلى النبي صلى الله عليه
و سلم فقال : يا نبي الله ادفع إلينا خادما
قال : اذهب فإن في البيت ثلاثة فخذ أحد الثلاثة
فقال : يا نبي الله اختر لي
فقال : اختر لنفسك
قال : يا نبي الله اختر لي
قال : اذهب فإن في البيت ثلاثة : منهم غلام قد صلى فخذه ولا تضربه فإنا قد نهينا
عن ضرب أهل الصلاة "
(1/713)
وأخرج
أبو يعلى عن أم سلمة " أن النبي أتاه أبة الهيثم بن التيهان فاستخدمه فوعده
النبي صلى الله عليه و سلم إن أصاب سبيا ثم جاء فقال له النبي صلى الله عليه و سلم
: قد أصبنا غلامين أسودين اختر أيهما شئت
قال : فإني استشيرك
قال : خذ هذا فقد صلى عندنا ولا تضربه فإنا قد نهينا عن ضرب المصلين "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن ماجة عن أبي هرير قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر ولو يعلمون
ما فيهما لأتوهما ولو حبوا ولقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا فيصلي
بالناس ثم انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم
بيوتهم بالنار "
وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك واعدد نفسك من الموتى وإياك ودعوة
المظلوم فإنها تستجاب ومن استطاع منكم أن يشهد الصلاتين العشاء والصبح ولو حبوا
فليفعل "
وأخرج ابن أبي شيبة والبزار وابن خزيمة والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب
عن ابن عمر قال : كنا إذا فقدنا الرجل في الفجر و العشاء أسأنا به الظن
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن أبي بن كعب
قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما الصبح فقال : أشاهد فلان ؟
قالوا : لا
قال : أشاهد فلان ؟ قالوا : لا
قال : إن هاتين الصلاتين أثقل الصلوات على المنافقين ولو تعلمون ما فيهما
لأتيتموهما ولو حبوا على الركب "
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن ماجة عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " لو يعلم الناس ما في صلاة العشاء وصلاة الفجر لأتوهما ولو حبوا
"
وأخرج الطبراني عن الحرث بن وهب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
لن تزال أمتي على الإسلام ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم مضاهاة لليهود وما
لم يؤخروا الفجر مضاهاة للنصارى "
وأخرج الطبراني عن الصنابحي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا
تزال أمتي في مسكة من دينها ما لم ينتظروا بالمغرب اشتباك النجوم مضاهاة اليهود
وما لم يؤخروا الفجر مضاهاة النصرانية "
(1/714)
وأخرج
البخاري ومسلم والبيهقي عن أبي موسى الأشعري " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : من صلى البردين دخل الجنة "
وأخرج مسلم والبيهقي عن جندب بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يكلبنكم الله في ذمته بشيء فإنه من يطلبه
من ذمته بشيء يدركه ثم يكبه على وجهه في نار جهنم "
وأخرج مسلم والبيهقي عن جندب بن سفيان عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " من
صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا تخفروا الله في ذمته "
وأخرج أحمد والبزار والطبراني في الأوسط عن ابن عمر " ان النبي صلى الله عليه
و سلم قال : من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا تخفروا الله في ذمته فإنه من أخفر
ذمته طلبه تبارك وتعالى حتى يكبه على وجهه "
وأخرج البزار وأبو يعلى والطبراني في الأوسط عن أنس قال : سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : " من صلى الغداة فهو في ذمة الله فإياكم أن يطلبكم الله
بشيء من ذمته "
وأخرج الطبراني عن أبي بكرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من
صلى الصبح فهو في ذمة الله فمن أخفر ذمة الله كبه الله في النار لوجهه "
وأخرج الطبراني عن أبي مالك الأشجعي عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " من صلى الصبح فهو في ذمة الله وحسابه على الله "
وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة
وابن خزيمة والبيهقي في سننه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
إن الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله "
وأخرج الشافعي عن نوفل بن معاوية الديلمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن بريدة قال : قال
النبي صلى الله عليه و سلم " من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله "
وأخرج أحمد عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من ترك
صلاة العصر متعمدا فقد حبط عمله "
وأخرج مسلم والنسائي والبيهقي عن أبي بصرة الغفاري قال " صلى بنا رسول الله
(1/715)
صلى
الله عليه و سلم العصر بالمخمص ثم قال : إن هذه الصلاة على من كان قبلكم فضيعوها
فمن حافظ عليها كان له أجره مرتين ولا صلاة بعدها حتى يطلع الشاهد والشاهد النجم
"
وأخرج الطبراني عن أبي أيوب قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم " إن هذه
الصلاة - يعني العصر - فرضت على من كان قبلكم فضيعوها فمن حافظ عليها أعطي أجرها
مرتين ولا صلاة بعدها حتى يرى الشاهد يعني النجم "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من
ترك صلاة العصر حتى تغيب الشمس من غير عذر فكأنما وتر أهله وماله "
وأخرج ابن أبي شيبة عن نوفل بن معاوية قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : " إن من الصلاة صلاة من فاتته فكأنما وتر أهله وماله
قال ابن عمر : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : هي صلاة العصر "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء قال : من ترك العصر حتى تفوته من غير عذر فقد
حبط عمله
وأخرج ابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن العباس بن عبد المطلب قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا تزال أمتي على الفطرة ما لم يؤخروا
المغرب حتى تشتبك النجوم "
وأخرج أحمد والطبراني والبيهقي في سننه عن السائب بن يزيد أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : " لا تزال أمتي على الفطرة ما صلوا المغرب قبل طلوع النجم
"
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي أيوب " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" لا تزال أمتي بخير أو على الفطرة ما لم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم
"
وأخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" أفضل الصلاة صلاة المغرب ومن صلى بعدها ركعتين بنى الله له بيتا في الجنة
"
وأخرج ابن سعد والبخاري ومسلم عن أبي موسى قال خرج النبي صلى الله عليه و سلم ليلة
لصلاة العشاء فقال : " ابشروا أن من نعمة الله عليكم أنه ليس أحد من الناس
يصلي هذه الصلاة غيركم أو قال : ما صلى هذه الساعة أحد غيركم "
وأخرج الطبراني عن المنكدر عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه خرج ليلة لصلاة
العشاء فقال : " أما إنها صلاة لم يصلها أحد ممن كان قبلكم من الأمم "
(1/716)
وأخرج
الطبراني عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج ليلة لصلاة العشاء فقال
لهم : " ما صلى صلاتكم هذه أمة قط قبلكم "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والبيهقي في سننه عن معاذ قال بقينا مع رسول الله
صلى الله عليه و سلم لصلاة العتمة ليلة فتأخر بها حتى ظن الظان أن قد صلى أو ليس
بخارج فقال صلى الله عليه و سلم لنا : " اعتموا بهذه الصلاة فإنكم قد فضلتم
بها على سائر الأمم ولم تصلها أمة قبلكم "
وأخرج أحمد عن الحسن عن أبي هريرة أراه عن النبي صلى الله عليه و سلم : " أن
العبد المملوك ليحاسب بصلاته فإذا نقص منها قيل له : لم نقصت منها ؟ فيقول : يا رب
سلطت علي مليكا شغلني عن صلاتي
فيقول : قد رأيتك تسرق من ماله لنفسك فهلا سرقت من عملك لنفسك ؟ فتجب لله عز و جل
عليه الحجة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن عبد الملك بن
الربيع بن سبرة عن أبيه عن جاره قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
مروا الصبي بالصلاة إذا بلغ سبع سنين فإذا بلغ عشر سنين فاضربوه عليها "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والحاكم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين
واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين وفرقوا بينهم في المضاجع "
وأخرج أبو داود عن رجل من الصحابة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه سئل متى يصلي
الصبي ؟ فقال : " إذا عرف يمينه من شماله فمروه بالصلاة "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن عبد الله بن خبيب أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" علموا أولادكم الصلاة إذا بلغوا سبعا واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرا وفرقوا
بينهم في المضاجع "
وأخرج الحرث بن أبي أسامة والطبراني عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " إذا عرف الغلام يمينه من شماله فمروه بالصلاة "
وأخرج البزار عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " مروهم
بالصلاة لسبع سنين واضربوهم عليها لثلاث عشرة "
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن ابن مسعود قال : " حافظوا على أبنائكم في
الصلاة وعودوهم الخير فإن الخير عادة "
(1/717)
وأخرج
أحمد والطبراني عن أبي الجوزاء قال : قلت للحسن بن علي : ما حفظت من النبي صلى
الله عليه و سلم ؟ قال : الصلوات الخمس
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين قال : نبئت أن أبا بكر وعمر كانا يعلمان الناس
تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة التي افترضها الله لمواقيتها فإن في
تفريطها الهلكة
وأخرج ابن أبي شيبة عن جعفر بن برقان قال : كتب إلينا عمر بن العزيز : أما بعد فإن
عز الدين وقوام الإسلام : الإيمان بالله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة فصل الصلاة
لوقتها وحافظ عليها
وأما قوله تعالى : والصلاة الوسطى أخرج ابن جرير عن سعيد بن المسيب قال : كان
أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم مختلفين في الصلاة الوسطى هكذا وشبك بين
أصابعه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عمر
أنه سئل عن الصلاة الوسطى فقال : هي فيهن فحافظوا عليهن كلهن
وقال مالك في الموطأ : بلغني عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عباس كانا يقولان :
الصلاة الوسطى صلاة الصبح
أخرجه البيهقي في سننه
وأخرج ابن جرير من طريق أبي العالية عن ابن عباس
أنه صلى الغداة في جامع البصرة فقنت في الركوع وقال : هذه الصلاة الوسطى التي
ذكرها الله في كتابه
فقال حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة في المصنف وابن الأنباري في المصاحف وعبد بن حميد
وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه عن أبي رجاء العطاردي قال : صليت خلف ابن
عباس الفجر فقنت فيها ورفع يديه ثم قال : هذه الصلاة الوسطى التي أمرنا أن نقوم
فيها قانتين
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد من طريق عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقول :
الصلاة الوسطى صلاة الصبح تصلى في سواد الليل
وأخرج ابن عبد البر في التمهيد عن ابن عباس أنه كان يقول : الصلاة الوسطى صلاة
الصبح تصلى في سواد من الليل وبياض من النهار وهي أكثر الصلوات تفوت الناس
(1/718)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري عن أبي العالية قال : صليت خلف عبد الله بن
قيس زمن عمر صلاة الغداة فقلت لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى
جانبي : ما الصلاة الوسطى ؟ قال : هذه الصلاة
وأخج عبد الرزاق وابن جرير عن أبي العالية
أنه صلى مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم صلاة الغداة فلما أن فرغوا قلت
لهم : ايتهن الصلاة الوسطى ؟ قالوا : التي صليتها قبل
وأخرج ابن جرير عن جابر بن عبد الله قال : الصلاة الوسطى صلاة الصبح
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة واسحق بن راهويه وعبد بن حميد وابن المنذر
والبيهقي في سننه من طرق عن ابن عمر قال : الصلاة الوسطى صلاة الصبح
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة أنه سئل عن الصلاة الوسطى فقال : هي صلاة الصبح
وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف بلفظ : لا أحسبها إلا الصبح
وأخرج ابن جرير والبيهقي من طريق جابر بن زيد عن ابن عباس قال : الصلاة الوسطى
صلاة الفجر
وأخرج ابن أبي شيبة عن حيان الأزدي قال : سمعت ابن عمرو سئل عن الصلاة الوسطى وقيل
له : أن أبا هريرة يقول : هي العصر
فقال : إن أبا هريرة يكثر
إن ابن عمر يقول : هي الصبح
وأخرج سفيان بن عينية عن طاوس قال : الصلاة الوسطى صلاة الصبح
وأخرج ابن ابي شيبة عن مجاهد وجابر بن زيد قالا : هي الصبح
وأخرج عبد الرزاق عن ابن جريج قال : سألت عطاء عن الصلاة الوسطى قال : أظنها الصبح
إلا تسمع لقوله وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا الإسراء الآية 78
وأخرج عبد الرزاق عن طاوس وعكرمة قالا : هي الصبح وسطت فكانت بين الليل والنهار
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند رجاله ثقات عن ابن عمر أنه سئل عن الصلاة الوسطى
فقال : كنا نتحدث أنها الصلاة التي وجه فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى
القبلة الظهر
(1/719)
وأخرج
عبد بن حميد عن مكحول " أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه و سلم فسأله عن
الصلاة الوسطى فقال : هي أول صلاة تأتيك بعد صلاة الفجر "
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه وأبو داود والطحاوي والروياني وأبو يعلى والطبراني
والبيهقي من طريق الزبرقان عن عروة بن الزبير عن زيد بن ثابت " أن النبي صلى
الله عليه و سلم كان يصلي الظهر بالهاجرة وكانت أثقل الصلاة على أصحابه فنزلت
حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى قال : لأن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين
وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة في المصنف والبخاري في تاريخه وابن أبي حاتم وأبو
يعلى والروياني والضياء المقدسي في المختارة والبيهقي من طريق الزبرقان عن زهرة بن
معبد قال : كنا جلوسا عند زيد بن ثابت فأرسلوا إلى أسامة فسألوه عن الصلاة الوسطى
؟ فقال : هي الظهر كان النبي صلى الله عليه و سلم يصليها بالهجير
وأخرج أحمد وابن المنيع والنسائي وابن جرير والشاشي والضياء من طريق الزبرقان
" أن رهطا من قريش مر بهم زيد بن ثايت وهم مجتمعون فأرسلوا إليه غلامين لهم
يسألانه عن الصلاة الوسطى ؟ فقال : الظهر ثم انصرفا إلى أسامة بن زيد فسألاه فقال
: هي الظهر إن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يصلي الظهر بالهجير فلا يكون
وراءه إلا الصف والصفان والناس في قائلتهم وتجارتهم فأنزل الله حافظوا على الصلوات
والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لينتهين
رجال أو لأحرقن بيوتهم "
وأخرج النسائي والطبراني من طريق الزهري عن سعيد بن المسيب قال " كنت مع قوم
اختلفوا في الصلاة الوسطى وأنا أصغر القوم فبعثوني إلى زيد بن ثابت لأسأله عن
الصلاة الوسطى فأتيته فسألته فقال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي الظهر
بالهاجرة والناس في قائلتهم وأسواقهم فلم يكن يصلي وراء رسول الله صلى الله عليه و
سلم إلا الصف والصفان فأنزل الله حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله
قانتين فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لينتهين أقوام أو لأحرقن بيوتهم
"
وأخرج ابن جرير في تهذيبه من طريق عبد الرحمن بن أبان عن أبيه عن زيد بن ثابت في
حديث يرفعه قال : الصلاة الوسطى صلاة الظهر
وأخرج البيهقي وابن عساكر من طريق سعيد بن المسيب
أنه كان قاعدا وعروة بن الزبير وابراهيم بن طلحة فقال سعيد بن المسيب : سمعت أبا
سعيد الخدري
(1/720)
يقول
: الصلاة الوسطى هي صلاة الظهر
قال : فمر علينا ابن عمر فقال عروة : أرسلوا إلى ابن عمر فسألوه
فأرسلنا إليه غلاما فسأله ثم جاء الرسول فقال : هي صلاة الظهر
فشككنا في قول الغلام فقمنا جميعا فذهبنا إلى ابن عمر فسألناه فقال : هي صلاة
الظهر
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف والبيهقي من
طريق قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن زيد بن ثابت قال : الصلاة الوسطى صلاة
الظهر
وأخرج مالك وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن
جرير وابن المنذر من طرق عن زيد بن ثابت قال : الصلاة الوسطى صلاة الظهر
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن حرملة مولى زيد بن ثابت قال : تمارى
زيد بن ثابت وأبي بن كعب في الصلاة الوسطى فأرسلاني إلى عائشة أي صلاة هي ؟ فقالت
: الظهر
فكان زيد يقول : هي الظهر فلا أدري عنه أخذه أو عن غيرها
وأخرج ابن المنذر من طرق أبي جعفر محمد بن علي بن حسين عن علي بن أبي طالب قال :
الصلاة الوسطى صلاة الظهر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طرق عن ابن عمر قال : الصلاة الوسطى الظهر
وأخرج ابن جرير عن أبي سعيد الخدري قال : صلاة الظهر هي الصلاة الوسطى
وأخرج عبد الرزاق والبخاري في تاريخه وابن جرير وابن أبي داود في المصاحف عن أبي
رافع مولى حفصة قال : استكتبتني حفصة مصحفا فقالت : إذا أتيت على هذه الآية فتعال
حتى أمليها عليك كما أقرئتها فلما أتيت على هذه الاية حافظوا على الصلوات قالت :
اكتب حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر فلقيت أبي بن كعب فقلت : يا
أبا المنذر إن حفصة قال : كذا وكذا
فقال : هو كما قالت : أو ليس أشغل ما نكون عند صلاة الظهر في عملنا ونواضحنا ؟
(1/721)
وأخرج
مالك وأبو عبيد وعبد بن حميد وأبو يعلى وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف
والبيهقي في سننه عن عمرو بن رافع قال : كنت أكتب مصحفا لحفصة زوج النبي صلى الله
عليه و سلم فقالت : إذا بلغت هذه الآية فآذني حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى
فلما بلغتها آذنتها فأملت علي حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر
وقوموا لله قانتين وقالت : أشهد أني سمعتها من رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد الرزاق عن نافع
أن حفصة دفعت مصحفا إلى مولى لها يكتبه وقالت : إذا بلغت هذه الآية حافظوا على
الصلوات والصلاة الوسطى فآذني فلما بلغها جاءها فكتبت بيدها حافظوا على الصلوات
والصلاة الوسطى وصلاة العصر
وأخرج مالك وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وابو داود والترمذي والنسائي وابن جرير وابن
أبي داود وابن الأنباري في المصاحف والبيهقي في سنه عن أبي يونس مولى عائشة قال :
أمرتني عائشه أن أكتب لها مصحفا وقالت : إذا بلغت هذه الآية فآدني حافظوا على
الصلوات والصلاة الوسطى فلما بلغتها آذنتها فأملت علي حافظوا على الصلوات والصلاة
الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين وقالت عائشة : سمعتها من رسول الله صلى الله
عليه و سلم
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي داود في المصاحف وابن المنذر عن أم حميد بنت
عبد الرحمن
أنها سألت عائشة عن الصلاة الوسطى ؟ فقالت : كنا نقرؤها في الحرف الأول على عهد
النبي صلى الله عليه و سلم حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا
لله قانتين
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة قال : الصلاة الوسطى هي الظهر قبلها صلاتان وبعدها
صلاتان
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي داود عن هشام بن عروة قال : قرأت في مصحف عائشة حافظوا
على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف من طريق سليمان بن أرقم عن الحسن وابن سيرين وابن
شهاب الزهري وكان الزهري أشبعهم حديثا قالوا : لما أسرع في قتل قراء القرآن يوم اليمامة
قتل معهم يومئذ أربعمائة رجل لقي زيد بن ثابت عمر بن
(1/722)
الخطاب
فقال له : إن هذا القرآن هو الجامع لديننا فإن ذهب القرآن ذهب ديننا وقد عزمت على
أن أجمع القرآن في كتاب
فقال له : انتظر حتى نسأل أبا بكر فمضيا إلى أبي بكر فأخبراه بذلك
فقال : لا تعجل حتى اشاور المسلمين ثم قام خطيبا في الناس فأخبرهم بذلك فقالوا :
أصبت
فجمعوا القرآن وأمر أبو بكر مناديا فنادى في الناس : من كان عنده من القرآن شيء
فليجيء به
قالت : حفصة : إذا انتهيتم إلى هذه الآية فأخبروني حافظوا على الصلوات والصلاة
الوسطى فلما بلغوا إليها قالت : اكتبوا والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر فقال لها
عمر : ألك بهذا بينة ؟ قالت : لا
قال : فو الله لا ندخل في القرآن ما تشهد به امرأة بلا إقامة بينة
وقال عبد الله بن مسعود : اكتبوا " والعصر إن الإنسان لفي خسر العصر الآية 1
وإنه فيه إلى آخر الدهر " فقال عمر : نحوا عنا هذه الاعرابية
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف من طريق نافع عن ابن عمر عن حفصة أنها قالت لكاتب
مصحفها : إذا بلغت مواقيت الصلاة فأخبرني حتى أخبرك ما سمعت من رسول الله صلى الله
عليه و سلم فلما أخبرها قالت : اكتب إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
" حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر "
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي داود في
المصاحف وابن المنذر عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة
أنها أمرته أن يكتب لها مصحفا فلما بلغت حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى قالت :
اكتب حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين وأخرج ابن
أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي داود والبيهقي في سننه من طريق عمير بن
مريم أنه سمع ابن عباس قرأ هذا الحرف حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة
العصر
وأخرج عبد بن حميد ومسلم وابو داود في ناسخه وابن جرير والبيهقي عن البراء بن عازب
قال : نزلت حافظوا على الصلوات العصر فقرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه و
سلم ما شاء الله ثم نسخها الله فأنزل حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى فقيل له :
هي إذن صلاة العصر ؟ فقال : قد حدثتك كيف نزلت وكيف نسخها الله والله أعلم
(1/723)
وأخرج
البيهقي عن البراء قال : قرأناها مع رسول الله صلى الله عليه و سلم أياما حافظوا
على الصلوات وصلاة العصر ثم قرأناها حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى فلا أدري
أهي هي أم لا
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود
والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن زر
قال : قلت لعبيدة : سل عليا عن صلاة الوسطى
فسأله فقال : كنا نراها الفجر حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول يوم
الأحزاب " شغلونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله قبورهم وأجوافهم نارا
"
وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن زر قال : انطلقت أنا وعبيدة السلماني إلى علي فأمرت
عبيدة أن يسأله عن الصلاة فسأله فقال : كنا نراها صلاة الصبح فبينا نحن نقاتل أهل
خيبر فقاتلوا حتى أرهقونا عن الصلاة وكان قبيل غروب الشمس قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " اللهم املأ قلوب هؤلاء القوم الذين شغلونا عن الصلاة الوسطى
وأجوافهم نارا فعرفنا يومئذ أنها الصلاة الوسطى "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد ومسلم والنسائي والبيهقي عن شتير بن
شكل قال : سألت عليا عن الصلاة الوسطى فقال : كنا نرى انها الصبح حتى سمعت النبي
صلى الله عليه و سلم يقول يوم الأحزاب " ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا كما
شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس ولم يكن صلى يومئذ الظهر والعصر حتى غابت
الشمس "
وأخرج عبد الرزاق عن علي قال : هي العصر
وأخرج الدمياطي في كتاب الصلاة الوسطى من طريق الحسن البصري عن علي عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال " الصلاة الوسطى صلاة العصر "
وأخرج عبد بن حميد ومسلم والترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن
ابن مسعود قال " حبس المشركون رسول الله صلى الله عليه و سلم عن صلاة العصر
حتى احمرت الشمس أو اصفرت فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : شغلونا عن الصلاة
الوسطى صلاة العصر ملأ الله أجوافهم وقبورهم نارا "
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وابن حبان من طرق عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " الصلاة الوسطى صلاة العصر "
(1/724)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر والطبراني من طريق مقسم وسعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي
صلى الله عليه و سلم قال يوم الخندق " شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت
الشمس ملأ الله قبورهم وأجوافهم نارا "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : خرج رسول الله صلى
الله عليه و سلم في غزاة فحبسه المشركون عن صلاة العصر حتى مسى بها فقال "
اللهم املأ بيوتهم وأجوافهم نارا كما حبسونا عن الصلاة الوسطى "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نسي الظهر
والعصر يوم الأحزاب فذكر بعد المغرب فقال : اللهم من حبسنا عن الصلاة الوسطى فاملأ
بيوتهم نارا "
وأخرج البزار بسند صحيح عن جابر " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال يوم
الخندق : ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت
الشمس "
وأخرج البزار بسند صحيح عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم
الأحزاب " شغلونا عن الصلاة الوسطى ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا "
وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أم سلمة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" شغلونا عن الصلاة الوسطى - صلاة العصر - ملأ الله أجوافهم وقلوبهم نارا
"
وأخرج ابن منده عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " الموتور أهله
وماله من وتر الصلاة الوسطى في جماعة وهي صلاة العصر "
وأخرج أحمد وابن جرير والطبراني عن سمرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وسماها لنا وإنما هي صلاة العصر "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن جرير والطبراني
والبيهقي عن سمرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : الصلاة الوسطى
صلاة العصر "
وأخرج الطبراني عن سمره بن جندب قال " أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم
أن نحافظ على الصلوات كلهن وأوصانا بالصلاة الوسطى ونبأنا أنها صلاة العصر "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد من طريق سالم عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " إن الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله
قال : فكان ابن عمر يرى أنها الصلاة الوسطى "
(1/725)
وأخرج
ابن جرير والبيهقي من طريق أبي صالح وهو ميزان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " الصلاة الوسطى صلاة العصر "
وأخرج الطحاوي من طريق موسى بن وردان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " الصلاة الوسطى صلاة العصر " وأخرج عبد الرزاق في المصنف
والطحاوي عن عبد الرحمن بن لبيبة الطائفي
أنه سأل أبا هريرة عن الصلاة الوسطى ؟ فقال : سأقرأ عليك القرآن حتى تعرفها أليس
يقول الله في كتابه أقم الصلاة لدلوك الشمس الإسراء الاية 78 الظهر إلى غسق الليل
المغرب ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم النور الآية 58 لعتمة ويقول إن القرآن
الفجر كان مشهودا الإسراء الآية 78 الصبح ثم قال حافظوا على الصلوات والصلاة
الوسطى وقوموا لله قانتين هي العصر هي العصر
وأخرج ابن سعد والبزار وابن جرير والطبراني والبغوي في معجمه عن كهيل بن حرملة قال
" سئل أبو هريرة عن الصلاة الوسطى ؟ فقال : اختلفنا فيها كما اختلفتم فيها
ونحن بفناء بيت رسول الله صلى الله عليه و سلم وفينا الرجل الصالح أبو هاشم بن
عتبة بن عبد شمس فقال : أنا أعلم لكم ذلك فقام فأستأذن على رسول الله صلى الله
عليه و سلم فدخل عليه ثم خرج إلينا فقال : أخبرنا أنها صلاة العصر "
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم بن يزيد الدمشقي قال " كنت جالسا عند عبد العزيز
بن مروان فقال : يا فلان اذهب إلى فلان فقل له : أي شيء سمعت من رسول الله صلى
الله عليه و سلم في الصلاة الوسطى ؟ فقال رجل جالس : أرسلني أبو بكر وعمر وأنا
غلام صغير أسأله عن الصلاة الوسطى فأخذ أصبعي الصغيرة فقال : هذه الفجر وقبض التي
تليها وقال : هذه الظهر ثم قبض الإبهام فقال : هذه المغرب ثم قبض التي تليها فقال
: هذه العشاء ثم قال : أي أصابعك بقيت ؟ فقلت الوسطى
فقال : أي الصلاة بقيت ؟ فقلت : العصر
فقال : هي العصر "
وأخرج البزار بسند صحيح عن ابن عباس
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال " الصلاة الوسطى صلاة العصر "
(1/726)
وأخرج
ابن جرير والطبراني عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" الصلاة الوسطى صلاة العصر "
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
الصلاة الوسطى صلاة العصر "
وأخرج ابن جرير عن عروة قال : كان في مصحف عائشة حافظوا على الصلوات والصلاة
الوسطى وهي صلاة العصر
وأخرج وكيع عن حميدة قالت : قرأت في مصحف عائشة حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى
صلاة العصر
وأخرج ابن أبي داود عن قبيصة بن ذؤيب قال في مصحف عائشة حافظوا على الصلوات
والصلاة الوسطى والصلاة الوسطى صلاة العصر
وأخرج سعيد بن منصور وأبو عبيد عن زياد بن أبي مريم
أن عائشة أمرت بمصحف لها أن يكتب وقالت : إذا بلغتم حافظوا على الصلوات فلا
تكتبوها حتى تؤذنوني فلما أخبروها أنهم قد بلغوا قالت : اكتبوها والصلاة الوسطى
صلاة العصر
وأخرج ابن جرير والطحاوي والبيهقي عن عمرو بن رافع قال : كان مكتوبا في مصحفة حفصة
حافظوا على الصلوات والصلاة والوسطى وهي صلاة العصر وقوموا لله قانتين
وأخرج المحاملي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن
سمعت السائب بن يزيد تلا هذه الآية حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر
وأخرج ابو عبيد في فضائله وابن المنذر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بن كعب
أنه كان يقرؤها حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر
وخرج أبو عبيد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن جرير والطحاوي من طريق رزين
بن عبيد
أنه سمع ابن عباس يقرؤها والصلاة الوسطى صلاة العصر
وأخرج وكيع والفريابي وسفيان بن عينية وسعيد بن منصور ومسدد في مسنده وابن أبي
شيبة وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في الشعب من طرق عن علي بن أبي
(1/727)
طالب
قال : الصلاة الوسطى صلاة العصر التي فرط بها سليمان حتى توارت بالحجاب
وأخرج وكيع وسفيان وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من طرق عن
ابن عباس قال : الصلاة الوسطى صلاة العصر
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن
المنذر والبيهقي من طرق عن أبي هريرة قال : الصلاة الوسطى صلاة العصر
وأخرج عبد بن حميد والطحاوي من طريق أبي قلابة قال : كانت في مصحف أبي بن كعب
حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر وأخرجه ابن أبي شيبة من طريق
أبي قلابة عن أبي المهلب بن أبي بن كعب
وأخرج ابن جرير والطحاوي من طريق سالم عن أبيه عبد الله بن عمر قال : الصلاة
الوسطى صلاة العصر
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عمر أنه قرأ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر
وأخرج البخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر عن أبي أيوب قال : الصلاة الوسطى
صلاة العصر
وأخرج ابن المنذر والطبراني عن زيد بن ثابت قال : الصلاة الوسطى صلاة العصر
وأخرج ابن المنذر والطحاوي عن أبي سعيد الخدري قال : الصلاة الوسطى العصر
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن أم سلمة قالت : الصلاة الوسطى صلاة العصر
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير من طرق عن عائشة قالت : الصلاة الوسطى العصر
وأخرج الدمياطي عن عبد الله بن عمرو قال : الصلاة الوسطى صلاة العصر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي من طريق نافع عن حفصة زوج النبي
صلى الله عليه و سلم أنا قالت لكاتب مصحفها " إذ بلغت مواقيت الصلاة فأخبرني
حتى أخبرك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرها قالت : اكتب فإني
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة
العصر "
(1/728)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : كنا نحدث أن الصلاة الوسطى صلاة العصر قبلها
صلاتان من النهار وبعدها صلاتان من الليل
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد عن سالم بن عبد الله أن حفصة أم
المؤمنين قالت : الوسطى صلاة العصر
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : الوسطى هي العصر
وأخرج الطحاوي عن أبي عبد الرحمن عبيد الله بن محمد بن عائشة قال : إن آدم لما أتت
عليه عين الفجر صلى ركعتين فصارت الصبح وفدى اسحق عند الظهر فصلى إبراهيم أربعا
فصارت الظهر وبعث عزيز فقيل له : كم لبثت ؟ قال : يوما فرأى الشمس فقال : أو بعض
يوم فصلى أربع ركعات فصارت العصر وغفر لداود عند المغرب فقام فصلى أربع ركعات فجهد
فجلس في الثالثة فصارت المغرب ثلاثا وأول من صلى العشاء الآخرة نبينا صلى الله
عليه و سلم فلذلك قالوا : الوسطى هي صلاة العصر
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : هي العصر
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك قال : الصلاة الوسطى صلاة العصر
وأخرج عبد الرزاق عن ابن سيرين قال : سألت عبيدة عن الصلاة الوسطى فقال : هي العصر
وأخرج ابن أبي حاتم بسند حسن عن ابن عباس قال : الصلاة الوسطى المغرب
وأخرج ابن جرير عن قبيصة بن ذؤيب قال : الصلاة الوسطة صلاة المغرب ألا ترى أنها
ليست باقلها ولا أكثرها ولا تقصر في السفر وأن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم
يؤخرها عن وقتها ولم يعجلها
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن سيرين قال : سأل رجل زيد بن ثابت عن الصلاة الوسطى
قال : حافظ على الصلوات تدركها
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن الربيع بن خيثم
أن سائلا سأله عن الصلاة الوسطى قال : حافظ عليهن فإنك إن فعلت أصبتها إنما هي
واحدة منهن
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال : سئل شريح عن الصلاة الوسطى فقال : حافظوا
عليها تصيبوها
وأما قوله تعالى : وقوموا لله قانتين
(1/729)
وأخرج
وكيع وأحمد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وابو داود والترمذي
والنسائي وابن جرير وابن خزيمة والطحاوي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان
والطبراني والبيهقي عن زيد بن أسلم قال : كنا نتكلم على عهد رسول الله صلى الله
عليه و سلم في الصلاة يكلم الرجل منا صاحبه وهو إلى جنبه في الصلاة حتى نزلت
وقوموا لله قانتين فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام
وأخرج الطبراني عن ابن عباس في قول الله وقوموا لله قانتين قال : كانوا يتكلمون في
الصلاة يجيء الرجل إليه وهو في الصلاة فيكلمه بحاجته فنهوا عن الكلام
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة
مثله
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن محمد بن كعب قال : قدم رسول الله صلى الله
ليه وسلم المدينة والناس يتكلمون في الصلاة في حوائجهم كما تكلم أهل الكتاب في
الصلاة في حوائجهم حتى نزلت هذه الآية وقوموا لله قانتين فتركوا الكلام
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عطية قال : كان يأمرون في الصلاة بحوائجهم حتى
أنزلت وقوموا لله قانتين فتركوا الكلام في الصلاة
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال : كانوا
يتكلمون في الصلاة وكان الرجل يأمر أخاه بالحاجة فأنزل الله وقوموا لله قانتين
فقطعوا الكلام فالقنوت السكوت والقنوت الطاعة
وأخرج ابن جرير من طريق السدي عن مرة عن ابن مسعود قال " كنا نقوم في الصلاة
فنتكلم ويسارر الرجل صاحبه ويخبره ويردون عليه إذا سلم حتى أتيت أنا فسلمت فلم
يردوا علي السلام فاشتد ذلك علي فلما قضى النبي صلى الله عليه و سلم صلاته قال :
إنه لم يمنعني أن أرد عليك السلام إلا أن أمرنا أن نقوم قانتين لا نتكلم في الصلاة
والقنوت السكوت "
وأخرج ابن جرير من طريق زر عن ابن مسعود قال " كنا نتكلم في الصلاة فسلمت على
النبي صلى الله عليه و سلم فلم يرد علي فلما انصرف قال : قد أحدث الله أن لا
تتكلموا في الصلاة ونزلت هذه الآية وقوموا لله قانتين "
وأخرج ابن جرير من طريق كلثوم بن المصطلق عن ابن مسعود قال : إن النبي صلى الله
عليه و سلم كان عودني أن يرد علي السلام في الصلاة فأتيته ذات يوم فسلمت فلم يرد
علي
(1/730)
وقال
: إن الله يحدث من أمره ما شاء وإنه قد أحدث لكم في الصلاة أن لا يتكلم أحد إلا
بذكر الله وما ينبغي من تسبيح وتمجيد وقوموا لله قانتين
وأخرج عبد بن حميد وأبو يعلى من طريق المسيب عن ابن مسعود قال : كنا يسلم بعضنا
على بعض في الصلاة فمررت برسول الله صلى الله عليه و سلم فسلمت عليه فلم يرد علي
فوقع في نفسي أنه نزل في شيء فلما قضى النبي صلى الله عليه و سلم صلاته قال "
وعليك السلام أيها المسلم ورحمة الله إن الله يحدث في أمره ما يشاء فإذا كنتم في
الصلاة فاقنتوا ولا تتكلموا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : القانت الذي يطع الله ورسوله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وقوموا لله قانتين قال : مصلين
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : كل أهل دين يقومون فيها عاصين فقوموا
أنتم لله مطيعين
وأخرج ابن أبي شيبة في الصنف عن الضحاك في قوله وقوموا لله قانتين قال : مطيعين
لله في الوضوء
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : إذا قمتم في الصلاة فاسكتوا ولا تكلموا
أحدا حتى تفرغوا منها والقانت المصلي الذي لا يتكلم
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والأصبهاني
في الترغيب والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد في قوله وقوموا لله قانتين قال : من
القنوت الركوع والخشوع وطول الركوع يعني طول القيام وغض البصر وخفض الجناح والرهبة
لله كان الفقهاء من أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم إذا قام أحدهم في الصلاة يهاب
الرحمن سبحانه وتعالى أن يلتفت أو يقلب الحصى أو يشد بصره أو يعبث بشيء أو يحدث
نفسه بشيء من أمر الدنيا إلا ناسيا حتى ينصرف
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن ابن عباس في قوله وقوموا لله قانتين قال : كانوا
يتكلمون في الصلاة ويأمرون بالحاجة فنهوا عن الكلام والالتفات في الصلاة وأمروا أن
يخشعوا إذا قاموا في الصلاة قانتين خاشعين غير ساهين ولا لاهين
(1/731)
وأخرج
ابن ابي شيبة ومسلم والترمذي وابن ماجة عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " أفضل الصلاة طول القنوت "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة عن ابن مسعود قال " كنا نسلم على
رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو في الصلاة فيرد علينا فلما رجعنا من عند
النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا فقلنا يا رسول الله كنا نسلم عليك في الصلاة
فترد علينا ؟ فقال : إن في الصلاة شغلا "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبو داود والنسائي عن معاوية بن الحكم السلمي قال
" بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا عطس رجل من القوم فقلت
يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت : واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي
؟ 1 فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم فلما رأيتهم يصمتونني سكت فلما صلى رسول
الله صلى الله عليه و سلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما
منه فوالله ما انتهرني ولا ضربني ولا شتمني ثم قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها
شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن "
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة عن جابر قال : " كنا مع النبي صلى
الله عليه و سلم يعني في سفر فبعثني في حاجة فرجعت وهو يصلي على راحلته فسلمت عليه
فلم يرد علي فلما انصرف قال : إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كنت أصلي "
وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه عن صهيب قال " مررت برسول الله صلى الله عليه
و سلم وهو يصلي فسلمت عليه فرد على إشارة "
وأخرج البزار عن أبي سعيد الخدري " أن رجلا سلم على النبي صلى الله عليه و
سلم وهو في الصلاة فرد النبي صلى الله عليه و سلم إشارة فلما سلم قال له النبي صلى
الله عليه و سلم : إنا كنا نرد السلام في صلاتنا فنهينا عن ذلك "
وأخرج الطبراني عن عمار بن ياسر قال " أتيت النبي صلى الله عليه و سلم وهو
يصلي فسلمت عليه فلم يرد علي "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي في سننه عن محمد بن
سيرين قال : سئل أنس بن مالك أقنت النبي صلى الله عليه و سلم في الصبح ؟ قال : نعم
قيل : أوقنت قبل الركوع ؟ قال : بعد الركوع يسيرا
قال : فلا أدري اليسير للقام أو القنوت
(1/732)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن ابن عمر
أنه كان لا يقنت في الفجر ولا في الوتر وكان إذا سئل عن القنوت قال : ما نعلم القنوت
إلا طول القيام وقراءة القرآن
وأخرج البخاري والبيهقي من طريق أبي قلابة عن أنس قال : كان القنوت في الفجر
والمغرب
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي والدارقطني والبيهقي عن البراء بن
عازب : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقنت في الفجر والمغرب
وأخرج الطبراني في الأوسط والدارقطني والبيهقي عن البراء بن عازب " أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم كان يقنت في الصبح والمغرب "
وأخرج الطبراني في الأوسط والدارقطني والبيهقي عن البراء بن عازب قال " كان
رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يصلي صلاة مكتوبة إلا قنت فيها "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والدارقطني والبيهقي عن أبي سلمة
أنه سمع أبا هريرة يقول : والله لأقربن لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم
فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الأخيرة من صلاة الظهر وصلاة العشاء وصلاة الصبح
بعد ما يقول : سمع الله لمن حمده يدعو للمؤمنين ويلعن الكافرين
وأخرج أبو داود والبيهقي عن ابن عباس قال : قنت رسول الله صلى الله عليه و سلم
شهرا متتابعا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح في دبر كل صلاة إذا قال
: سمع الله لمن حمده من الركعة الأخيرة يدعو على أحياء من سليم على رعل وذكوان
وعصية ويؤمن من خلفه
وأخرج أبو داود والدارقطني عن محمد بن سيرين قال " حدثني من صلى مع النبي صلى
الله عليه و سلم صلاة الغداة فلما رفع رأسه من الركعة الثانية قام هنية "
وأخرج أحمد والبزار الدارقطني عن أنس قال : " ما زال رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا "
وأخرج الدارقطني والبيهقي عن أنس قال " أن النبي صلى الله عليه و سلم قنت
شهرا يدعو عليهم ثم تركه وأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا "
وأخرج الدارقطني عن أنس قال : " صليت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم
يزل يقنت بعد الركوع في صلاة الغداة حتى فارقته
قال : وصليت خلف عمر بن الخطاب فلم يزل يقنت بعد الركوع في صلاة الغداة حتى فارقته
"
(1/733)
وأخرج
البزار والبيهقي عن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قنت حتى مات وأبو
بكر حتى مات وعمر حتى مات "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عثمان
أنه سئل عن قنوت عمر في الفجر ؟ فقال : كان يقنت بقدر ما يقرأ الرجل مائة آية
وأخرج البيهقي عن أنس قال : قنت النبي صلى الله عليه و سلم وأبو بكر وعمر وعثمان
بعد الركوع ثم تباعدت الديار فطلب الناس إلى عثمان أن يجعل القنوت في الصلاة قبل
الركوع لكي يدركوا الصلاة فقنت قبل الركوع
وأخرج الدارقطني من طريق أبي الطفيل عن علي وعمار " أنهما صليا خلف النبي صلى
الله عليه و سلم فقنت في الغداة "
وأخرج ابن ماجة عن حميد قال : سئل أنس عن القنوت في صلاة الصبح فقال : كنا نقنت
قبل الركوع وبعده
وأخرج الحرث بن أبي أمامة والطبراني في الأوسط عن عائشة قالت " كان رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقنت في الفجر قبل الركعة وقال : إنما أقنت بكم لتدعوا ربكم
وتسألوه حوائجكم "
وأخرج أبو يعلى عن أبي رافع " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : سلوا
الله حوائجكم في صلاة الصبح "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن مسعود قال : " ما قنت رسول الله صلى الله
عليه و سلم في شيء من الصلوات إلا في الوتر وإنه وكان إذا حارب يقنت في الصلوات
كلهن يدعو على المشركين "
وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجة عن أبي بن كعب " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قنت في الوتر قبل الركوع "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة والطبراني
والبيهقي عن الحسن بن علي قال " علمني جدي رسول الله صلى الله عليه و سلم
كلمات أقولهن في قنوت الوتر : اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني
فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا
يذل من واليت
زاد الطبراني والبيهقي : ولا يعز من عاديت تباركت ربنا وتعاليت "
(1/734)
وأخرج
البيهقي عن يزيد بن أبي مريم قال : سمعت ابن عباس ومحمد بن علي بن الحنفية بالخيف
يقولان " كان النبي صلى الله عليه و سلم يقنت في صلاة الصبح وفي وتر الليل
بهؤلاء الكلمات : اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت
وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت إنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت
تباركت ربنا وتعاليت "
وأخرج الدارقطني عن الحسن فيمن نسي القنوت في صلاة الصبح قال : عليه سجدتا السهو
وأخرج الدارقطني عن سعيد بن عبد العزيز فيمن نسي القنوت في صلاة الصبح : يسجد
سجدتي السهو
والله أعلم
قوله تعالى : فإن خفتم فرجالا أو ركبانا فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم
تكونوا تعلمون
مالك والشافعي وعبد الرزاق والبخاري والبيهقي من طريق نافع قال : كان ابن عمر إذا
سئل عن صلاة الخوف قال : يتقدم الإمام وطائفة من الناس فيصلي بهم الإمام ركعة
وتكون طائفة منهم بينهم وبين العدو لم يصلوا فإذا صلى الذين معه ركعة استأخروا
مكان الذين لم يصلوا ولا يسلمون ويتقدم الذين لم يصلوا فيصلون معه ركعة ثم ينصرف
الإمام وقد صلى ركعتين فتقوم كل واحدة من الطائفتين فيصلون لأنفسهم ركعة بعد أن
ينصرف الإمام فيكون كل واحد من الطائفتين قد صلى ركعتين وإن كان خوف هو أشد من ذلك
صلوا رجالا أو قياما على أقدامهم أو ركبانا مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها
قال نافع : لا أرى ابن عمر ذكر ذلك إلا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي من طريق نافع عن ابن عمر قال " صلى رسول
الله صلى الله عليه و سلم صلاة الخوف في بعض أيامه فقامت طائفة معه وطائفة بإزاء
العدو فصلى بالذين معه ركعة ثم ذهبوا وجاء الآخرون فصلى بهم ركعة ثم قضت الطائفتان
ركعة ركعة
قال : وقال ابن عمر : فإذا كان خوف أكثر من ذلك فصلى راكبا أو قائما تومىء إيماء
"
(1/735)
وأخرج
ابن ماجة من طريق نافع عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في
صلاة الخوف " أن يكون الإمام يصلي بطائفة معه فيسجدون سجدة واحدة وتكون طائفة
منهم بينهم وبين العدو ثم ينصرف الذين سجدوا السجدة مع أميرهم ثم يكونوا مكان
الذين لم يصلوا ويتقدم الذين لم يصلوا فيصلوا مع أميرهم سجدة واحدة ثم ينصرف
أميرهم وقد صلى صلاته ويصلي كل واحد من الطائفتين بصلاته سجدة لنفسه فإن كان خوفا
أشد من ذلك فرجالا أو ركبانا "
وأخرج البزار عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " صلاة
المسايفة ركعة أي وجه كان الرجل يجزىء عنه فإن فعل ذلك لم يعده "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فإن خفتم فرجالا أو ركبانا قال : يصلي
الراكب على دابته والراجل على رجليه فإذا أمنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم
تكونوا تعلمون يعني كما علمكم أن يصلي الراكب على دابته والراجل على رجليه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن جابر بن عبد الله قال : إذا كانت المسايفة
فليومىء برأسه حيث كان وجهه فذلك قوله فرجالا أو ركبانا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابنالمنذر عن مجاهد في قوله فرجالا قال : مشاة أو
ركبانا قال : لأصحاب محمد على الخيل في القتال إذا وقع الخوف فليصل الرجل إلى كل
جهة قائما أو راكبا أو ما قدر على أن يومىء إيماء برأسه أو يتكلم بلسانه
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : أحل الله لك إذا كنت خائفا أن تصلي وأنت راكب
وأنت تسعى وتومىء إيماء حيث كان وجهك للقبلة أو لغير ذلك
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد فإن خفتم فرجالا أو ركبانا قال : هذا في العدو يصلي
الراكب والماشي يومئون إيماء حيث كان وجوههم والركعة الواحدة تجزئك
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن مجاهد قال : يصلي ركعتين فإن لم يستطع فركعة
فإن لم يستطع فتكبيرة حيث كان وجهه
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس فإن خفتم فرجالا أو ركبانا قال : ركعة ركعة
(1/736)
وأخرج
أبو داود عن عبد الله بن أنيس قال " بعثني رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى
خالد بن سفيان الهذلي " وكان نحو عرنة وعرفات فقال : اذهب فاقتله
قال : فرأيته وقد حضرت صلاة العصر فقلت : إني لأخاف أن يكون بيني وبينه ما أن أؤخر
الصلاة فانطلقت أمشي وأنا أصلي أومىء إيماء نحوه فلما دنوت منه قال لي : من أنت ؟
قلت : رجل من العرب بلغني أنك تجمع لهذا الرجل فجئتك في ذلك
قال : إني لفي ذلك
فمشيت معه ساعة حتى إذا أمكنني علوته بسيفي حتى برد "
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم في قوله فإن خفتم فرجالا أو ركبانا قال : إذا حضرت
الصلاة في المطادرة فأومىء حيث كان وجهك واجعل السجود أخفض من الركوع
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في قوله فرجالا أو ركبانا قال : ذلك عند الضراب بالسيف
تصلي ركعة إيماء حيث كان وجهك راكبا كنت أم ماشيا أو ساعيا
وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والنسائي وأبو يعلى
والبيهقي في سننه عن أبي سعيد الخدري قال " كنا مع رسول الله صلى الله عليه و
سلم يوم الخندق فشغلنا عن صلاة الظهر والعصر والمغرب والعشاء حتى كفينا ذلك وذلك
قوله وكفى الله المؤمنين القتال الأحزاب الآية 25 فأمر رسول الله صلى الله عليه و
سلم بلالا فأقام لكل صلاة إقامة وذلك قبل أن ينزل عليه فإن خفتم فرجالا أو ركبانا
"
وأخرج وكيع وابن جرير عن مجاهد فإذا أمنتم قال : خرجتم من دار السفر إلى دار
الإقامه
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال فإذا أمنتم فصلوا الصلاة كما افترض عليكم
إذا جاء الخوف كانت لهم رخصة
قوله تعالى : والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير
إخراج فإن خرجن فلا جناح عليكم في ما فعلن في أنفسهن من معروف والله عزيز حكيم
(1/737)
البخاري
والبيهقي في سننه عن ابن الزبيرقال : قلت لعثمان بن عفان والذين يتوفون منكم
ويذرون أزواجا قد نسختها الآية الأخرى فلم تكتبها أو تدعها ؟ قال : يا ابن أخي لا
أغير شيئا منه من مكانه
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله والذين يتوفون منكم
الآية
قال : كان للمتوفى عنها زوجها نفقتها وسكناها في الدار سنة فنسختها آية المواريث
فجعل لهن الربع والثمن مما ترك الزوج
وأخرج ابن جرير عن عطاء في الآية قال : كان ميراث المرأة من زوجها أن تسكن إن شاءت
من يوم يموت زوجها إلى الحول يقول فإن خرجن فلا جناح عليكم ثم نسخها ما فرض الله
من الميراث
وأخرج أبو داود والنسائي والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله والذين
يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول غير إخراج قال : نسخ
الله ذلك بآية الميراث بما فرض الله لهن من الربع والثمن ونسخ أجل الحول بأن جعل
أجلها أربعة أشهر وعشرا
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي من طريق ابن سيرين عن ابن
عباس
أنه قام يخطب الناس فقرأ لهم سورة البقرة فبين لهم منها فأتى على هذه الآية إن ترك
خيرا الوصية للوالدين والأقربين البقرة الآية 180 فقال : نسخت هذه ثم قرأ حتى أتى
على هذه الآية والذين يتوفون منكم إلى قوله غير إخراج فقال : وهذه
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق عن جابر بن عبد الله قال : ليس للمتوفى عنها زوجها نفقة
حسبها الميراث
وأخرج أبو داود في ناسخه والنسائي عن عكرمة في قوله والذين يتوفون منكم ويذرون
أزواجا وصية لأزواجهم متاعا إلى الحول قال : نسخها والذين يتوفون منكم ويذرون
أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا البقرة الآية 234
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن زيد بن أسلم في قوله والذين يتوفون منكم ويذرون
أزواجا وصية لأزواجهم قال : كانت المرأة يوصى لها زوجا بنفقة
(1/738)
سنة
ما لم تخرج وتتزوج فنسخ ذلك بقوله والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن
بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا البقرة الآية 234 فنسخت هذه الآية الأخرى وفرض عليهن
التربص أربعة أشهر وعشرا وفرض لهن الربع والثمن
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن زيد بن أسلم عن قتادة في الآية قال : كانت
المرأة يوصي لها زوجا بالسكنى والنفقة ما لم تخرج وتتزوج ثم نسخ ذلك وفرض لها
الربع إن لم يكن لزوجها ولد والثمن إن كان لزوجها ولد ونسخ هذه الآية قوله يتربصن
بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا البقرة الآية 234 فنسخت هذه الآية الوصية إلى الحول
وأخرج ابن راهويه في نفسيره عن مقاتل بن حيان " أن رجلا من أهل الطائف قدم
المدينة وله أولاد رجال ونساء ومعه أبواه وإمرأته فمات بالمدينة فرفع ذلك للنبي
صلى الله عليه و سلم فأعطى الوالدين وأعطى أولاده بالمعروف ولم يعط امرأته شيئا
غير أنهم أمروا أن ينفقوا عليها من تركة زوجها إلى الحوا وفيه نزلت والذين يتوفون منكم
ويذرون أزواجا
الآية "
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله فلا جناح عليكم فيما فعلن في
لأنفسهن من معروف قال : النكاح الحلال الطيب
قوله تعالى : وللمطلاقات متاع بالمعروف حقا على المتقين كذلك يبين الله لكم آياته
لعلكم تعقلون
ابن جرير عن ابن زيد قال : لما نزل قوله متاعا بالمعروف حقا على المحسنين قال رجل
: إن أحسنت فعلت وإن لم أرد ذلك لم أفعل فأنزل الله وللمطلاقات متاع بالمعروف حقا
على المتقين
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال : نسخت هذه الآية التي بعدها قوله وإن
طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم البقرة الآية 237
نسخت وللمطلاقات متاع بالمعروف
(1/739)
وأخرج
عن عتاب بن خصيف في قوله للمطلقات متاع قال : كان ذلك قبل الفرائض
وأخرج مالك وعبد الرزاق والشافعي وعبد بن حميد والنحاس في ناسخه وابن المنذر
والبيهقي عن ابن عمر قال : لكل مطلقة متعة إلا التي يطلقها ولم يدخل بها وقد فرض
لها كفى بالنصف متاعا
وأخرج ابن المنذر عن علي بن أبي طالب قال : لكل مؤمنة طلقت حرة أو أمة متعة وقرأ
وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين
وأخرج البيهقي عن جابر بن عبد الله قال " لما طلق حفص بن المغيرة امرأته
فاطمة أتت النبي صلى الله عليه و سلم فقال لزوجها
متعها
قال : لا أجد ما أمتعها
قال : فإنه لا بد من المتاع متعها ولو نصف صاع من تمر "
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين قال :
لكل مطلقة متعة
وأخرج عبد بن حميد عن يعلى بن حكيم قال : قال رجل لسعيد بن جبير : المتعة على كل
أحد هي ؟ قال : لا
قال : فعلى من هي ؟ قال : على المتقين
وأخرج البيهقي عن قتادة قال : طلق رجل امرأته عند شريح فقال له شريح : متعتها ؟
فقالت المرأة : إنه ليس لي عليه متعة إنما قال الله وللمطلقات متاع بالمعروف حقا
على المتقين وللمطلقات متاع بالمعروف على المحسنين وليس من أولئك
وأخرج البيهقي عن شريح أنه قال لرجل فارق امرأته : لا تأب أن تكون من المتقين لا
تأب أن تكون من المحسنين
وأخرج الشافعي عن جابر بن عبد الله قال : نفقة المطلقة ما لم تحرم فإذا حرمت فمتاع
بالمعروف
قوله تعالى : ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله
موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون وقاتلوا في
سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم
(1/740)
وكيع
والفريابي وابن جرير وابن المنذر والحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في
قوله ألم تر إلى الذين أخرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت قال : كانوا أربعة
آلاف خرجوا فرارا من الطاعون وقالوا : نأتي أرضا ليس بها موت حتى إذا كانوا بموضع
كذا وكذا قال لهم الله : موتوا
فمر عليهم نبي من الأنبياء فدعا ربه أن يحييهم حتى يعبدوه فأحياهم
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في الآية قال : كانوا
أربعة آلاف من أهل قرية يقال لها داوردان خرجوا فارين من الطاعون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق أسباط عن السدي عن أبي مالك في
الآية قال : كانت قرية يقال لها داوردان قريب من واسط فوقع فيهم الطاعون فأقامت
طائفة وهربت طائفة فوقع الموت فيمن أقام وسلم الذين أجلوا فلما ارتفع الطاعون
رجعوا إليهم فقال الذين بقوا : إخواننا كانوا أحزم منا لو صنعنا كما صنعوا سلمنا
ولئن بقينا إلى أن يقع الطاعون لنصنعن كما صنعوا
فوقع الطاعون من قابل فخرجوا جميعا الذين كانوا أجلوا والذين كانوا أقاموا وهم
بضعة وثلاثون ألفا فساروا حتى أتوا واديا فسيحا فنزلوا فيه وهو بين جبلين فبعث الله
لإليهم ملكين ملكا بأعلى الوادي وملكا بأسفله فناداهم : أن موتوا فماتوا
فمكثوا ما شاء الله ثم مر بهم نبي يقال حزقيل فرأى تلك العظام فوقف متعجبا لكثرة
ما يرى منهم فأوحى الله إليه أن ناد أيتها العظام إن الله أمرك أن تجتمعي فاجتمعت
العظام من أعلى الوادي وأدناه حتى التزق بعضها بعض كل عظم من جسد التزق بجسده
فصارت أجسادا من عظام لا لحم ولا دم ثم أوحى الله إليه أن ناد أيتها العظام إن
الله يأمرك أن تكتسي لحما فاكتست لحما ثم أوحى الله إليه أن ناد أيتها الأجساد إن
الله يأمرك أن تقومي فبعثوا أحياء
فرجعوا إلى بلادهم فأقاموا لا يلبسون ثوبا إلا كان عليهم كفنا دسما يعرفهم أهل ذلك
الزمان أنهم قد ماتوا ثم أقاموا حتى أتت عليهم آجالهم بعد ذلك قال أسباط : وقال
منصور عن مجاهد : كان كلامهم حين بعثوا أن قالوا سبحانك اللهم ربنا وبحمدك لا إله
إلا أنت
!
(1/741)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن عبد العزيز في قوله تعالى ألم تر إلى الذين أخرجوا من
ديارهم قال : هم من أذرعات
وأخرج عن أبي صالح في الآية قال : كانوا تسعة آلاف
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف
حذر الموت قال : مقتهم الله على فرارهم من الموت فأماتهم الله عقوبة الله ثم بعثهم
إلى بقية آجالهم ليستوفوها ولو كانت آجال القوم جاءت ما بعثوا بعد موتهم
وأخرج ابن جرير عن أشعث بن أسلم البصري قال : بينا عمر يصلي ويهوديان خلفه قال
أحدهما لصاحبه : أهو هو ؟ فلما انتعل عمر قال : أرأيت قول أحدكما لصاحبه أهو هو ؟
قالا : إنا نجده في كتابنا قرنا من حديد يعطى ما يعطى حزقيل الذي أحيا الموتى بإذن
الله
فقال عمر : ما نجد في كتاب الله حزقيل ولا أحيا الموتى بإذن الله إلا عيسى
قال : أما تجد في كتاب الله ورسلا لم نقصصهم عليك النساء الآية 164 ؟ فقال عمر :
بلى
قال : وأما إحياء الموت فسنحدثك أن بني اسرائيل وقع عليهم الوباء فخرج منهم قوم
حتى إذا كانوا على رأس ميل أماتهم الله فبنوا عليهم حائطا حتى إذا بليت عظامهم بعث
الله حزقيل فقام عليهم فقال ما شاء الله فبعثهم الله له فأنزل الله في ذلك ألم تر
إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف
الآية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن هلال بن يساف في الآية قال : هؤلاء قوم من بني
اسرائيل كانوا إذا وقع فيهم الطاعون خرج أغنيائهم وأشرافهم وأقام فقراؤهم وسفلتهم
فاستحر القتل على المقيمين ولم يصب الآخرين شيء فلما كان عام من تلك الأعوام قالوا
: لو صنعنا كما صنعوا نجونا فظعنوا جميعا فأرسل عليهم الموت فصاروا عظاما تبرق
فجاءهم أهل القرى فجمعوهم في مكان واحد فمر بهم نبي فقال : يا رب لو شئت أحييت
هؤلاء فعمروا بلادك وعبدوك
فقال : قل كذا وكذا فتكلم به فنظر إلى العظام تركب ثم تكلم فإذا العظام تكسى لحما
ثم تكلم فإذا هم قعود يسبحون ويكبرون ثم قيل لهم وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن
الله سميع عليم
(1/742)
وأخرج
عبد الرزاق عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في الآية قال : هم قوم فروا من الطاعون
فأماتهم الله قبل آجالهم عقوبة ومقتا ثم أحياهم ليكملوا بقية آجالهم
وأخرج ابن جرير عن وهب بن منبه
أن كالب بن يوقنا لما قبضه الله بعد يوشع خلف في بني اسرائيل حزقيل من بوزى وهو
ابن العجوز وإنما سمي ابن العجوز لأنها سألت الله الولد وقد كبرت فوهبه لها وهو
الذي دعا للقوم الذين ذكر الله في كتابه في قوله ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم
الآية
وأخرج عبد بن حميد عن وهب قال : أصاب ناسا من بني اسرائيل بلاء وشدة من زمان فشكوا
ما أصابهم وقالوا : يا ليتنا قد متنا فاسترحنا مما نحن فيه فأوحى الله إلى حزقيل
أن قومك صاحوا من البلاء وزعموا أنهم ودوا لو ماتوا واستراحوا وأي راحة لهم في
الموت أيظنون أني لا أقدر على أن أبعثهم بعد الموت ؟ فانطلق إلى جبانة كذا وكذا
فإن فيها أربعة آلاف قال وهب : وهم الذين قال الله ألم تر إلى الذين خرجوا من
ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقم فناد فيهم وكانت عظامهم قد تفرقت كما فرقتها الطير
والسباع فنادى حزقيل : أيتها العظام إن الله يأمرك أن تجتمعي فاجتمع عظام كل إنسان
منهم معا ثم قال : أيتها العظام إن الله يأمرك أن ينبت العصب والعقب فتلازمت
واشتدت بالعصب والعقب ثم نادى جزقيل فقال : أيتها العظام إن الله يأمرك أن تكتسي
اللحم
فاكتست اللحم وبعد اللحم جلدا فكانت أجسادا ثم نادى حزقيل الثالثة فقال : أيتها
الأرواح إن الله يأمرك أن تعودي في أجسادك
فقاموا بإذن الله فكبروا تكبيرة رجل واحد
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله ألم تر إلى
الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت يقول : عدد كثير خرجوا فرارا من الجهاد
في سبيل الله فأماتهم الله حتى ذاقوا الموت الذي فروا منه ثم أحياهم وأمرهم أن
يجاهدوا عدوهم فذلك قوله وقاتلوا في سبيل الله واعلموا أن الله سميع عليم وهم
الذين قالوا لنبيهم ابعث ملكا نقاتل في سبيل الله البقرة الآية 246
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في الآية
(1/743)
قال
: كانوا أربعين ألفا وثمانية آلاف حظر عليهم حظائر وقد أروحت أجسادهم وأنتنوا
فإنها لتوجد اليوم في ذلك السبط من اليهود تلك الريح خرجوا فرارا من الجهاد في
سبيل الله فأماتهم ثم أحياهم فأمرهم بالجهاد فذلك قوله وقاتلوا في سبيل الله
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : خرجوا فرارا من الطاعون وهم ألوف ليست
الفرقة أخرجتهم كما يخرج للحرب والقتال قلوبهم مؤتلفة فلما كانوا حيث ذهبوا يبتغون
الحياة قال الله لهم : موتوا ومر رجل بها وهي عظام تلوح فوقف ينظر فقال أنى يحيى
هذه الله بعد موتها فأماته الله مائة عام البقرة الآية 259
وأخرج البخاري والنسائي عن عائشة قالت " سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم
عن الطاعون فأخبرني أنه كان عذابا يبعثه الله على من يشاء وجعله رحمة للمؤمنين
فليس من رجل يقع الطاعون ويمكث في بلده صابرا محتسبا يعلم أنه لا يصيبه إلا ما كتب
الله له إلا كان له مثل أجر الشهيد "
وأخرج أحمد والبخاري والنسائي ومسلم وأبو داود والنسائي عن عبد الرحمن بن عوف
" سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول في الطاعون : إذا سمعتم به بأرض
فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه "
وأخرج سيف في الفتوح عن شرحبيل بن حسنة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إذا وقع الطاعون بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فإن الموت في أعناقكم وإذا بأرض
فلا تدخلوها فإنه يحرق القلوب "
وأخرج عبد بن حميد عن أم أيمن " أنه سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يوصي
بعض أهله فقال : وإن أصاب الناس موتان وأنت فيهم فاثبت "
وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا في كتاب الطواعين وأبو يعلى والطبرلني في الأوسط وابن
عدي في الكامل عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا تفنى
أمتي إلا بالطعن والطاعون
قلت : يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه فما الطاعون ؟ قال : غدة كغدة البعير
المقيم بها كالشهيد والفار منه كالفار من الزحف "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبزار وابن خزيمة والطبراني عن جابر بن عبد الله
(1/744)
الذي
يقرض الله قرضا حسنا
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا أهل الإسلام أقرضوا الله من أموالكم
يضاعفه لكم أضعافا كثيرة
فقال له ابن الدحداحة : يا رسول الله لي مالان مال بالعالية ومال في بني ظفر فابعث
خارصك فليقبض خيرهما
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لفروة بن عمر : انطلق فانظر خيرهما فدعه واقبض
الآخر فانطلق فأخبره فقال : ما كنت لأقرض ربي شر ما أملك ولكن أقرض ربي خير ما
أملك إني لا أخاف فقر الدنيا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا رب عذق مدلل لابن الدحداح في الجنة
"
وأخرج ابن سعد عن الشعبي قال " استقرض رسول الله صلى الله عليه و سلم من رجل
تمرا فلم يقرضه قال : لو كان هذا نبيا لم يستقرض فأرسل الله إلى أبي الدحداح
فاستقرضه فقال : والله لأنت أحق بي وبمالي وولدي من نفسي وإنما هو مالك فخذ منه ما
شئت اترك لنا ما شئت فلما توفي أبو الدحداح قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
رب عذق مدلل لأبي الدحداح في الجنة "
وأخرج ابن اسحق وابن المنذر عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية من ذا الذي يقرض
الله قرضا حسنا
الآية
في ثابت بن الدحداحة حين تصدق بماله
وأخرج عبد بن حميد وابن ابي حاتم عن عمر بن الخطاب في قوله من ذا الذي يقرض الله
قرضا حسنا قال : النفقة في سبيل الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن رجلا على عهد النبي صلى
الله عليه و سلم لما سمع هذه الآية قال : أنا أقرض الله فعمد إلى خير مال له فتصدق
به
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله فيضاعفه له أضعافا كثيرة قال : هذا التضيعف لا
يعلم الله أحدا ما هو
وأخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي عثمان النهدي قال : بلغني عن أبي
هريرة حديث أنه قال : إن الله ليكتب لعبده المؤمن بالحسنة الواحدة ألف ألف حسنة
فحججت ذلك العام ولم أكن أريد الحج إلا لألقاه في هذا الحديث فلقيت أبا هريرة فقلت
له ؟ فقال : ليس هذا قلت : ولم يحفظ الذي حدثك إنما قلت أن الله ليعطي العبد
المؤمن بالحسنة الواحدة ألفي ألف حسنة ثم قال أبو هريرة :
(1/745)
قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " الفار من الطاعون كالفار من الزحف
والصابر فيه كالصابر في الزحف "
قوله تعالى : من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض
ويبسط الرزق وإليه ترجعون
سعيد بن منصور وابن سعد والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحكيم
الترمذي في نوادر الأصول والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال
" لما نزلت من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له قال أبو الدحداح
الأنصاري : يا رسول الله وإن الله ليريد منا القرض ؟ قال : نعم يا أبا الدحداح
قال : أرني يدك يا رسول الله فناوله يده قال : فإني أقرضت ربي حائطي وحائط له فيه
ستمائة نخلة وأم الدحداح فيه وعيالها فجاء أبو الدحداح فناداها : يا أم الدحداح
قالت : لبيك
قال : اخرجي فقد أقرضته ربي عز و جل "
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن زيد بن أسلم قال " لما نزل من ذا الذي يقرض
الله قرضا حسنا الآية
جاء أبو الدحداح إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا نبي الله ألا أرى ربنا
يستقرضنا مما أعطانا لأنفسنا وإن لي أرضين أحداهما بالعالية والأخرى بالسافلة وإني
قد جعلت خيرهما صدقة وكان النبي صلى الله عليه و سلم يقول : كم من عذق مدلل لأبي
الدحداح في الجنة "
وأخرج الطبراني في الأوسط وزيد بن أسم عن أبيه عن عمر بن الخطاب
مثله
وأخرج ابن مردويه من طريق زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن الأعرج عن أبي هريرة
قال " لما نزلت من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا
قال ابن الدحداح : يا رسول الله لي حائطان أحداهما بالسافلة والآخر بالعالية وقد
أقرضت ربي إحداهما
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : قد قبله منك
فأعطاه النبي صلى الله عليه و سلم اليتامى الذين في حجره فكان النبي صلى الله عليه
و سلم يقول : رب عذق لابن الدحداح مدلى في الجنةوأخرج ابن سعد عن يحيى بن أبي كثير
قال " لما نزلت هذه الآية :
(1/746)
أو
ليس تجدون هذا في كتاب الله من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا
كثيرة فالكثيرة عند الله أكثر من ألف ألف وألفي ألف والذي نفسي بيده لقد سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول " إن الله يضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة "
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان في صحيحه وابن مردويه والبيهقي في شعب
الإيمان عن ابن عمر قال : لما نزلت مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل
حبة أنبتت سبع سنابل البقرة الآية 261 إلى آخرها
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " رب زد أمتي
فنزلت من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة قال : رب زد أمتي
فنزلت إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب الزمر الآية 10
وأخرج ابن المنذر عن سفيان قال : لما نزلت من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها الأنعام
الآية 160 قال : رب زد أمتي
فنزلت من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا
الآية
قال : رب زد أمتي
فنزلت مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل
البقرة الآية 261 الآية
قال : رب زد أمتي
فنزلت إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب الزمر الآية 10 فانتهى "
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله قرضا حسنا قال : النفقة على الأهل
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم من طريق أبي سفيان عن أبي حيان عن أبيه عن شيخ
لهم
أنه كان إذا سمع السائل يقول من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا قال : سبحان الله
والحمد لله ولا إله إلا الله هذا القرض الحسن
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب
أن رجلا قال له : سمعت رجلا يقول من قرأ قل هو الله أحد مرة واحدة بنى الله له
عشرة آلاف ألف غرفة من در وياقوت في الجنة أفأصدق بذلك ؟ قال : نعم أو عجبت من ذلك
وعشرين ألف ألف وثلاثين ألف ألف وما لا يحصى ثم قرأ فيضاعفه له أضعافا كثيرة
فالكثير من الله ما لا يحصى
(1/747)
وأخرج
أبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه
و سلم " أن ملكا بباب من أبواب السماء يقول : من يقرض الله اليوم يجز غدا
وملك بباب آخر ينادي : اللهم أعط منفقا خلفا وأعك ممسكا تلفا وملك بباب آخر ينادي
: يا أيها الناس هلموا إلى ربكم ما قل وكفى خير مما كثر وألهى وملك بباب آخر ينادي
: يا بني آدم لدوا للموت وابنوا للخراب "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" يروي ذلك عن ربه عز و جل أنه يقول : يا ابن آدم أودع من كنزك عندي ولا حرق
ولا غرق ولا سرق أوفيكه أحوج ما تكون إليه
أما قوله تعالى : والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله والله يقبض قال : يقبض الصدقة ويبسط قال :
يخلف وإليه ترجعون قال : من التراب خلقهم وإلى التراب يعودون
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه وابن ماجة وابن جرير والبيهقي في سننه عن أنس
قال " غلا السعر فقال الناس : يا رسول الله سعر لنا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق
وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة من دم ولا مال "
وأخرج أبو داود والبيهقي عن أبي هريرة " أن رجلا قال : يا رسول الله سعر
قال : بل ادعو
ثم جاءه رجل فقال : يا رسول الله سعر
فقال : بل الله يخفض ويرفع وإني لأرجو أن ألقى الله وليس لأحد عندي مظلمة "
وأخرج البزار عن علي قال : قيل : يا رسول الله قوم لنا السعر
قال : إن غلاء السعر ورخصه بيد الله أريد أن ألقى ربي وليس أحد يطلبني بمظلمة
ظلمتها إياه
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : علم الله أم فيمن يقاتل في سبيله من لا
يجد قوة وفيمن لا يقاتل في سبيله من يجد فندب هؤلاء إلى القرض فقال من ذا الذي
يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط قال : يبسط عليك
وأنت ثقيل عن الخروج لا تريده ويقبض عن هذا وهو يطيب نفسا بالخروج ويخف له فقوه
مما في يدك يكن لك في ذلك حظ
(1/748)
قوله
تعالى : ألم تر إلى الملأ من بني اسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا
ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم أن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا
ومالنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبائنا فلما كتب عليهم
القتال تواوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث
لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من
المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزداه بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من
يشاء والله واسع عليم
ابن جرير عن الربيع بن أنس في الآية قال : ذكر لنا - والله أعلم - أن موسى لما
حضرته الوفاة استخلف فتاه يوشع بن نون على بني اسرائيل وأن يوشع بن نون سار فيهم
بكتاب الله التوراة وسنة نبيه موسى ثم إن يوشع بن نون توفي واستخلف فيهم آخر فسار
فيهم بكتاب الله وسنة نبيه موسى ثم استخلف آخر فسار بهم سيرة صاحبيه ثم استخلف آخر
فعرفوا وأنكروا ثم استخلف آخر فأنكروا عامة أمره ثم استخلف آخر فأنكروا أمره كله
ثم إن بني اسرائيل أتوا نبيا من أنبيائهم حين أوذوا في أنفسهم وأموالهم فقالوا له
: سل ربك أن يكتب علينا القتال
فقال لهم ذلك النبي : هل عسيتم أن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا
الآية
فبعث الله طالوت ملكا وكان في بني اسرائيل سبطان سبط نبوة وسبط مملكة ولم يكن
طالوت من سبط النبوة ولا من سبط المملكة فلما بعث لهم ملكا أنكروا ذلك وقالوا أنى
يكون له الملك علينا فقال إن الله اصطفاه عليكم الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله ألم
(1/749)
تر
إلى الملأ من بني اسرائيل
الآية
قال : هذا حين رفعت التوراة واستخرج أهل الإيمان وكانت الجبابرة قد أخرجتهم من
ديارهم وأبنائهم فلما كتب عليهم القتال وذلك حين أتاهم التابوت قال : وكان من بني
اسرائي سبطان سبط نبوة وسبط خلافة فلا تكون الخلافة إلا في سبط الخلافة ولا تكون
النبوة إلا في سبط النبوة فقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى
يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه وليس من أحد السبطين ولا من سبط النبوة
ولا من سبط الخلافة قال إن الله اصطفاه عليكم
الآية فأبوا أن يسلموا له الرياسة حتى قال لهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه
سكينة من ربكم البقرة الآية 248 وكان موسى حين ألقى الألواح تكسرت ورفع منها وجمع
ما بقي فجعله في التابوت وكانت العمالقة قد سبت ذلك التابوت - والعمالقة فرقة من
عاد كانوا بأريحا - فجاءت الملائكة بالتابوت تحمله بين السماء والأرض وهم ينظرون
إليه حتى وضعته عند طالوت فلما رأوا ذلك قالوا : نعم فسلموا له وملكوه وكانت
الأنبياء إذا حضروا قتالا قدموا التابوت بين أيديهم
ويقولون : إن آدم نزل بذلك التابوت وبالركن وبعصا موسى من الجنة وبلغني أن التابوت
وعصا موسى في بحيرة طبرية وأنهما يخرجان قبل يوم القيامة
وأخرج ابن اسحق وابن جرير عن وهب بن منبه قال : خلف بعد موسى في بني اسرائيل يوشع
بن نون يقيم فيهم التوارة وأمر الله حتى قبضه الله ثم خلف فيهم كالب بن يوقنا يقيم
فيهم التوراة وأمر الله حتى قبضه الله ثم خلف فيهم حزقيل بن بورى وهو ابن العجوز
ثم إن الله قبض حزقيل وعظمت في بني اسرائيل الأحداث ونسوا ما كان من عهد الله
إليهم حتى نصبوا الأوثان وعبدوها من دون الله فبعث إليهم الياس بن نسي بن فنحاص بن
العيزار بن هرون بن عمران نبيا
وإنما كانت الأنبياء من بني اسرائيل بعد موسى يبعثون إليهم بتجديد ما نسوا من
التوراة وكان الياس مع ملك من بني اسرائيل يقال له اجان وكان يسمع منه ويصدقه فكان
الياس يقيم له أمره وكان سائر بني اسرائيل قد اتخذوا صنما يعبدونه فجعل الياس
يدعوهم إلى الله وجعلوا لا يسمعون منه شيئا إلا ما كان من ذلك الملك والملوك
متفرقة بالشام كل ملك له ناحية منها يأكلها فقال ذلك الملك
(1/750)
لالياس
: ما أرى ما تدعون إليه إلا باطلا أرى فلان وفلانا - يعدد ملوك بني اسرائيل - قد
عبدوا الأوثان وهم يأكلون ويشربون ويتنعمون ما ينقص من دنياهم فاسترجع الياس وقام
شعره ثم رفضه وخرج عنه ففعل ذلك الملك فعل أصحابه وعبد الأوثان
ثم خلف من بعده فيهم اليسع فكان فيهم ما شاء الله أن يكون ثم قبضه الله إليه وخلفت
فيهم الخلوف وعظمت فيهم الخطايا وعندهم التابوت يتوارثونه كابرا عن كابر فيه
السكينة وبقة مما ترك آل موسى وآل هرون وكان لا يلقاهم عدو فيقدمون التابوت
ويرجعون به معهم إلا هزم الله ذلك العدو فلما عظمت أحداثهم وتركوا عهد الله إليهم
نزل بهم عدو فخرجوا إليه وأخرجوا معهم التابوت كما كانوا يخرجونه ثم زحفوا به
فقوتلوا حتى استلب من أيديهم فمرج أمره عليهم ووطئهم عدوهم حتى اصاب من أبنائهم
ونسائهم وفيهم نبي يقال له شمويل وهو الذي ذكره الله في قوله ألم تر إلى الملأ من
بني اسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم
الآية
فكلموه وقالوا ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله
وإنما كان قوام بني اسرائيل الاجتماع على الملوك وطاعة الملوك أنبياءهم وكان الملك
هو يسير بالجموع والنبي يقوم له بأمره ويأتيه بالخبر من ربه فإذا فعلوا ذلك صلح
أمرهم فإذا عتت ملوكهم وتركوا أمر أنبيائهم فسد أمرهم فكانت الملوك إذا تابعتها
الجماعة على الضلالة تركوا أمر الرسل ففريقا يكذبون فلا يقبلون منه شيئا وفريقا
يقتلون فلم يزل ذلك البلاء بهم حتى قالوا ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله فقال
لهم : إنه ليس عندكم وفاء ولا صدق ولا رغبة في الجهاد
فقالوا : إنا كنا نهاب الجهاد ونزهد فيه إنا كنا ممنوعين في بلادنا لا يطؤها أحد
فلا يظهر علينا عدو فأما إذا بلغ ذلك فإنه لا بد من الجهاد فنطيع ربنا في جهاد
عدونا ونمنع أبنائنا ونساءنا وذرارينا
فلما قالوا له ذلك سأل الله شمويل أن يبعث لهم ملكا
فقال الله : انظر القرن الذي فيه الدهن في بيتك فإذا دخل عليك رجل فنش الدهن الذي
في القرن - فهو ملك بني اسرائيل - فادهن رأسه منه وملكه عليهم فأقام ينتظر متى ذلك
الرجل داخلا عليه وكان طالوت رجلا دباغا يعمل الادم وكان من سبط بنيامين بن يعقوب
وكان سبط بنيامين سبطا لم يكن فيهم نبوة ولا ملك فخرج
(1/751)
طالوت
في ابتغاء دابة له أضلته ومعه غلام فمرا ببيت النبي عليه السلام فقال غلام طالوت
لطالوت : لو دخلت بنا على هذا النبي فسألناه عن أمر دابتنا فيرشدنا ويدعو لنا فيها
بخير
فقال طالوت : ما بما قلت من بأس فدخلا عليه فبينما هما عنده يذكران له من شأن
دابتهما ويسألانه أن يدعو لهما فيها إذ نش الدهن الذي في القرن فقالم النبي عليه
السلام فأخذه ثم قال لطالوت : قرب رأسك فقربه فدهنه منه ثم قال : أنت ملك بني
اسرائيل الذي أمرني الله أن أملكك عليهم وكان اسم طالوت بالسريانية شاول بن قيس بن
أشال بن ضرار بن يحرب بن أفيح بن أنس بن يامين بن يعقوب بن اسحق بن إبراهيم فجلس
عنده وقال : الناس ملك طالوت
فأتت عظماء بني اسرائيل نبيهم فقالوا له : ما شأن طالوت تملك علينا وليس من بيت
النبوة ولا المملكة قد عرفت أن النبوة والملك في آل لاوي وآل يهوذا ؟ ! فقال لهم
إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من وجه آخر عن وهب بن منبه قال : قالت بنو اسرائيل
لشمويل : ابعث ملكا نقاتل في سبيل الله قال : قد كفاكم الله القتال
قالوا : إنا نتخوف من حولنا فيكون لنا ملك نفزع إليه فأوحى الله إلى شمويل : أن
ابعث لهم طالوت ملكا وادهنه بدهن القدس
وضلت حمر لأبي طالوت فأرسله وغلاما له يطلبانها فجاؤوا إلى شمويل يسألونه عنها
فقال : إن الله قد بعثك ملكا على بني اسرائيل
قال : أنا ؟ ! قال : نعم
قال : وما علمت أن سبطي أدنى أسباط بني اسرائيل ؟ قال : بلى
قال : فبأي آية ؟ قال : بآية أن ترجع وقد وجد أبوك حمره فدهنه بدهن القدس فقال
لبني اسرائيل إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك
الآية
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله إذ قالوا لنبي لهم قال : شمؤل
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في الآية قال : هو يوشع بن نون
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن مرة عن أبي عبيدة إذ قالوا لنبي لهم قال :
الشمول ابن حنة بن العاقر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : كانت بنو اسرائيل يقاتلون
العمالقة وكان ملك العمالقة جالوت وأنهم ظهروا على بني اسرائيل فضربوا عليهم
الجزية وأخذوا توراتهم وكانت بنو اسرائيل يسألون الله أن يبعث لهم نبيا
(1/752)
يقاتلون
معه وكان سبط النبوة قد هلكوا فلم يبق منهم إلا امرأة حبلى فأخذوها فحبسوها في بيت
رهبة أن تلد جارية فتبدله بغلام لما ترى من رغبة بني اسرائيل في ولدها فجعلت تدعو
الله أن يرزقها غلاما فولدت غلاما فسمته شمعون
فكبر الغلام فأسلمته يتعلم التوراة في بيت المقدس وكفله شيخ من علمائهم وتبناه
فلما بلغ الغلام أن يبعثه الله نبيا أتاه جبريل والغلام نائم إلى جنب الشيخ وكان
لا يأتمن عليه أحدا غيره فدعاه بلحن الشيخ يا شماؤل فقام الغلام فزعا إلى الشيخ
فقال : يا أبتاه دعوتني ؟ فكره الشيخ أن يقول لا فيفزع الغلام فقال : يا بني ارجع
فنم
فرجع فنام ثم دعاه الثانية فأتاه الغلام أيضا فقال : دعوتني ؟ فقال : ارجع فنم فإن
دعوتك الثالثة فلا تجبني
فلما كانت الثالثة ظهر له جبريل فقال : اذهب إلى قومك فبلغهم رسالة ربك فإن الله
قد بعثك فيهم نبيا فلما أتاهم كذبوه وقالوا : استعجلت النبوة ولم يأن لك وقالوا :
إن كنت صادقا فابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله آية نبوتك
فقال لهم شمعون : عسى إن كتب عليكم القتال أن لا تقاتلوا قالوا وما لنا لا نقاتل
في سبيل الله
الآية
فدعا الله فأتي بعصا تكون على مقدار طول الرجل الذي يبعث فيهم ملكا
فقال : إن صاحبكم يكون طوله طول هذه العصا
فقاسوا أنفسهم بها فلم يكونوا مثلها
وكان طالوت رجلا سقاء يسقي على حمار له فضل حماره فانطلق يطلبه في الطريق فلما
رأوه دعوه فقاسوه فكان مثلها
فقال له نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قال القوم : ما كنت قط أكذب منك
الساعة ونحن من سبط المملكة وليس هو من سبط المملكة ولم يؤت سعة من المال فنتبعه
لذلك
فقال النبي إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم قالوا : فإن كنت
صادقا فإتنا بآية أن هذا ملك
قال إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت
البقرة الآية 248 الآية
فأصبح التابوت وما فيه في دار طالوت فآمنوا بنبوة شمعون وسلموا بملك طالوت
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة قال : كان طالوت سقاء يبيع الماء
(1/753)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله قالوا أنى يكون له
الملك علينا قال : لم يقولوا ذلك إلا أنه كان في بني اسرائيل سبطان كان في أحدهما
النبوة وفي الآخر الملك فلا يبعث نبي إلا من كان من سبط النبوة ولا يملك على الأرض
أحد إلا من كان من سبط الملك وأنه ابتعث طالوت حين ابتعثه وليس من أحد السبطين قال
إن الله اصطفاه يعني اختاره عليكم
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك في قوله أنى يعني من أين
وأخرج ابن ابي حاتم من طريق السدي عن أبي مالك عن ابن عباس وزاده بسطة يقول :
فضيلة في العلم والجسم يقول : كان عظيما جسيما يفضل بني اسرائيل بعنقه
وأخرج ابن ابي حاتم عن وهب بن منبه في قوله وزاده بسطة في العلم قال : العلم
بالحرب
وأخرج ابن جرير عن وهب في قوله والجسم قال : كان فوق بني اسرائيل بمنكبيه فصاعدا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد والله يؤتي ملكه من يشاء قال : سلطانه
وأخرج ابن المنذر عن وهب أنه سئل أنبي كان طالوت ؟ قال : لا لم يأته وحي
وأخرج اسحق بن بشر في المبتدأ وابن عساكر من طريق جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن
عباس ومن طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله ألم تر إلى الملأ يعني ألم
تخبر يا محمد عن الملأ من بني اسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم اشمويل ابعث
لنا ملكا نقاتل إلى قوله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا يعني أخرجتنا العمالقة
وكان رأس العمالقة يومئذ جالوت فسأل الله نبيهم أن يبعث لهم ملكا
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ألم تر إلى الملأ من بني اسرائيل من بعد موسى
(1/754)
قال
: هم الذين قال الله ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا
الزكاة النساء الآية 77
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير ونحن أحق بالملك منه قال : لأنه لم يكن من سبط
النبوة ولا من سبط الخلافة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : بعث الله لهم طالوت ملكا وكان من سبط لم تكن فيه
مملكة ولا نبوة وكان في بني اسرائيل سبطان سبط نبوة وسبط مملكة فكان سبط النبوة
سبط لاوي وكان سبط المملكة سبط يهوذا فلما بعث طالوت من غير سبط النبوة والمملكة
أنكروا ذلك وعجبوا منه و قالوا أنى يكون له الملك علينا قالوا : كيف يكون له الملك
وليس من سبط النبوة ولا المملكة
وأخرج عبد بن حميد عن أبي عبيدة قال : كان في بني اسرائيل رجل له ضرتان وكانت
إحداهما تلد والأخرى لا تلد فاشتد على التي لا تلد فتطهرت فخرجت إلى المسجد لتدعو
الله فلقيها حكم على بني اسرائيل - وحكماؤهم الذين يدبرون أمورهم - فقال : أين
تذهبين ؟ قالت : حاجة لي إلى ربي
قال : اللهم اقض لها حاجتها فعلقت بغلام وهو الشمول فلما ولدت جعلته محررا وكانوا
يجعلون المحرر إذا بلغ السعي في المسجد يخدم أهله فلما بلغ الشمول السعي دفع إلى
أهل المسجد يخدم فنودي الشمول ليلة فأتى الحكم فقال : دعوتني ؟ فقال : لا فلما
كانت الليلة الأخرى دعي فأتى الحكم فقال : دعوتني ؟ فقال : لا وكان الحكم يعلم كيف
تكون النبوة فقال : دعيت البارحة الأولى ؟ قال : نعم
قال : ودعيت البارحة ؟ قال : نعم
قال : فإن دعيت الليلة فقل لبيك وسعديك والخير بين يديك والمهدي من هديت أنا عبدك
بين يديك مرني بما شئت
فأوحي إليه فأتى الحكم فقال : دعيت الليلة ؟ قال : نعم وأوحي إلي
قال : فذكرت لك بشيء ؟ قال : لا عليك أن لا تسألني
قال : ما أبيت أن تخبرني إلا وقد ذكرت لك شيء من أمري فألح عليه وأبى أن يدعه حتى
أخبره
فقال : قيل لي : إنه قد حضرت هلكتك وارتشى ابنك في حكمك فكان لا يدبر أمرا إلا
انتكث ولا يبعث جيشا إلا هزم حتى بعث جيشا وبعث معهم بالتوراة
(1/755)
يستفتح
بها فهزموا وأخذت التوراة فصعد المنبر وهو آسف غضبان فوقع فانكسرت رجله أو فخذه
فمات من ذلك فعند ذلك قالوا لنبيهم : ابعث لنا ملكا وهو الشمول بن حنة العاقر
قوله تعالى : وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم
وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون تحمله الملائكة إن في ذلك لآية لكم إن كنتم
مؤمنين
ابن المنذر من طريق الزهري عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال : أمرني عثمان بن
عفان أن أكتب له مصحفا فقال : إني جاعل معك رجلا لسنا فصيحا فما جتمعتما عليه
فاكتباه وما اختلفتما فيه فارفعا إلي
قال زيد : فقلت أنا : التابوه
وقال أبان بن سعيد : التابوت
فرفعاه إلى عثمان فقال : التابوت فكتبت
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن عمرو بن دينار
أن عثمان بن عفان أمر فتيان المهاجرين والأنصار أن يكتبوا المصاحف قال : فما
اختلفتم فيه فاجعلوه بلسان قريش
فقال المهاجرون : التابوت
وقال الأنصار : التابوه
فقال عثمان : اكتبوه بلغة المهاجرين
التابوت
وأخرج ابن سعد والبخاري والترمذي والنسائي وابن أبي داود وابن الأنباري معا في
المصاحف وابن حبان والبيهقي في سننه من طريق الزهري عن أنس بن مالك
أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في قرى أرمينية وأذربيجان
مع أهل العراق فرأى حذيفة اختلافهم في القرآن فقال لعثمان : يا أمير المؤمنين أدرك
هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب كما اختلف اليهود والنصارى فأرسل إلى حفصة أن
أرسلي إلي بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك فأرسلت حفصة إلى عثمان بالصحف
فأرسل عثمان إلى زيد بن ثابت وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام وعبد
الله بن الزبير : أن انسخوا الصحف في
(1/756)
المصاحف
وقال للرهط القرشيين الثلاثة : ما اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت فاكتبوه بلسان قريش
فإنما نزل بلسانها
قال الزهري : فاختلفوا يومئذ في التابوت والتابوه
فقال النفر القرشيون : التابوت
وقال زيد : التابوه
فرفع اختلافهم إلى عثمان فقال : اكتبوا التابوت فإنه بلسان قريش أنزل
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن وهب بن منبه
أنه سئل عن تابوت موسى ما سعته ؟ قال : نحو من ثلاثة أذرع في ذراعين
أما قوله تعالى : فيه سكينة من ربكم
أخرج ابن المنذر وابن ابي حاتم عن ابن عباس قال : السكينة الرحمة
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس قال : السكينة الطمأنينة
أخرج ابن المنذر وابن ابي حاتم عن ابن عباس قال : السكينة دابة قدر الهر لها عينان
لهما شعاع وكان إذا التقى الجمعان أخرجت يديها ونظرت إليهم فيهزم الجيش من الرعب
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند فيه من لا يعرف من طريق خالد بن عرعرة عن علي عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال " السكينة ريح خجوج "
وأخرج ابن جرير من طريق خالد بن عرعرة عن علي قال : السكينة ريح خجوج ولها رأسان
وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والحاكم وصححه وابن عساكر والبيهقي في الدلائل من طريق أبي الأحوص عن علي قال :
السكينة لها وجه كوجه الإنسان ثم هي بعد ريح هفافة
وأخرج سفيان بن عينية وابن جرير من طريق سلمة بن كهيل عن علي في قوله فيه سكينة من
ربكم قال : ريح هفافة لها صورة ولها وجه كوجه الإنسان
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر عن سعد بن مسعود الصدفي " أن النبي صلى الله
عليه و سلم كان في مجلس فرفع نظره إلى السماء ثم طأطأ نظره ثم رفعه فسئل عن ذلك ؟
فقال : إن هؤلاء القوم الذين كانوا يذكرون الله - يعني أهل مجلس أمامه - فنزلت
عليهم السكينة تحملها الملائكة كالقبة فلما دنت منهم تكلم رجل منهم بباطل فرفعت
عنهم "
وأخرج سفيان بن عينية وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في
(1/757)
الدلائل
عن مجاهد قال : السكينة من الله كهيئة الريح لها وجه كوجه الهر وجناحان وذنب مثل
ذنب الهر
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير من طريق أبي مالك عن ابن عباس فيه
سكينة من ربكم قال : طست من ذهب من الجنة كان يغسل فيها قلوب الأنبياء ألقى موسى
فيها الألواح
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن ابي حاتم عن وهب بن منبه
أنه سئل عن السكينة ؟ فقال : روح من الله تتكلم إذا اختلفوا في شيء تكلم فأخبرهم
ببيان ما يريدون
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن فيه سكينة قال : فيه شيء تسكن إليه قلوبهم يعني ما
يعرفون من الآيات يسكنون إليه
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة فيه سكينة أي وقار
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس وبقية مما ترك آل موسى قال : عصاه ورضاض
الألواح
وأخرج وكيع وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير عن أبي صالح قال : كان في
التابوت عصا موسى وعصا هارون وثياب موسى وثياب هارون ولوحان من التوراة والمن
وكلمة الفرج لا إله إلا الله الحليم الكريم وسبحان الله رب السموات السبع ورب
العرش العظيم والحمد لله رب العالمين
وأخرج اسحق بن بشر في المبتدأ وابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس
قال : البقية رضاض الألواح وعصا موسى وعمامة هارون وقباء هارون الذي كان فيه
علامات الأسباط وكان فيه طست من ذهب فيه صاع من من الجنة وكان يفطر عليه يعقوب
أما السكينة فكانت مثل رأس هرة من زبرجدة خضراء
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله تحمله الملائكة قال : أقبلت به
الملائكة تحمله حتى وضعته في بيت طالوت فأصبح في داره
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس إن في ذلك لآية قال : علامة
(1/758)
قوله
تعالى : فلما فصل طالوت بالجنود قال إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس مني
ومن لم يطعمه فإنه مني إلا من اغترف غرفة بيده فشربوا منه إلا قليلا منهم فلما
جاوزه هو والذين آمنوا معه قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده قال الذين يظنون
أنهم ملاقوا الله كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين
ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : خرجوا مع طالوت وهم ثمانون ألفا وكان جالوت
من أعظم الناس وأشدهم بأسا فخرج يسير بين يدي الجند فلا تجتمع إليه أصحابه حتى
يهزم هو من لقي فلما خرجوا قال لهم طالوت إن الله مبتليكم بنهر فمن شرب منه فليس
مني ومن لم يطعمه فإنه مني فشربوا منه هيبة من جالوت فعبر منهم أربعة آلاف ورجع
ستة وسبعون ألفا فمن شرب منه عطش ومن لم يشرب منه إلا غرفة روي فلما جاوزه هو
والذين آمنوا معه فنظروا إلى جالوت رجعوا أيضا و قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت
وجنوده فرجع عنه ثلاثة آلاف وستمائة وبضعة وثمانون وجلس في ثلثمائة وبضعة عشر عدة
أهل بدر
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس إن الله مبتليكم بنهر يقول : بالعطش فلما انتهوا
إلى النهر - وهو نهر الأردن - كرع فيه عامة الناس فشربوا فم يزد من شرب إلا عطشا
وأجزأ من اغترف غرفة بيده وانقطع الظمأ عنه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس فلما فصل طالوت بالجنود غازيا إلى جالوت قال طالوت
لبني اسرائيل إن الله مبتليكم بنهر بين فلسطين والأردن نهر عذب الماء طيبه فشرب كل
إنسان كقدر الذي في قلبه فمن اغترف غرفة وأطاعه روي بطاعته ومن شرب فأكثر عصى فلم
يرو جاوزه هو والذين آمنوا معه قال الذين شربوا قالوا لا طاقة لنا اليوم بجالوت
وجنوده قال الذين يظنون الذين اغترفوا
(1/759)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس إن الله مبتليكم بنهر قال : نهر فلسطين
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في الآية قال : كان الكفار يشربون فلا يروون وكان
المسلمون يغترفون غرفة فيجزئهم ذلك
وأخرج ابن ابي حاتم عن الحسن قال : في تلك الغرفة ما شربوا وسقوا دوابهم
وأخرج سعيد بن منصور عن عثمان بن عفان أنه قرأ فشربوا منه إلا قليلا منهم قال :
القليل ثلثمائة وبضعة عشر عدة أهل بدر
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والبيهقي في الدلائل عن البراء قال : كنا أصحاب محمد نتحدث أن أصحاب بدر على عدة
أصحاب طالوت الذين جاوزوا معه النهر ولم يجاوز معه إلا مؤمن بضعة عشر وثلثمائة
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا النبي صلى الله عليه و سلم قال لأصحابه يوم
بدر " أنتم بعدة أصحاب طالوت يوم لقي وكان الصحابة يوم بدر ثلثمائة وبضعة عشر
رجلا "
وأخرج ابن ابي شيبة عن أبي موسى قال : كان عدة أصحاب طالوت يوم جالوت ثلثمائة
وبضعة عشر
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبيدة قال : عدة الذين شهدوا مع النبي صلى الله عليه و سلم
بدرا كعدد الذين جاوزوا مع طالوت النهر عدتهم ثلثمائة وثلاثة عشر
وأخرج اسحق بن بشر في المبتدأ وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال
: كانوا ثلثمائة ألف وثلاثة آلاف وثلثمائة وثلاثة عشر رجلا فشربوا منه كلهم إلا
ثلثمائة وثلاثة عشر رجلا عدة أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم يوم بدر فردهم طالوت
ومضى في ثلثمائه وثلاثة عشر وكان اشمويل دفع إلى طالوت درعا فقال له : من استوى
هذا الدرع عليه فإنه يقتل جالوت بإذن الله تعالى ونادى منادي طالوت من قتل جالوت
زوجته ابنتي وله نصف ملكي ومالي
وكان الله سبب
(1/760)
هذا
الأمر على يدي داود بن ايشا وهو من ولد خصرون بن فارض بن يهود بن يعقوب
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله الذين يظنون أنهم ملاقو الله قال : الذين يستيقنون
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله الذين يظنون أنهم ملاقو الله قال :
الذين شروا أنفسهم لله ووطنوها على الموت
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : تلقى المؤمنين بعضهم أفضل من بعض جدا
وعزما وهم كلهم مؤمنون
قوله تعالى : ولما برزوا لجالوت وجنوده قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا
وانصرنا على القوم الكافرين فهزموهم بإذن الله وقتل داود جالوت وأتاه الله الملك
والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض ولكن الله ذو
فضل على العالمين تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين
الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كان طالوت أميرا
على الجيش فبعث أبو داود بشيء إلى إخوته فقال داود لطالوت : ماذا لي وأقتل جالوت ؟
فقال : لك ثلث ملكي وأنكحك ابنتي فأخذ مخلاة فجعل فيها ثلاث مروات ثم سمى إبراهيم
واسحق ويعقوب ثم أدخل يده فقال : بسم الله إلهي وإله آبائي إبراهيم وإسحق ويعقوب
فخرج على إبراهيم فجعله في مرجمته فرمى بها جالوت فخرق ثلاثة وثلاثين بيضة على
رأسه وقتلت مما وراءه ثلاثين ألفا
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن ابي حاتم عن وهب بن منبه قال : لما
برز طالوت لجالوت قال جالوت : ابرزوا لي من يقاتلني فإن قتلني فلكم
(1/761)
ملكي
وإن قتلته فلي ملككم فأتي بداود إلى طالوت فقاضاه إن قتله أن ينكحه ابنته وأن
يحكمه في ماله فألبسه طالوت سلاحا فكره داود أن يقاتله بسلاح وقال : إن الله إن لم
ينصرني عليه لم يغن السلاح شيئا فخرج إليه بالمقلاع ومخلاة فيها أحجار ثم برز له
جالوت فقال أنت تقاتلني ؟ ! قال داود : نعم
قال : ويلك ما خرجت إلا كما تخرج إلى الكلب بالمقلاع والحجارة ! لأبددن لحمك
ولأطعمنه اليوم للطير والسباع
فقال له داود : بل أنت عدو الله شر من الكلب فأخذ داود حجرا فرماه بالمقلاع فأصابت
بين عينيه حتى نفذت في دماغه فصرخ جالوت وانهزم من معه واحتز رأسه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : عبر يومئذ النهر مع طالوت أبو داود
فيمن عبر مع ثلاثة عشر ابنا له وكان داود أصغر بنيه وأنه أتاه ذات يوم فقال : يا
أبتاه ما أرمي بقذافتي شيئا إلا صرعته قال : أبشر فإن الله قد جعل رزقك في قذافتك
ثم أتاه يوما فقال : يا أبتاه لقد دخلت بين الجبال فوجدت أسدا رابضا فركبت عليه
وأخذت بأذنيه فلم يهجني
فقال : أبشر يا بني فإن هذا خير يعطيكه الله ثم أتاه يوما آخر فقال : يا أبتاه إني
لأمشي بين الجبال فأسبح فما يبقى جبل إلا سبح معي
قال : ابشر يا بني فإن هذا خير أعطاكه الله وكان داود راعيا وكان أبوه خلفه يأتي
إليه وإلى أخوته بالطعام فأتى النبي بقرن فيه دهن وبثوب من حديد فبعث به إلى طالوت
فقال : إن صاحبكم الذي يقتل جالوت يوضع هذا القرن على رأسه فيغلي حين يدهن منه ولا
يسيل على وجهه يكون على رأسه كهيئة الأكليل ويدخل في هذا الثوب فيملؤه فدعا طالوت
بني اسرائيل فجربه فلم يوافقه منهم أحد فلما فرغوا قال طالوت لأبي داود : هل بقي
لك ولد لم يشهدنا ؟ قال : نعم بقي ابني داود وهو يأتينا بطعامنا فلما أتاه داود مر
في الطريق بثلاثة أحجار فكلمنه وقلن له : يا داود تقتل بنا جالوت فأخذهن فجعلهن في
مخلاته وقد كان طالوت قال : من قتل جالوت زوجته ابنتي وأجريت خاتمه في ملكي فلما
جاء داود وضعوا القرن على رأسه فغلى حتى ادهن منه ولبس الثوب فملأه وكان رجلا مسقاما
مصفارا ولم يلبسه أحد إلا تقلقل فيه فلما لبسه داود تضايق عليه الثوب حتى تنقص ثم
مشى إلى جالوت
وكان جالوت من أجسم الناس وأشدهم فلما نظر إلى داود قذف في قلبه الرعب
(1/762)
منه
وقال له : يا فتى ارجع فإني أرحمك أن أقتلك
فقال داود : لا بل أنا أقتلك
وأخرج الحجارة فوضعها في القذافة كلما رفع حجرا سماه فقال : هذا باسم أبي إبراهيم
والثاني باسم أبي اسحق والثالث باسم أبي اسرائيل ثم أدار القذافة فعادت الأحجار
حجر واحدا ثم أرسله فصك به بين عيني جالوت فثقبت رأسه فقتله ثم لم تزل تقتل كل
إنسان تصيبه تنفذ منه حتى لم يكن بحيالها أحد فهزموهم عند ذلك وقتل داود جالوت
ورجع طالوت فأنكح داود ابنته وأجرى خاتمه في ملكه فمال الناس إلى داود وأحبوه
فلما رأى ذلك طالوت وجد في نفسه وحسده فأراد قتله فعلم به داود فسجى له زق خمر في
مضجعه فدخل طالوت إلى منام داود وقد هرب داود فضرب الزق ضربة فحرقه فسالت الخمر
منه فقال : يرحم الله داود ما كان أكثر شربه للخمر ثم إن داود أتاه من القابلة في
بيته وهو نائم فوضع سهمين عن رأسه وعند رجليه وعن يمينه وعن شماله سهمين فلما
استيقظ طالوت بصر بالسهام فعرفها فقال : يرحم الله داود هو خير مني ظفرت به فقتلته
وظفر بي فكف عني
ثم إنه ركب يوما فوجده يمشي في البرية وطالوت على فرس فقال طالوت : اليوم أقتل
داود
وكان داود إذا فزع لا يدرك
فركض على أثره طالوت ففزع داود فاشتد فدخل غارا وأوحى الله إلى العنكبوت فضربت
عليه بيتا فلما انتهى طالوت إلى الغار نظر إلى بناء العنكبوت فقال : لو دخل ههنا
لخرق بيت العنكبوت فتركه وملك داود بعد ما قتل طالوت وجعله الله نبيا وذلك قوله
وآتاه الله الملك والحكمة قال : الحكمة هي النبوة آتاه نبوة شمعون وملك طالوت
وأخرج ابن المنذر عن ابن اسحق وابن عساكر عن مكحول قالا : زعم أهل الكتاب أن طالوت
لما رأى انصراف بني اسرائيل عنه إلى داود هم بأن يغتال داود فصرف الله ذلك عنه
وعرف طالوت خطيئته والتمس التنصل منها والتوبة فأتى إلى عجوز كانت تعلم الاسم الذي
يدعى به فقال لها : إني قد أخطأت خطيئة لن يخبرني عن كفارتها إلا اليسع فهل أنت
منطلقة معي إلى قبره فداعية الله ليبعثه حتى أسأله ؟ قالت : نعم
فانطلق بها إلى قبره فصلت ركعتين ودعت فخرج
(1/763)
اليسع
إليه فسأله فقال : إن كفارة خطيئتك أن تجاهد بنفسك وأهل بيتك حتى لا يبقى منكم أحد
ثم رجع اليسع إلى موضعه وفعل ذلك طالوت حتى هلك وهلك أهل بيته فاجتمعت بنو اسرائيل
على داود فأنزل الله عليه وعلمه صنعة الحديد فألانه له وأمر الجبال والطير أن
يسبحن معه إذا سبح ولم يعط أحدا من خلقه مثل صوته وكان إذا قرأ الزبور ترنو إليه
الوحش حتى يؤخذ بأعناقها وإنها لمصغية تستمع له وما صنعت الشياطين المزامير
والبرابط والنوح إلا على أصناف صوته
أما قوله تعالى : ولولا دفع الله الآية
أخرج ابن جرير وابن عدي بسند ضعيف عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " إن الله ليدفع بالمسلم الصالح عن مائة أهل بيت من جيرانه البلاء "
ثم قرأ ابن عمر ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض
وأخرج ابن جرير بسند ضعيف عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " إن الله ليصلح بصلاح الرجل المسلم ولده وولد ولده وأهل دويرته
ودويرات حوله ولا يزالون في حفظ الله ما دام فيهم "
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابنعباس في قوله ولولا دفع الله
الناس بعضهم ببعض قال : يدفع الله بمن يصلي عمن لا يصلي وبمن يحج عمن لا يحج وبمن
يزكي عمن لا يزكي
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ولولا دفع الله الناس
الآية
يقول : ولولا دفاع الله بالبر عن الفاجر ودفعه ببقية أخلاق الناس بعضهم عن بعض
لفسدت الأرض بهلاك أهلها
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض
الآية
قال : يبتلي الله المؤمن بالكافر ويعافي الكافر بالمؤمن
وأخرج ابن جرير عن الربيع لفسدت الأرض يقول : لهلك من في الأرض
وأخرج ابن جرير عن أبي مسلم
سمعت عليا يقول : لولا بقية من المسلمين فيكم لهلكتم
(1/764)
وأخرج
أحمد والحكيم الترمذي وابن عساكر عن علي " سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : الأبدال بالشام وهم أربعون رجلا كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا
يسقي بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب "
ولفظ ابن عساكر : " ويصرف عن أهل الأرض البلاء والغرق "
وأخرج الخلال في كتاب كرامات الأولياء عن علي بن أبي طالب قال : إن الله ليدفع عن
القرية بسبعة مؤمنين يكونون فيهم
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " لن تخلو الأرض من أربعين رجلا مثل خليل الرحمن فيهم تسقون وبهم تنصرون
ما مات منهم أحد إلا أبدل الله مكانه آخر "
وأخرج الطبراني في الكبير عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " الأبدال في أمتي ثلاثون بهم تقوم الأرض وبهم تمطرون وبهم تنصرون "
وأخرج أحمد في الزهد والخلال في كرامات الأولياء بسند صحيح عن ابن عباس قال : ما
خلت الأرض من بعد نوح من سبعة يدفع الله بهم عن أهل الأرض
وأخرج الخلال بسند ضعيف عن ابن عمر قال : قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" لا يزال أربعون رجلا يحفظ الله بهم الأرض كلما مات رجل أبدل الله مكانه آخر
فهم في الأرض كلها "
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا
يزال أربعون رجلا من أمتي قلوبهم على قلب إبراهيم عليه السلام يدفع الله بهم عن
أهل الأرض يقال لهم الأبدال إنهم لن يدركوها بصلاة ولا بصوم ولا بصدقة
قالوا : يا رسول الله فيم أدركوها ؟ ! قال : بالسخاء والنصيحة للمسلمين "
وأخرج أبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " إن لله عز و جل في الخلق ثلثمائة قلوبهم على قلب آدم عليه
السلام ولله في الخلق أربعون قلوبهم على قلب موسى عليه السلام ولله في الخلق سبعة
قلوبهم على قلب إبراهيم عليه السلام ولله في الخلق خمسة قلوبهم على قلب جبريل عليه
السلام ولله في الخلق ثلاثة قلوبهم على قلب ميكائيل عليه السلام ولله في الخلق واحد
قلبه على قلب اسرافيل عليه السلام فإذا مات الواحد أبدل الله مكانه من الثلاثة
وإذا
(1/765)
مات
من الثلاثة أبدل الله مكانه من الخمسة وإذا مات من الخمسة أبدل الله مكانه من
الشبعة وإذا مات من السبعة أبدل الله مكانه من الأربعين وإذا مات من الأربعين أبدل
الله مكانه من الثلثمائة وإذا مات من الثلثمائة أبدل الله مكانه من العامة فبهم
يحيي ويميت ويمطر وينبت ويدفع البلاء
قيل لعبد الله بن مسعود : كيف بهم يحيي ويميت ؟ قال : لأنهم يسألون الله إكثار
الأمم فيكثرون ويدعون على الجبابرة فيقصمون ويستسقون فيسقون ويسألون فينبت لهم
الأرض ويدعون فيدفع بهم أنواع البلاء "
وأخرج الطبراني وابن عساكر عن عوف بن مالك قال : لا تسبوا أهل الشام فإني سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " فيهم الأبدال بهم تنصرون وبهم ترزقون
"
وأخرج ابن حبان في تاريخه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
لن تخلو الأرض من ثلاثين مثل إبراهيم خليل الله بهم تغاثون وبهم ترزقون وبهم
تمطرون "
وأخرج ابن عساكر عن قتادة قال : لن تخلو الأرض من أربعين بهم يغاث الناس وبهم
ينصرون وبهم يرزقون كلما مات منهم أحد أبدل الله مكانه رجلا
قال قتادة : والله إني لأرجو أن يكون الحسن منهم
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن المنذر عن علي بن أبي طالب قال : لم يزل على وجه
الأرض في الدهر سبعة مسلمون فصاعدا فلولا ذلك هلكت الأرض ومن عليها
وأخرج ابن جرير عن شهر بن حوشب قال : لم تبق الأرض إلا وفيها أربعة عشر يدفع الله
بهم عن أهل الأرض ويخرج بركتها إلا زمن إبراهيم فإنه كان وحده
وأخرج أحمد بن حنبل في الزهد والخلال في كرامات الأولياء عن ابن عباس قال : ما خلت
الأرض من بعد نوح من سبعة يدفع الله بهم عن أهل الأرض
وأخرج أحمد في الزهد عن كعب قال : لم يزل بعد نوح في الأرض أربعة عشر يدفع الله
بهم العذاب
وأخرج الخلال في كرامات الأولياء عن زاذان قال : ما خلت الأرض بعد نوح من اثني عشر
فصاعدا يدفع الله بهم عن أهل الأرض
وأخرج الجندي في فضائل مكة عن مجاهد قال : لم يزل على الأرض سبعة مسلمون فصاعدا
ولولا ذلك هلكت الأرض ومن عليها
(1/766)
وأخرج
الأزرقي في تاريخ مكة عن زهير بن محمد قال : لم يزل على وجه الأرض سبعة مسلمون
فصاعدا ولولا ذلك لأهلكت الأرض ومن عليها
وأخرج ابن عساكر عن أبي الزاهرية قال : الأبدال ثلاثون رجلا بالشام بهم تجارون
وبهم ترزقون إذا مات منهم رجل أبدل الله مكانه
وأخرج الخلال في كرامات الأولياء عن إبراهيم النخعي قال : ما من قرية ولا بلدة لا
يكون فيها من يدفع الله به عنهم
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء عن أبي الزناد قال : لما ذهبت النبوة
وكانوا أوتاد الأرض أخلف الله مكانهم أربعين رجلا من أمة محمد صلى الله عليه و سلم
يقال لهم الأبدال لا يموت الرجل منهم حتى ينشىء الله مكانه آخر يخلفه وهم أوتاد
الأرض قلوب ثلاثين منهم على مثل يقين إبراهيم لم يفضلوا الناس بكثرة الصلاة ولا
بكثرة الصيام ولكن بصدق الورع وحسن النية وسلامة القلوب والنصيحة لجميع المسلمين
وأخرج البخاري ومسلم وابن ماجة عن معاوية بن أبي سفيان " سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم
أو خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على الناس "
وأخرج مسلم والترمذي وابن ماجة عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر
الله وهم على ذلك "
وأخرج البخاري ومسلم عن المغيرة بن شعبة سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
: " لا يزال قوم من أمتي ظاهرين على الناس حتى يأتيهم أمر الله وهم ظاهرون
"
وأخرج ابن ماجة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " لا تزال
طائفة من أمتي قوامة على أمر الله عز و جل لا يضرها من خالفها "
وأخرج الحاكم وصححه عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة "
وأخرج مسلم والحاكم وصححه عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " لا يزال هذا الدين قائما يقاتل عليه المسلمون حتى تقوم الساعة "
وأخرج ابو داود والحاكم وصححه عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
(1/767)
قال
: " لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل
آخرهم المسيح الدجال "
وأخرج الترمذي وصححه وابن ماجة عن معاية بن قرة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " لا تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم
الساعة "
وأخرج ابن جرير والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي منبه الخولاني سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن الله
وفي لفظ : لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرسا يستعملهم في طاعته "
وأخرج مسلم عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "
لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله قاهرين لعدوهم لا يضرهم من خالفهم حتى
تاتيهم الساعة وهم على ذلك "
وأخرج مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
لا يزال أهل المغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة "
وأخرج أبو داود والحاكم وصححه عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
" إن الله يبعث لهذه الأمة على راس كل مائة سنة من يجدد لها دينها "
وأخرج الحاكم في مناقب الشافعي عن الزهري قال : فلما كان في رأس المائة من الله
على هذه الأمة بعمر بن عبد العزيز
وأخرج البيهقي في المدخل والخطيب من طريق أبي بكر المروزي قال : قال أحمد بن حنبل
: إذا سئلت عن مسألة لا أعرف فيها خبرا قلت فيها بقول الشافعي لأنه ذكر في الخبر
عن النبي صلى الله عليه و سلم " إن الله يقيض في رأس كل مائة سنة من يعلم
الناس السنن وينفي عن النبي صلى الله عليه و سلم الكذب فنظرنا في رأس المائة عمر
بن عبد العزيز وفي رأس المائتين الشافعي "
وأخرج النحاس عن سفيان بن عينية قال : بلغني أنه يخرج في كل مائة سنة بعد موت رسول
الله صلى الله عليه و سلم رجل من العلماء يقوي الله عز و جل به الدين وإن يحيى بن
آدم عندي منهم
وأخرج الحاكم في مناقب الشافعي عن أبي الوليد حسان بن محمد الفقيه قال : سمعت شيخا
من أهل العلم يقول لأبي العباس بن سريج : أبشر أيها القاضي فإن
769
- من المؤمنين بعمر عبد العزيز على رأس المائة فأظهر كل سنة و أمات كل بدعة ومن
الله على رأس المائتين بالشافعي حتى أظهر السنة و أخفى البدعة ومن الله على رأس
الثلمثائة بك حتى قويت كل سنة و ضعفت كل بدعة
(1/768)
الله
من على المؤمنين بعمر بن عبد العزيز على راس المائة فأظهر كل سنة وأمات كل بدعة
ومن الله على راس المائتين بالشافعي حتى أظهر السنة وأخفى البدعة ومن الله على رأس
الثلثمائة بك حتى قويت كل سنة وضعفت كل بدعة
2
(1/769)
آية
253
ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله فضلنا بعضهم على بعض قال : اتخذ الله إبراهيم خليلا
وكلم الله موسى تكليما وجعل عيسى كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون وهو
عبد الله وكلمته وروحه وآتى داوود زبورا وآتى سليمان ملكا لا ينبغى لأحد من بعده
وغفر لمحمد ما تقدم من ذنبه وما تأخر
وأخرج آدم بن أبي إياس وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء
والصفات عن مجاهد في قوله منهم من كلم الله ورفع بعضهم درجات قال : كلم الله موسى
وأرسل محمدا إلى الناس كافة
وأخرج ابن أبي حاتم عن عامر هو الشعبي ورفع بعضهم درجات قال : محمدا صلى الله عليه
و سلم
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : أتعجبون ؟ الخلة لإبراهيم
والكلام لموسى والرؤية لمحمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن المنذر عن الربيع بن المنذر عن الربيع بن خيثم قال : لا أفضل على نبينا
أحدا ولا أفضل على إبراهيم خليل الرحمن أحدا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم من
بعد ما جاءتهم البينات يقول : من بعد موسى وعيسى
(2/3)
وأخرج
ابن عساكر بسند واه عن ابن عباس قال : كنت عند النبي صلى الله عليه و سلم وعنده
أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية اذ أقبل علي فقال النبي صلى الله عليه و سلم لمعاوية
" أتحب عليا ؟ قال : نعم
قال : إنها ستكون بينكم هنيهة
قال : معاوية فما بعد ذلك يا رسول الله ؟ قال : عفو الله ورضوانه
قال رضينا بقضاء الله ورضوانه فعند ذلك نزلت هذه الآية ولو شاء الله ما اقتتلوا
ولكن الله يفعل ما يريد "
آية 254
ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم
في الزكاة والتطوع
وأخرج ابن المنذر عن سفيان قال : يقال نسخت الزكاة كل صدقة في القرآن ونسخ شهر
رمضان كل صوم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : قد علم الله
أن أناسا يتخالون في الدنيا ويشفع بعضهم لبعض فأما يوم القيامة فلا خلة إلا خلة
المتقين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عطاء بن دينار قال : الحمد لله الذي قال
والكافرون هم الظالمون ولم يقل : والظالمون هم الكافرون
والله أعلم
آية 255
أحمد واللفظ له ومسلم وأبو داود وابن الضريس والحاكم والهروي في فضائله عن أبي بن
كعب " أن النبي صلى الله عليه و سلم سأله أي آية في كتاب الله أعظم ؟ قال :
(2/4)
آية
الكرسي الله لا إله إلا هو الحي القيوم قال ليهنك العلم أبا المنذر والذي نفسي
بيده أن لها لسانا وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش "
وأخرج النسائي وأبو يعلى وابن حبان ؟ وأبو الشيخ في العظمة والطبراني والحاكم
وصححه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن أبي كعب : أنه كان له جرن فيه تمر
فكان يتعاهده فوجده ينقص فحرسه ذات ليلة فإذا هو بدابة شبه الغلام المحتلم قال :
فسلمت فرد السلام فقلت : ما أنت ؟ ! جني أم أنسي ؟ قال : جني
قلت : ناولني يدك
فناولني فإذا يداه يدا كلب وشعره شعر كلب فقلت : هكذا خلق الجن ؟ قال : لقد علمت
الجن أن ما فيهم من هو أشد مني
قلت : ما حملك على ما صنعت ؟ قال : بلغني أنك رجل تحب الصدقة فأحببنا أن نصيب من
طعامك
فقال له أبي : فما الذي يجيرنا منكم ؟ قال : هذه الآية آية الكرسي التي في سورة
البقرة من قالها حتى ؟ يمسي أجير منا حتى يصبح ومن قالها حين يصبح أجير منا حتى
يمسي
فلما أصبح أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم
فأخبره فقال : " صدق الخبيث "
وأخرج البخاري في تاريخه والطبراني وأبو نعيم في المعرفة بسند رجاله ثقات عن ابن
الأسقع البكري " أن النبي صلى الله عليه و سلم
جاءهم في صفة المهاجرين فسأله إنسان أي آية في القرآن أعظم ؟ فقال النبي الله لا
إله إلا هو الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم حتى انقضت الآية "
وأخرج أحمد وابن الضريس والهروي في فضائله عن أنس " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم
سأل رجلا من أصحابه هل تزوجت ؟ قال : لا وليس عندي ما أتزوج به
قال : أو ليس معك قل هو الله أحد الإخلاص الآية1 ؟ قال : بلى
قال : ربع القرآن أليس معك قل يا أيها الكافرون الكافرون الآية1 ؟ قال : بلى
قال : ربع القرآن أليس معك إذا زلزلت الزلزال الآية1 ؟ قال : بلى
قال : ربع القرآن أليس معك إذا جاء نصر الله الفتح الآية1 ؟ قال : بلى
قال : ربع القرآن أليس معك آية الكرسي ؟ قال : بلى
قال : فتزوج "
(2/5)
وأخرج
البيهقي في شعب الايمان عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من
قرأ في دبر كل صلاة مكتوبة آية الكرسي حفظ إلى الصلاة الأخرى ولا يحافظ عليها إلا
نبي أو صديق أو شهيد " وأخرج الخطيب البغدادي في تاريخه عن أنس قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " أتدرون أي القرآن أعظم ؟ قالوا : الله
ورسوله أعلم ! قال : الله لا إله إلا هو الحي القيوم إلى آخر الآية "
وأخرج الطبراني بسند حسن عن الحسن بن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من قرأ آية الكرسي في دبر الصلاة المكتوبة كان في ذمة الله إلى الصلاة
الأخرى "
وأخرج أبو الحسن محمد بن أحمد بن شمعون الواعظ في أماليه وابن النجار عن عائشة
" أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه و سلم فشكا إليه أن ما في بيته ممحوق من
البركة فقال : أين أنت من آية الكرسي ما تليت على طعام ولا على أدام إلا أنمى الله
بركة ذلك الطعام والأدام "
وأخرج الدرامي عن أيفع بن عبد الله الكلاعي قال : قال رجل : يا رسول الله أي آية
في كتاب الله أعظم ؟ قال : " آية الكرسي الله لا إله إلا هو الحي القيوم قال
: فأي آية في كتاب الله تحب أن تصيبك وأمتك ؟ قال : آخر سورة البقرة فإنها من كنز
الرحمة من تحت عرش الله ولم تترك خيرا في الدنيا والآخرة إلا اشتملت عليه "
وأخرج ابن النجار في تاريخ بغداد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة أعطاه الله قلوب الشاكرين
وأعمال الصديقين وثواب النبيين وبسط عليه يمينه بالرحمة ولم يمنعه من دخول الجنة
إلا أن يموت فيدخلها "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق محمد بن الضوء بن الصلصال بن الدلهمس عن
أبيه عن جده " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة لم يكن بينه وبين أن يدخل الجنة إلا أن
يموت فإن مات دخل الجنة "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن الضريس والطبراني والهروي في فضائله
والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود أن أعظم آية في كتاب الله الله لا إله إلا
هو الحي القيوم
(2/6)
وأخرج
أبو عبيد وابن الضريس ومحمد بن نصر عن ابن مسعود قال : ما خلق الله من سماء ولا
أرض ولا جنة ولا نار أعظم من آية في سورة البقرة الله لا إله إلا هو الحي القيوم
وأخرج سعيد بن منصور وابن الضريس والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود قال :
ما من سماء ولا أرض ولا سهل ولا جبل أعظم من آية الكرسي
وأخرج أبو عبيد في فضائله والدارمي والطبراني وأبو نعيم في دلائل النبوة والبيهقي
عن ابن مسعود قال : خرج رجل من الأنس فلقيه رجل من الجن فقال : هل لك أن تصارعني ؟
فإن صرعتني علمتك آية إذا قرأتها حين تدخل بيتك لم يدخله شيطان فصارعه فصرعه
الأنسي
فقال : تقرأ آية الكرسي فإنه لا يقرؤها أحد إذا دخل بيته إلا خرج الشيطان له خبج
كخبج الحمار
فقيل لابن مسعود : أهو عمر ؟ قال : من عسى أن يكون إلا عمر
الخبج : الضراط
وأخرج المحاملي في فوائده عن ابن مسعود قال : قال رجل : يا رسول الله علمني شيئا
ينفعني الله به
قال " اقرأ آية الكرسي فإنه يحفظك وذريتك ويحفظ دارك حتى الدويرات حول دارك
"
وأخرج ابن مردويه والشيرازي في الألقاب والهروي في فضائله عن ابن عمر
أن عمر بن الخطاب خرج ذات يوم إلى الناس فقال : أيكم يخبرني بأعظم آية في القرآن
وأعدلها وأخوفها وأرجاها ؟ فسكت القوم
فقال ابن مسعود : على الخبير سقطت " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
: أعظم آية في القرآن الله لا إله إلا هو الحي القيوم وأعدل آية في القرآن ان الله
يأمر بالعدل والإحسان النحل الآية 90 إلى آخرها وأخوف آية في القرآن فمن يعمل
مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره الزلزلة الآيتان7 - 8 وأرجى آية في
القرآن قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله الزمر الآية
53 "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
إذا قرأ آخر سورة
(2/7)
البقرة
أو آية الكرسي ضحك وقال : إنهما من كنز الرحمن تحت العرش وإذا قرأ من يعمل سوءا
يجز به النساء الآية 123 استرجع واستكان "
وأخرج ابن الضريس ومحمد بن نصر والهروي في فضائله عن ابن عباس قال : ما خلق الله
من سماء ولا أرض ولا سهل ولا جبل أعظم من سورة البقرة وأعظم آية فيها آية الكرسي
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو يعلى وابن المنذر وابن عساكر عن عبد الرحمن بن عوف أنه
كان إذا دخل منزله قرأ في زواياه آية الكرسي
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف والبيهقي في الشعب عن علي بن أبي طالب قال : سيد آي
القرآن الله لا إله إلا هو الحي القيوم
وأخرج البيهقي عن علي سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : " من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة لم يمنعه من دخول الجنة إلا الموت
ومن قرأها حين يأخذ مضجعه أمنه الله على داره ودار جاره وأهل دويرات حوله "
وأخرج أبو عبيد وابن أبي شيبة والدارمي ومحمد بن نصر وابن الضريس عن علي قال : ما
أرى رجلا ولد في الإسلام أو أدرك عقله الإسلام يبيت أبدا حتى يقرأ هذه الآية الله
لا إله إلا هو الحي القيوم ولو تعلمون ما هي إنما أعطيها نبيكم من كنز تحت العرش
ولم يعطها أحد قبل نبيكم وما بت ليلة قط حتى أقرأها ثلاث مرات أقرؤها في الركعتين
بعد العشاء الآخرة وفي وتري وحين آخذ مضجعي من فراشي
وأخرج أبو عبيد عن عبد الله بن رباح أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال لأبي بن كعب : " أبا المنذر أي آية في القرآن أعظم ؟ قال : الله ورسوله
أعلم ! قال : أبا المنذر أي آية في كتاب الله أعظم قال : الله ورسوله أعلم ! قال :
أبا المنذر أي آية في كتاب الله عز و جل أعظم ؟ قال : الله ورسوله أعلم فقال :
الله لا إله إلا هو الحي القيوم قال : فضرب صدره وقال : ليهنك العلم أبا المنذر
"
وأخرج ابن راهويه في مسنده عن عوف بن مالك قال : جلس أبو ذر إلى رسول الله صلى
الله عليه و سلم
فقال : " يا رسول الله أيما أنزل الله عليك أعظم ؟ قال الله لا إله إلا هو
الحي القيوم حتى تختم "
(2/8)
وأخرج
ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان ومحمد بن نصر الطبراني والحاكم وأبو نعيم
والبيهقي كلاهما في الدلائل عن معاذ بن جبل قال : " ضم إلي رسول الله صلى
الله عليه و سلم تمرالصدقة جعلته في غرفة لي فكنت أجد فيه كل يوم نقصانا فشكوت ذلك
إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال لي : هو عمل الشيطان فارصده فرصدته ليلا
فلما ذهب هوى من الليل أقبل على صورة الفيل فلما انتهى إلى الباب دخل من خلل الباب
على غير صورته فدنا من التمر فجعل يلتقمه فشددت على ثيابي فتوسطته فقلت : أشهد أن
لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله يا عدو الله وثبت إلى تمر الصدقة فأخذته
وكانوا أحق به منك لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فيفضحك - فعاهدني أن
لا يعود
فغدوت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ما فعل أسيرك ؟ فقلت : عاهدني أن
لا يعود
فقال : إنه عائد فارصده فرصدته الليلة الثانية فصنع مثل ذلك وصنعت مثل ذلك فعاهدني
أن لا يعود فخليت سبيله ثم غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرته
فقال : إنه عائد فارصده فرصدته الليلة الثالثة فصنع مثل ذلك وصنعت مثل ذلك فقلت :
يا عدو الله عاهدتني مرتين وهذه الثالثة
فقال : إني ذو عيال وما أتيتك إلا من نصيبين ولو أصبت شيئا دونه ما أتيتك ولقد كنا
في مدينتكم هذه حتى بعث صاحبكم فلما نزلت عليه آيتان انفرتنا منها فوقعنا بنصيبين
ولا تقرآن في بيت إلا لم يلج فيه الشيطان ثلاثا فان خليت سبيلي علمتكهما
قلت : نعم
قال : آية الكرسي وآخر سورة البقرة آمن الرسول البقرة الآية 285 إلى آخرها
فخليت سبيله ثم غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
فأخبرته بما قال
فقال : صدق الخبيث وهو كذوب
قال : فكنت أقرؤهما بعد ذلك فلا أجد فيه نقصانا "
وأخرج الطبراني في السنة عن ابن عباس الله لا إله إلا هو يريد الذي ليس معه شريك
فكل معبود من دونه فهو خلق من خلق لا يضرون ولا ينفعون ولا يملكون رزقا ولا حياة
ولا نشورا الحي يريد الذي لا يموت القيوم الذي لا يبلى لا تأخذه سنة يريد النعاس
ولا نوم من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يريد الملائكة مثل قوله ولا يشفعون إلا
لمن ارتضى الأنبياء الآية 28 يعلم ما بين أيديهم
(2/9)
يريد
من السماء إلى الأرض وما خلفهم يريد ما في السموات ولا يحيطون بشىء من علمه إلا
بما شاء يريد مما أطلعهم على علمه وسع كرسيه السموات والأرض يريد هو أعظم من
السموات السبع والأرضين السبع ولا يؤده حفظهما يريد ولا يفوته شيء مما في السموات
والأرض وهو العلي العظيم يريد لا أعلى منه ولا أعظم ولا أعز ولا أجل ولا أكرم
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي رحزة يزيد بن عبيد الساعي قال : " لما قفل
رسول الله صلى الله عليه و سلم من غزوة تبوك أتاه وفد من بني فزارة فقالوا : يا
رسول الله ادع ربك أن يغيثنا واشفع لنا إلى ربك وليشفع ربك إليك
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ويلك هذا أنا شفعت إلى ربي فمن ذا الذي يشفع
ربنا إليه لا إله إلا هو العظيم وسع كرسيه السموات والأرض فهي تئط من عظمته وجلاله
كما يئط الرجل الحديد ! "
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان ومحمد بن نصر والطبراني وأبو نعيم في
الدلائل عن أبي أسيد الساعدي
أنه قطع تمر حائطه فجعله في غرفة فكانت الغول تخالفه إلى مشربته فتسرق تمره وتفسده
عليه فشكا ذلك إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : " تلك الغول يا أبا أسيد
فاستمع عليها فإذا سمعت اقتحامها قل : بسم الله أجيبي رسول الله صلى الله عليه و
سلم
فقالت الغول : يا أبا أسيد اعفني أن تكلفني أن أذهب إلى رسول الله صلى الله عليه و
سلم وأعطيك موثقا من الله أن لا أخالفك إلى بيتك ولا أسرق تمرك وأدلك على آية
تقرؤها على بيتك فلا تخالف إلى أهلك وتقرؤها على إنائك فلا يكشف غطاؤه فأعطته
الموثق الذي رضي به منها
فقالت : الآية التي أدلك عليها هي آية الكرسي
فأتى النبي صلى الله عليه و سلم
فقص عليه القصة فقال : صدقت وهي كذوب "
وأخرج النسائي والروياني في مسنده وابن حبان والدارقطني والطبراني وابن مردويه عن
أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من قرأ آية الكرسي دبر
كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا أن يموت "
وأخرج ابن أبي الدنيا في الدعاء والطبراني وابن مردويه والهروي في فضائله والبيهقي
في الأسماء والصفات عن أبي أمامة يرفعه " قال : اسم الله الأعظم الذي إذا دعي
به أجاب في ثلاث سور : سورة البقرة وآل عمران وطه قال أبو أمامة : فالتمستها فوجدت
في البقرة في آية الكرسي الله لا إله إلا هو الحي القيوم وفي آل
(2/10)
عمران
الله لا إله إلا هو الحي القيوم آل عمران الآية 2 وفي طه وعنت الوجوه للحي القيوم
طه الآية 111 "
وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
نازلا على أبي أيوب في غرفة وكان طعامه في سلة في المخدع فكانت تجيء من الكوة
كهيئة السنور تأخذ الطعام من السلة فشكا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقال : تلك الغول فإذا جاءت فقل : عزم عليك رسول الله صلى الله عليه و سلم أن لا
تبرحي
فجاءت فقال لها أبو أيوب : : عزم عليك رسول الله صلى الله عليه و سلم أن لا تبرحي
فقالت : يا أبا أيوب دعني هذه المرة فوالله لا أعود فتركها ثم قالت : هل لك أن
أعلمك كلمات إذا قلتهن لا يقرب بيتك شيطان تلك الليلة وذلك اليوم ومن الغد ؟ قال :
نعم
قالت : اقرأ آية الكرسي
فأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم
فأخبره
فقال : صدقت وهي كذوب "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه وابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان وأبو
الشيخ في العظمة والطبراني والحاكم وأبو نعيم في الدلائل عن أبي أيوب " أنه
كان في سهوة له فكانت الغول تجيء فتأخذ فشكاها إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال
: إذا رأيتها فقل : بسم الله أجيبي رسول الله
فجاءت فقال لها
فأخذها فقالت : إني لا أعود
فأرسلها فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقال له : ما فعل أسيرك ؟ قال : أخذتها فقالت : إني لا أعود فأرسلتها
فقال : إنها عائدة
فأخذها مرتين أو ثلاثا كل ذلك تقول : لا أعود ويجيء النبي صلى الله عليه و سلم
فيقول : ما فعل أسيرك ؟ فيقول : أخذتها فتقول : لا أعود
فقال : إنها عائدة
فأخذها فقالت : أرسلني وأعلمك شيئا تقوله فلا يقربك شيء
آية الكرسي
فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره فقال : صدقت وهي كذوب "
وأخرج أحمد وابن الضريس والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي ذر قال
" قلت يا رسول الله : أيما أنزل عليك أعظم ؟ قال : آية الكرسي الله لا إله
إلا هو الحي القيوم "
وأخرج ابن السني عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " من قرأ آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة عند الكرب أغاثه الله "
(2/11)
وأخرج
ابن مردويه عن أبي موسى الأشعري مرفوعا " أوحى الله إلى موسى بن عمران : أن
اقرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة فإنه من يقرأها في دبر كل صلاة مكتوبة أجعل
له قلب الشاكرين ولسان الذاكرين وثواب النبيين وأعمال الصديقين ولا يواظب على ذلك
إلا نبي أو صديق أو عبد امتحنت قلبه بالايمان أو أريد قتله في سبيل الله
قال ابن كثير : منكر جدا "
وأخرج أحمد والطبراني عن أبي أمامة قال : " قلت يا رسول الله أيما أنزل عليك
أعظم ؟ قال : الله لا إله إلا هو الحي القيوم آية الكرسي "
وأخرج ابن السني في عمل اليوم والليلة من طريق علي بن الحسين عن أبيه عن أمه فاطمة
" أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما دنا ولادها أمر أم سلمة وزينب بنت
جحش أن يأتيا فاطمة فيقرأ عندها آية الكرسي و ان ؟ ربكم الله الأعراف الآية 54 إلى
آخر الآية ويعوذاها بالمعوذتين "
وأخرج الديلمي عن علي بن أبي طالب قال : ما أرى رجلا أدرك عقله في الإسلام يبيت
حتى يقرأ هذه الآية الله لا إله إلا هو الحي القيوم ولو تعلمون ما فيها لما
تركتموها على حال أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " أعطيت آية الكرسي من
كنز تحت العرش ولم يؤتها نبي قبلي
قال علي : فما بت ليلة قط منذ سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه و سلم
حتى أقرأها "
وأخرج الطبراني عن أبي أيوب الأنصاري قال : كان لي تمر في سهوة لي فجعلت أراه ينقص
منه فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال " إنك ستجد فيه غدا هرة
فقل : أجيبي رسول صلى الله عليه و سلم فلما كان الغد وجدت فيه هرة فقلت : أجيبي
رسول الله صلى الله عليه و سلم فتحولت عجوزا وقالت : أذكرك الله لما تركتني فإني
غير عائدة
فتركتها فأتيت النبي صلى الله عليه و سلم فقال : ما فعل الرجل ؟ فأخبرته بخبرها
فقال : كذبت وهي عائدة
فقل لها : أجيبي رسول الله فتحولت عجوزا
وقالت : أذكرك الله يا أبا أيوب لما تركتني هذه المرة فإني غير عائدة
فتركتها ثم أتيت النبي صلى الله عليه و سلم
فقال كما قال لي فعلت ذلك ثلاث مرات فقالت لي في الثالثة : أذكرك الله يا أبا أيوب
حتى أعلمك شيئا لا يسمعه شيطان فيدخل ذلك البيت فقلت : ما هو ؟ فقالت :
(2/12)
آية
الكرسي لا يسمعها شيطان إلا ذهب فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال : صدقت
وإن كانت كذوبا "
وأخرج الطبراني عن أبي أيوب قال : أصبت جنية فقالت لي : دعني ولك علي أن أعلمك
شيئا إذا قلته لم يضرك منا أحد
قلت : ما هو ؟ قال : آية الكرسي الله لا إله إلا هو الحي القيوم فذكرت ذلك للنبي
صلى الله عليه و سلم فقال : " صدقت وهي كذوب "
وأخرج الطبراني عن أبي أيوب قال " كنت مؤذى في البيت فشكوت ذلك إلى النبي صلى
الله عليه و سلم وكانت روزنة في البيت لنا فقال : ارصده فاذا أنت عاينت شيئا فقل :
أجيبي يدعوك رسول الله صلى الله عليه و سلم فرصدت فإذا شيء قد تدلى من روزنة فوثبت
إليه وقلت : اخسأ يدعوك رسول الله صلى الله عليه و سلم
فأخذته فتضرع إلي وقال لي : لا أعود
فأرسلته فلما أصبحت غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ما فعل أسيرك ؟
فأخبرته بالذي كان فقال : أما إنه سيعود
ففعلت ذلك ثلاث مرات كل ذلك آخذه وأخبر النبي صلى الله عليه و سلم بالذي كان فلما
كانت الثالثة أخذته قلت : ما أنت بمفارقي حتى آتي بك رسول الله صلى الله عليه و
سلم فناشدني وتضرع إلي وقال : أعلمك شيئا اذا قلته من ليلتك لم يقربك جان ولا لص
تقرأ آية الكرسي
فأرسلته ثم أتيت النبي صلى الله عليه و سلم
فقال : ما فعل أسيرك ؟ قلت : يا رسول الله ناشدني وتضرع إلي حتى رحمته وعلمني شيئا
أقوله إذا قلته لم يقربني جن ولا لص
قال : صدق وإن كان كذوبا "
وأخرج البخاري وابن الضريس والنسائي وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن أبي
هريرة قال " وكلني رسول الله صلى الله عليه و سلم بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت
فجعل يحثو من الطعام فأخذته وقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: دعني فإني محتاج وعلي عيال ولي حاجة شديدة فخليت عنه فأصبحت فقال لي النبي صلى
الله عليه و سلم يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة ؟ قلت : يا رسول الله شكا حاجة
شديدة وعيالا فرحمته وخليت سبيله
قال : أما أنه قد كذبك وسيعود فعرفت أنه سيعود فرصدته فجاء يحثو من الطعام فأخذته
فقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : دعني فإني محتاج وعلي
عيال لا أعود فرحمته وخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم :
ما فعل أسيرك ؟ قلت : يا رسول الله شكا حاجة وعيالا فرحمته وخليت سبيله فقال : أما
إنه قد كذبك وسيعود
فرصدته الثالثة فجاء
(2/13)
يحثو
من الطعام فأخذته وقلت : لأرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهذا آخر ثلاث
مرات تزعم أنك لا تعود ثم تعود
فقال : دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها
قلت : ما هي ؟ قال : إذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي الله لا إله إلا هو الحي
القيوم حتى تختم الآية فإنك لا يزال عليك من الله حافظ ولا يقربك شيطان حتى تصبح
فقال النبي صلى الله عليه و سلم أما إنه صدقك وهو كذوب "
وأخرج البيهقي في الدلائل عن بريدة قال : كان لي طعام فتبينت فيه النقصان فكمنت في
الليل فإذا غول قد سقطت عليه فقبضت عليها فقلت : لا أفارقك حتى أذهب بك إلى النبي
صلى الله عليه و سلم
فقالت : إني امرأة كثيرة العيال لا أعود
فجاءت الثانية والثالثة فأخذتها فقالت : ذرني حتى أعلمك شيئا إذا قلته لم يقرب
متاعك أحد منا إذا أويت إلى فراشك فاقرأ على نفسك ومالك آية الكرسي
فأخبرت النبي صلى الله عليه و سلم
فقال " صدقت وهي كذوب "
وأخرج سعيد بن منصور والحاكم والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم
قال : " سورة البقرة فيها آية سيدة آي القرآن لا تقرأ في بيت فيه شيطان إلا
خرج منه آية الكرسي "
وأخرج الدرامي والترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من قرأ حم المؤمن إلى إليه المصير وآية الكرسي حين يصبح حفظ بهما حتى يمسي
ومن قرأهما حين يمسي حفظ بهما حتى يصبح "
وأخرج البخاري في تاريخه وابن الضريس عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" أعطيت آية الكرسي من تحت العرش "
و أخرج ابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان والدينوري في المجالسة عن الحسن أن النبي
صلى الله عليه و سلم قال : " إن جبريل أتاني فقال : إن عفريتا من الجن يكيدك
فإذا أويت إلى فراشك فاقرأ آية الكرسي "
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكائد الشيطان وأبو الشيخ في العظمة عن ابن إسحق قال :
خرج زيد بن ثابت ليلا إلى حائط له فسمع فيه جلبة فقال : ما هذا ؟ قال : رجل من
الجان أصابتنا السنة فأردت أن أصيب من ثمارهم فطيبوه لنا
قال : نعم ثم قال زيد بن ثابت : ألا تخبرنا بالذي يعيذنا منكم ؟ قال : آية الكرسي
(2/14)
وأخرج
أبو عبيد عن سلمة بن قيس وكان أول أمير كان على ايلياء قال : ما أنزل الله في
التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور أعظم من الله لا إله إلا هو الحي القيوم
وأخرج ابن الضريس عن الحسن " أن رجلا مات أخوه فرآه في المنام فقال : أخي أي
الأعمال تجدون أفضل ؟ قال : القرآن
قال : فأي القرآن ؟ قال : آية الكرسي الله لا إله إلا هو الحي القيوم ثم قال :
ترجون لنا شيئا ؟ قال : نعم
قال : إنكم تعملون ولا تعلمون وإنا نعلم ولا نعمل
وأخرج ابن الضريس عن قتادة قال : من قرأ آية الكرسي إذا أوى إلى فراشه وكل به ملكين
يحفظانه حتى يصبح
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن
عباس
أن بني إسرائيل قالوا : يا موسى هل ينام ربك ؟ قال : اتقوا لله
فناداه ربه : يا موسى سألوك هل ينام ربك فخذ زجاجتين في يديك فقم الليل ففعل موسى
فلما ذهب من الليل ثلث نعس فوقع لركبتيه ثم انتعش فضبطهما حتى اذا كان آخر الليل
نعس فسقطت الزجاجتان فانكسرتا فقال : يا موسى لو كنت أنام لسقطت السموات والأرض
فهلكن كما هلكت الزجاجتان في يديك وأنزل الله على نبيه آية الكرسي
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع في قوله الحي قال : حي لا يموت القيوم قيم
على كل شيء يكلؤه ويرزقه ويحفظه
وأخرج آدم ابن أبي إياس وابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد في قوله
القيوم قال : القائم على كل شيء
وأخرج ابن أبي حاتم والحسن قال القيوم الذي لا زوال له
و أخرج ابن الأنباري في المصاحف عن قتادة قال الحي الذي لا يموت و القيوم القائم
الذي لا بديل له
(2/15)
وأخرج
آدم بن أبي إياس وابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد في قوله القيوم
قال : القائم على كل شيء
وأخرج ابن أبي حاتم والحسن قال القيوم الذي لا زوال له
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن قتادة قال الحي الذي لا يموت و القيوم القائم
الذي لا بديل له
وأخرج آدم بن أبي إياس وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في
الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله لا تأخذه سنة ولا نوم قال : السنة النعاس
والنوم هو النوم
وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والابتداء والطستي في مسائله عن ابن عباس
أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله لا تأخذه سنة قال : السنة الوسنان الذي
هو نائم وليس بنائم
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت زهير بن أبي سلمى وهو يقول : ولا
سنة طوال الدهر تأخذه ولا ينام وما في أمره فند و أخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو
الشيخ عن الضحاك في الآية قال : السنة النعاس والنوم الاستثقال
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر عن السدي قال : السنة ريح
النوم الذي يأخذ في الوجه فينعس الإنسان
و أخرج ابن أبي حاتم عن عطية لا تأخذه سنة قال : لا يفتر
وأخرج عن سعيد بن جبير في قوله من ذا الذي يشفع عنده قال : من يتكلم عنده إلا
بإذنه
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله يعلم ما بين أيديهم قال : ما مضى من الدنيا وما
خلفهم من الآخرة
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس يعلم ما بين أيديهم ما قدموا من
أعمالهم وما خلفهم ما أضاعوا من أعمالهم
وأخرج ابن جرير عن السدي ولا يحيطون بشيء من علمه يقول : لا يعلمون بشيء من علمه
إلا بما شاء هو أن يعلمهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء
والصفات عن ابن عباس وسع كرسيه السموات والأرض قال : كرسيه علمه ألا ترى إلى قوله
ولا يؤده حفظهما
وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عباس قال : سئل النبي صلى الله عليه و سلم عن قول
الله وسع كرسيه السموت والأرض قال " كرسيه موضع قدمه والعرش لا يقدر قدره
"
(2/16)
وأخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ والحاكم
وصححه والخطيب والبيهقي عن ابن عباس قال : الكرسي موضع القدمين والعرش لا يقدر أحد
قدره
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي موسى
الأشعري قال : الكرسي موضع القدمين وله أطيط كأطيط الرحل
قلت : هذا على سبيل الاستعارة - تعالى الله عن التشبيه - و يوضحه ما أخرجه ابن
جرير عن الضحاك في الآية قال : كرسيه الذي يوضع تحت العرش الذي تجعل الملوك عليه
أقدامهم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لو أن السموات السبع والأرضين
السبع بسطن ثم وصلن بعضهن إلى بعض ما كن في سعته - يعني الكرسي - إلا بمنزلة
الحلقة في المفازة
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن
أبي ذر " أنه سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن الكرسي فقال : يا أبا ذر ما
السموات السبع والأرضين السبع عند الكرسي إلا كحلقة ملقاة بأرض فلاة وإن فضل العرش
على الكرسي كفضل الفلاة على تلك الحلقة "
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي عاصم في السنة والزار وأبو يعلى وابن جرير وأبو الشيخ
والطبراني وابن مردويه والضياء المقدسي في المختارة عن عمر " أن امرأة أتت
النبي صلى الله عليه و سلم
فقالت : ادع الله أن يدخلني الجنة فعظم الرب تبارك وتعالى وقال : إن كرسيه وسع
السموات والأرض وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد إذا ركب من ثقله ما يفضل منه أربع
أصابع
وأخرج أبو الشيخ في العظمة وأبو نعيم في الحلية بسند واه عن علي مرفوعا "
الكرسي لؤلؤ والقلم لؤلؤ وطول القلم سبعمائة سنة وطول الكرسي حيث لا يعلمه
العالمون "
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مالك قال : الكرسي تحت العرش
وأخرج أبو الشيخ عن وهب بن منبه قال : الكرسي بالعرش ملتصق والماء كله في جوف
الكرسي
(2/17)
وأخرج
أبو الشيخ عن عكرمة قال : الشمس جزء من سبعين جزءا من نور الكرسي والكرسي جزء من
سبعين جزءا من نور العرش
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وأبو الشيخ والبيهقي عن مجاهد قال : ما السموات
والأرض في الكرسي إلا كحلقة بأرض فلاة وما موضع كرسيه من العرش إلا مثل حلقة في
أرض فلاة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : إن السموات والأرض في جوف الكرسي
والكرسي بين يدي العرش
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن مسعود قال : قال رجل : يا رسول الله ما المقام
المحمود ؟ قال : ذلك يوم ينزل الله على كرسيه يئط منه كما يئط الرحل الجديد من
تضايقه وهو كسعة ما بين السماء والأرض
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : كان الحسن يقول : الكرسي هو العرش
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن
عباس وعن مرة الهمذاني عن ابن مسعود وناس من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم
في قوله الله لا إله إلا هو الحي القيوم
الآية
قال : أما قوله القيوم فهو القائم وأما السنة ؟ فهي ريح النوم التي تأخذ في الوجه
فينعس الانسان وأما ما بين أيديهم فالدنيا وما خلفهم الآخرة وأما لا يحيطون بشيء
من علمه يقول : لا يعلمون شيئا من علمه إلا بما شاء هو يعلمهم ؟ وأما وسع كرسيه
السموات والأرض فإن السموات والأرض في جوف الكرسي والكرسي بين يدي العرش وهو موضع
قدميه وأما لا يؤده فلا يثقل عليه
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي عن أبي مالك في قوله وسع كرسيه
السموات والأرض قال : إن الصخرة التي تحت الأرض السابعة ومنتهى الخلق على أرجائها
عليها أربعة من الملائكة لكل واحد منهم أربعة وجوه : وجه إنسان ووجه أسد ووجه ثو
ووجه نسر فهم قيام عليها قد أحاطوا بالأرضين والسموات ورؤوسهم تحت الكرسي والكرسي
تحت العرش والله واضع كرسيه على العرش
قال البيهقي : هذا إشارة إلى كرسيين
أحدهما تحت العرش والآخر موضوع على العرش
(2/18)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ولا يؤده حفظهما يقول : لا يثقل
عليه
وأخرج الطسي في مسائله عن ابن عباس
أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ولا يؤده حفظهما قال : لا يثقله
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر : يعطي المئين ولا يؤده حملها محض الضرائب ماجد الأخلاق وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس ولا يؤده قال : لا يكرثه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال العظيم الذي قد كمل في عظمته
وأخرج الطبراني في السنة عن ابن عباس الله لا إله إلا هو يريد الذي ليس معه شريك
فكل معبود من دونه فهو خلق من خلقه لا يضرون ولا ينفعون ولا يملكون رزقا ولا حياة
ولا نشورا الحي يريد الذي لا يموت القيوم الذي لا يبلى لا تأخذه سنة يريد النعاس
ولا نوم من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه يريد الملائكة مثل قوله ولا يشفعون إلا
لمن ارتضى
يعلم ما بين أيديهم يريد من السماء إلى الأرض وما خلفهم يريد ما في السموات ولا
يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء يريد مما أطلعهم على علمه وسع كرسيه السموات
والأرض يريد هو أعظم من السموات السبع والأرضين السبع ولا يؤده حفظهما يريد لا
يفوته شيء مما في السموات والأرض وهو العلي العظيم يريد لا أعلى منه ولا أعز ولا
أجل ولا أكرم
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي وجزة يزيد بن عبيد السلمي قال " لما قفل
رسول الله صلى الله عليه و سلم من غزوة تبوك أتاه وفد من بني فزارة فقالوا : يا
رسول الله ادع ربك أن يغيثنا واشفع لنا إلى ربك وليشفع ربك إليك
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ويلك هذا أنا شفعت إلى ربي فمن ذا الذي يشفع
ربنا إليه ؟ ! لا إله إلا الله العظيم وسع كرسيه السموات والأرض فهي تئط من عظمته
وجلاله كما يئط الرحل الجديد "
آية 256
(2/19)
أبو
داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وابن منده في
غرائب شعبه وابن حبان وابن مردويه والبيهقي في سننه والضياء في المختارة عن ابن
عباس قال : كانت المرأة من الأنصار تكون مقلاة لا يكاد يعيش لها ولد فتجعل على
نفسها إن عاش لها ولد أن تهوده فلما أجليت بنو النضير كان فيهم من أبناء الأنصار
فقالوا لا ندع أبناءنا
فأنزل الله لا إكراه في الدين
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن سعيد بن جبير
في قوله لا إكراه في الدين قال : نزلت في الأنصار خاصة
قلت : خاصة كانت المرأة منهم إذا كانت نزورة أو مقلاة تنذر : لئن ولدت ولدا
لتجعلنه في اليهود تلتمس بذلك طول بقاءه فجاء الإسلام وفيهم منهم فلما أجليت
النضير قالت الأنصار : يا رسول الله أبناؤنا وإخواننا فيهم فسكت عنهم رسول الله
صلى الله عليه و سلم
فنزلت لا إكراه في الدين فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " قد خير
أصحابكم فإن اختاروكم فهم منكم وإن اختاروهم فهم منهم فأجلوهم معهم "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الشعبي قال : كانت المرأة من الأنصار
تكون مقلاة لا يعيش لها ولد فتنذر إن عاش ولدها أن تجعله مع أهل الكتاب على دينهم
فجاء الإسلام وطوائف من أبناء الأنصار على دينهم فقالوا : إنما جعلناهم على دينهم
ونحن نرى أن دينهم أفضل من ديننا وإن الله جاء بالاسلام فلنكرهنهم فنزلت لا إكراه
في الدين فكان فصل ما بينهم إجلاء رسول الله صلى الله عليه و سلم بني النضير فلحق
بهم من لم يسلم وبقي من أسلم
وأخرج سعيد بن منمصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
قال : كان ناس من الأنصار مسترضعين في بني قريظة فثبتوا على دينهم فلما جاء
الإسلام أراد أهلوهم أن يكرهوهم على الإسلام فنزلت لا إكراه في الدين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من وجه آخر عن مجاهد قال " كانت
النضيرأرضعت رجالا من الأوس فلما أمر النبي صلى الله عليه و سلم بإجلائهم قال
أبناؤهم من الأوس : لنذهبن معهم ولندينن دينهم فمنعهم أهلوهم وأكرهوهم على الإسلام
ففيهم نزلت هذه الآية لا إكراه في الدين "
(2/20)
وأخرج
ابن جرير عن الحسن
أن ناسا من الأنصار كانوا مسترضعين في بني النضير فلما أجلوا أراد أهلوهم أن
يلحقوهم بدينهم فنزلت لا إكراه في الدين
وأخرج ابن إسحق وابن جرير عن ابن عباس في قوله لا إكراه في الدين قال : نزلت في
رجل من الأنصار من بني سالم بن عوف يقال له الحصين كان له ابنان نصرانيان وكان هو
رجلا مسلما فقال للنبي صلى الله عليه و سلم ألا أستكرههما فإنهما قد أبيا إلا
النصرانية فأنزل الله فيه ذلك
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن عبيدة " أن رجلا من الأنصار من بني سالم بن
عوف كان له ابنان تنصرا قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه و سلم فقدما المدينة في
نفر من أهل دينهم يحملون الطعام فرآهما أبوهما فانتزعهما وقال : والله لا أدعهما
حتى يسلما فأبيا أن يسلما فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول
الله أيدخل بعضي النار وأنا أنظر ؟ فأنزل الله لا إكراه في الدين
الآية
فخلى سبيلهما "
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر عن السدي في قوله لا إكراه في
الدين قال : نزلت في رجل من الأنصار يقال له أبو الحصين كان له ابنان فقدم تجار من
الشام إلى المدينة يحملون الزيت فلما باعوا وأرادوا أن يرجعوا أتاهم ابنا أبي
الحصين فدعوهما إلى النصرانية فتنصرا فرجعا إلى الشام معهم فأتى أبوهما رسول الله
صلى الله عليه و سلم فقال : إن ابني تنصرا وخرجا فاطلبهما ؟ فقال لا إكراه في
الدين ولم يؤمر يومئذ بقتال أهل الكتاب وقال : أبعدهما الله هما أول من كفر فوجد
أبو الحصين في نفسه على النبي صلى الله عليه و سلم حين لم يبعث في طلبهما فنزلت
فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم
النساء الآية 65 الآية
ثم نسخ بعد ذلك لا إكراه في الدين وأمر بقتال أهل الكتاب في سورة براءة "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من
الغي قال : وذلك لما دخل الناس في الإسلام وأعطى أهل الكتاب الجزية
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير عن قتادة في الآية قال :
(2/21)
كانت
العرب ليس لها دين فأكرهوا على الدين بالسيف قال : ولا يكره اليهود ولا النصارى
والمجوس إذا أعطوا الجزية
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن في قوله لا إكراه في الدين قال : لا يكره أهل الكتاب
على الإسلام
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن وسق الرومي قال :
كنت مملوكا لعمر بن الخطاب فكان يقول لي : أسلم فإنك لو أسلمت استعنت بك على أمانة
المسلمين فإني لا أستعين على أمانتهم بمن ليس منهم فأبيت عليه فقال لي : لا إكراه
في الدين
وأخرج النحاس عن أسلم
سمعت عمر بن الخطاب يقول لعجوز نصرانية : أسلمي تسلمي فأبت فقال عمر : اللهم اشهد
ثم تلا لا إكراه في الدين
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سليمان بن موسى في قوله لا إكراه في الدين قال
: نسختها جاهد الكفار والمنافقين التوبة الآية 73
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن حميد الأعرج
أنه كان يقرأ قد تبين الرشد وكان يقول : قراءتي على قراءة مجاهد
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب قال
الطاغوت الشيطان
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن جابر بن عبد الله
أنه سئل عن الطواغيت قال : هم كهان تنزل عليهم الشياطين
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال الطاغوت الكاهن
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال الطاغوت الساحر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال الطاغوت الشيطان في صورة
الإنسان يتحاكمون إليه وهو صاحب أمرهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن أنس قال الطاغوت ما يعبد من دون الله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس فقد استمسك بالعروة الوثقى
قال : لا إله إلا الله
(2/22)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أنس بن مالك في قوله فقد استمسك بالعروة
الوثقى قال : القرآن
وأخرج سفيان وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله بالعروة الوثقى قال :
الإيمان
ولفظ سفيان قال : كلمة الإخلاص
وأخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن سلام قال " رأيت رؤيا على عهد رسول الله
صلى الله عليه و سلم رأيت كأني في روضة خضراء وسطها عمود حديد أسفله في الأرض
وأعلاه في السماء في أعلاه عروة فقيل لي : اصعد عليه فصعدت حتى أخذت بالعروة فقال
: استمسك بالعروة فاستيقظت وهي في يدي فقصصتها على رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقال : أما الروضة فروضة الإسلام وأما العمود فعمود الإسلام وأما العروة فهي
العروة الوثقى أنت على الإسلام حتى تموت "
وأخرج ابن عساكر عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
اقتدوا بالذين من بعدي : أبي بكر وعمر فإنهما حبل الله الممدود فمن استمسك بهما
فقد تمسك بالعروة الوثقى التي لا انفصام لها "
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : القدر نظام التوحيد فمن كفر بالقدر كان كفره
بالقدر نقصا للتوحيد فإذا وحد الله وآمن بالقدر فهي العروة الوثقى
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن معاذ بن جبل
أنه سئل عن قوله لا انفصام لها قال : لا انقطاع لها دون دخول الجنة
آية 257
ابن المنذر والطبراني عن ابن عباس في قوله الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات
إلى النور قال : هم قوم كانوا كفروا بعيسى فآمنوا بمحمد صلى الله عليه و سلم و
الذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات قال : هم قوم آمنوا
بعيسى فلما بعث محمد كفروا به
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ومقسم
مثله
(2/23)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله يخرجهم من الظلمات إلى النور يقول : من
الضلالة إلى الهدى
وفي قوله يخرجونهم من النور إلى الظلمات يقول : من الهدى إلى الضلالة
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في الآية قال : الظلمات الكفر والنور الإيمان
وأخرج أبو الشيخ عن السدي قال : ما كان فيه الظلمات والنور فهو الكفر والإيمان
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق موسى بن عبيدة عن أيوب بن خالد قال : يبعث أهل الأهواء
وتبعث الفتن فمن كان هواه الإيمان كانت فتنته بيضاء مضيئة ومن كان هواه الكفر كانت
فتنته سوداء مظلمة ثم قرأ هذه الآية
والله أعلم
آية 258
الطيالسي وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال : الذي حاج إبراهيم في ربه هو
نمرود بن كنعان
وأخرج ابن جرير عن مجاهد وقتادة والربيع والسدي
مثله
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن
زيد بن أسلم أن أول جبار كان في الأرض نمرود وكان الناس يخرجون يمتارون من عنده
الطعام فخرج إبراهيم عليه السلام يمتار مع من يمتار فإذا مر به ناس قال : من ربكم
؟ قالوا له : أنت
حتى مر به إبراهيم فقال : من ربك : قال : الذي يحيي ويميت
قال : أنا أحيي وأميت
قال إبراهيم : فان الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب
فبهت الذي كفر فرده بغير طعام فرجع إبراهيم إلى أهله فمر على كثيب من رمل أعفر
فقال : ألا آخذ من هذا فآتي به أهلي فتطيب أنفسهم حين أدخل عليهم ؟ فأخذ منه فأتى
أهله فوضع متاعه ثم نام
(2/24)
فقامت
امرأته إلى متاعه ففتحته فإذا هو بأجود طعام رآه أحد فصنعت له منه فقربته إليه و
كان عهده بأهله أنه ليس عندهم طعام فقال : من أين هذا ؟ ! قالت من الطعام الذي جئت
به
فعرف أن الله رزقه فحمد الله
ثم بعث الله إلى الجبار ملكا أن آمن بي وأنا أتركك على ملكك فهل رب غيري ؟ فأبى
فجاءه الثانية فقال له ذلك فأبى عليه ثم أتاه الثالثة فأبى عليه فقال له الملك :
فاجمع جموعك إلى ثلاثة أيام فجمع الجبار جموعه فأمر الله الملك ففتح عليه بابا من
البعوض فطلعت الشمس فلم يروها من كثرتها فبعثها الله عليهم فأكلت شحومهم وشربت دماءهم
فلم يبق إلا العظام والملك كما هو لم يصبه من ذلك شيء فبعث الله عليه بعوضة فدخلت
في منخره فمكث أربعمائة سنة يضرب رأسه بالمطارق وأرحم الناس به من جمع يديه ثم ضرب
بهما رأسه وكان جبارا أربعمائة سنة فعذبه الله أربعمائة سنة كملكه ثم أماته الله
وهو الذي كان بنى صرحا إلى السماء فأتى الله بنيانه من القواعد
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جرير عن ابن عباس في قوله ألم تر إلى الذي حاج
إبراهيم قال : نمرود بن كنعان يزعمون أنه أول من ملك في الأرض أتى برجلين قتل
أحدهما وترك الآخر
فقال : أنا أحيي وأميت
قال : أستحيي : أترك من شئت وأميت : أقتل من شئت
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : كنا نحدث أنه ملك يقال له نمرود بن
كنعان وهو أول ملك تجبر في الأرض وهو صاحب الصرح ببابل ذكر لنا أنه دعا برجلين
فقتل أحدهما واستحيا الآخر فقال : أنا أستحيي من شئت وأقتل من شئت
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله قال أنا أحيي وأميت قال : أقتل من
شئت وأستحيي من شئت أدعه حيا فلا أقتله وقال : ملك الأرض مشرقها ومغربها أربعة نفر
: مؤمنان وكافران فالمؤمنان : سليمان بن داوود وذو القرنين والكافران : بختنصر
ونمرود بن كنعان لم يملكها غيرهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي قال : لما خرج إبراهيم من
النار أدخلوه على الملك ولم يكن قبل ذلك دخل عليه فكلمه وقال له : من ربك ؟ قال :
ربي الذي يحيي ويميت
قال نمرود : أنا أحيي وأميت أنا أدخل
(2/25)
أربعة
نفر بيتا فلا يطعمون ولا يسقون حتى إذا هلكوا من الجوع أطعمت اثنين وسقيتهما فعاشا
وتركت اثنين فماتا فعرف إبراهيم أنه يفعل ذلك قال له : فإن ربي الذي يأتي بالشمس
من المشرق فأت بها من المغرب فبهت الذي كفر وقال : إن هذا إنسان مجنون فأخرجوه ألا
ترون أنه من جنونه اجترأ على آلهتكم فكسرها وأن النار لم تأكله وخشي أن يفتضح في
قومه
وأخرج أبو الشيخ عن السدي والله لا يهدي القوم الظالمين قال : إلى الإيمان
آية 259
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن
علي بن أبي طالب في قوله أو كالذي مر على قرية قال : خرج عزير نبي الله من مدينته
وهو شاب فمر على قرية خربة وهي خاوية على عروشها فقال : أنى يحيي هذه الله بعد
موتها ؟ فأماته الله مائة عام ثم بعثه فأول ما خلق منه عيناه فجعل ينظر إلى عظامه
وينظم بعضها إلى بعض ثم كسيت لحما ثم نفخ فيه الروح فقيل له : كم لبثت ؟ قال : لبثت
يوما أو بعض يوم
قال : بل لبثت مائة عام فأتى مدينته وقد ترك جارا له اسكافا شابا فجاء وهو شيخ
كبير
واخرج إسحق بن بشر والخطيب وابن عساكر عن عبد الله بن سلام : أن عزيرا هو العبد
الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه
وأخرج ابن جرير وابن عساكر عن ابن عباس : أن عزير بن سروخا هو الذي فيه قال الله
في كتابه أو كالذي مر على قرية الآية
(2/26)
وأخرج
ابن جرير عن عكرمة وقتادة وسليمان بن بريدة والضحاك والسدي مثله
واخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طرق عن ابن عباس وكعب والحسن ووهب يزيد بعضهم على
بعض
أن عزيرا كان عبدا صالحا حكيما خرج ذات يوم إلى ضيعة له يتعاهدها فلما انصرف انتهى
إلى خربة حين قامت الظهيرة أصابه الحر فدخل الخربة وهو على حمار له فنزل عن حماره
ومعه سلة فيها تين وسلة فيها عنب فنزل في ظل تلك الخربة وأخرج قصعة معه فاعتصر من
العنب الذي كان معه في القصعة ثم أخرج خبزا يابسا معه فألقاه في تلك القصعة في
العصير ليبتل ليأكله ثم استلقى على قفاه وأسند رجليه إلى الحائط فنظر سقف تلك
البيوت ورأى منها ما فيها وهي قائمة على عرشها وقد باد أهلها ورأى عظاما بالية
فقال : أنى يحيي هذه الله بعد موتها ! فلم يشك أن الله يحييها ولكن قالها تعجبا
فبعث الله ملك الموت فقبض روحه فأماته الله مائة عام فلما أتت عليه مائة عام وكان
فيما بين ذلك في بني اسرائيل أمور وأحداث فبعث الله إلى عزير ملكا فخلق قلبه ليعقل
به وعينيه لينظر بهما فيعقل كيف يحيي الله الموتى ثم ركب خلقه وهو ينظر ثم كسا
عظامه اللحم والشعر والجلد ثم نفخ فيه الروح كل ذلك يرى ويعقل فاستوى جالسا فقال
له الملك : كم لبثت ؟ قال : لبثت يوما وذلك أنه كان نام في صدر النهار عند الظهيرة
وبعث في آخر النهار والشمس لم تغب
فقال : أو بعض يوم ولم يتم لي يوم
فقال له الملك : بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك يعني الطعام الخبز
اليابس وشرابه العصيرالذي كان اعتصر في القصعة فإذا هما على حالهما لم يتغير
العصير والخبز اليابس فذلك قوله لم يتسنه يعني لم يتغير وكذلك التين والعنب غض لم
يتغير عن حاله فكأنه أنكر في قلبه
فقال له الملك : أنكرت ما قلت لك انظر إلى حمارك
فنظر فإذا حماره قد بليت عظامه وصارت نخرة فنادى الملك عظام الحمار فأجابت وأقبلت
من كل ناحية حتى ركبه الملك وعزير ينظر إليه ثم ألبسها العروق والعصب ثم كساها
اللحم ثم أنبت عليها الجلد والشعر ثم نفخ فيه الملك فقام الحماررافعا رأسه وأذنيه
إلى السماء
(2/27)
ناهقا
فذلك قوله وانظر إلى حمارك ولنجعلك آية للناس وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم
نكسوها لحما يعني انظر إلى عظام حمارك كيف يركب بعضها بعضا في أوصالها حتى إذا
صارت عظاما مصورا حمارا بلا لحم ثم انظر كيف نكسوها لحما فلما تبين له قال أعلم أن
الله على كل شيء قدير من احياء الموتى وغيره
قال فركب حماره حتى أتى محلته فأنكره الناس وأنكر الناس وأنكر منازله فانطلق على
وهم منه حتى أتى منزله فإذا هو بعجوز عمياء مقعدة قد أتى عليها مائة وعشرون سنة
كانت أمة لهم فخرج عنهم عزير وهي بنت عشرين سنة كانت عرفته وعقلته فقال لها عزير :
يا هذه أهذا منزل عزير ؟ قالت : نعم وبكت وقالت : ما رأيت أحدا من كذا وكذا سنة
يذكر عزيرا وقد نسيه الناس
قال : فإني أنا عزير
قالت : سبحان الله ! فإن عزيرا قد فقدناه منذ مائة سنة فلم نسمع له بذكر
قال : فإني أنا عزير كان الله أماتني مائة سنة ثم بعثني
قالت : فإن عزيرا كان رجلا مستجاب الدعوة يدعو للمريض ولصاحب البلاء بالعافية
والشفاء فادع الله أن يرد علي بصري حتى أراك فإن كنت عزيرا عرفتك
فدعا ربه ومسح يده على عينيهما ؟ فصحتا وأخذ بيدها فقال : قومي بإذن الله فأطلق
الله رجلها فقامت صحيحة كأنما نشطت من عقال فنظرت فقالت : أشهد أنك عزير
فانطلقت إلى محلة بني إسرائيل وهم في أنديتهم ومجالسهم وابن لعزير شيخ ابن مائة
سنة وثمان عشرة سنة وبنو بنيه شيوخ في المجلس فنادتهم فقالت : هذا عزير قد جاءكم
فكذبوها فقالت : أنا فلانة مولاتكم دعا لي ربه فرد علي بصري وأطلق رجلي وزعم أن
الله كان أماته مائة سنة ثم بعثه فنهض الناس فأقبلوا إليه فنظروا إليه فقال ابنه :
كانت لأبي شامة سوداء بين كتفيه فكشف عن كتفيه فإذا هو عزير ! فقالت بنو إسرائيل :
فإنه لم يكن فينا أحد حفظ التوراة فيما حدثنا غير عزير وقد حرق بختنصر التوراة ولم
يبق منها شيء إلا ما حفظت الرجال فاكتبها لنا
وكان أبوه سروخا قد دفن التوراة أيام بختنصر في موضع لم يعرفه أحد غير عزير فانطلق
بهم إلى ذلك الموضع فحفره فاستخرج التوراة وكان قد عفن الورق ودرس الكتاب فجلس في
ظل شجرة وبنو إسرائيل حوله فجدد لهم التوراة فنزل من السماء شهابان حتى دخلا جوفه
فتذكر التوراة فجددها لبني إسرائيل فمن ثم
(2/28)
قالت
اليهود : عزير ابن الله للذي كان من أمر الشهابين وتجديده للتوراة وقيامه بأمر بني
إسرائيل وكان جدد لهم التوراة بأرض السواد بدير حزقيل والقرية التي مات فيها يقال
لها سابر أباد قال ابن عباس : فكان كما قال الله و لنجعلك آية للناس يعني لبني
إسرائيل وذلك أنه كان يجلس مع بني بنيه وهم شيوخ وهو شاب لأنه كان مات وهو ابن
أربعين سنة فبعثه الله شابا كهيئته يوم مات
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن
عبيد بن عمير في قوله أو كالذي مر على قرية قال : كان نبيا اسمه أورميا
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه
قال : إن أرميا لما خرب بيت المقدس وحرق الكتب وقف في ناحية الجبل فقال : أنى يحيي
هذه الله بعد موتها ؟ فأماته الله مائة عام ثم بعثه وقد عمرت على حالها الأول فجعل
ينظر إلى العظام كيف يلتئم بعضه إلى بعض ثم نظر إلى العظام تكسى عصبا ولحما فلما
تبين له قال : أعلم أن الله على كل شيء قدير فقال : انظر إلى طعامك وشرابك لم
يتسنه وكان طعامه تينا في مكتل وقلة فيها ماء
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله أو كالذي مر على قرية قال : القرية بيت المقدس مر
بها عزير بعد أن خربها بختنصر
وأخرج عن قتادة والضحاك والربيع
مثله
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق محمد بن سليمان السياري
سمعت رجلا من أهل الشام يقول : إن الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه اسمه حزقيل بن
بوزا
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن الحسن قال : كان أمر عزير وبختنصر في الفترة
وأخرج إسحق وابن عساكر عن عطاء بن أبي رباح قال : كان أمر عزير بين عيسى ومحمد
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن وهب بن منبه قال : كانت قصة عزير وبختنصر بين عيسى
وسليمان
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله خاوية قال :
خراب
(2/29)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن قتادة خاوية قال : ليس فيها أحد
وأخرج عن الضحاك على عروشها قال : سقوفها
وأخرج ابن جرير عن السدي خاوية على عروشها قال : ساقطة على سقفها
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله أنى يحيي هذه الله بعد موتها قال : أنى
تعمرهذه بعد خرابها
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي في البعث عن الحسن في قوله فأماته الله
مائة عام ثم بعثه قال : ذكر لنا أنه أميت ضحوة وبعث حين سقطت الشمس قبل أن تغرب
وأن أول ما خلق الله منه عيناه فجعل ينظر بهما إلى عظم كيف يرجع إلى مكانه
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : لبثت يوما ثم التفت فرأى بقية الشمس فقال : أو
بعض يوم
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان طعامه الذي معه سلة من تين وشرابه زق من
عصير
وأخرج عن مجاهد قال : طعامه سلة تين وشرابه دن خمر
وأخرج أبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر من طرق عن ابن
عباس في قوله لم يتسنه قال : لم يتغير
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس
أن نافع ابن الأزرق سأله عن قوله لم يتسنه قال : لم تغيره السنون
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول الشاعر : طاب منه الطعم والريح
معا لن تراه يتغير من أسن وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد لم يتسنه قال : لم
ينتن
وأخرج ابن راهويه في مسنده وأبو عبيد في الفضائل وعبد بن حميد وابن جرير وابن
الأنباري في المصاحف عن هانىء البربري مولى عثمان قال : لما كتب عثمان المصاحف
شكوا في ثلاث آيات فكتبوها في كتف شاة وأرسلوني بها إلى أبي بن كعب و زيد بن ثابت
فدخلت عليهما فناولتها أبي بن كعب فقرأها فوجد فيها لا تبديل للخلق ذلك الدين
القيم فمحا بيده أحد اللامين و كتبها لا تبديل لخلق
(2/30)
الله
الروم الآية 30
ووجد فيها انظر إلى طعامك و شرابك لم يتسنن فمحا النون و كتبها لم يتسنه
وقرأ فيها فأمهل الكافرين فمحا الألف و كتبها فمهل الطارق الآية 17
و نظر فيها زيد بن ثابت ثم انطلقت بها إلى عثمان فأثبتوها في المصاحف كذلك
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري عن هانىء قال : كنت الرسول
بين عثمان وزيد بن ثابت فقال زيد : سله عن قوله لم يتسنن أو لم يتسنه فقال عثمان :
اجعلوا فيها هاء
وأخرج سفيان بن عيينه وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله و لنجعلك آية للناس قال :
كان يوم بعث ابن مائة وأربعين شابا و كان ولده أبناء مائة سنة و هم شيوخ
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود
مثله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله كيف ننشزها قال : نخرجها
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله لم يتسنه قال : لم يفسد بعد مائة حول
والطعام والشراب يفسد في أقل من ذلك وانظر إلى العظام كيف ننشزها يقول : نشخصها
عضوا عضوا
وأخرج الحاكم و صححه عن زيد بن ثابت
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قرأ كيف ننشزها بالزاي
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ومسدد في مسنده وعبد بن حميد وابن المنذر عن زيد بن
ثابت أنه قرأ كيف ننشزها بالزاي وأن زيد أعجم عليها في مصحفه
وأخرج مسدد عن أبي بن كعب أنه قرأ كيف ننشزها أعجم الزاي
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد من طرق عن ابن عباس أنه كان يقرأ
نشرها بالراء
وأخرج ابن المنذر عن عطاء بن أبي رباح أنه قرأ ننشرها بالراء
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن
مثله
(2/31)
وأخرج
ابن جرير عن السدي كيف ننشزها قال : نحركها
وأخرج عن ابن زيد كيف ننشزها قال : نحييها
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قرأ فلما
تبين له قال أعلم قال : إنما قيل له ذلك
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن عباس أنه كان يقرأ قال أعلم ويقول : لم
يكن بأفضل من إبراهيم قال الله وأعلم ان ؟ ؟ الله
وأخرج ابن جرير عن هارون قال : في قراءة ابن مسعود " قيل اعلم ان الله "
على وجه الأمر
و أخرج ابن أبي داوود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءة عبد الله قيل أعلم
آية 260
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال : إن إبراهيم مر برجل ميت
زعموا أنه حبشي على ساحل البحر فرأى دواب البحر تخرج فتأكل منه وسباع الأرض تأتيه
فتأكل منه والطير تقع عليه فتأكل منه
فقال إبراهيم عند ذلك : رب هذه دواب البحر تأكل من هذا وسباع الأرض والطير ثم تميت
هذه فتبلي ثم تحييها فأرني كيف تحيي الموتى ؟ قال : أولم تؤمن يا إبراهيم أني أحيي
الموتى ؟ قال : بلى يا رب ولكن ليطمئن قلبي
يقول : لأرى من آياتك وأعلم أنك قد أجبتني
فقال الله : خذ أربعة من الطير فصنع ما صنع والطير الذي أخذه : ورال ؟ وديك وطاوس
وأخذ نصفين مختلفين ثم أتى أربعة أجبل فجعل على كل جبل نصفين مختلفين وهو قوله ثم
اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم تنحى ورؤوسهما تحت قدميه فدعا باسم الله الأعظم فرجع
كل نصف إلى نصفه وكل
(2/32)
ريش
إلى طائره ثم أقبلت تطير بغير رؤوس إلى قدمه تريد رؤوسها بأعناقها فرفع قدمه فوضع
كل طائر منها عنقه في رأسه فعادت كما كانت واعلم أن الله عزيز يقول : مقتدر على ما
يشاء حكيم يقول : محكم لما أراد
الرال فرخ النعام
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة
نحوه
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج عن ابن عباس قال : بلغني أن إبراهيم بينا هو يسير على
الطريق إذا هو بجيفة حمار عليها السباع والطير قد تمزق لحمها وبقي عظامها فوقف
فعجب ثم قال : رب قد علمت لتجمعنها من بطون هذه السباع والطير رب أرني كيف تحيي
الموتى قال : أولم تؤمن ؟ قال : بلى ولكن ليس الخبر كالمعاينة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : سأل إبراهيم عليه السلام ربه أن يريه كيف يحيي
الموتى وذلك مما لقي من قومه من الأذى فدعا به عند ذلك مما لقي منهم من الأذى فقال
: رب أرني كيف تحيي الموتى
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : لما اتخذ الله إبراهيم خليلا سأل ملك
الموت أن يأذن له فيبشر إبراهيم بذلك فأذن له فأتى إبراهيم ولبس في البيت ؟ فدخل
داره وكان إبراهيم من أغير الناس اذا خرج أغلق الباب فلما جاء وجد في بيته رجلا
ثار إليه ليأخذه وقال له : من أذن لك أن تدخل داري ؟ قال ملك الموت : أذن لي رب هذه
الدار
قال إبراهيم : صدقت وعرف أنه ملك الموت
قال : من أنت ؟ قال : أنا ملك الموت جئتك أبشرك بأن الله قد اتخذك خليلا
فحمد الله وقال : يا ملك الموت أرني كيف تقبض أرواح الكفار ؟ قال : يا إبراهيم لا
تطيق ذلك
قال : بلى
قال : فأعرض فأعرض إبراهيم ثم نظر فإذا هو برجل أسود ينال رأسه السماء يخرج من فيه
لهب النار ليس من شعرة في جسده إلا في صورة رجل يخرج من فيه ومسامعه لهب النار
فغشي على إبراهيم ثم أفاق وقد تحول ملك الموت في الصورة الأولى
فقال : يا ملك الموت لو لم يلق الكافر عند موته من البلاء والحزن إلا صورتك لكفاه
فأرني كيف تقبض أرواح المؤمنين ؟ قال : فأعرض فأعرض إبراهيم ثم التفت فإذا هو برجل
شاب أحسن الناس وجها وأطيبه ريحا في ثياب بياض
قال : يا ملك الموت لو لم ير المؤمن عند موته من قرة العين والكرامة إلا صورتك هذه
لكان يكفيه
فانطلق ملك الموت وقام إبراهيم يدعو ربه
(2/33)
يقول
: رب أرني كيف تحيي الموتى حتى أعلم أني خليلك
قال : أولم تؤمن ؟ يقول : تصدق بأني خليلك
قال : بلى ولكن ليطمئن قلبي بخلولتك
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء
والصفات عن سعيد بن جبير في قوله ولكن ليطمئن قلبي قال : بالخلة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله
ولكن ليطمئن قلبي يقول : أعلم أنك تجيبني إذا دعوتك وتعطيني إذا سألتك
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الشعب عن مجاهد وإبراهيم
ليطمئن قلبي قال : لأزداد إيمانا إلى إيماني
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن ماجه وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في
الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " نحن
أحق بالشك من إبراهيم إذ قال : رب أرني كيف تحيي الموتى
قال : أولم تؤمن ؟ قال : بلى ولكن ليطمئن قلبي
ويرحم الله لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت
الداعي "
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن أيوب في قوله ولكن ليطمئن قلبي قال : قال ابن عباس
: ما في القرآن آية أرجى عندي منها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس
أنه قال لعبد الله بن عمرو بن العاص : أي آية في القرآن أرجى عندك ؟ فقال : قول
الله يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله
الزمر الآية 53 الآية
فقال ابن عباس : لكن أنا أقول : قول الله لإبراهيم أولم تؤمن قال بلى فرضي من
إبراهيم بقوله بلى فهذا لما يعترض في الصدور ويوسوس به الشيطان
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق حنش عن ابن عباس فخذ أربعة من الطير قال : الغرنوق
والطاوس والديك والحمامة
الغرنوق الكركي
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : الأربعة من
الطير : الديك والطاووس والغراب والحمام
(2/34)
وأخرج
سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في
الشعب من طرق عن ابن عباس فصرهن قال : قطعهن
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس فصرهن قال : هي
بالنبطية شققهن
وأخرج ابن جرير عن عكرمة فصرهن قال : بالنبطية قطعهن
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة فصرهن قال : هذه الكلمة بالحبشية يقول : قطعهن واخلط
دماءهن وريشهن
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس فصرهن قال : أوثقهن
ذبحهن
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن وهب قال : ما من اللغة شيء إلا منها في القرآن
شيء قيل : وما فيه من الرومية ؟ قال فصرهن يقول : قطعهن
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي
في البعث من طريق أبي جمرة عن ابن عباس فصرهن إليك قال : قطع أجنحتهن ثم اجعلهن
أرباعا ربعا ههنا وربعا ههنا في أرباع الأرض ثم ادعهن يأتينك سعيا قال : هذا مثل
كذلك يحيي الله الموتى مثل هذا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : أمر أن يأخذ أربعة من الطير فيذبحهن
ثم يخلط بين لحومهن وريشهن ودمائهن ثم يجزئهن على أربعة أجبل
وأخرج ابن جرير عن عطاء فصرهن إليك اضممهن إليك
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق طاووس عن ابن عباس قال : وضعهن على سبعة أجبل وأخذ
الرؤوس بيده فجعل ينظر إلى القطرة تلقى القطرة والريشة تلقى الريشة حتى صرن أحياء
ليس لهن رؤوس فجئن إلى رؤوسهن فدخلن فيها
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد ثم ادعهن قال : دعاهن باسم إله إبراهيم تعالين
وأخرج ابن أبي جرير عن الربيع في قوله يأتينك سعيا قال : شدا على أرجلهن
وأخرج ابن المنذر عن الحسن قال : أخذ ديكا وطاووسا وغرابا وحماما فقطع رؤوسهن
وقوائمهن وأجنحتهن ثم أتى الجبل فوضع عليه لحما ودما وريشا
(2/35)
ثم
فرقه على أربعة أجبال ثم نودي : أيتها العظام المتمزقة واللحوم المتفرقة والعروق
المتقطعة اجتمعن يرد الله فيكن أرواحكن
فوثب العظم إلى العظم وطارت الريشة إلى الريشة وجرى الدم إلى الدم حتى رجع إلى كل
طائر دمه ولحمه وريشه ثم أوحى الله إلى إبراهيم : إنك سألتني كيف أحيي الموتى وإني
خلقت الأرض وجعلت فيها أربعة أرواح : الشمال والصبا والجنوب والدبور حتى إذا كان
يوم القيامة نفخ نافخ في الصور فيجتمع من في الأرض من القتلى والموتى كما اجتمعت
أربعة أطيار من أربعة جبال ثم قرأ ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة لقمان الآية
28
وأخرج البيهقي في الشعب عن الحسن في قوله رب أرني كيف تحيي الموتى قال : إن كان
إبراهيم لموقنا أن الله يحيي الموتى ولكن لا يكون الخبر كالعيان إن الله أمره أن
يأخذ أربعة من الطير فيذبحهن وينتفهن ثم قطعهن أعضاء أعضاء ثم خلط بينهن جميعا ثم
جزأهن أربعة أجزاء ثم جعل على كل جبل منهن جزءا ثم تنحى عنهن فجعل يعدو كل عضو إلى
صاحبه حتى استوين كما كن قبل أن يذبحهن ثم أتينه سعيا
وأخرج البيهقي عن مجاهد في قوله فصرهن إليك قال : يقول : انتف ريشهن ولحومهن
ومزقهن تمزيقا
وأخرج البيهقي عن عطاء قال : يقول : شققهن ثم اخلطهن
آية 261
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله مثل الذين ينفقون أموالهم في
سبيل الله كمثل حبة الآية
قال : فذلك سبعمائة حسنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : هذا لمن أنفق في سبيل الله فله أجره
سبعمائة مرة
(2/36)
وأخرج
ابن جرير عن ابن زيد في قوله والله واسع عليم قال : واسع أن يزيد في سعتهعالم بمن
يزيده
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع في الآية قال : " كان من بايع النبي
صلى الله عليه و سلم على الهجرة ورابط معه في المدينة ولم يذهب وجها إلا باذنه
كانت له الحسنة بسبعمائة ضعف ومن بايع على الإسلام كانت الحسنة له عشر أمثالها
"
وأخرج ابن ماجه عن الحسن بن علي بن أبي طالب وأبي الدرداء وأبي هريرة وأبي أمامه
الباهلي وعبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وعمران بن حصين كلهم يحدث عن رسول
الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : ح ؟
وأخرج ابن ماجه وابن أبي حاتم عن عمران بن حصين عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال " من أرسل بنفقة في سبيل الله وأقام في بيته فله بكل درهم سبعمائة درهم
ومن غزا بنفسه في سبيل الله وأنفق في وجهه ذلك فله بكل درهم يوم القيامة سبعمائة
ألف درهم ثم تلا هذه الآية والله يضاعف لمن يشاء "
وأخرج البخاري في تاريخه عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم " النفقة في
سبيل الله تضاعف سبعمائة ضعف "
وأخرج أحمد ومسلم والنسائي والحاكم والبيهقي عن ابن مسعود " أن رجلا تصدق بناقة
مخطومة في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لك بها يوم القيامة
سبعمائة ناقة كلها مخطومة "
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه والنسائي وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن
خريم بن فاتك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من أنفق نفقة في
سبيل الله كتبت له بسبعمائة ضعف "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" الأعمال عند الله سبعة : عملان موجبان وعملان أمثالهما وعمل بعشرة أمثاله
وعمل بسبعمائة وعمل لا يعلم ثواب عامله إلا الله
فأما الموجبان فمن لقي الله يعبده مخلصا لا يشرك به شيئا وجبت له الجنة ومن لقي
الله قد أشرك به وجبت له النار ومن عمل سيئة جزي بمثلها ومن هم بحسنة جزي بمثلها
ومن عمل حسنة جزي عشرا ومن أنفق ماله في سبيل الله ضعفت له نفقته الدرهم بسبعمائة
والدينار بسبعمائة والصيام لله لا يعلم ثواب عامله إلا الله عز و جل
(2/37)
وأخرج
الطبراني عن معاذ بن جبل " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : طوبى لمن
أكثر في الجهاد في سبيل الله من ذكر الله فإن له بكل كلمة سبعين ألف حسنة كل حسنة
منها عشرة أضعاف مع الذي له عند الله من المزيد
قيل : يا رسول الله النفقة ؟ قال : النفقة على قدر ذلك
قال عبد الرحمن : فقلت لمعاذ : إنما النفقة بسبعمائة ضعف ؟ فقال معاذ : قل فهمك
إنما ذاك إذا أنفقوها وهم مقيمون في أهلهم غير غزاة فإذا غزوا وأنفقوا خبأ الله
لهم من خزائن رحمته ما ينقطع عنه علم العباد وصفتهم فأولئك حزب الله وحزب الله هم
الغالبون "
وأخرج الحاكم وصححه عن عدي بن حاتم " أنه سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم
أي الصدقة أفضل ؟ قال : خدمة عبد في سبيل الله أو ظل فسطاط أو طروقة فحل في سبيل
الله "
وأخرج الترمذي وصححه عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
أفضل الصدقات ظل فسطاط في سبيل الله أو منحة خادم في سبيل الله أو طروقة فحل في
سبيل الله "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن زيد بن خالد
الجهني " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من جهز غازيا في سبيل الله
فقد غزا ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا "
وأخرج ابن ماجه والبيهقي عن عمر بن الخطاب " سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : من جهز غازيا حتى يستقل كان له مثل أجره حتى يموت أو يرجع "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن زيد بن ثابت عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
من جهز غازيا في سبيل الله فله مثل أجره ومن خلف غازيا في أهله بخير وأنفق على
أهله كان له مثل أجره "
وأخرج مسلم وأبو داود عن أبي سعيد الخدري " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
بعث إلى بني لحيان ليخرج من كل رجلين رجل ثم قال للقاعد : أيكم خلف الخارج في أهله
فله مثل أجره "
وأخرج أحمد والحاكم والبيهقي عن سهل بن حنيف " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : من أعان مجاهدا في سبيل الله أو غارما في عسرته أو مكاتبا في رقبته أظله
الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله "
(2/38)
وأخرج
ابن أبي حبان والحاكم وصححه والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " من أظل رأس غاز أظله الله يوم القيامة ومن جهز غازيا في
سبيل الله فله مثل أجره ومن بنى مسجدا لله يذكر فيه اسم الله بنى الله له بيتا في
الجنة "
وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي عن صعصعه بن معاوية قال : قلت لأبي ذر
حدثني
قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم " ما من عبد مسلم ينفق من ماله زوجين في
سبيل الله إلا استقبلته حجبة الجنة كلهم يدعوه إلى ما عنده
قلت : وكيف ذاك ؟ قال : إن كانت رحالا فرحلين وإن كانت إبلا فبعيرين وإن كانت بقرا
فبقرتين "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله
كمثل حبة الآية
قال : نفقة الحج والجهاد سواء الدرهم سبعمائة لأنه في سبيل الله
وأخرج أحمد والطبراني في الأوسط والبيهقي في سننه عن بريدة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله الدرهم بسبعمائة
ضعف "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله الدرهم بسبعمائة "
وأخرج أبو داوود والحاكم وصححه عن معاذ بن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " إن الصلاة والصيام والذكر تضاعف على النفقة في سبيل الله بسبعمائة
ضعف "
الآية 262
أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : علم الله ناسا يمنون بعطيتهم
فكره ذلك وقدم فيه
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : إن أقواما يبعثون الرجل منهم في سبيل
الله أو ينفق على الرجل ويعطيه النفقة ثم يمنه ويؤذيه ومنه يقول : أنفقت في سبيل
الله كذا وكذا غير محتسبه عند الله وأذى يؤذي به الرجل الذي أعطاه ويقول : ألم
أعطك كذا وكذا ؟
(2/39)
وأخرج
ابن المنذر والحاكم وصححه عن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سأل
البراء بن عازب فقال : يا براء كيف نفقتك على أمك ؟ - وكان موسعا على أهله - فقال
: يا رسول الله ما أحسنها
قال : فإن نفقتك على أهلك وولدك وخادمك صدقة فلا تتبع ذلك منا ولا أذى "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ما أنفقتم على أهليكم في غير إسراف ولا إقتار فهو في سبيل الله "
وأخرج الطبراني عن كعب بن عجرة قال : مر على النبي صلى الله عليه و سلم رجل فرأى
أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم من جلده ونشاطه فقالوا : يا رسول الله لو كان
هذا في سبيل الله
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن كان خرج يسعى على ولده صغارا فهو في
سبيل الله وإن كان خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله وإن كان خرج
يسعى على نفسه يعفها فهو في سبيل الله وإن كان خرج يسعى رياء ومفاخرة فهو في سبيل
الشيطان "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن أيوب قال : أشرف على النبي صلى الله عليه و سلم رجل
من رأس تل فقالوا : ما أجلد هذا الرجل ! لو كان جلده في سبيل الله
فقال النبي صلى الله عليه و سلم " أوليس في سبيل الله إلا من قتل ؟ ثم قال :
من خرج في الأرض يطلب حلالا يكف به والديه فهو في سبيل الله ومن خرج يطلب حلالا
يكف به أهله فهو في سبيل الله ومن خرج يطلب حلالا يكف به نفسه فهو في سبيل الله
ومن خرج يطلب التكاثر فهو في سبيل الشيطان "
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من سعى على والديه ففي سبيل الله ومن سعى على عياله ففي سبيل الله ومن سعى
على نفسه ليعفها ففي سبيل الله ومن سعى على التكاثر فهو في سبيل الشيطان "
وأخرج أحمد والبيهقي في سننه عن أبي عبيدة بن الجراح " سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : من أنفق نفقة فاضلة في سبيل الله فبسبعمائة ومن أنفق على
نفسه وأهله أو عاد مريضا أو أماط أذى عن طريق فالحسنة بعشر أمثالها والصوم جنة ما
لم يخرقها ومن ابتلاه الله ببلاء في جسده فله حظه "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي مسعود البدري عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال " إذا أنفق الرجل على أهله نفقة وهو يحتسبها
كانت له صدقة "
(2/40)
وأخرج
البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت عليها حتى ما تجعل في امرأتك ؟
"
وأخرج أحمد عن المقدام بن معد يكرب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ما أطعمت نفسك فهو لك صدقة وما أطعمت زوجتك فهو لك صدقة وما أطعمت خادمك
فهو لك صدقة "
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من
أنفق على نفسه نفقة ليستعف بها فهي صدقة ومن أنفق على امرأته وولده وأهل بيته فهي
صدقة "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن جابر قال : قال رسول الله " ما أنفق المرء على
نفسه وأهله وولده وذي رحمه وقرابته فهو له صدقة "
وأخرج أحمد وأبو يعلى عن عمرو بن أمية " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : ما أعطى الرجل أهله فهو له صدقة "
وأخرج أحمد والطبراني عن العرباض بن سارية " سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : إن الرجل إذا سقى امرأته من الماء أجر "
وأخرج أحمد والطبراني عن أم سلمة " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
: من أنفق على ابنتين أو أختين أو ذواتي قرابة يحتسب النفقة عليهما حتى يغنيهما من
فضل الله أو يكفهما كانتا له سترا من النار "
وأخرج الطبراني والبيهقي في الشعب عن عوف بن مالك
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " ما من مسلم يكون له ثلاث بنات فينفق
عليهن حتى يبن أو يمتن إلا كن له حجابا من النار
فقالت امرأة : أو بنتان ؟ فقال : أو بنتان
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي عن عائشة قالت : دخلت علي امرأة ومعها بنتان لها
تسأل فلم تجد عندي شيئا سوى تمرة واحدة فأعطيتها إياها فقسمتها بين ابنتيها ولم
تأكل منها ثم قامت وخرجت فدخل النبي صلى الله عليه و سلم فأخبرته فقال " من ابتلي
من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سترا من النار "
وأخرج مسلم عن عائشة قالت : جائتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمرات
فأعطت كل واحدة منهما تمرة ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت
التمرة التي تريد أن تأكلها بينهما فأعجبني شأنها فذكرت الذي
(2/41)
صنعت
لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال " إن الله قد أوجب لها بها الجنة أو
أعتقها بها من النار "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب ومسلم والترمذي عن أنس عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال " من عال جاريتين حتى تبلغا دخلت أنا وهو في الجنة كهاتين
"
وأخرج ابن أبي شيبة وابن حبان عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من عال ابنتين أو ثلاثا أو أختين أو ثلاثا حتى يمتن أو يموت عنهن كنت أنا
وهو في الجنة كهاتين وأشار بأصبعيه السبابة والتي تليها "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " ما من مسلم له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه أو
صحبهما إلا أدخلتاه الجنة "
وأخرج البزار عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما من
مسلم له ابنتان فيحسن إليهما ما صحبتاه أو صحبهما إلا أدخلتاه الجنة "
وأخرج البزار عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من كفل
يتيما له ذو قرابة أو لا قرابة له فأنا وهو في الجنة كهاتين وضم أصبعيه
ومن سعى على ثلاث بنات فهو في الجنة وكان له كأجر مجاهد في سبيل الله صائما قائما
"
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وابن حبان عن ابن الخدري قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو
أختان فأحسن صحبتهن واتقى الله فيهن
وفي لفظ : فأدبهن وأحسن إليهن وزوجهن فله الجنة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب والبزار والطبراني في الأوسط والبيهقي
في الشعب عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من كن له ثلاث
بنات يؤويهن ويرحمهن ويكفلهن وينفق عليهن وجبت له الجنة البتة
قيل : يا رسول الله فإن كانتا اثنتين ؟ قال : وإن كانتا اثنتين
قال : فرأى بعض القوم أن لو قال واحدة لقال واحدة "
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : من كن له ثلاث بنات فصبر على لأوائهن وضرائهن وسرائهن أدخله الله الجنة
برحمته إياهن
فقال رجل : واثنتان يا رسول الله ؟ قال : واثنتان
قال رجل : يا رسول الله وواحدة ؟ قال : وواحدة "
(2/42)
وأخرج
البخاري في الأدب والبيهقي في الشعب عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " من كان له ثلاث بنات فصبر عليهن فأطعمهن وسقاهن وكساهن من جدته
كن له حجابا من النار
الآية 263
أخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن دينار قال : بلغنا أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
: " ما من صدقة أحب إلى الله من قول ألم تسمع قوله قول معروف ومغفرة خير من
صدقة يتبعها أذى ؟ "
وأخرج ابن ماجه عن أبي هريرة " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : أفضل
الصدقة أن يتعلم المرء المسلم علما ثم يعلمه أخاه المسلم "
وأخرج المرهبي في فضل العلم والبيهقي في الشعب عن عبد الله بن عمرو " أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : ما أهدى المرء المسلم لأخيه هدية أفضل من كلمة
حكمة يزيده الله بها هدى أو يرده عن ردى "
وأخرج الطبراني عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
ما تصدق الناس بصدقة مثل علم ينشر "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " نعم
العطية كلمة حق تسمعها ثم تحملها إلى أخ لك مسلم فتعلمها اياه "
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله قول معروف
الآية
قال : رد جميل
يقول : يرحمك الله يرزقك الله ولا ينتهره ولا يغلظ له القول
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس قال : الغني الذي كمل في غناه والحليم
الذي كمل في حلمه
آية 264
(2/43)
أخرج
ابن المنذر عن الضحاك في الآية قال : من أنفق نفقة ثم من بها أو آذى الذي أعطاه
النفقة حبط أجره فضرب الله مثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فلم يدع من
التراب شيئا فكذلك يمحق الله أجر الذي يعطي صدقته ثم يمن بها كما يمحق المطر ذلك
التراب
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال الله للمؤمنين لا تبطلوا صدقاتكم بالمن
والأذى فتبطل كما بطلت صدقة الرياء وكذلك هذا الذي ينفق ماله رئاء الناس ذهب
الرياء بنفقته كما ذهب هذا المطر بتراب هذا الصفا
وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الله بن أبي زكريا قال : بلغني أن الرجل إذا راءى بشيء
من عمله أحبط ما كان قبل ذلك
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن المنذر والبيهقي في الشعب عن أبي سعيد الخدري قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا يدخل الجنة منان ولا عاق ولا مدمن
خمر ولا مؤمن بسحر ولا كاهن "
وأخرج البزار والحاكم وصححه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة
العاق لوالديه ومدمن الخمر والمنان بما أعطى
وثلاثة لا يدخلون الجنة
العاق لوالديه والديوث والرجلة "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لا يدخل الجنة منان
فشق ذلك علي حتى وجدت في كتاب الله في المنان لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عمرو بن حريث قال : إن الرجل يغزو ولا يسرق ولا
يزني ولا يغل لا يرجع بالكفاف
قيل له : لماذا ؟ فقال : إن الرجل ليخرج فإذا أصابه من بلاء الله الذي قد حكم عليه
لعن وسب أمامه ولعن ساعة غزا وقال : لا أعود لغزوة معه أبدا
فهذا عليه وليس له مثل النفقة في سبيل الله يتبعها منا وأذى فقد ضرب الله مثلها في
القرآن يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى حتى ختم الآية
(2/44)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله صفوان يقول : الحجر
فتركه صلدا ليس عليه شيء
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس كمثل صفوان الصفاة
فتركه صلدا قال : تركها نقية ليس عليها شيء فكذلك المنافق يوم القيامة لا يقدر على
شيء مما كسب
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : الوابل المطر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : الوابل المطر الشديد وهذا مثل ضربه
الله لأعمال الكفار يوم القيامة يقول لا يقدرون على شيء مما كسبوا يومئذ كما ترك
هذا المطر هذا الحجر ليس عليه شيء أنقى ما كان
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس فتركه صلدا قال : يابسا خاسئا لا ينبت شيئا
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس
أن نافع ابن الأزرق سأله عن قوله صفوان قال : الحجر الأملس
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول أوس بن حجر : على ظهر صفوان
كأن متونه عللن بدهن يزلق المتنزلا قال : فأخبرني عن قوله صلدا قال : أملس
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول أبي طالب : واني لقرم وابن قرم
لهاشم لآباء صدق مجدهم معقل صلد
آية 265
أخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في الآية قال : هذا مثل ضربه الله لعمل المؤمن
وأخرج عن مقاتل بن حيان في قوله ابتغاء مرضاة الله قال : احتسابا
وأخرج عن الحسن قال : لا يريدون سمعة ولا رياء
(2/45)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن الشعبي وتثبيتا من أنفسهم قال : تصديقا ويقينا
وأخرج ابن جرير عن أبي صالح وتثبيتا من أنفسهم قال : يقينا من عند أنفسهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد وتثبيتا قال : يتثبتون أين يضعون أموالهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن قال : كان الرجل إذا هم بصدقة
تثبت فإن كان لله أمضى وإن خالطه شيء من الرياء أمسك
وأخرج ابن المنذر عن قتادة و تثبيتا من أنفسهم قال : النية
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس أنه كان يقرؤها بربوة بكسر الراء والربوة النشز من
الأرض
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : الربوة الأرض المستوية المرتفعة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله جنة بربوة قال : المكان المرتفع
الذي لا تجري فيه الأنهار
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل أصابها وابل قال : أصاب الجنة المطر
وأخرج عن عطاء الخراساني قال : الوابل الجود من المطر
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد فآتت أكلها ضعفين قال : أضعفت في ثمرها
وأخرج ابن جرير عن السدي فآتت أكلها ضعفين يقول : كما ضعفت ثمر تلك الجنة فكذلك
تضاعف لهذا المنفق ضعفين
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس فطل قال : ندى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة فطل قال : طش
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك قال : الطل : الرذاذ من المطر يعني اللين
منه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : هذا مثل ضربه الله لعمل
(2/46)
المؤمن
يقول : ليس لخيره خلف كما ليس لخير هذه الجنة خلف على أي حال كان إن أصابها وابل
وإن أصابها طل
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله فإن لم يصبها وابل فطل
قال : تلك أرض مصر إن أصابها طل زكت وإن أصابها وابل أضعفت
آية 266
ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم عن
ابن عباس قال : قال عمر يوما لأصحاب النبي صلى الله عليه و سلم : فيم ترون هذه
الآية نزلت أيود احدكم أن تكون له جنة ؟ قالوا : الله أعلم ! فغضب عمر فقال :
قولوا : نعلم أو لا نعلم
فقال ابن عباس : في نفسي منها شيء يا أمير المؤمنين ! فقال : عمر : يا ابن أخي قل
ولا تحقر نفسك
قال ابن عباس : ضربت مثلا لعمل
قال عمر : أي عمل ؟ قال ابن عباس : لعمل
قال عمر : لرجل غني يعمل بطاعة الله ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى
أغرق أعماله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس قال : قال عمر بن الخطاب : قرأت الليلة
آية أسهرتني أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب فقرأها كلها فقال : ما عنى
بها ؟ فقال بعض القوم : الله أعلم ! فقال : إني أعلم أن الله أعلم ولكن إنما سألت
إن كان عند أحد منكم علم وسمع فيها شيئا أن يخبر بما سمع ؟ فسكتوا
فرأني وأنا أهمس قال : قل يا ابن أخي ولا تحقر نفسك
قلت : عنى بها العمل
قال : وما عنى بها العمل ؟ قلت : شيء ألقي في روعي فقلته
فتركني وأقبل وهو يفسرها صدقت يا ابن أخي عنى بها العمل ابن آدم أفقر ما يكون إلى
جنته إذا كبرت سنه وكثر عياله وابن آدم أفقر ما يكون إلى عمله يوم القيامة صدقت يا
ابن أخي
(2/47)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ضرب الله مثلا حسنا - وكل أمثاله حسن -
قال أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب
له فيها من كل الثمرات يقول : صنعه في شبيبته فأصابه الكبر وولده وذريته ضعفاء عند
آخر عمره فجاءه إعصار فيه نار فاحترق بستانه فلم يكن عنده قوة أن يغرس مثله ولم
يكن عند نسله خير يعودون به عليه فكذلك الكافر يوم القيامة إذا رد إلى الله ليس له
خير فيستعتب كما ليس لهذا قوة فيغرس مثل بستانه ولا يجره قدم لنفسه خيرا يعود عليه
كما لم يغن عن هذا ولده وحرم أجره عند أفقر ما كان إليه كما حرم هذا جنته عند أفقر
ما كان إليها عند كبره وضعف ذريته
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : هذا مثل آخر لنفقة الرياء أنه ينفق ماله
يرائي به الناس فيذهب ماله منه وهو يرائي فلا يأجره الله فيه فإذا كان يوم القيامة
واحتاج إلى نفقته وجدها قد أحرقها الرياء فذهبت كما أنفق هذا الرجل على جنته حتى
إذا بلغت وكثر عياله واحتاج إلى جنته جاءت ريح فيها سموم فأحرقت جنته فلم يجد منها
شيئا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : هذا مثل
المفرط في طاعة الله حتى يموت مثله بعد موته كمثل هذا حين احترقت جنته وهو كبير لا
يغني عنها وولده صغار لا يغنون عنه شيئا كذلك المفرط بعد الموت كل شيء عليه حسرة
وأخرج ابن جرير عن ابن أبي مليكة
أن عمر تلا هذه الآية فقال : هذا مثل ضرب للإنسان يعمل عملا صالحا حتى إذا كان عند
آخر عمره أحوج ما يكون إليه عمل عمل السوء
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : ضربت مثلا للعمل يبدأ فيعمل عملا صالحا
فيكون مثلا للجنة ثم يسيء في آخر عمره فيتمادى في الإساءة حتى يموت على ذلك فيكون
الإعصار الذي فيه نار التي أحرقت الجنة مثلا لإساءته التي مات وهو عليها
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء قال : قال عمر : آية من كتاب الله ما وجدت أحدا يشفيني
عنها ! قوله أيحب أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب
(2/48)
حتى
فرغ من الآية
قال ابن عباس : يا أمير المؤمنين إني أجد في نفسي منها فقال له عمر : فلم تحقر نفسك
؟ فقال : يا أمير المؤمنين هذا مثل ضربه الله فقال : أيحب أحدكم أن يكون عمره يعمل
بعمل أهل الخير وأهل السعادة حتى إذا كبرت سنه واقترب أجله ورق عظمه وكان أحوج ما
يكون إلى أن يختم عمله بخير عمل بعمل أهل الشقاء فأفسد عمله فأحرقه
قال : فوقعت على قلب عمر وأعجبته
وأخرج الطبراني في الأوسط والحاكم وحسنه عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله
عليه و سلم يدعو " اللهم اجعل أوسع رزقك علي عند كبر سني وانقطاع عمري "
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس في قوله إعصار فيه نار قال : ريح فيها سموم
شديدة
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس
أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله إعصار قال : الريح الشديدة
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول الشاعر : فله في آثارهن خوار
وحفيف كأنه إعصار وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله كذلك يبين
الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون قال : هذا مثل ضربه الله فاعقلوا عن الله أمثاله
فإن الله يقول و تلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون العنكبوت الآية
43
آية 267
ابن جرير عن علي بن أبي طالب في قوله يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما
كسبتم قال : من الذهب والفضة و مما أخرجنا لكم من الأرض قال : يعني من الحب والتمر
وكل شيء عليه زكاة
(2/49)
وأخرج
سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه
عن مجاهد في قوله أنفقوا من طيبات ما كسبتم قال : من التجارة ومما أخرجنا لكم من
الأرض قال : من الثمار
وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي
وابن ماجه والدارقطني عن أبي سعيد الخدري " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة وليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة
وليس فيما دون خمس ذود من الإبل صدقة
وفي لفظ مسلم : ليس في حب ولا تمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق "
وأخرج مسلم وابن ماجه والدارقطني عن جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه
و سلم قال " ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة وليس فيما دون خمس ذود من
الإبل صدقة وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة "
وأخرج البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارقطني عن ابن عمر عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال " فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريا العشر
وما سقي بالنضح نصف العشر "
وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي والدارقطني عن جابر بن عبد الله " أنه سمع
النبي صلى الله عليه و سلم يقول : فيما سقت الأنهار والعيون العشر وفيما سقي
بالسانية نصف العشر "
وأخرج الترمذي وابن ماجه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" فيما سقت السماء والعيون العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر "
وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارقطني عن علي بن أبي طالب قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق
فهاتوا صدقة الرقة من كل أربعين درهما درهم وليس في تسعين ومائة شيء فإذا بلغ
مائتين ففيها خمسة دراهم "
وأخرج الدارقطني والحاكم وصحححه عن أبي ذر " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : في الإبل صدقتها وفي البقر صدقتها وفي الغنم صدقتها وفي البز صدقته
قالها بالزاي " وأخرج أبو داود من طريق خبيب بن سليمان بن سمرة عن أبيه عن
جده " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي
يعد للبيع "
(2/50)
وأخرج
ابن ماجه والدارقطني عن ابن عمر وعائشة " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان
يأخذ من كل عشرين دينارا نصف دينار ومن الأربعين دينارا دينارا "
وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال " ليس في أقل من خمس ذود شيء ولا في أقل من أربعين من الغنم
شيء ولا في أقل من ثلاثين من البقر شيء ولا في أقل من عشرين مثقالا من الذهب شيء
ولا في أقل من مائتي درهم شيء ولا في أقل من خمسة أوسق شيء والعشر في التمر
والزبيب والحنطة والشعير وما سقي سيحا ففيه العشر وما سقي بالغرب ففيه نصف العشر
"
وأخرج ابن ماجه والدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه قال : سئل عبد الله بن عمر عن
الجوهر والدار والفصوص والخرز وعن نبات الأرض البقل والقثاء والخيار
فقال : ليس في الحجر زكاة وليس البقول زكاة إنما سن رسول الله صلى الله عليه و سلم
الزكاة في هذه الخمسة : في الحنطة والشعير والتمر والزبيب والذرة
وأخرج الدارقطني عن عمر بن الخطاب قال " إنما سن رسول الله صلى الله عليه و
سلم الزكاة في هذه الأربعة : الحنطة والشعير والزبيب والتمر "
وأخرج الترمذي والدارقطني عن معاذ " أنه كتب إلى النبي صلى الله عليه و سلم
يسأله عن الخضراوات وهي البقول ؟ فقال : ليس فيها شيء "
وأخرج الدارقطني والحاكم وصححه عن معاذ بن جبل " أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم قال : فيما سقت السماء والبعل والسيل العشر وفيما سقي بالنضح نصف العشر
وإنما يكون ذلك في التمر والحنطة والحبوب فأما القثاء والبطيخ والرمان والقصب
والخضر فعفو عفا عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم
"
وأخرج الدارقطني عن علي بن أبي طالب " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
ليس في الخضراوات صدقة ولا في العرايا صدقة ولا في أقل من خمسة أوسق صدق ولا في
العوامل صدقة ولا في الجبهة صدقة
قال الصقر بن حبيب : الجبهة : الخيل والبغال والعبيد "
وأخرج الدارقطني عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ليس
فيما أنبتت الأرض من الخضر زكاة "
(2/51)
وأخرج
الدارقطني عن أنس بن مالك قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم " ليس في
الخضراوات صدقة "
وأخرج البزار والدارقطني عن طلحة " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ليس
في الخضراوات صدقة "
وأخرج الدارقطني عن محمد بن عبد الله بن جحش " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : ليس في الخضراوات صدقة "
و اخرج ابن أبي شيبة والدارقطني عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" قد عفوت لكن ؟ عن صدقة أرقائكم وخيلكم ولكن هاتوا صدقة أوراقكم وحرثكم
وماشيتكم "
وأخرج أبو داود وابن ماجه والدارقطني والحاكم وصححه عن معاذ بن جبل " أن
النبي صلى الله عليه و سلم بعثه إلى اليمن فقال : خذ الحب من الحب والشاة من الغنم
والبعير من الإبل والبقرة من البقر "
وأخرج مالك والشافعي والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة " أن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : العجماء جبار والبئر جبار والمعدن جبار وفي
الركاز الخمس "
وأخرج الترمذي وابن ماجه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " في
ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة وفي كل أربعين مسنة "
وأخرج الدارقطني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ليس
في البقر العوامل صدقة ولكن في كل ثلاثة تبيع وفي كل أربعين مسن أو مسنة "
وأخرج الترمذي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " في
العسل في كل عشرة أزق زق "
وأخرج أبو داود وابن ماجه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده " أن النبي صلى
الله عليه و سلم أخذ من العسل العشر ولفظ أبي داود قال " جاء هلال أحد بني
متعان إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بعشور نخل له وكان سأله أن يحمي له واديا
يقال له سلبة فحمى له رسول الله صلى الله عليه و سلم ذلك الوادي فلما ولي عمر بن
الخطاب كتب سفيان بن وهب إلى عمر يسأله عن ذلك ؟ فكتب إليه عمر : إن أدى إليك ما
كان يؤدي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم من عشور نخله فاحم له سلبة وإلا فإنما
هو ذباب غيث يأكله من شاء
(2/52)
وأخرج
الشافعي والبخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجه والدارقطني والحاكم والبيهقي عن أنس
أن أبا بكر رضي الله عنه لما استخلف وجه أنس بن مالك إلى البحرين فكتب له هذا
الكتاب : هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه و سلم على المسلمين
التي أمر الله بها رسوله صلى الله عليه و سلم فمن سئلها من المؤمنين على وجهها
فليعطها ومن سئل فوقها فلا يعطيه فيما دون خمس وعشرين من الإبل الغنم في كل ذود
شاة فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها ابنة مخاض إلى أن تبلغ خمسا وثلاثين فإن لم يكن
فيها ابنة مخاض فابن لبون ذكر فإذا بلغت ستا وثلاثين ففيها ابنة لبون إلى خمس
وأربعين فإذا بلغت ستا وأربعين ففيها حقة طروقة الفحل إلى ستين فإذا بلغت إحدى
وستين ففيها جذعة إلى خمس وسبعين فإذا بلغت ستا وسبعين ففيها ابنتا لبون إلى تسعين
فإذا بلغت احدى وتسعين ففيها حقتان طروقتا الفحل إلى عشرين ومائة فإذا زادت على
عشرين ومائة ففي كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمس حقة فإذا تباين أسنان الإبل في
فرائض الصدقات فمن بلغت عنده صدقة الجذعة وليست عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل
منه وأن يجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة الحقة
وليست عنده حقة وعنده جذعة فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين ومن
بلغت عنده صدقة بنت لبون وليست عنده إلا حقة فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين
درهما أو شاتين ومن بلغت عنده صدقة بنت لبون وليست عنده إلا ابنة مخاض فإنها تقبل
منه وشاتين أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليس عنده إلا ابن لبون
ذكر فإنه يقبل منه وليس معه شيء ومن لم يكن عنده إلا أربع فليس فيها شيء إلا أن
يشاء ربها وفي سائمة الغنم إذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة فإذا زادت
على عشرين ومائة ففيها شاتان إلى أن تبلغ مائتين فإذا زادت على المائتين ففيها
ثلاث شياه إلى أن تبلغ ثلثمائة فإذا زادت على ثلثمائة ففي كل مائة شاة ولا يؤخذ في
الصدقة هرمة ولا ذات عوار من الغنم ولا تيس الغنم إلا أن يشاء المصدق ولا يجمع بين
متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما
بالسوية فإن لم تبلغ سائمة الرجل أربعين فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها وفي الرقة
ربع العشر فإن لم يكن المال إلا تسعين ومائة فليس فيه شيء إلا أن يشاء ربها
(2/53)
وأخرج
ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وحسنه والحاكم من طريق الزهري عن سالم عن أبيه
قال " كتب النبي صلى الله عليه و سلم كتاب الصدقة فلم يخرجه إلى عماله حتى
قبض فقرنه بسيفه فعمل به أبو بكر ثم عمر وكان فيه : في خمس من الإبل شاة وفي عشر
شاتان وفي خمس وعشرين بنت مخاض إلى خمس وثلاثين فإذا زادت ففيها بنت لبون إلى خمس
وأربعين فإذا زادت ففيها حقة إلى ستين فإذا زادت فجذعة إلى خمس وسبعين فإذا زادت
بنتا لبون إلى تسعين فإذا زادت فحقتان إلى عشرين ومائة فإن كانت الإبل أكثر من ذلك
ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون وفي الغنم في الأربعين شاة إلى عشرين
ومائة فإذا زادت واحدة فشاتان إلى مائتين فإذا زادت فثلاث شياه إلى ثلثمائة فإن
كان الغنم أكثر من ذلك ففي كل مائة شاة وليس فيها شيء حتى تبلغ المائة ولا يفرق
بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق مخافة الصدقة وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان
بالسوية ولا يؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عيب
قال الزهري : فإذا جاء المصدق قسمت الشاء أثلاثا
ثلث شرار وثلث خيار وثلث وسط فيأخذ المصدق من الوسط "
وأخرج الحاكم عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله
عليه و سلم " أنه كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات وبعث
مع عمرو بن حزم فقرىء على أهل اليمن وهذه نسختها : بسم الله الرحمن الرحيم من محمد
النبي إلى شرحبيل بن عبد كلال والحرث بن عبد كلال ويغنم بن عبد كلال قيل ذي رعين
ومعافر وهمدان أما بعد فقد رجع رسولكم وأعطيتم من المغانم خمس الله وما كتب الله
على المؤمنين من العشر في العقار ما سقت السماء أو كان سيحا أو بعلا ففيه العشر
إذا بلغ خمسة أوسق وما سقي بالرشاء والدالية ففيه نصف العشر إذا بلغ خمسة أوسق وفي
كل خمس من الإبل سائمة شاة إلى أن تبلغ أربعا وعشرين فإذا زادت واحدة على أربع
وعشرين ففيها ابنة مخاض فإن لم توجد ابنة مخاض فابن لبون ذكر إلى أن تبلغ خمسا
وثلاثين فإذا زادت على خمسة وثلاثين واحدة ففيها ابن لبون إلى أن تبلغ خمسا
وأربعين فإن زادت واحدة على خمسة وأربعين ففيها حقة طروقة الفحل إلى أن تبلغ ستين
فإن زادت واحدة فجذعة إلى أن تبلغ خمسة وسبعين فإن زادت واحدة ففيها ابنا لبون إلى
أن تبلغ تسعين فإن زادت واحدة ففيها حقتان طروقتا الحمل إلى أن تبلغ عشرين ومائة
فما
(2/54)
زاد
على عشرين ومائة ففي كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة وفي كل ثلاثين باقورة
تبيع جذع أو جذعة وفي كل أربعين باقورة بقرة وفي كل أربعين شاة سائمة شاة إلى أن
تبلغ عشرين ومائة فإن زادت على العشرين ومائة واحدة ففيها ثلاث شياه إلى أن تبلغ
ثلثمائة فإن زادت فما زاد ففي كل مائة شاة شاة ولا يؤخذ في الصدقة هرمة ولا عجفاء
ولا ذات عوار ولا تيس غنم إلا أن يشاء المصدق ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين
مجتمع خيفة الصدقة وما أخذ من الخليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية وفي كل خمس
أواق من الورق خمسة دراهم وما زاد ففي كل أربعين درهما درهم وليس فيما دون خمس
أواق شيء وفي كل أربعين دينارا دينار إن الصدقة لا تحل لمحمد ولا لآل بيت محمد
إنما هي الزكاة تزكى بها أنفسهم ولفقراء المؤمنين وفي سبيل الله وابن السبيل وليس
في رقيق ولا مزرعة ولا عمالها شيء إذا كانت تؤدى صدقتها من العشر وإنه ليس في عبد
مسلم ولا في فرسه شيء
قال : وكان في الكتاب
إن أكبر الكبائر عند الله يوم القيامة إشراك بالله وقتل النفس المؤمنة بغير حق
والفرار في سبيل الله يوم الزحف وعقوق الوالدين ورمي المحصنة وتعلم السحر وأكل
الربا وأكل مال اليتيم وإن العمرة الحج الأصغر ولا يمس القرآن إلا طاهر ولا طلاق
قبل إملاك ولا عتاق حتى يبتاع ولا يصلين أحد منكم في ثوب واحد وشقه باد ولا يصلين
أحد منكم عاقصا شعره ولا في ثوب واحد ليس على منكبيه منه شيء
و كان في الكتاب : إن من اعتبط مؤمنا قتلا عن بينة فإنه قود إلا أن يرضي أولياء
المقتول وإن في النفس الدية مائة من الإبل وفي الأنف الذي أوعب جدعه الدية وفي
اللسان الدية وفي الشفتين الدية وفي البيضتين الدية وفي الذكر الدية وفي الصلب
الدية وفي العينين الدية وفي الرجل نصف الدية وفي المأمومة ثلث الدية وفي الجائفة
ثلث الدية وفي المنقلة خمس عشرة من الإبل وفي كل اصبع من الأصابع من اليد والرجل
عشر وفي السن خمس من الإبل وفي الموضحة خمس وإن الرجل بالمرأة وعلى أهل الذهب ألف
دينار "
وأخرج أبو داود عن حبيب المالكي قال : قال رجل لعمران بن حصين : يا أبا نجيد إنكم
لتحدثونا بأحاديث ما نجد لها أصلا في القرآن ! فغضب عمران وقال :
(2/55)
أوجدتم
في كل أربعين درهما درهم ومن كل كذا وكذا شاة شاة ومن كذا وكذا بعيرا كذا وكذا
وجدتم هذا في القرآن ؟ قال : لا
قال : فعمن أخذتم هذا ؟ ! أخذتموه عنا وأخذناه عن نبي الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي
وابن ماجه والدارقطني عن ابن عمر قال " فرض رسول الله صلى الله عليه و سلم
زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين
"
وأخرج أبو داود وابن ماجه والدارقطني والحاكم وصححه عن ابن عباس قال " فرض
رسول الله صلى الله عليه و سلم زكاة الفطر طهرة للصيام من اللغو والرفث وطعمة
للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من
الصدقات "
وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي
وابن ماجه والدارقطني عن أبي سعيد الخدري قال : " كنا نخرج إذ كان فينا رسول
الله صلى الله عليه و سلم زكاة الفطر عن كل صغير وكبير حر أو مملوك صاعا من طعام
أو صاعا من أقط أو صاعا من شعير أو صاعا من تمر أو صاعا من زبيب "
وأخرج أحمد وأبو داود والدارقطني عن ثعلبة بن صغير قال " قام رسول الله صلى
الله عليه و سلم خطيبا قبل الفطر بيومين فأمر بصدقة الفطر صاع تمر أو صاع شعير على
كل رأس أو صاع بر أو قمح بين اثنين صغير أو كبير حر أو عبد ذكر أو أنثى غني أو
فقير أما غنيكم فيزكيه الله وأما فقيركم فيرد الله عليه أكثر مما أعطاه "
وأخرج أحمد والنسائي وابن ماجه والحاكم وصححه عن قيس بن سعد قال " أمرنا رسول
الله صلى الله عليه و سلم بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلت الزكاة لم
يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله وأمرنا بصوم عاشوراء قبل أن ينزل رمضان فلما نزل
رمضان لم يأمرنا به ولم ينهنا عنه ونحن نفعله "
وأخرج الدارقطني عن ابن عمر وعن علي " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم فرض
زكاة الفطر على الصغير والكبير والذكر والأنثى والحر والعبد ممن تمونون "
وأخرج الشافعي عن جعفر بن محمد عن أبيه " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
فرض زكاة الفطر على الحر والعبد والذكر والأنثى ممن تمونون "
وأخرج البزار والدرقطني والحاكم وصححه عن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم
(2/56)
أمر
صارخا ببطن مكة ينادي أن صدقة الفطر حق واجب على كل مسلم صغير أو كبير ذكر أو أنثى
حر أو مملوك حاضر أو باد صاع من شعير أو تمر "
وأخرج الدارقطني والحاكم وصححه عن أبي هريرة " أن النبي صلى الله عليه و سلم
حض على صدقة رمضان على كل إنسان صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من قمح
"
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن أمه أسماء أنها
حدثته : أنهم كانوا يخرجون زكاة الفطر في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمد
الذي يقتات به أهل البيت والصاع الذي يقتاتون به يفعل ذلك أهل المدينة كلهم
وأخرج أبو حفص بن شاهين في فضائل رمضان عن جرير قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " صوم رمضان معلق بين السماء والأرض ولا يرفع إلا بزكاة الفطر قال ابن
شاهين : حديث غريب جيد الإسناد "
وأخرج مالك والشافعي عن زريق بن حكيم
أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه : أن انظر من مر بك من المسلمين فخذ مما ظهر من
أموالهم من التجارات من كل أربعين دينارا دينار فما نقص فبحسابه حتى تبلغ عشرين
دينارا فإن نقصت ثلث دينار فدعها ولا تأخذ منها شيئا
وأخرج الدارقطني عن أبي عمرو بن جماس عن أبيه قال : كنت أبيع الأدم والجعاب فمر بي
عمر بن الخطاب فقال لي : أد صدقة مالك
فقلت : يا أمير المؤمنين إنما هو في الأدم ! قال : قومه ثم أخرج صدقته
وأخرج البزار والدارقطني عن سمرة بن جندب قال " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم كان يأمرنا برقيق الرجل أو المرأة الذي هو تلاد له وهم عملة لا يريد بيعهم
فكان يأمرنا أن لا نخرج عنهم من الصدقة شيئا وكان يأمرنا أن نخرج عن الرقيق الذي
هو يعد للبيع "
وأخرج الحاكم وصححه عن بلال بن الحرث " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أخذ
من المعادن القبلية الصدقة "
وأخرج الشافعي وابن أبي شيبة عن ابن عباس " أنه سئل عن العنبر فقال : إنما هو
شيء دسره البحر فإن كان فيه شيء ففيه الخمس "
(2/57)
وأخرج
مالك وابن أبي شيبة عن ابن شهاب قال : في الزيتون العشر
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : في الزيتون العشر
وأخرج الدارقطني عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " في الخيل
السائمة في كل فرس دينار "
وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي
وابن ماجه والدارقطني والبيهقي عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة إلا زكاة الفطر في الرقيق "
أما قوله تعالى : و لا تيمموا الخبيث منه تنفقون الآية
أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن البراء بن عازب في
قوله ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون قال : نزلت فينا معشر الأنصار كنا أصحاب نخل
كان الرجل يأتي من نخله على قدر كثرته وقلته وكان الرجل يأتي بالقنو والقنوين
فيعلقه في المسجد وكان أهل الصفة ليس لهم طعام فكان أحدهم إذا جاع أتى القنو فضربه
بعصاه فيسقط البسر والتمر فيأكل وكان ناس ممن لا يرغب في الخير يأتي الرجل بالقنو
فيه الشيص والحفش وبالقنو قد انكسر فيعلقه فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا أنفقوا
من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم
بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه قال : لو أن أحدكم أهدي إليه مثل ما أعطى لم يأخذه إلا
عن اغماض وحياء
قال : فكنا بعد ذلك يأتي أحدنا بصالح ما عنده
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : ذكر لنا أن الرجل كان يكون له الحائطان فينظر
إلى أردئهما تمرا فيتصدق به ويخلط به الحشف فنزلت الآية فعاب الله ذلك عليهم
ونهاهم عنه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الضحاك قال : كان أناس من المنافقين
حين أمر الله أن تؤدى الزكاة يجيئون بصدقاتهم بأردأ ما عندهم من الثمرة فأنزل الله
ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون
وأخرج عبد بن حميد عن جعفر بن محمد عن أبيه قال " لما أمر النبي صلى الله
عليه و سلم بصدقة الفطر جاء رجل بتمر رديء فأمر النبي صلى الله عليه و سلم الذي
يخرص النخل أن لا
(2/58)
يجيزه
فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم
الآية "
وأخرج الحاكم من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال : أمر النبي صلى الله عليه
و سلم بزكاة الفطر بصاع من تمر فجاء رجل بتمر رديء فقال النبي صلى الله عليه و سلم
لعبد الله بن رواحة " لا تخرص هذا التمر فنزل هذا القرآن يا أيها الذين آمنوا
أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض الآية "
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والطبراني والدارقطني والحاكم والبيهقي في سننه عن سهل بن حنيف قال " أمر
رسول الله صلى الله عليه و سلم بالصدقة فجاء رجل بكبائس من هذا السحل - يعني الشيص
- فوضعه فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : من جاء بهذا - وكان كل من جاء
بشيء نسب إليه - فنزلت ولا تيممواالخبيث منه تنفقون الآية
ونهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن لونين من التمر أن يؤخذا في الصدقة الجعرور
ولون الحبيق "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال : كان أصحاب
رسول الله صلى الله عليه و سلم يشترون الطعام الرخيص ويتصدقون فأنزل الله يا أيها
الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم الآية
وأخرج ابن جرير عن عبيدة السلماني قال : سألت علي بن أبي طالب عن قول الله يا أيها
الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم الآية
فقال : نزلت هذه الآية في الزكاة المفروضة كان الرجل يعمد إلى التمر فيصرمه فيعزل
الجيد ناحية فإذا جاء صاحب الصدقة أعطاه من الرديء
فقال الله ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه يقول : ولا
يأخذ أحدكم هذا الرديء حتى يهضم له
وأخرج ابن جرير عن عطاء قال : علق إنسان حشفا في الأقناء التي تعلق بالمدينة فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما هذا ؟ ! بئسما علق هذا
فنزلت ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون "
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن يحيى بن حبان المازني من الأنصار " أن رجلا من
قومه أتى بصدقته يحملها إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بأصناف من التمر معروفة
من الجعرور واللينة والأيارخ والقضرة وآمعاء فارة وكل هذا لا خير فيه من تمر
النخيل فردها الله ورسوله وأنزل الله فيه يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما
كسبتم إلى قوله حميد "
(2/59)
وأخرج
سفيان بن عيينة والفريابي عن مجاهد قال : كانوا يتصدقون بالحشف وشرار التمر فنهوا
عن ذلك وأمروا أن يتصدقوا بطيب قال : وفي ذلك نزلت ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون
وأخرج وكيع وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن الحسن قال : كان الرجل يتصدق
برذالة ما له فنزلت ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون
وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي
عن عوف بن مالك قال " خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم ومعه عصا فإذا أقناء
معلقة في المسجد قنو منها حشف فطعن في ذلك القنو وقال : ما يضر صاحبه لو تصدق
بأطيب من هذه إن صاحب هذه ليأكل الحشف يوم القيامة "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أنفقوا من طيبات ما
كسبتم يقول : تصدقوا من أطيب أموالكم وأنفسه ولستم بآخذيه قال : لو كان لكم على أحد
حق فجاءكم بحق دون حقكم لم تأخذوه بحساب الجيد حتى تنقصوه فذلك قوله إلا أن تغمضوا
فيه فكيف ترضون لي ما لا ترضون لأنفسكم ؟ وحقي عليكم من أطيب أموالكم وأنفسه وهو
قوله لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون آل عمران الآية 92
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن مغفل في قوله
ولا تيمموا الخبيث قال : كسب المسلم لا يكون خبيثا ولكن لا تصدق بالحشف والدرهم
الزيف وما لا خير فيه
وفي قوله إلا أن تغمضوا فيه قال : لا تجوزوا فيه
وأخرج ابن ماجه وابن جرير وابن أبي حاتم عن البراء بن عازب ولا تيمموا الخبيث يقول
: ولا تعمدوا للخبيث منه تنفقون واعلموا أن الله غني عن صدقاتكم
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله ولا تيمموا
الخبيث قال : لا تعمدوا إلى شر ثماركم وحروثكم فتعطوه في الصدقة ولو أعطيتم ذلك لم
تقبلوا
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت الأعشى وهو يقول :
(2/60)
يممت
راحلتي أمام محمد أرجو فواضله وحسن نداه و قال أيضا : تيممت قيسا وكم دونه من
الأرض من مهمه ذي شرر وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن محمد بن سيرين قال :
سألت عبيدة عن هذه الآية ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون قال : إنما ذلك في الزكاة
في الشيء الواجب فأما في التطوع فلا بأس بأن يتصدق الرجل بالدرهم الزيف هو خير من
التمرة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه قال كان رجال
يعطون زكاة أموالهم من التمر فكانوا يعطون الحشف في الزكاة فقال : لو كان بعضهم
يطلب بعضا ثم قضاه لم يأخذه إلا أن يرى أنه قد أغمض عنه حقه
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه قال : لا
تأخذونه من غرمائكم ولا في بيوعكم إلا بزيادة على الطيب في الكيل وذلك فيما كانوا
يعلقون من التمر بالمدينة ومن كل ما أنفقتم فلا تنفقوا إلا طيبا
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير في قوله ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون قال :
الحشفة والحنطة المأكولة ولستم بآخذيه إلا أن تغمصوا فيه قال : أرأيت لو كان لك
على رجل حق فأعطاك دراهم فيها زيوف فأخذتها أليس قد كنت غمضت من حقك ؟ وأخرج وكيع
عن الحسن ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه قال : لو وجدتموه يباع في السوق ما
أخذتوه حتى يهضم لكم من الثمن
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه يقول : لو كان لك على
رجل حق لم ترض أن تأخذ منه دون حقك فكيف ترضى لله بأردأ مالك تقرب به إليه ؟ وأخرج
عبد بن حميد عن قتادة ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه يقول : لستم بآخذي هذا
الرديء بسعر الطيب إلا أن يهضم لكم منه
وأخرج أبو داود والطبراني عن عبد الله بن معاوية الفاخري قال : قال النبي صلى الله
عليه و سلم " ثلاث من فعلهن فقد طعم طعم الإيمان
من عبد الله وحده وأنه لا إله إلا الله
(2/61)
وأعطى
زكاة ماله طيبة بها نفسه وافرة عليه كل عام ولم يعط الهرمة ولا الذربة ولا المريضة
ولا الشرط اللثيمة ولكن من وسط أموالكم فإن الله لم يسألكم خيره ولم يأمركم بشره
"
وأخرج الشافعي عن عمر بن الخطاب
أنه استعمل أبا سفيان بن عبد الله على الطائف فقال : قل لهم : لا آخذ منكم الربى
ولا الماخض ولا ذات الدر ولا الشاة الأكولة ولا فحل الغنم وخذ العناق والجذعة
والثنية فذلك عدل بين رديء المال وخياره
وأخرج الشافعي عن سعر أخي بني عدي قال " جاءني رجلان فقالا : إن رسول الله
صلى الله عليه و سلم بعثنا نصدق أموال الناس
قال : فأخرجت لهما شاة ماخضا أفضل ما وجدت فرداها علي وقالا : إن رسول الله صلى
الله عليه و سلم نهانا أن نأخذ الشاة الحبلى
قال : فأعطيتهما شاة من وسط الغنم فأخذاها "
وأخرج أحمد وأبو داود والحاكم وصححه عن أبي بن كعب قال : بعثني النبي صلى الله
عليه و سلم مصدقا فمررت برجل فجمع لي ماله فلم أجد عليه فيها إلا ابنة مخاض فقلت
له : أدابة مخاض فإنها صدقتك ؟ فقال : ذاك ما لا لبن فيه ولا ظهر ولكن هذه ناقة
عظيمة سمينة فخذها
فقلت له : ما أنا بآخذ ما لم أومر به وهذا رسول الله صلى الله عليه و سلم منك قريب
فإن أحببت أن تأتيه فتعرض عليه ذلك ؟ قال : إني فاعل
فخرج معي بالناقة حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبره
فقال " إن تطوعت بخير آجرك الله فيه وقبلناه منك وأمر بقبض الناقة منه ودعا
له بالبركة "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي هريرة قال : لدرهم طيب أحب إلي من مائة ألف
اقرأ يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم الآية
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير في قوله أنفقوا من طيبات ما كسبتم من الحلال
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مغفل أنفقوا من طيبات ما كسبتم قال : من الحلال
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله ولا تيمموا الخبيث قال : الحرام
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" لا يكسب عبد مالا حراما فينفق منه فيبارك له فيه ولا يتصدق فيقبل منه ولا
يتركه خلف
(2/62)
ظهره
إلا كان زاده إلى النار
إن الله لا يمحو السيء بالسيء ولا يمحو السيء إلا بالحسن إن الخبيث لا يمحو الخبيث
" وأخرج البزار عن ابن مسعود رفعه قال : إن الخبيث لا يكفر الخبيث ولكن الطيب
يكفر الخبيث
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن عمر قال : إذا طاب المكسب زكت النفقة إن الخبيث لا
يكفر الخبيث
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال : إن كسب المال من سبيل الحلال قليل فمن
كسب مالا من غير حله فوضعه في غير حقه فآثر من ذلك أن لا يسلب اليتيم ويكسو
الأرملة ومن كسب مالا من غير حله فوضعه في غير حقه فذلك الداء العضال ومن كسب مالا
من حله فوضعه في حقه فذلك يغسل الذنوب كما يغسل الماء التراب عن الصفا
وأخرج ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " إذا أديت الزكاة فقد قضيت ما عليك ومن جمع مالا من حرام ثم
تصدق به لم يكن له فيه أجر وكان إصره عليه "
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : من كسب طيبا خبثه منع الزكاة ومن كسب خبيثا لم
تطيبه الزكاة
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إذا خرج الحاج حاجا بنفقة طيبة ووضع رجله في الغرز فنادى : لبيك اللهم لبيك
ناداه مناد من السماء لبيك وسعديك زادك حلال وراحلتك حلال وحجك مبرور غير مأزور
وإذا خرج بالنفقة الخبيثة فوضع رجله في الغرز فنادى : لبيك اللهم لبيك ناداه مناد
من السماء لا لبيك ولا سعديك زادك حرام ونفقتك حرام وحجك مأزور غير مبرور "
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أسلم مولى عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " من حج بمال حرام فقال : لبيك اللهم لبيك
قال الله له : لا لبيك ولا سعديك حجك مردود عليك "
وأخرج أحمد عن أبي بردة بن نيار قال " سئل النبي صلى الله عليه و سلم عن أفضل
الكسب ؟ فقال : بيع مبرور وعمل الرجل بيده "
(2/63)
وأخرج
عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال " سئل النبي صلى الله عليه و سلم أي كسب
الرجل أطيب ؟ قال : عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور "
وأخرج عبد بن حميد عن عائشة قالت : قال الله : كلوا من طيبات ما كسبتم وأولادكم من
أطيب كسبكم فهم وأموالهم لكم
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والنسائي وابن ماجه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه "
وأخرج عبد بن حميد عن عائشة قالت : إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وولده من كسبه
وليس للولد أن يأخذ من مال والده إلا بإذنه والوالد يأخذ من مال ولده ما شاء بغير
إذنه
وأخرج عبد بن حميد عن عامر الأحول قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم
فقال : يا رسول الله ما لنا من أولادنا ؟ قال : هم من أطيب كسبكم وأموالهم لكم
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن المنكدر قال " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه
و سلم فقال : يا رسول الله إن لي مالا وإن لي عيالا ولأبي مال وله عيال وإن أبي
يأخذ مالي
قال : أنت ومالك لأبيك "
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : يأخذ الرجل من مال ولده إلا الفرج
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي قال : الرجل في حل من مال ولده
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : يأخذ الوالد من مال ولده ما شاء والوالدة كذلك
ولا للولد أن يأخذ من مال والده إلا ما طابت به نفسه
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال : ليس للرجل من مال ابنه إلا ما احتاج إليه من
طعام أو شراب أو لباس
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الزهري قال : لا يأخذ الرجل من مال ولده شيئا
إلا إن يحتاج فيستنفق بالمعروف يعوله ابنه كما كان الأب يعوله فأما إذا كان موسرا
فليس له أن يأخذ من مال ابنه فيقي به ماله أو يضعه فيما لا يحل
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد من طريق قتادة عن الحسن قال : يأخذ الرجل من مال
ابنه ما شاء وإن كانت له جارية تسراها إن شاء
قال قتادة : فلم يعجبني ما قال في الجارية
(2/64)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الزهري قال : إذا كانت أم اليتيم محتاجة أنفق عليها من
ماله يدها مع يده
قيل له : فالموسرة قال : لا شيء لها
والله أعلم
آية 268
أخرج الترمذي وحسنه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان
والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
إن للشيطان لمة بابن آدم وللملك لمة فأما لمة الشيطان فإيعاد بالشر وتكذيب بالحق
وأما لمة الملك فإيعاد بالخير وتصديق بالحق فمن وجد ذلك فليعلم أنه من الله فليحمد
الله ومن وجد الأخرى فليتعوذ بالله من الشيطان ثم قرأ الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم
بالفحشاء الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : اثنتان من الله
واثنتان من الشيطان الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء يقول : لا تنفق مالك
وأمسكه عليك فإنك تحتاج إليه والله يعدكم مغفرة منه على هذه المعاصي وفضلا في
الرزق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة والله يعدكم مغفرة منه لفحشائكم وفضلا
لفقركم
وأخرج ابن المنذر عن خالد الربعي قال : عجبت لثلاث آيات ذكرهن الله في القرآن
ادعوني أستجب لكم غافر الآية 60 ليس بينهما حرف وكانت إنما تكون لنبي فأباحها الله
لهذه الأمة والثانية قف عندها ولا تعجل اذكروني أذكركم فلو استقر يقينها في قلبك
ما جفت شفتاك والثالثة الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة
منه وفضلا
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن مسعود قال : إنما مثل ابن آدم مثل الشيء الملقى بين
يدي الله وبين الشيطان فإن كان لله تبارك وتعالى فيه حاجة أجاره من الشيطان وإن لم
يكن لله فيه حاجة خلى بينه وبين الشيطان
(2/65)
آية
269
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن عباس في قوله
يؤتي الحكمة من يشاء قال : المعرفة بالقرآن ناسخه ومنسوخه ومحكمه ومتشابهه ومقدمه
ومؤخره وحلاله وحرامه وأمثاله
وأخرج ابن مردويه من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس " مرفوعا يؤت الحكمة
قال : القرآن يعني تفسيره
قال ابن عباس : فإنه قد قرأه البر والفاجر "
وأخرج ابن الضريس عن ابن عباس يؤت الحكمة قال : القرآن
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس يؤتي الحكمة من يشاء قال : النبوة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد يؤتي الحكمة من يشاء قال : ليست بالنبوة
ولكنه القرآن والعلم والفقه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس يؤت الحكمة قال : الفقه في القرآن
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء يؤت الحكمة قال : قراءة القرآن والفكرة فيه
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية يؤت الحكمة قال : الكتاب والفهم به
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد يؤتي الحكمة قال : الكتاب يؤتي إصابته من
يشاء
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم يؤتي الحكمة قال : الفهم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد يؤتي الحكمة قال : الإصابة في القول
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة يؤت الحكمة قال : الفقه في القرآن
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك يؤتي الحكمة قال : القرآن
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية يؤت الحكمة قال : الخشية لأن خشية الله رأس كل
حكمة وقرأ إنما يخشى الله من عباده العلماء فاطر الآية 28
(2/66)
وأخرج
أحمد في الزهد عن خالد بن ثابت الربعي قال : وجدت فاتحة زبور داود
إن رأس الحكمة خشية الرب
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطر الوراق قال : بلغنا أن الحكمة خشية الله والعلم بالله
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : الخشية حكمة من خشي الله فقد أصاب أفضل
الحكمة
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن أنس قال : قال زيد بن أسلم : إن الحكمة العقل وإنه
ليقع في قلبي أن الحكمة الفقه في دين الله وأمر يدخله الله القلوب من رحمته وفضله
ومما يبين ذلك أنك تجد الرجل عاقلا في أمر الدنيا إذا نظر فيها وتجد آخر ضعيفا في
أمر دنياه عالما بأمر دينه بصيرا به يؤتيه الله إياه ويحرمه هذا فالحكمة الفقه في
دين الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن مكحول قال : إن القرآن جزء من اثنين وسبعين جزءا من النبوة
وهو الحكمة التي قال الله ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا
وأخرج ابن المنذر عن عروة بن الزبير قال : كان يقال : الرفق رأس الحكمة
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " من قرأ ثلث القرآن أعطي ثلث النبوة ومن قرأ نصف القرآن أعطي نصف النبوة
ومن قرأ ثلثيه أعطي ثلثي النبوة ومن قرأ القرآن كله أعطي النبوة ويقال له يوم
القيامة : اقرأ وارق بكل آية درجة حتى ينجز ما معه من القرآن
فيقال له : اقبض
فيقبض فيقال له : هل تدري ما في يديك ؟ فإذا في يده اليمنى الخلد وفي الأخرى
النعيم "
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه والبيهقي عن عبد الله بن عمرو " أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : من قرأ القرآن فقد استدرج النبوة بين جنبيه غير أنه لا
يوحى إليه ومن قرأ القرآن فرأى أن أحدا أعطي أفضل مما أعطي فقد عظم ما صغر الله
وصغر ما عظم الله وليس ينبغي لصاحب القرآن أن يجد مع من وجد ولا يجهل مع من جهل
وفي جوفه كلام الله "
وأخرج الحاكم وصححه عن عبيد الله بن أبي نهيك قال : قال سعد : تجار كسبة " سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ليس منا من لم يتغن بالقرآن "
قال سفيان بن عيينة : يعني يستغني به
(2/67)
وأخرج
البزار والطبراني والحاكم عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ليس منا من لم يتغن بالقرآن "
وأخرج البزار عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ليس منا من لم
يتغن بالقرآن "
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن عمرو " أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه و
سلم فقالت : إن زوجي مسكين لا يقدر على شيء
فقال النبي صلى الله عليه و سلم لزوجها : أتقرأ من القرآن شيئا ؟ قال : أقرأ سورة
كذا
فقال النبي صلى الله عليه و سلم بخ بخ زوجك غني
فلزمت المرأة زوجها ثم أتت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : يا نبي الله قد
بسط الله علينا رزقنا "
وأخرج الطبراني والبيهقي في الشعب عن أبي أمامة " أن رجلا أتى النبي صلى الله
عليه و سلم فقال : يا رسول الله اشتريت مقسم بني فلان فربحت عليه كذا وكذا
فقال : ألا أنبئك بما هوأكثر ربحا ؟ قال : وهل يوجد ؟ قال : رجل تعلم عشر آيات
فذهب الرجل فتعلم عشر آيات فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره "
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن ابن مسعود : أنه كان يقرىء الرجل الآية ثم يقول :
تعلمها فإنها خير لك مما بين السماء والأرض حتى يقول ذلك في القرآن كله
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود أنه قال : لو قيل لأحدكم : لو غدوت إلى القرية كان لك
أربع قلائص كان يقول : قد أن لي أن أغدو فلو أن أحدكم غدا فتعلم آية من كتاب الله
كانت له خيرا من أربع وأربع حتى عد شيئا كثيرا
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" يا معشر التجار أيعجز أحدكم اذا رجع من سوقه أن يقرأ عشر آيات يكتب الله له
بكل آية حسنة "
وأخرج البزار عن أنس " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إن البيت الذي
يقرأ فيه القرآن يكثر خيره والبيت الذي لا يقرأ فيه القرآن يقل خيره "
وأخرج أبو نعيم في فضل العلم ورياضة المتعلمين والبيهقي عن أنس " أن النبي
صلى الله عليه و سلم قال : القرآن غنى لا فقر بعده ولا غنى دونه "
وأخرج البخاري في تاريخه والبيهقي عن رجاء الغنوي قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " من أعطاه الله حفظ كتابه وظن أن أحدا أوتي أفضل مما أوتي فقد
غمط أعظم النعم "
(2/68)
وأخرج
البيهقي عن سمرة بن جندب " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : كل مؤدب
يجب أن تؤتي أدبه وأدب الله القرآن فلا تهجروه "
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : ما أنزل الله من آية إلا والله يحب أن يعلم
العباد فيما أنزلت وماذا عنى بها
وأخرج عبد بن حميد عن أبي قلابة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
أول ما يرفع من الأرض العلم فقالوا : يا رسول الله يرفع القرآن ؟ قال : لا ولكن
يموت من يعلمه
أو قال : من يعلم تأويله
ويبقى قوم يتأولونه على أهوائهم "
وأخرج ابن جرير والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال " كنا إذا تعلمنا من
النبي صلى الله عليه و سلم عشر آيات من القرآن لم نتعلم العشرالتي نزلت بعدها حتى
نعلم ما فيه
قيل لشريك : من العمل ؟ قال : نعم "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن جرير وابن المنذر والمرهبي في فضل العلم عن أبي عبد
الرحمن السلمي قال : حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم
أنهم كانوا يأخذون من رسول الله صلى الله عليه و سلم عشر آيات فلا يأخذون في العشر
الأخرى حتى يعلموا ما في هذه من العلم والعمل قال : فتعلمنا العلم والعمل
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر قال : لقد عشت برهة من دهري وإن أحدنا يؤتى
الإيمان قبل القرآن وتنزل السورة على محمد صلى الله عليه و سلم فنتعلم حلالها
وحرامها وما ينبغي أن نقف عنده منها كما تعلمون أنتم القرآن ثم لقد رأيت رجالا
يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان فيقرأ ما بين فاتحة الكتاب إلى خاتمته ما يدري ما
آمره ولا زاجره وما ينبغي أن يقف عنده منه وينثره نثر الدقل
وأخرج الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
الكلمة ضالة المؤمن فحيث وجدها فهو أحق بها "
وأخرج أحمد في الزهد عن مكحول قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من
أخلص لله أربعين يوما تفجرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه "
وأخرج أبو نعيم في الحلية موصولا من طريق مكحول عن أبي أيوب الأنصاري مرفوعا
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن
لقمان قال لإبنه : يا بني عليك بمجالسة العلماء واسمع كلام الحكماء فان الله يحيي
القلب الميت بنور الحكمة كما تحيا الأرض الميتة بوابل المطر "
(2/69)
وأخرج
البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق
ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها "
وأخرج البيهقي في الشعب عن يزيد بن الأخنس " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : لا تنافس إلا في اثنتين : رجل آتاه الله القرآن فهو يقوم به آناء الليل
والنهار ويتبع ما فيه فيقول رجل : لو أن الله أعطاني ما أعطى فلانا فأقوم به كما
يقوم به ورجل أعطاه الله مالا فهو ينفق منه ويتصدق به فيقول رجل : لو أن الله
أعطاني كما أعطى فلانا فأتصدق به
قال رجل : أرأيتك النجدة تكون في الرجل ؟ قال : ليست لهما بعدل إن الكلب يهم من
وراء أهله "
وأخرج البخاري ومسلم وابن ماجه عن معاوية قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين "
وأخرج أبو يعلى عن معاوية قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من
يرد الله به خيرا يفقهه في الدين ومن لم يفقهه لم يبل له "
وأخرج البزار والطبراني عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
إذا أراد الله بعبد خيرا فقهه في الدين وألهمه رشده "
وأخرج الطبراني عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أفصل
العبادة الفقه وأفضل الدين الورع "
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط والمرهبي في فضل العلم عن حذيفة بن اليمان قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " فضل العلم خير من فضل العبادة وخير
دينكم الورع "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" قليل العلم خير من كثير من العبادة وكفى بالمرء فقها إذا عبد الله وكفى
بالمرء جهلا اذا أعجب برأيه "
وأخرج الطبراني عن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما اكتسب
مكتسب مثل فضل علم يهدي صاحبه إلى هدى أو يرده عن ردى وما استقام دينه حتى يستقيم
عقله "
وأخرج ابن ماجه عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يا
أبا ذر لأن تغدو فتعلم آية من كتاب الله خير لك من أن تصلي مائة ركعة ولأن تغدو
فتعلم بابا من العلم عمل به أو لم يعمل به خير من أن تصلي ألف ركعة "
(2/70)
وأخرج
المرهبي في قضل العلم والطبراني في الأوسط والدارقطني والبيهقي في الشعب عن أبي
هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ما عبد الله بشيء أفضل من فقه في
دين ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد ولكل شيء عماد وعماد هذا الدين الفقه
وقال أبو هريرة لأن أجلس ساعة فأتفقه أحب إلي من أن أحيي ليلة إلى الصباح "
وأخرج الترمذي والمرهبي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" خصلتان لا تجتمعان في منافق حسن سمت وفقه في الدين "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " فضل
العلم أفضل من العبادة و ملاك الدين الورع "
وأخرج الطبراني عن عبد الرحمن بن عوف قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" يسير الفقه خير من كثير العبادة وخير أعمالكم أيسرها "
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ما عبد الله بشيء أفضل من فقه في الدين "
وأخرج الطبراني عن ثعلبة بن الحكم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" يقول الله للعلماء يوم القيامة إذا قعد على كرسيه لفصل عباده : إني لم أجعل
علمي وحلمي فيكم إلا وأنا أريد أن أغفر لكم على ما كان فيكم ولا أبالي "
وأخرج الطبراني عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
يبعث الله العباد يوم القيامة ثم يميز العلماء فيقول : يا معشر العلماء اني لم أضع
فيكم علمي لأعذبكم اذهبوا فقد غفرت لكم "
الآية 270
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وما
أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه قال : يحصيه
وأخرج عبد الرزاق والبخاري من طريق ابن شهاب عن عوف بن الحرث بن الطفيل وهو ابن
أخي عائشة لأمها
أن عائشة رضي الله عنها حدثت : أن عبد الله بن
(2/71)
الزبير
قال في بيع أو عطاء أعطته عائشة : والله لتنتهين عائشة أو لأحجرن عليها
فقالت : أهو قال هذا ؟ قالوا نعم
قالت عائشة : فهو لله نذر أن لا أكلم ابن الزبير كلمة أبدا
فاستشفع ابن الزبير بالمهاجرين حين طالت هجرتها إياه
فقالت : والله لا أشفع فيه أحدا أبدا ولا أحنث نذري الذي نذرت أبدا فلما طال على
ابن الزبير كلم المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث وهما من بني
زهرة فقال لهما : أنشدكما الله إلا أدخلتماني على عائشة فإنها لا يحل لها أن تنذر
قطيعتي فأقبل به المسور وعبد الرحمن مشتملين عليه بأرديتهما حتى استأذنا على عائشة
فقالا : السلام على النبي ورحمة الله و بركاته أندخل ؟ فقالت عائشة : ادخلوا
قالوا : أكلنا يا أم المؤمنين ؟ قالت : نعم ادخلوا كلكم
ولا تعلم عائشة أن معهما ابن الزبير فلما دخلوا دخل ابن الزبير في الحجاب و اعتنق
عائشة وطفق يناشدها ويبكي وطفق المسور وعبد الرحمن يناشدان عائشة إلا كلمته وقبلت
منه ويقولان : " قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عما قد علمت
من الهجرة و أنه لا يحل للرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال " فلما أكثروا
التذكير والتحريج طفقت تذكرهم وتبكي وتقول : إني قد نذرت والنذر شديد فلم يزالوا
بها حتى كلمت ابن الزبير ثم أعتقت بنذرها أربعين رقبة لله ثم كانت تذكر بعدما
أعتقت أربعين رقبة فتبكي حتى تبل دموعها خمارها
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن حجيرة الأكبر
أن رجلا أتاه فقال : إني نذرت أن لا أكلم أخي فقال : إن الشيطان ولد له ولد فسماه
نذرا وان من قطع ما أمر الله به أن يوصل فقد حلت عليه اللعنة
وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن
عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من نذر أن يطيع الله فليطعه
ومن نذر أن يعصيه فلا يعصيه "
و أخرج أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عائشة " أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصيه
"
وأخرج أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عائشة " أن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين "
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه عن عمران بن
(2/72)
حصين
قال : أسرت امرأة من الأنصار فأصيبت العضباء فقعدت في عجزها ثم زجرتها فانطلقت و
نذرت إن نجاها الله عليها لتنحرنها فلما قدمت المدينة رآها الناس فقالوا : العضباء
ناقة رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : انها نذرت إن نجاها الله عليها
لتنحرنها فأتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكروا ذلك له فقال : سبحان الله
! بئس ما جزتها نذرت لله إن نجاها الله عليها لتنحرنها لا وفاء لنذر في معصية الله
ولا فيما لا يملك العبد "
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عقبة بن عامر
" أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : كفارة النذر إذا لم يسم كفارة
اليمين "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ثابت بن الضحاك عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ليس على العبد نذر فيما لا يملك "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عمر " إن
النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن النذر وقال : إنه لا يأتي بخير وإنما يستخرج به
من البخيل "
وأخرج مسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : لا تنذروا فإن النذر لا يغني من القدر شيئا وإنما يستخرج من البخيل
"
وأخرج البخاري ومسلم وابن ماجه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " لا يأتي ابن آدم النذر بشيء لم أكن قدرته ولكن يلقيه النذر إلى القدر
قد قدرته فيستخرج الله به من البخيل فيؤتيني عليه ما لم يكن يؤتيني عليه من قبل
"
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أنس " أن النبي صلى الله
عليه و سلم رأى شيخا يهادى بين ابنيه فقال : ما بال هذا ؟ قالوا : نذر أن يمشي إلى
الكعبة
قال : إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني وأمره أن يركب "
وأخرج مسلم وابن ماجه عن أبي هريرة " أن النبي صلى الله عليه و سلم أدرك شيخا
يمشي بين ابنيه يتوكأ عليهما
فقال : ما شأن هذا ؟ قال ابناه : يا رسول الله كان عليه نذر
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : اركب أيها الشيخ فإن الله غني عنك وعن نذرك
"
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن عقبة بن عامر قال : " نذرت أختي
أن تمشي إلى بيت الله حافية فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله صلى الله عليه و سلم
فاستفتيته فقال : لتمش ولتركب "
(2/73)
وأخرج
أبو داود عن ابن عباس " أن أخت عقبة بن عامر نذرت أن تحج ماشية وإنها لا تطيق
ذلك فقال النبي صلى الله عليه و سلم : إن الله لغني عن مشي أختك فلتركب ولتهد بدنة
"
وأخرج أبو داود والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه
و سلم فقال : يا رسول الله ان أختي نذرت أن تحج ماشية
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئا فلتحج
راكبة وتكفر عن يمينها "
وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجه عن عقبة بن عامر " أنه سأل النبي صلى الله
عليه و سلم عن أخت له نذرت أن تحج حافية غير مختمرة
فقال : مروها فلتختمر ولتركب ولتصم ثلاثة أيام "
وأخرج البخاري وأبو داود وابن ماجه عن ابن عباس قال " بينما النبي صلى الله
عليه و سلم يخطب إذا هو برجل قائم في الشمس فسأل عنه فقالوا : هذا أبو إسرائيل نذر
أن يقوم ولا يقعد لا يستظل ولا يتكلم ويصوم
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : مروه فليتكلم وليستظل وليقعد وليتم صومه "
وأخرج أبو داود وابن ماجه عن أبي عباس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : من نذر نذرا لم يسمه فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرا في معصية فكفارته
كفارة يمين ومن نذر نذرا لا يطيقه فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرا أطاقه فليوف به
"
وأخرج النسائي عن عمران بن حصين " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
النذر نذران
فما كان من نذر في طاعة الله فذلك لله وفيه الوفاء وما كان من نذر في معصية الله
فذلك للشيطان ولا وفاء فيه ويكفره ما يكفر اليمين "
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والحاكم عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " لا نذر في معصية ولا غضب وكفارته كفارة يمين "
وأخرج الحاكم وصححه عن عمران بن حصين قال " ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه
و سلم خطبة إلا أمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة
قال : وإن المثلة أن يخرم أنفه وأن ينذر أن يحج ماشيا فمن نذر أن يحج ماشيا فليهد
هديا وليركب "
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال جاء رجل إلى ابن عباس فقال : إني نذرت أن
أقوم على قعيقعان عريانا إلى الليل
فقال : أراد الشيطان أن يبدي عورتك وأن يضحك الناس بك البس ثيابك وصل عند الحجر
ركعتين
(2/74)
وأخرج
عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : النذور أربعة : فمن نذر نذرا لم يسمه
فكفارته كفارة يمين ومن نذر في معصية فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرا فيما لا
يطيق فكفارته كفارة يمين ومن نذر نذرا فيما يطيق فليوف بنذره
و أما قوله تعالى : و ما للظالمين من أنصار أخرج ابن أبي حاتم عن شريح قال :
الظالم ينتظر العقوبة والمظلوم ينتظر النصر
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " الظلم ظلمات يوم القيامة "
وأخرج البخاري في الأدب ومسلم والبيهقي في الشعب عن جابر " أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن
الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم "
وأخرج البخاري في الأدب وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة
يبلغ به النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إياكم والظلم فإن الظلم هو
الظلمات يوم القيامة وإياكم والفحش فإن الله لا يحب الفاحش المتفحش وإياكم والشح
فإن الشح دعا من كان قبلكم فسفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم وقطعوا أرحامهم "
وأخرج الحاكم والبيهقي في الشعب عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إياكم و الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة وإياكم والفحش
والتفحش وإياكم والشح فإنما هلك من كان قبلكم بالشح أمرهم بالقطيعة فقطعوا وأمرهم
بالبخل فبخلوا وأمرهم بالفجور ففجروا "
وأخرج الطبراني عن الهرماس بن زياد قال " رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يخطب على ناقته فقال : إياكم والخيانة فإنها بئست البطانة وإياكم والظلم فإنه
ظلمات يوم القيامة وإياكم والشح فإنما أهلك من كان قبلكم الشح حتى سفكوا دماءهم
وقطعوا أرحامهم "
وأخرج الأصبهاني من حديث عمر بن الخطاب
مثله
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا تظلموا
فتدعوا فلا يستجاب لكم و تستسقوا فلا تسقوا وتستنصروا فلا تنصروا "
(2/75)
وأخرج
الطبراني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " صنفان من
أمتي لن تنالهم شفاعتي : إمام ظلوم غشوم وكل غال مارق "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
اتقوا دعوة المظلوم فإنها تصعد إلى السماء كأنها شرارة "
وأخرج الطبراني عن عقبة بن عامر الجهني قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ثلاثة تستجاب دعوتهم : الوالد والمسافر والمظلوم "
وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " دعوة
المظلوم مستجابة وإن كان فاجرا ففجوره على نفسه "
وأخرج الطبراني والأصبهاني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" دعوتان ليس بينهما وبين الله حجاب
دعوة المظلوم ودعوة المرء لأخيه بظهر الغيب "
وأخرج الطبراني عن خزيمة بن ثابت قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" اتقوا دعوة المظلوم فإنها تحمل على الغمام يقول الله : وعزتي وجلالي لأنصرنك
ولو بعد حين "
وأخرج أحمد عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
اتقوا دعوة المظلوم وإن كان كافرا فإنه ليس دونها حجاب "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" يقول الله : اشتد غضبي على من ظلم من لا يجد له ناصرا غيري "
وأخرج أبو الشيخ بن حبان في كتاب التوبيخ عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " قال الله تبارك وتعالى : وعزتي وجلالي لأنتقمن من الظالم
في عاجله وآجله ولأنتقمن ممن رأى مظلوما فقدر أن ينصره فلم يفعل "
وأخرج الأصبهاني عن عبد الله بن سلام قال : إن الله لما خلق الخلق فاستووا على
أقدامهم رفعوا رؤوسهم فقالوا : يا رب مع من أنت ؟ قال : " أنا مع المظلوم حتى
يؤدى إليه حقه "
وأخرج ابن مردويه والأصبهاني في الترغيب عن ابن عباس أن ملكا من الملوك خرج يسير
في مملكته وهو مستخف من الناس حتى نزل على رجل له بقرة فراحت عليه تلك البقرة
فحلبت فإذا حلابها مقدار حلاب ثلاثين بقرة فحدث الملك نفسه أن يأخذها فلما كان
الغد غدت البقرة إلى مرعاها ثم راحت فحلبت فنقص لبنها على النصف وجاء مقدار حلاب
خمس عشرة بقرة فدعا الملك صاحب
(2/76)
منزله
فقال : أخبرني عن بقرتك أرعت اليوم في غيرمرعاها بالأمس وشربت من غير مشربها
بالأمس ؟ فقال : ما رعت في غير مرعاها بالأمس ولا شربت في غير مشربها بالأمس
فقال : ما بال حلابها على النصف ؟ ! فقال : أرى الملك هم بأخذها فنقص لبنها فإن
الملك إذا ظلم أو هم بالظلم ذهبت البركة
قال : وأنت من أين يعرفك الملك ؟ قال : هو ذاك كما قلت لك
قال : فعاهد الملك ربه في نفسه أن لا يظلم ولا يأخذها ولا يملكها ولا تكون في ملكه
أبدا
قال : فغدت فرعت ثم راحت ثم حلبت فإذا لبنها قد عاد على مقدار ثلاثين بقرة
فقال الملك بينه وبين نفسه واعتبر : أرى الملك إذا ظلم أو هم بظلم ذهبت البركة لا
جرم لأعدلن فلأكونن على أفضل العدل
وأخرج الأصبهاني عن سعيد بن عبد العزيز : من أحسن فليرج الثواب ومن أساء فلا
يستنكر الجزاء ومن أخذ عزا بغير حق أورثه الله ذلا بحق ومن جمع مالا بظلم أورثه
الله فقرا بغير ظلم
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب بن منبه قال : إن الله عز و جل قال : من استغنى بأموال
الفقراء أفقرته وكل بيت يبنى بقوة الضعفاء أجعل عاقبته إلى خراب
آية 271
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس إن تبدوا الصدقات فنعما هي
وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم فجعل الله صدقة السر في التطوع تفضل على
علانيتها سبعين ضعفا وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها بخمسة وعشرين ضعفا
وكذلك جميع الفرائض والنوافل في الأشياء كلها
وأخرج البيهقي في الشعب بسند ضعيف عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " عمل السر أفضل من العلانية أفضل لمن أراد الإقتداء به "
(2/77)
وأخرج
البيهقي عن معاوية بن قرة قال : كل شيء فرض الله عليك فالعلانية فيه أفضل
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله إن تبدوا الصدقات
الآية
قال : كان هذا يعمل به قبل أن تنزل براءة فلما نزلت براءة بفرائض الصدقات وتفصيلها
انتهت الصدقات إليها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : كل مقبول إذا كانت النية
صادقة وصدقة السر أفضل
وذكر لنا أن الصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء النار
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله إن تبدوا الصدقات فنعما هي قال : هذا منسوخ
وقوله وفي أموالهم حق للسائل والمحروم الذاريات الآية 19 قال : منسوخ نسخ كل صدقة
في القرآن الآية التي في التوبة إنما الصدقات للفقراء التوبة الآية 60 الآية
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي أمامة قال : قلت يا رسول الله أي الصدقة
أفضل ؟ قال : جهد مقل أو سر إلى فقير ثم تلا هذه الآية إن تبدوا الصدقات فنعما هي
الآية
وأخرج الطيالسي وأحمد والبزار والطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب عن أبي ذر
قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم " ألا أدلك عن كنز من كنوز الجنة
قلت : بلى يا رسول الله
قال : لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة
قلت : فالصلاة يا رسول الله ؟ قال : خير موضوع فمن شاء أقل ومن شاء أكثر
قلت : فالصوم يا رسول الله ؟ قال : قرض مجزىء
قلت : فالصدقة يا رسول الله ؟ قال : أضعاف مضاعفة وعند الله مزيد
قلت : فأيها أفضل ؟ قال : جهد من مقل وسر إلى فقير
وأخرج أحمد والطبراني في الترغيب عن أبي أمامة
أن أبا ذر قال : يا رسول الله ما الصدقة ؟ قال : أضعاف مضاعفة وعند الله المزيد ثم
قرأ من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة البقرة الآية 245 قيل
: يا رسول الله أي الصدقة
(2/78)
أفضل
؟ قال : سر إلى فقير أو جهد من مقل ثم قرأ إن تبدو الصدقات فنعما هي
الآية
وأخرج أحمد والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن
أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " لما خلق الله الأرض جعلت تميد فخلق
الجبال فألقاها عليها فاستقرت فتعجبت الملائكة من خلق الجبال فقالت : يا رب هل من
خلقك شيء أشد من الجبال ؟ قال : نعم الحديد
قالت : فهل من خلقك شيء أشد من الحديد ؟ قال : نعم النار
قالت : فهل من خلقك شيء أشد من النار ؟ قال : نعم الماء
قالت : فهل من خلقك شيء أشد من الماء ؟ قال : نعم الريح
قالت : فهل من خلقك شيء أشد من الريح ؟ قال : نعم ابن آدم يتصدق بيمينه فيخفيها من
شماله "
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة قال " سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله
إمام عادل وشاب نشأ في عبادة الله عز و جل ورجل قلبه معلق بالمساجد ورجلان تحابا
في الله اجتمعا على ذلك وتفرقا عليه ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال فقال إني أخاف
الله ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ورجل ذكر الله
خاليا ففاضت عيناه "
وأخرج الطبراني عن معاوية بن حيدة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " إن
صدقة السر تطفىء غضب الرب "
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
صنائع المعروف تقي مصارع السوء وصدقة السر تطفىء غضب الرب وصلة الرحم تزيد في
العمر "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أم سلمة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" صنائع المعروف تقي مصارع السوء والصدقة خفيا تطفىء غضب الرب وصلة الرحم
تزيد في العمر وكل معروف صدقة وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة
وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة وأول من يدخل الجنة أهل المعروف
"
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب قضاء الحوائج والبيهقي في الشعب والأصبهاني في
الترغيب عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " صدقة السر
تطفىء غضب الرب وصلة الرحم تزيد في العمر وفعل المعروف يقي مصارع السوء "
(2/79)
وأخرج
أحمد في الزهد عن سالم بن أبي الجعد قال : كان رجل في قوم صالح عليه السلام قد
آذاهم فقالوا : يا نبي الله ادع الله عليه
فقال : اذهبوا فقد كفيتموه وكان يخرج كل يوم فيحتطب فخرج يومئذ ومعه رغيفان فأكل
أحدهما وتصدق بالآخر فاحتطب ثم جاء بحطبه سالما فجاؤوا إلى صالح فقالوا : قد جاء
بحطبه سالما لم يصبه شيء فدعاه صالح فقال : أي شيء صنعت اليوم ؟ فقال : خرجت ومعي
قرصان تصدقت بأحدهما وأكلت الآخر
فقال صالح : حل حطبك
فحله فإذا فيه أسود مثل الجذع عاض على جذل من الحطب فقال : بها دفع عنه
يعني بالصدقة
وأخرج أحمد عن سالم بن أبي الجعد قال : خرجت امرأة وكان معها صبي لها فجاء الذئب
فاختلسه منها فخرجت في أثره وكان معها رغيف فعرض لها سائل فأعطته الرغيف فجاء
الذئب بصبيها فرده عليها
وأخرج أبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه عن
أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ثلاثة يحبهم الله وثلاثة
يبغضهم الله فأما الذين يحبهم الله فرجل أتى قوما فسألهم بالله ولم يسألهم بقرابة
فتخلف رجل من أعقابهم فأعطاه سرا لا يعلم بعطيته إلا الله والذي أعطاه وقوم ساروا
ليلتهم حتى إذا كان النوم نزلوا فوضعوا رؤوسهم فقام رجل يتملقني ويتلو آياتي ورجل
كان في سرية فلقي العدو فهزموا فأقبل بصدره حتى يقتل أو يفتح له
وثلاثة يبغضهم الله الشيخ الزاني والفقير المختال والغني الظلوم "
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : قراءة القرآن في الصلاة أفضل من قراءة القرآن في غير الصلاة وقراءة
القرآن في غير الصلاة أفضل من التسبيح والتكبير والتسبيح أفضل من الصدقة والصدقة
أفضل من الصوم والصوم جنة من النار "
وأخرج ابن ماجه عن جابر بن عبد الله قال " خطبنا رسول الله صلى الله عليه و
سلم فقال : يا أيها الناس توبوا إلى الله قبل أن تموتوا وبادروا بالأعمال الصالحة
قبل أن تشغلوا وصلوا الذي بينكم وبين ربكم بكثرة ذكركم له وكثرة الصدقة في السر
والعلانية ترزقوا وتنصروا وتجبروا "
وأخرج أبو يعلى عن جابر " أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول لكعب
بن عجرة :
(2/80)
يا
كعب بن عجرة الصلاة قربان والصيام جنة والصدقة تطفىء الخطيئة كما يطفىء الماء
النار
يا كعب بن عجرة الناس غاديان فبائع نفسه فموبق رقبته ومبتاع نفسه في عتق رقبته
"
وأخرج ابن حبان عن كعب بن عجرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " يا
كعب بن عجرة إنه لا يدخل الجنة لحم ودم نبتا على سحت النار أولى به يا كعب بن عجرة
الناس غاديان فغاد في فكاك نفسه فمعتقها وغاد موبقها
يا كعب بن عجرة الصلاة قربان
والصوم جنة والصدقة تطفىء الخطيئة كما يذهب الجليد على الصفا "
وأخرج أحمد وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن عقبة بن عامر
" سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : كل امرىء في ظل صدقته حتى يفصل
بين الناس "
وأخرج ابن خزيمة والحاكم وصححه عن عمر قال : ذكر لي أن الأعمال تباهي فتقول الصدقة
: أنا أفضلكم
وأخرج أحمد والبزار وابن خزيمة والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي عن بريدة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما يخرج رجل بشيء من الصدقة حتى يفك
عنها لحيي سبعين شيطانا "
وأخرج الطبراني والبيهقي في الشعب عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال " إن الصدقة لتطفىء على أهلها حر القبور وإنما يستظل المؤمن يوم
القيامة في ظل صدقته "
وأخرج البيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " باكروا
بالصدقة فإن البلاء لا يتخطى الصدقة "
وأخرج البيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " تصدقوا فإن
الصدقة فكاككم من النار "
وأخرج الطبراني عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" باكروا بالصدقة فإن البلاء لا يتخطاها "
وأخرج الطبراني عن ميمونة بنت سعد أنها قالت : يا رسول الله أفتنا عن الصدقة ؟ قال
: إنها فكاك من النار لمن احتسبها يبتغي بها وجه الله
وأخرج الترمذي وحسنه وابن حبان عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إن
(2/81)
الصدقة
لتطفىء غضب الرب وتدفع ميتة السوء "
وأخرج الطبراني عن رافع بن خديج قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
الصدقة تسد سبعين بابا من السوء "
وأخرج الطبراني عن عمرو بن عوف قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن
صدقة المسلم تزيد في العمر وتمنع ميتة السوء ويذهب الله بها الكبر والفخر "
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن أبي ذر قال : ما خرجت صدقة حتى يفك عنها لحيا
سبعين شيطانا كلهم ينهى عنها
وأخرج ابن المبارك في البر والأصبهاني في الترغيب عن أنس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " إن الله ليدرأ بالصدقة سبعين ميتة من السوء "
وأخرج الطبراني في الأوسط والحاكم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " إن الله ليدخل باللقمة الخبز وقبضة التمر ومثله مما ينتفع به المسكين
ثلاثة الجنة رب البيت الآمر به والزوجة تصلحه : والخادم الذي يناول المسكين
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : الحمد لله الذي لم ينس خدمنا "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن عدي بن حاتم قال : سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول " ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان
فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر بين
يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة "
وأخرج أحمد عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ليتق
أحدكم وجهه من النار ولو بشق تمرة "
وأخرج أحمد عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " يا عائشة
اشتري نفسك من النار ولو بشق تمرة فإنها تسد من الجائع مسدها من الشبعان "
وأخرج البزار وأبو يعلى عن أبي بكر الصديق قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم على أعواد المنبر يقول " اتقوا النار ولو بشق تمرة فإنها تقيم العوج
وتدفع ميتة السوء وتقع من الجائع موقعها من الشبعان "
وأخرج ابن حبان عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " تعبد
عابد من بني إسرائيل فعبد الله في صومعته ستين عاما فأمطرت الأرض فاخضرت فأشرف
الراهب من صومعته فقال : لو نزلت فذكرت الله فازددت خيرا فنزل ومعه رغيف
(2/82)
أو
رغيفان فبينما هو في الأرض لقيته امرأة فلم يزل يكلمها وتكلمه حتى غشيها ثم أغمي
عليه فنزل الغدير يستحم فجاء سائل فأوما إليه أن يأخذ الرغيفين ثم مات فوزنت عبادة
ستين سنة بتلك الزنية فرجحت الزنية بحسناته ثم وضع الرغيف أو الرغيفان مع حسناته
فرجحت حسناته فغفر له "
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن مسعود
أن راهبا عبد الله في صومعة ستين سنة فجاءت امرأة فنزلت إلى جنبه فنزل إليها
فواقعها ست ليال ثم سقط في يده فهرب فأتى مسجدا فأوى فيه ثلاثا لا يطعم شيئا فأتى
برغيف فكسره فأعطى رجلا عن يمينه نصفه وأعطى آخر عن يساره نصفه فبعث الله إليه ملك
الموت فقبض روحه فوضعت الستون في كفة ووضعت الستة في كفة فرجحت الستة ثم وضع
الرغيف فرجح
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى الأشعري
نحوه
وأخرج البيهقي عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم يقال له خصفة بن خصفة
قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " هل تدرون ما الشديد ؟ قلنا
: الرجل يصرع الرجل ! قال : إن الشديد كل الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب تدرون
ما الرقوب ؟ قلنا : الرجل لا يولد له ! قال : إن الرقوب الرجل الذي له الولد لم
يقدم منهم شيئا ثم قال : تدرون ما الصعلوك ؟ قلنا : الرجل لا مال له ! قال :
الصعلوك كل الصعلوك الذي له المال لم يقدم منه شيئا "
وأخرج البزار والطبراني عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
اتقوا النار ولو بشق تمرة "
وأخرج البزار والطبراني عن النعمان بن بشير " أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : اتقوا النار ولو بشق تمرة "
وأخرج البزار والطبراني عن أبي هريرة " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
اتقوا النار ولو بشق تمرة "
وأخرج البزار والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم
أنه قال " يا عائشة اشتري نفسك من الله لا أغني عنك من الله شيئا ولو بشق
تمرة يا عائشة لا يرجعن من عندك سائل ولو بظلف محرق "
وأخرج مسلم عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : " يصبح على كل
سلامى من
(2/83)
أحدكم
صدقة فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر
بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ويجزىء من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى "
وأخرج البزار وأبو يعلى عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" على كل ميسم من الإنسان صدقة كل يوم
فقال بعض القوم : إن هذا لشديد يا رسول الله ومن يطيق هذا ؟ قال : أمر بالمعروف
ونهي عن المنكر صدقة وإماطة الأذى عن الطريق صدقة وإن حملك على الضعيف صدقة وإن كل
خطوة يخطوها أحدكم إلى الصلاة صدقة "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " إن ابن آدم
ستون وثلثمائة مفصل عن كل واحد منها في كل يوم صدقة فالكلمة يتكلم بها الرجل صدقة
وعون الرجل أخاه على الشيء صدقة والشربة من الماء تسقى صدقة وإماطة الأذى عن
الطريق صدقة "
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " إن تبسمك في وجه أخيك يكتب لك به صدقة وإن إفراغك من دلو أخيك يكتب لك
به صدقة وإماطتك الأذى عن الطريق يكتب لك به صدقة وإرشادك للضال يكتب لك به صدقة
"
وأخرج البزار عن أبي جحيفة قال " دهم رسول الله صلى الله عليه و سلم ناس من
قيس مجتابي الثمار متقلدي السيوف فساءه ما رأى من حالهم فصلى ثم دخل بيته ثم خرج
فصلى وجلس في مجلسه فأمر بالصدقة أو حض عليها فقال : تصدق رجل من ديناره تصدق رجل
من درهمه تصدق رجل من صاع بره تصدق رجل من صاع تمره
فجاء رجل من الأنصار بصرة من ذهب فوضعها في يده ثم تتابع الناس حتى رأى كومين من
ثياب وطعام فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم تهلل كأنه مذهبة "
وأخرج البزار عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده " أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم حث يوما على الصدقة فقام علية بن زيد فقال : ما عندي إلا
عرضي وإني أشهدك يا رسول الله أني تصدقت بعرضي على من ظلمني ثم جلس
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنت المتصدق بعرضك قد قبل الله منك "
(2/84)
وأخرج
البزار عن علية بن زيد قال " حث رسول الله صلى الله عليه و سلم على الصدقة
فقام علية فقال : يا رسول الله حثثت على الصدقة وما عندي إلا عرضي فقد تصدقت به
على من ظلمني فأعرض عني فلما كان في اليوم الثاني قال : أين علية بن زيد أو أين
المتصدق بعرضه فإن الله تعالى قد قبل منه "
وأخرج أحمد وأبو نعيم في فضل العلم والبيهقي عن أبي ذر " أنه قال : يا رسول
الله من أين نتصدق وليس لنا أموال ؟ قال : إن من أبواب الصدقة التكبير وسبحان الله
والحمد لله ولا إله إلا الله وأستغفر الله وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتعزل
الشوك عن طريق الناس والعظم والحجر وتهدي الأعمى وتسمع الأصم والأبكم حتى يفقه وتدل
المستدل على حاجة له قد علمت مكانها وتسعى بشدة ذراعيك مع الضعيف كل ذلك من أبواب
الصدقة منك على نفسك ولك في جماعك زوجتك أجر قال أبو ذر : كيف يكون لي أجر في
شهوتي ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أرأيت لو كان لك ولد فأدرك فرجوت
أجره فمات أكنت تحتسب به ؟ قلت : نعم
قال : فأنت خلقته ؟ قلت : بل الله خلقه
قال : فأنت هديته ؟ قلت : بل الله هداه
قال : فأنت كنت ترزقه ؟ قلت : بل الله كان يرزقه
قال : فكذلك فضعه في حلاله وجنبه حرامه فإن شاء الله أحياه وإن شاء أماته ولك أجر
"
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي عن حارثة بن وهب الخزاعي قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " تصدقوا فإنه يوشك أن يخرج الرجل بصدقته
فلا يجد من يقبلها "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سلمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
ما نقصت صدقة من مال قط فتصدقوا "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة قالت " أهديت لنا شاة مشوية فقسمتها كلها إلا
كتفها فدخل علي رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكرت ذلك له فقال : كلها لكم إلا
كتفها "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والأصبهاني في الترغيب وابن عساكر عن الشعبي قال :
نزلت هذه الآية إن تبدو الصدقات فنعما هي إلى آخر الآية في أبي بكر وعمر جاء عمر
بنصف ماله يحمله إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم على رؤوس الناس وجاء أبو بكر
بماله أجمع يكاد أن يخفيه من نفسه
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما تركت
(2/85)
لأهلك
؟ قال : عدة الله وعدة رسوله
فقال عمر لأبي بكر : ما سبقناك إلى باب خير قط إلا سبقتنا إليه "
واخرج أبو داود والترمذي والحاكم وصححاه عن عمر قال : أمرنا رسول الله صلى الله
عليه و سلم يوما أن نتصدق فوافق ذلك مالا عندي فقلت : اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته
يوما فجئت بنصف مالي فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما أبقيت لأهلك ؟
قلت : مثله
وأتى أبو بكر يحمل ما عنده فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما أبقيت لأهلك ؟
قال : أبقيت لهم الله ورسوله
فقلت : لا أسابقك إلى شيء أبدا "
وأخرج ابن جرير عن يزيد بن أبي حبيب قال : إنما أنزلت هذه الآية إن تبدو الصدقات
فنعما هي في الصدقة على اليهود والنصارى
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قرأ وتكفر عنكم من سيئاتكم وقال : الصدقة هي
التي تكفر
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءة ابن مسعود خير لكم تكفر
بغير واو
آية 272
أخرج الفريابي وعبد بن حميد والنسائي والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه والضياء في المختارة عن ابن
عباس قال : كانوا يكرهون أن يرضخوا لأنسابهم من المشركين فسألوا فنزلت هذه الآية
ليس عليك هداهم إلى قوله وأنتم لا تظلمون فرخص لهم
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء عن ابن عباس " أن النبي صلى الله
عليه و سلم كان يأمرنا أن لا نتصدق إلا على أهل الإسلام حتى نزلت هذه الآية ليس
عليك هداهم إلى آخرها
فأمر بالصدقة بعدها على كل من سألك من كل دين "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال " كان النبي صلى الله عليه و
سلم لا يتصدق على المشركين فنزلت وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله فتصدق عليهم
"
(2/86)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا
تصدقوا إلا على أهل دينكم
فأنزل الله ليس عليك هداهم إلى قوله وما تفعلوا من خير يوف إليكم فقال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : تصدقوا على أهل الأديان "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن الحنفية قال : كره الناس أن يتصدقوا على المشركين فأنزل
الله ليس عليك هداهم فتصدق الناس عليهم
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : كان أناس من الأنصار لهم أنساب وقرابة من قريظة
والنضير وكانوا يتقون أن يتصدقوا عليهم ويريدونهم أن يسلموا فنزلت ليس عليك هداهم
الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن رجالا من الصحابة قالوا :
أنتصدق على من ليس من أهل ديننا ؟ فنزلت ليس عليك هداهم
الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن رجالا من الصحابة قالوا :
أنتصدق على من ليس من أهل ديننا ؟ فنزلت ليس عليك هداهم
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : كان الرجل من المسلمين إذا كان بينه وبين الرجل من
المشركين قرابة وهو محتاج لا يتصدق عليه يقول : ليس من أهل ديني
فنزلت ليس عليك هداهم
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : سأله رجل ليس على دينه فأراد أن يعطيه ثم قال
: ليس على ديني
فنزلت ليس عليك هداهم
وأخرج سفيان وابن المنذر عن عمرو الهلالي قال : سئل النبي صلى الله عليه و سلم
أنتصدق على فقراء أهل الكتاب ؟ فأنزل الله ليس عليك هداهم
الآية
ثم دلوا على الذي هو خير وأفضل فقيل للفقراء الذين أحصروا البقرة الآية 273 الآية
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : كانوا يعطون فقراء أهل الذمة صدقاتهم فلما
كثر فقراء المسلمين قالوا : لا نتصدق إلا على فقراء المسلمين فنزلت ليس عليك هداهم
الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : أما ليس
(2/87)
عليك
هداهم فيعني المشركين وأما النفقة فبين أهلها فقال للفقراء الذين أحصروا في سبيل
الله البقرة الآية 273
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله قال
: إذا أعطيت لوجه الله فلا عليك ما كان عمله
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : نفقة المؤمن لنفسه ولا ينفق المؤمن
إذا أنفق إلا ابتغاء وجه الله
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله يوف اليكم وأنتم لا تظلمون قال : هو مردود عليك
فمالك ولهذا تؤذيه وتمن عليه إنما نفقتك لنفسك وابتغاء وجه الله والله يجزيك
واخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي حبيب في قوله وما تنفقوا من خير يوف إليكم قال
: إنما أنزلت هذه الآية في النفقة على اليهود والنصارى
آية 273
أخرج ابن المنذر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله للفقراء الذين
أحصروا في سبيل الله قال : هم أصحاب الصفة
وأخرج البخاري ومسلم عن عبد الرحمن بن أبي بكر أن أصحاب الصفة كانوا ناسا فقراء
وأن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " من كان عنده طعام اثنين ليذهب
بثالث الحديث "
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم
" الحق إلى أهل الصفة فادعهم
قال : وأهل الصفة أضياف الإسلام لا يلوون على أهل ولا
(2/88)
مال
إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا وإذا أتته هدية أرسل إليهم
وأصاب منها "
واخرج أبو نعيم في الحلية عن فضالة بن عبيد قال " كان رسول الله صلى الله
عليه و سلم إذا صلى بالناس يخر رجال من قيامهم في صلاتهم لما بهم من الخصاصة وهم
أهل الصفة حتى يقول الأعراب : إن هؤلاء مجانين "
وأخرج ابن سعيد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وأبو نعيم عن أبي هريرة قال :
كان من أهل الصفة سبعون رجلا ليس لواحد منهم رداء
وأخرج أبو نعيم عن الحسن قال " بنيت صفة لضعفاء المسلمين فجعل المسلمون
يوغلون إليها ما استطاعوا من خير وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأتيهم فيقول
: السلام عليكم يا أهل الصفة
فيقولون : وعليك السلام يا رسول الله
فيقول : كيف أصبحتم ؟ فيقولون : بخير يا رسول الله
فيقول : أنتم اليوم خير أم يوم يغدى على أحدكم بجفنة ويراح عليه بأخرى ويغدو في
حلة ويروح في أخرى ؟ فقالوا : نحن يومئذ خير يعطينا الله فنشكر
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : بل أنتم اليوم خير "
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي في قوله للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله
قال : هم أصحاب الصفة وكانوا لا منازل لهم بالمدينة ولا عشائر فحث الله عليهم
الناس بالصدقة
وأخرج سفيان وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله
للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله قال : هم مهاجروا قريش بالمدينة مع النبي صلى
الله عليه و سلم أمروا بالصدقة عليهم
وأخرج ابن جرير عن الربيع للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله قال : هم فقراء
المهاجرين بالمدينة
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة للفقراء الذين
أحصروا في سبيل الله قال : حصروا أنفسهم في سبيل الله للغزو فلا يستطيعون تجارة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير للفقراء الذين
أحصروا في سبيل الله قال : قوم أصابتهم الجراحات في سبيل الله فصاروا زمنى فجعل
لهم في أموال المسلمين حقا
(2/89)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن رجاء بن حيوة في قوله لا يستطيعون ضربا في الأرض قال : لا
يستطيعون تجارة
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : كانت الأرض كلها كفرا لا يستطيع أحد أن يخرج
يبتغي من فضل الله إذا خرج في كفر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله قال :
حصرهم المشركون في المدينة لا يستطيعون ضربا في الأرض يعني التجارة يحسبهم الجاهل
بأمرهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله يحسبهم الجاهل أغنياء قال : دل الله المؤمنين
عليهم وجعل نفقاتهم لهم وأمرهم أن يضعوا نفقاتهم فيهم ورضي عنهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد تعرفهم بسيماهم
قال : التخشع
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع تعرفهم بسيماهم يقول : تعرف في وجوههم
الجهد من الحاجة
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد تعرفهم بسيماهم قال : رثاثة ثيابهم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن يزيد بن قاسط السكسكي قال : كنت عند عبد الله
بن عمر إذ جاءه رجل يسأله فدعا غلامه فساره وقال للرجل : اذهب معه
ثم قال لي : أتقول هذا فقير ؟ فقلت : والله ما سأل إلا من فقر
قال : ليس بفقير من جمع الدرهم إلى الدرهم والتمرة إلى التمرة ولكن من أنقى نفسه
وثيابه لا يقدر على شيء يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم لا يسألون
الناس إلحافا فذلك الفقير
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن
أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ليس المسكين الذي ترده
التمرة والتمرتان و اللقمة واللقمتان إنما المسكين الذي يتعفف واقرأوا إن شئتم لا
يسألون الناس إلحافا "
واخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " ليس المسكين بالطواف عليكم فتعطونه لقمة لقمة إنما المسكين المتعفف
الذي لا يسأل الناس إلحافا "
(2/90)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ليس المسكين بالطواف الذي ترده اللقمة واللقمتان والتمرة والتمرتان ولكن
المسكين الذي لا يجد ما يغنيه ويستحي أن يسأل الناس ولا يفطن له فيتصدق عليه
"
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله
عليه و سلم كان يقول " إن الله يحب الحليم الحيي الغني المتعفف ويبغض الفاحش
البذي السائل الملحف "
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : من تغنى أغناه الله ومن سأل الناس إلحافا
فإنما يستكثر من النار
وأخرج مالك وأحمد وأبو داود والنسائي عن رجل من بني أسد قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " من سأل وله أوقية أو عدلها فقد سأل إلحافا "
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله إلحافا قال : هو الذي يلح في المسألة
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة عن سلمة بن الأكوع
أنه كان لا يسأله أحد بوجه الله إلا أعطاه وكان يكرهها ويقول : هي مسألة الإلحاف
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء : أنه كره أن يسأل بوجه الله أو بالقرآن شيء من أمر
الدنيا
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : من سئل بالله فأعطى فله سبعون أجرا
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي عن ابن عمر
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال " لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلقى الله
وليس في وجهه مزعة لحم "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن حبان عن سمرة بن جندب
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن المسائل كدوح يكدح بها الرجل
وجهه فمن شاء أبقى على وجهه ومن شاء ترك إلا إن يسأل ذا سلطان أو في أمر لا يجد
منه بدا "
وأخرج أحمد عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "
المسألة كدوح في وجه صاحبها يوم القيامة فمن شاء استبقى على وجهه "
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من سأل
الناس في غير
(2/91)
فاقة
نزلت به أو عيال لا يطيقهم جاء يوم القيامة بوجه ليس عليه لحم " وقال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : من فتح على نفسه باب مسألة من غير فاقة نزلت به أو
عيال لا يطيقهم فتح الله عليه باب فاقة من حيث لا يحتسب "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس يرفعه قال : ما نقصت صدقة من مال وما مد عبد يده بصدقة
إلا ألقيت في يد الله قبل أن تقع في يد السائل ولا فتح عبد باب مسألة له عنها غنى
إلا فتح الله له باب فقر
وأخرج أحمد والترمذي وصححه وابن ماجه عن أبي كبشة الأنماري أنه سمع رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : " ثلاث أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه : ما نقص مال
عبد من صدقة ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله بها عزا ولا فتح عبد باب
مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر وأحدثكم حديثا فاحفظوه : إنما الدنيا لأربعة نفر
: عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقا
فهذا بأفضل المنازل وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول : لو
أن لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه
علما فهو يخبط في ماله بغير علم ولا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم فيه
لله حقا فهذا بأخبث المنازل وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول : لو أن لي
مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته فوزرهما سواء "
وأخرج النسائي عن عائذ بن عمرو " أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه و سلم
يسأله فأعطاه فلما وضع رجله على أسكفة الباب قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
لو تعلمون ما في المسألة ما مشى أحد إلى أحد يسأله "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لو
يعلم صاحب المسألة ما له فيها لم يسأل "
وأخرج أحمد والبزار والطبراني عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " مسألة الغني شين في وجهه يوم القيامة ومسألة الغني نار إن أعطى قليلا
فقليل وإن أعطى كثيرا فكثير "
وأخرج أحمد والبزار والطبراني عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
من سأل مسألة وهو عنها غني كانت شينا في وجهه يوم القيامة "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " من
(2/92)
سأل
وهو غني عن المسألة يحشر يوم القيامة وهي خموش في وجهه "
وأخرج الحاكم وصححه عن عروة بن محمد بن عطية حدثني أبي " أن أباه أخبره قال :
قدمت على رسول الله صلى الله عليه و سلم في أناس من بني سعد بن بكر فأتيت فلما
رآني قال : ما أعناك الله فلا تسأل الناس شيئا فإن اليد العليا هي المنطية واليد
السفلى هي المنطاة وإن مال الله لمسؤول ومنطى
قال : وكلمني رسول الله صلى الله عليه و سلم بلغتنا "
وأخرج البيهقي عن مسعود بن عمرو عن النبي صلى الله عليه و سلم " أنه أتي برجل
يصلى عليه فقال : كم ترك ؟ فقالوا : دينارين أو ثلاثة
قال : ترك كيتين أو ثلاث كيات
فلقيت عبد الله بن القاسم مولى أبي بكر فذكرت ذلك له فقال : ذاك رجل كان يسأل
الناس تكثرا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن خزيمة والطبراني والبيهقي عن حبشي بن جنادة " سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : الذي يسأل من غير حاجة كمثل الذي يلتقط
الجمر "
ولفظ ابن أبي شيبة : " من سأل الناس ليثري به ماله فإنه خموش في وجهه ورضف من
جهنم يأكله يوم القيامة وذلك في حجة الوداع "
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وابن ماجة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " من سأل الناس تكثرا فإنما يسأل جمرا فليستقل أو ليستكثر "
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند والطبراني في الأوسط عن علي قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " من سأل مسألة عن ظهر غنى استكثر بها من رضف
جهنم
قالوا : وما ظهر غنى ؟ قال : عشاء ليلة "
وأخرج أحمد وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان عن سهل بن الحنظلية قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " من سأل شيئا وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من جمر
جهنم
قالوا : يا رسول الله وما يغنيه ؟ قال : ما يغديه أو يعشيه "
وأخرج ابن حبان عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
من سأل الناس ليثري ماله فإنما هي رضف من النار يلهبه فمن شاء فليقل ومن شاء
فليكثر "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن أبي ليلى قال : جاء سائل فسأل أبا ذر فأعطاه شيئا فقيل
له : تعطيه وهو موسر ؟ فقال : إنه سائل وللسائل حق وليتمنين يوم القيامة أنها كانت
رضفة في يده
وأخرج مسلم والترمذي والنسائي عن عوف بن مالك الأشجعي قال : كنا تسعة
(2/93)
أو
ثمانية أو سبعة فقال : " ألا تبايعون رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ فقلنا
: علام نبايعك ؟ قال : أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا والصلوات الخمس وتطيعوا
ولا تسألوا الناس فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فلا يسأل أحدا يناوله
إياه "
وأخرج أحمد عن أبي ذر قال " دعاني رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : هل
لك إلى البيعة ولك الجنة ؟ قلت : نعم
فشرط علي أن لا أسأل الناس شيئا
قلت : نعم
قال : ولا سوطك إن سقط منك حتى تنزل فتأخذه "
وأخرج أحمد عن ابن أبي مليكة قال : ربما سقط الخطام من يد أبي بكر الصديق فيضرب
بذراع ناقته فينيخها فيأخذه فقالوا له : أفلا أمرتنا فنناولكه ؟ فقال : إن حبيبي
رسول الله صلى الله عليه و سلم أمرني أن لا أسأل أحدا شيئا
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من يبايع ؟ فقال ثوبان : بايعنا يا رسول الله
قال : على أن لا تسألوا أحدا شيئا
فقال ثوبان : فما له يا رسول الله ؟ قال : الجنة
فبايعه ثوبان
قال أبو أمامة
فلقد رأيته بمكة في أجمع ما يكون من الناكدة يسقط سوطه وهو راكب فربما وقع على
عاتق الرجل فيأخذه الرجل فيناوله فما يأخذه منه حتى يكون هو ينزل فيأخذه "
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن ثوبان قال : قال رسول اله صلى الله
عليه و سلم
" من تكفل لي أن لا يسأل الناس شيئا وأتكفل له بالجنة ؟ فقلت : أنا
فكان لا يسأل أحدا شيئا
ولابن ماجة فكان ثوبان يقع سوطه وهو راكب فلا يقول لأحد ناولنيه حتى ينزل فيأخذه
"
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن حكيم بن حزام قال " سألت
رسول الله صلى الله عليه و سلم
فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم قال : يا حكيم هذا المال خضرة حلوة فمن أخذه بسخاوة
نفس بورك له فيه ومن أخذه باشراف نفس لم يبارك له فيه وكان كالذي يأكل ولا يشبع
واليد العليا خير من اليد السفلى
فقلت : يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدا بعدك شيئا حتى أفارق الدنيا
فكان أبو بكر يدعو حكيما ليعطيه العطاء فيأبى أن يقبل منه شيئا ثم إن عمر دعاه
ليعطيه فأبى أن يقبله فلم يرزأ حكيم أحدا من الناس بعد النبي صلى الله عليه و سلم
حتى توفي رضي الله عنه "
وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن عوف " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : ثلاث
(2/94)
والذي
نفسي بيده إن كنت لحالفا عليهن لا ينقص مال من صدقة فتصدقوا ولا يعفو عبد عن مظلمة
إلا زاده الله بها عزا ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر "
وأخرج أحمد وأبو يعلى عن أبي سعيد الخدري قال : قال عمر " يا رسول الله لقد
سمعت فلانا وفلانا يحسنان الثناء يذكران أنك أعطيتهما دينارين فقال النبي صلى الله
عليه و سلم : لكن فلانا ما هو كذلك لقد أعطيته ما بين عشرة إلى مائة فما يقول ذلك
أما والله إن أحدكم ليخرج بمسألته من عندي يتأبطها نارا
قال عمر : يا رسول الله لم تعطيها إياهم ؟ قال : فما أصنع يأبون إلا مسألتي ويأبى
الله لي البخل "
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي عن قبيصة بن المخارق قال "
تحملت حمالة فأتيت النبي صلى الله عليه و سلم أسأله فيها فقال : أقم حتى تأتينا
الصدقة فنأمر لك بها ثم قال : يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثة : رجل
تحمل حمالة فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يمسك ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله
فحلت له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال : سدادا من عيش ورجل أصابته فاقة
فحلت له المسألة حتى يقول ثلاثة من ذوي الحجا من قومه : لقد أصابت فلانا فاقة فحلت
له المسألة حتى يصيب قواما من عيش أو قال : سدادا من عيش فما سواهن من المسألة يا
قبيصة سحت يأكلها صاحبها سحتا "
وأخرج البزار والطبراني والبيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " استغنوا عن الناس ولو بشوص السواك "
وأخرج البزار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " إن الله يحب
الغني الحليم المتعفف ويبغض البذي الفاجر السائل الملح "
وأخرج البزار عن عبد الرحمن بن عوف قال : " كانت لي عند رسول الله صلى الله
عليه و سلم عدة فلما فتحت قريظة جئت لينجز لي ما وعدني فسمعته يقول : من يستغن
يغنه الله ومن يقنع يقنعه الله
فقلت في نفسي : لا جرم لا أسأله شيئا "
وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن ابن عمر " أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال وهو على المنبر وذكر الصدقة والتعفف عن المسألة : اليد العليا
خير من اليد السفلى والعليا هي المنفقة والسفلى هي السائلة "
وأخرج ابن سعد عن عدي الجذامي قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول "
يا أيها
(2/95)
الناس
تعلموا فإنما الأيدي ثلاثة
فيد الله العليا ويد المعطي الوسطى ويد المعطى السفلى فتغنوا ولو بحزم الحطب
"
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " الأيدي ثلاث : يد الله هي العليا ويد المعطي التي تليها
ويد السائل السفلى إلى يوم القيامة فاستعفف عن السؤال ما استطعت "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن سهل بن سعد قال " جاء جبريل إلى النبي صلى الله
عليه و سلم فقال : يا محمد عش ما شئت فإنك ميت واعمل ما شئت فإنك مجزى به واحبب من
شئت فإنك مفارقه واعلم أن شرف المؤمن قيام الليل وعزه استغناؤه عن الناس "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس "
وأخرج ابن حبان عن أبي ذر قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم " يا
أبا ذر أترى كثرة المال هو الغنى ؟ قلت : نعم يا رسول الله
قال : أفترى قلة المال هو الفقر ؟ قلت : نعم يا رسول الله
قال : إنما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب "
وأخرج مسلم والترمذي عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه "
وأخرج الترمذي والحاكم وصححاه عن فضالة بن عبيد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " طوبى لمن هدي للإسلام وكان عيشه كفافا وقنع "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " إياكم والطمع فإنه الفقر وإياكم وما يعتذر منه "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الزهد عن سعد بن أبي وقاص قال " أتى النبي
صلى الله عليه و سلم رجل فقال : يا رسول الله أوصني وأوجز
فقال : عليك بالاياس مما في أيدي الناس وإياك والطمع فإنه فقر حاضر وإياك وما
يعتذر منه "
وأخرج البيهقي في الزهد عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " القناعة كنز لا يفنى "
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي عن أنس " أن رجلا من
الأنصار أتى النبي صلى الله عليه و سلم فسأله فقال : أما في بيتك شيء ؟ قال : بلى
حلس
(2/96)
نلبس
بعضه ونبسط بعضه وقعب نشرب فيه من الماء
قال : ائتني بهما
فأتاه بهما فأخذهما رسول الله صلى الله عليه و سلم بيده فقال : من يشتري هذين ؟
قال رجل : أنا آخذهما بدرهم
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من يزيد على درهم مرتين أو ثلاثا ؟ قال رجل :
أنا آخذهما بدرهمين
فأعطاهما إياه وأخذ الدرهمين فأعطاهما للأنصاري وقال : اشتر بأحدهما فانبذه إلى
أهلك واشتر بالآخر قدوما فائتني به فأتاه به فشد فيه رسول الله صلى الله عليه و
سلم عودا بيده ثم قال : اذهب فاحتطب وبع فلا أرينك خمسة عشر يوما ففعل فجاءه وقد
أصاب عشرة دراهم فاشترى ببعضها ثوبا وببعضها طعاما فقال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة إن المسالة لا تصلح
إلا لثلاث : لذي فقر مدقع أو لذي غرم مفظع أو لذي دم موجع "
واخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن ماجة عن الزبير بن العوام قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " لأن يأخذ أحدكم أحبلة فيأتي بحزمة من حطب على ظهره
فيبيعها فيكف بها وجهه خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه "
وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير له
من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه "
وأخرج الطبراني والبيهقي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن
الله يحب المؤمن المحترف "
وأخرج أحمد والطبراني وأبو داود والنسائي عن أبي سعيد الخدري " أن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : من استغنى أغناه الله ومن استعفف أعفه الله ومن استكفى كفاه
الله ومن سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف "
وأخرج أحمد ومسلم والنسائي عن معاوية بن أبي سفيان قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " لا تلحفوا في المسألة فوالله ما يسألني أحد منكم شيئا فتخرج له
مسألته مني شيئا وأنا له كاره فيبارك له فيما أعطيته "
وأخرج أبو يعلى عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا
تلحفوا في المسألة فإنه من يستخرج منا بها شيئا لم يبارك له فيه "
وأخرج ابن حبان عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إن الرجل يأتيني فيسألني فأعطيه فينطلق وما يحمل في حضنه إلا النار "
(2/97)
وأخرج
ابن حبان عن أبي سعيد الخدري قال " بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم يقسم
ذهبا إذ أتاه رجل فقال : يا رسول الله أعطني فأعطاه ثم قال : زدني
فزاده ثلاث مرات ثم ولى مدبرا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يأتيني الرجل
فيسألني فأعطيه ثم يسألني فأعطيه ثم يولي مدبرا
وقد جعل في ثوبه نارا إذا انقلب إلى أهله "
وأخرج أبو يعلى وابن حبان عن عمر بن الخطاب
أنه دخل على النبي صلى الله عليه و سلم فقال " يود رسول الله أن فلانا يشكر
يذكر أنك أعطيته دينارين فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: لكن فلانا قد أعطيته ما بين العشرة إلى المائة فما شكره وما يقول إن أحدكم ليخرج
من عندي بحاجته متأبطها وما هي إلا النار
قلت : يا رسول الله لم تعطيهم ؟ قال : يأبون إلا أن يسألوني ويأبى الله لي البخل
"
وأخرج أحمد والبزار وابن حبان عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
إن هذا المال خضرة حلوة فمن أعطيناه منها شيئا بطيب نفس منا وحسن طعمة منه من غير
شره نفس بورك له فيه ومن أعطيناه منها شيئا بغير طيب نفس منا وحسن طعمة منه وشره
نفس كان غير مبارك له فيه "
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن ابن عمر أن عمر قال " كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم يعطيني العطاء فأقول : أعطه من هو أفقر إليه مني
فقال : خذه إذا جاءك من هذا المال شيء وأنت غير مشرف ولا سائل فخذه فتموله فإن شئت
كله وإن شئت تصدق به وما لا فلا تتبعه نفسك
قال سالم بن عبد الله : فلأجل ذلك كان عبد الله لا يسأل أحدا شيئا ولا يرد شيئا
أعطيه "
وأخرج مالك عن عطاء بن يسار " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أرسل إلى عمر
بن الخطاب بعطاء فرده عمر فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : لم رددته ؟
فقال : يا رسول الله أليس أخبرتنا أن خيرا لأحدنا أن لا يأخذ من أحد شيئا ؟ فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنما ذلك عن المسألة فأما ما كان غير مسألة فإنما
هو رزق يرزقه الله
فقال عمر : والذي نفسي بيده لا أسأل شيئا ولا يأتيني شيء من غير مسألة إلا أخذته
"
وأخرج البيهقي من طريق زيد بن أسلم عن أبيه قال : سمعت عمر بن الخطاب يقول : فذكر
نحوه
وأخرج أحمد والبيهقي عن عائشة قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم "
يا عائشة من أعطاك شيئا بغير مسألة فاقبليه فإنما هو رزق عرضه الله إليك "
(2/98)
وأخرج
أبو يعلى عن واصل بن الخطاب قال " قلت : يا رسول الله قد قلت : إن خيرا لك أن
لا تسأل أحدا من الناس شيئا ؟ قال : إنما ذاك أن تسأل وما أتاك من غير مسألة فإنما
هو رزق رزقكه الله "
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن خالد بن عدي الجهني :
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " من بلغه عن أخيه معروف من غير
مسألة ولا إشراف نفس فليقبله ولا يرده فإنما هو رزق ساقه الله إليه "
وأخرج أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " من آتاه الله
شيئا من هذا المال من غير أن يسأله فليقبله فإنما هو رزق ساقه الله إليه "
وأخرج أحمد والطبراني والبيهقي عن عائذ بن عمرو عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
" من عرض له من هذا الرزق شيء من غير مسألة ولا إسراف فليتوسع به في رزقه فإن
كان غنيا فليوجهه إلى من هو أحوج إليه منه "
وأخرج ابن شيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " استغن عن الناس ولو بقضمة سواك "
وأخرج ابن أبي شيبة عن حبشي بن جنادة السلولي " سمعت رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقول وأتاه أعرابي فسأله فقال : إن المسألة لا تحل إلا لفقر مدقع أو غرم
مفظع "
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول
" إن الله كره لكم ثلاثا : قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال فإذا شئت
رأيته في قيل وقال يومه أجمع وصدر ليلته حتى يلقى جيفة على رأسه لا يجعل الله له
من نهاره ولا ليلته نصيبا وإذا شئت رأيته ذا مال في شهوته ولذاته وملاعبه ويعدله
عن حق الله فذلك إضاعة المال وإذا شئت رأيته باسطا ذراعيه يسأل الناس في كفيه فإذا
أعطي أفرط في مدحهم وإن منع أفرط في ذمهم "
وأخرج الطبراني عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما
المعطي من سعة بأفضل من الآخذ إذا كان محتاجا "
وأخرج ابن حبان في الضعفاء والطبراني في الأوسط عن أنس قال : قال النبي صلى الله
عليه و سلم " ما الذي يعطي من سعة بأعظم أجرا من الذي يقبل إذا كان محتاجا
"
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة وما تنفقوا من خير فإن الله به عليم قال : محفوظ ذلك
عند الله عالم به شاكر له وانه لا شيء أشكر من الله ولا أجزى لخير من الله
(2/99)
آية
274
أخرج ابن سعد في الطبقات وأبو بكر أحمد بن أبي عاصم في الجهاد وابن المنذر وابن
أبي حاتم وابن عدي والطبراني والشيخ في العظمة والواحدي عن يزيد بن عبد الله بن
عريب المكي عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " أنزلت هذه
الآية الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا
خوف عليهم ولا هم يحزنون في أصحاب الخيل "
وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة الباهلي قال : نزلت هذه الآية في أصحاب الخيل الذين
ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فيمن يربطها لا خيلاء ولضمار
واخرج ابن جرير عن أبي الدرداء أنه كان ينظر إلى الخيل مربوطة بين البراذين والهجن
فيقول : أهل هذه من الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم
عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والواحدي عن أبي أمامة والباهلي ؟ قال : من ارتبط
فرسا في سبيل الله لم يرتبطه رياء ولا سمعة كان من الذين ينفقون أموالهم بالليل
والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم
الآية
واخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والواحدي من طريق حنش الصنعاني أنه
سمع ابن عباس يقول في هذه الآية الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية
قال : هم الذين يعلفون الخيل في سبيل الله
وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه عن أبي كبشة عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال " الخيل معقود في نواصيها الخير وأهلها معانون عليها والمنفق عليها
كالباسط يده بالصدقة "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني
وابن عساكر من طريق عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس في قوله الذين ينفقون
أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية قال : نزلت في علي بن
(2/100)
أبي
طالب كانت له أربعة دراهم فأنفق بالليل درهما وبالنهار درهما وسرا درهما وعلانية
درهما
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مسعر عن عون قال : قرأ رجل الذين ينفقون أموالهم
بالليل والنهار سرا وعلانية فقال : إنما كانت أربعة دراهم فأنفق درهما بالليل
ودرهما بالنهار ودرهما في السر ودرهما في العلانية
وأخرج ابن المنذر عن ابن إسحق قال : لما قبض أبو بكر واستخلف عمر خطب الناس فحمد
الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال : أيها الناس إن بعض الطمع فقر وإن بعض اليأس
غنى وإنكم تجمعون ما لا تأكلون وتأملون ما لا تدركون واعلموا أن بعض الشح شعبة من
النفاق فانفقوا خيرا لأنفسكم فأين أصحاب هذه الآية الذين ينفقون أموالهم بالليل
والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ؟
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال : هؤلاء قوم
أنفقوا في سبيل الله الذي افترض عليهم في غير سرف ولا إملاق ولا تبذير ولا فساد
وأخرج ابن المنذر عن ابن المسيب الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية
فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون كلها في عبد الرحمن بن عوف
وعثمان بن عفان في نفقتهما في جيش العسرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال : كان هذا قبل أن تفرض الزكاة
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : كان هذا يعمل به قبل أن
تنزل براءة فلما نزلت براءة بفرائض الصدقات وتفصيلها انتهت الصدقات إليها
آية 275
(2/101)
أخرج
أبو يعلى من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله الذين يأكلون الربا لا
يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس قال : يعرفون يوم القيامة بذلك
لا يستطيعون القيام إلا كما يقوم المتخبط المنخنق ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل
الربا وكذبوا على الله و أحل الله البيع وحرم الربا ومن عاد لأكل الربا فأولئك
أصحاب النار هم فيها خالدون وفي قوله يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي
من الربا البقرة الآية 278 الآية
قال : بلغنا أن هذه الآية نزلت في بني عمرو بن عوف من ثقيف وبني المغيرة من بني
مخزوم كان بنو المغيرة يربون لثقيف فلما أظهر الله رسوله على مكة ووضع يومئذ الربا
كله وكان أهل الطائف قد صالحوا على أن لهم رباهم وما كان عليهم من ربا فهو موضوع
وكتب رسول الله صلى الله عليه و سلم في آخر صحيفتهم " أن لهم ما للمسلمين
وعليهم ما على المسلمين أن لا يأكلوا الربا ولا يؤكلوه
فأتى بنو عمرو بن عمير ببني المغيرة إلى عتاب بن أسيد وهو على مكة فقال بنو
المغيرة : ما جعلنا أشقى الناس بالربا ووضع عن الناس غيرنا
فقال بنو عمرو بن عمير : صولحنا على أن لنا ربانا
فكتب عتاب بن أسيد ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فنزلت هذه الآية فإن لم
تفعلوا فأذنوا بحرب البقرة الآية 279
وأخرج الأصبهاني في ترغيبه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
يأتي آكل الربا يوم القيامة مختبلا يجر شقيه ثم قرأ لا يقومون إلا كما يقوم الذي
يتخبطه الشيطان من المس
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : آكل الربا
يبعث يوم القيامة مجنونا يخنق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من وجه آخر عن ابن عباس لا يقومون
الآية
قال : ذلك حين يبعث من قبره
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أنس قال : " خطبنا رسول الله صلى الله عليه
و سلم فذكر الربا وعظم شأنه فقال : إن الرجل يصيب درهما من الربا أعظم عند الله في
الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل وإن أربى الربا عرض الرجل المسلم "
(2/102)
وأخرج
عبد الرزاق وابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن سلام قال :
الربا اثنتان وسبعون حوبا أصغرها حوبا كمن أتى أمه في الإسلام ودرهم في الربا أشد
من بضع وثلاثين زنية
قال : ويؤذن للناس يوم القيامة البر والفاجر في القيام إلا أكلة الربا فإنهم لا
يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن سلام قال : الربا سبعون حوبا أدناها فجرة مثل أن
يضطجع الرجل مع أمه وأربى الربا استطالة المرء في عرض أخيه المسلم بغير حق
وأخرج عبد الرزاق وأحمد والبيهقي عن كعب قال : لأن أزني ثلاثة وثلاثين زنية أحب
إلي من أن آكل درهما ربا يعلم الله أني أكلته ربا
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
" درهم ربا أشد على الله من ستة وثلاثين زنية
وقال : من نبت لحمه من السحت فالنار أولى به "
وأخرج الحاكم وصححه البيهقي عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال " الربا ثلاثة وسبعون بابا أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه وإن أربى الربا
عرض الرجل المسلم "
وأخرج الحاكم والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إن الربا سبعون بابا أدناها مثل ما يقع الرجل على أمه وأربى الربا استطالة
المرء في عرض أخيه "
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الغيبة والبيهقي عن أنس قال : " خطب رسول
الله صلى الله عليه و سلم فذكر الربا وعظم شأنه فقال : إن الدرهم يصيبه الرجل من
الربا أعظم عند الله في الخطيئة من ست وثلاثين زنية يزنيها الرجل وإن أربى الربا
عرض الرجل المسلم "
وأخرج الطبراني عن عوف بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
إياك والذنوب التي لا تغفر
الغلول فمن غل شيئا أتى به يوم القيامة وأكل الربا فمن أكل الربا بعث يوم القيامة
مجنونا يتخبط ثم قرأ الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه
الشيطان من المس "
(2/103)
وأخرج
أبو عبيد وابن أبي حاتم عن ابن مسعود أنه كان يقرأ الذين يأكلون الربا لا يقومون
إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطن من المس يوم القيامة
واخرج ابن جرير عن الربيع في الآية قال : يبعثون يوم القيامة وبهم خبل من الشيطان
وهي في بعض القراءة لا يقومون يوم القيامة
وأخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم وابن المنذر عن عائشة قالت " لما نزلت
الآيات من آخر سورة البقرة في الربا خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المسجد
فقرأهن على الناس ثم حرم التجارة في الخمر "
وأخرج الخطيب في تاريخه عن عائشة قالت : " لما نزلت سورة البقرة نزل فيها
تحريم الخمر فنهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك "
وأخرج أبو داود والحاكم وصححه عن جابر قال : لما نزلت الذين يأكلون الربا لا
يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطن من المس قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " من لم يترك المخابرة فليؤذن بحرب من الله ورسوله "
وأخرج أحمد وابن ماجه وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر عن عمر أنه قال : من آخر
ما أنزل آية الربا وإن رسول الله صلى الله عليه و سلم قبض قبل أن يفسرها لنا فدعوا
الربا والريبة
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن عمر بن الخطاب أنه خطب فقال : إن من آخر القرآن
نزولا آية الربا والريبة
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن عمر بن الخطاب أنه خطب فقال : إن من آخر القرآن
نزولا آية الربا وإنه قد مات رسول الله صلى الله عليه و سلم ولم يبينه لنا فدعوا
ما يريبكم إلى ما لا يريبكم
وأخرج البخاري وأبو عبيد وابن جرير والبيهقي في الدلائل من طريق الشعبي عن ابن
عباس قال : آخر آية أنزلها الله على رسوله آية الربا
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق سعيد بن المسيب قال : قال عمر بن الخطاب : آخر
ما أنزل الله آية الربا
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الربا الذي نهى الله عنه قال : كانوا في الجاهلية يكون
للرجل على الرجل الدين فيقول : لك كذا وكذا وتؤخر عني فيؤخر عنه
وأخرج ابن جرير عن قتادة
أن ربا أهل الجاهلية يبيع الرجل البيع إلى أجل
(2/104)
مسمى
فإذا حل الأجل ولم يكن عند صاحبه قضاء زاده وأخر عنه
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله الذين يأكلون الربا يعني استحلالا
لأكله لا يقومون يعني يوم القيامة ذلك يعني الذي نزل بهم بأنهم قالوا إنما البيع
مثل الربا كان الرجل إذا حل ماله على صاحبه يقول المطلوب للطالب : زدني في الأجل
وأزيدك على مالك فإذا فعل ذلك قيل لهم هذا ربا
قالوا : سواء علينا إن زدنا في أول البيع أو عند محل المال فهما سواء فأكذبهم الله
فقال وأحل الله البيع وحرم الربا فمن جاءه موعظة من ربه يعني البيان الذي في
القرآن في تحريم الربا فانتهى عنه فله ما سلف يعني فله ما كان أكل من الربا قبل
التحريم و أمره إلى الله يعني بعد التحريم وبعد تركه إن شاء عصمه منه وإن شاء لم
يفعل ومن عاد يعني في الربا بعد التحريم فاستحله لقولهم إنما البيع مثل الربا
فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون يعني لا يموتون
وأخرج أحمد والبزار عن رافع بن خديج قال : قيل يا رسول الله أي الكسب أطيب ؟ قال :
" عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور "
وأخرج مسلم والبيهقي عن أبي سعيد قال : " أتي رسول الله صلى الله عليه و سلم
بتمر فقال : ما هذا من تمرنا
فقال الرجل : يا رسول الله بعنا تمرنا صاعين بصاع من هذا فقال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : ذلك الربا ردوه ثم بيعوه تمرنا ثم اشتروا لنا من هذا "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن عائشة
أن امرأة قالت لها : إني بعت زيد بن أرقم عبدا إلى العطاء بثمانمائة فاحتاج إلى
ثمنه فاشتريته قبل محل الأجل بستمائة فقالت : بئسما شريت وبئسما اشتريت أبلغي زيدا
أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إن لم يتب
قلت : أفرأيت إن تركت المائتين وأخذت الستمائة ؟ فقالت : نعم من جاءه موعظة من ربه
فانتهى فله ما سلف
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن جعفر بن محمد أنه سئل لم حرم الله الربا ؟ قال : لئلا
يتمانع الناس المعروف
آية 276 - 277
(2/105)
أخرج
ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس يمحق الله الربا قال : ينقص
الربا ويربي الصدقات قال : يزيد فيها
وأخرج أحمد وابن ماجة وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن
مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " إن الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير
إلى قل "
وأخرج عبد الرزاق عن معمر قال : سمعنا أنه لا يأتي على صاحب الربا أربعون سنة حتى
يمحق
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة
والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " من تصدق بعدل تمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبا فإن الله يقبلها
بيمينه ثم يربيها لصاحبها كما يربي أحدكم فلوه حتى تكون مثل الجبل "
وأخرج الشافعي وأحمد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن جرير وابن
خزيمة وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني في الصفات عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن الله يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه فيربيها
لأحدكم كما يربي أحدكم مهره أو فلوه حتى إن اللقمة لتصير مثل أحد وتصديق ذلك في
كتاب الله ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات التوبة الآية
104
و يمحق الله الربا ويربي الصدقات "
وأخرج البزار وابن جرير وابن حبان والطبراني عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " إن الله تبارك وتعالى يقبل الصدقة ولا يقبل منها إلا الطيب
ويربيها لصاحبها كما يربي أحدكم مهره أو فصيله حتى أن اللقمة تصير مثل أحد وتصديق
ذلك في كتاب الله يمحق الله الربا ويربي الصدقات "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " إن المؤمن يتصدق بالتمرة أو بعدلها من الطيب ولا يقبل الله إلا
الطيب فتقع في يد الله فيربيها له كما يربي أحدكم فصيله حتى تكون مثل التل العظيم
ثم قرأ يمحق الله الربا ويربي الصدقات "
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية قال : أما يمحق الله الربا فإن الربا يزيد في
الدنيا ويكثر ويمحقه الله في الآخرة ولا يبقى منه لأهله شيء وأما قوله ويربي
(2/106)
الصدقات
فإن الله يأخذها من المتصدق قبل أن تصل إلى المتصدق عليه فما يزال الله يربيها حتى
يلقى صاحبها ربه فيعطيها إياه وتكون الصدقة التمرة أو نحوها فما يزال الله يربيها
حتى تكون مثل الجبل العظيم
وأخرج الطبراني عن أبي برزة الأسلمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إن العبد ليتصدق بالكسرة تربو عند الله حتى تكون مثل أحد "
الآيات 278 - 279
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي في قوله يا أيها الذين آمنوا اتقوا
الله وذروا ما بقي من الربا
الآية
قال : نزلت هذه الآية في العباس بن عبد المطلب ورجل من بني المغيرة كانا شريكين في
الجاهلية يسلفان في الربا إلى ناس من ثقيف من بني ضمرة وهم بنو عمرو بن عمير فجاء
الإسلام ولهما أموال عظيمة في الربا فأنزل الله وذروا ما بقي من فضل كان في
الجاهلية من الربا
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله
الآية قال : " كانت ثقيف قد صالحت النبي صلى الله عليه و سلم على أن ما لهم
من ربا على الناس وما كان للناس عليهم من ربا فهو موضوع فلما كان الفتح استعمل
عتاب بن أسيد على مكة وكانت بنو عمرو بن عوف يأخذون الربا من بني المغيرة وكانت
بنو المغيرة يربون لهم في الجاهلية فجاء الإسلام ولهم عليهم مال كثير فأتاهم بنو عمرو
يطلبون رباهم فأبى بنو المغيرة أن يعطوهم في الإسلام ورفعوا ذلك إلى عتاب بن أسيد
فكتب عتاب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فنزلت يا أيها الذين آمنوا اتقوا
الله وذروا ما بقي من الربا إلى قوله ولا تظلمون فكتب بها رسول الله صلى الله عليه
و سلم إلى عتاب وقال : إن رضوا وإلا فآذنهم بحرب "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك في قوله اتقوا الله وذروا ما بقي
(2/107)
من
الربا قال : كان ربا يتعاملون به في الجاهلية فلما أسلموا أمروا أن يأخذوا رؤوس
أموالهم
وأخرج آدم وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن مجاهد في قوله اتقوا
الله وذروا ما بقي من الربا قال : كانوا في الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين
فيقول : لك كذا وكذا وتؤخر عني ؟ فيؤخر عنه
وأخرج مالك والبيهقي في سننه عن زيد بن أسلم قال : كان الربا في الجاهلية أن يكون
للرجل على الرجل الحق إلى أجل فإذا حل الحق قال : أتقضي أم تربي ؟ فإن قضاه أخذ
وإلا زاده في حقه وزاده الآخر في الأجل
وأخرج أبو نعيم في المعرفة بسند واه عن ابن عباس في قوله يا أيها الذين آمنوا
اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا قال : نزلت في نفر من ثقيف منهم مسعود وربيعة
وحبيب وعبد ياليل وهم بنو عمرو بن عمير بن عوف الثقفي وفي بني المغيرة من قريش
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال : " نزلت هذه الآية في بني عمرو بن عمير بن
عوف الثقفي ومسعود بن عمرو بن عبد ياليل بن عمرو وربيعة بن عمرو وحبيب بن عمير
وكلهم أخوة وهم الطالبون والمطلوبون بنو المغيرة من بني مخزوم وكانوا يداينون بني
المغيرة في الجاهلية بالربا وكان النبي صلى الله عليه و سلم صالح ثقيفا فطلبوا
رباهم إلى بني المغيرة وكان مالا عظيما فقال بنو المغيرة : والله لا نعطي الربا في
الإسلام وقد وضعه الله ورسوله عن المسلمين فعرفوا شأنهم معاذ بن جبل ويقال عتاب بن
أسيد فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن بني ابن عمرو وعمير يطلبون
رباهم عند بني المغيرة فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا أتقوا الله وذروا ما بقي من
الربا إن كنتم مؤمنين فكتب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى معاذ بن جبل : أن
اعرض عليهم هذه الآية فإن فعلوا فلهم رؤوس أموالهم وإن أبوا فآذنهم بحرب من الله
ورسوله "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فأذنوا بحرب قال :
من كان مقيما على الربا لا ينزع عنه فحق على إمام المسلمين أن يستتيبه فإن نزع
وإلا ضرب عنقه
وفي قوله لا تظلمون فتربون ولا تظلمون فتنقصون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : يقال
يوم القيامة لآكل الربا : خذ سلاحك للحرب
(2/108)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فأذنوا بحرب قال :
استيقنوا بحرب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله فأذنوا بحرب قال :
أوعدهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بالقتل
وأخرج أبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه
عن عمرو بن الأحوص أنه شهد حجة الوداع مع رسول الله
فقال : " ألا إن كل ربا في الجاهلية موضوع لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا
تظلمون وأول ربا موضوع ربا العباس "
وأخرج ابن منده عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في ربيعة بن عمرو وأصحابه فإن
تبتم فلكم رؤوس أموالكم الآية
وأخرج مسلم والبيهقي عن جابر بن عبد الله قال : " لعن رسول الله صلى الله
عليه و سلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال : هم سواء "
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي في شعب الإيمان عن علي قال " لعن رسول الله صلى
الله عليه و سلم عشرة : آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه والواشمة والمستوشمة
ومانع الصدقة والحال والمحلل له "
وأخرج البيهقي عن أم الدرداء قالت : قال موسى بن عمران عليه السلام : يا رب من
يسكن غدا في حظيرة القدس ويستظل بظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك ؟ قال : يا موسى أولئك
الذين لا تنظر أعينهم في الزنا ولا يبتغون في أموالهم الربا ولا يأخذون على
أحكامهم الرشا طوبى لهم وحسن مآب
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان والبيهقي عن ابن مسعود قال :
" لعن رسول الله صلى الله عليه و سلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه "
وأخرج البخاري وأبو داود عن أبي جحيفة قال " لعن رسول الله صلى الله عليه و
سلم الواشمة والمستوشمة و آكل الربا وموكله ونهى عن ثمن الكلب وكسب البغي ولعن
المصورين "
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان عن ابن مسعود قال " آكل الربا
وموكله و شاهده وكاتباه إذا علموا والواشمة والمستوشمة للحسن ولاوي الصدقة والمرتد
أعرابيا بعد الهجرة ملعونون على لسان محمد صلى الله عليه و سلم يوم القيامة "
(2/109)
وأخرج
الحاكم وصححه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " أربع حق على
الله أن لا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيمها
مدمن الخمر وآكل الربا وآكل مال اليتيم بغير حق و العاق لوالديه "
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن سلام عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" لدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله من ثلاثة وثلاثين زنية يزنيها في
الإسلام "
وأخرج أحمد والطبراني عن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد من ست وثلاثين زنية
"
وأخرج الطبراني في الأوسط عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " الربا اثنان و سبعون بابا أدناها مثل أن يأتي الرجل أمه وأن ؟ أربى
الربا استطالة الرجل في عرض عرض الرجل "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم
أن تشتري الثمرة حتى تطعم و قال : إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم
عذاب الله "
وأخرج أبو يعلى عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ما ظهر في
قوم الزنا والربا إلا أحلوا بأنفسهم عقاب الله "
وأخرج أحمد عن عمرو بن العاص " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ما
من قوم يظهر فيهم الربا إلا أخذوا بالسنة وما من قوم يظهر فيهم الرشا إلا أخذوا
بالرعب "
واخرج الطبراني عن القاسم بن عبد الواحد الوراق قال : رأيت عبد الله بن أبي أوفى
في السوق فقال : يا معشر الصيارفة أبشروا قالوا : بشرك الله بالجنة بم تبشرنا ؟
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم للصيارفة : " أبشروا بالنار "
وأخرج أبو داود وابن ماجة والبيهقي في سننه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " ليأتين على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا فمن لم
يأكله أصابه من غباره "
وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي
والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن مالك بن أوس بن الحدثان قال : صرفت من طلحة بن
عبيد الله ورقا بذهب فقال : انظرني حتى يأتينا خازننا من الغابة فسمعها عمر بن
الخطاب فقال : لا والله لا تفارقه حتى تستوفي منه صرفك فإني
(2/110)
سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " الذهب بالورق ربا إلا هاء وهاء البر
بالبر ربا إلا هاء وهاء والشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء والتمر ربا إلا هاء وهاء
"
واخرج عبد بن حميد ومسلم والنسائي والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " الذهب بالذهب مثل بمثل يد بيد والفضة بالفضة مثل
بمثل يد بيد والتمر بالتمر مثل بمثل يد بيد والبر بالبر مثل بمثل يد بيد والشعير
بالشعير مثل بمثل يد بيد والملح بالملح مثل بمثل يد بيد من زاد أو استزاد فقد أربى
الآخذ والمعطي سواء "
وأخرج مالك والشافعي والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي والبيهقي عن أبي سعيد
الخدري " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا
مثلا بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا
تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا غائبا بناجز "
وأخرج الشافعي ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن عبادة بن الصامت
" أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق
بالورق ولا البر بالبر ولا الشعير بالشعير ولا التمر بالتمر ولا الملح بالملح إلا
سواء بسواء عينا بعين يدا بيد ولكن بيعوا الذهب بالورق والورق بالذهب والبر
بالشعير والشعير بالبر والتمر بالملح والملح بالتمر يدا بيد كيف شئتم من زاد أو
ازداد فقد أربى "
واخرج مالك ومسلم والبيهقي عن عثمان بن عفان " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين "
وأخرج مالك ومسلم والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " الدينار بالدينار لا فضل بينهما والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما
"
وأخرج مسلم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم وزن بوزن لا فضل بينهما ولا يباع عاجل
بآجل "
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي والبيهقي عن أبي المنهال قال : سألت البراء بن عازب
وزيد بن أرقم عن الصرف فقالا : كنا تاجرين على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم
فسألنا رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الصرف فقال : " ما كان منه يدا بيد
فلا بأس وما كان منه نسيئة فلا "
(2/111)
وأخرج
مالك والشافعي وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن سعد بن
وقاص " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن اشتراء الرطب بالتمر فقال :
أينقص الرطب إذا يبس ؟ قالوا : نعم فنهى عن ذلك "
واخرج البزار عن أبي بكر الصديق " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلا بمثل الزائد والمستزيد في النار "
وأخرج البزار عن أبي بكرة " أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن الصرف قبل
موته بشهرين "
آية 280
سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله وإن كان
ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة قال : نزلت في الربا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس وإن كان ذو عسرة فنظرة
قال : انما أمر في الربا أن ينظر المعسر وليست النظرة في الأمانة ولكن تؤدى
الأمانة إلى أهلها
وأخرج ابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة هذا
في شأن الربا وأن تصدقوا بها للمعسر فتتركوها له
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والنحاس في ناسخه وابن جرير عن ابن
سيرين أن رجلين اختصما إلى شريح في حق فقضى عليه شريح وأمر بحبسه فقال رجل عنده :
إنه معسر والله تعالى يقول وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة قال : إنما ذلك في
الربا إن الربا كان في هذا الحي من الأنصار فأنزل الله وإن كان ذوعسرة فنظرة إلى
ميسرة وقال إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها النساء الآية 58
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس وإن كان ذو عسرة يعني
المطلوب
(2/112)
وأخرج
ابن جرير عن السدي وإن كان ذو عسرة فنظرة برأس المال إلى ميسرة يقول : إلى غنى وأن
تصدقوا برؤوس أموالكم على الفقير فهو خير لكم فتصدق به العباس
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك في الآية قال : من كان ذا عسرة فنظرة إلى
ميسرة وكذلك كل دين على المسلم فلا يحل لمسلم له دين على أخيه يعلم منه عسرة أن
يسجنه ولا يطلبه حتى ييسره الله عليه وأن تصدقوا برؤوس أموالكم يعني على المعسر
خير لكم من نظرة إلى ميسرة فاختار الله الصدقة على النظارة
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير وأن تصدقوا خير لكم يعني من تصدق بدين له على
معدم فهو أعظم لأجره ومن لم يتصدق عليه لم يأثم ومن حبس معسرا في السجن فهو آثم
لقوله فنظرة إلى ميسرة ومن كان عنده ما يستطيع أن يؤدي عن دينه فلم يفعل كتب ظالما
وأخرج أحمد وعبد بن حميد في مسنده ومسلم وابن ماجة عن أبي اليسر " أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا
ظل إلا ظله "
واخرج أحمد والبخاري ومسلم عن حذيفة أن رجلا أتى به الله عز و جل فقال : ماذا عملت
في الدنيا ؟ فقال له الرجل : ما عملت مثقال ذرة من خير
فقال له ثلاثا وقال في الثالثة إني كنت أعطيتني فضلا من المال في الدنيا فكنت
أبايع الناس فكنت أيسرعلى الموسر وأنظر المعسر
فقال تبارك وتعالى أنا أولى بذلك منك تجاوزا عن عبدي فغفر له
وأخرج أحمد عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من
كان له على رجل حق فأخره كان له بكل يوم صدقة "
وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا في كتاب اصطناع المعروف عن ابن عمر قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " من أراد أن تستجاب دعوته وأن تكشف كربته فليفرج
عن معسر "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من
أنظر معسرا إلى ميسرته أنظره الله بذنبه إلى توبته "
(2/113)
وأخرج
أحمد وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن بريدة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " من أنظر معسرا كان له بكل يوم مثله صدقة قال : ثم
سمعته يقول : من أنظر معسرا فله بكل يوم مثليه صدقة
فقلت : يا رسول الله إني سمعتك تقول : فله بكل يوم مثله صدقة
وقلت الآن : فله بكل يوم مثليه صدقة
فقال : إنه ما لم يحل الدين فله بكل يوم مثله صدقة وإذا حل الدين فأنظره فله بكل
يوم مثليه صدقة "
وأخرج أبو الشيخ في الثواب وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الشعب والطستي في
الترغيب وابن لال في مكارم الأخلاق عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " من أحب أن يسمع الله دعوته ويفرج كربته في الآخرة فلينظر
معسرا أو ليدع له ومن سره أن يظله الله من فور جهنم يوم القيامة ويجعله في ظله فلا
يكونن على المؤمنين غليظا وليكن بهم رحيما "
وأخرج مسلم عن أبي قتادة " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : من سره
أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه "
وأخرج أحمد والدرامي والبيهقي في الشعب عن أبي قتادة " سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : من نفس عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة
"
وأخرج الترمذي وصححه والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " من أنظر معسرا أو وضع له أظله الله يوم القيامة تحت ظل عرشه يوم لا ظل
إلا ظله "
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند عن عثمان بن عفان " سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : أظل الله عبدا في ظله يوم لا ظل إلا ظله من أنظر معسرا
أو ترك لغارم "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن شداد بن أوس " سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : من أنظر معسرا أو تصدق عليه أظله الله في ظله يوم القيامة "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي قتادة وجابر بن عبد الله
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال " من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة
وأن يظله تحت عرشه فلينظر معسرا "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
من أنظر معسرا أظله الله في ظله يوم القيامة "
(2/114)
وأخرج
الطبراني في الأوسط عن كعب بن عجرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من أنظر معسرا أو يسر عليه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله "
وأخرج الطبراني في الكبير عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم القيامة "
وأخرج الطبراني عن أسعد بن زرارة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
من سره أن يظله الله يوم لا ظل إلا ظله فلييسر على معسر أو ليضع عنه "
وأخرج الطبراني عن أبي اليسر " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن
أول الناس يستظل في ظل الله يوم القيامة لرجل أنظر معسرا حتى يجد شيئا أو تصدق
عليه بما يطلبه يقول : ما لي عليك صدقة ابتغاء وجه الله ويخرق صحيفته "
وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا في كتاب اصطناع المعروف عن ابن عباس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " من أنظر معسرا أو وضع له وقاه الله من فيح جهنم
"
وأخرج عبد الرزاق ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال " من نفس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفس الله
عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر في الدنيا يسر الله عليه في الدنيا
والآخرة ومن ستر على مسلم في الدنيا ستر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون
العبد ما كان العبد في عون أخيه "
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : إن رجلا لم يعمل خيرا قط وكان يداين الناس وكان يقول لفتاه : إذا أتيت
معسرا فتجاوز عنه لعل الله يتجاوز عنا فلقي الله فتجاوز عنه "
وأخرج مسلم والترمذي عن أبي مسعود البدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء إلا أنه كان يخالط الناس
وكان موسرا وكان يأمر غلمانه أن يتجاوزوا عن المعسر قال الله : نحن أحق بذلك
تجاوزا عنه "
آية 281
(2/115)
أبو
عبيد وعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف
والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن عباس قال : آخر آية نزلت
من القرآن على النبي صلى الله عليه و سلم واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله وأخرج
ابن أبي شيبة عن السدي وعطية العوفي
مثله
وأخرج ابن الأنباري عن أبي صالح وسعيد بن جبير
مثله
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في الدلائل من طريق الكلبي عن
أبي صالح عن ابن عباس قال : آخر آية نزلت واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله نزلت
بمنى وكان بين نزولها وبين موت النبي صلى الله عليه و سلم أحد وثمانون يوما
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : آخر ما نزل من القرآن كله واتقوا يوما
ترجعون فيه إلى الله
الآية
عاش النبي صلى الله عليه و سلم بعد نزول هذه الآية تسع ليال ثم مات يوم الإثنين
لليلتين خلتا من ربيع الأول
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ثم توفى كل نفس ما كسبت يعني ما عملت
من خير أو شر وهم لا يظلمون يعني من أعمالهم لا ينقص من حسناتهم ولا يزاد على
سيئاتهم
آية 282
(2/116)
ابن
جرير بسند صحيح عن سعيد بن المسيب : أنه بلغه أن أحدث القرآن بالعرش آية الدين
وأخرج أبو عبيد في فضائله عن ابن شهاب قال : آخر القرآن عهدا بالعرش آية الربا
وآية الدين
وأخرج الطيالسي وأبو يعلى وابن سعد وأحمد وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ في
العظمة والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : لما نزلت آية الدين قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " إن أول من جحد آدم أن الله لما خلق آدم مسح ظهره فأخرج منه
ما هو ذار إلى يوم القيامة فجعل يعرض ذريته عليه فرأى فيهم رجلا يزهر قال : أي رب
من هذا ؟ قال : هذا ابنك داود
قال : أي رب كم عمره ؟ قال : ستون عاما قال : رب زد في عمره
فقال : لا إلا أن أزيده من عمرك
وكان عمر آدم ألف سنة فزاده أربعين عاما فكتب عليه بذلك كتابا وأشهد عليه الملائكة
فلما احتضر آدم وأتته الملائكة لتقبضه قال : إنه قد بقي من عمري أربعون عاما
فقيل له : إنك قد وهبتها لابنك داود
قال : ما فعلت
فأبرز الله عليه الكتاب وأشهد عليه الملائكة فكمل الله لآدم ألف سنة وأكمل لداود
مائة عام "
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والطبراني والحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال : أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى
أن الله أجله وأذن فيه ثم قرأ يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله يا أيها
الذين آمنوا إذا تداينتم بدين قال : نزلت في السلم في الحنطة في كيل معلوم إلى أجل
معلوم
(2/117)
وأخرج
البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن ابن عباس قال :
قدم النبي صلى الله عليه و سلم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنتين والثلاث فقال
" من أسلف فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم "
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : لا سلف إلى العطاء ولا إلى الحصاد ولا إلى الأندر
الأندر هو البيدر كما في النهاية ولا إلى العصير واضرب له أجلا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : أمر
بالشهادة عند المداينة لكيلا يدخل في ذلك جحود ولا نسيان فمن لم يشهد على ذلك فقد
عصى ولا يأب الشهداء يعني من احتيج إليه من المسلمين يشهد على شهادة أو كانت عنده
شهادة فلا يحل له أن يأبى إذا ما دعي ثم قال بعد هذا ولا يضار كاتب ولا شهيد
والضرار أن يقول الرجل للرجل وهو عنه غني : إن الله قد أمرك أن لا تأبى إذا دعيت
فيضاره بذلك وهو مكتف بغيره فنهاه الله عن ذلك وقال وإن تفعلوا فإنه فسوق يعني
معصية
قال : ومن الكبائر كتمان الشهادة
قال : لأن الله تعالى يقول ومن يكتمها فإنه آثم قلبه البقرة الآية 283
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله كاتب بالعدل قال : يعدل بينهما في
كتابه لا يزاد على المطلوب ولا ينقص من حق الطالب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ولا يأب
كاتب قال : واجب على الكاتب أن يكتب
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي ولا يأب كاتب قال : إن كان
فارغا
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل ولا يأب كاتب قال : ذلك أن الكتاب في ذلك الزمان
كانوا قليلا
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال ولا يأب كاتب قال : كانت الكتاب يومئذ قليلا
وأخرج ابن جرير عن الضحاك ولا يأب كاتب قال : كانت عزيمة فنسختها ولا يضار كاتب
ولا شهيد
(2/118)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الضحاك كما علمه الله قال : كما أمره الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير كما علمه الله قال : كما علمه الكتابة وترك
غيره وليملل الذي عليه الحق يعني المطلوب
يقول : ليمل ما عليه من الحق على الكاتب ولا يبخس منه شيئا يقول : لا ينقص من حق
الطالب شيئا فإن كان الذي عليه الحق يعني المطلوب سفيها أو ضعيفا يعني عاجزا أو
أخرس أو رجلا به حمق أو لا يستطيع يعني لا يحسن أن يمل هو قال : أن يمل ما عليه
فليملل وليه ولي الحق حقه بالعدل يعني الطالب ولا يزداد شيئا واستشهدوا يعني على
حقكم شهيدين من رجالكم يعني المسلمين الأحرار فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان
أن تضل إحداهما يقول : أن تنسى إحدى المرأتين الشهادة فتذكر إحداهما الأخرى يعني
تذكرها التي حفظت شهادتها ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا قال : الذي معه الشهادة ولا
تسأموا يقول : لا تملوا أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا يعني أن تكتبوا صغير الحق وكبيره
قليله وكثيره إلى أجله لأن الكتاب أحصى للأجل والمال ذلكم يعني الكتاب أقسط عند
الله يعني أعدل وأقوم يعني أصوب للشهادة وأدنى يقول : وأجدر أن لا ترتابوا أن لا
تشكوا في الحق والأجل والشهادة إذا كان مكتوبا ثم استثنى فقال إلا أن تكون تجارة
حاضرة يعني يدا بيد تديرونها بينكم يعني ليس فيها أجل فليس عليكم جناح يعني حرج أن
لا تكتبوها يعني التجارة الحاضرة وأشهدوا إذا تبايعتم يعني اشهدوا على حقكم إذا
كان فيه أجل أو لم يكن فاشهدوا على حقكم على كل حال وإن تفعلوا يعني أن تضاروا
الكاتب أو الشاهد وما نهيتم عنه فإنه فسوق بكم ثم خوفهم فقال واتقوا الله ولا
تعصوه فيها والله بكل شيء عليم يعني من أعمالكم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد فإن كان الذي عليه الحق سفيها قال : هو الجاهل
بالإملاء أو ضعيفا قال : هو الأحمق
وأخرج ابن جرير عن السدي والضحاك في قوله سفيها قالا : هو الصبي الصغير
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس فليملل وليه قال : صاحب الدين
(2/119)
وأخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن فليملل وليه قال : ولي اليتيم
وأخرج ابن جرير عن الضحاك فليملل وليه قال : ولي السفيه أو الضعيف
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر من طريق مجاهد عن ابن عمر في قوله واستشهدوا شهيدين
قال : كان إذا باع بالنقد أشهد ولم يكتب قال مجاهد : وإذا باع بالنسيئة كتب وأشهد
وأخرج سفيان وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والبيهقي عن مجاهد في قوله واستشهدوا شهيدين من رجالكم قال : من الأحرار
وأخرج سعيد بن منصور عنه داود بن أبي هند قال : سألت مجاهدا عن الظهار من الأمة
فقال : ليس بشيء
قلت : أليس يقول الله الذين يظاهرون من نسائهم المجادلة الآية 3 أفلسن من النساء ؟
فقال : والله تعالى يقول واستشهدوا شهيدين من رجالكم أفتجوز شهادة العبيد ؟
وأخرج ابن المنذر عن الزهري أنه سئل عن شهادة النساء فقال : تجوز فيما ذكر الله من
الدين ولا تجوز في غير ذلك
وأخرج ابن المنذر عن مكحول قال : لا تجوز شهادة النساء إلا في الدين
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك قال : لا تجوز شهادة أربع
نسوة مكان رجلين في الحقوق ولا تجوز شهادتهن إلا معهن رجل ولا تجوز شهادة رجل
وامرأة لأن الله يقول فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان
وأخرج ابن المنذر عن ابن عمر قال : لا تجوز شهادة النساء وحدهن إلا على ما لا يطلع
عليه إلا هن من عورات النساء وما أشبه ذلك من حملهن وحيضهن
وأخرج مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " ما رأيت من
ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن ! قالت امرأة : يا رسول الله ما نقصان العقل
والدين ؟ قال : أما نقصان عقلها فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل
وتمكث الليالي ولا تصلي وتفطر رمضان فهذا نقصان الدين "
(2/120)
وأخرج
ابن جرير عن الربيع في قوله فمن ترضون من الشهداء قال : عدول
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن أبي
مليكة قال : كتبت إلى ابن عباس أسأله عن الشهادة الصبيان ؟ فكتب إلي : إن الله
يقول ممن ترضون من الشهداء فليسوا ممن نرضى لا تجوز
وأخرج الشافعي والبيهقي عن مجاهد في قوله ممن ترضون من الشهداء قال : عدلان حران
مسلمان
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه كان يقرؤها فتذكر إحداهما الأخرى مثقلة
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد
أنه كان يقرؤها فتذكر إحداهما الأخرى مخففة
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءة ابن مسعود أن تضل احداهما
فتذكرها الأخرى
وأخرج البيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا يقول : من
احتيج إليه من المسلمين قد شهد على شهادة أو كانت عنده شهادة فلا يحل له أن يأبى
إذا ما دعي ثم قال بعد هذا ولا يضار كاتب ولا شهيد والإضرار أن يقول الرجل للرجل
وهو عنه غني : إن الله قد أمرك أن لا تأبى إذا ما دعيت فيضاره بذلك وهو مكتف بذلك
فنهاه الله وقال وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم يعني بالفسوق المعصية
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله ولا يأب الشهداء إذا ما
دعوا قال : إذا كانت عندهم شهادة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع قال : كان الرجل يطوف في القوم الكثير
يدعوهم ليشهدوا فلا يتبعه أحد منهم فأنزل الله ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا قال :
كان الرجل يطوف في الحي العظيم فيه القوم فيدعوهم إلى الشهادة فلا يتبعه أحد منهم
فأنزل الله هذه الآية
وأخرج سفيان وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ولا يأب الشهداء
(2/121)
إذا
ما دعوا قال : إذا كانت عندك شهادة فأقمها فأما إذا دعيت لتشهد فإن شئت فاذهب وإن
شئت فلا تذهب
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير ولا يأب الشهداء قال : وهو الذي عنده الشهادة
وأخرج ابن جرير عن الحسن في الآية قال : جمعت أمرين
لا تأب إذا كانت عندك شهادة أن تشهد ولا تأب إذا دعيت إلى شهادة
وأخرج ابن المنذر عن عائشة في قوله أقسط عند الله قالت : أعدل
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن الحسن في قوله وأشهدوا إذا تبايعتم قال
: نسختها فإن أمن بعضكم بعضا البقرة الآية 283
وأخرج ابن المنذر عن جابر بن زيد
أنه اشترى سوطا فأشهد وقال : قال الله وأشهدوا إذا تبايعتم
وأخرج النحاس في ناسخه عن إبراهيم في الآية قال : أشهد إذ بعت وإذا اشتريت ولو
دستجة بقل
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك وأشهدوا إذا تبايعتم قال : أشهدوا ولو دستجة من بقل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن
عباس في قوله ولا يضار كاتب ولا شهيد قال : يأتي الرجل الرجلين فيدعوهما إلى
الكتاب والشهادة فيقولان : إنا على حاجة
فيقول : إنكما قد أمرتما أن تجيبا فليس له أن يضارهما
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ولا يضار كاتب ولا شهيد يقول : إنه يكون للكاتب
والشاهد حاجة ليس منها بد فيقول : خلوا سبيله
وأخرج سفيان وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي
عن عكرمة قال : كان عمر بن الخطاب يقرؤها ولا يضارر ؟ كاتب ولا شهيد يعني بالبناء
للمفعول
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود أنه كان يقرأ و لا يضارر
(2/122)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد أنه كان يقرأ ولا يضارر كاتب ولا شهيد
وأنه كان يقول في تأويلها : ينطلق الذي له الحق فيدعو كاتبه وشاهده إلى أن يشهد
ولعله يكون في شغل أو حاجة
وأخرج ابن جرير عن طاوس ولا يضار كاتب فيكتب ما لم يمل عليه ولا شهيد فيشهد ما لم
يستشهد
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن الحسن ولا يضار كاتب فيزيد شيئا أو يحرف ولا شهيد لا
يكتم الشهادة ولا يشهد إلا بحق
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : لما نزلت هذه الآية ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه
الله كان أحدهم يجيء إلى الكاتب فيقول : اكتب لي
فيقول : إني مشغول أو لي حاجة فانطلق إلى غيري فيلزمه ويقول : إنك قد أمرت أن تكتب
لي فلا يدعه ويضاره بذلك وهو يجد غيره فأنزل الله ولا يضار كاتب ولا شهيد
وأخرج ابن جرير عن الضحاك وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم ويقول : إن تفعلوا غير الذي
أمركم به واتقوا الله ويعلمكم الله قال : هذا تعليم علمكموه فخذوا به
وأخرج أبو يعقوب البغدادي في كتاب رواية الكبار عن الصغار عن سفيان قال : من عمل
بما يعلم وفق لما لا يعلم
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم "
وأخرج الترمذي عن يزيد بن سلمة الجعفي أنه قال " يا رسول الله إني سمعت منك
حديثا كثيرا أخاف أن ينسيني أوله آخره فحدثني بكلمة تكون جماعا قال : اتق الله
فيما تعلم "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
من معادن التقوى تعلمك إلى ما علمت ما لم تعلم والنقص والتقصير فيما علمت قلة
الزيادة فيه وإنما يزهد الرجل في علم ما لم يعلم قلة الانتفاع بما قد علم "
وأخرج الدرامي عن عبد الله بن عمر
أن عمر بن الخطاب قال لعبد الله بن سلام : من أرباب العلم ؟ قال : الذين يعملون
بما يعلمون
قال : فما ينفي العلم من صدور الرجال ؟ قال : الطمع
(2/123)
وأخرج
البيهقي في الشعب عن جابر بن عبد الله قال : تعلموا الصمت ثم تعلموا الحلم ثم
تعلموا العلم ثم تعلموا العمل به ثم انشروا
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن زياد بن جدير قال : ما فقه قوم لم يبلغوا
التقى
وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن قال : يقول الله عز و جل " إذا علمت أن الغالب
على عبدي التمسك بطاعتي مننت عليه بالاشتغال بي والانقطاع إلي "
واخرج أبو الشيخ من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " العلم حياة الإسلام وعماد الإيمان ومن علم علما أنمى الله
له أجره إلى يوم القيامة ومن تعلم علما فعمل به فإن حقا على الله أن يعلمه ما لم
يكن يعلم "
وأخرج هناد عن الضحاك قال : ثلاثة لا يسمع الله تعالى لهم دعاء
رجل معه امرأة زناء كلما قضى شهوته منها قال : رب اغفر لي
فيقول الرب تبارك وتعالى : تحول عنها وأنا أغفر لك وإلا فلا ورجل باع بيعا إلى أجل
مسمى ولم يشهد ولم يكتب فكافره الرجل بما له فيقول : يا رب كافرني فلان بمالي
فيقول الرب لا آجرك ولا أجيبك إني أمرتك بالكتاب والشهود فعصيتني ورجل يأكل مال
قوم وهو ينظر إليهم ويقول : يا رب اغفر لي ما آكل من مالهم فيقول الرب تعالى : رد
الهم مالهم وإلا فلا
الآية 283
أخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
وابن الأنباري في المصاحف من طرق عن ابن عباس أنه قرأ ولم تجدوا كتابا وقال : قد
يوجد الكاتب ولا يوجد القلم ولا الدواة ولا الصحيفة والكتاب يجمع ذلك كله قال :
وكذلك كانت قراءة أبي
(2/124)
وأخرج
عبد بن حميد عن أبي العالية أنه كان يقرأ فإن لم تجدوا كتابا قال : يوجد الكاتب
ولا توجد الدواة ولا الصحيفة
وأخرج ابن الأنباري عن الضحاك
مثله
وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن الأنباري عن عكرمة أنه قرأها فإن لم تجدوا كتابا
وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن الأنباري عن مجاهد أنه قرأها فإن لم تجدوا كتابا
قال : مدادا
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس أنه كان يقرؤها فإن لم تجدوا كتابا وقال : الكتاب
كثير لم يكن حواء من العرب إلا كان فيهم كاتب ولكن كانوا لا يقدرون على القرطاس
والقلم والدواة
وأخرج ابن الأنباري عن ابن عباس أنه كان يقرأ ولم تجدوا كتابا بضم الكاف وتشديد
التاء
وأخرج الحاكم وصححه عن زيد بن ثابت قال : أقرأني رسول الله صلى الله عليه و سلم
فرهن مقبوضة بغير ألف
وأخرج سعيد بن منصور عن حميد الأعرج وإبراهيم أنهما قرآ فرهن مقبوضة
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن وأبي الرجاء أنهما قرآ فرهان مقبوضة
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله وإن كنتم على سفر
الآية
قال : من كان على سفر فبايع بيعا إلى أجل فلم يجد كاتبا فرخص له في الرهان
المقبوضة وليس له إن وجد كاتبا أن يرتهن
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وإن كنتم على سفر ولم تجدوا
كاتبا فرهان مقبوضة قال : لا يكون الرهان إلا في السفر
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن عائشة قالت " اشترى رسول
الله صلى الله عليه و سلم طعاما من يهودي بنسيئة ورهنه درعا له من حديد "
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا
يعني لم تقدروا على كتابة الدين في السفر فرهان مقبوضة يقول : فليرتهن
(2/125)
الذي
له الحق من المطلوب فإن أمن بعضكم بعضا يقول : فإن كان الذي عليه الحق أمينا عند
صاحب الحق فلم يرتهن لثقته وحسن ظنه فليؤد الذي ائتمن أمانته يقول : ليؤد الحق
الذي عليه إلى صاحبه وخوف الله الذي عليه الحق فقال وليتق الله ربه ولا تكتموا
الشهادة يعني عند الحكام يقول : من أشهد على حق فليقمها على وجهها كيف كانت ومن
يكتمها يعني الشهادة ولا يشهد بها إذا دعي لها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم
يعني من كتمان الشهادة وإقامتها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : لا يكون الرهن
إلا مقبوضا يقبضه الذي له المال ثم قرأ فرهان مقبوضة
وأخرج البخاري في التاريخ الكبير وأبو داود والنحاس معا في الناسخ وابن ماجة وابن
جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في سننه بسند جيد عن
أبي سعيد الخدري
أنه قرأ هذه الآية يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين حتى إذا بلغ فإن أمن
بعضكم بعضا قال : هذه نسخت ما قبلها
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي عن الشعبي قال : لا بأس إذا أمنته أن لا
تكتب ولا تشهد لقوله فإن أمن بعضكم بعضا
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع ولا تكتموا الشهادة قال : لا يحل لأحد أن يكتم شهادة
هي عنده وإن كانت على نفسه أو الوالدين أو الأقربين
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله آثم قلبه قال : فاجر قلبه
آية 284
أخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن
عباس في قوله وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله قال : نزلت في
الشهادة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق مقسم عن ابن عباس في قوله وإن تبدوا ما في
أنفسكم أو تخفوه
الآية
قال : نزلت في كتمان الشهادة وإقامتها
(2/126)
وأخرج
أحمد ومسلم وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة
قال " لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم لله ما في السموات وما في
الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من
يشاء والله على كل شيء قدير اشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم
فأتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم جثوا على الركب فقالوا : يا رسول الله
كلفنا من الأعمال ما نطيق الصلاة والصيام والجهاد والصدقة وقد أنزل عليك هذه الآية
ولا نطيقها ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أتريدون أن تقولوا كما قال أهل
الكتابين من قبلكم سمعنا وعصينا ؟ بل قولوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير
البقرة الآية 285 فلما اقترأها القوم وذلت بها ألسنتهم أنزل الله في أثرها آمن
الرسول
البقرة الآية 285 الآية
فلما فعلوا ذلك نسخها الله فأنزل الله لا يكلف الله نفسا إلا وسعها البقرة الآية
286 إلى آخرها "
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر والحاكم والبيهقي في
الأسماء والصفات عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية إن تبدوا ما في أنفسكم أو
تخفوه يحاسبكم به الله دخل في قلوبهم منه شيء لم يدخل من شيء فقالوا للنبي صلى
الله عليه و سلم ؟ ؟ ؟ يوجد خطأ ؟ ؟ فقال : قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا
فألقى الله الإيمان في قلوبهم فأنزل الله آمن الرسول
البقرة الآية 285 الآية لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت
ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا البقرة الآية 286 قال : قد فعلت ربنا ولا تحمل
علينا إصرا كما حملته على الذين من قبلنا قال : قد فعلت ربنا ولا تحملنا ما لا
طاقة لنا به قال : قد فعلت واعف عنا واغفر لنا وارحمنا
الآية قال : قد فعلت
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال : دخلت على ابن عباس
فقلت : كنت عند ابن عمر فقرأ هذه الآية فبكى
قال : أية آية ؟ قلت إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه قال ابن عباس : إن هذه الآية
حين أنزلت غمت أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم غما شديدا وغاظتهم غيظا شديدا
وقالوا : يا رسول
(2/127)
الله
هلكنا إن كنا نؤاخذ بما تكلمنا وبما نعمل فأما قلوبنا فليست بأيدينا ؟ فقال لهم
رسول الله صلى الله عليه و سلم " قولوا سمعنا وأطعنا
قال : فنسختها هذه الآية آمن الرسول البقرة الآية 385 إلى وعليها ما اكتسبت فتجوز
لهم عن حديث النفس وأخذوا بالأعمال "
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير والطبراني والبيهقي في الشعب عن
سعيد بن مرجانة
أنه بينما هو جالس مع عبد الله بن عمر تلا هذه الآية وإن تبدوا ما في أنفسكم أو
تخفوه
الآية
فقال : والله لئن آخذنا الله بهذا لنهلكن ثم بكى حتى سمع نشيجه قال ابن مرجانة :
فقمت حتى أتيت ابن عباس فذكرت له ما قال ابن عمر وما فعل حين تلاها
فقال ابن عباس : يغفر الله لأبي عبد الرحمن لعمري لقد وجد المسلمون منها حين أنزلت
مثل ما وجد عبد الله بن عمر فأنزل الله بعدها لا يكلف الله نفسا إلا وسعها البقرة
الآية 286 إلى آخر السورة قال ابن عباس : فكانت هذه الوسوسة مما لا طاقة للمسلمين
بها وصار الأمر إلى أن قضى الله أن للنفس ما كسبت وعليها ما اكتسبت من القول
والعمل
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير والنحاس في ناسخه والحاكم وصححه عن سالم أن أباه قرأ
وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فدمعت عيناه فبلغ صنيعه ابن عباس
فقال : يرحم الله أبا عبد الرحمن لقد صنع أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم حين
أنزلت فنسختها الآية التي بعدها لا يكلف الله نفسا إلا وسعها
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد عن نافع قال : لقلما أتى ابن عمر
على هذه الآية إلا بكى وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه إلى آخر الآية
ويقول : إن هذا لاحصاء شديد
وأخرج البخاري والبيهقي في الشعب عن مروان الأصغر عن رجل من أصحاب النبي صلى الله
عليه و سلم أحسبه ابن عمر وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه قال : نسختها الآية
التي بعدها
وأخرج عبد بن حميد والترمذي عن علي قال : لما نزلت هذه الآية وإن تبدوا ما في
أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله
الآية
أحزنتنا قلنا : أيحدث أحدنا
(2/128)
نفسه
فيحاسب به لا ندري ما يغفر منه ولا ما لا يغفر منه ؟ ! فنزلت هذه الآية بعدها
فنسختها لا يكلف الله نفسا إلا سعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت
واخرج سعيد بن منصور وابن جرير والطبراني عن ابن مسعود في الآية قال : كانت
المحاسبة قبل أن تنزل لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت فلما نزلت نسخت الآية التي
كانت قبلها
وأخرج ابن جرير من طريق قتادة عن عائشة أم المؤمنين في الآية قال : نسختها لها ما
كسبت وعليها ما اكتسبت
وأخرج سفيان وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبوداود والترمذي والنسائي وابن ماجة
وابن المنذر عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن الله
تجاوز لي عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم وتعمل به "
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي قال " ما بعث
الله من نبي ولا أرسل من رسول أنزل عليهم الكتاب إلا أنزل عليه هذه الآية وإن تبدو
ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء والله على كل
شيء قدير فكانت الأمم تأبى على أنبيائها ورسلها ويقولون : نؤاخذ بما نحدث به
أنفسنا ولم تعمله جوارحنا ؟ ! فيكفرون ويضلون فلما نزلت على النبي صلى الله عليه و
سلم اشتد على المسلمين ما اشتد على الأمم قبلهم فقالوا : يا رسول الله أنؤاخذ بما
نحدث به أنفسنا ولم تعمله جوارحنا ؟ قال : نعم فاسمعوا وأطيعوا واطلبوا إلى ربكم
فذلك قوله آمن الرسول البقرة الآية285 الآية
فوضع الله عنهم حديث النفس إلا ما عملت الجوارح لها ما كسبت من خير وعليها ما
اكتسبت من شر ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا البقرة الآية 286 قال : فوضع
عنهم الخطأ والنسيان ربنا ولا تحمل علينا اصرا
الآية
قال : فلم يكلفوا ما لم يطيقوا ولم يحمل عليهم الاصر الذي جعل على الأمم قبلهم
وعفا عنهم وغفر لهم ونصرهم "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله وإن
تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه فذلك سرائرك وعلانيتك يحاسبكم به الله فإنها لم تنسخ
ولكن الله إذا جمع الخلائق يوم القيامة يقول : إني أخبركم بما
(2/129)
أخفيتم
في أنفسكم مما لم تطلع عليه ملائكتي فأما المؤمنون فيخبرهم ويغفر لهم ما حدثوا به
أنفسهم وهو قوله يحاسبكم به الله يقول : يخبركم وأما أهل الشك والريب فيخبرهم بما
أخفوا من التكذيب وهو قوله ولكن يؤاخذكم بما كسبت قلوبكم البقرة الآية 225
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والنحاس عن مجاهد في قوله وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه قال : من اليقين والشك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس وإن تبدو ما في أنفسكم أو تخفوه فذلك سر
عملك وعلانيته يحاسبكم به الله فما من عبد مؤمن يسر في نفسه خيرا ليعمل به فإن عمل
به كتبت له عشر حسنات وإن هو لم يقدر له أن يعمل كتب له به حسنة من أجل أنه مؤمن
والله رضي سر المؤمنين وعلانيتهم وإن كان سوءا حدث به نفسه اطلع الله عليه أخبره
الله به يوم تبلى السرائر فإن هو لم يعمل به لم يؤاخذه الله به حتى يعمل به فإن هو
عمل به تجاوز الله عنه كما قال أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن
سيئاتهم الأحقاف الآية 16
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم
به الله نسخت فقال لا يكلف الله نفسا إلا وسعها البقرة الآية 286
وأخرج الطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله وإن تبدوا ما في أنفسكم أو
تخفوه يحاسبكم به الله قال : لما نزلت اشتد ذلك على المسلمين وشق عليهم فنسخها
الله فأنزل الله لا يكلف الله نفسا إلا وسعها البقرة الآية 286
وأخرج الطبراني في مسند الشاميين عن ابن عباس قال : لما نزلت وإن تبدوا ما في
أنفسكم أو تخفوه
الآية أتى أبو بكر وعمر ومعاذ بن جبل وسعد بن زرارة رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقالوا : ما نزل علينا آية أشد من هذه
وأخرج ابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس في الآية قال : إن الله يقول
(2/130)
يوم
القيامة : إن كتابي لم يكتبوا من أعمالكم إلا ما ظهر منها فأما ما أسررتم في
أنفسكم فأنا أحاسبكم به اليوم فأغفر لمن شئت وأعذب من شئت
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في الآية قال : هي محكمة لم ينسخها
شيء يعرفه الله يوم القيامة أنك أخفيت في صدرك كذا وكذا ولا يؤاخذه
وأخرج الطيالسي وأحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والبيهقي في الشعب عن أمية أنها سألت عائشة عن قول الله تعالى وإن تبدوا ما في
أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله وعن قوله من يعمل سوءا يجز به النساء الآية 123
فقالت : ما سألني عنها أحد منذ سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : هذه معاتبة
الله العبد فيما يصيبه من الحمى والنكبة حتى البضاعة يضعها في يد قميصه فيفقدها
فيفزع لها ثم يجدها في ضبينه حتى أن العبد ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر
من الكير
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير من طريق الضحاك عن عائشة في قوله وإن تبدوا ما في
أنفسكم
الآية
قالت : هو الرجل يهم بالمعصية ولا يعملها فيرسل عليه من الغم والحزن بقدر ما كان
هم من المعصية فتلك محاسبته
وأخرج ابن جرير عن عائشة قالت : كل عبد هم بسوء ومعصية وحدث به نفسه حاسبه الله به
في الدنيا يخاف ويحزن ويشتد همه لا يناله من ذلك شيء كما هم بالسوء ولم يعمل منه
شيئا
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء بالرفع فيهما
وأخرج عن الأعمش : أنه قرأ بجزمهما
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش
أنه قال : في قراءة ابن مسعود يحاسبكم به الله يغفر لمن يشاء بغير فاء
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله فيغفر لمن يشاء
الآية
قال : يغفر لمن يشاء الكبير من الذنوب ويعذب من يشاء على الصغير
(2/131)
آية
285 - 286
أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن مجاهد قال " لما نزلت وإن تبدوا ما في
أنفسكم البقرة الآية 284 الآية
شق ذلك عليهم قالوا : يا رسول الله إنا لنحدث أنفسنا بشيء ما يسرنا أن يطلع عليه
أحد من الخلائق وإن لنا كذا وكذا
قال : أوقد لقيتم هذا ؟ ذلك صريح الإيمان فأنزل الله آمن الرسول بما أنزل إليه من
ربه
الآيتين "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الشعب من طريق يحيى بن أبي كثير عن أنس قال : لما
نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه و سلم آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه
قال النبي صلى الله عليه و سلم " وحق له أن يؤمن
قال : الذهبي منقطع بين يحيى وأنس "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : ذكر لنا أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم لما نزلت هذه الآية قال " وحق له أن يؤمن
قلت هذا شاهد لحديث أنس "
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن علي بن أبي طالب
أنه قرأ آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه وآمن المؤمنون
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس
أنه كان يقرأ كل آمن بالله وملائكته وكتابه
(2/132)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت هذه الآية قال المؤمنون : آمنا بالله
وملائكته وكتبه ورسله
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان لا نفرق بين أحد من رسله لا نكفر بما جاءت به
الرسل ولا نفرق بين أحد منهم ولا نكذب به وقالوا سمعنا للقرآن الذي جاء من الله
وأطعنا أقروا لله أن يطيعوه في أمره ونهيه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن يحيى بن عمير
أنه كان يقرأ لا يفرق بين أحد من رسله يقول : كل آمن وكل لا يفرق
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله غفرانك ربنا قال : قد غفرت
لكم وإليك المصير قال : إليك المرجع والمآب يوم يقوم الحساب
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم عن حكيم بن جابر قال : لما نزلت آمن
الرسول قال جبريل للنبي صلى الله عليه و سلم : إن الله قد أحسن الثناء عليك وعلى
أمتك فسل تعطه
فسأل لا يكلف الله نفسا إلا وسعها حتى ختم السورة بمسألة محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله لا يكلف الله نفسا
إلا وسعها قال : هم المؤمنون وسع الله عليهم أمر دينهم فقال وما جعل عليكم في
الدين من حرج الحج الآية 78 وقال يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر البقرة
الآية 185 وقال فاتقوا الله ما استطعتم التغابن الآية 19
وأخرج البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن عمران بن حصين قال : كانت لي
بواسير فسألت النبي صلى الله عليه و سلم عن الصلاة فقال " صل قائما فإن لم
تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت قال : من
العمل
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق الزهري عن ابن عباس قال : لما نزلت ضج
المؤمنون منها ضجة وقالوا : يا رسول الله : هذا نتوب من عمل اليد والرجل
(2/133)
واللسان
كيف نتوب من الوسوسة ؟ كيف نمتنع منها ؟ فجاء جبريل بهذه الآية لا يكلف الله نفسا
إلا وسعها إنكم لا تستطيعون أن تمتنعوا من الوسوسة
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله إلا وسعها قال : إلا طاقتها
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك إلا وسعها قال : إلا ما تطيق
وأخرج سفيان والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن الله تجاوز عن أمتي ما وسوست
به صدورها ما لم تعمل أو تكلم به "
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي بكر الهذلي عن شهر عن أم الدرداء عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال " إن الله تجاوز لأمتي عن ثلاث
عن الخطأ والنسيان والاستكراه
قال أبو بكر : فذكرت ذلك للحسن فقال : أجل أما تقرأ بذلك قرآنا ربنا لا تؤاخذنا إن
نسينا أو أخطأنا "
وأخرج ابن ماجة وابن المنذر وابن حبان والطبراني والدارقطني والحاكم والبيهقي في
سننه عن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن الله تجاوز لي
عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "
وأخرج ابن ماجة عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن الله
تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "
وأخرج الطبراني عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن الله
تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " وضع الله عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "
وأخرج ابن عدي في الكامل وأبو نعيم في التاريخ عن أبي بكرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " رفع الله عن هذه الأمة الخطأ والنسيان والأمر يكرهون
عليه "
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن الحسن عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
" تجوز لهذه الأمة الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه "
(2/134)
وأخرج
عبد بن حميد عن الشعبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن الله
تجاوز لأمتي عن ثلاث : عن الخطأ والنسيان والاكراه "
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
تجاوز الله لابن آدم عما أخطأ وعما نسي وعما أكره وعما غلب عليه "
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : إن هذه الآية حين نزلت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو
أخطأنا قال له جبريل : إن الله قد فعل ذلك يا محمد
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله اصرا قال : عهدا
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ولا تحمل علينا اصرا قال : عهدا
وأخرج الطستي عن ابن عباس
أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله ولا تحمل علينا اصرا كما حملته على
الذين من قبلنا قال : عهدا كما حملته على اليهود فمسختهم قردة وخنازير
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت أبا طالب وهو يقول : أفي كل عام
واحد وصحيفة يشد بها أمر وثيق وأيصره
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج ولا تحمل علينا اصرا قال : عهدا ألا نطيقه ولا نستطيع
القيام به كما حملته على الذين من قبلنا اليهود والنصارى فلم يقوموا به فأهلكتهم
ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به قال : مسخ القردة والخنازير
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته على الذين
من قبلنا قال : كم من تشديد كان على من كان قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا
به قال : كم من تخفيف ويسر وعافية في هذه الأمة
وأخرج ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح ولا تحمل علينا اصرا قال : لا تمسخنا قردة
وخنازير
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله ولا تحمل علينا اصرا يقول : التشديد الذي
شدد به على من كان من أهل الكتاب
(2/135)
وأخرج
ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن عبد الرحمن بن حسنة " أن النبي
صلى الله عليه و سلم قال : إن بني إسرائيل كانوا إذا أصابهم البول قرضوه بالمقاريض
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى قال : كانت بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم البول
يتبعه بالمقراضين
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة قالت " دخلت على امرأة من اليهود فقالت : إن
عذاب القبر من البول
قلت : كذبت
قالت : بلى
قالت : إنه ليقرض منه الجلد والثوب فأخبرت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال :
صدقت "
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : لا تحمل علينا ذنبا ليس فيه توبة ولا
كفارة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الفضيل في قوله ولا تحمل علينا اصرا قال : كان الرجل من بني
إسرائيل إذا أذنب قيل له : توبتك أن تقتل نفسك فيقتل نفسه فوضعت الآصار عن هذه
الأمة
وأخرج ابن جرير عن الضحاك ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به قال : لا تحملنا من
الأعمال ما لا نطيق
وأخرج ابن جرير عن السدي ما لا طاقة لنا به من التغليظ والأغلال التي كانت عليهم
من التحريم
وأخرج ابن جرير عن سلام بن سابور ما لا طاقة لنا به قال : الغلمة
وأخرج ابن أبي حاتم عن مكحول ما لا طاقة لنا به قال : الغربة والغلمة والانعاظ
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد واعف عنا إن قصرنا عن شيء مما أمرتنا به واغفر لنا إن
انتهكنا شيئا مما نهيتنا عنه وارحمنا يقول : لا ننال العمل بما أمرتنا به ولا ترك
ما نهيتنا عنه إلا برحمتك
قال : ولم ينج أحد إلا برحمته
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في شعب الإيمان عن الضحاك قال : جاء بها جبريل ومعه
من الملائكة ما شاء الله آمن الرسول إلى قوله ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا قال : ذلك
لك وهكذا عقب كل كلمة
وأخرج سفيان بن عيينة وعبد بن حميد عن الضحاك قال " أقرأ جبريل النبي آخر
سورة البقرة فلما حفظها قال : اقرأها
فقرأها فجعل كلما مر بحرف قال : ذلك لك حتى فرغ منها "
(2/136)
وأخرج
عبد بن حميد عن عطاء قال : لما نزلت هذه الآيات ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو
أخطأنا فكلما قالها جبريل للنبي صلى الله عليه و سلم قال النبي صلى الله عليه و
سلم : آمين رب العالمين
وأخرج عبد بن حميد عن أبي ذر قال : هي للنبي صلى الله عليه و سلم خاصة
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في هذه الآية قال : كان عليه الصلاة و السلام فسألها نبي
الله ربه فأعطاه إياها فكانت للنبي صلى الله عليه و سلم خاصة
وأخرج أبو عبيد عن أبي ميسرة " إن جبريل لقن رسول الله صلى الله عليه و سلم
عند خاتمة البقرة : آمين "
وأخرج أبو عبيد وابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن المنذر عن معاذ بن جبل
أنه كان إذا فرغ من قراءة هذه السورة وانصرنا على القوم الكافرين قال : آمين
وأخرج أبو عبيد عن جبير بن نغير
أنه كان إذا قرأ خاتمة البقرة يقول : آمين آمين
وأخرج ابن السني والبيهقي في الشعب عن حذيفة قال " صليت خلف النبي صلى الله
عليه و سلم فقرأ سورة البقرة فلما ختمها قال : اللهم ربنا ولك الحمد عشرا أو سبع
مرات "
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وأحمد والدرامي ؟ ؟ والبخاري ومسلم وأبو داود
والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن الضريس والبيهقي في سننه عن ابن مسعود عن النبي
صلى الله عليه و سلم قال " من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه
"
وأخرج أبو عبيد والدرامي ؟ والترمذي والنسائي وابن الضريس ومحمد بن نصر وابن حبان
والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن النعمان بن بشير " أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق السماوات والأرض
بألفي عام فأنزل منه آيتين ختم بهما سورة البقرة ولا يقرآن في دار ثلاث ليال
فيقربها شيطان "
وأخرج أحمد وأبو عبيد ومحمد بن نصر عن عقبة بن عامر " سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : اقرؤوا هاتين الآيتين من آخر سورة البقرة فإن ربي
أعطانيهما من تحت العرش "
وأخرج الطبراني عن عقبة بن عامر قال : ترددوا في الآيتين من آخر سورة البقرة آمن
الرسول إلى خاتمتها فإن الله اصطفى بها محمدا
(2/137)
وأخرج
أحمد والنسائي والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب بسند صحيح عن حذيفة "
أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول : أعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة من
كنز تحت العرش لم يعطها نبي قبلي "
وأخرج إسحق بن راهويه وأحمد والبيهقي في الشعب عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " أعطيت خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش لم يعطهن نبي
قبلي "
وأخرج مسلم عن ابن مسعود قال " لما أسري برسول الله صلى الله عليه و سلم
انتهى به إلى سدرة المنتهى فأعطي ثلاثا : أعطي الصلوات الخمس وأعطي خواتيم سورة
البقرة وغفر لمن لا يشرك بالله شيئا من أمته المقحمات "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي ذر " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : إن الله ختم سورة البقرة بآيتين أعطانيهما من كنزه الذي تحت
العرش فتعلموهما وعلموهما نساءكم وأبناءكم فإنهما صلاة وقرآن ودعاء
وأخرج أبو عبيد وابن الضريس وجعفر الفريابي في الذكر عن محمد بن المنكدر قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم في أواخر سورة البقرة " إنهن قرآن وإنهن دعاء
وإنهن يدخلن الجنة وإنهن يرضين الرحمن "
وأخرج الديلمي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " آيتان
هما قرآن وهما يشفيان وهما مما يحبهما الله الآيتان من آخر البقرة "
وأخرج الطبراني بسند جيد عن شداد بن أوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام فأنزل منه آيتين
ختم بهما سورة البقرة لا يقرآن في دار ثلاث ليال فيقربها شيطان "
وأخرج مسدد عن عمر قال : ما كنت أرى أحدا يعقل ينام حتى يقرأ الآيات الأواخر من
سورة البقرة فإنهن من كنز تحت العرش
وأخرج الدارمي ومحمد بن نصر وابن الضريس وابن مردويه عن علي قال : ما كنت أرى أن
أحدا يعقل ينام حتى يقرأ هؤلاء الآيات الثلاث من آخر سورة البقرة وإنهن لمن كنز
تحت العرش
وأخرج الفريابي وأبو عبيد والطبراني ومحمد بن نصر عن ابن مسعود قال : أنزلت هذه
الآيات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : من قرأ في ليلة آخر سورة البقرة فقد أكثر وأطاب
(2/138)
وأخرج
الخطيب في تلخيص المتشابه عن ابن مسعود قال : من قرأ الثلاث الأواخر من سورة
البقرة فقد أكثر وأطاب
وأخرج ابن عدي عن ابن مسعود الأنصاري " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: أنزل الله آيتين من كنوز الجنة كتبهما الرحمن بيده قبل أن يخلق الخلق بألفي عام
من قرأهما بعد العشاء الآخرة أجزأتاه عن قيام الليل "
وأخرج ابن الضريس عن ابن مسعود البدري قال : من قرأ خاتمة سورة البقرة في ليلة
أجزأت عنه قيام ليلة وقال : أعطي رسول الله صلى الله عليه و سلم خواتيم سورة
البقرة من كنز تحت العرش
واخرج أبو يعلى عن ابن عباس قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ
في ركعتي الفجر في الركعة الأولى آمن الرسول حتى ختمها وفي الثانية من آل عمران قل
يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء
؟ ؟ الآية
"
وأخرج أبو عبيد عن كعب أن محمدا صلى الله عليه و سلم أعطي أربع آيات لم يعطهن موسى
وإن موسى أعطي آية لم يعطها محمد صلى الله عليه و سلم
قال : والآيات التي أعطيهن محمد لله ما في السموات وما في الأرض حتى ختم البقرة
فتلك ثلاث آيات وآية الكرسي حتى تنقضي والآية التي أعطيها موسى اللهم لا تولج
الشيطان في قلوبنا وخلصنا منه من أجل أن لك الملكوت والأيد والسلطان والملك والحمد
والأرض والسماء والدهر الداهر أبدا أبدا آمين آمين
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه كان إذا قرأ آخر البقرة قال : يا لك نعمة يا لك
نعمة
وأخرج ابن جرير في تهذيب الآثار عن أيوب
أن أبا قلابة كتب إليه بدعاء الكرب وأمره أن يعلمه ابنه
لا إله إلا الله العظيم الحليم لا إله إلا الله رب العرش العظيم لا إله إلا الله
رب السموات السبع ورب الأرض ورب العرش الكريم سبحانك يا رحمن ما شئت أن يكون كان
وما لم تشاء لم يكن لا حول ولا قوة إلا بالله أعوذ بالذي يمسك السموات السبع ومن
فيهن أن يقعن على الأرض من شر ما خلق ومن شر ما برأ وأعوذ بكلمات الله التامات
التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر السامة والهامة ومن الشر كله في الدنيا والآخرة
ثم يقرأ آية الكرسي وخواتيم سورة البقرة
(2/139)
مقدمة
سورة آل عمران أخرج ابن الضريس في فضائله والنحاس في ناسخه والبيهقي في الدلائل من
طرق عن ابن عباس قال : نزلت سورة آل عمران بالمدينة
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم
" من قرأ السورة التي يذكر فيها آل عمران يوم الجمعة صلى الله عليه وملائكته
حتى تغيب الشمس "
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب قال : من قرأ
البقرة وآل عمران والنساء كتب عند الله من الحكماء
وأخرج الدرامي ومحمد بن نصر والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : من قرأ آل
عمران فهو غني والنساء محبرة يعني مزينة
وأخرج الدرامي وأبو عبيد في فضائله والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال :
نعم كنز الصعلوك سورة آل عمران يقوم بها الرجل من آخر الليل
وأخرج سعيد بن منصور عن أبي عطاف قال : اسم آل عمران في التوراة طيبة
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس
أن الشمس انكسفت وهو أمير على البصرة فصلى ركعتين قرأ فيهما بالبقرة وآل عمران
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الملك بن عمير قال : قرأ رجل البقرة وآل عمران
فقال كعب : قد قرأ سورتين إن فيهما للاسم الذي إذا دعي به استجاب
(2/140)
سورة
آل عمران
مدنية وآياتها مائتان نزلت بعد الأنفال
آية 1 - 6
أخرج ابن الأنباري في المصاحف عن أبي بن كعب أنه قرأ الحي القيوم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال القيوم القائم على كل شيء
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور والطبراني عن ابن مسعود أنه كان يقرؤها الحي القيام
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي داود وابن الأنباري معا في
المصاحف وابن المنذر والحاكم وصححه عن عمر أنه صلى العشاء الآخرة فاستفتح سورة آل
عمران فقرأ الم الله لا إله إلا هو الحي القيام
وأخرج ابن أبي داود عن الأعمش قال في قراءة عبد الله الحي القيام
وأخرج ابن جرير وابن الأنباري عن علقمة أنه كان يقرأ الحي القيام
وأخرج ابن جرير وابن الأنباري عن أبي معمر قال : سمعت علقمة يقرأ الحي القيم وكان
أصحاب عبد الله يقرؤون الحي القيام
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن عاصم بن كليب عن أبيه قال : كان عمر يعجبه أن
يقرأ سورة آل عمران في الجمعة إذا خطب
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن المنذر عن محمد بن جعفر بن الزبير قال : " قدم
على النبي صلى الله عليه و سلم
وفد نجران ستون راكبا فيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم فكلم رسول الله صلى الله
عليه و سلم
منهم أبو حارثة بن علقمة والعاقب وعبد المسيح والأيهم السيد وهو من النصرانية على
دين الملك مع اختلاف من أمرهم
يقولون هو الله ويقولون هو ولد الله ويقولون هو ثالث ثلاثة كذلك قول النصرانية فهم
يحتجون
(2/141)
في
قولهم يقولون هو الله بأنه كان يحيي الموتى ويبرىء الأسقام ويخبر بالغيوب ويخلق من
الطين كهيئة الطير ثم ينفخ فيه فيكون طيرا وذلك كله بإذن الله ليجعله آية للناس
ويحتجون في قولهم بأنه ولد بأنهم يقولون : لم يكن له أب يعلم وقد تكلم في المهد
شيئا لم يصنعه أحد من ولد آدم قبله
ويحتجون في قولهم أنه ثالث ثلاثة بقول الله : فعلنا وأمرنا وخلقنا وقضينا فيقولون
: لو كان واحدا ما قال إلا فعلت وأمرت وقضيت وخلقت ولكنه هو وعيسى ومريم
ففي كل ذلك من قولهم نزل القرآن وذكر الله لنبيه فيه قولهم فلما كلمه الحبران قال
لهما رسول الله صلى الله عليه و سلم : أسلما قالا : قد أسلمنا قبلك
قال : كذبتما منعكما من الإسلام دعاؤكما لله ولدا وعبادتكما الصليب وأكلكما
الخنزير قالا : فمن أبوه يا محمد ؟ فصمت فلم يجبهما شيئا فأنزل الله في ذلك من
قولهم واختلاف أمرهم كله صدر سورة آل عمران إلى بضع وثمانين آية منها فافتتح
السورة بتنزيه نفسه مما قالوه وتوحيده إياهم بالخلق والأمر لا شريك له فيه ورد
عليهم ما ابتدعوا من الكفر وجعلوا معه من الأنداد واحتجاجا عليهم بقولهم في صاحبهم
ليعرفهم بذلك ضلالته فقال الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم أي ليس معه غيره شريك
في أمره الحي الذي لا يموت وقد مات عيسى في قولهم القيوم القائم على سلطانه لا
يزول وقد زال عيسى
وقال ابن اسحق : حدثني محمد بن سهل بن أبي أمامة قال : لما قدم أهل نجران على رسول
الله صلى الله عليه و سلم
يسألونه عن عيسى بن مريم
نزلت فيهم فاتحة آل عمران إلى رأس الثمانين منها وأخرجه البيهقي في الدلائل "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع قال : " إن النصارى أتوا رسول الله
صلى الله عليه و سلم فخاصموه في عيسى بن مريم وقالوا له : من أبوه ؟ وقالوا على
الله الكذب والبهتان
فقال لهم النبي صلى الله عليه و سلم : ألستم تعلمون أنه لا يكون ولد إلا وهو يشبه
أباه ؟ قالوا : بلى
قال : ألستم تعلمون أن ربنا حي لا يموت وأن عيسى يأتي عليه الفناء ؟ قالوا : بلى
قال : ألستم تعلمون أن ربنا قيم على كل شيء يكلؤه ويحفظه ويرزقه ؟ قالوا : بلى
قال : فهل يملك عيسى من ذلك شيئا ؟ قالوا : لا
قال : أفلستم تعلمون أن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء ؟ قالوا :
بلى
قال : فهل يعلم عيسى من ذلك شيئا إلا ما علم ؟ قالوا : لا
(2/142)
قال
: فان ربنا صور عيسى في الرحم كيف شاء ألستم تعلمون أن ربنا لا يأكل الطعام ولا
يشرب الشراب ولا يحدث الحدث ؟ قالوا : بلى
قال : ألستم تعلمون أن عيسى حملته أمه كما تحمل المرأة ثم وضعته كما تضع المرأة
ولدها ثم غذي كما تغذي المرأة الصبي ثم كان يأكل الطعام ويشرب الشراب ويحدث الحدث
؟ قالوا : بلى
قال : فكيف يكون هذا كما زعمتم ؟ فعرفوا ثم أبوا إلا جحودا
فأنزل الله الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم "
وأخرج سعيد بن منصور والطبراني عن ابن مسعود أنه كان يقرؤها القيام
وأخرج ابن جرير عن علقمة أنه قرأ الحي القيوم
وأخرج الفرياني وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله نزل عليك الكتاب بالحق
مصدقا لما بين يديه قال : لما قبله من كتاب أو رسول
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن مصدقا لما بين يديه يقول : من البينات التي أنزلت على
نوح وإبراهيم وهود والأنبياء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله نزل عليك الكتاب قال : القرآن مصدقا
لما بين يديه من الكتب التي قد خلت قبله وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس
هما كتابان أنزلهما الله فيهما بيان من الله وعصمة لمن أخذ به وصدق به وعمل بما
فيه وأنزل الفرقان هو القرآن فرق به بين الحق والباطل
فأحل فيه حلاله وحرم فيه حرامه وشرع فيه شرائعه وحد فيه حدوده وفرض فيه فرائضه
وبين فيه بيانه وأمر بطاعته ونهى عن معصيته
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير وأنزل الفرقان أي الفصل بين الحق
والباطل فيما اختلف فيه الأحزاب من أمر عيسى وغيره
وفي قوله إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام أي أن
الله منتقم ممن كفر بآياته بعد علمه بها ومعرفته بما جاء منه فيها
وفي قوله إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء أي قد علم ما يريدون
وما يكيدون وما يضاهون بقولهم في عيسى
إذ جعلوه ربا والها وعندهم من علمه غير ذلك غرة بالله وكفرا به هو الذي يصوركم في
الأرحام كيف يشاء قد كان عيسى ممن صور في الأرحام لا يدفعون ذلك ولا ينكرونه كما
صور غيره من بني آدم فكيف يكون إلها وقد كان بذلك المنزل ؟
(2/143)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن مسعود في قوله يصوركم في الأرحام كيف يشاء قال : ذكورا واناثا
وأخرج ابن جرير من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس عن مرة عن ابن
مسعود وناس من الصحابة
في قوله هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء قال : إذا وقعت النطفة في الأرحام
طارت في الجسد أربعين يوما ثم تكون علقة أربعين يوما ثم تكون مضغة أربعين يوما
فإذا بلغ أن يخلق بعث الله ملكا يصورها فيأتي الملك بتراب بين أصبعيه فيخلط فيه
المضغة ثم يعجنه بها ثم يصوره كما يؤمر ثم يقول : أذكر أم أنثى أشقي أم سعيد و ما
رزقه وما عمره وما أثره وما مصائبه ؟ فيقول الله ويكتب الملك
فإذا مات ذلك الجسد دفن حيث أخذ ذلك التراب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء قال :
من ذكر وأنثى وأحمر وأبيض وأسود وتام وغير تام الخلق
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله العزيز الحكيم قال : العزيز في نقمته
إذا انتقم الحكيم في أمره
آية 7
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس قال : المحكمات
ناسخه وحلاله وحرامه وحدوده وفرائضه وما يؤمن به و المتشابهات منسوخه ومقدمه
ومؤخره وأمثاله وأقسامه وما يؤمن به ولا يعمل به
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال المحكمات الناسخ الذي يدان به
ويعمل به
و المتشابهات المنسوخات التي لا يدان بهن
(2/144)
وأخرج
سعيد بن منصور وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن عبد الله بن قيس : سمعت
ابن عباس يقول في قوله منه آيات محكمات قال : الثلاث آيات من آخر سورة الأنعام
محكمات قل تعالوا
الأنعام الآيات 151 - 153 والآيتان بعدها
واخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس في
قوله آيات محكمات قال : من ههنا قل تعالوا
الأنعام الآيات 151 - 153 إلى آخر ثلاث آيات
ومن ههنا وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه
الإسراء الآيات 23 - 25 إلى ثلاث آيات بعدها
وأخرج ابن جرير من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة بن
مسعود وناس من الصحابة المحكمات الناسخات التي يعمل بهن والمتشابهات المنسوخات
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال المحكمات الحلال والحرام
وأخرج عبد بن حميد والفرياني عن مجاهد قال المحكمات ما فيه الحلال والحرام وما سوى
ذلك منه متشابه يصدق بعضه بعضا
مثل قوله وما يضل به إلا الفاسقين البقرة الآية 26 ومثل قوله كذلك يجعل الله الرجس
على الذين لا يؤمنون الأنعام الآية 125 ومثل قوله والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم
تقواهم محمد الآية 17
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال المحكمات هي الآمرة الزاجرة
وأخرج عبد بن حميد وابن الضريس وابن جرير وابن أبي حاتم عن اسحق بن سويد
أن يحيى بن يعمر وأبا فاختة
تراجعا هذه الآية هن أم الكتاب فقال أبو فاختة : هن فواتح السور منها يستخرج
القرآن الم ذلك الكتاب منها استخرجت البقرة و الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم
منها استخرجت آل عمران قال يحيى : هن اللاتي فيهن الفرائض والأمر والنهي والحلال
والحدود وعماد الدين
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير هن أم الكتاب قال : أصل الكتاب لأنهن مكتوبات
في جميع الكتب
(2/145)
وأخرج
ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير قال المحكمات حجة الرب وعصمة العباد ودفع
الخصوم والباطل ليس لها تصريف ولا تحريف عما وضعت عليه وأخر متشابهات في الصدق لهن
تصريف وتحريف وتأويل ابتلى الله فيهن العباد كما ابتلاهم في الحلال والحرام لا
يصرفن إلى الباطل ولا يحرفن عن الحق
و اخرج ابن جرير عن مالك بن دينار قال : سألت الحسن عن قوله أم الكتاب قال :
الحلال والحرام قلت له ف الحمد لله رب العالمين الفاتحة الآية 1 قال : هذه أم
القرآن
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : انما قال هن أم الكتاب لأنه ليس من أهل
دين إلا يرضى بهن و أخر متشابهات يعني فيما بلغنا الم و المص و المر و الر
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير قال المتشابهات آيات في القرآن يتشابهن على
الناس إذا قرأوهن
ومن أجل ذلك يضل من ضل فكل فرقة يقرؤون آية من القرآن يزعمون أنها لهم فمنها يتبع
الحرورية من المتشابه قول الله و من لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون
المائدة الآية 44 ثم يقرؤون معها والذين كفروا بربهم يعدلون الأنعام الآية 1 فإذا
رأوا الإمام يحكم بغير الحق قالوا : قد كفر فمن عدل بربه ومن عدل بربه فقد أشرك
بربه
فهؤلاء الأئمة مشركون
وأخرج البخاري في التاريخ وابن جرير من طريق ابن اسحق عن الكلبي عن أبي صالح عن
ابن عباس عن جابر بن عبد الله بن رباب قال " مر أبو ياسر بن أخطب فجاء رجل من
يهود لرسول الله صلى الله عليه و سلم
وهو يتلو فاتحة سورة البقرة الم ذلك الكتاب لا ريب فيه
فأتى أخاه حيي بن أخطب في رجال من اليهود فقال أتعلمون ؟ والله لقد سمعت محمدا
يتلو فيما أنزل عليه الم ذلك الكتاب فقال : أنت سمعته قال : نعم
فمشى حتى وافى أولئك النفر إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقالوا : الم تقل أنك تتلو فيما أنزل عليك الم ذلك الكتاب ؟ فقال : بلى فقالوا :
لقد بعث بذلك أنبياء ما
(2/146)
نعلمه
بين لنبي منهم ما مدة ملكه وما أجل أمته غيرك
الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون فهذه إحدى وسبعون سنة
ثم قال : يا محمد هل مع هذا غيره ؟ قال : نعم
المص قال : هذه أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والميم أربعون والصاد تسعون
فهذه احدى وثلاثون ومائة
هل مع هذا غيره ؟ قال : نعم
الر قال : هذه أثقل وأطول الألف واحدة واللام ثلاثون والراء مائتان
هذه إحدى وثلاثون ومائتا سنة
هل مع هذا غيره ؟ قال : نعم
المر قال : هذه أثقل وأطول
هذه احدى وسبعون ومائتان
ثم قال : لقد لبس علينا أمرك حتى ما ندري أقليلا أعطيت أم كثيرا
ثم قال : قوموا عنه
ثم قال أبو ياسر لأخيه ومن معه : ما يدريكم لعله قد جمع هذا كله لمحمد
إحدى وسبعون وإحدى وثلاثون ومائة وإحدى وثلاثون ومائتان وإحدى وسبعون ومائتان فذلك
سبعمائة وأربع سنين
فقالوا : لقد تشابه علينا أمره فيزعمون أن هذه الآيات نزلت فيهم هو الذي أنزل عليك
الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات "
وأخرج يونس بن بكير في المغازي عن ابن اسحق عن محمد بن أبي محمد عن عكرمة عن سعيد
بن جبير عن ابن عباس وجابر بن رباب
أن أبا ياسر بن أخطب مر بالنبي صلى الله عليه و سلم
وهو يقرأ فاتحة الكتاب والم ذلك الكتاب فذكر القصة
وأخرجه ابن المنذر في تفسيره من وجه آخر عن ابن جريج معضلا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس فأما الذين في
قلوبهم زيغ يعني أهل الشك
فيحملون المحكم على المتشابه والمتشابه على المحكم ويلبسون فلبس الله عليهم وما
يعلم تأويله إلا الله قال : تأويله يوم القيامة لا يعمله إلا الله
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود زيغ قال : شك
وأخرج عن ابن جريج قال الذين في قلوبهم زيغ المنافقون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله فيتبعون ما تشابه منه
(2/147)
قال
: الباب الذي ضلوا منه وهلكوا فيه ابتغاء تأويله وفي قوله ابتغاء الفتنة قال :
الشبهات
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والدرامي وأبو داود
والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان
والبيهقي في الدلائل من طرق عن عائشة قالت " تلا رسول الله صلى الله عليه و
سلم
هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين
في قلوبهم زيغ إلى قوله أولو الألباب فإذا رأيتم الذين يجادلون فيه فهم الذين عنى
الله فاحذروهم
ولفظ البخاري : فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله
فاحذروهم
وفي لفظ لابن جرير : إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه سمى الله فاحذروهم
وفي لفظ لابن جرير : إذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه والذين يجادلون فيه فهم
الذين عنى الله فلا تجالسوهم "
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن
مردويه والبيهقي في سننه عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه و سلم
في قوله فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه قال : هم الخوارج
وفي قوله يوم تبيض وجوه وتسود وجوه آل عمران الآية 106 قال : هم الخوارج
وأخرج الطبراني عن أبي مالك الشعري
أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : " لا أخاف على أمتي إلا ثلاث خلال
أن يكثر لهم المال فيتحاسدوا فيقتتلوا وأن يفتح لهم الكتاب فيأخذه المؤمن يبتغي
تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند
ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب وأن يزداد علمهم فيضيعوه ولا يبالوا به "
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
مما أتخوف على أمتي
أن يكثر فيهم المال حتى يتنافسوا فيه فيقتتلوا عليه وإن مما أتخوف على أمتي أن
يفتح لهم القرآن حتى يقرأه المؤمن والكافر والمنافق فيحل حلاله المؤمن
(2/148)
أما
قوله تعالى : ابتغاء تأويله الآية
أخرج أبو يعلى عن حذيفة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " إن في أمتي قوما يقرؤون القرآن ينثرونه نثر الدقل يتأولونه على غير
تأويله "
وأخرج ابن سعد وابن الضريس في فضائله وابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
" أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
خرج على قوم يتراجعون في القرآن وهو مغضب فقال : بهذا ضلت الأمم قبلكم باختلافهم
على أنبيائهم وضرب الكتاب بعضه ببعض قال : وإن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضا
ولكن نزل أن يصدق بعضه بعضا فما عرفتم منه فاعملوا به وما تشابه عليكم فآمنوا به
"
وأخرج أحمد من وجه آخر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده " سمع رسول الله صلى
الله عليه و سلم
قوما يتدارأون فقال : انما هلك من كان قبلكم بهذا ضربوا كتاب الله بعضه ببعض وإنما
نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضا فلا تكذبوا بعضه ببعض فما علمتم منه فقولوا وما
جهلتم فكلوه إلى عالمه "
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه وأبو نصر السجزي في الإبانة عن ابن مسعود عن النبي
صلى الله عليه و سلم
قال " كان الكتاب الأول ينزل من باب واحد على حرف واحد ونزل القرآن من سبعة
أبواب على سبعة أحرف
زاجر وآمر وحلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وافعلوا
بما أمرتم به وانتهوا عما نهيتم عنه واعتبروا بأمثاله واعملوا بمحكمه وآمنوا
بمتشابهه وقولوا آمنا به كل من عند ربنا وأخرجه ابن أبي حاتم عن ابن مسعود
موقوفا "
و اخرج الطبراني عن عمر بن أبي سلمة أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال لعبد الله بن مسعود " إن الكتب كانت تنزل من السماء من باب واحد وإن
القرآن نزل من سبعة أبواب على سبعة أحرف حلال وحرام ومحكم ومتشابه وضرب أمثال وآمر
وزاجر فأحل حلاله وحرم حرامه واعمل بمحكمه وقف عند متشابهه واعتبر أمثاله
فإن كلا من عند الله و ما يذكر إلا أولو الألباب "
وأخرج ابن النجار في تاريخ بغداد بسند واه عن علي أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال في خطبته : " أيها الناس قد بين الله لكم في محكم كتابه ما أحل لكم وما
حرم عليكم
فأحلوا حلاله وحرموا حرامه وآمنوا بمتشابهه واعملوا بمحكمه واعتبروا بأمثاله
"
(2/149)
وأخرج
ابن الضريس وابن جرير وابن المنذر عن ابن مسعود قال : أنزل القرآن على خمسة أوجه :
حرام وحلال ومحكم ومتشابه وأمثال
فأحل الحلال وحرم الحرام وآمن بالمتشابه واعمل بالمحكم واعتبر بالأمثال
و أخرج ابن أبي داود في المصاحف عن ابن مسعود قال : إن القرآن أنزل على نبيكم صلى
الله عليه و سلم
من سبعة أبواب على سبعة أحرف وإن الكتاب قبلكم كان ينزل من باب واحد على حرف واحد
وأخرج ابن جرير ونصر المقدسي في الحجة عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم
قال : نزل القرآن على سبعة أحرف
المراء في القرآن كفر
ما عرفتم منه فاعملوا به وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم
" أعربوا القرآن واتبعوا غرائبه وغرائبه فرائضه وحدوده
فإن القرآن نزل على خمسة أوجه
حلال وحرام ومحكم ومتشابه وأمثال
فاعملوا بالحلال واجتنبوا الحرام واتبعوا المحكم وآمنوا بالمتشابه واعتبروا
بالأمثال "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إن القرآن ذو شجون وفنون وظهور وبطون
لا تنقضي عجائبه ولا تبلغ غايته
فمن أوغل فيه برفق نجا ومن أوغل فيه بعنف غوى
أخبار وأمثال وحرام وحلال وناسخ ومنسوخ ومحكم ومتشابه وظهر وبطن
فظهره التلاوة وبطنه التأويل
فجالسوا به العلماء وجانبوا به السفهاء وإياكم وزلة العالم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع أن النصارى قالوا لرسول الله صلى الله
عليه و سلم
: ألست تزعم أن عيسى كلمة الله وروح منه ؟ قال : بلى
قالوا : فحسبنا
فأنزل الله فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في كتاب
الأضداد والحاكم وصححه عن طاووس قال : كان ابن عباس يقرؤها " و ما يعلم
تأويله إلا الله والراسخون في العلم آمنا به "
وأخرج أبو داود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءة عبد الله " وإن حقيقة
تأويله عند الله والرسخون في العلم يقولون آمنا به "
(2/150)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن أبي مليكة قال : قرأت على عائشة هؤلاء
الآيات فقالت : كان رسوخهم في العلم أن آمنوا بمحكمه ومتشابهه و ما يعلم تأويله
إلا الله ولم يعلموا تأويله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي الشعثاء وأبي نهيك قالا : إنكم تصلون هذه
الآية وهي مقطوعة و ما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل
من عند ربنا فانتهى علمهم إلى قولهم الذي قالوا
وأخرج ابن جرير عن عروة قال الراسخون في العلم لا يعلمون تأويله ولكنهم يقولون
آمنا به كل من عند ربنا
و اخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عمر بن عبد العزيز قال : انتهى علم الراسخين في
العلم بتأويل القرآن إلى أن قالوا آمنا به كل من عند ربنا
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن أبي قال : كتاب الله ما استبان منه فاعمل به وما
اشتبه عليك فآمن به وكله إلى عالمه
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : إن للقرآن منارا كمنار الطريق فما عرفتم
فتمسكوا به وما اشتبه عليكم فذروه
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ قال : القرآن منار كمنار الطريق ولا يخفى على أحد فما
عرفتم منه فلا تسألوا عنه أحدا وما شككتم فيه فكلوه إلى عالمه
وأخرج ابن جرير من طريق أشهب عن مالك في قوله وما يعلم تأويله إلا الله قال : ثم
ابتدأ فقال والراسخون في العلم يقولون آمنا به وليس يعلمون تأويله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن أنس وأبي أمامة وواثلة بن الأسقع وأبي
الدرداء " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
سئل عن الراسخين في العلم فقال : من برت يمينه وصدق لسانه واستقام قلبه ومن عف
بطنه وفرجه
فذلك من الراسخين في العلم "
وأخرج ابن عساكر من طريق عبد الله بن يزيد الأودي
سمعت أنس بن مالك يقول سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم
من الراسخون في العلم ؟ قال : " من صدق حديثه وبر في يمينه وعف بطنه وفرجه
فذلك الراسخون في العلم "
وأخرج ابن المنذر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال :
(2/151)
تفسير
القرآن على أربعة وجوه : تفسير يعلمه العلماء وتفسير لا يعذر الناس بجهالته من
حلال أو حرام وتفسير تعرفه العرب بلغتها وتفسير لا يعلم تأويله إلا الله
من ادعى علمه فهو كاذب
ن وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
أنزل القرآن على سبعة أحرف : حلال وحرام لا يعذر أحد بالجهالة به وتفسير تفسره
العرب وتفسير تفسره العلماء ومتشابه لا يعلمه إلا الله
ومن ادعى علمه سوى الله فهو كاذب "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري من طريق مجاهد عن ابن عباس قال : أنا
ممن يعلم تأويله
وأخرج ابن جرير عن الربيع " والراسخون في العلم يعلمون تأويله ويقولون آمنا
به "
وأخرج ابن جرير وابن أي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس يقولون آمنا به نؤمن
بالمحكم وندين به ونؤمن بالمتشابه ولا ندين به
وهو من عند الله كله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس كل من عند ربنا يعني ما نسخ
منه وما لم ينسخ
وأخرج الدرامي في مسنده ونصر المقدسي في الحجة عن سليمان بن يسار
أن رجلا يقال له صبيغ قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن فأرسل اليه عمر وقد
أعد له عراجين النخل فقال : من أنت ؟ فقال : أنا عبد الله صبيغ فقال : وانا عبد
الله عمر
فأخذ عمر عرجونا من تلك العراجين فضربه حتى دمى رأسه فقال : يا أمير المؤمنين حسبك
قد ذهب الذي كنت أجد في رأسي
وأخرج الدرامي عن نافع
أن صبيغا العراقي جعل يسأل عن أشياء من القرآن في أجناد المسلمين حتى قدم مصر فبعث
به عمر بن العاص إلى عمر بن الخطاب فلما أتاه أرسل عمر إلى رطائب من جريد فضربه
بها حتى ترك ظهره دبره ثم تركه حتى برىء ثم عاد له ثم تركه حتى برىء فدعا به ليعود
له فقال صبيغ : إن كنت تريد قتلي فاقتلني قتلا جميلا وإن كنت تريد أن تداويني فقد
- و الله - برأت
فأذن له إلى أرضه وكتب إلى أبي موسى الأشعري أن لا يجالسه أحد من المسلمين
وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن أنس
أن عمر بن الخطاب جلد صبيغا الكوفي في مسألة عن حرف من القرآن حتى اطردت الدماء في
ظهره
(2/152)
وأخرج
ابن الأنباري في المصاحف ونصر المقدسي في الحجة وابن عساكر عن السائب بن يزيد
أن رجلا قال لعمر : إني مررت برجل يسأل عن تفسير مشكل القرآن
فقال عمر : اللهم أمكني منه
فدخل الرجل يوما على عمر فسأله فقام عمر فحسر عن ذراعيه وجعل يجلده ثم قال :
ألبسوه تبانا واحملوه على قتب وابلغوا به حيه ثم ليقم خطيب فليقل إن صبيغا طلب
العلم فأخطأه فلم يزل وضيعا في قومه بعد أن كان سيدا فيهم
وأخرج نصر المقدسي في الحجة وابن عساكر عن أبي عثمان النهدي
أن عمر كتب إلى أهل البصرة أن لا يجالسوا صبيغا قال : فلو جاء ونحن مائة لتفرقنا
وأخرج ابن عساكر عن محمد بن سيرين قال : كتب عمر بن الخطاب إلى أبي موسى الأشعري
أن لا يجالس صبيغا وأن يحرم عطاءه ورزقه
وأخرج نصر في الحجة وابن عساكر عن زرعة قال : رأيت صبيغ بن عسل بالبصرة كأنه بعير
أجرب يجيء إلى الحلقة ويجلس وهم لا يعرفونه فتناديهم الحلقة الأخرى : عزمة أمير
المؤمنين عمر فيقومون ويدعونه
وأخرج نصر في الحجة عن أبي اسحق
أن عمر كتب إلى أبي موسى الأشعري
أما بعد
فإن الأصبغ تكلف ما يخفى وضيع ما ولي فإذا جاءك كتابي هذا فلا تبايعوه وإن مرض فلا
تعودوه وإن مات فلا تشهدوه
وأخرج الهروي في ذم الكلام عن الإمام الشافعي رضي الله عنه قال : حكمي في أهل
الكلام حكم عمر في صبيغ أن يضربوا بالجريد ويحملوا على الإبل ويطاف بهم في العشائر
والقبائل وينادى عليهم : هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على علم الكلام
وأخرج الدرامي عن عمر بن الخطاب قال : إنه سيأتيكم ناس يجادلونكم بشبهات القرآن
فخذوهم بالسنن فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله
وأخرج نصر المقدسي في الحجة عن ابن عمرو " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
خرج على أصحابه وهم يتنازعون في القرآن
هذا ينزع بآية وهذا ينزع بآية
فكأنما فقىء في وجهه حب الرمان فقال : " ألهذا خلقتم أو لهذا أمرتم أن تضربوا
كتاب الله بعضه ببعض انظروا ما أمرتم به فاتبعوه وما نهيتم عنه فانتهوا "
(2/153)
وأخرج
أبو داود والحاكم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
الجدال في القرآن كفر "
وأخرج نصر المقدسي في الحجة عن ابن عمرو رضي الله عنهما قال " خرج رسول الله
صلى الله عليه و سلم
ومن وراء حجرته قوم يتجادلون في القرآن
فخرج محمرة وجنتاه كأنما تقطران دما فقال : يا قوم لا تجادلوا بالقرآن فإنما ضل من
كان قبلكم بجدالهم إن القرآن لم ينزل ليكذب بعضه بعضا ولكن نزل ليصدق بعضه بعضا
فما كان من محكمه فاعملوا به وما كان من متشابهه فآمنوا به "
وأخرج نصر في الحجة عن أبي هريرة قال : كنا عند عمر بن الخطاب إذ جاءه رجل يسأله
عن القرآن أمخلوق هو أم غير مخلوق ؟ فقام عمر فأخذ بمجامع ثوبه حتى قاده إلى علي
بن أبي طالب فقال : يا أبا الحسن أما تسمع ما يقول هذا ؟ قال : وما يقول ؟ قال :
جاءني يسألني عن القرآن أمخلوق هو أم غير مخلوق
فقال علي : هذه كلمة وسيكون لها ثمرة لو وليت من الأمر ما وليت ضربت عنقه
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله فأما الذين في قلوبهم زيغ
الآية
قال : طلب القوم التأويل فأخطأوا التأويل وأصابوا الفتنة واتبعوا ما تشابه منه
فهلكوا بين ذلك
وأخرج ابن الأنباري في كتاب الأضداد عن مجاهد قال : الراسخون في العلم يعلمون
تأويله ويقولون آمنا به
الآية 8
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أم سلمة " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان
يقول : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
ثم قرأ ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا
الآية "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن أم سلمة
" أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يكثر في دعائه أن يقول : "
اللهم مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
قلت : يا رسول الله وإن القلوب لتتقلب ؟ قال : نعم
ما من
(2/154)
خلق
الله من بشر من بني آدم إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الله فإن شاء الله أقامه
وإن شاء أزاغه
فنسأل الله ربنا أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا الله ونسأله أن يهب لنا من لدنه
رحمة إنه هو الوهاب
قلت : يا رسول الله ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي
قال : " بلى قولي اللهم رب النبي محمد اغفر لي ذنبي وأذهب غيظ قلبي وأجرني من
مضلات الفتن ما أحييتني "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن مردويه عن عائشة قالت : " كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم كثيرا ما يدعو : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
قلت : يا رسول الله ما أكثر ما تدعو بهذا الدعاء
فقال : ليس من قلب إلا وهو بين أصبعين من أصابع الرحمن اذا شاء أن يقيمه أقامه واذا
شاء أن يزيغه أزاغه أما تسمعين قوله تعالى ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب
لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب " ولفظ ابن أبي شيبة " إذا شاء أن
يقلبه إلى هدى قلبه وإذا شاء أن يقلبه إلى ضلال قلبه "
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد والبخاري في الأدب المفرد والترمذي وحسنه وابن
جرير عن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يكثر أن يقول : " يا مقلب
القلوب ثبت قلبي على دينك
قالوا : يا رسول الله آمنا بك وبما جئت به فهل تخاف علينا ؟ قال : نعم
قال : إن القلوب بين أصبعين من أصابع الله يقلبها "
وأخرج البخاري في تاريخه وابن جرير والطبراني عن سيرة بن فاتك قال : قال النبي صلى
الله عليه و سلم : " قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرب فإذا شاء أقامه
وإذا شاء أزاغه "
وأخرج ابن أبي الدنيا في الإخلاص والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي
عبيدة بن الجراح " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : إن قلب ابن آدم مثل قلب العصفور يتقلب في اليوم سبع مرات "
وأخرج ابن أبي الدنيا في الإخلاص عن أبي موسى الأشعري قال : إنما سمي القلب قلبا
لتقلبه
وإنما مثل القلب مثل ريشة بفلاة من الأرض
وأخرج أحمد وابن ماجه عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" إن هذا القلب كريشة بفلاة من الأرض تقيمها الريح ظهرا لبطن "
وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة وأبو داود والبيهقي في سننه عن أبي
(2/155)
عبد
الله الصنابحي أنه قدم المدينة في خلافة أبي بكر الصديق فصلى وراء أبي بكر المغرب
فقرأ أبو بكر في الركعتين الأوليين بأم القرآن وسورة من قصار المفصل
ثم قام في الركعة الثالثة فقرأ بأم القرآن وهذه الآية ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ
هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب
وأخرج ابن جرير والطبراني في السنة والحاكم وصححه عن جابر قال : " كان رسول
الله صلى الله عليه و سلم يكثر أن يقول : يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك
قلنا : يا رسول الله تخاف علينا وقد آمنا بك ؟ فقال : إن قلوب بني آدم بين أصبعين
من أصابع الرحمن كقلب واحد يقول به هكذا
ولفظ الطبراني : إن قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الله عز و جل فإذا شاء أن
يقيمه أقامه وإذا شاء أن يزيغه أزاغه "
وأخرج أحمد والنسائي وابن ماجه وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء
والصفات عن النواس بن سمعان سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول "
الميزان بيد الرحمن
يرفع أقواما ويضع آخرين إلى يوم القيامة وقلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن
إذا شاء أقامه وإذا شاء أزاغه وكان يقول : يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك
"
وأخرج الحاكم وصححه عن المقداد : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" لقلب ابن آدم أشد انقلابا من القدر إذا اجتمع غليانا "
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير في قوله ربنا لا تزغ قلوبنا أي لا تمل
قلوبنا وإن ملنا بأجسادنا
وأخرج ابن سعد في طبقاته عن أبي عطاف أن أبا هريرة كان يقول : أي رب لا أزنين أي
رب لا أسرقن أي رب لا أكفرن
قيل له : أو تخاف ؟ قال : آمنت بمحرف القلوب ثلاثا
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي الدرداء قال : كان عبد الله ابن
رواحة إذا لقيني قال : اجلس يا عويمر فلنؤمن ساعة فنجلس فنذكر الله على ما يشاء
ثم قال : يا عويمر هذه مجالس الإيمان إن مثل الإيمان ومثلك كمثل قميصك بينا أنت قد
نزعته إذ لبسته وبينا أنت قد لبسته إذ نزعته
يا عويمر للقلب أسرع تقلبا من القدر إذا استجمعت غليانا
(2/156)
وأخرج
الحكيم الترمذي من طريق عتبة بن عبد الله بن خالد بن معدان عن أبيه عن جده قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " انما الإيمان بمنزلة القميص مرة تقمصه
ومرة تنزعه "
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي أيوب الإنصاري قال : ليأتين على الرجل أحايين وما في
جلده موضع إبرة من النفاق وليأتين عليه أحايين وما في جلده موضع إبرة من إيمان
وأخرج أبو داود والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم كان إذا استيقظ من الليل قال : " لا إله إلا أنت سبحانك
اللهم إني أستغفرك لذنبي وأسألك رحمتك اللهم زدني علما ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني
وهب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب "
وأخرج مسلم والنسائي وابن جرير والبيهقي عن عبد الله بن عمرو " أنه سمع رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : إن قلوب بني آدم كلها بين أصبعين من أصابع الرحمن
كقلب واحد يصرفه كيف يشاء
ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اللهم يا مصرف القلوب صرف قلوبنا إلى
طاعتك "
وأخرج الطبراني في السنة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إنما قلب ابن آدم بين أصبعين من أصابع الرحمن عز و جل "
الآيتان 9 - 10
(2/157)
أخرج
ابن النجار في تاريخه عن جعفر بن محمد الخلدي قال : روي عن النبي صلى الله عليه و
سلم أنه قال : " من قرأ هذه الآية على شيء ضاع منه رده الله عليه ربنا إنك
جامع الناس ليوم لا ريب فيه إن الله لا يخلف الميعاد اللهم يا جامع الناس ليوم لا
ريب فيه اجمع بيني وبين مالي إنك على كل شيء قدير "
الآية 11
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله كدأب آل فرعون قال : كصنيع آل فرعون
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله كدأب آل فرعون قال : كفعل
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد
مثله
وأخرج ابن جرير عن الربيع كدأب آل فرعون يقول : كسنتهم
الآيتان 12 - 13
أخرج ابن اسحق وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس " أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم لما أصاب من بدر ورجع إلى المدينة جمع اليهود في سوق بني قينقاع و
قال : يا معشر يهود أسلموا قبل أن يصيبكم الله بما أصاب قريشا فقالوا : يا محمد لا
يغرنك من نفسك أن قتلت نفرا من قريش كانوا أغمارا و لا يعرفون القتال إنك و الله
لوما قاتلتنا لعرفت أنا نحن الناس و أنك لم تلق مثلنا
فأنزل الله قل للذين كفروا ستغلبون إلى قوله لأولي الأبصار "
و أخرج ابن اسحق و ابن جرير وابن أبي حاتم عن عاصم بن عمر عن قتادة
مثله
أخرج ابن جرير و ابن المنذر عن عكرمة قال : قال فنحاص اليهودي في يوم بدر : لا
يغرن محمدا أن غلب قريشا وقتلهم إن قريشا لا تحسن القتال
فنزلت هذه الآية قل للذين كفروا ستغلبون
و أخرج ابن جرير عن قتادة قد كان لكم آية عبرة و تفكر
و أخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قد كان لكم
(2/158)
آية
في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم
ببدر و أخرى كافرة فئة قريش الكفار
و اخرج عبد الرزاق في المصنف عن عكرمة قال : في أهل بدر نزلت و إذ يعدكم الله إحدى
الطائفتين أنها لكم الأنفال الآية7 و فيهم نزلت سيهزم الجمع
القمر الآية 45 الآية
و فيهم نزلت حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب المؤمنون الآية 64 و فيهم نزلت ليقطع
طرفا من الذين كفروا آل عمران الآية 127 و فيهم نزلت ليس لك من الأمر شيء آل عمران
الآية 128 وفيهم نزلت ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا إبراهيم الآية 28
وفيهم نزلت ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا و رئاء الأنعام الآية 47 وفيهم
نزلت قد كان لكم آية في فئتين التقتا
و اخرج ابن جرير و ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله قد كان لكم آية يقول : قد كان
لكم في هؤلاء عبرة و متفكر
أيدهم الله و نصرهم على عدوهم و ذلك يوم بدر كان المشركون تسعمائة و خمسين رجلا و
كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاثمائة و ثلاثة عشر رجلا
و أخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله قد كان لكم آية في فئتين الآية
قال : هذا يوم بدر فنظرنا إلى المشركين فرأيناهم يضعفون علينا ثم نظرنا إليهم فما
رأيناهم يزيدون علينا رجلا واحدا
و ذلك قول الله وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا و يقللكم في أعينهم
الأنفال الآية 44
و أخرج ابن جرير و ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله قد كان لكم آية في فئتين
الآية
قال : أنزلت في التخفيف يوم يدر على المؤمنين كانوا يومئذ ثلاثمائة و ثلاثة عشر
رجلا و كان المشركون مثليهم ستة و عشرين و ستمائة فأيد الله المؤمنين فكان هذا في
التخفيف على المؤمنين
(2/159)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن ابن عباس أن أهل بدر كانوا ثلاثمائة و ثلاثة عشر المهاجرون منهم
خمسة و سبعون و كانت هزيمة بدر لسبع عشرة من رمضان ليلة جمعة
و أخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله يؤيد بنصره
من يشاء قال : يقوي بنصره من يشاء قال : و هل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول حسان بن ثابت رضي الله عنه : برجال لستمو أمثالهم أيدوا جبريل نصرا
فنزل
الآية - 14
أخرج ابن جرير و ابن أبي حاتم عن أبي بكر بن حفص بن عمر بن سعد قال : لما نزلت زين
للناس حب الشهوات
إلى آخر الآية
قال عمر : الآن يا رب حين زينتها لنا فنزلت قل أؤنبئكم
آل عمران الآية 15 الآية
كلها
و أخرجه ابن المنذر بلفظ حتى انتهى إلىقوله قل أؤنبئكم بخير آل عمران الآية 15
فبكى و قال : بعد ماذا
بعد ما زينتها
و أخرج ابن أبي شيبة و عبد بن حميد و ابن أبي حاتم عن سيار بن الحكم أن عمر بن
الخطاب قرأ زين للناس
الآية
ثم قال : الآن يا رب و قد زينتها في القلوب
و أخرج ابن أبي شيبة و عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد و ابن أبي حاتم عن أسلم
قال : رأيت عبد الله بن أرقم جاء إلى عمر بن الخطاب بحلية آنية و فضة فقال عمر :
اللهم إنك ذكرت هذا المال
فقلت زين للناس حب الشهوات حتى ختم الآية و قلت لا تأسوا على ما فاتكم و لا تفرحوا
بما آتاكم الحديد الآية 53 و إنا لا نستطيع إلا أن نفرح بما زينت لنا اللهم
فاجعلنا ننفقه في حق و أعوذ بك من شره
(2/160)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله زين للناس
الآية
قال من زينها ؟ ما أحد أشد لها ذما من خالقها
و أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله تعالى عنه في قوله زين للناس
الآية
قال : زين لهم الشيطان
قوله تعالى : من النساء
أخرج النسائي و ابن أبي حاتم و الحاكم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " حبب إلي من دنياكم النساء و الطيب و جعلت قرة عيني في الصلاة "
قوله تعالى : و القناطير المقنطرة
أخرج أحمد وابن ماجه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " القنطار اثنا عشر ألف أوقية "
و أخرج الحاكم وصححه عن أنس قال " سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم
عن قول الله والقناطير المقنطرة قال : القنطار ألف أوقية "
و أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " القنطار ألف دينار "
و أخرج ابن جرير عن أبي بن كعب قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: القنطار ألف أوقية و مائتا أوقية "
و أخرج ابن جرير عن الحسن قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
القنطار ألف و مائتا دينار "
و أخرج عبد بن حميد و ابن أبي حاتم و ابن مردويه عن أبي الدرداء قال : " قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من قرأ في ليلة مائة آية لم يكتب من
الغافلين و من قرأ مائتي آية بعث من القانتين و من قرأ خمسمائة آية إلى ألف آية
أصبح له قنطار من الأجر و القنطار مثل التل العظيم "
وأخرج عبد بن حميد و ابن جرير و ابن أبي حاتم و البيهقي في سننه عن معاذ بن جبل
قال : القنطار ألف و مائتا أوقية
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : القنطار ألف ومائتا أوقية
وأخرج عبد بن حميد و ابن جرير و البيهقي عن أبي هريرة مثله
(2/161)
وأخرج
ابن جرير و البيهقي عن ابن عباس قال : القنطار اثنا عشر ألف درهم أو ألف دينار
و أخرج ابن جرير و البيهقي عن ابن عباس قال : القنطار ألف ومائتا دينار من الفضة و
ألف و مائتا مثقال
و اخرج عبد بن حميد و ابن أبي حاتم و البيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : القنطار
ملء مسك الثور ذهبا
و اخرج ابن جرير و ابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه سئل ما القنطار ؟ قال : سبعون ألفا
و أخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : القنطار سبعون ألف دينار
و أخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب قال : القنطار ثمانون ألفا
و أخرج عبد بن حميد عن أبي صالح قال : القنطار مائة رطل
و أخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن قتادة قال : كنا نحدث أن القنطار مائة رطل من
الذهب أو ثمانون ألفا من الورق
و أخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز و جل
والقناطير قال : أما قولنا أهل البيت فإنا نقول : القنطار عشرة آلاف مثقال و أما
بنو حسل فانهم يقولون : ملء مسك ثور ذهبا أو فضة
قال : فهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت عدي بن زيد و هو يقول : وكانوا ملوك الروم تجبى إليهم قناطيرها من بين قل
و زائد و اخرج ابن أبي حاتم عن أبي جعفر قال القنطار خمسة عشر ألف مثقال و المثقال
أربعة و عشرون قيراطا
و أخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله القناطير المقنطرة يعني المال الكثير من الذهب
و الفضة
و أخرج عن الربيع القناطير المقنطرة المال الكثير بعضه على بعض
و أخرج عن السدي المقنطرة يعني المضروبة حتى صارت دنانير أو دراهم
قوله تعالى : والخيل المسومة
أخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس والخيل المسومة قال : الراعية
و أخرجه ابن المنذر من طريق مجاهد عن ابن عباس
(2/162)
و
أخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس والخيل المسومة يعني معلمة
و أخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس والخيل المسومة يعني معلمة
و أخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال الخيل المسومة الراعية و
المطهمة الحسان
ثم قرأ شجر فيه تسيمون
و أخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن مجاهد والخيل المسومة قال : المطهمة الحسان
و أخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن عكرمة قال : تسويمها حسنها
و أخرج ابن أبي حاتم عن مكحول والخيل المسومة قال : الغرة و التحجيل
أما قوله تعالى : ذلك متاع الحياة الدنيا
أخرج مسلم و ابن أبي حاتم عن ابن عمرو عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" الدنيا متاع و خير متاعها المرأة الصالحة "
و أخرج ابن جرير عن السدي في قوله والله عنده حسن المآب قال : حسن المنقلب
و هي الجنة
الآيتان 15 - 16
أخرج عبد بن حميد و ابن المنذر و ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : ذكر لنا
عمر بن الخطاب كان يقول : اللهم زينت لنا الدنيا و أنبأتنا أن ما بعدها خير منها
فاجعل حظنا في الذي هو خير وأبقى
(2/163)
الآية
17
أخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله الصابرين
الآية
قال : الصابرون قوم صبروا على طاعة الله و صبروا عن محارمه و الصادقون قوم صدقت
نياتهم و استقامت قلوبهم و ألسنتهم و صدقوا في السر و العلانية و القانتون هم
المطيعون و المستغفرون بالأسحار هم أهل الصلاة
و أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال الصابرين على ما أمر الله و
الصادقين في إيمانهم و القانتين يعني المطيعين و المنفقين يعني من أموالهم في حق
الله و المستغفرين بالأسحار يعني المصلين
و أخرج ابن أبي شيبة و ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم و المستغفرين بالأسحار قال :
هم الذين يشهدون صلاة الصبح
و أخرج ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه كان يحيي الليل صلاة
ثم يقول : يا نافع أسحرنا فيقول : لا
فيعاود الصلاة فإذا قال : نعم
قعد يستغفر الله و يدعو حتى يصبح
و أخرج ابن جرير و ابن مردويه عن أنس بن مالك قال " أمرنا رسول الله صلى الله
عليه و سلم أن نستغفر بالأسحار سبعين استغفارة "
و أخرج ابن جرير عن جعفر بن محمد قال : من صلى من الليل ثم استغفر في آخر الليل
سبعين مرة كتب من المستغفرين
و أخرج ابن أبي شيبة و أحمد في الزهد عن أبي سعيد الخدري قال : بلغنا أن داود عليه
السلام سأل جبريل عليه السلام فقال : يا جبريل أي الليل أفضل ؟ قال : يا داود ما
أدري إلا أن العرش يهتز في السحر
الآيات 18 - 19 - 20
(2/164)
أخرج
ابن السني في عمل يوم و ليلة و أبو منصور الشجامي في الأربعين عن علي قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن فاتحة الكتاب وآية الكرسي والآيتين من
آل عمران شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله
إلا هو العزيز الحكيم إن الدين عند الله الإسلام
و قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء و تنزع الملك ممن تشاء و تعز من تشاء و
تذل من تشاء آل عمران الآية 26 إلى قوله بغير حساب هن معلقات بالعرش ما بينهن و
بين الله حجاب يقلن : يا رب تهبطنا إلى أرضك وإلى من يعصيك
قال الله : إني حلفت لا يقرأكن أحد من عبادي دبر كل صلاة - يعني المكتوبة - إلا
جعلت الجنة مأواه على ما كان فيه وإلا أسكنته حظيرة الفردوس وإلا نظرت اليه كل يوم
سبعين نظرة وإلا قضيت له كل يوم سبعين حاجة أدناها المغفرة وإلا أعذته من كل عدو
ونصرته منه "
و أخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أبي أيوب الأنصاري مرفوعا " لما نزلت
الحمد لله رب العالمين الفاتحة الآية 1 وآية الكرسي و شهد الله و قل اللهم مالك
الملك آل عمران الآية 26 إلى بغير حساب تعلقن بالعرش و قلن : أنزلتنا على قوم
يعملون بمعاصيك فقال : وعزتي وجلالي وارتفاع مكاني لا يتلوكن عبد عند دبر كل صلاة
مكتوبة إلا غفرت له ما كان فيه و أسكنته جنة الفردوس و نظرت له كل يوم سبعين مرة و
قضيت له سبعين حاجة أدناها المغفرة "
و أخرج أحمد والطبراني و ابن السني في عمل يوم و ليلة و ابن أبي حاتم عن الزبير
ابن العوام قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو بعرفة يقرأ هذه
الآية شهد الله أنه لا إله إلا هو إلى قوله العزيز الحكيم فقال : وأنا على ذلك من
الشاهدين يا رب
و لفظ الطبراني فقال : وأنا أشهد أنك لا إله إلا أنت العزيز الحكيم "
(2/165)
وأخرج
ابن عدي والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه والخطيب في تاريخه
وابن النجار عن غالب القطان قال : أتيت الكوفة في تجارة فنزلت قريبا من الأعمش
فلما كان ليلة أردت أن أنحدر قام فتهجد من الليل فمر بهذه الآية شهد الله أنه لا
إله إلا هو إلى قوله إن الدين عند الله الإسلام فقال : و أنا أشهد بما شهد الله به
و أستودع الله هذه الشهادة و هي لي وديعة عند الله
قالها مرارا فقلت : لقد سمع فيها شيئا فسألته فقال : حدثني أبو وائل عن عبد الله
قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يجاء بصاحبها يوم القيامة فيقول
الله : عبدي عهد إلي وأنا أحق من وفى بالعهد أدخلوا عبدي الجنة "
أخرج أبو الشيخ في العظمة عن حمزة الزيات قال : خرجت ذات ليلة أريد الكوفة فآواني
الليل إلى خربة فدخلتها فبينا أنا فيها دخل علي عفريتان من الجن فقال أحدهما
لصاحبه : هذا حمزة بن حبيب الزيات الذي يقرىء الناس بالكوفة قال : نعم و الله
لأقتلنه قال : دعه المسكين يعيش قال : لأقتلنه
فلما أزمع على قتلي قلت : بسم الله الرحمن الرحيم شهد الله أنه لا إله إلا هو
والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم وأنا على ذلك من
الشاهدين فقال له صاحبه : دونك الآن فاحفظه راغما إلى الصباح
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءة عبد الله " شهد الله
أن لا إله إلا هو " و في قراءته إن الدين عند الله الإسلام
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله قائما بالقسط قال : ربنا قائما بالعدل
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس بالقسط قال : بالعدل
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : فإن الله شهد هو والملائكة و العلماء من
الناس إن الدين عند الله الإسلام
وأخرج عن محمد بن جعفر بن الزبير شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو
العلم بخلاف ما قال نصارى نجران
وأخرج عبد بن حميد و ابن جرير عن قتادة في قوله إن الدين عند الله الإسلام قال :
الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله والإقرار بما جاء به من عند
(2/166)
الله
وهو دين الله الذي شرع لنفسه وبعث به رسله ودل عليه أولياءه
لا يقبل غيره ولا يجزي إلا به
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله إن الدين عند الله الإسلام قال ؟ : "
لم أبعث رسولا إلا بالإسلام "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : كان حول البيت ستون
وثلاثمائة صنم لكل قبيلة من قبائل العرب صنم أو صنمان
فأنزل الله شهد الله أنه لا إله إلا هو
الآية
قال : فأصبحت الأصنام كلها قد خرت سجدا للكعبة
قوله تعالى : وما اختلف الآية
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله وما اختلف الذين أوتوا الكتاب قال :
بنو إسرائيل
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم
ويقول : بغيا على الدنيا وطلب ملكها وسلطانها فقتل بعضهم بعضا على الدنيا من بعد
ما كانوا علماء الناس
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : إن موسى عليه السلام لما حضره الموت دعا سبعين
حبرا من أحبار بني إسرائيل فاستودعهم التوراة وجعلهم أمناء عليه
كل حبر جزء منه واستخلف موسى عليه السلام يوشع بن نون فلما مضى القرن الأول ومضى
الثاني ومضى الثالث وقعت الفرقة بينهم
وهم الذين أوتوا العلم من أبناء أولئك السبعين حتى أهرقوا بينهم الدماء ووقع الشر
والاختلاف
وكان ذلك كله من قبل الذين أوتوا العلم بغيا بينهم على الدنيا طلبا لسلطانها
وملكها وخزائنها وزخرفها فسلط الله عليهم جبابرتهم
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير وما اختلف الذين أوتوا الكتاب يعني
النصارى إلا من بعد ما جاءهم العلم الذي جاءك أي أن الله الواحد الذي ليس له شريك
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله فإن الله سريع الحساب قال إحصاؤه عليهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله فإن حاجوك قال : إن حاجك اليهود والنصارى
(2/167)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج فإن حاجوك قال : اليهود والنصارى فقالوا : إن الدين
اليهودية والنصرانية فقل يا محمد أسلمت وجهي لله
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير فإن حاجوك أي بما يأتون به من الباطل من
قولهم : خلقنا وفعلنا وجعلنا وأمرنا فإنما هي شبهة باطل قد عرفوا ما فيها من الحق
فقل أسلمت وجهي لله
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ومن اتبعن قال : ليقل من اتبعك مثل ذلك
وأخرج الحاكم و صححه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال " أتيت النبي صلى
الله عليه و سلم فقلت : يا نبي الله إني أسألك بوجه الله بم بعثك ربنا ؟ قال :
بالإسلام
قلت : وما آيته ؟ قال : أن تقول أسلمت وجهي لله وتخليت وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة
كل المسلم على المسلم محرم أخوان نصيران لا يقبل الله من مسلم أشرك بعد ما أسلم
عملا حتى يفارق المشركين إلى المسلمين ما لي آخذ بحجزكم عن النار ألا إن ربي داعي
ألا وإنه سائلي هل بلغت عبادي ؟ وإني قائل : رب قد أبلغتهم فليبلغ شاهدكم غائبكم
ثم أنه تدعون مفدمة أفواهكم بالفدام الفدام والفدام ؟ يجب التشكيل ؟ هو ما يوضع في
فم الإبريق ليعفى بابه ثم أول ما يبين عن أحدكم لفخذه و كفه
قلت : يا رسول الله هذا ديننا ؟ قال : هذا دينكم و أينما تحسن يكفك "
وأخرج ابن جرير و ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس وقل للذين أوتوا الكتاب
قال : اليهود و النصارى والأميين قال : هم الذين لا يكتبون
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع فإن أسلموا فقد اهتدوا قال : من تكلم بهذا صدقا من
قلبه يعني الإيمان فقد اهتدى وإن تولوا يعني عن الإيمان
الآيتان 21 - 22
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عبيدة بن الجراح قال " قلت يا رسول
(2/168)
الله
أي الناس أشد عذابا يوم القيامة ؟ قال : رجل قتل نبيا أو رجل أمر بالمنكر و نهى عن
المعروف
ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم
ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس إلى قوله وما لهم
من ناصرين ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا أبا عبيدة قتلت بنو إسرائيل
ثلاثة وأربعين نبيا أول النهار في ساعة واحدة فقام مائة وسبعون رجلا من عباد بني
إسرائيل فأمروا من قتلهم بالمعروف ونهوهم عن المنكر فقتلوا جميعا من آخر النهار من
ذلك اليوم فهم الذين ذكر الله "
وأخرج ابن أبي الدنيا فيمن عاش بعد الموت وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن
ابن عباس قال : بعث عيسى يحيى في اثني عشر رجلا من الحواريين يعلمون الناس فكان
ينهى عن نكاح بنت الأخ و كان ملك له بنت أخ له تعجبه فأرادها و جعل يقضي لها كل
يوم حاجة فقالت لها أمها : إذا سألك عن حاجتك فقولي : حاجتي أن تقتل يحيى بن زكريا
فقال الملك : حاجتك
؟ قالت حاجتي أن تقتل يحيى بن زكريا
فقال سلي غير هذا
قالت : لا أسألك غير هذا
فلما أبت أمر به فذبح في طست فبدرت قطرة من دمه فلم تزل تغلي حتى بعث الله بختنصر
فدلت عجوز عليه فألقى في نفسه أن لا يزال يقتل حتى يسكن هذا الدم فقتل في يوم واحد
من ضرب واحد و سن واحد سبعين ألفا فسكن
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن معقل بن أبي مسكين في الآية قال : كان
الوحي يأتي بني اسرائيل فيذكرون قومهم و لم يكن يأتيهم كتاب فيقتلون فيقوم رجال
ممن اتبعهم و صدقهم فيذكرون قومهم فيقتلون
فهم الذين يأمرون بالقسط من الناس
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس قال :
هؤلاء أهل الكتاب
كان أتباع الأنبياء ينهونهم و يذكرونهم بالله فيقتلونهم
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : أقحط الناس في زمان ملك من ملوك بني
إسرائيل فقال الملك : ليرسلن علينا السماء أو لنؤذينه فقال له جلساؤه : كيف تقدر
على أن تؤذيه أو تغيظه وهو في السماء ؟ قال : أقتل أولياءه من أهل الأرض فيكون ذلك
أذى له
قال : فأرسل الله عليهم السماء
وأخرج ابن عساكر من طريق زيد بن أسلم عن ابن عباس في قول الله إن
(2/169)
الذين
يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق ويقتلون الذين يأمرون بالقسط من الناس
فبشرهم بعذاب أليم قال : الذين يأمرون بالقسط من الناس ولاة العدل عثمان وأضرابه
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن الأعمش قال : في قراءة عبد الله إن الذين يكفرون
بآيات الله ويقتلون النبيين بغير حق و قاتلو الذين يأمرون بالقسط من الناس
الآيات 23 - 24 - 25
أخرج ابن اسحق وابن جرير وابن المنذر وابن ابي حاتم عن ابن عباس قال " دخل
رسول الله صلى الله عليه و سلم بيت المدراس على جماعة من يهود فدعاهم إلى الله
فقال له النعمان بن عمرو والحرث بن زيد : على أي دين أنت يا محمد ؟ قال : على ملة
إبراهيم ودينه قالا : فإن إبراهيم كان يهوديا فقال لهما رسول الله صلى الله عليه و
سلم : فهلما إلى التوراة فهي بيننا وبينكم فأبيا عليه فأنزل الله ألم تر إلى الذين
أوتوا نصيبا من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم بينهم إلى قوله وغرهم في دينهم
ما كانوا يفترون "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ألم تر
إلى الذين أوتوا
الآية
قال : هم اليهود دعوا إلى كتاب الله ليحكم بينهم وإلى نبيه وهم يجدونه مكتوبا
عندهم في التوراة ثم تولوا عنه وهم معرضون
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في الآية قال : كان أهل الكتاب يدعون إلى كتاب الله
ليحكم بينهم بالحق وفي الحدود وكان النبي صلى الله عليه و سلم يدعوهم إلى الإسلام
فيتولون عن ذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله نصيبا قال : حظا من الكتاب قال : التوراة
(2/170)
وأخرج
عبد بن حميد عن مجاهد قالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودات قال : يعنون الأيام
التي خلق الله فيها آدم عليه السلام
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون حين قالوا
: نحن أبناء الله وأحباؤه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد وغرهم في دينهم ما كانوا يفترون قال : غرهم
قولهم لن تمسنا النار إلا أياما معدودات
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ووفيت يعني توفى كل نفس بر وفاجر ما
كسبت ما عملت من خير أو شر وهم لا يظلمون يعني من أعمالهم
الآيتان 26 - 27
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال " ذكر لنا أن نبي
الله صلى الله عليه و سلم سأل ربه أن يجعل له ملك فارس والروم في أمته فأنزل الله
قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء
الآية "
وأخرج ابن المنذر عن الحسن قال " جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه و سلم
فقال : يا محمد سل ربك قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء إلى قوله وترزق من
تشاء بغير حساب ثم جاءه جبريل فقال : يا محمد فسل ربك قل رب أدخلني مدخل صدق
الإسراء الآية 8 الآية
فسأل ربه بقول الله تعالى فأعطاه ذلك "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " اسم الله الأعظم الذي اذا دعي به أجاب في هذه الآية من آل عمران قل
اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء
إلى آخر الآية "
(2/171)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : اسم الله الأعظم قل اللهم مالك الملك إلى قوله
بغير حساب
وأخرج ابن أبي الدنيا في الدعاء عن معاذ بن جبل قال " شكوت إلى النبي صلى
الله عليه و سلم دينا كان علي فقال : يا معاذ أتحب أن يقضى دينك ؟ قلت : نعم
قال قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء
وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما تعطي
منهما ما تشاء وتمنع منهما ما تشاء اقض عني ديني فلو كان عليك ملء الأرض ذهبا أدي
عنك "
وأخرج الطبراني عن معاذ بن جبل " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم افتقده
يوم الجمعة فلما صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم أتى معاذا فقال : يا معاذ ما
لي لم أرك ؟ فقال : ليهودي علي وقية من تبر فخرجت إليك فحبسني عنك فقال : ألا
أعلمك دعاء تدعو به فلو كان عليك من الدين مثل صبير أداه الله عنك فادع الله يا
معاذ قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء
وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير تولج الليل في النهار وتولج النهار
في الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي وترزق من تشاء بغير حساب رحمن
الدنيا و الآخرة ورحيمهما تعطي من تشاء منهما وتمنع من تشاء منهما ارحمني رحمة
تغنني بها عن رحمة من سواك اللهم أغنني من الفقر واقض عني الدين وتوفني في عبادتك
وجهاد في سبيلك "
وأخرج الطبراني في الصغير بسند جيد عن أنس بن مالك قال " قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم لمعاذ : ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل أحد دينا
لأداه الله عنك ؟ قل يا معاذ اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن
تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير رحمن الدنيا و
الآخرة ورحيمهما تعطيهما من تشاء وتمنع منهما من تشاء ارحمني رحمة تغنيني بها عن
رحمة من سواك "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تؤتي الملك من تشاء قال : النبوة
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير قل اللهم مالك الملك أي
(2/172)
رب
العباد الملك لا يقضي فيهم غيركم تؤتي الملك من تشاء أي أن ذلك بيدك لا إلى غيرك
إنك على كل شيء قدير أي لا يقدر على هذا غيرك بسلطانك وقدرتك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن مسعود
في قوله تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل قال : يأخذ الصيف من الشتاء
ويأخذ الشتاء من الصيف وتخرج الحي من الميت يخرج الرجل الحي من النطفة الميتة
وتخرج الميت من الحي يخرج النطفة الميتة من الرجل الحي
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله تولج الليل في النهار وتولج
النهار في الليل قال : قصر أيام الشتاء في طول ليله وقصر ليل الصيف في طول نهاره
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس تولج الليل في النهار
وتولج النهار في الليل قال : ما نقص من الليل يجعله في النهار وما نقص من النهار
يجعله في الليل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي تولج الليل في النهار حتى يكون الليل خمس
عشرة ساعة والنهار تسع ساعات وتولج النهار في الليل حتى يكون النهار خمس عشرة ساعة
والليل تسع ساعات
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل قال : أخذ
أحدهما من صاحبه
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله تولج الليل في النهار وتولج النهار في الليل
قال : يأخذ النهار من الليل حتى يكون أطول منه ويأخذ الليل من النهار حتى يكون
أطول منه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس تخرج الحي من الميت قال : يخرج النطفة
الميتة من الحي ثم يخرج من النطفة بشرا حيا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد تخرج الحي من
الميت وتخرج الميت من الحي قال : الناس الأحياء من النطف والنطف ميتة تخرج من
الناس الأحياء ومن الأنعام والنبات كذلك
(2/173)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عكرمة تخرج الحي من الميت قال :
هي البيضة تخرج من الحي وهي ميتة ثم يخرج منها الحي
وأخرج ابن جرير عن عكرمة تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي قال : النخلة من
النواة والنواة من النخلة والحبة من السنبلة والسنبلة من الحبة
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي مالك
مثله
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الحسن تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي يعني
المؤمن من الكافر والكافر من المؤمن والمؤمن عبد حي الفؤاد والكافر عبد ميت الفؤاد
وأخرج سعد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء
والصفات وأبو الشيخ في العظمة عن سلمان قال : خمر الله طينة آدم أربعين يوما ثم
وضع يده فيه فارتفع على هذه كل طيب وعلى هذه كل خبيث ثم خلط بعضه ببعض ثم خلق منها
آدم
فمن ثم تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي يخرج المؤمن من الكافر ويخرج
الكافر من المؤمن
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي عثمان النهدي عن سلمان الفارسي قال " قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : لما خلق الله آدم عليه السلام أخرج ذريته فقبض قبضة
بيمينه فقال : هؤلاء أهل الجنة ولا أبالي وقبض بالأخرى قبضة فجاء فيها كل رديء فقال
: هؤلاء أهل النار ولا أبالي فخلط بعضهم ببعض فيخرج الكافر من المؤمن ويخرج المؤمن
من الكافر
فذلك قوله تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي "
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي عثمان النهدي عن ابن مسعود أو عن سلمان عن النبي صلى
الله عليه و سلم تخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي قال : " المؤمن من
الكافر والكافر من المؤمن "
وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق الزهري في
قوله تخرج الحي من الميت عن عبد الله بن عبد الله أن خالدة ابنة الأسود بن عبد
يغوث دخلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : من هذه ؟ قيل : خالدة بنت
الأسود قال : سبحان الله الذي يخرج الحي من الميت
وكانت امرأة صالحة وكان أبوها كافرا
(2/174)
وأخرج
ابن مسعود من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم
مثله
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس أنه كان يقرأ " يخرج الحي من الميت ويخرج الميت
من الحي " خفيفة
وأخرج عبد بن حميد عن يحيى بن وثاب أنه قرأ " يخرج الحي من الميت ويخرج الميت
من الحي " وقرأ إلى بلد ميت فاطر الآية 9 مثقلات كلهن
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع في قوله و ترزق من تشاء بغير حساب قال :
لا يخرجه بحساب يخاف أن ينقص ما عنده
إن الله لا ينقص ما عنده
وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران بغير حساب قال : غدقا
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير تولج الليل في النهار وتولج النهار في
الليل وتخرج الحي من الميت وتخرج الميت من الحي أي بتلك القدرة التي تؤتي الملك
بها من تشاء وتنزعها ممن تشاء وترزق من تشاء بغير حساب لا يقدر على ذلك غيرك ولا
يصنعه إلا أنت
أي وإن كنت سلطت عيسى عليه السلام على الأشياء التي يزعمون أنه إله من إحياء
الموتى وإبراء الأسقام وخلق الطير من الطين والخبر عن الغيوب لأجعله به آية للناس
وتصديقا له في نبوته التي بعثته بها إلى قومه فإن من سلطاني وقدرتي ما لم أعطه
تمليك الملوك بأمر النبوة ووضعها حيث شئت وإيلاج الليل في النهار وإيلاج النهار في
الليل وإخراج الحي من الميت وإخرج الميت من الحي ورزق من شئت من بر وفاجر بغير
حساب وكل ذلك لم أسلط عيسى عليه ولم أملكه إياه أفلم يكن لهم في ذلك عبرة وبينة أن
لو كان إلها كان ذلك كله إليه وهو في علمهم يهرب من الملوك وينتقل منهم في البلاد
من بلد إلى بلد
الآية 28
(2/175)
أخرج
ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان الحجاج بن عمرو حليف كعب
بن الأشرف وابن أبي الحقيق وقيس بن زيد قد بطنوا بنفر من الأنصار ليفتنوهم عن
دينهم فقال رفاعة بن المنذر وعبد الله بن جبير وسعد بن خيثمة لأولئك النفر :
اجتنبوا هؤلاء النفر من يهود واحذروا مباطنتهم لا يفتنوكم عن دينكم
فأبى أولئك النفر فأنزل الله فيهم لا يتخذ المؤمنون الكافرين إلى قوله والله على
كل شيء قدير
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس قال : نهى الله
المؤمنين أن يلاطفوا الكفار ويتخذوهم وليجة من دون المؤمنين إلا أن يكون الكفار
عليهم ظاهرين أولياء فيظهرون لهم اللطف ويخالفونهم في الدين
وذلك قوله إلا أن تتقوا منهم تقاة
وأخرج ابن جبير وابن أبي حاتم عن السدي ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء فقد برىء
الله منه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله إلا أن تتقوا
منهم تقاة فالتقية باللسان من حمل على أمر يتكلم به وهو معصية لله فيتكلم به مخافة
الناس وقلبه مطمئن بالإيمان فان ذلك لا يضره إنما التقية باللسان
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في سننه من طريق
عطاء عن ابن عباس إلا أن تتقوا منهم تقاة قال التقاة التكلم باللسان والقلب مطمئن
بالإيمان ولا يبسط يده فيقتل ولا إلى إثم فانه لا عذر له
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد إلا أن تتقوا منهم تقاة قال :
إلا مصانعة في الدنيا ومخالقة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال التقية باللسان وليس
بالعمل
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة إلا أن تتقوا
منهم تقاة قال : إلا أن يكون بينك وبينه قرابة فتصله لذلك
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال التقية جائزة إلى يوم القيامة
وأخرج عبد عن أبي رجاء أنه كان يقرأ " إلا أن تتقوا منهم تقية "
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة أنه كان يقرؤها إلا أن تتقوا منه تقية بالياء
(2/176)
وأخرج
عبد بن حميد من طريق أبي بكر بن عياش عن عاصم إلا أن تتقوا منهم تقاة بالألف ورفع
التاء
الآيتان 29 - 30
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : أخبرهم أنه يعلم ما أسروا من ذلك وما
أعلنوا فقال إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا
يقول : موفرا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله وما عملت من سوء تود لو أن بينها
وبينه أمدا بعيدا قال : يسر أحدهم أن لا يلقى عمله ذلك أبدا يكون ذلك مناه وأما في
الدنيا فقد كانت خطيئة يستلذها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي أمدا بعيدا قال : مكانا بعيدا
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج أمدا قال : أجلا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ويحذركم الله نفسه
والله رؤوف بالعباد قال : من رأفته بهم حذرهم نفسه
الآيتان 31 - 32
أخرج ابن جرير من طريق بكر بن الأسوف عن الحسن قال " قال قوم على عهد النبي
صلى الله عليه و سلم : يا محمد إنا نحب ربنا
فأنزل الله قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني
(2/177)
يحببكم
لله ويغفر لم ذنوبكم فجعل اتباع نبيه محمد صلى الله عليه و سلم علما لحبه وعذاب من
خالفه "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق أبي عبيدة الناجي عن الحسن قال " قال
أقوام على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم : والله يا محمد إنا لنحب ربنا فأنزل
الله قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير من طريق عباد بن منصور قال " إن أقواما كانوا
على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم يزعمون أنهم يحبون الله فأراد الله أن يجعل
لقولهم تصديقا من عمل فقال إن كنتم تحبون الله
الآية
فكان اتباع محمد صلى الله عليه و سلم تصديقا لقولهم
وأخرج الحكيم الترمذي عن يحيى بن أبي كثير قال : قالوا إنا لنحب ربنا فامتحنوا
فأنزل الله قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : كان أقوام يزعمون أنهم يحبون الله
يقولون : إنا نحب ربنا
فأمرهم الله أن يتبعوا محمدا وجعل اتباع محمد صلى الله عليه و سلم علما لحبه
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من
رغب عن سنتي فليس مني ثم تلا هذه الآية قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم
الله
إلى آخر الآية
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير قل إن كنتم تحبون الله أي إن كان هذا من
قولكم في عيسى حبا لله وتعظيما له فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم أي ما
مضى من كفركم والله غفور رحيم
أخرج الأصبهاني في الترغيب عن ابن عمر قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : لن يستكمل مؤمن إيمانه حتى يكون هواه تبعا لما جئتكم به "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء في قوله إن كنتم تحبون الله فاتبعوني قال : على
البر والتقوى والتواضع وذلة النفس
(2/178)
وأخرج
الحكيم الترمذي وأبو نعيم والديلمي وابن عساكر عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله
عليه و سلم في قوله قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله قال : على البر
والتقوى والتواضع وذلة النفس
وأخرج ابن عساكر عن عائشة في هذه الآية قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني قالت : على
التواضع والتقوى والبر وذلة النفس
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية والحاكم عن عائشة قالت : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " الشرك أخفى من دبيب الذر على الصفا في الليلة
الظلماء وأدناه أن يحب على شيء من الجور ويبغض على شيء من العدل وهل الدين إلا
البغض والحب في الله ؟ قال الله تعالى قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله
"
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق حوشب عن الحسن في قوله فاتبعوني يحببكم الله قال :
فكان علامة حبهم إياه اتباع سنة رسوله
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة أنه سئل عن قوله " المرء مع من أحب
فقال : ألم تسمع قول الله قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله يقول :
يقربكم
والحب هو القرب والله لا يحب الكافرين لا يقرب الكافرين "
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير قل أطيعوا الله والرسول فإنهم يعرفونه
يعني الوفد من نصارى نجران ويجدونه في كتابهم فإن تولوا على كفرهم فإن الله لا يحب
الكافرين
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة وابن حبان والحاكم عن أبي رافع عن النبي
صلى الله عليه و سلم
قال " لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو
نهيت عنه فيقول : لا ندري
ما وجدنا في كتاب الله اتبعناه
الآيات 34 - 35 - 36
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في
(2/179)
قوله
وآل إبراهيم وآل عمران قال : هم المؤمنون من آل إبراهيم وآل عمران وآل ياسين وآل
محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد بن حميد وان جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : ذكر الله أهل
بيتين صالحين ورجلين صالحين ففضلهم على العالمين فكان محمد صلى الله عليه و سلم من
آل إبراهيم
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : فضلهم الله على العالمين
بالنبوة على الناس كلهم كانوا هم الأنبياء الأتقياء المطيعين لربهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ذرية بعضها من بعض
قال : في النية والعمل والإخلاص والتوحيد
وأخرج ابن سعد وابن أبي حاتم عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده أن عليا قال للحسن قم
فاخطب الناس قال : إني أهابك أن أخطب وأنا أراك
فتغيب عنه حيث يسمع كلامه ولا يراه فقام الحسن فحمد الله وأثنى عليه وتكلم
ثم نزل فقال علي رضي الله عنه ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم
وأخرج اسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس في قوله إن الله اصطفى يعني اختار من
الناس لرسالته آدم ونوحا وآل إبراهيم يعني إبراهيم وإسمعيل وإسحق ويعقوب والأسباط
وآل عمران على العالمين يعني اختارهم للنبوة والرسالة على عالمي ذلك الزمان
فهم ذرية بعضها من بعض فكل هؤلاء من ذرية آدم ثم ذرية نوح ثم من ذرية إبراهيم إذ
قالت امرأة عمران بن ماثان واسمها حنة بنت فاقوذ وهي أم مريم رب إني نذرت لك ما في
بطني محررا وذلك أن أم مريم حنة كانت جلست عن الولد والمحيض فبينما هي ذات يوم في
ظل شجرة إذ نظرت إلى طير يزق فرخا له فتحركت نفسها للولد فدعت الله أن يهب لها
ولدا فحاضت من ساعتها فلما طهرت أتاها زوجها فلما أيقنت بالود ؟ قالت : لئن نجاني
الله ووضعت ما في بطني لأجعلنه محررا
وبنو ماثان من ملوك بني إسرائيل من نسل داود
والمحرر لا يعمل للدنيا ولا يتزوج ويتفرغ لعمل الآخرة
يعبد الله تعالى ويكون في خدمة الكنيسة ولم يكن محررا في ذلك الزمان إلا الغلمان
فقالت لزوجها : ليس جنس من جنس الأنبياء إلا وفيهم محرر غيرنا وإني جعلت ما في
بطني نذيرة تقول : نذرت أن أجعله لله فهو المحرر
فقال زوجها : أرأيت إن كان
(2/180)
الذي
في بطنك أنثى - والأنثى عورة - فكيف تصنعين ؟ فاغتمت لذلك فقالت عند ذلك رب إني
نذرت لك ما في بطني محررا فتقبل مني إنك أنت السميع العليم يعني تقبل مني ما نذرت
لك
فلما وضعتها قالت رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى
والأنثى عورة ثم قالت وإني سميتها مريم وكذلك كان اسمها عند الله وإني أعيذها بك
وذريتها من الشيطان الرجيم يعني الملعون فاستجاب الله لها فلم يقربها الشيطان ولا
ذريتها عيسى
قال ابن عباس " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : كل ولد آدم ينال منه
الشيطان يطعنه حين يقع بالأرض بأصبعه لما يستهل لا ما كان من مريم وابنها لم يصل
إبليس إليهما قال ابن عباس : لما وضعتها خشيت حنة أم مريم أن لا تقبل أنثى محررة
فلفتها في الخرقة ووضعتها في بيت المقدس عند القراء فتساهم القراء عليها لأنها
كانت بنت إمامهم وكان إمام القراء من ولد هارون
أيهم يأخذها فقال زكريا - وهو رأس الأحبار - أنا آخذها وأنا أحقهم بها لأن خالتها
عندي - يعني أم يحيى - فقال القراء : وإن كان في القوم من هو أفقر إليها منك ؟ ولو
تركت لأحق الناس بها تركت لأبيها ولكنها محررة غير أن نتساهم عليها فمن خرج سهمه
فهو أحق بها فقرعوا ثلاث مرات بأقلامهم التي كانوا يكتبون بها الوحي أيهم يكفل
مريم يعني أيهم يقبضها فقرعهم زكريا
وكانت قرعة أقلامهم أنهم جمعوها في موضع ثم غطوها فقالوا لبعض خدم بيت المقدس من
الغلمان الذين لم يبلغوا الحلم : أدخل يدك فأخرج قلما منها فأدخل يده فأخرج قلم
زكريا فقالوا : لا نرضى ولكن نلقي الأقلام في الماء فمن خرج قلمه في جرية الماء ثم
ارتفع فهو يكفلها
فألقوا أقلامهم في نهر الأردن فارتفع قلم زكريا في جرية الماء فقالوا : نقترع
الثالثة فمن جرى قلمه مع الماء فهو يكفلها
فألقوا أقلامهم فجرى قلم زكريا مع الماء وارتفعت أقلامهم في جرية الماء وقبضها عند
ذلك زكريا
فذلك قوله وكفلها زكريا يعني قبضها ثم قال فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا
حسنا يعني رباها تربية حسنة في عبادة وطاعة لربها حتى ترعرعت وبنى لها زكريا
محرابا في بيت المقدس وجعل بابه في وسط الحائط لا يصعد إليها إلا بسلم
(2/181)
و
كان استأجر لها ظئرا فلما تم لها حولان فطمت وتحركت فكان يغلق عليها الباب
والمفتاح معه لا يأمن عليه أحدا لا يأتيها بما يصلحها أحد غيره حتى بلغت "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن عساكر عن عكرمة قال : اسم أم مريم حنة
وأخرج الحاكم عن أبي هريرة قال : حنة ولدت مريم أم عيسى
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله نذرت لك ما في بطني محررا قال : كانت نذرت
أن تجعله في الكنيسة يتعبد بها وكانت ترجو أن يكون ذكرا
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال : نذرت أن تجعله محررا للعبادة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله محررا قال : خادما
للبيعة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من وجه آخر عن مجاهد في قوله محررا قال : خالصا لا
يخالطه شيء من أمر الدنيا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : كانت امرأة عمران حررت لله
ما في بطنها وكانوا إنما يحررون الذكور وكان المحرر إذا حرر جعل في الكنيسة لا
يبرحها يقوم عليها ويكنسها وكانت المرأة لا تستطيع أن تصنع بها ذلك لما يصيبها من
الأذى فعند ذلك قالت وليس الذكر كالأنثى
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير محررا قال : جعلته لله والكنيسة فلا يحال بينه
وبين العبادة
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال : كانت المرأة في زمان بني إسرائيل إذا ولدت غلاما
أرضعته حتى إذا أطاق الخدمة دفعته إلى الذين يدرسون الكتب فقالت : هذا محرر لكم
يخدمكم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال : إن امرأة عمران كانت عجوزا عاقرا تسمى
حنة وكانت لا تلد فجعلت تغبط النساء لأولادهن فقالت : اللهم إن علي نذرا شكرا إن
رزقتني ولدا أن أتصدق به على بيت المقدس فيكون من سدنته وخدامه فلما وضعتها قالت
رب إني وضعتها أنثى
وليس الذكر كالأنثى يعني في المحيض ولا ينبغي لامرأة أن تكون مع الرجال ثم خرجت أم
مريم تحملها في خرقتها إلى بني الكاهن ابن هارون أخي موسى قال : وهم يومئذ يلون من
بيت
(2/182)
المقدس
ما يلي الحجبة من الكعبة فقالت لهم : دونكم هذه النذيرة فإني حررتها وهي ابنتي ولا
يدخل الكنيسة حائض وأنا لا أردها إلى بيتي فقالوا : هذه ابنة إمامنا - وكان عمران
يؤمهم في الصلاة - فقال زكريا : ادفعوها إلي فإن خالتها تحتي فقالوا : لا تطيب
أنفسنا بذلك
فذلك حين اقترعوا عليها بالأقلام التي يكتبون بها التوراة فقرعهم زكريا فكفلها
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس أنه كان يقرأ والله أعلم بما وضعت
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك أنه قرأ بما وضعت برفع التاء
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم بن أبي النجود أنه كان يقرؤها برفع التاء
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن سفيان بن حسين والله أعلم بما وضعت قال
: على وجه الشكاية إلى الرب تبارك وتعالى
وأخرج عبد بن حميد عن الأسود أنه كان يقرؤها والله أعلم بما وضعت بنصب العين
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم أنه كان يقرؤها والله أعلم بما وضعت بنصب العين
أما قوله تعالى وإني أعيذها الآية
أخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي
هريرة قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما من مولود يولد إلا
والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخا من مس الشيطان إياه إلا مريم وابنها "
ثم قال أبو هريرة : واقرأوا إن شئتم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " كل مولود من ولد آدم له طعنة من الشيطان وبها يستهل
الصبي إلا ما كان من مريم بنت عمران وولدها فإن أمها قالت حين وضعتها وإني أعيذها
بك وذريتها من الشيطان الرجيم فضرب بينهما حجاب فطعن في الحجاب "
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما
من مولود يولد إلا وقد عصره الشيطان عصرة أو عصرتين إلا عيسى بن مريم ومريم ثم قرأ
رسول الله صلى الله عليه و سلم وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم "
(2/183)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس قال : ما ولد مولود إلا قد استهل غير المسيح ابن مريم لم
يسلط عليه الشيطان ولم ينهزه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن عساكر عن وهب بن منبه قال : لما ولد عيسى عليه
السلام أتت الشياطين إبليس فقالوا : أصبحت الأصنام قد نكست رؤوسها فقال : هذا حدث
مكانكم فطار حتى جاب خافقي الأرض فلم يجد شيئا ثم جاء البحار فلم يقدر على شيء ثم
طار أيضا فوجد عيسىعليه السلام قد ولد عند مدود حمار وإذا الملائكة قد حفت حوله فرجع
إليهم فقال : ان نبيا قد ولد البارحة ما حملت أنثى قط ولا وضعت إلا وأنا بحضرتها
إلا هذا
فأيسوا أن تعبد الأصنام بعد هذه الليلة ولكن ائتوا بني آدم من قبل الخفة والعجلة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان
الرجيم قال : " ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : كل بني آدم طعن
الشيطان في جنبه إلا عيسى بن مريم وأمه جعل بينهما وبينه حجاب فأصابت الطعنة
الحجاب ولم ينفذ اليهما شيء
وذكر لنا أنهما كانا لا يصيبان الذنوب كما يصيبه سائر بني آدم
وذكر لنا أن عيسى عليه السلام كان يمشي على البحر كما يمشي على البر مما أعطاه
الله من اليقين والإخلاص "
وأخرج ابن جرير عن الربيع وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم قال : "
إن النبي صلى الله عليه و سلم قال : كل آدمي طعن الشيطان في جنبه غير عيسى وأمه
كانا لا يصيبان الذنوب كما يصيبها بنو آدم
قال : وقال عيسى صلى الله عليه و سلم فيما يثني على ربه : وأعاذني وأمي من الشيطان
الرجيم فلم يكن له علينا سبيل "
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : لولا أنها قالت وإني أعيذها بك وذريتها من
الشيطان الرجيم إذن لم تكن لها ذرية
الآية 37
(2/184)
أخرج
ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله فتقبلها ربها بقبول حسن قال : تقبل من
أمها ما أرادت بها الكنيسة فأجرها فيه وأنبتها نباتا حسنا قال : نبتت في غذاء الله
وأخرج ابن جرير عن الربيع وكفلها زكريا قال : ضمها إليه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : كفلها
زكريا فدخل عليها المحراب فوجد عندها رزقا عنبا في مكتل في غير حينه قال : أنى لك
هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب قال : إن الذي يرزقك
العنب في غير حينه لقادر أن يرزقني من العاقر الكبير العقيم ولدا هنالك دعى زكريا
ربه فلما بشر بيحيى قال رب اجعل لي آية قال آيتك أن لا تكلم الناس قال : يعتقل
لسانك من غير مرض وأنت سوي
وأخرج عبد بن حميد وآدم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن
مجاهد في قوله وكفلها زكريا قال : سهمهم بقلمه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : كانت مريم ابنة سيدهم وإمامهم فتشاح
عليها أحبارهم فاقترعوا فيها بسهامهم أيهم يكفلها وكان زكريا زوج خالتها فكفلها
وكانت عنده وحضنتها
وأخرج البيهقي في سننه عن ابن مسعود وابن عباس وناس من الصحابة أن الذين كانوا
يكتبون التوراة إذا جاؤوا إليهم بإنسان محرر واقترعوا عليه أيهم يأخذه فيعلمه وكان
زكريا أفضلهم يومئذ وكان معهم وكانت أخت أم مريم تحته فلما أتوا بها قال لهم زكريا
: أنا أحقكم بها تحتي أختها
قال : فخرجوا إلى نهر الأردن فألقوا أقلامهم التي يكتبون بها أيهم يقوم قلمه
فيكفلها فجرت الأقلام وقام قلم زكريا على قرنيه كأنه في طين فأخذ الجارية
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس وكفلها زكريا قال : جعلها معه في محرابه
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم بن أبي النجود أنه قرأها وكفلها مشددة زكرياء ممدودة
مهموز منصوب
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس وجد عندها رزقا قال : مكتلا فيه عنب في غير حينه
(2/185)
وأخرج
عبد بن حميد عن ابن جرير عن مجاهد وجد عندها رزقا قال : عنبا في غير زمانه
وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن مجاهد وجد عندها رزقا قال : فاكهة الصيف في الشتاء
وفاكهة الشتاء في الصيف
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن مجاهد وجد عندها رزقا قال : علما
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس وجد عندها رزقا قال : وجد عندها ثمار الجنة
فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس وجد عندها رزقا قال : الفاكهة الغضة حين
لا توجد الفاكهة عند أحد
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك أنى يعني من أين
وأخرج عن الضحاك أنى لك هذا يقول من أتاك بهذا
وأخرج أبو يعلى عن جابر " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أقام أياما لم
يطعم طعاما حتى شق ذلك عليه فطاف في منازل أزواجه فلم يجد عند واحدة منهن شيئا
فأتى فاطمة فقال يا بنية هل عندك شيء آكله فاني جائع ؟ فقالت : لا والله
فلما خرج من عندها بعثت إليها جارة لها برغيفين وقطعة لحم فأخذته منها فوضعته في
جفنة لها وقالت : والله لأوثرن بهذا رسول الله صلى الله عليه و سلم على نفسي ومن
عندي وكانوا جميعا محتاجين إلى شبعة طعام فبعثت حسنا أو حسينا إلى رسول الله صلى
الله عليه و سلم فرجع إليها فقالت له : - بأبي أنت وأمي - قد أتى الله بشيء قد
خبأته لك فقال : هلمي يا بنية بالجفنة فكشفت عن الجفنة فإذا هي مملوءة خبزا ولحما
فلما نظرت إليها بهتت وعرفت أنها بركة من الله
فحمدت الله تعالى وقدمته إلى النبي صلى الله عليه و سلم فلما رآه حمد الله وقال :
من أين لك هذا يا بنية ؟ قالت : يا أبت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير
حساب "
الآية 38
(2/186)
أخرج
ابن جرير عن ابن عباس قال : لما رأى ذلك زكريا يعني فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة
الشتاء في الصيف عند مريم قال : إن الذي يأتي بهذا مريم في غير زمانه قادر على أن
يرزقني ولدا فذلك حين دعا ربه
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن الحسن قال : لما وجد زكريا عند مريم ثمر الشتاء
في الصيف وثمر الصيف في الشتاء يأتيها به جبريل قال لها : أنى لك هذا في غير حينه
؟ فقالت : هذا رزق من عند الله يأتي به الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب فطمع
زكريا في الولد فقال : إن الذي أتى مريم بهذه الفاكهة في غير حينها لقادر أن يصلح
لي زوجتي ويهب لي منها ولدا فعند ذلك دعا زكريا ربه وذلك لثلاث ليال بقين من
المحرم
قام زكريا فاغتسل ثم ابتهل في الدعاء إلى الله قال : يا رازق مريم ثمار الصيف في
الشتاء وثمار الشتاء في الصيف هب لي من لدنك - يعني من عندك - ذرية طيبة يعني تقيا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي ذرية طيبة يقول : مباركة
الآية 39
ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي فنادته الملائكة قال : جبريل
وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن أبي حماد قال : في قراءة ابن مسعود فناداه جبريل
وهو قائم يصلي في المحراب و أخرج ابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود قال : ذكروا
الملائكة ثم تلا إن الذين لا يؤمنون بالآخرة ليسمون الملائكة تسمية الأنثى النجم
الآية 27 وكان يقرأها فناداه الملائكة
وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ "
فناداه الملائكة " بالتاء
وأخرج ابن المنذر عن إبراهيم قال : كان عبد الله يذكر الملائكة في القرآن
(2/187)
وأخرج
عبد بن حميد عن عاصم بن أبي النجود أنه قرأ فنادته الملائكة بالتاء إن الله بنصب
الألف يبشرك مثقلة
قوله تعالى وهو قائم يصلي
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ثابت قال : الصلاة خدمة الله في الأرض ولو علم
الله شيئا أفضل من الصلاة ما قال فنادته الملائكة وهو قائم يصلي
قوله تعالى : في المحراب
أخرج عبد المنذر عن السدي
المحراب المصلى
وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عمرو " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : اتقوا هذه المذابح
يعني المحاريب "
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن موسى الجهني قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " لا تزال أمتي بخير ما لم يتخذوا في مساجدهم مذابح كمذابح النصارى
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : اتقوا هذه المحاريب
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبيد بن أبي الجعد قال : كان أصحاب محمد صلى الله عليه و
سلم يقولون : إن من أشراط الساعة أن تتخذ المذابح في المساجد
يعني الطاقات
وأخرج ابن أبي شيبة عن أي ذر قال : إن من أشراط الساعة أن تتخذ المذابح في المساجد
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي أنه كره الصلاة في الطاق
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم أنه كان يكره الصلاة في الطاق
وأخرج ابن أبي شيبة عن سالم بن أبي الجعد أنه كان يكره المذابح في المساجد
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب أنه كره المذابح في المسجد
وأخرج ابن جرير عن معاذ الكوفي قال : من قرأ يبشر مثقلة فإنه من البشارة ومن قرأ
يبشر مخففة بنصب الباء فإنه من السرور
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال : إن الملائكة شافهته بذلك مشافهة فبشرته
بيحيى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة أن الله يبشرك
بيحيى قال : إنما سمي يحيى لأن الله أحياه بالإيمان
(2/188)
وأخرج
ابن عدي والدارقطني في الأفراد والبيهقي وابن عساكر عن ابن مسعود مرفوعا "
خلق الله فرعون في بطن أمه كافرا وخلق يحيى بن زكريا في بطن أمه مؤمنا "
وأخرج الفرياني وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس
مصدقا بكلمة من الله قال : عيسى بن مريم والكلمة يعني تكون بكلمة من الله
وأخرج أحمد في الزهد وابن جرير عن مجاهد قال : قالت امرأة زكريا لمريم : اني أجد
الذي في بطني يتحرك للذي في بطنك فوضعت امرأة زكريا يحيى عليه السلام ومريم عيسى
عليه السلام وذلك قوله مصدقا بكلمة من الله قال : يحيى مصدق بعيسى
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك في قوله مصدقا بكلمة من الله قال : كان يحيى
أول من صدق بعيسى وشهد أنه كلمة من الله
قال : وكان يحيى ابن خالة عيسى وكان أكبر من عيسى
وأخرج ابن جرير عن قتادة مصدقا بكلمة من الله يقول : مصدق بعيسى وعلى سنته ومنهاجه
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن ابن عباس مصدقا بكلمة من الله قال : كان عيسى
ويحيى ابني خالة وكانت أم يحيى تقول لمريم : إني أجد الذي في بطني يسجد للذي في
بطنك فذلك تصديقه بعيسى سجوده في بطن أمه
وهو أول من صدق بعيسى وكلمة عيسى
ويحيى أكبر من عيسى
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : لقيت أم يحيى أم عيسى وهذه حامل بيحيى وهذه حامل
بعيسى فقالت امرأة زكريا : إني وجدت ما في بطني يسجد لما في بطنك
فذلك قوله تعالى مصدقا بكلمة من الله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس وسيدا قال : حليما تقيا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال : " السيد " الكريم على الله
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الغضب وابن جرير عن عكرمة قال : " السيد "
الذي لا يغلبه الغضب
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن المسيب قال : " السيد " الفقيه العالم
(2/189)
وأخرج
أحمد في الزهد والخرائطي في مكارم الأخلاق عن الضحاك قال : " السيد "
الحسن الخلق والحصور الذي حصر عن النساء
وأخرج أحمد والبيهقي في سننه عن مجاهد قال : الحصور الذي لا يأتي النساء
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب بن منبه قال : نادى مناد من السماء إن يحيى بن زكريا
سيد من ولدت النساء وإن جورجيس سيد الشهداء
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن سعيد بن جبير قال : السيد الحليم و "
الحصور " الذي لا يأتي النساء
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن ابن عباس في قوله و
سيدا وحصورا قال : " السيد " الحليم و " الحصور " الذي لا
يأتي النساء
وأخرج أحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال :
" الحصور " الذي لا ينزل الماء
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن مسعود قال : " الحصور
" الذي لا يقرب النساء
ولفظ ابن المنذر : العنين
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن عمرو بن العاص عن النبي
صلى الله عليه و سلم قال " ما من عبد يلقى الله إلا ذا ذنب إلا يحيى بن زكريا
فإن الله يقول : و سيدا وحصورا قال : وإنما كان ذكره مثل هدبة الثوب وأشار بأنملته
"
وأخرجه ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن أبي حاتم وابن عساكر عن أبي هريرة من وجه
آخر عن ابن عمرو
موقوفا وهو أقوى إسنادا من المرفوع
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر عن أبي هريرة : " أن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : كل ابن آدم يلقى الله بذنب قد أذنبه يعذبه عليه إن شاء أو يرحمه إلا
يحيى بن زكريا فإنه كان سيدا وحصورا ونبيا من الصالحين ثم أهوى النبي صلى الله
عليه و سلم إلى قذاة من الأرض فأخذها وقال : كان ذكره مثل هذه القذاة "
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
أربعة لعنوا في الدنيا والآخرة وأمنت الملائكة : رجل جعله الله ذكرا فأنث نفسه
وتشبه بالنساء وامرأة
(2/190)
جعلها
الله أنثى فتذكرت وتشبهت بالرجال والذي يضل الأعمى ورجل حصور ولم يجعل الله حصورا
إلا يحيى بن زكريا "
وأخرج ابن عساكر عن معاوية بن صالح عن بعضهم رفع الحديث " لعن الله والملائكة
رجلا تحصر بعد يحيى بن زكريا "
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن المسيب في قوله و حصورا قال : لا يشتهي النساء ثم ضرب
بيده إلى الأرض فأخذ نواة فقال : ما كان معه مثل هذه
وأخرج الطسي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله وحصورا قال :
الذي لا يأتي النساء
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول الشاعر : وحصور عن الخنا يأمر
النا س بفعل الحراب والتشمير
الآيتان 40 - 41
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : لما سمع زكريا النداء جاءه الشيطان
فقال له : يا زكريا إن الصوت الذي سمعت ليس هو من الله إنما هو من الشيطان ليسخر
بك ولو كان من الله أوحى إليك كما يوحي إليك في غيره من الأمر
فشك مكانه وقال أنى يكون لي غلام
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : أتاه الشيطان فأراد أن يكدر عليه نعمة ربه قال : هل
تدري من ناداك ؟ قال : نعم
ناداني ملائكة ربي قال : بل ذلك الشيطان لو كان هذا من ربك لأخفاه إليك كما أخفيت
نداءك فقال رب اجعل لي آية
أما قوله تعالى وامرأتي عاقر
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال اسم أم يحيى أشيع
(2/191)
قوله
تعالى : قال كذلك يفعل الله ما يشاء
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله كذلك يعني هكذا
وفي قوله رب اجعل لي آية قال : قال زكريا : رب فان كان هذا الصوت منك فاجعل لي آية
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رب اجعل لي آية قال بالحمل به
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام قال : انما عوقب بذلك لأن الملائكة شافهته
بذلك مشافهة فبشرته بيحيى فسأل الآية بعد كلام الملائكة إياه فأخذ عليه بلسانه
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : اعتقل لسانه من غير مرض
وأخرج عن السدي قال : اعتقل لسانه ثلاثة أيام وثلاث ليال
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن جبير بن نفير قال : ربا لسانه في فيه حتى ملأه
فمنعه الكلام ثم أطلقه الله بعد ثلاث
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله إلا رمزا قال : " الرمز "
بالشفتين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد إلا رمزا قال : ايماؤه بشفتيه
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير إلا رمزا قال : الإشارة
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : " الرمز " أن يشير بيده أو رأسه ولا
يتكلم
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : الرمز أن أخذ بلسانه فجعل يكلم
الناس بيده
وأخرج الطسي في مسائله وابن الأنباري في الوقف والإبتداء عن ابن عباس أن نافع بن
الأزرق سأله عن قوله إلا رمزا قال : الإشارة باليد والوحي بالرأس قال : وهل تعرف
العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر : ما في السماء من الرحمن مرتمز إلا إليه وما في الأرض من وزر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم عن محمد بن كعب القرظي قال :
لو رخص الله لأحد في ترك الذكر لرخص لزكريا عليه السلام حيث قال
(2/192)
آيتك
أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا واذكر ربك كثيرا ولو رخص لأحد في ترك الذكر
لرخص للذين يقاتلون في سبيل الله قال الله يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة
فاثبتوا واذكروا الله كثيرا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله و سبح
بالعشي والإبكار قال العشي ميل الشمس إلى أن تغيب و الإبكار أول الفجر
الآيات 42 - 43 - 44 - 45
أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله
إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين قال " كان أبو هريرة يحدث عن
رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : خير نساء ركبن الإبل نساء قريش
أحناه على ولد في صغره وأرعاه على زوج في ذات يده
قال أبو هريرة : ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا قط " أخرجه الشيخان بدون
الآية
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن مردويه عن
علي " سمعت رسول الله يقول : خير نسائها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة
بنت خويلد "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
أفضل نساء العالمين خديجة وفاطمة ومريم وآسية امرأة فرعون "
(2/193)
وأخرج
ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن الله اصطفى
على نساء العالمين أربعا : آسية بنت مزاحم ومريم بنت عمران وخديجة بنت خويلد
وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه و سلم "
وأخرج أحمد والترمذي وصححه وابن المنذر وابن حبان والحاكم عن أنس " إن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران وخديجة بنت
خويلد وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه و سلم وآسية امرأة فرعون " وأخرجه ابن
أبي شيبة عن الحسن
مرسلا
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير عن أبي
موسى قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم كمل من الرجال كثير ولم يكمل
من النساء إلا : مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون وفضل عائشة على النساء كفضل
الثريد على الطعام "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن فاطمة رضي الله عنها قالت : " قال لي رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " أنت سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم البتول
"
وأخرج ابن جرير عن عمار بن سعد قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
فضلت خديجة على نساء أمتي كما فضلت مريم على نساء العالمين "
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" سيدة نساء أهل الجنة مريم بنت عمران ثم فاطمة ثم خديجة ثم آسية امرأة فرعون
"
وأخرج ابن عساكر من طريق مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال " أربع نسوة سيدات عالمهن : مريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم وخديجة
بنت خويلد وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه و سلم وأفضلهن عالما فاطمة "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : " قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " فاطمة سيدة نساء العالمين بعد مريم ابنة عمران وآسية
امرأة فرعون وخديجة ابنة خويلد "
وأخرج ابن أبي شيبة عن مكحول قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
خير نساء ركبن الإبل نساء قريش أحناه على ولد في صغره وأرعاه على بعل في ذات يده
ولو علمت ان مريم ابنة عمران ركبت بعيرا ما فضلت عليها أحدا "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله إن الله
اصطفاك وطهرك قال : جعلك طيبة إيمانا
(2/194)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي وطهرك قال : من الحيض واصطفاك على نساء العالمين قال : على
نساء ذلك الزمان الذي هم فيه
وأخرج ابن جرير عن ابن إسحق قال : كانت مريم حبيسا في الكنيسة ومعها في الكنيسة
غلام اسمه يوسف وقد كان أمه وأبوه جعلاه نذيرا حبيسا فكانا في الكنيسة جميعا وكانت
مريم إذا نفذ ماؤها وماء يوسف أخذا قلتيهما فانطلقا إلى المفازة التي فيها الماء
فيملآن ثم يرجعان والملائكة في ذلك مقبلة على مريم يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك
واصطفاك على نساء العالمين فإذا سمع ذلك زكريا قال : إن لابنة عمران لشأنا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد يا مريم اقنتي لربك قال : أطيلي الركود يعني
القيام
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال : لما قيل لها اقنتي لربك قامت حتى ورمت
قدماها
وأخرج ابن جرير عن الأوزاعي قال : كانت مريم تقوم حتى يسيل القيح من قدميها
وأخرج ابن عساكر عن ابن سعيد قال : كانت مريم تصلي حتى ترم قدماها
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير اقنتي لربك قال : أخلصي
وأخرج عن قتادة قال اقنتي لربك قال : أطيعي ربك
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن ابن مسعود أنه كان يقرأ واركعي واسجدي في
الساجدين
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله وما كنت لديهم يعني محمدا صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله وما كنت لديهم
إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم قال : إن مريم عليها السلام لما وضعت في المسجد
اقترع عليها أهل المصلى وهم يكتبون الوحي فاقترعوا بأقلامهم أيهم يكفلها فقال الله
لمحمد : و ما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم
قال : ألقوا أقلامهم في الماء فذهبت مع الجرية وصعد قلم زكريا فكفلها زكريا
(2/195)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع قال : ألقوا أقلامهم يقال : عصيهم تلقاء جرية
الماء فاستقبلت عصا زكريا عليه السلام جرية الماء فقرعهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج قال أقلامهم قال : التي يكتبون بها التوراة
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد
مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عطاء أقلامهم يعني قداحهم
وأخرج اسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس قال " لما وهب الله لزكريا يحيى
وبلغ ثلاث سنين بشر الله مريم بعيسى فبينما هي في المحراب إذ قالت الملائكة - وهو
جبريل وحده - يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك من الفاحشة واصطفاك يعني اختارك على
نساء العالمين عالم أمتها يا مريم اقنتي لربك يعني صلي لربك يقول : اركدي لربك في
الصلاة بطول القيام فكانت تقوم حتى ورمت قدماها واسجدي واركعي مع الراكعين يعني مع
المصلين مع قراء بيت المقدس
يقول الله لنبيه صلى الله عليه و سلم ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك يعني بالخبر
الغيب في قصة زكريا ويحيى ومريم و ما كنت لديهم يعني عندهم إذ يلقون أقلامهم في
كفالة مريم ثم قال يا محمد يخبر بقصة عيسى إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك
بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيها في الدنيا يعني مكينا عند الله في
الدنيا من المقربين في الآخرة ويكلم الناس في المهد يعني في الخرق وكهلا ويكلمهم
كهلا إذا اجتمع قبل أن يرفع إلى السماء ومن الصالحين يعني من المرسلين "
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن وهب قال : لما استقر حمل مريم وبشرها جبريل وثقت
بكرامة الله واطمأنت فطابت نفسا واشتد أزرها وكان معها في المحررين ابن خال لها
يقال له يوسف وكان يخدمها من وراء الحجاب ويكلمها ويناولها الشيء من وراء الحجاب
وكان أول من اطلع على حملها هو واهتم لذلك وأحزنه وخاف من البلية التي لا قبل له
بها ولم يشعر من أين أتيت مريم وشغله عن النظر في أمر نفسه وعمله لأنه كان رجلا
متعبدا حكيما وكان من قبل أن تضرب مريم الحجاب على نفسها تكون معه ونشأ معها
(2/196)
وكانت
مريم اذا نفذ ماؤها وماء يوسف أخذا قلتيهما ثم انطلقا إلى المفازة التي فيها الماء
فيملآن قلتيهما ثم يرجعان إلى الكنيسة والملائكة مقبلة على مريم بالبشارة يا مريم
إن الله اصطفاك وطهرك فكان يعجب يوسف ما يسمع
فلما استبان ليوسف حمل مريم وقع في نفسه من أمرها حتى كاد أن يفتتن فلما أراد أن
يتهمها في نفسه ذكر ما طهرها الله واصطفاها وما وعد الله أمها أنه يعيذها وذريتها
من الشيطان الرجيم وما سمع من قول الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك فذكر
الفضائل التي فضلها الله تعالى بها وقال : إن زكريا قد أحرزها في المحراب فلا يدخل
عليها أحد وليس للشيطان عليها سبيل فمن أين هذا ؟ فلما رأى من تغير لونها وظهور
بطنها عظم ذلك عليه فعرض لها فقال : يا مريم هل يكون زرع من غير بذر ؟ قالت : نعم
قال : وكيف ذلك ؟ ! قالت : إن الله خلق البذرالأول من غير نبات وأنبت الزرع الأول
من غير بذر ولعلك تقول : لولا أنه استعان عليه بالبذر لغلبه حتى لا يقدر على أن
يخلقه ولا ينبته
قال يوسف : أعوذ بالله أن أقول ذلك قد صدقت وقلت بالنور والحكمة وكما قدر أن يخلق
الزرع الأول وينبته من غير بذر يقدر على أن يجعل زرعا من غير بذر فأخبريني هل ينبت
الشجر من غير ماء ولا مطر ؟ قالت : ألم تعلم أن للبذور والزرع والماء والمطر والشجر
خالقا واحدا ! فلعلك تقول لولا الماء والمطر لم يقدر على أن ينبت الشجر
قال : أعوذ بالله أن أقول ذلك ! قد صدقت
فأخبريني هل يكون ولد أو رجل من غير ذكر ؟ قالت : نعم
قال : وكيف ذلك ؟ قالت : ألم تعلم أن الله خلق آدم وحواء امرأته من غير حبل ولا
أنثى ولا ذكر قال : بلى
فأخبريني خبرك ؟ قالت : بشرني الله بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم إلى قوله
ومن الصالحين فعلم يوسف أن ذلك أمر من الله لسبب خير أراده بمريم فسكت عنها
فلم تزل على ذلك حتى ضربها الطلق فنوديت : أن اخرجي من المحراب فخرجت
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك قال
: شافهتها الملائكة بذلك
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله يبشرك بكلمة منه
قال : عيسى هو الكلمة من الله
(2/197)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لم يكن من الأنبياء من له اسمان إلا عيسى ومحمد
عليهما السلام
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم قال : المسيح الصديق
وأخرج ابن جرير عن سعيد قال : إنما سمي المسيح لأنه مسح بالبركة
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن عبد الرحمن الثقفي أن عيسى كان سائحا ولذلك سمي
المسيح كان يمسي بأرض ويصبح بأخرى وأنه لم يتزوج حتى رفع
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ومن المقربين يقول : ومن المقربين
عند الله يوم القيامة
الآيتان 46 - 47
أخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج قال : بلغني عن ابن عباس قال : المهد
مضجع الصبي في رضاعه
وأخرج البخاري وابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة : عيسى عليه السلام وكان في بني إسرائيل رجل
يقال له جريج كان يصلي فجاءته أمه فدعته فقال : أجيبها أو أصلي ؟ فقالت : اللهم لا
تمته حتى تريه وجوه المومسات
وكان جريج في صومعته فتعرضت له امرأة وكلمته فأبى فأتت راعيا فأمكنته من نفسها
فولدت غلاما فقالت : من جريج
فأتوه فكسروا صومعته وأنزلوه وسبوه فتوضأ وصلى ثم أتى الغلام فقال : من أبوك يا
غلام ؟ قال : الراعي
فقالوا له : نبني صومعتك من ذهب قال : لا إلا من طين
و كانت امرأة ترضع ابنا لها من بني إسرائيل فمر بها رجل راكب ذو شارة فقالت :
اللهم اجعل ابني مثله
فترك ثديها وأقبل على الراكب فقال : اللهم لا تجعلني مثله
ثم أقبل على ثديها يمصه ثم مرا بأمة تجزر ويلعب بها فقالت : اللهم لا تجعل ابني
مثل هذه
فترك ثديها فقال : اللهم اجعلني مثلها فقالت : لم ذاك
؟ !
(2/198)
فقال
: الراكب جبار من الجبابرة وهذه الأمة يقولون لها زنيت وتقول حسبي الله ويقولون
سرقت وتقول حسبي الله
وأخرج أبو الشيخ والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال " قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : لم يكن يتكلم في المهد إلا عيسى وشاهد يوسف وصاحب جريج
وابن ماشطة فرعون "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ويكلم الناس في المهد وكهلا قال : يكلمهم
صغيرا وكبيرا
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس وكهلا قال : في سن كهل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : "
الكهل " الحليم
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي حبيب قال : " الكهل " منتهى الحلم
وأخرج ابن جرير عن أبي زيد في الآية قال : قد كلمهم عيسى عليه السلام في المهد
وسيكلمهم إذا أقبل الدجال وهو يومئذ كهل
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير قال كذلك الله يخلق ما يشاء أي يصنع ما
أراد ويخلق ما يشاء من بشر إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون مما يشاء وكيف
يشاء فيكون كما أراد
الآية 48
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ويعلمه الكتاب قال : الخط بالقلم
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج ويعلمه الكتاب قال : بيده
وأخرج ابن المنذر بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال : عندما ترعرع عيسى جاءت به أمه
إلى الكتاب فدفعته إليه فقال : قل بسم
قال عيسى : الله
فقال المعلم : قل الرحمن
قال عيسى : الرحيم
فقال المعلم : قل أبو جاد قصد بها أيحد
قال : هو في كتاب
فقال عيسى : أتدري ما ألف ؟ قال : لا
قال : آلاء الله
أتدري ما باء ؟
(2/199)
قال
: لا
قال : بهاء الله
أتدري ما جيم ؟ قال : لا
قال : جلال الله
أتدري ما اللام ؟ قال : لا
قال : آلاء الله
فجعل يفسر على هذا النحو
فقال المعلم : كيف أعلم من هو أعلم مني ؟ ! قالت : فدعه يقعد مع الصبيان
فكان يخبر الصبيان بما يأكلون وما تدخر لهم أمهاتهم في بيوتهم
وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري وابن مسعود مرفوعا " قال : إن
عيسى بن مريم أسلمته أمه إلى الكتاب ليعلمه فقال له المعلم : اكتب بسم الله قال
عيسى : وما بسم ؟ قال له المعلم : ما أدري ؟ ! قال له عيسى : الباء بهاء الله
والسين سناؤه والميم مملكته والله إله الآلهة والرحمن رحمن الآخرة والدنيا والرحيم
رحيم الآخرة
أبو جاد : الألف
آلاء الله والباء بهاء الله جيم جلال الله دال الله الدائم
هوز : الهاء الهاوية واو ويل لأهل النار واد في جهنم زاي زين أهل الدنيا حطي : حاء
الله الحكيم طاء الله الطالب لكل حق حتى يرده أي أهل النهار وهو الوجع
كلمن : الكاف الله الكافي لام : الله القائم ميم الله المالك نون الله البحر سعفص
: سين السلام صاد الله الصادق عين الله العالم فاء الله ذكر كلمة صاد الله الصمد
قرشت قاف الجبل المحيط بالدنيا الذي أخضرت منه السماء راء رياء الناس بها سين ستر
الله تاء تمت أبدا
قال ابن عدي هذا الحديث باطل بهذا الإسناد لا يرويه غير إسمعيل بن يحيى
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طريق جويبر ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس
أن عيسى بن مريم أمسك عن الكلام بعد اذ كلمهم طفلا حتى بلغ ما يبلغ الغلمان ثم
أنطقه الله بعد ذلك بالحكمة والبيان فأكثر إليهود فيه وفي أمه من قول الزور فكان
عيسى يشرب اللبن من أمه فلما فطم أكل الطعام وشرب الشراب حتى بلغ سبع سنين أسلمته
أمه لرجل يعلمه كما يعلم الغلمان فلا يعلمه شيئا إلا بدره عيسى إلى علمه قبل أن
يعلمه إياه
فعلمه أبا جاد فقال عيسى : ما أبو جاد ؟ قال المعلم : لا أدري ! فقال عيسى : فكيف
تعلمني ما لا تدري ؟ ! فقال المعلم : إذن فعلمني
قال له عيسى : فقم من مجلسك فقام فجلس عيسى مجلسه فقال عيسى : سلني
فقال المعلم : فما أبو
(2/200)
أبجد
؟ فقال عيسى : الألف آلاء الله باء بهاء الله جيم بهجة الله وجماله
فعجب المعلم من ذلك فكان أول من فسر أبجد عيسى ابن مريم عليه السلام
قال وسأل عثمان بن عفان رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال "
يا رسول الله ما تفسسير أبي جاد ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : تعلموا
تفسير أبي جاد فإن فيه الأعاجيب كلها ويل لعالم جهل تفسيره
فقيل : يا رسول الله وما تفسير أبي جاد ؟ قال : الألف آلاء الله والباء بهجة الله
وجلاله والجيم مجد الله والدال دين الله هوز الهاوية ويل لمن هوى فيها والواو ويل
لأهل النار والزاي الزاوية يعني زوايا جهنم
حطي : الحاء حط خطايا المستغفرين في ليلة القدر وما نزل به جبريل مع الملائكة إلى
مطلع الفجر والطاء طوبى لهم وحسن مآب وهي شجرة غرسها الله بيده والياء يد الله فوق
خلقه
كلمن : الكاف كلام الله لا تبديل لكلماته واللام إلمام أهل الجنة بينهم بالزيارة
والتحية والسلام وتلاوم أهل النار بينهم والميم ملك الله الذي لا يزول ودوام الله
الذي لا يفنى ونون نون والقلم وما يسطرون القلم الآية 1 - 2 صعفص : الصاد صاع بصاع
وقسط بقسط وقص بقص يعني الجزاء بالجزاء وكما تدين تدان والله لا يريد ظلما للعباد
قرشت : يعني قرشهم فجمعهم يقضي بينهم يوم القيامة وهم لا يظلمون
ذكر نبذ من حكم عيسى عليه السلام أخرج ابن المبارك في الزهد أخبرنا ابن عيينة عن
خلف بن حوشب قال : قال عيسى عليه السلام للحواريين : كما ترك لكم الملوك الحكمة
فكذلك اتركوا لهم الدنيا
وأخرج ابن عساكر عن يونس بن عبيد قال : كان عيسى بن مريم عليه السلام يقول : لا
يصيب أحد حقيقة الإيمان حتى لا يبالي من أكل الدنيا
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد في الزهد عن ثابت البناني قال : قيل لعيسى
عليه السلام لو اتخذت حمارا تركبه لحاجتك ؟ فقال : أنا أكرم على الله من أن يجعل
لي شيئا يشغلني به
وأخرج ابن عساكر عن مالك بن دينار قال : قال عيسى : معاشر الحواريين إن خشية الله
وحب الفردوس يورثان الصبر على المشقة ويباعدان من زهرة الدنيا
(2/201)
وأخرج
ابن عساكر عن عتبة بن يزيد قال : قال عيسى بن مريم : يا ابن آدم الضعيف اتق الله
حيثما كنت وكل كسرتك من حلال واتخذ المسجد بيتا وكن في الدنيا ضعيفا وعود نفسك
البكاء وقلبك التفكر وجسدك الصبر ولا تهتم برزقك غدا فإنها خطيئة تكتب عليك
وأخرج ابن أبي الدنيا والاصبهاني في الترغيب عن محمد بن مطرف
أن عيسى قال : فذكره
وأخرج ابن أبي الدنيا عن وهيب المكي قال : بلغني أن عيسى عليه السلام قال : أصل كل
خطيئة حب الدنيا
ورب شهوة أورثت أهلها حزنا طويلا
وأخرج ابن عساكر عن يحيى بن سعيد قال : كان عيسى يقول : اعبروا الدنيا ولا تعمروها
وحب الدنيا رأس كل خطيئة والنظر يزرع في القلب الشهوة
وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان عن سفيان بن سعيد قال : كان عيسى عليه السلام
يقول : حب الدنيا أصل كل خطيئة والمال فيه داء كبير
قالوا : وما داؤه ؟ قال : لا يسلم من الفخر والخيلاء
قالوا : فإن سلم ؟ قال : يشغله إصلاحه عن ذكر الله
وأخرج ابن المبارك عن عمران الكوفي قال : قال عيسى بن مريم للحواريين : لا تأخذوا
ممن تعلمون الأجر الأمثل الذي أعطيتموني ويا ملح الأرض لا تفسدوا فإن كل شيء إذا
فسد فإنما يداوى بالملح وإن الملح إذا فسد فليس له دواء واعلموا أن فيكم خصلتين من
الجهل
الضحك من غير عجب والصبيحة من غير سهر
وأخرج الحكيم الترمذي عن يزيد بن ميسرة قال : قال عيسى عليه السلام : بالقلوب
الصالحة يعمر الله الأرض وبها يخرب الأرض إذا كانت على غير ذلك
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن مالك بن دينار قال : كان عيسى بن
مريم عليه السلام إذا مر بدار وقد مات أهلها وقف عليها فقال : ويح لأربابك الذين
يتوارثونك كيف لم يعتبروا فعلك بإخوانهم الماضين ؟ ! وأخرج البيهقي عن مالك بن
دينار قال : قالوا لعيسى عليه السلام يا روح الله ألا نبني لك بيتا ؟ قال : بلى
ابنوه علىساحل البحر قالوا : إذن يجيء الماء فيذهب به قال : أين تريدون ؟ تبنون لي
على القنطرة ؟
(2/202)
وأخرج
أحمد في الزهد عن بكر بن عبد الله قال : فقد الحواريون عيسى عليه السلام فخرجوا
يطلبونه فوجدوه يمشي على الماء فقال بعضهم : يا نبي الله أنمشي إليك ؟ قال : نعم
فوضع رجله ثم ذهب يضع الأخرى فانغمس فقال : هات يدك يا قصير الإيمان
لو أن لابن آدم مثقال حبة أو ذرة من اليقين إذن لمشى على الماء
وأخرج أحمد عن عبد الله بن نمير قال : سمعت أن عيسى عليه السلام قال : كانت ولم
أكن وتكون ولا أكون فيها
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال : لما بعث عيسى عليه السلام أكب الدنيا على وجهها
فلما رفع رفعها الناس بعده
وأخرج عبد الله ابنه في زوائده عن الحسن قال : قال عيسى عليه السلام : اني أكببت
الدنيا لوجهها وقعدت على ظهرها فليس لي ولد يموت ولا بيت يخرب
قالوا له : أفلا نتخذ لك بيتا ؟ قال : ابنوا لي على سبيل الطريق بيتا قالوا : لا
يثبت ! قالوا : أفلا نتخذ لك زوجة ؟ قال : ما أصنع بزوجة تموت ! وأخرج أحمد عن
خيثمة قال : مرت امرأة على عيسى عليه السلام فقالت : طوبى لثدي أرضعك وحجر حملك
فقال عيسى عليه السلام : طوبى لمن قرأ كتاب الله ثم عمل بما فيه
وأخرج أحمد عن وهب بن منبه قال : أوحى الله إلى عيسى عليه الصلاة و السلام : إني
وهبت لك حب المساكين ورحمتهم تحبهم ويحبونك ويرضون بك إماما وقائدا وترضى بهم
صحابة وتبعا وهما خلقان
اعلم أن من لقيني بهما لقيني بأزكى الأعمال وأحبها إلي
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن ميمون بن سياه قال : قال عيسى بن مريم : يا معشر
الحواريين اتخذوا المساجد مساكن واجعلوا بيوتكم كمنازل الأضياف
فما لكم في العالم من منزل ان أنتم إلا عابري سبيل
وأخرج أحمد عن وهب بن منبه أن عيسى عليه السلام قال : بحق أن أقول لكم أن أكناف
السماء لخالية من الأغنياء ولدخول جمل في سم الخياط أيسر من دخول غني الجنة
و اخرج عبد الله في زوائده عن جعفر بن حرفاس أن عيسى بن مريم قال : رأس الخطيئة حب
الدنيا والخمر مفتاح كل شر والنساء حبالة الشيطان
(2/203)
وأخرج
أحمد عن سفيان قال : قال عيسى بن عليه السلام : إن للحكمة أهلا
فإن وضعتها في غير أهلها أضعتها وإن منعتها من أهلها ضيعتها
كن كالطبيب يضع الدواء حيث ينبغي
وأخرج أحمد عن محمد بن واسع أن عيسى بن مريم قال يا بني إسرائيل إني أعيذكم بالله
أن تكونوا عارا على أهل الكتاب
يا بني إسرائيل قولكم شفاء يذهب الداء وأعمالكم داء لا تقبل الدواء
وأخرج أحمد عن وهب قال : قال عيسى لأحبار بني إسرائيل : لا تكونوا للناس كالذئب
السارق وكالثعلب الخدوع وكالحدأ الخاطف
وأخرج أحمد عن مكحول قال : قال عيسى بن مريم : يا معشر الحواريين أيكم يستطيع أن
يبني على موج البحر دارا ؟ قالوا : يا روح الله ومن يقدر على ذلك ! قال : إياكم
والدنيا فلا تتخذوها قرارا
وأخرج أحمد عن زياد أبي عمرو قال : بلغني أن عيسى عليه السلام قال : إنه ليس
بنافعك أن تعلم ما لم تعلم ولما تعمل بما قد علمت إن كثرة العلم لا تزيد إلا كبرا
إذا لم تعمل به
وأخرج أحمد عن إبراهيم بن الوليد العبدي قال : بلغني أن عيسى عليه الصلاة و السلام
قال : الزهد يدور في ثلاثة أيام : أمس خلا وعظت به واليوم زادك فيه وغدا لا تدري
ما لك فيه
قال : والأمر يدور علىثلاثة
أمر بان لك رشده فاتبعه وأمر بان لك غيه فاجتنبه وأمر أشكل عليك فكله إلى الله عز
و جل
وأخرج أحمد عن قتادة قال : قال عيسى عليه الصلام والسلام : سلوني فإن قلبي لين
وإني صغير في نفسي
وأخرج أحمد عن بشير الدمشقي قال : مر عيسى عليه الصلاة و السلام بقوم فقال : اللهم
اغفر لنا ثلاثا فقالوا : يا روح الله انا نريد أن نسمع منك اليوم موعظة ونسمع منك
شيئا لم نسمعه فيما مضى ؟ فأوحى الله إلى عيسى أن قل لهم " اني من أغفر له
مغفرة واحدة أصلح له بها دنياه وآخرته "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن خثيمة قال : كان عيسى عليه السلام إذا دعا القراء قام
عليهم ثم قال : هكذا اصنعوا بالقراء
وأخرج أحمد عن يزيد بن ميسرة قال : قال عيسى عليه السلام : إن أحببتم أن
(2/204)
تكونوا
أصفياء الله ونور بني آدم من خلقه فاعفوا عمن ظلمكم وعودوا من لا يعودكم وأحسنوا
إلى من لا يحسن اليكم وأقرضوا من لا يجزيكم
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عبيد بن عمير
أن عيسى عليه الصلاة و السلام كان يلبس الشعر ويأكل من ورق الشجر ويبيت حيث أمسى
ولا يرفع غداء ولا عشاء لغد ويقول : يأتي كل يوم برزقه
وأخرج أحمد عن وهب قال : قال عيسى ابن مريم : يا دار تخربين ويفنى سكانك ويا نفس
اعملي ترزقي ويا جسد انصب تسترح
وأخرج أحمد عن وهب ابن منبه قال : قال عيسى بن مريم للحواريين : بحق أقول لكم -
وكان عيسى عليه الصلاة و السلام كثيرا ما يقول بحق - أقول لكم : إن أشدكم حبا
للدنيا أشدكم جزعا على المصيبة
وأخرج أحمد عن عطاء الأزرق قال : بلغنا أن عيسى عليه الصلاة و السلام قال : يا
معشر الحواريين كلوا خبز الشعير ونبات الأرض والماء القراح وإياكم وخبز البر فإنكم
لا تقومون بشكره واعلموا أن حلاوة الدنيا مرارة الآخرة وأشد مرارة الدنيا حلاوة
الآخرة
وأخرج ابنه في زوائده عن عبد الله بن شوذب قال : قال عيسى بن مريم : جودة الثياب
من خيلاء القلب
وأخرج أحمد عن سفيان قال : قال عيسى عليه الصلاة و السلام : إني ليس أحدثكم
لتعجبوا إنما أحدثكم لتعلموا
وأخرج ابنه عن أبي حسان قال : قال عيسى بن مريم عليه الصلاة و السلام : كن كالطبيب
العالم يضع دواءه حيث ينفع
وأخرج ابنه عن عمران بن سليمان قال : بلغني أن عيسى بن مريم قال : يا بني إسرائيل
تهاونوا بالدنيا تهن عليكم وأهينوا الدنيا تكرم الآخرة عليكم ولا تكرموا الدنيا
فتهون الآخرة عليكم فإن الدنيا ليست بأهل الكرامة وكل يوم تدعو للفتنة والخسارة
وأخرج ابن المبارك وأحمد عن أبي غالب قال في وصية عيسى عليه الصلاة و السلام : يا
معشر الحواريين تحببوا إلى الله ببغض أهل المعاصي وتقربوا إليه بالمقت لهم
والتمسوا رضاه بسخطهم
قالوا : يا نبي الله فمن نجالس ؟ قال : جالسوا من
(2/205)
يزيد
في عملكم منطقه ومن يذكركم الله رؤيته ويزهدكم في الدنيا عمله
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال : أوحى الله إلى عيسى " عظ نفسك فإن اتعظت
فعظ الناس وإلا فاستحي مني "
وأخرج أحمد عن وهب قال : قال عيسى للحواريين : بقدر ما تنصبون ههنا تستريحون ههنا
وبقدر ما تستريحون ههنا تنصبون ههنا
وأخرج ابن المبارك وأحمد عن سالم بن أبي الجعد قال : قال عيسى عليه الصلاة و
السلام : طوبى لمن خزن لسانه ووسعه بيته وبكى من ذكر خطيئته
وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وأحمد عن هلال بن يساف قال : كان عيسى يقول : إذا
تصدق أحدكم بيمينه فليخفها عن شماله وإذا صام فليدهن وليمسح شفتيه من دهنه حتى
ينظر إليه الناظر فلا يرى أنه صائم وإذا صلى فليدن عليه ستر بابه فإن الله يقسم
الثناء كما يقسم الرزق
وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا عن خالد الربعي قال : ثبت أن عيسى عليه الصلاة و
السلام قال لأصحابه : أرأيتم لو أن أحدكم أتى على أخيه المسلم وهو نائم وقد كشفت
الريح بعض ثوبه ؟ فقالوا : إذا كنا نرده عليه قال : لا
بل تكشفون ما بقي مثل ضربه للقوم يسمعون الرجل بالسيئة فيذكرون أكثر من ذلك
وأخرج أحمد عن أبي الجلد قال : قال عيسى بن مريم : فكرت في الخلق فإذا من لم يخلق
كان أغبط عندي ممن خلق
وقال : لا تنظروا إلى ذنوب الناس كأنكم أرباب ولكن انظروا في ذنوبكم كأنكم عبيد
والناس رجلان : مبتلى ومعافى فارحموا أهل البلاء واحمدوا الله على العافية
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن أبي الهذيل قال : لقي عيسى يحيى فقال : أوصني قال :
لا تغضب قال : لا أستطيع قال : لا تفتن ؟ مالا قال : أما هذا لعله
وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا عن مالك بن دينار قال : مر عيسى عليه السلام
والحواريون رضي الله تعالى عنهم على جيفة كلب فقالوا : ما أنتن هذا ! فقال : ما
أشد بياض أسنانه
يعظهم وينهاهم عن الغيبة
وأخرج أحمد عن الأوزاعي قال : كان عيسى يحب العبد يتعلم المهنة يستغني بها عن
الناس ويكره العبد يتعلم العلم يتخذه مهنة
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن أبي الدنيا عن سالم بن أبي الجعد
(2/206)
قال
: قال عيسى عليه السلام : اعملوا لله ولا تعملوا لبطونكم انظروا إلى هذا الطير
يغدوا ويروح ولا يحرث ولا يحصد الله تعالى يرزقها
فإن قلتم نحن أعظم بطونا من الطير فإنظروا إلى هذه الأباقر من الوحش والحمر تغدو
وتروح لا تحرث ولا تحصد الله تعالى يرزقها اتقوا فضول الدنيا فإن فضول الدنيا عند
الله رجز
وأخرج أحمد عن وهب قال : إن إبليس قال لعيسى : زعمت أنك تحيي الموتى فإن كنت كذلك
فادع الله أن يرد هذا الجبل خبزا فقال له عيسى : أوكل الناس يعيشون بالخبز ؟ قال :
فإن كنت كما تقول فثب من هذا المكان فإن الملائكة ستلقاك قال : إن ربي أمرني أن لا
أجرب نفسي فلا أدري هل يسلمني أم لا
وأخرج أحمد عن سالم بن أبي الجعد أن عيسى بن مريم كان يقول : للسائل حق وإن أتاك
على فرس مطوق بالفضة
وأخرج عن بعضهم قال أوحى الله إلى عيسى : إن لم تطب نفسك أن تصفك الناس بالزاهد في
لم أكتبك عندي راهبا فما يضرك إذا بغضك الناس وأنا عنك راض وما ينفعك حب الناس
وأنا عليك ساخط
وأخرج أحمد عن الحضرمي وابن أبي الدنيا وابن عساكر عن فضيل بن عياض قالا : قيل
لعيسى بن مريم بأي شيء تمشي على الماء ؟ قال : بالإيمان واليقين قالوا : فإنا آمنا
كما آمنت وأيقنا كما أيقنت
قال : فامشوا إذن
فمشوا معه فجاء الموج فغرقوا فقال لهم عيسى : ما لكم ؟ قالوا : خفنا الموج قال :
ألا خفتم رب الموج فأخرجهم ثم ضرب بيده إلى الأرض فقبض بها ثم بسطها فإذا في إحدى يديه
ذهب وفي الأخرى مدر فقال : أيهما أحلى في قلوبكم ؟ قالوا : الذهب قال : فإنهما
عندي سواء
وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وأحمد وابن عساكر عن الشعبي قال : كان عيسى بن
مريم إذا ذكر عنده الساعة صاح ويقول : لا ينبغي لابن مريم أن تذكر عنده الساعة
فيسكت
وأخرج أحمد وابن عساكر عن مجاهد قال : كان عيسى عليه السلام يلبس الشعر ويأكل
الشجر ولا يخبىء اليوم لغد ويبيت حيث أواه الليل
ولم يكن له ولد فيموت ولا بيت فيخرب
وأخرج ابن عساكر عن الحسن : إن عيسى رأس الزاهدين يوم القيامة وإن
(2/207)
الفرارين
بدينهم يحشرون يوم القيامة مع عيسى بن مريم وإن عيسى مر به إبليس يوما وهو متوسد
حجرا وقد وجد لذة النوم فقال له إبليس : يا عيسى أليس تزعم أنك لا تريد شيئا من
عرض الدنيا فهذا الحجر من عرض الدنيا ؟ فقام عيسى فأخذ الحجر فرمى به وقال : هذا
لك مع الدنيا
وأخرج ابن عساكر عن كعب أن عيسى كان يأكل الشعير ويمشي على رجليه ولا يركب الدواب
ولا يسكن البيوت ولا يستصبح بالسراج ولا يلبس القطن ولا يمس النساء ولم يمس الطيب
ولم يمزج شرابه بشيء قط ولم يبرده ولم يدهن رأسه قط ولم يقرب رأسه ولا لحيته غسول
قط ولم يجعل بين الأرض وبين جلده شيئا قط إلا لباسه ولم يهتم لغداء قط ولا لعشاء
قط ولا يشتهي شيئا من شهوات الدنيا
وكان يجالس الضعفاء والزمنى والمساكين وكان إذا قرب إليه الطعام على شيء وضعه على
الأرض ولم يأكل مع الطعام إداما قط وكان يجتزي من الدنيا بالقوت القليل ويقول :
هذا لمن يموت ويحاسب عليه كثير
وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال : بلغني أنه قيل لعيسى بن مريم : تزوج
قال : وما أصنع بالتزويج ؟ قالوا : تلد لك الأولاد
قال : الأولاد إن عاشوا أفتنوا وإن ماتوا أحزنوا
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن شعيب بن اسحق قال : قيل لعيسى : لو
اتخذت بيتا قال : يكفينا خلقان من كان قبلنا
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن ميسرة قال : قيل لعيسى : ألا تبني لك بيتا ؟ قال
: لا أترك بعدي شيئا من الدنيا أذكر به
وأخرج ابن عساكر عن أبي سليمان قال : بينا عيسى يمشي في يوم صائف وقد مسه الحر
والعطش فجلس في ظل خيمة فخرج إليه صاحب الخيمة فقال : يا عبد لله قم من ظلنا
فقام عيسى عليه السلام فجلس في الشمس وقال : ليس أنت الذي أقمتني إنما أقامني الذي
لم يرد أن أصيب من الدنيا شيئا
وأخرج أحمد عن سفيان بن عيينة قال : كان عيسى ويحيى عليهما السلام يأتيان القرية
فيسأل عيسى عليه السلام عن شرار أهلها ويسأل يحيى عليه السلام عن خيار أهلها فقال
له : لم تنزل على شرار الناس ؟ قال : إنما أنا طبيب أداوي المرضى
وأخرج أحمد عن هشام الدستوائي قال : بلغني أن في حكمة عيسى بن مريم
(2/208)
عليه
السلام : تعملون للدنيا وأنتم ترزقون فيها بغير عمل ولا تعملون للآخرة وأنتم لا
ترزقون فيها إلا بالعمل ويحكم
! علماء السوء
الأجر تأخذون والعمل تضيعون توشكون أن تخرجوا من الدنيا إلى ظلمة القبر وضيقه
والله عز و جل ينهاكم عن المعاصي كما أمركم بالصوم والصلاة
كيف يكون من أهل العلم من دنياه آثر عنده من آخرته وهو في الدنيا أفضل رغبة ؟ كيف
يكون من أهل العلم من مسيره إلى آخرته وهو مقبل على دنياه وما يضره أشهى إليه مما
ينفعه ؟ وكيف يكون من أهل العلم من سخط واحتقر منزلته وهو يعلم أن ذلك من علم الله
وقدرته ؟ كيف يكون من أهل العلم من اتهم الله تعالى في قضاءه فليس يرضى بشيء أصابه
؟ كيف يكون من أهل العلم من طلب الكلام ليتحدث ولم يطلبه ليعمل به ؟ وأخرج أحمد عن
سعيد بن عبد العزيز عن أشياخه أن عيسى عليه السلام مر بعقبة أفيق ومعه رجل من
حواريه فاعترضهم رجل فمنعهم الطريق وقال : لا أترككما تجوزان حتى ألطم كل واحد
منكما لطمة فحاولاه فأبى إلا ذاك فقال عيسى عليه السلام أما خدي فالطمه
فلطمه فخلى سبيله وقال للحواري : لا أدعك تجوز حتى ألطمك فتمنع عليه فلما رأى عيسى
ذاك أعطاه خده الآخر فلطمه فخلى سبيلهما فقال عيسى عليه السلام : اللهم إن كان هذا
لك رضى فبلغني رضاك وإن كان هذا سخطا فإنك أولى بالعفو
وأخرج عبد الله ابنه عن علي بن أبي طالب قال : بينما عيسى عليه السلام جالس مع
أصحابه مرت به امرأة : فنظر إليها بعضهم فقال له بعض أصحابه : زنيت فقال له عيسى :
أرأيت لو كنت صائما فمررت بشواء فشممته أكنت مفطرا ؟ قال : لا
وأخرج أحمد عن عطاء قال : قال عيسى : ما أدخل قرية يشاء أهلها أن يخرجوني منها إلا
أخرجوني
يعني ليس لي فيها شيء قال : وكان عيسى عليه السلام يتخذ نعلين من لحي الشجر ويجعل
شراكهما من ليف
وأخرج أحمد عن سعيد بن عبد العزيز قال : قال المسيح : ليس كما أريد ولكن كما تريد
وليس كما أشاء ولكن كما تشاء
وأخرج أحمد عن سعيد بن عبد العزيز قال : بلغني أنه ما من كلمة كانت تقال لعيسى
عليه السلام أحب إليه من أن يقال : هذا المسكين
(2/209)
وأخرج
ابنه عن ابن حليس قال : قال عيسى : إن الشيطان مع الدنيا ومكره مع المال وتزيينه
عند الهوى واستكماله عند الشهوات
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن جعفر بن برقان قال : كان عيسى يقول : اللهم إني أصبحت
لا أستطيع دفع ما أكره ولا أملك نفع ما أرجو وأصبح الأمر بيد غيري وأصبحت مرتهنا
بعملي فلا فقير أفقر مني فلا تشمت بي عدوي ولا تسيء بي صديقي ولا تجعل مصيبتي في
ديني ولا تسلط علي من لا يرحمني
وأخرج أحمد عن وهب بن منبه قال : في كتب الحواريين إذا سلك بك سبيل البلاء فاعلم
أنه سلك بك سبيل الأنبياء والصالحين وإذا سلك بك سبيل أهل الرخاء فاعلم أنه سلك بك
غير سبيلهم وخولف بك عن طريقهم
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال : قال عيسى : انما أبعثكم كالكباش تلتقطون خراف
بني إسرائيل فلا تكونوا كالذئاب الضواري التي تخطتف الناس وعليكم بالخرفان ما لكم
تأتون عليكم ثياب الشعر وقلوبكم قلوب الخنازير البسوا ثياب الملوك ولينوا قلوبكم
بالخشية
وقال عيسى : يا ابن آدم اعمل بأعمال البر حتى يبلغ عملك عنان السماء فإن لم يكن
حبا في الله ما أغنى ذلك عنك شيئا
وقال عيسى للحواريين : إن إبليس يريد أن يبخلكم فلا تقعوا في بخله
وأخرج أحمد عن الحسن بن علي الصنعاني قال : بلغنا أن عيسى عليه السلام قال : يا
معشر الحواريين ادع الله أن يخفف عني هذه السكرة - يعني الموت - ثم قال عيسى : لقد
خفت الموت خوفا أوقفني مخافتي من الموت على الموت
وأخرج أحمد عن وهب بن منبه أن عيسى عليه السلام كان واقفا على قبر ومعه الحواريون
وصاحب القبر يدلى فيه فذكروا من ظلمة القبر ووحشته وضيقه فقال عيسى : قد كنتم فيما
هو أضيق منه في أرحام أمهاتكم فإذا أحب الله أن يوسع وسع
وأخرج أحمد عن وهب قال : قال المسيح عليه السلام : أكثروا ذكر الله وحمده وتقديسه
وأطيعوه فإنما يكفي أحدكم من الدعاء إذا كان الله تبارك وتعالى راضيا عليه أن يقول
: اللهم اغفر لي خطيئتي واصلح لي معيشتي وعافني من المكاره يا إلهي
وأخرج أحمد عن أبي الجلد أن عيسى عليه السلام قال للحواريين : بحق
(2/210)
أقول
لكم : ما الدنيا تريدون ولا الآخرة قالوا : يا رسول الله فسر لنا هذا فقد كنا نرى
أنا نريد إحداهما ! قال : لو أردتم الدنيا لأطعتم رب الدنيا الذي مفاتيح خزائنها
بيده فأعطاكم ولوأردتم الآخرة أطعتم رب الآخرة الذي يملكها فأعطاكم ولكن لا هذه
تريدون ولا تلك
وأخرج أحمد عن أبي عبيدة
أن الحواريين قالوا لعيسى : ماذا نأكل ؟ قال : تأكلون خبز الشعير وبقل البرية
قالوا : فماذا نشرب ؟ قال : تشربون ماء القراح
قالوا : فماذا نتوسد ؟ قال : توسدوا الأرض قالوا : ما نراك تأمرنا من العيش إلا
بكل شديد ! قال : بهذا تنجون ولا تحلون ملكوت السموات حتى يفعله أحدكم وهو منه على
شهوة قالوا : وكيف يكون ذلك ؟ قال : ألم تروا أن الرجل إذا جاع فما أحب إليه
الكسرة وإن كانت شعيرا وإن عطش فما أحب إليه الماء وإن كان قراحا وإذا أطال القيام
فما أحب إليه أن يتوسد الأرض
وأخرج أحمد عن عطاء أنه بلغه أن عيسى عليه السلام قال : ترج ببلاغة وتيقظ في ساعات
الغفلة واحكم بلطف الفطنة لا تكن حلسا مطروحا وأنت حي تتنفس
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن أبي هريرة قال : كان عيسى عليه السلام يقول : يا معشر
الحواريين اتخذوا بيوتكم منازل واتخذوا المساجد مساكن وكلوا من بقل البرية واخرجوا
من الدنيا بسلام
وأخرج أحمد عن إبراهيم التيمي أن عيسى عليه السلام قال : اجعلوا كنوزكم في السماء
فإن قلب المرء عند كنزه
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن سعيد الجعفي قال : قال عيسى بن مريم عليه
السلام : بيتي المسجد وطيبي الماء وإدامي الجوع وشعاري الخوف ودابتي رجلاي ومصطلاي
في الشتاء مشارق الشمس وسراجي بالليل القمر وجلسائي الزمنى والمساكين وأمسي وليس
لي شيء وأصبح وليس لي شيء وأنا بخير فمن أغنى مني
وأخرج ابن أبي الدنيا عن الفضيل بن عياض قال : قال عيسى : بطحت لكم الدنيا وجلستم
على ظهرها فلا ينازعكم فيها إلا الملوك والنساء
فأما الملوك فلا تنازعوهم الدنيا فإنهم لم يعرضوا لكم دنياهم وأما النساء فاتقوهن
بالصوم والصلاة
(2/211)
وأخرج
ابن عساكر عن سفيان الثوري قال : قال المسيح عليه السلام : إنما تطلب الدنيا لتبر
فتركها أبر
وأخرج ابن عساكر عن شعيب بن صالح قال عيسى بن مريم : والله ما سكنت الدنيا في قلب
عبد إلا التاط قلبه منها بثلاث : شغل لا ينفك عناه وفقر لا يدرك غناه وأمل لا يدرك
منتهاه
الدنيا طالبة ومطلوبة
فطالب الآخرة تطلبه الدنيا حتى يستكمل فيها رزقه وطالب الدنيا تطلبه الآخرة حتى
يجيء الموت فيأخذ بعنقه
وأخرج ابن عساكر عن يزيد بن ميسرة قال : قال عيسى بن مريم : كما توضعون كذلك
ترفعون وكما ترحمون كذلك ترحمون وكما تقضون من حوائج الناس كذلك يقضي الله من
حوائجكم
وأخرج أحمد وابن عساكر عن الشعبي قال : قال عيسى بن مريم : ليس الإحسان أن تحسن
إلى من أحسن إليك تلك مكافأة إنما الإحسان أن تحسن إلى من أساء إليك
وأخرج ابن عساكر عن ابن المبارك قال : بلغني أن عيسى بن مريم مر بقوم فشتموه فقال
خيرا
ومر بآخرين فشتموه وزادوا فزادهم خيرا
فقال رجل من الحواريين : كلما زادوك شرا زدتهم خيرا كأنك تغريهم بنفسك ! فقال عيسى
عليه السلام : كل إنسان يعطي ما عنده
وأخرج ابن أبي الدنيا عن مالك بن أنس قال : مر بعيسى بن مريم خنزير فقال : مر
بسلام
فقيل له : يا روح الله لهذا الخنزير تقول ! قال : أكره أن أعود لساني الشر
وأخرج ابن أبي الدنيا عن سفيان قال : قالوا لعيسى بن مريم دلنا على عمل ندخل به
الجنة قال : لا تنطقوا أبدا قالوا : لا نستطيع ذلك ! قال : فلا تنطقوا إلا بخير
وأخرج الخرائطي عن إبراهيم النخعي قال : قال عيسى بن مريم : خذوا الحق من أهل
الباطل ولا تأخذوا الباطل من أهل الحق كونوا منتقدي الكلام كي لا يجوز عليكم
الزيوف
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في الزهد عن زكريا بن عدي قال : قال عيسى ابن مريم
: يا معشر الحواريين ارضوا بدنيء الدنيا مع سلامة الدين كما رضي أهل الدنيا بدنيء
الدين مع سلامة الدنيا
(2/212)
وأخرج
ابن عساكر عن مالك بن دينار قال : قال عيسى بن مريم عليه السلام : أكل الشعير مع
الرماد والنوم على المزابل مع الكلاب
لقليل في طلب الفردوس
وأخرج ابن عساكر عن أنس بن مالك قال : كان عيسى بن مريم يقول : لا يطيق عبد أن
يكون له ربان
إن أرضى أحدهما أسخط الآخر وإن أسخط أحدهما أرضى الآخر
وكذلك لا يطيق عبد أن يكون له خادما للدنيا يعمل عمل الآخرة
لا تهتموا بما تأكلون ولا ما تشربون فإن الله لم يخلق نفسا أعظم من رزقها ولا جسدا
أعظم من كسوته فاعتبروا
وأخرج ابن عساكر عن المقبري
أنه بلغه أن عيسى بن مريم كان يقول : يا ابن آدم إذا عملت الحسنة فاله عنها فإنها
عند من لا يضيعها وإذا عملت سيئة فاجعلها نصب عينك
وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن أبي هلال أن عيسى بن مريم كان يقول : من كان يظن أن
حرصا يزيد في رزقه فليزد في طوله أو في عرضه أو في عدد بنائه أو تغير لونه
إلا فإن الله خلق الخلق فهيأ الخلق لما خلق ثم قسم الرزق فمضى الرزق لما قسم فليست
الدنيا بمعطية أحدا شيئا ليس له ولا بمانعة أحدا شيئا هو لكم فعليكم بعبادة ربكم
فإنكم خلقتم لها
وأخرج ابن عساكر عن عمران بن سليمان قال : بلغني أن عيسى بن مريم عليه السلام قال
لأصحابه : إن كنتم اخواني وأصحابي فوطنوا أنفسكم على العداوة والبغضاء من الناس
وأخرج أحمد والبيهقي عن عبد العزيز بن ظبيان قال : قال المسيح : من تعلم وعمل وعلم
فذلك يدعى عظيما في ملكوت السماء
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن
عيسى بن مريم قام في بني إسرائيل فقال : يا معشر الحواريين لا تحدثوا بالحكمة غير
أهلها فتظلموها ولا تمنعوها أهلها فتظلموهم والأمور ثلاثة : أمر تبين رشده فاتبعوه
وأمر تبين لكم غيه فاجتنبوه وأمر اختلف عليكم فيه فردوا علمه إلى الله تعالى
"
وأخرج ابن عساكر عن عمرو بن قيس الملائي قال : قال عيسى بن مريم : إن منعت الحكمة
أهلها جهلت وان منحتها غير أهلها جهلت
كن كالطبيب المداوي ان رأى موضعا للدواء والا أمسك
(2/213)
وأخرج
عبد الله بن أحمد في الزهد وابن عساكر عن عكرمة قال : قال عيسى ابن مريم للحواريين
: يا معشر الحواريين لا تطرحوا اللؤلؤ إلى الخنزير فإن الخنزير لا يصنع باللؤلؤة
شيئا ولا تعطوا الحكمة من لا يريدها فإن الحكمة خير من اللؤلؤ ومن لا يريدها شر من
الخنزير
وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه قال : قال عيسى : يا علماء السوء جلستم على أبواب
الجنة
فلا أنتم تدخلونها ولا تدعون المساكين يدخلونها
إن شر الناس عند الله عالم يطلب الدنيا بعلمه
وأخرج ابن أبي شيبة عن سالم بن أبي الجعد قال : قال عيسى بن مريم عليه السلام : إن
مثل حديث النفس بالخطيئة كمثل الدخان في البيت لا يحرقه فإنه ينتن ريحه ويغير لونه
قوله تعالى : والتوراة والإنجيل أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان
عيسى يقرأ التوراة والإنجيل
الآية 49
أخرج ابن جرير عن ابن إسحق أن عيسى جلس يوما مع غلمان من الكتاب فأخذ طينا ثم قال
: أجعل لكم من هذا الطين طائرا ؟ قالوا : أو تستطيع ذلك ؟ قال : نعم
بإذن ربي
ثم هيأه حتى إذا جعله في هيئة الطائر نفخ فيه ثم قال : كن طائرا بإذن الله فخرج
يطير من بين كفيه وخرج الغلمان بذلك من أمره فذكروه لمعلمهم فأفشوه في الناس
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج
أن عيسى قال : أي الطير أشد خلقا ؟ قال : الخفاش إنما هو لحم ففعل
(2/214)
وأخرج
أبو الشيخ عن ابن عباس قال : إنما خلق عيسى طيرا واحدا
وهو الخفاش
قوله تعالى : وأبرىء الأكمه والأبرص أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من
طريق الضحاك عن ابن عباس الأكمه الذي يولد وهو أعمى
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس قال الأكمه الأعمى الممسوح العين
وأخرج أبو عبيد والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
الأنباري في كتاب الأضداد عن مجاهد قال الأكمه الذي يبصر بالنهار ولا يبصر بالليل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري عن عكرمة قال : الأكمه
الأعمش
وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه قال : كان دعاء عيسى الذي يدعو به للمرضى والزمنى
والعميان والمجانين وغيرهم : اللهم أنت إله من في السماء وإله من في الأرض لا إله
فيهما غيرك وأنت جبار من في السماء وجبار من في الأرض لا جبار فيهما غيرك أنت ملك
من في السماء وملك من في الأرض لا ملك فيهما غيرك قدرتك في السماء كقدرتك في الأرض
وسلطانك في الأرض كسلطانك في السماء أسألك باسمك الكريم ووجهك المنير وملكك القديم
إنك على كل شيء قدير
قال وهب : هذا للفزع والمجنون يقرأ عليه ويكتب له ويسقى ماؤه إن شاء الله تعالى
وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن وهب قال : لما صار عيسى ابن اثنتي عشرة سنة أوحى
الله إلى أمه وهي بأرض مصر - وكانت هربت من قومها حين ولدته إلى أرض مصر - أن
اطلعي به إلى الشام ففعلت فلم تزل بالشام حتى كان ابن ثلاثين سنة وكانت نبوته ثلاث
سنين ثم رفعه الله إليه
وزعم وهب أنه ربما اجتمع على عيسى من المرضى في الجماعة الواحدة خمسون ألفا
من أطاق منهم أن يبلغه بلغه ومن لم يطق ذلك منهم أتاه فمشى إليه وإنما كان يداويهم
بالدعاء إلى الله تعالى
قوله تعالى : وأحيي الموتى بإذن الله
(2/215)
أخرج
البيهقي في الأسماء والصفات وابن عساكر من طريق إسماعيل بن عياش عن محمد بن طلحة
عن رجل
أن عيسى بن مريم كان إذا أراد أن يحيي الموتى صلى ركعتين يقرأ في الركعة الأولى
تبارك الذي بيده الملك الملك الآية 1 وفي الثانية تنزيل السجدة السجدة الآية 2
فإذا فرغ مدح الله وأثنى عليه ثم دعا بسبعة أسماء : يا قديم يا حي يا دائم يا فرد
يا وتر يا أحد يا صمد
قال البيهقي : ليس هذا بالقوي
وأخرجه ابن أبي حاتم من طريق محمد بن طلحة بن مصرف عن أبي بشر عن أبي الهذيل بلفظه
وزاد في آخره : وكانت إذا أصابته شدة دعا بسبعة أسماء أخرى : يا حي يا قيوم يا
الله يا رحمن يا ذا الجلال والاكرام يا نور السموات والأرض وما بينهما ورب العرش
العظيم يا رب
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت عن معاوية بن قرة قال : سألت بنو
إسرائيل عيسى فقالوا : إن سام بن نوح دفن ههنا قريبا فادع الله أن يبعثه لنا
فهتف فخرج أشمط
قالوا : إنه قد مات وهو شاب فما هذا البياض ؟ قال : ظننت أنها الصيحة ففزعت
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طرق عن ابن عباس قال : كانت إليهود يجتمعون
إلىعيسى ويستهزئون به ويقولون له : يا عيسى ما أكل فلان البارحة وما ادخر في بيته
لغد
فيخبرهم فيسخرون منه حتى إذا طال به وبهم وكان عيسى عليه السلام ليس له قرار ولا
موضع يعرف إنما هو سائح في الأرض فمر ذات يوم بامرأة قاعدة عند قبر وهي تبكي
فسألها
؟ فقالت : ماتت ابنة لي لم يكن لي ولد غيرها
فصلى عيسى ركعتين ثم نادى : يا فلانة قومي بإذن الرحمن فاخرجي فتحرك القبر ثم نادى
الثانية فانصدع القبر ثم نادى الثالثة فخرجت وهي تنفض رأسها من التراب فقالت أماه
ما حملك على أن أذوق كرب الموت مرتين ؟ يا أماه اصبري واحتسبي فلا حاجة لي في
الدنيا يا روح الله سل ربي أن يردني إلى الأخرة وأن يهون علي كرب الموت
فدعا ربه فقبضها إليه فاستوت عليها الأرض
فبلغ ذلك إليهود فازدادوا عليه غضبا وكان ملك منهم في ناحية في مدينة يقال لها
نصيبين جبارا عاتيا وأمر عيسى بالمسير إليه ليدعوه وأهل تلك المدينة إلى
(2/216)
المراجعة
فمضى حتى شارف المدينة ومعه الحواريون فقال لأصحابه : ألا رجل منكم ينطلق إلى
المدينة فينادي فيها فيقول : إن عيسى عبد الله ورسوله
فقام رجل من الحواريين يقال له يعقوب فقال : أنا يا روح الله
قال : فاذهب فأنت أول من يتبرأ مني فقام آخر يقال له توصار وقال له : أنا معه قال
: وأنت معه ومشيا فقام شمعون فقال : يا روح الله أكون ثالثهم فائذن لي أن أنال منك
إن اضطررت إلى ذلك ؟ قال : نعم
فانطلقوا حتى إذا كانوا قريبا من المدينة قال لهما شمعون : ادخلا المدينة فبلغا ما
أمرتما وأنا مقيم مكاني فإن ابتليتما أقبلت لكما
فانطلقا حتى دخلا المدينة وقد تحدث الناس بأمر عيسى وهم يقولون فيه أقبح القول وفي
أمه
فنادى أحدهما وهو الأول : ألا إن عيسى عبد الله ورسوله فوثبوا إليهما من القائل أن
عيسى عبد الله ورسوله ؟ فتبرأ الذي نادى فقال : ما قلت شيئا فقال الآخر : قد قلت
وأنا أقول : إن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه فآمنوا به
يا معشر بني إسرائيل خيرا لكم فانطلقوا به إلى ملكهم وكان جبارا طاغيا فقال له :
ويلك ما تقول ؟ قال : أقول : إن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح
منه
قال : كذبت
فقذفوا عيسى وأمه بالبهتان ثم قال له : تبرأ ويلك من عيسى وقل فيه مقالتنا
قال : لا أفعل
قال : إن لم تفعل قطعت يديك ورجليك وسمرت عينيك
فقال : افعل بنا ما أنت فاعل
ففعل به ذلك فألقاه على مزبلة في وسط مدينتهم
ثم أن الملك هم أن يقطع لسانه إذ دخل شمعون وقد اجتمع الناس فقال لهم : ما بال هذا
المسكين ؟ قالوا : يزعم أن عيسى عبد الله ورسوله فقال شمعون : إأيها الملك أتأذن
لي فأدنو منه فأسأله ؟ قال : نعم
قال له شمعون : أيها المبتلى ما تقول ؟ قال : أقول أن عيسى عبد الله ورسوله
قال : فما آية تعرفه ؟ قال يبرىء الأكمه والأبرص والسقيم
قال : هذا يفعله الأطباء فهل غيره ؟ قال : نعم يخبركم بما تأكلون وما تدخرون قال :
هذا تفعله الكهنة فهل غير هذا ؟ قال : نعم يخلق من الطين كهيئة الطير قال : هذا قد
تفعله السحرة يكون أخذه منهم
فجعل الملك يتعجب منه وسؤاله
قال : هل غير هذا ؟ قال : نعم
يحيي الموتى
قال : أيها الملك إنه ذكر أمرا عظيما وما أظن خلقا يقدر على ذلك إلا بإذن الله
(2/217)
ولا
يقضي الله ذلك على يد ساحر كذاب فإن لم يكن عيسى رسولا فلا يقدر على ذلك وما فعل
الله ذلك لأحد إلا لإبراهيم حين سأل ربه أرني كيف تحيي الموتى البقرة الآية 260
ومن مثل إبراهيم خليل الرحمن
وأخرج ابن جرير عن ابن السدي وابن عساكر من طريق السدي عن أبي مالك وعن أبي صالح
عن ابن عباس قال : لما بعث الله عيسى عليه السلام وأمره بالدعوة لقيه بنو إسرائيل
فأخرجوه فخرج هو وأمه يسيحون في الأرض فنزلوا في قرية على رجل فأضافهم وأحسن إليهم
وكان لتلك المدينة ملك جبار فجاء ذلك الرجل يوما حزينا فدخل منزله ومريم عند
امرأته فقالت لها : ما شأن زوجك أراه حزينا ؟ قالت : إن لنا ملكا يجعل على كل رجل
منا يوما يطعمه هو وجنوده ويسقيهم الخمر فإن لم يفعل عاقبه
وإنه قد بلغت نوبته اليوم وليس عندنا سعة قالت : قولي له فلا يهتم فاني آمر ابني
فيدعو له فيكفى ذلك
قالت مريم لعيسى في ذلك
فقال عيسى : يا أماه إني إن فعلت كان في ذلك شر قالت : لا تبال فانه قد أحسن إلينا
وأكرمنا
قال عيسى : قولي له املأ قدورك وخوابيك ماء
فملأهن فدعا الله تعالى فتحول ما في القدور لحما ومرقا وخبزا وما في الخوابي خمرا
لم ير الناس مثله قط
فلما جاء الملك أكل منه فلما شرب الخمر قال : من أين لك هذا الخمر ؟ ! قال : هو من
أرض كذا وكذا
قال الملك : فإن خمري أوتى به من تلك الأرض فليس هو مثل هذا ! قال : هو من أرض
أخرى
فلما خلط على الملك اشتد عليه فقال : إني أخبرك
عندي غلام لا يسأل الله شيئا إلا أعطاه وإنه دعا الله تعالى فجعل الماء خمرا فقال
له الملك : وكان له ابن يريد أن يستخلفه فمات قبل ذلك بأيام وكان أحب الخلق إليه
فقال : إن رجلا دعا الله تعالى فجعل الماء خمرا ليستجابن له حتى يحيي ابني
فدعا عيسى فكلمه وسأله أن يدعو الله أن يحيي ابنه فقال عيسى : لا تفعل فإنه إن عاش
كان شرا قال الملك : لست أبالي أراه فلا أبالي ما كان قال عيسى عليه السلام : فإني
إن أحييته تتركوني أنا وأمي نذهب حيث نشاء ؟ فقال الملك : نعم
فدعا الله فعاش الغلام
فلما رآه أهل مملكته قد عاش تنادوا بالسلاح وقالوا : أكلنا هذا حتى إذا دنا موته
يريد أن يستخلف علينا ابنه فيأكلنا كما أكلنا أبوه
فاقتتلوا
(2/218)
وذهب
عيسى وأمه وصحبهما يهودي وكان مع إليهودي رغيفان ومع عيسى رغيف
فقال له عيسى : تشاركني ؟ فقال اليهودي : نعم
فلما رأى أنه ليس مع عيسى عليه السلام إلا رغيف ندم فلما ناما جعل اليهودي يريد أن
يأكل الرغيف
فيأكل لقمة فيقول له عيسى : ما تصنع ؟ فيقول له : لا شيء
حتى فرغ من الرغيف
فلما أصبحا قال له عيسى : هلم بطعامك فجاء برغيف فقال له عيسى : أين الرغيف الآخر
؟ قال : ما كان معي إلا واحد
فسكت عنه وانطلقوا فمروا براعي غنم فنادى عيسى : يا صاحب الغنم أجزرنا شاة من غنمك
قال : نعم
فأعطاه شاة فذبحها وشواها ثم قال لليهودي : كل ولا تكسر عظما
فأكلا فلما شبعوا قذف عيسى العظام في الجلد ثم ضربها بعصاه وقال : قومي بإذن الله
فقامت الشاة تثغوا فقال : يا صاحب الغنم خذ شاتك فقال له الراعي : من أنت ؟ ! قال
: أنا عيسى ابن مريم قال : أنت الساحر ؟ وفر منه
قال عيسى لليهودي : بالذي أحيا هذه الشاة بعد ما أكلناها كم كان معك من الأرغفة أو
- كم رغيف كان معك - فحلف ما كان معه إلا رغيف واحد
فمر بصاحب بقر فقال : يا صاحب البقر أجزرنا من بقرك هذه عجلا
فأعطاه فذبحه وشواه وصاحب البقر ينظر فقال له عيسى : كل ولا تكسر عظما
فلما فرغوا قذف العظام في الجلد ثم ضربه بعصاه وقال : قم بإذن الله تعالى فقام له
خوار فقال : يا صاحب البقر خذ عجلك
قال : من أنت ؟ قال : أنا عيسى قال : أنت عيسى الساحر ؟ ثم فر منه
قال عيسى لليهودي : بالذي أحيا هذه الشاة بعد ما أكلناها والعجل بعدما أكلناه كم
رغيفا كان معك ؟ فحلف بذلك ما كان معه إلا رغيف واحد
فانطلقا حتى نزلا قرية فنزل إليهودي في أعلاها وعيسى في أسفلها وأخذ إليهودي عصا
مثل عصا عيسى وقال : أنا اليوم أحيي الموتى
وكان ملك تلك القرية مريضا شديد المرض
فانطلق إليهودي ينادي : من يبغي طبيبا ؟ فأخبر بالملك وبوجعه فقال : أدخلوني عليه
فأنا أبرئه وإن رأيتموه قد مات فأنا أحييه فقيل له : إن وجع الملك قد أعيا الأطباء
قبلك ! قال : أدخلوني عليه فأدخل عليه فأخذ الرجل برجل الملك فضربه بعصاه حتى مات
فجعل يضربه وهو ميت ويقول : قم بإذن الله تعالى
(2/219)
فأخذوه
ليصلبوه فبلغ عيسى فأقبل إليه وقد رفع على الخشبة فقال : أرأيتم إن أحييت لكم
صاحبكم أتتركون لي صاحبي ؟ فقالوا : نعم
فأحيا عيسى الملك فقام
وأنزل إليهودي فقال : يا عيسى أنت أعظم الناس علي منة والله لا أفارقك ابدا
قال عيسى أنشدك بالذي أحيا الشاة والعجل بعد ما أكلناهما وأحيا هذا بعد ما مات
وأنزلك من الجذع بعد رفعك عليه لتصلب
كم رغيفا كان معك ؟ فحلف بهذا كله ما كان معه إلا رغيف واحد
فانطلقا فمرا بثلاث لبنات فدعا الله عيسى فصيرهن من ذهب قال : يا يهودي لبنة لي
ولبنة لك ولبنة لمن أكل الرغيف
قال : أنا أكلت الرغيف
وأخرج ابن عساكر عن ليث قال : صحب رجل عيسى بن مريم فانطلقا فانتهيا إلى شاطىء نهر
فجلسا يتغديان ومعهما ثلاثة أرغفة فأكلا الرغيفين وبقي رغيف
فقام عيسى إلى النهر يشرب ثم رجع فلم يجد الرغيف
فقال للرجل : من أكل الرغيف ؟ قال : لا أدري ! فانطلق معه فرأى ظبية معها خشفان
فدعا أحدهما فأتاه فذبحه وشواه وأكلا ثم قال للخشف : قم بإذن الله فقام فقال للرجل
: أسألك بالذي أراك هذه الآية من أكل الرغيف ؟ قال : لا أدري ! ثم انتهيا إلى
البحر فأخذ عيسى بيد الرجل فمشى على الماء ثم قال : أنشدك بالذي أراك هذه الآية من
أخذ الرغيف ؟ قال : لا أدري
ثم انتهيا إلى مفازة وأخذ عيسى ترابا وطينا فقال : كن ذهبا بإذن الله
فصار ذهبا فقسمه ثلاثة أثلاث فقال : ثلث لك وثلث لي وثلث لمن أخذ الرغيف
قال : أنا أخذته
قال : فكله لك وفارقه عيسى فانتهى إليه رجلان فأرادا أن يأخذاه ويقتلاه قال : هو
بيننا أثلاثا فابعثوا أحدكم إلى القرية يشتري لنا طعاما
فبعثوا أحدهم فقال الذي بعث : لأي شيء أقاسم هؤلاء المال ولكن أضع في الطعام سما
فأقتلهما
وقال ذانك : لأي شيء نعطي هذا ثلث المال ولكن إذا رجع قتلناه
فلما رجع إليهم قتلوه وأكلا الطعام فماتا
فبقي ذلك المال في المفازة وأولئك الثلاثة قتلى عنده
وأخرج أحمد في الزهد عن خالد الحذاء قال : كان عيسى بن مريم إذا سرح رسله يحيون
الموتى يقول لهم : قولوا كذا قولوا كذا فإذا وجدتم قشعريرة ودمعة فادعوا عند ذلك
(2/220)
وأخرج
أحمد في الزهد عن ثابت قال : انطلق عيسى عليه الصلاة و السلام يزور أخا له
فاستقبله إنسان فقال : إن أخاك قد مات
فرجع فسمع بنات أخيه برجوعه عنهن فأتينه فقلن يا رسول الله رجوعك عنا أشد علينا من
موت أبينا قال : فانطلقن فأرينني قبره فانطلقن حتى أرينه قبره قال : فصوت به فخرج
وهو أشيب فقال : ألست فلانا
؟ قال : بلى
قال : فما الذي أرى بك ؟ قال : سمعت صوتك فحسبته الصيحة
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله
وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون قال : بما أكلتم الراحة من طعام وما خبأتم منه
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : كان عيسى يقول
للغلام في الكتاب : إن أهلك قد خبأوا لك كذا وكذا
فذلك قوله وما تدخرون
وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : كان عيسى بن مريم وهو غلام
يلعب مع الصبيان فكان يقول لأحدهم : تريد أن أخبرك بما خبأت لك أمك ؟ فيقول : نعم
فيقول : خبأت لك كذا وكذا
فيذهب الغلام منهم إلى أمه فيقول لها : أطعميني ما خبأت لي قالت : وأي شيء خبأت لك
؟ فيقول : كذا وكذا
فتقول : من أخبرك ؟ ! فيقول : عيسى بن مريم فقالوا : والله لئن تركتم هؤلاء
الصبيان مع عيسى ليفسدنهم
فجمعوهم في بيت وأغلقوا عليهم فخرج عيسى يتلمسهم فلم يجدهم حتى سمع ضوضاءهم في بيت
فسأل عنهم فقالوا : يا هؤلاء كأن هؤلاء الصبيان ! قالوا : لا
إنما هؤلاء قردة وخنازير قال : اللهم اجعلهم قردة وخنازير
فكانوا كذلك
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عمار بن ياسر قال أنبئكم
بما تأكلون من المائدة وما تدخرون منها وكان أخذ عليهم في المائدة حين نزلت أن
يأكلوا ولا يدخروا وخافوا فجعلوا قردة وخنازير
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم بن أبي النجود وما تدخرون مثقلة بالإدغام
(2/221)
آية
50 - 51
أخرج ابن جرير عن وهب
أن عيسى كان على شريعة موسى عليهما السلام وكان يسبت ويستقبل بيت المقدس وقال لبني
إسرائيل : إني لم أدعكم إلى خلاف حرف مما في التوراة إلا ولأحل لكم بعض الذي حرم
عليكم وأضع عنكم من الآصار
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع في قوله ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم قال
: كان الذي جاء به عيسى ألين مما جاء به موسى وكان قد حرم عليهم فيما جاء به موسى
لحوم الإبل والثروب فأحلهما لهم على لسان عيسى وحرمت عليهم الشحوم فأحلت لهم فيما
جاء به عيسى وفي أشياء من السمك وفي أشياء من الطير ما لا صيصية له الصيصية في
اللغة شوكة الديك وأراد بها هنا مخلب الطير وفي أشياء أخر حرمها عليهم وشدد عليهم
فيها
فجاءهم عيسى بالتخفيف منه في الإنجيل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة
مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وجئتكم
بآية من ربكم قال : ما بين لهم عيسى من الأشياء كلها وما أعطاه ربه
الآية 52
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله فلما أحس عيسى منهم
الكفر قال : كفروا وأرادوا قتله
فذلك حين استنصر قومه
فذلك حين يقول فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة الصف الآية 14
(2/222)
وأخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد من أنصاري إلى الله قال : من يتبعني إلى الله
وأخرج ابن جرير عن السدي من أنصاري إلى الله يقول : مع الله
وأما قوله تعالى : قال الحواريون الآية
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال
: إنما سموا الحواريين لبياض ثيابهم
كانوا صيادين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي أرطاة قال الحواريون الغسالون الذين يحورون
الثياب : يغسلونها
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال الحواريون الغسالون وهو بالنبطية هواري
وبالعربية المحور
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال الحواريون قصارون مر بهم عيسى فآمنوا به واتبعوه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال الحواريون هم الذين تصلح
لهم الخلافة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك قال الحواريون أصفياء الأنبياء
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة قال : " الحواري " الوزير
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة قال : " الحواري " الناصر
وأخرج البخاري والترمذي وابن المنذر عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : إن لكل نبي حواريا وإن حواري الزبير
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن أسيد بن يزيد قال واشهد بأننا مسلمون في مصحف
عثمان ثلاثة أحرف
آية 53 - 54
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني
(2/223)
وابن
مردويه عن ابن عباس في قوله فاكتبنا مع الشاهدين قال : مع محمد صلى الله عليه و
سلم وأمته
أنهم شهدوا له أنه قد بلغ وشهدوا للرسل أنهم قد بلغوا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس فاكتبنا مع
الشاهدين قال : مع أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان
يقول إذا قضى صلاته : اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك - فإن للسائلين عليك حقا
- أيما عبد أو أمة من أهل البر والبحر تقبلت دعوتهم واستجبت دعاءهم أن تشركنا في
صالح ما يدعونك به وأن تعافينا وإياهم وأن تقبل منا ومنهم وأن تجاوز عنا وعنهم
بأنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين وكان يقول : لا يتكلم
بهذا أحد من خلقه إلا أشركه الله في دعوة أهل برهم وبحرهم فعمتهم وهو مكانه "
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : إن بني إسرائيل حصروا عيسى وتسعة عشر رجلا من
الحواريين في بيت فقال عيسى لأصحابه : من يأخذ صورتي فيقتل وله الجنة ؟ فأخذها رجل
منهم وصعد بعيسى إلى السماء
فذلك قوله ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين
الآيات 55 - 57
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله إني
متوفيك يقول : إني مميتك
(2/224)
وأخرج
عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن قال متوفيك من الأرض
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من وجه آخر عن الحسن في قوله إني متوفيك يعني وفاة
المنام رفعه الله في منامه قال الحسن : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لليهود
: " إن عيسى لم يمت وإنه راجع إليكم قبل يوم القيامة "
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة إني متوفيك ورافعك إلي قال : هذا من المقدم والمؤخر
أي رافعك إلي ومتوفيك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مطر الوراق في الآية قال متوفيك من الدنيا وليس
بوفاة موت
وأخرج ابن جرير بسند صحيح عن كعب قال : لما رأى عيسى قلة من اتبعه وكثرة من كذبه
شكا ذلك إلى الله
فأوحى الله إليه إني متوفيك ورافعك إلي وإني سأبعثك على الأعور الدجال فتقتله ثم
تعيش بعد ذلك أربعا وعشرين سنة ثم أميتك ميتة الحي
قال كعب : وذلك تصديق حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم حيث قال : " كيف
تهلك أمة أنا في أولها وعيسى في آخرها ؟ "
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن الحسن قال : لم يكن نبي كانت العجائب في زمانه
أكثر من عيسى إلى أن رفعه الله وكان من سبب رفعه أن ملكا جبارا يقال له داود بن
نوذا وكان ملك بني إسرائيل هو الذي بعث في طلبه ليقتله وكان الله أنزل عليه
الإنجيل وهو ابن ثلاث عشرة سنة ورفع وهو ابن أربع وثلاثين سنة من ميلاده
فأوحى الله إليه إني متوفيك ورافعك إلي ومطهرك من الذين كفروا يعني ومخلصك من
اليهود فلا يصلون إلى قتلك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من وجه آخر عن الحسن في الآية قال : رفعه الله إليه
فهو عنده في السماء
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن وهب قال : توفى الله عيسى بن مريم ثلاث ساعات من
النهار حتى رفعه إليه
وأخرج ابن عساكر عن وهب قال : أماته الله ثلاثة أيام ثم بعثه ورفعه
وأخرج الحاكم عن وهب أن الله توفى عيسى سبع ساعات ثم أحياه وأن مريم حملت به ولها
ثلاث عشرة سنة وأنه رفع ابن ثلاث وثلاثين وأن أمه بقيت بعد رفعه ست سنين
(2/225)
وأخرج
إسحق بن بشر وابن عساكر من طريق جوهر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله إني متوفيك
ورافعك يعني رافعك ثم متوفيك في آخر الزمان
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جرير في الآية قال : رفعه إياه توفيته
وأخرج الحاكم عن الحريث بن مخشبي أن عليا قتل صبحة إحدى وعشرين من رمضان فسمعت
الحسن بن علي وهو يقول : قتل ليلة أنزل القرآن وليلة أسري بعيسى وليلة قبض موسى
وأخرج ابن سعد وأحمد في الزهد والحاكم عن سعيد بن المسيب قال : رفع عيسى ابن ثلاث
وثلاثين سنة ومات لها معاذ
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ومطهرك من الذين كفروا قال : طهره
من اليهود والنصارى والمجوس ومن كفار قومه
وأخرج ابن جرير عن محمد بن جعفر بن الزبير ومطهرك من الذين كفروا قال : إذ هموا
منك بما هموا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا
إلى يوم القيامة قال : أهل الإسلام الذين اتبعوه على فطرته وملته وسنته فلا يزالون
ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في الآية قال : ناصر من اتبعك على الإسلام على الذين
كفروا إلى يوم القيامة
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر عن النعمان بن بشير " سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين لا يبالون من خالفهم حتى يأتي أمر
الله
قال النعمان : فمن قال إني أقول على رسول الله ما لم يقل فإن تصديق ذلك في كتاب
الله تعالى
قال الله تعالى وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة
الآية "
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن وجاعل الذين اتبعوك قال : هم المسلمون ونحن منهم ونحن
فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة
وأخرج ابن عساكر عن معاوية بن أبي سفيان قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقول : إنها لن تبرح عصابة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على الناس حتى
يأتي أمر الله وهم على ذلك
ثم قرأ بهذه الآية يا عيسى إني متوفيك ورافعك إلي
(2/226)
ومطهرك
من الذين كفروا وجاعل الذين اتبعوك فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة "
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : النصارى فوق اليهود إلى يوم القيامة
فليس بلد فيه أحد من النصارى إلا وهم فوق يهود في شرق ولا غرب هم في البلد كلها
مستذلون
وأخرج ابن المنذر عن الحسن في الآية قال : عيسى مرفوع عند الله ثم ينزل قبل يوم
القيامة فمن صدق عيسى ومحمدا صلى الله عليه و سلم وكان على دينهما لم يزالوا
ظاهرين على من فارقهم إلى يوم القيامة
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس في قوله وأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات
يقول : أدوا فرائضي فيوفيهم أجورهم يقول : فيعطيهم جزاء أعمالهم الصالحة كاملا لا
يبخسون منه شيئا ولا ينقصونه
الآية 58
أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال " أتى رسول الله راهبا نجران فقال أحدهما :
من أبو عيسى ؟ وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يعجل حتى يأمره ربه
فنزل عليه ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم إلى قوله من الممترين "
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله والذكر الحكيم قال : القرآن
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
ستكون فتن قلت : فما المخرج منها ؟ قال : كتاب الله وهو الذكر الحكيم والصراط
المستقيم "
آية 59 - 63
(2/227)
أخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس " أن رهطا من أهل نجران
قدموا على النبي صلى الله عليه و سلم وكان فيهم السيد والعاقب فقالوا له : ما شأنك
تذكر صاحبنا ؟ قال : من هو ؟ قالوا : عيسى تزعم أنه عبد الله ! قال : أجل إنه عبد
الله
قالوا : فهل رأيت مثل عيسى أو أنبئت به
ثم خرجوا من عنده فجاءه جبريل فقال : قل لهم إذا أتوك إن مثل عيسى عند الله كمثل
آدم إلى آخر الآية "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : " ذكر لنا أن سيدي أهل نجران
وأسقفيهم السيد والعاقب لقيا نبي الله صلى الله عليه و سلم فسألاه عن عيسى فقالا :
كل آدمي له أب فما شأن عيسى لا أب له ؟ فأنزل الله فيه هذه الآية إن مثل عيسى عند
الله
الآية "
وأخرج ابن جرير عن السدي قال " لما بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم وسمع
به أهل نجران أتاه منهم أربعة نفر من خيارهم منهم السيد والعاقب وماسرجس ومار بحر
فسألوه ما تقول في عيسى ؟ قال : هو عبد الله وروحه وكلمته قالوا هم : لا ولكنه هو
الله نزل من ملكه فدخل في جوف مريم ثم خرج منها فأرانا قدرته وأمره فهل رأيت
انسانا قط خلق من غير أب ؟ فأنزل الله إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم
الآية "
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله إن مثل عيسى
الآية قال : نزلت في العاقب والسيد من أهل نجران
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال " بلغنا أن نصارى نجران قدم
وفدهم على النبي صلى الله عليه و سلم فيهم السيد والعاقب وهما يومئذ سيدا أهل
نجران فقالوا : يا محمد فيم تشتم صاحبنا ؟ قال : من صاحبكم ؟ ! قالوا : عيسى بن
مريم تزعم أنه عبد
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أجل إنه عبد الله وكلمته ألقاها إلى مريم
وروح منه
فغضبوا وقالوا : إن كنت صادقا فأرنا عبدا يحيي الموتى ويبرىء الأكمه ويخلق من
الطين كهيئة الطير فينفخ فيه لكنه الله
فسكت حتى أتاه جبريل فقال : يا محمد لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح بن
مريم
المائدة الآية 17 الآية
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا جبريل إنهم سألوني أن أخبرهم بمثل عيسى
قال جبريل إن مثل عيسى
(2/228)
عند
الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون فلما أصبحوا عادوا فقرأ عليهم
الآيات "
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد عن الأزرق بن قيس قال : " جاء أسقف نجران والعاقب
إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فعرض عليهما الإسلام فقالا : قد كنا مسلمين
قبلك فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : كذبتما منع الإسلام منكما ثلاث : قولكما
اتخذ الله ولدا وسجودكما للصليب وأكلكما لحم الخنزير قالا : فمن أبو عيسى ؟ فلم
يدر ما يقول
فأنزل الله إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم إلى قوله بالمفسدين فلما نزلت هذه
الآيات دعاهما رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الملاعنة فقالا : انه إن كان
نبيا فلا ينبغي لنا أن نلاعنه فأبيا فقالا : ما تعرض سوى هذا ؟ فقال : الإسلام أو
الجزية أو الحرب فأقروا بالجزية "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة الحق من ربك فلا تكن من الممترين يعني فلا
تكن في شك من عيسى أنه كمثل آدم عبد الله ورسوله وكلمته
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي قال : " قدم وفد نجران على رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقالوا : حدثنا عن عيسى بن مريم قال : رسول الله وكلمته ألقاها إلى
مريم
قالوا : ينبغي لعيسى أن يكون فوق هذا
فأنزل الله إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم
الآية
قالوا : ما ينبغي لعيسى أن يكون مثل آدم
فأنزل الله فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم
الآية "
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدي " أنه سمع النبي صلى
الله عليه و سلم يقول : ليت بيني وبين أهل نجران حجابا فلا أراهم ولا يروني من شدة
ما كانوا يمارون النبي صلى الله عليه و سلم "
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق سلمة بن عبد يشوع عن أبيه عن جده " أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم كتب إلى أهل نجران قبل أن ينزل عليه طس سليمان : بسم
الله إله إبراهيم وإسحق ويعقوب من محمد رسول الله إلى أسقف نجران وأهل نجران
إن أسلمتم فإني أحمد إليكم الله إله إبراهيم وإسحق ويعقوب
أما بعد فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد وأدعوكم إلى ولاية الله من
ولاية العباد فإن أبيتم فالجزية وإن أبيتم آذنتكم بالحرب والسلام
فلما قرأ الأسقف الكتاب فظع به
(2/229)
وذعر
ذعرا شديدا فبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له شرحبيل بن وداعة فدفع إليه كتاب
النبي صلى الله عليه و سلم فقرأه فقال له الأسقف : ما رأيك
؟ فقال شرحبيل : قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة فما يؤمن
أن يكون هذا الرجل ! ليس لي في النبوة رأي لو كان رأي من أمر الدنيا أشرت عليك فيه
وجهدت لك
فبعث الأسقف إلى واحد بعد واحد من أهل نجران فكلهم قال مثل قول شرحبيل فاجتمع
رأيهم على أن يبعثوا شرحبيل بن وداعة وعبد الله بن شرحبيل وجبار بن فيض فيأتونهم
بخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم فانطلق الوفد حتى أتوا رسول الله صلى الله
عليه و سلم فسألهم وسألوه فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا له : ما تقول في عيسى
بن مريم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما عندي فيه شيء يومي هذا فأقيموا
حتى أخبركم بما يقال لي في عيسى صبح الغد
فأنزل الله هذه الآية إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب إلى قوله فنجعل
لعنة الله على الكاذبين فأبوا أن يقروا بذلك
فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه و سلم الغد بعدما أخبرهم الخبر أقبل مشتملا على
الحسن والحسين في خميلة له وفاطمة تمشي خلف ظهره للملاعنة وله يومئذ عدة نسوة فقال
شرحبيل لصاحبه : إني أرى أمرا مقبلا إن كان هذا الرجل نبيا مرسلا فلاعناه لا يبقى
على وجه الأرض منا شعر ولا ظفر إلا هلك فقالا له : ما رأيك ؟ فقال : رأيي أن أحكمه
فإني أرى رجلا لا يحكم شططا ابدا
فقالا له : أنت وذاك
فتلقى شرحبيل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : إني قد رأيت خيرا من ملاعنتك
قال : وما هو ؟ قال : حكمك اليوم إلى الليل وليلتك إلى الصباح فمهما حكمت فينا فهو
جائز
فرجع رسول الله صلى الله عليه و سلم ولم يلاعنهم وصالحهم على الجزية "
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو نعيم في الدلائل عن حذيفة " أن
العاقب والسيد أتيا رسول الله صلى الله عليه و سلم فأراد أن يلاعنهما فقال أحدهما
لصاحبه : لا تلاعنه فوالله لئن كان نبيا فلاعننا لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعده
فقالوا له : نعطيك ما سألت فابعث معنا رجلا أمينا فقال : قم يا أبا عبيدة
فلما وقف قال : هذا أمين هذه الأمة "
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن جابر قال " قدم على
النبي صلى الله عليه و سلم العاقب والسيد فدعاهما إلى الإسلام فقالا : أسلمنا يا
محمد
(2/230)
قال
: كذبتما إن شئتما أخبرتكما بما يمنعكما من الإسلام
قالا : فهات
قال : حب الصليب وشرب الخمر وأكل لحم الخنزير
قال جابر : فدعاهما إلى الملاعنة فواعداه إلى الغد فغدا رسول الله صلى الله عليه و
سلم وأخذ بيد علي وفاطمة والحسن والحسين ثم أرسل اليهما فأبيا أن يجيباه وأقرا له
فقال : والذي بعثني بالحق لو فعلا لأمطر الوادي عليهما نارا
قال جابر : فيهم نزلت تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم
الآية
قال جابر : أنفسنا وأنفسكم رسول الله صلى الله عليه و سلم وعلي وأبناءنا الحسن
والحسين ونساءنا فاطمة "
وأخرج الحاكم وصححه عن جابر " أن وفد نجران أتوا النبي صلى الله عليه و سلم
فقالوا : ما تقول في عيسى ؟ فقال : هو روح الله وكلمته وعبد الله ورسوله قالوا له
: هل لك أن نلاعنك أنه ليس كذلك ؟ قال : وذاك أحب إليكم ؟ قالوا : نعم
قال : فإذا شئتم
فجاء وجمع ولده الحسن والحسين فقال رئيسهم : لا تلاعنوا هذا الرجل فوالله لئن
لاعنتموه ليخسفن بأحد الفريقين فجاؤوا فقالوا : يا أبا القاسم إنما أراد أن يلاعنك
سفهاؤنا وإنا نحب أن تعفينا
قال : قد أعفيتكم ثم قال : إن العذاب قد أظل نجران "
وأخرج أبو النعيم في الدلائل من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس " أن
وفد نجران من النصارى قدموا على رسول الله صلى الله عليه و سلم وهم أربعة عشر رجلا
من أشرافهم
منهم السيد وهو الكبير والعاقب وهو الذي يكون بعده وصاحب رأيهم فقال رسول الله صلى
الله عليه و سلم لهما : أسلما قالا : أسلمنا
قال : ما أسلمتما
قالا : بلى
قد أسلمنا قبلك
قال : كذبتما يمنعكم من الإسلام ثلاث فيكما : عبادتكما الصليب وأكلكما الخنزير
وزعمكما أن لله ولدا
ونزل إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب
الآية
فلما قرأها عليهم قالوا : ما نعرف ما تقول
ونزل فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم يقول : من جادلك في أمر عيسى من بعد ما
جاءك من العلم من القرآن فقل تعالوا إلى قوله ثم نبتهل يقول : نجتهد في الدعاء أن
الذي جاء به محمد هو الحق وأن الذي يقولون هو الباطل فقال لهم : إن الله قد أمرني
إن لم تقبلواهذا أن أباهلكم فقالوا : يا أبا القاسم بل نرجع فننظر في أمرنا ثم
نأتيك
فخلا بعضهم ببعض وتصادقوا فيما بينهم قال السيد للعاقب : قد والله علمتم أن الرجل
نبي مرسل ولئن لاعنتموه إنه ليستأصلكم وما لاعن قوم
(2/231)
قط
نبيا فبقي كبيرهم ولا نبت صغيرهم
فإن أنتم لم تتبعوه وأبيتم إلا إلف دينكم فوادعوه وارجعوا إلى بلادكم
وقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج ومعه علي والحسن والحسين وفاطمة فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن أنا دعوت فأمنوا أنتم فأبوا أن يلاعنوه
وصالحوه على الجزية "
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق عطاء والضحاك عن ابن عباس " أن ثمانية من
أساقف العرب من أهل نجران قدموا على رسول الله صلى الله عليه و سلم منهم العاقب
والسيد فأنزل الله قل تعالوا ندع أبناءنا إلى قوله ثم نبتهل يريد ندع الله باللعنة
علىالكاذب
فقالوا : أخرنا ثلاثة أيام فذهبوا إلى بني قريظة والنضير وبني قينقاع فاستشاروهم
فأشاروا عليهم أن يصالحوه ولا يلاعنوه وهو النبي الذي نجده في التوراة
فصالحوا النبي صلى الله عليه و سلم على ألف حلة في صفر وألف في رجب ودراهم "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو نعيم في الدلائل عن قتادة فمن حاجك فيه في عيسى
فقل تعالوا ندع أبناءنا
الآية " فدعا النبي صلى الله عليه و سلم لذلك وفد نجران وهم الذين حاجوه في
عيسى فنكصوا وأبوا
وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إن كان العذاب لقد نزل على أهل نجران
ولو فعلوا لاستئصلوا عن وجه الأرض "
وأخرج ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وأبو نعيم عن الشعبي
قال " كان أهل نجران أعظم قوم من النصارى قولا في عيسى بن مريم فكانوا
يجادلون النبي صلى الله عليه و سلم فيه
فأنزل الله هذه الآيات في سورة آل عمران إن مثل عيسى عند الله إلى قوله فنجعل لعنة
الله على الكاذبين فأمر بملاعنتهم فواعدوه لغد فغدا النبي صلى الله عليه و سلم
ومعه الحسن والحسين وفاطمة فأبوا أن يلاعنوه وصالحوه على الجزية فقال النبي صلى
الله عليه و سلم : لقد أتاني البشير بهلكة أهل نجران حتى الطير على الشجر لو تموا
على الملاعنة "
وأخرج عبد الرزاق والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال " لو باهل أهل نجران رسول
الله صلى الله عليه و سلم لرجعوا لا يجدون أهلا ولا مالا "
وأخرج مسلم والترمذي وابن المنذر والحاكم والبيهقي في سننه عن سعد بن أبي
(2/232)
وقاص
قال : لما نزلت هذه الآية قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم دعا رسول الله صلى الله
عليه و سلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : " اللهم هؤلاء أهلي "
وأخرج ابن جرير عن علباء بن أحمر اليشكري قال " لما نزلت هذه الآية قل تعالوا
ندع أبناءنا وأبناءكم
الآية
أرسل رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى علي وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين ودعا
اليهود ليلاعنهم فقال شاب من اليهود : ويحكم أليس عهدكم بالأمس إخوانكم الذين
مسخوا قردة وخنازير ؟ لا تلاعنوا
فانتهوا "
وأخرج ابن عساكر عن جعفر بن محمد عن أبيه في هذه الآية تعالوا ندع أبناءنا
الآية
قال : فجاء بأبي بكر وولده وبعمر وولده وبعثمان وولده وبعلي وولده
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن ابن عباس ثم نبتهل نجتهد
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : هذا الإخلاص يشير بأصبعه التي تلي الإبهام وهذا الدعاء فرفع يديه
حذو منكبيه وهذا الإبتهال فرفع يديه مدا "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس إن هذا لهو القصص الحق يقول : إن هذا
الذي قلنا في عيسى هو الحق
وأخرج عبد بن حميد عن قيس بن سعد قال : كان بين ابن عباس وبين آخر شيء فقرأ هذه
الآية تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فرفع
يديه واستقبل الركن فنجعل لعنة الله على الكاذبين
الآية 64
أخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال
" كان النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما قولوا
آمنا بالله وما أنزل
(2/233)
إلينا
البقرة الآية 136 الآية
وفي الثانية تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم "
وأخرج عبد الرزاق والبخاري ومسلم والنسائي وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : "
حدثني أبو سفيان أن هرقل دعا بكتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فقرأه فإذا فيه
: بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى
أما بعد فإني أدعوك بدعاية الإسلام
أسلم تسلم
أسلم يؤتك الله أجرك مرتين فإن توليت فإن عليك إثم الأريسين يا أهل الكتاب تعالوا
إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا إلى قوله اشهدوا
بأنا مسلمون "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس أن كتاب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الكفار
تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم
الآية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله تعالوا إلى كلمة
الآية
قال : بلغني أن النبي صلى الله عليه و سلم دعا يهود أهل المدينة إلى ذلك فأبوا
عليه فجاهدهم حتى أتوا بالجزية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال " ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه
و سلم دعا يهود أهل المدينة إلى الكلمة السواء وهم الذين حاجوا في إبراهيم وزعموا
أنه مات يهوديا وأكذبهم الله ونفاهم منه فقال يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم
آل عمران الآية 65 الآية "
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : " ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه و سلم دعا
اليهود إلى الكلمة السواء "
وأخرج عن محمد بن جعفر بن الزبير في قوله قل يا أهل الكتاب تعالوا
الآية قال : فدعاهم إلى النصف وقطع عنهم الحجة
يعني وفد نجران
وأخرج عن السدي قال : " ثم دعاهم رسول الله صلى الله عليه و سلم
يعني الوفد من نصارى نجران فقال يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء
الآية "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة تعالوا إلى كلمة سواء قال : عدل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع
مثله
(2/234)
وأخرج
الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله سواء بيننا وبينكم
قال : عدل
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر : تلاقينا تعاصينا سواء ولكن حم عن حال بحال وأخرج ابن جرير
وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : كلمة السواء لا إله إلا الله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد تعالوا إلى كلمة سواء قال : لا إله إلا
الله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من
دون الله قال : لا يطيع بعضنا بعضا في معصية الله ويقال : إن تلك الربوبية أن يطيع
الناس سادتهم وقادتهم في غير عبادة وإن لم يصلوا لهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا قال :
سجود بعضهم لبعض
الآيتان 65 - 66
أخرج ابن إسحق وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال اجتمعت نصارى نجران
وأحبار يهود عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فتنازعوا عنده فقالت الأحبار : ما
كان إبراهيم إلا يهوديا وقالت النصارى : ما كان إبراهيم إلا نصرانيا
فأنزل الله فيهم يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وما أنزلت التوراة والإنجيل
إلا من بعده إلى قوله والله ولي المؤمنين فقال أبو رافع القرظي : أتريد منا يا
محمد أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى بن مريم ؟ فقال رجل من أهل نجران : أذلك تريد
يا محمد ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : معاذ الله أن أعبد غير الله أو
آمر بعبادة غيره
ما بذلك بعثني ولا أمرني
فأنزل الله في ذلك من قولهما ما كان لبشر أن يؤتيه الله
(2/235)
الكتاب
والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا عبادا لي من دون الله آل عمران الآية 79 إلى
قوله بعد إذ أنتم مسلمون ثم ذكر ما أخذ عليهم وعلى آباءهم من الميثاق بتصديقه إذا
هو جاءهم وإقرارهم به على أنفسهم فقال وإذ أخذ الله ميثاق النبيين آل عمران الآية
81 إلى قوله من الشاهدين "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال " ذكر لنا أن النبي
صلى الله عليه و سلم دعا يهود أهل المدينة وهم الذين حاجوا في إبراهيم وزعموا أنه
مات يهوديا
فأكذبهم الله ونفاهم منه وقال يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم وتزعمون أنه كان
يهوديا أو نصرانيا وما أنزلت التوراة والإنجيل إلا من بعده فكانت اليهودية بعد
التوراة وكانت النصرانية بعد الإنجيل أفلا تعقلون "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله يا أهل
الكتاب لم تحاجون في إبراهيم قال : اليهود والنصارى برأه الله منهم حين ادعى كل
أمة منهم وألحق به المؤمنين من كان من أهل الحنيفية
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي يا أهل الكتاب لم تحاجون في إبراهيم قالت النصارى :
كان نصرانيا
وقالت اليهود : كان يهوديا
فأخبرهم الله أن التوراة والإنجيل إنما أنزلتا من بعده وبعده كانت اليهودية
والنصرانية
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية ها أنتم هؤلاء حاججتم في ما لكم به علم يقول :
فيما شهدتم ورأيتم وعاينتم فلم تحاجون فيما ليس لكم به علم يقول : فيما لم تشهدوا
ولم تروا ولم تعاينوا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة
مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : أما الذي لهم به علم فما حرم عليهم
وما أمروا به وأما الذي ليس لهم به علم فشأن إبراهيم
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : يعذر من حاج بعلم ولا يعذر من حاج
بالجهل
الآية 67
(2/236)
أخرج
ابن جرير عن الشعبي قال : قالت اليهود : إبراهيم على ديننا
وقالت النصارى : هو على ديننا
فأنزل الله ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا
الآية
فأكذبهم الله وأدحض حجتهم
وأخرج عن الربيع
مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : قال كعب وأصحابه ونفر من النصارى : إن
إبراهيم منا وموسى منا والأنبياء منا
فقال الله ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما
وأخرج ابن جرير عن سالم بن عبد الله لا أراه إلا يحدثه عن أبيه
أن زيد بن عمرو بن نفيل خرج إلى الشام يسأل عن الدين ويتبعه فلقي عالما من اليهود
فسأله عن دينه وقال : إني لعلي أن أدين دينكم فأخبرني عن دينكم ؟ فقال له اليهودي
: إنك لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من غضب الله قال زيد : ما أفر إلا من غضب
الله ولا أحمل من غضب الله شيئا أبدا فهل تدلني على دين ليس فيه هذا ؟ قال : ما
أعلمه إلا أن تكون حنيفا
قال : وما الحنيف ؟ قال : دين إبراهيم لم يكن يهوديا ولا نصرانيا وكان لا يعبد إلا
الله
فخرج من عنده فلقي عالما من النصارى فسأله عن دينه ؟ فقال : إني لعلي أن أدين
دينكم فأخبرني عن دينكم ؟ قال : إنك لن تكون على ديننا حتى تأخذ بنصيبك من لعنة الله
قال : لا أحتمل من لعنة الله شيئا ولا من غضب الله شيئا أبدا فهل تدلني على دين
ليس فيه هذا ؟ فقال له نحو ما قال اليهودي : لا أعلمه إلا أن تكون حنيفا
فخرج من عندهم وقد رضي بالذي أخبراه والذي اتفقا عليه من شأن إبراهيم
فلم يزل رافعا يديه إلى الله وقال : اللهم إني أشهدك أني على دين إبراهيم
الآية 68
أخرج عبد بن حميد من طريق شهر بن حوشب حدثني ابن غنم أنه لما أن خرج أصحاب النبي
صلى الله عليه و سلم إلى النجاشي أدركهم عمرو بن العاص وعمارة بن أبي معيط فأرادوا
عنتهم والبغي عليهم فقدموا علىالنجاشي وأخبروه أن هؤلاء الرهط
(2/237)
الذين
قدموا عليك من أهل مكة إنما يريدون أن يخبلوا عليك ملكك ويفسدوا عليك أرضك ويشتموا
ربك
فأرسل إليهم النجاشي فلما أن أتوه قال : ألا تسمعون ما يقول صاحباكم هذان ؟ لعمرو
بن العاص وعمارة بن أبي معيط يزعمان أنما جئتم لتخبلوا علي ملكي وتفسدوا علي أرضي
فقال عثمان بن مظعون وحمزة : إن شئتم فخلوا بين أحدنا وبين النجاشي فلنكلمه فأنا
أحدثكم سنا فإن كان صوابا فالله يأتي به وإن كان غير ذلك قلتم رجل شاب لكم في ذلك
عذر
فجمع النجاشي قسيسيه ورهبانه وتراجمته ثم سألهم أرأيتكم صاحبكم هذا الذي من عنده
جئتم ما يقول لكم وما يأمركم به وما ينهاكم عنه
هل له كتاب يقرأه ؟ قالوا : نعم
هذا الرجل يقرأ ما أنزل الله عليه وما قد سمع منه وهو يأمر بالمعروف ويأمر بحسن
المجاورة ويأمر باليتيم ويأمر بأن يعبد الله وحده ولا يعبد معه إله آخر
فقرأ عليه سورة الروم وسورة العنكبوت وأصحاب الكهف ومريم
فلما أن ذكر عيسى في القرآن أراد عمرو أن يغضبه عليهم فقال : والله إنهم ليشتمون
عيسى ويسبونه قال النجاشي : ما يقول صاحبكم في عيسى ؟ قال : يقول إن عيسى عبد الله
ورسوله وروحه وكلمته ألقاها إلى مريم
فأخذ النجاشي نفثة من سواكه قدر ما يقذي العين فحلف ما زاد المسيح على ما يقول
صاحبكم ما يزن ذلك القذى في يده من نفثة سواكه فأبشروا ولا تخافوا فلا دهونة -
يعني بلسان الحبشة اليوم على حزب إبراهيم - قال عمرو بن العاص : ما حزب إبراهيم ؟
قال : هؤلاء الرهط وصاحبهم الذي جاؤوا من عنده ومن اتبعهم
فأنزلت ذلك اليوم خصومتهم على رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو بالمدينة إن أولى
الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والحاكم وصححه عن ابن مسعود " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن لكل
نبي ولاة من النبيين وإن وليي منهم أبي وخليل ربي ثم قرأ إن أولى الناس بإبراهيم
للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين "
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحكم بن ميناء " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : يا معشر قريش إن أولى الناس بالنبي المتقون فكونوا أنتم بسبيل ذلك فانظروا
أن لا يلقاني الناس يحملون الأعمال وتلقوني بالدنيا تحملونها فأصد عنكم بوجهي
ثم قرأ عليهم
(2/238)
هذه
الآية إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي
المؤمنين "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس إن أولى الناس بإبراهيم
للذين اتبعوه قال : هم المؤمنون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه يقول
الذين اتبعوه على ملته وسنته ومنهاجه وفطرته وهذا النبي وهو نبي الله محمد صلى
الله عليه و سلم والذين آمنوا معه وهم المؤمنون
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : كل مؤمن ولي لإبراهيم ممن مضى وممن
بقي
وأخرج أحمد وابن أبي داود في البعث وابن أبي الدنيا في العزاء والحاكم وصححه
والبيهقي في البعث والنشور عن أبي هريرة قال " قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : أولاد المؤمنين في جبل في الجنة يكفلهم إبراهيم وسارة حتى يردهم إلى آبائهم
يوم القيامة
الآيات 69 - 74
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سفيان قال : كل شيء في آل عمران من ذكر أهل
الكتاب فهو في النصارى
(2/239)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله يا أهل الكتاب لم تكفرون
بآيات الله وأنتم تشهدون قال : تشهدون أن نعت نبي الله محمد صلى الله عليه و سلم
في كتابكم ثم تكفرون به وتنكرونه ولا تؤمنون به وأنتم تجدونه مكتوبا عندكم في
التوراة والإنجيل
النبي الأمي
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع
مثله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات
الله قال : محمد وأنتم تشهدون قال : تشهدون أنه الحق تجدونه مكتوبا عندكم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل لم تكفرون بآيات الله قال : بالحجج وأنتم تشهدون أن
القرآن حق وأن محمدا رسول الله تجدونه مكتوبا في التوراة والإنجيل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن جريج لم تكفرون بآيات الله وأنتم تشهدون على
أن الدين عند الله الإسلام ليس لله دين غيره
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع في قوله لم تلبسون الحق بالباطل يقول : لم
تخلطون اليهودية والنصرانية بالإسلام وقد علمتم أن دين الله الذي لا يقبل من أحد
غيره الإسلام وتكتمون الحق يقول : تكتمون شأن محمد صلى الله عليه و سلم وأنتم
تجدونه مكتوبا عندكم في التوراة والإنجيل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة
مثله
وأخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قال عبد
الله بن الضيف وعدي بن زيد والحرث بن عوف بعضهم لبعض : تعالوا نؤمن بما أنزل الله
على محمد وأصحابه غدوة ونكفر به عشية حتى نلبس عليهم دينهم لعلهم يصنعون كما نصنع
فيرجعون عن دينهم
فأنزل الله فيهم يا أهل الكتاب لم تلبسون الحق بالباطل إلى قوله والله واسع عليم
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن أبي مالك قال : قالت اليهود بعضهم
لبعض : آمنوا معهم بما يقولون أول النهار وارتدوا آخره لعلهم يرجعون معكم
فاطلع الله على سرهم فأنزل الله تعالى وقالت طائفة من أهل الكتاب آمنوا بالذي أنزل
الآية
(2/240)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله وقالت طائفة من أهل الكتاب الآية
قال : كان أحبار قرى عربية اثني عشر حبرا فقالوا لبعضهم : أدخلوا في دين محمد أول
النهار وقولوا : نشهد أن محمدا حق صادق فإذا كان آخر النهار فاكفروا وقولوا : إنا
رجعنا إلى علمائنا وأحبارنا فسألناهم فحدثونا : إن محمدا كاذب وإنكم لستم على شيء
وقد رجعنا إلى ديننا فهو أعجب إلينا من دينكم لعلهم يشكون فيقولون : هؤلاء كانوا
معنا أول النهار فما بالهم ! فأخبر الله رسوله بذلك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله وقالت طائفة
الآية
قال : إن طائفة من اليهود قالت : إذا لقيتم أصحاب محمد أول النهار فآمنوا وإذا كان
آخره فصلوا صلاتكم لعلهم يقولون هؤلاء أهل الكتاب وهم أعلم منا لعلهم ينقلبون عن دينهم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء في المختارة من طريق أبي
ظبيان عن ابن عباس في قوله وقالت طائفة
الآية
قال : كانوا يكونون معهم أول النهار ويجالسونهم ويكلمونهم فإذا أمسوا وحضرت الصلاة
كفروا به وتركوه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله آمنوا
بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار يهود تقوله صلت مع محمد صلاة الفجر وكفروا
آخر النهار مكرا منهم ليروا الناس أن قد بدت لهم منه الضلالة بعد إذ كانوا اتبعوه
وأخرج ابن جرير عن قتادة والربيع في قوله وجه النهار قالا : أول النهار
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قال : هذا قول
بعضهم لبعض
وأخرج ابن جرير عن الربيع
مثله
وأخرج ابن جرير عن السدي ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم قال : لا تؤمنوا إلا لمن
تبع اليهودية
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك قال : كانت اليهود تقول
أحبارها للذين من دينهم : ائتوا محمدا وأصحابه أول النهار فقولوا نحن على دينكم
فإذا كان بالعشي فأتوهم فقولوا لهم : إنا كفرنا بدينكم ونحن على ديننا
(2/241)
الأول
إنا قد سألنا علماءنا فأخبرونا أنكم لستم على شيء
وقالوا لعل المسلمين يرجعون إلى دينكم فيكفرون بمحمد ولا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم
فأنزل الله قل إن الهدى هدى الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم
حسدا من يهود أن تكون النبوة في غيرهم وإرادة أن يتابعوا على دينهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك وسعيد بن جبير أن يؤتى
أحد مثل ما أوتيتم قالا : أمة محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال الله لمحمد قل إن الهدى هدى الله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : قال الله لمحمد قل إن الهدى هدى الله
أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم يا أمة محمد أو يحاجوكم عند ربكم يقول اليهود : فعل
الله بنا كذا وكذا من الكرامة حتى أنزل علينا المن والسلوى فإن الذي أعطاكم أفضل
فقولوا إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى
أحد مثل ما أوتيتم يقول : لما أنزل الله كتابا مثل كتابكم وبعث نبيا كنبيكم
حسدتموه على ذلك قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء
وأخرج ابن جرير عن الربيع
مثله
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قل إن الهدى هدى الله أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم يقول
: هذا الأمر الذي أنتم عليه مثل ما أوتيتم أو يحاجوكم عند ربكم قال : قال بعضهم
لبعض : لا تخبروهم بما بين الله لكم في كتابه ليحاجوكم قال : ليخاصموكم به عند
ربكم فتكون لهم حجة عليكم قل إن الفضل بيد الله قال : الإسلام يختص برحمته من يشاء
قال : القرآن والإسلام
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد يختص برحمته من
يشاء قال : النبوة يختص بها من يشاء
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن يختص برحمته من يشاء قال : رحمته الإسلام
يختص بها من يشاء
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ذو الفضل العظيم يعني الوافر
(2/242)
الآيتان
75 - 76
أخرح عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في قوله ومن أهل الكتاب من إن تأمنه بقنطار
يؤده إليك قال : هذا من النصارى و منهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك قال : هذا
من اليهود إلا ما دمت عليه قائما قال : إلا ما طلبته واتبعته
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك قال :
كانت تكون ديون لأصحاب محمد عليهم فقالوا : ليس علينا سبيل في أموال أصحاب محمد إن
أمسكناها
وهم أهل الكتاب أمروا أن يؤدوا إلى كل مسلم عهده
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن دينار قال : إنما سمي الدينار لأنه دين ونار قال :
معناه أن من أخذه بحقه فهو دينه ومن أخذه بغير حقه فله النار
وأخرج الخطيب في تاريخه عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن الدرهم لم سمي درهما وعن
الدينار لم سمي دينارا ؟ قال : أما الدرهم فكان يسمى دارهم ؟ وأما الدينار فضربته
المجوس فسمي دينارا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد إلا ما دمت عليه
قائما قال : مواظبا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي إلا ما دمت عليه قائما يقول : يعترف
بأمانته ما دمت عليه قائما على رأسه فإذا قمت ثم جئت تطلبه كافرك الذي يؤدي والذي
يجحد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في
الأميين سبيل قال : قالت اليهود : ليس علينا فيما أصبنا من أموال العرب سبيل
(2/243)
وأخرج
ابن جرير عن السدي قال : يقال له ما بالك لا تؤدي أمانتك ؟ ! فيقول : ليس علينا
حرج في أموال العرب قد أحلها الله لنا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال :
" لما نزلت ومن أهل الكتاب إلى قوله ذلك بأنهم قالوا ليس علينا في الأميين
سبيل قال النبي صلى الله عليه و سلم : كذب أعداء الله ما من شيء كان في الجاهلية
إلا وهو تحت قدمي هاتين إلا الأمانة فإنها مؤداة إلى البر والفاجر "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن صعصة أنه سأل ابن عباس فقال : إنا
نصيب في الغزو من أموال أهل الذمة الدجاجة والشاة
قال ابن عباس : فتقولون ماذا ؟ قال : نقول ليس علينا في ذلك من بأس
قال : هذا كما قال أهل الكتاب ليس علينا في الأميين سبيل إنهم إذا أدوا الجزية لم
تحل لكم أموالهم إلا بطيب أنفسهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في الآية قال : بايع اليهود
رجال من المسلمين في الجاهلية فلما أسلموا تقاضوهم ثمن بيوعهم فقالوا : ليس علينا
أمانة ولا قضاء لكم عندنا لأنكم تركتم دينكم الذي كنتم عليه وادعوا أنهم وجدوا ذلك
في كتابهم فقال الله و يقولون على الله الكذب وهم يعلمون
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس بلى من أوفى بعهده واتقى يقول : اتقى
الشرك فإن الله يحب المتقين يقول الذين يتقون الشرك
الآية 77
أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود
والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في
الشعب عن ابن مسعود قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من حلف على
يمين هو فيها فاجر ليقتطع بها مال امرىء مسلم لقي الله وهو عليه غضبان
فقال الأشعث بن قيس :
(2/244)
في -
والله - كان ذلك كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمته إلى النبي صلى
الله عليه و سلم فقال لي رسول اله صلى الله عليه و سلم : ألك بينة
؟ قلت : لا
فقال لليهودي : احلف
فقلت : يا رسول الله إذن يحلف فيذهب مالي
فأنزل الله إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا إلى آخر الآية "
وأخرج عبد بن حميد والبخاري وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن أبي أوفى أن
رجلا أقام سلعة له في السوق فحلف بالله لقد أعطي بها ما لم يعطه ليوقع فيها رجلا
من المسلمين
فنزلت هذه الآية إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا
إلى آخر الآية
واخرج أحمد وعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر والطبراني والبيهقي في
الشعب وابن عساكر عن عدي بن بحيرة قال " كان بين امرىء القيس ورجل من حضرموت
خصومة فارتفعا إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال للحضرمي : بينتك وإلا فيمينه
قال : يا رسول الله إن حلف ذهب بأرضي فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من حلف
على يمين كاذبة ليقتطع بها حق أخيه لقي الله وهو عليه غضبان
فقال امرؤ القيس : يا رسول الله فما لمن تركها وهو يعلم أنها حق ؟ قال : الجنة
فقال : أشهدك أني قد تركتها
فنزلت هذه الآية إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا إلى آخر الآية
لفظ ابن جرير "
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج " أن الأشعث بن قيس اختصم هو ورجل إلى رسول الله
صلى الله عليه و سلم في أرض كانت في يده لذلك الرجل أخذها في الجاهلية فقال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : أقم بينتك قال الرجل : ليس يشهد لي أحد على الأشعث قال
: فلك يمينه فقال الأشعث : نحلف
فأنزل الله إن الذين يشترون بعهد الله
الآية
فنكل الأشعث وقال : إني أشهد الله وأشهدكم أن خصمي صادق فرد إليه أرضه وزاده من
أرض نفسه زيادة كثيرة "
وأخرج ابن جرير عن الشعبي أن رجلا أقام سلعته من أول النهار فلما كان آخره جاء رجل
يساومه فحلف لقد منعها أول النهار من كذا ولولا المساء ما باعها به
فأنزل الله إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا
واخرج ابن جرير عن مجاهد
نحوه
واخرج ابن جرير عن عكرمة قال : نزلت هذه الآية إن الذين يشترون بعهد
(2/245)
الله
وأيمانهم ثمنا قليلا في أبي رافع وكنانة بن أبي الحقيق وكعب بن الأشرف وحيي بن
أخطب
واخرج ابن أبي شيبة من طريق ابن عون عن إبراهيم ومحمد والحسن في قوله إن الذين
يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا قالوا : هو الرجل يقتطع مال الرجل بيمينه
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي عن وائل بن حجر قال " جاء رجل من حضرموت ورجل
من كندة إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال الحضرمي : يا رسول الله إن هذا قد
غلبني على أرض كانت لأبي
قال الكندي : هي أرض كانت في يدي أزرعها ليس له فيها حق فقال النبي صلى الله عليه
و سلم للحضرمي : ألك بينة ؟ قال : لا
قال : فلك يمينه فقال : يا رسول الله إن الرجل فاجر لا يبالي ما حلف عليه وليس
يتورع عن شيء فقال : ليس لك منه إلا ذلك فانطلق ليحلف فقال رسول الله صلى الله
عليه و سلم لما أدبر : لئن حلف على مال ليأكله ظلما ليلقين الله وهو عنه معرض
"
وأخرج أبو داود وابن ماجة عن الأشعث بن قيس " أن رجلا من كندة وآخر من حضرموت
اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم في أرض من اليمن فقال الحضرمي : يا رسول
الله إن أرضي اغتصبها أبو هذا وهي في يده فقال : هل لك بينة ؟ قال : لا ولكن أحلفه
والله ما يعلم أنها أرضي اغتصبها أبوه
فتهيأ الكندي لليمين فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا يقتطع أحد مالا
بيمين إلا لقي الله وهو أجذم فقال الكندي : هي أرضه "
وأخرج أحمد والبزار وأبو يعلى والطبراني بسند حسن عن أبي موسى قال : " اختصم
رجلان إلى النبي صلى الله عليه و سلم في أرض أحدهما من حضرموت فجعل يمين أحدهما
فضج الآخر وقال : إذن يذهب بأرضي فقال : إن هو اقتطعها بيمينه ظلما كان ممن لا
ينظر الله إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب أليم قال : وورع الآخر فردها
"
وأخرج أحمد بن منيع في مسنده والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن مسعود قال :
كنا نعد من الذنب الذي ليس له كفارة اليمين الغموس قيل : وما اليمين الغموس ؟ فقال
: الرجل يقتطع بيمينه مال الرجل
وأخرج ابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن الحرث بن البرصاء : سمعت
(2/246)
رسول
الله صلى الله عليه و سلم في الحج بين الجمرتين وهو يقول : " من اقتطع مال
أخيه بيمين فاجرة فليتبوأ مقعده من النار ليبلغ شاهدكم غائبكم مرتين أو ثلاثا
"
وأخرج البزار عن عبد الرحمن بن عوف " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
اليمين الفاجرة تذهب بالمال "
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ليس
مما عصي الله به هو أعجل عقابا من البغي وما من شيء أطيع الله فيه أسرع ثوابا من
الصلة
واليمين الفاجرة تدع الديار بلاقع "
وأخرج الحرث بن أبي أسامة والحاكم وصححه عن كعب بن مالك " سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : من اقتطع مال امرىء مسلم بيمين كاذبة كانت نكتة سوداء في
قلبه لا يغيرها شيء إلى يوم القيامة "
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن جابر بن عتيك قال " قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : من اقتطع مال مسلم بيمينه حرم الله عليه الجنة وأوجب له النار
فقيل : يا رسول الله وإن شيئا يسيرا ؟ قال : وإن سواكا "
وأخرج مالك وابن سعد وأحمد ومسلم والنسائي وابن ماجة عن أبي أمامة إياس ابن ثعلبة
الحارثي " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من اقتطع حق امرىء مسلم
بيمينه فقد أوجب الله له النار وحرم الله عليه الجنة
قالوا : وإن كان شيئا يسيرا يا رسول الله ؟ قال : وإن كان قضيبا من أراك ثلاثا
"
وأخرج ابن ماجة بسند صحيح عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لا يحلف عند هذا المنبر عبد ولا أمة على يمين آثمة ولو على سواك رطبة إلا
وجبت له النار "
واخرج ابن ماجة وابن حبان عن جابر بن عبد الله قال : " قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : من حلف على يمين آثمة عند منبري هذا فليتبوأ مقعده من النار ولو
على سواك أخضر "
قال أبو عبيد والخطابي : كانت اليمين على عهده صلى الله عليه و سلم عند المنبر
وأخرج عبد الرزاق عن أبي هريرة قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن
اليمين الكاذبة تنفق السلعة وتمحق الكسب "
وأخرج عبد الرزاق عن أبي سويد قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : إن اليمين الفاجرة تعقم الرحم وتقل العدد وتدع الديار بلاقع "
(2/247)
واخرج
البخاري ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم : رجل حلف
يمينا على مال مسلم فاقتطعه ورجل حلف على يمين بعد العصر أنه أعطي بسلعته أكثر مما
أعطي وهو كاذب ورجل منع فضل ماء فإن الله سبحانه يقول : اليوم أمنعك فضلي كما منعت
فضل ما لم تعمل يداك "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو داود وابن جرير والحاكم وصححه عن عمران بن
حصين أنه كان يقول : من حلف على يمين فاجرة يقتطع بها مال أخيه فليتبوأ مقعده من
النار
فقال له قائل : شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال لهم : إنكم
لتجدون ذلك ثم قرأ إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم الآية
واخرج البخاري عن ابن أبي مليكة أن امرأتين كانتا تخرزان في بيت فخرجت إحداهما وقد
أنفذ باشفاء في كفها فادعت على الأخرى فرفع إلى ابن عباس فقال ابن عباس : "
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لو يعطى الناس بدعواهم لذهب دماء قوم
وأموالهم ذكروها بالله واقرووا ؟ عليها إن الذين يشترون بعهد الله
الآية
فذكروها فاعترفت "
واخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن المسيب قال : إن
اليمين الفاجرة من الكبائر
ثم تلا إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا
واخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : كنا نرى ونحن مع رسول الله صلى الله عليه و سلم
أن من الذنب الذي لا يغفر يمين فجر فيها صاحبها
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي قال : من قرأ القرآن يتأكل الناس به أتى
الله يوم القيامة ووجهه بين كتفيه وذلك بأن الله يقول إن الذين يشترون بعهد الله
وأيمانهم ثمنا قليلا
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن زاذان قال : من قرأ القرآن يأخذ به جاء يوم
القيامة ووجهه عظم عليه لحم
وأخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود الترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي في
شعب الإيمان عن أبي ذر قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ثلاثة لا
يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : المسبل إزاره
والمنفق سلعته بالحلف الكاذب والمنان "
(2/248)
وأخرج
عبد الرزاق وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة وابن أبي حاتم والبيهقي في
الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : رجل
منع ابن السبيل فضل ماء عنده ورجل حلف على سلعة بعد العصر كاذبا فصدقه فاشتراها
بقوله ورجل بايع إماما فإن أعطاه وفى له وإن لم يعطه لم يف له "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن سلمان : " قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم : أشمط زان
وعائل مستكبر ورجل جعل الله له بضاعة فلا يبيع إلا بيمينه ولا يشتري إلا بيمينه
"
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : " قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : إن الله أذن لي أن أحدث عن ديك قد مرقت رجلاه الأرض وعنقه منثن تحت
العرش وهو يقول : سبحانك ما أعظمك ربنا ! فيرد عليه ما علم ذلك من حلف بي كاذبا
"
الآية 78
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله وإن منهم لفريقا
يلوون ألسنتهم بالكتاب قال : هم اليهود كانوا يزيدون في كتاب الله ما لم ينزل الله
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد يلوون
ألسنتهم بالكتاب قال : يحرفونه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : إن التوراة والإنجيل كما
أنزلها الله لم يغير منها حرف ولكنهم يضلون بالتحريف والتأويل وكتب كانوا يكتبونها
من عند أنفسهم ويقولون : هو من عند الله وما هو من عند الله فأما كتب الله فهي
محفوظة لا تحول
(2/249)
الآيتان
79 - 80
أخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن
عباس قال : " قال أبو رافع القرظي حين اجتمعت الأحبار من اليهود والنصارى من
أهل نجران عند رسول الله صلى الله عليه و سلم ودعاهم إلى الإسلام : أتريد يا محمد
أن نعبدك كما تعبد النصارى عيسى بن مريم ؟ فقال رجل من أهل نجران نصراني يقال له
الرئيس : أو ذاك تريده منا يا محمد ؟ فقال رسول اللله صلى الله عليه و سلم : معاذ
الله
! أن نعبد غير الله أو نأمر بعبادة غيره
ما بذلك بعثني ولا بذلك أمرني
فأنزل الله في ذلك من قولهما ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب إلى قوله بعد إذ
أنتم مسلمون "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن جريج قال : كان ناس من يهود يتعبدون الناس من
دون ربهم بتحريفهم كتاب الله عن موضعه
فقال الله ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب والحكم والنبوة ثم يقول للناس كونوا
عبادا لي من دون الله ثم يأمر الناس بغير ما أنزل الله في كتابه
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : " بلغني أن رجلا قال : يا رسول الله نسلم
عليك كما يسلم بعضنا على بعض أفلا نسجد لك ؟ قال : لا
ولكن أكرموا نبيكم واعرفوا الحق لأهله فإنه لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله
فأنزل الله ما كان لبشر أن يؤتيه الله الكتاب إلى قوله بعد إذ أنتم مسلمون "
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله ربانيين قال : فقهاء
معلمين
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله
ربانيين قال : حلماء علماء حكماء
(2/250)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن طريق الضحاك عن ابن عباس ربانيين قال : علماء فقهاء
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس ربانيين قال : حكماء فقهاء
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود ربانيين قال : حكماء علماء
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال " الربانيون " الفقهاء العلماء
وهم فوق الأحبار
وأخرج عن سعيد بن جبير ربانيين قال : حكماء أتقياء
واخرج ابن جرير عن ابن زيد قال " الربانيون " الذين يربون الناس ولاة
هذا الأمر
يلونهم وقرأ لولا ينهاهم الربانيون والأحبار المائدة الآية 63 قال الربانيون الولاة
والأحبار العلماء
واخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله كونوا ربانيين بما كنتم تعلمون
الكتاب قال : حق على كل من تعلم القرآن أن يكون فقيها
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس أنه كان يقرأ بما كنتم تعلمون
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير أنه قرأ بما كنتم تعلمون مثقلة برفع التاء وكسر
اللام
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
أنه قرأ بما كنتم تعلمون الكتاب خفيفة بنصب التاء قال ابن عيينة : ما علموه حتى
علموه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي بكر قال : كان عاصم يقرؤها بما كنتم تعلمون
الكتاب مثقلة برفع التاء وكسر اللام
قال : القرآن وبما كنتم تدرسون قال : الفقه
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك قال : لا يعذر أحد حر ولا عبد ولا رجل
ولا امرأة
لا يتعلم من القرآن جهده ما بلغ منه فإن الله يقول : كونوا ربانيين بما كنتم
تعلمون الكتاب وبما كنتم تدررسون يقول : كونوا فقهاء كونوا علماء
(2/251)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أبي رزين في قوله وبما كنتم تدرسون قال : مذاكرة الفقه كانوا
يتذاكرون الفقه كما نتذاكره نحن
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج ولا يأمركم أن تتخذوا قال : ولا يأمركم
النبي
الآيتان 81 - 82
أخرج عبد بن حميد والفريابي وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله واذ أخذ الله
ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة قال : هي خطأ من الكتاب
وهي قراءة ابن مسعود واذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب
وأخرج ابن جرير عن الربيع أنه قرأ واذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب قال :
وكذلك كان يقرؤها أبي كعب بن كعب
قال الربيع : ألا ترى أنه يقول ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه
يقول : لتؤمنن بمحمد صلى الله عليه و سلم ولتنصرنه
قال : هم أهل الكتاب
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس :
إن أصحاب عبد الله يقرؤون واذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لما آتيتكم من
كتاب وحكمة ونحن نقرأ ميثاق النبيين فقال ابن عباس : إنما أخذ الله ميثاق النبيين
على قومهم
وأخرج عبد الرزاق و ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن طاوس في الآية قال :
أخذ الله ميثاق النبيين أن يصدق بعضهم بعضا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من وجه آخر عن طاوس في الآية قال : أخذ
الله ميثاق الأول من الأنبياء ليصدقن وليؤمنن بما جاء به الآخر منهم
وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : لم يبعث الله نبيا
(2/252)
آدم
فمن بعده إلا أخذ عليه العهد في محمد لئن بعث وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه
ويأمره فيأخذ العهد على قومه
ثم تلا واذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة
الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : هذا ميثاق أخذه الله على
النبيين أن يصدق بعضهم بعضا وأن يبلغوا كتاب الله ورسالاته فبلغت الأنبياء كتاب
الله ورسالاته إلى قومهم وأخذ عليهم فيما بلغتهم رسلهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله
عليه و سلم ويصدقوه وينصروه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : لم يبعث الله نبيا قط من
لدن نوح إلا أخذ الله ميثاقه
ليؤمنن بمحمد ولينصرنه إن خرج وهو حي وإلا أخذ على قومه أن يؤمنوا به وينصروه إن
خرج وهم أحياء
وأخرج ابن جريج عن الحسن في الآية قال : أخذ الله ميثاق النبيين ليبلغن آخركم
أولكم ولا تختلفوا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال : ثم ذكر ما أخذ عليهم -
يعني على أهل الكتاب - وعلى أنبيائهم من الميثاق بتصديقه - يعني بتصديق محمد صلى
الله عليه و سلم - إذ جاءهم وإقرارهم به على أنفسهم
واخرج أحمد عن عبد الله بن ثابت قال : " جاء عمر إلى النبي صلى الله عليه و
سلم فقال : يا رسول الله إني مررت بأخ لي من قريظة فكتب لي جوامع من التوراة ألا
أعرضها عليك ؟ فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال عمر : رضينا بالله
ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا
فسري عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال : والذي نفس محمد بيده لو أصبح فيكم
موسى ثم اتبعتموه لضللتم
إنكم حظي من الأ ؟ وأنا حظكم من النبيين "
وأخرج أبو يعلى عن جابر قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا
تسألوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم لن يهدوكم وقد ضلوا
إنكم إما أن تصدقوا بباطل وإما أن تكذبوا بحق وإنه - والله - لو كان موسى حيا بين
أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني "
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير أنه قرأ لما آتيتكم ثقل لما
وأخرج عن عاصم أنه قرأ لما مخففة آتيتكم بالتاء على واحدة يعني أعطيتكم
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله إصري قال : عهدي
(2/253)
وأخرج
ابن جرير عن علي بن أبي طالب في قوله قال فاشهدوا يقول : فاشهدوا على أممكم بذلك
وأنا معكم من الشاهدين عليكم وعليهم فمن تولى عنك يا محمد بعد هذا العهد من جميع
الأمم فأولئك هم الفاسقون هم العاصون في الكفر
الآيتان 83 - 84
أخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن عباس " عن النبي صلى الله عليه و سلم وله
أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها أما من في السموات فالملائكة وأما من في
الأرض فمن ولد على الإسلام وأما كرها فمن أتي به من سبايا الأمم في السلاسل
والأغلال يقادون إلى الجنة وهم كارهون "
وأخرج الديلمي عن أنس قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله وله
أسلم من في السموات والأرض طوعا وكرها قال : الملائكة أطاعوه في السماء والأنصار
وعبد القيس أطاعوه في الأرض "
وأخرج ابن جرير من طريق مجاهد عن ابن عباس وله أسلم من في السموات والأرض طوعا
وكرها قال : حين أخذ الميثاق
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في الآية قال :
عبادتهم لي أجمعين طوعا وكرها وهو قوله ولله يسجد من في السموات والأرض طوعا وكرها
الرعد الآية 15
واخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس وله أسلم من في السموات
قال : هذه مفصولة ومن في الأرض طوعا وكرها
(2/254)
واخرج
ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس وله أسلم قال : المعرفة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في الآية قال : هو كقوله ولئن سألتهم من خلق
السموات والأرض ليقولن الله لقمان الآية 25 فذلك إسلامهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال : كل آدمي أقر على نفسه
بأن الله ربي وأنا عبده
فمن أشرك في عبادته فهذا الذي أسلم كرها ومن أخلص لله العبودية فهو الذي أسلم طوعا
وأخرج ابن جرير عن الحسن في الآية قال : أكره أقوام على الإسلام وجاء أقوام طائعين
وأخرج عن مطر الوراق في الآية قال : الملائكة طوعا والأنصار طوعا وبنو سليم وعبد
القيس طوعا والناس كلهم كرها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : أما المؤمن
فأسلم طائعا فنفعه ذلك وقبل منه وأما الكافر فأسلم حين رأى بأس الله فلم ينفعه ذلك
ولم يقبل منهم فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا غافر الآية 85
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : في السماء الملائكة طوعا وفي الأرض
الأنصار وعبد القيس طوعا
وأخرج عن الشعبي وله أسلم من في السموات قال : استقادتهم له
وأخرج عن أبي سنان وله أسلم من في السموات والأرض قال : المعرفة
ليس أحد تسأله إلا عرفه
وأخرج عن عكرمة في قوله وكرها قال : من أسلم من مشركي العرب والسبايا : ومن دخل في
الإسلام كرها
واخرج الطبراني في الأوسط عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من ساء خلقه من الرقيق والدواب والصبيان فاقرأوا في أذنه أفغير دين الله
يبغون
وأخرج ابن السني في عمل يوم وليلة عن يونس بن عبيد قال : ليس رجل
(2/255)
يكون
على دابة صعبة فيقرأ في أذنها أفغير دين الله يبغون وله أسلم الآية
إلا ذلت له بإذن الله عز و جل
الآية 85
أخرج أحمد والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال : " قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : تجيء الأعمال يوم القيامة فتجيء الصلاة فتقول : يا رب أنا الصلاة
فيقول : إنك على خير وتجيء الصدقة فتقول : يا رب أنا الصدقة فيقول : إنك على خير
ثم يجيء الصيام فيقول : أنا الصيام فيقول إنك على خير ثم تجيء الأعمال كل ذلك يقول
الله : إنك على خير ثم يجيء الإسلام فيقول : يا رب أنت السلام وأنا الإسلام فيقول
الله : إنك على خير
بك اليوم آخذ وبك أعطي
قال الله في كتابه و من يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من
الخاسرين
الآيات 86 - 89
أخرج النسائي وابن حبان وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طريق عكرمة عن ابن عباس
قال : كان رجل من الأنصار فأسلم ثم ارتد ولحق بالمشركين ثم ندم فأرسل إلى قومه :
أرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم هل لي من توبة ؟ فنزلت كيف يهدي الله
قوما كفروا بعد إيمانهم إلى قوله فإن الله غفور رحيم فأرسل إليه قومه فأسلم
(2/256)
وأخرج
عبد الرزاق ومسدد في مسنده وابن جرير وابن المنذر والباوردي في معروفة الصحابة قال
: جاء الحارث بن سويد فأسلم مع النبي صلى الله عليه و سلم ثم كفر فرجع إلى قومه
فأنزل الله فيه القرآن كيف يهدي الله قوما كفروا إلى قوله رحيم فحملها إليه رجل من
قومه فقرأها عليه فقال الحارث : إنك - والله - ما علمت لصدوق وإن رسول الله صلى
الله عليه و سلم لأصدق منك وإن الله عز و جل لأصدق الثلاثة
فرجع الحارث فأسلم فحسن إسلامه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن السدي في قوله كيف يهدي الله قوما الآية قال :
أنزلت في الحارث بن سويد الأنصاري كفر بعد إيمانه
فأنزلت فيه هذه الآيات ثم نزلت إلا الذين تابوا
الآية
فتاب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من وجه آخر عن مجاهد في قوله كيف يهدي
الله قوما
الآية
قال : نزلت في رجل من بني عمرو بن عوف كفر بعد إيمانه فجاء الشام
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن مجاهد في الآية قال : هو رجل من
بني عمرو بن عوف كفر بعد إيمانه قال : قال ابن جريج : أخبرني عبد الله بن كثير عن
مجاهد قال : لحق بأرض الروم فتنصر ثم كتب إلى قومه : أرسلوا هل لي من توبة ؟ فنزلت
إلا الذين تابوا فآمن ثم رجع
قال ابن جريج : قال عكرمة : نزلت في أبي عامر الراهب والحارث بن سويد بن الصامت
ووحوح بن الأسلت في اثني عشر رجلا رجعوا عن الإسلام ولحقوا بقريش
ثم كتبوا إلى أهلهم هل لنا من توبة ؟ ! فنزلت إلا الذين تابوا من بعد ذلك
الآيات
وأخرج ابن إسحق وابن المنذر عن ابن عباس أن الحارث بن سويد قتل المجدر بن زياد
وقيس بن زيد أحد بني ضبيعة يوم أحد ثم لحق بقريش فكان بمكة ثم بعث إلى أخيه الجلاس
يطلب التوبة ليرجع إلى قومه
فأنزل الله فيه كيف يهدي الله قوما إلى آخر القصة
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح مولى أم هانىء أن الحرث بن سويد بايع رسول الله
صلى الله عليه و سلم ثم لحق بأهل مكة وشهد أحدا فقاتل المسلمين ثم سقط في يده فرجع
إلى مكة فكتب إلى أخيه جلاس بن سويد : يا أخي إني ندمت على ما كان مني فأتوب إلى
الله و أرجع إلى الإسلام ؟ فاذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فإن
(2/257)
طمعت
لي في توبة فاكتب إلي
فذكر لرسول الله صلى الله عليه و سلم
فأنزل الله كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم فقال قوم من أصحابه ممن كان عليه
يتمنع ثم يراجع الإسلام فأنزل الله إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا لن
تقبل توبتهم وأولئك هم الضالون وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن
ابن عباس في قوله كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم قال : هم أهل الكتاب عرفوا
محمدا ثم كفروا به
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن في الآية قال : هم أهل الكتاب
من اليهود والنصارى رأوا نعت محمد في كتابهم وأقروا به وشهدوا أنه حق
فلما بعث من غيرهم حسدوا العرب على ذلك فأنكروه وكفروا بعد إقرارهم حسدا للعرب حين
بعث من غيرهم
الآية 90
أخرج البزار عن ابن عباس أن قوما أسلموا ثم ارتدوا ثم أسلموا ثم ارتدوا
فأرسلوا إلى قومهم يسألون لهم
فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم
فنزلت هذه الآية إن الذين كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا
الآية
هذا خطأ من البزار
وأخرج ابن جرير عن الحسن في الآية قال : اليهود والنصارى لن تقبل توبتهم عند الموت
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : هم اليهود
كفروا بالإنجيل وعيسى ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه و سلم والقرآن
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال : إنها
نزلت في اليهود والنصارى كفروا بعد إيمانهم ثم ازدادوا كفرا بذنوب أذنبوها ثم
ذهبوا يتوبون من تلك الذنوب في كفرهم ولو كانوا على الهدى قبلت توبتهم ولكنهم على
ضلالة
(2/258)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله لن تقبل
توبتهم قال : تابوا من الذنوب ولم يتوبوا من الأصل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ثم ازدادوا كفرا قال : تموا على
كفرهم
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله ثم ازدادوا كفرا قال : ماتوا وهم كفار لن تقبل
توبتهم قال : إذا تاب عند موته لم تقبل توبته
الآية 91
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن
يقبل الله من أحدهم ملء الأرض ذهبا قال : هو كل كافر
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : " يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له : أرأيت لو كان لك ملء
الأرض ذهبا أكنت مفتديا به ؟ فيقول : نعم
فيقال : لقد سئلت ما هو أيسر من ذلك
فذلك قوله تعالى إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار
الآية
لفظ ابن جرير "
الآية 92
أخرج مالك وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن
أبي حاتم عن أنس قال : " كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة نخلا وكان أحب
أمواله إليه بيرحاء وكانت مستقبلة المسجد وكان النبي صلى الله عليه و سلم يدخلها
ويشرب من ماء فيها طيب فلما نزلت لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون قال أبو
طلحة : يا رسول الله إن الله يقول لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وإن أحب
أموالي إلي بيرحاء وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا
(2/259)
رسول
الله حيث أراك الله
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : بخ ذاك مال رابح ذلك مال رابح وقد سمعت ما
قلت وإني أرى أن تجعلها في الأقربين
فقال أبو طلحة : أفعل يا رسول الله ؟ فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه "
وأخرج عبد بن حميد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن جرير عن أنس قال : " لما
نزلت هذه الآية لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون قال أبو طلحة : يا رسول الله
إن الله يسألنا من أموالنا أشهد أني قد جعلت أرضي بأريحا لله
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اجعلها في قرابتك
فجعلها في حسان بن ثابت وأبي بن كعب "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن أنس
قال : " لما نزلت هذه الآية لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون أو هذه
الآية من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا قال أبو طلحة : يا رسول الله حائطي الذي
بكذا وكذا صدقة ولو استطعت أن أسره لم أعلنه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
اجعله في فقراء أهلك "
وأخرج عبد بن حميد والبزار عن ابن عمر قال : حضرتني هذه الآية لن تنالوا البر حتى
تنفقوا مما تحبون فذكرت ما أعطاني الله فلم أجد شيئا أحب إلي من مرجانة جارية لي
رومية فقلت هي حرة لوجه الله فلو أني أعود في شيء جعلته لله لنكحتها فأنكحها نافعا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عمر بن الخطاب أنه كتب إلى أبي موسى
الأشعري أن يبتاع له جارية من سبي جلولاء
فدعا بها عمر فقال : إن الله يقول لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون فأعتقها عمر
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن المنكدر
قال : " لما نزلت هذه الآية لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون جاء زيد بن
حارثة بفرس له يقال لها شبلة لم يكن له مال أحب اليه منها فقال : هي صدقة
فقبلها رسول الله صلى الله عليه و سلم وحمل عليها ابنه أسامة فرأى رسول الله صلى
الله عليه و سلم ذلك في وجه زيد فقال : إن الله قد قبلها منك "
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن دينار
مثله
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير من طريق معمر عن أيوب وغيره " أنها حين نزلت لن
تنالوا البر
الآية جاء زيد بن حارثة بفرس له كان يحبها فقال : يا رسول
(2/260)
الله
هذه في سبيل الله فحمل عليها رسول الله صلى الله عليه و سلم أسامة بن زيد فكأن
زيدا وجد في نفسه
فلما رأى ذلك منه النبي صلى الله عليه و سلم قال : " أما إن الله قد قبلها
"
وأخرج عبد بن جميد عن ثابت بن الحجاج قال : " بلغني أنه لما نزلت هذه الآية
لن تنالو البر حتى تنفقوا مما تحبون قال زيد : اللهم إنك تعلم أنه ليس لي مال أحب
إلي من فرسي هذه فتصدق بها على المساكين فأقاموها تباع وكانت تعجبه
فسأل النبي صلى الله عليه و سلم فنهاه أن يشتريها "
وأخرج ابن جرير عن ميمون بن مهران أن رجلا سأل أبا ذر أي الأعمال أفضل ؟ قال :
الصلاة عماد الإسلام والجهاد سنام العمل والصدقة شيء عجيب
فقال : يا أبا ذر لقد تركت شيئا هو أوثق عملي في نفسي لا أراك ذكرته ! قال : ما هو
؟ قال : الصيام ! فقال : قربة وليس هنا
وتلا هذه الآية لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون
وأخرج عبد بن حميد عن رجل من بني سليم قال : جاورت أبا ذر بالربذة وله فيها قطيع
إبل
له فيها راع ضعيف فقلت : يا أبا ذر ألا أكون لك صاحبا أكنف راعيك وأقتبس منك بعض
ما عندك لعل الله أن ينفعني به ؟ فقال أبو ذر : إن صاحبي من أطاعني فإما أنت مطيعي
فأنت لي صاحب وإلا فلا
قلت : ما الذي تسألني فيه الطاعة ؟ قال : لا أدعوك بشيء من مالي إلا توخيت أفضله
قال : فلبثت معه ما شاء الله ثم ذكر له في الماء حاجة فقال : ائتني ببعير من الإبل
فتصفحت الإبل فإذا أفضلها فحلها ذلول فهممت بأخذه ثم ذكرت حاجتهم إليه فتركته
وأخذت ناقة ليس في الإبل بعد الفحل أفضل منها فجئت بها فحانت منه نظرة فقال : يا
أخا بني سليم خنتني
فلما فهمتها منه خليت سبيل الناقة ورجعت إلى الإبل فأخذت الفحل فجئت به فقال
لجلسائه : من رجلان يحتسبان عملهما ؟ قال رجلان : نحن
قال : أما لا فأنيخاه ثم اعقلاه ثم انحراه ثم عدوا بيوت الماء فجزئوا لحمه على
عددهم واجعلوا بيت أبي ذر بيتا منها ففعلوا
فلما فرق اللحم دعاني فقال : ما أدري أحفظت وصيتي فظهرت بها أم نسيت فأعذرك ؟ قلت
: ما نسيت وصيتك ولكن لما تصفحت الإبل وجدت فحلها أفضلها فهممت بأخذه فذكرت حاجتكم
إليه فتركته فقال : ما تركته إلا لحاجتي
(2/261)
إليه
؟ قلت : ما تركته إلا لذلك قال : أفلا أخبرك بيوم حاجتي ؟ إن يوم حاجتي يوم أوضع
في حفرتي فذلك يوم حاجتي
إن في المال ثلاثة شركاء : القدر لا ينتظر أن يذهب بخيرها أو شرها والوارث ينتظر
متى تضع رأسك ثم يستفيئها وأنت ذميم وأنت الثالث فإن استطعت أن لا تكونن أعجز
الثلاثة فلا تكونن مع أن الله يقول لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وإن هذا
المال مما أحب من مالي فأحببت أن أقدمه لنفسي
وأخرج أحمد عن عائشة قالت : " أتي رسول الله صلى الله عليه و سلم بضب فلم
يأكله ولم ينه عنه قلت : يا رسول الله أفلا نطعمه المساكين ؟ قال : لا تطعموهم مما
لا تأكلون "
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن طريق مجاهد عن ابن عمر أنه لما نزلت لن تنالوا البر
حتى تنفقوا مما تحبون دعا بجارية له فأعتقها
وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : قرأ ابن عمر وهو
يصلي فأتى على هذه الآية لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون فأعتق جارية له وهو
يصلي أشار إليها بيده
وأخرج ابن المنذر عن نافع قال : كان ابن عمر يشتري السكر فيتصدق به فنقول له : لو
اشتريت لهم بثمنه طعاما كان أنفع لهم من هذا فيقول : إني أعرف الذي تقولون ولكن
سمعت الله يقول لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وابن عمر يحب السكر
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله لن تنالوا البر قال : الجنة
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن ميمون والسدي
مثله
وأخرج ابن المنذر عن مسروق
مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال : لن تنالوا بركم
حتى تنفقوا مما يعجبكم ومما تهوون من أموالكم وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم
يقول محفوظ : ذلك لكم والله به عليم شاكر له
(2/262)
الآيات
93 - 95
أخرج عبد بن حميد والفريابي والبيهقي في سننه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والحاكم وصححه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل
إلا ما حرم إسرائيل على نفسه قال : العرق
أخذه عرق النسا فكان يبيت له زقاء يعني صياح فجعل لله عليه إن شفاه أن لا يأكل
لحما فيه عروق فحرمته اليهود
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير من طريق يوسف بن ماهك عن ابن عباس قال
: هل تدري ما حرم إسرائيل على نفسه ؟ إن إسرائيل أخذته الأنساء فأضنته فجعل لله
عليه إن عافاه الله أن لا يأكل عرقا أبدا
فلذلك تسل اليهود العروق فلا يأكلونها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : حرم على
نفسه العروق وذلك أنه كان يشتكي عرق النسا فكان لا ينام الليل فقال : والله لئن
عافاني الله منه لا يأكله لي ولد وليس مكتوبا في التوراة
" وسأل محمد صلى الله عليه و سلم نفرا من أهل الكتاب فقال : ما شأن هذا حراما
؟ فقالوا : هو حرام علينا من قبل الكتاب فقال الله كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل
إلى إن كنتم صادقين "
وأخرج البخاري في تاريخه وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن
عباس قال : " جاء اليهود فقالوا : يا أبا القاسم أخبرنا عما حرم إسرائيل على
نفسه ؟ قال : كان يسكن البدو فاشتكى عرق النسا فلم يجد شيئا يداويه إلا لحوم الإبل
وألبانها فلذلك حرمها قالوا : صدقت "
وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله إلا ما حرم
(2/263)
إسرائيل
على نفسه قال : حرم العروق ولحوم الإبل كان به عرق النسا فأكل من لحومها فبات
بليلة يزقو فحلف أن لا يأكله أبدا
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مجلز في قوله إلا ما حرم إسرائيل على نفسه قال : إن
إسرائيل هو يعقوب وكان رجلا بطيشا فلقي ملكا فعالجه فصرعه الملك ثم ضرب على فخذه
فلما رأى يعقوب ما صنع به بطش به فقال : ما أنا بتاركك حتى تسميني اسما
فسماه إسرائيل فلم يزل يوجعه ذلك العرق حتى حرمه من كل دابة
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : حرم على نفسه لحوم الأنعام
وأخرج ابن إسحق وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس أنه كان يقول
: الذي حرم إسرائيل على نفسه زائدتا الكبد والكليتين والشحم إلا ما كان على الظهر
فإن ذلك كان يقرب للقربان فتأكله النار
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عطاء إلا ما حرم إسرائيل قال : لحوم الإبل
وألبانها
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن ابن عباس قال :
" قالت اليهود للنبي صلى الله عليه و سلم : نزلت التوراة بتحريم الذي حرم
إسرائيل فقال الله لمحمد صلى الله عليه و سلم قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم
صادقين وكذبوا ليس في التوراة وإنما لم يحرم ذلك إلا تغليظا لمعصية بني إسرائيل
بعد نزول التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين وقالت اليهود لمحمد
صلى الله عليه و سلم : كان موسى يهوديا على ديننا وجاءنا في التوراة تحريم الشحوم
وذي الظفر والسبت
فقال محمد صلى الله عليه و سلم : كذبتم لم يكن موسى يهوديا وليس في التوراة إلا
الإسلام
يقول الله قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين أفيه ذلك وما جاءهم بها
أنبياؤهم بعد موسى فنزلت في الألواح جملة "
وأخرج عبد بن حميد عن عامر أن عليا رضي الله عنه قال في رجل جعل امرأته عليه حراما
قال : حرمت عليه كما حرم إسرائيل على نفسه لحوم الجمل فحرم عليه
قال مسروق : إن إسرائيل كان حرم على نفسه شيئا كان في علم الله أن سيحرمه إذا نزل
الكتاب فوافق تحريم إسرائيل ما قد علم الله أنه سيحرمه إذا نزل
(2/264)
الكتاب
وأنتم تعمدون إلى الشيء قد أحله الله فتحرمونه على أنفسكم ما أبالي إياها حرمت أو
قصعة من ثريد
الآية 96
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق الشعبي عن علي بن أبي طالب في قوله إن أول
بيت وضع للناس للذي ببكة قال : كانت البيوت قبله ولكنه كان أول بيت وضع لعبادة
الله
وأخرج ابن جرير عن مطر
مثله
وأخرج ابن جريج عن الحسن في الآية قال إن أول بيت وضع للناس يعبد الله فيه للذي
ببكة
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن جرير والبيهقي في
الشعب عن أبي ذر قال : " قلت يا رسول الله أي مسجد وضع أول ؟ قال : المسجد
الحرام
قلت : ثم أي ؟ قال : المسجد الأقصى قلت : كم بينهما ؟ قال : أربعون سنة "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن عمرو قال : خلق
الله البيت قبل الأرض بألفي سنة وكان إذ كان عرشه على الماء زبدة بيضاء وكانت
الأرض تحته كأنها حشفة فدحيت الأرض من تحته
وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة قال : إن الكعبة خلقت قبل الأرض بألفي سنة وهي من
الأرض إنما كانت حشفة على الماء عليها ملكان من الملائكة يسبحان فلما أراد الله أن
يخلق الأرض دحاها منها فجعلها في وسط الأرض
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والأزرقي عن مجاهد قوله إن أول بيت وضع للناس كقوله
كنتم خير أمة أخرجت للناس آل عمران الآية 110
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : أما أول بيت فإنه يوم كانت الأرض ماء كان زبدة على
الأرض فلما خلق الله الأرض خلق البيت معها
فهو أول بيت وضع في الأرض
(2/265)
وأخرج
ابن المنذر عن الحسن في الآية قال : أول قبلة أعملت للناس المسجد الحرام
وأخرج ابن المنذر والأزرقي عن ابن جريج قال : " بلغنا أن اليهود قالت : بيت
المقدس أعظم من الكعبة لأنها مهاجر الأنبياء ولأنه في الأرض المقدسة
فقال المسلمون : بل الكعبة أعظم
فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم
فنزلت إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا إلى قوله فيه آيات بينات مقام
إبراهيم وليس ذلك في بيت المقدس ومن دخله كان آمنا وليس ذلك في بيت المقدس ولله
على الناس حج البيت وليس ذلك لبيت المقدس "
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : أول بقعة وضعت في الأرض موضع البيت ثم مهدت منها الأرض
وإن أول جبل وضعه الله على وجه الأرض أبو قبيس ثم مدت منه الجبال "
وأخرج ابن جرير وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن الزبير
قال : إنما سميت بكة لأن الناس يجيئون إليها من كل جانب حجاجا
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير والبيهقي في الشعب عن مجاهد قال : إنما سميت بكة
لأن الناس يتباكون فيها الرجال والنساء
يعني يزدحمون
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير مثله
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبيهقي عن مجاهد قال : إنما سميت بكة لأن الناس
يبك بعضهم بعضا فيها وأنه يحل فيها ما لا يحل في غيرها
واخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في الشعب عن قتادة قال : سميت بكة لأن الله
بك بها الناس جميعا فيصلي النساء قدام الرجال ولا يصلح ذلك ببلد غيره
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
عتبة بن قيس قال : إن مكة بكت بكاء الذكر فيها كالأنثى
قيل : عمن تروي هذا ؟ قال : عن ابن عمر
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن زيد بن مهاجر قال : إنما سميت بكة لأنها كانت تبك
الظلمة
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : البيت وما حوله بكة
وما وراء ذلك مكة
(2/266)
وأخرج
سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي مالك الغفاري قال :
بكة موضع البيت ومكة ما سوى ذلك
وأخرج ابن جرير عن ابن شهاب قال : بكة البيت والمسجد ومكة الحرم كله
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : بكة هي مكة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : مكة من الفج إلى التنعيم وبكة من البيت إلى
البطحاء
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : بكة الكعبة ومكة ما حولها
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان مباركا جعل فيه الخير والبركة وهدى للعالمين
يعني بالهدى قبلتهم
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي في الشعب عن الزهري قال : بلغني أنهم وجدوا
في مقام إبراهيم ثلاثة صفوح في كل صفح منها كتاب
في الصفح الأول : " أنا الله ذو بكة صغتها يوم صغت الشمس والقمر وحففتها
بسبعة أملاك حنفاء وباركت لأهلها في اللحم واللبن
وفي الصفح الثاني : أنا الله ذو بكة خلقت الرحم وشققت لها من اسمي ومن وصلها وصلته
ومن قطعها بتته
وفي الثالث : أنا الله ذو بكة خلقت الخير والشر فطوبى لمن كان الخير على يديه وويل
لمن كان الشر على يديه "
وأخرج الأزرقي عن ابن عباس قال : وجد في المقام كتاب فيه : هذا بيت الله الحرام
بكة توكل الله برزق أهله من ثلاثة سبل : يبارك لأهلها في اللحم والماء واللبن لا
يحله أول من أهله ووجد في حجر من الحجر كتاب من خلقة الحجر : " أنا الله ذو
بكة الحرام صغتها يوم صغت الشمس والقمر وحففتها بسبعة أملاك حنفاء لا تزول حتى
يزول أخشباها مبارك لأهلها في اللحم والماء "
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد والضحاك نحوه
وأخرج الجندي في فضائل مكة عن ابن عباس وأبي هريرة قالا : " قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : خلق الله مكة فوضعها على المكروهات والدرجات " قيل
لسعيد بن جبير : ما الدرجات ؟ قال : الدرجات الجنة
وأخرج الأزرقي والجندي عن عائشة قالت : ما رأيت السماء في موضع أقرب منها إلى
الأرض من مكة
(2/267)
وأخرج
الأزرقي عن عطاء بن كثير رفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم : " المقام بمكة
سعادة وخروج منها شقوة "
وأخرج الأزرقي والجندي والبيهقي في الشعب وضعفه عن ابن عباس قال : " قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : من أدركه شهر رمضان بمكة فصامه كله وقام منه ما تيسر
كتب الله له مائة ألف شهر رمضان بغير مكة وكتب له كل يوم حسنة وكل ليلة حسنة وكل
يوم عتق رقبة وكل ليلة عتق رقبة وكل يوم حملان فرس في سبيل الله وكل ليلة حملان
فرس في سبيل الله وله بكل يوم دعوة مستجابة "
وأخرج الأزرقي والطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله " أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : هذا البيت دعامة الإسلام من خرج يؤم هذا البيت من حاج أو
معتمر كان مضمونا على الله إن قبضه أن يدخله الجنة وإن رده أن يرده بأجر أو غنيمة
"
وأخرج البيهقي في الشعب عن جابر بن عبد الله قال : " قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " الصلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد
الحرام والجمعة في مسجدي هذا أفضل من ألف جمعة فيما سواه إلا المسجد الحرام وشهر
رمضان في مسجدي هذا أفضل من ألف شهر رمضان فيما سواه إلا المسجد الحرام "
وأخرج البزار وابن خزيمة والطبراني والبيهقي في الشعب عن أبي الدرداء قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : فضل الصلاة في المسجد الحرام على غيره مائة ألف
صلاة وفي مسجدي ألف صلاة وفي مسجد بيت المقدس بخمسمائة صلاة "
وأخرج ابن ماجة عن أنس قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : صلاة
الرجل في بيته بصلاة وصلاته في مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة وصلاته في في المسجد
الذي يجمع فيه بخمسمائة صلاة وصلاته في المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة وصلاته في
مسجدي بخمسين ألف صلاة وصلاته في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة "
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي وابن ماجة عن ابن عمر : " إن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا
المسجد الحرام "
وأخرج الطيالسي وأحمد والبزار وابن عدي والبيهقي وابن خزيمة وابن حبان عن عبد الله
بن الزبير قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : صلاة في مسجدي هذا
أفضل من ألف
(2/268)
صلاة
فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف
صلاة في مسجدي هذا " قيل لعطاء : هذا الفضل الذي يذكر في المسجد الحرام وحده
أو في الحرم ؟ قال : لا
بل في الحرم فإن الحرم كله مسجد
وأخرج أحمد وابن ماجة عن جابر : " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد
الحرام أفضل من مائة ألف صلاة "
واخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن أبي
هريرة : " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : صلاة في مسجدي هذا خير من
ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام "
وأخرج البزار عن عائشة قالت : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنا
خاتم الأنبياء ومسجدي خاتم مساجد الأنبياء أحق المساجد أن يزار وتشد اليه الرواحل
المسجد الحرام ومسجدي
صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام "
وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد وابن منيع والروياني وابن خزيمة والطبراني عن
جبير بن مطعم قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : صلاة في مسجدي هذا
أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام "
الآية 97
أخرج سعيد بن منصور والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف
عن ابن عباس أنه كان يقرأ " فيه آية بينة مقام إبراهيم "
وأخرج ابن الأنباري عن مجاهد أنه كان يقرأ فيه آيات بينة
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم بن أبي النجود فيه آيات بينات على الجمع
(2/269)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس فيه آيات بينات منهن مقام
إبراهيم والمشعر
وأخرج ابن جرير عن مجاهد وقتادة في الآية قالا : مقام إبراهيم من الآيات البينات
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في قوله فيه آيات بينات قال : مقام إبراهيم
ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والأزرقي عن مجاهد فيه
آيات بينات مقام إبراهيم قال : أثر قدميه في المقام آية بينة و من دخله كان آمنا
قال : هذا شيء آخر
وأخرج الأزرقي عن زيد بن أسلم فيه آيات بينات قال : الآيات البينات هن مقام
إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت وقال يأتين من كل فج عميق الحج
الآية 27
وأخرج ابن الأنباري عن الكلبي فيه آيات بينات قال الآيات الكعبة والصفا والمروة
ومقام إبراهيم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ومن دخله
كان آمنا قال : هذا كان في الجاهلية كان الرجل لو جر كل جريرة على نفسه ثم لجأ إلى
حرم الله لم يتناول ولم يطلب فأما في الإسلام فانه لا يمنع من حدود الله ومن سرق
فيه قطع ومن زنى فيه أقيم عليه الحد ومن قتل فيه قتل
وأخرج الأزرقي عن مجاهد
مثله
وأخرج ابن المنذر والأزرقي عن حويطب بن عبد العزى قال : أدركت في الجاهلية في
الكعبة حلقا أمثال لجم البهم لا يدخل خائف يده فيها ويهيجه أحد فجاء خائف ذات يوم
فأدخل يده فيها فجاءه آخر من ورائه فاجتذبه فشلت يده فلقد رأيته أدرك الإسلام وإنه
لأشل
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والأزرقي عن عمر بن الخطاب قال : لو وجدت فيه قاتل
الخطاب ما مسسته حتى يخرج منه
(2/270)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله ومن دخله كان
آمنا قال : من عاذ بالبيت أعاذه البيت ولكن لا يؤذى ولا يطعم ولا يسقى ولا يرعى
فإذا خرج أخذ بذنبه
وأخرج ابن المنذر والأزرقي من طريق طاوس عن ابن عباس في قوله ومن دخله كان آمنا
قال : من قتل أو سرق في الحل ثم دخل الحرم فإنه لا يجالس ولا يكلم ولا يؤوى ولكنه
يناشد حتى يخرج فيؤخذ فيقام عليه فإن قتل أو سرق في الحل فأدخل الحرم فأرادوا أن
يقيموا عليه ما أصاب أخرجوه من الحرم إلى الحل فاقيم عليه وإن قتل في الحرم أو سرق
أقيم عليه في الحرم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طريق مجاهد عن ابن عباس قال : إذا أصاب الرجل الحد
قتل أو سرق فدخل الحرم لم يبايع ولم يؤو حتى يتبرم فيخرج من الحرم فيقام عليه الحد
وأخرج ابن المنذر عن طاوس قال : عاب ابن عباس على ابن الزبير في رجل أخذ في الحل
ثم أدخله الحرم ثم أخرجه إلى الحل فقتله
وأخرج عن الشعبي قال : من أحدث حدثا ثم لجأ إلى الحرم فقد أمن ولا يعرض له وإذا
أحدث في الحرم أقيم عليه
وأخرج ابن جرير من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : من أحدث حدثا ثم استجار بالبيت
فهو آمن وليس للمسلمين أن يعاقبوه على شيء إلى أن يخرج فإذا خرج أقاموا عليه الحد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طريق عطاء عن ابن عباس قال : من أحدث حدثا في غير
الحرم ثم لجأ إلى الحرم لم يعرض له ولم يبايع ولم يؤو حتى يخرج من الحرم فإذا خرج
من الحرم أخذ فأقيم عليه الحد ومن أحدث في الحرم حدثا أقيم عليه الحد
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : لو أخذت قاتل عمر في الحرم ما هجته
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس قال : لو وجدت قاتل أبي في الحرم لم أعرض
له
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : كان الرجل في الجاهلية يقتل الرجل ثم
يدخل الحرم فيلقاه ابن المقتول أو أبوه فلا يحركه
(2/271)
وأخرج
البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي شريح العدوي قال : " قام النبي صلى
الله عليه و سلم الغد من يوم الفتح فقال : إن مكة حرمها الله ولم يحرمها الناس فلا
يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما ولا يعضد بها شجرة فإن أحد
ترخص لقتال رسول الله صلى الله عليه و سلم فقولوا : إن الله قد أذن لرسوله ولم
يأذن لكم وإنما أذن لي ساعة من نهار ثم عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس "
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عمرو قال : " مر رسول الله صلى الله عليه و سلم
بناس من قريش جلوس في ظل الكعبة فلما انتهى إليهم سلم ثم قال : اعلموا أنها مسؤولة
عما يعمل فيها وإن ساكنها لا يسفك دما ولا يمشي بالنميمة "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن يحيى بن جعدة بن هبيرة
في قوله ومن دخله كان آمنا قال : آمنا من النار
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من
دخل البيت دخل في حسنة وخرج من سيئة مغفورا له "
وأخرج ابن المنذر عن عطاء قال : من مات في الحرم بعث آمنا
يقول الله ومن دخله كان آمنا
وأخرج البيهقي في الشعب عن جابر قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
من مات في أحد الحرمين بعث آمنا "
وأخرج البيهقي في الشعب وضعفه عن سلمان قال : " قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : من مات في أحد الحرمين استوجب شفاعتي وجاء يوم القيامة من الآمنين "
وأخرج الجندي والبيهقي عن أنس بن مالك قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : من مات في أحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة ومن زارني محتسبا إلى
المدينة كان في جواري يوم القيامة "
وأخرج الجندي عن مخرم بن قيس بن مخرمة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
من مات في أحد الحرمين بعث من الآمنين يوم القيامة "
وأخرج الجندي عن ابن عمر قال : من قبر بمكة مسلما بعث آمنا يوم القيامة
أما قوله تعالى : ولله على الناس حج البيت الآية
(2/272)
أخرج
أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن أبي حاتم والحاكم عن علي قال : " لما
نزلت ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا قالوا : يا رسول الله في كل
عام ؟ فسكت
قالوا : يا رسول الله في كل عام ؟ قال : لا
ولو قلت نعم لوجبت
فأنزل الله لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم المائدة الآية 101 "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس قال : " لما نزلت و لله على الناس
حج البيت من استطاع إليه سبيلا قال رجل : يا رسول الله أفي كل عام ؟ فقال : حج حجة
الإسلام التي عليك
ولو قلت نعم وجبت عليكم "
وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : " خطبنا
رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج
فقام الأقرع بن حابس فقال : أفي كل عام يا رسول الله ؟ قال : لو قلتها لوجبت ولو
وجبت لم تعملوا بها ولم تستطيعوا أن تعملو بها
الحج مرة فمن زاد فتطوع "
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : " لما نزلت ولله على الناس حج البيت من
استطاع إليه سبيلا قال رجل : يا رسول الله أفي كل عام ؟ قال : والذي نفسي بيده لو
قلت نعم لوجبت ولو وجبت ما قمتم بها ولو تركتموها لكفرتم
فذروني فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم أنبيائهم واختلافهم عليهم فإذا أمرتكم
بأمر فأتمروه ما استطعتم وإذا نهيتكم عن أمر فاجتنبوه "
وأخرج الشافعي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم وابن عدي وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عمر قال :
" قام رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : من الحاج يا رسول الله ؟ قال
: الشعث التفل
فقام آخر فقال : أي الحج أفضل يا رسول الله ؟ قال : العج والثج
فقام آخر فقال : ما السبيل يا رسول الله ؟ قال : الزاد والراحلة "
وأخرج الدارقطني والحاكم وصححه عن أنس " أن رسول صلى الله عليه و سلم سئل عن
قول الله من استطاع إليه سبيلا فقيل ما السبيل ؟ قال : الزاد والراحلة "
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والدارقطني
والبيهقي في سننهما عن الحسن قال : " قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم ولله
على الناس
(2/273)
حج
البيت من استطاع إليه سبيلا قالوا : يا رسول الله ما السبيل ؟ قال : الزاد
والراحلة "
وأخرج الدارقطني والبيهقي في سننهما من طريق الحسن عن أبيه عن عائشة قالت : "
سئل النبي صلى الله عليه و سلم ما السبيل إلى الحج ؟ قال : الزاد والراحلة "
وأخرج الدارقطني في سننه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله ولله
على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا قال : " قيل يا رسول الله ما السبيل
؟ قال : الزاد والراحلة "
وأخرج الدارقطني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
: " السبيل إلى البيت
الزاد والراحلة "
وأخرج الدارقطني عن جابر بن عبد الله قال : " لما نزلت هذه الآية ولله على
الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا قام رجل فقال : يا رسول الله ما السبيل ؟ قال
: الزاد والراحلة "
وأخرج الدارقطني عن علي عن النبي صلى الله عليه و سلم ولله على الناس حج البيت من
استطاع إليه سبيلا قال : " فسئل عن ذلك فقال : تجد ظهر بعير "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن عمر بن الخطاب في قوله من استطاع إليه سبيلا قال
: الزاد والراحلة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله من استطاع
إليه سبيلا قال : الزاد والبعير
وفي لفظ الراحلة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس في قوله من استطاع إليه سبيلا
قال : السبيل أن يصح بدن العبد ويكون له ثمن زاد وراحلة من غير أن يجحف به
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن ابن عباس قال السبيل من وجد إليه سعة ولم يحل
بينه وبينه
واخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن عبد الله بن الزبير من استطاع
إليه سبيلا قال : الاستطاعة القوة
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد من استطاع إليه سبيلا قال : زادا وراحلة
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير والحسن وعطاء
مثله
(2/274)
واخرج
ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي قال : إن المحرم للمرأة من السبيل
الذي قال الله
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: لا تسافر امرأة مسيرة ليلة "
وفي لفظ : " لا تسافر المرأة بريدا إلا مع ذي محرم "
وأخرج ابن ابي شيبة عن ابن عباس قال : " سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يخطب
يقول : لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم
فقام رجل فقال : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة وإني كنت ؟ في غزوة كذا وكذا
فقال : انطلق فحج مع امرأتك "
وأخرج الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب وابن مردويه عن علي قال
: " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت
الله ولم يحج بيت الله فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا وذلك بأن الله يقول
ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد في كتاب الإيمان وأبو يعلى والبيهقي عن أبي أمامة قال :
" قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من مات ولم يحج حجة الإسلام لم يمنعه
مرض حابس أو سلطان جائر أو حاجة ظاهرة فليمت على أي حال شاء يهوديا أو نصرانيا
"
وأخرج ابن المنذر عن عبد الرحمن بن سابط مرفوعا مرسلا
مثله
وأخرج سعيد بن منصور بسند صحيح عن عمر بن الخطاب قال : لقد هممت أن أبعث رجالا إلى
هذه الأمصار فلينظروا كل من كان له جدة ولم يحج فيضربوا عليهم الجزية
ما هم بمسلمين ما هم بمسلمين
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن عمر بن الخطاب قال : من مات وهو موسر لم يحج
فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عمر قال : من
كان يجد وهو موسر صحيح لم يحج كان سيماه بين عينيه كافرا
ثم تلا هذه الآية ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ولفظ ابن أبي شيبة : من مات
وهو موسر ولم يحج جاء يوم القيامة وبين عينيه مكتوب كافرا
وأخرج سعيد بن منصور من طريق نافع عن ابن عمر قال : من وجد إلى الحج سبيلا سنة ثم
سنة ثم مات ولم يحج لم يصل عليه
لا يدري مات يهوديا أو نصرانيا
(2/275)
وأخرج
سعيد بن منصور عن عمر بن الخطاب قال : لو ترك الناس الحج لقاتلتهم عليه كما نقاتلهم
على الصلاة والزكاة
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس قال : لو أن الناس تركوا الحج عاما واحدا لا يحج
أحد ما نوظروا بعده
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ومن كفر قال : من زعم أنه ليس
بفرض عليه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في الآية
قال : من كفر بالحج فلم ير حجه برا ولا تركه مأثما
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه عن
عكرمة قال : " لما نزلت ومن يبتغ غير الإسلام دينا
آل عمران الآية 85 الآية
قالت اليهود : فنحن مسلمون
فقال لهم النبي صلى الله عليه و سلم : إن الله فرض على المسلمين حج البيت فقالوا :
لم يكتب علينا
وأبوا أن يحجوا قال الله ومن كفر فإن الله غني عن العالمين "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة قال : لما نزلت ومن يبتغ غير الإسلام دينا
الآية
قالت الملل : نحن المسلمون
فأنزل الله ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن
العالمين فحج المسلمون وقعد الكفار
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي في سننه عن مجاهد قال : لما نزلت هذه الآية ومن يبتغ
غير الإسلام دينا الآية
قال أهل الملل كلهم : نحن مسلمون
فأنزل الله ولله على الناس حج البيت قال : يعني على المسلمين
حج المسلمون وترك المشركون
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الضحاك قال : "
لما نزلت آية الحج ولله على الناس حج البيت الآية جمع رسول الله صلى الله عليه و
سلم أهل الملل
مشركي العرب والنصارى واليهود والمجوس والصابئين فقال : إن الله فرض عليكم الحج
فحجوا البيت
فلم يقبله إلا المسلمون وكفرت به خمس
(2/276)
ملل
قالوا : لا نؤمن به ولا نصلي إليه ولا نستقبله
فأنزل الله ومن كفر فان الله غني عن العالمين "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي داود نفيع قال : " قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله
غني عن العالمين فقام رجل من هذيل فقال : يا رسول الله من تركه كفر ؟ قال : من
تركه لا يخاف عقوبته ومن حج لا يرجو ثوابه فهو ذاك "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عمر عن النبي صلى الله
عليه و سلم في قول الله ومن كفر قال : " من كفر بالله واليوم الآخر "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد أنه سئل عن قول الله ومن كفر فإن الله غني
عن العالمين ما هذا الكفر ؟ قال : من كفر بالله واليوم الآخر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عطاء بن أبي رباح في الآية قال : من كفر بالبيت
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد أنه سئل عن ذلك فقرأ إن أول بيت وضع للناس إلى قوله
سبيلا ثم قال : من كفر بهذه الآيات
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود في الآية قال : ومن كفر فلم يؤمن فهو الكافر
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : لو كان لي جار موسر ثم مات ولم يحج لم
أصل عليه
وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش أنه قرأ ولله على الناس حج البيت بكسر الحاء
وأخرج عن عاصم بن أبي النجود ولله على الناس حج البيت بنصب الحاء
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن ابن عباس " أن الأقرع بن حابس سأل النبي
صلى الله عليه و سلم الحج في كل سنة
أو مرة واحدة ؟ قال : لا
بل مرة واحدة فمن زاد فتطوع "
(2/277)
الآيات
98 - 101
أخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن زيد بن أسلم قال
: مر شاس بن قيس وكان شيخا قد عسا في الجاهلية عظيم الكفر شديد الضغن على المسلمين
شديد الحسد لهم على نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم من الأوس والخزرج
في مجلس قد جمعهم يتحدثون فيه فغاظه ما رأى من إلفتهم وجماعتهم وصلاح ذات بينهم
على الإسلام بعد الذي كان بينهم من العداوة في الجاهلية فقال : قد اجتمع ملأ بني
قيلة بهذه البلاد
والله ما لنا معهم إذا اجتمع ملؤهم بها من قرار فأمر فتى شابا معه من يهود فقال :
اعمد إليهم فاجلس معهم ثم ذكرهم يوم بعاث وما كان قبله وأنشدهم بعض ما كانوا تقاولوا
فيه من الأشعار
وكان يوم بعاث يوما اقتتلت فيه الأوس والخزرج وكان الظفر فيه للأوس على الخزرج
ففعل فتكلم القوم عند ذلك وتنازعوا وتفاخروا حتى تواثب رجلان من الحيين على الركب
أوس بن قيظي أحد بني حارثة من الأوس وجبار بن صخر أحد بني سلمة من الخزرج فتقاولا
ثم قال أحدهما لصاحبه : إن شئتم - والله - رددناها الآن جذعة
وغضب الفريقان جميعا وقالوا : قد فعلنا
السلاح السلاح
موعدكم الظاهرة والظاهرة الحرة
فخرجوا إليها وانضمت الأوس بعضها إلى بعض والخزرج بعضها إلى بعض على دعواهم التي
كانوا عليها في الجاهلية
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم فخرج إليهم فيمن معه من المهاجرين من
(2/278)
أصحابه
حتى جاءهم فقال : يا معشر المسلمين الله الله
أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ هداكم الله إلى الإسلام وأكرمكم به وقطع
به عنكم أمر الجاهلية واستنقذكم به من الكفر وألف به بينكم ترجعون إلى ما كنتم
عليه كفارا ؟ فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوه لهم
فألقوا السلاح وبكوا وعانق الرجال بعضهم بعضا ثم انصرفوا مع رسول الله صلى الله
عليه و سلم سامعين مطيعين قد أطفأ الله عنهم كيد عدو الله شاس وأنزل الله في شأن
شاس بن قيس وما صنع قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما
تعلمون إلى قوله وما الله بغافل عما تعلمون وأنزل في أوس بن قيظي وجبار ابن صخر
ومن كان معهما من قومهما الذين صنعوا ما صنعوا يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا
فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين إلى قوله أولئك لهم عذاب
عظيم
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني من طريق أبي نعيم
عن ابن عباس قال : كانت الأوس والخزرج في الجاهلية بينهم شر فبينما هم يوما جلوس
ذكروا ما بينهم حتى غضبوا وقام بعضهم إلى بعض بالسلاح فأتى النبي صلى الله عليه و
سلم فذكر له ذلك فركب إليهم
فنزلت وكيف تكفرون الآية
والآيتان بعدها
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال : كان بين هذين الحيين من الأوس والخزرج قتال في
الجاهلية فلما جاء الإسلام اصطلحوا وألف الله بين قلوبهم فجلس يهودي في مجلس فيه
نفر من الأوس والخزرج فأنشد شعرا قاله أحد الحيين في حربهم فكأنهم دخلهم من ذلك
فقال الآخرون : قد قال شاعرنا كذا وكذا
فاجتمعوا وأخذوا السلاح واصطفوا للقتال فنزلت هذه الآية يا أيها الذين آمنوا إن
تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب إلى قوله لعلكم تهتدون فجاء النبي صلى الله
عليه و سلم حتى قام بين الصفين فقرأهن ورفع صوته فلما سمعوا صوت رسول الله صلى
الله عليه و سلم بالقرآن أنصتوا له وجعلوا يستمعون فلما فرغ ألقوا السلاح وعانق
بعضهم بعضا وجثوا يبكون
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كان جماع قبائل الأنصار بطنين :
الأوس والخزرج وكان بينهما في الجاهلية حرب ودماء وشنآن حتى من الله عليهم
بالإسلام وبالنبي صلى الله عليه و سلم فأطفأ الله الحرب التي كانت بينهم وألف
بينهم
(2/279)
بالإسلام
فبينا رجل من الأوس ورجل من الخزرج قاعدان يتحادثان ومعهما يهودي جالس فلم يزل
يذكرهما بأيامهم والعداوة التي كانت بينهم حتى استبا ثم اقتتلا فنادى هذا قومه
وهذا قومه فخرجوا بالسلاح وصف بعضهم لبعض فجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم
يزل يمشي بينهم إلى هؤلاء وهؤلاء ليسكنهم حتى رجعوا
فأنزل الله في ذلك القرآن يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا
الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : نزلت في ثعلبة بن غنمة
الأنصاري وكان بينه وبين أناس من الأنصار كلام فمشى بينهم يهودي من قينقاع فحمل
بعضهم على بعض حتى همت الطائفتان من الأوس والخزرج أن يحملوا السلاح فيقاتلوا
فأنزل الله إن تطيعوا فريقا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين يقول
: إن حملتم السلاح فاقتتلتم كفرتم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله لم تصدون عن سبيل الله الآية
قال : كانوا إذا سألهم أحد هل تجدون محمدا ؟ قالوا : لا
فصدوا الناس عنه وبغوا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية يقول : لم تصدون عن الإسلام وعن
نبي الله من آمن بالله وأنتم شهداء فيما تقرأون من كتاب الله : أن محمدا رسول الله
وأن الإسلام دين الله الذي لا يقبل غيره ولا يجزي إلا به يجدونه مكتوبا عندهم في
التوراة والإنجيل ؟
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله يا أهل الكتاب لم تصدون قال : هم اليهود والنصارى
نهاهم أن يصدوا المسلمين عن سبيل الله ويريدون أن يعدلوا الناس إلى الضلالة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله يا أيها الذين آمنوا ان
تطيعوا فريقا الآية
قد تقدم الله إليكم فيهم كما تسمعون وحذروكموهم وأنبأكم بضلالتهم فلا تأمنوهم على
دينكم ولا تنصحوهم على أنفسكم فإنهم الأعداء الحسدة الضلال
كيف تأمنون قوما كفروا بكتابهم وقتلوا رسلهم وتحيروا في دينهم وعجزوا عن أنفسهم ؟
أولئك - والله - أهل التهمة والعداوة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وكيف
(2/280)
تكفرون
وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله قال : علمان بينان : نبي الله وكتاب الله
فأما نبي الله فمضى عليه الصلاة و السلام
وأما كتاب الله فأبقاه الله بين أظهركم رحمة من الله ونعمة
فيه حلاله وحرامه ومعصيته
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله ومن يعتصم بالله
قال : يؤمن بالله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : "
الإعتصام بالله " الثقة به
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال :
" إن الله قضى على نفسه أنه من آمن به هداه ومن وثق به أنجاه
قال الربيع : وتصديق ذلك في كتاب الله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم
"
وأخرج عبد بن حميد من طريق الربيع عن أبي العالية قال : إن الله قضى على نفسه أنه
من آمن به هداه ومن توكل عليه كفاه ومن أقرضه جزاه ومن وثق به أنجاه ومن دعاه
استجاب له بعد أن يستجيب لله
قال الربيع : وتصديق ذلك في كتاب الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه التغابن الآية 11
ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره الطلاق الآية 3 ومن يقرض الله قرضا
حسنا يضاعفه له و من يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم وإذا سألك عبادي عني
فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي البقرة الآية 186
وأخرج تمام في فوائده عن كعب بن مالك قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : أوحى الله إلى داود : يا داود ما من عبد يعتصم بي دون خلقي أعرف ذلك من نيته
فتكيده السموات بمن فيها إلا جعلت له من بين ذلك مخرجا وما من عبد يعتصم بمخلوق
دوني أعرف منه نيته إلا قطعت أسباب السماء من بين يديه وأسخت الهواء من تحت قدميه
"
وأخرج الحاكم وصححه وتعقبه الذهبي عن ابن عمر قال : " قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : من طلب ما عند الله كانت السماء ظلاله والأرض فراشه لم يهتم بشيء
(2/281)
من
أمر الدنيا فهو لا يزرع الزرع وهو يأكل الخبز ولا يغرس الشجر ويأكل الثمار توكلا
على الله وطلب مرضاته فضمن الله السموات والأرض رزقه فهم يتعبون فيه ويأتون به
حلالا ويستوفي هو رزقه بغير حساب حتى أتاه اليقين
قال الحاكم : صحيح
قال الذهبي : بل منكر أو موضوع فيه عمرو بن بكر السكسكي متهم عند ابن حبان وابنه
إبراهيم
قال الدارقطني : متروك "
وأخرج الحاكم وصححه عن معقل بن يسار قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : يقول ربكم : يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ قلبك غنى وأملأ يديك رزقا
يا ابن آدم لا تباعد مني فأملأ قلبك فقرا وأملأ يديك شغلا "
وأخرج الحكيم الترمذي عن الزهري قال : أوحى الله إلى داود : ما من عبد يعتصم بي
دون خلقي وتكيده السموات والأرض إلا جعلت له من ذلك مخرجا وما من عبد يعتصم بمخلوق
دوني إلا قطعت أسباب السماء بين يديه وأسخت الأرض من تحت قدميه
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
من جعل الهموم هما واحدا كفاه الله ما أهمه من أمر الدنيا والآخرة ومن تشاعبت به
الهموم لم يبال الله في أي أودية الدنيا هلك "
الآية 102
أخرج ابن المبارك في الزهد وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن
جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في الناسخ والطبراني والحاكم وصححه وابن
مردويه عن ابن مسعود في قوله اتقوا الله حق تقاته قال : أن يطاع فلا
(2/282)
يعصى
ويذكر فلا ينسى ويشكر فلا يكفر
واخرج الحكم وصححه وابن مردويه من وجه آخر عن ابن مسعود قال : " قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم اتقوا الله حق تقاته أن يطاع فلا يعصى ويذكر فلا ينسى
"
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة اتقوا الله حق تقاته قال : أن يطاع فلا يعصى وأن يذكر
فلا ينسى
قال عكرمة : قال ابن عباس : فشق ذلك على المسلمين فأنزل الله بعد ذلك فاتقوا الله
ما استطعتم التغابن الآية 16
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله اتقوا الله حق تقاته أن يطاع فلا يعصى
فلم يستطيعوا قال الله فاتقوا الله ما استطعتم
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت هذه الآية اشتد على القوم
العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم وتقرحت جباههم فأنزل الله تخفيفا على المسلمين
فاتقوا الله ما استطعتم فنسخت الآية الأولى
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود اتقوا الله حق تقاته قال : نسختها فاتقوا الله ما
استطعتم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه من طريق علي عن ابن
عباس في قوله اتقوا الله حق تقاته قال : لم تنسخ ولكن حق تقاته أن يجاهدوا في الله
حق جهاده ولا تأخذهم في الله لومة لائم ويقوموا لله بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم
وأمهاتهم
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس قال : لما نزلت اتقوا الله حق تقاته ثم نزل بعدها
فاتقوا الله ما استطعتم نسخت هذه الآية التي في آل عمران
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير عن قتادة في قوله
اتقوا الله حق تقاته قال : نسختها الآية التي في التغابن فاتقوا الله ما استطعتم
واسمعوا وأطيعوا وعليها بايع رسول الله صلى الله عليه و سلم على السمع والطاعة
فيما استطاعوا
واخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله اتقوا الله حق
تقاته قال : نزلت هذه الآية في الأوس والخزرج وكان بينهم قتال يوم بعاث قبيل مقدم
النبي صلى الله عليه و سلم فقدم النبي صلى الله عليه و سلم فأصلح بينهم فأنزل الله
هذه الآيات
(2/283)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أنس قال : لا يتقي الله العبد حق تقاته حتى يخزن من لسانه
وأخرج الطيالسي وأحمد والترمذي وصححاه والنسائي وابن ماجة وابن المنذر وابن أبي
حاتم وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال :
" قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته
ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ولو أن قطرة من الزقوم قطرت لأمرت على أهل الأرض عيشهم
فكيف ممن ليس له طعام إلا الزقوم ؟
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن طاوس يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته
وهو أن يطاع فلا يعصى فإن لم تفعلوا ولم تستطيعوا فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون قال
: على الإسلام وعلى حرمة الإسلام "
وأخرج الخطيب عن أنس قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا يتقي
الله عبد حق تقاته حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه
"
الآية 103
أخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والطبراني بسند صحيح عن
ابن مسعود في قول الله واعتصموا بحبل الله قال : حبل الله القرآن
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن الضريس وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف
والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن هذا الصراط محتضر
تحضره الشياطين ينادون يا عبد الله هلم هذا هو الطريق ليصدوا عن سبيل الله
فاعتصموا بحبل الله فإن حبل الله القرآن
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " كتاب الله هو حبل الله الممدود من السماء إلى الأرض "
(2/284)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن أبي شريح الخزاعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن هذا القرآن سبب
طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به فإنكم لن تضلوا بعده أبدا "
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن زيد بن أرقم قال : " خطبنا رسول الله صلى
الله عليه و سلم فقال : إني تارك فيكم كتاب الله هو حبل الله من اتبعه كان على
الهدى ومن تركه كان على الضلالة "
وأخرج أحمد عن زيد بن ثابت قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إني
تارك فيكم خليفتين : كتاب الله عز و جل حبل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي أهل
بيتي وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض "
وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
إني لكم فرط وإنكم واردون علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني في الثقلين قيل : وما
الثقلان يا رسول الله ؟ قال : الأكبر كتاب الله عز و جل
سبب طرفه بيد الله وطرفه بأيديكم فتمسكوا به لن تزالوا ولا تضلوا والأصغر عترتي
وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض وسألت لهما ذاك ربي فلا تقدموهما لتهلكوا ولا
تعلموهما فإنهما أعلم منكم "
وأخرج ابن سعد وأحمد والطبراني عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " أيها الناس إني تارك فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا بعدي أمرين
أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي
وإنهما لن يتفرقا حتى يردا علي الحوض "
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني من طريق الشعبي
عن ابن مسعود واعتصموا بحبل الله جميعا قال : حبل الله الجماعة "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق الشعبي عن ثابت بن فطنة المزني قال : سمعت
ابن مسعود يخطب وهو يقول : أيها الناس عليكم بالطاعة والجماعة فإنهما حبل الله
الذي أمر به
وأخرج ابن أبي حاتم عن سماك بن الوليد الحنفي أنه لقي ابن عباس فقال : ما تقول في
سلاطين علينا يظلموننا ويشتموننا ويعتدون علينا في صدقاتنا ألا
(2/285)
نمنعهم
؟ قال : لا أعطهم الجماعة الجماعة إنما هلكت الأمم الخالية بتفرقها أما سمعت قول
الله واعتصموا بحبل الله جميعا ولاتفرقوا
وأخرج ابن ماجة وابن جرير وابن أبي حاتم عن أنس قال : " قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : افترقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعين فرقة وإن أمتي ستفترق على
اثنتين وسبعين فرقة كلهم في النار إلا واحدة
قالوا : يا رسول ومن هذه الواحدة ؟ قال : الجماعة
ثم قال واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا
؟ في الكتاب الحديث مكرر ؟ وأخرج ابن ماجة وابن جرير وابن أبي حاتم عن أنس قال :
" قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : افترقت بنو إسرائيل على إحدى وسبعين
فرقة وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة كلهم في النار إلا واحدة قالوا : يا
رسول الله ومن هذه الواحدة ؟ قال : الجماعة ثم قال واعتصموا بحبل الله جميعا
"
وأخرج مسلم والبيهقي عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا : يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا
وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم
ويسخط لكم : قيل وقال وكثرة السؤال وإضاعة المال "
واخرج أحمد وأبو داود عن معاوية بن أبي سفيان : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " إن أهل الكتابين افترقوا في دينهم على اثنتين وسبعين ملة وإن هذه
الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة - يعني الأهواء - كلها في النار إلا واحدة
وهي الجماعة "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من
خرج من الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام عن عنقه حتى يراجعه ومن مات وليس
عليه إمام جماعة فإن موتته ميتة جاهلية "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية واعتصموا بحبل الله قال : بالإخلاص
لله وحده ولا تفرقوا يقول : لا تعادوا عليه - يقول على الإخلاص - وكونوا عليه
إخوانا "
(2/286)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الحسن واعتصموا بحبل الله قال : بطاعته
وأخرج عن قتادة واعتصموا بحبل الله قال : بعهد الله وبأمره
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد واعتصموا بحبل الله قال : الإسلام
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع في قوله واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم
أعداء يقتل بعضكم بعضا ويأكل شديدكم ضعيفكم حتى جاء الله بالإسلام فألف به بينكم
وجمع جمعكم عليه وجعلكم عليه إخوانا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال : " لقي النبي صلى الله عليه و سلم
نفرا من الأنصار فآمنوا به وصدقوا وأراد أن يذهب معهم فقالوا : يا رسول الله إن
بين قومنا حربا وإنا نخاف إن جئت على حالك هذه أن لا يتهيأ الذي تريد
فوادوه العام المقبل فقالوا : نذهب برسول الله صلى الله عليه و سلم فلعل الله أن
يصلح تلك الحرب
وكانوا يرون أنها لا تصلح - وهي يوم بعاث - فلقوه من العام المقبل سبعين رجلا قد
آمنوا به فأخذ منهم النقباء اثني عشر رجلا
فذلك حين يقول واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم وفي لفظ
لإبن جرير فلما كان من أمر عائشة ما كان فتشاور الحيان قال بعضهم لبعض : موعدكم
الحرة فخرجوا إليها
فنزلت هذه الآية وإذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم الآية
"
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جريج في قوله إذ كنتم أعداء قال : ما كان بين الأوس
والخزرج في شأن عائشة
وأخرج ابن جرير عن ابن إسحق قال : كانت الحرب بين الأوس والخزرج عشرين ومائة سنة
حتى قام الإسلام فأطفأ الله ذلك وألف بينهم
وأخرج ابن المنذر عن مقاتل بن حيان قال : بلغني أن هذه الآية أنزلت في قبيلتين من
قبائل الأنصار في رجلين
أحدهما من الخزرج والآخر من الأوس اقتتلوا في الجاهلية زمانا طويلا فقدم النبي صلى
الله عليه و سلم المدينة فأصلح بينهم فجرى الحديث بينهما في المجلس فتفاخروا
واستبوا حتى أشرع بعضهم الرماح إلى بعض
وأخرج ابن المنذر عن قتادة واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم
فأصبحتم بنعمته إخوانا إذ كنتم تذابحون فيها يأكل شديدكم ضعيفكم حتى جاء الله
بالإسلام فآخى به بينكم وألف به بينكم
أما والله الذي لا إله إلا هو إن الألفة لرحمة وإن الفرقة لعذاب ذكر لنا أن نبي الله
صلى الله عليه و سلم كان يقول : " والذي نفس محمد بيده لا يتواد رجلان في
الإسلام فيفرق بينهما من أول ذنب يحدثه أحدهما وان أرادهما المحدث "
(2/287)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أنس قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا معشر
الأنصار بم تمنون علي ؟ أليس جئتكم ضلالا فهداكم الله بي وجئتكم أعداء فألف الله
بين قلوبكم بي ؟ قالوا : بلى يا رسول الله "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله وكنتم على شفا حفرة من النار يقول
كنتم على طرف النار من مات منكم وقع في النار
فبعث الله محمدا صلى الله عليه و سلم فاستنقذكم به من تلك الحفرة
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس أنه قرأ وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها
قال : أنقذنا منها فأرجو أن لا يعيدنا فيها
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز و جل
وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها قال : أنقذكم الله بمحمد صلى الله عليه
و سلم
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت عباس بن مرداس وهو يقول : يكب على شفا الأذقان كبا كما زلق التحتم عن
جفاف
الآيتان 104 - 105
أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن عمرو بن
دينار أنه سمع ابن الزبير يقرأ ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف
وينهون عن المنكر ويستعينون بالله على ما أصابهم
فما أدري أكانت قراءته أو فسر ؟
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي داود في المصاحف وابن الأنباري عن عثمان أنه
قرأ " ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر
ويستعينون الله على ما أصابهم وأولئك هم المفلحون "
(2/288)
وأخرج
ابن مردويه عن أبي جعفر الباقر قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم ولتكن
منكم أمة يدعون إلى الخير ثم قال : " الخير اتباع القرآن وسنتي "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : كل آية ذكرها الله في القرآن في الأمر
بالمعروف فهو الإسلام والنهي عن المنكر فهو عبادة الشيطان
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله ولتكن منكم أمة يقول : ليكن منكم قوم
يعني واحدا أو اثنين أو ثلاثة نفر فما فوق ذلك أمة يقول : إماما يقتدى به يدعون
إلى الخير قال : إلى الخير قال : إلى الإسلام ويأمرون بالمعروف بطاعة ربهم وينهون
عن المنكر عن معصية ربهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير قال : هم
أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم خاصة
وهم الرواة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله ولا تكونوا كالذين
تفرقوا واختلفوا قال : أمر الله المؤمنين بالجماعة ونهاهم عن الإختلاف والفرقة
وأخبرهم أنما هلك من كان قبلكم بالمراء والخصومات في دين الله
وأخرج ابن جرير عن الربيع في قوله ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا قال : هم أهل
الكتاب
نهى الله أهل الإسلام أن يتفرقوا ويختلفوا كما تفرق واختلف أهل الكتاب
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا
قال : من اليهود والنصارى
وأخرج أبو داود والترمذي وابن ماجة والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة وتفرقت
النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة "
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : كيف يصنع أهل هذه الأهواء الخبيثة بهذه الآية في
آل عمران ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات ؟ قال :
نبذوها ورب الكعبة وراء ظهورهم
وأخرج أحمد وأبو داود والحاكم عن معاوية قال : " قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : إن أهل الكتاب تفرقوا في دينهم على اثنتين وسبعين ملة وتفترق هذه الأمة
على ثلاث
(2/289)
وسبعين
ملة كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة ويخرج في أمتي أقوام تتجارى تلك الأهواء
بهم كما يتجارى الكلب بصاحبه فلا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله "
وأخرج الحاكم عن عبد الله بن عمرو قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: يأتي على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل حتى لو كان فيهم من نكح
أمه علانية كان في أمتي مثله إن بني إسرائيل افترقوا على إحدى وسبعين ملة وتفترق
أمتي على ثلاث وسبعين ملة كلها في النار إلا ملة واحدة فقيل له : ما الواحدة ؟ قال
: ما أنا عليه اليوم وأصحابي "
وأخرج الحاكم عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : " لتسلكن سنن من قبلكم إن بني إسرائيل افترقت
الحديث "
وأخرج ابن ماجة عن عوف بن مالك قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة فواحدة في الجنة وسبعون في النار وافترقت
النصارى على اثنتين وسبعين فرقة فإحدى وسبعين في النار وواحدة في الجنة
والذي نفس محمد بيده لتفترقن أمتي على ثلاث وسبعين فرقة فواحدة في الجنة واثنتان
وسبعون في النار
قيل : يا رسول الله من هم ؟ قال : الجماعة "
وأخرج أحمد عن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن بني إسرائيل
تفرقت إحدى وسبعين فرقة فهلكت سبعون فرقة وخلصت فرقة واحدة وإن أمتي ستفترق على
اثنتين وسبعين فرقة تهلك إحدى وسبعون فرقة وتخلص فرقة قيل : يا رسول الله من تلك
الفرقة ؟ قال : الجماعة الجماعة "
وأخرج أحمد عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " اثنان خير من
واحد وثلاثة خير من اثنين وأربعة خير من ثلاثة فعليكم بالجماعة فإن الله لم يجمع
أمتي إلا على هدى "
وأخرج ابن مردويه عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده " أن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ادخلوا علي ولا يدخل علي إلا قرشي فقال : يا
معشر قريش أنتم الولاة بعدي لهذا الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون واعتصموا بحبل
الله جميعا ولا تفرقوا ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم
(2/290)
البينات
وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة
وذلك دين القيمة البينة الآية 5
الآيات 106 - 109
أخرج أحمد والترمذي وابن ماجة والطبراني وابن المنذر عن أبي غالب قال : " رأى
أبو أمامة رؤوس الأزارقة منصوبة على درج مسجد دمشق فقال أبو أمامة : كلاب النار شر
قتلى تحت أديم السماء خير قتلى من قتلوه
ثم قرأ يوم تبيض وجوه وتسود وجوه الآية
قلت لأبي أمامة : أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال : لو لم أسمعه
إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا أو أربعا حتى عد سبعا ما حدثتكموه "
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نصر في الإبانة والخطيب في تاريخه واللالكائي في السنة عن
ابن عباس في هذه الآية قال تبيض وجوه وتسود وجوه قال " تبيض وجوه أهل السنة
والجماعة وتسود وجوه أهل البدع والضلالة
وأخرج الخطيب في رواة مالك والديلمي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم في
قوله تعالى يوم تبيض وجوه وتسود وجوه قال : " تبيض وجوه أهل السنة وتسود وجوه
أهل البدع "
وأخرج أبو نصر السجزي في الإبانة عن أبي سعيد الخدري " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قرأ يوم تبيض وجوه وتسود وجوه قال : تبيض وجوه أهل الجماعات والسنة
وتسود وجوه أهل البدع والأهواء "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي بن كعب في الآية قال :
(2/291)
صاروا
فرقتين يوم القيامة يقال لمن اسود وجهه أكفرتم بعد إيمانكم فهو الإيمان الذي كان
في صلب آدم حيث كانوا أمة واحدة وأما الذين ابيضت وجوههم فهم الذين استقاموا على
إيمانهم وأخلصوا له الدين فبيض الله وجوههم وأدخلهم في رضوانه وجنته
وأخرج الفريابي وابن المنذر عن عكرمة في الآية قال : هم أهل الكتاب كانوا مصدقين
بأنبيائهم مصدقين بمحمد فلما بعثه الله كفروا
فذلك قوله أكفرتم بعد إيمانكم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي أمامة في قوله فأما الذين اسودت
وجوههم قال : هم الخوارج
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير في الآية عن قتادة قال : لقد كفر أقوام بعد إيمانهم
كما تسمعون فأما الذين ابيضت وجوههم فأهل طاعة الله والوفاء بعهد الله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله فأما الذين اسودت وجوههم قال : هم
المنافقون كانوا أعطوا كلمة الإيمان بألسنتهم وأنكروها بقلوبهم وأعمالهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله وتسود وجوه قال : هم اليهود
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله يوم تبيض وجوه وتسود وجوه قال : هذا لأهل
القبلة
وأخرج ابن المنذر عن السدي بسند فيه من لا يعرف يوم تبيض وجوه وتسود وجوه قال :
بالأعمال والأحداث
وأخرج ابن أبي حاتم بسند فيه من لا يعرف عن عائشة قالت : " سألت رسول الله
صلى الله عليه و سلم هل تأتي عليك ساعة لا تملك فيها لأحد شفاعة ؟ قال : نعم يوم
تبيض وجوه وتسود وجوه حتى أنظر ما يفعل بي
أو قال : بوجهي "
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن ابن عباس قال : " قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : المصيبة تبيض وجه صاحبها يوم تسود الوجوه "
وأخرج أبو نعيم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " الغبار
في سبيل الله إسفار الوجوه يوم القيامة "
(2/292)
وأخرج
الطبراني عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ليس من عبد
يقول لا إله إلا الله مائة مرة إلا بعثه الله يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر
"
وأخرج عبد بن حميد عن يحيى بن وثاب أنه قرأ كل شيء في القرآن وإلى الله ترجع
الأمور بنصب التاء وكسر الجيم
الآيات 110 - 112
أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والفريابي وأحمد والنسائي وابن جرير
وابن أبي حاتم وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله كنتم خير
أمة أخرجت للناس قال : هم الذين هاجروا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى
المدينة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : قال عمر بن الخطاب : لو شاء
الله لقال : أنتم
فكنا كلنا ولكن قال كنتم في خاصة أصحاب محمد ومن صنع مثل صنيعهم كانوا خير أمة
أخرجت للناس
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي عمن حدثه عن عمر في قوله كنتم خير أمة قال
: تكون لأولنا ولا تكون لآخرنا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة في الآية قال : نزلت في ابن مسعود وعمار بن
يسار ؟ وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن عمر بن الخطاب قرأ هذه الآية
(2/293)
كنتم
خير أمة أخرجت للناس الآية
ثم قال : يا أيها الناس من سره أن يكون من تلكم الأمة فليؤد شرط الله منها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله كنتم خير أمة أخرجت
للناس يقول : على هذا الشرط
أن تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكر وتؤمنوا بالله
يقول : لمن أنتم بين ظهرانيه كقوله ولقد اخترناهم على علم على العالمين الدخان
الآية 32
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذرو ابن أبي
حاتم والحاكم عن أبي هريرة في قوله كنتم خير أمة أخرجت للناس قال : خير الناس
للناس تأتون بهم في السلاسل في أعناقهم حتى يدخلوا في الإسلام
وأخرج ابن المنذر من طريق عكرمة عن ابن عباس كنتم خير أمة أخرجت للناس قال : خير
الناس للناس
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بن كعب قال : لم تكن أمة أكثر استجابة في الإسلام من
هذه الأمة فمن ثم قال كنتم خير أمة أخرجت للناس
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه عن معاوية بن حيدة أنه
سمع النبي صلى الله عليه و سلم في قوله كنتم خير أمة أخرجت للناس قال : "
إنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله "
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : " ذكر لنا نبي الله صلى الله عليه و سلم قال
ذات يوم وهو مسند ظهره إلى الكعبة : نحن نكمل يوم القيامة سبعين أمة نحن آخرها
وخيرها "
وأخرج أحمد بسند حسن عن علي قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء : نصرت بالرعب وأعطيت مفاتيح الأرض وسميت أحمد
وجعل التراب لي طهورا وجعلت أمتي خير الأمم "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جعفر كنتم خير أمة أخرجت للناس قال : أهل بيت النبي صلى
الله عليه و سلم
(2/294)
وأخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عطية في الآية قال : خير الناس للناس
شهدتم للنبيين الذين كذبهم قومهم بالبلاغ
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال : لم تكن أمة دخل فيها من أصناف الناس
غير هذه الأمة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن
عباس في قوله كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف يقول : تأمرونهم أن يشهدوا
أن لا إله إلا الله والإقرار بما أنزل الله ويقاتلونهم عليه
ولا إله إلا الله هو أعظم المعروف وتنهونهم عن المنكر والمنكر هو التكذيب وهو أنكر
المنكر
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله منهم المؤمنون قال : استثنى الله منهم ثلاثة
كانوا على الهدى والحق
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وأكثرهم الفاسقون قال : ذم الله
أكثر الناس
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله لن يضروكم إلا أذى قال : تسمعونه
منهم
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج لن يضروكم إلا أذى قال : اشراكهم في عزير وعيسى
والصليب
وأخرج عن الحسن لن يضروكم إلا أذى قال : تسمعون منهم كذبا على الله يدعونكم إلى
الضلالة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ضربت عليهم الذلة قال : هم أصحاب القبالات
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن ضربت عليهم الذلة قال : أذلهم الله فلا
منعة لهم وجعلهم الله تحت أقدام المسلمين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال : أدركتهم
هذه الأمة وإن المجوس لتجتنيهم الجزية
(2/295)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الحسن وقتادة ضربت عليهم الذلة قال : يعطون الجزية عن يد وهم
ضاغرون
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك ضربت عليه الذلة قال : الجزية
وأخرج ابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم من طريقين عن ابن عباس إلا بحبل من الله
وحبل من الناس قال : بعهد من الله وعهد من الناس
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ذلك بما عصوا وكانوا
يعتدون قال : اجتنبوا المعصية والعدوان فإن بهما هلك من هلك قبلكم من الناس
الآيات 113 - 116
أخرج ابن إسحق وابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في الدلائل
وابن عساكر عن ابن عباس قال : لما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعية وأسيد بن
سعية وأسد بن عبيد ومن أسلم من يهود معهم
فآمنوا وصدقوا ورغبوا في الإسلام قالت أحبار يهود وأهل الكفر منهم : ما آمن بمحمد
وتبعه إلا شرارنا ولو كانوا خيارنا ما تركوا دين آبائهم وذهبوا إلى غيره
فأنزل الله في ذلك ليسوا سواء إلى قوله وأولئك من الصالحين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ليسوا سواء الآية
يقول : ليس كل القوم هلك قد كان لله فيهم بقية
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله أمة قائمة قال : عبد الله بن سلام وثعلبة بن
سلام أخوه وسعية ومبشر وأسيد وأسد ابنا كعب
(2/296)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية يقول : هؤلاء اليهود ليسوا كمثل هذه
الآمة التي هي قانتة لله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس أمة قائمة يقول : مهتدية قائمة على أمر
الله لم تنزع عنه وتتركه كما تركه الآخرون وضيعوه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد أمة قائمة قال : عادلة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع أمة قائمة يقول : قائمة على كتاب الله
وحدوده وفرائضه
وأخرج ابن جرير عن الربيع آناء الليل قال : ساعات الليل
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
آناء الليل قال : جوف الليل
وأخرج الفريابي والبخاري في تاريخه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم عن ابن مسعود في قوله ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة قال : لا يستوي أهل
الكتاب وأمة محمد يتلون آيات الله آناء الليل قال : صلاة العتمة هم يصلونها ومن
سواهم من أهل الكتاب لا يصلونها
وأخرج أحمد والنسائي والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والطبراني بسند حسن عن ابن مسعود قال : أخر رسول الله صلى الله عليه و سلم ليلة
صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة فقال : " أما أنه
ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم
ولفظ ابن جرير والطبراني وقال : إنه لا يصلي هذه الصلاة أحد من أهل الكتاب
قال : وأنزلت هذه الآية ليسوا سواء من أهل الكتاب أمة قائمة حتى بلغ والله عليم
بالمتقين "
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله يتلون آيات الله آناء الليل قال : قال بعضهم
: صلاة العتمة يصليها أمة محمد ولا يصليها غيرهم من أهل الكتاب
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والبيهقي في سننه عن معاذ بن جبل قال : " أخر
رسول الله صلى الله عليه و سلم صلاة العتمة ليلة حتى ظن الظان أن قد صلى ثم خرج
فقال : أعتموا بهذه الصلاة فإنكم فضلتم بها على سائر الأمم ولم تصلها أمة قبلكم
"
وأخرج الطبراني بسند حسن عن المنكدر عن النبي صلى الله عليه و سلم " أنه خرج
ذات ليلة
(2/297)
وقد
أخر صلاة العشاء حتى ذهب من اليل هنيهة أو ساعة والناس ينتظرون في المسجد فقال :
أما إنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتموها ثم قال : أما إنها صلاة لم يصلها أحد
ممن كان قبلم من الأمم "
وأخرج ابن أبي شيبة والبزار بسند حسن عن ابن عمر " أن النبي صلى الله عليه و
سلم أعتم ليلة بالعشاء
فناداه عمر : نام النساء والصبيان فقال : ما ينتظر هذه الصلاة أحد من أهل الأرض
غيركم "
وأخرج الطبراني بسند حسن عن ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه و سلم أخر
صلاة العشاء ثم خرج فقال : ما يحبسكم هذه الساعة ؟ قالوا : يا نبي الله انتظرناك
لنشهد الصلاة معك فقال لهم : ما صلى صلاتكم هذه أمة قط قبلكم وما زلتم في صلاة بعد
"
وأخرج الطبراني بسند حسن عن عبد الله بن المستورد قال : " احتبس النبي صلى
الله عليه و سلم ليلة حتى لم يبق في المسجد إلا بضعة عشر رجلا فخرج إليهم فقال :
ما أمسى أحد ينتظر الصلاة غيركم "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن منصور قال : بلغني أنها
نزلت يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون فيما بين المغرب والعشاء
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله يتلون آيات الله آناء الليل قال : هي
صلاة الغفلة
وأخرج ابن جرير عن أبي عمرو بن العلاء في قوله وما تفعلوا من خير فلن تكفروه قال :
بلغني عن ابن عباس أنه كان يقرؤهما جميعا بالتاء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة فلن تكفروه قال : لن يضل عنكم
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن فلن تكفروه قال : لن تظلموه
الآية 117
(2/298)
أخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله مثل ما ينفقون
في هذه الحياة الدنيا قال : مثل نفقة الكافر في الدنيا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية يقول : مثل ما ينفق المشركون ولا
يتقبل منهم كمثل هذا الزرع إذا زرعه القوم الظالمون
فأصابته ريح فيها صر فأهلكته فكذلك أنفقوا فأهلكهم شركهم
وأخرج سعيد بن منصور والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
من طرق عن ابن عباس فيها صر قال : برد شديد
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله فيها صر قال :
برد
قال : فهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول نابغة بني ذبيان : لا يبردون إذا ما الأرض جللها صر الشتاء من
الأمحال كالأدم
الآيات 118 - 120
أخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان رجال من
المسلمين يواصلون رجالا من يهود لما كان بينهم من الجوار والحلف في الجاهلية فأنزل
الله فيهم ينهاهم عن مباطنتهم تخوف الفتنة عليهم منهم يا أيها الذين آمنوا لا
تتخذوا بطانة من دونكم
الآية
(2/299)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله لا تتخذوا بطانة من دونكم قال : هم
المنافقون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال :
نزلت في المنافقين من أهل المدينة
نهى المؤمنين أن يتولوهم
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني بسند جيد عن حميد بن مهران المالكي الخياط قال :
سألت أبا غالب عن قوله يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم
الآية
قال : " حدثني أبو أمامة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنه قال : هم
الخوارج "
وأخرج عبد بن حميد وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في
الشعب عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لا تنقشوا في خواتيمكم
عربيا ولا تستضيئوا بنار المشركين
فذكر ذلك للحسن فقال : نعم
لا تنقشوا في خواتيمكم محمدا ولا تستشيروا المشركين في شيء من أموركم " قال الحسن
: وتصديق ذلك في كتاب الله يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب
أنه قيل له : إن هنا غلاما من أهل الحيرة حافظا كاتبا فلو اتخذته كاتبا قال : قد
اتخذت إذن بطانة من دون المؤمنين
وأخرج ابن جرير عن الربيع لا تتخذوا بطانة يقول : لا تستدخلوا المنافقين تتولوهم
دون المؤمنين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي ودوا ما عنتم يقول : ما ضللتم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل ودوا ما عنتم يقول : ود المنافقون ما عنت المؤمنون في
دينهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قد بدت البغضاء من أفواههم يقول : من أفواه
المنافقين إلى إخوانهم من الكفار من غشهم للإسلام وأهله وبغضهم إياهم وما تخفي
صدورهم أكبر يقول : ما تكن صدورهم أكبر مما قد أبدوا بألسنتهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله ها أنتم أولاء تحبونهم ولا
(2/300)
يحبونكم
قال المؤمن خير للمنافق من المنافق للمؤمن يرحمه في الدنيا
لو يقدر المنافق من المؤمن على مثل ما يقدر عليه منه لأباد خضراءه
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة
مثله
وأخرج اسحق وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله وتؤمنون بالكتاب كله أي
بكتابكم وكتابهم وبما مضى من الكتب قبل ذلك وهم يكفرون بكتابكم فأنتم أحق بالبغضاء
لهم منهم لكم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود وإذا خلوا عضوا عليكم
الأنامل قال : هكذا ووضع أطراف أصابعه في فيه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله وإذا لقوكم
الآية
قال : إذا لقوا المؤمنين قالوا آمنا ليس بهم إلا مخافة على دمائهم وأموالهم
فصانعوهم بذلك وإذا خلوا عضوا عليكم الأنامل من الغيظ يقول : مما يجدون في قلوبهم
من الغيظ والكراهة لما هم عليه لو يجدون ريحا لكانوا على المؤمنين
وأخرج ابن جرير عن السدي عضوا عليكم الأنامل قال : الأصابع
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي الجوزاء قال : نزلت هذه الآية
في الإباضية
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل إن تمسسكم حسنة يعني النصر على العدو والرزق والخير
يسؤهم ذلك وان تصبكم سيئة يعني القتل والهزيمة والجهد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : إذا رأوا من
أهل الإسلام إلفة وجماعة وظهورا على عدوهم غاظهم ذلك وساءهم واذا رأوا من أهل
الإسلام فرقة واختلافا أو أصيب طرف من أطراف المسلمين سرهم ذلك وابتهجوا به
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ وإن تصبروا وتتقوا لايضركم مشددة برفع الضاد
والراء
الآية 121
(2/301)
أخرج
ابن إسحق والبيهقي في الدلائل عن ابن شهاب وعاصم بن عمر بن قتادة ومحمد بن يحيى بن
حبان والحصين بن عبد الرحمن بن سعد بن معاذ قالوا : كان يوم أحد يوم بلاء وتمحيص
اختبر الله به المؤمنين ومحق به الكافرين ممن كان يظهر الإسلام بلسانه وهو مستخف
بالكفر ويوم أكرم الله فيه من أراد كرامته بالشهادة من أهل ولايته فكان مما نزل من
القرآن في يوم أحد ستون آية من آل عمران فيها صفة ما كان في يومه ذلك ومعاتبة من
عاتب منهم
يقول الله لنبيه وإذ غدوت من أهلك تبوىء المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن شهاب قال : " قاتل النبي صلى الله عليه و
سلم يوم بدر في رمضان سنة اثنتين ثم قاتل يوم أحد في شوال سنة ثلاث ثم قاتل يوم
الخندق وهو يوم الأحزاب وبني قريظة في شوال سنة أربع "
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي في الدلائل عن عروة قال : كانت وقعة أحد في شوال على
رأس سنة من وقعة بدر ولفظ عبد الرزاق : على رأس ستة أشهر من وقعة بني النضير ورئيس
المشركين يومئذ أبو سفيان بن حرب
وأخرج البيهقي عن قتادة قال : كانت وقعة أحد في شوال يوم السبت لإحدى عشرة ليلة
مضت من شوال وكان أصحابه يومئذ سبعمائة والمشركون ألفين أو ما شاء الله من ذلك
وأخرج أبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم عن المسور بن مخرمة قال : قلت لعبد
الرحمن بن عوف يا خال أخبرني عن قصتكم يوم أحد ؟ قال : اقرأ بعد العشرين ومائة من
آل عمران تجد قصتنا وإذ غدوت من أهلك تبوىء المؤمنين مقاعد للقتال إلى قوله إذ همت
طائفتان منكم أن تفشلا قال : هم الذين طلبوا الأمان من المشركين إلى قوله ولقد
كنتم تمنون الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه قال : هو تمني المؤمنين لقاء العدو
إلى قوله أفإن مات أو قتل انقلبتم قال : هو صياح الشيطان يوم أحد : قتل محمد إلى
قوله أمنة نعاسا قال : ألقي عليهم النوم
(2/302)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس وإذ غدوت من أهلك تبوىء
المؤمنين مقاعد للقتال قال : يوم أحد
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله تبوىء المؤمنين قال : توطىء
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله تبوىء
المؤمنين قال : توطن المؤمنين لتسكن قلوبهم قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الأعشى الشاعر : وما بوأ الرحمن بيتك منزلا بأجياد غربي الفنا
والمحرم وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله
وإذ غدوت من أهلك تبوىء المؤمنين مقاعد للقتال قال : مشى النبي صلى الله عليه و
سلم يومئذ على رجليه يبوىء المؤمنين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله وإذ غدوت من أهلك قال : يعني محمدا
صلى الله عليه و سلم يبوىء المؤمنين مقاعد للقتال يوم الأحزاب
وأخرج ابن اسحق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن شهاب ومحمد ابن يحيى بن
حبان وعاصم بن عمر بن قتادة والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ وغيرهم
كل حدث بعض الحديث عن يوم أحد قالوا : لما أصيبت قريش أو من ناله منهم يوم بدر من
كفار قريش ورجع قلهم إلى مكة ورجع أبو سفيان بعيره
مشى عبد الله بن أبي ربيعة وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية في رجال من قريش ممن
أصيب آباؤهم وإخوانهم ببدر فكلموا أبا سفيان ابن حرب ومن كانت له في تلك العير من
قريش تجارة فقالوا : يا معشر قريش إن محمدا قد وتركم وقتل خياركم فأعينوننا بهذا
المال على حربه لعلنا ندرك منه ثأرا بمن أصاب ففعلوا فأجمعت قريش لحرب رسول الله
صلى الله عليه و سلم وخرجت بجدتها وجديدها وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة ولئلا
يقروا
وخرج أبو سفيان وهو قائد الناس فأقبلوا حتى نزلوا بعينين جبل ببطن السبخة من قناة
على شفير الوادي مما يلي المدينة
فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه و سلم والمسلمون وأنهم قد نزلوا حيث نزلوا
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إني رأيت بقرا تنحر ورأيت في ذباب
سيفي ثلما ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة فأولتها المدينة فإن رأيتم أن تقيموا
بالمدينة وتدعوهم
(2/303)
حيث
نزلوا فإن أقاموا أقاموا بشر مقام وإن هم دخلوا علينا قاتلناهم فيها
ونزلت قريش منزلها أحدا يوم الأربعاء فأقاموا ذلك اليوم ويوم الخميس ويوم الجمعة
وراح رسول الله صلى الله عليه و سلم حين صلى الجمعة فأصبح بالشعب من أحد فالتقوا
يوم السبت للنصف من شوال سنة ثلاث وكان رأي عبد الله بن أبي مع رأي رسول الله صلى
الله عليه و سلم يرى رأيه في ذلك
أن لا يخرج إليهم وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكره الخروج من المدينة فقال
رجال من المسلمين ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيرهم ممن كان فاته يوم بدر
وحضروه : يا رسول الله أخرج بنا إلى أعدائنا لا يرون أنا جبنا عنهم وضعفنا فقال
عبد الله بن أبي : يا رسول الله أقم بالمدينة فلا تخرج إليهم فوالله ما خرجنا منها
إلى عدو لنا قط إلا أصاب منا ولا دخلها علينا إلا أصبنا منهم فدعهم يا رسول الله
فإن أقاموا أقاموا بشر وإن دخلوا قاتلهم النساء والصبيان والرجال بالحجارة من
فوقهم وإن رجعوا رجعوا خائبين كما جاؤوا
فلم يزل الناس برسول الله صلى الله عليه و سلم الذين كان من أمرهم حب لقاء القوم
حتى دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم فلبس لأمته - وذلك يوم الجمعة حين فرغ من
الصلاة - ثم خرج عليهم وقد ندم الناس وقالوا : استكرهنا رسول الله صلى الله عليه و
سلم ولم يكن لنا ذلك فإن شئت فاقعد فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
ما ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يقاتل "
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في ألف رجل من أصحابه حتى إذا كانوا بالشوط
بين المدينة وأحد تحول عنه عبد الله بن أبي بثلث الناس ومضى رسول الله صلى الله
عليه و سلم حتى سلك في حرة بني حارثة فذب فرس بذنبه فأصاب ذباب سيفه فاستله فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم - وكان يحب الفأل ولا يعتاف - لصاحب السيف "
شم سيفك فإني أرى السوف ستستل اليوم "
ومضى رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى نزل بالشعب من أحد من عدوة الوادي إلى
الجبل فجعل ظهره وعسكره إلى أحد وتعبأ رسول الله صلى الله عليه و سلم للقتال وهو
في سبعمائة رجل وأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم على الرماة عبد الله بن جبير
والرماة خمسون رجلا فقال : " انضح عنا الجبل بالنبل لا يأتونا من خلفنا إن
كان علينا أو لنا فأنت مكانك لنؤتين من قبلك وظاهر رسول الله صلى الله عليه و سلم
بين درعين "
وأخرج ابن جرير عن السدي " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لأصحابه يوم
أحد : أشيروا
(2/304)
علي
ما أصنع ؟ فقالوا : يا رسول الله أخرج إلى هذه الأكلب فقالت الأنصار : يا رسول
الله ما غلبنا عدو لنا أتانا في ديارنا فكيف وأنت فينا
فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم عبد الله بن أبي بن سلول - ولم يدعه قط قبلها
- فاستشاره فقال : يا رسول الله أخرج بنا إلى هذه الأكلب وكان رسول الله صلى الله
عليه و سلم يعجبه أن يدخلوا عليه المدينة فيقاتلوا في الأزقة فأتى النعمان بن مالك
الأنصاري فقال : يا رسول الله لا تحرمني الجنة قال له : بم ؟ قال : بأني أشهد أن
لا إله إلا الله وأنك رسول الله وأني لا أفر من الزحف قال : صدقت
فقتل يومئذ
ثم إن رسول الله صلى الله عليه و سلم دعا بدرعه فلبسها فلما رأوه وقد لبس السلاح
ندموا وقالوا : بئسما صنعنا نشير على رسول الله صلى الله عليه و سلم والوحي يأتيه
فقاموا واعتذروا إليه وقالوا : اصنع ما رأيت فقال : رأيت القتال وقال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : لا ينبغي لنبي أن يلبس لأمته فيضعها حتى يقاتل
وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أحد في ألف رجل وقد وعدهم الفتح إن يصبروا
فرجع عبد الله بن أبي في ثلاثمائة فتبعهم أبو جابر السلمي يدعوهم فأعيوه وقالوا له
: ما نعلم قتالا ولئن أطعتنا لترجعن معنا وقال إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا وهم
بنو سلمة وبنو حارثة هموا بالرجوع حين رجع عبد الله بن أبي فعصمهم الله وبقي رسول
الله صلى الله عليه و سلم في سبعمائة "
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة وإذ تبوىء المؤمنين قال : ذاك يوم أحد غدا نبي الله
صلى الله عليه و سلم من أهله إلى أحد تبوىء المؤمنين مقاعد للقتال وأحد بناحية
المدينة
الآية 122
أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم والبيهقي في الدلائل عن جابر بن عبد الله قال : فينا نزلت في بني حارثة وبني
سلمة إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا وما يسرني أنها لم تنزل لقول الله والله وليهما
(2/305)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد إذ همت طائفتان قال : بنو حارثة كانوا
نحو أحد وبنو سلمة نحو سلع
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة إذ همت طائفتان قال : ذلك يوم أحد
والطائفتان بنو سلمة وبنو حارثة حيان من الأنصار هموا بأمر فعصمهم الله من ذلك وقد
ذكر لنا أنه لما أنزلت هذه الآية قالوا : ما يسرنا أنا لم نهم بالذي هممنا به وقد
أخبرنا الله أنه ولينا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس إذ همت طائفتان قال : هم بنو حارثة وبنو سلمة
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : نزلت في بني سلمة من الخزرج وبني حارثة من الأوس إذ
همت طائفتان الآية
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج قال ابن عباس : الفشل الجبن والله أعلم
الآية 123
أخرج أحمد وابن حبان عن عياض الأشعري قال : شهدت اليرموك وعلينا خمسة أمراء : أبو
عبيدة ويزيد بن أبي سفيان وابن حسنة وخالد بن الوليد وعياض وليس عياض هذا قال :
وقال عمر : إذا كان قتال فعليكم أبو عبيدة
فكتبنا إليه أنه قد حاس إلينا الموت واستمددناه
فكتب الينا أنه قد جاءني كتابكم تستمدونني وإني أدلكم على من هو أعز نصرا وأحضر
جندا الله عز و جل فاستنصروه فإن محمدا صلى الله عليه و سلم قد نصر يوم بدر في أقل
من عدتكم فإذا جاءكم كتابي هذا فقاتلوهم ولا تراجعوني
فقاتلناهم فهزمناهم أربعة فراسخ
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد و لقد نصركم الله ببدر إلى ثلاثة آلاف من الملائكة
منزلين آل عمران الآية 124 في قصة بدر
وأخرج ابن المنذر عن علي بن أبي طالب قال : بدر بئر
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر عن الشعبي
قال : كانت بدر بئرا لرجل من جهينة يقال له بدر فسميت به
(2/306)
وأخرج
ابن جرير عن الضحاك قال : بدر ماء عن يمين طريق مكة بين مكة والمدينة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : بدر ماء بين مكة والمدينة التقى عليه
النبي صلى الله عليه و سلم والمشركون وكان أول قتال قاتله النبي صلى الله عليه و
سلم وذكر لنا أنه قال لأصحابه يومئذ : إنهم اليوم بعدة أصحاب طالوت يوم لقي جالوت
وكانوا ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا وألف المشركون يومئذ أو راهقوا ذلك
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال : كانت بدر متجرا في الجاهلية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله وأنتم أذلة يقول : وأنتم قليل وهم
يومئذ بضعة عشر وثلاثمائة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجة وابن أبي حاتم عن رافع بن خديج قال : قال جبريل
لرسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما تعدون من شهد بدرا فيكم ؟ قال :
خيارنا قال : وكذلك نعد من شهد بدرا من الملائكة فينا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة قال : على كل مسلم أن يشكر الله في نصره
ببدر
يقول الله لقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن الزهري قال : سمعت ابن المسيب يقول : غزا النبي صلى
الله عليه و سلم ثماني عشرة غزوة قال : وسمعته مرة أخرى يقول أربعا وعشرين غزوة
فلا أدري أكان وهما منه أو شيئا سمعه بعد ذلك ؟ قال الزهري : وكان الذي قاتل فيه
النبي صلى الله عليه و سلم كل شيء ذكر في القرآن
وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم غزا تسع عشرة قاتل
في ثمان : يوم بدر ويوم أحد ويوم الأحزاب ويوم قديد ويوم خيبر ويوم فتح مكة ويوم
ماء لبني المصطلق ويوم حنين
الآيات 124 - 127
(2/307)
أخرج
ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الشعبي أن المسلمين بلغهم
يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي يمد المشركين فشق ذلك عليهم فأنزل الله ألن
يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف إلى قوله مسومين قال : فبلغت كرزا الهزيمة فلم
يمد المشركين ولم يمد المسلمون بالخمسة
وأخرج ابن جرير عن الشعبي قال : لما كان يوم بدر بلغ رسول الله صلى الله عليه و
سلم ثم ذكر نحوه إلا أنه قال ويأتوكم من فورهم هذا يعني كرزا وأصحابه يمددكم ربكم
بخمسة آلاف من الملائكة مسومين فبلغ كرزا وأصحابه الهزيمة فلم يمدهم ولم تنزل
الخمسة وأمدوا بعد ذلك بألف فهم أربعة آلاف من الملائكة مع المسلمين
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله إذ تقول للمؤمنين الآية
قال : هذا يوم بدر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال : أمدوا بألف ثم
صاروا ثلاثة آلاف ثم صاروا خمسة آلاف
وذلك يوم بدر
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله بلى إن تصبروا وتتقوا
الآية
قال هذا يوم أحد فلم يصبروا ولم يتقوا فلم يمدوا يوم أحد ولو مدوا لم يهزموا يومئذ
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : لم يمد
النبي صلى الله عليه و سلم يوم أحد ولا بملك واحد لقول الله وإن تصبروا وتتقوا
الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله إن تصبروا وتتقوا
الآية
قال : كان هذا موعدا من الله يوم أحد عرضه على نبيه صلى الله عليه و سلم أن
المؤمنين إن اتقوا وصبروا أيدهم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ففر المسلمون يوم
أحد وولوا مدبرين فلم يمدهم الله
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : " قالوا لرسول الله صلى الله عليه و سلم وهم
ينتظرون المشركين : يا رسول الله أليس يمدنا الله كما أمدنا يوم بدر ؟ فقال رسول
الله صلى الله عليه و سلم
(2/308)
ألن
يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين فإنما أمدكم يوم بدر بألف قال
: فجاءت الزيادة من الله على أن يصبروا ويتقوا "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ويأتوكم من فورهم هذا يقول : من
سفرهم هذا
وأخرج عبد بن حميد وان جرير عن عكرمة قال من فورهم من وجههم
وأخرج ابن جرير عن الحسن والربيع وقتادة والسدي
مثله
وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن عكرمة من فورهم قال : فورهم ذلك كان يوم أحد غضبوا
ليوم بدر مما لقوا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد من فورهم قال : من غضبهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي صالح مولى أم هانىء
مثله
وأخرج ابن جرير عن الضحاك ويأتوكم من فورهم يقول : من وجههم وغضبهم
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس قال : " قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم في قوله مسومين قال : معلمين وكانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم
سودا ويوم أحد عمائم حمرا "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عبدالله
بن الزبير أن الزبير كان عليه يوم بدر عمامة صفراء معتمرا أو معتما بها فنزلت
الملائكة عليهم عمائم صفر
وأخرج ابن إسحق والطبراني عن ابن عباس قال : كانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم
بيضا قد أرسلوها في ظهورهم
ويوم حنين عمائم حمرا ولم تضرب الملائكة في يوم سوى يوم بدر وكانوا يكونون عددا
ومددا لا يضربون
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى مسومين
قال : الملائكة عليهم عمائم بيض مسومة فتلك سيما الملائكة قال : وهل تعرف العرب
ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت الشاعر يقول : ولقد حميت الخيل تحمل شكة جرداء صافية الأديم مسومة
(2/309)
وأخرج
ابن جرير عن أبي أسيد وكان بدريا أنه كان يقول : لو أن بصري معي ثم ذهبتم معي إلى
أحد لأخبرتكم بالشعب الذي خرجت منه الملائكة في عمائم صفر قد طرحوها بين أكتافهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن عروة قال : نزلت الملائكة يوم بدر على
خيل بلق وكان على الزبير يومئذ عمامة صفراء
وأخرج أبو نعيم في فضائل الصحابة عن عروة قال : نزل جبريل يوم بدر على سيما الزبير
وهو معتم بعمامة صفراء
وأخرج أبو نعيم وابن عساكر عن عباد بن عبد الله بن الزبير أنه بلغه أن الملائكة
نزلت يوم بدر وهم طير بيض عليهم عمائم صفر وكان على رأس الزبير يومئذ عمامة صفراء
من بين الناس فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " نزلت الملائكة على سيما أبي
عبد الله
وجاء النبي صلى الله عليه و سلم وعليه عمامة صفراء "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن عمير بن إسحق قال : إن أول ما كان الصوف ليوم بدر
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " تسوموا فإن الملائكة قد تسومت
فهو أول يوم وضع الصوف "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال : كان سيما
الملائكة يوم بدر الصوف الأبيض في نواصي الخيل وأذنابها
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة في قوله مسومين قال : بالعهن الأحمر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله مسومين قال : أتوا مسومين
بالصوف فسوم النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه أنفسهم وخيلهم على سيماهم بالصوف
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله مسومين قال : معلمين مجزوزة أذناب خيولهم ونواصيها فيها الصوف والعهن
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله مسومين قال : ذكر لنا أن سيماهم
يومئذ الصوف بنواصي خيلهم وأذنابهم وأنهم على خيل بلق
(2/310)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة مسومين قال : عليهم سيما القتال
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : كانوا يومئذ على خيل بلق
وأخرج عبد بن حميد عن عمير بن إسحق قال : " لما كان يوم أحد أجلى الله الناس
عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بقي سعد بن مالك يرمي وفتى شاب ينبل له كلما فني
النبل أتاه به فنثره فقال : إرم أبا إسحق إرم أبا إسحق
فلما انجلت المعركة سئل عن ذلك الرجل فلم يعرف "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وما جعله
الله إلا بشرى لكم يقول : إنما جعلهم لتستبشروا بهم ولتطمئنوا إليهم ولم يقاتلوا
معهم يومئذ لا قبله ولا بعده إلا يوم بدر
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد وما النصر إلا من عند الله قال : لو شاء أن ينصركم بغير
الملائكة فعل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ليقطع
طرفا من الذين كفروا قال : قطع الله يوم بدر طرفا من الكفار وقتل صناديدهم ورؤوسهم
وقادتهم في الشر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن ليقطع طرفا قال : هذا يوم بدر قطع الله
طائفة منهم وبقيت طائفة
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : ذكر الله قتلى المشركين بأحد وكانوا ثمانية عشر
رجلا فقال ليقطع طرفا من الذين كفروا ثم ذكر الشهداء فقال ولا تحسبن الذين قتلوا
في سبيل الله أمواتا الآية
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد أو يكبتهم قال : يخزيهم
وأخرج ابن جرير عن قتادة والربيع
مثله
الآيتان 128 - 129
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبيهقي في الدلائل عن
(2/311)
أنس
أن النبي صلى الله عليه و سلم كسرت رباعيته يوم أحد وشج في وجهه حتى سال الدم على
وجهه فقال : " كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم ؟ فأنزل
الله ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون "
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه الآية أنزلت على رسول الله صلى الله
عليه و سلم يوم أحد وقد جرح في وحهه وأصيب بعض رباعيته وفوق حاجبه فقال وسالم مولى
أبي حذيفة يغسل الدم عن وجهه : " كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم وهو
يدعوهم إلى ربهم ؟ فأنزل الله ليس لك من الأمر شيء الآية "
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه و سلم
يوم أحد وقد شج في وجهه وأصيبت رباعيته فهم رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يدعو
عليهم فقال : " كيف يفلح قوم أدموا وجه نبيهم وهو يدعوهم إلى الله ويدعونه
إلى الشيطان ويدعوهم إلى الهدى ويدعونه إلى الضلالة ويدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى
النار ؟ فهم أن يدعو عليهم
فأنزل الله ليس لك من الأمر شيء الآية فكف رسول الله صلى الله عليه و سلم عن
الدعاء عليهم "
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما
انكشف عنه أصحابه يوم أحد كسرت رباعيته وجرح وجهه فقال وهو يصعد على أحد : "
كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم وهو يدعوهم إلى ربهم ؟ فأنزل الله مكانه ليس
لك من الأمر شيء الآية "
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة أن رباعية رسول الله صلى الله
عليه و سلم أصيبت يوم أحد أصابها عتبة بن أبي وقاص وشجه في وجهه فكان سالم مولى
أبي حذيفة يغسل الدم والنبي صلى الله عليه و سلم يقول : " كيف يفلح قوم صنعوا
هذا بنبيهم ؟ فأنزل الله ليس لك من الأمر شيء الآية "
وأخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر
قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم أحد : اللهم العن أبا سفيان اللهم
العن الحرث بن هشام الهم العن سهيل بن عمرو اللهم العن صفوان بن أمية
فنزلت هذه الآية ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون فتيب
عليهم كلهم "
وأخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : كان
(2/312)
النبي
صلى الله عليه و سلم يدعو على أربعة نفر
فأنزل الله ليس لك من الأمر شيء الآية
فهداهم الله للإسلام
وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه
والبيهقي في سننه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا أراد أن
يدعو على أحد أو يدعو لأحد قنت بعد الركوع : " اللهم أنج الوليد بن الوليد
وسلمة بن هشام وعياش بن أبي ربيعة والمستضعفين من المؤمنين
اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف - يجهر بذلك - وكان يقول
في بعض صلاته - في صلاة الفجر - اللهم العن فلانا وفلانا
لأحياء من أحياء العرب - يجهر بذلك - حتى أنزل الله ليس لك من الأمر شيء وفي لفظ
اللهم العن لحيان ورعلا وذكوان وعصية عصت الله ورسوله
ثم بلغنا أنه ترك ذلك لما نزل قوله ليس لك من الأمر شيء الآية "
وأخرج عبد بن حميد والنحاس في ناسخه عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم لعن
في صلاة الفجر بعد الركوع - في الركعة الآخرة - فقال : " اللهم العن فلانا
وفلانا - ناسا من المنافقين دعا عليهم - فأنزل الله ليس لك من الأمر شيء الآية
"
وأخرج ابن إسحق والنحاس في ناسخه عن سالم بن عبد الله بن عمر قال : جاء رجل من
قريش إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : إنك تنهى عن السبي يقول : قد سبى العرب
ثم تحول قفاه إلى النبي صلى الله عليه و سلم وكشف أسته فلعنه ودعا عليه
فأنزل الله ليس لك من الأمر شيء الآية
ثم أسلم الرجل فحسن إسلامه
الآيات 130 - 132
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كانوا
يتبايعون إلى الأجل
فإذا حل الأجل زادوا عليهم وزادوا في الأجل فنزلت يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا
الربا أضعافا مضاعفة
(2/313)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر عن عطاء قال : كانت ثقيف تداين بني المغيرة في الجاهلية فإذا
حل الأجل قالوا : نزيدكم وتؤخرون عنا
فنزلت لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : إن الرجل كان يكون له على
الرجل المال فإذا حل الأجل طلبه من صاحبه فيقول المطلوب : أخر عني وأزيدك في مالك
فيفعلان ذلك
فذلك الربا أضعافا مضاعفة فوعظهم الله واتقوا الله في أمر الربا فلا تأكلوا لعلكم
تفلحون لكي تفلحوا واتقوا النار التي أعدت للكافرين فخوف آكل الربا من المؤمنين
بالنار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول يعني في تحريم الربا لعلكم ترحمون
يعني لكي ترحموا فلا تعذبون
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن معاوية بن قرة قال : كان الناس يتأولون هذه
الآية واتقوا النار التي أعدت للكافرين اتقوا لا أعذبكم بذنوبكم في النار التي
أعددتها للكافرين
الآية 133
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عطاء بن أبي رباح قال : " قال
المسلمون يا رسول الله بنو إسرائيل كانوا أكرم على الله منا
كانوا إذا أذنب أحدهم ذنبا أصبح وكفارة ذنبه مكتوبة في عتبة بابه
اجدع أنفك اجدع أذنك افعل كذا وكذا
فسكت
فنزلت هذه الآيات وسارعوا إلى مغفرة من ربكم إلى قوله والذين إذا فعلوا فاحشة أو
ظلموا أنفسهم ذكروا الله كثيرا فاستغفروا لذنوبهم فقال النبي صلى الله عليه و سلم
: ألا أخبركم بخير من ذلكم ثم تلا هؤلاء الآيات عليهم "
وأخرج ابن المنذر عن أنس بن مالك في قوله وسارعوا إلى مغفرة من ربكم قال :
التكبيرة الأولى
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله وسارعوا يقول : سارعوا بالأعمال
الصالحة إلى مغفرة من ربكم قال : لذنوبكم وجنة عرضها
(2/314)
السموات
والأرض يعني عرض سبع سموات وسبع أرضين لو لصق بعضهم إلى بعض فالجنة في عرضهن
وأخرج ابن جرير من طريق السدي عن ابن عباس في الآية قال : تقرن السموات السبع
والأرضون السبع كما تقرن الثياب بعضها إلى بعض
فذاك عرض الجنة
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن كريب قال : أرسلني ابن عباس إلى
رجل من أهل الكتاب أسأله عن هذه الآية جنة عرضها السموات والأرض فأخرج أسفار موسى
فجعل ينظر قال : سبع سموات وسبع أرضين تلفق كما تلفق الثياب بعضها إلى بعض هذا
عرضها وأما طولها فلا يقدر قدره إلا الله
وأخرج ابن جرير عن التنوخي رسول هرقل قال : " قدمت على رسول الله صلى الله
عليه و سلم بكتاب هرقل وفيه : إنك كتبت تدعوني إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت
للمتقين فأين النار ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : سبحان الله
! فأين الليل إذا جاء النهار ؟ "
وأخرج البزار والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : " جاء رجل إلى رسول الله صلى
الله عليه و سلم فقال : أرأيت قوله جنة عرضها السموات والأرض فأين النار ؟ قال :
أرأيت الليل إذا لبس كل شيء فأين النهار ؟ قال : حيث شاء الله قال : فكذلك حيث شاء
الله "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن طارق بن شهاب أن أناسا من إليهود
سألوا عمر بن الخطاب عن جنة عرضها السموات والأرض فأين النار ؟ فقال عمر : إذا جاء
الليل فأين النهار ؟ وإذا جاء النهار أين الليل ؟ فقالوا : لقد نزعت مثلها من
التوراة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن يزيد بن الأصم أن رجلا من أهل الأديان قال لابن
عباس : تقولون جنة عرضها السموات والأرض فأين النار ؟ فقال له ابن عباس : إذا جاء
الليل فأين النهار ؟ وإذا جاء النهار فأين الليل ؟
واخرج مسلم وابن المنذر والحاكم وصححه عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال يوم بدر : " قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض فقال عمير بن الحمام
الأنصاري : يا رسول الله جنة عرضها السموات والأرض ؟ قال : نعم
قال : بخ بخ
لا والله
(2/315)
يا
رسول الله لا بد أن أكون من أهلها قال : فإنك من أهلها
فأخرج تميرات من قرنه فجعل يأكل منهن ثم قال : لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها
لحياة طويلة
فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل "
الآية 134
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله الذين ينفقون في السراء والضراء
يقول : في العسر واليسر والكاظمين الغيظ يقول : كاظمون على الغيظ كقوله وإذا ما
غضبوا هم يغفرون الشورى الآية 37 يغضبون في الأمر لو وقعوا فيه كان حراما فيغفرون
ويعفون يلتمسون وجه الله بذلك والعافين عن الناس كقوله ولا يأتل أولوا الفضل منكم
والسعة
النورالآية 22 الآية
يقول : لا تقسموا على أن لا تعطوهم من النفقة واعفوا واصفحوا
وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والإبتداء عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له
: أخبرني عن قول الله والكاظمين الغيظ ما الكاظمون ؟ قال : الحابسون الغيظ قال عبد
المطلب بن هاشم : فخشيت قومي واحتسبت قتالهم والقوم من خوف قتالهم كظم وأخرج ابن
أبي حاتم عن أبي العالية في قوله والعافين عن الناس قال : عن المملوكين
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله والعافين عن الناس قال :
يغيظون في الأمر فيغفرون ويعفون عن الناس ومن فعل ذلك فهو محسن والله يحب المحسنين
بلغني أن النبي صلى الله عليه و سلم قال عند ذلك : " هؤلاء في أمتي قليل إلا
من عصمه الله وقد كانوا كثيرا في الأمم التي مضت "
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن أبي هريرة في قوله والكاظمين الغيظ أن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من كظم غيظا وهو يقدر على إنفاذه ملأه
الله أمنا وإيمانا "
(2/316)
وأخرج
أحمد والبيهقي في الشعب بسند حسن عن ابن عباس قال : " قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : ما من جرعة أحب إلى الله من جرعة غيظ يكظمها عبد ما كظم عبد لله إلا
ملأ الله جوفه إيمانا "
وأخرج البيهقي عن ابن عمر
مثله
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه والبيهقي في الشعب عن معاذ بن
أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " من كظم غيظا وهو قادر على أن
ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره من أي الحور شاء "
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
: " ليس الشديد بالصرعة ولكن الذي يملك نفسه عند الغضب "
وأخرج البيهقي عن عامر بن سعد " أن النبي صلى الله عليه و سلم مر بناس
يتحادون مهراسا فقال : أتحسبون الشدة في حمل الحجارة ؟ إنما الشدة أن يمتلىء الرجل
غيظا ثم يغلبه "
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : يقال يوم القيامة ليقم من كان له على الله أجر فما
يقوم إلا إنسان عفا
وأخرج الحاكم عن أبي بن كعب : " أن رسول اله صلى الله عليه و سلم قال : من
سره أن يشرف له البنيان وترفع له الدرجات فليعف عمن ظلمه ويعط من حرمه ويصل من
قطعه "
وأخرج البيهقي عن علي بن الحسين أن جارية جعلت تسكب عليه الماء يتهيأ للصلاة فسقط
الإبريق من يدها على وجهه فشجه فرفع رأسه إليها فقالت : إن الله يقول والكاظمين
الغيظ قال : قد كظمت غيظي قالت والعافين عن الناس قال : قد عفا الله عنك قالت
والله يحب المحسنين قال : اذهبي فأنت حرة
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن عائشة " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : وجبت محبة الله على من أغضب فحلم "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عمرو بن عبسة " أن رجلا سأل النبي صلى الله
عليه و سلم ما الإيمان ؟ فقال : الصبر والسماحة وخلق حسن "
وأخرج البيهقي عن كعب بن مالك " أن رجلا من بني سلمة سأل رسول الله صلى الله
عليه و سلم
(2/317)
عن
الإسلام فقال : حسن الخلق
ثم راجعه الرجل فلم يزل رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : حسن الخلق
حتى بلغ خمس مرات "
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي وضعفه عن جابر قال : " قالوا : يا رسول
الله ما الشؤم ؟ قال : سوء الخلق "
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب وضعفه عن عائشة مرفوعا قال ؟ : "
الشؤم سوء الخلق "
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن أنس بن مالك قال : " قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : إن حسن الخلق ليذيب الخطيئة كما تذيب الشمس الجليد "
وأخرج البيهقي عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم : " الخلق السوء يفسد
الإيمان كما يفسد الصبر الطعام " قال أنس : وكان يقال : إن المؤمن أحسن شيء
خلقا
وأخرج ابن عدي والطبراني والبيهقي وضعفه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " حسن الخلق يذيب الخطايا كما تذيب الشمس الجليد وإن الخلق السيء يفسد
العمل كما يفسد الخل العسل "
وأخرج البيهقي وضعفه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن حسن الخلق يذيب الخطيئة كما تذيب الشمس الجليد وإن سوء الخلق يفسد العمل
كما يفسد الصبر العسل "
وأخرج البيهقي وضعفه عن طريق سعيد بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه عن جده
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " حسن الخلق زمام من رحمة الله في
أنف صاحبه والزمام بيد الملك والملك يجره إلى الخير والخير يجره إلى الجنة
وسوء الخلق زمام من عذاب الله في أنف صاحبه والزمام بيد الشيطان والشيطان يجره إلى
الشر والشر يجره إلى النار "
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي عن أبي هريرة : " سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : والله ما حسن الله خلق رجل ولا خلقه فتطعمه النار "
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي عن أبي هريرة : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " من سعادة ابن آدم حسن الخلق ومن شقوته سوء الخلق "
وأخرج الخرائطي والبيهقي عن ابن عمرو قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم يكثر الدعاء يقول : اللهم إني أسألك الصحة والعفة والأمانة وحسن الخلق والرضا
بالقدر "
(2/318)
وأخرج
أحمد والبيهقي بسند جيد عن عائشة قالت : " كان من دعاء النبي صلى الله عليه و
سلم : اللهم كما حسنت خلقي فأحسن خلقي "
وأخرج الخرائطي والبيهقي عن أبي مسعود البدري قال : " كان النبي صلى الله
عليه و سلم يقول : اللهم حسنت خلقي فأحسن خلقي "
وأخرج ابن أبي شيبة والبزار وأبو يعلى والحاكم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " إنكم لا تسعون الناس بأموالكم فليسعهم منكم بسط
الوجه وحسن الخلق "
وأخرج ابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة : " أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : كرم المرء دينه ومروءته عقله وحسبه خلقه "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والحاكم وصححاه والبيهقي عن أبي هريرة قال
: " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا
"
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من
كان هينا قريبا حرمه الله على النار "
وأخرج البخاري والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله
عليه و سلم فقال " مرني ولا تكثر فلعلي أعقله فقال : لا تغضب
فأعاد عليه فقال : لا تغضب "
وأخرج الحاكم والبيهقي عن جارية بن قدامة قال : " قلت : يا رسول الله قل لي
قولا ينفعني وأقلل لعلي أعقله قال : لا تغضب "
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو قال : " سألت رسول الله صلى الله عليه و
سلم : ما يبعدني عن غضب الله ؟ قال : لا تغضب "
وأخرج الطيالسي وأحمد والترمذي وحسنه والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال :
" خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم خطبة إلى مغيربان الشمس حفظها من
حفظها ونسيها من نسيها وأخبر ما هو كائن إلى يوم القيامة حمد الله وأثنى عليه ثم
قال : أما بعد فإن الدنيا خضرة حلوة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون
ألا فاتقوا الدنيا واتقوا النساء
ألا إن بني آدم خلقوا على طبقات شتى فمنهم من يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا ويموت مؤمنا
ومنهم من يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت كافرا ومنهم من يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا
ويموت كافرا ومنهم من يولد كافرا ويحيا كافرا ويموت مؤمنا
(2/319)
ألا
إن الغضب جمرة توقد في جوف ابن آدم
ألم تروا إلى حمرة عينيه وانتفاخ أوداجه ؟ فإذا وجد أحدكم من ذلك شيئا فليلزق
بالأرض
ألا إن خير الرجال من كان بطيء الغضب سريع الفيء
وشر الرجال من كان بطيء الفيء سريع الغضب
فإذا كان الرجل سريع الغضب سريع الفيء فإنها بها وإذا كان بطيء الغضب بطيء الفيء
فإنها بها
ألا وإن خير التجار من كان حسن القضاء حسن الطلب وشر التجار من كان سيء القضاء سيء
الطلب
فإذا كان الرجل حسن القضاء سيء الطلب فإنها بها وإذا كان الرجل سيء القضاء حسن
الطلب فإنها بها
ألا لا يمنعن رجلا مهابة الناس أن يقول بالحق إذا علمه
ألا إن لكل غادر لواء بقدر غدرته يوم القيامة
ألا وإن أكبر الغدر غدر أمير العامة
ألا وإن أفضل الجهاد من قال كلمة الحق عند سلطان جائر
فلما كان عند مغرب الشمس قال : ألا إن ما بقي من الدنيا فيما مضى منه كمثل ما بقي
من يومكم هذا فيما مضى "
وأخرج الحكيم في نوادر الأصول والبيهقي عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال :
" قلت : يا رسول الله أخبرني بوصية قصيرة فألزمها قال : لا تغضب يا معاوية بن
حيدة إن الغضب ليفسد الإيمان كما يفسد الصبر العسل "
وأخرج الحكيم عن ابن مسعود قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن
الغضب ميسم من نار جهنم يضعه الله على نياط أحدهم
ألا ترى أنه إذا غضب احمرت عيناه واربد وجهه وانتفخت أوداجه ؟ "
وأخرج البيهقي عن الحسن قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
إن الغضب جمرة في قلب ابن آدم
ألم تروا إلى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه ؟ فمن حس من ذلك شيئا فإن كان قائما
فليقعد وإن كان قاعدا فليضطجع "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي عن الحسن قال : " قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم ما من جرعة أحب إلى الله من جرعة غيظ كظمها رجل أو جرعة صبر عند
مصيبة
وما قطرة أحب إلى الله من قطرة دمع من خشية الله أو قطرة دم في سبيل الله "
وأخرج عبد بن حميد عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لأبي
بكر : ثلاث كلهن حق : ما من أحد يظلم مظلمة فيغض عنها إلا زاده الله بها عزا وما
من أحد يفتح باب مسألة ليزداد بها كثرة إلا زاده الله بها قلة وما من أحد يفتح باب
عطية أو صلة إلا زاده الله بها كثرة "
(2/320)
وأخرج
ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي عن ابن عمرو قال : لم يكن رسول الله صلى
الله عليه و سلم فاحشا ولا متفحشا وكان يقول : " إن من خياركم أحاسنكم أخلاقا
"
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وصححه والبزار وابن حبان والبيهقي في
الأسماء والصفات عن أبي الدرداء " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من
أعطي حظه من الرفق أعطي حظه من الخير ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير
وقال : ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن وإن الله يبغض
الفاحش البذيء وإن صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة "
وأخرج الترمذي وصححه وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الزهد عن أبي هريرة قال
: " سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال :
تقوى الله وحسن الخلق
وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال : الأجوفان : الفم والفرج "
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه والحاكم وصححه عن عائشة قالت : " قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : إن من أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله
"
وأخرج أحمد وأبو داود وابن حبان والحاكم وصححه عن عائشة : " سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : ان المؤمن ليدرك بحسن الخلق درجات القائم الليل الصائم
النهار "
وأخرج الطبراني في الأوسط والحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : " قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : إن الله ليبلغ العبد بحسن خلقه درجة الصوم والصلاة "
وأخرج الطبراني والخرئطي عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وشرفات المنازل وانه لضعيف العبادة
وانه ليبلغ بسوء خلقه أسفل درجة في جهنم "
وأخرج أحمد والطبراني والخرائطي عن ابن عمرو : " سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : " إن المسلم المسدد ليدرك درجة الصوام القوام بآيات الله
بحسن خلقه وكرم ضريبته "
وأخرج ابن أبي الدنيا في الصمت عن صفوان بن سليم قال : " قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " ألا أخبركم بأيسر العبادة وأهونها علىالبدن ؟ الصمت وحسن
الخلق "
وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة عن العلاء بن الشخير " أن رجلا
(2/321)
أتى
النبي صلى الله عليه و سلم من قبل وجهه فقال : يا رسول الله أي العمل أفضل ؟ قال :
حسن الخلق
ثم أتاه عن يمينه فقال : أي العمل أفضل ؟ قال : حسن الخلق ثم أتاه عن شماله فقال :
أي العمل أفضل قال : حسن الخلق ثم أتاه من بعده - يعني من خلفه - فقال : يا رسول
الله أي العمل أفضل ؟ فالتفت إليه رسول اله صلى الله عليه و سلم فقال : مالك لا
تفقه ؟ حسن الخلق أفضل
لا تغضب إن استطعت "
وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة عن أبي أمامة قال : " قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا
وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا وببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه
"
وأخرج الترمذي وحسنه والخرائطي في مكارم الأخلاق عن جابر " أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة أحسنكم
أخلاقا "
وأخرج الطبراني عن عمار بن ياسر قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
حسن الخلق خلق الله الأعظم "
وأخرج الطبراني عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : أوحى
الله إلى إبراهيم عليه السلام : يا خليلي حسن خلقك ولو مع الكفار تدخل مع الأبرار
فإن كلمتي سبقت لمن حسن خلقه أن أظله تحت عرشي وأن أسقيه من حظيرة قدسي وأن أدنيه
من جواري "
وأخرج أحمد وابن حبان عن ابن عمرو " أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : " ألا أخبركم بأحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة ؟ قالوا : نعم
يا رسول الله قال : أحسنكم خلقا "
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبويعلى والطبراني بسند جيد عن أنس قال : " لقي رسول
الله صلى الله عليه و سلم أبا ذر فقال : يا أبا ذر ألا أدلك على خصلتين هما أخف
على الظهر وأثقل في الميزان من غيرهما ؟ قال : بلى يا رسول الله قال : عليك بحسن
الخلق وطول الصمت فوالذي نفسي بيده ما عمل الخلائق بمثلها "
وأخرج أبو الشيخ بن حيان في الثواب بسند رواه عن أبي ذر قال : " قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : يا أبا ذر ألا أدلك على أفضل العبادة وأخفها على البدن
وأثقلها في الميزان وأهونها على اللسان ؟ قلت : بلى فداك أبي وأمي قال : عليك بطول
الصمت وحسن الخلق فإنك لست بعامل بمثلها "
(2/322)
وأخرج
أبو الشيخ عن أبي الدرداء قال : " قال النبي صلى الله عليه و سلم : يا أبا
الدرداء ألا أنبئك بأمرين خفيفة مؤنتهما عظيم أجرهما لم تلق الله عز و جل بمثلهما
؟ طول الصمت وحسن الخلق "
وأخرج البزار وابن حبان عن أبي هريرة قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : ألا أخبركم بخياركم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله قال : أطولكم أعمارا وأحسنكم
أخلاقا "
وأخرج الطبراني وابن حبان عن أسامة بن شريك قال : " قالوا : يا رسول الله ما
خير ما أعطي الانسان ؟ قال : خلق حسن "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني بسند جيد عن جابر بن سمرة قال : " قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الفحش والتفحش ليسا من الإسلام في شيء وإن
أحسن الناس إسلاما أحسنهم خلقا "
وأخرج ابن حبان والحاكم وصححه والخرائطي في مكارم الأخلاق عن ابن عمرو أن معاذ بن
جبل أراد سفرا فقال : " يا نبي الله أوصني قال : اعبد الله ولا تشرك به شيئا
قال : يا نبي الله زدني قال : إذا أسات فأحسن
قال : يا نبي الله زدني قال : استقم ولتحسن خلقك "
وأخرج أحمد والترمذي والحاكم وصححاه والخرائطي عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق
الناس بخلق حسن "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن هذه الأخلاق من الله فمن أراد به خيرا منحه خلقا حسنا ومن أراد به سوءا
منحه خلقا سيئا "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن حبان والطبراني عن أبي ثعلبة الخشني قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " إن أحبكم إلي وأقربكم مني في الآخرة أحاسنكم
أخلاقا وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني في الآخرة أسوأكم أخلاقا الثرثارون المتشدقون
المتفيقهون "
وأخرج البزار والطبراني والخرائطي عن أنس قال : " قالت أم حبيبة : يا رسول
الله المرأة يكون لها زوجان ثم تموت فتدخل الجنة هي وزوجاها لأيهما تكون للأول أو
للآخر ؟ قال : تخير فتختار أحسنهما خلقا كان معها في الدنيا يكون زوجها في الجنة
يا أم حبيبة ذهب حسن الخلق بخير الدنيا والآخرة "
(2/323)
وأخرج
الطبراني في الصغير عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ما من شيء
إلا له توبة إلا صاحب سوء الخلق فإنه لا يتوب من ذنب إلا عاد في شر منه "
وأخرج أبو داود والنسائي عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
كان يدعو : اللهم إني أعوذ بك من الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق "
وأخرج الخرائطي عن جرير بن عبد الله قال : " قال لي رسول الله صلى الله عليه
و سلم : إنك امرؤ قد حسن الله خلقك فحسن خلقك "
وأخرج الخرائطي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
خياركم أحاسنكم أخلاقا "
وأخرج الخرائطي عن عائشة قالت : " قال رسول اله صلى الله عليه و سلم : "
لو كان حسن الخلق رجلا يمشي في الناس لكان رجلا صالحا "
وأخرج الخرائطي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ثلاث من لم
تكن فيه أو واحدة منهن فلا يعتدن بشيء من عمله
تقوى تحجزه عن معاصي الله عز و جل أو حلم يكف به السفيه أو خلق يعيش به في الناس
"
وأخرج الخرائطي عن عائشة قالت : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اليمن
حسن الخلق "
وأخرج الخرائطي عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده قال :
" قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من سعادة ابن آدم حسن الخلق "
وأخرج القضاعي في مسند الشهاب عن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما قال :
" قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن أحسن الحسن الخلق الحسن "
وأخرج الخرائطي عن الفضيل بن عياض قال : إذا خالطت الناس فخالط الحسن الخلق فانه
لا يدعو إلا إلى خير "
وأخرج أحمد عن عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لها : إنه من
أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة ومن حرم حظه من الرفق فقد
حرم حظه من الدنيا والآخرة وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار
ويزيدان في الأعمار "
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة قالت : " قال النبي صلى الله عليه
و سلم : الرفق يمن والخرق شؤم وإذا أراد الله بأهل بيت خيرا أدخل عليهم باب الرفق
إن الرفق لم يكن في شيء قط إلا زانه وإن الخرق لم يكن في شيء قط إلا شانه وإن
(2/324)
الحياء
من الإيمان وإن الإيمان في الجنة
ولو كان الحياء رجلا كان رجلا صالحا وإن الفحش من الفجور وإن الفجور في النار ولو
كان الفحش رجلا يمشي في الناس لكان رجلا سوءا "
وأخرج أحمد في الزهد عن أم الدرداء قالت : بات أبو الدرداء ليلة يصلي فجعل يبكي
ويقول : اللهم أحسنت خلقي فأحسن خلقي
حتى إذا أصبح فقلت : يا أبا الدرداء أما كان دعاؤك منذ اليلة إلا في حسن الخلق ؟
فقال : يا أم الدرداء إن العبد المسلم يحسن خلقه حتى يدخله حسن خلقه الجنة ويسوء
خلقه حتى يدخله سوء خلقه النار
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: أكمل الناس إيمانا أحسنهم خلقا وأفضل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم
خياركم لنسائهم "
وأخرج تمام في فوائده وابن عساكر عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" خيار أمتي خمسمائة والأبدال أربعون فلا الخمسمائة ينقصون ولا الأربعون
ينقصون وكلما مات بدل أدخل الله عز و جل من الخمسمائة مكانه وأدخل في الأربعين
مكانهم فلا الخمسمائة ينقصون ولا الأربعون ينقصون فقالوا : يا رسول الله دلنا على
أعمال هؤلاء فقال : هؤلاء يعفون عمن ظلمهم ويحسنون إلى من أساء إليهم ويواسون مما
آتاهم الله
قال : وتصديق ذلك في كتاب الله والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب
المحسنين
وأخرج ابن لال والديلمي عن أنس قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
رأيت ليلة أسري بي قصورا مستوية على الجنة فقلت : يا جبريل لمن هذا ؟ فقال
للكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين
الآيتان 135 - 136
(2/325)
أخرج
ابن جرير عن الحسن أنه قرأ الذين ينفقون في السراء والضراء
آل عمران الآية 134 الآية
ثم قرأ والذين إذا فعلوا فاحشة
الآية فقال : إن هذين النعتين لنعت رجل واحد
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في الآية قال : هذان ذنبان
فعلوا فاحشة ذنب وظلموا أنفسهم ذنب
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن جابر بن زيد في قوله والذين إذا فعلوا فاحشة قال :
زنا القوم ورب الكعبة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله فعلوا فاحشة قال : الزنا
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود أنه ذكر عنده بنو إسرائيل وما فضلهم الله به فقال :
كان بنو إسرائيل إذا أذنب أحدهم ذنبا أصبح وقد كتبت كفارته على أسكفة بابه وجعلت
كفارة ذنوبكم قولا تقولونه تستغفرون الله فيغفر لكم
والذي نفسي بيده لقد أعطانا الله آية لهي أحب إلي من الدنيا وما فيها والذين إذا
فعلوا فاحشة
الآية
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والطبراني وابن أبي الدنيا وابن
المنذر والبيهقي عن ابن مسعود قال : إن في كتاب الله لآيتين ما أذنب عبد ذنبا
فقرأهما فاستغفر الله إلا غفر له والذين إذا فعلوا فاحشة
الآية
وقوله ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه
النساء الآية 110 الآية
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن ثابت البناني قال : بلغني أن إبليس
حين نزلت هذه الآية بكى والذين إذا فعلوا فاحشة
الآية
وأخرج الحكيم الترمذي عن عطاف بن خالد قال : بلغني أنه لما نزل قوله ومن يغفر
الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا صاح إبليس بجنوده وحثا على رأسه التراب
ودعا بالويل والثبور حتى جاءته جنوده من كل بر وبحر
فقالوا : ما لك يا سيدنا ؟ قال : آية نزلت في كتاب الله لا يضر بعدها أحدا من بني
آدم ذنب قالوا : وما هي ؟ فأخبرهم قالوا : نفتح لهم باب الأهواء فلا يتوبون ولا
يستغفرون ولا يرون إلا أنهم على الحق فرضي منهم ذلك
(2/326)
وأخرج
الطيالسي وأحمد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة
وابن حبان والدار قطني والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في
الشعب عن أبي بكر الصديق : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ما من رجل
يذنب ذنبا ثم يقوم فيذكر ذنبه فيتطهر ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله من ذنبه ذلك
إلا غفر الله له
ثم قرأ هذه الآية والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله إلى آخر الآية
وأخرج البيهقي في الشعب عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ما أذنب عبد ذنبا ثم توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج إلى براز من الأرض فصلى فيه
ركعتين واستغفر الله من ذلك الذنب إلا غفر الله له "
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " كل شيء
يتكلم به ابن آدم فإنه مكتوب عليه فإذا أخطأ خطيئة وأحب أن يتوب إلى الله فليأت
بقعة رفيعة فليمدد يديه إلى الله ثم ليقل : إني أتوب إليك فيها لا أرجع إليها أبدا
فإنه يغفر له ما لم يرجع في عمله ذلك "
وأخرج البيهقي في الشعب عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" اللهم اجعلني من الذين إذا أحسنوا استبشروا وإذا أساؤوا استغفروا "
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " أربعة في
حديقة قدس في الجنة : المعتصم بلا إله إلا اله لا يشك فيها ومن إذا عمل حسنة سرته
وحمد الله عليها ومن إذا عمل سيئة ساءته واستغفر الله منها ومن إذا أصابته مصيبة
قال : إنا لله وإنا إليه راجعون "
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
: " إن رجلا أذنب ذنبا فقال : رب إني أذنبت ذنبا فاغفره فقال الله : عبدي عمل
ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب
إني عملت ذنبا فاغفره فقال تبارك وتعالى : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به
قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب إني عملت ذنبا فاغفره فقال الله : علم عبدي
أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به أشهدكم أني غفرت لعبدي فليعمل ما شاء "
(2/327)
وأخرج
أحمد ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لو لم
تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم "
وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " قال
إبليس : يا رب - وعزتك - لا أزال أغوي بني آدم ما كانت أرواحهم في أجسادهم
فقال الله : وعزتي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني "
وأخرج أبو يعلى عن أبي بكر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " عليكم بلا
إله إلا الله والاستغفار فأكثروا منهما فإن إبليس قال : أهلكت الناس بالذنوب
وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار فلما رأيت ذلك أهلكتهم بالأهواء وهم يحسبون
أنهم مهتدون "
وأخرج البزار والبيهقي في الشعب عن أنس قال : جاء رجل فقال : يا رسول الله إني
أذنبت
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إذا أذنبت فاستغفر ربك قال : فإني
أستغفر ثم أعود فأذنب
فقال : إذا أذنبت فاستغفر ربك ثم عاد فقال في الرابعة : استغفر ربك حتى يكون
الشيطان هو المحسور "
وأخرج البيهقي عن عقبة بن عامر الجهني أن رجلا قال : " يا رسول الله أحدنا
يذنب قال : يكتب عليه قال : ثم يستغفر منه ويتوب قال : يغفر له ويتاب عليه قال :
فيعود ويذنب قال : يكتب عليه قال : ثم يستغفر منه ويتوب قال : يغفر له ويتاب عليه
قال : فيعود ويذنب قال : يكتب عليه قال : ثم يستغفر منه ويتوب قال : يغفر له ويتاب
عليه ولا يمل الله حتى تملوا "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ولم
يصروا على ما فعلوا قال : لم يقيموا على ذنب وهم يعلمون أنه يغفر لمن استغفر ويتوب
على من تاب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : إياكم والإصرار فإنما هلك المصرون
الماضون قدما لا ينهاهم مخافة الله عن حرام حرمه الله عليهم ولا يتوبون من ذنب
أصابوه حتى أتاهم الموت وهم على ذلك
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري في الأدب المفرد وابن مردويه والبيهقي في شعب
الإيمان عن ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ارحموا ترحموا
واغفروا يغفر لكم ويل لأقماع القول - يعني الآذان - ويل للمصرين الذين يصرون على
ما فعلوا وهم يعلمون "
(2/328)
وأخرج
ابن أبي الدنيا في التوبة والبيهقي عن ابن عباس قال : كل ذنب أصر عليه العبد كبر
وليس بكبير ما تاب منه العبد
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن قال : إتيان الذنب عمدا إصرار
حتى يتوب
وأخرج البيهقي عن الأوزاعي قال : الإصرار أن يعمل الرجل الذنب فيحتقره
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي ولم يصروا على ما فعلوا فينكبوا ولا
يستغفروا وهم يعلمون أنهم قد أذنبوا ثم أقاموا ولم يستغفروا
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود والترمذي وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي
في الشعب عن أبي بكر الصديق قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل ونعم أجر العاملين بطاعة الله الجنة
الآية 137
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله قد خلت يعني مضت
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله قد خلت
من قبلكم سنن يعني تداول من الكفار والمؤمنين في الخير والشر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله فانظروا كيف كان
عاقبة المكذبين قال : عاقبة الأولين والأمم قبلكم كان سوء عاقبتهم متعهم الله
قليلا ثم صاروا إلى النار
الآية 138
أخرج ابن أبي شيبة في كتاب المصاحف عن سعيد بن جبير قال : أول ما نزل من آل عمران
هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين ثم أنزل بقيتها يوم أحد
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله هذا بيان للناس قال : هذا القرآن
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله هذا بيان الآية
(2/329)
قال
: هو هذا القرآن جعله الله بيانا للناس عامة وهدى وموعظة للمتقين خصوصا
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الشعبي
في الآية قال بيان من العمى وهدى من الضلالة وموعظة من الجهل
الآية 139
أخرج ابن جرير عن الزهري قال : كثر في أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم القتل
والجراح حتى خلص إلى كل امرىء منهم الباس ؟
فأنزل الله القرآن فآسى فيه بين المؤمنين بأحسن ما آسى به قوما كانوا قبلهم من
الأمم الماضية فقال ولا تهنوا ولا تحزنوا إلى قوله لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى
مضاجعهم
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : أقبل خالد بن الوليد يريد أن
يعلو عليهم الجبل
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " اللهم لا يعلون علينا
فأنزل الله ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن ابي حاتم عن ابن جريج قال : انهزم أصحاب رسول
الله صلى الله عليه و سلم في الشعب يوم أحد فسألوا ما فعل النبي صلى الله عليه و
سلم وما فعل فلان ؟ فنعى بعضهم لبعض وتحدثوا أن النبي صلى الله عليه و سلم قتل
فكانوا في هم وحزن
فبينما هم كذلك علا خالد بن الوليد بخيل المشركين فوقهم على الجبل وكان على أحد
مجنبتي المشركين وهم أسفل من الشعب فلما رأوا النبي صلى الله عليه و سلم فرحوا
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " اللهم لا قوة لنا إلا بك وليس أحد يعبدك
بهذا البلد غير هؤلاء النفر فلا تهلكهم
وثاب نفر من المسلمين رماة فصعدوا فرموا خيل المشركين حتى هزمهم الله وعلا
المسلمون الجبل
فذلك قوله وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ولا تهنوا قال : لا تضعفوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك وأنتم الأعلون قال : وأنتم الغالبون
(2/330)
الآيات
140 - 142
أخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس إن يمسسكم قال : إن يصبكم
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله برفع
القاف فيهما
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد إن يمسسكم قرح
قال : جراح وقتل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح
مثله قال : إن يقتل منكم يوم أحد فقد قتلتم منهم يوم بدر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : نام المسلمون وبهم
الكلوم - يعني يوم أحد - قال عكرمة : وفيهم أنزلت إن يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح
مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس وفيهم أنزلت إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون
كما تألمون النساء الآية 104
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس وتلك الأيام نداولها بين
الناس فإنه كان يوم أحد بيوم بدر
قتل المؤمنون يوم أحد اتخذ الله منهم شهداء وغلب رسول الله صلى الله عليه و سلم
المشركين يوم بدر فجعل له الدولة عليهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس وتلك الأيام نداولها بين
الناس قال : فإنه أدال المشركين علىالنبي صلى الله عليه و سلم يوم أحد وبلغني أن
المشركين قتلوا من المسلمين يوم أحد بضعة وسبعين رجلا عدد الأسارى الذين أسروا يوم
بدر من المشركين وكان عدد الأسارى ثلاثة وسبعين رجلا
(2/331)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن وتلك الأيام نداولها بين الناس قال : جعل الله
الأيام دولا
مرة لهؤلاء ومرة لهؤلاء
أدال الكفار يوم أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية قال : والله لولا الدول ما أودى المؤمنون ولكن
قد يدال للكافر من المؤمن ويبتلى المؤمن بالكافر ليعلم الله من يطيعه ممن يعصيه
ويعلم الصادق من الكاذب
وأخرج عن السدي وتلك الأيام نداولها بين الناس يوما لكم ويوما عليكم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي حاتم عن ابن سيرين وتلك الأيام نداولها بين الناس
يعني الأمراء
وأخرج ابن المنذر عن أبي جعفر قال : إن للحق دولة وإن للباطل دولة من دولة الحق
إن إبليس أمر بالسجود لآدم فأديل آدم على إبليس وابتلي آدم بالشجرة فأكل منها
فأديل إبليس على آدم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس وليعلم الله الذين آمنوا
ويتخذ منكم شهداء قال : إن المسلمين كانوا يسألون ربهم : اللهم ربنا أرنا يوما
كيوم بدر نقاتل فيه المشركين ونبليك فيه خيرا ونلتمس فيه الشهادة
فلقوا المشركين يوم أحد فاتخذ منهم شهداء
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك في الآية قال : كان المسلمون يسألون ربهم أن
يريهم يوما كيوم بدر يبلون فيه خيرا ويرزقون فيه الشهادة ويرزقون الجنة والحياة
والرزق
فلقوا يوم أحد فاتخذ الله منهم شهداء وهم الذين ذكرهم الله تعالى فقال ولا تقولوا
لمن يقتل في سبيل الله أمواتا البقرة الآية 154 الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة وليعلم الله الذين آمنوا
ويتخذ منكم شهداء قال : يكرم الله أولياءه بالشهادة بأيدي عدوهم ثم تصير حواصل
الأمور وعواقبها لأهل طاعة الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيدة وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء يقول : أن
لا تقتلوا لا تكونوا شهداء
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الضحى قال : نزلت ويتخذ منكم شهداء
(2/332)
فقتل
منهم يومئذ سبعون منهم أربعة من المهاجرين : منهم حمزة بن عبد المطلب ومصعب بن
عمير أخو بني عبد الدار والشماس بن عثمان المخزومي وعبد الله بن جحش الأسدي
وسائرهم من الأنصار
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : لما أبطأ على النساء الخبر خرجن يستخبرن فإذا
رجلان مقتولان على دابة أوعلى بعير فقالت امرأة من الأنصار : من هذان ؟ قالوا :
فلان وفلان
أخوها وزوجها
أو زوجها وابنها فقالت : ما فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قالوا : حي
قالت : فلا أبالي يتخذ الله من عباده الشهداء
ونزل القرآن على ما قالت ويتخذ منكم شهداء
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن ابن عباس وليمحص
الله الذين آمنوا قال : يبتليهم ويمحق الكافرين قال : ينقصهم
وأخرج ابن سعد عن محمد بن سيرين
أنه كان إذا تلا هذه الآية قال : اللهم محصنا ولا تجعلنا كافرين
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن إسحق أم حسبتم أن تدخلوا الجنة
وتصيبوا من ثوابي الكرامة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم يقول : ولم أختبركم
بالشدة وأبتليكم بالمكاره ؟ حتى أعلم صدق ذلك منكم
الإيمان بي والصبر على ما أصابكم في
الآية 143
أخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله
عليه و سلم كانوا يقولون : ليتنا نقتل كما قتل أصحاب بدر ونستشهد
أو ليت لنا يوما كيوم بدر نقاتل فيه المشركين ونبلي فيه خيرا ونلتمس الشهادة
والجنة والحياة والرزق
فأشهدهم الله أحدا فلم يلبثوا إلا من شاء الله منهم فقال الله ولقد كنتم تمنون
الموت من قبل أن تلقوه فقد رأيتموه وأنتم تنظرون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : غاب
(2/333)
رجال
عن بدر فكانوا يتمنون مثل بدر أن يلقوه فيصيبوا من الأجر والخير ما أصاب أهل بدر
فلما كان يوم أحد ولى من ولى فعاتبهم الله على ذلك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الربيع وقتادة قالا : إن أناسا من المؤمنين لم
يشهدوا يوم بدر والذي أعطاهم الله من الفضل فكانوا يتمنون أن يروا قتالا فيقاتلوا
فسيق إليهم القتال حتى إذا كان بناحية المدينة يوم أحد فأنزل الله ولقد كنتم تمنون
الموت
الآية
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : بلغني أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم
كانوا يقولون : لئن لقينا مع النبي صلى الله عليه و سلم لنفعلن ولنفعلن
فابتلوا بذلك فلا والله ما كلهم صدق الله
فأنزل الله ولقد كنتم تمنون الموت
الآية
وأخرج عن السدي قال : كان ناس من الصحابة لم يشهدوا بدرا فلما رأوا فضيلة أهل بدر
قالوا : اللهم إنا نسألك أن ترينا يوما كيوم بدر نبليك فيه خيرا
فرأوا أحدا فقال لهم ولقد كنتم تمنون الموت
الآية
والله أعلم
الآيتان 144 - 145
أخرح ابن المنذر عن كليب قال : خطبنا عمر فكان يقرأ على المنبر آل عمران ويقول :
إنها أحدية ثم قال : تفرقنا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم أحد فصعدت الجبل
فسمعت يهوديا يقول : قتل محمد فقلت لا أسمع أحدا يقول : قتل محمد إلا ضربت عنقه
فنظرت فإذا رسول الله صلى الله عليه و سلم والناس يتراجعون إليه فنزلت هذه الآية
وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل
(2/334)
وأخرج
ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم اعتزل هو
وعصابة معه يومئذ على أكمة والناس يفرون ورجل قائم على الطريق يسألهم : ما فعل
رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ وجعل كلما مروا عليه يسألهم فيقولون : والله ما
ندري ما فعل ! فقال : والذي نفسي بيده لئن كان قتل النبي صلى الله عليه و سلم
لنعطينهم بأيدينا إنهم لعشائرنا واخواننا وقالوا : لو أن محمدا كان حيا لم يهزم
ولكنه قد قتل فترخصوا في الفرار حينئذ
فأنزل الله وما محمد إلا رسول
الآية كلها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع في الآية قال : ذلك يوم أحد حين أصابهم ما
أصابهم من القتل والقرح وتداعوا نبي الله
؟ قالوا : قد قتل
وقال أناس منهم : لو كان نبيا ما قتل
وقال أناس من علية أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم : قاتلوا على ما قتل عليه
نبيكم حتى يفتح الله عليكم أو تلحقوا به وذكر لنا أن رجلا من المهاجرين مر على رجل
من الأنصار وهو يتخبط في دمه فقال : يا فلان أشعرت أن محمدا قد قتل ؟ فقال
الأنصاري : إن كان محمدا قد قتل فقد بلغ فقاتلوا عن دينكم
فأنزل الله وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على
أعقابكم يقول : ارتددتم كفارا بعد إيمانكم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة نحوه
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : نادى مناد يوم أحد حين هزم أصحاب محمد : إن محمدا
قد قتل فارجعوا إلى دينكم الأول فأنزل الله وما محمد إلا رسول
الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : قال أهل المرض والارتياب والنفاق حين فر الناس
عن النبي صلى الله عليه و سلم : قد قتل محمد فالحقوا بدينكم الأول
فنزلت هذه الآية وما محمد إلا رسول
الآية
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : فشا في الناس يوم أحد أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قد قتل فقال بعض أصحاب الصخرة : ليت لنا رسولا إلى عبد الله بن أبي فيأخذ لنا
أمانا من أبي سفيان
يا قوم إن محمدا قد قتل فارجعوا إلى قومكم قبل أن يأتوكم فيقتلونكم
قال أنس بن النضر : يا قوم إن كان محمد قد قتل فإن رب محمد لم يقتل فقاتلوا على ما
قاتل عليه محمد صلى الله عليه و سلم اللهم إني أعتذر إليك مما يقول
(2/335)
هؤلاء
وأبرأ إليك مما جاء به هؤلاء
فشد بسيفه فقاتل حتى قتل
فأنزل الله وما محمد إلا رسول الآية
وأخرج أبن جرير عن القاسم بن عبد الرحمن بن رافع أخي بني عدي بن النجار قال :
انتهى أنس بن النضر عم أنس بن مالك إلى عمر وطلحة بن عبيد الله في رجال من
المهاجرين والأنصار وقد ألقوا بأيديهم فقال : ما يجلسكم ؟ قالوا : قتل محمد رسول
الله قال : فما تصنعون بالحياة بعده ؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله
واستقبل القوم فقاتل حتى قتل
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عطية العوفي قال : لما كان يوم أحد وانهزموا قال
بعض الناس : إن كان محمد قد أصيب فأعطوهم بأيديكم إنما هم إخوانكم
وقال بعضهم : إن كان محمد قد أصيب ألا تمضون على ما مضى عليه نبيكم حتى تلحقوا به
فأنزل الله وما محمد إلا رسول إلى قوله فآتاهم الله ثواب الدنيا
وأخرج ابن سعد في الطبقات عن محمد بن شرحبيل العبدري قال : حمل مصعب بن عمير
اللواء يوم أحد فقطعت يده اليمنى فأخذ اللواء بيده اليسرى وهو يقول وما محمد إلا
رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ثم قطعت يده
اليسرى فجثا على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره وهو يقول وما محمد إلا رسول
الآية
وما نزلت هذه الآية وما محمد إلا رسول يومئذ حتى نزلت بعد ذلك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد ومن ينقلب على عقبيه قال :
يرتد
وأخرج البخاري والنسائي من طريق الزهري عن أبي سلمة عن عائشة أن أبا بكر أقبل على
فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فتيمم
رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو مغشى بثوب حبرة فكشف عن وجهه ثم أكب عليه وقبله
وبكى ثم قال : بأبي أنت وأمي والله لا يجمع الله عليك موتتين وأما الموتة التي
كتبت عليك فقد متها
قال الزهري : وحدثني أبو سلمة عن ابن عباس أن أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس فقال :
اجلس يا عمر
وقال أبو بكر : أما بعد من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فإن
الله
(2/336)
حي
لا يموت
قال الله وما محمد إلا رسول إلى قوله الشاكرين فقال : فوالله لكأن الناس لم يعلموا
أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر فتلاها الناس منه كلهم
فما أسمع بشرا من الناس إلا يتلوها
وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة قال : لما توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم قام
عمر بن الخطاب فقال : إن رجالا من المنافقين يزعمون أن رسول اله صلى الله عليه و
سلم توفي وإن رسول الله صلى الله عليه و سلم - والله - ما مات ولكن ذهب إلى ربه
كما ذهب موسى بن عمران فقد غاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل قد
مات
والله ليرجعن رسول الله صلى الله عليه و سلم كما رجع موسى فليقطعن أيدي رجال
وأرجلهم زعموا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مات
فخرج أبو بكر فقال : على رسلك يا عمر أنصت
فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس إنه من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات
ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت
ثم تلا هذه الآية وما محمد إلا رسول الآية
فوالله لكأن الناس لم يعلموا أن هذه الآية نزلت حتى تلاها أبو بكر يومئذ وأخذ
الناس عن أبي بكر فإنما هي في أفواههم
قال عمر : فوالله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى وقعت إلى الأرض ما
تحملني رجلاي وعرفت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد مات
وأخرج البيهقي في الدلائل عن عروة قال : لما توفي النبي صلى الله عليه و سلم قام
عمر بن الخطاب فتوعد من قال قد مات بالقتل والقطع فجاء أبو بكر فقام إلى جانب
المنبر وقال : إن الله نعى نبيكم إلى نفسه وهو حي بين أظهركم ونعاكم إلى أنفسكم
فهو الموت حتى لا يبقى أحد إلا الله
قال الله وما محمد إلا رسول إلى قوله الشاكرين فقال عمر : هذه الآية في القرآن ؟
والله ما علمت أن هذه الآية أنزلت قبل اليوم وقال : قال الله لمحمد صلى الله عليه
و سلم إنك ميت وإنهم ميتون الزمر الآية 30
وأخرج ابن المنذر والبيهقي من طريق ابن عباس أن عمر بن الخطاب قال : كنت أتأول هذه
الآية وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء علىالناس ويكون الرسول عليكم شهيدا
البقرة الآية 143 فوالله إن كنت لأظن أنه سيبقى في أمته حتى يشهد عليها بآخر
أعمالها وأنه هو الذي حملني على أن قلت ما قلت
(2/337)
وأخرح
ابن جرير عن علي بن أبي طالب في قوله وسيجزي الله الشاكرين قال : الثابتين على
دينهم
أبا بكر وأصحابه فكان علي يقول : كان أبو بكر أمين الشاكرين
وأخرح الحاكم والبيهقي في الدلائل عن الحسن بن محمد قال : " قال عمر : دعني
يا رسول الله أنزع ثنيتي سهيل بن عمرو فلا يقوم خطيبا في قومه أبدا فقال : دعها
فلعلها أن تسرك يوما
فلما مات النبي صلى الله عليه و سلم نفر أهل مكة فقام سهيل عند الكعبة فقال : من
كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات والله حي لا يموت "
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم عن ابن عباس أن عليا كان يقول
في حياة رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله يقول أفإن مات أو قتل انقلبتم
على أعقابكم والله لا ننقلب على أعقابنا بعد إذ هدانا الله والله لئن مات أو قتل
لأقاتلن على ما قاتل عليه حتى أموت
وأخرج ابن المنذر عن الزهري قال : لما نزلت هذه الآية ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم
الفتح الآية 4 قالوا : يا رسول الله قد علمنا أن الإيمان يزداد فهل ينقص ؟ قال :
إي والذي بعثني بالحق إنه لينقص قالوا : يا رسول الله فهل لذلك دلالة في كتاب الله
؟ قال : نعم
ثم تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله
الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم علىأعقابكم فالإنقلاب نقصان ولا كفر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن إسحق وما كان لنفس الآية أي
لمحمد صلى الله عليه و سلم أجل هو بالغه فإذا أذن الله في ذلك كان ومن يرد ثواب
الدنيا نؤته منها أي من كان منكم يريد الدنيا ليست له رغبة في الآخرة نؤته ما قسم
له فيها من رزق ولا حظ له في الآخرة ومن يرد ثواب الآخرة منكم نؤته منها ما وعده
مع ما يجري عليه من رزقه في دنياه وذلك جزاء الشاكرين
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن عبد العزيز في الآية قال : لا تموت نفس ولها في
الدنيا عمر ساعة إلا بلغته
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله وسنجزي الشاكرين قال : يعطي الله العبد بنيته
الدنيا والآخرة
(2/338)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : قال أبو بكر : لومنعوني ولو عقالا أعطوا رسول الله
صلى الله عليه و سلم لجاهدتهم
ثم تلا وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم
علىأعقابكم
وأخرج البغوي في معجمه عن إبراهيم بن حنظلة عن أبيه أن سالما مولى أبي حذيفة كان
معه اللواء يوم اليمامة فقطعت يمينه فأخذ اللواء بيساره فقطعت يساره فاعتنق اللواء
وهو يقول وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم
علىأعقابكم
الآيتين
الآيات 146 - 148
أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد من طريق أبي عبيدة عن ابن مسعود أنه قرأ وكأين من
نبي قاتل معه ربيون ويقول ألا ترى أنه يقول فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير أنه كان يقول : ما
سمعنا قط أن نبيا قتل في القتال
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن الحسن وإبراهيم أنهما كانا يقرآن قاتل معه
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك أنه قرأ وكأين من نبي قاتل معه ربيون بغير ألف
وأخرج عن عطية
مثله
وأخرج من طريق زر عن ابن مسعود مثله
أنه كان يقرأها بغير ألف
(2/339)
وأخرج
عبد بن حميد عن عطية أنه قرأ " وكأين من نبي قتل معه ربيون " بغير ألف
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني عن
ابن مسعود في قوله ربيون قال : ألوف
وأخرج سعيد بن منصور عن الضحاك في قوله ربيون قال : الربة الواحدة ألف
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس ربيون يقول :
جموع
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن في قوله ربيون قال : فقهاء علماء قال : وقال ابن
عباس : هي الجموع الكثيرة
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والإبتداء والطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن
الأزرق سأله عن قوله ربيون قال : جموع قال : وهل يعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول حسان : وإذا معشر تجافوا القصد أملنا عليهم ريبا وأخرج ابن جرير من
طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله ربيون كثير قال : علماء كثير
وأخرج من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله ربيون كثير قال الربيون هم الجموع
الكثيرة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن ربيون قال : علماء كثير
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال الربيون الأتباع والربانيون الولاة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وكأين من نبي قاتل الآية
قال : هم قوم قتل نبيهم فلم يضعفوا ولم يستكينوا لقتل نبيهم
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله لقتل أنبيائهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله يعني فما عجزوا
عن عدوهم
(2/340)
وأخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن المنذر عن قتادة في قوله فما وهنوا
الآية
يقول : فما عجزوا وما تضعضعوا لقتل نبيهم وما استكانوا يقول : ما ارتدوا عن
بصيرتهم ولا عن دينهم أن قاتلوا على ما قاتل عليه نبي الله حتى لحقوا بالله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وما استكانوا قال
ما استكانوا قال : تخشعوا
وأخرج ابن جرير عن السدي وما استكانوا يقول : ما ذلوا
وأخرج عن ابن زيد وما استكانوا قال : ما استكانوا لعدوهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عن ابن عباس في قوله وإسرافنا في أمرنا قال
: خطايانا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وإسرافنا في أمرنا
قال : خطايانا وظلمنا أنفسنا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله وإسرافنا في أمرنا يعني الخطايا
الكبار
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله فآتاهم الله ثواب الدنيا قال : النصر
والغنيمة وحسن ثواب الآخرة قال : رضوان الله ورحمته
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة فآتاهم الله ثواب الدنيا
الفلاح والظهور والتمكن والنصر على عدوهم في الدنيا وحسن ثواب الآخرة هي الجنة
الآيتان 149 - 150
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله يا أيها
(2/341)
الذين
آمنوا إن تطيعوا الذين كفروا
الآية
لا تنتصحوا اليهود والنصارى عن دينكم ولا تصدقوهم بشيء في دينكم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا
الذين كفروا
الآية
يقول : إن تطيعوا أبا سفيان بن حرب يردوكم كفارا
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن هذه الآية يا أيها الذين آمنوا
إن تطيعوا الذين كفروا يردوكم على أعقابكم التعرب ؟ فقال علي : بل هو الزرع
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمرو قال : ألا أخبركم بالمرتد علىعقبيه ؟ الذي يأخذ
العطاء ويغزو في سبيل الله ثم يدع ذلك ويأخذ الأرض بالجزية والرزق فذلك الذي يرتد
على عقبيه
الآية 151
أخرج ابن جرير عن السدي قال : لما ارتحل أبو سفيان والمشركون يوم أحد متوجهين نحو
مكة انطلق أبو سفيان حتى بلغ بعض الطريق
ثم إنهم ندموا فقالوا : بئسما صنعتم أنكم قتلتموهم حتى لم يبق إلا الشريد تركتموهم
؟ ارجعوا فاستأصلوا
فقذف الله في قلوبهم الرعب فانهزموا فلقوا أعرابيا فجعلوا له عجلا فقالوا له : إن
لقيت محمدا فأخبرهم بما قد جمعنا لهم
فأخبر الله رسوله صلى الله عليه و سلم فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد
فأنزل الله في ذلك فذكر أبا سفيان حين أراد أن يرجع إلى النبي صلى الله عليه و سلم
وما قذف في قلبه من الرعب فقال سنلقي في قلوب الذين كفروا الرعب الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في هذه الآية قال " قذف الله في قلب أبي
سفيان الرعب فرجع إلى مكة فقال النبي صلى الله عليه و سلم : إن أبا سفيان قد أصاب
منكم طرفا وقد رجع وقذف الله في قلبه الرعب "
(2/342)
وأخرج
مسلم عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " نصرت بالرعب
على العدو "
وأخرج أحمد والترمذي وصححه وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي أمامة
" أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : فضلت على الأنبياء بأربع : أرسلت
إلى الناس كافة وجعلت لي الأرض كلها ولأمتي مسجدا وطهورا فأينما رجل أدركه من أمتي
الصلاة فعنده مسجده وعنده طهوره ونصرت بالرعب مسيرة شهر يقذفه في قلوب أعدائي وأحل
لنا الغنائم
الآية 152
أخرج البيهقي في الدلائل عن عروة قال : كان الله وعدهم على الصبر والتقوى أن يمدهم
بخمسة آلاف من الملائكة مسومين وكان قد فعل فلما عصوا أمر الرسول وتركوا مصافهم
وتركت الرماة عهد الرسول إليهم أن لا يبرحوا منازلهم وأرادوا الدنيا رفع عنهم مدد الملائكة
وأنزل الله ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه فصدق الله وعده وأراهم الفتح
فلما عصوا أعقبهم البلاء
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ولقد صدقكم الله وعده
الآية
قال " إن أبا سفيان أقبل في ثلاث ليال خلون من شوال حتى نزل أحدا وخرج رسول
الله صلى الله عليه و سلم فأذن في الناس فاجتمعوا وأمر على الخيل الزبير بن العوام
ومعه يومئذ المقداد بن الأسود الكندي وأعطى رسول الله صلى الله عليه و سلم اللواء
رجلا من قريش يقال له مصعب بن عمير وخرج حمزة بن عبد المطلب بالجيش وبعث حمزة بين
يديه وأقبل خالد بن الوليد على خيل المشركين ومعه عكرمة بن أبي جهل فبعث رسول الله
صلى الله عليه و سلم الزبير وقال : استقبل خالد بن الوليد
(2/343)
فكن
بإزائه حتى أوذنك وأمر بخيل أخرى فكانوا من جانب آخر فقال : لا تبرحوا حتى أوذنكم
وأقبل أبو سفيان يحمل اللات والعزى فأرسل النبي صلى الله عليه و سلم إلى الزبير أن
يحمل فحمل على خالد بن الوليد فهزمه ومن معه فقال ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم
بإذنه
وأن الله وعدالمؤمنين أن ينصرهم وأنه معهم وأن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث
بعضا من الناس فكانوا من ورائهم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : كونوا ههنا
فردوا وجه من ند منا وكونوا حرسا لنا من قبل ظهورنا
وأن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما هزم القوم هو وأصحابه الذين كانوا جعلوا من
ورائهم فقال بعضهم لبعض لما رأوا النساء مصعدات في الجبل ورأوا الغنائم : انطلقوا
إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأدركوا الغنيمة قبل أن تستبقوا إليها وقالت
طائفة أخرى : بل نطيع رسول الله صلى الله عليه و سلم فنثبت مكاننا
فذلك قوله منكم من يريد الدنيا للذين أرادوا الغنيمة ومنكم من يريد الآخرة للذين
قالوا : نطيع رسول الله صلى الله عليه و سلم ونثبت مكاننا
فأتوا محمدا صلى الله عليه و سلم فكان فشلا حين تنازعوا بينهم يقول وعصيتم من بعد
ما أراكم ما تحبون كانوا قد رأوا الفتح والغنيمة "
وأخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في
الدلائل عن ابن عباس أنه قال " ما نصر الله نبيه في موطن كما نصر يوم أحد
فأنكروا
فقال ابن عباس : بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله أن الله يقول في يوم أحد ولقد
صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه يقول ابن عباس : " و الحس " : القتل
حتى إذا فشلتم إلى قوله ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين وإنما عنى هذا الرماة
وذلك أن النبي صلى الله عليه و سلم أقامهم في موضع ثم قال : احموا ظهورنا فإن
رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا
فلما غنم النبي صلى الله عليه و سلم وأباحوا عسكر المشركين انكفأت الرماة جميعا
فدخلوا في العسكر ينتهبون والتفت صفوف المسلمين فهم هكذا - وشبك بين يديه -
والتبسوا فلما أخل الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها دخل الخيل ؟ من ذلك الموضع
علىالصحابة فضرب بعضهم بعضا والتبسوا وقتل من المسلمين ناس كثير وقد كان لرسول
الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه أول النهار حتى قتل من أصحاب لواء المشركين سبعة
أو تسعة وجال
(2/344)
المسلمون
جولة نحو الجبل ولم يبلغوا حيث يقول الناس : الغاب
إنما كانوا تحت المهراس وصاح الشيطان قتل محمد فلم يشك فيه أنه حق
فما زلنا كذلك ما نشك أنه قتل حتى طلع بين السعدين نعرفه بتكفؤه إذا مشى ففرحنا
حتى كأنه لم يصبنا ما أصابنا فرقي نحونا وهو يقول : اشتد غضب الله على قوم دموا
وجه نبيهم ويقول مرة أخرى : اللهم إنه ليس لهم أن يعلونا حتى انتهى إلينا فمكث
ساعة فإذا أبو سفيان يصيح في أسفل الجبل : أعل هبل أعل هبل
أين ابن أبي كبشة ؟ أين ابن أبي قحافة ؟ أين ابن الخطاب ؟ فقال عمر : ألا أجيبه يا
رسول الله ؟ قل : بلى
فلما قال : أعل هبل
قال عمر : الله أعلى وأجل
فعاد فقال : أين ابن أبي كبشة ؟ أين ابن أبي قحافة ؟ فقال عمر : هذا رسول الله
وهذا أبو بكر وها أنا عمر
فقال : يوم بيوم بدر الأيام دول والحرب سجال فقال عمر : لا سواء
قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار قال : إنكم لتزعمون ذلك لقد خبنا إذن وخسرنا
ثم أدركته حمية الجاهلية فقال : أما إنه كان ذلك ولم نكرهه "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن المنذر عن ابن مسعود قال " إن النساء كن يوم
أحد خلف المسلمين يجهزن على جرحى المشركين فلو حلفت يومئذ رجوت أن أبر أنه ليس أحد
منا يريد الدنيا حتى أنزل الله منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة فلما
خالف أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم وعصوا ما أمروا به أفرد رسول الله صلى الله
عليه و سلم في تسعة
سبعة من الأنصار ورجلين من قريش
وهو عاشر فلما رهقوه قال : رحم الله رجلا ردهم عنا فقام رجل من الأنصار فقاتل ساعة
حتى قتل فلما رهقوه أيضا قال : رحم الله رجلا ردهم عنا فلم يزل يقول ذا حتى قتل
السبعة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لصاحبيه : ما أنصفنا أصحابنا
فجاء أبوسفيان فقال : أعل هبل فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : قولوا الله
أعلى وأجل
فقالوا : الله أعلى وأجل
فقال أبو سفيان : لنا العزى ولا عزى لكم
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : قولوا اللهم مولانا والكافرون لا مولى لهم
ثم قال أبو سفيان : يوم بيوم بدر يوم لنا ويوم علينا ويوم نساء ويوم نسر حنظلة
بحنظلة وفلان بفلان
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا سواء
أما قتلانا فأحياء يرزقون وقتلاكم في النار يعذبون
قال أبو سفيان : قد كان في القوم مثلة وإن كانت على غير توجيه منا ما
(2/345)
أمرت
ولا نهيت ولا أحببت ولا كرهت ولا ساءني ولا سرني
قال : فنظروا فإذا حمزة قد بقر بطنه وأخذت هند كبده فلاكتها فلم تستطع أن تأكلها
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أكلت شيئا ؟ قالوا : لا
قال : ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة النار
فوضع رسول الله صلى الله عليه و سلم حمزة فصلى عليه وجيء برجل من الأنصار فوضع إلى
جنبه فصلى عليه فرفع الأنصاري وترك حمزة ثم جيء بآخر فوضعه إلى جنب حمزة فصلى عليه
ثم رفع وترك حمزة حتى صلى عليه يومئذ سبعون صلاة "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن
البراء بن عازب قال " جعل رسول الله صلى الله عليه و سلم على الرماة يوم أحد
- وكانوا خمسين رجلا - عبد الله بن جبير ووضعهم موضعا وقال : إن رأيتمونا تخطفنا
الطير فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم فهزموهم قال : فأنا - والله - رأيت النساء يشتددن
على الجبل وقد بدت أسوقهن وخلاخلهن رافعات ثيابهن
فقال أصحاب عبد الله : الغنيمة أي قوم الغنيمة
ظهر أصحابكم فما تنتظرون ؟ قال عبد الله بن جبير : أفنسيتم ما قال لكم رسول الله
صلى الله عليه و سلم ؟ فقالوا : إنا والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة
فلما أتوهم صرفت وجوههم فأقبلوا منهزمين فذلك الذي يدعوهم الرسول في أخراهم فلم
يبق مع رسول الله صلى الله عليه و سلم غير اثني عشر رجلا
فأصابوا منا سبعين وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه أصاب من المشركين
يوم بدر أربعين ومائة
سبعين أسيرا وسبعين قتيلا
قال ابو سفيان : أفي القوم محمد ثلاثا ؟ فنهاهم رسول الله صلى الله عليه و سلم أن
يجيبوه ثم قال : أفي القوم ابن أبي قحافة مرتين ؟ أفي القوم ابن الخطاب مرتين ؟ ثم
أقبل على أصحابه فقال : أما هؤلاء فقد قتلوا وقد كفيتموهم
فما ملك عمر نفسه أن قال : كذبت - والله - يا عدو الله إن الذين عددت أحياء كلهم
وقد بقي لك ما يسوءك
قال : يوم بيوم بدر والحرب سجال إنكم ستجدون في القوم مثلة لم آمر بها ولم تسؤني
ثم أخذ يرتجز : أعل هبل فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ألا تجيبونه ؟ قالوا
: يا رسول الله ما نقول ؟ قال قولوا : الله أعلى وأجل
قال : إن لنا العزى ولا عزى لكم
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ألا تجيبونه ؟ قالوا : يا رسول الله وما نقول
؟ قال : قولوا : الله مولانا ولا مولى لكم "
(2/346)
وأخرج
البيهقي في الدلائل عن جابر قال " انهزم الناس عن رسول الله صلى الله عليه و
سلم يوم أحد وبقي معه أحد عشر رجلا من الأنصار وطلحة بن عبيد الله وهو يصعد في
الجبل فلحقهم المشركون فقال : ألا أحد لهؤلاء ؟ فقال طلحة : أنا يا رسول الله فقال
: كما أنت يا طلحة فقال رجل من الأنصار : فأنا يا رسول الله فقاتل عنه وصعد رسول
الله صلى الله عليه و سلم ومن بقي معه ثم قتل الأنصاري فلحقوه فقال : ألا رجل
لهؤلاء ؟ فقال طلحة مثل قوله فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم مثل قوله فقال
رجل من الأنصار : فأنا يا رسول الله وأصحابه يصعدون ثم قتل
فلحقوه فلم يزل يقول مثل قوله الأول ويقول طلحة أنا يا رسول الله فيحبسه فيستأذنه
رجل من الأنصار للقتال فيأذن له فيقاتل مثل من كان قبله حتى لم يبق معه إلا طلحة
فغشوهما فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من لهؤلاء ؟ فقال طلحة : أنا
فقاتل مثل قتال جميع من كان قبله وأصيبت أنامله فقال : حس
فقال : لو قلت بسم الله أو ذكرت اسم الله لرفعتك الملائكة والناس ينظرون إليك في
جو السماء ثم صعد رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أصحابه وهم مجتمعون "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عبد الرحمن بن عوف في قوله إذ تحسونهم بإذنه قال :
الحس القتل
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس
مثله
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس إذ تحسونهم قال : تقتلونهم
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله إذ تحسونهم
قال : تقتلونهم قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر : ومنا الذي لاقى بسيف محمد فحس به الأعداء عرض العساكر وأخرج
الطبراني عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قول الله إذ تحسونهم
بإذنه قال : تقتلونهم قال : وهل كانت العرب تعرف ذلك قبل أن ينزل الكتاب على محمد
صلى الله عليه و سلم ؟ قال : نعم
أما سمعت قول عتبة الليثي : نحسهم بالبيض حتى كأننا نفلق منهم بالجماجم حنظلا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس حتى إذا فشلتم قال : الفشل الجبن
(2/347)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع حتى إذا فشلتم يقول : جبنتم عن عدوكم وتنازعتم
في الأمر يقول : اختلفتم وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون وذلك يوم أحد قال لهم :
إنكم ستظهرون فلا أعرفن ما أصبتم من غنائمهم شيئا حتى تفرغوا
فتركوا أمر النبي صلى الله عليه و سلم وعصوا ووقعوا في الغنائم ونسوا عهده الذي
عهده إليهم وخالفوا إلى غير ما أمرهم به فنصر عليهم عدوهم من بعد ما أراهم فيهم ما
يحبون
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى في قوله حتى إذا
فشلتم قال : كان وضع خمسين رجلا من أصحابه عليهم عبيد الله بن خوات فجعلهم بإزاء
خالد بن الوليد على خيل المشركين فلما هزم رسول الله صلى الله عليه و سلم الناس
قال نصف أولئك : نذهب حتى نلحق بالناس ولا تفوتنا الغنائم وقال بعضهم : قد عهد
إلينا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن لا نريم حتى يحدث إلينا
فلما رأى خالد بن الوليد رقتهم حمل عليهم فقاتلوا خالدا حتى ماتوا ربضة فأنزل الله
فيهم ولقد صدقكم الله وعده إلى قوله وعصيتم فجعل أولئك الذين انصرفوا عصاة
وأخرج ابن المنذر عن البراء بن عازب من بعد ما أراكم ما تحبون الغنائم وهزيمة
القوم
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد من بعد ما أراكم ما تحبون قال : نصر
الله المؤمنين على المشركين حتى ركب نساء المشركين على كل صعب وذلول ثم أديل عليهم
المشركون بعصيتهم للنبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : أن نبي الله صلى الله عليه و سلم أمر يوم أحد
طائفة من المسلمين فقال : كونوا مسلحة للناس بمنزلة أمرهم أن يثبتوا بها وأمرهم أن
لا يبرحوا مكانهم حتى يأذن لهم
فلما لقي نبي الله صلى الله عليه و سلم يوم أحد أبا سفيان ومن معه من المشركين
هزمهم نبي الله صلى الله عليه و سلم فلما رأى المسلحة أن الله هزم المشركين انطلق
بعضهم يتنادون الغنيمة الغنيمة
لا تفتكم وثبت بعضهم مكانهم وقالوا لا نريم موضعنا حتى يأذن لنا نبي الله صلى الله
عليه و سلم
ففي ذلك نزل منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة فكان ابن مسعود يقول : ما
شعرت أن أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم كان يريد الدنيا وعرضها حتى كان
يوم أحد
(2/348)
وأخرج
ابن جرير من طريق ابن جريج عن ابن عباس قال : لما هزم الله المشركين يوم أحد قال
الرماة : أدركوا الناس ونبي الله صلى الله عليه و سلم لا يسبقونا إلى الغنائم
فتكون لهم دونكم
وقال بعضهم : لا نريم حتى يأذن لنا النبي صلى الله عليه و سلم فنزلت منكم من يريد
الدنيا ومنكم من يريد الآخرة قال ابن جريج : قال ابن مسعود : ما علمنا أن أحدا من
أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم كان يريد الدنيا وعرضها حتى كان يومئذ
وأخرج أحمد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والبيهقي
بسند صحيح عن ابن مسعود قال : ما كنت أرى أن أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه و سلم يريد الدنيا حتى نزلت فينا يوم أحد منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد
الآخرة
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله ثم صرفكم عنهم قال : صرف القوم عنهم فقتل من
المسلمين بعدة من أسروا يوم بدر وقتل عم رسول الله صلى الله عليه و سلم وكسرت
رباعيته وشج في وجهه فقالوا : أليس كان رسول الله صلى الله عليه و سلم وعدنا النصر
؟ فأنزل الله ولقد صدقكم الله وعده إلى قوله ولقد عفا عنكم
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله ولقد عفا عنكم قال : يقول الله : قد عفوت عنكم إذ
عصيتموني أن لا أكون استأصلتكم ثم يقول الحسن : هؤلاء مع رسول الله صلى الله عليه
و سلم وفي سبيل الله غضاب لله يقاتلون أعداء الله نهوا عن شيء فضيعوه فوالله ما
تركوا حتى غموا بهذا الغم قتل منهم سبعون وقتل عم رسول الله صلى الله عليه و سلم
وكسرت رباعيته وشج في وجهه فأفسق الفاسقين اليوم يتجرأ على كل كبيرة ويركب كل
داهية ويسحب عليها ثيابه ويزعم أن لا بأس عليه فسوف يعلم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله ولقد عفا عنكم قال : إذ لم
يستأصلكم
وأخرج البخاري عن عثمان بن موهب قال : جاء رجل إلى ابن عمر فقال : إني سائلك عن
شيء فحدثني أنشدك بحرمة هذا البيت
أتعلم أن عثمان بن عفان فر يوم أحد ؟ قال : نعم
قال : فتعلمه تغيب عن بدر فلم يشهدها ؟ قال : نعم
قال : فتعلم أنه تخلف عن بيعة الرضوان فلم يشهدها ؟ قال : نعم
فكبر فقال ابن عمر :
(2/349)
تعال
لأخبرك ولأبين لك عما سألتني عنه
أما فراره يوم أحد فاشهد أن الله عفا عنه
وأما تغيبه عن بدر فإنه كان تحته بنت النبي صلى الله عليه و سلم وكانت مريضة فقال
له رسول الله صلى الله عليه و سلم " إن لك أجر رجل وسهمه "
وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه فبعث
عثمان فكانت بيعة الرضوان بعدما ذهب عثمان إلى مكة فقال النبي صلى الله عليه و سلم
بيده اليمنى فضرب بها على يده فقال " هذه يد عثمان اذهب بها الآن معك "
الآية 153
أخرج ابن جرير عن الحسن البصري أنه قرأ تصعدون بفتح التاء والعين
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ تصعدون برفع التاء وكسر العين
وأخرج ابن جرير عن هرون قال : في قراءة ابي كعب " إذ تصعدون في الوادي "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس إذ تصعدون قال : صعدوا
في أحد فرارا يدعوهم في أخراهم : " إلي عباد الله ارجعوا إلي عباد الله
ارجعوا "
وأخرج ابن المنذر عن عطية العوفي قال : لما كان يوم أحد وانهزم الناس صعدوا الجبل
والرسول يدعوهم في أخراهم فقال الله إذ تصعدون ولا تلوون على أحد والرسول يدعوكم
في أخراكم
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه سئل عن قوله إذ تصعدون
الآية
قال : فروا منهزمين في شعب شديد لا يلوون على أحد والرسول يدعوهم في أخراهم :
" إلي عباد الله إلي عباد الله
ولا يلوي عليه أحد "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله إذ تصعدون الآية
قال : ذاكم يوم أحد صعدوا في الوادي فرارا ونبي الله صلى الله عليه و سلم يدعوهم
في أخراهم : " إلي عباد الله إلي عباد الله "
(2/350)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس إذ تصعدون ولا تلوون على أحد
والرسول يدعوكم في أخراكم فرجعوا وقالوا : والله لنأتينهم ثم لنقتلهم
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " مهلا فإنما أصابكم الذي أصابكم من
أجل أنكم عصيتموني " فبينما هم كذلك إذ أتاهم القوم وقد أيسوا وقد اخترطوا
سيوفهم فأثابكم غما بغم فكان غم الهزيمة وغمهم حين أتوهم لكيلا تحزنوا على ما
فاتكم من الغنيمة وما أصابكم من القتل والجراحة
وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن عوف فأثابكم غما بغم قال : الغم الأول بسبب
الهزيمة والثاني حين قيل قتل محمد
وكان ذلك عندهم أعظم من الهزيمة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله فأثابكم
غما بغم قال : فرة بعد الفرة الأولى حين سمعوا الصوت أن محمدا قد قتل فرجع الكفار
فضربوهم مدبرين حتى قتلوا منهم سبعين رجلا ثم انحازوا إلى النبي صلى الله عليه و
سلم فجعلوا يصعدون في الجبل والرسول يدعوهم في أخراهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة فأثابكم غما بغم قال : الغم
الأول الجراح والقتل والغم الآخر حين سمعوا أن النبي صلى الله عليه و سلم قد قتل
فأنساهم الغم الآخر ما أصابهم من الجراح والقتل وما كانوا يرجون من الغنيمة
وذلك قوله لكيلا تحزنوا على ما فاتكم ولا ما أصابكم
وأخرج ابن جرير عن الربيع
مثله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : انطلق النبي صلى الله عليه و سلم
يومئذ يدعو الناس حتى انتهى إلى أصحاب الصخرة فلما رأوه وضع رجل سهما في قوسه
فأراد أن يرميه فقال : أنا رسول الله
ففرحوا بذلك حين وجدوا رسول الله صلى الله عليه و سلم حيا وفرح رسول الله صلى الله
عليه و سلم حين رأى أن في أصحابه من يمتنع
فلما اجتمعوا وفيهم رسول الله صلى الله عليه و سلم حين ذهب عنهم الحزن فأقبلوا
يذكرون الفتح وما فاتهم منه ويذكرون أصحابهم الذين قتلوا فأقبل أبو سفيان حتى أشرف
عليهم فلما نظروا إليه نسوا ذلك الذي كانوا عليه وهمهم أبو سفيان فقال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " ليس لهم أن يعلونا اللهم إن تقتل هذه العصابة لا تعبد
ثم ندب أصحابه فرموهم بالحجارة حتى أنزلوهم " فذلك قوله فأثابكم غما بغم الغم
الأول ما فاتهم من الغنيمة
(2/351)
والفتح
والغم الثاني إشراف العدو عليهم لكيلا تحزنوا على ما فاتكم من الغنيمة ولا ما
أصابكم من القتل حين تذكرون فشغلهم أبو سفيان
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : أصاب الناس حزن وغم على ما أصابهم في أصحابهم الذين
قتلوا فلما تولجوا في الشعب وقف أبو سفيان وأصحابه بباب الشعب فظن المؤمنون أنهم
سوف يميلون عليهم فيقتلونهم أيضا فأصابهم حزن من ذلك أنساهم حزنهم في أصحابهم
فذلك قوله سبحانه فأثابكم غما بغم
الآية 154
أخرج ابن جرير عن السدي
أن المشركين انصرفوا يوم أحد بعد الذي كان من أمرهم وأمر المسلمين فواعدوا النبي
صلى الله عليه و سلم بدرا من قابل فقال لهم : نعم
فتخوف المسلمون أن ينزلوا المدينة فبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم رجلا فقال :
انظر فإن رأيتهم قد قعدوا على أثقالهم وجنبوا خيولهم فإن القوم ذاهبون
وإن رأيتهم قد قعدوا على خيولهم وجنبوا على أثقالهم فإن القوم ينزلون المدينة
فاتقوا الله واصبروا ووطنهم على القتال
فلما أبصرهم الرسول قعدوا على الأثقال سراعا عجالا نادى بأعلى صوته بذهابهم فلما
رأى المؤمنون ذلك صدقوا نبي الله صلى الله عليه و سلم فناموا وبقي أناس من
المنافقين يظنون أن القوم يأتونهم فقال الله يذكر حين أخبرهم النبي صلى الله عليه
و سلم ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم وطائفة قد أهمتهم
أنفسهم
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : أمنهم الله يومئذ بنعاس غشاهم وإنما
ينعس من يأمن
(2/352)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في الدلائل عن المسور بن
مخرمة قال : سألت عبد الرحمن بن عوف عن قول الله ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة
نعاسا قال : ألقي علينا النوم يوم أحد
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه وأبو نعيم
والبيهقي كلاهما في الدلائل عن أنس أن أبا طلحة قال : غشينا ونحن في مصافنا يوم
أحد حدث أنه كان ممن غشيه النعاس يومئذ قال : فجعل سيفي يسقط من يدي وآخذه ويسقط
وآخذه
فذلك قوله ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا يغشى طائفة منكم والطائفة الآخرى
المنافقون ليس لهم هم إلا أنفسهم أجبن قوم وأرعبه
وأخذله للحق يظنون بالله غير الحق ظن الجاهلية كذبهم إنما هم أهل شك وريبة في الله
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وصححه والحاكم وصححه وابن
مردويه وابن جرير والطبراني وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن الزبير ابن
العوام قال : رفعت رأسي يوم أحد فجعلت أنظر وما منهم من أحد إلا وهو مميد تحت
حجفته ؟ من النعاس
فذلك قوله ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا وتلا هذه الآية ثم أنزل عليكم من
بعد الغم أمنة نعاسا
وأخرج الترمذي وصححه وابن جرير وأبو الشيخ والبيهقي في الدلائل عن الزبير ابن
العوام قال : رفعت رأسي يوم أحد فجعلت أنظر وما منهم أحد إلا وهو مميد تحت حجفته
من النعاس
وتلا هذه الآية ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا
الآية
وأخرج ابن إسحق وابن راهويه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والبيهقي في الدلائل عن الزبير قال : لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه و سلم
حين اشتد الخوف علينا أرسل الله علينا النوم فما منا من رجل إلا ذقنه في صدره
فوالله إني لأسمع قول معتب بن قشير ما أسمعه إلا كالحلم لو كان لنا من الأمر شيء
ما قتلنا
(2/353)
ههنا
فحفظتها منه وفي ذلك أنزل الله ثم أنزل عليكم من بعد الغم أمنة نعاسا إلى قوله ما
قتلنا ههنا لقول معتب بن قشير
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم أنه قرأ في آل عمران أمنة نعاسا تغشى بالتاء
وأخرح عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود
قال " النعاس " عند القتال أمنة من الله والنعاس في الصلاة من الشيطان
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : إن المنافقين قالوا لعبد الله بن
أبي - وكان سيد المنافقين - في أنفسهم قتل اليوم بنو الخزرج
فقال : وهل لنا من الأمر شيء ؟ أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها
الأذل المنافقون الآية 8 وقال لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل
وأخرج ابن جرير عن قتادة والربيع في قوله ظن الجاهلية قالا : ظن أهل الشرك
وأخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال معتب : الذي قال يوم أحد لو كان لنا
من الأمر شيء ما قتلنا ههنا فأنزل الله في ذلك من قوله وطائفة قد أهمتهم أنفسهم
يظنون بالله إلى آخر القصة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في قوله يخفون في أنفسهم ما لا يبدون لك كان مما
أخفوا في أنفسهم أن قالوا لو كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه سئل عن هذه الآية فقال : لما قتل من قتل من أصحاب
محمد أتو عبد الله بن أبي فقالوا له : ما ترى ؟ فقال : إنا - والله - ما نؤامر لو
كان لنا من الأمر شيء ما قتلنا ههنا
وأخرج ابن جرير عن الحسن أنه سئل عن قوله قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب
عليهم القتل إلى مضاجعهم قال : كتب الله على المؤمنين أن يقاتلوا في سبيله وليس كل
من يقاتل يقتل ولكن يقتل من كتب الله عليه القتل
الآية 155
(2/354)
ابن
جرير عن كليب قال : خطب عمر يوم الجمعة فقرأ آل عمران وكان يعجبه إذا خطب أن
يقرأها فلما انتهى إلى قوله إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان قال : لما كان
يوم أحد هزمنا ففررت حتى صعدت الجبل فلقد رأيتني أنزو كأنني أروى أروى : ضأن الجبل
ضد الماعز والناس يقولون : قتل محمد فقلت : لا أجد أحد يقول قتل محمد إلا قتلته
حتى اجتمعنا على الجبل
فنزلت إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان
الآية
كلها
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن عوف إن الذين تولوا منكم يوم
التقى الجمعان قال : هم ثلاثة
واحد من المهاجرين واثنان من الأنصار
وأخرح ابن منده في معرفة الصحابة عن ابن عباس في قوله إن الذين تولوا منكم يوم
التقى الجمعان
الآية
نزلت في عثمان ورافع بن المعلى وحارثة بن زيد
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان قال :
نزلت في رافع بن المعلى وغيره من الأنصار وأبي حذيفة بن عتبة ورجل آخر
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة إن الذين تولوا منكم يوم التقىالجمعان قال
: عثمان والوليد بن عقبة وخارجة بن زيد ورفاعة بن معلى
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : كان الذين ولوا الدبر يومئذ : عثمان بن عفان
وسعد بن عثمان وعقبة بن عثمان أخوان من الأنصار من بني زريق
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن اسحق إن الذين تولوا منكنم يوم التقى الجمعان
فلان وسعد بن عثمان وعقبة بن عثمان الأنصاريان ثم الزرقيان
وقد كان الناس انهزموا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى انتهى بعضهم إلى
المنقى دون الأغوص وفر عقبة بن عفان وسعد بن عثمان حتى بلغوا الجلعب - جبل
(2/355)
بناحية
المدينة مما يلي الأغوص - فأقاموا به ثلاثا ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه
و سلم فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " لقد ذهبتم فيها عريضة
"
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة إن الذين تولوا منكم يوم التقىالجمعان ذلك
يوم أحد ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم تولوا عن القتال وعن نبي الله
يومئذ وكان ذلك من أمر الشيطان وتخويفه فأنزل الله ما تسمعون أنه قد تجاوز لهم عن
ذلك وعفا عنهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير إن الذين تولوا منكم يعني انصرفوا عن القتال
منهزمين يوم التقى الجمعان يوم أحد حين التقى الجمعان : جمع المسلمين وجمع
المشركين فانهزم المسلمون عن النبي صلى الله عليه و سلم وبقي في ثمانية عشر رجلا
إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا يعني حين تركوا المركز وعصوا أمر الرسول صلى
الله عليه و سلم حين قال للرماة يوم أحد " لا تبرحوا مكانكم فترك بعضهم
المركز " ولقد عفا الله عنهم حين لم يعاقبهم فيستأصلهم جميعا إن الله غفور
حليم فلم يجعل لمن انهزم يوم أحد بعد قتال بدر النار كما جعل يوم بدر
فهذه رخصة بعد التشديد
وأخرج أحمد وابن المنذر عن شقيق قال : لقي عبد الرحمن بن عوف الوليد بن عقبة فقال
له الوليد : ما لي أراك جفوت أمير المؤمنين عثمان ؟ فقال له عبد الرحمن : أخبره
أني لم أفر يوم عينين يقول يوم أحد ولم أتخلف عن بدر ولم أترك سنة عمر فانطلق فخبر
بذلك عثمان فقال : أما قوله إني لم أفر يوم عينين فكيف يعيرني بذلك وقد عفا الله
عني ؟ فقال إن الذين تولوا يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا
ولقد عفا الله عنهم
وأما قوله : إني تخلفت يوم بدر فإني كنت أمرض رقية بنت رسول الله صلى الله عليه و
سلم حتى ماتت وقد ضرب لي رسول الله صلى الله عليه و سلم بسهم ومن ضرب له رسول الله
صلى الله عليه و سلم بسهم فقد شهد
وأما قوله : إني لم أترك سنة عمر فإني لا أطيقها ولا هو فأتاه فحدثه بذلك
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن رجاء بن أبي سلمة قال : الحلم أرفع من
العقل لأن الله عز و جل تسمى به
(2/356)
الآيات
156 - 158
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله
وقالوا لإخوانهم إذا ضربوا في الأرض
الآية
قال : هذا قول عبد الله بن أبي بن سلول والمنافقين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله لا تكونوا كالذين كفروا وقالوا
لإخوانهم
الآية
قال : هؤلاء المنافقون أصحاب عبد الله بن أبي إذا ضربوا في الأرض وهي التجارة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله لو كانوا عندنا ما ماتوا وما قتلوا قال : هذا
قول الكفار إذا مات الرجل يقولون : لو كان عندنا ما مات فلا تقولوا كما قال الكفار
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ليجعل الله ذلك حسرة
في قلوبهم قال : يحزنهم قولهم لا ينفعهم شيئا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن إسحق ليجعل الله ذلك حسرة في
قلوبهم لقلة اليقين بربهم والله يحيي ويميت أي يعجل ما يشاء ويؤخر ما يشاء من
آجالهم بقدرته ولئن قتلتم في سبيل الله
الآية
أي إن الموت كائن لا بد منه فموت في سبيل الله أو قتل خير لو علموا واتقوا مما
يجمعون من الدنيا التي لها يتأخرون عن الجهاد تخوف الموت والقتل لما جمعوا من زهيد
الدنيا زهادة في الآخرة ولئن متم أو قتلتم لإلى الله تحشرون أي ذلك كائن إذ إلى
الله المرجع فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا تغتروا بها وليكن الجهاد وما رغبكم الله
فيه منه آثر عندكم منها
(2/357)
وأخرج
عبد بن حميد عن العمش أنه قرأ متم و إذا متنا
كل شيء في القرآن بكسر الميم
الآية 159
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله فبما رحمة
من الله يقول : فبرحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك أي
والله طهره من الفظاظة والغلظة وجعله قريبا رحيما رؤوفا بالمؤمنين
وذكر لنا أن نعت محمد صلى الله عليه و سلم في التوراة ليس بفظ ولا غليظ ولا صخوب
في الأسواق ولا يجزىء بالسيئة مثلها ولكن يعفو ويصفح
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه سئل عن هذه الآية فقال : هذا خلق محمد صلى الله
عليه و سلم نعته الله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله لانفضوا من حولك
قال : لانصرفوا عنك
وأخرج الحكيم الترمذي وابن عدي بسند فيه متروك عن عائشة قالت : " قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : إن الله أمرني بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض
"
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن الحسن في قوله
وشاورهم في الأمر قال : قد علم الله أنه ما به إليهم من حاجة ولكن أراد أن يستن به
من بعده
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وشاورهم في الأمر قال
: أمر الله نبيه أن يشاور أصحابه في الأمور وهو يأتيه وحي السماء لأنه أطيب لأنفس
القوم وإن القوم إذا شاور بعضهم بعضا وأرادوا بذلك وجه الله عزم لهم على رشده
(2/358)
وأخرج
ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك قال : ما أمر الله نبيه بالمشاورة
إلا لما علم ما فيها من الفضل والبركة
قال سفيان : وبلغني أنها نصف العقل
وكان عمربن الخطاب يشاور حتى المرأة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال : ما شاور
قوم قط إلا هدوا لأرشد أمورهم
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الشعب بسند حسن عن ابن عباس قال " لما نزلت
وشاورهم في الأمر قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أما إن الله ورسوله لغنيان عنها
ولكن جعلها الله رحمة لأمتي فمن استشار منهم لم يعدم رشدا ومن تركها لم يعدم غيا
"
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
ما خاب من استخار ولا ندم من استشار "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس وشاورهم في الأمر قال : أبو بكر
وعمر
وأخرج من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في أبي بكر
وعمر
وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن غنم " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
لأبي بكر وعمر : لو اجتمعتما في مشورة ما خالفتكما "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : ما رأيت أحدا من الناس أكثر مشورة لأصحابه
من رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج الطبراني بسند جيد عن ابن عمرو قال : كتب أبو بكر الصديق إلى عمرو : أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم كان يشاور في الحرب فعليك به
وأخرج الحاكم عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لم كنت
مستخلفا أحدا عن غير مشورة لاستخلفت ابن أم عبد "
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في الأدب وابن المنذر بسند حسن عن ابن عباس أنه قرأ
" و شاورهم في بعض الأمر "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله فإذا عزمت فتوكل على الله قال : أمر
الله نبيه صلى الله عليه و سلم إذا عزم على أمر أن يمضي فيه ويستقيم على أمر الله
ويتوكل على الله
(2/359)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن جابر بن زيد وأبي نهيك أنهما قرآ " فإذا عزمت يا محمد على
أمر فتوكل على الله "
وأخرج ابن مردويه عن علي قال " سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن العزم
فقال : مشاورة أهل الرأي ثم أتباعهم "
وأخرج الحاكم عن الحباب بن المنذر قال " أشرت على رسول الله صلى الله عليه و
سلم يوم بدر بخصلتين فقبلهما مني
خرجت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فعسكر خلف الماء فقلت يا رسول الله أبوحي
فعلت أو برأي ؟ قال : برأي يا حباب
قلت : فإن الرأي أن تجعل الماء خلفك فإن لجأت لجأت إليه فقبل ذلك مني
قال : ونزل جبريل على النبي صلى الله عليه و سلم فقال : أي الأمرين أحب إليك تكون
في دنياك مع أصحابك أو ترد على ربك فيما وعدك من جنات النعيم ؟ فاستشار أصحابه
فقالوا : يا رسول الله تكون معنا أحب إلينا وتخبرنا بعورات عدونا وتدعو الله
لينصرنا عليهم وتخبرنا من خبر السماء فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما لك
لا تتكلم يا حباب ! فقلت : يا رسول الله اختر حيث اختار لك ربك
فقبل ذلك مني " قال الذهبي : حديث منكر
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نزل منزلا يوم بدر
فقال الحباب بن المنذر : ليس هذا بمنزل انطلق بنا إلى أدنى ماء إلى القوم ثم نبني
عليه حوضا ونقذف فيه الآنية فنشرب ونقاتل ونغور ما سواها من القلب
فنزل جبريل على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : الرأي ما أشار به الحباب بن
المنذر
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " يا حباب أشرت بالرأي " فنهض رسول
الله صلى الله عليه و سلم ففعل ذلك
وأخرج ابن سعد بن يحيى بن سعيد أن النبي صلى الله عليه و سلم استشار الناس يوم بدر
فقام الحباب بن المنذر فقال : نحن أهل الحرب أرى أن تغور المياه إلا ماء واحدا
نلقاهم عليه
قال : واستشارهم يوم قريظة والنضير فقام الحباب بن المنذر فقال : أرى أن ننزل بين
القصور فنقطع خبر هؤلاء عن هؤلاء وخبر هؤلاء عن هؤلاء فأخذ رسول الله صلى الله
عليه و سلم بقوله
الآية 160
(2/360)
أخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن إسحق في الآية قال : أي إن ينصرك الله
فلا غالب لك من الناس لن يضرك خذلان من خذلك وإن يخذلك فلن يضرك الناس فمن ذا الذي
ينصركم من بعده أي لا تترك أمري للناس وارفض الناس لأمري وعلى الله لا على الناس
فليتوكل المؤمنون
الآيات 161 - 163
أخرج أبو داود وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق مقسم
عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية وما كان لنبي أن يغل في قطيفة حمراء افتقدت يوم
بدر فقال بعض الناس : لعل رسول الله صلى الله عليه و سلم أخذها
فأنزل الله وما لنبي أن يغل
وأخرج ابن جرير عن الأعمش قال : كان ابن مسعود يقرأ ما كان لنبي أن يغل فقال ابن
عباس : بلى
ويقتل إنما كانت في قطيفة قالوا : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم غلها يوم بدر
فأنزل الله وما كان لنبي أن يغل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير قال : نزلت هذه الآية وما كان لنبي
أن يغل في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر من الغنيمة
وأخرج الطبراني بسند جيد عن ابن عباس قال " بعث النبي صلى الله عليه و سلم
جيشا فردت رايته ثم بعث فردت بغلول رأس غزالة من ذهب
فنزلت وما كان لنبي أن يغل "
وأخرج البزار وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس وما كان لنبي أن يغل قال : ما
كان للنبي أن يتهمه أصحابه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن ابن عباس قال : فقدت قطيفة
حمراء يوم بدر مما أصيب من المشركين فقال بعض الناس : لعل النبي
(2/361)
صلى
الله عليه و سلم أخذها
فأنزل الله وما كان لنبي أن يغل قال : خصيف فقلت لسعيد بن جبير ما كان لنبي أن يغل
يقول : ليخان قال : بل يغل فقد كان النبي صلى الله عليه و سلم والله يغل ويقتل
أيضا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس أنه كان يقرأ وما كان لنبي أن يغل بنصب
الياء ورفع الغين
وأخرج عبد بن حميد عن أبي عبد الرحمن السلمي وأبي رجاء ومجاهد وعكرمة
مثله
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ وما
كان لنبي أن يغل بفتح الياء "
وأخرج ابن منيع في مسنده عن أبي عبد الرحمن قال : قلت لابن عباس إن ابن مسعود يقرأ
وما كان لنبي أن يغل يعني بفتح الغين فقال لي : قد كان له أن يغل وأن يقتل إنما هي
أن يغل يعني بضم الغين
ما كان الله ليجعل نبيا غالا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس وما كان لنبي أن يغل قال : أن يقسم
لطائفة من المسلمين ويترك طائفة ويجور في القسمة ولكن يقسم بالعدل ويأخذ فيه بأمر
الله ويحكم فيه بما أنزل الله يقول : ما كان الله ليجعل نبيا يغل من أصحابه فإذا
فعل ذلك النبي صلى الله عليه و سلم استسنوا به
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير من طريق سلمة بن نبيط عن الضحاك قال " بعث
النبي صلى الله عليه و سلم طلائع فغنم رسول الله صلى الله عليه و سلم فقسم بين
الناس ولم يقسم للطلائع شيئا فلما قدمت الطلائع فقالوا : قسم الفيء ولم يقسم لنا ؟
فأنزل الله وما كان لنبي أن يغل "
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس وما كان لنبي أن يغل قال : أن يقسم لطائفة ولا يقسم
لطائفة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد وما كان لنبي أن يغل قال أن
يخون
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن أنه قرأ وما كان
لنبي أن يغل بنصب الغين قال : أن يخان
(2/362)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة والربيع وما كان لنبي أن يغل يقول : ما كان لنبي
أن يغله أصحابه الذين معه
وذكر لنا أن هذه الآية نزلت على النبي صلى الله عليه و سلم يوم بدر وقد غل طوائف
من أصحابه
وأخرج الطبراني والخطيب في تاريخه عن مجاهد قال : كان ابن عباس ينكر على من يقرأ
وما كان لنبي أن يغل ويقول : كيف لا يكون له أن يغل وقد كان له أن يقتل ؟ قال الله
و يقتلون الأنبياء بغير حق البقرة الآية 61 ولكن المنافقين اتهموا النبي صلى الله
عليه و سلم في شيء من الغنيمة فأنزل الله وما كان لنبي أن يغل
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن زيد بن خالد الجهني أن
رجلا توفي يوم حنين فذكروا لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : صلوا عليه
فتغيرت وجوه الناس لذلك فقال : إن صاحبكم غل في سبيل الله ففتشنا متاعه فوجدنا
خرزا من خرز اليهود لا يساوي درهمين
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمر قال " كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم إذا أصاب غنيمة أمر بلالا فنادى في النار ؟ فيجيئون بغنائمهم فيخمسه ويقسمه
فجاء رجل بعد ذلك بزمام شعر فقال : يا رسول الله هذا فيما كنا أصبناه من الغنيمة
فقال : أسمعت بلالا ثلاثا ؟ قال : نعم
قال : فا منعك أن تجيء به ؟ قال : يا رسول الله أعتذر
قال : كن أنت تجيء به يوم القيامة فلن أقبله عنك "
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن صالح بن محمد بن زائدة قال : دخل مسلمة أرض
الروم فأتي برجل قد غل فسأل سالما عنه فقال : سمعت أبي يحدث عن عمر عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال " إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه
قال : فوجدنا في متاعه مصحفا فسئل سالم عنه فقال : بعه وتصدق بثمنه "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عبد الله بن شقيق قال " أخبرني من سمع رسول
الله صلى الله عليه و سلم وهو بوادي القرى وجاءه رجل فقال : استشهد مولاك فلان
قال : بل هو الآن يجر إلى النار في عباءة غل بها الله ورسوله "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال " كان على ثقل النبي صلى الله عليه و سلم
رجل يقال له كركرة فمات فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هو في النار
فذهبوا ينظرون فوجدوا عليه عباءة قد غلها "
(2/363)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن أنس بن مالك قال " قيل يا رسول الله استشهد مولاك فلان قال :
كلا
إني رأيت عليه عباءة قد غلها "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال " أهدى رفاعة إلى رسول الله صلى الله
عليه و سلم غلاما فخرج به معه إلى خيبر فنزل بين العصر والمغرب فأتى الغلام سهم
غائر فقتله
فقلنا هنيئا لك الجنة فقال : والذي نفسي بيده إن شملته لتحرق عليه الآن في النار
غلها من المسلمين
فقال رجل من الأنصار : يا رسول الله أصبت يومئذ شراكين فقال : يقدمنك مثلهما من
نار جهنم "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن سالم قال : كان أصحابنا يقولون : عقوبة صاحب الغلول
أن يحرق فسطاطه ومتاعه
وأخرج الطبراني عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال " لا إسلال ولا غلول ومن يغلل يأت بما غل
يوم القيامة "
وأخرج الترمذي وحسنه عن معاذ بن جبل قال " بعثني رسول الله صلى الله عليه و
سلم إلى اليمن فلما سرت أرسل في أثري فرددت فقال : أتدري لم بعثت إليك ؟ لا تصيبن
شيئا بغير إذني فإنه غلول ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة لهذا دعوتك فامض لذلك
"
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال " ذكر لنا أن
رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا غنم مغنما بعث مناديه يقول : ألا لا يغلن
رجل مخيطا فما فوقه ألا لا أعرفن رجلا يغل بعيرا يأتي به يوم القيامة حامله على
عنقه له رغاء ألا لا أعرفن رجلا يغل فرسا يأتي به يوم القيامة حامله على عنقه له
حمحمة ألا لا أعرفن رجلا يغل شاة يأتي بها يوم القيامة حاملها على عنقه لها ثغاء
يتتبع من ذلك ما شاء الله أن يتتبع
ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم كان يقول : اجتنبوا الغلول فإنه عار
وشنار ونار "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وابن جرير والبيهقي في الشعب عن أبي
هريرة قال " قام فينا رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما فذكر الغلول فعظمه
وعظم أمره ثم قال : ألا لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء
يقول : يا رسول الله أغثني فأقول : لا أملك لك
(2/364)
من
الله شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس لها حمحمة
فيقول : يا رسول الله أغثني فأقول : لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك لا ألفين
أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق فيقول : يا رسول الله أغثني فأقول :
لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك
لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول : يا رسول الله أغثني فأقول
: لا أملك لك من الله شيئا قد أبلغتك "
وأخرج هناد وابن أبي حاتم عن أبي هريرة أن رجلا قال له : أرأيت قول الله ومن يغلل
يأت بما غل يوم القيامة هذا يغل ألف درهم وألفي درهم يأتي بها أرأيت من يغل مائة
بعير ومائتي بعير كيف يصنع بها ؟ قال : أرأيت من كان ضرسه مثل أحد وفخذه مثل ورقان
وساقه مثل بيضاء ومجلسه ما بين الربذة إلى المدينة ألا يحمل هذا
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن بريدة قال " قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : إن الحجر ليزن سبع خلفات ليلقى في جهنم فيهوي فيها
سبعين خريفا ويؤتى بالغلول فيلقى معه ثم يكلف صاحبه أن يأتي به وهو قول الله ومن
يغلل يأت بما غل يوم القيامة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبو داود عن عدي بن عميرة الكندي قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " يا أيها الناس من عمل منكم لنا في عمل فكتمنا
منه مخيطا فما فوقه فهو غل - وفي لفظ - فإنه غلول يأتي به يوم القيامة "
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن أنيس
أنه تذاكر هو وعمر يوما الصدقة فقال : ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه و سلم حين
ذكر غلول الصدقة من غل منها بعيرا أو شاة فانه يحمله يوم القيامة ؟ قال عبد الله
بن أنيس : بلى
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة يعني
يأت بما غل يوم القيامة يحمله على عنقه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمرو قال : لو كنت مستحلا من الغلول القليل لاستحللت
منه الكثير ما من أحد يغل غلولا إلا كلف أن يأتي به من أسفل درك جهنم
وأخرج أحمد وابن أبي داود في المصاحف عن خمير بن مالك قال : لما أمر بالمصاحف أن
تغير فقال ابن مسعود : من استطاع منكم أن يغل مصحفه فليغله فإنه من غل شيئا جاء به
يوم القيامة ونعم الغل المصحف يأتي به أحدكم يوم القيامة
(2/365)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله أفمن اتبع رضوان الله يعني رضا الله فلم
يغلل من الغنيمة كمن باء بسخط الله يعني كمن استجوب سخطا من الله في الغلول فليس
هو بسواء ثم بين مستقرهما فقال للذي يغل مأواه جهنم وبئس المصير يعني مصير أهل
الغلول ثم ذكر مستقر من لا يغل فقال هم درجات يعني فضائل عند الله والله بصير بما
يعملون يعني بصير بمن غل منكم ومن لم يغل
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله أفمن
اتبع رضوان الله قال : من لم يغل كمن باء بسخط من الله كمن غل
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج أفمن اتبع ضوان الله قال : أمر الله
في أداء الخمس كمن باء بسخط من الله فاستوجب سخطا من الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد أفمن اتبع رضوان الله قال : من أدى الخمس
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله أفمن اتبع رضوان الله يقول : من أخذ الحلال
خير له ممن أخذ الحرام وهذا في الغلول وفي المظالم كلها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس هم درجات عند الله يقول
: بأعمالهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله هم درجات عند الله قال
: هي كقوله لهم درجات عند الله الأنفال الآية 4
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله هم درجات يقول : لهم درجات
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه سئل عن قوله هم درجات قال : للناس درجات بأعمالهم
في الخير والشر
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك هم درجات عند الله قال : أهل الجنة بعضهم فوق بعض فيرى
الذي فاق فضله على الذي أسفل منه ولا يرى الذي أسفل منه أنه فضل عليه أحد
(2/366)
الآية
164
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة في هذه الآية لقد
من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم قالت : هذه للعرب خاصة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال :
من من الله عظيم من غير دعوة ولا رغبة من هذه الأمة جعله الله رحمة لهم يخرجهم من
الظلمات الىالنور ويهديهم إلى صراط مستقيم بعثه الله إلى قوم لا يعلمون فعلمهم
وإلى قوم لا أدب لهم فأدبهم
الآيات 165 - 168
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أولما أصابتكم مصيبة
الآية
يقول : انكم قد أصبتم من المشركين يوم بدر مثلي ما أصابوا منكم يوم أحد
(2/367)
وأخرج
ابن جرير عن عكرمة قال : قتل المسلمون من المشركين يوم بدر سبعين وأسروا سبعين
وقتل المشركون يوم أحد من المسلمين سبعين
فذلك قوله قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا ونحن مسلمون نقاتل غضبا لله وهؤلاء مشركون
قل هو من عند أنفسكم عقوبة لكم بمعصيتكم النبي صلى الله عليه و سلم حين قال ما قال
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : لما رأوا من قتل منهم يوم أحد قالوا :
من أين هذا ما كان للكفار أن يقتلوا منا ؟ فلما رأى الله ما قالوا من ذلك قال الله
: هم بالأسرى الذين أخذتم يوم بدر فردهم الله بذلك وعجل لهم عقوبة ذلك في الدنيا
ليسلموا منها في الآخرة
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه وابن جرير وابن مردويه عن علي قال " جاء
جبريل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا محمد إن الله قد كره ما صنع قومك
في أخذهم الأسارى وقد أمرك أن تخيرهم بين أمرين
إما أن يقدموا فتضرب أعناقهم وبين أن يأخذوا الفداء على أن يقتل منهم عدتهم فدعا
رسول الله صلى الله عليه و سلم الناس فذكر ذلك لهم فقالوا : يا رسول الله عشائرنا
وإخواننا نأخذ فداءهم فنقوى به على قتال عدونا ويستشهد منا بعدتهم فليس في ذلك ما
نكره
فقتل منهم يوم أحد سبعون رجلا عدة أسارى أهل بدر "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن وابن جريج قل هو من عند أنفسكم عقوبة لكم
بمعصيتكم النبي صلى الله عليه و سلم حين قال : لا تتبعوهم يوم أحد فاتبعوهم
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس قلتم أنى هذا ونحن مسلمون نقاتل
غضبا لله وهؤلاء مشركون
فقال قل هو من عند أنفسكم عقوبة بمعصيتكم النبي صلى الله عليه و سلم حين قال : لا
تتبعوهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم
مثليها قال : أصيبوا يوم أحد قتل منهم سبعون يومئذ وأصابوا مثليها يوم بدر قتلوا
من المشركين سبعين وأسروا سبعين قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم ذكر لنا "
أن نبي الله صلى الله عليه و سلم قال لأصحابه يوم أحد حين قدم أبو سفيان والمشركون
: أنا في جنة حصينة - يعني بذلك المدينة - فدعوا القوم يدخلوا علينا نقاتلهم فقال
له أناس من الأنصار : إنا نكره أن نقتل في طرق المدينة وقد كنا نمنع
(2/368)
من
الغزو في الجاهلية فبالإسلام أحق أن يمتنع منه فابرز بنا إلى القوم
فانطلق فلبس لأمته فتلاوم القوم فقالوا : عرض نبي الله صلى الله عليه و سلم بأمر
وعرضتم بغيره اذهب يا حمزة فقل له أمرنا لأمرك تبع
فأتى حمزة فقال له
فقال : إنه ليس لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يناجز وإنه ستكون فيكم مصيبة
قالوا : يا نبي الله خاصة أو عامة ؟ قال : سترونها "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن إسحق في قوله وليعلم الله المؤمنين وليعلم
الذين نافقوا فقال : ليميز بين المؤمنين والمنافقين وقيل لهم تعالوا قاتلوا يعني
عبد الله بن أبي وأصحابه
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله أو ادفعوا قال : كثروا بأنفسكم وإن لم
تقاتلوا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي حازم قال : سمعت سهل بن سعيد يقول : لو بعت
داري فلحقت بثغر من ثغور المسلمين فكنت بين المسلمين وبين عدوهم
فقلت : كيف وقد ذهب بصرك ؟ قال : ألم تسمع إلى قول الله تعالوا قاتلوا في سبيل
الله أو ادفعوا أسود مع الناس ففعل
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله أو ادفعوا قال : كونوا سوادا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عون الأنصاري في قوله أو ادفعوا قال : رابطوا
وأخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذرعن ابن شهاب وغيره قال " خرج رسول الله
صلى الله عليه و سلم إلى أحد في ألف رجل من أصحابه حتى إذا كانوا بالشرط بين أحد
والمدينة انخذل عنهم عبد الله بن أبي بثلث الناس وقال : أطاعهم وعصاني والله ما
ندري علام نقتل أنفسنا ههنا فرجع بمن اتبعه من أهل النفاق وأهل الريب واتبعهم عبد
الله بن عمرو بن حرام من بني سلمة يقول : يا قوم أذكركم الله أن تخذلوا نبيكم
وقومكم عندما حضرهم عدوهم
قالوا : لو نعلم أنكم تقاتلون ما أسلمناكم ولكن لا نرى أن يكون قتال "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله لو نعلم قتالا
لاتبعناكم قال : لو نعلم أنا واجدون معكم مكان قتال لاتبعناكم
(2/369)
وأخرج
ابن جرير عن عكرمة قالوا : لو نعلم فتالا لاتبعناكم قال : نزلت في عبد الله بن أبي
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم أحد في ألف
رجل وقد وعدهم الفتح إن صبروا فلما خرجوا رجع عبد الله بن أبي في ثلاثمائة فتبعهم
أبو جابر السلمي يدعوهم فلما غلبوه وقالوا له : ما نعلم قتالا ولئن أطعتنا لترجعن
معنا
فذكر الله
فهو قولهم : ولئن أطعتنا لترجعن الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا
الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله الذين قالوا لإخوانهم
الآية
قال : ذكر لنا أنها نزلت في عدو الله عبد الله بن أبي
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا قال : نزلت
في عدو الله عبد الله بن أبي
وأخرج ابن جرير عن جابر بن عبد الله في قوله الذين قالوا لإخوانهم قال : هو عبد
الله بن أبي
وأخرج عن السدي في الآية قال : هم عبد الله بن أبي وأصحابه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن جريج في الآية قال : هو عبد الله بن أبي
الذين قعدوا وقالوا لإخوانهم الذين خرجوا مع النبي صلى الله عليه و سلم يوم أحد
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن إسحق قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت أي أنه لا
بد من الموت فإن استطعتم أن تدفعوه عن أنفسكم فافعلوا وذلك أنهم إنما نافقوا
وتركوا الجهاد في سبيل الله حرصا علىالبقاء في الدنيا وفرارا من الموت
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب قال : إن الله أنزل على نبيه في القدرية الذين
قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : هم الكفار يقولون لإخوانهم لو كانوا
عندنا ما قتلوا يحسبون أن حضورهم للقتال هو يقدمهم إلى الأجل
(2/370)
الآيتان
169 - 170
أخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في حمزة وأصحابه ولا تحسبن
الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي الضحى في قوله ولا تحسبن
الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا قال : نزلت في قتلى أحد استشهد منهم سبعون رجلا :
أربعة من المهاجرين حمزة بن عبد المطلب من بني هاشم ومصعب بن عمير من بني عبد
الدار وعثمان بن شماس من بني مخزوم وعبد الله بن جحش من بني أسد
وسائرهم من الأنصار
وأخرج أحمد وهناد وعبد بن حميد وأبو داود وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه
والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله أرواحهم في أجواف طير خضر ترد أنهار الجنة وتأكل
من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش
فلما وجدوا طيب مأكلهم ومشربهم وحسن مقبلهم
قالوا : يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله لنا - وفي لفظ - قالوا : إنا أحياء في
الجنة نرزق لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب فقال الله : أنا أبلغهم
عنكم
فأنزل الله هؤلاء الآيات ولا تحسبن الذين قتلوا
الآية
وما بعدها
وأخرج الترمذي وحسنه وابن ماجة وابن أبي عاصم في السنة وابن خزيمة والطبراني
والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن جابر بن عبد الله قال "
لقيني رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا جابر ما لي أراك منكسرا ؟ قلت : يا
رسول الله استشهد أبي وترك عيالا ودينا فقال : ألا أبشرك بما لقي الله به أباك ؟
قال : بلى
قال : ما كلم الله أحدا قط إلا من وراء حجاب وأحيا أباك فكلمه كفاحا وقال : يا
عبدي تمن علي أعطك قال : يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية قال الرب تعالى : قد
(2/371)
سبق
مني أنهم لا يرجعون
قال : أي رب فأبلغ من ورائي
فأنزل الله هذه الآية ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا
الآية "
وأخرج الحاكم عن عائشة قالت " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لجابر : ألا
أبشرك
قال : بلى
قال : شعرت أن الله أحيا أباك فأقعده بين يديه فقال : تمن علي ما شئت أعطيكه قال :
يا رب ما عبدتك حق عبادتك أتمنى أن تردني إلى الدنيا فأقتل مع نبيك مرة أخرى
قال : سبق مني أنك إليها لا ترجع "
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه
و سلم قالوا : يا ليتنا نعلم ما فعل إخواننا الذين قتلوا يوم أحد فأنزل الله ولا
تحسبن الذين قتلوا
الآية
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : ذكر لنا عن بعضهم في قوله ولا تحسبن الذين قتلوا
الآية
قال : هم قتلى بدر وأحد زعموا أن الله تعالى لما قبض أرواحهم وأدخلهم الجنة جعلت
أرواحهم في طير خضر ترعى في الجنة وتأوي إلى قناديل من ذهب تحت العرش فلما رأوا ما
أعطاهم الله من الكرامة قالوا : ليت إخواننا الذين بعدنا يعلمون ما نحن فيه فإذا
شهدوا قتالا تعجلوا إلى ما نحن فيه فقال الله : إني منزل على نبيكم ومخبر إخوانكم
بالذي أنتم فيه
ففرحوا واستبشروا وقالوا : يخبر الله إخوانكم ونبيكم بالذي أنتم فيه
فإذا شهدوا قتالا أتوكم
فذلك قوله فرحين
الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن محمد بن قيس بن مخرمة قال : قالوا يا رب ألا رسول
لنا يخبر النبي صلى الله عليه و سلم عنا بما أعطيتنا فقال الله تعالى : أنا رسولكم
فأمر جبريل أن يأتي بهذه الآية ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله
الآيتين
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : لما أصيب الذين أصيبوا يوم أحد لقوا ربهم فأكرمهم
فأصابوا الحياة والشهادة والرزق الطيب قالوا : يا ليت بيننا وبين إخواننا من
يبلغهم أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا فقال الله : أنا رسولكم إلى نبيكم
وإخوانكم فأنزل الله ولا تحسبن الذين قتلوا إلى قوله ولا هم يحزنون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن إسحق بن أبي طلحة حدثني أنس بن مالك في أصحاب النبي
صلى الله عليه و سلم الذين أرسلهم إلى بئر معونة قال : لا أدري أربعين أو سبعين
وعلى ذلك الماء عامر بن الطفيل فخرج أولئك النفر حتى أتوا غارا مشرفا
(2/372)
على
الماء قعدوا فيه ثم قال بعضهم لبعض : أيكم يبلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه و
سلم أهل هذا الماء فقال أبو ملحان الأنصاري : أنا
فخرج حتى أتى خواءهم فاختبأ أمام البيوت ثم قال : يا أهل بئر معونة إني رسول رسول
الله إليكم إني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فآمنوا بالله
ورسوله
فخرج إليه رجل من كسر البيت برمح فضرب به في جنبه حتى خرج من الشق الآخر
فقال : الله أكبر فزت ورب الكعبة فاتبعوا أثره حتى أتوا أصحابه في الغار فقتلهم
عامر بن الطفيل
فحدثني أنس أن الله أنزل فيهم قرآنا : بلغوا عنا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضي عنا
ورضينا عنه
ثم نسخت فرفعت بعدما قرأناه زمانا وأنزل الله ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله
أمواتا بل أحياء
الآية
وأخرج ابن المنذر من طريق طلحة بن نافع عن أنس قال : لما قتل حمزة وأصحابه يوم أحد
قالوا : يا ليت لنا مخبرا يخبر إخواننا بالذي صرنا إليه من الكرامة لنا
فأوحى إليهم ربهم أنا رسولكم إلى إخوانكم
فأنزل الله ولا تحسبن الذين قتلوا إلى قوله لا يضيع أجر المؤمنين
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن سعيد بن جبير قال : لما أصيب حمزة وأصحابه بأحد
قالوا : ليت من خلفنا علموا ما أعطانا الله من الثواب ليكون أحرى لهم فقال الله :
أنا أعلمهم فأنزل الله ولا تحسبن الذين قتلوا
الآية
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والفريابي وسعيد بن منصور وهناد وعبد بن حميد ومسلم
والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في الدلائل عن
مسروق قال : سألنا عبد الله بن مسعود عن هذه الآية ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل
الله أمواتا فقال : أما إنا قد سألنا عن ذلك أرواحهم في جوف طير خضر - ولفظ عبد
الرزاق - أرواح الشهداء عند الله كطير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة
حيث شاءت ثم تأوي إلى تلك القناديل فاطلع إليهم ربهم إطلاعة فقال : هل تشتهون شيئا
؟ قالوا : أي شيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا
ففعل ذلك بهم ثلاث مرات فلما رأوا أنهم لم يتركوا من أن يسألوا قالوا : يا رب نريد
أن ترد أرواحنا في أجسادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى
فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا
وأخرج عبد الرزاق عن أبي عبيدة عن عبد الله أنه قال في الثالثة حين قال لهم :
(2/373)
هل
تشتهون من شيء قالوا : تقرىء نبينا السلام وتبلغه أنا قد رضينا ورضي عنا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله بل أحياء عند ربهم
يرزقون قال : يرزقون من ثمر الجنة ويجدون ريحها وليسوا فيها
وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية قال : كنا نحدث أن أرواح الشهداء تعارف في طير
بيض تأكل من ثمار الجنة وأن مساكنهم سدرة المنتهى وأن للمجاهد في سبيل الله ثلاث خصال
: من قتل في سبيل الله منهم صار حيا مرزوقا ومن غلب آتاه الله أجرا عظيما ومن مات
رزقه الله رزقا حسنا
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله بل أحياء قال : في صور طير خضر يطيرون
في الجنة حيث شاؤوا منها يأكلون من حيث شاؤوا
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في الآية قال : أرواح الشهداء في طير بيض في الجنة
وأخرج ابن جرير من طريق الإفريقي عن ابن بشار الأسلمي أو أبي بشار قال : أرواح
الشهداء في قباب بيض من قباب الجنة في كل قبة زوجتان رزقهم في كل يوم ثور وحوت
فأما الثور ففيه طعم كل ثمرة في الجنة وأما الحوت ففيه طعم كل شراب في الجنة
وأخرج ابن جرير عن السدي أن أرواح الشهداء في أجواف طير خضر في قناديل من ذهب
معلقة بالعرش فهي ترعى بكرة وعشية في الجنة وتبيت في القناديل
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور عن ابن عباس قال : أرواح الشهداء تجول في أجواف
طير خضر تعلق في ثمر الجنة
وأخرج هناد بن السري في كتاب الزهد وابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : " إن أرواح الشهداء في طير خضر ترعى في رياض الجنة ثم
يكون مأواها إلى قناديل معلقة بالعرش فيقول الرب : هل تعلمون كرامة أكرم من كرامة
أكرمتكموها ؟ فيقولون : لا
إلا أنا وددنا أنك أعدت أرواحنا في أجسادنا حتى نقاتل فنقتل مرة أخرى في سبيلك
"
وأخرج هناد في الزهد وابن أبي شيبة في المصنف عن أبي بن كعب قال : الشهداء في قباب
من رياض بفناء الجنة يبعث إليهم ثور وحوت فيعتركان فيلهون بهما فإذا احتاجوا إلى
شيء عقر أحدهما صاحبه فيأكلون منه فيجدون فيه طعم كل شيء في الجنة
(2/374)
وأخرج
أحمد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر والطبراني
وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج
إليهم رزقهم من الجنة غدوة وعشية "
وأخرج هناد في الزهد من طريق ابن إسحق عن إسحق بن عبد الله بن أبي فروة قال :
حدثنا بعض أهل العلم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن الشهداء
ثلاثة فأدنى الشهداء عند الله منزلة رجل خرج منبوذا بنفسه وماله لا يريد أن يقتل
ولا يقتل أتاه سهم غرب فأصابه فأول قطرة تقطر من دمه يغفر له ما تقدم من ذنبه ثم
يهبط الله جسدا من السماء يجعل فيه روحه ثم يصعد به إلى الله فما يمر بسماء من
السموات إلا شيعته الملائكة حتى ينتهي إلى الله فإذا انتهى الىالله وقع ساجدا ثم
يؤمر به فيكسى سبعين حلة من الاستبرق ثم يقال : اذهبوا به إلى إخوانه من الشهداء
فاجعلوه معهم فيؤتى به إليهم وهم في قبة خضراء عند باب الجنة يخرج عليهم غداؤهم من
الجنة "
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : ما زال ابن آدم يتحمد حتى صار حيا ما يموت ثم تلا
هذه الآية أحياء عند ربهم يرزقون
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله فرحين بما آتاهم الله من فضله قال : بما هم
فيه من الخير والكرامة والرزق
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم قال :
لما دخلوا الجنة ورأوا ما فيها من الكرامة للشهداء قالوا : يا ليت إخواننا الذين
في الدنيا يعلمون ما صرنا فيه من الكرامة فإذا شهدوا القتال باشروها بأنفسهم حتى
يستشهدوا فيصيبون ما أصابنا من الخير فأخبر النبي صلى الله عليه و سلم بأمرهم وما
هم فيه من الكرامة وأخبرهم أني قد أنزلت على نبيكم وأخبرته بأمركم وما أنتم فيه من
الكرامة فاستبشروا بذلك
فذلك قوله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم يعني إخوانهم من أهل الدنيا
أنهم سيحرصون على الجهاد ويلحقون بهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من
خلفهم قال : إن الشهيد يؤتى بكتاب فيه من يقدم عليه من إخوانه
(2/375)
وأهله
يقال : يقدم عليك فلان يوم كذا وكذا يقدم عليك فلان يوم كذا وكذا
فيستبشر حين يقدم عليه كما يستبشر أهل الغائب بقدومه في الدنيا
الآية 171
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله يستبشرون بنعمة من الله وفضل
الآية
قال : هذه الآية جمعت المؤمنين كلهم سوىالشهداء وقلما ذكر الله فضلا ذكر به
الأنبياء وثوابا أعطاهم إلا ذكر ما أعطى المؤمنين من بعدهم
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن جابر عن أبيه " سمع النبي صلى الله عليه
و سلم يقول إذا ذكر أصحاب أحد : والله لوددت أني غودرت مع أصحابي بنحص الجبل
" نحص الجبل : أصله
وأخرج الحاكم وصححه عن جابر قال " فقد رسول الله صلى الله عليه و سلم حمزة
حين فاء الناس من القتال فقال رجل : رأيته عند تلك الشجيرات وهو يقول : أنا أسد
الله وأسد رسوله اللهم أبرأ مما جاء به هؤلاء
أبو سفيان وأصحابه وأعتذر إليك مما صنع هؤلاء بانهزامهم
فجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم نحوه فلما رأى جثته بكى ولما رأى ما مثل به
شهق ثم قال : ألا كفن ؟ فقام رجل من الأنصار فرمى بثوب عليه ثم قام آخر فرمى بثوب
عليه ثم قال جابر ؟ : هذا الثوب لأبيك وهذا لعمي ثم جيء بحمزة فصلى عليه ثم يجاء
بالشهداء فتوضع إلى جانب حمزة فيصلى عليهم يرفع ويترك حمزة حتى صلى على الشهداء
كلهم قال : فرجعت وأنا مثقل قد ترك أبي علي دينا وعيالا فلما كان عند الليل أرسل
إلي رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا جابر إن الله أحيا أباك وكلمه قلت :
وكلمه كلاما ! قال : قال له : تمن
فقال : أتمنى أن ترد روحي وتنشىء خلقي كما كان وترجعني إلى نبيك فأقاتل في سبيلك
فأقتل مرة أخرى
قال : إني قضيت أنهم لا يرجعون وقال : قال صلى الله عليه و سلم : سيد الشهداء عند
الله يوم القيامة حمزة "
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن أنس قال " كفن حمزة في نمرة كانوا إذا
مدوها على رأسه خرجت رجلاه فأمرهم النبي صلى الله عليه و سلم أن يمدوها على رأسه
(2/376)
ويجعلوا
على رجليه من الأذخر وقال : لولا أن تجزع صفية لتركنا حمزة فلم ندفنه حتى يحشر من
بطون الطير والسباع "
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب بن مالك " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
يوم أحد : من رأى مقتل حمزة ؟ فقال رجل : أنا
قال : فانطلق فأرناه
فخرج حتى وقف على حمزة فرآه قد بقر بطنه وقد مثل به فكره رسول الله صلى الله عليه
و سلم أن ينظر إليه ووقف بين ظهراني القتلى وقال : أنا شهيد على هؤلاء القوم لفوهم
في دمائهم فإنه ليس جريح يجرح إلا جرحه يوم القيامة يدمى لونه لون الدم وريحه ريح
المسك قدموا أكثر القوم قرآنا فاجعلوه في اللحد "
وأخرج النسائي والحاكم وصححه عن سعد بن أبي وقاص " أن رجلا جاء إلى الصلاة
والنبي صلى الله عليه و سلم يصلي بنا فقال حين انتهى إلى الصف : اللهم آتني أفضل
ما تؤتي عبادك الصالحين فلما قضى النبي صلى الله عليه و سلم الصلاة قال : من
المتكلم آنفا ؟ فقال : أنا
فقال : إذن يعقر جوادك وتستشهد في سبيل الله "
وأخرج أحمد ومسلم والنسائي والحاكم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " يؤتى بالرجل من أهل الجنة فيقول الله له : يا ابن آدم كيف وجدت منزلك
؟ فيقول : أي رب خير منزل فيقول : سل وتمن فيقول : أسألك أن تردني إلى الدنيا
فأقتل في سبيلك عشر مرات لما رأى من فضل الشهادة
قال : ويؤتى بالرجل من أهل النار فيقول الله : يا ابن آدم كيف وجدت منزلك ؟ فيقول
: أي رب شر منزل فيقول : فتفتدي منه بطلاع الأرض ذهبا ؟ فيقول : نعم
فيقول : كذبت قد سألتك دون ذلك فلم تفعل "
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " عرض علي أول ثلاثة يدخلون الجنة وأول
ثلاثة يدخلون النار فأما أول ثلاثة يدخلون الجنة فالشهيد وعبد مملوك أحسن عبادة
ربه ونصح لسيده وعفيف متعفف ذو عيال
وأما أول ثلاثة يدخلون النار فأمير مسلط وذو ثروة من مال لا يؤدي حق الله في ماله
وفقير فخور "
وأخرج الحاكم عن سهل بن أبي أمامة بن سهل عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " إن أول ما يهراق من دم الشهيد يغفر له ذنوبه "
(2/377)
وأخرج
الحاكم وصححه عن أبي أيوب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من
صبر حتى يقتل أو يغلب لم يفتن في قبره "
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري عن أنس
أن حارثة بن سراقة خرج نظارا فأتاه سهم فقتله فقالت أمه : يا رسول الله قد عرفت
موضع حارثة مني فإن كان في الجنة صبرت وإلا رأيت ما أصنع ؟ قال : يا أم حارثة إنها
ليست بجنة ولكنها جنان كثيرة وإن حارثة لفي أفضلها
أو قال : في أعلى الفردوس
وأخرج أحمد والنسائي عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
" ما على الأرض من نفس تموت ولها عند الله خير تحب أن ترجع إليكم إلا القتيل
في سبيل الله فإنه يحب أن يرجع فيقتل مرة أخرى "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والبيهقي في الشعب عن أنس عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال " ما من أهل الجنة أحد يسره أن يرجع إلى
الدنيا وله عشر أمثالها إلا الشهيد فإنه ود أنه لو رد إلى الدنيا عشر مرات فاستشهد
لما يرى من فضل الشهادة "
وأخرج ابن سعد وأحمد والبيهقي عن قيس الجذامي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إن للقتيل عند الله ست خصال : تغفر له خطيئته في أول دفعة من دمه
ويجار من عذاب القبر ويحلى حلة الكرامة ويرى مقعده من الجنة ويؤمن من الفزع الأكبر
ويزوج من الحور العين "
وأخرج الترمذي وصححه وابن ماجة والبيهقي عن المقدام بن معديكرب عن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال " إن للشهيد عند الله خصالا
يغفر له في أول دفعة من دمه ويرى مقعده من الجنة ويحلى عليه حلية الإيمان ويجار من
عذاب القبر ويأمن يوم الفزع الأكبر ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوتة منه خير من
الدنيا وما فيها ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين ويشفع في سبعين إنسانا
من أقاربه "
وأخرج أحمد والطبراني من حديث عبادة بن الصامت
مثله
وأخرج البزار والبيهقي والأصبهاني في ترغيبه بسند ضعيف عن أنس بن مالك قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " الشهداء ثلاثة : رجل خرج بنفسه وماله محتسبا في
سبيل الله
(2/378)
يريد
أن لا يقتل ولا يقتل ولا يقاتل يكثر سواد المؤمنين فإن مات وقتل غفرت له ذنوبه
كلها وأجير من عذاب القبر وأومن من الفزع الأكبر وزوج من الحور العين وحلت عليه
حلة الكرامة ووضع على رأسه تاج الوقار والخلد
والثاني رجل خرج بنفسه وماله محتسبا يريد أن يقتل ولا يقتل فإن مات أو قتل كانت
ركبته مع ركبة خليل الرحمن بين يدي الله في مقعد صدق عند مليك مقتدر
والثالث رجل خرج بنفسه وماله محتسبا يريد أن يقتل ويقتل فإن مات أو قتل جاء يوم
القيامة شاهرا سيفه واضعه على عاتقه والناس جاثون علىالركب يقول : ألا أفسحوا لنا
مرتين
فإنا قد بذلنا دماءنا وأموالنا لله قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : والذي
نفسي بيده لو قال ذلك لإبراهيم خليل الرحمن أو لنبي من الأنبياء لتنحى لهم عن
الطريق لما يرى من واجب حقهم حتى يأتوا منابر من نور عن يمين العرش فيجلسون
فينظرون كيف يقضى بين الناس لا يجدون غم الموت ولا يغتمون في البرزخ ولا تفزعهم
الصيحة ولا يهمهم الحساب ولا الميزان ولا الصراط ينظرون كيف يقضي بين الناس ولا
يسألون شيئا إلا أعطوا ولا يشفعون في شيء إلا شفعوا ويعطون من الجنة ما أحبوا
وينزلون من الجنة حيث أحبوا "
وأخرج أحمد والطبراني وابن حبان والبيهقي عن عتبة بن عبد السلمي قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " القتلى ثلاثة : رجل مؤمن جاهد بنفسه وماله في
سبيل الله حتى إذا لقي العدو قاتلهم حتى يقتل فذاك الشهيد الممتحن في خيمة الله
تحت عرشه لا يفضله النبيون إلا بدرجة النبوة
ورجل مؤمن قرف على نفسه من الذنوب والخطايا جاهد بماله ونفسه في سبيل الله حتى إذا
لقي العدو قاتل حتى يقتل فتلك ممصمصة تحط ذنوبه وخطاياه
إن السيف محاء للخطايا وأدخل من أي أبواب الجنة شاء فإن لها ثمانية أبواب ولجهنم
سبعة أبواب وبعضها أفضل من بعض
ورجل منافق جاهد بنفسه وماله حتى إذا لقي العد قاتل في سبيل الله حتى يقتل فإن ذلك
في النار إن السيف لا يمحو النفاق "
وأخرج أحمد والحاكم عن عبد الله بن عمرو بن العاص : أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : " يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين "
وأخرج أحمد عن عبد الله بن جحش " أن رجلا قال : يا رسول الله ما لي إن قتلت
في سبيل الله ؟ قال : الجنة
فلما ولى قال : إلا الدين سارني به جبريل آنفا "
(2/379)
وأخرج
أحمد والنسائي عن ابن أبي عميرة : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
ما من نفس مسلمة يقبضها ربها تحب أن ترجع إليكم وإن لها الدنيا وما فيها غير
الشهيد "
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لأن أقتل في سبيل الله أحب إلي من أن
يكون لي أهل الوبر والمدر "
وأخرج الترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة وابن حبان عن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم
من مس القرصة "
وأخرج الطبراني عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إذا وقف العباد
للحساب جاء قوم واضعي سيوفهم على رقابهم تقطر دما فازدحموا على باب الجنة فقيل :
من هؤلاء ؟ قيل : الشهداء كانوا مرزوقين "
وأخرج أحمد وأبو يعلى والبيهقي في الأسماء والصفات عن نعيم بن همار " أن رجلا
سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم أي الشهداء أفضل ؟ قال : الذين ان يلقوا في
الصف لا يلفتوا وجوههم حتى يقتلوا أولئك ينطلقون في العرف العالي من الجنة ويضحك
إليهم ربهم
وإذا ضحك ربك إلى عبد في الدنيا فلا حساب عليه "
وأخرج الطبراني عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" أفضل الجهاد عند الله يوم القيامة الذين يلتقون في الصف الأول فلا يلفتون
وجوههم حتى يقتلوا أولئك يتلبطون في الغرف من الجنة يضحك إليهم ربك وإذا ضحك إلى
قوم فلا حساب عليهم "
وأخرج ابن ماجة عن أبي هريرة قال : " ذكر الشهيد عند النبي صلى الله عليه و
سلم فقال : " لا تجف الأرض من دم الشهيد حتى تبتدره زوجتاه كأنهما ظئران
أضلتا فصيلهما في براح من الأرض وفي يد كل واحدة منهما حلة خير من الدنيا وما فيها
"
وأخرج النسائي عن راشد بن سعد عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم "
أن رجلا قال : يا رسول الله ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد ؟ قال :
كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة "
وأخرج الحاكم وصححه عن أنس " أن رجلا أسود أتى النبي صلى الله عليه و سلم
فقال : يا رسول الله إني رجل أسود منتن الريح قبيح الوجه لا مال لي فإن أنا قاتلت
هؤلاء حتى أقتل فأين أنا ؟ قال : في الجنة
فقاتل حتى قتل
فأتاه النبي صلى الله عليه و سلم
(2/380)
فقال
: قد بيض الله وجهك وطيب ريحك وأكثر مالك
وقال لهذا أو لغيره : لقد رأيت زوجته من الحور العين نازعته جبة له صوفا تدخل بينه
وبين جبته "
وأخرج البيهقي عن ابن عمر " أن النبي صلى الله عليه و سلم مر بخباء أعرابي
وهو في أصحابه يريدون الغزو فرفع الأعرابي ناحية من الخباء فقال : من القوم ؟ فقيل
: رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه يريدون الغزو فسار معهم فقال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : والذي نفسي بيده إنه لمن ملوك الجنة
فلقوا العدو فاستشهدوا خبر بذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم فأتاه فقعد عند
رأسه مستبشرا يضحك ثم أعرض عنه
فقلنا : يا رسول الله رأيناك مستبشرا تضحك ثم أعرضت عنه ؟ ! فقال : أما ما رأيتم
من استبشاري فلما رأيت من كرامة روحه على الله وأما إعراضي عنه فإن زوجته من الحور
العين الآن عند رأسه "
وأخرج عناد في الزهد وعبد بن حميد والطبراني عن عبد الله بن عمرو قال " أن
أول قطرة تقطر من دم الشهيد يغفر له بها ما تقدم من ذنبه ثم يبعث الله ملكين
بريحان من الجنة وريطة من الجنة وعلى أرجاء السماء ملائكة يقولون : سبحان الله قد
جاء من الأرض اليوم ريح طيبة ونسمة طيبة
فلا يمر بباب إلا فتح له ولا يمر بملك إلا صلى عليه وشيعه حتى يؤتى به إلى الرحمن
فيسجد له قبل الملائكة وتسجد الملائكة بعده ثم يأمر به إلى الشهداء فيجدهم في رياض
خضر وقباب من حرير عند ثور وحوت يلعبان لهم كل يوم لعبة لم يلعبا بالأمس مثلها
فيظل الحوت في أنهار الجنة فإذا أمسى وكزه الثور بقرنه فذكاه لهم فأكلوا من لحمه
فوجدوا من لحمه طعم كل رائحة من أنهار الجنة ويبيت الثور نافشا في الجنة فإذا أصبح
غدا عليه الحوت فوكزه بذنبه فأكلوا من لحمه فوجدوا في لحمه طعم كل ثمرة من ثمار
الجنة ينظرون إلى منازلهم بكرة وعشية يدعون الله أن تقوم الساعة
وإذا توفى المؤمن بعث الله ملكين بريحان من ريحان الجنة وخرقة من الجنة تقبض فيها
نفسه ويقال : اخرجي أيتها النفس المطمئنة إلى روح وريحان ورب عليك غير غضبان
فتخرج كأطيب رائحة وجدها أحد قط بأنفه وعلى أرجاء السماء ملائكة يقولون : سبحان
الله قد جاء اليوم من الأرض ريح طيبة ونسمة طيبة
فلا يمر بباب إلا فتح له ولا بملك إلا صلى عليه وشيعه حتى يؤتى به إلى
(2/381)
الرحمن
فتسجد الملائكة قبله ويسجد بعدهم ثم يدعى بميكائيل فيقول : اذهب بهذه النفس
فاجعلها مع أنفس المؤمنين حتى أسألك عنهم يوم القيامة ويؤمر به إلى قبر ويوسع
سبعين طوله وسبعين عرضه وينبذ له فيه ريحان ويشيد بالحرير فإن كان معه شيء من
القرأن كسى نوره وإن لم يكن معه شيء من القرآن جعل له نور مثل الشمس فمثله كمثل
العروس لا يوقظه إلا أحب أهله إليه
وإن الكافرإذا توفي بعث الله إليه ملكين بخرقة من بجاد أنتن من كل نتن وأخشن من كل
خشن فيقال : أخرجي أيتها النفس الخبيثة ولبئس ما قدمت لنفسك
فتخرج كأنتن رائحة وجدها أحد قط ثم يؤمر به في قبره فيضيق عليه حتى تختلف فيه
أضلاعه ويرسل عليه حيات كأعناق البخت يأكلن لحمه وتقبض له ملائكة صم بكم عمي لا
يسمعون له صوتا ولا يرونه فيرحمونه ولا يملون إذا ضربوا يدعون الله أن يديم ذلك
عليه حتى يخلص إلى النار "
وأخرج الطيالسي والترمذي وحسنه والبيهقي في الشعب عن عمر بن الخطاب " سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : الشهداء أربعة : فمؤمن جيد الإيمان لقي
العدو فصدق الله فقاتل حتى يقتل فذلك الذي يرفع الناس إليه أعينهم ورفع رأسه حتى
وقعت قلنسوة كانت على رأسه أو رأس عمر فهذا في الدرجة الأولى ورجل مؤمن جيد
الإيمان إذا لقي العدو فكأنما يضرب جلده بشوك الطلح من الجبن أتاه سهم غرب فقتله
فهذا في الدرجة الثانية ورجل مؤمن خلط عملا صالحا وآخر سيئا لقي العدو فصدق الله
فقتل فهذا في الدرجة الثالثة ورجل أسرف على نفسه فلقي العدو فقاتل حتى يقتل فهذا
في الدرجة الرابعة "
وأخرج أبو داود وابن حبان عن أبي الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
: " الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته "
وأخرج الطبراني والبيهقي في البعث والنشور عن يزيد بن شجرة أنه كان يقول : إذا صف
الناس للصلاة وصفوا للقتال فتحت أبواب السماء وأبواب الجنة وأبواب النار وزين
الحور العين وأطلقن فإذا أقبل الرجل قلن اللهم انصره وإذا أدبر احتجبن عنه وقلن
اللهم اغفر له
فأنهكوا وجوه القوم ولا تخزوا الحور العين فإن أول قطرة تقطر من دم أحدكم يكفر عنه
كل شيء عمله وينزل إليه زوجتان من الحور العين يمسحان التراب عن وجهه ويقولان : قد
أنالك ويقول : قد أنالكما
(2/382)
ثم
يكسى مائة حلة ليس من نسج بني آدم ولكن من نبت الجنة لو وضعن بين أصبعين لوسعن
وكان يقول : إن السيوف مفاتيح الجنة
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي بكر محمد بن أحمد التميمي قال : سمعت قاسم بن عثمان
الجوعي يقول : رأيت في الطواف حول البيت رجلا لا يزيد على قوله : اللهم قضيت حاجة
المحتاجين وحاجتي لم تقض فقلت له : ما لك لا تزيد على هذا الكلام ؟ فقال : أحدثك
كنا سبعة رفقاء من بلدان شتى غزونا أرض العدو فاستؤسرنا كلنا فاعتزل بنا لتضرب
أعناقنا فنظرت إلى السماء فإذا سبعة أبواب مفتحة عليها سبع جوار من الحور العين
على كل باب جارية فقدم رجل منا فضربت عنقه فرأيت الجارية في يدها منديل قد هبطت
إلى الأرض حتى ضربت أعناق ستة وبقيت أنا وبقي باب وجارية
فلما قدمت لتضرب عنقي استوهبني بعض رجاله فوهبني له فسمعتها تقول : أي شيء فاتك يا
محروم ! وأغلقت الباب وأنا يا أخي متحسر على ما فاتني
قال قاسم بن عثمان : أراه أفضلهم لأنه رأى ما لم يروا وترك يعمل على الشوق
وأخرج أبو داود والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات واللفظ له عن ابن مسعود
: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " عجب ربنا من رجلين : رجل ثار عن
وطائه ولحافه من بين حبه وأهله إلى صلاته رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي ورجل غزا
في سبيل الله فانهزم أصحابه فعلم ما عليه في الإنهزام وما له في الرجوع فرجع حتى
أهريق دمه
فيقول الله لملائكته : انظروا الىعبدي رجع رغبة فيما عندي وشفقة مما عندي حتى
أهريق دمه "
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم : الذي إذا انكشف فئة قاتل
وراءها بنفسه لله عز و جل فإما أن يقتل وإما أن ينصره الله تعالى ويكفيه فيقول :
انظروا إلى عبدي كيف صبر لي نفسه
والذي له امرأة حسناء وفراش لين حسن فيقوم من الليل فيذر شهوته فيذكرني ويناجيني
ولو شاء رقد والذي إذا كان في سفر وكان معه ركب فسهروا ونصبوا ثم هجعوا فقام من
السحر في سراء أو ضراء "
وأخرج الحاكم وصححه عن أنس " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من سأل الله
القتل في سبيل الله صادقا ثم مات أعطاه الله أجر شهيد "
(2/383)
وأخرج
أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم عن سهل ابن أبي أمامة
بن سهل بن حنيف عن أبيه عن جده " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : من
سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه "
وأخرج أحمد ومسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من طلب
الشهادة صادقا أعطيها ولو لم تصبه "
الآيات 172 - 175
أخرج ابن اسحق وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن
عمرو بن حزم قال " خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم لحمراء الأسد وقد أجمع
أبو سفيان بالرجعة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه وقالوا : رجعنا قبل
أن نستأصلهم لنكرن على بقيتهم
فبلغه أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج في أصحابه يطلبهم فثنى ذلك أبا سفيان
وأصحابه ومر ركب من عبد القيس فقال لهم أبو سفيان : بلغوا محمدا أنا قد أجمعنا
الرجعة الىأصحابه لنستأصلهم
فلما مر الركب برسول الله صلى الله عليه و سلم بحمراء الأسد أخبروه بالذي قال أبو
سفيان فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم والمؤمنون معه حسبنا الله ونعم الوكيل
فأنزل الله في ذلك الذين استجابوا لله والرسول
الآيات
وأخرج موسى بن عقبة في مغازيه والبيهقي في الدلائل عن ابن شهاب قال " إن رسول
الله صلى الله عليه و سلم استنفر المسلمين لموعد أبي سفيان بدرا فاحتمل الشيطان
أولياءه من الناس فمشوا في الناس يخوفونهم وقالوا : قد أخبرنا أن قد جمعوا لكم من
الناس
(2/384)
مثل
الليل يرجون أن يواقعوكم فينتهبوكم فالحذر الحذر
فعصم الله المسلمين من تخويف الشيطان فاستجابوا لله ورسوله وخرجوا ببضائع لهم
وقالوا : إن لقينا أبا سفيان فهو الذي خرجنا له وإن لم نلقه ابتعنا بضائعنا
فكان بدرا متحجرا يوافي كل عام فانطلقوا حتى أتوا موسم بدر فقضوا منه حاجتهم وأخلف
أبو سفيان الموعد فلم يخرج هو ولا أصحابه ومر عليهم ابن حمام فقال : من هؤلاء ؟
قالوا : رسول الله وأصحابه ينتظرون أبا سفيان ومن معه من قريش
فقدم على قريش فأخبرهم فأرعب أبو سفيان ورجع إلى مكة وانصرف رسول الله صلى الله
عليه و سلم إلى المدينة بنعمة من الله وفضل فكانت تلك الغزوة تدعى غزوة جيش السويق
وكانت في شعبان سنة ثلاث "
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال " إن الله قذف في قلب أبي
سفيان الرعب يوم أحد بعد الذي كان منه فرجع إلى مكة فقال النبي صلى الله عليه و
سلم : إن أبا سفيان قد أصاب منكم طرفا وقد رجع وقذف الله في قلبه الرعب وكانت وقعة
أحد في شوال وكان التجار يقدمون المدينة في ذي القعدة فينزلون ببدر الصغرى في كل
سنة مرة وإنهم قدموا بعد وقعة أحد وكان أصاب المؤمنين القرح واشتكوا ذلك إلى النبي
صلى الله عليه و سلم واشتد عليهم الذي أصابهم وإن رسول الله صلى الله عليه و سلم
ندب الناس لينطلقوا معه وقال : إنما ترتحلون الآن فتأتون الحج ولا تقدرون على مثلها
حتى عام مقبل
فجاء الشيطان فخوف أولياءه فقال إن الناس قد جمعوا لكم فأبى الناس أن يتبعوه فقال
: إني ذاهب وإن لم يتبعني أحد
فانتدب معه أبو بكر وعمر وعلي وعثمان والزبير وسعد وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وعبد
الله بن مسعود وحذيفة بن اليمان وأبو عبيدة بن الجراح
في سبعين رجلا فساروا في طلب أبي سفيان فطلبوه حتى بلغوا الصفراء فأنزل الله الذين
استجابوا لله والرسول
الآية
وأخرج النسائي وابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح من طريق عكرمة عن ابن عباس قال :
لما رجع المشركون عن أحد قالوا : لا محمدا قتلتم ولا الكواعب أردفتم
بئسما صنعتم ارجعوا
فسمع رسول الله صلى الله عليه و سلم بذلك فندب المسلمين فانتدبوا حتى بلغ حمراء
الأسد
أو بئر أبي عنبة شك سفيان فقال المشركون : نرجع قابل
فرجع رسول الله صلى الله عليه و سلم فكانت تعد غزوة
فأنزل الله الذين استجابوا لله
(2/385)
والرسول
الآية
وقد كان أبو سفيان قال للنبي صلى الله عليه و سلم : موعدكم موسم بدر حيث قتلتم
أصحابنا فأما الجبان فرجع وأما الشجاع فأخذ أهبة القتال والتجارة
فأتوه فلم يجدوا به أحدا وتسوقوا
فأنزل الله فانقلبوا بنعمة من الله وفضل
الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : خرج رسول الله صلى الله عليه و
سلم إلى بدر الصغرى وبهم الكلوم خرجوا لموعد أبي سفيان فمر بهم أعرابي ثم مر بأبي
سفيان وأصحابه وهو يقول : ونفرت من رفقتي محمد وعجوة منثورة كالعنجد فتلقاه أبو
سفيان فقال : ويلك ما تقول
؟ ! فقال : محمد وأصحابه تركتهم ببدر الصغرى فقال أبو سفيان : يقولون ويصدقون
ونقول ولا نصدق وأصاب رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئا من الأعراب وانقلبوا ؟ !
قال عكرمة : ففيهم أنزلت هذه الأية الذين استجابوا لله والرسول
إلى قوله فانقلبوا بنعمة من الله وفضل
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال " إن أبا سفيان وأصحابه أصابوا من المسلمين
ما أصابوا ورجعوا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن أبا سفيان قد رجع وقد
قذف الله في قلبه الرعب فمن ينتدب في طلبه ؟ فقام النبي صلى الله عليه و سلم وأبو
بكر وعمر وعثمان وعلي وأناس من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم
فتبعوهم فبلغ أبا سفيان أن النبي صلى الله عليه و سلم يطلبه فلقي عيرا من التجار
فقال : ردوا محمدا ولكم من الجعل كذا وكذا
وأخبروهم أني قد جمعت لهم جموعا وأني راجع إليهم
فجاء التجار فأخبروا بذلك النبي صلى الله عليه و سلم فقال النبي صلى الله عليه و
سلم : حسبنا الله
فأنزل الله الذين استجابوا لله والرسول
الآية "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال " أخبرت أن أبا سفيان لما راح هو
وأصحابه يوم أحد منقلبين قال المسلمون للنبي صلى الله عليه و سلم : إنهم عامدون
إلى المدينة يا رسول الله
فقال : إن ركبوا الخيل وتركوا الأثقال فهم عامدوها وإن جلسوا على الأثقال وتركوا
الخيل فقد أرعبهم الله فليسوا بعامديها
فركبوا الأثقال
ثم ندب أناسا يتبعونهم ليروا أن بهم قوة فاتبعوهم ليلتين أو ثلاثا فنزلت الذين
استجابوا لله والرسول
الآية "
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وابن ماجة وابن
(2/386)
جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن عائشة في قوله الذين استجابوا
لله والرسول
الآية
قالت لعروة : يا ابن أختي كان أبواك منهم : الزبير وأبو بكر لما أصاب نبي الله صلى
الله عليه و سلم ما أصاب يوم أحد انصرف عنه المشركون خاف أن يرجعوا فقال : من يرجع
في أثرهم ؟ فانتدب منهم سبعون رجلا
فيهم أبو بكر والزبير فخرجوا في آثار القوم فسمعوا بهم فانصرفوا بنعمة من الله
وفضل
قال : لم يلقوا عدوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : نزلت هذه الآية فينا ثمانية عشر رجلا الذين
استجابوا لله والرسول
الأية
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : " كان يوم أحد السبت للنصف من شوال فلما كان
الغد من يوم الأحد لست عشرة ليلة مضت من شوال أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه و
سلم في الناس بطلب العدو وأذن مؤذنه أن لا يخرجن معنا أحدا إلا من حضر يومنا
بالأمس فكلمه جابر عن عبد الله فقال : يا رسول الله إن أبي كان خلفني على أخوات لي
سبع وقال : يا بني إنه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة لا رجل فيهن ولست
بالذي أوثرك بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه و سلم على نفسي فتخلف على أخواتك
فتخلفت عليهن
فأذن له رسول الله صلى الله عليه و سلم فخرج معه
وإنما خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم ترعيبا للعدو ليبلغهم أنه خرج في طلبهم
ليظنوا به قوة وأن الذي أصابهم لم يوهنهم من عدوهم "
وأخرج ابن إسحق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي السائب مولى عائشة بنت
عثمان " أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم من بني عبد الأشهل
كان شهد أحدا قال : شهدت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم أحدا أنا وأخ لي فرجعنا
جريحين فلما أذن رسول الله صلى الله عليه و سلم بالخروج في طلب العدو قلت لأخي أو
قال لي : تفوتنا غزوة مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ ما لنا من دابة نركبها
وما منا إلا جريح ثقيل
فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم وكنت أيسر جرحا منه فكنت إذا غلب حملته
عقبة ومشى عقبة حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون فخرج رسول الله صلى الله
عليه و سلم حتى انتهى إلى حمراء الأسد
وهي من المدينة على ثمانية أميال فأقام بها ثلاثا
الإثنين والثلاثاء والأربعاء ثم رجع إلى المدينة
فنزل الذين استجابوا لله والرسول
الآية "
(2/387)
وأخرج
ابن جرير عن إبراهيم قال : كان عبد الله من الذين استجابوا لله والرسول
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله من بعد ما أصابهم القرح قال : الجراحات
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود أنه كان يقرأ من بعد ما أصابهم القرح
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : افصلوا بينهما قوله للذين أحسنوا منهم
واتقوا أجر عظيم الذين قال لهم الناس
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : لما ندم أبو سفيان وأصحابه على الرجوع عن رسول الله
صلى الله عليه و سلم وأصحابه وقالوا : ارجعوا فاستأصلوهم
فقذف الله في قلوبهم الرعب فهزموا فلقوا أعرابيا فجعلوا له جعلا فقالوا له : إن
لقيت محمدا وأصحابه فأخبرهم أنا قد جمعنا لهم
فأخبر الله رسوله صلى الله عليه و سلم فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد فلقوا الأعرابي
في الطريق فأخبرهم الخبر فقالوا : حسبنا الله ونعم الوكيل ثم رجعوا من حمراء الأسد
فأنزل الله فيهم وفي الأعرابي الذي لقيهم الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا
لكم فاخشوهم
الآية
وأخرج ابن سعد عن ابن أبزى الذين قال لهم الناس قال : أبو سفيان
قال لقوم : إن لقيتم أصحاب محمد فأخبروهم أنا قد جمعنا لهم جموعا
فأخبروهم فقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : استقبل أبو سفيان في منصرفه من أحد
عيرا واردة المدينة ببضاعة لهم وبينهم وبين النبي صلى الله عليه و سلم جبال فقال :
إن لكم علي رضاكم إن أنتم رددتم عني محمدا ومن معه إن أنتم وجدتموه في طلبي
أخبرتموه أني قد جمعت له جموعا كثيرة فاستقبلت العير رسول الله صلى الله عليه و
سلم فقالوا له : يا محمد إنا نخبرك أن أبا سفيان قد جمع لك جموعا كثيرة وأنه مقبل
إلى المدينة وإن شئت أن ترجع فافعل
فلم يزده ذلك ومن معه إلا يقينا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فأنزل الله الذين
قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا
الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال " انطلق رسول الله صلى الله عليه و
سلم وعصابة
(2/388)
من
أصحابه بعدما انصرف أبو سفيان وأصحابه من أحد خلفهم حتى إذا كانوا بذي الحليفة
فجعل الأعراب والناس يأتون عليهم فيقولون لهم : هذا أبو سفيان مائل عليكم بالناس
فقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فأنزل الله الذين قال لهم الناس
الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله الذين قال لهم الناس
الآية
قال : إن أبا سفيان كان أرسل يوم أحد أو يوم الأحزاب إلى قريش وغطفان وهوازن
يستجيشهم على رسول الله صلى الله عليه و سلم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و
سلم ومن معه فقيل : لو ذهب نفر من المسلمين فأتوكم بالخبر فذهب نفر حتى إذا كانوا
بالمكان الذي ذكر لهم أنهم فيه لم يروا أحدا فرجعوا "
وأخرج ابن مردويه والخطيب عن أنس " أن النبي صلى الله عليه و سلم أتى يوم أحد
فقيل له : يا رسول الله إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فقال حسبنا الله ونعم
الوكيل فأنزل الله الذين قال لهم الناس
الآية "
وأخرج ابن مردويه عن أبي رافع " أن النبي صلى الله عليه و سلم وجه عليا في
نفر معه في طلب أبي سفيان فلقيهم أعرابي من خزاعة فقال : إن القوم قد جمعوا لكم
قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فنزلت فيهم هذه الآية
"
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله الذين
قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم قال : هذا أبو سفيان قال لمحمد يوم أحد :
موعدكم بدر حيث قتلتم أصحابنا
فقال محمد صلى الله عليه و سلم : عسى
فانطلق رسول الله صلى الله عليه و سلم لموعده حتى نزل بدرا فوافوا السوق فابتاعوا
فذلك قوله فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء وهي غزوة بدر الصغرى "
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : كانت
بدرا متجرا في الجاهلية وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم واعد أبا سفيان أن
يلقاه بها فلقيهم رجل فقال له : إن بهما جمعا عظيما من المشركين
فأما الجبان فرجع
وأما الشجاع فأخذ أهبة التجارة وأهبة القتال
وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ثم خرجوا حتى جاؤوها فتسوقوا بها ولم يلقوا أحدا
فنزلت الذين قال لهم الناس إلى قوله بنعمة من الله وفضل
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله فزادهم إيمانا قال : الإيمان يزيد وينقص
(2/389)
وأخرج
البخاري والنسائي وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال حسبنا اله
ونعم الوكيل قالها إبراهيم حين ألقي في النار وقالها محمد حين قالوا إن الناس قد
جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل
وأخرج البخاري وابن المنذر والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال :
كان آخر قول إبراهيم حين ألقي في النار حسبنا الله ونعم الوكيل وقال نبيكم مثلها
الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا
الله ونعم الوكيل
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن ابن عمرو قال : هي
الكلمة التي قالها إبراهيم حين ألقي في النار حسبنا الله ونعم الوكيل وهي الكلمة
التي قالها نبيكم وأصحابه إذ قيل لهم إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
إذا وقعتم في الأمر العظيم فقولوا حسبنا الله ونعم الوكيل "
وأخرج ابن أبي الدنيا في الذكر عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان
إذا اشتد غمه مسح بيده على رأسه ولحيته ثم تنفس الصعداء وقال : حسبي الله ونعم
الوكيل "
وأخرج أبو نعيم عن شداد بن أوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
حسبي الله ونعم الوكيل أمان كل خائف "
وأخرج الحكيم الترمذي عن بريدة قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من
قال عشر كلمات عند كل صلاة غداة وجد الله عندهن مكفيا مجزيا : خمس للدنيا وخمس
للآخرة : حسبي الله لديني حسبي الله لما أهمني حسبي الله لمن بغى علي حسبي الله
لمن حسدني حسبي الله لمن كادني بسوء حسبي الله عند الموت حسبي الله عند المسألة في
القبر حسبي الله عند الميزان حسبي الله عند الصراط حسبي الله لا إله إلا هو عليه
توكلت وإليه أنيب "
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله فانقلبوا بنعمة من الله وفضل قال
النعمة أنهم سلموا و الفضل أن عيرا مرت وكان في أيام الموسم فاشتراها رسول الله
صلى الله عليه و سلم فربح مالا فقسمه بين أصحابه
(2/390)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال " الفضل " ما
أصابوا من التجارة والأجر
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : أعطى رسول الله صلى الله عليه و سلم حين خرج إلى
غزوة بدر الصغرى ببدر دراهم ابتاعوا بها من موسم بدر فأصابوا تجارة فذلك قول الله
فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء قال : أما النعمة فهي العافية وأما
الفضل فالتجارة والسوء القتل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله لم يمسسهم سوء
قال : لم يؤذهم أحد واتبعوا رضوان الله قال : أطاعوا الله ورسوله
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف من طريق عطاء
عن ابن عباس أنه كان يقرأ " إنما ذلكم الشيطان يخوفكم أولياءه "
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه يقول :
الشيطان يخوف المؤمنين بأوليائه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه
قال : يخوف المؤمنين بالكفار
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي مالك يخوف أولياءه قال : يعظم أولياءه في
أعينكم
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة في الآية قال : تفسيرها يخوفكم بأوليائه
وأخرج ابن المنذر عن إبراهيم في الآية قال : يخوف الناس أولياءه
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : إنما كان ذلك تخويف الشيطان ولا يخاف
الشيطان إلا ولي الشيطان
الآيتان 176 - 177
(2/391)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ولا يحزنك
الذين يسارعون في الكفر قال : هم المنافقون
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر قال : هم الكفار
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد إن الذين اشتروا الكفر بالإيمان قال : هم
المنافقون
والله أعلم
الآية 178
أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو بكر المروزي في الجنائز وابن
جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : ما من
نفس برة ولا فاجرة إلا والموت خير لها من الحياة إن كان برا فقد قال الله ما عند
الله خير للأبرار وإن كان فاجرا فقد قال الله ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم
خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما
واخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي الدرداء قال : ما
من مؤمن إلا الموت خير له وما من كافر إلا الموت خير له
فمن لم يصدقني فإن الله يقول و ما عند الله خير للأبرار آل عمران الآية 198 ولا
يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم
عذاب مهين
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن محمد بن كعب قال : الموت خير للكافر والمؤمن ثم
تلا هذه الآية ثم قال : إن الكافر ما عاش كان أشد لعذابه يوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد عن أبي برزة قال : ما أحد إلا والموت خير له من الحياة فالمؤمن
يموت فيستريح وأما الكافر فقد قال الله ولا يحسبن الذين كفروا أنما نملي لهم خير
الآية
الآية 179
(2/392)
أخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : قالوا إن كان محمد صادقا فليخبرنا بمن يؤمن
به منا ومن يكفر ؟ فأنزل الله ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس قال : " يقول للكفار ما كان الله
ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه من الكفر حتى يميز الخبيث من الطيب فيميز أهل
السعادة من أهل الشقاوة "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال :
يقول للكفار لم يكن ليدع المؤمنين على ما أنتم عليه من الضلالة حتى يميز الخبيث من
الطيب فميز بينهم في الجهاد والهجرة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال :
ميز بينهم يوم أحد
المنافق من المؤمن
وأخرج سعيد بن منصور عن مالك بن دينار أنه قرأ حتى يميز الخبيث من الطيب
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ حتى يميز الخبيث من الطيب مخففة منصوبة الياء
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله وما كان الله ليطلعكم على الغيب قال : ولا
يطلع على الغيب إلا رسول
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ولكن
الله يجتبي من رسله من يشاء قال : يختصهم لنفسه
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك يجتبي قال : يستخلص
الآية 180
(2/393)
أخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من
فضله يعني بذلك أهل الكتاب أنهم بخلوا بالكتاب أن يبينوه للناس سيطوقون ما بخلوا
به يوم القيامة ألم تسمع أنه قال يبخلون ويأمرون الناس بالبخل النساء الآية 37
يعني أهل الكتاب يقول : يكتمون ويأمرون الناس بالكتمان
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله
قال : هم يهود
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من
فضله قال : بخلوا أن ينفقوها في سبيل الله ولم يؤدوا زكاتها
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : هم كافر ومؤمن بخل أن ينفق في سبيل
الله
وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من
آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له شجاع أقرع له زبيبتان يطوقه يوم القيامة
فيأخذ بلهزمتيه - يعني شدقيه - فيقول : أنا مالك
أنا كنزك
ثم تلا هذه الآية ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله
الآية
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن ماجة والنسائي وابن جرير وابن خزيمة
وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا مثل له يوم القيامة شجاع أقرع يفر منه
وهو يتبعه فيقول : أنا كنزك حتى يطوق في عنقه
ثم قرأ علينا النبي صلى الله عليه و سلم مصداقه من كتاب الله ولا يحسبن الذين
يبخلون بما آتاهم الله من فضله
الآية
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد
وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن
(2/394)
مسعود
في قوله سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة قال : من كان له مال لم يؤد زكاته طوقه
الله يوم القيامة شجاعا أقرع بفيه زبيبتان ينقر رأسه حتى يخلص إلى دماغه
ولفظ الحاكم ينهسه في قبره فيقول : ما لي ولك ؟ ! فيقول : أنا مالك الذي بخلت بي
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : يكون المال على صاحبه يوم القيامة شجاعا أقرع
إذا لم يعط حق الله منه فيتبعه وهو يلوذ منه
وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده وابن جرير عن حجر بن بيان عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " ما من ذي رحم يأتي ذا رحمه فيسأله من فضل ما أعطاه الله إياه
فيبخل عليه إلا خرج له يوم القيامة من جهنم شجاع يتلمظ حتى يطوقه
ثم قرأ ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله
الآية "
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن جرير والبيهقي في الشعب
عن معاوية بن حيدة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " لا يأتي الرجل مولاه
فيسأله من فضل مال عنده فيمنعه إياه إلا دعى له يوم القيامة شجاع يتلمظ فضله الذي
منع "
وأخرج الطبراني عن جرير بن عبد الله البجلي قال : " قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : ما من ذي رحم يأتي ذا رحمه فيسأله فضلا أعطاه الله إياه فيبخل عليه
إلا أخرج الله له حية من جهنم يقال لها شجاع يتلمظ فيطوق به "
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في الشعب عن أبي الدرداء " سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : يؤتى بصاحب المال الذي أطاع الله فيه وماله بين يديه كلما
تكفأ به الصراط قال له ماله : امض فقد أديت حق الله في
ثم يجاء بصاحب المال الذي لم يطع الله فيه وماله بين كتفيه كلما تكفأ به الصراط
قال له ماله : ويلك ألا أديت حق الله في ؟ ! فما يزال كذلك حتى يدعو بالويل
والثبور "
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن مسروق في الآية قال : هو الرجل
يرزقه الله المال فيمنع قرابته الحق الذي جعله الله لهم في ماله فيجعل حية فيطوقها
فيقول للحية : ما لي ولك ؟ ! فتقول : أنا مالك
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم عن إبراهيم النخعي في قوله سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة قال : طوقا من
نار
(2/395)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد سيطوقون ما بخلوا به
قال : سيكلفون أن يأتوا بمثل ما بخلوا به من أموالهم يوم القيامة
الآيتان 181 - 182
أخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال
: دخل أبو بكر بيت المدراس فوجد يهود قد اجتمعوا إلى رجل منهم يقال له فنحاص وكان
من علمائهم وأحبارهم فقال أبو بكر : ويلك يا فنحاص
! اتق الله وأسلم فوالله إنك لتعلم أن محمدا رسول الله تجدونه مكتوبا عندكم في
التوراة فقال فنخاص : والله يا أبا بكر ما بنا إلى الله من فقر وإنه إلينا لفقير
وما نتضرع إليه كما يتضرع إلينا وإنا عنه لأغنياء ولو كان غنيا عنا ما استقرض منا
كما يزعم صاحبكم ينهاكم عن الربا ويعطينا ولو كان غنيا عنا ما أعطانا الربا
فغضب أبو بكر فضرب وجه فنحاص ضربة شديدة وقال : والذي نفسي بيده لولا العهد الذي
بيننا وبينك لضربت عنقك يا عدو الله
فذهب فنحاص إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا محمد انظر ما صنع صاحبك
بي فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأبي بكر " ما حملك على ما صنعت ؟ قال
: يا رسول الله قال قولا عظيما : يزعم أن الله فقير وأنهم عنه أغنياء
فلما قال ذلك غضبت لله مما قال فضربت وجهه
فجحد فنحاص فقال : ما قلت ذلك
فأنزل الله فيما قال فنحاص تصديقا لأبي بكر لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله
فقير
الآية
ونزل في أبي بكر وما بلغه في ذلك من الغضب ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم
ومن الذين أشركوا أذى كثيرا
آل عمران الآية 186 الآية "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من وجه آخر عن عكرمة " أن النبي صلى الله عليه و
سلم بعث أبا
(2/396)
بكر
إلى فنحاص اليهودي يستمده وكتب إليه وقال لأبي بكر : لا تفتت ؟ علي بشيء حتى ترجع
إلي
فلما قرأ فنحاص الكتاب قال : قد احتاج ربكم
قال أبو بكر فهممت أن أمده بالسيف ثم ذكرت قول النبي صلى الله عليه و سلم لا تفتت
؟ علي بشيء
فنزلت لقد سمع الله قول الذين قالوا
الآية
وقوله ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم آل عمران الآية 186 وما بين ذلك في
يهود بني قينقاع
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير قالها
فنحاص اليهودي من بني مرثد لقيه أبو بكر فكلمه فقال له : يا فنحاص اتق الله وآمن
وصدق وأقرض الله قرضا حسنا
فقال فنحاص : يا أبا بكر تزعم أن ربنا غني وتستقرضنا لأموالنا وما يستقرض إلا
الفقير من الغني إن كان ما تقول حقا فإن الله إذن لفقير
فأنزل الله هذا فقال أبو بكر : فلولا هدنة كانت بين بني مرثد وبين النبي صلى الله
عليه و سلم لقتلته
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال : صك أبو بكر رجلا منهم
الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء لم يستقرضنا وهو غني
وهم يهود
وأخرج ابن جرير عن شبل في الآية قال : بلغني أنه فنحاص اليهودي وهو الذي قال إن
الله ثالث ثلاثة المائدة الآية 73 و يد الله مغلولة المائدة الآية 64
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : أتت اليهود محمدا صلى
الله عليه و سلم حين أنزل الله من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا البقرة الآية 245
فقالوا : يا محمد أفقير ربنا يسأل عباده القرض ؟ فأنزل الله لقد سمع الله قول
الذين قالوا
الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله لقد سمع الله
الآية
قال : ذكر لنا أنها نزلت في حيي بن أخطب لما نزلت من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا
فيضاعفه له أضعافا كثيرة البقرة الآية 245 قال : يستقرضنا ربنا إنما يستقرض الفقير
الغني
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن العلاء بن بدر أنه سئل عن قوله وقتلهم الأنبياء
بغير حق وهم لم يدركوا ذلك قال : بموالاتهم من قتل أنبياء الله
(2/397)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ونقول ذوقوا عذاب الحريق قال : بلغني أنه يحرق
أحدهم في اليوم سبعين ألف مرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وأن الله ليس بظلام للعبيد قال : ما أنا
بمعذب من لم يجترم
الآيات 183 - 185
أخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله حتى يأتينا بقربان تأكله
النار قال : يتصدق الرجل منا فإذا تقبل منه أنزلت عليه نار من السماء فأكلته
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : كان من قبلنا من الأمم يقرب أحدهم القربان
فتخرج الناس فينظرون أيتقبل منهم أم لا فإن تقبل منهم جاءت نار بيضاء من السماء
فأكلت ما قرب وإن لم يتقبل لم تأت النار فعرف الناس أن لم يقبل منهم فلما بعث الله
محمدا سأله أهل الكتاب أن يأتيهم بقربان قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي
قلتم القربان فلم قتلتموهم يعيرهم بكفرهم قبل اليوم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله الذين قالوا إن الله عهد
الآية
قال هم اليهود قالوا لمحمد صلى الله عليه و سلم : إن أتيتنا بقربان تأكله النار
صدقناك وإلا فلست بنبي
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الشعبي قال : إن الرجل يشترك في
(2/398)
دم
الرجل وقد قتل قبل أن يولد
ثم قرأ الشعبي قل قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم فلم قتلتموهم فجعلهم
هم الذين قتلوهم ولقد قتلوا قبل أن يولدوا بسبعمائة عام
ولكن قالوا قتلوا بحق وسنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله الذين قالوا إن الله عهد إلينا
الآية
قال : كذبوا على الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن العلاء بن بدر قال : كانت رسل تجيء بالبينات ورسل علامة
نبوتهم أن يضع أحدهم لحم البقر على يده فتجيء نار من السماء فتأكله
فأنزل الله قد جاءكم رسل من قبلي بالبينات وبالذي قلتم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله فإن كذبوك قال : اليهود
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله فقد كذبت رسل من قبلك قال : يعزي نبيه صلى
الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي عن أصحابه في قوله بالبينات قال : الحرام والحلال
والزبر قال : كتب الأنبياء والكتاب المنير قال : هو القرآن
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله والزبر والكتاب المنير قال : يضاعف الشيء وهو
واحد
قوله تعالى : كل نفس ذائقة الموت الآية
أخرج ابن أبي حاتم عن علي بن علي بن أبي طالب قال : لما توفي النبي صلى الله عليه
و سلم وجاءت التعزية
جاءهم آت يسمعون حسه ولا يرون شخصه فقال : السلام عليكم يا أهل البيت ورحمة الله
وبركاته كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة إن في الله عزاء من كل
مصيبة وخلفا من كل هالك ودركا من كل ما فات فبالله فثقوا وإياه فارجوا فإن المصاب
من حرم الثواب
فقال علي : هذا الخضر
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد والترمذي والحاكم وصححاه وابن حبان وابن
جرير وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: إن موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها واقرؤوا إن شئتم فمن زحزح عن النار
وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور "
وأخرج ابن مردويه عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
لموضع سوط
(2/399)
أحدكم
في الجنة خير من الدنيا وما فيها
ثم تلا هذه الآية فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز "
وأخرج عبد بن حميد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لغدوة
أو روحة في سبيل الله خير من الدنيا بما عليها ولقاب قوس أحدهم في الجنة خير من
الدنيا بما عليها "
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال : إن آخر من يدخل الجنة يعطى من النور بقدر ما
دام يحبو فهو في النور حتى تجاوز الصراط
فذلك قوله فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز
وأخرج أحمد عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من أحب
أن يزحزح عن النار وأن يدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر
وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه "
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله فقد فاز قال
سعد : ونجا
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول عبد الله بن رواحة : وعسى أن أفوز ثمت ألقى حجة اتقى بها الفتانا
وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن سابط في قوله وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور
قال : كزاد الراعي يزوده الكف من التمر أو الشيء من الدقيق يشرب عليه اللبن
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور قال : هي متاع
متروك أوشكت والله أن تضمحل عن أهلها فخذوا من هذا المتاع طاعة الله إن استطعتم
ولا قوة إلا بالله
الآية 186
(2/400)
أخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله لتبلون
الآية قال : أعلم الله المؤمنين أنه سيبتليهم فينظر كيف صبرهم على دينهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الزهري في قوله ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من
قبلكم قال : هو كعب بن الأشرف وكان يحرض المشركين على النبي صلى الله عليه و سلم
وأصحابه في شعره ويهجو النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه
وأخرج ابن المنذر من طريق الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك
مثله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب
يعني اليهود والنصارى فكان المسلمون يسمعون من اليهود قولهم : عزير ابن الله
ومن النصارى قولهم : المسيح ابن الله
وكان المسلمون ينصبون لهم الحرب ويسمعون إشراكهم بالله وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك
من عزم الأمور قال : من القوة مما عزم الله عليه وأمركم به
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله وإن تصبروا وتتقوا
الآية
قال : أمر الله المؤمنين أن يصبروا على من آذاهم رغم أنهم كانوا يقولون : يا أصحاب
محمد لستم على شيء نحن أولى منكم أنتم ضلال
فأمروا أن يمضوا ويصبروا
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله إن ذلك من عزم الأمور يعني هذا الصبر
على الأذى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من عزم الأمور يعني من حق الأمور
التي أمر الله تعالى
الآية 187
أخرج ابن إسحق وابن جرير من طريق عكرمة عن ابن عباس وإذ أخذ الله ميثاق الذين
أوتوا الكتاب لتبيننه للناس إلى قوله عذاب أليم يعني فنحاص وأشيع وأشباههما من
الأحبار
(2/401)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله وإذ أخذ الله ميثاق
الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس قال : كان أمرهم أن يتبعوا النبي الأمي الذي
يؤمن بالله وكلماته وقال : واتبعوه لعلكم تهتدون
فلما بعث الله محمدا قال وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم البقرة الآية 40 عاهدهم على ذلك
فقال حين بعث محمدا : صدقوه وتلقون عندي الذي أحببتم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علقمة بن وقاص عن ابن عباس في الآية قال :
في التوراة والإنجيل أن الإسلام دين الله الذي افترضه على عباده وأن محمدا رسول
الله يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل فينبذونه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية وإذ أخذ الله
ميثاق الذين أوتوا الكتاب قال : اليهود لتبيننه للناس قال : محمدا صلى الله عليه و
سلم
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : إن الله أخذ ميثاق اليهود لتبينن للناس
محمدا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال :
هذا ميثاق أخذه الله على أهل العلم فمن علم علما فليعلمه للناس وإياكم وكتمان
العلم فإن كتمان العلم هلكة ولا يتكلفن رجل ما لا علم له به فيخرج من دين الله
فيكون من المتكلفين
كان يقول مثل علم لا يقال به كمثل كنز لا ينتفع به ومثل حكمة لا تخرج كمثل صنم
قائم لا يأكل ولا يشرب
وكان يقال في الحكمة : طوبى لعالم ناطق وطوبى لمستمع واع
هذا رجل علم علما فعلمه وبذله ودعا إليه ورجل سمع خيرا فحفظه ووعاه وانتفع به
وأخرج ابن جرير عن أبي عبيدة قال : جاء رجل إلى قوم في المسجد وفيه عبد الله بن
مسعود فقال : إن أخاكم كعبا يقرؤكم السلام ويبشركم أن هذه الآية ليست فيكم وإذ أخذ
الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه فقال له عبد الله : وأنت
فأقرئه السلام أنها نزلت وهو يهودي
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس : إن أصحاب عبد
الله يقرؤون " وإذ أخذ ربك من الذين أوتوا الكتاب ميثاقهم "
(2/402)
وأخرج
ابن جرير عن الحسن أنه كان يفسر قوله لتبيننه للناس ولا تكتمونه ليتكلمن بالحق
وليصدقنه بالعمل
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله فنبذوه وراء ظهورهم
قال إنهم قد كانوا يقرؤونه ولكنهم نبذوا العمل به
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج فنبذوه قال : نبذوا الميثاق
وأخرج ابن جرير عن السدي واشتروا به ثمنا قليلا أخذوا طعما وكتموا اسم محمد صلى
الله عليه و سلم قال : كتموا وباعوا فلم يبدوا شيئا إلا بثمن
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله فبئس ما
يشترون قال : تبديل يهود التوراة
وأخرج عبد بن حميد عن أبي هريرة قال : لولا ما أخذ الله على أهل الكتاب ما حدثتكم
وتلا وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه
وأخرج ابن سعد عن الحسن قال لولا الميثاق الذي أخذه الله على أهل العلم ما حدثتكم
بكثير مما تسألون عنه
الآيتان 188 - 189 أخرج البخاري ومسلم وأحمد والترمذي والنسائي وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب من طريق حميد بن عبد
الرحمن بن عوف أن مروان قال لبوابه : اذهب يا رافع إلى ابن عباس فقل له : لئن كان
كل امرىء منا فرح بما أتى وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذبا لنعذبن أجمعين
فقال ابن عباس ما لكم ولهذه الآية ؟ ! إنما أنزلت هذه في أهل الكتاب ثم تلا ابن
عباس وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس
آل عمران الآية 187 الآية وتلا لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا الآية فقال ابن
عباس : سألهم النبي صلى الله عليه و سلم عن
(2/403)
شيء
فكتموه إياه وأخبروه بغيره فخرجوا وقد أروه أن قد أخبروه بما سألهم عنه واستحمدوا
بذلك إليه وفرحوا بما أتوا من كتمان ما سألهم عنه
وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان
عن أبي سعيد الخدري أن رجالا من المنافقين كانوا إذا خرج رسول الله صلى الله عليه
و سلم إلى الغزو تخلفوا عنه وفرحوا بمقعدهم خلاف رسول الله صلى الله عليه و سلم
فإذا قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم من الغزو اعتذروا إليه وحلفوا وأحبوا أن
يحمدوا بما لم يفعلوا
فنزلت لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا
الآية
وأخرج عبد بن حميد عن زيد بن أسلم أن رافع بن خديج وزيد بن ثابت كانا عند مروان
وهو أمير بالمدينة فقال مروان : يا رافع في أي شيء نزلت هذه الآية لا تحسبن الذين
يفرحون بما أتوا ؟ قال رافع : أنزلت في ناس من المنافقين كانوا إذا خرج النبي صلى
الله عليه و سلم اعتذروا وقالوا : ما حبسنا عنكم إلا الشغل فلوددنا أنا كنا معكم
فأنزل الله فيهم هذه الأية فكأن مروان أنكر ذلك فجزع رافع من ذلك فقال لزيد ين
ثابت : أنشدك بالله هل تعلم ما أقول ؟ قال : نعم
فلما خرجا من عند مروان قال له زيد : ألا تحمدني شهدت لك قال : أحمدك أن تشهد
بالحق قال : نعم
قد حمد الله على الحق أهله
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : هؤلاء المنافقون يقولون للنبي صلى الله
عليه و سلم لو قد خرجت لخرجنا معك فإذا خرج النبي صلى الله عليه و سلم تخلفوا
وكذبوا ويفرحون بذلك ويرون أنها حيلة احتالوا بها
وأخرج ابن إسحق وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في الآية قال :
يعني فنحاص وأشيع وأشباههما من الأحبار الذين يفرحون بما يصيبون من الدنيا على ما
زينوا للناس من الضلالة ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا أن يقول لهم الناس علماء وليسوا
بأهل علم لم يحملوهم على هدى ولا خير ويحبون أن يقول لهم الناس قد فعلوا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : هم أهل
الكتاب أنزل الله عليهم الكتاب فحكموا بغير الحق وحرفوا الكلم عن مواضعه وفرحوا
بذلك وأحبوا أن يحمدوا بما لم يفعلوا
فرحوا أنهم كفروا بمحمد صلى الله عليه و سلم وما أنزل الله إليه وهم يزعمون أنهم
يعبدون الله ويصومون ويصلون
(2/404)
ويطيعون
الله فقال الله لمحمد لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا كفروا بمحمد صلى الله عليه و
سلم وكفروا بالله ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا من الصلاة والصوم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك في الآية قال : إن اليهود كتب بعضهم إلى
بعض : إن محمدا ليس بنبي فأجمعوا كلمتكم وتمسكوا بدينكم وكتابكم الذي معكم ففعلوا
ففرحوا بذلك وفرحوا باجتماعهم على الكفر بمحمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : كتموا اسم محمد ففرحوا بذلك حين اجتمعوا
عليه وكانوا يزكون أنفسهم فيقولون : نحن أهل الصيام وأهل الصلاة وأهل الزكاة ونحن
على دين إبراهيم
فأنزل الله فيهم لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا من كتمان محمد ويحبون أن يحمدوا
بما لم يفعلوا أحبوا أن تحمدهم العرب بما يزكون به أنفسهم وليسوا كذلك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير لا تحسبن الذن يفرحون بما أتوا قال
: بكتمانهم محمدا ويحبون أن يحمدا بما لم يفعلوا قال : هو قولهم نحن على دين
إبراهيم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال :
يهود فرحوا بإعجاب الناس بتبديلهم الكتاب وحمدهم إياهم عليه
ولا تملك يهود ذلك ولن تفعله
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في الآية قال : هم اليهود يفرحون بما آتى الله
إبراهيم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن يهود خيبر أتوا النبي صلى
الله عليه و سلم فزعموا أنهم راضون بالذي جاء به وأنهم متابعوه وهم متمسكون
بضلالتهم وأرادوا أن يحمدهم النبي صلى الله عليه و سلم بما لم يفعلوا
فأنزل الله ولا تحسبن الذين يفرحون
الآية
وأخرج عبد الزراق وابن جرير من وجه آخر عن قتادة في الآية قال : إن أهل خيبر أتوا
النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه فقالوا : إنا على رأيكم وإنا لكم ردء
فأكذبهم الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : إن اليهود من أهل خيبر قدموا
(2/405)
على
رسول الله صلى الله عليه و سلم وقالوا : قد قبلنا الدين ورضينا به فأحبوا أن
يحمدوا بما لم يفعلوا
وأخرج مالك وابن سعد والبيهقي في الدلائل عن محمد بن ثابت " أن ثابت بن قيس
قال : يا رسول الله لقد خشيت أن أكون قد هلكت قال : لم
؟ قال : نهانا الله أن نحب أن نحمد بما لم نفعل وأجدني أحب الحمد
ونهانا عن الخيلاء وأجدني أحب الجمال
ونهانا أن نرفع صوتنا فوق صوتك وأنا رجل جهير الصوت
فقال : يا ثابت ألا ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا وتدخل الجنة
فعاش حميدا وقتل شهيدا يوم مسليمة الكذاب "
وأخرج الطبراني عن محمد بن ثابت قال : حدثني ثابت بن قيس بن شماس قال " قلت :
يا رسول الله لقد خشيت فذكره "
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : كان في بني إسرائيل رجال عباد
فقهاء فأدخلتهم الملوك فرخصوا لهم وأعطواهم فخرجوا وهم فرحون بما أخذت الملوك من
قولهم وما أعطوا
فأنزل الله لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن إبراهيم في قوله لا تحسبن الذين يفرحون بما
أتوا قال : ناس من اليهود جهزوا جيشا لرسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأحنف بن قيس أن رجلا قال له : ألا تميل فنحملك على ظهر
قال : لعلك من العراضين قال : وما العراضون ؟ قال : الذين يحبون أن يحمدوا بما لم
يفعلوا إذا عرض لك الحق فاقصد له واله عما سواه
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يعمر " فلا يحسبنهم " يعني أنفسهم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد أنه قرأ " فلا يحسبنهم " علىالجماع بكسر
السين ورفع الباء
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله بمفازة قال بمنجاة وأخرج ابن جرير عن ابن زيد
مثله
الآية 190
(2/406)
أخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال : أتت قريش
اليهود فقالوا : ما جاءكم موسى من الآيات ؟ قالوا : عصاه ويده بيضاء للناظرين
وأتوا النصارى فقالوا : كيف كان عيسى فيكم ؟ قالوا : كان يبرىء الأكمه والأبرص
ويحيي الموتى
فأتوا النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : ادع لنا ربك يجعل لنا الصفا ذهبا
فدعا ربه فنزلت إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي
الألباب فليتفكروا فيها
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن ابن عباس قال : بت
عند خالتي ميمونة فنام رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى انتصف الليل أو قبله
بقليل أو بعده بقليل ثم استيقظ فجعل يمسح النوم عن وجهه بيده
ثم قرأ العشر آيات الأواخر من سورة آل عمران حتى ختم
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند والطبراني والحاكم في الكنى والبغوي في
معجم الصحابة عن صفوان بن المعطل السلمي قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه و
سلم في سفر فرهقت صلاته ليلة فصلى العشاء الآخرة ثم نام فلما كان نصف الليل استيقظ
فتلا الآيات العشر
آخر سورة آل عمران ثم تسوك ثم توضأ فصلى إحدى عشرة ركعة
الآية 191
أخرج الأصبهاني في الترغيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " ينادي مناد يوم القيامة أين أولوا الألباب ؟ قالوا : أي أولوا الألباب
تريد ؟ ! قال الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات
والرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار عقد لهم لواء فاتبع القوم
لواءهم وقال لهم : ادخلوها خالدين "
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم والطبراني من طريق جويبر عن الضحاك عن
(2/407)
ابن
مسعود في قوله الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم قال : إنما هذا في
الصلاة إذا لم يستطع قائما فقاعدا وإن لم يستطع قاعدا فعلى جنبه
وأخرج الحاكم عن عمران بن حصين
أنه كان به البواسير فأمره النبي صلى الله عليه و سلم أن يصلي على جنب
وأخرج البخاري عن عمران بن حصين قال : كانت بي بواسير فسألت النبي صلى الله عليه و
سلم عن الصلاة ؟ فقال " صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب
"
وأخرج البخاري عن عمران بن حصين قال : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن صلاة
الرجل وهو قاعد فقال " من صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا فله نصف أجر
القائم ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال : هو ذكر الله في الصلاة وفي
غير الصلاة وقراءة القرآن
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة الذين يذكرون
الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم قال : هذه حالاتك كلها يا ابن آدم
اذكر الله وأنت قائم فإن لم تستطع فاذكره جالسا فإن لم تستطع فاذكره وأنت على جنبك
يسر من الله وتخفيف
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : لا يكون عبد من الذاكرين الله
كثيرا حتى يذكر الله قائما وقاعدا ومضطجعا
قوله تعالى ويتفكرون الآية
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والأصبهاني في الترغيب عن عبد الله ابن
سلام قال " خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم على أصحابه وهم يتفكرون فقال :
لا تفكروا في الله ولكن تفكروا فيما خلق "
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التفكر والأصبهاني في الترغيب عن عمرو بن مرة قال
" مر النبي صلى الله عليه و سلم على قوم يتفكرون فقال : تفكروا في الخلق ولا
تفكروا في الخالق "
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عثمان بن أبي دهرين قال " بلغني أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم انتهى إلى أصحابه وهم سكوت لا يتكلمون فقال : ما لكم لا تتكلمون ؟
! قالوا : نتفكر في خلق الله قال : كذلك فافعلوا تفكروا في خلقه ولا تفكروا فيه
"
(2/408)
وأخرج
ابن أبي الدنيا والطبراني وابن مردويه والأصبهاني في الترغيب عن ابن عمر قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " تفكروا في آلاء الله ولا تفكروا في الله
"
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في الله "
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال : تفكروا في كل
شيء ولا تفكروا في ذات الله
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في التفكر وابن المنذر وابن حبان في صحيحه وابن
مردويه والأصبهاني في الترغيب وابن عساكر عن عطاء قال " قلت لعائشة أخبريني
بأعجب ما رأيت من رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قالت : وأي شأنه لم يكن عجبا !
إنه أتاني ليلة فدخل معي في لحافي ثم قال : ذريني أتعبد لربي
فقام فتوضأ ثم قام يصلي فبكى حتى سالت دموعه على صدره ثم ركع فبكى ثم سجد فبكى ثم
رفع رأسه فبكى
فلم يزل كذلك حتى جاء بلال فآذنه بالصلاة فقلت : يا رسول الله ما يبكيك وقد غفر
الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ ! قال : أفلا أكون عبدا شكورا ولم لا أفعل وقد
أنزل علي هذه الليلة إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي
الألباب إلى قوله سبحانك فقنا عذاب النار ثم قال : ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها
"
وأخرج ابن أبي الدنيا في التفكر عن سفيان رفعة قال " من قرأ سورة آل عمران
فلم يتفكر فيها ويله
فعد بأصابعه عشرا
قيل للأوزاعي : ما غاية التفكر فيهن ؟ قال : يقرؤهن وهو يعقلهن "
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عامر بن عبد قيس قال : سمعت غير واحد ولا اثنين ولا ثلاثة
من أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم يقولون : إن ضياء الإيمان أو نور الإيمان
التفكر
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن المنذر عن ابن عون قال : سألت أم
الدرداء ما كان أفضل عبادة أبي الدرداء ؟ قالت : التفكر والإعتبار
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال : تفكر ساعة خير من قيام ليلة
وأخرج ابن سعد عن أبي الدرداء
مثله
وأخرج الديلمي عن أنس مرفوعا
مثله
(2/409)
وأخرج
الديلمي من وجه آخر مرفوعا عن أنس " تفكر ساعة في اختلاف الليل والنهار خير
من عبادة ثمانين سنة "
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " فكرة ساعة خير من عبادة ستين "
وأخرج أبو الشيخ والديلمي عن أبي هريرة مرفوعا " بينما رجل مستلق ينظر إلى
السماء وإلى النجوم فقال : والله إني لأعلم أن لك خالقا وربا
اللهم اغفر لي
فنظر الله إليه فغفر له "
الآيات 192 - 194
أخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن أبي الدرداء وابن عباس أنهما كانا يقولان :
اسم الله الأكبر رب رب
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أنس في قوله من تدخل النار فقد أخزيته قال : من
تخلد
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن المسيب في قوله
ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته قال : هذه خاصة لمن لا يخرج منها
وأخرج ابن جرير والحاكم عن عمرو بن دينار قال : قدم علينا جابر بن عبد الله في
عمرة فانتهيت إليه أنا وعطاء فقلت وما هم بخارجين من النار البقرة الآية 167 قال :
أخبرني رسول الله صلى الله عليه و سلم أنهم الكفار
قلت لجابر : فقوله إنك من تدخل النار فقد أخزيته قال : وما أخزاه حين أحرقه بالنار
وإن دون ذلك خزيا
(2/410)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله مناديا ينادي للإيمان قال
: هو محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد
مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والخطيب في المتفق
والمفترق عن محمد بن كعب القرظي سمعنا مناديا ينادي للإيمان قال : هوالقرآن ليس كل
الناس يسمع النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال :
سمعوا دعوة من الله فأجابوها وأحسنوا فيها : وصبروا عليها
ينبئكم الله عن مؤمن الأنس كيف قال وعن مؤمن الجن كيف قال
فأما مؤمن الجن فقال إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا
أحدا الجن الآية 1
وأما مؤمن الأنس فقال ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للإيمان أن آمنوا بربكم فآمنا
ربنا فاغفر لنا ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج ربنا وآتنا ما وعدتنا على
رسلك قال : ستنجزون موعد الله على رسله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ولا تخزنا يوم القيامة
قال : لا تفضحنا إنك لا تخلف الميعاد قال : ميعاد من قال لا إله إلا الله فاستجاب
لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم قال : أهل لا إله إلا الله أهل التوحيد
والإخلاص لا أخزيهم يوم القيامة
وأخرج أبو يعلى عن جابر : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " العار
والتخزية يبلغ من ابن آدم يوم القيامة في المقام بين يدي الله ما يتمنى العبد أن
يؤمر به إلى النار "
وأخرج أبو بكر الشافعي في رباعيته عن أبي قرصافة قال " كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : اللهم لا تخزنا يوم القيامة ولا تفضحنا يوم اللقاء "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه قال : إذا فرغ أحدكم من التشهد في الصلاة
فليقل : اللهم إني أسألك من الخير كله ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر
كله ما علمت منه وما لم أعلم اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبادك الصالحون وأعوذ
بك من شر ما عاذ منه عبادك الصالحون ربنا آتنا في الدنيا
(2/411)
حسنة
وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار البقرة الآية 201 ربنا إننا آمنا فاغفر لنا
ذنوبنا وكفر عنا سيئاتنا وتوفنا مع الأبرار إلى قوله إنك لا تخلف الميعاد
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم النخعي قال : كان يستحب أن يدعو في المكتوبة بدعاء
القرآن
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين أنه سئل عن الدعاء في الصلاة فقال : كان أحب
دعائهم ما وافق القرآن
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" عسقلان أحد العروسين يبعث الله منها يوم القيامة سبعين ألفا لا حساب عليهم
ويبعث منها خمسون ألفا شهداء وفودا إلى الله وبها صفوف الشهداء رؤوسهم تقطر في
أيديهم تثج أوداجهم دما يقولون ربنا وآتنا ما وعدتنا على رسلك
إنك لا تخلف الميعاد فيقول : صدق عبيدي
اغسلوهم بنهر البيضة فيخرجون منه بيضا فيسرحون في الجنة حيث شاؤوا "
الآية 195
أخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والطبراني والحاكم وصححه عن أم سلمة قالت " يا رسول الله لا أسمع الله ذكر
النساء في الهجرة بشيء ! فأنزل الله فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم
من ذكر أو أنثى إلى آخر الآية قالت الأنصار : هي أول ظعينة قدمت علينا "
وأخرج ابن مردويه عن أم سلمة قالت : آخر آية نزلت هذه الآية فاستجاب لهم ربهم إلى
آخرها
(2/412)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عطاء قال : ما من عبد يقول : يا رب يا رب يا رب ثلاث مرات إلا نظر
الله إليه
فذكر للحسن فقال : أما تقرأ القرآن ربنا إننا سمعنا مناديا آل عمران الآية 193 إلى
قوله فاستجاب لهم ربهم
قوله تعالى : فالذين هاجروا الآية
أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الأية قال : هم المهاجرون أخرجوا من كل وجه
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عمرو
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن أول ثلة الجنة الفقراء
المهاجرين الذين تتقى بهم المكاره
إذا أمروا سمعوا وأطاعوا وإن كانت لرجل منهم حاجة إلى السلطان لم تقض حتى يموت وهي
في صدره وأن الله يدعو يوم القيامة الجنة فتأتي بزخرفها وزينتها فيقول : أين عبادي
الذين قاتلوا في سبيلي وقتلوا وأوذوا في سبيلي وجاهدوا في سبيلي ؟ ! أدخلوا الجنة
فيدخلونه بغير عذاب ولا حساب ويأتي الملائكة فيسجدون ويقولون : ربنا نحن نسبح لك
الليل والنهار ونقدس لك من هؤلاء الذين آثرتهم علينا ؟ فيقول : هؤلاء عبادي الذين
قاتلوا في سبيلي وأوذوا في سبيلي
فتدخل الملائكة عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار الرعد الآية
24 "
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال " قال لي رسول الله صلى الله
عليه و سلم : أتعلم أول زمرة تدخل الجنة من أمتي ؟ قلت : الله ورسوله أعلم ! قال :
المهاجرون يأتون يوم القيامة إلى باب الجنة ويستفتحون فتقول لهم الخزنة : أوقد
حوسبتم ؟ قالوا : بأي شيء نحاسب وإنما كانت أسيافنا على عواتقنا في سبيل الله حتى
متنا على ذلك ! قال : فيفتح لهم فيقيلون فيه أربعين عاما قبل أن يدخل الناس "
وأخرج أحمد عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " دخلت الجنة
فسمعت فيها حشفة بين يدي فقلت : ما هذا ؟ قال : بلال فمضيت فإذا أكثر أهل الجنة
فقراء المهاجرين وذراري المسلمين ولم أر أحدا أقل من الأغنياء والنساء
قيل لي : أما الأغنياء فهم بالباب يحاسبون ويمحصون وأما النساء فألهاهن الأحمران :
الذهب والحرير "
(2/413)
وأخرج
أحمد عن أبي الصديق عن أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال " يدخل فقراء المؤمنين الجنة قبل أغنيائهم بأربعمائة عام حتى يقول
المؤمن الغني : يا ليتني كنت نحيلا
قيل : يا رسول الله صفهم لنا قال : هم الذين إذا كان مكروه بعثوا له وإذا كان مغنم
بعث إليه سواهم وهم الذين يحجبون عن الأبواب "
وأخرج الحكيم الترمذي عن سعيد بن عامر بن حزم قال " سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : يدخل فقراء المسلمين قبل الأغنياء الجنة بخمسين سنة حتى إن
الرجل من الأغنياء ليدخل في غمارهم فيؤخذ بيده فيستخرج "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : يجمعون فيقول أين فقراء هذه الأمة
ومساكينها ؟ فيبرزون
فيقال : ما عندكم ؟ فيقولون : يا رب ابتلينا فصبرنا وأنت أعلم ووليت الأموال
والسلطان غيرنا
فيقال : صدقتم
فيدخلون الجنة قبل سائر الناس بزمن وتبقى شدة الحساب على ذوي الأموال والسلطان
قيل : فأين المؤمنون يومئذ ؟ قال : يوضع لهم كراسي من نور ويظلل عليهم الغمام
ويكون ذلك اليوم أقصر عليهم من ساعة من نهار
والله أعلم
قوله تعالى : والله عنده حسن الثواب
أخرج ابن أبي حاتم عن شداد بن أوس قال : يا أيها الناس لا تتهموا الله في قضائه
فإن الله لا يبغي على مؤمن فإذا نزل بأحدكم شيء مما يحب فليحمد الله وإذا نزل به
شيء يكره فليصبر وليحتسب فإن الله عنده حسن الثواب
الآيات 196 - 198
عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة لا يغرنك تقلب الذين كفروا تقلب ليلهم ونهارهم
وما يجري عليهم من النعم متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد قال عكرمة : قال
ابن عباس : أي بئس المنزل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد يقول
ضربهم في البلاد
(2/414)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : والله ما غروا نبي الله ولا وكل
إليهم شيئا من أمر الله حتى قبضه الله على ذلك
قوله تعالى : و ما عند الله خير للأبرار
أخرج البخاري في الأدب المفرد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : إنما
سماهم الله أبرارا لأنهم بروا الآباء والأبناء كما أن لوالدك عليك حقا كذلك لولدك
عليك حق
وأخرجه ابن مردويه عن ابن عمر مرفوعا
والأول أصح
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال الأبرار الذين لا يؤذون الذر
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد وما عند الله خير للأبرار قال : لمن يطيع الله عز و جل
الآية 199
أخرج النسائي والبزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أنس قال : لما مات
النجاشي قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " صلوا عليه قالوا يا رسول الله
نصلي على عبد حبشي
فأنزل الله وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم
الآية "
وأخرج ابن جرير عن جابر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال " اخرجوا فصلوا على
أخ لكم فصلى بنا فكبر أربع تكبيرات فقال : هذا النجاشي أصحمة فقال المنافقون :
انظروا إلى هذا يصلي على علج نصراني لم نره قط
فأنزل الله وان من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله الآية "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال " ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في
النجاشي وفي ناس من أصحابه آمنوا بنبي الله وصدقوا به
وذكر لنا : أن النبي صلى الله عليه و سلم استغفر للنجاشي وصلى عليه حين بلغه موته
قال لأصحابه : صلوا على أخ لكم
(2/415)
قد
مات بغير بلادكم
فقال أناس من أهل النفاق : يصلي على رجل مات ليس من أهل دينه ! فأنزل الله وإن من
أهل الكتاب لمن يؤمن بالله الآية "
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : لما مات النجاشي قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " استغفروا لأخيكم فقالوا : يا رسول الله أنستغفر لذلك العلج ؟ فأنزل
الله وإن من أهل الكاب لمن يؤمن بالله وما أنزل إليكم الآية "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال " لما صلى النبي صلى الله عليه و
سلم على النجاشي طعن في ذلك المنافقون فقالوا : صلى عليه وما كان على دينه ! فنزلت
هذه الآية وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله
الآية
قالوا : ما كان يستقبل قبلته وإن بينهما البحار
فنزلت فأينما تولوا فثم وجه الله البقرة الآية 115 قال ابن جريج : وقال آخرون :
نزلت في النفر الذين كانوا من يهود فأسلموا
عبد الله بن سلام ومن معه "
وأخرج الطبراني عن وحشي بن حرب قال : لما مات النجاشي قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم لأصحابه " إن أخاكم النجاشي قد مات قوموا فصلوا عليه
فقال رجل : يا رسول الله كيف نصلي عليه وقد مات في كفره ؟ قال : ألا تسمعون قول
الله وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله
الآية "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله
الآية
قال : هم مسلمة أهل الكتاب من اليهود والنصارى
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : هؤلاء يهود
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : هم أهل الكتاب الذين كانوا قبل محمد
صلى الله عليه و سلم والذين اتبعوا محمدا صلى الله عليه و سلم
الآية 200
أخرج ابن المبارك وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان من
طريق داود بن صالح قال : قال أبو سلمة بن عبد الرحمن : تدري في أي شيء نزلت هذه
الآية اصبروا وصابروا ورابطوا ؟ قلت : لا
قال
سمعت أبا هريرة يقول : لم يكن في زمان النبي صلى الله عليه و سلم غزو يرابط فيه
ولكن انتظار الصلاة بعد الصلاة
(2/416)
وأخرج
ابن مردويه من وجه آخر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال : أقبل علي أبو هريرة يوما
فقال : أتدري يا ابن أخي فيم أنزلت هذه الآية يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا
ورابطوا ؟ قلت : لا
قال : أما إنه لم يكن في زمان النبي صلى الله عليه و سلم غزو يرابطون فيه ولكنها
نزلت في قوم يعمرون المساجد يصلون الصلاة في مواقيتها ثم يذكرون الله فيها فعليهم
أنزلت اصبروا أي على الصلوات الخمس وصابروا أنفسكم وهواكم ورابطوا في مساجدكم
واتقوا الله فيما علمكم لعلكم تفلحون
وأخرج ابن مردويه عن أبي أيوب قال : وقف علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال
" هل لكم إلى ما يمحو الله تعالى به الذنوب ويعظم الأجر ؟ فقلنا : نعم يا
رسول الله قال : إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة
بعد الصلاة
قال : وهو قول الله يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا فذلكم هو الرباط
في المساجد "
وأخرج ابن جرير وابن حبان عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " ألا أدلكم على ما يمحو الله به الذنوب ؟ قلنا : بلى يا رسول الله
قال : إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد
الصلاة فذلكم الرباط "
وأخرج ابن جرير من حديث علي
مثله
وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم عن
أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ألا أخبركم بما يمحو الله به
الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد
وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط
فذلكم الرباط
فذلكم الرباط "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي غسان قال : إن هذه الآية إنما أنزلت في لزوم المساجد يا
أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم في الآية قال : أمرهم أن يصبروا على دينهم ولا يدعوه
لشدة ولا رخاء ولا سراء ولا ضراء
وأمرهم أن يصابروا الكفار وأن يرابطوا المشركين
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي في الآية
(2/417)
قال
: اصبروا على دينكم وصابروا الوعد الذي وعدتكم ورابطوا عدوي وعدوكم حتى يترك دينه
لدينكم واتقوا الله فيما بيني وبينكم لعلكم تفلحون غدا إذا لقيتموني
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : اصبروا على طاعة الله
وصابروا أهل الضلالة ورابطوا في سبيل الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن زيد بن أسلم في
الآية قال : اصبروا على الجهاد وصابروا عدوكم ورابطوا على دينكم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : اصبروا عند
المصيبة وصابروا على الصلوات ورابطوا : جاهدوا في سبيل الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : اصبروا على الفرائض وصابروا مع
النبي صلى الله عليه و سلم في الموطن ورابطوا فيما أمركم ونهاكم
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في الآية قال : اصبروا على طاعة
الله وصابروا أعداء الله ورابطوا في سبيل الله
وأخرج أبو النعيم عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" يا أيها الذين آمنوا اصبروا
على الصلوات الخمس وصابروا على قتال عدوكم بالسيف ورابطوا في سبيل الله لعلكم
تفلحون "
وأخرج مالك وابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في
شعب الإيمان عن زيد بن أسلم قال : كتب أبو عبيدة إلى عمر بن الخطاب يذكر له جموعا
من الروم وما يتخوف منهم فكتب إليه عمر : أما بعد فإنه مهما ينزل بعبد مؤمن من شدة
يجعل الله بعدها فرجا وإنه لن يغلب عسر يسرين وإن الله يقول في كتابه يا أيها
الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والبيهقي في الشعب عن سهل بن سعد
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " رباط يوم في سبيل الله خير من
الدنيا وما عليها "
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب
عن فضالة بن عبيد : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول " كل ميت يختم على
عمله إلا الذي مات مرابطا في سبيل الله فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويأمن
فتنة القبر "
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي والنسائي والطبراني والبيهقي عن سلمان : سمعت رسول
(2/418)
الله
صلى الله عليه و سلم : يقول " رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه وإن مات
فيه جرى عليه عمله الذي كان يعمل وأجرى عليه رزقه فأمن الفتان
زاد الطبراني : وبعث يوم القيامة شهيدا "
وأخرج الطبراني بسند جيد عن أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : قال
" رباط شهر خير من صيام دهر ومن مات مرابطا في سبيل الله أمنه من الفزع
الأكبر وغدى عليه برزقه وريح من الجنة ويجري عليه أجر المرابط حتى يبعثه الله عز و
جل "
وأخرج الطبراني بسند جيد عن العرباض بن سارية قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " كل عمل ينقطع عن صاحبه إذا مات إلا المرابط في سبيل الله فإنه ينمي
له عمله ويجري عليه رزقه إلى يوم القيامة "
وأخرج أحمد بسند جيد عن أبي الدرداء يرفع الحديث قال : من رابط في شيء من سواحل
المسلمين ثلاثة أيام أجزأت عنه رباط سنة
وأخرج ابن ماجة بسند صحيح عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" من مات مرابطا في سبيل الله أجرى عليه أجر عمله الصالح الذي كان يعمل وأجرى
عليه رزقه وأمن من الفتان وبعثه الله يوم القيامة آمنا من الفزع "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة مرفوعا مثله
وزاد : والمرابط إذا مات في رباطه كتب له أجر عمله إلى يوم القيامة وغدي عليه وريح
برزقه ويزوج سبعين حوراء وقيل له قف اشفع إلى أن يفرغ من الحساب "
وأخرج الطبراني بسند لا بأس به عن واثلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : من سن سنة حسنة فله أجرها ما عمل بها في حياته وبعد مماته حتى تترك ومن سن
سنة سيئة فعليه إثمها حتى تترك ومن مات مرابطا في سبيل الله جرى عليه عمل المرابط
حتى يبعث يوم القيامة
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند جيد عن أنس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و
سلم عن أجر المرابط فقال : " من رابط ليلة حارسا من وراء المسلمين كان له أجر
من خلفه ممن صام وصلى "
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند لا بأس به عن جابر سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " من رابط يوما في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار سبع خنادق
كل خندق كسبع سموات وسبع أرضين "
(2/419)
وأخرج
ابن ماجة بسند واه عن أبي بن كعب قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
لرباط يوم في سبيل الله من وراء عورة المسلمين محتسبا من غير شهر رمضان أفضل عند
الله وأعظم أجرا من عبادة مائة سنة صيامها وقيامها ورباط يوم في سبيل الله من وراء
عورة المسلمين محتسبا من شهر رمضان أفضل عند الله وأعظم أجرا من عبادة ألفي سنة
صيامها وقيامها فإن رده الله الىأهله سالما لم تكتب له سيئة وتكتب له الحسنات ويجري
له أجر الرباط إلى يوم القيامة "
وأخرج ابن حبان والبيهقي عن مجاهد عن أبي هريرة
أنه كان في المرابطة ففزعوا وخرجوا إلى الساحل ثم قيل لا بأس فانصرف الناس وأبو
هريرة واقف فمر به إنسان فقال : ما يوقفك يا أبا هريرة ؟ فقال : سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول " موقف ساعة في سبيل الله خير من قيام ليلة القدر
عند الحجر الأسود "
وأخرج الترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححه عن عثمان بن عفان
" سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : رباط يوم في سبيل الله خير من
ألف يوم فيما سواه من المنازل
ولفظ ابن ماجة : من رابط ليلة في سبيل الله كانت كألف ليلة صيامها وقيامها "
وأخرج البيهقي عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " إن صلاة
المرابط تعدل خمسمائة صلاة ونفقة الدينار والدرهم منه أفضل من سبعمائة دينار ينفقه
في غيره "
وأخرج أبو الشيخ في الثواب عن أنس مرفوعا " الصلاة بأرض الرباط بألفي ألف
صلاة "
وأخرج ابن حبان عن عتبة بن الندر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
إذا انتاط غزوكم وكثرت الغرائم واستحلت الغنائم فخير جهادكم الرباط "
وأخرج البخاري والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة وعبد القطيفة
إن أعطي رضي وإن لم يعط سخط تعس وانتكس وإذا شيك فلا انتقش طوبى لعبد آخذ بعنان
فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن
كان في الساقة كان في الساقة
إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفع "
وأخرج مسلم والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
" من خير معاش الناس لهم رجل ممسك بعنان فرسه في سبيل الله يطير على متنه
كلما سمع هيعة أو قزعة طار على متنه يبتغي القتل والموت من مظانه
ورجل في غنيمة في رأس شعفة من هذه الشعف أو بطن واد من هذه الأودية يقيم الصلاة
ويؤتي الزكاة
(2/420)
ويعبد
ربه حتى يأتيه اليقين ليس من الناس إلا في خير "
وأخرج البيهقي عن أم مبشر تبلغ به النبي صلى الله عليه و سلم قال " خير الناس
منزلة رجل على متن فرسه يخيف العدو ويخيفونه "
وأخرج البيهقي عن أبي أمامة قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لأن
أحرس ثلاث ليال مرابطا من وراء بيضة المسلمين أحب إلي من أن تصيبني ليلة القدر في
أحد المسجدين : المدينة أو بيت المقدس
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من مات مرابطا في سبيل الله آمنه الله من
فتنة القبر
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن المرابط في سبيل الله أعظم أجرا من رجل
جمع كعبيه رياد شهر صيامه وقيامه "
وأخرج البيهقي عن ابن عابد قال " خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في جنازة
رجل فلما وضع قال عمر بن الخطاب : لا تصل عليه يا رسول الله فإنه رجل فاجر
فالتفت رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الناس قال : هل رآه أحد منكم على
الإسلام ؟ فقال رجل : نعم يا رسول الله حرس ليلة في سبيل الله
فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم وحثى عليه التراب وقال : أصحابك يظنون
أنك من أهل النار وأنا أشهد أنك من أهل الجنة
وقال : يا عمر إنك لا تسأل عن أعمال الناس ولكن تسأل عن الفطرة "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر
أن عمر كان يقول : إن الله بدأ هذا الأمر حين بدأ بنبوة ورحمة ثم يعود إلى ملك
ورحمة ثم يعود جبرية يتكادمون تكادم الحمير
أيها الناس عليكم بالغزو والجهاد ما كان حلوا خضرا قبل أن يكون مرا عسرا ويكون
عاما قبل أن يكون حطاما فإذا انتاطت المغازي وأكلت الغنائم واستحل الحرام فعليكم
بالرباط فإنه خير جهادكم
وأخرج أحمد عن أبي أمامة " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : أربعة
تجري عليهم أجورهم بعد الموت : رجل مات مرابطا في سبيل الله ورجل علم علما فأجره
يجري عليه ماعمل به ورجل أجرى صدقة فأجرها يجري عليه ما جرت عليهم ورجل ترك ولدا
صالحا يدعو له "
وأخرج ابن السني في عمل يوم وليلة وابن مردويه وأبو نعيم وابن عساكر عن أبي هريرة
" أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقرأ عشر آيات من آخر سورة آل عمران
كل ليلة "
وأخرج الدرامي عن عثمان بن عفان قال : من قرأ آخر آل عمران في ليلة كتب له قيام
ليلة
(2/421)
مقدمة
سورة النساء
أخرج ابن الضريس في فضائله والنحاس في ناسخه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من
طرق عن ابن عباس قال : نزلت سورة النساء بالمدينة
وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال : نزل بالمدينة النساء
وأخرج البخاري عن عائشة قالت : ما نزلت سورة البقرة والنساء إلا وأنا عنده
وأخرج أحمد وابن الضريس في فضائل القرآن ومحمد بن نصر في الصلاة والحاكم وصححه
والبيهقي في الشعب عن عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال " من أخذ السبع
فهو حبر "
وأخرج البيهقي في الشعب عن واثلة بن الأسقع قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " أعطيت مكان التوراة السبع الطول ؟ والمئين كل سورة بلغت مائة فصاعدا
والمثاني كل سورة دون المئين ؟ وفوق المفصل "
وأخرج أبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أنس قال
: وجد رسول الله ذات ليلة شيئا فلما أصبح قيل : يا رسول الله إن أثر الوجع عليك
لبين : قال : أما إني على ما ترون بحمد الله قد قرأت السبع الطوال
وأخرج أحمد عن حذيفة قال : قمت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ليلة فقرأ السبع
الطوال في سبع ركعات
وأخرج عبد الرزاق عن بعض أهل النبي صلى الله عليه و سلم أنه بات معه فقام النبي
صلى الله عليه و سلم من الليل فقضى حاجته ثم جاء القربة فاستكب ماء فغسل كفيه
ثلاثا ثم توضأ وقرأ بالطوال السبع في ركعة واحدة
وأخرج الحاكم عن أبي مليكة سمع ابن عباس يقول : سلوني عن سورة النساء فإني قرأت
القرآن وأنا صغير
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس قال : من قرأ سورة النساء فعلم ما يحجب
مما لا يحجب علم الفرائض
والله أعلم
(2/422)
سورة
النساء
مدنية وآياتها ست وسبعون ومائة
الآية 1
أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله خلقكم من نفس واحدة قال : من أدم وخلق منها
زوجها قال : خلق حواء من قصيراء أضلاعه
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله خلقكم من نفس واحدة قال : آدم وخلق منها زوجها قال : حواء من قصيراء آدم وهو
نائم فاستيقظ فقال : أأنا
؟ ! بالنبطية امرأة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عمرو قال خلقت حواء من خلف آدم الأيسر وخلقت
امرأة إبليس من خلفه الأيسر
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك خلق منها زرجها قال : خلق حواء من آدم من ضلع الخلف
وهو أسفل الأضلاع
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : خلقت المرأة
من الرجل فجعلت نهمتها في الرجال فاحبسوا نساءكم
وخلق الرجل من الأرض فجعل نهمته في الأرض
قوله تعالى : وبث منهما رجالا الآية
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس قال : ولد لآدم أربعون ولدا : عشرون
غلاما وعشرون جارية
وأخرج ابن عساكر عن أرطاة بن المنذر قال : بلغني أن حواء حملت بشيث حتى نبتت
أسنانه وكانت تنظر إلى وجهه من صفاء في بطنها وهو الثالث من ولد آدم وإنه لما
حضرها الطلق أخذها عليه شدة شديدة فلما وضعته أخذته الملائكة فمكث معها أربعين
يوما فعلموه الرمز ثم رد إليها
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس واتقوا الله الذي تساءلون به قال : تعاطون به
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع في الآية يقول : اتقوا الله
الذي به تعاقدون وتعاهدون
(2/423)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد تساءلون به والأرحام قال : يقول :
أسألك بالله وبالرحم
وأخرج ابن جرير عن الحسن في الأية قال : هو قول الرجل : أنشدك بالله والرحم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن إبراهيم تساءلون به والأرحام خفض
قال : هو قول الرجل : أسألك بالله وبالرحم
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه تلا هذه الآية قال : إذا سئلت بالله فأعطه وإذا
سئلت بالرحم فأعطه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله واتقوا الله الذي تساءلون به
والأرحام يقول : اتقوا الله الذي تساءلون به واتقوا الأرحام وصلوها
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله الذي تساءلون به والأرحام قال : قال ابن عباس
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يقول الله تعالى : صلوا أرحامكم
فإنه أبقى لكم في الحياة الدنيا وخير لكم في آخرتكم "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه و سلم
كان يقول : " اتقوا الله وصلوا الأرحام
فإنه أبقى لكم في الدنيا وخير لكم في الآخرة "
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
اتقوا الله وصلوا الأرحام "
وأخرج ابن جرير عن الضحاك إن ابن عباس كان يقرأ والأرحام يقول : اتقوا الله لا
تقطعوها
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج قال : قال ابن عباس : اتقوا الأرحام
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد الذي تساءلون به والأرحام قال : اتقوا الله
واتقوا الأرحام أن تقطعوها نصب الأرحام
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة في قوله والأرحام قال : اتقوا الأرحام أن
تقطعوها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد إن الله كان عليكم رقيبا قال : حفيظا
(2/424)
وأخرج
ابن جرير عن ابن زيد قال : رقيبا على أعمالكم يعلمها ويعرفها
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة عن ابن مسعود قال
: علمنا رسول الله صلى الله عليه و سلم خطبة الصلاة وخطبة الحاجة
فأما خطبة الصلاة فالتشهد
وأما خطبة الحاجة فإن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا
إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
ثم يقرأ ثلاث آيات من كتاب الله اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون
آل عمران الآية 102 واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا
اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم الأحزاب الآية 70
ثم تعمد حاجتك
الآية 2
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : إن رجلا من غطفان كان معه مال كثير لابن
أخ له يتيم فلما بلغ اليتيم طلب ماله فمنعه عنه فخاصمه إلى النبي صلى الله عليه و
سلم
فنزلت وآتوا اليتامى أموالهم يعني الأوصياء يقول : أعطوا اليتامى أموالهم ولا
تتبدلوا الخبيث بالطيب يقول : لا تتبدلوا الحرام من أموال الناس بالحلال من
أموالكم
يقول : لا تبذروا أموالكم الحلال وتأكلوا أموالهم الحرام
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان
عن مجاهد ولا تتبدلوا الخبيث بالطيب قال : الحرام بالحلال
لا تعجل بالرزق الحرام قبل أن يأتيك الحلال الذي قدر لك ولا تأكلوا أموالهم إلى
أموالكم قال : لا تأكلوا أموالهم مع أموالكم تخلطونها فتأكلونها جميعا إنه كان
حوبا كبيرا قال : إثما
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب ولا تتبدلوا الخبيث
بالطيب قال : لا تعط مهزولا وتأخذ سمينا
وأخرج ابن جرير عن الزهري
مثله
(2/425)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم في الآية قال : لا تعط زائفا وتأخذ
جيدا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : كان أحدهم يأخذ الشاة
السمينة من غنم اليتيم ويجعل فيها مكانها الشاة المهزولة ويقول : شاة بشاة
ويأخذ الدرهم الجيد ويطرح مكانه الزيف ويقول : درهم بدرهم
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون النساء ولا
يورثون الصغار
يأخذه الأكبر فنصيبه من الخيرات طيب وهذا الذي يأخذه خبيث
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم قال : مع
أموالكم
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : لما نزلت هذه الآية في اموال اليتامى كرهوا أن
يخالطوهم وجعل ولي اليتيم يعزل مال اليتيم عن ماله
فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه و سلم فأنزل الله ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح
لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم قال : فخالطوهم واتقوا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله حوبا كبيرا
قال : إثما عظيما
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس حوبا قال : ظلما
وأخرج الطستي في مسائله وابن الأنباري في الوقف والإبتداء والطبراني عن ابن عباس
أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله حوبا قال : إثما بلغه الحبشة قال : وهل تعرف العرب
ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الأعشى الشاعر : فإني وما كلفتموني من أمركم ليعلم من أمسي أعق
وأحوبا وأخرج عبد بن حميد عن قتادة أنه كان يقرأ حوبا برفع الحاء
وأخرج عن الحسن أنه كان يقرؤها حوبا بنصب الحاء
الآية 3
(2/426)
أخرج
عبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والبيهقي في سننه عن عروة بن الزبير أنه سال عائشة عن قول الله وإن خفتم ألا
تقسطوا في اليتامى قالت : يا ابن أختي هذه اليتيمة تكون في حجر وليها تشركه في
مالها ويعجبه مالها وجمالها فيريد وليها أن يتزوجها بغير أن يقسط في صداقها
فيعطيها مثل ما يعطيها غيره
فنهوا عن أن ينكحوهن إلا أن يقسطوا لهن ويبلغوا بهن أعلى سنتهن في الصداق وأمروا
أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهن وإن الناس استفتوا رسول الله صلى الله عليه
و سلم بعد هذه الآية
فأنزل الله ويستفتونك في النساء البقرة الآية 220 قالت عائشة : وقول الله في الآية
الأخرى وترغبون أن تنكحوهن النساء الآية 127 رغبة أحدكم عن يتيمته حين تكون قليلة
المال والجمال
فنهوا أن ينكحوا من رغبوا في ماله وجماله من باقي النساء إلا بالقسط من أجل رغبتهم
عنهن إذا كن قليلات المال والجمال
وأخرج البخاري عن عائشة أن رجلا كانت له يتيمة فنكحها وكان لها عذق فكان يمسكها
عليه ولم يكن لها من نفسه شيء
فنزلت فيه وان خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى أحسبه قال كانت شريكته في ذلك العذق
وفي ماله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عائشة قالت : نزلت هذه الآية في
اليتيمة تكون عند الرجل وهي ذات مال فلعله ينكحها لمالها وهي لا تعجبه ثم يضربها
ويسيء صحبتها
فوعظ في ذلك
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال : كان الرجل من
قريش يكون عند النسوة ويكون عند الأيتام فيذهب ماله فيميل على مال الأيتام
فنزلت هذه الآية وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى الآية
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في الآية قال : كان الرجل يتزوج الأربع والخمس والست
والعشر فيقول الرجل : ما يمنعني أن أتزوج كما تزوج فلان ! فيأخذ مال يتيمة فيتزوج
به فنهوا أن يتزوجوا فوق الأربع
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : كان الرجل يتزوج بمال
اليتيم ما شاء الله تعالى فنهى الله عن ذلك
(2/427)
وأخرج
الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قصر الرجال على
أربع نسوة من أجل أموال اليتامى
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن
جبير قال : بعث الله محمدا صلى الله عليه و سلم والناس على أمر جاهليتهم إلا أن
يؤمروا بشيء وينهوا عنه فكانوا يسألون عن اليتامى ولم يكن للنساء عدد ولا ذكر
فأنزل الله وإن خفتم أن لا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم
الآية
وكان الرجل يتزوج ما شاء فقال : كما تخافون أن لا تعدلوا في اليتامى فخافوا في
النساء أن لا تعدلوا فيهن
فقصرهم على الأربع
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : كانوا في الجاهلية ينكحون
عشرا من النساء الأيامى وكانوا يعظمون شأن اليتيم فتفقدوا من دينهم شأن اليتامى
وتركوا ما كانوا ينكحون في الجاهلية
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في الآية قال :
كما خفتم أن لا تعدلوا في اليتامى فخافوا أن لا تعدلوا في النساء إذا جمعتموهن
عندكم
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في الآية قال : كانوا في الجاهلية لا يرزؤن من مال
اليتيم شيئا وهم ينكحون عشرا من النساء وينكحون نساء آبائهم فتفقدوا من دينهم شأن
النساء
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق محمد بن أبي موسى الأشعري عن ابن عباس في الآية يقول :
فإن خفتم الزنا فانكحوهن يقول : كما خفتم في أموال اليتامى أن لا تقسطوا فيها كذلك
فخافوا على أنفسكم ما لم تنكحوا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية يقول :
إن تحرجتم في ولاية اليتامى وأكل أموالهم إيمانا وتصديقا فكذلك فتحرجوا من الزنا
وانكحوا النساء نكاحا طيبا مثنى وثلاث ورباع
وأخرج عبد بن حميد عن ابن إدريس قال أعطاني الأسود بن عبد الرحمن بن الأسود مصحف
علقمة فقرأت فانكحوا ما طاب لكم من النساء بالألف فحدثت به الأعمش فأعجبه وكان
الأعمش لا يكسرها
لا يقرأ طيب بمال وهي في بعض المصاحف بالياء طيب لكم
(2/428)
وأخرج
ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك ما
طاب لكم قال : ما أحل لكم
وأخرج ابن جرير عن الحسن وسعيد بن جبير ما طاب لكم قال : ما حل لكم
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عائشة ما طاب لكم يقول : ما أحللت لكم
قوله تعالى : مثنى وثلاث ورباع
أخرج الشافعي وابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وابن ماجة والنحاس في ناسخه والدارقطني
والبيهقي عن ابن عمر أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة فال له النبي
صلى الله عليه و سلم : " اختر منهن - وفي لفظ - أمسك أربعا وفارق سائرهن
"
وأخرج ابن أبي شيبة والنحاس في ناسخه عن قيس بن الحارث قال : أسلمت وكان تحتي ثمان
نسوة فأتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرته فقال : اختر منهن أربعا وخل
سائرهن ففعلت "
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين قال : قال عمر : من يعلم ما يحل للمملوك من
النساء ؟ قال رجل : أنا
امرأتين فسكت
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في سننه عن الحكم قال : أجمع أصحاب رسول الله صلى
الله عليه و سلم على أن المملوك لا يجمع من النساء فوق اثنتين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في فإن خفتم أن لا تعدلوا
الآية يقول إن خفت أن لا تعدل في أربع فثلاث وإلا فاثنتين وإلا فواحدة فإن خفت أن
لا تعدل في واحدة فما ملكت يمينك
وأخرج ابن جرير عن الربيع
مثله
وأخرج ابن جرير عن الضحاك فإن خفتم أن لا تعدلوا قال : في المجامعة والحب
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي أو ما ملكت أيمانكم قال : السراري
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله أو ما ملكت أيمانكم فكانوا في حلال مما
(2/429)
ملكت
أيمانكم من الإماء كلهن
ثم أنزل الله بعد هذا تحريم نكاح المرأة وأمها ونكاح ما نكح الآباء والأبناء وأن
يجمع بين الأخت والأخت من الرضاعة والأم من الرضاعة والمرأة لها زوج حرم الله ذلك
حر من حرة أو أمة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان في صحيحه عن عائشة عن النبي صلى الله
عليه و سلم ذلك أدنى أن لا تعولوا قال : أن لا تجوروا قال ابن ابي حاتم : قال أبي
: هذا حديث خطأ والصحيح عن عائشة موقوف
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله أن لا تعولوا قال : أن لا تميلوا
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله ذلك أدنى أن
لا تعولوا قال : أجدر أن لا تميلوا
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر : إنا تبعنا رسول الله واطرحوا قول النبي وعالوا في الموازين
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير والمنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في
قوله أن لا تعولوا قال : أن لا تميلوا
ثم قال : أما سمعت قول أبي طالب : بميزان قسط لا تخيس سعيرة ووازن صدق وزنه غير
عائل وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي إسحق الكوفي قال : كتب عثمان
بن عفان إلى أهل الكوفة في شيء عاتبوه فيه : إني لست بميزان لا أعول
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الرحمن وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد أن لا تعولوا قال
: أن لا تميلوا
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي رزين وأبي مالك والضحاك
مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في الآية قال : ذلك أدنى أن لا يكثر من تعولوا
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : ذلك أقل لنفقتك
الواحدة أقل من عدد وجاريتك أهون نفقة من حرة أهون عليك في العيال
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة أن لا تعولوا قال : أن لا تفتقروا
والله تعالى أعلم
(2/430)
الآية
4
أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح
قال : كان الرجل إذا زوج أيمه أخذ صداقها دونها فنهاهم الله عن ذلك ونزلت وآتوا
النساء صدقاتهن نحلة
وأخرج ابن جرير عن حضرمي أن ناسا كانوا يعطي هذا الرجل أخته ويأخذ أخت الرجل ولا
يأخذون كبير مهر
فقال الله وآتوا النساء صدقاتهن نحلة
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل وآتوا النساء يقول : أعطوا النساء صدقاتهن يقول :
مهورهن
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله نحلة قال : يعني بالنحلة المهر
وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة نحلة قالت واجبة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج وآتوا النساء صدقاتهن نحلة
قال : فريضة مسماة
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال النحلة في كلام الواجب يقول : لا تنكحها
إلا بشيء واجب لها وليس ينبغي لأحد أن ينكح امرأة بعد النبي صلى الله عليه و سلم
إلا بصداق واجب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة نحلة قال : فريضة
وأخرج أحمد عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لو أن
رجلا أعطى امرأة صداقها ملء يديه طعاما كانت له حلالا
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن أبي لبيبة عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " من استحل بدرهم فقد استحل "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر بن ربيعة " أن رجلا تزوج على نعلين فأجاز النبي
صلى الله عليه و سلم نكاحه "
وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن أسلم قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم " من
نكح امرأة وهو يريد أن يذهب بمهرها فهو عند الله زان يوم القيامة "
(2/431)
وأخرج
ابن ابي شيبة عن عائشة وأم سلمة قالتا : ليس شيء أشد من مهر امرأة وأجر أجير
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جيبر فإن طبن
لكم قال : هي للأزواج
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة فإن طبن لكم عن شيء منه قال :
من الصداق
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس فإن طبن لكم عن
شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا يقول : إذا كان من غير إضرار ولا خديعة فهو هنيء
مريء كما قال الله
وأخرج ابن جرير عن حضرمي أن ناسا كانوا يتأثمون أن يراجع أحدهم في شيء مما ساق إلى
امرأته فقال الله فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال : إذا اشتكى
أحدكم فليسأل امرأته ثلاثة دراهم أو نحوها فليشتر بها عسلا وليأخذ من ماء السماء
فيجمع هنيئا مريئا وشفاء ومباركا
وأخرج ابن سعد عن علقمة أنه كان يقول لامرأته : أطعمينا من ذلك الهنيء المريء
يتأول هذه الآية
الآية 5
أخرج ابن جرير عن حضرمي
أن رجلا عمد فدفع ماله إلى امرأته فوضعته في غير الحق فقال الله ولا تؤتوا السفهاء
أموالكم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله ولا
تؤتوا السفهاء أموالكم
الآية
يقول : لا تعمد إلى مالك وما خولك الله وجعله لك معيشة فتعطيه امرأتك أو بنيك ثم
تضطر إلى ما في أيديهم ولكن أمسك مالك وأصلحه وكن أنت الذي تنفق عليهم في كسوتهم
ورزقهم ومؤنتهم
قال : وقوله قياما يعني قوامكم من معائشكم
(2/432)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية يقول : لا تسلط
السفيه من ولدك على مالك وأمره أن يرزقه منه ويكسوه
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس ولا تؤتوا السفهاء قال : هم بنوك
والنساء
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
إن النساء السفهاء إلا التي أطاعت قيمها "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة ولا تؤتوا السفهاء قال : الخدم وهم شياطين الأنس
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عنابن مسعد ولا تؤتوا السفهاء قال : النساء والصبيان
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن في الآية قال :
الصغار والنساء هم السفهاء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : نهى الرجال أن
يعطوا النساء أموالهم وهن سفهاء من كن أزواجا أو بنات أو أمهات وأمروا أن يرزقوهن
فيه ويقولوا لهن قولا معروفا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير ولا تؤتوا السفهاء قال : اليتامى
والنساء
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة ولا تؤتوا السفهاء أموالكم قال : هو مال
اليتيم يكون عندك يقول : لا تؤته إياه وأنفق عليه حتى يبلغ
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ولا تؤتوا السفهاء قال :
هم اليتامى أموالكم قال : أموالهم بمنزلة قوله ولا تقتلوا أنفسكم النساء الآية 127
وأخرج ابن جرير عن مورق قال : مرت امرأة بعبد الله بن عمر لها شارة وهيئة فقال لها
ابن عمر ولا تؤتوا السفهاء اموالكم التي جعل الله لكم قياما
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " ثلاثة يدعون الله فلا يستجيب لهم : رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق
فلم
(2/433)
يطلقها
ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد ورجل أتى سفيها ماله وقد قال الله ولا تؤتوا
السفهاء أموالكم وأخرجه ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن أبي موسى موقوفا
"
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : أمر الله بهذا المال أن يخزن فتحسن خزانته ولا
تملكه المرأة السفيهة والغلام
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن الحسن في قوله قياما قال : قيام عيشك
وأخرج ابن جرير عن مجاهد
أنه قرأ التي جعل الله لكم قياما بالألف يقول : قيام عيشك
وأخرج ابن أبي حام عن الضحاك جعل الله لكم قياما قال : عصمة لدينكم وقياما لكم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس وارزقوهم يقول : أنفقوا عليهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد وقولوا لهم قولا معروفا قال : أمروا أن
يقولوا لهم قولا معروفا في البر والصلة
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج وقولوا لهم قولا معروفا قال : عدة تعدونهم
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد وقولوا لهم قولا معروفا قال : إن كان ليس من ولدك ولا
ممن يجب عليك أن تنفق عليه فقل له قولا معروفا قل له عافانا الله وإياك وبارك الله
فيك
الآية 6
(2/434)
أخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس وابتلوا اليتامى
يعني اختبروا اليتامى عند الحلم فإن آنستم عرفتم منهم رشدا في حالهم والإصلاح في
أموالهم فادفعوا إليهم أموالهم ولا تأكلوها إسرافا وبدارا يعني تأكل مال اليتيم
مبادرة قبل أن يبلغ فتحول بينه وبين ماله
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
وابتلوا اليتامى قال : عقولهم حتى إذا بلغوا النكاح يقول : الحلم فإن آنستم قال :
أحسستم منهم رشدا قال : العقل
وأخرج ابن جرير عن السدي وابتلوا اليتامى قال : جربوا عقولهم فإن آنستم منهم رشدا
قال : عقولا وصلاحا
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن مقاتل وابتلوا اليتامى يعني الأولياء والأوصياء
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن قيس حتى إذا بلغوا النكاح قال : خمس عشرة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن الحسن فإن آنستم منهم رشدا قال : صلاحا في
دينه وحفظا لماله
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير فإن آنستم منهم رشدا قال : صلاحا في دينهم وحفظا
لأموالهم
وخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إذا أدرك اليتيم
بحلم وعقل ووقار دفع إليه ماله
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال : لا تدفع
إلى اليتيم ماله وإن شمط ما لم يؤنس منه رشد
وأخرج ابن جرير عن الحسن ولا تأكلوها إسرافا وبدارا ويقول : لا تسرف فيها ولا
تبادر
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ولا تأكلوها إسرافا يعني في غير حق وبدارا أن
يكبروا قال : خشية أن يبلغ الحلم فيأخذ ماله
وأخرج البخاري وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه
عن عائشة قالت : أنزلت هذه الآية في ولي اليتيم ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان
فقيرا فليأكل بالمعروف بقدر قيامه عليه
(2/435)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والحاكم وصححه من طريق مقسم
عن ابن عباس ومن كان غنيا فليستعفف قال : بغناه من ماله حتى يستغني عن مال اليتيم
لا يصيب منه شيئا ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف قال : يأكل من ماله يقوت على نفسه
حتى لا يحتاج إلى مال اليتيم
وأخرج ابن المنذر من طريق أبي يحيى عن ابن عباس ومن كان غنيا فليستعفف قال : يستعف
بماله حتى لا يفضي إلى مال اليتيم
وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف
قال : هو القرض
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس ومن كان فقيرا فليأكل
بالمعروف يعني القرض
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في الآية قال : ولي
اليتيم إن كان غنيا فليستعفف وإن كان فقيرا أخذ من فضل اللبن وأخذ بالقوت لا
يجاوزه وما يستر عورته من الثياب فإن أيسر قضاه وإن أعسر فهو في حل
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية يقول : إن كان غنيا فلا يحل له أن يأكل من
مال اليتيم شيئا وإن كان فقيرا فليستقرض منه فإذا وجد ميسرة فليعطه ما استقرض منه
فذلك أكله بالمعروف
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي
الدنيا وابن جرير والنحاس في ناسخه وابن المنذر والبيهقي في سننه من طرق عن عمر بن
الخطاب قال : إني أنزلت نفسي من مال الله بمنزلة ولي اليتيم إن استغنيت استعففت
وإن احتجت أخذت منه بالمعروف
فإذا أيسرت قضيت
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس في قوله ومن كان
فقيرا فليأكل بالمعروف قال : إذا احتاج ولي اليتيم وضع يده فأكل من طعامهم ولا
يلبس منه ثوبا ولا عمامة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس فليأكل بالمعروف قال :
(2/436)
بأطراف
أصابعه الثلاث
وأخرج ابن المنذر والطبراني عن ابن عباس في الآية قال : يأكل الفقير إذا ولي مال
اليتيم بقدر قيامه على ماله ومنفعته له وما لم يسرف أو يبذر
وأخرج مالك وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والنحاس في ناسخه
عن القاسم بن محمد قال : جاء رجل إلى ابن عباس فقال : إن في حجري أيتاما وإن لهم
إبلا فماذا يحل لي من ألبانها ؟ فقال : إن كنت تبغي ضالتها وتهنا جرباها وتلوط
حوضها وتسعى عليها فاشرب غير مضر بنسل ولا ناهك في الحلب
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن
عمرو أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ليس لي مال ولي يتيم ؟
فقال " كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبذر ولا متأثل مالا ومن غير أن تقي
مالك بماله "
وأخرج ابن حبان عن جابر " أن رجلا قال يا رسول الله مم أضرب يتيمي ؟ قال :
مما كنت ضاربا منه ولدك غير واق مالك بماله ولا متأثل منه مالا "
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي شيبة والنحاس في
ناسخه عن الحسن العرني " أن رجلا قال : يا رسول الله مم أضرب يتيمي ؟ قال :
مما كنت ضاربا منه ولدك قال : فأصيب من ماله ؟ قال : بالمعروف غير متأثل مالا ولا
واق مالك بماله "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : ذكر لنا أن عم ثابت بن وداعة
- وثابت يومئذ يتيم في حجره من الأنصار - أتى نبي الله صلى الله عليه و سلم فقال
" إن ابن أخي يتيم في حجري فماذا يحل لي من ماله ؟ قال : أن تأكل من ماله
بالمعروف من غير أن تقي مالك بماله ولا تأخذ من ماله وفرا
قال : وكان اليتيم يكون له الحائط من النخل فيقوم وليه على صلاحه وسقيه فيصيب من
ثمره ويكون له الماشية فيقوم وليه على صلاحها ومؤنتها وعلاجها فيصيب من جزارها
ورسلها وعوارضها فأما رقاب المال فليس لهم أن يأكلوا ولا يستهلكوه "
وأخرج ابن المنذر عن عطاء قال : خمس في كتاب الله رخصة وليست بعزيمة قوله ومن كان
فقيرا فليأكل بالمعروف إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل
وأخرج أبو داود والنحاس كلاهما في الناسخ وابن المنذر من طريق عطاء عن ابن
(2/437)
عباس
ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف قال : نسختها إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما
النساء الآية 10 الآية
وأخرج أبو داود في ناسخه عن الضحاك
مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن أبي الزناد في الآية قال : كان أبو الزناد يقول : إنما
كان ذلك في أهل البدو وأشباههم
وأخرج ابن أبي حاتم عن نافع بن أبي نعيم القاري قال : سألت يحيى بن سعيد وربيعة عن
قوله فليأكل بالمعروف قالا : ذلك في اليتيم إن كان فقيرا أنفق عليه بقدر فقره ولم
يكن للولي منه شيء
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس فإذا دفعتم إليهم
أموالهم فأشهدوا عليهم يقول : إذا دفع إلى اليتيم ماله فليدفعه إليه بالشهود كما
أمره الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية يقول للأوصياء : إذا دفعتم إلى
اليتامى أموالهم إذا بلغوا الحلم فأشهدوا عليهم بالدفع إليهم أموالهم وكفى بالله
حسيبا يعني لا شاهد أفضل من الله فيما بينكم وبينهم
وأخرج ابن جرير عن السدي وكفى بالله حسيبا يقول : شهيدا
الآية 7
أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون البنات ولا الصغار
الذكور حتى يدركوا
فمات رجل من الأنصار يقال له أوس بن ثابت وترك ابنتين وابنا صغيرا فجاء ابنا عمه
وهما عصبته فأخذا ميراثه كله فقالت امرأته لهما : تزوجا بهما وكان بهما دمامة
فأبيا
فأتت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : يا رسول الله توفي أوس وترك ابنا
صغيرا وابنتين فجاء ابنا عمه خالد وعرفطة فأخذا ميراثه فقلت لهما : تزوجا ابنتيه
فأبيا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما أدري ما أقول ؟ فنزلت للرجال
نصيب مما ترك الولدان والأقربون
الآية
فأرسل إلى خالد وعرفطة
(2/438)
فقال
: لا تحركا من الميراث شيئا فإنه قد أنزل علي فيه شيء أخبرت فيه أن للذكر والأنثى
نصيبا ثم نزل بعد ذلك ويستفتونك في النساء النساء الآية 127 إلى قوله عليما ثم نزل
يوصيكم الله في أولادكم النساء الآية 11 إلى قوله والله عليم حليم فدعا بالميراث
فأعطى المرأة الثمن وقسم ما بقي للذكر مثل حظ الأنثيين "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال : نزلت في أم
كلثوم وابنة أم كحلة أو أم كحة وثعلبة بن أوس وسويد وهم من الأنصار
كان أحدهم زوجها والآخر عم ولدها فقالت : يا رسول الله توفي زوجي وتركني وابنته
فلم نورث من ماله فقال عم ولدها : يا رسول الله لا تركب فرسا ولا تنكأ عدوا ويكسب
عليها ولا تكتسب
فنزلت للرجال نصيب
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أن أهل الجاهلية كانوا لا يورثون النساء ولا
الولدان الصغار شيئا يجعلون الميراث لذي الأسنان من الرجال
فنزلت للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون إلى قوله مما قل منه أو كثر يعني من
الميراث نصيبا يعني حظا مفروضا يعني معلوما
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك نصيبا مفروضا قال : وقفا
معلوما
الآية 8
أخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي من طريق
عكرمة عن ابن عباس وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين قال : هي
محكمة وليست بمنسوخة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق مقسم عن ابن عباس وإذا حضر القسمة
الآية
قال : هي قائمة يعمل بها
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن حطان بن
عبد الله في هذه الآية قال : قضى بها أبو موسى
(2/439)
وأخرج
سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن يحيى بن يعمر قال : ثلاث آيات مدنيات
محكمات ضيعهن كثير من الناس وإذا حضر القسمة الآية وآية الاستئذان والذين لم
يبلغوا الحلم منكم النور الآية 58 وقوله إنا خلقناكم من ذكر وأنثى
الحجرات الآية 13 الآية
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : إن ناسا يزعمون
أن هذه الآية نسخت وإذا حضر القسمة
الآية
ولا والله ما نسخت ولكنه مما تهاون به الناس هما واليان : وال يرث فذاك الذي يرزق
ويكسو ووال ليس بوارث فذاك الذي يقول قولا معروفا
يقول : إنه مال يتيم وماله فيه شيء
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير والحاكم وصححه من طريق من عكرمة عن ابن عباس
وإذا حضر القسمة أولو القربى قال : يرضخ لهم فإن كان في المال تقصير اعتذر إليهم
فهو قولا معروفا
وأخرج ابن المنذر عن عمرة ابنة عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر
حين قسم ميراث أبيه أمر بشاة فاشتريت من المال وبطعام فصنع
فذكرت ذلك لعائشة فقالت : عمل بالكتاب هي لم تنسخ
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه من طريق علي عن ابن عباس في هذه
الآية قال : أمر الله المؤمنين عند قسمة مواريثهم أن يصلوا أرحامهم وأيتامهم
ومساكينهم من الوصية إن كان أوصى لهم فإن لم يكن لهم وصية وصل إليهم من مواريثهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : ذلك قبل
أن تنزل الفرائض فأنزل الله بعد ذلك الفرائض فأعطى كل ذي حق حقه فجعلت الصدقة فيما
سمى المتوفى
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن أبي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس وإذا حضر القسمة
الآية
قال : نسختها آية الميراث فجعل لكل إنسان نصيبه مما ترك مما قل منه أو كثر
(2/440)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي
وابن أبي مليكة أن أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق والقاسم بن محمد بن أبي
بكر أخبراه أن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر قسم ميراث أبيه عبد الرحمن
وعائشة حية
قالا : فلم يدع في الدار مسكينا ولا ذا قرابة إلا أعطاه من ميراث أبيه
وتلا وإذا حضر القسمة
الآية
قال القاسم : فذكرت ذلك لابن عباس فقال : ما أصاب ليس ذلك له إنما ذلك للوصية
وإنما هذه الآية في الوصية يريد الميت أن يوصي لهم
وأخرج النحاس في ناسخه من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله وإذا حضر القسمة
الآية
قال : نسختها يوصيكم الله في أولادكم
النساء الآية 11 الآية
وأخرج عبد الرزاق وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس
والبيهقي عن سعيد بن المسيب في هذه الآية قال : هي منسوخة كانت قبل الفرائض كان ما
ترك الرجل من مال أعطى منه اليتيم والفقير والمسكين وذوو القربى إذا حضروا القسمة
ثم نسخ بعد ذلك نسختها المواريث فالحق الله بكل ذي حق حقه وصارت الوصية من ماله
يوصي بها لذوي قرابته حيث يشاء
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن سعيد بن جبير في الآية قال : إن كانوا كبارا
يرضخوا وإن كانوا صغارا اعتذروا إليهم
فذلك قوله قولا معروفا
وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح في الآية قال : كانوا يرضخون لذوي القرابة حتى نزلت
الفرائض
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي مالك قال : نسختها آية الميراث
الآية 9
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله و
ليخش الذين لو تركوا
الآية
قال : هذا في الرجل يحضر الرجل عند موته فيسمعه يوصي وصية يضر بورثته فأمر الله
الذي يسمعه أن يتقي الله ويوفقه ويسدده للصواب ولينظر لورثته كما يحب أن يصنع
بورثته إذا خشي عليهم الضيعة
(2/441)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في الآية قال : يعني الرجل يحضره
الموت فيقال له : تصدق من مالك وأعتق وأعط منه في سبيل الله فنهوا أن يأمروا بذلك
يعني أن من حضر منكم مريضا عند الموت فلا يأمره أن ينفق ماله في العتق أو في
الصدقة أو في سبيل الله ولكن يأمره أن يبين ما له وما عليه من دين ويوصي من ماله
لذوي قرابته الذين لا يرثون يوصي لهم بالخمس أو الربع
يقول : ليس لأحدكم إذا مات وله ولد ضعاف - يعني صغارا - أن يتركهم بغير مال
فيكونون عيالا على الناس ولا ينبغي لكم أن تأمروه بما لا ترضون به لأنفسكم
ولأولادكم ولكن قولوا الحق في ذلك
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية يعني بذلك الرجل يموت وله أولاد صغار ضعاف
يخاف عليهم العيلة والضيعة ويخاف بعده أن لا يحسن إليهم من يليهم يقول : فإن ولي
مثل ذريته ضعافا يتامى فليحسن إليهم ولا يأكل أموالهم إسرافا وبدارا أن يكبروا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : إذا حضر الرجل عند الوصية فليس
ينبغي أن يقال : أوص بمالك فإن الله رازق ولدك ولكن يقال له : قدم لنفسك واترك
لولدك
فذلك القول السديد فإن الذي يأمر بهذا يخاف على نفسه العيلة
وأخرج سعيد بن منصور وآدم والبيهقي عن مجاهد في الآية قال : كان الرجل إذا حضر
يقال له : أوص لفلان أوص لفلان وافعل كذا وافعل كذا حتى يضر ذلك بورثته
فقال الله وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا خافوا عليهم قال : لينظروا
لورثة هذا كما ينظر هذا لورثة نفسه فليتقوا الله وليأمروه بالعدل والحق
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير وليخش الذين لو تركوا من خلفهم يعني من بعد
موتهم ذرية ضعافا يعني عجزة لا حيلة لهم خافوا عليهم يعني على ولد الميت الضيعة
كما يخافون على ولد أنفسهم فليتقوا الله وليقولوا للميت إذا جلسوا إليه قولا سديدا
يعني عدلا في وصيته فلا يجور
وأخرج ابن جرير عن الشيباني قال : كنا بالقسطنطينية أيام مسلمة بن عبد الملك وفينا
ابن محيريز وابن الديلمي وهانىء بن كلثوم فجعلنا نتذاكر ما يكون
(2/442)
في
آخر الزمان فضقت ذرعا بما سمعت فقلت لابن الديلمي : يا أبا بشر يودني أنه لا يولد
لي ولد أبدا
فضرب بيده على منكبي وقال : يا ابن أخي لا تفعل فإنه ليست من نسمة كتب الله لها أن
تخرج من صلب رجل وهي خارجة إن شاء وإن أبى
قال : ألا أدلك على أمر إن أنت أدركته نجاك الله منه وإن تركت ولدك من بعدك حفظهم
الله فيك ؟ قلت : بلى
فتلا علي هذه الآية وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافا
الآية
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم قال :
" اتقوا الله في الضعيفين : اليتيم والمرأة أيتمه ثم أوصى به وابتلاه وابتلى
به "
الآية 10
أخرج ابن أبي شيبة في مسنده وأبو يعلى والطبراني وابن حبان في صحيحه وابن أبي حاتم
عن أبي برزة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " يبعث يوم القيامة قوم
من قبورهم تأجج أفواههم نارا
فقيل : يا رسول الله من هم ؟ قال : ألم تر أن الله يقول إن الذين يأكلون أموال
اليتامى إنما يأكلون في بطونهم نارا "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال " حدثنا النبي صلى الله
عليه و سلم عن ليلة أسري به قال : نظرت فإذا أنا بقوم لهم مشافر كمشافر الإبل وقد
وكل بهم من يأخذ بمشافرهم ثم يجعل في أفواههم صخرا من نار فتقذف في في أحدهم حتى
تخرج من أسافلهم ولهم خوار وصراخ فقلت : يا جبريل من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الذين
يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : إذا قام الرجل يأكل مال
اليتيم ظلما يبعث يوم القيامة ولهب النار يخرج من فيه ومن مسامعه ومن أذنيه وأنفه
وعينيه يعرفه من رآه بآكل مال اليتيم
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد الله بن أبي جعفر قال : من أكل مال اليتيم فإنه
(2/443)
يؤخذ
بمشفره يوم القيامة فيملأ فوه جمرا فيقال له : كل كما أكلته في الدنيا ثم يدخل
السعير الكبرى
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم في الآية قال : هذه لأهل الشرك حين كانوا لا
يورثونهم ويأكلون أموالهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله سعيرا يعني وقودا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال " السعير " واد
من فيح في جهنم
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " أربع حق على الله أن لا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيما : مدمن الخمر
وآكل ربا وآكل مال اليتيم بغير حق والعاق لوالديه "
الآية 11
أخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طرق عن جابر بن عبد الله قال
" عادني رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو بكر في بني سلمة ماشيين فوجدني
النبي صلى الله عليه و سلم لا أعقل شيئا فدعا بماء فتوضأ منه ثم رش علي فأفقت فقلت
: ما تأمرني أن أصنع في مالي يا رسول الله ؟ فنزلت يوصيكم الله في أولادكم للذكر
مثل حظ الأنثيين "
وأخرج عبد بن حميد والحاكم عن جابر قال " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
يعودني وأنا
(2/444)
مريض
فقلت : كيف أقسم مالي بين ولدي ؟ فلم يرد علي شيئا ونزلت يوصيكم الله في أولادكم
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة ومسدد والطيالسي
وابن أبي عمر وابن منيع وابن أبي أسامة وأبو يعلى وابن أبي حاتم والحاكم وابن حبان
والبيهقي في سننه عن جابر قال " جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله صلى
الله عليه و سلم فقالت : يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك
في أحد شهيدا وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا ولا ينكحان إلا ولهما مال
فقال : يقضي الله في ذلك
فنزلت آية الميراث يوصيكم الله في أولادكم
الآية
فأرسل رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى عمهما فقال : أعط ابنتي سعد الثلثين
وأمهما الثمن وما بقي فهو لك "
وأخرج عبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه
عن ابن عباس قال : كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين والأقربين فنسخ الله من
ذلك ما أحب فجعل للذكر مثل حظ الأنثيين وجعل للأبوين لكل واحد منهما السدس مع
الولد وجعل للزوجة الثمن والربع وللزوج الشطر والربع
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما نزلت آية الفرائض التي فرض
الله فيها ما فرض للولد الذكر والأنثى والأبوين كرهها الناس أو بعضهم وقالوا :
نعطي المرأة الربع أو الثمن ونعطي الإبنة النصف ونعطي الغلام الصغير وليس من هؤلاء
أحد يقاتل القوم ولا يحوز الغنيمة ؟ وكانوا يفعلون ذلك في الجاهلية لا يعطون
الميراث إلا لمن قاتل القوم ويعطونه الأكبر فالأكبر
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله للذكر مثل حظ الأنثيين قال : صغيرا أو
كبيرا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون الجواري
ولا الضعفاء من الغلمان لا يرث الرجل من والده إلا من أطاق القتال
فمات عبد الرحمن أخو حسان الشاعر وترك امرأة له يقال لها أم كحة
وترك خمس جوار فجاءت الورثة فأخذوا ماله فشكت أم كحة ذلك إلى النبي صلى الله عليه
و سلم فأنزل الله هذه الآية فإن كن نساء فوق اثنتين فلهن ثلثا ما ترك وإن كانت
واحدة فلها
(2/445)
النصف
ثم قال : في أم كحة ولهن الربع مما تركتم إن لم يكن لكم ولد فإن كان لكم ولد فلهن
الثمن النساء الآية 12
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله فإن كن نساء يعني بنات فوق اثنتين
يعني أكثر من اثنتين أو كن اثنتين ليس معهن ذكر فلهن ثلثا ما ترك الميت والبقية
للعصبة وإن كانت واحدة يعني ابنة واحدة فلها النصف ولأبويه يعني أبوي الميت لكل
واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد يعني ذكرا كان أوكانتا اثنتين فوق ذلك ولم
يكن معهن ذكر فإن كان الولد ابنة واحدة فلها نصف المال ثلاثة أسداس وللأب سدس
ويبقى سدس واحد فيرد ذلك على الأب لأنه هو العصبة فإن لم يكن له ولد قال : ذكر ولا
أنثى وورثه أبواه فلأمه الثلث وبقية المال للأب فإن كان له يعني للميت أخوة قال :
أخوان فصاعدا أو أختان أو أخ أو أخت فلأمه السدس وما بقي فللأب وليس للإخوة مع
الأب شيء ولكنهم حجبوا الأم عن الثلث من بعد وصية يوصي بها فيما بينه وبين الثلث
لغير الورثة ولا تجوز وصية لوارث أو دين يعني يحم ؟ الميراث للورثة من بعد دين على
الميت فريضة من الله يعني ما ذكر من قسمة الميراث إن الله كان عليما حكيما حكم
قسمه
وأخرج الحاكم عن زيد بن ثابت قال : توفي الرجل أو المرأة وترك بنتا فلها النصف فإن
كانتا اثنتين فأكثر فلهن الثلثان وإن كان معهن ذكر فلا فريضة لأحد منهم ويبدأ بأحد
إن شركهن بفريضة فيعطى فريضته
وأخرج سعيد بن منصور والحاكم والبيهقي عن ابن مسعود قال : كان عمر بن الخطاب إذا
سلك بنا طريقا فاتبعناه وجدناه سهلا وإنه سئل عن امرأة وأبوين فقال : للمرأة الربع
وللأم ثلث ما بقي وما بقي فللأب
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن عكرمة قال : أرسلني ابن عباس إلى زيد بن ثابت أسأله
عن زوج وأبوين فقال زيد : للزوج النصف وللأم ثلث ما بقي وللأب بقية المال
فأرسل إليه ابن عباس : أفي كتاب الله تجد هذا ؟ قال : لا
ولكن أكره أن أفضل أما على أب
قال : وكان ابن عباس يعطي الأم الثلث من جميع المال
(2/446)
وأخرج
ابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس أنه دخل على عثمان فقال : إن
الأخوين لا يردان الأم عن الثلث قال الله فإن كان له إخوة فالأخوان ليسا بلسان
قومك إخوة فقال عثمان : لا أستطيع أن أرد ما كان قبلي ومضى في الأمصار وتوارث به
الناس
وأخرج الحاكم والبيهقي في سننه عن زيد بن ثابت أنه كان يحجب الأم بالأخوين فقالوا
له : يا أبا سعيد إن الله يقول فإن كان له إخوة وأنت تحجبها بأخوين فقال : إن
العرب تسمي الأخوين إخوة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله فإن كان له إخوة
فلأمه السدس قال : أضروا بالأم ولا يرثون ولا يحجبها الأخ الواحد من الثلث ويحجبها
ما فوق ذلك وكان أهل العلم يرون أنهم إنما حجبوا أمهم من الثلث لأن أباهم يلي
نكاحهم والنفقة عليهم دون أمهم
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : السدس الذي حجبته
الإخوة الأم لهم إنما حجبوا أمهم عنه ليكون لهم دون أمهم
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في سننه عن علي قال : إنكم تقرؤون هذه الآية من
بعد وصية يوصي بها أو دين وإن رسول الله صلى الله عليه و سلم قضى بالدين قبل
الوصية وإن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله من بعد وصية يوصي بها أو دين قال : يبدأ بالدين
قبل الوصية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله آباؤكم وأبناؤكم لا
تدرون أيهم أقرب لكم نفعا يقول : أطوعكم لله من الآباء والأبناء أرفعكم درجة عند
الله يوم القيامة لأن الله شفع المؤمنين بعضهم في بعض
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله أيهم أقرب لكم نفعا قال
: في الدنيا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله أيهم أقرب لكم نفعا قال بعضهم : في
نفع الآخرة
وقال بعضهم : في نفع الدنيا
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس قال : الميراث للولد فانتزع الله منه للزوج والوالد
(2/447)
الآية
12
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ولكم نصف ما ترك أزواجكم
الآية
يقول : للرجل نصف ما تركت امرأته إذا ماتت إن لم يكن لها ولد من زوجها الذي ماتت
عنه أو من غيره فإن كان لها ولد ذكر أو أنثى فللزوج الربع مما تركت من المال من
بعد وصية يوصي بها النساء أو دين عليهن - و الدين قبل الوصية فيها تقديم - ولهن
الربع
الآية
يعني للمرأة الربع مما ترك زوجها من الميراث إن لم يكن لزوجها الذي مات عنها ولد
منها ولا من غيرها فإن كان للرجل ولد ذكر أو أنثى فلها الثمن مما ترك الزوج من
المال وإن كان رجل أو امرأة يورث كلالة - والكلالة الميت الذي ليس له ولد ولا والد
- فإن كانوا أكثر من ذلك يعني أكثر من واحد إثنين إلى عشرة فصاعدا
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والدرامي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والبيهقي في سننه عن سعد بن أبي وقاص أنه كان يقرأ وإن كان رجل يورث كلالة وله أخ
أو أخت من أم
وأخرج البيهقي عن الشعبي قال : ما ورث أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم
الأخوة من الأم مع الجد شيئا قط
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله وله أخ أو أخت قال :
(2/448)
هؤلاء
الإخوة من الأم فهم شركاء في الثلث قال : ذكرهم وأنثاهم فيه سواء
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب قال : قضى عمر بن الخطاب أن ميراث الإخوة من الأم
بينهم الذكر فيه مثل الأنثى
قال : ولا أرى عمر بن الخطاب قضى بذلك حتى علمه من رسول الله صلى الله عليه و سلم
ولهذه الآية التي قال الله فإن كانوا أكثر من ذلك فهم شركاء في الثلث
وأخرج الحاكم عن عمر وعلي وابن مسعود وزيد في أم وزوج وإخوة لأب وأم وإخوة لأم إن
الإخوة من الأب والأم شركاء الإخوة من الأم في ثلثهم وذلك أنهم قالوا : هم بنو أم
كلهم ولم تزدهم الأم إلا قربا فهم شركاء في الثلث
وأخرج الحاكم عن زيد بن ثابت في المشركة قال : هبوا أن أباهم كان حمارا ما زادهم
الأب إلا قربا وأشرك بينهم في الثلث
ذكر الأحاديث الواردة في الفرائض أخرج الحاكم والبيهقي في سننه عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " تعلموا الفرائض وعلموه الناس فإنه نصف
العلم وإنه ينسى وهو أول ما ينزع من أمتي "
وأخرج الحاكم والبيهقي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإني امرؤ مقبوض وإن العلم سيقبض وتظهر الفتن
حتى يختلف الإثنان في الفرائض لا يجدان من يقضي بها "
وأخرج الحاكم عن ابن المسيب قال : كتب عمر إلى أبي موسى : إذا لهوتم فالهوا بالرمي
وإذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال : تعلموا الفرائض واللحن
والسنة كما تعلمون القرآن
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال : تعلموا الفرائض فإنها من
دينكم
وأخرج الحاكم والبيهقي عن ابن مسعود قال : من قرأ منكم القرآن فليتعلم الفرائض فإن
لقيه أعرابي قال : يا مهاجر أتقرأ القرآن ؟ فيقول : نعم
فيقول : وأنا أقرأ
فيقول الأعرابي : أتفرض يا مهاجر ؟ فإن قال : نعم
قال : زيادة خير
وإن قال : لا
قال : فما فضلك علي يا مهاجر ؟
(2/449)
وأخرج
البيهقي عن ابن مسعود قال : تعلموا الفرائض والحج والطلاق فإنه من دينكم
وأخرج الحاكم والبيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
أفرض أمتي زيد بن ثابت "
وأخرج البيهقي عن الزهري قال : لولا أن زيد بن ثابت كتب الفرائض لرأيت أنها ستذهب
من الناس
وأخرج سعيد بن منصور وأبو داود في المراسيل والبيهقي عن عطاء بن يسار " أن
رسول الله صلى الله عليه و سلم ركب إلى قباء يستخير في ميراث العمة والخالة
فأنزل الله عليه لا ميراث لهما
وأخرجه الحاكم موصولا من طريق عطاء عن أبي سعيد الخدري
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب أنه كان يقول : عجبا للعمة تورث ولا ترث
وأخرج الحاكم عن قبيصة بن ذؤيب قال : جاءت الجدة إلى أبي بكر فقالت : إن لي حقا في
ابن ابن
أو ابن ابنة لي مات
قال : ما علمت لك حقا في كتاب الله ولا سمعت من رسول الله صلى الله عليه و سلم فيه
شيئا وسأسأل
فشهد المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أعطاها السدس قال : من شهد
ذلك معك ؟ فشهد محمد بن مسلمة فأعطاها أبو بكر السدس
وأخرج الحاكم عن زيد بن ثابت أن عمر لما استشارهم في ميراث الجد والإخوة قال زيد :
كان رأيي أن الإخوة أولى بالميراث وكان عمر يرى يومئذ أن الجد أولى من الإخوة
فحاورته وضربت له مثلا وضرب علي وابن عباس له مثلا يومئذ
السيل يضربانه ويصرفانه على نحو تصريف زيد
وأخرج الحاكم عن عبادة بن الصامت قال : إن من قضاء رسول الله صلى الله عليه و سلم
للجدتين من الميراث السدس بينهما بالسوية
وأخرج الحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال : أول من أعال الفرائض عمر تدافعت عليه
وركب بعضها بعضا قال : والله ما أدري كيف أصنع بكم والله ما أدري أيكم قدم الله
ولا أيكم أخر وما أجد في هذا المال شيئا أحسن من أن أقسمه عليكم بالحصص
ثم قال ابن عباس : وأيم الله لو قدم من قدم الله وأخر من أخر الله ما عالت فريضته
فقيل له : وأيها قدم الله ؟ قال : كل فريضة لم يهبطها الله من
(2/450)
فريضة
إلا إلى فريضة : فهذا ما قدم الله وكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلا ما
بقي فتلك التي أخر الله فالذي قدم كالزوجين والأم والذي أخر كالأخوات والبنات
فإذا اجتمع من قدم الله وأخر بدىء بمن قدم فأعطى حقه كاملا فإن بقي شيء كان لهن
وإن لم يبق شيء فلا شيء لهن
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس قال : أترون الذي أحصى رمل عالج عددا جعل في المال
نصفا وثلثا وربعا إنما هو نصفان وثلاثة أثلاث وأربعة أرباع
وأخرج سعيد بن منصور عن عطاء قال : قلت لابن عباس : إن الناس لا يأخذون بقولي ولا
بقولك ولو مت أنا وأنت ما اقتسموا ميراثا على ما تقول : قال : فليجتمعوا فلنضع
أيدينا على الركن ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين
ما حكم الله بما قالوا
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في سننه عن زيد بن ثابت
أنه أول من أعال الفرائض وأكثر ما بلغ العول مثل ثلثي رأس الفريضة
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس أنه كان يقول : من شاء لاعنته عند الحجر الأسود
إن الله لم يذكر في القرآن جدا ولا جدة إن هم إلا الآباء ثم تلا واتبعت ملة آبائي
إبراهيم وإسحق ويعقوب يوسف الآية 38
وأخرج سعيد بن منصور عن سعيد بن المسيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" أجرؤكم على قسم الجد أجرؤكم على النار "
وأخرج عبد الرزاق عن عمر قال : أجرؤكم على جراثيم جهنم أجرؤكم على الجد
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور عن علي قال : من سره أن يتقحم جراثيم جهنم فليقض
بين الجد والإخوة
وأخرج مالك والبخاري ومسلم عن أسامة بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر "
وأخرج سعيد بن منصور عن عبد الله بن مغفل قال : ما أحدث في الإسلام قضاء بعد قضاء
أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم هو أعجب إلي من قضاء معاوية أنا نرثهم ولا
يرثونا كما أن النكاح يحل لنا فيهم ولا يحل لهم فينا
(2/451)
وأخرج
أبو داود والبيهقي عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
ليس للقاتل من الميراث شيء "
قوله تعالى : غير مضار الآية
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله من بعد وصية يوصي بها أو دين غير مضار
يعني من غير ضرار لا يقر بحق ليس عليه ولا يوصي بأكثر من الثلث مضار للورثة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله غير مضار قال : في
الميراث لأهله
وأخرج النسائي وعبد بن حميد وابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس قال : الضرار في الوصية من الكبائر ثم قرأ غير مضار
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : الإضرار في الوصية من الكبائر
وأخرج مالك والطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي
والنسائي وابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان عن سعد بن أبي وقاص " أنه مرض
مرضا أشفي منه فأتاه النبي صلى الله عليه و سلم يعوده فقال : يا رسول الله إن لي
مالا كثيرا وليس يرثني إلا ابنة أفأتصدق بالثلثين ؟ قال : لا
قال : فالشطر
؟ قال : لا
قال : فالثلث
؟ قال : الثلث والثلث إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ بن جبل قال : إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم زيادة
في حياتكم يعني الوصية
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن ابن عباس قال : وددت أن الناس غضوا من الثلث
إلى الربع لأن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : الثلث كثير
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : ذكر عند عمر الثلث في الوصية قال : الثلث وسط
لا بخس ولا شطط
(2/452)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن علي بن أبي طالب قال : لأن أوصي بالخمس أحب إلي من أن أوصي بالربع
ولأن أوصي بالربع أحب إلي من أن أوصي بالثلث ومن أوصى بالثلث لم يترك
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : كانوا يقولون : الذي يوصي بالخمس أفضل من
الذي يوصي بالربع والذي يوصي بالربع أفضل من الذي يوصي بالثلث
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : كان يقال : السدس خير من الثلث في الوصية
وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر الشعبي قال : من أوصى بوصية لم يحف فيها ولم يضار أحدا
كان له من الأجر ما لو تصدق في حياته في صحته
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : كانوا يكرهون أن يموت الرجل قبل أن يوصي قبل
أن تنزل المواريث
آية 13 - 14
ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله تلك حدود الله يعني طاعة
الله يعني المواريث التي سمى
وقوله ويتعد حدوده يعني من لم يرض بقسم الله وتعدى ما قال
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي تلك حدود الله بقول : شروط
الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير تلك حدود الله يعني سنة الله وأمره في قسمة
الميراث ومن يطع الله ورسوله فيقسم الميراث كما أمره الله ومن يعص الله ورسوله قال
: يخالف أمره في قسمة المواريث يدخله نارا خالدا
(2/453)
فيها
يعني من يكفر بقسمة المواريث وهم المنافقون كانوا لا يعدون أن للنساء والصبيان
الصغار من الميراث نصيبا
وأخرج ابن جرير عن مجاهد ومن يطع الله ورسوله قال : في شأن المواريث التي ذكر قبل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة تلك حدود الله التي حد لخلقه وفرائضه بينهم
في الميراث والقسمة فانتهوا إليها ولا تعدوها إلى غيرها
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله ومن يطع الله ورسوله قال : من
يؤمن بهذه الفرائض
وفي قوله ومن يعص الله ورسوله قال من لا يؤمن بها
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجه واللفظ له والبيهقي
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الرجل ليعمل
بعمل أهل الخير سبعين سنة فإذا أوصى حاف في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار
وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله فيدخل
الجنة
ثم يقول أبو هريرة : اقرأوا إن شئتم تلك حدود الله إلى قوله عذاب مهين "
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وسعيد بن منصور عن سليمان بن موسى قال : " قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : من قطع ميراثا فرضه الله قطع الله ميراثه من
الجنة "
وأخرج ابن ماجه من وجه آخر عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من قطع ميراث وارثه قطع الله ميراثه من الجنة يوم القيامة "
وأخرج البيهقي في البعث من وجه ثالث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " من قطع ميراثا فرضه الله ورسوله قطع الله به ميراثه من الجنة
"
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود قال : إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح
بغنيمة عدو
الآية 15
(2/454)
الفريابي
وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والبزار والطبراني من طريق مجاهد عن
ابن عباس في قوله واللاتي يأتين الفاحشة
الآية
قال : كانت المرأة إذا فجرت حبست في البيوت فإن ماتت ماتت وإن عاشت عاشت حتى نزلت
الآية في سورة النور الزانية والزاني النور الآية 2 فجعل الله لهن سبيلا فمن عمل
شيئا جلد وأرسل
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والنحاس في ناسخه والبيهقي في سننه من طريق علي عن ابن
عباس في الآية قال : كانت المرأة إذا زنت حبست في البيت حتى تموت ثم أنزل الله بعد
ذلك الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة النور الآية 2 فإن كانا
محصنين رجما
فهذا السبيل الذي جعله الله لهما
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن أبي حاتم من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله واللاتي
يأتين الفاحشة من نسائكم وقوله لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين
بفاحشة مبينة الطلاق الآية1 وقوله ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن
يأتين بفاحشة مبينة النساء الآية 19 قال : كان ذكر الفاحشة في هؤلاء الآيات قبل أن
تنزل سورة النور بالجلد والرجم فإن جاءت اليوم بفاحشة مبينة فإنها تخرج فترجم
فنسختها هذه الآية الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة النور الآية 2
والسبيل الذي جعل الله لهن الجلد والرجم
وأخرج أبو داود في سننه والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس واللاتي يأتين الفاحشة
من نسائكم إلى قوله سبيلا وذكر الرجل بعد المرأة ثم جمعهما جميعا فقال واللذان
يأتيانهما منكم فآذوهما
النساء الآية 16 الآية
ثم نسخ ذلك بآية الجلد فقال : الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة
النور الآية 2
وأخرج آدم البيهقي في سننه عن مجاهد في قوله واللاتي يأتين الفاحشة من
(2/455)
نسائكم
يعني الزنا كان أمر أن يحبس ثم نسختها الزانية والزاني فاجلدوا النور الآية 2
وأخرج آدم وأبو داود في سننه والبيهقي عن مجاهد قال " السبيل " الحد
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله
واللاتي يأتين الفاحشة
الآية
قال : كان هذا بدء عقوبة الزنا كانت المرأة تحبس ويؤذيان جميعا ويعيران بالقول
وبالسب
ثم إن الله أنزل بعد ذلك في سورة النور جعل الله لهن سبيلا فصارت السنة فيمن أحصن
بالرجم بالحجارة وفيمن لم يحصن جلد مائة ونفي سنة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والنحاس عن قتادة في الآية قال : نسختها الحدود
وأخرج البيهقي في سننه عن الحسن في قوله واللاتي يأتين الفاحشة
الآية
قال : كان أول حدود النساء أن يحبسن في بيوت لهن حتى نزلت الآية التي في النور
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله واللاتي يأتين الفاحشة يعني الزنا من
نسائكم يعني المرأة الثيب من المسلمين فاستشهدوا عليهن أربعة منكم يعني من
المسلمين الأحرار فإن شهدوا يعني بالزنا فامسكوهن يعني احبسوهن في البيوت يعني في
السجون
وكان هذا في أول الإسلام كانت المرأة إذا شهد عليها أربعة من المسلمين عدول بالزنا
حبست في السجن فإن كان لها زوج أخذ المهر منها ولكنه ينفق عليها من غير طلاق وليس
عليها حد ولا يجامعها ولكن يحبسها في السجن حتى يتوفاهن الموت يعني حتى تموت
المرأة وهي على تلك الحال أو يجعل الله لهن سبيلا يعني مخرجا من الحبس والمخرج
الحد
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : هؤلاء اللاتي قد أنكحن وأحصن إذا زنت
المرأة كانت تحبس في البيوت ويأخذ زوجها مهرها فهو له
وذلك قوله ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا البقرة الآية 229 إلا أن يأتين
بفاحشة مبينة الزنا حتى جاءت الحدود فنسختها فجلدت ورجمت وكان مهرها ميراثا فكان
السبيل هو الحد
(2/456)
وأخرج
عبد الرزاق والشافعي والطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والدرامي ومسلم
وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن الجارود والطحاوي وابن المنذر وابن
أبي حاتم والنحاس وابن حبان عن عبادة بن الصامت قال : " كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم إذا نزل عليه الوحي كرب لذلك وتربد وجهه
وفي لفظ لابن جرير : يأخذه كهيئة الغشي لما يجد من ثقل ذلك
فأنزل الله عليه ذات يوم فلما سري عنه قال : خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا الثيب
جلد مائة ورجم بالحجارة والبكر جلد مائة ثم نفي سنة "
وأخرج أحمد عن سلمة بن المحبق قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب
بالثيب جلد مائة والرجم "
وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال " لما نزلت الفرائض في سورة
النساء قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا حبس بعد سورة النساء "
الآية 16
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله واللذان
يأتيانها منكم
الآية
قال : كان الرجل إذا زنى أوذي بالتعيير وضرب بالنعال
فأنزل الله بعد هذه الآية الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة النور
الآية 2 وإن كانا غير محصنين رجما في سنة رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد واللذان يأتيانها
منكم قال : الرجلان الفاعلان
وأخرج آدم والبيهقي في سننه عن مجاهد في قوله فآذوهما يعني سبا
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير واللذان يعني البكرين اللذين لم يحصنا
يأتيانها يعني الفاحشة وهي الزنا منكم يعني من المسلمين فآذوهما يعني باللسان
بالتعيير والكلام القبيح لهما بما عملا وليس عليهما
(2/457)
حبس
لأنهما بكران ولكن يعيران ليتوبا ويندما فإن تابا يعني من الفاحشة وأصلحا يعني
العمل فأعرضوا عنهما يعني لا تسمعوهما الأذى بعد التوبة إن الله كان توابا رحيما
فكان هذا يفعل بالبكر والثيب في أول الإسلام ثم نزل حد الزاني فصار الحبس والأذى
منسوخا نسخته الآية التي في السورة التي يذكر فيها النور الزانية والزاني
النور الآية 2
وأخرج ابن جرير عن عطاء واللذان يأتيانها منكم قال : الرجل والمرأة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : ثم ذكر الجواري والفتيان الذين لم
ينكحوا فقال واللذان يأتيانها منكم
الآية
فكانت الجارية والفتى إذا زنيا يعنفان ويعيران حتى يتركا ذلك
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما قال : عن تعييرهما
الآية 17 - 18
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله إنما التوبة
على الله
الآية
قال : هذه للمؤمنين
وفي قوله وليست التوبة للذين يعملون السيئات
قال : هذه لأهل النفاق ولا الذين يموتون وهم كفار
قال : هذه لأهل الشرك
وأخرج ابن جرير عن الربيع قال : نزلت الأولى في المؤمنين ونزلت الوسطى في
المنافقين والأخرى في الكفار
(2/458)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من وجه آخر عن أبي العالية " أن أصحاب
رسول الله صلى الله عليه و سلم كانوا يقولون : كل ذنب أصابه عبد فهو جهالة "
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة قال : اجتمع أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم
فرأوا أن كل شيء عصي به فهو جهالة عمدا كان أو غيره
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن
مجاهد في قوله جهالة قال : كل من عصى ربه فهو جاهل حتى ينزع عن معصيته
وأخرج ابن جرير من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله إنما التوبة على
الله
الآية
قال : من عمل السوء فهو جاهل من جهالته عمل السوء ثم يتوبون من قريب قال : في
الحياة والصحة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله ثم يتوبون من قريب
قال القريب ما بينه وبين أن ينظر إلى ملك الموت
وأخرج ابن جرير عن أبي مجلز قال : لا يزال الرجل في توبة حتى يعاين الملائكة
وأخرج ابن جرير عن محمد بن قيس قال القريب ما لم تنزل به آية من آيات الله أو ينزل
به الموت
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في الشعب عن الضحاك في الآية
قال : كل شيء قبل الموت فهو قريب له التوبة ما بينه وبين أن يعاين ملك الموت فإذا
تاب حين ينظر إلى ملك الموت فليس له ذاك
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال :
الدنيا كلها قريب والمعاصي كلها جهالة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن ثم يتوبون من قريب قال : ما لم يغرغر
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عمر في الآية قال : لو غرغر بها - يعني المشرك بالإسلام
- لرجوت له خيرا كثيرا
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" إن إبليس لما رأى آدم أجوف قال : وعزتك لا أخرج من جوفه ما دام فيه الروح
فقال الله تبارك وتعالى : وعزتي لا أحول بينه وبين التوبة ما دام الروح فيه "
(2/459)
وأخرج
ابن أبي شيبة وابن جرير والبيهقي في البعث عن قتادة قال : كنا عند أنس بن مالك وثم
أبو قلابة فحدث أبو قلابة قال : إن الله تعالى لما لعن إبليس سأله النظرة
فأنظره إلى يوم الدين فقال : وعزتك لا أخرج من قلب ابن آدم ما دام فيه الروح
قال : وعزتي لا أحجب عنه التوبة ما دام فيه الروح
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبو يعلى وابن حبان عن أبي سعيد الخدري قال : لا
أخبركم إلا ما سمعت من في رسول الله صلى الله عليه و سلم سمعته أذناي ووعاه قلبي
" أن عبدا قتل تسعة وتسعين نفسا ثم عرضت له التوبة فسأل عن أعلم أهل الأرض
فدل على رجل فأتاه فقال : إني قتلت تسعة وتسعين نفسا فهل لي من توبة ؟ قال بعد قتل
تسعة وتسعين نفسا
؟ قال : فانتضى سيفه فقتله فأكمل به مائة
ثم عرضت له التوبة فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل فأتاه فقال : إني قتلت مائة
نفس فهل لي من توبة ؟ فقال : ومن يحول بينك وبين التوبة ؟ ! أخرج من القرية الخبيثة
التي أنت فيها إلى القرية الصالحة قرية كذا وكذا
فاعبد ربك فيها
فخرج يريد القرية الصالحة فعرض له أجله في الطريق فاختصم فيه ملائكة الرحمة
وملائكة العذاب فقال إبليس أنا أولى به إنه لم يعصيني ساعة قط
فقالت الملائكة : إنه خرج تائبا
فبعث الله ملكا فاختصموا إليه فقال : انظروا أي القريتين كانت أقرب إليه فألحقوه
بها
فقرب الله منه القرية الصالحة وباعد منه القرية الخبيثة فألحقه بأهل القرية
الصالحة "
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه ابن ماجه والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عمر
عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر
وأخرج البيهقي في الشعب عن رجل من الصحابة : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : " ما ما إنسان يتوب إلى الله عز و جل قبل أن تغرغر نفسه في شدقه إلا
قبل الله توبته "
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عمر قال :
التوبة مبسوطة للعبد ما لم يسق
ثم قرأ وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت
الآن ثم قال : وهل الحضور إلا السوق
(2/460)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن قال
: لا يقبل ذلك منه
وأخرج ابن المنذر من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله وليست التوبة للذين يعملون
السيئات
الآية
قال هم أهل الشرك
وأخرج ابن جرير من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله وليست التوبة
للذين يعملون السيئات
الآية
قال هم أهل الشرك
وأخرج ابن جرير من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وليست التوبة للذين يعملون
السيئات حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن فليس لهذا عند الله توبة ولا
الذين يموتون وهم كفار أولئك أبعد من التوبة
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن
عباس في قوله وليست التوبة الآية
قال : فأنزل الله بعد ذلك إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء
النساء الآية 48 فحرم الله المغفرة على من مات وهو كافر وأرجأ أهل التوحيد إلى
مشيئته فلم يؤيسهم من المغفرة
وأخرج ابن المنذر عن ابن عمرو قال : ما من ذنب مما يعمل بين السماء والأرض يتوب
منه العبد قبل أن يموت إلا تاب الله عليه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن إبراهيم النخعي قال : كان يقال : التوبة مبسوطة ما
لم يؤخذ بكظمه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عمرو قال : من تاب قبل
موته بفواق تيب عليه
قيل : ألم يقل الله وليست التوبة للذين يعملون السئيات حتى إذا حضر أحدهم الموت
قال إني تبت الآن
فقال : إنما أحدثك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج أحمد والبخاري في التاريخ والحاكم وابن مردويه عن أبي ذر أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : " إن الله يقبل توبة عبده
أو يغفر لعبده ما لم يقع الحجاب
قيل : وما وقوع الحجاب ؟ قال : تخرج النفس وهي مشركة "
(2/461)
الآية
19
أخرج البخاري وأبو داود والنسائي والبيهقي في سننه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا
النساء كرها قال : كانوا إذا مات الرجل كان أولياؤه أحق بامرأته إن شاء بعضهم
تزوجها وإن شاؤوا زوجوها وإن شاؤوا لم يزوجوها فهم أحق بها من أهلها
فنزلت هذه الآية في ذلك
وأخرج أبو داود من وجه آخر عن عكرمة عن ابن عباس في هذه الآية قال : كان الرجل يرث
امرأة ذي قرابته فيعضلها حتى تموت أو ترد إليه صداقها فأحكم الله عن ذلك
أي نهى عن ذلك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في هذه الآية قال : كان
الرجل إذا مات وترك جارية ألقى عليها حميمه ثوبه فمنعها من الناس فإن كانت جميلة
تزوجها وإن كانت دميمة حبسها حتى تموت فيرثها
وهي قوله ولا تعضلوهن يعني لا تقهروهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن يعني الرجل تكون
له المرأة وهو كاره لصحبتها ولها عليه مهر فيضر بها لتفتدي
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس قال : كان الرجل إذا مات
أبوه أو حميمه كان أحق بامرأة الميت إن شاء أمسكها أو يحبسها حتى تفتدي منه
بصداقها أو تموت فيذهب بمالها
قال عطاء بن أبي رباح : وكان أهل الجاهلية إذا هلك الرجل فترك امرأة يحبسها أهله
على الصبي تكون فيهم فنزلت ولا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها
وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال : لما
توفي أبو قيس بن الأسلت أراد ابنه أن يتزوج امرأته - وكان لهم ذلك في الجاهلية -
فأنزل الله لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها
(2/462)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال : نزلت هذه الآية في كبشة ابنة معن بن عاصم أبي
الأوس كانت عند أبي قيس بن الأسلت فتوفي عنها فجنح عليها ابنه فجاءت النبي صلى
الله عليه و سلم فقالت : لا أنا ورثت زوجي ولا أنا تركت فأنكح
فنزلت هذه الآية
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس أن رجالا من أهل المدينة كان إذا مات
حميم أحدهم ألقى ثوبه على امرأته فورث نكاحها فلم ينكحها أحد غيره وحبسها عنده
لتفتدي منه بفدية
فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي مالك قال : كانت المرأة في الجاهلية إذا
مات زوجها جاء وليه فألقى عليها ثوبا فإن كان له ابن صغير أو أخ حبسها عليه حتى
يشب أو تموت فيرثها فإن هي انفلتت فأتت أهلها ولم يلق عليها ثوبا نجت
فأنزل الله لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها
وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن جرير عن الزهري في الآية قال : نزلت في ناس من
الأنصار كانوا إذا مات الرجل منهم فأملك الناس بامرأته وليه فيمسكها حتى تموت
فيرثها
فنزلت فيهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في الآية قال : كان أهل يثرب إذا مات الرجل
منهم في الجاهلية ورث امرأته من يرث ماله فكان يعضلها حتى يتزوجها أو يزوجها من
أراد وكان أهل تهامة يسيء الرجل صحبة المرأة حتى يطلقها ويشترط عليها أن لا تنكح
إلا من أراد حتى تفتدي منه ببعض ما أعطاها
فنهى الله المؤمنين عن ذلك
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن عبد الرحمن بن السلماني في قوله لا يحل
لكم أن ترثوا النساء كرها ولا تعضلوهن قال : نزلت هاتان الآيتان إحداهما في أمر
الجاهلية والأخرى في أمر الإسلام قال ابن المبارك أن ترثوا النساء كرها في
الجاهلية ولا تعضلوهن في الإسلام
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله ولا تعضلوهن قال : لا تضر
بامرأتك لتفتدي منك
(2/463)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ولا تعضلوهن يعني أن ينكحن أزواجهن كالعضل في سورة
البقرة
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : كان العضل في قريش بمكة ينكح الرجل المرأة
الشريفة فلعلها لا توافقه فيفارقها على أن لا تتزوج إلا بإذنه فيأتي بالشهود فيكتب
ذلك عليها ويشهد فإذا خطبها خاطب فإن أعطته وأرضته أذن لها وإلا عضلها
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس في قوله إلا أن يأتين بفاحشة مبينة قال :
البغض والنشوز
فإذا فعلت ذلك فقد حل له منها الفدية
وأخرج ابن جرير عن مقسم " ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا أن يفحشن
" في قراءة ابن مسعود وقال : إذا آذتك فقد حل لك أخذ ما أخذت منك
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة إلا أن يأتين بفاحشة مبينة يقول : إلا أن ينشزن
وفي قراءة ابن مسعود وأبي بن كعب " إلا أن يفحشن "
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : الفاحشة هنا النشوز
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن عطاء الخراساني في الرجل إذا أصابت
امرأته فاحشة أخذ ما ساق إليها وأخرجها فنسخ ذلك الحدود
وأخرج ابن جرير عن الحسن إلا أن يأتين بفاحشة قال : الزنا
فإذا فعلت حل لزوجها أن يكون هو يسألها الخلع
وأخرج ابن المنذر عن أبي أمامة قلابة وابن سيرين قالا : لا يحل الخلع حتى يوجد رجل
على بطنها لأن الله يقول إلا أن يأتين بفاحشة
وأخرج ابن جرير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " اتقوا الله
في النساء فإنكم أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله وإن لكم عليهن
أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضربا غير مبرح ولهن عليكم
رزقهن وكسوتهن بالمعروف "
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " يا أيها
الناس إن النساء عندكم عوان أخذتموهن بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله
ولكم عليهن حق ومن حقكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا ولا يعصينكم في معروف وإذا
فعلن ذلك فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف "
(2/464)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله وعاشروهن قال : خالطوهن
قال ابن جرير : صحفه بعض الرواة
وإنما هو خالقوهن
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال : حقها عليك الصحبة الحسنة والكسوة والرزق المعروف
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل وعاشروهن بالمعروف يعني صحبتهن بالمعروف فإن كرهتموهن
فعسى أن تكرهوا شيئا فيطلقها فتتزوج من بعده رجلا فيجعل الله له منها ولدا ويجعل
الله في تزويجها خيرا كثيرا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس ويجعل الله فيه خيرا كثيرا قال : الخير
الكثير
أن يعطف عليها فيرزق الرجل ولدها ويجعل الله في ولدها خيرا كثيرا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال :
فعسى الله أن يجعل في الكراهية خيرا كثيرا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي ويجعل الله فيه خيرا كثيرا قال : الولد
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال : إذا وقع بين الرجل وبين امرأته كلام فلا يعجل
بطلاقها وليتأن بها وليصبر فلعل الله سيريه منها ما يحب
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في الآية قال : عسى أن يمسكها وهو لها كاره فيجعل الله
فيها خيرا كثيرا قال : وكان الحسن يقول : عسى أن يطلقها فتتزوج غيره فيجعل الله له
فيها خيرا كثيرا
الآية 20 - 21
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج
(2/465)
قال
: إن كرهت امرأتك وأعجبك غيرها فطلقت هذه وتزوجت تلك فأعط هذه مهرها وإن كان
قنطارا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج
قال : طلاق امرأة ونكاح أخرى فلا يحل له من مال المطلقة شيء وإن كثر
وأخرج ابن جرير عن أنس " عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وآتيتم إحداهن
قنطارا قال : ألفا ومائتين يعني ألفين "
وأخرج سعيد بن منصور وأبو يعلى بسند جيد عن مسروق قال : ركب عمر بن الخطاب المنبر
ثم قال : أيها الناس ما إكثاركم في صداق النساء وقد كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم وأصحابه وإنما الصدقات فيما بينهم أربعمائة درهم فما دون ذلك ولو كان الإكثار
في ذلك تقوى عند الله أو مكرمة لم تسبقوهم إليها فلا أعرفن ما زاد رجل في صداق
امرأة على أربعمائة درهم
ثم نزل فاعترضه امرأة من قريش فقالت له : يا أمير المؤمنين نهيت الناس أن يزيدوا النساء
في صدقاتهن على أربعمائة درهم ؟ قال : نعم
فقالت أما سمعت ما أنزل الله يقول وآتيتم إحداهن قنطارا فقال : اللهم غفرانك
! كل الناس أفقه من عمر
ثم رجع فركب المنبر فقال : يا أيها الناس إني كنت نهيتكم أن تزيدوا النساء في
صدقاتهن على أربعمائة درهم فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : قال عمر بن الخطاب :
لا تغالوا في مهور النساء
فقالت امرأة ليس ذلك لك يا عمر إن يقول ؟ وآتيتم إحداهن قنطارا ؟ من ذهب
قال : وكذلك هي في قراءة ابن مسعود فقال عمر : إن امرأة خاصمت عمر فخصمته
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عبد الله بن مصعب قال : قال عمر : لا تزيدوا
في مهور النساء على أربعين أوقية فمن زاد ألقيت الزيادة في بيت المال
فقالت امرأة : ما ذاك لك
قال : ولم
؟ قالت : لأن الله يقول وآتيتم إحداهن قنطارا
الآية
فقال عمر : امرأة أصابت ورجل أخطأ
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن بكر بن عبد الله المزني قال : قال
(2/466)
عمر
: خرجت وأنا أريد أن أنهاكم عن كثرة الصداق فعرضت لي آية من كتاب الله وآتيتم
إحداهن قنطارا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله بهتانا قال : إثما
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله مبينا قال : البين
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الإفضاء الجماع ولكن
الله يكني
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وقد أفضى بعضكم إلى بعض قال : مجامعة النساء
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس في قوله وأخذن منكم ميثاقا غليظا قال
: الميثاق الغليظ إمساك بمعروف أوتسريح بإحسان البقرة الآية 229
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ميثاقا غليظا قال : هو
ما أخذ الله تعالى للنساء على الرجال فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان قال : وقد كان
ذلك يؤخذ عند عقد النكاح " آلله عليك لتمسكن بمعروف أو لتسرحن بإحسان "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن أبي ملكية أن ابن عمر كان إذا أنكح قال :
أنكحك على ما أمر الله به إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان
وأخرج ابن أبي شيبة عن عوف قال : كان أنس بن مالك إذا زوج امرأة من بناته أو امرأة
من بعض أهله قال لزوجها : أزوجك تمسك بمعروف أو تسرح بإحسان
وأخرج ابن أبي شيبة عن حبيب بن أبي ثابت أن ابن عباس كان إذا زوج اشترط إمساك
بمعروف أو تسريح بإحسان
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك وأخذن منكم ميثاقا غليظا قال إمساك بمعروف أو تسريح
بإحسان
وأخرج ابن أبي شيبة عن يحيى بن أبي كثير
مثله
(2/467)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن مجاهد وأخذن منكم ميثاقا غليظا قال : عقدة النكاح
قال : قد أنكحتك
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة ومجاهد وأخذن منكم ميثاقا غليظا قال : أخذتموهن
بأمانة الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس وأخذن منك ميثاقا غليظا قال : هو قول الرجل ملكت
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد ميثاقا غليظا قال : كلمة
النكاح التي تستحل بها فروجهن
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك ميثاقا غليظا يعني شديدا
وأخرج ابن جرير عن بكير أنه سئل عن المختلعة أنأخذ منها شيئا ؟ قال : لا وأخذن
منكم ميثاقا غليظا
وأخرج عن ابن زيد في الآية قال : ثم رخص بعد فإن خفتم أن لا يقيما حدود الله فلا
جناح عليهما فيما افتدت به البقرة الآية 229 قال : فنسخت هذه تلك
الآية 22
الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في سننه عن عدي بن ثابت
الأنصاري قال " توفي أبو قيس بن الأسلت وكان من صالحي الأنصار فخطب ابنه قيس
امرأته فقالت : إنما أعدك ولدا وأنت من صالحي قومك ولكن آتي رسول الله صلى الله
عليه و سلم فأستأمره
فأتت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : إن أبا قيس توفي فقال لها : خيرا
قالت وإن ابنه قيسا خطبني وهو من صالحي قومه وإنما كنت أعده ولدا فما ترى ؟ قال :
ارجعي إلى بيتك
فنزلت هذه الآية ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء قال : البيهقي مرسل
قلت : فمن رواية ابن أبي حاتم عن عدي بن ثابت عن رجل من الأنصار "
(2/468)
وأخرج
ابن جرير عن عكرمة في قوله ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء قال : نزلت في أبي
قيس بن الأسلت خلف على أم عبيد بنت ضمرة كانت تحت الأسلت أبيه وفي الأسود بن خلف
وكان خلف على بنت أبي طلحة بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار وكانت عند أبيه خلف
وفي فاختة ابنة الأسود بن المطلب بن أسد كانت عند أمية بن خلف فخلف عليها صفوان بن
أمية وفي منظور بن رباب وكان خلف على مليكة ابنة خارجة وكانت عند أبيه رباب بن
سيار
وأخرج البيهقي في سننه عن مقاتل بن حيان قال : كان إذا توفي الرجل في الجاهلية عمد
حميم الميت إلى امرأته فألقى عليها ثوبا فيرث نكاحها فلما توفي أبو قيس بن الأسلت
عمد ابنه قيس إلى امرأته فتزوجها ولم يدخل بها
فأتت النبي صلى الله عليه و سلم فذكرت ذلك له فأنزل الله في قيس ولا تنكحوا ما نكح
آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف قبل التحريم حتى ذكر تحريم الأمهات والبنات حتى
ذكر وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف قبل التحريم إن الله كان غفورا رحيما
النساء الآية 23 فيما مضى قبل التحريم
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال : " كان الرجل إذا توفي عن امرأته
كان ابنه أحق بها أن ينكحها إن شاء إن لم تكن أمه أو ينكحها من شاء
فلما مات أبو قيس بن الأسلت قام ابنه محصن فورث نكاح امرأته ولم ينفق عليها ولم
يورثها من المال شيئا
فأتت النبي صلى الله عليه و سلم فذكرت ذلك له فقال : ارجعي لعل الله ينزل فيك شيئا
فنزلت ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء
الآية
ونزلت لا يحل لكم أن ترثوا النساء كرها النساء الآية 19 "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قل : كان أهل الجاهلية يحرمون ما حرم الله
إلا امرأة الأب والجمع بين الأختين
فأنزل الله ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء
وأن تجمعوا بين الأختين النساء الآية 23
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طريق علي عن
(2/469)
ابن
عباس في قوله ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء يقول : كل امرأة تزوجها أبوك أو
ابنك دخل أو لم يدخل بها فهي عليك حرام
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن ابن جريج قال : قلت لعطاء بن أبي رباح : الرجل ينكح
المرأة ثم لا يراها حتى يطلقها أتحل لابنه ؟ قال : لا
هي مرسلة قال الله ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء قلت لعطاء : ما قوله إلا ما
قد سلف ؟ قال : كان الأبناء ينكحون نساء آبائهم في الجاهلية
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء قال : هو
أن يملك عقدة النكاح وليس بالدخول
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر بن أبي مريم عن مشيخة قال : لا ينكح الرجل امرأة
جده أبي أمه لأنه من الآباء يقول الله ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك إلا ما قد سلف إلا ما كان في الجاهلية
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة في قوله إلا ما قد سلف قال : كان الرجل في الجاهلية
ينكح امرأة أبيه
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بن كعب أنه كان يقرؤها " ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم
من النساء إلا ما قد سلف " إلا من مات
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي رباح إنه كان فاحشة ومقتا قال : يمقت الله عليه
وساء سبيلا قال : طريقا لمن عمل به
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن البراء
قال : لقيت خالي ومعه الراية قلت : أين تريد ؟ قال : بعثني رسول الله صلى الله
عليه و سلم إلى رجل تزوج امرأة أبيه من بعده فأمرني أن أضرب عنقه وآخذ ماله
الآية 23
(2/470)
أخرج
عبد الرزاق والفريابي والبخاري وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والحاكم والبيهقي في سننه من طرق عن ابن عباس قال : حرم من النسب سبع ومن الصهر
سبع ثم قرأ حرمت عليكم أمهاتكم إلى قوله وبنات الأخت هذا من النسب وباقي الآية من
الصهر
والسابعة ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عباس قال : سبع صهر وسبع نسب
ويحرم من الرضاع ما يحرم من النسب
أما قوله تعالى وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة
أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن عائشة " أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة "
وأخرج مالك وعبد الرزاق عن عائشة قالت : كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات
معلومات فنسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه و سلم وهن فيما يقرأ من
القرآن
وأخرج عبد الرزاق عن عائشة قالت : لقد كانت في كتاب الله عشر رضعات ثم رد ذلك إلى
خمس ولكن من كتاب الله ما قبض مع النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن ماجه وابن الضريس عن عائشة قالت : كان مما نزل من القرآن سقط لا يحرم
إلا عشر رضعات أو خمس معلومات
وأخرج ابن ماجه عن عائشة قالت : لقد نزلت آية الرجم ورضاعة الكبير
(2/471)
عشرا
ولقد كان في صحيفة تحت سريري
فلما مات رسول الله صلى الله عليه و سلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر أنه بلغه عن ابن الزبير أنه يأثر عن عائشة في الرضاعة
لا يحرم منها دون سبع رضعات
قال : الله خير من عائشة إنما قال الله تعالى وأخواتكم من الرضاعة ولم يقل رضعة
ولا رضعتين
وأخرج عبد الرزاق عن طاوس أنه قيل له : إنهم يزعمون أنه لا يحرم من الرضاعة دون
سبع رضعات ثم صار ذلك إلى خمس
قال : قد كان ذلك فحدث بعد ذلك أمر جاء التحريم المرة الواحدة تحرم
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : المرة الواحدة تحرم
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : المصة الواحدة تحرم
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم أنه سئل عن الرضاع فقال : إن عليا وعبد الله بن
مسعود كانا يقولان : قليله وكثيره حرام
وأخرج ابن أبي شيبة عن طاوس قال : اشترط عشر رضعات
ثم قيل : إن الرضعة الواحدة تحرم
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي قال : لا يحرم من الرضاع إلا ما كان في الحولين
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود وابن عباس وابن عمر وأبي هريرة مثله
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : إنما الرضاعة من المجاعة "
أما قوله تعالى وأمهات نسائكم
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه من طريقين
عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إذا
نكح الرجل المرأة فلا يحل له أن يتزوج أمها دخل بالإبنة أم لم يدخل وإذا تزوج الأم
فلم يدخل بها ثم طلقها فإن شاء تزوج الإبنة "
وأخرج مالك عن زيد بن ثابت أنه سئل عن رجل تزوج امرأة ففارقها قبل أن يمسها هل تحل
له أمها ؟ فقال : لا
الأم مبهمة ليس فيها شرط إنما الشرط في الربائب
(2/472)
وأخرج
عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : الرجل ينكح
المرأة ولم يجامعها حتى يطلقها أتحل له أمها ؟ قال : لا هي مرسلة قلت : أكان ابن
عباس يقرأ " وأمهات نسائكم اللاتي دخلتم بهن " قال : لا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن
ابن عباس وأمهات نسائكم قال : هي مبهمة إذا طلق الرجل امرأته قبل أن يدخل بها أو
ماتت لم تحل له أمها
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي عن عمران بن حصين في أمهات
نسائكم قال : هي مبهمة
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي في سننه عن
أبي عمرو الشيباني أن رجلا من بني شمخ تزوج امرأة ولم يدخل بها ثم رأى أمها
فأعجبته فاستفتى ابن مسعود فأمره أن يفارقها ثم يتزوج أمها ففعل وولدت له أولادا
ثم أتى ابن مسعود المدينة فسأل عمر وفي لفظ فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم
فقالوا : لا تصلح
فلما رجع إلى الكوفة قال للرجل : إنها عليك حرام ففارقها
وأخرج مالك عن ابن مسعود أنه استفتي وهو بالكوفة عن نكاح الأم بعد البنت إذا لم
تكن البنت مست فأرخص ابن مسعود في ذلك ثم إن ابن مسعود قدم المدينة فسأل عن ذلك
فأخبر أنه ليس كما قال وأن الشرط في الربائب فرجع ابن مسعود إلى الكوفة قلم يصل
إلى بيته حتى أتى الرجل الذي أفتاه بذلك فأمره أن يفارقها
وأخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبيهقي عن مسروق
أنه سئل عن أمهات نسائكم ؟ قال هي مبهمة فأرسلوا ما أرسل الله واتبعوا ما بين ذلك
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن
أبي طالب في الرجل يتزوج المرأة ثم يطلقها أو ماتت قبل أن يدخل بها هل تحل له أمها
؟ قال هي بمنزلة الربيبة
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن زيد بن ثابت
(2/473)
أنه
كان يقول : إذا ماتت عنده فأخذ ميراثها كره أن يخلف على أمها وإذا طلقها قبل أن
يدخل بها فلا بأس أن يتزوج أمها
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد
أنه قال : في قوله وأمهات نسائكم وربائبكم اللاتي في حجوركم أريد بهما الدخول
جميعا
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن المنذر عن مسلم بن عويمر الأجدع قال : نكحت
امرأة فلم أدخل بها حتى توفي عمي عن أمها فسألت ابن عباس فقال : انكح أمها
فسألت ابن عمر فقال : لا تنكحها
فكتب أبي إلى معاوية فلم يمنعي ولم يأذن لي
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عبد الله بن الزبير فقال :
الربيبة والأم سواء لا بأس بهما إذا لم يدخل بالمرأة
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هانىء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من نظر إلى فرج امرأة لم تحل له أمها ولا ابنتها "
قوله تعالى : وربائبكم : أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن داود أنه قرأ في مصحف
ابن مسعود " وربائبكم اللاتي دخلتن بأمهاتهم "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم بسند صحيح عن مالك بن أوس بن الحدثان قال : قال
كانت عندي امرأة فتوفيت وقد ولدت لي فوجدت عليها فلقيني علي بن أبي طالب فقال : ما
لك
؟ فقلت توفيت المرأة فقال علي : لها ابنة ؟ قلت نعم وهي بالطائف
قال : كانت في حجرك ؟ قلت : لا
قال : فانكحها
قلت : فأين قول الله وربائبكم اللاتي في حجوركم ؟ قال : إنها لم تكن في حجرك إنما
ذلك إذا كانت في حجرك
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال :
الدخول : الجماع
وأخرج عبد لرزاق وعبد بن حميد عن طاوس قال : الدخول : الجماع
وأخرج ابن المنذر عن أبي العالية قال : بنت الربيبة وبنت ابنتها لا تصلح وإن كانت
أسفل لسبعين بطنا
(2/474)
قوله
تعالى وحلائل أبنائكم : أخرج عبد الرزاق في المصنف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم عن عطاء في قوله حلائل أبنائكم قال : كنا نتحدث أن محمدا صلى الله عليه و سلم
لما نكح امرأة زيد قال المشركون بمكة في ذلك فأنزل الله وحلائل أبنائكم الذين من
أصلابكم ونزلت وما مجعل أدعياءكم أبناءكم الأحزاب الآية 4 ونزلت ما كان محمد أبا
أحد من رجالكم الأحزاب الآية 40
وأخرج ابن المنذر من وجه آخر عن ابن جريج قال : لما نكح النبي صلى الله عليه و سلم
امرأة زيد قالت قريش : نكح امرأة ابنه فنزلت وحلائل أبناءكم الذين من أصلابكم
وأخرج ابن أبي شيبة وابن ئبي ؟ حاتم عن الحسن ومحمد قالا : إن هؤلاء الآيات مبهمات
وحلائل أبناءكم و ما نكح آباؤكم النساء الآية 22 وأمهات نسائكم
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : الرجل ينكح المرأة لا
يراها حتى يطلقها تحل لأبيه ؟ قال : هي مرسلة وحلائل أبناءكم الذين من أصلابكم
أما قوله تعالى : وأن تجمعوا بين الأختين أخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن
ماجه عن فيروز الديلمي " أنه أدركه الإسلام وتحته أختان فقال له النبي صلى
الله عليه و سلم طلق أيتهما شئت "
وأخرج عن قيس قال : قلت لابن عباس : أيقع الرجل على المرأة وابنتها مملوكتين له ؟
فقال : أحلتهما آية وحرمتهما آية ولم أكن لأفعله
وأخرج ابن المنذر من طريق عكرمة عن ابن عباس وأن تجمعوا بين الأختين قال : يعني في
النكاح
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر من طريق عمرو بن دينار عن ابن عباس أنه كان لا يرى
بأسا أن يجمع بين الأختين المملوكتين
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس وأن تجمعوا بين الأختين قال : ذلك في الحرائر فأما
في المماليك فلا بأس
(2/475)
وأخرج
مالك والشافعي وعبد بن حميد وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم والبيهقي في
سننه من طريق ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب أن رجلا سال عثمان بن عفان عن الأختين في
ملك اليمين هل يجمع بينهما ؟ فقال : أحلتهما آية وحرمتهما آية وما كنت لأصنع ذلك
فخرج من عنده فلقي رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم أراه علي بن أبي طالب
فسأله عن ذلك فقال : لو كان لي من الأمر شيء ثم وجدت أحدا فعل ذلك لجعلته نكالا
وأخرج ابن عبد البر في الاستذكار عن أياس بن عامر قال : سألت علي بن أبي طالب فقلت
: إن لي أختين مما ملكت يميني اتخذت إحداهما سرية وولدت لي أولادا ثم رغبت في
الأخرى فما أصنع ؟ قال : تعتق التي كنت تطأ ثم تطأ الأخرى ثم قال : إنه يحرم عليك
مما ملكت يمينك ما يحرم عليك في كتاب الله من الحرائر إلا العدد
أو قال إلا الأربع ويحرم عليك من الرضاع ما يحرم عليك في كتاب الله من النسب
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي عن علي أنه سئل عن رجل له أمتان أختان
وطىء إحداهما ثم أراد أن يطأ الأخرى
قال : لا
حتى يخرجها من ملكه قيل فإن زوجها عبده ؟ قال : لا
حتى يخرجها من ملكه
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن
مسعود أنه سئل عن الرجل يجمع بين الأختين الأمتين فكرهه
فقيل : يقول الله إلا ما ملكت أيمانكم النساء الآية 24 فقال : وبعيرك ايضا مما
ملكت يمينك
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن مسعود قال يحرم من الإماء ما يحرم من
الحرائر إلا العدد
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن عمار بن ياسر قال : ما حرم الله من الحرائر
شيئا إلا قد حرمه من الإماء إلا العدد
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي من طريق أبي صالح عن علي بن أبي طالب قال في الأختين
المملوكتين : أحلتهما آية وحرمتهما آية ولا آمر ولا أنهى ولا أحل ولا أحرم ولا
أفعله أنا ولا أهل بيتي
(2/476)
واخرج
عبد الرزاق والبيهقي عن عكرمة قال : ذكر عند ابن عباس قول علي في الأختين من ملك
اليمين ؟ فقالوا : إن عليا قال : أحلتهما آية وحرمتهما آية
قال ابن عباس عند ذلك : أحلتهما آية وحرمتهما آية إنما يحرمهن علي قرابتي منهن ولا
يحرمهن علي قرابة بعضهن من بعض لقول الله والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم
النساء الآية 24
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبيهقي عن ابن عمر قال : إذا كان للرجل جاريتان
أختان فغشي إحداهما فلا يقرب الأخرى حتى يخرج الذي غشي عن ملكه
وأخرج ابن المنذر عن القاسم بن محمد أن حيا سالوا معاوية عن الأختين مما ملكت
اليمين يكونان عند الرجل يطؤهما ؟ قال : ليس بذلك بأس
فسمع بذلك النعمان بن بشير فقال : أفتيت بكذا وكذا
؟ قال : نعم
قال : أرأيت لو كان عند الرجل أخته مملوكة يجوز له أن يطأها ؟ قال : أما والله
لربما وددتني أدرك فقل لهم اجتنبوا ذلك فإنه لا ينبغي لهم فقال : إنما هي الرحم من
العتاقة وغيرها
وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : أن النبي صلى الله عليه و
سلم قال يوم فتح مكة : " لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها "
وأخرج البيهقي عن مقاتل بن سليمان قال : إنما قال الله في نساء الآباء إلا ما قد
سلف لأن العرب كانوا ينكحون نساء الآباء ثم حرم النسب والصهر فلم يقل إلا ما قد
سلف لأن العرب كانت لا تنكح النسب والصهر
وقال في الأختين إلا ما قد سلف لأنهم كانوا يجمعون بينهما فحرم جمعهما جميعا إلا
ما قد سلف قبل التحريم إن الله كان غفورا رحيما لما كان من جماع الأختين قبل
التحريم
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن وهب بن منبه أنه سئل عن وطء الأختين الأمتين ؟
فقال : أشهد أنه فيما أنزل الله على موسى عليه السلام أنه ملعون من جمع بين
الأختين
(2/477)
وأخرج
مالك وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عمر بن الخطاب أنه سئل عن المرأة
وابنتها من ملك اليمين هل توطأ إحداهما بعد الأخرى ؟ فقال عمر : ما أحب أن أجيزهما
جميعا ونهاه
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس أنه سئل عن الرجل يقع على الجارية وابنتها يكونان
عنده مملوكتين فقال : حرمتهما آية وأحلتهما آية ولم أكن لأفعله
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي أنه سئل عن ذلك ؟ فقال : إذا أحلت لك آية وحرمت عليك
أخرى فإن أملكهما آية الحرام ما فصل لنا حرتين ولا مملوكتين
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن الضريس عن وهب بن منبه قال : في التوراة
ملعون من نظر إلى فرج امرأة وابنتها ما فصل لنا حرة ولا مملوكة
وأخرج عبد الرزاق عن إبراهيم النخعي قال : من نظر إلى فرج امرأة وابنتها لم ينظر
الله إليه يوم القيامة
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : لا ينظر الله إلى رجل نظر إلى فرج امرأة
وابنتها
الآية 24
أخرج الطيالسي وعبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وأبو
داود والترمذي والنسائي وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطحاوي
وابن حبان والبيهقي في سننه عن أبي سعيد الخدري " أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم بعث يوم حنين جيشا إلى أوطاس فلقوا عدوا فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا لهم
سبايا فكان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم تحرجوا من غشيانهن من أجل
(2/478)
أزواجهن
من المشركين فأنزل الله في ذلك والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم يقول :
إلا ما أفاء الله عليكم فاستحللنا بذلك فروجهن
وأخرج الطبراني عن ابن عباس في الآية قال : نزلت يوم حنين لما فتح الله حنينا أصاب
المسلمون نساء لهن أزواج وكان الرجل إذا أراد أن يأتي المرأة قالت : إن لي زوجا
فسئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك
فأنزلت هذه الآية والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم يعني السبية من
المشركين تصاب لا بأس في ذلك
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن سعيد بن جبير في الآية قال : نزلت في نساء أهل
حنين لما افتتح رسول الله صلى الله عليه و سلم حنينا أصاب المسلمون سبايا فكان
الرجل إذا أراد أن يأتي المرأة منهن قالت : إن لي زوجا
فأتوا النبي صلى الله عليه و سلم فذكروا ذلك له فأنزل الله والمحصنات من النساء
إلا ما ملكت أيمانكم قال : السبايا من ذوات الأزواج
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي عن
ابن عباس في قوله والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال : كل ذات زوج
إتيانها زنا إلا ما سبيت
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية يقول : كل امرأة
لها زوج فهي عليك حرام إلا أمة ملكتها ولها زوج بأرض الحرب فهي لك حلال إذا
استبرأتها
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة والطبراني عن علي وابن مسعود في قوله والمحصنات من
النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال علي : المشركات إذا سبين حلت له وقال ابن مسعود :
المشركات والمسلمات
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله
والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم قال : كل ذات زوج عليك حرام إلا ما
اشتريت بمالك وكان يقول بيع الأمة طلاقها
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال " طلاق الأمة ست بيعها طلاقها وعتقها طلاقها
وهبتها طلاقها وبراءتها طلاقها وطلاق زوجها طلاقها
واخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : إذا بيعت الأمة ولها زوج فسيدها أحق ببضعها
(2/479)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس والمحصنات من النساء قال : ذوات الأزواج
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن المنذر عن أنس بن مالك والمحصنات من النساء قال
: ذوات الأزواج الحرائر حرام إلا ما ملكت أيمانكم
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود والمحصنات من النساء قال : ذوات الأزواج
وأخرج مالك وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي عن سعيد
بن المسيب والمحصنات من النساء قال : هن ذوات الأزواج ومرجع ذلك إلى أن حرم الله
الزنا
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد والمحصنات من النساء قال : نهين عن الزنا
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي في الآية قال : نزلت يوم أوطاس
وأخرج ابن جرير عن أبي سعيد الخدري قال : كان النساء يأتيننا ثم يهاجر أزواجهن
فمنعناهن بقوله والمحصنات من النساء
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس والمحصنات من النساء يعني بذلك ذوات
الأزواج من النساء لا يحل نكاحهن يقول : لا تحلب ولا تعد فتنشز على بعلها وكل
امرأة لا تنكح إلا ببينة ومهر فهي من المحصنات التي حرم إلا ما ملكت أيمانكم يعني
التي أحل الله من النساء وهو ما أحل من حرائر النساء مثنى وثلاث ورباع
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس والمحصنات من النساء قال : لا يحل له
أن يتزوج فوق أربع فما زاد فهو عليه حرام كأمه وأخته
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي العالية قال : يقول فانكحوا ما طاب لكم من
النساء مثنى وثلاث ورباع النساء الآية 3 ثم حرم ما حرم من النسب والصهر ثم قال
والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم فرجع إلى أول السورة إلى أربع فقال : هن
حرام أيضا إلا لمن نكح بصداق وسنة وشهود
(2/480)
وأخرج
عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير عن عبيدة قال : أحل الله لك أربعا في أول
السورة وحرم نكاح كل محصنة بعد الأربع إلا ما ملكت يمينك
وأخرج ابن جرير عن عطاء أنه سئل عن قوله والمحصنات من النساء فقال : حرم ما فرق
الأربع منهن
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله والمحصنات قال :
العفيفة العاقلة من مسلمة أو من أهل الكتاب
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس في قوله إلا ما ملكت أيمانكم
قال : إلا الأربع اللاتي ينكحن بالبينة والمهر
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس إلا ما ملكت أيمانكم قال : ينزع الرجل
وليدته امرأة عبده
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم
قال هي حل للرجل إلا ما أنكح مما ملكت يمينه فإنها لا تحل له
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن مرة قال : قال رجل لسعيد بن جبير : أما رأيت ابن عباس
حين سئل عن هذه الآية والمحصنات من النساء فلم يقل فيها شيئا ؟ فقال : كان لا
يعلمها
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : لو أعلم من يفسر لي هذه الآية لضربت إليه أكباد
الإبل قوله والمحصنات من النساء
الآية
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي السوداء قال : سالت عكرمة عن هذه الآية والمحصنات من
النساء فقال : لا أدري
! وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الأزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال : قال النبي
صلى الله عليه و سلم " الإحصان إحصانان إحصان نكاح وإحصان عفاف " قال
ابن أبي حاتم : قال أبي : هذا حديث منكر
وأخرج ابن جرير عن ابن شهاب أنه سئل عن قوله والمحصنات من النساء قال : نرى أنه
حرم في هذه الآية المحصنات من النساء ذوات الأزواج أن ينكحن مع أزواجهن والمحصنات
العفائف ولا يحللن إلا بنكاح أوملك يمين والإحصان إحصانان : إحصان تزويج وإحصان
عفاف في الحرائر والمملوكات كل ذلك حرم الله إلا بنكاح أوملك يمين
(2/481)
واخرج
سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن مجاهد أنه كان يقرا كل شيء في القرآن والمحصنات المائدة
الآية 5 بكسر الصاد إلا التي في النساء والمحصنات من النساء بالنصب
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود أنه قرأ والمحصنات من النساء بنصب الصاد وكان يحيى
بن وثاب يقرأ والمحصنات بكسر الصاد
وأخرج عبد بن حميد عن الأسود أنه كان ربما قرأ والمحصنات والمحصنات
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أن هذه الآية التي في سورة النساء والمحصنات من النساء
إلا ما ملكت أيمانكم نزلت في امرأة يقال لها : معاذة وكانت تحت شيخ من بني سدوس
يقال له : شجاع بن الحرث
وكان معها ضرة لها قد ولدت لشجاع أولادا رجالا وإن شجاعا انطلق يميز أهله من هجر
فمر بمعاذة ابن عم لها فقالت له : احملني إلى أهلي فإنه ليس عند هذا الشيخ خير
فاحتملها فانطلق بها فوافق ذلك جيئة الشيخ فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه و
سلم فقال : يا رسول الله وأفضل العرب إني خرجت أبغيها الطعام في رجب فتولت والطت
بالذنب وهي شر غالب لمن غلب رأت غلاما واركا على قتب لها وله أرب
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : علي علي فإن كان الرجل كشف بها ثوبا
فارجموها وإلا فردوا على الشيخ امرأته فانطلق مالك بن شجاع وابن ضرتها فطلبها فجاء
بها ونزلت بيتها "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عبيدة السلماني في
قوله كتاب الله عليكم قال : الأربع
وأخرج ابن جرير من طريق عبيدة عن عمر بن الخطاب
مثله
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس كتاب الله عليكم قال : واحدة إلى
أربع في النكاح
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم كتاب الله
عليكم قال : ما حرم عليكم
(2/482)
وأخرج
عبد بن حميد عن ابن عباس أنه قرأ وأحل لكم بضم الألف وكسر الحاء
وأخرج عن عاصم
أنه قرأ وأحل لكم بالنصب
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك قال وراء أمام في القرآن كله غير حرفين وأحل لكم
ما وراء ذلكم يعني سوى ذلكم فمن ابتغى وراء ذلك يعني سوى ذلك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي وأحل لكم ما وراء ذلكم قال : ما دون الأربع
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال كتاب الله عليكم قال : هذا
النسب وأحل لكم ما وراء ذلكم قال : ما وراء هذا النسب
وأخرج ابن جرير عن عطاء وأحل لكم ما وراء ذلكم قال : ما وراء ذات القرابة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة وأحل لكم ما وراء ذلكم قال : ما ملكت أيمانكم
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيدة السلماني وأحل لكم ما وراء ذلكم قال : من الإماء يعني
السراري
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله محصنين
قال : متناكحين غير مسافحين قال : غير زانين بكل زانية
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه سئل عن السفاح ؟ قال : الزنا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه عن ابن عباس في قوله
فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة يقول : إذا تزوج الرجل منكم المرأة ثم
نكحها مرة واحدة فقد وجب صداقها كله " والاستمتاع " هو النكاح
وهو قوله وآتو النساء صدقاتهن نحلة النساء الآية 4
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان متعة النساء في أول الإسلام
(2/483)
كان
الرجل يقدم البلدة ليس معه من يصلح له ضيعته ولا يحفظ متاعه فيتزوج المرأة إلى قدر
ما يرى أنه يفرغ من حاجته فتنظر له متاعه وتصلح له ضيعته وكان يقرأ فما استمتعتم
به منهن إلى أجل مسمى نسختها محصنين غير مسافحين وكان الإحصان بيد الرجل يمسك متى
شاء ويطلق متى شاء
وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : كانت المتعة في أول الإسلام
وكانوا يقرأون هذه الآية فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى
الآية
فكان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج بقدر ما يرى أنه يفرغ من حاجته
لتحفظ متاعه وتصلح له شأنه حتى نزلت هذه الآية حرمت عليكم أمهاتكم النساء الآية 23
إلى آخر الآية فنسخ الأولى فحرمت المتعة وتصديقها من القرآن إلا على أزواجهم أو ما
ملكت أيمانهم المؤمنون الآية 6 وما سوى هذا الفرج فهو حرام
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه من طرق عن
أبي نضرة قال : قرأت على ابن عباس فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة قال
ابن عباس : فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى
فقلت ما نقرؤها كذلك ! فقال ابن عباس : والله لأنزلها الله كذلك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : في قراءة أبي بن كعب فما استمتعتم به
منهن إلى أجل مسمى
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن سعيد بن جبير قال : في قراءة أبي بن كعب فما
استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى
وأخرج عبد الرزاق عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقرؤها " فما استمتعتم به منهن
إلى أجل مسمى فآتوهن أجورهن " وقال ابن عباس : في حرف أبي إلى أجل مسمى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد فما استمتعتم به منهن قال : يعني نكاح
المتعة
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : هذه المتعة الرجل ينكح المرأة بشرط إلى
أجل مسمى فإذا انقضت المدة فليس له عليها سبيل وهي منه بريئة
(2/484)
وعليها
أن تستبرىء ما في رحمها وليس بينهما ميراث
ليس يرث واحد منهما صاحبه
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن ابن مسعود قال : " كنا
نغزو مع رسول الله صلى الله عليه و سلم وليس معنا نساؤنا فقلنا ألا نستخصي ؟ فنهانا
عن ذلك ورخص لنا أن نتزوج المرأة بالثوب إلى أجل ثم قرأ عبد الله يا أيها الذين
آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم المائدة الآية 87 "
وأخرج عبد الرزاق وأحمد ومسلم عن سبرة الجهني قال : " أذن لنا رسول الله صلى
الله عليه و سلم عام فتح مكة في متعة النساء فخرجت أنا ورجل من قومي - ولي عليه
فضل في الجمال وهو قريب من الدمامة - مع كل واحد منا برد أما بردي فخلق وأما برد
ابن عمي فبرد جديد غض حتى إذا كنا بأعلى مكة تلقتنا فتاة مثل البكرة العنطنطة
فقلنا : هل لك أن يستمتع منك أحدنا قالت وما تبذلان ؟ فنشر كل واحد منا برده فجعلت
تنظر إلى الرجلين فإذا رآها صاحبي قال : إن برد هذا خلق وبردي جديد غض
فتقول : وبرد هذا لا بأس به
ثم استمتعت منها فلم تخرج حتى حرمها رسول الله صلى الله عليه و سلم "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن سبرة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم قائما
بين الركن والباب وهو يقول : يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع ألا وإن
الله حرمها إلى يوم القيامة فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيلها ولا تأخذوا مما
آتيتموهن شيئا "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن سلمة بن الأكوع قال : " رخص لنا رسول الله
صلى الله عليه و سلم في متعة النساء عام أوطاس ثلاثة أيام ثم نهى عنها بعدها
"
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر والنحاس من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله
فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة قال : نسختها يا أيها النبي إذا طلقتم
النساء فطلقوهن لعدتهن الطلاق الآية1
والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء البقرة الآية 228
واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر الطلاق الآية 4
(2/485)
وأخرج
أبو داود في ناسخه وابن المنذر والنحاس والبيهقي عن سعيد بن المسيب قال : نسخت آية
الميراث المتعة
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر والبيهقي عن ابن مسعود قال : المتعة منسوخة نسخها
الطلاق والصدقة والعدة والميراث
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن علي قال : نسخ رمضان كل صوم ونسخت الزكاة كل صدقة
ونسخ المتعة الطلاق والعدة والميراث ونسخت الضحية كل ذبيحة
وأخرج عبد الرزاق وأبو داود في ناسخه وابن جرير عن الحكم أنه سئل عن هذه الآية
أمنسوخة ؟ قال : لا
وقال علي : لولا أن عمر نهى عن المتعة ما زنا إلا شقي
وأخرج البخاري عن أبي جمرة قال : سئل ابن عباس عن متعة النساء فرخص فيها
فقال له مولى له : إنما كان ذلك وفي النساء قلة والحال شديد ! فقال ابن عباس : نعم
وأخرج البيهقي عن علي قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن المتعة
وإنما كانت لمن لم يجد
فلما نزل النكاح والطلاق والعدة والميراث بين الزوج والمرأة نسخت "
وأخرج النحاس عن علي بن أبي طالب أنه قال لابن عباس : إنك رجل تائه " إن رسول
الله صلى الله عليه و سلم نهى عن المتعة "
وأخرج البيهقي عن أبي ذر قال : " إنما أحلت لأصحاب رسول الله صلى الله عليه و
سلم متعة النساء ثلاثة أيام نهى عنها رسول الله صلى الله عليه و سلم "
وأخرج البيهقي عن عمر أنه خطب فقال : " ما بال رجال ينكحون هذه المتعة وقد
نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عنها لا أوتي بأحد نكحها إلا رجمته
وأخرج مالك وعبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه
عن علي بن أبي طالب " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن متعة النساء
يوم خيبر وعن أكل لحوم الحمر الإنسية "
وأخرج مالك وعبد الرزاق عن عروة بن الزبير أن خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن
الخطاب فقالت : إن ربيعة بن أمية استمتع بامرأة مولدة فحملت منه
فخرج عمر بن الخطاب يجر رداءه فزعا فقال : هذه المتعة ولو كنت تقدمت فيها لرجمت
(2/486)
وأخرج
عبد الرزاق عن خالد بن المهاجر قال : أرخص ابن عباس للناس في المتعة فقال له ابن
عمرة الأنصاري : ما هذا يا ابن عباس
؟ ! فقال ابن عباس : فعلت مع إمام المتقين فقال ابن أبي عمرة : اللهم غفرا
! إنما كانت المتعة رخصة كالضرورة إلى الميتة والدم ولحم الخنزير ثم أحكم الله
الدين بعد
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : والله ما كانت المتعة إلا ثلاثة أيام أذن لهم
رسول الله صلى الله عليه و سلم فيها ما كانت قبل ذلك ولا بعد
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال : " نهى عمر عن متعتين : متعة
النساء ومتعة الحج "
وأخرج ابن أبي شيبة عن نافع أن عمر سئل عن المتعة فقال : حرام
فقيل له : إن ابن عباس يفتي بها ! قال : فهلا ترمرم بها في زمان عمر ؟
وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال : لا يحل لرجل أن ينكح امرأة إلا نكاح الإسلام
بمهرها ويرثها وترثه ولا يقاضيها على أجل إنها امرأته فإن مات أحدهما لم يتوارثا
وأخرج ابن المنذر والطبراني والبيهقي من طريق سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس :
ماذا صنعت ذهب الركاب بفتياك ؟ وقالت فيه الشعراء ؟ ! قال : وما قالوا ؟ ! قلت :
قالوا : أقول للشيخ لما طال مجلسه يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس هل لك رخصة
الأطراف آنسة تكون مثواك حتى مصدر الناس
فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون لا والله ما بهذا أفتيت ولا هذا أردت ولا أحللتها
إلا للمضطر ولا أحللت منها إلا ما أحل الله من الميتة والدم ولحم الخنزير
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس قال : يرحم الله عمر ما
كانت المتعة إلا رحمة من الله رحم بها أمة محمد ولولا نهيه عنها ما احتاج إلى
الزنا إلا شقي قال : وهي التي في سورة النساء فما استمتعتم به منهن إلى كذا وكذا
من الأجل على كذا وكذا
قال : وليس بينهما وراثة فإن بدا لهما أن يتراضيا بعد الأجل فنعم وإن تفرقا فنعم
وليس بينهما نكاح
وأخبر أنه سمع ابن عباس يراها الآن حلالا
وأخرج ابن المنذر من طريق عمار مولى الشريد قال : سألت ابن عباس عن المتعة
(2/487)
أسفاح
هي أم نكاح ؟ فقال : لا سفاح ولا نكاح
قلت : فما هي ؟ ! قال : هي المتعة كما قال الله
قلت هل لها من عدة ؟ قال : نعم
عدتها حيضة
قلت : هل يتوارثان ؟ قال : لا
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة فآتوهن أجورهن فريضة قال : ما تراضوا عليه من قليل أو
كثير
وأخرج ابن جرير عن حضرمي أن رجالا كانوا يفرضون المهر ثم عسى أن يدرك أحدهم العسرة
فقال الله ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه من طريق علي عن ابن
عباس في قوله ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة قال : التراضي أن
يوفي لها صداقها ثم يخيرها
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن شهاب في الآية قال : نزل ذلك في النكاح فإذا فرض
الصداق فلا جناح عليهما فيما تراضيا به من بعد الفريضة من إنجاز صداقها قليل أو
كثير
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن أبي حاتم عن ربيعة في الآية قال : إن أعطت زوجها من
بعد الفريضة أو وضعت إليه فذلك الذي قال
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : إن وضعت لك منه شيئا فهو سائغ
وأخرج عن السدي في الآية قال : إن شاء أرضاها من بعد الفريضة الأولى التي تمتع بها
فقال : أتمتع منك أيضا بكذا وكذا
قبل أن يستبرىء رحمها والله أعلم
الآية 25
(2/488)
ابن
جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس ومن لم يستطع منكم
طولا يقول : من لم يكن له سعة أن ينكح المحصنات يقول : الحرائر فمن ما ملكت
أيمانكم من فتياتكم المؤمنات فلينكح من إماء المؤمنين محصنات غير مسافحات يعني
عفائف غير زوان في سر ولا علانية ولا متخذات أخذان يعني أخلاء فإذا أحصن فإن أتين بفاحشة
يعني إذا تزوجت حرا ثم زنت فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب قال : من الجلد
ذلك لمن خشي العنت هو الزنا فليس لأحد من الأحرار أن ينكح أمة إلا أن لا يقدر على
حرة وهو يخشى العنت وأن تصبروا عن نكاح الإماء فهو خير لكم
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير عن الحسن " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم نهى أن تنكح الأمة على الحرة وتنكح الحرة على الأمة ومن وجد طولا لحرة
فلا ينكح أمة "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد ومن لم يستطع منكم
طولا يعني من لم يجد منكم غنى أن ينكح المحصنات يعني الحرائر فلينكح الأمة المؤمنة
وأن تصبروا عن نكاح الإماء خير لكم وهو حلال
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن جابر بن عبد الله أنه سئل عن الحر يتزوج الأمة فقال
إذا كان ذا طول فلا
قيل إن وقع حب الأمة في نفسه ؟ قال : إن خشي العنت فليتزوجها
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود قال : إنما أحل الله نكاح الإماء إن لم يستطع طولا
وخشي العنت على نفسه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد قال : مما وسع الله به على هذه الأمة
نكاح اليهودية والنصرانية وإن كان موسرا
(2/489)
وأخرج
ابن جرير عن السدي من فتياتكم قال : من إمائكم
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبيهقي عن مجاهد قال : لا يصلح
نكاح إماء أهل الكتاب إن الله يقول من فتياتكم المؤمنات
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن الحسن قال : إنما رخص في الأمة المسلمة لمن لم يجد
طولا
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : إنما رخص لهذه الأمة في نكاح نساء أهل الكتاب
ولم يرخص لهم في الإماء
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عباس قال : لا يتزوج الحر من الإماء إلا واحدة
وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة قال : إنما أحل الله واحدة لمن خشي العنت على نفسه
ولا يجد طولا
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان ثم قال في التقديم : والله أعلم بإيمانكم
بعضكم من بعض
وأخرج ابن المنذر عن السدي فانكحوهن بإذن أهلهن قال : بإذن مواليهن وآتوهن أجورهن
قال : مهورهن
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : المسافحات : المعلنات بالزنا و المتخذات أخدان
ذات الخليل الواحد قال : كان أهل الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنا ويستحلون ما خفي
يقولون : أما ما ظهر منه فهو لؤم وأما ما خفي فلا بأس بذلك
فأنزل الله ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن الأنعام الآية151
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فإذا
أحصن قال : إحصانها إسلامها
وقال علي : اجلدوهن
قال ابن أبي حاتم حديث منكر "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود أنه
سئل عن أمة زنت وليس لها زوج فقال : اجلدوها خمسين جلدة قال : إنها لم تحصن
قال : إسلامها إحصانها
(2/490)
وأخرج
عبد الرزاق عن ابن عمر قال : في الأمة إذا كانت ليست بذات زوج فزنت جلدت نصف ما
على المحصنات من العذاب
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود قرأ فإذا أحصن بفتح الألف وقال : إحصانها إسلامها
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم فإذا أحصن قال : إذا أسلمن
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن إبراهيم أنه كان يقرأ فإذا أحصن قال : إذا
أسلمن وكان مجاهد يقرأ فإذا أحصن يقول : إذا تزوجن ما لم تزوج فلا حد عليها
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس أنه قرأها فإذا
أحصن يعني برفع الألف يقول : أحصن بالازواج
يقول : لا تجلد أمة حتى تزوج
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن عباس قال : إنما قال الله فإذا أحصن فإن
أتين بفاحشة فعليهن فليس يكون عليها حد حتى تحصن
وأخرج سعيد بن منصور وابن خزيمة والبيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " ليس على الأمة حد حتى تحصن بزوج فإذا أحصنت بزوج فعليها
نصف ما على المحصنات
قال ابن خزيمة والبيهقي : رفعه خطأ
والصواب وقفه "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن ابن عباس أنه كان يقرأ فإذا أحصن يقول : فإذا
تزوجن
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور عن ابن عباس أنه كان لا يرى على الأمة حدا حتى
تزوج زوجا حرا
وأخرج عبد الرزاق والبخاري ومسلم عن زيد بن خالد الجهني " أن النبي صلى الله
عليه و سلم سئل عن الأمة إذا زنت ولم تحصن ؟ قال اجلدوها ثم إن زنت فاجلدوها ثم إن
زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن أنس بن مالك أنه كان يضرب إماءه الحد إذا زنين
تزوجن أو لم يتزوجن
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : في بعض القراءة " فإن أتوا أو أتين بفاحشة
"
(2/491)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن مسعود في قوله فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب قال : خمسون
جلدة ولا نفي ولا رجم
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عباس قال : حد العبد يفتري على الحر أربعون
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : العنت الزنا
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن العنت قال : الإثم
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر : رأيتك تبتغي عنتي وتسعى على الساعي علي بغير دخل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد وأن تصبروا خير لكم قال : عن
نكاح الإماء
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود وأن تصبروا خير لكم قال : عن نكاح الإماء
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة وأن تصبروا عن نكاح الأمة خير وهو حل لكم إسترقاق
أولادهن
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : إن تصبر ولا تنكح الأمة
فيكون أولادك مملوكين فهو خير لك
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : ما تزحف ناكح الإماء عن الزنا
إلا قليلا
وأخرج عبد الرزاق عن أبي هريرة وعن سعيد بن جبير
مثله
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن عمر بن الخطاب قال : إذا نكح العبد الحرة فقد
أعتق نصفه وإذا نكح الحر الأمة فقد أرق نصفه
وأخرد ابن أبي شيبة عن مجاهد قال نكاح الأمة كالميتة والدم ولحم الخنزير لا يحل
إلا للمضطر
الآيات 26 - 28
(2/492)
أخرج
ابن جرير وابن أبي الدنيا في التوبة والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : ثماني
آيات نزلت في سورة النساء هن خير لهذه الأمة مما طلعت عليه الشمس وغربت أولهن يريد
الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم والثانية
والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما
والثالثة يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا والرابعة إن تجتنبوا كبائر ما
تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما النساء الآية31 والخامسة إن الله
لا يظلم مثقال ذرة
النساء الآية 40 الآية
والسادسة ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله
النساء الآية 110 الآية
والسابعة إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر
النساء الآية 48 الآية
والثامنة والذين آمنوا بالله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولئك سوف يؤيتهم أجورهم
وكان الله للذين عملوا من الذنوب غفورا رحيما النساء الآية 152
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من
قبلكم من تحريم الأمهات والبنات كذلك كان سنة الذين من قبلكم وفي قوله أن تميلوا
ميلا عظيما قال : الميل العظيم أن اليهود يزعمون أن نكاح الأخت من الأب حلال من
الله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي ويريد الذين يتبعون الشهوات قال : هم
اليهود والنصارى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ويريد الذين
يتبعون الشهوات قال : الزنا أن تميلوا ميلا عظيما قال : يريدون أن تكونوا مثلهم
تزنون كما يزنون
وأخرج ابن المنذر من وجه آخر عن مجاهد عن ابن عباس ويريد الذين يتبعون الشهوات قال
: الزنا
(2/493)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد يريد الله أن يخفف عنكم
يقول : في نكاح الأمة وفي كل شيء فيه يسر
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن طاوس وخلق الإنسان ضعيفا
قال : في أمر النساء ليس يكون الإنسان في شيء أضعف منه في النساء
قال وكيع : يذهب عقله عندهن
وأخرج الخرائطي في اعتلال القلوب عن طاوس في قوله وخلق الإنسان ضعيفا قال : إذا
نظر إلى النساء لم يصبر
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد يريد الله أن يخفف عنكم قال : رخص لكم في نكاح الإماء
حين تضطرون إليهن وخلق الإنسان ضعيفا قال : لو لم يرخص له فيها لم يكن إلا الأمر
الأول إذا لم يجد حرة
الآيتان 29 - 30
أخرج ابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن مسعود في قوله يا أيها الذين آمنوا
لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل قال : إنها محكمة ما نسخت ولا تنسخ إلى يوم
القيامة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : أما أكلهم أموالهم بينهم
بالباطل فالزنا والقمار والبخس والظلم إلا أن تكون تجارة فليرب الدرهم ألفا إن
استطاع
وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن في الآية قال : كان الرجل يتحرج أن يأكل عند أحد
من الناس بعد ما نزلت هذه الآية فنسخ ذلك بالآية التي في النور ولا على أنفسكم أن
تأكلوا من بيوتكم
النورالآية 61 الآية
(2/494)
أخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله إلا أن تكون
تجارة عن تراض منكم قال : عن تراض في تجارة بيع أو عطاء يعطيه أحد أحدا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في سننه عن قتادة في الآية قال : التجارة
رزق من رزق الله وحلال من حلال الله لمن طلبها بصدقها وبرها وقد كنا نحدث أن
التاجر الأمين الصدوق مع السبعة في ظل العرش يوم القيامة
وأخرج الترمذي وحسنه الحاكم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم
" قال : التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء "
وأخرج ابن ماجه والحاكم والبيهقي عن ابن عمر مرفوعا " قال : التاجر الصدوق
الأمين المسلم مع الشهداء يوم القيامة "
وأخرج الحاكم عن رافع بن خديج قال : قيل : يا رسول الله أي الكسب أطيب ؟ قال :
" كسب الرجل بيده وكل بيع مبرور "
وأخرج الحاكم والبيهقي في سننه عن أبي بردة قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و
سلم أي الكسب أطيب أوأفضل ؟ قال : " عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور "
وأخرج سعيد بن منصور عن نعيم بن عبد الرحمن الأزدي قال قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " تسعة أعشار الرزق في التجارة والعشر في المواشي "
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن صفوان بن أمية قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " أعلم أن عون الله مع صالحي التجار "
وأخرج الأصبهاني عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " التاجر
الصدوق في ظل العرش يوم القيامة "
وأخرج الأصبهاني عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
إن أطيب الكسب كسب التجار الذين إذا حدثوا لم يكذبوا وإذا وعدوا لم يخلفوا وإذا
ائتمنوا لم يخونوا وإذا اشتروا لم يذموا وإذا باعوا لم يمدحوا وإذا كان عليهم لم
يمطلوا وإذا كان لهم لم يعسروا "
وأخرج الأصبهاني عن أبي أمامة مرفوعا " أن التاجر إذا كان فيه أربع خصال طاب
كسبه : إذا اشترى لم يذم وإذا باع لم يمدح ولم يدلس في البيع ولم يحلف فيما بين
ذلك "
وأخرج الحاكم وصححه عن رفاعة بن رافع " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: إن
(2/495)
التجار
يبعثون يوم القيامة فجارا إلا من اتقى الله وبر وصدق "
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن شبل قال : " سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : إن التجار هم الفجار
قالوا : يا رسول الله أليس قد أحل الله البيع ؟ قال : بلى ولكنهم يحلفون فيأثمون
ويحدثون فيكذبون "
وأخرج الحاكم وصححه عن عمرو بن تغلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن من أشراط الساعة أن يفيض المال ويكثر الجهل وتظهر الفتن وتفشو التجارة
"
أخرج ابن ماجه وابن المنذر عن ابن سعيد في قوله تعالى عن تراض منكم قال : قال رسول
الله : " إنما البيع عن تراض "
وأخرج ابن جرير عن ميمون بن مهران قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" البيع عن تراض والخيار بعد الصفقة ولا يحل لمسلم أن يغش مسلما "
وأخرج عبد بن حميد عن أبي زرعة أنه باع فرسا له فقال لصاحبه : اختر فخيره ثلاثا ثم
قال له : خيرني
فخيره ثلاثا ثم قال : سمعت أبا هريرة يقول : هذا البيع عن تراض
وأخرج ابن ماجه عن جابر بن عبد الله قال : " اشترى رسول الله صلى الله عليه و
سلم من رجل من الأعراب حمل خبط فلما وجب البيع قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: اختر
فقال الأعرابي : عمرك الله بيعا "
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم باع رجلا ثم قال له :
اختر
فقال : قد اخترت
فقال : هكذا البيع "
وأخرج ابن جرير عن أبي زرعة أنه كان إذا بايع رجلا يقول له : خيرني
ثم يقول : قال أبو هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا يفترق
اثنان إلا عن رضا "
وأخرج ابن جرير عن أبي قلابة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " يا
أهل البقيع لا يتفرقن بيعان إلا عن رضا "
وأخرج البخاري والترمذي والنسائي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا أو يقول أحدهما للآخر : اختر
"
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح وعكرمة ولا تقتلوا أنفسكم قالا : نهاهم
عن قتل بعضهم بعضا
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد ولا تقتلوا أنفسكم لا يقتل بعضكم قال : بعضا
(2/496)
وأخرج
ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح
مثله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن السدي ولا تقتلوا أنفسكم قال : أهل دينكم
وأخرج أحمد وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عمرو بن العاص قال : "
بعثني رسول الله صلى الله عليه و سلم عام ذات السلاسل احتلمت في ليلة باردة شديدة
البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيممت به ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح فلما قدمت
على رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكرت ذلك له فقال : يا عمرو صليت بأصحابك وأنت
جنب ؟ قلت : نعم يا رسول الله إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن
اغستلت أن أهلك وذكرت قول الله ولاتقتلوا أنفسكم فتيممت ثم صليت
فضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم ولم يقل شيئا "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس " أن عمرو بن العاص صلى بالناس وهو جنب فلما
قدموا على رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكروا ذلك له فدعاه فسأله عن ذلك فقال :
يا رسول الله خشيت أن يقتلني البرد وقد قال الله تعالى ولا تقتلوا أنفسكم إن الله
كان بكم رحيما فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم "
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وابن المنذر عن عاصم بن بهدلة أن مسروقا أتى صفين
فقام بين الصفين فقال : يا أيها الناس أنصتوا أرأيتم لو أن مناديا ناداكم من
السماء فرأيتموه وسمعتم كلامه فقال : إن الله ينهاكم عما أنتم فيه أكنتم منتهين ؟
قالوا : سبحان الله
! قال : فوالله لقد نزل بذلك جبريل على محمد وما ذاك بأبين عندي منه إن الله قال
ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ثم رجع إلى الكوفة
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ومن يفعل ذلك يعني الأموال والدماء جميعا
عدوانا وظلما يعني متعمدا إعتداء بغير حق وكان ذلك على الله يسيرا يقول : كان
عذابه على الله هينا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : أرأيت قوله تعالى ومن
يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا في كل ذلك أم في قوله تعالى
الآية 31
(2/497)
ولا
تقتلوا أنفسكم ؟ قال : بل في قوله ولا تقتلوا أنفسكم
أخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور في فضائله وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن في سورة النساء خمس
آيات ما يسرني أن لي بها الدنيا وما فيها ولقد علمت أن العلماء إذا مروا بها
يعرفونها قوله تعالى إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه الآية
وقوله إن الله لا يظلم مثقال ذرة
النساء الآية 40 الآية
وقوله إن الله لا يغفر أن يشرك به
النساء الآية 48 الآية
وقوله ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك
النساء الآية 64 الآية
وقوله ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه
النساء الآية 110 الآية
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن أنس بن مالك قال : لم نر مثل الذي
بلغنا عن ربنا عز و جل ثم لم نخرج له عن كل أهل ومال أن تجاوز لنا عما دون الكبائر
فما لنا ولها
يقول الله إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما
وأخرج عبد بن حميد عن أنس بن مالك قال : هان ما سألكم ربكم إن تجتنبوا كبائر ما
تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أنس " سمعت النبي صلى الله عليه و
سلم يقول : ألا إن شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي ثم تلا هذه الآية إن تجتنبوا كبائر
ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم
الآية "
وأخرج النسائي وابن ماجه وابن جرير وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي
في سننه عن أبي هريرة وأبي سعيد " أن النبي صلى الله عليه و سلم جلس على المنبر
ثم قال : والذي نفسي بيده ما من عبد يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويؤدي الزكاة
ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة حتى إنها
لتصطفق ثم تلا إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه
الآية "
وأخرج ابن المنذر عن أنس قال : ما لكم والكبائر وقد وعدتم المغفرة فيما دون
الكبائر
وأخرج ابن جرير بسند حسن عن الحسن أن ناسا لقوا عبد الله بن عمرو بمصر
(2/498)
فقالوا
: نرى أشياء من كتاب الله أمر أن يعمل بها لا يعمل بها فأردنا أن نلقى أمير
المؤمنين في ذلك فقدم وقدموا معه فلقي عمر فقال : يا أمير المؤمنين إن ناسا لقوني
بمصر فقالوا : إنا نرى أشياء من كتاب الله أمر أن يعمل بها لا يعمل بها فأحبوا أن
يلقوك في ذلك فقال : اجمعهم لي
فجمعهم له فأخذ أدناهم رجلا فقال : أنشدك بالله وبحق الإسلام عليك أقرأت القرآن
كله ؟ قال : نعم
قال : فهل أحصيته في نفسك ؟ قال : لا
قال : فهل أحصيته في بصرك ؟ هل أحصيته في لفظك ؟ هل أحصيته في أثرك ؟ ثم تتبعهم
حتى أتى على آخرهم قال : فثكلت عمر أمه أتكلفونه على أن يقيم الناس على كتاب الله
قد علم ربنا أنه ستكون لنا سيئات وتلا إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم
سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما هل علم أهل المدينة فيما قدمتم ؟ قال : لا
قال : لو علموا لوعظت بكم
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : إنما وعد الله المغفرة لمن اجتنب الكبائر وذكر لنا
" أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : اجتنبوا الكبائر وسددوا وأبشروا "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني والبيهقي في الشعب من طرق عن
ابن عباس قال : كل ما نهى الله عنه فهو كبيرة وقد ذكرت الطرفة يعني النظرة
وأخرج ابن جرير عن أبي الوليد قال : سألت ابن عباس عن الكبائر ؟ فقال : كل شيء عصي
الله فيه فهو كبيرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كل ما وعد الله عليه النار كبيرة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : الكبائر كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة
أو عذاب
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : كل ذنب نسبه الله إلى النار فهو من الكبائر
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : الكبائر كل موجبة أوجب الله لأهلها النار وكل عمل
يقام به الحد فهو من الكبائر
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في
شعب الإيمان من طرق عن ابن عباس أنه سئل عن الكبائر أسبع هي ؟ قال : هي إلى
السبعين أقرب
(2/499)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير أن رجلا سأل ابن عباس كم
الكبائر ؟ سبع هي ؟ قال إلى سبعمائة أقرب منها إلى سبع غير أنه لا كبيرة مع
استغفار ولا صغيرة مع إصرار
وأخرج البيهقي في الشعب من طريق قيس بن سعد قال : قال ابن عباس : كل ذنب أصر عليه
العبد كبير وليس بكبير ما تاب منه العبد
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اجتنبوا السبع الموبقات
قالوا : وما هن يا رسول الله ؟ قال : الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله إلا
بالحق والسحر وأكل الربا ومال اليتيم والتولي يوم الزحف وقذف المحصنات الغافلات
المؤمنات "
وأخرج البزار وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم قال : " الكبائر سبع : أولها الإشراك بالله ثم قتل النفس بغير حقها
وأكل الربا وأكل مال اليتيم إلى أن يكبر والفرار من الزحف ورمي المحصنات والإنقلاب
على الأعراب بعد الهجرة "
وأخرج علي بن الجعد في الجعديات عن طيسلة قال : سألت ابن عمر عن الكبائر فقال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " هن تسع : الإشراك بالله وقذف
المحصنة وقتل النفس المؤمنة والفرار من الزحف والسحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم
وعقوق الوالدين والإلحاد بالبيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا "
وأخرج ابن راهويه والبخاري في الأدب المفرد وعبد بن حميد وابن المنذر والقاضي
إسماعيل في أحكام القرآن وابن المنذر بسند حسن من طريق طيسلة عن ابن عمر قال :
" الكبائر تسع : الإشراك بالله وقتل النسمة ; يعني بغير حق وقذف المحصنة
والفرار من الزحف وأكل الربا وأكل مال اليتيم والذي يستسحر والحاد في المسجد
الحرام وإنكاء الوالدين من العقوق "
وأخرج أبو داود والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن مردويه
عن عمير الليثي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن أولياء الله
المصلون ومن يقيم الصلوات الخمس التي كتبها الله على عباده ومن يؤدي زكاة ماله
طيبة بها نفسه ومن يصوم رمضان يحتسب صومه ويجتنب الكبائر
فقال رجل من الصحابة : يا رسول الله وكم الكبائر ؟ قال : هن تسع : أعظمهن الإشراك
بالله وقتل المؤمن بغير
(2/500)
الحق
والفرار يوم الزحف وقذف المحصنة والسحر وأكل مال اليتيم وأكل الربا وعقوق الوالدين
المسلمين واستحلال البيت الحرام قبلتكم أحياء وأمواتا "
وأخرج ابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " من صلى الصلوات الخمس واجتنب الكبائر السبع نودي من أبواب الجنة ادخل
بسلام
قيل أسمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يذكرهن ؟ قال : نعم عقوق الوالدين
والإشراك بالله وقتل النفس وقذف المحصنات وأكل مال اليتيم والفرار من الزحف وأكل
الربا "
وأخرج أحمد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن حبان والحاكم وصححه عن أبي أيوب
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من عبد الله لا يشرك به شيئا
وأقام الصلاة وآتى الزكاة وصام رمضان واجتنب الكبائر فله الجنة
فسأله رجل ما الكبائر ؟ قال : الشرك بالله وقتل نفس مسلمة والفرار يوم الزحف
"
وأخرج ابن حبان وابن مردويه عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده قال
: " كتب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أهل اليمن كتابا فيه الفرائض
والسنن والديات وبعث به مع عمرو بن حزم قال : وكان في الكتاب : إن أكبر الكبائر
عند الله يوم القيامة الإشراك بالله وقتل النفس المؤمنة بغير حق والفرار يوم الزحف
وعقوق الوالدين ورمي المحصنة وتعلم السحر وأكل الربا وأكل مال اليتيم "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن أبي
حاتم عن أنس قال : " ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم الكبائر فقال : الشرك
بالله وقتل النفس وعقوق الوالدين وقال : ألا أنبئكم بأكبرالكبائر قول الزور أو
شهادة الزور "
وأخرج الشيخان والترمذي وابن المنذر عن أبي بكرة قال : قال النبي صلى الله عليه و
سلم : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قلنا : بلى يا رسول الله
قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال : ألا وقول الزور
ألا وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمرو أنه سئل عن الخمر فقال : سألت عنها رسول الله صلى
الله عليه و سلم فقال : هي أكبر الكبائر وأم الفواحش من شرب الخمر ترك الصلاة ووقع
على أمه وخالته وعمته
(2/501)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كان يعد الخمر أكبر الكبائر
وأخرج عبد بن حميد في كتاب الإيمان عن شعبة مولى ابن عباس قال : قلت لابن عباس :
إن الحسن بن علي سئل عن الخمر أمن الكبائر هي ؟ فقال : لا
فقال ابن عباس : قد قالها النبي صلى الله عليه و سلم : " إذا شرب سكر وزنى
وترك الصلاة فهي من الكبائر "
وأخرج أحمد والبخاري الترمذي والنسائي وابن جرير عن ابن عمرو عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : " الكبائر : الإشراك بالله وعقوق الوالدين أو قتل النفس -
شك شعبة - واليمين الغموس "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان
والطبراني في الأوسط والبيهقي عن عبد الله بن أنيس الجهني قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " إن من أكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين واليمين
الغموس وما حلف حالف بالله يمين صبر فأدخل فيها مثل جناح بعوضة إلا جعلت نكتة في
قلبه إلى يوم القيامة "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن المنذر وابن أبي
حاتم عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من أكبر
الكبائر أن يلعن الرجل والديه
قالوا : وكيف يلعن الرجل والديه ؟ قال : يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب
أمه "
وأخرج أو داود وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " من أكبر الكبائر استطالة المرء في عرض رجل مسلم بغير حق ومن
الكبائر السبتان بالسبة "
وأخرج الترمذي والحاكم وابن أبي حاتم عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى قال : الجمع بين الصلاتين من غير عذر من الكبائر
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي قتادة العدوي قال : قرىء علينا كتاب عمر من الكبائر جمع
بين الصلاتين
يعني بغير عذر والفرار من الزحف والنميمة
وأخرج البزار وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن أبي حاتم ؟ بسند حسن
(2/502)
عن
ابن عباس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما الكبائر ؟ فقال :
الشرك بالله واليأس من روح الله والآمن ؟ من مكر الله "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن أبي الدنيا
في التوبة عن ابن مسعود قال : أكبر الكبائر الإشراك بالله والإياس من روح الله
والقنوط من رحمة الله والأمن من مكر الله
وأخرج ابن المنذر عن علي أنه سئل ما أكبر الكبائر ؟ فقال : الأمن لمكر الله
والإياس من روح الله والقنوط من رحمة الله
وأخرج ابن جرير بسند حسن عن أبي أمامة أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و
سلم ذكروا الكبائر وهو متكىء فقالوا : الشرك بالله وأكل مال اليتيم وفرار يوم
الزحف وقذف المحصنة وعقوق الوالدين وقول الزور والغلول والسحر وأكل الربا فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " فأين تجعلون إن الذين يشترون بعهد الله
وأيمانهم ثمنا قليلا آل عمران الآية 77 إلى آخر الآية ؟ "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس مرفوعا " الضرار في الوصية من الكبائر "
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي قال : الكبائر : الشرك بالله وقتل النفس وأكل مال
اليتيم وقذف المحصنة والفرار من الزحف والتعرب بعد الهجرة والسحر وعقوق الوالدين
وأكل الربا وفراق الجماعة ونكث الصفقة
وأخرج البزار وابن المنذر بسند ضعيف عن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال " أن أكبر الكبائر الإشراك بالله وعقوق الوالدين ومنع فضل الماء ومنع
الفحل "
وأخرج ابن أبي حاتم عن بريدة قال : إن أكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين
ومنع فضول الماء بعد الري ومنع طروق الفحل إلا بجعل
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة قالت : ما أخذ على النساء فمن الكبائر
يعني قوله أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين
المتحنة الآية 12 الآية
وأخرج البخاري في الأدب المفرد والطبراني والبيهقي عن عمران بن حصين قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أرأيتم الزاني والسارق وشارب الخمر ما
تقولون فيهم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم
قال : هن فواحش وفيهن عقوبة ألا أنبئكم
(2/503)
بأكبر
الكبائر ؟ الإشراك بالله ثم قرأ ومن يشرك بالله فقد افترى إثما عظيما النساء الآية
48 وعقوق الوالدين ثم قرأ أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير لقمان الآية 14 وكان
متكئا فاحتفز فقال : ألا وقول الزور "
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود قال : إن من أكبر الذنب عند الله أن يقول لصاحبه
اتق الله فيقول : عليك نفسك من أنت تأمرني
وأخرج ابن المنذر عن سالم بن عبد الله التمار عن أبيه أن أبا بكر وعمر وأناسا من
الصحابة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكروا أعظم الكبائر فلم يكن عندهم
فيها علم ينتهون إليه فأرسلوني إلى عبد الله بن عمرو بن العاص أسأله عن ذلك
فأخبرني أن أعظم الكبائر شرب الخمر فأتيتهم فأخبرتهم فأنكروا ذلك وتواثبوا إليه
جميعا حتى أتوه في داره فأخبرهم أنهم تحدثوا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم :
أن ملكا من بني إسرائيل أخذ رجلا فخيره أن يشرب الخمر أو يقتل نفسا أو يزني أو
يأكل لحم خنزير أو يقتله إن أبى
فاختار شرب الخمر وإنه لما شربها لم يمتنع من شيء أراده منه وأن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : " ما أحد يشربها فيقبل الله له صلاة أربعين ليلة ولا
يموت وفي مثانته منها شيء إلا حرمت عليه الجنة وإن مات في الأربعين مات ميتة
جاهلية "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال
: الكبائر الإشراك بالله لأن الله يقول لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون
يوسف الآية 87 والأمن لمكر الله لأن الله يقول فلا يأمن مكر الله إلا القوم
الخاسرون الأعراف الآية 99 وعقوق الوالدين لأن الله جعل العاق جبارا عصيا وقتل
النفس التي حرم الله لأن الله يقول فجزاؤه جهنم
النساء الآية 93 إلى آخر الآية وقذف المحصنات لأن الله يقول لعنوا في الدنيا
والآخرة ولهم عذاب عظيم النور الآية 23 وأكل
(2/504)
مال
اليتيم لأن الله يقول إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا النساء الآية 10
والفرار من الزحف لأن الله يقول ومن يولهم يومئذ دبره
إلى قوله وبئس المصير الأنفال الآية 16 وأكل الربا لأن الله يقول الذين يأكلون
الربا لا يقومون
البقرة الآية 275 الآية والسحر لأن الله يقول ولقد علموا لمن اشتراه ما له في
الآخرة من خلاق البقرة الآية 102 والزنا لأن الله يقول يلق أثاما الفرقان الآية 68
الآية واليمين الغموس الفاجرة لأن الله يقول إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم
آل عمران الآية 77 الآية والغلول لأن الله يقول ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة
آل عمران الآية 161 ومنع الزكاة المفروضة لأن الله يقول فتكوى بها جباههم
التوبة الآية 35 الآية وشهادة الزور وكتمان الشهادة لأن الله يقول ومن يكتمها فإنه
آثم قلبه البقرة الآية 283 وشرب الخمر لأن الله عدل بها الأوثان وترك الصلاة
متعمدا لأن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " من ترك الصلاة متعمدا فقد
برىء من ذمة الله ورسوله " ونقض العهد وقطيعة الرحم لأن الله يقول لهم اللعنة
ولهم سوء الدار الرعد الآية 25
وأخرد عبد بن حميد والبزار والطبراني عن ابن مسعود أنه سئل عن الكبائر قال : ما
بين أول سورة النساء إلى رأس ثلاثين آية منها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال :
الكبائر من أول سورة النساء إلى قوله إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود أنه سئل عن الكبائر ؟ فقال : افتتحوا سورة النساء
فكل شيء نهى الله عنه حتى تأتوا ثلاثين آية فهو كبيرة ثم قرأ مصداق ذلك إن تجتنبوا
كبائر ما تنهون عنه
الآية
(2/505)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن عباس انه قرأ من النساء حتى بلغ ثلاثين آية منها ثم قرأ إن
تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه مما في أول السورة إلى حيث بلغ
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن إبراهيم قال : كانوا يرون أن الكبائر فيما بين أول
هذه السورة سورة النساء إلى هذه الموضع إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه
وأخرج ابن جرير عن ابن سيرين قال : سألت عبيدة عن الكبائر فقال : الإشراك بالله
وقتل النفس التي حرم الله بغير حقها وفرار يوم الزحف وأكل مال اليتيم بغير حقه
وأكل الربا والبهتان ويقولون اعرابية بعد الهجرة
قيل لابن سيرين : فالسحر
قال : إن البهتان يجمع شرا كثيرا
وأخرج ابن أبي حاتم عن مغيرة قال : كان يقال : شتم أبي بكر وعمر رضي الله عنهما من
الكبائر
وأخرج ابن أبي الدنيا في التوبة والبيهقي في الشعب عن الأوزاعي قال : كان يقال :
من الكبائر أن يعمل الرجل الذنب فيحتقره
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : لا كبيرة بكبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة
بصغيرة مع الإصرار
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس
أنه قرأ " تكفر " بالتاء ونصب الفاء
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم
سيئاتكم قال : إنما وعد الله المغفرة لمن اجتنب الكبائر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله نكفر عنكم سيئاتكم قال : الصغار
وندخلكم مدخلا كريما قال : الكريم : هو الحسن في الجنة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة أنه كان يقول : المدخل الكريم
هو الجنة
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس أنه قرأ مدخلا بضم الميم
الآية 32
(2/506)
أخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد والترمذي والحاكم وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن أم سلمة أنها قالت : " يا رسول الله تغزو
الرجال ولا نغزو ولا نقاتل فنستشهد وإنما لنا نصف الميراث
فأنزل الله ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض وأنزل فيها إن المسلمين
والمسلمات الأحزاب الآية 35 "
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : أتت امرأة النبي صلى
الله عليه و سلم فقالت : " يا نبي الله للذكر مثل حظ الأنثيين وشهادة امرأتين
برجل أفنحن في العمل هكذا إن عملت امرأة حسنة كتبت لها نصف حسنة ؟ فأنزل الله ولا
تتمنوا فإنه عدل مني وإن صنعته "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن عكرمة قال : إن النساء سألن الجهاد فقلن وددنا
أن الله جعل لنا الغزو فنصيب من الأجر ما يصيب الرجال
فأنزل الله ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن مجاهد وعكرمة في الآية قالا : نزلت في أم سلمة
بنت أبي أمية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي أن الرجال قالوا : نريد أن يكون لنا من
الأجر الضعف على أجر النساء كما لنا في السهام سهمان فنريد أن يكون لنا في الأجر
أجران
وقالت النساء : نريد أن يكون لنا أجر مثل أجر الرجال الشهداء فإنا لا نستطيع أن
نقاتل ولو كتب علينا القتال لقاتلنا
فأنزل الله الآية وقال لهم سلوا الله من فضله يرزقكم الأعمال وهو خير لكم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله ولا
تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض يقول : لا يتمن الرجل فيقول ليت لي مال فلان
وأهله
فنهى الله سبحانه عن ذلك ولكن ليسأل الله من فضله للرجال نصيب مما اكتسبوا يعني
مما ترك الوالدان والأقربون للذكر مثل حظ الأنثيين
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : لا تتمن مال فلان ولا مال فلان وما يدريك لعل هلاكه
في ذلك المال
(2/507)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : كان أهل الجاهلية لا يورثون المرأة شيئا ولا
الصبي شيئا وإنما يجعلون الميراث لمن يحترف وينفع ويدفع
فلما لحق للمرأة نصيبها وللصبي نصيبه وجعل للذكر مثل حظ الأنثيين قالت النساء لو
كان جعل أنصباءنا في الميراث كأنصباء الرجال
وقال الرجال : إنا لنرجو أن نفضل على النساء بحسنات في الآخرة كما فضلنا عليهن في
الميراث
فأنزل الله للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن يقول : المرأة تجزى
بحسنتها عشر أمثالها كما يجزى الرجل
وأخرج ابن جرير عن أبي حريز قال : لما نزل للذكر مثل حظ الأنثيين النساء الآية 11
قالت النساء : كذلك عليهم نصيبان من الذنوب كما لهم نصيبان من الميراث
فأنزل الله للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن يعني الذنوب
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل للرجال نصيب مما اكتسبوا قال : من الإثم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن محمد بن سيرين أنه كان إذا سمع الرجل
يتمنى في الدنيا قال : قد نهاكم الله عن هذا ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على
بعض ودلكم على خير منه واسألوا الله من فضله
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد واسألوا الله من فضله قال :
ليس بعرض الدنيا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير واسألوا الله من فضله قال : العبادة
ليس من أمر الدنيا
وأخرج الترمذي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن يسأل "
وأخرج ابن جرير من طريق حكيم بن جبير عن رجل لم يسمه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " سلوا الله من فضله فإن الله يحب أن يسأل وإن من أفضل العبادة
انتظار الفرج "
وأخرج أحمد عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما سأل رجل
مسلم الله
(2/508)
الجنة
ثلاثا إلا قالت الجنة : اللهم أدخله ولا استجار رجل مسلم من النار ثلاثا إلا قالت
النار : اللهم أجره "
الآية 33
أخرج البخاري وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس
والحاكم والبيهقي في سننه عن ابن عباس ولكل جعلنا موالي قال : ورثة والذين عقدت
أيمانكم قال : كان المهاجرون لما قدموا المدينة يرث المهاجر الأنصاري دون ذوي رحمه
للأخوة التي آخى النبي صلى الله عليه و سلم بينهم فلما نزلت ولكل جعلنا موالي نسخت
ثم قال والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم من النصر والرفادة والنصيحة وقد ذهب
الميراث ويوصي له
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه وابن مردويه عن ابن
عباس ولكل جعلنا موالي قال : عصبة والذين عقدت أيمانكم قال : كان الرجل يعاقد
الرجل أيهما مات ورثه الآخر فأنزل الله وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب
الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا الأحزاب الآية 6
يقول : إلا أن يوصوا إلى أوليائهم الذين عقدوا وصية فهو لهم جائز من ثلث مال الميت
وهو المعروف
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله ولكل جعلنا موالي قال : الموالي
العصبة هم كانوا في الجاهلية الموالي فلما دخلت العجم على العرب لم يجدوا لهم اسما
فقال الله فإن لم تعلموا أباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم الأحزاب الآية 5 فسموا
الموالي
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله والذين عقدت أيمانكم قال :
كان الرجل قبل الإسلام يعاقد الرجل يقول : ترثني وأرثك
(2/509)
وكان
الأحياء يتحالفون
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " كل حلف كان في الجاهلية أو عقد أدركه
الإسلام فلا يزيده الإسلام إلا شدة ولا عقد ولا حلف في الإسلام نسختها هذه الآية
وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض الأحزاب الآية 6 "
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال :
كان الرجل يعاقد الرجل فيرث كل واحد منهما صاحبه وكان أبو يكر عاقد رجلا فورثه
وأخرج أبو داود وابن جرير وابن مردويه عن عكرمة عن ابن عباس في قوله والذين عقدت
أيمانكم قال : كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب فيرث أحدهما الآخر فنسخ في
ذلك في الأنفال فقال : وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله الأحزاب الآية
6
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في الآية قال : كان الرجل يعاقد
الرجل في الجاهلية فيقول : دمي دمك وهدمي هدمك وترثني وأرثك وتطلب بي وأطلب بك
فجعل له السدس من جميع المال في الإسلام ثم يقسم أهل الميراث ميراثهم
فنسخ ذلك بعد في سورة الأنفال فقال : وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض فقذف ما كان
من عهد يتوارث به وصارت المواريث لذوي الأرحام
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : كان الرجل في الجاهلية
قد كان يلحق به الرجل فيكون تابعه فإذا مات الرجل صار لأهله وأقاربه الميراث وبقي
تابعا ليس له شيء
فأنزل الله والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم فكان يعطي من ميراثه فأنزل الله بعد
ذلك وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله والذين عقدت أيمانكم الذين عقد رسول الله صلى
الله عليه و سلم فآتوهم نصيبهم إذا لم يأت رحم يحول بينهم
قال : وهو لا يكون
(2/510)
اليوم
إنما كان نفر آخى رسول الله صلى الله عليه و سلم بينهم وانقطع ذلك وهذا لا يكون
لأحد إلا للنبي صلى الله عليه و سلم كان آخى بين المهاجرين والأنصار واليوم لا
يؤاخى بين أحد
واخرج ابن جرير والنحاس عن سعيد بن المسيب قال : إنما أنزلت هذه الآية في الحلفاء
والذين كانوا يتبنون رجالا غير أبنائهم ويورثونهم
فأنزل الله فيهم فجعل لهم نصيبا في الوصية ورد الميراث إلى الموالي في ذي الرحم
والعصبة
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير والنحاس عن مجاهد ولكل
جعلنا موالي قال : العصبة والذين عقدت أيمانكم قال : الحلفاء فآتوهم نصيبهم قال :
من العقل والنصر والرفادة
واخرج أبو داود وابن أبي حاتم عن داود بن الحصين قال : كنت أقرأ على أم سعد ابنة
الربيع وكانت يتيمة في حجر أبي فقرأت عليها والذين عقدت أيمانكم فقالت : لا ولكن
والذين عقدت أيمانكم إنما نزلت في أبي بكر وابنه عبد الرحمن حين أبى أن يسلم فحلف
أبو بكر أن لا يورثه فلما أسلم أمره الله أن يورثه نصيبه
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد أنه كان يقرأ " عقدت أيمانكم "
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم
أنه قرأ والذين عقدت خفيفة بغير ألف
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي مالك قال : كان الرجل في الجاهلية يأتي
القوم فيعقدون له أنه منهم إن كان ضرا أو نفعا أو دما فإنه فيهم مثلهم ويأخذون له
من أنفسهم مثل الذي يأخذون منه فكانوا إذا كان قتال قالوا : يا فلان أنت منا
فانصرنا وإن كانت منفعة قالوا : أعطنا أنت منا ولم ينصروه كنصرة بعضهم بعضا إن
اسنتصر وإن نزل به أمر أعطاه بعضهم ومنعه بعضهم ولم يعطوه مثل الذين يأخذون منه
فأتوا النبي صلى الله عليه و سلم فسألوه وتحرجوا من ذلك وقالوا : قد عاقدناهم في
الجاهلية
فأنزل الله والذين عقدت أيمانكم فآتوهم نصيبهم قال : " أعطوهم مثل الذي
تأخذون منهم "
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم من وجه آخر عن أبي مالك والذين عقدت أيمانكم
فآتوهم نصيبهم قال : هو حليف القوم يقول : أشهدوه أمركم ومشورتكم
(2/511)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال بعد
الفتح : " فوا بحلف الجاهلية فإنه لا يزيده الإسلام إلا شدة ولا تحدثوا حلفا
في الإسلام "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم وابن جرير والنحاس عن جبير بن مطعم أن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : " لا حلف في الإسلام وأيما حلف كان في الجاهلية فلم
يزده الإسلام إلا شدة "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الزهري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " لا حلف في الإسلام وتمسكوا بحلف الجاهلية "
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رفعه " كل حلف كان في الجاهلية لم يزده
الإسلام إلا جدة وشدة "
الآية 34
أخرج ابن أبي حاتم من طريق أشعث بن عبد الملك عن الحسن قال : " جاءت امرأة
إلى النبي صلى الله عليه و سلم تستعدي على زوجها أنه لطمها
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : القصاص
فأنزل الله الرجال قوامون على النساء
الآية
فرجعت بغير قصاص "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طريق قتادة عن الحسن " أن رجلا لطم امرأته
فأتت النبي صلى الله عليه و سلم فأراد أن يقصها منه
فنزلت الرجال قوامون على النساء فدعاه فتلاها عليه وقال أردت أمرا وأراد الله غيره
"
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
(2/512)
مردويه
من طريق جرير بن حازم عن الحسن " أن رجلا من الأنصار لطم امرأته فجاءت تلتمس
القصاص فجعل النبي صلى الله عليه و سلم بينهما القصاص
فنزلت ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه طه الآية 114 فسكت رسول الله صلى
الله عليه و سلم ونزل القرآن الرجال قوامون على النساء إلى آخر الآية فقال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : أردنا أمرا وأراد الله غيره "
وأخرج ابن مردويه عن علي قال : " أتى النبي صلى الله عليه و سلم رجل من
الأنصار بامرأة له فقالت : يا رسول الله إن زوجها فلان بن فلان الأنصاري وأنه
ضربها فأثر في وجهها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ليس ذلك له
فأنزل الله الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض أي قوامون على
النساء في الأدب
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أردت أمرا وأراد الله غيره "
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : لطم رجل امرأته فأراد النبي صلى الله عليه و سلم
القصاص فبينما هم كذلك نزلت الآية
وأخرج ابن جرير عن السدي
نحوه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله الرجال قوامون على النساء قال :
بالتأديب والتعليم بما أنفقوا من أموالهم قال : بالمهر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الزهري قال : لا تقص المرأة من زوجها إلا في النفس
وأخرج ابن المنذر عن سفيان قال : نحن نقص منه إلا في الأدب
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس الرجال قوامون على النساء يعني أمراء
عليهن أن تطيعه فيما أمرها الله به من طاعته وطاعته أن تكون محسنة إلى أهله حافظة
لماله بما فضل الله وفضله عليها بنفقته وسعيه فالصالحات قانتات قال : مطعيات
حافظات للغيب يعني إذا كن كذا فأحسنوا إليهن
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في الآية قال : الرجل قائم على المرأة يأمرها بطاعة الله
فإن أبت فله أن يضربها ضربا غير مبرح وله عليها الفضل بنفقته وسعيه
(2/513)
وأخرج
عن السدي الرجال قوامون على النساء يأخذون على أيديهن ويؤدبونهن
وأخرج عن سفيان بما فضل الله بعضهم على بعض قال : بتفضيل الله الرجال على النساء
وبما أنفقوا من أموالهم بما ساقوا من المهر
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي وبما أنفقوا من أموالهم قال : الصداق الذي أعطاها
ألا ترى أنه لو قذفها لاعنها ولو قذفته جلدت
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة فالصالحات قاتنات أي مطيعات لله
ولأزواجهن حافظات للغيب قال : حافظات لما استودعهن الله من حقه وحافظات لغيب
أزواجهن
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد حافظات للغيب للأزواج
وأخرح ابن جرير عن السدي حافظات للغيب بما حفظ الله يقول تحفظ على زوجها ماله
وفرجها حتى يرجع كما أمرها الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : حافظات لأزواجهن في أنفسهن بما استحفظهن الله
وأخرج عن مقاتل قال : حافظات لفروجهن لغيب أزواجهن حافظات بحفظ الله لا يخن
أزواجهن بالغيب
وأخرج ابن جرير عن عطاء قال : حافظات للأزواج بما حفظ الله يقول : حفظهن الله
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد حافظات للغيب قال : يحفظن على أزواجهن ما غابوا عنهن
من شأنهن بما حفظ الله قال : بحفظ الله إياها أن يجعلها كذلك
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في سننه عن أبي هريرة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " خير النساء التي إذا نظرت إليها
سرتك وإذا أمرتها أطاعتك وإذا غبت عنها حفظتك في مالك ونفسها
ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم الرجال قوامون على النساء إلى قوله قانتات
حافظات للغيب "
وأخرج ابن جرير عن طلحة بن مصرف قال : في قراءة عبد الله " فالصالحات قانتات
حافظات للغيب بما حفظ الله فأصلحوا إليهن واللاتي تخافون "
(2/514)
وأخرج
عن السدي " فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله فأحسنوا إليهن "
وأخرج ابن أبي شيبة عن يحيى بن جعدة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
خير فائدة أفادها المسلم بعد الإسلام امرأة جميلة تسره إذا نظر إليها وتطيعه إذا
أمرها وتحفظه إذا غاب في ماله ونفسها "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال : ما استفاد رجل بعد إيمان بالله خيرا من امرأة
حسنة الخلق ودود ولود وما استفاد رجل بعد الكفر بالله شرا من امرأة سيئة الخلق
حديدة السان
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبزي قال : مثل المراة الصالحة عند الرجل
الصالح مثل التاج المخوص بالذهب على رأس الملك ومثل المرأة السوء عند الرجل الصالح
مثل الحمل الثقيل على الرجل الكبير
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : ألا أخبركم بالثلاث الفواقر ؟ قيل :
وما هن ؟ قال : إمام جائر إن أحسنت لم يشكر وإن أسأت لم يغفر وجار سوء إن رأى حسنة
غطاها وإن رأى سيئة أفشاها وامرأة السوء إن شهدتها غاظتك وإن غبت عنها خانتك
وأخرج الحاكم عن سعد : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ثلاث من
السعادة : المرأة تراها فتعجبك وتغيب فتأمنها على نفسها ومالك والدابة تكون وطيئة
فلتحقك بأصحابك والدار تكون واسعة كثيرة المرافق
وثلاث من الشقاء : المرأة تراها فتسوءك وتحمل لسانها عليك وإن غبت عنها لم تأمنها
على نفسها ومالك والدابة تكون قطوفا فإن ضربتها أتعبتك وإن تركتها لم تلحقك
بأصحابك والدار تكون ضيقة قليلة المرافق "
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي من طريق حصين بن محصن قال : حدثتني
عمتي قالت : أتيت النبي صلى الله عليه و سلم في بعض الحاجة فقال : " أي هذه
أذات بعل أنت ؟ قلت : نعم
قال : كيف أنت له ؟ قالت : ما آلوه إلا ما عجزت عنه
قال : انظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك "
وأخرج البزار والحاكم والبيهقي في سننه عن أبي هريرة قال : جاءت امرأة إلى رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقالت : يا رسول الله أخبرني ما حق الزوج على الزوجة ؟
قال : " من
(2/515)
حق
الزوج على الزوجة أن لو سال منخراه دما وقيحا وصديدا فلحسته بلسانها ما أدت حقه لو
كان ينبغي لبشر أن يسجد لبشر أمرت المرأة أن تسجد لزوجها إذا دخل عليها لما فضله
الله عليها "
وأخرج الحاكم والبيهقي عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لا يحل لامرأة تؤمن بالله أن تأذن في بيت زوجها وهو كاره ولا تخرج وهو كاره
ولا تطيع فيه أحدا ولا تخشن بصدره ولا تعتزل فراشه ولا تضر به فإن كان هو أظلم
فلتأته حتى ترضيه فإن قبل منها فبها ونعمت وقبل الله عذرها وإن هو لم يرض فقد
أبلغت عند الله عذرها "
وأخرج البزار والحاكم وصححه عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " لا ينظر الله إلى امرأة لا تشكر لزوجها وهي لا تستغني عنه "
وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن شبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن الفساق أهل النار
قيل : يا رسول الله ومن الفساق ؟ قال : النساء
قال رجل : يا رسول الله أولسن أمهاتنا وأخواتنا وأزواجنا ؟ قال : بلى
ولكنهن إذا أعطين لم يشكرن وإذا ابتلين لم يصبرن "
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لا تصوم المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه ولا تأذن في بيته وهو شاهد إلا بإذنه
"
وأخرج عبد الرزاق والبزار والطبراني عن ابن عباس قال : جاءت امرأة إلى النبي صلى
الله عليه و سلم فقالت : يا رسول الله أنا وافدة النساء إليك هذا الجهاد كتبه الله
على الرجال فإن يصيبوا أجروا وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون ونحن معشر
النساء نقوم عليهم فما لنا من ذلك ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم : "
أبلغي من لقيت من النساء أن طاعة الزوج واعترافها بحقه تعدل ذلك وقليل منكن من
يفعله "
وأخرج البزار عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إذا صلت
المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها دخلت الجنة "
وأخرج ابن أبي شيبة والبزار عن ابن عباس أن امرأة من خثعم أتت رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقالت : يا رسول الله أخبرني ما حق الزوج على الزوجة فإني امرأة أيم
فإن استطعت وإلا جلست أيما ؟ قال : فإن حق الزوج على زوجته إن سألها نفسها وهي على
ظهر بعير أن لا تمنعه نفسها ومن حق الزوج على زوجته أن لا تصوم تطوعا إلا
(2/516)
بإذنه
فإن فعلت جاعت وعطشت ولا يقبل منها ولا تخرج من بيته إلا بإذنه فإن فعلت لعنتها
ملائكة السماء وملائكة الرحمة وملائكة العذاب حتى ترجع "
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط عن عائشة قالت : " سألت رسول الله صلى الله
عليه و سلم أي الناس أعظم حقا على المرأة ؟ قال : زوجها
قلت : فأي الناس أعظم حقا على الرجل ؟ قال : أمه "
وأخرج البزار عن علي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " يا معشر
النساء اتقين الله والتمسن مرضاة أزواجكن فإن المرأة لو تعلم ما حق زوجها لم تزل
قائمة ما حضر غداؤه وعشاؤه "
وأخرج البزار عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لو
تعلم المرأة حق لزوج ما قعدت ما حضر غداؤه وعشاؤه حتى يفرغ "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " لو كنت آمرا بشرا يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ثلاثة لا تقبل لهم صلاة ولا تصعد لهم حسنة : العبد الآبق حتى يرجع إلى
مواليه والمرأة الساخط عليها زوجها والسكران حتى يصحو "
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ألا
أخبركم برجالكم من أهل الجنة
النبي في الجنة والصديق في الجنة والشهيد في الجنة والمولود في الجنة ورجل زار
أخاه في ناحية المصر يزوره الله في الجنة ونساؤكم من أهل الجنة الودود العدود على
زوجها التي إذا غضب جاءت حتى تضع يدها في يده ثم تقول : لا أذوق غمضا حتى ترضى
"
وأخرج البيهقي عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لابنته : "
إني أبغض أن تكون المرأة تشكو زوجها "
وأخرج البيهقي عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لامرأة عثمان :
" أي بنية إنه لا امرأة لرجل لم تأت ما يهوى وذمته في وجهه وإن أمرها أن
تنتقل من جبل أسود إلى جبل أحمر أو من جبل أحمر إلى جبل أسود فاستصلحي زوجك "
وأخرج البيهقي عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
النساء على ثلاثة
(2/517)
أصناف
: صنف كالوعاء تحمل وتضع وصنف كالبعير الجرب وصنف ودود ولود تعين زوجها على إيمانه
خير له من الكنز "
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال : النساء ثلاث : امرأة عفيفة
مسلمة هينة لينة ودود ولود تعين أهلها على الدهر ولا تعين الدهر على أهلها وقليل
ما تجدها وامرأة وعاء لم تزد على أن تلد الولد وثالثة غل قمل يجعلها الله في عنق
من يشاء وإذا أراد أن ينزعه نزعه
وأخرج البيهقي عن أسماء بنت يزيد الأنصارية " أنها أتت النبي صلى الله عليه و
سلم وهو بين أصحابه فقالت : بأبي أنت وأمي إني وافدة النساء إليك وأعلم نفسي - لك
الفداء - أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا إلا وهي على مثل
رأيي إن الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء فآمنا بك وبإلهك الذي أرسلك وإنا معشر
النساء محصورات مقصورات قواعد بيوتكم ومقضى شهواتكم وحاملات أولادكم وإنكم معاشر
الرجال فضلتم علينا بالجمعة والجماعات وعيادة المرضى وشهود الجنائز والحج بعد الحج
وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله وإن الرجل منكم إذا خرج حاجا أو معتمرا أو
مرابطا حفظنا لكم أموالكم وغزلنا لكم أثوابكم وربينا لكم أموالكم فما نشارككم في
الأجر يا رسول الله ؟ فالتفت النبي صلى الله عليه و سلم إلى أصحابه بوجهه كله ثم
قال : هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مسساءلتها في أمر دينها من هذه ؟ فقالوا يا
رسول الله ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا ؟ فالتفت النبي صلى الله عليه و سلم
إليها ثم قال لها : انصرفي أيتها المرأة وأعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل
إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته يعدل ذلك كله
فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبر استبشارا "
وأخرج البيهقي عن أنس قال : جاء النساء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلن :
" يا رسول الله ذهب الرجال بالفضل بالجهاد في سبيل الله أفما لنا عمل ندرك به
عمل المجاهدين في سبيل الله ؟ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : مهنة إحداكن في
بيتها تدرك عمل المجاهدين في سبيل الله "
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي عن أم سلمة قالت : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " أيما امرأة باتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة "
وأخرج أحمد عن أسماء بنت يزيد قالت : " مر بنا رسول الله صلى الله عليه و سلم
ونحن في نسوة
(2/518)
فسلم
علينا فقال : إياكن وكفران المنعمين
قلنا يا رسول الله وما كفران المنعمين ؟ قال : لعل إحداكن تطول أيمتها بين أبويها
وتعنس فيرزقها الله زوجا ويزرقها منه مالا وولدا فتغضب الغضبة فتقول : ما رأيت منه
خيرا قط "
وأخرج البيهقي بسند منقطع عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
أف للحمام حجاب لا يستر وماء لا يطهر ولا يحل لرجل أن يدخله إلا بمنديل مر
المسلمين لا يفتنوا نساءهم الرجال قوامون على النساء علموهن ومروهن بالتسبيح
"
وأخرج أحمد وابن ماجه والبيهقي عن أبي أمامة قال : جاءت امرأة إلى رسول الله صلى
الله عليه و سلم ومعها ابن لها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
حاملات والدات رحيمات لولا ما يأتين إلى أزواجهن لدخل مصلياتهن الجنة "
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : قالت امرأة : يا رسول الله ما جزاء غزوة المرأة ؟
قال : " طاعة الزوج واعتراف بحقه "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والنسائي والبيهقي عن أبي هريرة قال : سئل
النبي صلى الله عليه و سلم أي النساء خير ؟ قال : " التي تسره إذا نظر ولا
تعصيه إذا أمر ولا تخالفه بما يكره في نفسها وماله "
وأخرج الحاكم وصححه عن معاذ أنه أتى الشام فرأى النصارى يسجدون لأساقفتهم ورهبانهم
ورأى اليهود يسجدون لأحبارهم وربانهم فقال : لأي شيء تفعلون هذا ؟ قالوا : هذا
تحية الأنبياء
قلت : فنحن أحق أن نصنع بنبينا ! فقال نبي الله صلى الله عليه و سلم : " إنهم
كذبوا على أنبيائهم كما حرفوا كتابهم لو أمرت أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن
تسجد لزوجها من عظم حقه عليها ولا تجد امرأة حلاوة الإيمان حتى تؤدي حق زوجها ولو
سألها نفسها وهي على ظهر قتب "
وأخرج الحاكم وصححه عن بريدة أن رجلا قال : يا رسول الله علمني شيئا أزداد به
يقينا فقال : " ادع تلك الشجرة فدعا بها فجاءت حتى سلمت على النبي صلى الله
عليه و سلم ثم قال لها : ارجعي فرجعت
قال : ثم أذن له فقبل رأسه ورجليه وقال : لو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد لأمرت
المرأة أن تسجد لزوجها "
وأخرج الحاكم عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اثنان
لا تجاوز صلاتهما رؤوسهما : عبد آبق من مواليه حتى يرجع وامرأة عصت زوجها حتى ترجع
"
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه عن أبي أمامة قال : قال رسول
(2/519)
الله
صلى الله عليه و سلم : " ثلاثة لا تجاوز صلاتهم آذانهم : العبد الآبق حتى
يرجع وامرأة باتت وزوجها عنها ساخط وإمام قوم وهم له كارهون "
وأخرج أحمد عن معاذ بن جبل أنه قدم اليمن فسألته امرأة ما حق المرء على زوجته فإني
تركته في البيت شيخا كبيرا ؟ فقال : والذي نفس معاذ بيده لو أنك ترجعين إذا رجعت
إليه فوجدت الجذام قد خرق لحمه وخرق منخريه فوجدت منخريه يسيلان قيحا ودما ثم
ألقمتيهما فاك لكيما تبلغي حقه ما بلغت ذاك أبدا
وأخرج أحمد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لا يصلح لبشر أن
يسجد لبشر ولو صلح أن يسجد بشر لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها
والذي نفسي بيده لو أن من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم أقبلت
تلحسه ما أدت حقه "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أنس " أن رجلا انطلق غازيا وأوصى
امرأته لا تنزل من فوق البيت فكان والدها في أسفل البيت فاشتكى أبوها فأرسلت إلى
رسول الله صلى الله عليه و سلم تخبره وتستأمره فأرسل إليها إتقي الله وأطيعي زوجك
ثم إن والدها توفي فأرسل إليه تستأمره فأرسل إليها مثل ذلك
وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم وصلى عليه فأرسل إليها أن الله قد غفر لأبيك
بطواعيتك لزوجك "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن الحارث بن المصطلق قال : كان يقال أشد الناس عذابا
اثنان : امرأة تعصي زوجها وإمام قوم وهم له كارهون
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري أن رجلا أتى بابنته إلى النبي صلى الله
عليه و سلم فقال : إن ابنتي هذه أبت أن تتزوج فقال لها : " أطيعي أباك
فقالت : لا
حتى تخبرني ما حق الزوج على زوجته
فقال : حق الزوج على زوجته أن لو كان به قرحة فلحستها أو ابتدر منخراه صديدا ودما
ثم لحسته ما أدت حقه
فقالت : والذي بعثك بالحق لا أتزوج أبدا
فقال : لا تنكحوهن إلا بإذنهن "
وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا
ينبغي لشيء أن يسجد لشيء ولو كان ذلك لكان النساء يسجدن لأزواجهن "
واخرج ابن أبي شيبة وابن ماجه عن عائشة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لو كنت آمرا أحدا لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها ولو أن رجلا أمر
(2/520)
امرأته
أن تنتقل من جبل أحمر إلى جبل أسود أو من جبل أسود إلى جبل أحمر كان نولها أن تفعل
"
وأخرج ابن شيبة عن عائشة قالت : يا معشر النساء لو تعلمن حق أزواجكن عليكن لجعلت
المرأة منكن تمسح الغبار عن وجهه بحر وجهها
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : كانوا يقولون : لو أن امرأة مصت أنف زوجها من
الجذام حتى تموت ما أدت حقه
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس واللاتي
تخافون نشوزهن قال : تلك المرأة تنشز وتستخف بحق زوجها ولا تطيع أمره فأمره الله
أن يعظها ويذكرها بالله ويعظم حقه عليها فإن قبلت وإلا هجرها في المضجع ولا يكلمها
من غير أن يذر نكاحها وذلك عليها شديد
فإن رجعت وإلا ضربها ضربا غير مبرح ولا يكسر لها عظما ولا يجرح بها جرحا فإن
أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا يقول : إذا أطاعتك فلا تتجن عليها العلل
وأخرج ابن جرير عن السدي نشوزهم قال : بغضهن
وأخرج عن ابن زيد قال : النشوز : معصيته وخلافه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن
واهجروهن قال : إذا نشزت المرأة عن فراش زوجها يقول لها : اتقي الله وارجعي إلى
فراشك فإن أطاعته فلا سبيل له عليها
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد واللاتي تخافون نشوزهن قال : العصيان فعظوهن قال :
باللسان واهجروهن في المضاجع قال : لا يكلمها واضربوهن ضربا غير مبرح فإن أطعنكم
قال : إن جاءت إلى الفراش فلا تبغوا عليهن سبيلا قال : لا تلمها ببغضها إياك فإن
البغض أنا جعلته في قلبها
واخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس فعظوهن قال : باللسان
وأخرج البيهقي عن لقيط بن صبرة قال : " قلت يا رسول الله إن لي امرأة في
لسانها شيء - يعني البذاء - قال طلقها
قلت : إن لي منها ولدا ولها صحبة
قال : فمرها - يقول عظها - فإن يك فيها خير فستقبل ولا تضربن ظعينتك ضربك أمتك
"
وأخرج أحمد وأبو داود والبيهقي عن أبي حرة الرقاشي عن عمه أن النبي صلى الله عليه
و سلم
(2/521)
قال
: " فإن خفتم نشوزهن فاهجروهن في المضاجع - قال حماد : يعني النكاح "
واخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس واهجروهن في المضاجع
قال : لا يجامعها
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس واهجروهن في المضاجع يعني بالهجران أن
يكون الرجل والمرأة على فراش واحد لا يجامعها
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد واهجروهن في المضاجع قال : لا يقربها
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس واهجروهن في المضاجع قال : لا
تضاجعها في فراشك
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير من طريق أبي صالح عن ابن عباس واهجرون في المضاجع قال
: يهجرها بلسانه ويغلظ لها بالقول ولا يدع جماعها
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير عن عكرمة واهجروهن في المضاجع قال :
الكلام والحديث وليس بالجماع
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : يرقد عندها ويوليها ظهره ويطؤها ولا يكلمها
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير من طريق أبي الضحى عن ابن عباس واهجروهن في المضاجع
واضربوهن قال : يفعل بها ذاك ويضربها حتى تطيعه في المضاجع فإن أطاعته في المضجع
فليس له عليها سبيل إذا ضاجعته
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : الهجران حتى تضاجعه فإذا فعلت فلا يكلفها أن
تحبه
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قوله واضربوهن قال : ضربا غير مبرح
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في الآية قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" اضربوهن إذا عصينكم في المعروف ضربا غير مبرح "
وأخرج ابن جرير عن حجاج قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا
تهجروا النساء إلا في المضاجع واضربوهن إذا عصينكم في المعروف ضربا غير مبرح
"
يقول : غير مؤثر
(2/522)
وأخرج
ابن جرير عن عطاء قال : قلت لابن عباس : ما الضرب غير المبرح ؟ قال : بالسواك
ونحوه
وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن المنذر والحاكم والبيهقي عن إياس بن عبد الله ابن
أبي ذئاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا تضربوا إماء الله
فقال عمر : ذئر النساء على أزواجهن فرخص في ضربهن
فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه و سلم نساء كثير يشكين أزواجهن فقال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : ليس أولئك خياركم "
وأخرج ابن سعد والبيهقي عن أم كلثوم بنت أبي بكر قالت : كان الرجال نهوا عن ضرب
النساء ثم شكوهن إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فخلى بينهم وبين ضربهن ثم قال
: " ولن يضرب خياركم "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن عبد الله بن زمعة
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أيضرب أحدكم امرأته كما يضرب
العبد ثم يجامعها في آخر اليوم ؟ ! "
وأخرج عبد الرزاق عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " أما يستحي
أحدكم أن يضرب امرأته كما يضرب العبد يضربها أول النهار ثم يضاجعها آخره "
وأخرج الترمذي وصححه النسائي وابن ماجه عن عمرو بن الأحوص أنه شهد حجة الوداع مع
رسول الله صلى الله عليه و سلم فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال : " أي
يوم أحرم أي يوم أحرم أي يوم أحرم
فقال الناس : يوم الحج الأكبر يا رسول الله
قال : فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في
شهركم هذا ألا لا يجني جان إلا على نفسه ألا ولا يجني والد على ولده ولا ولد على
والده إلا ان المسلم أخو المسلم فليس يحل لمسلم من أخيه شيء إلا ما أحل من نفسه
ألا وإن كل ربا في الجاهلية موضوع لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون غير ربا
العباس بن عبد المطلب فإنه موضوع كله وإن كل دم في الجاهلية موضوع وأول دم أضع من
دم الجاهلية دم الحارث بن عبد المطلب كان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل ألا
واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك إلا أن
يأتين بفاحشة مبينة فإن فعلن فاهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح فإن
أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا ألا وإن لكم على نسائكم حقا ولنسائكم عليكم حقا
فأما حقكم على
(2/523)
نسائكم
فلا يوطئن فرشكم من تكرهون ولا يأذن في بيوتكم لمن تكرهون وإن من حقهن عليكم أن
تحسنوا إليهن في كسوتهن وطعامهن "
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لا يسأل
الرجل فيم ضرب امرأته ؟ وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله فلا تبغوا عليهن سبيلا
قال : لا تلمها ببغضها إياك فإن البغض أنا جعلته في قلبها
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن سفيان فإن أطعنكم قال : إن أتت الفراش وهي تبغضه
فلا تبغوا عليهن سبيلا لا يكلفها أن تحبه لأن قلبها ليس في يديها
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان لعنتها
الملائكة حتى تصبح "
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنه النسائي والبيهقي عن طلق بن علي سمعت النبي صلى
الله عليه و سلم يقول : " إذا دعا الرجل امرأته لحاجته فلتجبه وإن كانت على
التنور "
وأخرج ابن سعد عن طلق قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا تمنع
امرأة زوجها ولو كانت على ظهر قتب "
الآية 35
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس وإن خفتم
شقاق بينهما هذا الرجل والمرأة إذا تفاسد الذي بينهما أمر الله أن يبعثوا رجلا
صالحا من أهل الرجل ورجلا مثله من أهل المرأة فينظران أيهما المسيء فإن كان الرجل
هو المسيء حجبوا عنه امرأته وقصروه على النفقة وإن كانت المرأة هي المسيئة قصروها
على زوجها ومنعوها النفقة فإن اجتمع رأيهما على أن يفرقا أو يجمعا فأمرهما جائز
فإن رأيا أن يجمعا فرضي أحد الزوجين وكره ذلك الآخر ثم مات أحدهما فإن الذي رضي
يرث الذي كره ولا يرث الكاره الراضي
(2/524)
إن
يريدا إصلاحا قال : هما الحكمان يوفق الله بينهما وكذلك كل مصلح يوفقه الله للحق
والصواب
وأخرج الشافعي في الأم وعبد الرزاق في المصنف وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن
جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عبيدة السلماني في هذه الآية
قال : جاء رجل وامرأة إلى علي ومع كل واحد منهما فئام من الناس فأمرهم علي فبعثوا
حكما من أهله وحكما من أهلها ثم قال للحكمين : تدريان ما عليكما عليكما إن رأيتما
أن تجمعا أن تجمعا وإن رأيتما أن تفرقا أن تفرقا
قالت المرأة : رضيت بكتاب الله بما علي فيه ولي
وقال الرجل : أما الفرقة فلا
فقال علي : كذبت والله حتى تقر بمثل الذي أقرت به
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير قال : يعظها فإن انتهت وإلا هجرها
فإن انتهت وإلا ضربها فإن انتهت وإلا رفع أمرها إلى السلطان فيبعث حكما من أهله
وحكما من أهلها فيقول الحكم الذي من أهلها : تفعل بها كذا
ويقول الحكم الذي من أهله : تفعل به كذا
فأيهما كان الظالم رده السلطان وأخذ فوق يديه وإن كانت المرأة أمره أن يخلع
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في سننه عن عمرو
بن مرة قال : سألت سعيد بن جبير عن الحكمين اللذين في القرآن فقال : يبعث حكما من
أهله وحكما من أهلها يكلمون أحدهما ويعظونه فإن رجع وإلا كلموا الآخر ووعظوه فإن
رجع وإلا حكما فما حكما من شيء فهو جائز
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال : بعثت أنا
ومعاوية حكمين فقيل لنا : إن رأيتما أن تجمعا جمعتما وإن رأيتما أن تفرقا فرقتما
والذي بعثهما عثمان
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن
الحسن قال : إنما يبعث الحكمان ليصلحا ويشهدا على الظالم بظلمه وأما الفرقة فليست
بأيديهما
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة
نحوه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس واللاتي تخافون نشوزهن
قال : هي المرأة التي تنشز على زوجها فلزوجها أن يخلعها حين
(2/525)
يأمر
الحكمان بذلك وهو بعدما تقول لزوجها : والله لا أبر لك قسما ولا أدبر في بيتك بغير
أمرك
ويقول السلطان : لا نجيز لك خلعا حتى تقول المرأة لزوجها : والله لا أغتسل لك من
جنابة ولا أقيم لله صلاة فعند ذلك يجيز السلطان خلع المرأة
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : كان علي بن أبي طالب يبعث الحكمين
حكما من أهله وحكما من أهلها فيقول الحكم من أهلها : يا فلان ما تنقم من زوجتك ؟
فيقول أنقم منها كذا وكذا
فيقول أرأيت إن نزعت عما تكره إلى ما تحب هل أنت متقي الله فيها ومعاشرها بالذي
يحق عليك في نفقتها وكسوتها ؟ فإذا قال : نعم
قال الحكم من أهله : يا فلانة ما تنقمين من زوجك ؟ فتقول مثل ذلك
فإن قالت : نعم
جمع بينهما
وقال علي : الحكمان بهما يجمع الله وبهما يفرق
وأخرج البيهقي عن علي قال : إذا حكم أحد الحكمين ولم يحكم الآخر فليس حكمه بشيء
حتى يجتمعا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي من طريق سعيد بن جبير عن
ابن عباس إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما قال : هما الحكمان
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد إن يريدا إصلاحا
قال : أما أنه ليس بالرجل والمرأة ولكنه الحكمان يوفق الله بينهما قال : بين
الحكمين
وأخرج ابن جرير عن الضحاك إن يريدا إصلاحا قال : هما الحكمان إذا نصحا المرأة
والرجل جميعا
واخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله إن الله كان عليما خبيرا قال :
بمكانهما
وأخرج البيهقي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم أن امرأة أتته فقالت : ما
حق الزوج على امرأته ؟ فقال : " لا تمنعه نفسها وإن كانت على ظهر قتب ولا
تعطي من بيته شيئا إلا بإذنه فإن فعلت ذلك كان له الأجر وعليها الوزر
ولا تصوم يوما تطوعا إلا بإذنه فإن فعلت أثمت ولم تؤجر ولا تخرج من بيته إلا بإذنه
فإن فعلت لعنتها الملائكة ملائكة الغضب وملائكة الرحمة حتى تتوب أو تراجع
قيل فإن كان ظالما ؟ قال : وإن كان ظالما "
(2/526)
وأخرج
الطبراني والحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في سننه عن عبد الله بن عباس قال :
" لما اعتزلت الحرورية فكانوا في واد على حدتهم قلت لعلي : يا أمير المؤمنين
أبرد عن الصلاة لعلي آتي هؤلاء القوم فأكلمهم ؟ فأتيتهم ولبست أحسن ما يكون من
الحلل فقالوا : مرحبا بك يا ابن عباس فما هذه الحلة ؟ قال : ما تعيبون علي
لقد رأيت على رسول الله صلى الله عليه و سلم أحسن الحلل ونزل قل من حرم زينة الله
التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق الأعراف الآية 32 قالوا فما جاء بك ؟ قلت :
أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله صلى الله عليه و سلم وختنه وأول من آمن به
وأصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم معه ؟ قالوا : ننقم عليه ثلاثا : قلت ما هن
؟ قالوا أولهن أنه حكم الرجال في دين الله وقد قال الله تعالى إن الحكم إلا لله
الأنعام الآية 57 قلت : وماذا ؟ قالوا : وقاتل ولم يسب ولم يغنم لئن كانوا كفارا
لقد حلت له أموالهم ولئن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دمائهم
قلت : وماذا ؟ قالوا : ومحا اسمه من أمير المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو
أمير الكافرين
قلت : أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم وحدثتكم من سنة نبيه صلى الله
عليه و سلم ما لا تشكون أترجعون ؟ قالوا : نعم
قلت : أما قولكم أنه حكم للرجال في دين الله فإن الله تعالى يقول يا أيها الذين
آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم إلى قوله يحكم به ذوا عدل منكم المائدة الآية 95
وقال في المرأة وزوجها وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها
أنشدكم الله أفحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم وصلاح ذات بينهم أحق أم في أرنب
فيها ربع درهم ؟ قالوا اللهم في حقن دمائهم وصلاح ذات بينهم
قال : أخرجت من هذه ؟ قالوا : اللهم
(2/527)
نعم
وأما قولكم أنه قاتل ولم يسب ولم يغنم أتسبون أمكم أم تستحلون منها ما تستحلون من
غيرها فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام إن الله تعالى يقول النبي أولى بالمؤمنين من
أنفسهم وأزواجه أمهاتهم الأحزاب الآية 6 وأنتم تترددون بين ضلالتين فاختاروا
أيتهما شئتم أخرجت من هذه ؟ قالوا : اللهم نعم
وأما قولكم محا اسمه من أمير المؤمنين فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم دعا
قريشا يوم الحديبية على أن يكتب بينه وبينهم كتابا فقال : اكتب : هذا ما قاضى عليه
محمد رسول الله فقالوا : والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا
قاتلناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله فقال : والله إني لرسول الله وإن كذبتموني
اكتب يا علي محمد بن عبد الله ورسول الله كان أفضل من علي أخرجت من هذه ؟ قالوا :
اللهم نعم
فرجع منهم عشرون ألفا وبقي منهم أربعة آلاف فقتلوا
الآية 36
أخرج أحمد والبخاري عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" أنا وكافل اليتيم في الجنة كهاتين
وأشار بالسبابة والوسطى "
وأخرج أحمد عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " من مسح
رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات ومن أحسن إلى
يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين
وقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى "
وأخرج ابن سعد وأحمد عن عمرو بن مالك القشيري سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " يقول من أعتق رقبة مسلمة فهي فداؤه من النار مكان كل عظم محرره بعظم من
عظامه ومن أدرك أحد والديه ثم لم يغفر له فأبعده الله ومن ضم يتيما من أبوين
مسلمين إلى طعامه وشرابه حتى يغنيه الله وجبت له الجنة "
وأخرج الحكيم الترمذي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من أحسن إلى يتيم أو يتيمة كنت أنا وهو في الجنة كهاتين
وقرن بين أصبعيه "
وأخرج الحكيم الترمذي عن أم سعد بنت مرة الفهرية عن أبيها قال : سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : " أنا وكافل اليتيم له أو لغيره إذا اتقى الله في
الجنة كهاتين أو كهذه من هذه "
(2/528)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان من طرق عن ابن عباس
في قوله والجار ذي القربى يعني الذي بينك وبينه قرابة والجار الجنب يعني الذي ليس
بينك وبينه قرابة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن نوف الشامي في قوله والجار ذي القربى قال :
المسلم والجار الجنب قال : اليهودي والنصراني
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أبي شريح الخزاعي أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره "
وأخرج ابن أبي شيبة واحمد والبخاري ومسلم عن عائشة : سمعت رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقول : " ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه "
وأخرج البخاري في الأدب عن ابن عمر : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول :
" كم من جار متعلق بجاره يوم القيامة يقول : يا رب هذا أغلق بابه دوني فمنع
معروفه "
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بوائقه "
وأخرج البخاري في الأدب والحاكم وصححه البيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال : "
قيل للنبي صلى الله عليه و سلم : إن فلانة تقوم الليل وتصوم النهار وتفعل وتصدق
وتؤذي جيرانها بلسانها
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا خير فيها هي من أهل النار
قالوا : وفلانة تصلي المكتوبة وتصوم رمضان وتصدق بأثوار ولا تؤذي أحدا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هي من أهل الجنة "
وأخرج البخاري في الأدب والحاكم وصححه عن عائشة قالت : " قلت : يا رسول الله
إن لي جارين فإلى أيهما أهدي ؟ قال : إلى أقربهما منك بابا "
وأخرج البخاري في الأدب عن أبي هريرة قال : لا يبدأ بجاره الأقصى قبل الأدنى ولكن
يبدأ بالأدنى قبل الأقصى
وأخرج البخاري في الأدب عن الحسن أنه سئل عن الجار فقال : أربعين دارا أمامه
وأربعين خلفه وأربعين عن يمينه وأربعين عن يساره
وأخرج البخاري في الأدب والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رجل :
" يا رسول الله إن لي جارا يؤذيني
فقال : انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق
فانطلق فأخرج متاعه فاجتمع الناس عليه فقالوا : ما شأنك ؟ قال : لي
(2/529)
جار
يؤذيني
فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال : انطلق فأخرج متاعك إلى الطريق فجعلوا
يقولون : اللهم العنه اللهم اخزه فبلغه فأتاه فقال : ارجع إلى منزلك فوالله لا
أؤذيك أبدا "
وأخرج البخاري في الأدب والبيهقي عن أبي جحيفة قال : " شكا رجل إلى النبي صلى
الله عليه و سلم جاره فقال : احمل متاعك فضعه على الطريق فمن مر به يلعنه
فجعل كل من يمر به يلعنه فجاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : ما لقيت من
لعنة الناس ؟ فقال : إن لعنة الله فوق لعنتهم وقال للذي شكا : كفيت أو نحوه "
وأخرج البخاري في الأدب عن ثوبان قال : ما من جار يظلم جاره ويقهره حتى يحمله ذلك
على أن يخرج من منزله إلا هلك
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن
قالوا : وما ذاك يا رسول الله ؟ ! قال : جار لا يأمن جاره بوائقه
قالوا فما بوائقه ؟ قال : شره "
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
ليس بؤمن من لا يأمن جاره غوائله "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود مرفوعا " إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم
بينكم أرزاقكم وإن الله يعطي المال من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الإيمان إلا من يحب
فمن أعطاه الإيمان فقد أحبه والذي نفس محمد بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولا
يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه "
وأخرج أحمد والحاكم عن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " لا
يشبع الرجل دون جاره "
وأخرج أحمد عن أبي أمامة قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يوصي
بالجار حتى ظننت أنه سيورثه "
وأخرج أحمد من طريق أبي العالية عن رجل من الأنصار قال : خرجت من أهلي أريد النبي
صلى الله عليه و سلم فإذا به قائم ورجل معه مقبل عليه فظننت أن لهما حاجة
فلما انصرف قلت : يا رسول الله لقد قام بك هذه الرجل حتى جعلت أرثي لك من طول
القيام
قال : " أوقد رأيته ؟ قلت : نعم
قال : أتدري من هو ؟ قلت : لا
قال :
(2/530)
ذاك
جبريل ما زال يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه ثم قال : أما إنك لو سلمت رد عليك
السلام "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
أوصاني جبريل بالجار حتى ظننت أنه سيورثه "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" اللهم إني أعوذ بك من جار سوء في دار المقامة فإن جار البادية يتحول "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي لبابة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لا قليل من أذى جاره "
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب والبيهقي عن المقداد بن الأسود قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم لأصحابه : " ما تقولون في الزنا ؟ قالوا : حرمه الله
ورسوله فهو حرام إلى يوم القيامة
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن
يزني بامرأة جاره وقال ما تقولون في السرقة ؟ قالوا : حرمها الله ورسوله فهي حرام
قال : لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله
والصاحب بالجنب قال : الرفيق في السفر
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير ومجاهد
مثله
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم
والصاحب بالجنب قال : هو جليسك في الحضر ورفيقك في السفر وامرأتك التي تضاجعك
وأخرج ابن جرير من طريق ابن أبي فديك عن فلان بن عبد الله عن الثقة عنده " أن
رسول الله صلى الله عليه و سلم كان معه رجل من أصحابه وهما على راحلتين فدخل النبي
صلى الله عليه و سلم في غيضة طرفاء فقطع نصلين أحدهما معوج والآخر معتدل فخرج بهما
فأعطى صاحبه المعتدل وأخذ لنفسه المعوج فقال الرجل : يا رسول الله أنت
(2/531)
أحق
بالمعتدل مني ! فقال : كلا يا فلان إن كل صاحب يصحب صاحبا مسؤول عن صحابته ولو
ساعة من نهار "
وأخرج البخاري في الأدب المفرد والترمذي وابن جرير والحاكم عن ابن عمرو عن النبي
صلى الله عليه و سلم قال : " خير الأصحاب عند الله خير هم لصاحبه وخير
الجيران عند الله خيرهم لجاره "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي في قوله والصاحب
بالجنب قال : المرأة
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن
ابن مسعود
مثله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس
مثله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وما ملكت أيمانكم قال
: مما خولك الله فأحسن صحبته كل هذا أوصى الله به
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل وما ملكت أيمانكم يعني من عبيدكم وإمائكم يوصي الله
بهم خيرا أن تؤدوا إليهم حقوقهم التي جعل الله لهم
وأخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إن إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم فمن كان أخوه تحت
يديه فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما
يغلبهم فأعينوهم "
واخرج البخاري في الأدب عن جابر بن عبد الله قال : " كان رسول الله صلى الله
عليه و سلم يوصي بالمملوكين خيرا ويقول : أطعموهم مما تأكلون وألبسوهم من لبوسكم
ولا تعذبوا خلق الله "
وأخرج ابن سعد عن أبي الدرداء أنه رؤي عليه برد وثوب أبيض وعلى غلامه برد وثوب
أبيض
فقيل له
فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " اكسوهم مما تلبسون
وأطعموهم مما تأكلون "
واخرج البخاري في الأدب المفرد وأبو داود والبيهقي في الشعب عن علي قال : كان آخر
كلام النبي صلى الله عليه و سلم : " الصلاة الصلاة اتقوا الله فيما ملكت
أيمانكم "
وأخرج البزار عن أبي رافع قال : توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يقول :
" الله الله وما
(2/532)
ملكت
أيمانكم والصلاة
فكان ذلك آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه و سلم "
وأخرج البيهقي في الدلائل عن أم سلمة قالت : كانت عامة وصية رسول الله صلى الله
عليه و سلم عند موته : " الصلاة الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى يلجلجها في صدره
وما يفيض بها لسانه "
وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال : كانت عامة وصية رسول الله صلى
الله عليه و سلم حين حضره الموت : " الصلاة وما ملكت أيمانكم حتى جعل يغرغرها
في صدره وما يفيض بها لسانه "
وأخرج عبد الرزاق ومسلم والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " للمملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل إلا ما يطيق "
وأخرج البيهقي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن الفقير عند
الغني فتنة وإن الضعيف عند القوي فتنة وإن المملوك عند المليك فتنة فليتق الله
وليكلفه ما يستطيع فإن أمره أن يعمل بما لا يستطيع فليعنه عليه فإن لم يفعل فلا
يعذبه "
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
من لاءمكم من خدمكم فأطعموهم مما تأكلون وألبسوهم مما تلبسون ومن لا يلائمكم منهم
فبيعوهم ولا تعذبوا خلق الله "
وأخرج الطبراني والبيهقي عن رافع بن مكيث قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " سوء الخلق شؤم وحسن الملكة نماء والبر زيادة في العمر والصدقة تدفع ميتة
السوء "
وأخرج البيهقي عن أبي بكر الصديق أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
لا يدخل الجنة سيء الملكة "
وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه البيهقي عن ابن عمر قال : " جاء رجل إلى النبي
صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله كم نعفو عن العبد في اليوم ؟ قال : سبعين
مرة "
وأخرج البيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إذا ضرب أحدكم خادمه فذكر الله فليمسك "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي عن ابن عمر قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " لا تضربوا الرقيق فإنكم لا تدرون ما توافقون "
وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال :
" ما حق
(2/533)
امرأتي
علي ؟ قال : تطعمها مما تأكل وتكسوها مما تكتسي قال : فما حق جاري علي ؟ قال :
تنوسه معروفك وتكف عنه أذاك
قال : فما حق خادمي علي ؟ قال : هو أشد الثلاثة عليك يوم القيامة "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن سعد وأحمد عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب عن
أبيه قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم في حجة الوداع : " أرقاءكم أرقاءكم
أطعموهم مما تأكلون واكسوهم مما تلبسون وإن جاؤوا بذنب لا تريدون أن تغفروه فبيعوا
عباد الله ولا تعذبوهم كذا قال ابن سعد عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وقال عبد
الرزاق وأحمد بن عبد الرحمن بن يزيد "
وأخرج عبد الرزاق عن داود بن أبي عاصم قال : بلغني أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " صه أطت السماء وحق لها أن تئط ما في السماء موضع كف - أو قال شبر -
إلا عليه ملك ساجد فاتقوا الله وأحسنوا إلى ما ملكت أيمانكم أطعموهم مما تأكلون
واكسوهم مما تلبسون ولا تكلفوهم ما لا يطيقون فإن جاؤوا بشيء من أخلاقهم يخالف
شيئا من أخلاقكم فولوا شرهم غيركم ولا تعذبوا عباد الله "
وأخرج عبد الرزاق عن عكرمة قال : " مر النبي صلى الله عليه و سلم بأبي مسعود
الأنصاري وهو يضرب خادمه فقال له النبي صلى الله عليه و سلم والله لله أقدر عليك
منك على هذا
قال : ونهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يمثل الرجل بعبده فيعور أو يجدع
قال : أشبعوهم ولا تجيعوهم واكسوهم ولا تعروهم
ولا ولا ؟ تكثروا ضربهم فإنكم مسؤولون عنهم ولا تعذبوهم بالعمل فمن كره عبده
فليبعه ولا يجعل رزق الله عليه عناء "
وأخرج عبد الرزاق ومسلم عن زاذان قال : كنت جالسا عند ابن عمر فدعا بعبد له فأعتقه
ثم قال : ما لي من أجره ما يزن هذا - وأخذ شيئا بيده - إني سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : " من ضرب عبدا له حدا لم يأته أو لطمه فإن كفارته أن
يعتقه "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن سويد
بن مقرن قال : كنا بني مقرن سبعة على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ولنا
خادمة ليس لنا غيرها فلطمها أحدنا فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أعتقوها
فقلنا : ليس لنا خادم غيرها يا رسول الله
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : تخدمكم حتى تستغنواعنها ثم خلوا سبيلها "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري في الأدب عن عمار بن ياسر قال : لا يضرب
أحد عبدا له وهو ظالم له إلا أقيد منه يوم القيامة
(2/534)
وأخرج
عبد الرزاق عن أبي هريرة قال : أشد الناس على الرجل يوم القيامة مملوكه
وأخرج عبد الرزاق والترمذي وصححه عن أبي مسعود الأنصاري قال : بينا أنا أضرب غلاما
لي إذ سمعت صوتا من ورائي فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال :
" والله لله أقدر عليك منك على هذا
فحلفت أن لا أضرب مملوكا لي أبدا "
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن قال : بينا رجل يضرب غلاما له وهو يقول : أعوذ بالله
وهو يضرب إذ بصر برسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : أعوذ برسول الله
فألقى ما كان في يده وخلى عن العبد
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " أما والله لله أحق أن يعاذ من استعاذ به
مني ؟ فقال الرجل : يا رسول الله فهو لوجه الله
قال : والذي نفسي بيده لو لم تفعل لدافع وجهك سفع النار "
وأخرج عبد الرزاق عن ابن التيمي قال : حلفت أن أضرب مملوكة لي فقال لي أبي : إنه
قد بلغني أن النفس تدور في البدن فربما كان قرارها الرأس وربما كان قرارها في موضع
كذا وكذا - حتى عدد مواضع - فتقع الضربة عليها فتتلف فلا تفعل
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي المتوكل الناجي أن أبا الدرداء كانت لهم وليدة فلطمها
ابنه يوما لطمة فأقعده لها وقال : اقتصي
فقالت : قد عفوت
فقال : إن كنت عفوت فاذهبي فادعي من هناك من حرام فأشهديهم أنك قد عفوت
فذهبت فدعتهم فأشهدتهم أنها قد عفت
فقال : اذهبي فأنت لله وليت آل أبي الدرداء ينقلبون كفافا
وأخرج أحمد عن أبي قلابة قال : دخلنا على سلمان وهو يعجن قلنا : ما هذا ؟ قال :
بعثنا الخادم في عمل فكرهنا أن نجمع عليها عملين
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله إن الله لا يحب من كان مختالا قال : متكبرا فخورا
قال : بعدما أعطي وهو لا يشكر الله
وأخرج أبو يعلى والضياء المقدسي في المختارة عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : إذا جمع الله الناس في صعيد واحد يوم القيامة
أقبلت النار يركب بعضها بعضا وخزنتها يكفونها وهي تقول : وعزة ربي لتخلن بيني وبين
أزواجي أو لأغشين الناس عنقا واحدا
فيقولون : ومن أزواجك ؟
(2/535)
فتقول
كل متكبر جبار فتخرج لسانها فتلقطهم به من بين ظهراني الناس فتقذفهم في جوفها ثم
تستأخر ثم تقبل يركب بعضها بعضا وخزنتها يكفونها وهي تقول : وعزة ربي لتخلن بيني
وبين أزواجي أو لأغشين الناس عنقا واحدا
فيقولون ومن أزواجك ؟ فتقول كل مختال فخور فلتقطهم بلسانها من بين ظهراني الناس
فتقذفهم في جوفها ثم تستأخر ويقضي الله بين العباد "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي في شعب الإيمان عن جابر بن
عتيك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن من الغيرة ما يحب الله
ومنها ما يبغض الله وإن من الخيلاء ما يحب الله ومنها ما يبغض الله
فأما الغيرة التي يجب الله فالغيرة في الريبة وأما الغيرة التي يبغض الله فالغيرة
في غير ريبة
وأما الخيلاء التي يحبها الله فاختيال الرجل بنفسه عند القتال واختياله عند الصدقة
والخيلاء التي يبغض الله فاختيال الرجل بنفسه في الفخر والبغي "
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن جابر بن سليم الهجيمي قال : " أتيت رسول الله
صلى الله عليه و سلم في بعض طرق المدينة قلت : عليك السلام يا رسول الله فقال :
عليك السلام تحية الميت سلام عليكم سلام عليكم سلام عليكم أي هكذا فقل
قال فسألته عن الإزار ؟ فأقنع ظهره وأخذ بمعظم ساقه فقال : ههنا ائتزر فإن أبيت
فههنا أسفل من ذلك فإن أبيت فههنا فوق الكعبين فإن أبيت فإن الله لا يحب كل مختال
فخور
فسألته عن المعروف فقال : لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تعطي صلة الحبل ولو أن
تعطي شسع النعل ولو أن تفرغ من دلوك في إناء المستقي ولو أن تنحي الشيء من طريق
الناس يؤذيهم ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منطلق ولو أن تلقى أخاك فتسلم عليه ولو
أن تؤنس الوحشان في الأرض وإن سبك رجل بشيء يعلمه فيك وأنت تعلم فيه نحوه فلا تسبه
فيكون أجره لك ووزره عليه وما سر أذنك أن تسمعه فاعمل به وما ساء أذنك أن تسمعه
فاجتنبه "
وأخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن مطرف بن
عبد الله قال : قلت لأبي ذر : بلغني أنك تزعم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
حدثكم أن الله يحب ثلاثة ويبغض ثلاثة
قال : أجل
قلت : من الثلاثة الذين يحبهم الله ؟ قال : رجل غزا في سبيل الله صابرا محتسبا
مجاهدا فلقي العدو فقاتل حتى
(2/536)
قتل
وأنتم تجدونه عندكم في كتاب الله المنزل
ثم قرأ هذه الآية إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بينان مرصوص الصف
الآية 4 ورجل له جار سوء يؤذيه فصبر على آذاه حتى يكفيه الله إما بحياة وإما بموت
ورجل سافر مع قوم فأدلجوا حتى إذا كانوا من آخر الليل وقع عليهم الكرى فضربوا
رؤوسهم ثم قام فتطهر رهبة لله ورغبة فيما عنده
قلت : فمن الثلاثة الذين يبغضهم الله ؟ قال : المختال الفخور وأنتم تجدونه في كتاب
الله المنزل ثم تلا إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا قلت : ومن ؟ قال : البخيل
المنان
قلت : ومن ؟ قال : البائع الحلاف "
وأخرج ابن جرير عن أبي رجاء الهروي قال : لا تجد سيء الملكة إلا وجدته مختالا
فخورا وتلا وما ملكت أيمانكم إن الله لا يحب من كان مختالا فخورا ولا عاقا إلا
وجدته جبارا شقيا وتلا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا مريم الآية 32
وأخرج ابن ابي حاتم عن العوام بن حوشب
مثله
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي والبغوي والباوردي والطبراني وابن أبي حاتم عن رجل
من بلجيم قال : قلت : يا رسول الله أوصني
قال : " إياك وإسبال الإزار فإن إسبال الإزار من المخيلة وإن الله لا يحب
المخيلة "
وأخرج البغوي وابن قانع في معجم الصحابة والطبراني وابن مردويه عن ثابت بن قيس بن
شماس قال : " كنت عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فقرأ هذه الآية إن الله
لا يحب من كان مختالا فخورا فذكر الكبر فعظمه فبكى ثابت فقال له رسول الله صلى
الله عليه و سلم : ما يبكيك ؟ فقال : يا رسول الله إني لأحب الجمال حتى إنه
ليعجبني أن يحسن شراك نعلي
قال : فأنت من أهل الجنة إنه ليس بالكبر أن تحسن راحلتك ورحلك ولكن الكبر من سفه
الحق وغمص الناس "
وأخرج أحمد عن سمرة بن فاتك أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : نعم الفتى سمرة لو
أخذ من لمنة ؟ وشمر من مئزره "
الآيات 37 - 39
(2/537)
أخرج
ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان كردم بن
يزيد حليف كعب بن الأشرف وأسامة بن حبيب ونافع بن أبي نافع وبحري بن عمرو وحيي بن
أخطب ورفاعة بن زيد بن التابوت يأتون رجالا من الأنصار يتنصحون لهم فيقولون لهم :
لا تنفقوا أموالكم فإنا نخشى عليكم الفقر في ذهابها ولا تسارعوا في النفقة فإنكم
لا تدرون ما يكون
فأنزل الله فيهم الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل إلى قوله وكان الله بهم عليما
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس الذين يبخلون قال : هي في أهل الكتاب يقول :
يكتمون ويأمرون الناس بالكتمان
وأخرج ابن جرير عن حضرمي في الآية قال : هم اليهود بخلوا بما عندهم من العلم
وكتموا ذلك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله الذين
يبخلون
الآية
قال : نزلت في يهود
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله الذين يبخلون
الآية
قال هؤلاء يهود يبخلون بما آتاهم الله من الرزق ويكتمون ما آتاهم الله من الكتب
إذا سئلوا عن الشيء
وأخرج ابن أبي سعيد بن جبير قال : كان علماء بني إسرائيل يبخلون بما عندهم من
العلم وينهون العلماء أن يعلموا الناس شيئا فعيرهم الله بذلك فأنزل الله الذين
يبخلون
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل قال : هذا
في العلم ليس للدنيا منه شيء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية
(2/538)
قال
: هم أعداء الله أهل الكتاب بخلوا بحق الله عليهم وكتموا الإسلام ومحمدا وهم
يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل الأعراف الآية 157
واخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن طاوس قال : البخل
أن يبخل الإنسان بما في يديه والشح
أن يشح على ما في أيدي الناس يحب أن يكون له ما في أيدي الناس بالحل والحرام لا
يقنع
وأخرج سعيد بن منصور عن عمرو بن عبيد أنه قرأ ويأمرون الناس بالبخل
وأخرج عبد بن حميد عن يحيى بن يعمر أنه قرأها ويأمرون الناس بالبخل بنصب الباء
والخاء
وأخرج عبد بن حميد عن عمرو بن دينار أن ابن الزبير كان يقرأها ويأمرون الناس
بالبخل بنصب الباء والخاء
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله والذين ينفقون أموالهم رئاء الناس قال : نزلت
في اليهود
الآية 40
أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس في قوله إن الله لا يظلم مثقال ذرة قال :
رأس نملة خضراء
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله مثقال ذرة قال : نملة
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف من طريق عطاء عن عبد الله أنه قرأ " إن الله
لا يظلم مثقال نملة "
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي في قوله إن الله لا يظلم مثقال ذرة قال :
وزن ذرة
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عمر
قال : نزلت هذه الآية في الأعراب من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها
فقال
(2/539)
رجل
: وما للمهاجرين ؟ قال إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من
لدنه أجرا عظيما وإذا قال الله لشيء عظيم فهو عظيم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة أنه تلا هذه الآية فقال : لأن تفضل حسناتي
على سيئاتي بمثقال ذرة أحب إلي من الدنيا وما فيها
وأخرج الطيالسي وأحمد ومسلم وابن جرير عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يثاب عليها الرزق في الدنيا ويجزى بها
في الآخرة وأما الكافر فيطعم بها في الدنيا فإذا كان يوم القيامة لم تكن له حسنة
"
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن ماجه وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي سعيد
الخدري أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " يخرج من النار من كان في قلبه
مثقال ذرة من الإيمان
قال أبو سعيد : فمن شك فليقرأ إن الله لا يظلم مثقال ذرة "
واخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : " يؤتى بالعبد
يوم القيامة فينادي مناد على رؤوس الأولين والآخرين : هذا فلان بن فلان من كان له
حق فليأت إلى حقه
فيفرح والله المرء أن يدور له الحق على والده أو ولده أو زوجته فيأخذه منه وإن كان
صغيرا ومصداق ذلك في كتاب الله فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا
يتسألون المؤمنون الآية 101 فيقال له : ائت هؤلاء حقوقهم فيقول : أي رب ومن أين
وقد ذهبت الدنيا ؟ فيقول الله لملائكته : انظروا أعماله الصالحة وأعطوهم منها
فإن بقي مثقال ذرة من حسنة قالت الملائكة : يا ربنا أعطينا كل ذي حق حقه وبقي له
مثقال ذرة من حسنة
فيقول للملائكة : ضعفوها لعبدي وأدخلوه بفضل رحمتي الجنة ومصداق ذلك في كتاب الله
إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما أي الجنة
يعطيها
وإن فنيت حسناته وبقيت سيئاته قالت الملائكة : إلهنا فنيت حسناته وبقي طالبون كثير
فيقول الله : ضعوا عليه من أوزارهم واكتبوا له كتابا إلى النار "
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله وإن تك حسنة وزن ذرة زادت على سيئاته
يضاعفها فأما المشرك فيخفف به عنه العذاب ولا يخرج من النار أبدا
(2/540)
واخرج
ابن المنذر عن أبي رجاء أنه قرأ : " وإن تك حسنة يضاعفها " بتثقيل العين
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عثمان قال : بلغني عن أبي هريرة أنه قال : إن الله يجزي
المؤمن بالحسنة ألف ألف حسنة
فأتيته فسألته
؟ قال : نعم
وألفي ألف حسنة وفي القرآن من ذلك إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها
فمن يدري ما ذلك الإضعاف
وأخرج ابن جرير عن أبي عثمان النهدي قال : لقيت أبا هريرة فقلت له : بلغني أنك
تقول أن الحسنة لتضاعف ألف ألف حسنة ! قال : وما أعجبك من ذلك ؟ فوالله لقد سمعت
النبي صلى الله عليه و سلم يقول : " إن الله ليضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة
"
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن أبي هريرة ويؤت من لدنه أجرا عظيما قال : الجنة
الآية 41
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري والترمذي والنسائي وابن المنذر
وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل من طرق ابن مسعود قال : قال لي رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " اقرأ علي قلت : يا رسول الله أقرأ عليك وعليك أنزل ؟ !
قال : نعم
إني أحب أن أسمعه من غيري
فقرأت سورة النساء حتى أتيت على هذه الآية فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك
على هؤلاء شيهدا فقال : حسبك الآن
فإذا عيناه تذرفان "
وأخرج الحاكم وصححه عن عمرو بن حريث قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لعبد
الله بن مسعود : " اقرأ
قال : أقرأ وعليك أنزل ؟ ! قال : إني أحب أن أسمعه من غيري
فافتتح سورة النساء حتى بلغ فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد
الآية
فاستعبر رسول الله صلى الله عليه و سلم وكف عبد الله "
وأخرج ابن أبي حاتم والبغوي في معجمه والطبراني بسند حسن عن محمد بن فضالة
الأنصاري - وكان ممن صحب النبي صلى الله عليه و سلم - أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم أتاهم في نبي ظفر ومعه ابن مسعود ومعاذ بن جبل وناس من أصحابه فأمر قارئا
فقرأ
(2/541)
فأتى
على هذه الآية فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شيهدا فبكى حتى
اضطرب لحياه وجنباه وقال : يا رب هذا شهدت على من أنا بين ظهريه فكيف بمن لم أره ؟
وأخرج الطبراني عن يحيى بن عبد الرحمن بن لبيبة عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم كان إذا قرأ هذه الآية فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك
على هؤلاء شهيدا بكى رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال : " يا رب هذا شهدت
على من أنا بين ظهريه فكيف بمن لم أره "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد
قال : رسولها يشهد عليها أن قد أبلغهم ما أرسله الله به إليهم وجئنا بك على هؤلاء
شهيدا قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا أتى عليها فاضت عيناه
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " شهيدا عليهم ما دمت فيهم فإذا توفيتني كنت أنت
الرقيب عليهم " والله تعالى أعلم
الآية 42
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله لو تسوى بهم
الأرض يعني أن تستوي الأرض الجبال عليهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية يقول : ودوا لو
انخرقت بهم الأرض فساخوا فيها
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج لو تسوى بهم الأرض تنشق لهم فيدخلون فيها فتسوي
عليهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني
والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن سعيد بن جبير قال : جاء
رجل إلى ابن عباس فقال : أرأيت أشياء تختلف على من في القرآن ؟ فقال ابن عباس : ما
هو أشك في القرآن ؟ قال : ليس شك ولكنه
(2/542)
اختلاف
قال : هات ما اختلف عليك من ذلك
قال : أسمع الله يقول ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين
الأنعام الآية 23 وقال ولا يكتمون الله حديثا فقد كتموا وأسمعه يقول فلا أنساب
بينهم يومئذ ولا يتساءلون المؤمنون الآية 101 ثم قال وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون
الصافات الآية 27 وقال أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين فصلت الآية 9 حتى
بلغ طائعين فبدأ بخلق الأرض في هذه الآية قبل خلق السماء ثم قال في الآية الأخرى
أم السماء بناها النازعات الآية 27 ثم قال والأرض بعد ذلك دحاها النازعات الآية 30
فبدأ بخلق السماء في هذه الآية قبل خلق الأرض وأسمعه يقول وكان الله عزيزا حكيما
وكان الله غفورا رحيما وكان الله سميعا بصيرا فكأنه كان ثم مضى
وفي لفظ ما شأنه يقول وكان الله
فقال ابن عباس : أما قوله ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين
الأنعام الآية 23 فإنهم لما رأوا يوم القيامة وأن الله يغفر لأهل الإسلام ويغفر
الذنوب ولا يغفر شركا ولا يتعاظمه ذنب أن يغفره جحده المشركون رجاء أن يغفر لهم
فقالوا : والله ربنا ما كنا مشركين فختم الله على أفواههم وتكلمت أيديهم وأرجلهم
بما كانوا يعملون فعند ذلك يود الذين كفروا لو تسوى بهم الأرض ولا يكتمون الله
حديثا
وأما قوله فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون المؤمنون الآية 101 فهذا في النفخة
الأولى ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله الزمر
الآية 68 فلا أنساب بينهم عند ذلك ولا يتساءلون ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام
ينظرون الزمر الآية 68 وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون الصافات الآية 27
وأما قوله خلق الأرض في يومين فصلت الآية 9 فإن الأرض خلقت قبل
(2/543)
السماء
وكانت السماء دخانا فسواهن سبع سموات في يومين بعد خلق الأرض
وأما قوله والأرض بعد ذلك دحاها النازعات الآية 6 يقول : جعل فيها جبلا جعل فيها
نهرا جعل فيها شجرا وجعل فيها بحورا
وأما قوله وكان الله فإن الله كان ولم يزل كذلك وهو كذلك عزيز حكيم عليم قدير ثم
لم يزل كذلك فما اختلف عليك من القرآن فهو يشبه ما ذكرت لك وإن الله لم ينزل شيئا
إلا وقد أصاب به الذي أراد ولكن أكثر الناس لا يعلمون
وأخرج ابن جرير من طريق جويبر عن الضحاك أن نافع بن الأزرق أتى ابن عباس فقال : يا
ابن عباس قول الله يومئذ يود الذين كفروا وعصوا الرسول لو تسوى بهم الأرض ولا
يكتمون الله حديثا وقوله والله ربنا ما كنا مشركين الأنعام الآية 23 فقال له ابن
عباس : إني أحسبك قمت من عند أصحابك فقلت : ألقي على ابن عباس متشابه القرآن فإذا
رجعت إليهم فأخبرهم أن الله جامع الناس يوم القيامة في بقيع واحد
فيقول المشركون : إن الله لا يقبل من أحد شيئا إلا ممن وحده
فيقولون : تعالوا نقل
فيسألهم فيقولون والله ربنا ما كنا مشركين الأنعام الآية 23 فيختم على أفواههم وتستنطق
به جوارحهم فتشهد عليهم أنهم كانوا مشركين فعند ذلك تمنوا لو أن الأرض سويت بهم
ولا يكتمون الله حدثيا
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن حذيفة قال : " أتي بعبد آتاه الله مالا فقال
له : ماذا عملت في الدنيا - ولا يكتمون الله حديثا - فقال : ما عملت من شيء يا رب
إلا أنك آتيتني مالا فكنت أبايع الناس وكان من خلقي أن أنظر المعسر قال الله : أنا
أحق بذلك منك تجاوزوا عن عبدي
فقال أبو مسعود الأنصاري : هكذا سمعت من في رسول الله صلى الله عليه و سلم "
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ولا يكتمون الله حديثا قال : بجوارحهم
(2/544)
الآية
43
أخرج عبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم والنحاس والحاكم وصححه عن علي بن أبي طالب قال : صنع لنا عبد الرحمن بن
عوف طعاما فدعانا وسقانا من الخمر فأخذت الخمر منا وحضرت الصلاة فقدموني فقرأت :
قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ونحن نعبد ما تعبدون فأنزل الله يا أيها
الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن علي أنه كان هو وعبد الرحمن ورجل آخر شربوا الخمر
فصلى بهم عبد الرحمن فقرأ قل يا أيها الكافرون الكافرون الآية 1 فخلط فيها فنزلت
ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة في الآية قال : نزلت في أبي بكر وعمر وعلي وعبد الرحمن
بن عوف وسعد صنع علي لهم طعاما وشرابا فأكلوا وشربوا ثم صلى علي بهم المغرب فقرأ
قل يا أيها الكافرون الكافرون الآية 1 حتى خاتمتها فقال : ليس لي دين وليس لكم دين
فنزلت لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود والنسائي والنحاس والبيهقي في سننه عن ابن عباس في
قوله يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى قال : نسخها إنما الخمر
والميسر
المائدة الآية 90 الآية
(2/545)
واخرج
ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : كان قبل أن تحرم الخمر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في الآية قال : نهوا أن يصلوا وهم سكارى ثم
نسخها تحريم الخمر
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم والنحاس عن ابن عباس في قوله لا تقربوا الصلاة
وأنتم سكارى قال : نسختها يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم
وأيديكم المائة الآية 6
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى قال : نسخها إذا قمتم إلى
الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم المائدة الآية 6
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى قال : نشاوى من
الشراب حتى تعلموا ما تقولون يعني ما تقرؤون في صلاتكم
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في
الآية قال : لم يعن بها الخمر إنما عني بها سكر النوم
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله وأنتم سكارى قال : النعاس
وأخرج البخاري عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إذا نعس
أحدكم وهو يصلي فلينصرف فلينم حتى يعلم ما يقول "
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم والبيهقي في سننه عن علي في قوله ولا جنبا إلا عابري سبيل قال : نزلت هذه
الآية في المسافر تصيبه الجنابة فيتيمم ويصلي
وفي لفظ قال : لا يقرب الصلاة إلا أن يكون مسافرا تصيبه الجنابة فلا يجد الماء
فيتيمم ويصلي حتى يجد الماء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طرق عن ابن عباس في قوله ولا جنبا إلا عابري سبيل
يقول : لا تقربوا الصلاة وأنتم جنب إذا وجدتم الماء فإن لم تجدوا الماء فقد أحللت
لكم أن تمسحوا بالأرض
(2/546)
وأخرج
عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن ابن
عباس ولا جنبا إلا عابري سبيل قال : هو المسافر الذي لا يجد ماء فيتيمم ويصلي
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : لا يمر الجنب ولا الحائض في المسجد إنما نزلت
ولا جنبا إلا عابري سبيل للمسافر يتيمم ثم يصلي
واخرج عبد الرزاق عن مجاهد في قوله ولا جنبا إلا عابري سبيل قال : مسافرين لا
تجدون ماء
وأخرج الحسن بن سفيان في مسنده والقاضي إسماعيل في الأحكام والطحاوي في مشكل
الآثار والباوردي في الصحابة والدارقطني والطبراني وأبو نعيم في المعرفة وابن
مردويه والبيهقي في سننه والضياء المقدسي في المختارة عن الأسلع بن شريك قال :
" كنت أرحل ناقة النبي صلى الله عليه و سلم فأصابتني جنابة في ليلة باردة
وأراد رسول الله صلى الله عليه و سلم الرحلة فكرهت أن أرحل ناقته وأنا جنب وخشيت
أن أغتسل بالماء البارد فأموت أو أمرض فأمرت رجلا من الأنصار فرحلها ثم رضفت
أحجارا فأسخنت بها ماء فاغتسلت به
فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما
تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل إلى إن الله كان عفوا غفورا "
وأخرج ابن سعد وعبد بن جبير وابن جرير والطبراني في سننه من وجه آخر عن الأسلع قال
: " كنت أخدم النبي صلى الله عليه و سلم وأرحل له فقال لي ذات ليلة : يا أسلع
قم فارحل لي
قلت : يا رسول الله أصابتني جنابة
فسكت عني ساعة حتى جاء جبريل بآية الصعيد فقال : قم يا أسلع فتيمم ثم أراني الأسلع
كيف علمه رسول الله صلى الله عليه و سلم التيمم قال : ضرب رسول الله صلى الله عليه
و سلم بكفيه الأرض فمسح وجهه ثم ثم ضرب فدلك إحداهما بالأخرى ثم نفضهما ثم مسح
بهما ذراعيه ظاهرهما وباطنهما "
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس لا تقربوا الصلاة قال :
المساجد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طريق
عطاء بن يسار عن ابن عباس ولا جنبا إلا عابري سبيل قال : لا تدخلوا المسجد وأنتم
جنب إلا عابري سبيل
قال : تمر به مرا ولا تجلس
(2/547)
وأخرج
ابن جرير عن يزيد بن أبي حبيب في قوله ولا جنبا إلا عابري سبيل قال : إن رجالا من
الأنصار كانت أبوابهم في المسجد فكانت تصيبهم جنابة ولا ماء عندهم فيريدون الماء
ولا يجدون ممرا إلا في المسجد فأنزل الله هذه الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله ولا جنبا إلا عابري سبيل قال : هو الممر في
المسجد
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : لا بأس للحائض والجنب أن يمرا في المسجد ما لم
يجلسا فيه
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عبيدة قال : الجنب يمر في المسجد ولا يجلس فيه ثم قرأ
ولا جنبا إلا عابري سبيل
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء في قوله ولا جنبا إلا عابري سبيل قال : الجنب يمر في
المسجد
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي في سننه عن ابن مسعود أنه كان يرخص للجنب أن يمر في
المسجد مجتازا وقال ولا جنبا إلا عابري سبيل
وأخرج البيهقي عن أنس في قوله ولا جنبا إلا عابري سبيل قال : يجتاز ولا يجلس
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير والبيهقي عن جابر قال : كان أحدنا
يمر في المسجد وهو جنب مجتازا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وإن كنتم مرضى قال : نزلت في رجل
من الأنصار كان مريضا فلم يستطع أن يقوم فيتوضأ ولم يكن له خادم فينا فأتى رسول
الله صلى الله عليه و سلم فذكر ذلك له فأنزل الله هذه الآية
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس
في قوله وإن كنتم مرضى قال : هو الرجل المجدور أو به الجراح أو القرح يجنب فيخاف
إن اغتسل أن يموت فيتيمم
وأخرج الحاكم والبيهقي في المعرفة عن ابن عباس رفعه في قوله وإن كنتم مرضى قال :
" إذا كانت بالرجل الجراحة في سبيل الله أو القروح أوالجدري فيجنب فيخاف إن
اغتسل أن يموت فليتيمم "
(2/548)
وأخرج
عبد الرزاق عن مجاهد في قوله وإن كنتم مرضى قال : هي للمريض تصيبه الجنابة إذا خاف
على نفسه الرخصة في التيمم مثل المسافر إذا لم يجد الماء
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد أنه قال : للمريض المجدور وشبهه رخصة في أن لا يتوضأ
وتلا وإن كنتم مرضى أو على سفر ثم يقول : هي مما خفي من تأويل القرآن
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم النخعي قال : نال أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم
جراحة ففشت فيهم ثم ابتلوا بالجنابة فشكوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه و سلم
فنزلت وإن كنتم مرضى
الآية كلها
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في قوله وإن كنتم مرضى قال : المريض الذي قد أرخص له
في التيمم هو الكسير والجريح فإذا أصابت الجنابة لا يحل جراحته إلا جراحة لا يخشى
عليها
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير ومجاهد قالا في المريض تصيبه الجنابة فيخاف
على نفسه : هو بمنزلة المسافر الذي لا يجد الماء يتيمم
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : المريض الذي لا يجد أحدا يأتيه بالماء
ولا يقدر عليه وليس له خادم ولا عون يتيمم ويصلي
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله أو جاء أحد منكم من الغائط قال :
الغائط الوادي
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ومسدد وابن أبي شيبة في مسنده وعبد بن حميد وابن
جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم والبيهقي من طرق عن ابن مسعود
في قوله أو لامستم النساء قال : اللمس
ما دون الجماع والقبلة منه وفيها الوضوء
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود
أنه كان يقول في هذه الآية أو لامستم النساء هو الغمز
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن ابن عمر أنه كان يتوضأ من قبلة المرأة ويقول : هي
اللماس
وأخرج الشافعي في الأم وعبد الرزاق وابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر قال : قبلة
(2/549)
الرجل
امرأته وجسها بيده من الملامسة فمن قبل امرأته أو جسها بيده فعليه الوضوء
وأخرج الحاكم والبيهقي عن عمر قال : إن القبلة من اللمس فتوضأ منها
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن علي بن أبي طالب قال :
اللمس هو الجماع ولكن الله كنى عنه
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن
ابن عباس في قوله أو لامستم النساء قال : هو الجماع
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن
المنذر عن سعيد بن جبير قال : كنا في حجرة ابن عباس ومعنا عطاء بن أبي رباح ونفر
من الموالي وعبيد بن عمير ونفر من العرب فتذاكرنا اللماس فقلت أنا وعطاء والموالي
: اللمس باليد
وقال عبيد بن عمير والعرب : هو الجماع
فدخلت على ابن عباس فأخبرته فقال : غلبت الموالي وأصابت العرب
ثم قال : إن اللمس والمس والمباشرة إلى الجماع ما هو ولكن الله يكني بما شاء
واخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى او
لامستم النساء قال : أو جامعتم النساء وهذيل تقول : اللمس باليد
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
قال أما سمعت لبيد بن ربيعة حيث يقول : يلمس الاحلاس في منزله بيديه كاليهودي
المصل
وقال الأعشى : ورادعة صفراء بالطيب عندنا للمس الندامى من يد الدرع مفتق
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي أنه كان يقرأ أو لمستم ؟ النساء قال : يعني
ما دون الجماع
واخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير عن محمد بن سيرين قال : سألت عبيدة
عن قوله أو لامستم النساء فأشار بيده وضم أصابعه كأنه يتناول شيئا يقبض عليه
قال محمد : ونبئت عن ابن عمر أنه كان إذا مس مخرجه توضأ فظننت أن قول ابن عمر
وعبيدة شيئا واحدا
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي عثمان قال : اللمس باليد
(2/550)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن أبي عبيدة قال : ما دون الجماع
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : الملامسة دون الجماع
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : الملامسة الجماع
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سفيان في قوله فتيمموا صعيدا طيبا
قال : تحروا تعمدوا صعيدا طيبا
وأخرج ابن جرير عن قتادة صعيدا طيبا قال : التي ليس فيها شجر ولا نبات
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن قيس الملائي قال : الصعيد التراب
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن بشير في الآية قال : الطيب : ما أتت عليه الأمطار
وطهرته
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله صعيدا طيبا قال : حلالا لكم
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم
والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : إن أطيب الصعيد أرض الحرث
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن حماد قال : كل
شيء وضعت يدك عليه فهو صعيد حتى غبار لبدك فتيمم به
وأخرج الشيرازي في الألقاب عن ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل
أي الصعيد أطيب ؟ قال : أرض الحرث "
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن أبي هريرة قال : " لما نزلت آية التيمم لم
أدر كيف أصنع فأتيت النبي صلى الله عليه و سلم فلم أجده فانطلقت أطلبه فاستقبلته
فلما رآني عرف الذي جئت له فبال ثم ضرب بيديه الأرض فمسح بهما وجهه وكفيه "
وأخرج ابن عدي عن عائشة قالت : " لما نزلت آية التيمم ضرب رسول الله صلى الله
عليه و سلم بيده على الأرض فمسح بهما وجهه وضرب بيده الأخرى ضربة فمسح بهما كفيه
"
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عمار
بن ياسر قال : كنت في سفر فأجنبت فتمعكت فصليت ثم ذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه و
سلم فقال : " إنما كان يكفيك أن تقول هكذا ثم ضرب بيديه الأرض فمسح بها وجهه
وكفيه "
(2/551)
وأخرج
الطبراني والحاكم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : التيمم ضربتان :
ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين
وأخرج الحاكم عن ابن عمر قال : " تيممنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم
فضربنا بأيدينا على الصعيد الطيب ثم نفضنا أيدينا فمحسنا بها وجوهنا ثم ضربنا ضربة
أخرى ثم نفضنا أيدينا فمحسنا بأيدينا من المرافق إلى الأكف على منابت الشعر من
ظاهر وباطن "
وأخرج ابن جرير عن أبي مالك قال : تيمم عمار فمسح وجهه ويديه ولم يمسح الذراع
وأخرج عن مكحول قال : التيمم ضربة للوجه والكفين إلى الكوع فإن الله قال في الوضوء
وأيديكم إلى المرافق المائدة الآية 6 وقال في التيمم وأيديكم ولم يستثن فيه كما
استثنى في الوضوء إلى المرافق وقال الله والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما المائدة
الآية 38 فإنما تقطع يد السارق من مفصل الكوع
وأخرج ابن جرير عن الزهري قال : التيمم إلى الآباط
وأخرج ابن جرير والبيهقي في سننه عن عمار بن ياسر قال : " كنا مع رسول الله
صلى الله عليه و سلم فهلك عقد لعائشة فأقام رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى
أضاء الصبح فتغيظ أبو بكر على عائشة فنزلت عليه رخصة المسح بالصعيد فدخل أبو بكر
فقال لها : إنك لمباركة نزل فيك رخصة
فضربنا بأيدينا ضربة لوجهنا وضربة بأيدينا إلى المناكب والآباط
قال الشافعي : هذا منسوخ لأنه أول تيمم كان حين نزلت آية التيمم فكل تيمم جاء بعده
يخالفه فهو له ناسخ "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والحاكم والبيهقي عن أبي ذر قال : " اجتمعت غنيمة
عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا أبا ذر ابد فيها فبدوت فيها إلى
الربذة وكانت تصيبني الجنابة فأمكث الخمسة والستة فأتيت رسول الله صلى الله عليه و
سلم فقال : الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو إلى عشر سنين فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك
"
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" جعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء "
(2/552)
وأخرج
ابن أبي شيبة ومسلم عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
جعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء "
واخرج ابن أبي شيبة عن أبي عثمان الهندي قال : بلغني أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " تمسحوا بها فإنها بكم برة " يعني الأرض
وأخرج الطبراني والبيهقي عن ابن عباس قال : من السنة أن لا يصلي الرجل بالتيمم إلا
صلاة واحدة ثم يتيمم للأخرى
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي قال : يتيمم لكل صلاة
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن العاص قال : يتيمم لكل صلاة
الآيات 44 - 46
أخرج ابن إسحاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن
عباس قال : كان رفاعة بن زيد بن التابوت من عظماء اليهود إذا كلم رسول الله صلى
الله عليه و سلم لوى لسانه وقال : ارعنا سمعك يا محمد حتى نفهمك ثم طعن في الإسلام
وعابه
فأنزل الله فيه ألم تر الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يشترون الضلالة إلى قوله فلا
يؤمنون إلا قليلا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة في قوله ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من
الكتاب إلى قوله يحرفون الكلم عن مواضعه قال : نزلت في رفاعة بن زيد بن التابوت
اليهودي والله أعلم
(2/553)
وأخرج
ابن أبي حاتم وهيب بن الورد قال : قال الله " يا ابن آدم اذكرني إذا غضبت
أذكرك إذا غضبت فلا أمحقك فيمن أمحق وإذا ظلمت فاصبر وارض بنصرتي فإن نصرتي لك خير
من نصرتك لنفسك "
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله يحرفون الكلم عن مواضعه يعني
يحرفون حدود الله في التوراة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله يحرفون
الكلم عن مواضعه قال : تبديل اليهود التوراة ويقولون سمعنا وعصينا قالوا : سمعنا
ما تقول ولا نطعيك واسمع غير مسمع قال : غير مقبول ما تقول ليا بألسنتهم قال :
خلافا يلوون به ألسنتهم واسمع وانظرنا قال : أفهمنا لا تعجل علينا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله يحرفون الكلم عن مواضعه قال : لا يضعونه
على ما أنزله الله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس في قوله واسمع غير مسمع
يقولون : اسمع لا سمعت
وفي قوله وراعنا قال : كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه و سلم : راعنا سمعك وإنما
راعنا كقولك عاطنا
وفي قوله ليا بألسنتهم قال : تحريفا بالكذب
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي قال : كان ناس منهم يقولون :
اسمع غير مسمع كقولك : اسمع غير صاغر
وفي قوله ليا بألسنتهم قال : بالكلام شبه الاستهزاء وطعنا في الدين قال : في دين
محمد عليه السلام
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال : اللي تحريكهم ألسنتهم بذلك
الآية 47
(2/554)
أخرج
ابن إسحاق وابن جريروابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس
قال : كلم رسول الله صلى الله عليه و سلم رؤساء من أحبار يهود منهم عبد الله بن
صوريا وكعب بن أسد فقال لهم : " يا معشر يهود اتقوا الله وأسلموا فوالله إنكم
لتعلمون أن الذي جئتكم به لحق
فقالوا : ما نعرف ذلك يا محمد
فأنزل الله فيهم يا أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا بما نزلنا
الآية "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله يا أيها الذين أوتوا الكتاب
الآية
قال : نزلت في مالك بن الصيف ورفاعة بن زيد بن التابوت من بني قينقاع
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله من قبل أن نطمس
وجوها قال : طمسها أن تعمى فنردها على أدبارها يقول : نجعل وجوههم من قبل أقفيتهم
فيمشون القهقرى ويجعل لأحدهم عينين في قفاه
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قول الله عز و جل
من قبل أن نطمس وجوها قال : من قبل أن نمسخها على غير خلقها
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت وهو يقول :
من يطمس الله عينيه فليس له نور يبين به شمسا ولا قمرا
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي إدريس الخولاني قال : كان أبو مسلم الخليلي معلم كعب
وكان يلومه في إبطائه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : بعثه لينظر أهو هو ؟
قال كعب : حتى أتيت المدينة فإذا تال يقرأ القرآن يا أيها الذين أوتوا الكتاب
آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها فبادرت الماء أغتسل وإني
لأمس وجهي مخافة أن أطمس ثم أسلمت
وأخرج ابن جرير عن عيسى بن المغيرة قال : تذاكرنا عند إبراهيم إسلام كعب فقال :
أسلم كعب في زمان عمر أقبل وهو يريد بيت المقدس فمر على المدينة فخرج إليه عمر
فقال : يا كعب أسلم
قال : ألستم تقرأون في كتابكم مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار
يحمل أسفارا الجمعة الآية 5 وأنا قد حملت التوراة
(2/555)
فتركه
ثم خرج حتى انتهى إلى حمص فسمع رجلا من أهلها يقرأ هذه الآية يا أيها الذين أوتوا
الكتاب آمنوا بما نزلنا مصدقا لما معكم من قبل أن نطمس وجوها قال كعب : يا رب آمنت
يا رب أسلمت مخافة أن تصيبه هذه الآية
ثم رجع فأتى أهله باليمن ثم جاء بهم مسلمين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله من قبل
أن نطمس وجوها يقول : عن صراط الحق فنردها على أدبارها قال : في الضلالة
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية قال : الطمس : أن يرتدوا كفارا فلا يهتدوا
أبدا أو نلعنهم كما لعنا أصحاب السبت أن نجعلهم قردة وخنازير
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد فنردها على أدبارها قال : كان أبي يقول
إلى الشام أي رجعت إلى الشام من حيث جاءت ردوا إليه
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : نطمسها عن الحق
فنردها على أدبارها على ضلالتها أو نلعنهم يقول سبحانه وتعالى : أو نجعلهم قردة
الآية 48
أخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أيوب الأنصاري قال : " جاء رجل إلى النبي
صلى الله عليه و سلم فقال : إن لي ابن أخ لا ينتهي عن الحرام قال : وما دينه ؟ قال
: يصلي ويوحد الله
قال : استوهب منه دينه فإن أبى فابتعه منه
فطلب الرجل ذلك منه فأبى عليه فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره فقال : وجدته
شحيحا على دينه
فنزلت إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبزار من طرق عن ابن عمر قال : كنا معشر أصحاب
النبي صلى الله عليه و سلم لا نشك في قاتل النفس وآكل مال اليتيم وشاهد الزور
وقاطع الرحم حتى نزلت هذه الآية إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن
يشاء فأمسكنا عن الشهادة
(2/556)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : كنا لا نشك فيمن أوجب الله له النار في كتاب الله
حتى نزلت علينا هذه الآية إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء
فلما سمعنا هذا كففنا عن الشهادة وأرجأنا الأمور إلى الله
وأخرج ابن الضريس وأبو يعلى وابن المنذر وابن عدي بسند صحيح عن ابن عمر قال : كنا
نمسك عن الاستغفار لأهل الكبائر حتى سمعنا من نبينا صلى الله عليه و سلم إن الله
لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وقال : إني ادخرت شفاعتي لأهل
الكبائر من أمتي فأمسكنا عن كثير مما كان في أنفسنا ثم نطقنا بعد ورجونا
وأخرج ابن المنذر من طريق المعتمر بن سليمان عن سليمان بن عتبة البارقي قال :
حدثنا إسماعيل بن ثوبان قال : شهدت في المسجد قبل الداء الأعظم فسمعتهم يقولون من
قتل مؤمنا المائدة الآية 32 إلى آخر الآية فقال المهاجرون والأنصار : قد أوجب له
النار
فلما نزلت إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء قالوا : ما شاء
الله يصنع الله ما يشاء
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : " لما نزلت يا عبادي الذين
أسرفوا على أنفسهم
الزمر الآية 53 الآية
فقام رجل فقال : والشرك يا نبي الله ؟ فكره ذلك النبي صلى الله عليه و سلم فقال إن
الله لا يغفر أن يشرك به الآية "
وأخرج ابن المنذر عن أبي مجلز قال : لما نزلت هذه الآية يا عبادي الذين أسرفوا على
الزمر الآية 53 الآية
قام النبي صلى الله عليه و سلم على المنبر فتلاها على الناس فقام إليه رجل قال :
والشرك بالله ؟ فسكت مرتين أو ثلاثا فنزلت هذه الآية إن الله لا يغفر أن يشرك به
ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء فأثبتت هذه في الزمر وأثبتت هذه في النساء
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال في هذه الآية : إن الله
حرم المغفرة على من مات وهو كافر وأرجأ أهل التوحيد إلى مشئيته فلم يؤيسهم من
المغفرة
(2/557)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن بكر بن عبد الله المزني ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء قال : ثنيا من
ربنا على جميع القرآن
وأخرج الفريابي والترمذي وحسنه عن علي قال : أحب آية إلي في القرآن إن الله لا
يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء
وأخرج ابن جرير عن أبي الجوزاء قال : اختلفت إلى ابن عباس ثلاث عشرة سنة فما من
شيء من القرآن إلا سألته عنه ورسولي يختلف إلى عائشة فما سمعته ولا سمعت أحدا من
العلماء يقول : إن الله يقول لذنب لا أغفره
وأخرج أبو يعلى وابن أبي حاتم عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " ما من عبد يموت لا يشرك بالله شيئا إلا حلت له المغفرة إن شاء
غفر له وإن شاء عذبه إن الله استثنى فقال إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون
ذلك لمن يشاء "
وأخرج أبو يعلى عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من وعده الله
على عمل ثوابا فهو منجزه له ومن وعده على عمل عقابا فهو بالخيار "
وأخرج الطبراني عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ذنب لا
يغفر وذنب لا يترك وذنب يغفر
فأما الذي لا يغفر فالشرك بالله وأما الذي يغفر فذنب بينه وبين الله عز و جل وأما
الذي لا يترك فظلم العباد بعضهم بعضا "
وأخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب
الإيمان عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " الدواوين عند
الله ثلاثة : ديوان لا يعبأ الله به شيئا وديوان لا يترك الله منه شيئا وديوان لا
يغفره الله
فأما الديوان الذي لا يغفره الله فالشرك قال الله ومن يشرك بالله فقد حرم الله
عليه الجنة المائدة الآية 72 وقال الله إن الله لا يغفر أن يشرك به وأما الديوان
الذي لا يعبأ الله به فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه من صوم تركه أو صلاة
تركها فإن الله يغفر ذلك ويتجاوز عنه إن شاء وأما الديوان الذي لا يترك الله منه
شيئا فظلم العباد بعضهم بعضا القصاص لا محالة "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن مردويه عن أبي ذر قال : أتيت
رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : " ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم
مات على ذلك
(2/558)
إلا
دخل الجنة
قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ ! قال : وإن زنى وإن سرق
قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ ! قال : وإن زنى وإن سرق ثلاثا ثم قال في الرابعة : على
رغم أنف أبي ذر "
وأخرج أحمد وابن مردويه عن أبي ذر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
إن الله يقول : يا عبدي ما عبدتني ورجوتني فإني غافر لك على ما كان فيك ويا عبدي
لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ما لم تشرك بي شيئا لقيتك بقرابها مغفرة "
وأخرج ابن مردويه عن أبي ذر : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "
من مات لا يعدل بالله شيئا ثم كانت عليه من الذنوب مثل الرمال غفر له "
وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة "
وأخرج الطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : " قال الله عز و جل : من علم أني ذو قدرة على مغفرة الذنوب
غفرت له ولا أبالي ما لم يشرك بي شيئا "
وأخرج أحمد عن سلمة بن نعيم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من
لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة وإن زنى وإن سرق "
وأخرج أحمد عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من
قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له دخل الجنة
قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ ! قال : وإن زنى وإن سرق
قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ ! قال : وإن زنى وإن سرق
قلت : وإن زنى وإن سرق ؟ ! قال : وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي الدرداء
قال فخرجت لأنادي بها في الناس فلقيني عمر فقال : ارجع فإن الناس إن علموا بهذه
اتكلوا عليها
فرجعت فأخبرته صلى الله عليه و سلم فقال : صدق عمر "
وأخرج هناد عن ابن مسعود قال : أربع آيات في كتاب الله عز و جل أحب إلي من حمر
النعم وسودها في سورة النساء قوله إن الله لا يظلم مثقال ذرة
النساء الآية 40 الآية
وقوله إن الله لا يغفر أن يشرك به
الآية
وقوله ولو أنهم إذ ظلموا
(2/559)
أنفسهم
جاؤوك
النساء الآية 64 الآية وقوله ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه النساء الآية 110 الآية
الآيتان 49 - 50
أخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : إن اليهود قالوا : إن أبناءنا قد
توفوا وهم لنا قربة عند الله وسيشفعون لنا ويزكوننا فقال الله لمحمد ألم تر إلى
الذين يزكون أنفسهم
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : كانت اليهود يقدمون صبيانهم
يصلون بهم ويقربون قربانهم ويزعمون أنهم لا خطايا لهم ولا ذنوب وكذبوا قال الله :
إني لا أطهر ذا ذنب بآخر لا ذنب له ثم أنزل الله ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله ألم تر إلى الذين يزكون
أنفسهم قال : يعني يهود كانوا يقدمون صبيانا لهم أمامهم في الصلاة فيؤمونهم يزعمون
أنهم لا ذنوب لهم قال : فتلك التزكية
وأخرج ابن جرير عن أبي مالك في قوله ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم قال : نزلت في
اليهود كانوا يقدمون صبيانهم يقولون : ليست لهم ذنوب
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : كان أهل الكتاب يقدمون الغلمان الذين لم يبلغوا
الحنث يصلون بهم يقولون : ليس لهم ذنوب
فأنزل الله ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم
الآية
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ألم تر إلى الذين
يزكون أنفسهم قال : هم اليهود والنصارى قالوا نحن أبناء الله وأحباؤه المائدة
الآية 18
وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى البقرة الآية 111
(2/560)
وأخرج
ابن جرير عن السدي في قوله ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم قال : نزلت في اليهود
قالوا : إنا نعلم أبناءنا التوراة صغارا فلا يكون لهم ذنوب وذنوبنا مثل ذنوب
أبناءنا ما عملنا بالنهار كفر عنا بالليل
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : إن الرجل ليغدر بدينه ثم يرجع وما معه منه شيء
يلقى الرجل ليس يملك له نفعا ولا ضرا فيقول : والله إنك لذيت وذيت ولعله أن يرجع
ولم يجد من حاجته بشيء وقد أسخط الله عليه ثم قرأ ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم
الآية
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس
في قوله ولا يظلمون فتيلا قال : الفتيل : ما خرج من بين الأصبعين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من طرق عن ابن عباس قال : الفتيل
هم أن تدلك بين أصبعيك فما خرج منهما فهو ذلك
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس قال : النقير : النقرة
تكون في النواة التي تنبت منها النخلة والفتيل : الذي يكون على شق النواة والقطمير
: القشر الذي يكون على النواة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الفتيل : الذي في الشق الذي في
بطن النواة
وأخرج الطستي وابن الأنباري في الوقف والإبتداء عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال
له : أخبرني عن قوله عز و جل ولا يظلمون فتيلا قال : لا ينقصون من الخير والشر مثل
الفتيل هو الذي يكون في شق النواة
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت نابغة بني ذبيان يقول : يجمع الجيش ذا الألوف ويغزو ثم لا يرزأ الأعادي
فتيلا وقال الأول أيضا : أعاذل بعض لومك لا تلحي فإن اللوم لا يغني فتيلا وأخرج
ابن المنذر عن مجاهد قال : النقير : الذي يكون في وسط النواة في ظهرها والفتيل :
الذي يكون في جوف النواة ويقولون : ما يدلك فيخرج من وسخها والقطمير : لفافة
النواة أو سحاة البيضة أو سحاة القصبة
(2/561)
وأخرج
عبد بن حميد عن عطية الجدلي : هي ثلاث في النواة : القطمير وهي قشرة النواة
والنقير الذي غابت في وسطها والفتيل الذي رأيت في وسطها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك قال : قالت يهود : ليس لنا ذنوب إلا كذنوب
أولادنا يوم يولدون فإن كانت لهم ذنوب فإن لنا ذنوبا فإنما نحن مثلهم
قال الله انظر كيف يفترون على الله الكذب وكفى به إثما مبينا
الآيات51 - 53
أخرج الطبراني والبيهقي في الدلائل من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : " قدم
حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف مكة على قريش فحالفوهم على قتال رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقالوا لهم : أنتم أهل العلم القديم وأهل الكتاب فأخبرونا عنا وعن محمد
قالوا : ما أنتم وما محمد ؟ قالوا : ننحر الكوماء ونسقس اللبن على الماء ونفك
العناة ونسقي الحجيج ونصل الأرحام
قالوا : فما محمد ؟ قالوا صنبور قطع أرحامنا واتبعه سراق الحجيج بنو غفار
قالوا : لا بل أنتم خير منهم وأهدى سبيلا
فأنزل الله ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت
إلى آخر الآية "
وأخرجه سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة مرسلا
وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما قدم كعب بن
الأشرف مكة قالت له قريش : أنت خير أهل المدينة وسيدهم ؟ قال : نعم
قالوا : ألا ترى إلى هذا المنصبر المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا ونحن أهل
الحجيج وأهل السدانة وأهل السقاية ! قال : أنتم خير منه
فأنزلت إن شائنك هو الأبتر الكوثر الآية 3 وأنزلت ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من
الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت إلى قوله نصيرا
(2/562)
واخرج
عبد الرزاق وابن جرير عن عكرمة أن كعب بن الأشرف انطلق إلى المشركين من كفار قريش
فاستجاشهم على النبي صلى الله عليه و سلم وأمرهم أن يغزوه وقال : إنا معكم نقاتله
فقالوا : إنكم أهل كتاب وهو صاحب كتاب ولا نأمن أن يكون هذا مكرا منكم فإن أردت أن
تخرج معك فاسجد لهذين الصنمين وآمن بهما ففعل
ثم قالوا : نحن أهدى أم محمد فنحن ننحر الكوماء ونسقي اللبن على الماء ونصل الرحم
ونقري الضيف ونطوف بهذا البيت ومحمد قطع رحمه وخرج من بلده
قال : بل أنتم خير وأهدى
فنزلت فيه ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت
الآية
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : أنزلت في كعب بن الأشرف قال : كفار قريش
أهدى من محمد عليه السلام
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن السدي عن أبي مالك قال : " لما كان من أمر
رسول الله صلى الله عليه و سلم واليهود من النضير ما كان حين أتاهم يستعينهم في
دية العامريين فهموا به وبأصحابه فاطلع الله رسوله على ما هموا به من ذلك ورجع
رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة هرب كعب بن الأشرف حتى أتى مكة فعاهدهم
على محمد فقال له أبو سفيان : يا أبا سعيد إنكم قوم تقرأون الكتاب وتعلمون ونحن
قوم لا نعلم فأخبرنا ديننا خير أم دين محمد ؟ قال كعب : اعرضوا علي دينكم
فقال أبو سفيان : نحن قوم ننحر الكوماء ونسقي الحجيج الماء ونقري الضيف ونحمي بيت
ربنا ونعبد آلهتنا التي كان يعبد أباؤنا ومحمد يأمرنا أن نترك هذا ونتبعه
قال : دينكم خير من دين محمد فاثبتوا عليه ألا ترون أن محمدا يزعم أنه بعث
بالتواضع وهو ينكح من النساء ما شاء وما نعلم ملكا أعظم من ملك النساء
فذلك حين يقول ألم تر نصيبا إلى الذين أوتوا نصيبا
الآية "
وأخرج ابن إسحاق وابن جرير عن ابن عباس قال : كان الذين حزبوا الأحزاب من قريش
وغطفان وبني قريظة حيي بن أخطب وسلام بن أبي الحقيق وأبو رافع والربيع بن أبي
الحقيق وعمارة ووحوح بن عارم وهودة بن قيس
فأما وحوح بن عامر وهودة فمن بني وائل وكان سائرهم من بني النضير فلما قدموا على
قريش قالوا : هؤلاء أحبار يهود وأهل العلم بالكتاب الأول فاسألوهم أدينكم خير أم
دين محمد ؟ فسألوهم فقالوا : بل دينكم خير من دينه وأنتم أهدى منه ومن
(2/563)
اتبعه
فأنزل الله فيهم ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب إلى قوله ملكا عظيما
وأخرج البيهقي في الدلائل وابن عساكر في تاريخه عن جابر بن عبد الله قال : لما كان
من أن أمر النبي صلى الله عليه و سلم ما كان اعتزل كعب بن الأشرف ولحق بمكة وكان
بها وقال : لا أعين عليه ولا أقاتله
فقيل له بمكة : يا كعب أديننا خير أم دين محمد وأصحابه ؟ قال : دينكم خير وأقدم
ودين محمد حديث
فنزلت فيه ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب
الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال :
ذكر لنا أن هذه الآية أنزلت في كعب بن الأشرف وحيي بن أخطب رجلين من اليهود من بني
النضير أتيا قريشا بالموسم فقال لهم المشركون : أنحن أهدى أم محمد وأصحابه فإنا
أهل السدانة والسقاية وأهل الحرم ؟ فقالا : بل أنتم أهدى من محمد وأصحابه وهما
يعلمان أنهما كاذبان إنما حملهما على ذلك حسد محمد وأصحابه
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن عكرمة قال : الجبت والطاغوت : صنمان
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
ورستة في الإيمان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : الجبت الساحر والطاغوت
الشيطان
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طرق عن مجاهد
مثله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الجبت حيي بن أخطب والطاغوت كعب
بن الأشرف
وأخرج ابن جرير عن الضحاك
مثله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الجبت الأصنام والطاغوت الذي يكون
بين يدي الأصنام يعبرون عنها الكذب ليضلوا الناس
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الجبت اسم الشيطان بالحبشية
والطاغوت كهان العرب
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : الجبت الشيطان بلسان الحبش والطاغوت الكاهن
(2/564)
وأخرج
ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : الجبت الساحر بلسان الحبشة والطاغوت الكاهن
واخرج عن أبي العالية قال : الطاغوت الساحر والجبت الكاهن
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : كنا نحدث أن الجبت شيطان والطاغوت
الكاهن
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ليث عن مجاهد قال : الجبت كعب بن الأشرف
والطاغوت الشيطان كان في صورة إنسان
واخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والنسائي وابن أبي حاتم عن قبيصة
بن مخارق أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول : " إن العيافة والطرق
والطيرة من الجبت "
وأخرج رستة في الإيمان عن مجاهد في قوله ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين
آمنوا سبيلا قال : اليهود تقول ذاك يقولون : قريش أهدى من محمد وأصحابه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله أم لهم نصيب من الملك قال : فليس
لهم نصيب ولو كان لهم نصيب لم يؤتوا الناس نقيرا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية يقول : لو كان لهم نصيب من ملك
إذن لم يؤتوا محمدا نقيرا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق خمسة عن ابن عباس قال : النقير :
النقطة التي في ظهر النواة
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن النقير ؟ قال : ما
في شق ظهر النواة ومنه تنبت النخلة
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر : وليس الناس بعدك في نقير وليسوا غير أصداء وهام وأخرج ابن
الأنباري في الوقف والإبتداء عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قول الله فإذا لا يؤتون الناس نقيرا ما النقير ؟ قال : ما في ظهر النواة قال فيه
الشاعر : لقد رزحت كلاب بني زبير فما يعطون سائلهم نقيرا
(2/565)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر من طريق أبي العالية عن ابن عباس قال : هذا النقير ووضع طرف
الإبهام على باطن السبابة ثم نقرها
الآيتان 54 - 55
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله أم يحسدون
الناس قال : هم يهود
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال : قال أهل الكتاب :
زعم محمد أنه أوتي ما أوتي في تواضع وله تسع نسوة وليس همه إلا النكاح فأي ملك
أفضل من هذا
فأنزل الله هذه الآية أم يحسدون الناس إلى قوله ملكا عظيما يعني ملك سليمان
وأخرج ابن المنذر عن عطية قال : قالت اليهود للمسلمين : تزعمون أن محمدا أوتي
الدين في تواضع وعنده تسع نسوة أي ملك أعظم من هذا ؟ فأنزل الله أم يحسدون الناس
الآية
وأخرج ابن جرير عن الضحاك
نحوه
وأخرج ابن المنذر والطبراني من طريق عطاء عن ابن عباس في قوله أم يحسون الناس قال
: نحن الناس دون الناس
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله أم
يحسدون الناس قال : الناس في هذا الموضع النبي صلى الله عليه و سلم خاصة
واخرج ابن جرير عن مجاهد أم يحسدون الناس قال : محمد
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : أعطى النبي صلى الله عليه و سلم بضع
وسبعين شابا فحسدته اليهود فقال الله أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي مالك في الآية قال : يحسدون محمدا حين لم
يكن منهم وكفروا به
(2/566)
وأخرج
ابن جرير عن قتادة في الآية أم يحسدون الناس قال : أولئك اليهود حسدوا هذا الحي من
العرب على ما آتاهم الله من فضله بعث الله منهم نبيا فحسدوهم على ذلك
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج على ما آتاهم الله من فضله قال : النبوة
وأخرج أبو داود والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
: " إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب "
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" لا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله فقد آتينا آل إبراهيم سليمان وداود
الكتاب والحكمة يعني النبوة وآتيناهم ملكا عظيما في النساء فما باله حل لأولئك
الأنبياء وهم أنبياء أن ينكح داود تسعا وتسعين امرأة وينكح سليمان مائة امرأة لا
يحل لمحمد أن ينكح كما نكحوا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : كان في ظهر سليمان مئة رجل وكان له ثلثمائة
امرأة وثلثمائة سرية
وأخرج الحاكم في المستدرك عن محمد بن كعب قال : بلغني أنه كان لسيلمان ثلثمائة
امرأة وسبعمائة سرية
واخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن همام بن الحارث وآتيناهم ملكا عظيما
قال : أيدوا بالملائكة والجنود
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد وآتيناهم ملكا عظيما قال : النبوة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد وآتيناهم ملكا عظيما قال : النبوة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن
مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد فمنهم من آمن به
قال بما أنزل على محمد من يهود
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن فمنهم من آمن به اتبعه ومنهم من صد عنه يقول : تركه
فلم يتبعه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي قال : زرع إبراهيم خليل الرحمن وزرع
الناس في تلك السنة فهلك زرع الناس وزكا زرع إبراهيم واحتاج الناس
(2/567)
إليه
فكان الناس يأتون إبراهيم فيسألونه منه فقال لهم : من آمن أعطيته ومن أبى منعته
فمنهم من آمن به فأعطاه من الزرع ومنهم من أبى فلم يأخذ منه
فذلك قوله فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة
ومحمد من آل إبراهيم
وأخرج ابن الزبير بن بكار في الموقفيات عن ابن عباس أن معاوية قال : يا بني هاشم
إنكم تريدون أن تستحقوا الخلافة كما استحقيتم النبوة ولا يجتمعان لأحد وتزعمون أن
لكم ملكا
فقال له ابن عباس : أما قولك أنا نستحق الخلافة بالنبوة فإن لم نستحقها بالنبوة
فبم نستحقها ؟ ! وأما قولك أن النبوة والخلافة لا يجتمعان لأحد فأين قول الله فقد
آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما ؟ فالكتاب النبوة والحكمة
السنة والملك الخلافة نحن آل إبراهيم أمر الله فينا وفيهم واحد والسنة لنا ولهم
جارية وأما قولك زعمنا أن لنا ملكا فالزعم في كتاب الله شك وكل يشهد أن لنا ملكا
لا تملكون يوما إلا ملكنا يومين ولا شهرا إلا ملكنا شهرين ولا حولا إلا ملكنا
حولين
والله أعلم
الآيتان 56 - 57
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ثوبر عن ابن عمر في قوله كلما نضجت جلودهم
بدلناهم جلودا غيرها قال : إذا احترقت جلودهم بدلناهم جلودا بيضاء أمثال القراطيس
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند ضعيف من طريق نافع عن
ابن عمر قال : " قرىء عند عمر كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا
(2/568)
غيرها
ليذقوا العذاب فقال معاذ : عندي تفسيرها تبدل في ساعة مائة مرة
فقال عمر : هكذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه و سلم "
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عمر قال : " تلا رجل عند عمر
كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها فقال كعب عندي تفسير هذه الآية قرأتها قبل
الإسلام
فقال : هاتها يا كعب فإن جئت بها كما سمعت من رسول الله صلى الله عليه و سلم
صدقناك
قال : إني قرأتها قبل الإسلام كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها في الساعة
الواحدة عشرين ومائة مرة
فقال عمر : هكذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه و سلم "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال
: بلغني أنه يحرق أحدهم في اليوم سبعين ألف مرة كلما نضجت وأكلت لحومهم قيل لهم
عودوا فعادوا
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية قال : تأخذ النار فتأكل جلودهم حتى تكشطها عن
اللحم حتى تفضي النار إلى العظام ويبدلون جلودا غيرها يذيقهم الله شديد العذاب
فذلك دائم لهم أبدا بتكذيبهم رسول الله وكفرهم بآيات الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يزيد الحضرمي أنه بلغه في قول الله كلما نضجت
جلودهم بدلناهم جلودا غيرها قال : يجعل للكافر مائة جلد بين كل جلدين لون من
العذاب
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في الآية قال : سمعنا أنه مكتوب في
الكتاب الأول : أن جلد أحدهم أربعون ذراعا وسنه سبعون ذراعا وبطنه لو وضع فيه جبل
لوسعه فإذا أكلت النار جلودهم بدلوا جلودا غيرها
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن حذيفة بن اليمان قال : " أسر إلي النبي
صلى الله عليه و سلم فقال : يا حذيفة إن في جهنم لسباعا من نار وكلابا من نار
وكلاليب من نار وسيوفا من نار وأنه تبعث ملائكة يعلقون أهل النار بتلك الكلاليب
بأحناكهم ويقطعونهم بتلك السيوف عضوا عضوا ويلقونهم إلى تلك السباع والكلاب كلما
قطعوا عضوا عاد مكانه غضا جديدا
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح قال : قال أبو مسعود لأبي هريرة : أتدري كم غلظ
جلد الكافر ؟ قال : لا
قال : غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا
(2/569)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن أبي العالية قال : غلظ جلد الكافر أربعون ذراعا
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن أهل
النار يعظمون في النار حتى يصير أحدهم مسيرة كذا وكذا
وإن ضرس أحدهم لمثل أحد
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله وندخلهم ظلا ظليلا قال : هو ظل العرش
الذي لا يزول
الآية 58
أخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله إن الله يأمركم
أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها قال : " لما فتح رسول الله صلى الله عليه و سلم
مكة دعا عثمان بن أبي طلحة فلما أتاه قال : أرني المفتاح
فأتاه به فلما بسط يده إليه قدم العباس فقال : يا رسول الله بأبي أنت وأمي اجعله
لي مع السقاية
فكف عثمان يده فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أرني المفتاح يا عثمان
فبسط يده يعطيه فقال العباس مثل كلمته الأولى
فكف عثمان يده ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا عثمان إن كنت تؤمن بالله
واليوم الآخر فهاتني المفتاح
فقال : هناك بأمانة الله
فقام ففتح باب الكعبة فوجد في الكعبة تمثال إبراهيم معه قداح يستقسم بها فقال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : ما للمشركين - قاتلهم الله - وما شأن إبراهيم وشأن
القداح ؟ ! ثم دعا بجفنة فيها ماء فأخذ ماء فغمسه ثم غمس بها تلك التماثيل وأخرج
مقام إبراهيم وكان في الكعبة ثم قال : يا أيها الناس هذه القبلة ثم خرج فطاف
بالبيت ثم نزل عليه جبريل فيما ذكر لنا برد المفتاح فدعا عثمان بن طلحة فأعطاه
المفتاح ثم قال إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها النساء الآية 58 حتى
فرغ من الآية "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات
إلى أهلها قال : " نزلت في عثمان بن طلحة قبض منه النبي صلى الله عليه و سلم
مفتاح الكعبة ودخل به البيت يوم الفتح فخرج وهو يتلو هذه الآية فدعا عثمان فدفع
(2/570)
إليه
المفتاح قال : وقال عمر بن الخطاب : لما خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم من
الكعبة وهو يتلو هذه الآية - فداؤه أبي وأمي - ما سمعته يتلوها قبل ذلك "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم
يعني حجابة الكعبة "
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم
في قوله إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها
الآية
قال : أنزلت هذه الآية في ولاة الأمر وفيمن ولي من أمور الناس شيئا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب قال : نزلت في الأمراء خاصة إن الله
يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها
وأخرج سعيد بن منصور والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي
طالب قال : حق على الإمام أن يحكم بما أنزل الله وأن يؤدي الأمانة فإذا فعل ذلك
فحق على الناس أن يسمعوا له وأن يطيعوا وأن يجيبوا إذا دعوا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله إن الله يأمركم أن تؤدوا
الأمانات إلى أهلها قال : يعني السلطان يعطون الناس
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله إن الله يأمركم
أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها قال : هي مسجلة للبر والفاجر
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في الآية قال : هذه الأمانات فيما بينك وبين الناس
في المال وغيره
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي
في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : إن القتل في سبيل الله يكفر الذنوب كلها إلا
الأمانة يجاء بالرجل يوم القيامة وإن كان قتل في سبيل الله فيقال له : أد أمانتك
فيقول : من أين وقد ذهبت الدينا ! فيقال : انطلقوا به إلى الهاوية فينطلق فتمثل له
أمانته كهيئتها يوم دفعت إليه في قعر جهنم فيحملها فيصعد بها حتى إذا ظن أنه خارج
بها فهزلت من عاتقه فهوت وهوى معها أبد الآبدين
قال زاذان : فأتيت البراء بن عازب فقلت : أما سمعت ما قال أخوك ابن مسعود ؟ قال :
صدق إن الله يقول إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها والأمانة في
(2/571)
الصلاة
والأمانة في الغسل من الجنابة والأمانة في الحديث والأمانة في الكيل والوزن
والأمانة في الدين وأشد ذلك في الودائع
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله إن الله يأمركم أن تؤدوا
الأمانات إلى أهلها قال : إنه لم يرخص لموسر ولا لمعسر
وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية عن الحسن أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول
: " أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك "
وأخرج أبو داود والترمذي والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان من طريق أبي صالح عن أبي
هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا
تخن من خانك "
وأخرج مسلم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ثلاث من
كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم : من إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا
اتئمن خان "
وأخرج البيهقي في الشعب عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لا إيمان لمن لا أمانة له ولا صلاة لمن لا وضوء له "
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عمرو عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا : حفظ أمانة وصدق حديث وحسن خليقة
وعفة طعمة "
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
إن أول ما يرفع من الناس الأمانة وآخر ما يبقى الصلاة ورب مصل لا خير فيه "
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن
أول ما يرفع من هذه الأمة الحياء والأمانة فسلوهما الله عز و جل "
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن ابن عمر قال : لا تنظروا إلى صلاة أحد ولا صيامه
وانظروا إلى صدق حديثه إذا حدث وإلى أمانته إذا ائتمن وإلى ورعه إذا أشفى
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب
مثله
وأخرج عن ميمون بن مهران قال : ثلاثة تؤدين إلى البر والفاجر : الرحم توصل كانت
برة أو فاجرة والأمانى تؤدى إلى البر والفاجر والعهد يوفى به للبر والفاجر
(2/572)
وأخرج
عن سفيان بن عيينة قال : من لم يكن له رأس مال فليتخذ الأمانة رأس ماله
وأخرج عن أنس قال : البيت الذي تكون فيه خيانة لا تكون فيه البركة
وأخرج أبو داود وابن حبان وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن أبي يونس قال :
" سمعت أبا هريرة يقرأ هذه الآية إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى قوله
كان سميعا بصيرا ويضع إبهاميه على أذنيه والتي تليها على عينه ويقول : هكذا سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأها ويضع أصبعيه "
وأخرج ابن أبي حاتم عن عقبة بن عامر قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو
يقترىء هذه الآية سميعا بصيرا يقول : بكل شيء بصير
الآية 59
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عطاء في قوله أطيعوا الله وأطيعوا
الرسول قال : طاعة الرسول اتباع الكتاب والسنة وأولي الأمر منكم قال : أولي الفقه
والعلم
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم والبيهقي في الدلائل من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله أطيعوا الله
وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم قال : نزلت في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي
إذ بعثه النبي صلى الله عليه و سلم في سرية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : " بعث رسول الله صلى
الله عليه و سلم خالد بن الوليد في سرية وفيها عمار بن ياسر فساروا قبل القوم
الذين يريدون فلما بلغوا قريبا منهم عرسوا وأتاهم ذو العبينتين فأخبرهم فأصبحوا قد
هربوا غير رجل أمر أهله فجمعوا متاعهم ثم أقبل يمشي في ظلمة الليل حتى أتى عسكر
خالد يسأل عن عمار بن ياسر فأتاه فقال : يا أبا اليقظان إني قد أسلمت وشهدت أن لا
إله إلا
(2/573)
الله
وأن محمدا عبده ورسوله وأن قومي لما سمعوا بكم هربوا وإني بقيت فهل إسلامي نافعي
غدا وإلا هربت ؟ فقال عمار : بل هو ينفعك فأقم
فأقام فلما أصبحوا أغار خالد فلم يجد أحدا غير الرجل فأخذه وأخذ ماله فبلغ عمارا
الخبر فأتى خالدا فقال : خل عن الرجل فإنه قد أسلم وهو في أمان مني
قال : خالد وفيم أنت تجير ؟ فاستبا وارتفعا إلى النبي صلى الله عليه و سلم فأجاز
أمان عمار ونهاه أن يجير الثانية على أمير
فاستبا عند النبي صلى الله عليه و سلم
فقال خالد : يا رسول الله أتترك هذا العبد الأجدع يشتمني ؟ فقال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : يا خالد لا تسب عمارا فإنه من سب عمارا سبه الله ومن أبغض عمارا
أبغضه الله ومن لعن عمارا لعنه الله
فغضب عمار فقام فتبعه خالد ختى أخذ بثوبه فاعتذر إليه فرضي
فأنزل الله الآية وأخرجه ابن عساكر من طريق السدي عن أبي صالح عن ابن عباس "
وأخرج ابن جرير عن ابن ميمون بن مهران في قوله وأولي الأمر منكم قال : أصحاب
السرايا على عهد النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم عن أبي هريرة في قوله وأولي الأمر منكم قال : هم الأمراء منكم
وفي لفظ : هم أمراء السرايا
وأخرج ابن جرير عن مكحول في قوله وأولي الأمر منكم قال : هم أهل الآية التي قبلها
إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها
إلى آخر الآية
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من أطاعني فقد أطاع الله ومن أطاع
أميري فقد أطاعني ومن عصاني فقد عصى الله ومن عصى أميري فقد عصاني "
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله وأولي الأمر منكم قال : قال أبي : هم السلاطين
قال : وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " الطاعة الطاعة وفي الطاعة بلاء
"
وقال : " لو شاء الله لجعل الأمر في الأنبياء "
يعني لقد جعل إليهم والأنبياء معهم ألا ترى حين حكموا في قتل يحيى بن زكريا "
وأخرج البخاري عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اسمعوا
وأطيعوا وإن استعمل عليكم حبشي كان رأسه زبيبة "
وأخرج أحمد والترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي أمامة
(2/574)
"
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يخطب في حجة الوداع فقال : اعبدوا ربكم وصلوا
خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم وأطيعوا ذا أمركم تدخلوا جنة ربكم "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس في قوله وأولي
الأمر منكم يعني أهل الفقه والدين وأهل طاعة الله الذين يعلمون الناس معاني دينهم
ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر فأوجب الله طاعتهم على العباد
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن جابر بن عبد الله في قوله وأولي الأمر منكم
قال : أولي الفقه وأولي الخير
وأخرج ابن عدي في الكامل عن ابن عباس في قوله وأولي الأمر منكم قال : أهل العلم
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد وأولي الأمر
قال : هم الفقهاء والعلماء
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله وأولي
الأمر قال : أصحاب محمد أهل العلم والفقه والدين
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي العالية في قوله وأولي الأمر قال : هم أهل
العلم ألا ترى أنه يقول ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلم الذين
يستنبطونه منهم النساء الآية 83
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك وأولي الأمر قال : هم أصحاب رسول الله صلى الله عليه
و سلم هم الدعاة الرواة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن عساكر عن عكرمة في قوله وأولي
الأمر قال : أبو بكر وعمر رضي الله عنهما
وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي وأولي الأمر قال : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وابن
مسعود
(2/575)
وأخرج
سعيد بن منصور عن عكرمة أنه سئل عن أمهات الأولاد فقال : هن أحرار
فقيل له بأي شيء تقوله ؟ ! قال : بالقرآن
قالوا بماذا من القرآن ؟ قال : قول الله أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر
منكم وكان عمر من أولي الأمر قال : أعتقت كانت مسقطا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره إلا أن يؤمر بمعصية فمن أمر
بمعصية فلا سمع ولا طاعة "
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " سيليكم
بعدي ولاة فيليكم البر ببره والفاجر بفجره فاسمعوا لهم وأطيعوا في كل ما وافق الحق
وصلوا وراءهم فإن أحسنوا فلهم ولكم وإن أساءوا فلكم وعليهم "
وأخرج أحمد عن أنس أن معاذا قال : يا رسول الله أرأيت إن كانت علينا أمراء لا
يستنون بسنتك ولا يأخذون بأمرك فما تأمر في أمرهم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : لا طاعة لمن لم يطع الله
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو يعلى وابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن أبي سعيد
الخدري قال : " بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم علقمة بن بجزر على بعث أنا
فيهم فلما كنا ببعض الطرق أذن لطائفة من الجيش وأمر عليهم عبد الله بن حذافة بن
قيس السهمي - وكان من أصحاب بدر وكان به دعابة - فنزلنا ببعض الطريق وأوقد القوم
نارا ليصنعوا عليها صنيعا لهم فقال لهم : أليس لي عليكم السمع والطاعة ؟ قالوا :
بلى
قال : فما أنا آمركم بشيء إلا صنعتموه ؟ قالوا : بلى
قال : أعزم بحقي وطاعتي لما تواثبتم في هذه النار
فقام ناس فتحجزوا حتى إذا ظن أنهم واثبون قال : احبسوا أنفسكم إنما كنت أضحك معهم
فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم بعد أن قدموا فقال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : من أمركم بمعصية فلا تطيعوه "
وأخرج ابن الضريس عن الربيع بن أنس قال : مكتوب في الكتاب الأول : من رأى لأحد
عليه طاعة في معصية الله فلن يقبل الله عمله ما دام كذلك ومن رضي أن يعصي الله فلن
يقبل الله عمله ما دام كذلك
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا
طاعة لمخلوق في معصية الخالق "
(2/576)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن عمران بن حصين قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" لا طاعة في معصية الله "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال : كان عمر إذا استعمل رجلا كتب في عهده :
اسمعوا له وأطيعوا ما عدل فيكم
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال : اسمع وأطع وإن أمر عليك عبد حبشي مجدع
إن ضرك فاصبر وإن حرمك فاصبر وإن أراد أمرا ينتقص دينك فقل : دمي دون ديني
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سفيان قال : خطبنا ابن الزبير فقال : إنا قد ابتلينا
بما قد ترون فما أمرناكم بأمر لله فيه طاعة فلنا عليكم فيه السمع والطاعة وما
أمرناكم من أمر ليس لله فيه طاعة فليس لنا عليكم فيه طاعة ولا نعمة عين
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي عن أم الحصين الأحمسية قالت : سمعت النبي صلى الله
عليه و سلم وهو يخطب وعليه برد متلفعا به وهو يقول : " إن أمر عليكم عبد حبشي
مجدع فاسمعوا له وأطيعوا ما قادكم بكتاب الله "
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي بن أبي طالب قال : حق على المسلمين أن يسمعوا ويطيعوا
ويجيبوا إذا دعوا
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود قال : لا طاعة لبشر في معصية الله
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا
طاعة لبشر في معصية الله "
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي قال : " بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم سرية
واستعمل عليهم رجلا من الأنصار فأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا
قال : فأغضبوه في شيء فقال : اجمعوا لي حطبا
فجمعوا له حطبا
قال : أوقدوا نارا
فأوقدوا نارا
قال : ألم يأمركم أن تسمعوا له وتطيعوا ؟ قالوا : بلى
قال : فادخلوها
فنظر بعضهم إلى بعض وقالوا : إنما فررنا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم من
النار ! فسكن غضبه وطفئت النار فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه و سلم
ذكروا ذلك له فقال : لو دخلوها ما خرجوا منها إنما الطاعة في المعروف "
وأخرج الطبراني عن الحسن أن زياد استعمل الحكم بن عمرو الغفاري على جيش فلقيه
عمران بن الحصين فقال : هل تدري فيم جئتك ؟ أما تذكر أن رسول الله صلى
(2/577)
الله
عليه وسلم لما بلغه الذي قال له أميره : قم فقع في النار فقام الرجل ليقع فيها
فادلك فأمسك فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " لو وقع فيها لدخل النار لا
طاعة في معصية الله ؟ قال : بلى
قال : فإنما أردت أن أذكرك هذا الحديث "
وأخرج البخاري في تاريخه والنسائي والبيهقي في الشعب عن الحارث الأشعري قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " آمركم بخمس أمرني الله بهن : الجماعة
والسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله
فمن فارق الجماعة فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يراجع "
وأخرج البيهقي عن المقدام أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " أطيعوا
أمراءكم فإن أمروكم بما جئتكم به فإنهم يؤجرون عليه وتؤجرون بطاعتهم وإن أمروكم
بما لم آتكم به فهو عليهم وأنتم برآء من ذلك إذا لقيتم الله قلتم : ربنا لا ظلم
فيقول : لا ظلم
فتقولون : ربنا أرسلت إلينا رسولا فأطعناه بإذنك واستخلفت علينا خلفاء فأطعناهم
بإذنك وأمرت علينا أمراء فأطعناهم بإذنك فيقول : صدقتم هو عليهم وأنتم منه برآء
"
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " يكون عليكم أمراء تطمئن إليهم القلوب وتلين لهم الجلود ثم يكون عليكم
أمراء تشمئز منهم القلوب وتقشعر منهم الجلود
فقال رجل : أنقاتلهم يا رسول الله ؟ قال : لا
ما أقاموا الصلاة "
وأخرج البيهقي عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إنكم سترون
بعدي أثرة وأمورا تنكرونها
قلنا : فما تأمرنا يا رسول الله ؟ قال : أدوا الحق الذي عليكم واسألوا الله الذي
لكم "
وأخرج أحمد عن أبي ذر قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : "
إنه كائن بعدي سلطان فلا تذلوه فمن أراد أن يذله فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه
وليس بمقبول منه حتى يسد ثلمته التي ثلم : وليس بفاعل ثم يعود فيكون فيمن يعزه
أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن لا تغلب على ثلاث : أن نأمر بالمعروف
وننهي عن المنكر ونعلم الناس السنن "
وأخرج أحمد عن حذيفة بن اليمان : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" من فارق الجماعة واستذل الإمارة لقي الله ولا وجه له عنده "
(2/578)
وأخرج
البيهقي في الشعب عن أبي عبيدة بن الجراح قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " لا تسبوا السطان فإنهم فيء الله في أرضه "
وأخرج ابن سعد والبيهقي عن أنس بن مالك قال : أمرنا أكابرنا من أصحاب محمد صلى
الله عليه و سلم أن لا نسب أمراءنا ولا نغشهم ولا نعصيهم وأن نتقي الله ونصبر فإن
الأمر قريب
وأخرج البيهقي عن علي بن أبي طالب قال : لا يصلح اللناس إلا أمير بر أو فاجر
قالوا : هذا البر فكيف بالفاجر ؟ ! قال : إن الفاجر يؤمن الله به السبل ويجاهد به
العدو ويجيء به الفيء ويقام به الحدود ويحج به البيت ويعبد الله فيه المسلم آمنا
حتى يأتيه أجله
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
فيقوله فإن تنازعتم في شيء قال : فإن تنازع العلماء فردوه إلى الله والرسول قال :
يقول : فردوه إلى كتاب الله وسنة رسوله
ثم قرأ ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم
النساء الآية 82
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ميمون بن مهران في الآية قال : الرد إلى الله الرد
إلى كتابه
والرد إلى رسوله ما دام حيا فإذا قبض فإلى سنته
وأخرج ابن جرير عن قتادة والسدي
مثله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ذلك خير وأحسن تأويلا يقول : ذلك
أحسن ثوابا وخير عاقبة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وأحسن
تأويلا قال : أحسن جزاء
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي وأحسن تأويلا قال : عاقبة
الآيات 60 - 63
(2/579)
أخرج
ابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس قال : كان أبو برزة الأسلمي كاهنا
يقضي بين اليهود فيما يتنافرون فيه فتنافر إليه ناس من المسلمين
فأنزل الله ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا إلى قوله إحسانا وتوفيقا
وأخرج ابن إسحاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : " كان الجلاس
بن الصامت قبل توبته ومعتب بن قشير ورافع بن زيد وبشير كانوا يدعون الإسلام فدعاهم
رجال من قومهم من المسلمين في خصومة كانت بينهم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
فدعوهم إلى الكهان حكام الجاهلية
فأنزل الله فيهم ألم تر إلى الذين يزعمون
الآية "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الشعبي قال : كان بين رجل من اليهود ورجل من
المنافقين خصومة - وفي لفظ : ورجل ممن زعم أنه مسلم - فجعل اليهودي يدعوه إلى
النبي صلى الله عليه و سلم لأنه قد علم أنه لا يأخذ الرشوة في الحكم ثم اتفقا على
أن يتحاكما إلى كاهن في جهينة
فنزلت ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا
الآية
إلى قوله ويسلموا تسليما
وأخرج ابن جرير عن سليمان التيمي قال : زعم حضرمي أن رجلا من اليهود كان قد أسلم
فكانت بينه وبين رجل من اليهود مدارأة في حق
فقال اليهودي له : انطلق إلى نبي الله
فعرف أنه سيقضي عليه فأبى فانطلقا إلى رجل من الكهان فتحاكما إليه
فأنزل الله ألم تر إلى الذين يزعمون
الآية
(2/580)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في رجل من
الأنصار ورجل من اليهود في مدارأة كانت بينهما في حق تدارآ فيه فتحاكما إلى كاهن
كان بالمدينة وتركا رسول الله صلى الله عليه و سلم فعاب الله ذلك عليهما وقد حدثنا
أن اليهودي كان يدعوه إلى نبي الله صلى الله عليه و سلم وكان لا يعلم أنه لا يجوز
عليه وكان يأبى عليه الأنصاري الذي زعم أنه مسلم
فأنزل الله فيهما ما تسمعون عاب ذلك على الذي زعم أنه مسلم وعلى صاحب الكتاب
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : " كان ناس من اليهود
قد أسلموا ونافق بعضهم وكانت قريظة والنضير في الجاهلية إذا قتل الرجل من بني
النضير قتلته بنو قريظة قتلوا به منهم فإذا قتل رجل من بني قريظة قتلته النضير
أعطوا ديته ستين وسقا من تمر فلما أسلم أناس من قريظة والنضير قتل رجل من بني النضير
رجلا من بني قريظة فتحاكموا إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال النضيري : يا رسول
الله إنا كنا نعطيهم في الجاهلية الدية فنحن نعطيهم اليوم الدية ؟ فقالت قريظة :
لا ولكنا إخوانكم في النسب والدين ودماؤنا مثل دمائكم ولكنكم كنتم تغلبونا في
الجاهلية فقد جاء الإسلام فأنزل الله تعالى يعيرهم بما فعلوا فقال وكتبنا عليهم
فيها أن النفس بالنفس المائدة الآية 45 يعيرهم ثم ذكر قول النضيري : كنا نعطيهم في
الجاهلية ستين وسقا ونقتل منهم ولا يقتلون منا فقال أفحكم الجاهلية يبغون المائدة
الآية 50 فأخذ النضيري فقتله بصاحبه
فتفاخرت النضير وقريظة فقالت النضير : نحن أقرب منكم
وقالت قريظة : نحن أكرم منكم
فدخلوا المدينة إلى أبي برزة الكاهن الأسلمي فقال المنافقون من قريظة والنضير :
انطلقوا بنا إلى أبي برزة ينفر بيننا فتعالوا إليه فأبى المنافقون وانطلقوا إلى
أبي برزة وسألوه فقال : أعظموا اللقمة
يقول : أعظموا الخطر
فقالوا لك عشرة أوساق قال : لا بل مائة وسق ديتي فإني أخاف أن أنفر النضير فتقتلني
قريظة أو أنفر قريظة فتقتلني النضير
فأبوا أن يعطوه فوق عشرة أوساق وأبى أن يحكم بينهم فأنزل الله يريدون أن يتحاكموا
إلى الطاغوت إلى قوله ويسلموا تسليما "
(2/581)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله يريدون أن يتحاكموا
إلى الطاغوت قال : الطاغوت
رجل من اليهود كان يقال له كعب بن الأشرف وكانوا إذا ما دعوا إلى ما أنزل الله
وإلى الرسول ليحكم بينهم قالوا : بل نحاكمهم إلى كعب
فذلك قوله يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال :
تنازع رجل من المنافقين ورجل من اليهود فقال المنافق : اذهب بنا إلى كعب بن الأشرف
وقال اليهودي : اذهب بنا إلىالنبي صلى الله عليه و سلم فأنزل الله الم تر إلى
الذين يزعمون
الآية
واخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس قال : كان رجلان من أصاب النبي صلى الله عليه و
سلم بينهما خصومة أحدهما مؤمن والآخر منافق فدعاه المؤمن إلى النبي صلى الله عليه
و سلم ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف
فأنزل الله وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله وإلى الرسول رأيت المنافقين
يصدون عنك صدودا
وأخرج الثعلبي عن ابن عباس في قوله ألم تر إلى الذين يزعمون أنهم آمنوا
الآية قال : " نزلت في رجل من المنافقين يقال له بشر خاصم يهوديا فدعاه
اليهودي إلى النبي صلى الله عليه و سلم ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف ثم إنهما
احتكما إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقضى لليهودي فلم يرض المنافق
وقال : تعال نتحاكم إلى عمر بن الخطاب
فقال اليهودي لعمر : قضى لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم يرض بقضائه
فقال للمنافق : أكذلك ؟ ! قال : نعم
فقال عمر : مكانكما حتى أخرج إليكما
فدخل عمر فاشتمل على سيفه ثم خرج فضرب عنق المنافق حتى برد ثم قال : هكذا أقضي لمن
لم يرض بقضاء الله ورسوله : فنزلت "
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت قال : هو كعب بن
الأشرف
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : الطاغوت والشيطان في صورة إنسان يتحاكمون إليه
وهو صاحب أمرهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : سألت جابر بن عبد الله عن الطواغيت التي
كانوا يتحاكون إليها ؟ قال : إن في جهينة واحدا وفي أسلم
(2/582)
واحدا
وفي هلال واحدا وفي كل حي واحدا وهم كهان تنزل عليهم الشياطين
واخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج وإذا قيل لهم تعالوا إلى ما أنزل الله
وإلى الرسول قال : دعا المسلم المنافق إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ليحكم
وأخرج ابن المنذر عن عطاء في قوله يصدون عنك صدودا قال : الصدود : الإعراض
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد فكيف إذا أصابتهم مصيبة في أنفسهم وبين ذلك ما بينهما
من القرآن هذا من تقديم القرآن
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله أصابتهم مصيبة يقول : بما قدمت أيديهم في
أنفسهم وبين ذلك ما بين ذلك " قل لهم قولا بليغا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن فكيف إذا أصابتهم مصيبة بما قدمت أيديهم قال : عقوبة
لهم بنفاقهم وكرههم حكم الله
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج فأعرض عنهم ذلك لقوله وقل لهم في أنفسهم قولا بليغا
الآية 64
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله
قال : واجب لهم أن يطيعهم من شاء الله لا يطيعهم أحد إلا بإذن الله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ولو أنهم إذ ظلموا
أنفسهم الآية قال : هذا في الرجل اليهودي والرجل المسلم اللذين تحاكما إلى كعب بن
الأشرف
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : الاستغفار على نحوين :
أحدهما في القول والآخر في العمل
فأما استغفار القول فإن الله يقول ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله
واستغفر لهم الرسول وأما
(2/583)
استغفار
العمل فإن الله يقول وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون الأنفال الآية 33 فعنى بذلك
أن يعملوا عمل الغفران ولقد علمت أن أناسا سيدخلون النار وهم يستغفرون الله
بألسنتهم ممن يدعي بالإسلام ومن سائر الملل
الآية 65
أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي
وابن ماجه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والبيهقي من طريق الزهري
أن عروة بن الزبير حدث عن الزبير بن العوام : أنه خاصم رجلا من الأنصار قد شهد
بدرا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في شراج من الحرة كانا يسقيان به كلاهما
النخل
فقال الأنصاري : سرح الماء يمر
فأبى عليه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اسق يا زبير ثم أرسل الماء
إلى جارك
فغضب الأنصاري وقال : يا رسول الله إن كان ابن عمتك ؟ ! فتلون وجه رسول الله صلى
الله عليه و سلم ثم قال : اسق يا زبير ثم احبس الماء حتى يرجع إلىالجدر ثم أرسل
الماء إلى جارك
واسترعى رسول الله صلى الله عليه و سلم للزبير حقه وكان رسول الله صلى الله عليه و
سلم قبل ذلك أشار على الزبير برأي أراد فيه السعة له وللأنصاري فلما أحفظ رسول
الله صلى الله عليه و سلم الأنصاري استرعى للزبير حقه في صريح الحكم " فقال
الزبير : ما أحسب هذه الآية نزلت إلا في ذلك فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما
شجر بينهم
الآية
وأخرج الحميدي في مسنده وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
والطبراني في الكبير عن أم سلمة قالت : " خاصم الزبير رجلا إلى رسول الله صلى
الله عليه و سلم فقضى للزبير
فقال الرجل : إنما قضى له لأنه ابن عمته
" فأنزل الله فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله فلا وربك لا يؤمنون
الآية
قال : " أنزلت في الزبير بن العوام وحاطب بن أبي بلعتة اختصما في ماء فقضى
النبي صلى الله عليه و سلم أن يسقي الأعلى ثم الأسفل "
(2/584)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله فلا وربك لا يؤمنون قال : نزلت في اليهود
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله فلا وربك
الآية
قال : هذا في الرجل اليهودي والرجل المسلم اللذين تحاكما إلى كعب بن الأشرف
وأخرج ابن جرير عن الشعبي مثله إلا أنه قال : إلى الكاهن
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق ابن لهيعة عن أبي الأسود قال : "
اختصم رجلان إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقضى بينهما فقال الذي قضي عليه :
ردنا إلى عمر بن الخطاب
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : نعم انطلقا إلى عمر
فلما أتيا عمر قال الرجل : يا ابن الخطاب قضى لي رسول الله صلى الله عليه و سلم
على هذا فقال : ردنا إلى عمر فردنا إليك
فقال : أكذلك ؟ ! قال : نعم
فقال عمر : مكانكما حتى أخرج إليكما فأقضي بينكما فخرج إليهما مشتملا على سيفه
فضرب الذي قال : ردنا إلى عمر فقتله وأدبر الآخر فارا إلى رسول الله صلى الله عليه
و سلم فقال : يا رسول الله قتل عمر - والله - صاحبي ولولا أني أعجزته لقتلني
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما كنت اظن أن يجترىء عمر على قتل مؤمنين ؟
! فأنزل الله فلا وربك لا يؤمنون
الآية
فهدر دم ذلك الرجل وبرأ عمر من قتله فكره الله أن يسن ذلك بعد فقال ولو أنا كتبنا
عليهم أن اقتلوا أنفسكم النساء الآية 66 إلى قوله وأشد تثبيتا "
وأخرج الحافظ دحيم في تفسيره عن عتبة بن ضمرة عن أبيه " أن رجلين اختصما إلى
النبي صلى الله عليه و سلم فقضى للمحق على المبطل
فقال المقضي عليه : لا أرضى
فقال صاحبه : فما تريد ؟ قال : أن تذهب إلى أبي بكر الصديق
فذهبا إليه فقال : أنتما على ما قضى به النبي صلى الله عليه و سلم فأبى أن يرضى
قال : نأتي عمر
فأتياه فدخل عمر منزله وخرج والسيف في يده فضرب به رأس الذي أبى أن يرضى فقتله
وأنزل الله فلا وربك
الآية "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن مكحول قال : " كان بين رجل من
المنافقين ورجل من المسلمين منازعة في شيء فأتيا رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقضى على المنافق فانطلقا إلى أبي بكر فقال : ما كنت لأقضي بين من يرغب عن قضاء
(2/585)
رسول
الله صلى الله عليه و سلم ! فانطلقا إلى عمر فقصا عليه فقال عمر : لا تعجلا حتى
أخرج إليكما فدخل فاشتمل على السيف وخرج فقتل المنافق ثم قال : هكذا أقضي بين من
لم يرض بقضاء رسول الله
فأتى جبريل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : إن عمر قد قتل الرجل وفرق الله
بين الحق والباطل على لسان عمر
فسمي الفاروق "
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز و جل فيما
شجر بينهم قال : فيما أشكل عليهم
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت زهيرا وهو يقول : متى تشتجر قوم تقل
سراتهم هم بيننا فهم رضا وهو عدل وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم عن مجاهد في قوله حرجا قال : شكا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر في قوله حرجا قال : إثما
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : لما نزلت هذه الآية قال الرجل الذي خاصم
الزبير وكان من الأنصار : سلمت
وأخرج ابن المنذر عن أبي سعيد الخدري أنه نازع الأنصار في الماء من الماء فقال لهم
: أرأيت لو أني علمت أن ما تقولون كما تقولون وأغتسل أنا ؟ فقالوا له : لا والله
حتى لا يكون في صدرك حرج مما قضى به رسول الله صلى الله عليه و سلم
والله أعلم
الآيات 66 - 68
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ولو أنا كتبا عليهم أن
اقتلوا أنفسكم هم يهود يعني والعرب كما أمر أصحاب موسى عليه السلام أن يقتل بعضهم
بعضا بالخناجر
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سفيان في قوله ولو أنا كتبنا عليهم أن
(2/586)
اقتلوا
أنفسكم قال : نزلت في ثابت بن قيس بن شماس وفيه أيضا وآتوا حقه يوم حصاده
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : افتخر ثابت بن قيس بن شماس
ورجل من اليهود فقال اليهودي : والله لقد كتب الله علينا أن اقتلوا أنفسكم فقتلنا
أنفسنا فقال ثابت : والله لو كتب الله علينا أن اقتلوا أنفسكم لقتلنا أنفسنا
فأنزل الله في هذا ولو أنهم فعلوا ما يوعظون به لكان خيرا لهم وأشد تثبيتا
وأخرج ابن جرير وابن إسحاق السبيعي قال : لما نزلت ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا
أنفسكم
الآية
قال رجل : لو أمرنا لفعلنا والحمد لله الذي عافانا فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و
سلم فقال : " إن من أمتي لرجالا الإيمان أثبت في قلوبهم من الجبال الرواسي
"
وأخرج ابن المنذر من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن زيد بن الحسن قال لما نزلت هذه
الآية ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم قال ناس من الأنصار : والله لو كتبه
الله علينا لقبلنا الحمد لله الذي عافانا ثم الحمد لله الذي عافانا فقال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " الإيمان أثبت في قلوب رجال من الأنصار من الجبال
الرواسي "
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق هشام عن الحسن قال : لما نزلت هذه الآية ولو أنا كتبنا
عليهم أن اقتلوا أنفسكم قال أناس من الصحابة : لو فعل ربنا
فبلغ النبي صلى الله عليه و سلم فقال : " للإيمان أثبت في قلوب أهله من
الجبال الرواسي "
وأخرج ابن أبي حاتم عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال : " نزلت ولو أنا
كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم
قال أبو بكر : يا رسول الله - والله - لو أمرتني أن أقتل نفسي لفعلت
قال : صدقت يا أبا بكر "
وأخرج ابن أبي حاتم عن شريح بن عبيد قال " لما تلا رسول الله صلى الله عليه و
سلم هذه الآية ولو أنا كتبنا عليهم أن اقتلوا أنفسكم أو أخرجوا من دياركم ما فعلوه
إلا قليل منهم أشار بيده إلى عبد الله بن رواحة فقال : لو أن الله كتب ذلك لكان
هذا من أولئك القليل "
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في الآية قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم :
" لو نزلت كان ابن أم عبد منهم "
(2/587)
وأخرج
ابن المنذر عن مقاتل بن حيان في الآية قال : كان عبد الله بن مسعود من القليل الذي
يقتل نفسه
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال : عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر : يعني من أولئك
القليل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله وأشد تثبيتا قال : تصديقا
الآيتان 69 - 70
أخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والضياء المقدسي في صفة الجنة
وحسنه عن عائشة قالت : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : " يا
رسول الله إنك لأحب إلي من نفسي وإنك لأحب إلي من ولدي وإني لأكون في البيت فأذكرك
فما أصبر حتى آتي فأنظر إليك وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت انك إذا دخلت الجنة رفعت
مع النبيين وأني إذا دخلت الجنة خشيت أن لا أراك
فلم يرد عليه النبي صلى الله عليه و سلم شيئا حتى نزل جبريل بهذه الآية ومن يطع
الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم
الآية "
وأخرج الطبراني وابن مردويه من طريق الشعبي عن ابن عباس " أن رجلا أتى النبي
صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله إني أحبك حتى أذكرك فلولا أني أجيء فأنظر
إليك ظننت أن نفسي تخرج وأذكر أني إن دخلت الجنة صرت دونك في المنزلة فيشق علي
وأحب أن أكون معك في الدرجة
فلم يرد عليه شيئا فأنزل الله ومن يطع الله والرسول
الآية
فدعاه رسول الله صلى الله عليه و سلم فتلاها عليه "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن الشعبي " أن رجلا من الأنصار أتى رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله والله لأنت أحب إلي من نفسي وولدي
وأهلي ومالي ولولا أني آتيك فأراك لظننت أني سأموت
وبكى الأنصاري فقال له النبي
(2/588)
صلى
الله عليه و سلم : ما أبكاك ؟ فقال : ذكرت أنك ستموت ونموت فترفع مع النبيين ونحن
إذا دخلنا الجنة كنا دونك
فلم يخبره النبي صلى الله عليه و سلم بشيء فأنزل الله على رسوله ومن يطع الله
والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم إلى قوله عليما فقال : أبشر يا أبا فلان
"
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : " جاء رجل من الأنصار إلى النبي صلى
الله عليه و سلم وهو محزون فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : يا فلان ما لي
أراك محزونا ؟ قال : يا نبي الله شيء فكرت فيه ! فقال : ما هو ؟ قال : نحن نغدو
عليك ونروح ننظر في وجهك ونجالسك غدا ترفع مع النبيين فلا نصل إليك
فلم يرد النبي صلى الله عليه و سلم شيئا فأتاه جبريل بهذه الآية ومن يطع الله
والرسول إلى قوله رفيقا قال : فبعث إليه النبي صلى الله عليه و سلم فبشره "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مسروق قال : " قال أصحاب محمد
صلى الله عليه و سلم : يا رسول الله ما ينبغي لنا أن نفارقك في الدينا فإنك لو
قدمت رفعت فوقنا فلم نرك
فأنزل الله ومن يطع الله والرسول
الآية "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : أتى فتى النبي صلى الله
عليه و سلم فقال : " يا نبي الله : إن لنا فيك نظرة في الدينا ويوم القيامة
لا نراك لأنك في الجنة في الدرجات العلى
فأنزل الله ومن يطع الله
الآية
فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنت معي في الجنة إن شاء الله "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال : ذكر لنا أن رجالا قالوا :
هذا نبي الله نراه في الدينا فأما في الآخرة فيرفع بفضله فلا نراه
فأنزل الله ومن يطع الله والرسول إلى قوله رفيقا
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : قال ناس من الأنصار : يا رسول الله إذا أدخلك الله
الجنة فكنت في أعلاها ونحن نشتاق إليك فكيف نصنع ؟ فأنزل الله ومن يطع الله
والرسول
الآية
وأخرج ابن جرير عن الربيع أن أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم قالوا : قد علمنا أن
النبي صلى الله عليه و سلم له فضل على من آمن به في درجات الجنة ممن تبعه وصدقه
فكيف لهم إذا اجتمعوا في الجنة أن يرى بعضهم بعضا ؟ فأنزل الله هذه الآية في ذلك
فقال له
(2/589)
النبي
صلى الله عليه و سلم : " إن الأعلين ينحدرون إلى من هو أسفل منهم فيجتمعون في
رياضها فيذكرون ما أنعم الله عليهم ويثنون عليه "
وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي عن ربيعة بن كعب الأسلمي قال : كنت أبيت عند النبي
صلى الله عليه و سلم فآتيه بوضوئه وحاجته فقال لي : " سل
فقلت : يا رسول الله أسالك مرافقتك في الجنة
قال : أو غير ذلك ؟ قلت : هو ذاك
قال : فأعني على نفسك بكثرة السجود "
وأخرج أحمد عن عمرو بن مرة الجهني قال : " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و
سلم فقال : يا رسول الله شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الخمس
وأديت زكاة مالي وصمت رمضان
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين
والشهداء يوم القيامة هكذا - ونصب أصبعيه - ما لم يعق والديه "
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن معاذ بن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : من قرأ ألف آية في سبيل الله كتب يوم القيامة مع النبيين والصديقين والشهداء
والصالحين وحسن أولئك رفيقا إن شاء الله "
وأخرج البخاري ومسلم وابن ماجه عن عائشة : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : " ما من نبي يمرض إلا خير بين الدينا والآخرة وكان في شكواه الذي قبض
فيه أخذته بحة شديدة فسمعته يقول مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين
والشهداء والصالحين فعلمت أنه خير
وأخرج ابن جرير عن المقداد قال : قلت للنبي صلى الله عليه و سلم قلت في أزواجك :
" إني لأرجو لهن من بعدي الصديقين
قال : من تعنون الصديقين ؟ قلت : أولادنا الذين هلكوا صغارا
قال : لا ولكن الصديقين هم المصدقون "
الآيات 71 - 76
(2/590)
أخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله خذوا حذركم قال : عدتكم من
السلاح
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله
فانفروا ثبات قال : عصبا يعني سرايا متفرقين أو انفروا جميعا يعني كلكم
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز و جل فانفروا
ثبات قال : عشرة فما فوق ذلك
قال وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت عمرو بن كلثوم التغلبي وهو يقول :
فأما يوم خشيتنا عليهم فتصبح خلينا عصبا ثباتا وأخرج أبو داود في ناسخه وابن
المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه من طريق عطاء عن ابن عباس قي سورة النساء
خذوا حذركم فانفروا ثبات أو انفروا جميعا عصبا وفرقا
قال : نسخها وما كان المؤمنون لينفروا كافة الأنعام الآية 141 الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ثبات قال : فرقا قليلا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي فانفروا ثبات قال : هي العصبة وهي الثبة أو
انفروا جميعا مع النبي صلى الله عليه و سلم
(2/591)
وأخرج
عبد بن حميد عن قتادة أو انفروا جميعا أي إذا نفر نبي الله صلى الله عليه و سلم
فليس لأحد أن يتخلف عنه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وإن منكم
لمن ليبطئن إلى قوله فسوف يؤتيه أجرا عظيما ما بين ذلك في المنافق
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان وإن منكم لمن ليبطئن قال : هو
فيما بلغنا عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين ليبطئن قال : ليتخلفن عن الجهاد
فإن أصابتكم مصيبة من العدو وجهد من العيش قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم
شهيدا فيصيبني مثل الذي أصابهم من البلاء والشدة ولئن أصابكم فضل من الله يعني
فتحا وغنيمة وسعة في الرزق ليقولن المنافق وهو نادم في التخلف كأن لم يكن بينكم
وبينه مودة يقول : كأنه ليس من أهل دينكم في المودة فهذا من التقديم يا ليتني كنت
معهم فأفوز فوزا عظيما يعني آخذ من الغنيمة نصيبا وافرا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة وإن منكم لمن
ليبطئن عن الجهاد وعن الغزو في سبيل الله فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله علي
إذ لم أكن معهم شهيدا قال : هذا قول مكذب ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن
الآية
قال : هذا قول حاسد
واخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج وإن مكنم لمن ليبطئن قال : المنافق يبطىء
المسلمين عن الجهاد في سبيل الله فإن أصابتكم مصيبة قال : بقتل العدو من المسلمين
قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا قال : هذا قول الشامت ولئن أصابكم فضل
من الله ظهر المسلمون على عدوهم وأصابوا منهم غنيمة ليقولن
الآية
قال : قول الحاسد
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة يقول :
يبيعون الحياة الدنيا بالآخرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير فليقاتل يعني يقاتل المشركين في سبيل الله قال
: في طاعة الله ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل
(2/592)
يعني
يقتله العدو أو يغلب يعني يغلب العدو من المشركين فسوف نؤتيه أجرا عظيما يعني
جزاءا وافرا في الجنة فجعل القاتل والمقتول من المسلمين في جهاد المشركين شريكين
في الأجر
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين
قال : وسبيل المستضعفين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال : المستضعفون : أناس
مسلمون كانوا بمكة لا يستطيعون أن يخرجوا منها
وأخرج البخاري عن ابن عباس قال : كنت أنا وأمي من المستضعفين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : أمر المؤمنون أن
يقاتلوا عن مستضعفين مؤمنين كانوا بمكة
وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة في قوله ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها قال
: مكة
واخرج ابن جرير عن ابن عباس مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد وعكرمة واجعل لنا من لدنك نصيرا قالا : حجة ثابتة
وأخرج ابن المنذر عن قتادة والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت يقول في سبيل
الشيطان
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس قال : إذا
رأيتم الشيطان فلا تخافوه واحملوا عليه إن كيد الشيطان كان ضعيفا قال مجاهد : كان
الشيطان يتراءى لي في الصلاة
فكنت أذكر قول ابن عباس فأحمل عليه فيذهب عني
الآية 77
(2/593)
أخرج
النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في سننه من طريق عكرمة عن
ابن عباس أن عبد الرحمن بن عوف وأصحابا له أتوا النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا
يا نبي الله كنا في عز ونحن مشركون فلما آمنا صرنا أذلة
فقال : " إني أمرت بالعفو فلا تقاتلوا القوم
فلما حوله الله إلى المدينة أمره الله بالقتال فكفوا
فأنزل الله ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم
الآية "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال : " كان أناس
من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم - وهم يومئذ بمكة قبل الهجرة - يسارعون إلى
القتال فقالوا للنبي صلى الله عليه و سلم : ذرنا نتخذ معاول نقاتل بها المشركين
وذكر لنا أن عبد الرحمن بن عوف كان فيمن قال ذلك فنهاهم نبي الله صلى الله عليه و
سلم عن ذلك قال : " لم أومر بذلك
فلما كانت الهجرة وأمروا بالقتال كره القوم ذلك وصنعوا فيه ما تسمعون قال الله
تعالى قل متاع الدينا قليل والآخرة خير لمن اتقى ولا تظلمون فتيلا "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : هم قوم أسلموا قبل أن يفرض
عليهم القتال ولم يكن عليهم إلا الصلاة والزكاة فسألوا الله أن يفرض عليهم القتال
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ألم تر
إلى الذين قيل لهم كفو أيديكم إلى قوله لاتبعتم الشيطان إلا قليلا ما بين ذلك في
يهود
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس فلما كتب عليهم القتال
إذا فريق منهم الآية
قال : نهى الله هذه الأمة أن يصنعوا صنيعهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله إلى أجل قريب قال : هو الموت
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج إلى أجل قريب أي إلى أن يموت موتا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن هشام قال : قرأ الحسن قل متاع
الدينا قليل قال : رحم الله عبدا صحبها على ذلك ما الدينا كلها من أولها إلى آخرها
إلا كرجل نام نومة فرأى في منامه بعض ما يحب ثم انتبه فلم ير شيئا
(2/594)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران قال : الدنيا قليل وقد مضى أكثر القليل وبقي قليل
من قليل
الآيتان 78 - 79
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله أينما تكونوا
قال : من الأرض
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ولو كنتم في بروج مشيدة يقول في
قصور محصنة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في بروج مشيدة قال : المجصصة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في بروج مشيدة قال : هي قصور بيض في سماء
الدنيا مبينة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في بروج مشيدة قال : قصور في السماء
واخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سفيان في الآية قال : يرون أن هذه البروج في
السماء
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال : كان قبل أن يبعث
النبي صلى الله عليه و سلم امرأة وكان لها أجير فولدت المرأة فقالت لأجيرها :
انطلق فاقتبس لي نارا فانطلق الأجير فإذا هو برجلين قائمين على الباب ! فقال
أحدهما لصاحبه : وما ولدت ؟ فقال : ولدت جارية
فقال أحدهما لصاحبه لا تموت هذه الجارية حتى تزني بمائة ويتزوجها الأجير ويكون
موتها بعنكبوت
فقال الأجير : أما والله لأكذبن حديثهما فرمى بما في يده وأخذ السكين فشحذها وقال
:
(2/595)
ألا
تراني أتزوجها بعدما تزني بمائة ففرى كبدها ورمى بالسكين وظن أنه قد قتلها فصاحت
الصبية فقامت أمها فرأت بطنها قد شق فخاطته وداوته حتى برئت
وركب الأجير رأسه فلبث ما شاء الله أن يلبث وأصاب الأجير مالا فأراد أن يطلع أرضه
فينظر من مات منهم ومن بقي فأقبل حتى نزل على عجوز وقال للعجوز : أبغي لي أحسن
امرأة في البلد أصيب منها وأعطيها فانطلقت العجوز إلى تلك المرأة وهي أحسن جارية
في البلد فدعتها إلى الرجل وقالت : تصيبين منه معروفا ؟ فأبت عليها وقالت : إنه قد
كان ذاك مني فيما مضى فأما اليوم فقد بدا لي أن لا أفعل
فرجعت إلى الرجل فأخبرته فقال : فاخطيبها لي
فخطبها وتزوجهت فأعجب بها
فلما أنس إليها حدثها حديثه فقالت : والله لئن كنت صادقا لقد حدثتني أمي حديثك
وإني لتلك الجارية
قال : أنت ؟ ! قالت : أنا
قال : والله لئن كنت أنت إن بك لعلامة لا تخفى
فكشف بطنها فإذا هو بأثر السكين فقال : صدقني والله الرجلان والله لقد زنيت بمائة
وإني أنا الأجير وقد تزوجتك ولتكونن الثالثة وليكونن موتك بعنكبوت
فقالت : والله لقد كان ذاك مني ولكن لا أدري مائة أو أقل أو أكثر
فقال : والله ما نقص واحدا ولا زاد واحدا ثم انطلق إلى ناحية القرية فبنى فيه
مخافة العنكبوت فلبث ما شاء الله أن يلبث حتى إذا جاء الأجل ذهب ينظر فإذا هو
بعنكبوت في سقف البيت وهي إلى جانبه فقال : والله إني لأرى العنكبوت في سقف البيت
فقالت : هذه التي تزعمون أنها تقتلني والله لأقتلنها قبل أن تقتلني
فقام الرجل فزاولها وألقاها فقالت : والله لا يقتلها أحد غيري فوضعت أصبعها عليها
فشدختها فطار السم حتى وقع بين الظفر واللحم فاسودت رجلها فماتت وأنزل الله على
نبيه حين بعث أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة في قوله وإن تصبهم حسنة يقول : نعمة وإن
تصبهم سيئة قال : مصيبة قل كل من عند الله قال : النعم والمصائب
واخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية وإن تصبهم حسنة يقولوا
هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قال : هذه في السراء والضراء
وفي قوله ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك قال : هذه في
الحسنات والسيئات
(2/596)
وأخرج
ابن جرير عن ابن زيد في قوله وإن تصبهم حسنة
الآية
قال : إن هذه الآيات نزلت في شأن الحرب قل كل من عند الله قال : النصر والهزيمة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله قل كل
من عند الله يقول : الحسنة والسيئة من عند الله أما الحسنة فأنعم بها عليك وأما
السيئة فابتلاك الله بها
وفي قوله ما أصابك من حسنة فمن الله قال : ما فتح الله عليه يوم بدر وما أصاب من
الغنيمة والفتح وما أصابك من سيئة قال : ما أصابه يوم أحد أن شج في وجهه وكسرت
رباعيته
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطرف بن عبد الله قال : ما تريدون من القدر ما يكفيكم الآية
التي في سورة النساء وإن تصبهم حسنة
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عطية العوفي عن ابن عباس في قوله وما أصابك من سيئة
فمن نفسك قال : هذا يوم أحد يقول : ما كانت من نكبة فبذنبك وأنا قدرت ذلك عليك
وأخرج سعيد ين منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي
صالح وما أصابك من سيئة فمن نفسك وأنا قدرتها عليك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وما أصابك من سيئة فمن نفسك قال : عقوبة
بذنبك يا ابن آدم
قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم كان يقول : " لا يصيب رجلا
خدش عود ولا عثرة قدم ولا اختلاج عرق إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر "
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله وما أصابك من سيئة فمن نفسك قال : بذنبك كما
قال لأهل أحد أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند
أنفسكم التوبة الآية 122 بذنوبكم
وأخرج ابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف عن مجاهد قال : هي في قراءة أبي بن كعب
وعبد الله بن مسعود " ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك
وأنا كتبتها عليك "
(2/597)
واخرج
ابن المنذر من طريق مجاهد أن ابن عباس كان يقرأ " وما أصابك من سيئة فمن نفسك
وأنا كتبتها عليك " قال مجاهد : وكذلك في قراءة أبي وابن مسعود
الآية 80
أخرج ابن المنذر والخطيب عن ابن عمر قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم
في نفر من أصحابه فقال : " يا هؤلاء ألستم تعلمون أني رسول الله إليكم ؟
قالوا : بلى
قال : ألستم تعلمون أن الله أنزل في كتابه أنه من أطاعني فقد أطاع الله ؟ قالوا :
بلى نشهد أنه من أطاعك فقد أطاع الله وإن من طاعته طاعتك
قال : فإن من طاعة الله أن تطيعوني وإن من طاعتي أن تطيعوا أئمتكم وإن صلوا قعودا
فصلوا قعودا أجمعين "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن المنذر عن ربيع بن خثيم قال : حرف وأيما حرف
من يطع الرسول فقد أطاع الله فوض إليه فلا يأمر إلا بخير
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد أنه سئل عن قوله فما أرسلناك عليهم حفيظا قال : هذا أول
ما بعثه قال : إن عليك إلا البلاغ ثم جاء بعد هذا يأمره بجهادهم والغلظة عليهم حتى
يسلموا
الآية 81
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله ويقولون طاعة
الآية
قال : هم أناس كانوا يقولون عند رسول الله صلى الله عليه و سلم :
(2/598)
آمنا
بالله ورسوله ليأمنوا على دمائهم وأموالهم فإذا برزوا من عند رسول الله صلى الله
عليه و سلم بيت طائفة منهم يقول : خالفوهم إلى غير ما قالوا عنك فعابهم الله فقال
بيت طائفة منهم غير الذي تقول قال : يغيرون ما قال النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله ويقولون طاعة قال : هؤلاء
المنافقون الذين يقولون إذا حضروا النبي صلى الله عليه و سلم فأمرهم بأمر قالوا :
طاعة فإذا خرجوا غيرت طائفة منهم ما يقول النبي والله يكتب ما يبيتون يقول : ما
يقولون
وأخرج ابن جرير من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله بيت طائفة منهم غير الذي تقول
قال : غير أولئك ما قال النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس بيت طائفة منهم غير الذي
تقول يغيرون ما قال النبي صلى الله عليه و سلم والله يكتب ما يبيتون يغيرون
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك بيت طائفة منهم قال : هم أهل النفاق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة بيت طائفة منهم غير الذي تقول
قال : يغيرون ما عهدوا إلى نبي الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عثمان بن عطاء عن أبيه والله يكتب ما يبيتون قال :
يغيرون ما يقول النبي صلى الله عليه و سلم
الآية 82
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك أفلا يتدبرون القرآن قال :
يتدبرون النظر فيه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة ولو كان من عند غير الله
لوجدوا فيه اختلافا كثيرا يقول : إن قول الله لا يختلف وهو حق ليس فيه باطل وإن
قول الناس يختلف
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال : سمعت ابن
(2/599)
المنكدر
يقول وقرأ ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا فقال : إنما يأتي
الاختلاف من قلوب العباد فأما من جاء من عند الله فليس فيه اختلاف
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : إن القرآن لا يكذب بعضه بعضا ولا ينقض بعضه بعضا
ما جهل الناس من أمره فإنما هو من تقصير عقولهم وجهالتهم وقرأ ولو كان من عند غير
الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا قال : فحق على المؤمن أن يقول : كل من عند الله
يؤمن بالمتشابه ولا يضرب بعضه ببعض إذا جهل أمرا ولم يعرفه أن يقول : الذي قال
الله حق ويعرف أن الله لم يقل قولا وينقص ينبغي أن يؤمن بحقيقة ما جاء من عند الله
الآية 83
عبد بن حميد ومسلم وابن أبي حاتم من طريق ابن عباس عن عمر بن الخطاب قال : لما
اعتزل النبي صلى الله عليه و سلم نساءه دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون بالحصا ويقولون
: طلق رسول الله صلى الله عليه و سلم نساءه فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي
: لم يطلق نساءه
ونزلت هذه الآية في وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى
الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر
وأحرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله وإذا جاءهم أمر
من الأمن أو الخوف أذاعوا به يقول : أفشوه وسعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي
الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم يقول : لعلمه الذين يتجسسونه منهم
وأخرج ابن جريج وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس وإذا جاءهم أمر من الأمن
أو الخوف أذاعوا به قال : هذا في الإخبار إذا غزت سرية من المسلمين خبر الناس عنها
فقالوا : أصاب المسلمين من عدوهم كذا
(2/600)
وكذا
وأصاب العدو من المسلمين كذا وكذا فأفشوه بينهم من غير أن يكون النبي صلى الله
عليه و سلم هو يخبرهم به
قال ابن جريج : قال ابن عباس : أذاعوا به أعلنوه وأفشوه ولو روده إلى الرسول حتى
يكون هو الذي يخبرهم به وإلى أولي الأمر منهم أولي الفقه في الدين والعقل
وأخرج ابن جريج وابن أبي حاتم عن السدي وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف يقول :
إذا جاءهم أمر أنهم قد أمنوا من عدوهم أو أنهم خائفون منه أذاعوا بالحديث حتى يبلغ
عدوهم أمرهم ولو ردوه إلى الرسول يقول : ولو سكتوا وردوا الحديث إلى النبي صلى
الله عليه و سلم وإلى أولي الأمر منهم يقول : إلى أميرهم حتى يتكلم به لعلمه الذين
يستنبطونه منهم يعني عن الأخبار وهم الذين ينقرون عن الأخبار
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك وإذا جاءهم أمر قال : هم أهل النفاق
وأخرج ابن جرير عن أبي معاذ مثله
وأخرج عن ابن زيد في قوله أذاعوا به قال : نشروه
قال : والذين أذاعوا به قوم إما منافقون وإما آخرون ضعفاء
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ولو ردوه إلى الرسول وإلى
أولي الأمر منهم يقول : إلى علمائهم
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : الولاة الذين يكونون في الحرب عليهم
يتفكرون فينظرون لما جاءهم من الخبر أصدق أم كذب
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية لعلمه الذين يستنبطونه
منهم قال : الذين يتبعونه ويتجسسونه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد لعلمه الذين يستنبطونه منهم قال : الذين
يسألون عنه ويتجسسونه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد لعلمه الذين يستنبطونه منهم
قال : قولهم ماذا كان وما سمعتم
(2/601)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من طريق سعيد عن قتادة قال : إنما هو لعلمه
الذين يستنبطونه منهم الذين يفحصون عنه ويهمهم ذلك إلا قليلا منهم ولولا فضل الله
عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق معمر عن قتادة في
قوله ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا يقول : لاتبعتم
الشيطان كلكم
وأما قوله إلا قليلا فهو لقوله لعلمه الذين يستنبطونه منهم إلا قليلا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله ولولا
فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان قال : فانقطع الكلام
وقوله إلا قليلا فهو في أول الآية يخبر عن المنافقين قال فإذا جاءهم أمر من الأمن
والخوف أذاعوا به إلا قليلا
يعني بالقليل المؤمنين
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : هذه الآية مقدمة ومؤخرة إنما هي أذاعوا به إلا
قليلا منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لم ينج قليل ولا كثير
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله ولولا فضل الله عليكم ورحمته
لاتبعتم الشيطان إلا قليلا قال : هم أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم كانوا حدثوا
أنفسهم بأمر من أمور الشيطان إلا طائقة منهم
الآية 84
أخرج ابن سعد عن خالد بن معدان أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
بعثت إلى الناس كافة فإن لم يستجيبوا لي فإلى العرب فإن لم يستجيبوا لي فإلى قريش
فإن لم يستجيبوا لي فإلى بني هاشم فإن لم يستجيبوا لي فإلي وحدي "
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم عن أبي إسحاق قال : قلت للبراء : الرجل يحمل على
المشركين أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة ؟ قال : لا إن الله بعث رسوله وقال فقاتل
في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك إنما ذلك في النفقة
وأخرج ابن مردويه عن البراء قال : " لما نزلت على النبي صلى الله عليه و سلم
فقاتل في سبيل
(2/602)
الله
لا تكلف إلا نفسك وحرض المؤمنين قال لأصحابه : قد أمرني ربي بالقتال فقاتلوا
"
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي سنان في قوله وحرض المؤمنين قال : عظهم
وأخرج ابن المنذر عن أسامة بن زيد " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
لأصحابه ذات يوم : ألا هل مشمر للجنة فإن الجنة لا خطر لها هي ورب الكعبة نور
تلألأ وريحانه تهتز وقصر مشيد ونهر مطرد وفاكهة كثيرة نضيجة وزوجة حسناء جميلة
وحلل كثيرة في مقام أبدا في خير ونضرة ونعمة في دار عالية سليمة بهية
قالوا : يا رسول الله نحن المشمرون لها
قال : قولوا : إن شاء الله ثم ذكر الجهاد وحض عليه "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عبد البر في التمهيد عن سفيان بن عيينة عن ابن شبرمة
سمعته يقرؤها عسى الله أن يكف من بأس الذين كفروا قال سفيان : وهي قراءة ابن مسعود
هكذا عسى الله أن يكف من بأس الذين كفروا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله والله
أشد بأسا وأشد تنكيلا يقول : عقوبة
الآية 85
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله من يشفع
شفاعة حسنة
الآية
قالشفاعة بعض الناس لبعض
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال : من يشفع شفاعة حسنة كان
له أجرها وإن لم يشفع لأن الله يقول من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ولم يقل
يشفع
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : من يشفع شفاعة حسنة كتب له أجره ما جرت منفعتها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله
(2/603)
يكن
له نصيب منها قال : حظا منها
وفي قوله كفل منها قال : الكفل هو الإثم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي والربيع في قوله كفل منها قالا : الحظ
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : الكفل والنصيب واحد وقرأ يؤتكم كفلين من رحمته
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن
عباس في قوله وكان الله على كل شيء مقيتا قال : حفيظا
وأخرج أبو بكر ابن الأنباري في الوقف والإبتداء والطبراني في الكبير والطستي في
مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق ساله عن قوله مقيتا قال : قادرا مقتدرا
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول أحيحة بن ألأنصاري : وذي ضغن كففت النفس عنه وكنت على مساءته مقيتا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عيسى بن يونس عن إسماعيل عن رجل عن عبد
الله بن رواحة أنه سأله رجل عن قول الله وكان الله على كل شيء مقيتا قال : يقيت كل
إنسان بقدر عمله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد مقيتا قال :
شهيدا حسيبا حفيظا
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله مقيتا قال : قادرا
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : المقيت القدير
وأخرج عن ابن زيد مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : المقيت الرزاق
الآيتان 86 - 87
(2/604)
أخرج
أحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند
حسن عن سلمان الفارسي قال : " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال :
السلام عليك يا رسول الله فقال : وعليك ورحمة الله ثم أتى آخر فقال : السلام عليك
يا رسول الله ورحمة الله
فقال : وعليك ورحمة الله وبركاته ثم جاء آخر فقال : السلام عليك ورحمة الله
وبركاته
فقال له : وعليك
فقال له الرجل : يا نبي الله - بأبي أنت وأمي - أتاك فلان وفلان فسلما عليك فرددت
عليهما أكثر مما رددت علي ؟ ! فقال : إنك لم تدع لنا شيئا قال الله وإذا حييتم
بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها فرددناها عليك "
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة " أن رجلا مر على رسول الله صلى
الله عليه و سلم وهو في مجلس فقال : سلام عليكم
فقال : عشر حسنات
فمر رجل آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله
فقال : عشرون حسنة
فمر رجل آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فقال : ثلاثون حسنة "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر قال : " جاء رجل فسلم فقال : السلام
عليكم
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : عشر
فجاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : عشرون
فجاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فقال : ثلاثون "
وأخرج البيهقي عن سهل بن حنيف قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
من قال : السلام عليكم كتب الله له عشر حسنات فإن قال : السلام عليكم ورحمة الله
كتب الله له عشرين حسنة فإن قال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كتب له ثلاثين
حسنة "
وأخرج أحمد والدرامي وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي عن عمران بن حصين
" أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : السلام عليكم
فرد عليه وقال : عشر
ثم جاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله
فرد عليه ثم جلس فقال : عشرون
ثم جاء آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فرد عليه ثم جلس فقال : ثلاثون "
وأخرج أبو داود والبيهقي عن معاذ بن أنس الجهني قال : " جاء رجل إلى النبي
(2/605)
صلى
الله عليه و سلم بمعناه زاد ثم أتى آخر فقال : السلام عليكم ورحمة الله ورحمته
وبركاته ومغفرته
فقال : أربعون
قال : هكذا تكون الفضائل "
وأخرج ابن جرير عن السدي وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها يقول :
" إذا سلم عليك أحد فقل أنت : وعليك السلام ورحمة الله أو تقطع إلى السلام
عليك كما قال لك "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عطاء في قوله وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو
ردوها قال : ذلك كله في أهل الإسلام
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر أنه كان إذا سلم عليه إنسان رد كما يسلم
عليه يقول : السلام عليكم
فيقول عبد الله : السلام عليكم
وأخرج البيهقي أيضا عن عروة بن الزبير أن رجلا سلم عليه فقال : السلام عليكم ورحمة
الله وبركاته
فقال عروة ما ترك لنا فضل إن السلام انتهى إلى وبركاته
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن سالم مولى عبد الله بن عمر قال : كان ابن عمر
إذا سلم عليه فرد زاد فأتيته فقلت : السلام عليكم
فقال : السلام عليكم ورحمة الله ثم أتيته مرة أخرى فقلت : السلام عليكم ورحمة الله
فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثم أتيته مرة أخرى فقلت : السلام عليكم
ورحمة الله وبركاته
فقال : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وطيب صلواته
وأخرج البيهقي من طريق المبارك بن فضالة عن الحسن في قوله فحيوا بأحسن منها قال :
تقول إذا سلم عليك أخوك المسلم فقال : السلام عليك
فقل : السلام عليكم ورحمة الله أو ردوها يقول : إن لم تقل له السلام عليك ورحمة
الله فرد عليه كما قال : السلام عليكم كما سلم ولا تقل وعليك
وأخرج ابن المنذر من طريق يونس بن عبيد عن الحسن في الآية قال أحسن منها للمسلمين
أو ردوها على أهل الكتاب قال : وقال الحسن : كل ذلك للمسلم
وأخرح ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : من سلم عليك من خلق الله فاردد عليه وإن كان
يهوديا أو نصرانيا أو مجوسيا ذلك بأن الله يقول وإذا حييتم بتحية فحييوا بأحسن
منها أو ردوها
وأخرج البخاري في الأدب وابن المنذر عن ابن عباس قال : لو أن فرعون قال لي : بارك
الله فيك
لقلت : وفيك بارك الله
(2/606)
وأخرج
البخاري في الأدب المفرد وابن جرير عن الحسن قال : السلام تطوع والرد فريضة
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " السلام اسم من أسماء الله وضعه الله في الأرض : فأفشوه بينكم
وإذا مر رجل بالقوم فسلم عليهم فردوا كان له عليهم فضل درجة لأنه ذكرهم السلام وإن
لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأفضل "
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن ابن مسعود
موقوفا
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أنس قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم :
" إن السلام اسم من أسماء الله وضعه الله في الأرض فأفشوا السلام بينكم
"
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن
السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه الله في الأرض فأفشوه بينكم "
وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال : السلام اسم من أسماء الله فإذا أنت أكثرت منه
أكثرت من ذكر الله
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
إن السلام اسم من أسماء الله جعله بين خلقه فإذا سلم المسلم على المسلم قفد حرم عليه
أن يذكره إلا بخير "
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" أفشوا السلام بينكم فإنها تحية أهل الجنة فإذا مر رجل على ملأ فسلم عليهم
كان له عليهم درجة وإن ردوا عليه فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم الملائكة
"
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي بكر الصديق قال : السلام أمان الله
في الأرض
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من بدأ بالسلام فهو أولى بالله ورسوله "
وأخرج البخاري في الأدب وابن مردويه عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين
ولفظ ابن مردويه قال : إن اليهود قوم حسد وإنهم لن يحسدوا أهل الإسلام على أفضل من
السلام أعطانا الله في الدينا وهو تحية أهل الجنة يوم القيامة وقولنا وراء الإمام
آمين "
(2/607)
وأخرج
البيهقي عن الحارث بن شريح أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن
المسلم أخو المسلم إذا لقيه رد عليه من السلام بمثل ما حياه به أو أحسن من ذلك
وإذا استأمره نصح له وإذا استنصره على الأعداء نصره وإذا استنعته قصد السبيل يسره
ونعت له وإذا استغاره أحد على العدو أغاره وإذا استعاره الحد على المسلم لم يعره
وإذا استعاره الجنة أعاره لا يمنعه الماعون
قالوا : يا رسول الله وما الماعون ؟ قال : الماعون في الحجر والماء والحديد
قالوا : وأي الحديد ؟ قال : قدر النحاس وحديد الفاس الذي تمتهنون به
قالوا : فما هذا الحجر ؟ قال : القدر من الحجارة "
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
إذا التقى المؤمنان فسلم كل واحد منهما على صاحبه وتصافحا كان أحبهما إلى الله
أحسنهما بشرا لصاحبه ونزلت بينهما مائة رحمة للبادي تسعون وللمصافح عشر "
وأخرج البيهقي عن الحسن أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن من
الصدقة أن تسلم على الناس وأنت منطلق الوجه "
وأخرج الطبراني والبيهقي عن أبي أمامة سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" إن الله جعل السلام تحية لأمتنا وأمانا لأهل ذمتنا "
وأخرج البيهقي عن زيد بن أسلم أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " يسلم
الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير والصغير على الكبير وإذا
مر بالقوم فسلم منهم واحدا أجزأ عنهم وإذا رد من الآخرين واحد أجزأ عنهم "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمرو قال : " مر على النبي صلى الله عليه و سلم
رجل وعليه ثوبان أحمران فسلم عليه فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم
"
وأخرج البيهقي عن سعيد بن أبي هلال الليثي قال : سلام الرجل يجزي عن القوم ورد
السلام يجزي عن القوم
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : إني لأرى جواب الكتاب حقا كما أرى حق السلام
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة في قوله وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها
قال : ترون هذا في السلام وحده ؟ هذا في كل شيء من أحسن إليك فأحسن إليه وكافئه
فإن لم تجد فادع له أو أثن عليه عند إخوانه
وأخرج عن سعيد بن جبير في قوله إن الله كان على كل شيء يعني من التحية وغيرها
حسيبا يعني شهيدا
(2/608)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد حسيبا قال : حفيظا
الآيتان 88 - 89
أخرج الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي
وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في الدلائل عن زيد بن
ثابت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم " خرج إلى أحد فرجع ناس خرجوا معه
فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فيهم فرقتين : فرقة تقول : نقتلهم
وفرقة تقول : لا
فأنزل الله فما لكم في المنافقين فئتين
الآية كلها
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنها طيبة وإنها تنفي الخبث كما تنفي
النار خبث الفضة "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عبد العزيز بن محمد عن زيد
بن أسلم عن ابن سعد بن معاذ الأنصاري أن هذه الآية أنزلت فينا فما لكم في
المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا خطب رسول الله صلى الله عليه و سلم الناس
فقال : " من لي بمن يؤذيني ويجمع لي في بيته من يؤذيني ؟ فقام سعد بن معاذ
فقال : إن كان منا يا رسول الله قتلناه وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا فأطعناك
فقام سعد بن عبادة فقال : ما بك يا ابن معاذ طاعة رسول الله صلى الله عليه و سلم
ولكن عرفت ما هو منك
فقام أسيد بن حضير فقال : إنك يا ابن عبادة منافق تحب المنافقين
فقام محمد بن مسلمة فقال : استكوا أيها الناس فإن فينا رسول الله صلى الله عليه و
سلم وهو يأمرنا فننفذ لأمره
فأنزل الله فما لكم في المنافقين فئتين
الآية "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال : " إن قوما
كانوا بمكة قد تكلموا بالإسلام وكانوا يظاهرون المشركين فخرجوا من مكة يطلبون
(2/609)
حاجة
لهم فقالوا : إن لقينا أصحاب محمد فليس علينا فيهم بأس وإن المؤمنين لما أخبروا
أنهم قد خرجوا من مكة قالت فئة من المؤمنين : اركبوا إلىالخبثاء فاقتلوهم فإنهم
يظاهرون عليكم عدوكم وقالت فئة أخرى من المؤمينن : سبحان الله
! تقتلون قوما قد تكلموا بمثل ما تكلمتم به من أجل أنهم لم يهاجروا ويتركوا ديارهم
تستحل دماؤهم وأموالهم فكانوا كذلك فئتين والرسول عندهم لا ينهى واحد من الفريقين
عن شيء
فنزلت فما لكم في المنافقين فئتين إلى قوله حتى يهاجروا في سبيل الله يقول : حتى
يصنعوا كما صنعتم فإن تولوا قال : عن الهجرة "
وأخرج أحمد بسند فيه انقطاع عن عبد الرحمن بن عوف " أن قوما من العرب أتوا
رسول الله صلى الله عليه و سلم بالمدينة فأسلموا وأصابهم وباء المدينة حماها
فأركسوا خرجوا من المدينة فاستقبلهم نفر من الصحابة فقالوا لهم : ما لكم رجعتم ؟
قالوا : أصابنا وباء المدينة فقالوا : ما لكم في رسول الله أسوة حسنة
فقال بعضهم : نافقوا
وقال بعضهم : لم ينافقوا إنهم مسلمون
فأنزل الله فما لكم في المنافقين فئتين
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن أبي سلمة عن عبد الرحمن أن نفرا من طوائف العرب
هاجروا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فمكثوا معه ما شاء الله أن يمكثوا ثم
ارتكسوا فرجعوا إلى قومهم فلقوا سرية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم
فعرفوهم فسألوهم : ما ردكم ؟ فاعتلوا لهم فقال بعض القوم لهم : نافقتم فلم يزل بعض
ذلك حتى فشا فيهم القول فنزلت هذه الآية فما لكم في المنافقين فئتين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله فما لكم
في المنافقين فئتين قال : قوم خرجوا من مكة حتى جاؤوا المدينة يزعمون أنهم مهاجرون
ثم ارتدوا بعد ذلك فاستأذنوا النبي صلى الله عليه و سلم إلى مكة ليأتوا ببضائع لهم
يتجرون فيها فاختلف فيهم المؤمنون فقائل يقول : هم منافقون
وقائل يقول : هم مؤمنون فبين الله نفاقهم فأمر بقتلهم فجاءوا ببضائعهم يريدون هلال
بن عويمر الأسلمي وبينه وبين محمد عليه السلام حلف وهو الذي حصر صدره أن يقاتل
المؤمنين أو يقاتل قومه فدفع عنهم بأنهم يؤمون هلالا وبينه وبين النبي صلى الله
عليه و سلم عهد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله فما لكم في
(2/610)
المنافقين
فئتين قال : ذكر لنا أنهما كانا رجلين من قريش كانا مع المشركين بمكة وكانا قد
تكلما بالإسلام ولم يهاجرا إلىالنبي صلى الله عليه و سلم فلقيهما ناس من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه و سلم وهما مقبلان إلى مكة فقال بعضهم : إن دماءهما
وأموالهما حلال
وقال بعضهم : لا يحل ذلك لكم
فتشاجروا فيهما فأنزل الله فما لكم في المنافقين فئتين حتى بلغ ولو شاء الله
لسلطهم عليكم فلقاتلوكم
وأخرج ابن جرير عن معمر بن راشد قال : بلغني أن ناسا من أهل مكة كتبوا إلى النبي
صلى الله عليه و سلم أنهم قد أسلموا أو كان ذلك منهم كذبا فلقوهم فاختلف فيهم
المسلمون فقالت طائفة : دماءهم حلال
وطائفة قالت : دماءهم حرام
فأنزل اله فما لكم في المنافقين فئتين
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في الآية قال : هم ناس تخلفوا عن نبي الله صلى الله عليه
و سلم وأقاموا بمكة وأعلنوا الإيمان ولم يهاجروا فاختلف فيهم أصحاب رسول الله صلى
الله عليه و سلم فتولاهم ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم وتبرأ من
ولايتهم آخرون وقالوا : تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ولم يهاجروا
فسماهم الله منافقين وبرأ المؤمنين من ولايتهم وأمرهم أن لا يتولوهم حتى يهاجروا
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : كان ناس من المنافقين أرادوا أن يخرجوا من المدينة
فقالوا للمؤمنين : إنا قد أصابنا أوجاع في المدينة واتخمناها فلعلنا أن نخرج إلى
الظهر حتى نتماثل ثم نرجع فإنا كنا أصحاب برية
فانطلقوا واختلف فيهم أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فقالت طائفة : أعداء الله
منافقون وددنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أذن لنا فقاتلناهم
وقالت طائفة : لا بل إخواننا تخمتهم المدينة فاتخموها فخرجوا إلى الظهر يتنزهون
فإذا برئوا رجعوا
فأنزل الله في ذلك فما لكم في المنافقين فئتين
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة في الآية قال : أخذ ناس من المسلمين
أموالا من المشركين فانطلقوا بها تجارا إلى اليمامة فاختلف المسلمون فيهم فقالت
طائفة : لو لقيناهم قتلناهم وأخذنا ما في أيديهم
وقال بعضهم : لا يصلح لكم ذلك إخوانكم انطلقوا تجارا
فنزلت هذه الآية فما لكم في المنافقين فئتين
وأخرج ابن جرير من طريق ابن وهب عن ابن زيد في قوله فما لكم في
(2/611)
المنافقين
فئتين قال : هذا في شأن ابن أبي حين تكلم في عائشة ما تكلم فنزلت إلى قوله فلا
تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله فقال سعد بن معاذ : فإني أبرأ إلى
الله وإلى رسوله منه
يريد عبد الله بن أبي بن سلول
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه " أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم خطب الناس فقال : كيف ترون في الرجل يخاذل بين أصحاب
رسول الله صلى الله عليه و سلم ويسيء القول لأهل رسول الله وقد برأها الله ثم قرأ
ما أنزل الله في براءة عائشة فنزل القرآن في ذلك فما لكم في المنافقين فئتين
الآية
فلم يكن بعد هذه الآية ينطق ولا يتكلم فيه أحد "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس والله أركسهم
يقول : أوقعهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس أركسهم قال : ردهم
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قول أركسهم قال :
حبسهم في جهنم بما عملوا
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول أمية بن الصلت في شعره :
أركسوا في جهنم أنهم كانوا عتاة يقولوا مينا وكذبا وزورا البيت مكسور وفيه خطأ
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة أركسهم بما كسبوا قال : أهلكهم
بما عملوا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي أركسهم قال : أضلهم
الآية 90
(2/612)
ابن
أبي شيبة وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن الحسن أن سراقة بن
مالك المدلجي حدثهم قال : " لما ظهر النبي صلى الله عليه و سلم على أهل بدر
وأحد وأسلم من حولهم قال سراقة : بلغني أنه يريد أن يبعث خالد بن الوليد إلى قومي
بني مدلج فأتيته فقلت : أنشدك النعمة
فقالوا : مه
فقال : دعوه ما تريد ؟ قلت : بلغني أنك تريد أن تبعث إلى قومي وأنا أريد أن
توادعهم فإن أسلم قومك أسلموا ودخلوا في الإسلام وإن لم يسلموا لم تخشن لقلوب قومك
عليهم
فأخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم بيد خالد فقال : اذهب معه فافعل ما يريد
فصالحهم خالد على أن لا يعينوا على رسول الله صلى الله عليه و سلم وإن أسلمت قريش
أسلموا معهم ومن وصل إليهم من الناس كانوا على مثل عهدهم
فأنزل الله ودوا لو تكفرون حتى بلغ إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق
فكان من وصل إليهم كانوا معهم على عهدهم "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله إلا الذين يصلون
إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق يقول : إذا أظهروا كفرهم فاقتلوهم حيث وجدتموهم فإن
أحد منهم دخل في قوم بينكم وبينهم ميثاق فأجروا عليه مثل ما تجرون على أهل الذمة
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس والبيهقي في سننه عن
ابن عباس في قوله إلا الذين يصلون إلى قوم الآية
قال : نسختها براءة فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم التوبة
الآية 5
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس حصرت صدورهم قال : عن هؤلاء وعن هؤلاء
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي أو جاءوكم يقول : رجعوا فدخلوا
فيكم حصرت صدورهم يقول : ضاقت صدورهم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة أنه قرأ حصرت صدورهم أي كارهة صدورهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع وألقوا إليكم السلم قال : الصلح
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس عن قتادة في
(2/613)
قوله
فإن اعتزلوكم الآية
قال : نسختها فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم التوبة الآية 5
وأخرج ابن جرير عن الحسن وعكرمة في هذه الآية قالا : نسخها في براءة
الآية 91
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ستجدون
آخرين الآية
قال : ناس من أهل مكة كانوا يأتون النبي صلى الله عليه و سلم فيسلمون رياء ثم
يرجعون إلى قريش فيرتكسون في الأوثان يبتغون بذلك أن يأمنوا ههنا وههنا فأمر
بقتالهم إن لم يعتزلوا ويصالحوا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس ستجدون آخرين يريدون أن
يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها يقول : كلما أرادوا أن
يخرجوا من فتنة أركسوا فيها وذلك أن الرجل كان يوجد قد تكلم بالإسلام فيتقرب إلى
العود والحجر وإلى العقرب والخنفساء فيقول المشركون لذلك المتكلم بالإسلام : قل
هذا ربي للخنفساء والعقرب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ستجدون
آخرين
الآية
قال : حي كانوا بتهامة قالوا : يا نبي الله لا نقاتلك ولا نقاتل قومنا وأرادوا أن
يأمنوا نبي الله ويأمنوا قومهم فأبى الله ذلك عليهم فقال كلما ردوا إلى الفتنة
أركسوا فيها يقول : كلما عرض لهم بلاء هلكوا فيه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : ثم ذكر نعيم بن مسعود الأشجعي وكان
يأمن في المسلمين والمشركين بنقل الحديث بين النبي صلى الله عليه و سلم
(2/614)
والمشركين
فقال ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلى الفتنة يقول :
إلى الشرك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا
فيها قال : كلما ابتلوا بها عموا فيها
الآية 92
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله وما كان لمؤمن أن يقتل
مؤمنا إلا خطأ يقول : ما كان له ذلك فيما آتاه من ربه من عهد الله الذي عهد إليه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ قال
: المؤمن لا يقتل مؤمنا
وأخرج ابن جرير عن عكرمة قال : كان الحرث بن يزيد بن نبيشة من بني عامر بن لؤي
يعذب عياش بن أبي ربيعة مع أبي جهل ثم خرج مهاجرا إلى النبي صلى الله عليه و سلم
فلقيه عياش بالحرة فعلاه بالسيف وهو يحسب أنه كافر ثم جاء إلى النبي صلى الله عليه
و سلم فأخبره فنزلت وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ
الآية
فقرأها عليه ثم قال له قم فحرر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وما كان
لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ قال : عياش بن أبي ربيعة : قتل رجلا
(2/615)
مؤمنا
كان يعذبه هو وأبو جهل وهو أخوه لأمه في اتباع النبي صلى الله عليه و سلم وعياش
يحسب أن ذلك الرجل كافر كما هو وكان عياش هاجر إلى النبي صلى الله عليه و سلم
مؤمنا فجاءه أبو جهل وهو أخوه لأمه فقال : إن أمك تناشدك رحمها وحقها أن ترجع
إليها - وهي أميمة بنت مخرمة - فأقبل معه فربطه أبو جهل حتى قدم به مكة فلما رآه
الكفار زادهم كفرا وافتتانا فقالوا : إن أبا جهل ليقدر من محمد على ما يشاء ويأخذ
أصحابه فيربطهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن السدي في قوله وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ
الآية
قال : نزلت في عياش بن أبي ربيعة المخزومي كان قد أسلم وهاجر إلى النبي صلى الله
عليه و سلم وكان عياش أخا أبي جهل والحارث بن هشام لأمهما وكان أحب ولدها إليها
فلما لحق بالنبي صلى الله عليه و سلم شق ذلك عليها فحلفت أن لا يظلها سقف بيت حتى
تراه فأقبل أبو جهل والحارث حتى قدما المدينة فأخبرا عياشا بما لقيت أمه وسألاه أن
يرجع معهما فتنظر إليه ولا يمنعاه أن يرجع وأعطياه موثقا أن يخليا سبيله بعد أن
تراه أمه
فانطلق معهما حتى إذا خرجا من المدينة عمدا إليه فشداه وثاقا وجلداه نحو من مائة
جلدة وأعانهما على ذلك رجل من بني كنانة فحلف عياش ليقتلن الكناني إن قدر عليه
فقدما به مكة فلم يزل محبوسا حتى فتح رسول الله صلى الله عليه و سلم مكة فخرج عياش
فلقي الكناني وقد أسلم وعياش لا يعلم بإسلام الكناني فضربه عياش حتى قتله
فأنزل الله وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ يقول : وهو لا يعلم أنه مؤمن ومن
قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فيتركوا الدية
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : إن عياش بن أبي ربيعة المخزومي
كان حلف على الحارث بن يزيد مولى بني عامر بن لؤي ليقتلنه وكان الحارث يومئذ مشركا
وأسلم الحارث ولم يعلم به عياش فلقيه بالمدينة فقتله وكان قتله ذلك خطأ
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في سننه من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه "
أن الحارث بن زيد كان شديدا على النبي صلى الله عليه و سلم فجاء وهو يريد الإسلام
وعياش لا يشعر فلقيه عياش بن أبي ربيعة فحمل عليه فقتله فأنزل الله وما كان لمؤمن
أن يقتل مؤمنا إلا خطأ
(2/616)
وأخرج
ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : نزلت في رجل قتله أبو الدرادء كانوا في سرية
فعدل أبو الدرداء إلى شعب يريد حاجة له فوجد رجلا من القوم في غنم له فحمل عليه
السيف فقال : لا إله إلا الله
فضربه ثم جاء بغنمه إلى القوم ثم وجد في نفسه شيئا فأتى النبي صلى الله عليه و سلم
فذكر ذلك له فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ألا شققت عن قلبه ؟ !
فقال : ما عسيت أجد
هل هو يا رسول الله إلا دم أو ماء ؟ ! فقال : فقد أخبرك بلسانه فلم تصدقه
قال : كيف بي يا رسول الله ؟ قال : فكيف بلا إله إلا الله ! قال : فكيف بي يا رسول
الله ؟ قال : فكيف بلا إله إلا الله حتى تمنيت أن يكون ذلك مبتدأ إسلامي
قال : ونزل القرآن وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ حتى بلغ إلا أن يصدقوا قال
: إلا أن يضعوها "
وأخرج الروياني وابن منده وأبو نعيم معا في المعرفة عن بكر بن حارثة الجهني قال :
" كنت في سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه و سلم فاقتتلنا نحن والمشركون
وحملت على رجل من المشركين فتعوذ مني بالإسلام فقتلته فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه
و سلم فغضب وأقصاني فأوحى الله إليه وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ
الآية
فرضي عني وأدناني "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله فتحرير
رقبة مؤمنة قال : يعني بالمؤمنة من قد عقل الإيمان وصام وصلى وكل رقبة في القرآن
لم تسم مؤمنة فإنه يجوز المولود فما فوقه ممن ليس به زمانة وفي قوله ودية مسلمة
إلى أهله إلا أن يصدقوا قال : عليه الدية مسلمة إلا أن يتصدق بها عليه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة قال : في حرف أبي فتحرير رقبة مؤمنة لا
يجري فيها صبي
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود والبيهقي في سننه عن أبي هريرة " أن رجلا أتى
النبي صلى الله عليه و سلم بجارية سوداء فقال : يا رسول الله إن علي عتق رقبة
مؤمنة
فقال لها : أين الله ؟ فأشارت إلى السماء بأصبعها فقال لها : من أنا ؟ فأشارت إلى
رسول الله صلى الله عليه و سلم وإلى السماء أي أنت رسول الله فقال : اعتقها فإنها
مؤمنة "
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : " أتى النبي صلى الله عليه و سلم رجل
فقال : إن
(2/617)
علي
رقبة مؤمنة وعندي أمة سوداء
فقال : ائتني بها فقال : أتشهدين أن لا إله إلا الله وأني رسول الله ؟ قالت : نعم
قال : أعتقها "
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد عن رجل من الأنصار " أنه جاء بأمة له
سوداء فقال : يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة فإن كنت ترى هذه مؤمنة أعتقها
فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم : أتشهدين أن لا إله إلا الله ؟ قالت :
نعم
قال : أتشهدين أني رسول الله ؟ قالت : نعم
قال : تؤمنين بالبعث بعد الموت ؟ قالت : نعم
قال : أعتقها فإنها مؤمنة "
وأخرج الطيالسي ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن معاوية
بت الحكم الأسلمي " أنه لطم جارية له فأخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم
فعظم ذلك قال : فقلت : يا رسول الله أفلا أعتقها ؟ قال : بلى ائتني بها
قال : فجئت بها رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال لها : أين الله ؟ قالت : في
السماء
قال : فمن أنا ؟ قالت : أنت رسول الله
قال : إنها مؤمنة فأعتقها "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب في قوله ودية مسلمة قال : " بلغنا أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم فرضها مائة من الإبل "
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن المنذر عن ابن مسعود قال :
" قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم دية الخطأ عشرين بنت مخاض وعشرين بني
مخاض ذكورا وعشرين بنت لبون وعشرين جذعة وعشرين حقة "
وأخرج أبو داود وابن المنذر عن ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه و سلم جعل
الدية اثني عشر ألفا "
وأخرج ابن المنذر عن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده " أن النبي صلى
الله عليه و سلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات وبعث به مع
عمرو بن حزم وفيه وعلى أهل الذهب ألف دينار يعني في الدية "
وأخرج أبو داود عن جابر بن عبد الله " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قضى
في الدية على أهل الإبل مائة من الإبل وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاة
ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة وعلى أهل القمح شيئا لم يحفظه محمد بن إسحاق
"
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله ودية مسلمة قال
: موفرة
(2/618)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله مسلمة إلى أهله قال : المسلمة التامة
وأخرج ابن المنذر عن السدي مسلمة إلى أهله قال : تدفع إلا أن يصدقوا إلا أن يدعوا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة مسلمة إلى أهله أي إلى أهل القتيل إلا أن
يصدقوا إلا أن يصدق أهل القتيل فيعفوا ويتجاوزوا عن الدية
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ودية مسلمة يعني يسلمها عاقلة القاتل إلى أهله
إلى أولياء المقتول إلا أن يصدقوا يعني إلا أن يصدق أولياء المقتول بالدية على
القاتل فهو خير لهم فأما عتق رقبة فإنه واجب على القاتل في ماله
وأخرج ابن جرير عن بكر بن الشرود قال : في حرف أبي " إلا أن يتصدقوا "
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن إبراهيم النخعي في
قوله ودية مسلمة إلى أهله قال : هذا المسلم الذي ورثته مسلمون وإن كان من قوم عدو
لكم وهومؤمن قال : هذا الرجل المسلم وقومه مشركون وبينهم وبين رسول الله صلى الله
عليه و سلم عقد فيقتل فيكون ميراثه للمسلمين وتكون ديته لقومهم لأنهم يعقلون عنه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس في قوله فإن كان من قوم عدو
لكم وهو مؤمن يقول : فإن كان في أهل الحرب وهو مؤمن فقتله خطأ فعلى قاتله أن يكفر
بتحرير رقبة مؤمنة أو صيام شهرين متتابعين ولا دية عليه وفي قوله وإن كان من قوم
بينكم وبينهم ميثاق يقول : إذا كان كافرا في ذمتكم فقتل فعلى قاتله الدية مسلمة
إلى أهله وتحرير رقبة
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن قال :
هو المؤمن يكون في العدو من المشركين يسمعون بالسرية من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه و سلم فيفرون ويثبت المؤمن فيقتل ففيه تحرير رقبة
وأخرج ابن جرير والبيهقي في سننه من طريق عكرمة عن ابن عباس فإن كان
(2/619)
من
قوم عدو لكم وهو مؤمن قال : يكون الرجل مؤمنا وقومه كفار فلا دية له ولكن تحرير
رقبة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من طريق عطاء بن السائب عن أبي عياض قال
: كان الرجل يجيء فيسلم ثم يأتي قومه وهم مشركون فيقيم فيهم فتغزوهم جيوش النبي
صلى الله عليه و سلم فيقتل الرجل فيمن يقتل
فأنزلت هذه الآية وإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وليست له دية
واخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي
في سننه من طريق عطاء بن السائب عن أبي يحيى عن ابن عباس في قوله فإن كان من قوم
عدو لكم وهو مؤمن قال : كان الرجل يأتي النبي صلى الله عليه و سلم فيسلم ثم يرجع
إلى قومه فيكون فيهم وهم مشركون فيصيبه المسلمون خطأ في سرية أو غارة فيعتق الذي
يصيبه رقبة وفي قوله وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق قال : كان الرجل يكون
معاهدا وقومه أهل عهد فيسلم إليهم ديته ويعتق الذي أصابه رقبة
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن قال
: نزلت في مرداس بن عمرو وكان أسلم وقومه كفار من أهل الحرب فقتله أسامة بن زيد
خطأ فتحرير رقبة مؤمنة ولا دية لهم لأنهم أهل الحرب
وأخرج ابن المنذر عن جرير بن عبد الله البجلي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " من أقام مع المشركين فقد برئت منه الذمة "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن الشعبي في قوله وإن كان من قوم بينكم
وبينهم ميثاق قال : من أهل العهد وليس بمؤمن
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن جابر بن زيد وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق قال
: وهو مؤمن
وأخرج ابن جرير عن الحسن وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق قال : هو كافر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عباس وإن كان من قوم
بينكم وبينهم ميثاق قال : عهد
(2/620)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن شهاب وإن كان بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله قال :
بلغنا أن دية المعاهد كانت كدية المسلم ثم نقصت بعد في آخر الزمان فجعلت مثل نصف
دية المسلم وإن الله أمر بتسليم دية المعاهد إلى أهله وجعل معها تحرير رقبة مؤمنة
وأخرج أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كانت قيمة الدية على عهد
رسول الله صلى الله عليه و سلم ثمانمائة دينار أو ثمانية آلاف درهم ودية أهل
الكتاب يومئذ النصف من دية المسلمين وكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر فقام خطيبا فقال
: إن الإبل قد غلت ففرضها عمر على أهل الذهب ألف دينار وعلى أهل الورق اثني عشر
ألفا وعلى أهل البقر مائتي بقرة وعلى أهل الشاة ألفي شاة وعلى أهل الحلل مائتي حلة
وترك دية أهل الذمة لم يرفعها فيما رفع من الدية
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والحاكم وصححه عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " ريح الجنة يوجد من مسيرة مائة عام وما من عبد يقتل نفسا معاهدة
إلا حرم الله عليه الجنة ورائحتها أن يجدها "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن ماجه والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من قتل قتيلا من أهل الذمة لم يجد ريح
الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عاما "
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ألا
من قتل معاهدا له ذمة الله وذمة رسوله صلى الله عليه و سلم فقد خفر ذمة الله ولا
يرح ريح الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفا "
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير عن سعيد بن المسيب قال : قال
عمر بن الخطاب : دية أهل الكتاب أربعة آلاف درهم ودية المجوس ثمانمائة
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم قال : الخطأ أن يريد الشيء فيصيب غيره
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله فمن لم يجد فصيام
شهرين متتابعين قال : من لم يجد عتقا في قتل مؤمن خطأ
قال : وأنزلت في عياش بن أبي ربيعة قتل مؤمنا خطأ
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير فمن لم يجد قال : فمن لم يجد رقبة فصيام شهرين
(2/621)
وأخرج
ابن جرير عن الضحاك فمن لم يجد فصيام شهرين قال : الصيام لمن لا يجد رقبة وأما
الدية فواجبة لا يبطلها شيء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مسروق أنه سئل عن الآية
التي في سورة النساء فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين صيام الشهرين عن الرقبة
وحدها أو عن الدية والرقبة ؟ قال : من لم يجد فهو عن الدية والرقبة
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد أنه سئل عن صيام شهرين متتابعين ؟ قال : لا يفطر فيها
ولا يقطع صيامها فإن فعل من غير مرض ولا عذر استقبل صيامها جميعا فإن عرض له مرض
أو عذر صام ما بقي منهما فإن مات ولم يصم أطعم عنه ستون مسكينا لكل مسكين مد
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن فصيام شهرين متتابعين تغليظا وتشديدا من الله قال :
هذا في الخطأ تشديد من الله
وأخرج عن سعيد بن جبير في قوله توبة من الله يعني تجاوزا من الله لهذه الأمة حين
جعل في قتل الخطأ كفارة ودية وكان الله عليما حكيما يعني حكم الكفارة لمن قتل خطأ
ثم صارت دية العهد والموادعة لمشركي العرب منسوخة نسختها الآية التي في براءة اقتلوا
المشركين حيث وجدتموهم التوبة الآية 5 وقال النبي صلى الله عليه و سلم : " لا
يتوراث أهل ملتين "
الآية 93
أخرج ابن جريج وابن المنذرمن طريق ابن جريج عن عكرمة " أن رجلا من الأنصار
قتل أخا مقيس بن ضبابة فأعطاه النبي صلى الله عليه و سلم الدية فقبلها ثم وثب على
قاتل أخيه فقتله
قال ابن جريج وقال غيره : ضرب النبي صلى الله عليه و سلم ديته على بني النجار ثم
بعث مقيسا وبعث معه رجلا من بني فهر في حاجة للنبي صلى الله عليه و سلم فاحتمل
مقيس الفهري - وكان رجلا شديدا - فضرب به الأرض ورضخ رأسه بين حجرين ثم ألقى يتغنى
:
(2/622)
قتلت
به فهرا وحملت عقله سراة بني النجار أرباب قارع فأخبر به النبي صلى الله عليه و
سلم فقال : أظنه قد أحدث حدثا أما والله لئن كان فعل لا أومنه في حل ولا حرم ولا
سلم ولا حرب فقتل يوم الفتح
قال ابن جريج : وفيه نزلت هذه الآية ومن يقتل مؤمنا متعمدا
الآية "
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم
قال : " نزلت في مقيس بن ضبابة الكناني وذلك أنه أسلم وأخوه هشام بن ضبابة
وكانا بالمدينة فوجد مقيس أخاه هشاما ذات يوم قتيلا في الأنصار في بني النجار
فانطلق إلى النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره بذلك فأرسل رسول الله صلى الله عليه
و سلم رجلا من قريش من بني فهر ومعه مقيس إلى بني النجار - ومنازلهم يومئذ بقباء -
أن ادفعوا إلى مقيس قاتل أخيه إن علمتم ذلك وإلا فادفعوا إليه الدية
فلما جاءهم الرسول قالوا : السمع والطاعة لله وللرسول والله ما نعلم له قاتلا ولكن
نؤدي إليه الدية فدفعوا إلى مقيس مائة من الإبل دية أخيه فلما انصرف مقيس والفهري
راجعين من قباء إلى المدينة وبينهما ساعة عمد مقيس إلى الفهري رسول رسول الله صلى
الله عليه و سلم فقتله وارتد عن الإسلام وركب جملا منها وساق معه البقية ولحق بمكة
وهو يقول في شعر له : قتلت به فهرا وحملت عقله سراة بني النجار أرباب قارع وأدركت
ثأري واضطجعت موسدا وكنت إلى الأوثان أول راجع فنزلت فيه بعد قتل النفس وأخذ الدية
وارتد عن الإسلام ولحق بمكة كافرا ومن يقتل مؤمنا متعمدا "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس
مثله سواء
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن جرير والطبراني من طريق
سعيد بن جبير قال : اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن فرحلت فيها إلى ابن عباس
فسألته عنها ؟ فقال : نزلت هذه الآية ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم هي آخر ما
نزل وما نسخها شيء
وأخرج أحمد وسعيد بن منصور والنسائي وابن ماجه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم والنحاس في ناسخه والطبراني من طريق سالم بن أبي
(2/623)
الجعد
عن ابن عباس أن رجلا أتاه فقال : أرأيت رجلا قتل رجلا متعمدا ؟ قال فجزاؤه جهنم
خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما قال : لقد نزلت في آخر ما
نزل ما نسخها شيء حتى قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم وما نزل وحي بعد رسول
الله صلى الله عليه و سلم
قال : أرأيت إن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى ؟ قال : وأنى له بالتوبة وقد سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " ثكلته أمه رجل قتل رجلا متعمدا يجيء
يوم القيامة آخذا قاتله بيمينه أو بيساره وآخذا رأسه بيمينه أو بشماله تشخب أوداجه
دما في قبل العرش يقول : يا رب سل عبدك فيم قتلني "
وأخرج الترمذي وحسنه من طريق عمرو بن دينار عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " يجيء المقتول بالقاتل يوم القيامة ناصيته ورأسه بيده وأوداجه
تشخب دما يقول : يا رب قتلني هذا حتى يدنيه من العرش قال : فذكروا لابن عباس
التوبة فتلا هذه الآية ومن يقتل مؤمنا متعمدا قال : ما نسخت هذه الآية ولا بدلت
وأنى له التوبة "
وأخرج عبد بن حميد والبخاري وابن جري عن سعيد بن جبير قال : قال لي عبد الرحمن بن
أبزي : سل ابن عباس عن قوله ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم ؟ فقال : لم ينسخها
شيء وقال في هذه الآية والذين لا يدعون مع الله إلها آخر الفرقان الآية 68 الآية
قال : نزلت في أهل الشرك
وأخرج عبد بن حميد والبخاري وابن جرير والحاكم وابن مردويه عن سعيد بن جبير أن عبد
الرحمن بن أبزي سأله : أن يسأل ابن عباس عن هاتين الآيتين التي في النساء ومن يقتل
مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم إلى آخر الآية والتي في الفرقان ومن يفعل ذلك يلق أثاما
الفرقان الآية 68 الآية
قال : فسألته ؟ فقال : إذا دخل الرجل في الإسلام وعلم شرائعه وأمره ثم قتل مؤمنا
متعمدا فجزاؤه جهنم لا توبة له وأما التي في الفرقان فإنها لما أنزلت قال المشركون
من أهل مكة : فقد عدلنا بالله وقتلنا النفس التي حرم الله بغير الحق وأتينا
الفواحش فما نفعنا الإسلام فنزلت إلا من تاب الفرقان الآية 70 الآية
فهي لأولئك
(2/624)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب قال : سمعت ابن عباس يقول : نزلت هذه الآية
ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم بعد قوله إلا من تاب وآمن وعمل صالحا الفرقان
الآية 70 بسنة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : نزلت هذه الاية ومن يقتل مؤمنا متعمدا بعد التي
في سورة الفرقان بثماني سنين وهي قوله والذين لا يدعون مع الله إلها آخر الفرقان
الآية 68 إلى قوله غفورا رحيما الفرقان الآية 70
وأخرج ابن جرير والنحاس والطبراني عن سعيد بن جبير قال : سألت ابن عباس هل لمن قتل
مؤمنا متعمدا من توبة ؟ قال : لا
فقرأت عليه الآية التي في الفرقان والذين لا يدعون مع الله إلها آخر الفرقان الآية
68 فقال هذه الآية مكية نسختها آية مدينة ومن يقتل مؤمنا متعمدا الآية
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن زيد بن ثابت قال : نزلت الشديدة بعد الهينة بستة
أشهر يعني ومن قتل مؤمنا متعمدا بعد إن الله لا يغفر أن يشرك به النساء الآية 48
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن ثابت قال :
نزلت الشديدة بعد الهينة بستة أشهر قوله ومن يقتل مؤمنا متعمدا بعد قوله والذين لا
يدعون مع الله إلها آخر الفرقان الآية 68 إلى آخر الآية
وأخرج أبو داود وابن جرير والنحاس والطبراني وابن مردويه والبيهقي عن زيد بن ثابت
قال : نزلت الآية التي في سورة النساء بعد الآيات التي في سورة الفرقان بستة أشهر
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : لما نزلت هذه الآية في الفرقان
والذين لا يدعون مع الله إلها آخر
الفرقان الآية 78 الآية
عجبنا للينها فلبثنا سبعة أشهر ثم نزلت التي في النساء ومن يقتل مؤمنا متعمدا
الآية
(2/625)
وأخرج
عبد الرزاق عن الضحاك قال : بينهما ثماني سنين التي في النساء بعد التي في الفرقان
وأخرج سمويه في فوائده عن زيد بن ثابت قال : نزلت هذه التي في النساء بعد قوله
ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء النساء الآية 48 بأربعة أشهر
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : أكبر الكبائر الإشراك بالله وقتل النفس التي حرم
الله لأن الله يقول فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا
عظيما
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس قال : هما المبهمتان : الشرك والقتل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن مسعود في قوله ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه
جهنم قال : هي محكمة ولا تزداد إلا شدة
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن كردم أن أبا هريرة وابن عباس وابن عمر سئلوا
عن الرجل يقتل مؤمنا متعمدا ؟ فقالوا : هل تستطيع أن لا تموت هل تستطيع أن تبتغي
نفقا في الأرض أو سلما في السماء ؟ أو تحييه
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن ميناء قال : كنت جالسا
بجنب أبي هريرة إذ أتاه رجل فسأله عن قاتل المؤمن هل له من توبة ؟ فقال : والذي لا
إله إلا هو لا يدخل الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط
وأخرج ابن المنذر من طريق أبي رزين عن ابن عباس قال : هي مبهمة لا يعلم له توبة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك قال : ليس لمن قتل مؤمنا توبة لم ينسخها
شيء
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سعيد بن ميناء قال : كان بين صاحب لي وبين رجل
من أهل السوق لجاجة فأخذ صاحبي كرسيا فضرب به رأس الرجل فقتله وندم وقال : إني
سأخرج من مالي ثم أنطلق فأجعل نفسي حبيسا في سبيل الله
قلت : انطلق بنا إلى ابن عمر نسأله هل لك من توبة ؟ فانطلقا حتى دخلنا عليه فقصصت
عليه القصة على ما كانت قلت : هل ترى له من توبة ؟ قال : كل
(2/626)
واشرب
أف قم عني
قلت : يزعم أنه لم يرد قتله ؟ قال : كذب يعمد أحدكم إلى الخشبة فيضرب بها رأس
الرجل المسلم ثم يقول : لم أرد قتله كذب كل واشرب ما استطعت أف قم عني
فلم يزدنا على ذلك حتى قمنا
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود قال : قتل المؤمن معقلة
وأخرج البخاري عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا
يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما "
وأخرج أحمد والنسائي وابن المنذر عن معاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : " كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافرا أو الرجل يقتل مؤمنا
متعمدا "
وأخرج ابن المنذر عن أبي الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا من مات مشركا أو من قتل مؤمنا متعمدا "
وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
من أعان في قتل مسلم بشطر كلمة يلقى الله يوم يلقاه مكتوب على جبهته آيس من رحمة
الله "
وأخرج ابن عدي والبيهقي في البعث عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من أعان على دم امرىء مسلم بشطر كلمة كتب بين عينيه يوم القيامة :
آيس من رحمة الله "
وأخرج ابن المنذر عن أبي عون قال : إذا سمعت في القرآن خلودا فلا توبة له
واخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
نازلت ربي في قاتل المؤمن في أن يجعل له توبة فأبى علي "
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وأبو القاسم بن بشران في أماليه بسند ضعيف عن أبي
هريرة " عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه
جهنم قال : هو جزاؤه إن جازاه "
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس أنه كان يقول : جزاؤه جهنم إن
جازاه يعني للمؤمن وليس للكافر فإن شاء عفا عن المؤمن وإن شاء عاقب
وأخرج ابن المنذر من طريق عاصم بن أبي النجود عن ابن عباس في قوله فجزاؤه جهنم قال
: هي جزاؤه إن شاء عذبه وإن شاء غفر له
(2/627)
وأخرج
سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث عن أبي مجلز
في قوله فجزاؤه جهنم قال : هي جزاؤه فإن شاء الله أن يتجاوز عن جزائه فعل
وأخرج ابن المنذر عن عون بن عبد الله في قوله فجزاؤه جهنم قال : إن هو جازاه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي صالح
مثله
وأخرج ابن المنذر عن إسماعيل بن ثوبان قال : جالست الناس قبل الداء الأعظم في
المسجد الأكبر فسمعتهم يقولون ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم إلى عذابا عظيما
قال المهاجرون والأنصار : وجبت لمن فعل هذا النار حتى نزلت إن الله لا يغفر أن
يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء النساء الآية 48 فقال المهاجرون والأنصار : ما
شاء يصنع الله ما شاء فسكت عنهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في البعث عن هشام بن حسان قال : كنا عند محمد
بن سيرين فقال له رجل ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم حتى ختم الآية فغضب محمد
وقال : أين أنت عن هذه الآية إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن
يشاء قم عني اخرج عني قال : فأخرج
وأخرج القتبي والبيهقي في البعث عن قريش بن أنس قال : سمعت عمرو بن عبيد يقول :
يؤتى بي يوم القيامة فأقام بين يدي الله قيقول لي لم قلت إن القاتل في النار ؟
فأقول أنت قلته ثم تلا هذه الآية ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم قلت له : وما
في البيت أصغر مني أرأيت إن قال لك فإني قد قلت إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر
ما دون ذلك لمن يشاء من أين علمت أني لا أشاء أن أغفر قال : فما استطاع أن يرد علي
شيئا
واخرج عبد بن حميد عن أبي إسحاق قال أتى رجل عمر فقال لقاتل المؤمن توبة قال : نعم
ثم قرأ حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قاتل المؤمن قال : كان يقال : له توبة
إذا ندم
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة
مثله
(2/628)
وأخرج
سعيد بن منصور وابن المنذر عن كردم عن ابن عباس قال : أتاه رجل فقال : ملأت حوضي
أنتطر طميتي ترد علي فلم أستيقظ إلا ورجل أشرع ناقته فتلم الحوض وسال الماء فقمت
فزعا فضربته بالسيف فقتلته فقال : ليس هذا مثل الذي قال فأمره بالتوبة
قال سفيان : كان أهل العلم إذا سئلوا ؟ قالوا : لا توبة له
فإذا ابتلى به رجل قالوا : كذبت
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عبد الله بن جعفر قال : كفارة القتل القتل
وأخرج عبد بن حميد والنحاس عن سعد بن عبيدة أن ابن عباس كان يقول : لمن قتل مؤمنا
توبة
قال : فجاءه رجل فسأله ألمن قتل مؤمنا توبة ؟ قال : لا إلا النار
فلما قام الرجل قال له جلساؤه : ما كنت هكذا تفتينا كنت تفتينا أن لمن قتل مؤمنا
توبة مقبولة فما شأن هذا اليوم ؟ قال : إني أظنه رجل يغضب يريد أن يقتل مؤمنا
فبعثوا في أثره فوجدوه كذلك
وأخرج النحاس عن نافع وسالم أن رجلا سأل عبد الله بن عمر كيف ترى في رجل قتل قتل
رجلا عمدا ؟ قال : أنت قتلته ؟ قال : نعم
قال : تب إلى الله يتب عليك
وأخرج عبد بن حميد عن زيد بن أسلم قال : ليس للقاتل توبة إلا أن يقاد منه أو يعفى
عنه أو تؤخذ منه الدية
وأخرج عبد بن حميد عن سفيان قال : بلغنا أن الذي يقتل متعمدا فكفارته أن يقيد من
نفسه أو أن يعفى عنه أو تؤخذ منه الدية فإن فعل به ذلك رجونا أن تكون كفارته
ويستغفر ربه فإن لم يفعل من ذلك شيئا فهو في مشيئة الله إن شاء غفر له وإن شاء لم
يغفر له فقال سفيان : فإذا جاءك من لم يقتل فشدد عليه ولا ترخص له لكي يفرض وإن
كان ممن قتل فسألك فأخبره لعله يتوب ولا تؤيسه
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال : لأن أتوب من الشرك أحب إلي من أتوب من قتل
المؤمن
وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من لقي
الله لا يشرك به شيئا وأدى زكاة ماله طيبة بها نفسه محتبسا وسمع وأطاع فله الجنة
وخمس ليس لهن كفارة : الشرك بالله وقتل النفس بغير حق وبهت مؤمن والفرار من الزحف
ويمين صابرة تقتطع بها مالا بغير حق "
(2/629)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : إن الرجل ليقتل يوم القيامة ألف قتلة
قال أبو زرعة : بضروب ما قتل
وأخرج ابن شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن مسعود قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " والله للدينا وما فيها أهون على الله من
قتل مسلم بغير حق "
وأخرج النسائي والنحاس عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " لزوال الدينا أهون على الله من قتل رجل مسلم "
وأخرج ابن المنذر عن ابن عمرو قال : قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدينا
"
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" والذي نفسي بيده لقتل مؤمن أعظم عند الله من زوال الدينا "
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الشعب عن بريدة عن النبي الله صلى الله عليه و سلم قال
: " لقتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا "
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن مسعود قال : لا يزل ؟
الرجل في فسحة من دينه ما نقيت كفه من الدم فإذا أغمس يده في الدم الحرام نزع
حياؤه
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: " يجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول : يا رب هذا قتلني
قال : لم قتلته ؟ فيقول لتكون العزة لك
فيقول : فإنها لي
ويجيء الرجل آخذا بيد الرجل فيقول : يا رب قتلني هذا
فيقول الله : لم قتلت هذا ؟ فيقول : قتلته لتكون العزة لفلان
فيقول : إنها ليست له بؤ بإثمه "
وأخرجه ابن أبي شيبة عن عمرو بن شرحبيل
موقوفا
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء قال : يجلس المقتول يوم القيامة فإذا مر الذي قتله
قام فأخذه فينطلق فيقول : يا رب سله لم قتلني ؟ فيقول : فيم قتلته ؟ فيقول : أمرني
فلان فيعذب القاتل والآمر
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن أبي سعيد وأبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " لو أن أهل السماء وأهل الأرض اشتركوا في دم مؤمن لأكبهم الله جميعا
في النار "
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الشعب والأصبهاني في الترغيب عن البراء ابن
(2/630)
عازب
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لزوال الدينا وما فيها أهون عند الله
من قتل مؤمن ولو أن أهل سماواته وأهل أرضه اشتركوا في دم مؤمن لأدخلهم الله النار
"
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : " قتل بالمدينة قتيل على عهد
النبي صلى الله عليه و سلم لم يعلم من قتله فصعد النبي صلى الله عليه و سلم المنبر
فقال : أيها الناس قتل قتيل وأنا فيكم ولا نعلم من قتله ولو اجتمع أهل السماء
والأرض على قتل امرىء لعذبهم الله إلا أن يفعل ما يشاء "
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن جندب البجلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين الجنة ملء كف من دم امرىء مسلم
أن يهرقه كلما تعرض لباب من أبواب الجنة حال بينه وبينه "
وأخرج الأصبهاني عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لا
يزال المؤمن معنقا صالحا ما لم يصب دما فإذا أصاب دما حراما بلح "
وأخرج الأصبهاني عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لو
أن الثقلين اجتمعوا على قتل مؤمن لأكبهم الله على مناخرهم في النار وإن الله حرم
الجنة على القاتل والآمر "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن رجل من الصحابة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " قسمت النار سبعين جزءا
للآمر تسعة وستين وللقاتل جزءا "
وأخرج البيهقي عن محمد بن عجلان قال : كنت بالإسكندرية فحضرت رجلا الوفاة لم نر من
خلق الله أحدا كان أخشى لله منه فكنا نلقنه فيقبل كلما لقناه من سبحان الله والحمد
لله فإذا جاءت لا إله إلا الله أبى فقلنا له : ما رأينا من خلق الله أحدا كان أخشى
لله منك فنلقنك فتلقن حتى إذا جاءت لا إله إلا الله أبيت ؟ ! قال : إنه حيل بيني
وبينها وذلك أني قتلت نفسا في شبيبتي
وأخرج ابن ماحه وابن مردويه والبيهقي عن عقبة بن عامر سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : " ما من عبد يلقى الله لا يشرك به شيئا لم يتند بدم حرام
إلا أدخل الجنة من أي أبواب الجنة شاء "
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن مسلم أخي الزهري قال : كنت جالسا عند سالم بن عبد
الله في نفر من أهل المدينة فقال رجل : ضرب الأمير آنفا رجلا أسواطا فمات
فقال سالم : عاب الله على موسى عليه السلام في نفس كافر قتلها
(2/631)
وأخرج
البيهقي عن شهر بن حوشب أن أعرابيا أتى أبا ذر فقال : إنه قتل حاج بيت الله ظالما
فهل له من مخرج ؟ فقال له أبو ذر : ويحك
! أحي والداك ؟ قال : لا
قال : فأحدهما ؟ قال : لا
قال : لو كانا حيين أو أحدهما لرجوت لك وما أجد لك مخرجا إلا في إحدى ثلاث قال :
وما هن ؟ قال : هل تستطيع أن تحييه كما قتلته ؟ قال : لا والله ! قال : فهل تستطيع
أن لا تموت ؟ قال : لا والله ما من الموت بد فما الثالثة ؟ قال : هل تستطيع أن
تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء ؟ فقام الرجل وله صراخ فلقيه أبو هريرة
فسأله فقال : ويحك
! حيان والداك ؟ قال : لا
قال : لو كانا حيين أو أحدهما لرجوت لك ولكن اغز في سبيل الله وتعرض للشهادة فعسى
الآية 94
أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري والنسائي وابن المنذر وابن
أبي حاتم عن ابن عباس قال : لحق ناس من المسلمين رجلا معه غنيمة له فقال : السلام
عليكم
فقتلوه وأخذوا غنيمته فنزلت يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا
إلى قوله عرض الحياة الدينا قال : تلك الغنيمة
قال : قرأ ابن عباس السلام
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني والترمذي وحسنه وعبد بن حميد وصححه وابن جرير
وابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : " مر رجل من بني سليم بنفر من
أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم وهو يسوق غنما له فسلم عليهم فقالوا : ما سلم
علينا إلا ليتعوذ منا فعمدوا له فقتلوه وأتوا بغنمه النبي صلى الله عليه و سلم
فنزلت الآية يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم
الآية "
(2/632)
وأخرج
ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد وابن جرير والطبراني وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو
نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي قال : "
بعثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أضم فخرجت في نفر من المسلمين فيهم الحرث
بن ربعي أبو قتادة ومحلم بن جثامة بن قيس الليثي فخرجنا حتى إذا كنا ببطن أضم مر
بنا عامر بن الأضبط الأشجعي على قعود له معه متيع له وقطب من لبن فلما مر بنا سلم
علينا بتحية الإسلام فأمسكنا عنه وحمل عليه محلم بن جثامة لشيء كان بينه وبينه فقتله
وأخذ بعيره ومتاعه فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه و سلم وأخبرناه الخبر
نزل فينا القرآن يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا
الآية "
وأخرج ابن إسحاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبغوي في
معجمه من طريق يزيد بن عبد الله بن قسيط عن أبي حدرد الأسلمي عن أبيه نحوه وفيه
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " أقتلته بعدما قال : آمنت بالله ؟ ! فنزل
القرآن "
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : " بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم محلم
بن جثامة مبعثا فلقيهم عامر بن الأضبط فحياهم بتحية الإسلام وكانت بينهم إحنة في
الجاهلية فرماه محلم بسهم فقتله فجاء الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
فجاء محلم في بردين فجلس بين يدي النبي صلى الله عليه و سلم ليستغفر له فقال : لا
غفر الله لك
فقام وهو يتلقى دموعه ببرديه فما مضت به ساعة حتى مات ودفنوه فلفظته الأرض فجاؤوا
النبي صلى الله عليه و سلم فذكروا ذلك له فقال : إن الأرض تقبل من هو شر من صاحبكم
ولكن الله أراد أن يعظكم ثم طرحوه في جبل وألقوا عليه الحجارة فنزلت يا أيها الذين
آمنوا إذا ضربتم
الآية "
واخرج البزار والدارقطني في الإفراد والطبراني عن ابن عباس قال : " بعث رسول
الله صلى الله عليه و سلم سرية فيها المقداد بن الأسود فلما أتوا القوم وجدوهم قد
تفرقوا وبقي رجل له مال كثير لم يبرح فقال : أشهد أن لا إله إلا الله
فأهوى إليه المقداد فقتله
فقال له رجل من أصحابه : أقتلت رجلا شهد أن لا إله إلا الله ؟ ! والله لأذكرن ذلك
للنبي صلى الله عليه و سلم فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا :
يا رسول الله إن رجلا شهد أن لا إله إلا الله فقتله المقداد
فقال : ادعوا إلي المقداد فقال : يا مقداد أقتلت
(2/633)
رجلا
يقول لا إله إلا الله فكيف لك بلا إله إلا الله غدا ؟ فأنزل الله يا أيها الذين
آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله إلى قوله كذلك كنتم من قبل قال : فقال رسول الله صلى
الله عليه و سلم للمقداد : كان رجل مؤمن يخفي إيمانه مع قوم كفار فأظهر إيمانه
فقتلته وكذلك كنت تخفي إيمانك بمكة قبل "
وأخرج ابن أبي حاتم عن جابر قال : أنزلت هذه الآية ولا تقولوا لمن ألقى إليكم
السلام في مرداس
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : " كان الرجل يتكلم بالإسلام ويؤمن
بالله والرسول ويكون في قومه فإذا جاءت سرية رسول الله صلى الله عليه و سلم أخبر
بها حيه - يعني قومه - وأقام الرجل لا يخاف المؤمنين من أجل أنه على دينهم حتى
يلقاهم فيلقي إليهم السلام فيقولون : لست مؤمنا وقد ألقى السلم فيقتلونه فقال الله
تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا إلى تبتغون عرض الحياة
الدينا يعني تقتلونه إرادة أن يحل لكم ماله الذي وجدتم معه وذلك عرض الحياة الدينا
فإن عندي مغانم كثيرة والتمسوا من فضل الله
وهو رجل اسمه مرداس خلى قومه هاربين من خيل بعثها رسول الله صلى الله عليه و سلم
عليها رجل من بني ليث اسمه قليب حتى إذا وصلت الخيل سلم عليهم فقتلوه فأمر رسول
الله صلى الله عليه و سلم لأهله بديته ورد إليهم ماله ونهى المؤمنين عن مثل ذلك
"
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في
سبيل الله فتبينوا قال : هذا الحديث في شأن مرداس رجل من غطفان ذكر لنا أن نبي
الله صلى الله عليه و سلم بعث جيشا عليهم غالب الليثي إلى أهل فدك وبه ناس من
غطفان وكان مرداس منهم
ففر أصحابه فقال مرداس : إني مؤمن وعلى متبعكم
فصبحته الخيل غدوة فلما لقوه سلم عليهم مرداس فتلقاه أصحاب النبي صلى الله عليه و
سلم فقتلوه وأخذوا ما كان معه من متاع فأنزل الله في شأنه ولا تقولوا لمن ألقى
إليكم السلام لست مؤمنا لأن تحية المسلمين السلام بها يتعارفون وبها يحيي بعضهم
بعضا
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل
الله
الآية
قال : " بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم سرية عليها أسامة بن زيد إلى بني
ضمرة فلقوا رجلا منهم يدعى مرداس بن نهيك معه غنم له وجمل أحمر فلما
(2/634)
رآهم
أوى إلى كهف جبل واتبعه أسامة فلما بلغ مرداس الكهف وضع فيه غنمه ثم أقبل إليهم
فقال : السلام عليكم أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فشد عليه أسامة
فقتله من أجل جمله وغنيمته وكان النبي صلى الله عليه و سلم إذا بعث أسامة أحب أن
يثني عليه خير ويسأل عنه أصحابه فلما رجعوا لم يسألهم عنه فجعل القوم يحدثون النبي
صلى الله عليه و سلم ويقولون : يا رسول الله لو رأيت أسامة ولقيه رجل فقال الرجل :
لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه و سلم فشد عليه فقتله وهو معرض عنهم
فلما أكثروا عليه رفع رأسه إلى أسامة فقال : كيف أنت ولا إله إلا الله ؟ فقال : يا
رسول الله إنما قالها متعوذا تعوذ بها
فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : هلا شققت عن قلبه فنظرت إليه
! فأنزل الله خبر هذا وأخبر إنما قتله من أجل جمله وغنمه فذلك حين يقول تبتغون عرض
الحياة الدينا فلما بلغ فمن الله عليكم يقول : فتاب الله عليكم فحلف أسامة أن لا
يقاتل رجلا يقول لا إله إلا الله بعد ذلك الرجل وما لقي من رسول الله صلى الله
عليه و سلم فيه "
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن الحسن " أن ناسا من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه و سلم ذهبوا يتطرقون فلقوا أناسا من العدو فحملوا عليهم
فهزموهم فشد رجل منهم فتبعه رجل يريد متاعه فلما غشيه بالسنان قال : إني مسلم إني
مسلم
فأوجره السنان فقتله وأخذ متيعه فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم للقاتل : أقتلته بعد أن قال إني مسلم ؟ ! قال : يا
رسول الله إنما قالها متعوذا
قال : أفلا شققت عن قلبه ؟ قال : لم يا رسول الله ؟ قال : لتعلم أصادق هو أو كاذب
! قال : وكنت عالم ذلك يا رسول الله ؟ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنما
كان يعبر عنه لسانه إنما كان يعبر عنه لسانه
قال : فما لبث القاتل أن مات فحفر له أصحابه فأصبح وقد وضعته الأرض ثم عادوا
فحفروا له فأصبح وقد وضعته الأرض إلى جنب قبره
قال الحسن : فلا أدري كم قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم كم دفناه مرتين
أو ثلاثة كل ذلك لا تقبله الأرض فلما رأينا الأرض لا تقبله أخذنا برجليه فألقيناه
في بعض تلك الشعاب فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا
أهل الإسلام إلى آخر الآية
قال الحسن : أما والله ما ذاك أن تكون الأرض تجن من هو شر منه ولكن وعظ الله القوم
أن لا يعودوا "
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير من طريق معمر عن قتادة في قوله ولا تقولوا
(2/635)
لمن
ألقى إليكم السلام لست مؤمنا قال : " بلغني أن رجلا من المسلمين أغار على رجل
من المشركين فحمل عليه فقال له المشرك : إني مسلم أشهد أن لا إله إلا الله فقتله
المسلم بعد أن قالها فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم فقال للذي قتله : أقتلته
وقد قال لا إله إلا الله ؟ ! فقال وهو يعتذر : يا نبي الله إنما قال متعوذا وليس
كذلك
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : فهلا شققت عن قلبه ! ثم مات قاتل الرجل فقبر
فلفظته الأرض فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فأمرهم أن يقبروه ثم لفظته حتى
فعل ذلك به ثلاث مرات فقال النبي صلى الله عليه و سلم : إن الأرض أبت أن تقبله
فألقوه في غار من الغيران
قال معمر : وقال بعضهم : إن الأرض تقبل من هو شر منه ولكن الله جعله لكم عبرة
"
وأخرج ابن جرير من طريق أبي الضحى عن مسروق أن قوما من المسلمين لقوا رجلا من
المشركين ومعه غنيمة له فقال : السلام عليكم إني مؤمن
فظنواأنه يتعوذ بذلك فقتلوه وأخذوا عنيمته فأنزل الله ولا تقولوا لمن ألقى إليكم
السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدينا تلك الغنيمة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن سعيد بن جبير قال : " خرج المقداد بن الأسود
في سرية بعثه رسول الله صلى الله عليه و سلم فمروا برجل فيه ؟ غنيمة له فقال : إني
مسالم
فقتله ابن الأسود فلما قدموا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فنزلت هذه الآية
ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدينا قال :
الغنيمة "
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : نزل ذلك في رجل قتله أبو الدرداء فذكر من قصة أبي
الدرداء نحو القصة التي ذكرت عن أسامة بن زيد ونزل القرآن وما كان لمؤمن أن يقتل
مؤمنا إلا خطأ فقرأ
حتى بلغ إلى قوله إن الله كان بما تعلمون خبيرا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام
لست مؤمنا قال : راعي غنم لقيه نفر من المؤمنين فقتلوه وأخذوا ما معه ولم يقبلوا
منه السلام عليكم إني مؤمن
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ولا تقولوا لمن
ألقى إليكم السلام لست مؤمنا قال : حرم الله على المؤمنين أن يقولوا لمن يشهد
(2/636)
أن
لا إله إلا الله لست مؤمنا كما حرم عليهم الميتة فهو آمن على ماله ودمه فلا تردوا
عليه قوله
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن أبي رجاء والحسن أنهما كانا يقرآن " ولا
تقولوا لمن ألقى إليكم السلم " بكسر السين
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن مجاهد وأبي عبد الرحمن السلمي أنهما كانا
يقرآن لمن ألقى إليكم السلام
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن سعيد بن جبير في قوله كذلك كنتم من قبل قال : تستخفون بإيمانكم كما استخفى هذا
الراعي بإيمانه
وفي لفظ : تكتمون إيمانكم من المشركين فمن الله عليكم فأظهر الإسلام فأعلنتم
إيمانكم فتبينوا قال : وعيد من الله مرتين
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة كذلك كنتم من قبل قال : كنتم كفارا حتى من الله عليكم
بالإسلام وهداكم له
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مسروق كذلك كنتم من قبل لم تكونوا مؤمنين
وأخرج عبد بن حميد عن النعمان بن سالم أنه كان يقول : نزلت في رجل من هذيل
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ فتبينوا بالياء
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن أسامة قال : بعثنا رسول
الله صلى الله عليه و سلم في سرية فصبحنا الحرقات من جهينة فأدركت رجلا فقال : لا
إله إلا الله فطعنته فوقع في نفسي من ذلك فذكرته للنبي صلى الله عليه و سلم فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " قال لا إله إلا الله وقتلته ؟ ! قلت : يا
رسول الله إنما قالها فرقا من السلاح
قال : ألا شققت عن قلبه حتى تعلم قالها أم لا
! فما زال يكررها علي حتى تمنيت أني أسلمت يؤمئذ "
وأخرج ابن سعد عن جعفر بن برقان قال : حدثنا الحضرمي رجل من أهل اليمامة قال :
" بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث أسامة بن زيد على جيش
قال أسامة : فأتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فجعلت أحدثه فقلت : فلما انهزم
القوم أدركت رجلا
(2/637)
فأهويت
إليه بالرمح فقال : لا إله إلا الله فطعنته فقتلته
فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال : ويحك يا أسامة
! فكيف لك بلا إله إلا الله ؟ ويحك يا أسامة
! فكيف لك بلا إله إلا الله ؟ فلم يزل يرددها علي حتى لوددت أني انسلخت من كل عمل
عملته واستقبلت الإسلام يومئذ جديدا فلا والله ؟ أقاتل أحدا قال لا إله إلا الله
بعدما سمعت من رسول الله صلى الله عليه و سلم "
وأخرج ابن سعد عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : قال أسامة بن زيد : لا أقاتل رجلا
يقول لا إله إلا الله أبدا
فقال سعد بن مالك : وأنا - والله - لا أقاتل رجلا يقول لا إله إلا الله أبدا
فقال لهما رجل : ألم يقل الله وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله
البقرة الآية 193 فقالا : قد قاتلنا حتى لم تكن فتنة وكان الدين كله لله
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي عن عقبة بن مالك الليثي قال : "
بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم سرية فغارت علىوقم ؟ فأتبعه رجل من السرية
شاهرا فقال الشاذ من القوم : إني مسلم فلم ينظر فيما قال فضربه فقتله فنمي الحديث
إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال فيه قولا شديدا فبلغ القاتل
فبينا رسول الله صلى الله عليه و سلم يخطب إذ قال القاتل : والله ما قال الذي قال
إلا تعوذا من القتل
فأعرض رسول الله صلى الله عليه و سلم عنه وعمن قبله من الناس وأخذ في خطبته ثم قال
أيضا : يا رسول الله ما قال الذي قال إلا تعوذا من القتل
فأعرض عنه وعمن قبله من الناس وأخذ في خطبته ثم لم يصبر فقال الثالثة : والله يا
رسول الله ما قال الذي قال إلا تعوذا من القتل
فأقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم تعرف المساءة في وجهه فقال : إن الله أبى علي
لمن قتل مؤمنا ثلاث مرارا "
وأخرج الشافعي وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي في
الأسماء والصفات عن المقداد بن الأسود قال : قلت : " يا رسول الله أرأيت إن
اختلفت أنا ورجل من المشركين بضربتين فقطع يدي فلما علوته بالسيف قال : لا إله إلا
الله أضربه أم أدعه ؟ قال : بل دعه
قلت : قطع يدي ! قال : إن ضربته بعد أن قالها فهو مثلك قبل أن تقتله وأنت مثله قبل
أن يقولها "
(2/638)
وأخرج
الطبراني عن جندب البجلي قال : " إني لعند رسول الله صلى الله عليه و سلم حين
جاءه بشير من سريته فأخبره بالنصر الذي نصر الله سريته وبفتح الله الذي فتح لهم
قال : يا رسول الله بينا نحن نطلب القوم وقد هزمهم الله تعالى إذ لحقت رجلا بالسيف
فلما خشي أن السيف واقعه وهو يسعى ويقول : إني مسلم إني مسلم
قال : فقتلته
؟ فقال : يا رسول الله إنما تعوذ
فقال : فهلا شققت عن قلبه فنظرت أصادق هو أم كاذب ؟ ! فقال : لو شققت عن قلبه ما
كان علمي هل قلبه إلا مضغة من لحم ! قال : لا ما في قلبه تعلم ولا لسانه صدقت قال
: يا رسول الله استغفر لي
قال : لا أستغفر لك
فمات ذلك الرجل فدفنوه فأصبح على وجه الأرض ثم دفنوه فأصبح على وجه الأرض ثلاث
مرات فلما رأوا ذلك استحيوا وخزوا مما لقي فاحتملوه فألقوه في شعب من تلك الشعاب
الآيتان 95 - 96
أخرج ابن سعد وعبد بن حميد والبخاري والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
وابن الأنباري في المصاحف والبغوي في معجمه والبيهقي في سننه عن البراء بن عازب
قال : لما نزلت لا يستوي القاعدون من المؤمنين قال النبي صلى الله عليه و سلم :
" ادع فلانا
وفي لفظ : ادع زيدا فجاء ومعه الدواة واللوح والكتف فقال : اكتب لا يستوي القاعدون
من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله وخلف النبي صلى الله عليه و سلم ابن أم مكتوم
فقال : يا رسول الله إني ضرير ؟ ! فنزلت مكانها لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير
أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله "
وأخرج ابن سعد وأحمد وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود والترمذي وابن جرير وابن المنذر
وأبو نعيم في الدلائل والبيهقي من طريق ابن شهاب قال : " حدثني سهل بن سعد
الساعدي أن مروان بن الحكم أخبره : أن زيد بن ثابت أخبره : أن رسول
(2/639)
الله
صلى الله عليه و سلم أملى عليه لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل
الله فجاء ابن أم مكتوم وهو يمليها علي فقال : يا رسول الله لو أستطيع الجهاد
لجاهدت - وكان أعمى - فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه و سلم وفخذه على فخذي
فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي ثم سري عنه فأنزل الله غير أولي الضرر قال الترمذي
: هذا حديث حسن صحيح قال : وفي هذا الحديث رواية رجل من الصحابة وهو سهل بن سعد عن
رجل من التابعين وهو مروان بن الحكم لم يسمع من النبي صلى الله عليه و سلم "
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وأحمد وأبو داوود وابن المنذر وابن الأنباري
والطبراني والحاكم وصححه من طريق خارجة بن زيد بن ثابت عن زيد بن ثابت قال : "
كنت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه و سلم فغشيته السكينة فوقعت فخذ رسول الله
صلى الله عليه و سلم على فخذي فما وجدت ثقل شيء أثقل من فخذ رسول الله صلى الله
عليه و سلم ثم سري عنه : فقال : اكتب
فكتبت في كتف لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله إلى آخر
الآية
فقال ابن أم مكتوم - وكان رجلا أعمى - لما سمع فضل المجاهدين : يا رسول الله فكيف
بمن لا يستطيع الجهاد من المؤمنين ؟ فلما قضى كلامه غشيت رسول الله صلى الله عليه
و سلم السكينة فوقعت فخذه على فخذي فوجدت ثقلها في المرة الثانية كما وجدت في المرة
الأولى ثم سري عن رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : اقرأ يا زيد
فقرأت لا يستوي القاعدون من المؤمنين فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اكتب
غير أولي الضرر
الآية
قال زيد : أنزلها الله وحدها فألحقتها والذي نفسي بيده لكأني أنظر إلى ملحقها عند
صدع في كتف "
وأخرج ابن فهر في كتاب الفضائل مالك وابن عساكر من طريق عبد الله بن رافع قال :
قدم هارون الرشيد المدينة فوجه البرمكي إلى مالك وقال له : احمل إلي الكتاب الذي
صنفته حتى أسمعه منك
فقال للبرمكي : أقرئه السلام وقل له : إن العلم يزار ولا يزور وإن العلم يؤتى ولا
يأتي
فرجع البرمكي إلى هارون فقال له : يا أمير المؤمنين يبلغ أهل العراق أنك وجهت إلى
مالك فخالفك اعزم عليه حتى يأتيك فإذا بمالك قد دخل وليس معه كتاب وأتاه مسلما
فقال : يا أمير المؤمنين إن الله جعلك في هذا الموضع لعلمك فلا تكن أنت أول من يضع
العلم فيضعك الله ولقد رأيت من ليس في حسبك ولا بيتك يعز هذا العلم ويجله فأنت
أحرى أن
(2/640)
تعز
وتجل علم ابن عمك ولم يزل يعدد عليه من ذلك حتى بكى هارون ثم قال أخبرني الزهري عن
خارجة بن زيد قال : قال زيد بن ثابت : " كنت أكتب بيد يدي النبي صلى الله
عليه و سلم في كتف لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون وابن أم مكتوم عند
النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله قد أنزل الله في فضل الجهاد ما
أنزل وأنا رجل ضرير فهل لي من رخصة ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا
أدري
قال زيد بن ثابت : وقلمي رطب ما جف حتى غشي النبي صلى الله عليه و سلم الوحي ووقع
فخذه على فخذي حتى كادت تدق من ثقل الوحي ثم جلى عنه فقال لي : اكتب يا زيد غير
أولي الضرر فيا أمير المؤمنين حرف واحد بعث به جبريل والملائكة عليهم السلام من
مسيرة خمسين ألف عام حتى أنزل على نبيه صلى الله عليه و سلم فلا ينبغي لي أن أعزه
وأجله
؟ ! "
وأخرج الترمذي وحسنه النسائي وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه من طريق مقسم
عن ابن عباس " أنه قال لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر عن بدر
والخارجين إلى بدر لما نزلت غزوة بدر قال عبد الله بن جحش وابن أم مكتوم : إنا
أعميان يا رسول الله فهل لنا رخصة ؟ فنزلت لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي
الضرر وفضل الله المجاهدين على القاعدين درجة فهولاء القاعدون غير أولي الضرر فضل
الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه على القاعدين من المؤمنين غير
أولي الضرر "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من
طريق مقسم عن ابن عباس أنه قال لا يستوي القاعدون من المؤمنين عن بدر والخارجين
إليها
وأخرج ابن جرير والطبراني في الكبير بسند رجاله ثقات عن زيد بن أرقم قال : "
لما نزلت لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله جاء ابن أم مكتوم
فقال : يا رسول الله أما لي من رخصة ؟ قال : لا
قال : اللهم إني ضرير فرخص لي
فأنزل الله غير أولي الضرر فأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بكتابتها "
وأخرج عبد بن حميد والبزار وأبو يعلى وابن حبان والطبراني عن الفلتان ابن عاصم قال
: " كنا عند النبي صلى الله عليه و سلم فأنزل عليه وكان إذا أنزل عليه دام
بصره مفتوحة عيناه وفرغ سمعه وقلبه لما يأتيه من الله قال : فكنا نعرف ذلك منه
(2/641)
فقال
للكاتب : اكتب لا يستوي القاعدون والمجاهدون في سبيل الله فقام الأعمى فقال : يا
رسول الله ما ذنبنا ؟ فأنزل الله فقلنا للأعمى : إنه ينزل على النبي صلى الله عليه
و سلم فخاف أن يكون ينزل عليه شيء في أمره فبقي قائما يقول : أعوذ بغضب رسول الله
فقال للكاتب : اكتب غير أولي الضرر "
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس لا يستوي القاعدون من المؤمنين
والمجاهدون في سبيل الله فسمع بذلك عبد الله بن أم مكتوم الأعمى فأتى رسول الله
صلى الله عليه و سلم فقال : " يا رسول الله قد أنزل الله في الجهاد ما قد
علمت وأنا رجل ضرير البصر لا أستطيع الجهاد فهل لي من رخصة عند الله إن قعدت ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما أمرت في شأنك بشيء وما أدري هل يكون لك
ولأصحابك من رخصة
فقال ابن أم مكتوم : اللهم إني أنشدك بصري
فأنزل الله لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر
وأخرج عبد بن حميد والطبراني والبيهقي من طريق أبي نضرة عن ابن عباس في الآية قال
: نزلت في قوم كانت تشغلهم أمراض وأوجاع فأنزل الله عذرهم من السماء
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن أنس بن مالك قال : نزلت هذه الآية في ابن أم
مكتوم غير أولي الضرر لقد رأيته في بعض مشاهد المسلمين معه اللواء
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير عن عبد الله بن شداد قال : " لما
نزلت هذه الآية لا يستوي القاعدون من المؤمنين قام ابن أم مكتوم فقال : يا رسول
الله إني ضرير كما ترى ؟ فأنزل الله غير أولي الضرر "
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : " ذكر لنا أنه لما نزلت هذه الآية قال عبد
الله بن أم مكتوم : يا نبي الله عذري ؟ فأنزل الله غير أولي الضرر "
وأخرج ابن جرير عن سعيد قال : " نزلت لا يستوي القاعدون من المؤمنين
والمجاهدين في سبيل الله فقال رجل أعمى : يا نبي الله فإني أحب الجهاد ولا أستطيع
أن أجاهد
فنزلت غير أولي الضرر "
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : " لما نزلت هذه الآية قال ابن أم مكتوم : يا
رسول الله إني أعمى ولا أطيق الجهاد
فأنزل الله فيه غير أولي الضرر "
(2/642)
وأخرج
ابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير من طريق زياد بن فياض عن أبي عبد الرحمن قال : لما
نزلت لا يستوي القاعدون قال عمرو بن أم مكتوم : يا رب ابتليتني فكيف أصنع ؟ فنزلت
غير أولي الضرر
وأخرج ابن سعد وابن المنذر من طريق ثابت عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى قال : لما
نزلت لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله قال ابن أم مكتوم :
أي رب أين عذري أي رب أين عذري ؟ فنزلت غير أولي الضرر فوضعت بينها وبين الأخرى
فكان بعد ذلك يغزو ويقول : ادفعوا إلي اللواء وأقيموني بين الصفين فإني لن أفر
وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال : نزلت في ابن أم مكتوم أربع آيات لا يستوي
القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر ونزل فيه ليس على الأعمى حرج النور الآية 61
ونزل فيه فإنها لا تعمى الأبصار
الحج الآية 16 الآية
ونزل فيه عبس وتولى عبس الآية 1 فدعا به النبي صلى الله عليه و سلم فأدناه وقربه
وقال : " أنت الذي عاتبني فيك ربي "
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : لا يستوي في الفضل القاعد عن العدو
والمجاهد درجة يعني فضيلة وكلا يعني المجاهد والقاعد المعذور وفضل الله المجاهدين
على القاعدين الذين لا عذر لهم أجرا عظيما درجات يعني فضائل وكان الله غفورا رحيما
بفضل سبعين درجة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله غير
أولي الضرر قال : أهل العذر
واخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله فضل الله المجاهدين
بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة قال : على أهل الضرر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة وكلا وعد الله الحسنى أي الجنة
والله يؤتي كل ذي فضل فضله
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات
منه ومغفرة قال علىالقاعدين من المؤمنين غير أولي الضرر
(2/643)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة درجات منه ومغفرة ورحمة قال : كان
يقال : الإسلام درجة والهجرة درجة في الإسلام والجهاد في الهجرة درجة والقتل في
الجهاد درجة
وأخرج ابن جرير عن ابن وهب قال : سألت ابن زيد عن قول الله تعالى وفضل الله
المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما درجات منه الدرجات هي السبع لتي ذكرها في سورة
براءة ما كان لأهل المدينة ومن حولهم أن يتخلفوا عن رسول الله ولا يرغبوا بأنفسهم
عن نفسه ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب فقرأ حتى بلغ أحسن ما كانوا يعملون
التوبة الآية 120 - 121 قال : هذه السبع درجات ؟ قال : كان أول شيء فكانت درجة
الجهاد مجملة فكان الذي جاهد بماله له اسم في هذه فلما جاءت هذه الدرجات بالتفضيل
أخرج منها ولم يكن له منها إلا النفقة فقرأ لا يصيبهم ظمأ ولا نصب التوبة الآية
120 وقال : ليس هذا لصاحب النفقة ثم قرأ ولا ينفقون نفقة قال : وهذه نفقة القاعد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن محيريز في قوله وفضل
الله المجاهدين علىالقاعدين أجرا عظيما درجات قال : الدرجات سبعون درجة ما بين
الدرجتين عدو الجواد المضمر سبعون سنة
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن أبي محلز في قوله وفضل الله المجاهدين على القاعدين
أجرا عظيما درجات قال : بلغني أنها سبعون درجة بين كل درجتين سبعون عاما للجواد
المضمر
وأخرج ابن المنذر عن قتادة في قوله درجات منه ومغفرة ورحمة قال : ذكر لنا أن معاذ
بن جبل كان يقول : إن للقتيل في سبيل الله ست خصال من خير : أول دفعة من دمه يكفر
بها عنه ذنوبه ويحلى عليه حلة الإيمان ثم يفوز من العذاب ثم يأمن من الفزع الأكبر
ثم يسكن الجنة ويزوج من الحور العين
وأخرج البخاري والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : " إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيل الله
ما بين
(2/644)
الدرجتين
كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى
الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة "
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله كل
درجتين بينهما كما بين السماء والأرض "
وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي والحاكم عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : " من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا وجبت له الجنة
عجب لها أبو سعيد فقال : أعدها علي يا رسول الله
فأعادها عليه ثم قال : وأخرى يرفع الله بها العبد مائة درجة في الجنة ما بين كل
درجتين كما بين السماء والأرض
قال : وما هي يا رسول الله ؟ قال : الجهاد في سبيل الله "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من بلغ بسهم في سبيل الله فله درجة
فقال رجل : يا رسول الله وما الدرجة ؟ قال : أما أنها ليست بعتبة أمك ما بين
الدرجتين مائة عام "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : " الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين منها كما بين السماء والأرض
"
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي مالك قال : كان يقال : الجنة مائة درجة بين كل
درجتين كما بين السماء إلى الأرض فيهن الياقوت والخيل في كل درجة أمير يرون له
الفضل والسؤدد
الآيات 97 - 99
(2/645)
أخرج
البخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والطبراني
والبيهقي في سننه عن ابن عباس أن ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد
المشركين على رسول الله صلى الله عليه و سلم فيأتي السهم يرمي به فيصيب أحدهم
فيقتله أو يضرب فيقتل
فأنزل الله إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن
عباس قال : كان قوم من أهل مكة أسلموا وكانوا يستخفون بالإسلام فأخرجهم المشركون
معهم يوم بدر فأصيب بعضهم وقتل بعض فقال المسلمون : قد كان أصحابنا هؤلاء مسلمين
وأكرهوا فاستغفروا لهم فنزلت هذه الآية إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم إلى
آخر الآية
قال فكتب إلى من بقي بمكة من المسلمين بهذه الآية وأنه لا عذر لهم فخرجوا فلحقهم
المشركون فأعطوهم الفتنة فأنزلت فيهم هذه الآية ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا
أوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله العنكبوت الآية 10 إلى آخر الآية
فكتب المسلمون إليهم بذلك فحزنوا وأيسوا من كل خير فنزلت فيهم ثم إن ربك للذين
هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا إن ربك من بعدها لغفور رحيم النحل الآية
110 فكتبوا إليهم بذلك أن الله قد جعل لكم مخرجا فاخرجوا فخرجوا فأدركهم المشركون
فقاتلوهم حتى نجا من نجا وقتل من قتل
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن جرير عن عكرمة في قوله إن الذين توفاهم
الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم إلى قوله وساءت مصيرا قال : نزلت في قيس بن
الفاكه بن المغيرة والحارث بن زمعة بن الأسود وقيس بن الوليد بن المغيرة وأبي
العاص بن منية بن الحجاج وعلي بن أمية بن خلف
قال : لما خرج المشركون من قريش وأتباعهم لمنع أبي سفيان بن حرب وعير قريش من رسول
الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه وأن يطلبوا ما نيل منهم يوم نخلة خرجوا معهم
بشبان كارهين كانوا قد أسلموا واجتمعوا ببدر على غير موعد فقتلوا ببدر كفار ورجعوا
عن الإسلام وهم هؤلاء الذين سميناهم
(2/646)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن محمد بن إسحاق في قوله إن الذين توفاهم
الملائكة قال : هم خمسة فتية من قريش : علي بن أمية وأبو قيس بن الفاكه وزمعة بن
الأسود وأبو العاصي بن منية بن الحجاج
قال : ونسيت الخامس
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في الآية قال : هم قوم تخلفوا بعد
النبي صلى الله عليه و سلم وتركوا أن يخرجوا معه فمن مات منهم قبل أن يلحق بالنبي
صلى الله عليه و سلم ضربت الملائكة وجهه ودبره
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : كان قوم بمكة قد أسلموا فلما هاجر رسول الله صلى
الله عليه و سلم كرهوا أن يهاجروا وخافوا فأنزل الله إن الذين توفاهم الملائكة
ظالمي أنفسهم إلى قوله إلا المستضعفين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال : هم أناس من المنافقين تخلفوا
عن رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة فلم يخرجوا معه إلى المدينة وخرجوا مع
مشركي قريش إلى بدر فأصيبوا يوم بدر فيمن أصيب
فأنزل الله فيهم هذه الآية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : لما أسر العباس وعقيل ونوفل قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " افد نفسك وابن أخيك
قال : يا رسول الله ألم نصل قبلتك ونشهد شهادتك ؟ قال : يا عباس إنكم خاصمتم
فخصمتم ثم تلا عليه هذه الآية ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم
جهنم وساءت مصيرا فيوم نزلت هذه الآية كان من أسلم ولم يهاجر فهو كافر حتى يهاجر
إلا المستضعفين الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا حيلة في المال والسبيل
الطريق
قال ابن عباس : كنت أنا منهم من الولدان "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : حدثت أن هذه الآية أنزلت في
أناس تكلموا بالإسلام من أهل مكة فخرجوا مع عدو الله أبي جهل فقتلوا يوم بدر
فاعتذروا بغير عذر فأبى الله أن يقبل منهم وقوله إلا المستضعفين قال : أناس من أهل
مكة عذرهم الله فاستثناهم
قال : وكان ابن عباس يقول : كنت أنا وأمي من الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون
سبيلا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية : نزلت هذه الآية
فيمن قتل يوم بدر من الضعفاء في كفار قريش
(2/647)
وأخرج
ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : " لما بعث النبي صلى الله عليه و سلم
وظهروا ونبع الإيمان نبع النفاق معه فأتى إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم رجال
فقالوا : يا رسول الله لولا أنا نخاف هؤلاء القوم يعذبونا ويفعلون ويفعلون لأسلمنا
ولكنا نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فكانوا يقولون ذلك له فلما كان يوم
بدر قام المشركون فقالوا : لا يتخلف عنا أحد إلا هدمنا داره واستبحنا ماله
فخرج أولئك الذين كانوا يقولون ذلك القول للنبي صلى الله عليه و سلم معهم فقتلت
طائفة منهم وأسرت طائفة قال : فأما الذين قتلوا فهم الذين قال الله إن الذين
توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم الآية كلها ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها
وتتركوا هؤلاء الذين يستضعفونكم أولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ثم عذر الله أهل
الصدق فقال إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا
يهتدون سبيلا يتوجهون له لو خرجوا لهلكوا فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم إقامتهم
بين ظهري المشركين
وقال الذين أسروا : يا رسول الله إنك تعلم أنا كنا نأتيك فنشهد أن لا إله إلا الله
وأنك رسول الله وأن هؤلاء القوم خرجنا معهم خوفا ؟ فقال الله يا أيها النبي قل لمن
في أيديكم من الأسرى إن يعلم الله في قلوبكم خيرا يؤتكم خيرا مما أخذ منكم ويغفر
لكم الأنفال الآية 70 صنيعكم الذي صنعتم خروجكم مع المشركين على النبي صلى الله
عليه و سلم
وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل الأنفال الآية 71 خرجوا مع المشركين
فأمكن منهم "
واخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : كنت أنا وأمي من المستضعفين
أنا من الولدان وأمي من النساء
وأخرج عبد بن حميد والبخاري وابن جرير والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس أنه
تلا إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان قال : كنت أنا وأمي ممن عذر الله
واخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي هريرة : " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم كانو يدعو في دبر كل صلاة : اللهم خلص الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبي
ربيعة
(2/648)
وضعفة
المسلمين من أيدي المشركين الذين لا يستطيعون حلية ولا يهتدون سبيلا "
وأخرج البخاري عن أبي هريرة قال : " بينا النبي صلى الله عليه و سلم يصلي
العشاء إذ قال : سمع الله لمن حمده
ثم قال قبل أن يسجد : اللهم نج عياش بن أبي ربيعة اللهم نج سلمة بن هشام اللهم نج
الوليد بن الوليد اللهم نج المستضعفين من المؤمنين اللهم اشدد وطأتك على مضر اللهم
اجعلها سنين كسني يوسف "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة في قوله إلا المستضعفين يعني الشيخ الكبير والعجوز
والجواري الصغار والغلمان
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن يحيى قال : " مكث النبي صلى الله عليه و سلم
أربعين صباحا يقنت في صلاة الصبح بعد الركوع وكان يقول في قنوته : اللهم أنج
الوليد بن الوليد وعياش بن أبي ربيعة والعاصي بن هشام والمستضعفين من المؤمنين
بمكة الذين لا يستطيعون حلية ولا يهتدون سبيلا "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم إلى قوله
وساءت مصيرا قال : كانوا قوما من المسلمين بمكة فخرجوا مع قومهم من المشركين في
قتال فقتلوا معهم فنزلت هذه الآية إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان فعذر
الله أهل العذر منهم وهلك من لا عذر له قال ابن عباس : وكنت أنا وأمي ممن كان له
عذر
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج لا يستطيعون حيلة قوة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في
قوله لا يستطيعون حيلة قال : نهوضا إلى المدينة ولا يهتدون سبيلا طريقا إلى
المدينة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد ولا يهتدون سبيلا طريقا إلى
المدينة
والله تعالى أعلم
الآية 100
(2/649)
أخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله مراغما كثيرة
وسعة قال : المراغم التحول من أرض إلى أرض
والسعة الرزق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد مراغما قال :
متزحزحا عما يكره
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله مراغما قال :
منفسحا بلغة هذيل
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول الشاعر : واترك أرض جهرة إن
عندي رجاء في المراغم والتعادي وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : المراغم المهاجر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي مراغما قال : مبتغى للمعيشة
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر مراغما قال منفسحا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة يجد في الأرض مراغما كثيرا
وسعة قال : متحولا من الضلالة إلى الهدى ومن العيلة إلى الغنى
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله وسعة قال : ورخاء
وأخرج عن ابن القاسم قال : سئل مالك عن قول الله وسعة ؟ ! قال : سعة البلاء
وأخرج أبو يعلى وابن أبي حاتم والطبراني بسند رجاله ثقات عن ابن عباس قال : خرج
ضمرة بن جندب من بيته مهاجرا فقال لأهله : احملوني فأخرجوني من أرض المشركين إلى
رسول الله صلى الله عليه و سلم فمات في الطريق قبل أن يصل إلى النبي صلى الله عليه
و سلم فنزل الوحي ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس قال : كان بمكة
رجل يقال له ضمرة من بني بكر وكان مريضا فقال لأهله : أخرجوني من مكة فإني أجد
الحر
فقالوا أين نخرجك ؟ فأشار بيده نحو طريق المدينة فخرجوا به فمات على ميلين من مكة
فنزلت هذه الآية ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت
(2/650)
واخرج
أبو حاتم السجستاني في كتاب المعمرين عن عامر الشعبي قال : سألت ابن عباس عن قوله
تعالى ومن يخرج من بيته مهاجرا
الآية
قال : نزلت في أكثم بن صيفي قلت : فأين الليثي ؟ قال : هذا قبل الليثي بزمان وهي
خاصة عامة
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في سننه عن سعيد بن جبير أن
رجلا من خزاعة كان بمكة فمرض وهو ضمرة بن العيص أو العيص بن ضمرة بن زنباع فلما
أمروا بالهجرة كان مريضا فأمر أهله أن يفرشوا له على سريره ففرشوا له وحملوه
وانطلقوا به متوجها إلى المدينة فلما كان بالتنعيم مات فنزل ومن يخرج من بيته
مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن أبي ضمرة بن العيص الزرقي الذي
كان مصاب البصر وكان بمكة فلما نزلت إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا
يستطيعون حيلة النساء الآية 97 فقال : إني لغني وإني لذو حيلة
فتجهز يريد النبي صلى الله عليه و سلم فأدركه الموت بالتنعيم فنزلت هذه الآية ومن
يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله
وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت هذه الآية لا يستوي
القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر النساء الآية 96 رخص فيها لقوم من المسلمين
ممن بمكة من أهل الضرر حتى نزلت فضيلة المجاهدين على القاعدين ورخص لأهل الضرر حتى
نزلت إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم إلى قوله وساءت مصيرا النساء الآية 96
قالوا : هذه موجبة حتى نزلت إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا
يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا النساء الآية 98 فقال ضمرة بن العيص أحد بني ليث
وكان مصاب البصر : إني لذو حيلة لي مال فاحملوني فخرج وهو مريض فأدركه الموت عند
التنعيم فدفن عند مسجد التنعيم فنزلت فيه هذه الآية ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى
الله ورسوله ثم يدركه الموت الآية
(2/651)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال لما أنزل الله هؤلاء الآيات ورجل من المؤمنين
يقال له ضمرة ولفظ عبد سبرة بمكة قال : والله إن لي من المال ما يبلغني إلى
المدينة وأبعد منها وإني لاهتدي إلى المدينة فقال لأهله : أخرجوني - وهو مريض
يومئذ - فلما جاوز الحرم قبضه الله فمات فأنزل الله ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى
الله
الآية
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير من وجه آخر عن قتادة قال : لما نزلت إن
الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم النساء الآية 97 قال رجل من المسلمين يومئذ
وهومريض : والله ما لي من عذر إني لدليل بالطريق وإني لموسر فاحملوني فحملوه
فأدركه الموت بالطريق فنزل فيه ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال : لما أنزل
الله إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم النساء الآية 97 الآيتين
قال رجل من بني ضمرة - وكان مريضا - أخرجوني إلى الروح فأخرجوه حتى إذا كان
بالحصحاص مات فنزل فيه ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله
الآية
وأخرج ابن جرير عن علباء بن أحمر قوله ومن يخرج من بيته
الآية
قال : نزلت في رجل من خزاعة
وأخرج ابن جرير عن السدي قال : لما سمع - هذه يعني إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي
أنفسهم
النساء الآية 97 الآية - ضمرة بن جندب الضمري قال لأهله - وكان وجعا - : أرحلوا
راحلتي فإن الأخشبين قد غماني - يعني جبلي مكة - لعلي أن أخرج فيصيبني روح فقعد
على راحلته ثم توجه نحو المدينة فمات في الطريق فأنزل الله ومن يخرج من بيته
مهاجرا الآية
وأما حين توجه إلى المدينة فإنه قال : اللهم إني مهاجر إليك وإلى رسولك
(2/652)
وأخرج
سنيد وابن جرير عن عكرمة قال : لما نزلت إن الذين توفاهم الملائكة
النساء الآية 97 الآية
قال ضمرة بن جندب الجندعي : اللهم أبلغت المعذرة والحجة ولا معذرة لي ولا حجة
ثم خرج وهو شيخ كبير فمات ببعض الطريق فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم :
مات قبل أن يهاجر فلا ندري أعلى ولاية أم لا ؟ فنزلت ومن يخرج من بيته
الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك قال : لما أنزل الله في الذين قتلوا مع
مشركي قريش ببدر إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم النساء الآية 97 الآية
سمع بما أنزل الله فيهم رجل من بني ليث كان على دين النبي صلى الله عليه و سلم
مقيما بمكة وكان ممن عذر الله كان شيخا كبيرا فقال لأهله : ما أنا ببائت الليلة
بمكة
فخرجوا به حتى إذا بلغ التنعيم من طريق المدينة أدركه الموت فنزل فيه ومن يخرج من
بيته الآية
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال : نزلت في رجل من بني ليث أحد بني جندع
وأخرج ابن سعد وابن المنذر عن يزيد بن عبد الله بن قسيط أن جندع بن ضمرة الجندعي
كان بمكة فمرض فقال لبنيه : أخرجوني من مكة فقد قتلني غمها
فقالوا إلى أين ؟ فأومأ بيده نحو المدينة يريد الهجرة ؟ فخرجوا به فلما بلغوا اضاة
بني غفار مات فأنزل الله فيه ومن يخرج من بيته
الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : هاجر رجل من بني كنانة يريد النبي صلى الله عليه
و سلم فمات في الطريق فسخر به قوم واستهزؤوا به وقال : لا هو بلغ الذي يريد ولا هو
أقام في أهله يقومون عليه ويدفن
فنزل القرآن ومن يخرج من بيته الآية
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : خرج رجل من مكة بعد ما أسلم وهو يريد النبي
وأصحابه فأدركه الموت في الطريق فمات فقالوا : ما أدرك هذا من شيء
فأنزل الله ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله الآية
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق هشام بن عروة عن أبيه أن الزبير بن العوام قال : هاجر
خالد بن حزام إلى أرض الحبشة فنهشته حية في الطريق فمات فنزلت
(2/653)
فيه
ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله
وكان الله غفورا رحيما
قال الزبير : وكنت أتوقعه وأنتظر قدومه وأنا بأرض الحبشة فما أحزنني شيء حزني
لوفاته حين بلغني لأنه قل أن هاجر أحد من قريش إلا ومعه بعض أهله أو ذي رحمه ولم
يكن معي أحد من بني أسد بن عبد العزى ولا أرجو غيره
وأخرج ابن سعد عن المغيرة بن عبد الرحمن الخزاعي عن أبيه قال : خرج خالد بن حزام
مهاجرا إلى أرض الحبشة في المرة الثانية فنهش في الطريق فمات قبل أن يدخل أرض
الحبشة فنزلت فيه ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله
الآية
وأخرج ابن جرير من طريق ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن أهل المدينة يقولون : من
خرج فاصلا وجب سهمه وتاولوا قوله تعالى ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله
يعني من مات ممن خرج إلى الغزو بعد انفصاله من منزله قبل أن يشهد الوقعة فله سهمه
من المغنم
وأخرج ابن سعد وأحمد والحاكم وصححه عن عبد الله بن عتيك " سمعت النبي صلى
الله عليه و سلم يقول : من خرج من بيته مجاهدا في سبيل الله - وأين المجاهدون في
سبيل الله - فخر عن دابته فمات فقد وقع أجره على الله أو لدغته دابة فمات فقد وقع
أجره على الله أو مات حتف أنفه فقد وقع أجره على الله - يعني بحتف أنفه على فراشه
والله إنها لكلمة ما سمعتها من أحد من العرب قبل رسول الله صلى الله عليه و سلم -
ومن قتل قعصا فقد استوجب الجنة "
وأخرج أبو يعلى والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " من خرج حاجا فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة ومن خرج معتمرا
فمات كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة ومن خرج غازيا في سبيل الله كتب له أجر
الغازي إلى يوم القيامة "
الآية 101
(2/654)
أخرج
ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه
وابن الجارود وابن خزيمة والطحاوي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والنحاس في
ناسخه وابن حبان عن يعلى بن أمية قال : " سألت عمر بن الخطاب قلت : ليس عليكم
جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا وقد أمن الناس ؟ فقال لي
عمر : عجبت مما عجبت منه ! فسألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك فقال :
صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أبي حنظلة قال : سألت ابن عمر عن صلاة السفر ؟
فقال : ركعتان
فقلت : فأين قوله تعالى إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا ونحن آمنون ؟ فقال : سنة
رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد بن حميد والنسائي وابن ماجه وابن حبان والبيهقي في سننه عن أمية بن عبد
الله بن خالد بن أسد أنه سأل ابن عمر أرأيت قصر الصلاة في السفر إنا لا نجدها في
كتاب الله إنما نجد ذكر صلاة الخوف ؟ ! فقال ابن عمر : يا ابن أخي إن الله أرسل
محمدا صلى الله عليه و سلم ولا نعلم شيئا فإنما نفعل كما رأينا رسول الله صلى الله
عليه و سلم يفعل وقصر الصلاة في السفر سنة سنها رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي عن حارثة بن
وهب الخزاعي قال : " صليت مع النبي صلى الله عليه و سلم الظهر والعصر بمنى أكثر
ما كان الناس وآمنه ركعتين "
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وصححه والنسائي عن ابن عباس قال : " صلينا مع
رسول الله صلى الله عليه و سلم بين مكة والمدينة ونحن آمنون لا نخاف شيئا ركعتين
"
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال : سافرت إلى مكة فكنت أصلي ركعتين فلقيني قراء
من أهل هذه الناحية فقالوا : كيف تصلي ؟ قلت ركعتين ! قالوا أسنة وقرآن ؟ ! قلت :
كل سنة وقرآن صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ركعتين
قالوا إنه كان في حرب ! قلت : قال الله لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن
المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين لا تخافون الفتح الآية 27
وقال وإذا
(2/655)
ضربتم
في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة فقرأ حتى بلغ فإذا اطمأننتم النساء
الآية 102
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وصححه والنسائي عن ابن عباس قال : " صلينا مع
رسول الله صلى الله عليه و سلم بين مكة والمدينة ونحن آمنون لا نخاف شيئا ركعتين
"
وأخرج ابن جرير عن علي قال : " سأل قوم من التجار رسول الله صلى الله عليه و
سلم فقالوا : يا رسول الله إنا نضرب في الأرض فكيف نصلي ؟ فأنزل الله وإذا ضربتم
في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من اصلاة ثم انقطع الوحي فلما كان بعد ذلك
بحول غزا النبي صلى الله عليه و سلم فصلى الظهر فقال المشركون : لقد أمكنكم محمد
وأصحابه من ظهورهم هلا شددتم عليهم ؟ فقال قائل منهم : إن لهم مثلها أخرى في أثرها
فأنزل الله بين الصلاتين إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا إن الكافرين كانوا لكم
عدوا مبينا وإذا كنت فيهم فأمت الصلاة فلتقم طائفة منهم معك إلى قوله إن الله أعد
للكافرين عذابا مهينا فنزلت صلاة الخوف "
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : قال رجل : يا رسول الله إني رجل تاجر أختلف
إلى البحرين فأمره أن يصلي ركعتين
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي بن كعب أنه كان يقرأ فاقصروا من الصلاة إن خفتم
أن يفتنكم الذين كفروا ولا يقرأ إن خفتم وهي في مصحف عثمان إن خفتم أن يفتنكم
الذين كفروا
وأخرج ابن جرير من طريق عمر بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي بكر الصديق
قال : سمعت أبي يقول : " سمعت عائشة تقول : في السفر أتموا صلاتكم
فقالوا : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يصلي في السفر ركعتين ؟ فقالت : إن
رسول الله صلى الله عليه و سلم كان في حرب وكان يخاف هل تخافون أنتم ؟ ! "
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : " قلت لعطاء أي أصحاب رسول الله صلى الله
عليه و سلم كان يتم الصلاة في السفر ؟ قال : عائشة وسعد بن أبي وقاص "
وأخرج ابن جرير عن أمية بن عبد الله " أنه قال لعبد الله بن عمر : إنا نجد في
كتاب الله قصر الصلاة في الخوف ولا نجد قصر صلاة المسافر ؟ فقال عبد الله : إنا
وجدنا نبينا صلى الله عليه و سلم يعمل عملا عملنا به "
(2/656)
وأخرج
عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ليس عليكم جناح
أن تقصروا من الصلاة قال : " أنزلت يوم كان النبي صلى الله عليه و سلم بعسفان
والمشركون بضجنان فتوافقوا فصلى النبي صلى الله عليه و سلم بأصحابه صلاة الظهر
أربعا ركوعهم وسجودهم وقيامهم معا جمعا فهم به المشركون أن يغيروا على أمتعتهم
وأثقالهم فأنزل الله فلتقم طائفة منهم معك النساء الآية 102 فصلى العصر فصف أصحابه
صفين ثم كبر بهم جميعا ثم سجد الأولون لسجوده والآخرون قيام لم يسجدوا حتى قام
النبي صلى الله عليه و سلم ثم كبر بهم وركعوا جميعا فتقدم الصف الآخر واستأخر الصف
المقدم فتعاقبوا السجود كما فعلوا أول مرة وقصر العصر إلى ركعتين "
وأخرج عبد الرزاق عن طاوس في قوله أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين
كفروا قال : قصرها من الخوف والقتال الصلاة في كل وجه راكبا وماشيا قال : فأما
صلاة النبي صلى الله عليه و سلم هذه الركعتان وصلاة الناس في السفر ركعتين فليس
بقصر هو وفاؤها
وأخرج عبد الرزاق عن عمرو بن دينار في قوله إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا قال :
إنما ذلك إذا خافوا الذين كفروا وسن النبي صلى الله عليه و سلم بعد ركعتين وليس
بقصر ولكنها وفاء
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم
جناح أن تقصروا من الصلاة إذا صليت ركعتين في السفر فهي تمام والتقصير لا يحل إلا
أن تخاف من الذين كفروا أن يفتنوك عن الصلاة والتقصير ركعة يقوم الإمام ويقوم معه
طائفتان طائفة خلفه وطائفة يوازون العدو فيصلي بمن معه ركعة ويمشون إليهم على
أدبارهم حتى يقوموا في مقام أصحابهم وتلك المشية القهقرى ثم تأتي الطائفة الأخرى
فتصلي مع الإمام ركعة ثم يجلس الإمام فيسلم فيقومون فيصلون لأنفسهم ركعة ثم يرجعون
إلى صفهم ويقوم الآخرون فيضيفون إلى ركعته شيئا تجزئه ركعة الإمام فيكون للإمام
ركعتان ولهم ركعة فذلك قول الله وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة إلى قوله وخذوا
حذركم النساء الآية 102
(2/657)
وأخرج
الطستي في مسائله عن اين عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله أن يفتنكم الذين
كفروا قال : بالعذاب والجهل بلغة هوزان
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر : كل امرىء من عباد الله مضطهد ببطن مكة مقهور ومفتون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سماك الحنفي قال : سألت ابن عمر عن صلاة السفر
فقال : ركعتان تمام غير قصر إنما القصر صلاة المخافة
قلت : وما صلاة المخافة ؟ قال : يصلي الإمام بطائفة ركعة ثم يجيء هؤلاء إلى مكان
هؤلاء وهؤلاء إلى مكان هؤلاء فيصلي بهم ركعة فيكون للإمام ركعتان ولكل طائفة ركعة
ركعة
وأخرج مالك وعبد بن حميد والبخاري ومسلم عن عائشة قالت : " فرضت الصلاة
ركعتين ركعتين في السفر والحضر فأقرت صلاة السفر وزيد في صلاة الحضر "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عائشة قالت : " فرضت الصلاة على النبي بمكة
ركعتين ركعتين فلما خرج إلى المدينة فرضت أربعا وأقرت صلاة السفر ركعتين "
وأخرج أحمد والبيهقي في سننه عن عائشة قالت : " فرضت الصلاة ركعتين ركعتين
إلا المغرب فرضت ثلاثا وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا سافر صلى الصلاة
الأولى وإذا أقام زاد مع كل ركعتين ركعتين إلا المغرب لأنها وتر والصبح لأنها تطول
فيها القراءة "
وأخرج البيهقي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " يا أهل
مكة ! لا تقصروا الصلاة في أدنى من أربعة برد من مكة إلى عسفان "
وأخرج الشافعي والبيهقي عن عطاء بن أبي رباح أن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس
كانا يصليان ركعتين ويفطران في أربعة برد فما فوق ذلك
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عباس أنه سئل أتقصر إلى عرفة ؟ فقال : لا ولكن
إلى عسفان وإلى جدة وإلى الطائف
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير والنحاس عن ابن عباس قال : فرض الله الصلاة على لسان
نبيكم في الحضر أربعا وفي السفر ركعتين وفي الخوف ركعة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس وإذا ضربتم في الأرض الآية
قال :
(2/658)
قصر
الصلاة - إن لقيت العدو وقد حانت الصلاة - أن تكبر الله وتخفض رأسك إيماء راكبا
كنت أو ماشيا
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة قال :
ذاك عند القتال يصلي الرجل الراكب تكبيرة من حيث كان وجهه
الآيتان 102 - 103
أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود
والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني والطبراني والحاكم وصححه
والبيهقي عن أبي عياش الزرقي قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم بعسفان
فاستقبلنا المشركون عليهم خالد بن الوليد وهم بيننا وبين القبلة فصلى بنا النبي
صلى الله عليه و سلم الظهر فقالوا : قد كانوا على حال لو أصبنا غرتهم ثم قالوا :
يأتي عليهم الآن صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وأنفسهم فنزل جبريل بهذه الآيات بين
الظهر والعصر وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فحضرت فأمرهم رسول الله صلى الله
عليه و سلم فأخذوا السلاح وصففنا خلفه صفين ثم ركع فركعنا جميعا ثم سجد بالصف الذي
يليه والآخرون قيام يحرسونهم فلما سجدوا وقاموا جلس الآخرون فسجدوا في مكانهم ثم
تقدم هؤلاء إلى مصاف هؤلاء وهؤلاء إلى مصاف هؤلاء
(2/659)
ثم
ركع فركعوا جميعا ثم رفع فرفعوا جميعا ثم سجد الصف الذي يليه والآخرون قيام
يحرسونهم فلما جلسوا جلس الآخرون فسجدوا ثم سلم عليهم ثم انصرف
قال : فصلاها رسول الله صلى الله عليه و سلم مرتين : مرة بعسفان ومرة بأرض بني
سليم "
واخرج الترمذي وصححه وابن جرير عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم نزل بين ضجنان وعسفان فقال المشركون : إن لهؤلاء صلاة هي أحب إليهم من آبائهم
وأبنائهم وهي العصر فأجمعوا أمركم فميلوا عليهم ميلة واحدة وأن جبريل أتى النبي
صلى الله عليه و سلم فأمره أن يقسم أصحابه شطرين فيصلي بهم وتقوم طائفة أخرى
وراءهم وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ثم يأتي الآخرون ويصلون معه ركعة واحدة ثم يأخذ
هؤلاء حذرهم وأسلحتهم فيكون لهم ركعة ركعة ولرسول الله صلى الله عليه و سلم ركعتان
"
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عن يزيد الفقير قال : سألت جابر بن
عبد الله عن الركعتين في السفر أقصرهما ؟ قال الركعتان في السفر تمام إنما القصر
واحدة عند القتال بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في قتال إذ أقيمت
الصلاة فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم فصفت طائفة وطائفة وجوهها قبل العدو
فصلى بهم ركعة وسجد بهم سجدتين ثم الذين خلفوا انطلقوا إلى أولئك فقاموا مقامهم
وجاء أولئك فقاموا خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم فصلى بهم ركعة وسجد بهم
سجدتين ثم إن رسول الله صلى الله عليه و سلم جلس فسلم وسلم الذين خلفه وسلم أولئك
فكانت لرسول الله صلى الله عليه و سلم ركعتان وللقوم ركعة ثم قرأ وإذا كنت فيهم
فأقمت لهم الصلاة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سليمان اليشكري " أنه سأل جابر بن عبد الله
عن أقصار الصلاة أي يوم أنزل ؟ فقال جابر بن عبد الله : " وعير قريش آتية من
الشام حتى إذا كنا بنخل جاء رجل من القوم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال
: يا محمد
قال : نعم
قال : هل تخافني ؟ قال : لا
قال : فمن يمنعك مني ؟ قال : الله يمنعني منك
قال : فسل السيف ثم تهدده وأوعده ثم نادى بالرحيل وأخذ السلاح ثم نودي بالصلاة
فصلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بطائفة من القوم وطائفة أخرى تحرسهم فصلى
بالذين يلونه ركعتين ثم تأخر الذين يلونه على أعقابهم فقاموا في مصاف أصحابهم ثم
جاء الآخرون فصلى بهم ركعتين والآخرون يحرسونهم ثم سلم
فكانت للنبي صلى الله عليه و سلم أربع ركعات وللقوم ركعتان ركعتان يومئذ فأنزل
الله في أقصار الصلاة وأمر المؤمنين بأخذ السلاح "
(2/660)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه
وابن أبي حاتم من طريق الزهري عن سالم عن أبيه في قوله وإذا كنت فيهم فأقمت لهم
الصلاة قال : " هي صلاة الخوف صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بإحدى
الطائفتين ركعة والطائفة الأخرى مقبلة على العدو ثم انصرفت الطائفة التي صلت مع
النبي صلى الله عليه و سلم فقاموا مقام أولئك مقبلين على العدو وأقبلت الطائفة
الأخرى التي كانت مقبلة على العدو فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه و سلم ركعة
أخرى ثم سلم بهم ثم قامت طائفة فصلوا ركعة ركعة "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني " عن ابن عباس في قوله وإذا كنت فيهم
فأقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك فهذا في الصلاة عند الخوف يقوم الإمام
ويقوم معه طائفة منهم وطائفة يأخذون أسلحتهم ويقفون بإزاء العدو فيصلي الإمام بمن
معه ركعة ثم يجلس على هيئته فيقوم القوم فيصلون لأنفسهم الركعة الثانية والإمام
جالس ثم ينصرفون فيقفون موقفهم ثم يقبل الآخرون فيصلي بهم الإمام الركعة الثانية
ثم يسلم فيقوم القوم فيصلون لأنفسهم الركعة الثانية فهكذا صلى رسول الله صلى الله
عليه و سلم يوم بطن نخلة "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه عن ابن عباس
" أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى صلاة الخوف بذي قرد فصف الناس صفين
صفا خلفه وصفا موازي العدو فصلى بالذين خلفه ركعة ثم انصرف هؤلاء إلى مكان هؤلاء
وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا "
وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن ثابت " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى
صلاة الخوف قال سفيان : فذكر مثل حديث ابن عباس "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن حبان والحاكم
وصححه والبيهقي عن ثعلبة بن زهدم قال : كنا مع سعيد بن العاص بطبرستان فقال : أيكم
صلى مع رسول الله صلى الله عليه و سلم صلاة الخوف ؟ فقال حذيفة : أنا
فقام حذيفة فصف الناس خلفه وصفا موازي العدو فصلى بالذين خلفه ركعة ثم انصرف هؤلاء
مكان هؤلاء وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا
وأخرج أبو داود وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة قالت : " صلى رسول
الله صلى الله عليه و سلم صلاة الخوف بذات الرقاع فصدع الناس صدعتين
فصفت
(2/661)
طائفة
وراءه وقامت طائفة وجاه العدو فكبر رسول الله صلى الله عليه و سلم وكبرت الطائفة
خلفه ثم ركع وركعوا وسجد وسجدوا ثم رفع رأسه فرفعوا ثم مكث رسول الله صلى الله
عليه و سلم جالسا وسجدوا لأنفسهم سجدة ثانية ثم قاموا ثم نكصوا على أعقابهم يمشون
القهقرى حتى قاموا من ورائهم وأقبلت الطائفة الأخرى فصفوا خلف رسول الله صلى الله
عليه و سلم فكبروا ثم ركعوا لأنفسهم ثم سجد رسول الله صلى الله عليه و سلم سجدته
الثانية فسجدوا معه ثم قام رسول الله صلى الله عليه و سلم في ركعته وسجدوا لأنفسهم
السجدة الثانية ثم قامت الطائفتان جميعا فصفوا خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم
فركع بهم ركعة فركعوا جميعا ثم سجد فسجدوا جميعا ثم رفع رأسه ورفعوا معه كل ذلك من
رسول الله صلى الله عليه و سلم سريعا جدا لا يألو أن يخفف ما استطاع ثم سلم فسلموا
ثم قام وقد شركه الناس في صلاته كلها "
وأخرج الحاكم عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في صلاة الخوف أنه قال :
" وطائفة من خلفه وطائفة من وراء الطائفة التي خلف رسول الله صلى الله عليه و
سلم قعود وجوههم كلهم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فكبر رسول الله صلى الله
عليه و سلم فكبرت الطائفتان فركع فركعت الطائفة التي خلفه والآخرون قعود ثم سجد
فسجدوا أيضا والآخرون قعود ثم قاموا ونكصوا خلفه حتى كانوا مكان أصحابهم قعودا وأتت
الطائفة الأخرى فصلى بهم ركعة وسجدتين ثم سلم والآخرون قعود ثم سلم فقامت
الطائفتان كلتاهما فصلوا لأنفسهم ركعة وسجدتين ركعة وسجدتين "
وأخرج مالك والشافعي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود
والترمذي والنسائي وابن ماجه والدارقطني والبيهقي من طريق صالح بن خوات عمن صلى مع
النبي صلى الله عليه و سلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف " أن طائفة صفت معه
وطائفة تجاه العدو فصلة بالتي معه ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم ثم انصرفوا
وصلوا تجاه العدو وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم الركعة التي بقيت من صلاته ثم ثبت
جالسا وأتموا لأنفسهم ثم سلم بهم "
وأخرج عبد بن حميد والدارقطني عن أبي بكرة " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم صلى بأصحابه صلاة الحوف فصلى ببعض أصحابه ركعتين ثم سلم فتأخروا وجاء الآخرون
فصلى بهم ركعتين ثم سلم فكان لرسول الله صلى الله عليه و سلم أربع ركعات وللمسلمين
ركعتان ركعتان "
(2/662)
وأخرج
الدارقطني والحاكم عن أبي بكرة " أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى بالقوم في
الخوف صلاة المغرب ثلاث ركعات ثم انصرف وجاء الآخرون فصلى بهم ثلاثا فكانت للنبي
صلى الله عليه و سلم ست ركعات وللقوم ثلاث ثلاث "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير والدارقطني عن ابن مسعود قال : "
صلى بنا رسول الله صلى الله عليه و سلم صلاة الخوف فقاموا صفين صفين صف خلف رسول
الله صلى الله عليه و سلم وصف مستقبل العدو فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه و
سلم ركعة وجاء الآخرون فقاموا مقامهم واستقبلوا هؤلاء العدو فصلى بهم رسول الله
صلى الله عليه و سلم ركعة ثم سلم فقام هؤلاء إلى مقام هؤلاء فصلوا لأنفسهم ركعة ثم
سلموا "
وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه من طريق عروة من مروان " أنه سأل أبا هريرة
هل صليت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم صلاة الخوف ؟ قال أبو هريرة : نعم
قال مروان : متى ؟ قال : عام غزوة نجد قام رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى
الصلاة صلاة العصر فقامت معه طائفة وطائفة أخرى مقابل العدو وظهورهم إلى القبلة
فكبر رسول الله صلى الله عليه و سلم فكبر الكل ثم ركع ركعة واحدة وركعت الطائفة التي
خلفه ثم سجد فسجدت الطائفة التي تليه والآخرون قيام مقابل العدو ثم قام رسول الله
صلى الله عليه و سلم وقامت الطائفة التي معه وذهبوا إلى العدو فقابلوهم وأقبلت
الطائفة الأخرى فركعوا وسجدوا ورسول الله صلى الله عليه و سلم قائم كما هو ثم
قاموا فركع رسول الله صلى الله عليه و سلم ركعة أخرى وركعوا معه وسجدوا معه ثم
أقبلت الطائفة التي كانت مقابل العدو فركعوا وسجدوا ورسول الله صلى الله عليه و
سلم قاعد ومن معه ثم كان السلام فسلم رسول الله صلى الله عليه و سلم وسلموا جميعا
فكان لرسول الله صلى الله عليه و سلم ركعتان ولكل واحدة من الطائفتين ركعة ركعة
"
وأخرج الدارقطني عن ابن عباس قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم بصلاة
الخوف فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم وقمنا خلفه صفين فكبر وركع وركعنا جميعا
الصفان كلاهما ثم رفع رأسه ثم خر ساجدا وسجد الصف الذي يليه وثبت الآخرون قياما
يحرسون إخوانهم فلما فرغ من سجوده وقام خر الصف المؤخر سجودا فسجدوا سجدتين ثم
قاموا فتأخر الصف المقدم الذي يليه وتقدم الصف المؤخر فركع وركعوا جميعا وسجد رسول
الله صلى الله عليه و سلم والصف الذي يليه وثبت الآخرون قياما يحرسون إخوانهم فلما
قعد رسول الله صلى الله عليه و سلم خر الصف المؤخر سجودا ثم سلم النبي صلى الله
عليه و سلم "
وأخرج الدارقطني عن جابر " أن نبي الله صلى الله عليه و سلم كان محاصرا بني
محارب بنخل
(2/663)
ثم
نودي في الناس أن الصلاة جامعة فجعلهم رسول الله صلى الله عليه و سلم طائفتين طائفة
مقبلة على العدو يتحدثون وصلى بطائفة ركعتين ثم سلم فانصرفوا فكانوا مكان إخوانهم
وجاءت الطائفة الأخرى فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه و سلم ركعتين فكان للنبي
صلى الله عليه و سلم أربع ركعات ولكل طائفة ركعتان "
وأخرج البزار وابن جرير والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : " خرج رسول الله صلى
الله عليه و سلم في غزاة له فلقي المشركين بعسفان فلما صلى رسول الله صلى الله
عليه و سلم الظهر فرأوه يركع ويسجد هو وأصحابه قال بعضهم لبعض : لو حملتم عليهم ما
علموا بكم حتى تواقعوهم
فقال قائل منهم : إن لهم صلاة أخرى هي أحب إليهم من أهليهم وأموالهم فاصبروا حتى
تحضر فنحمل عليهم جملة
فأنزل الله وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة إلى آخر الآية
وأعلمه بما ائتمر به المشركون فلما صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم العصر
وكانوا قبالته في القبلة جعل المسلمين خلفه صفين فكبر فكبروا معه جميعا ثم ركع
وركعوا معه جميعا فلما سجد سجد معه الصف الذين يلونه ثم قام الذين خلفهم مقبلون
على العدو فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه و سلم من سجوده وقام سجد الصف الثاني
ثم قاموا وتأخر الصف الذين يلونه وتقدم الآخرون فكانوا يلون رسول الله صلى الله
عليه و سلم فلما ركع ركعوا معه جميعا ثم رفع فرفعوا معه ثم سجد فسجد معه الذين
يلونه وقام الصف الثاني مقبلين على العدو فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه و سلم
من سجوده وقعد قعد الذين يلونه وسجد الصف المؤخر ثو قعدوا فسجدوا مع رسول الله صلى
الله عليه و سلم فلما سلم رسول الله صلى الله عليه و سلم سلم عليهم جميعا فلما نظر
إليهم المشركون يسجد بعضهم ويقوم بعض قالوا : لقد أخبروا بما أردنا "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العالية الرياحي " أن أبا موسى الأشعري كان بالدار
من أصبهان وما بهم يومئذ كبير خوف ولكن أحب أن يعلمهم دينهم وسنة نبيهم صلى الله
عليه و سلم فجعلهم صفين
طائفة معها السلاح مقبلة على عدوها وطائفة وراءها فصلى بالذين يلونه ركعة ثم نكصوا
على أدبارهم حتى قاموا مقام الآخرين وجاء الآخرون يتخللونهم حتى قاموا وراءه فصلى
بهم ركعة أخرى ثم سلم فقام الذين يلونه والآخرون فصلوا ركعة فسلم بعضهم على بعض
فتمت للإمام ركعتان في جماعة وللناس ركعة ركعة "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن مجاهد قال : " كان رسول الله صلى الله عليه
و سلم بعسفان
(2/664)
والمشركون
بضجنان فلما صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الظهر ورآه المشركون يركع ويسجد
ائتمروا أن يغيروا عليه فلما حضرت العصر صف الناس خلفه صفين فكبر وكبروا جميعا
وركع وركعوا جميعا وسجد وسجد الصف الذين يلونه وقام الصف الثاني الذين بسلاحهم
مقبلين على العدو بوجوههم فلما رفع النبي صلى الله عليه و سلم رأسه سجد الصف
الثاني فلما رفعوا رؤوسهم ركع وركعوا جميعا وسجد وسجد الصف الذين يلونه وقام الصف
الثاني بسلاحهم مقبلين على العدو بوجوههم فلما رفع النبي صلى الله عليه و سلم رأسه
سجد الصف الثاني قال مجاهد : فكان تكبيرهم وركوعهم وتسليمه عليهم سواء وتصافوا في
السجود قال مجاهد : فلم يصل رسول الله صلى الله عليه و سلم صلاة الخوف قبل يومه
ولا بعده "
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي قال : " صليت صلاة الخوف مع النبي صلى الله عليه و
سلم ركعتين ركعتين إلا المغرب فإنه صلاها ثلاثا "
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد قال : " صلى النبي صلى الله عليه و سلم بأصحابه
صلاة الظهر قبل أن تنزل صلاة الخوف فتلهف المشركون أن لا يكونوا حملوا عليه فقال
لهم رجل : فإن لهم صلاة قبل مغيربان الشمس هي أحب إليهم من أنفسهم فقالوا : لو قد
صلوا بعد لحملنا عليهم فأرصدوا ذلك فنزلت صلاة الخوف فصلى بهم رسول الله صلى الله
عليه و سلم صلاة الخوف بصلاة العصر "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير من طريق أبي الزبير عن جابر قال : " كنت مع
النبي صلى الله عليه و سلم فلقينا المشركين بنخل فكانوا بيننا وبين القبلة فلما
حضرت صلاة الظهر صلى بنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ونحن جميع فلما فرغنا تآمر
المشركون فقالوا لو كنا حملنا عليهم وهم يصلون فقال بعضهم : فإن لهم صلاة
ينتظرونها تأتي الآن وهي أحب إليهم من أبناءهم فإذا صلوا فميلوا عليهم
فجاء جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بالخبر وعلمه كيف يصلي فلما حضرت
العصر قام نبي الله صلى الله عليه و سلم مما يلي العدو وقمنا خلفه صفين وكبر نبي
الله صلى الله عليه و سلم وكبرنا جميعا ثم ذكر نحوه "
وأخرج البزار عن علي عن النبي صلى الله عليه و سلم في صلاة الخوف " أمر الناس
فأخذوا السلاح عليهم فقامت طائفة من ورائه مستقبلي العدو وجاءت طائفة فصلوا معه
فصلى بهم ركعة ثم قاموا إلى الطائفة التي لم تصل وأقبلت الطائفة التي لم
(2/665)
تصل
معه فقاموا خلفه فصلى بهم ركعة وسجدتين ثم سلم عليهم فلما سلم قام الذين قبل العدو
فكبروا جميعا وركعوا ركعة وسجدتين بعدما سلم "
وأخرج أحمد عن جابر قال : غزا رسول الله صلى الله عليه و سلم ست غزوات قبل صلاة
الخوف وكانت صلاة الخوف في السنة السابعة "
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة إلى
قوله فليصلوا معك فإنه كانت تأخذ طائفة منهم السلاح فيقبلون على العدو والطائفة
الأخرى يصلون مع الإمام ركعة ثم يأخذون أسلحتهم فيستقبلون العدو ويرجع أصحابهم
فيصلون مع الإمام ركعة فيكون للإمام ركعتان ولسائر الناس ركعة واحدة ثم يقضون ركعة
أخرى وهذا تمام من الصلاة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله فإذا سجدوا يقول : فإذا سجدت الطائفة التي
قامت معك في صلاتك تصلي بصلاتك ففرغت من سجودها فليكونوا من ورائكم يقول :
فليصيروا بعد فراغهم من سجودهم خلفكم مصافي العدو المكان الذي فيه سائر الطوائف
التي لم تصل معك ولم تدخل معك في صلاتك
وأخرج البخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي عن
ابن عباس في قوله إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى قال : نزلت في عبد الرحمن بن
عوف كان جريحا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في الآية قال : رخص في وضع
السلاح عند ذلك وأمرهم أن يأخذوا حذرهم
وفي قوله عذابا مهينا قال : يعني بالمهين الهوان
وفي قوله فإذا قضيتم الصلاة قال : صلاة الخوف فاذكروا الله قال : باللسان فإذا
اطمأننتم يقول : إذا استقررتم وأمنتم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فاذكروا الله قياما
وقعودا وعلى جنوبكم قال : بالليل والنهار في البر والبحر في السفر والحضر والغنى
والفقر والسقم والصحة والسر والعلانية وعلى كل حال
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه بلغه : أن قوما يذكرون الله قياما فأتاهم
فقال : ما هذا ؟ ! قالوا : سمعنا الله يقول فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى
(2/666)
جنوبكم
فقال : إنما هذه إذا لم يستطع الرجل أن يصلي قائما صلى قاعدا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد فإذا اطمأننتم قال : إذا خرجتم من دار
السفر إلى دار الإقامة فأقيموا الصلاة قال : أتموها
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة فإذا اطمأننتم يقول
: إذا اطمأننتم في أمصاركم فأتموا الصلاة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد فإذا اطمأننتم يقول : فإذا أمنتم فأقيموا
الصلاة يقول : أتموها
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج فإذا اطمأننتم يقول : فإذا أمنتم فأقيموا الصلاة
يقول : أتموها
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج فإذا اطمأننتم أقمتم في أمصاركم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية فإذا اطمأننتم يعني إذا نزل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي فإذا اطمأننتم قال : بعد الخوف
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة قال : إذا
اطمأننتم فصلوا الصلاة لا تصلها راكبا ولا ماشيا ولا قاعدا
واخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا
يعني مفروضا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : الموقوت : الواجب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد كتابا موقوتا قال : مفروضا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله كتابا موقوتا قال : فرضا واجبا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن كتابا موقوتا قال : كتابا واجبا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا قال : قال ابن مسعود : إن للصلاة
وقتا كوقت الحج
(2/667)
واخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله إن الصلاة كانت على
المؤمنين كتبا موقوتا قال : منجما كلما مضى نجم جاء نجم آخر
يقول : كلما مضى وقت جاء وقت آخر
واخرج عبد الرزاق وأحمد وابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وحسنه وابن خزيمة
والحاكم عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أمني جبريل
عند البيت مرتين فصلى بي الظهر حين زالت الشمس وكانت قدر الشراك وصلى بي العصر حين
كان ظل كل شيء مثله وصلى بي المغرب حين أفطر الصائم وصلى بي العشاء حين غاب الشفق
وصلى بي الفجر حين حرم الطعام والشراب على الصائم وصلى بي من الغد الظهر حين كان
ظل كل شيء مثله وصلى بي العصر حين كان ظل كل شيء مثليه وصلى بي المغرب حين أفطر
الصائم وصلى بي العشاء ثلث الليل وصلى بي الفجر فأسفر ثم التفت إلي فقال : يا محمد
هذا الوقت وقت النبيين قبلك الوقت ما بين هذين الوقتين "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إن للصلاة أولا وآخرا وإن أول وقت الظهر حين تزول الشمس وإن
آخر وقتها حين يدخل وقت العصر وإن أول وقت العصر حين يدخل وقت العصر وإن آخر وقتها
حين تصفر الشمس وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس وإن آخر وقتها حين يغيب الشفق
وإن أول وقت العشاء الآخرة حين يغيب الشفق وإن آخر وقتها حين ينتصف الليل وإن أول
وقت الفجر حين يطلع الفجر وإن آخر وقتها حين تطلع الشمس "
الآية 104
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ولا تهنوا قال : ولا تضعفوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك ولا تهنوا في ابتغاء القوم قال : لا تضعفوا في طلب
القوم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق على عن ابن عباس إن تكونوا
(2/668)
تألمون
قال : توجعون وترجون من الله ما لا يرجون قال : ترجون الخير
وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية يقول : لا تضعفوا في طلب القوم فإنكم إن تكونوا
تتوجعون فإنهم يتوجعون كما تتوجعون ويرجعون ؟ من الأجر والثواب ما لا يرجون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : لا تضعفوا في
طلب القوم إن تكونوا تتوجعون من الجراحات فإنهم يتوجعون كما تتوجعون وترجون من
الله يعني الحياة والرزق والشهادة والظفر في الدينا
الآيات 105 - 113
(2/669)
أخرج
الترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن قتادة
بن النعمان قال : كان أهل بيت منا يقال لهم : بنو أبيرق : بشر وبشير ومبشر وكان
بشير رجلا منافقا يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم
ينحله بعض العرب ثم يقول : قال فلان كذا وكذا قال فلان كذا وكذا وإذا سمع أصحاب
رسول الله صلى الله عليه و سلم ذلك الشعر قالوا : والله ما يقول هذا الشعر إلا هذا
الخبيث فقال : أو كلما قال الرجال قصيدة أضحوا فقالوا : ابن الأبيرق قالها
وكانوا أهل بيت حاجة وفاقة في الجاهلية والإسلام وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة
التمر والشعير وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافطة من الشام من الرزمك ابتاع
الرجل منها فخص بها بنفسه وأما العيال فإنما طعامهم الشعير فقدمت ضافطة الشام
فابتاع عمي رفاعة بن زر جملا من الرزمك فجعله في مشربة له وفي المشربة سلاح له
درعان وسيفاهما وما يصلحهما فعدا عدي من تحت الليل فنقب المشربة وأخذ الطعام
والسلاح فلما أصبح أتاني عمي رفاعة فقال : يا ابن أخي تعلم أنه قد عدي علينا في
ليلتنا هذه فنقبت مشربتنا فذهب بطعامنا وسلاحنا قال : فتجسسنا في الدار وسألنا
فقيل لنا : قد رأينا بني أبيرق قد استوقدوا في هذه الليلة ولا نرى فيما نرى إلا
على بعض طعامكم
قال : وقد كان بنو أبيرق قالوا - ونحن نسأل في الدار - والله ما نرى صاحبكم إلا
لبيد بن سهل رجلا منا له صلاح وإسلام فلما سمع ذلك لبيد اخترط سيفه ثم أتى بني
أبيرق وقال : أنا أسرق فوالله ليخالطنكم هذا السيف أو لتتبين هذه السرقة
قالوا : إليك عنا أيها الرجل - فوالله - ما أنت بصاحبها فسألنا في الدار حتى لم
نشك أنهم أصحابها
فقال لي عمي : يا ابن أخي لو أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكرت ذلك له ؟
قال قتادة : فأتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت : يا رسول الله إن أهل بيت
منا أهل جفاء عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد فنقبوا مشربة له وأخذوا سلاحه وطعامه
فليردوا علينا سلاحنا فأما الطعام فلا حاجة لنا فيه
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " سأنظر في ذلك فلما سمع ذلك بنو أبيرق
أتوا رجلا منهم يقال له أسير بن عروة فكلموه في ذلك واجتمع إليه ناس من أهل الدار
فأتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا رسول الله إن قتادة بن النعمان
وعمه عمدوا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير
(2/670)
بينة
ولا ثبت
قال قتادة : فأتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فكلمته
فقال : عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح ترميهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت
؟ قال قتادة : فرجعت ولوددت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول الله صلى الله
عليه و سلم في ذلك فأتاني عمي رفاعة فقال : يا ابن أخي ما صنعت ؟ فأخبرته بما قال
لي رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : الله المستعان
فلم نلبث أن نزل القرآن إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك
الله ولا تكن للخائنين خصيما لبني أبيرق واستغفر الله أي مما قلت لقتادة إن الله
كان غفورا رحيما ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إلى قوله ثم يستغفر الله يجد
الله غفورا رحيما أي أنهم لو استغفروا الله لغفر لهم ومن يكسب إثما إلى قوله فقد
احتمل بهتانا وإثما مبينا قولهم للبيد ولولا فضل الله عليك ورحمته لهمت طائفة منهم
أن يضلوك يعني أسير بن عروة وأصحابه إلى قوله فسيؤتيه أجرا عظيما
فلما نزل القرآن أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم بالسلاح فرده إلى رفاعة
قال قتادة : فلما أتيت عمي بالسلاح - وكان شيخا قد عسا في الجاهلية وكنت أرى
إسلامه مدخولا - فلما أتيته بالسلاح قال : يا ابن أخي هو في سبيل الله فعرفت أن
إسلامه كان صحيحا فلما نزل القرآن لحق بشير بالمشركين فنزل على سلافة بنت سعد
فأنزل الله ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين
نوله ما تولى النساء الآية 115 إلى قوله ضلالا بعيد فلما نزل على سلافة رماها حسان
بن ثابت بأبيات من شعر فأخذت رحله فوضعته على رأسها ثم خرجت فرمت به في الأبطح ثم
قالت أهديت لي شعر حسان ما كنت تأتيني بخير "
وأخرج ابن سعد عن محمود بن لبيد قال : " عدا بشير بن الحارث على علية رفاعة
بن زيد عم قتادة بن النعمان الظفري فنقبها من ظهرها وأخذ طعاما له ودرعين بأداتهما
فأتى قتادة بن النعمان النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره بذلك فدعا بشيرا فسأله
فأنكر ورمى بذلك لبيد بن سهل رجلا من أهل الدار ذا حسب ونسب فنزل القرآن بتكذيب
بشير وبراءة لبيد بن سهل قوله إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما
أراك الله إلى قوله ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما يعني بشير بن
(2/671)
أبيرق
ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا يعني لبيد بن سهل حين رماه بنو أبيرق
بالسرقة فلما نزل القرآن في بشير وعثر عليه هرب إلى مكة مرتدا كافر فنزل على سلافة
بنت سعد بن الشهيد فجعل يقع في النبي صلى الله عليه و سلم وفي المسلمين فنزل
القرآن فيه وهجاه حسان بن ثابت حتى رجع وكان ذلك في شهر ربيع سنة أربع من الهجرة
"
وأخرج ابن سعد من وجه آخر عن محمود بن لبيد قال : كان أسير بن عروة رجلا منطيقا
ظريفا بليغا حلوا فسمع بما قال قتادة بن النعمان في بني أبيرق للنبي صلى الله عليه
و سلم حين اتهمهم بنقب علية عمه وأخذ طعامه والدرعين فأتى أسير رسول الله صلى الله
عليه و سلم في جماعة جمعهم من قومه فقال : " إن قتادة وعمه عمدوا إلى أهل بيت
منا أهل حسب ونسب وصلاح يؤنبونهم بالقبيح ويقولون لهم ما لا ينبغي بغير ثبت ولا
بينة فوضع لهم عند رسول الله صلى الله عليه و سلم ما شاء ثم انصرف فأقبل بعد ذلك
قتادة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ليكلمه فجبهه رسول الله صلى الله عليه و
سلم جبها شديدا منكرا وقال : بئسما صنعت وبئسما مشيت فيه
فقام قتادة وهو يقول : لوددت أني خرجت من أهلي ومالي وأني لم أكلم رسول الله صلى
الله عليه و سلم في شيء من أمرهم وما أنا بعائد في شيء من ذلك
فأنزل الله على نبيه في شأنهم إنا أنزلنا إليك الكتاب إلى قوله ولا تجادل عن الذين
يختانون أنفسهم يعني أسير بن عروة وأصحابه إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما
"
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله إنا أنزلنا إليك الكتاب
بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله إلى قوله ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضاة الله
فيما بين ذلك في طعمة بن أبيرق درعه من حديد التي سرق وقال أصحابه من المؤمنين
للنبي صلى الله عليه و سلم : اعذره في الناس بلسانك ورموا بالدرع رجلا من يهود
بريئا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه الآيات
أنزلت في شأن طعمة بن أبيرق وفيما هم به النبي صلى الله عليه و سلم من عذره فبين
الله شأن طعمة بن أبيرق ووعظ نبيه صلى الله عليه و سلم وحذره أن يكون للخائنين
خصيما وكان طعمة بن أبيرق رجلا من الأنصار ثم أحد بني ظفر سرق درعا لعمه كانت
وديعة عندهم ثم قدمها على يهودي كان يغشاهم يقال له زيد بن
(2/672)
السمين
فجاء اليهودي إلى النبي صلى الله عليه و سلم يهتف فلما رأى ذلك قومه بنو ظفر جاءوا
إلى نبي الله صلى الله عليه و سلم ليعذروا صاحبهم وكان نبي الله صلى الله عليه و
سلم قد هم بعذره حتى أنزل الله في شأنه ما أنزل فقال ولا تجادل عن الذين يختانون
أنفسهم إلى قوله يرم به برئيا وكان طعمة قذف بها برئيا فلما بين الله شأن طعمة
نافق ولحق بالمشركين فأنزل الله في شأنه ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى
ويتبع غير سبيل المؤمنين
النساء الآية 114 الآية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال : " إن نفرا من
الأنصار غزوا مع النبي صلى الله عليه و سلم في بعض غزواته فسرقت درع لأحدهم فأظن
بها رجلا من الأنصار فأتى صاحب الدرع رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : إن
طعمة بن أبيرق سرق درعي
فلما رأى السارق ذلك عمد إليها فألقاها في بيت رجل بريء وقال لنفر من عشيرته : إني
غيبت الدرع وألقيتها في بيت فلان وستوجد عنده فانطلقوا إلى النبي صلى الله عليه و
سلم فقالوا : يا نبي الله إن صاحبنا بريء وإن سارق الدرع فلان وقد أحطنا بذلك علما
فأعذر صاحبنا على رؤوس الناس وجادل عنه فإنه إن لا يعصمه الله بك يهلك فقام رسول
الله صلى الله عليه و سلم فبرأه وعذره على رؤوس الناس فأنزل الله إنا أنزلنا إليك
الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله يقول : بما أنزل الله إليك إلى قوله
خوانا أثيما ثم قال للذين أتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم ليلا يستخفون من
الناس إلى قوله وكيلا يعني الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم مستخفين
يجادلون عن الخائنين ثم قال ومن يكسب خطيئة
الآية
يعني السارق والذين جادلوا عن السارق "
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : " كان رجل سرق درعا من حديد في
زمان النبي صلى الله عليه و سلم طرحه على يهودي فقال اليهودي : والله ما سرقتها يا
أبا القاسم ولكن طرحت علي
وكان الرجل الذي سرق له جيران يبرئونه ويطرحونه على اليهودي ويقولون : يا رسول
الله إن هذا اليهودي خبيث يكفر بالله وبما جئت به حتى مال عليه النبي صلى الله
عليه و سلم ببعض القول فعاتبه الله في ذلك فقال إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق
لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما واستغفر الله بما قلت لهذا
اليهودي إن الله كان غفورا رحيما ثم أقبل على جيرانه فقال
(2/673)
ها
أنتم هؤلاء جادلتم عنهم إلى قوله وكيلا ثم عرض التوبة فقال ومن يعمل سوءا أو يظلم
نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه فما
أدخلكم أنتم أيها الناس على خطيئة هذا تكلمون دونه ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم
به بريئا وإن كان مشركا فقد احتمل بهتانا إلى قوله ومن يشاقق الرسول من بعد ما
تبين له الهدى قال : أبى أن يقبل التوبة التي عرض الله له وخرج إلى المشركين بمكة
فنقب بيتا يسرقه فهدمه الله عليه فقتله
وأخرج ابن المنذر عن الحسن " أن رجلا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم
اختان درعا من حديد فلما خشي أن توجد عنده ألقاها في بيت جار له من اليهود وقال :
تزعمون إني اختنت الدرع - فوالله - لقد انبئت أنها عند اليهودي فرفع ذلك إلى النبي
صلى الله عليه و سلم وجاء أصحابه يعذرونه فكأن النبي صلى الله عليه و سلم عذره حين
لم يجد عليه بينة ووجدوا الدرع في بيت اليهودي وأبى الله إلا العدل فأنزل الله على
نبيه إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق إلى قوله أمن يكون عليهم وكيلا فعرض الله
بالتوبة لو قبلها إلى قوله ثم يرم به بريئا اليهودي ثم قال لنبيه صلى الله عليه و
سلم ولولا فضل الله عليك ورحمته إلى قوله وكان فضل الله عليك عظيما فأبرىء اليهودي
وأخبر بصاحب الدرع قال : قد افتضحت الآن في المسلمين وعلموا أني صاحب الدرع ما لي
إقامة ببلد فتراغم فلحق بالمشركين فأنزل الله ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له
الهدى النساء الآية 114 إلى قوله ضلالا بعيد "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق
لتحكم بين الناس بما أراك الله قال : بما أوحى الله إليك نزلت في طعمة بن أبيرق
استودعه رجل من اليهود درعا فانطلق بها إلى داره فحفر لها اليهودي ثم دفنها فخالف
إليها طعمة فاحتفر عنها فأخذها فلما جاء اليهودي يطلب درعه كافره عنها فانطلق إلى
أناس من اليهود من عشيرته فقال : انطلقوا معي فإني أعرف موضع الدرع فلما علم به
طعمة أخذ الدرع فألقاها في بيت أبي مليك الأنصاري فلما جاءت اليهود تطلب الدرع فلم
تقدر عليها وقع به طعمة وأناس من قومه فسبوه
(2/674)
قال
: أتخونوني
؟ فانطلقوا يطلبونها في داره فأشرفوا على دار أبي مليك فإذا هم بالدرع وقال طعمة :
أخذها أبو مليك وجادلت الأنصار دون طعمة وقال لهم : انطلقوا معي إلى رسول الله صلى
الله عليه و سلم فقولوا له ينضح عني ويكذب حجة اليهودي فإني إن أكذب كذب على أهل
المدينة اليهودي فأتاه أناس من الأنصار فقالوا : يا رسول الله جادل عن طعمة وأكذب
اليهودي
فهم رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يفعل فأنزل الله عليه ولا تكن للخائنين
خصيما إلى قوله أثيما ثم ذكر الأنصار ومجادلتهم عنه فقال يستخفون من الناس ولا
يستخفون من الله إلى قوله وكيلا ثم دعا إلى التوبة فقال ومن يعمل سوءا أو يظلم
نفسه إلى قوله رحيما ثم ذكر قوله حين قال أخذها أبو مليك فقال ومن يكسب إثما إلى
قوله مبينا ثم ذكر الأنصار وأتيانها إياه أن ينضح عن صاحبهم ويجادل عنه فقال :
لهمت طائفة منهم أن يضلوك ثم ذكر مناجاتهم فيما يريدون أن يكذبوا عن طعمة فقال :
لا خير في كثير من نجواهم النساء الآية 115 فلما فضح الله طعمة بالقرآن بالمدينة
هرب حتى أتى مكة فكفر بعد إسلامه ونزل على الحجاج بن علاط السلمي فنقب بيت الحجاج
فأراد أن يسرقه فسمع الحجاج خشخشته في بيته وقعقعة جلود كانت عنده فنظر فإذا هو
بطعمة فقال : ضيفي وابن عمي فأردت أن تسرقني ؟ فأخرجه فمات بحرة بني سليم كافرا
وأنزل الله فيه ومن يشاقق الرسول النساء الآية 115 إلى وساءت مصيرا
وأخرج سنيد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال : استودع رجل من الأنصار طعمة بن
أبيرق مشربة له فيها درع فغاب فلما قدم الأنصاري فتح مشربته فلم يجد الدرع فسأل
عنها طعمة بن أبيرق فرمى بها رجلا من اليهود يقال له زيد بن السمين فتعلق صاحب
الدرع بطعمة في درعه فلما رأى ذلك قومه أتو النبي صلى الله عليه و سلم فكلموه
ليدرأ عنه فهم بذلك فأنزل الله إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس إلى
قوله ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم يعني طعمة بن أبيرق وقومه ها أنتم هؤلاء
جادلتم إلى قوله يكون عليهم وكيلا محمد صلى الله عليه و سلم وقوم طعمة ثم يرم به
برئيا يعني زيد بن السمين فقد احتمل
(2/675)
بهتانا
طعمة بن أبيرق ولولا فضل الله عليك ورحمته لمحمد صلى الله عليه و سلم لهمت طائفة
قوم طعمة لا خير في كثير النساء الآية 114 الآية للناس عامة ومن يشاقق الرسول
النساء الآية 115 قال : لما أنزل القرآن في طعمة بن أبيرق لحق بقريش ورجع في دينه
ثم عدا على مشربة للحجاج بن علاط البهري فنقبها فسقط عليه حجر فلحج فلما أصبح
أخرجوه من مكة فخرج فلقي ركبا من قضاعة فعرض لهم فقال : ابن سبيل منقطع به
فحملوه حتى إذا جن عليه الليل عدا عليهم فسرقهم ثم انطلق فرجعوا في طلبه فأدركوه
فقذفوه بالحجارة حتى مات
فهذه الآيات كلها فيه نزلت إلى قوله إن الله لا يغفر أن يشرك به النساء الآية 115
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار استودع درعا
فجحدها صاحبها فلحق به رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فغضب له قومه
وأتوا نبي الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : خونوا صاحبنا وهو أمين مسلم فأعذره
يا نبي الله وازجر عنه فقام النبي صلى الله عليه و سلم فعذره وكذب عنه وهو يرى أنه
بريء وأنه مكذوب عليه فأنزل الله بيان ذلك فقال إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق
لتحكم بين الناس بما أراك الله إلى قوله أمن يكون عليهم وكيلا فبين خيانته فلحق
بالمشركين من أهل مكة وارتد عن الإسلام فنزل فيه ومن يشاقق الرسول النساء الآية
115 إلى قوله وساءت مصيرا
واخرج ابن أبي حاتم عن عطية العوفي " أن رجلا يقال له طعمة بن أبيرق سرق درعا
على عهد النبي صلى الله عليه و سلم فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه و سلم
فألقاها في بيت رجل ثم قال لأصحاب له : انطلقوا فاعذروني عند النبي صلى الله عليه
و سلم فإن الدرع قد وجد في بيت فلان
فانطلقوا يعذرونه عند النبي صلى الله عليه و سلم فأنزل الله ومن يكسب خطيئة أو
إثما ثم يرم به برئيا فقد احتمل بهتانا قال : بهتانه قذفه الرجل "
واخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم قال : اختان رجل من الأنصار عما له درعا
فقذف بها يهوديا كان يغشاهم فجادل الرجل قومه فكأن
(2/676)
النبي
صلى الله عليه و سلم عذره ثم لحق بدار الشرك فنزلت فيه ومن يشاقق الرسول
النساء الآية 114 الآية
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إياكم والرأي فإن الله قال
لنبيه صلى الله عليه و سلم لتحكم بين الناس بما أراك الله ولم يقل بما رأيت
وأخرج ابن المنذر عن عمرو بن دينار أن رجلا قال لعمر بما أراك الله قال : مه إنما
هذه للنبي صلى الله عليه و سلم خاصة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطية العوفي لتحكم بين الناس بما أراك الله قال
: الذي أراه في كتابه
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مالك بن أنس عن ربيعة قال : إن الله أنزل القرآن وترك
فيه موضعا للسنة وسن رسول الله صلى الله عليه و سلم السنة وترك فيها موضعا للرأي
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن وهب قال : قال لي مالك : الحكم الذي يحكم به بين الناس
على وجهين فالذي يحكم بالقرآن والسنة الماضية فذلك الحكم الواجب والصواب والحكم
يجتهد فيه العالم نفسه فيما لم يأت فيه شيء فلعله أن يوفق
قال : وثالث التكلف لما لا يعلم فما أشبه ذلك أن لا يوفق
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة لتحكم بين الناس بما أراك الله قال : بما بين الله لك
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطر لتحكم بين الناس بما أراك الله قال : بالبينات والشهود
وأخرج عبد وابن أبي حاتم عن ابن مسعود موقوفا ومرفوعا قال : " من صلى صلاة
عند الناس لا يصلي مثلها إذا خلا فهي استهانة استهان بها ربه ثم تلا هذه الآية
يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم "
وأخرج عبد بن حميد عن حذيفة مثله وزاد : ولا يستحيي أن يكون الناس أعظم عنده من
الله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي رزين إذ يبيتون قال
: إذ يؤلفون ما لا يرضى من القول
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس في قوله ومن
(2/677)
يعمل
سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله قال : أخبر الله عباده بحلمه وعفوه وكرمه وسعة
رحمته ومغفرته فمن أذنب ذنبا صغير كان أو كبيرا ثم استغفر الله يجد الله غفورا
رحيما ولو كانت ذنوبه أعظم من السموات والأرض والجبال
وأخرج ابن جرير وعبد بن حميد والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال
: كان بنو إسرائيل إذا أصاب أحدهم ذنبا أصبح قد كتب كفارة ذلك الذنب على بابه وإذا
أصاب البول شيئا منه قرضه بالمقراض فقال رجل : لقد آتى الله بني إسرائيل خيرا فقال
ابن مسعود : ما آتاكم الله خير مما آتاهم جعل لكم الماء طهورا وقال ومن يعمل سوءا
أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود قال : من قرأ هاتين الآيتين من سورة النساء ثم
استغفر غفر له ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما
ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاؤوك فتستغفروا الله واستغفر لهم الرسول
النساء الآية 48 الآية
وأخرج ابن جرير عن حبيب بن أبي ثابت قال : جاءت امرأة إلى عبد الله بن مغفل فسألته
عن امرأة فجرت فحبلت ولما ولدت قتلت ولدها فقال : ما لها إلا النار
فانصرفت وهي تبكي فدعاها ثم قال : ما أرى أمرك إلا أحد أمرين من يعمل سوءا أو يظلم
نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما فمسحت عينها ثم مضت
وأخرج ابن أبي حاتم وابن السني في عمل اليوم والليلة وابن مردويه عن علي قال :
سمعت أبا بكر يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " ما من عبد
أذنب فقام فتوضأ فأحسن وضوءه ثم قام فصلى واستغفر من ذنبه إلا كان حقا على الله أن
يغفر له لأن الله يقول ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا
رحيما "
وأخرج أبو يعلى والطبراني وابن مردويه عن أبي الدرداء قال : كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم إذا جلس وجلسنا حوله وكانت له حاجة فقام إليها وأراد الرجوع ترك
نعليه في مجلسه أو بعض ما يكون عليه وأنه قام فترك نعليه فأخذت ركوة من ماء
فاتبعته
(2/678)
فمضى
ساعة ثم رجع ولم يقض حاجته فقال : " إنه أتاني آت من ربي فقال : إنه من يعمل
سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما فأردت أن أبشر أصحابي
قال أبو الدرداء : وكانت قد شقت على الناس التي قبلها من يعمل سوءا يجز به النساء
الآية 123 فقلت : يا رسول الله وإن زنى وإن سرق ثم استغفر ربه غفر الله له ؟ قال :
نعم
قلت : الثانية
قال نعم
قلت : الثالثة
قال : نعم
على رغم أنف عويمر "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن سيرين ثم يرم به برئيا قال :
يهوديا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وعلمك ما لم تكن تعلم قال : علمه الله بيان
الدينا والآخرة
بين حلاله وحرامه ليحتج بذلك على خلقه
وأخرج عن الضحاك قال : علمه الخير والشر
والله أعلم
الآية 114
أخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن زيد أسلم في قوله لا خير في كثير من نجواهم
إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس من جاءك يناجيك في هذا فاقبل
مناجاته ومن جاء يناجيك في غير هذا فاقطع أنت عنه ذاك لا تناجيه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان إلا من أمر بصدقة أو معروف قال :
المعروف القرض
وأخرج الترمذي وابن ماجه وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي الدنيا في
الصمت وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طريق محمد بن عبد الله
بن يزيد بن حنيش قال : دخلنا على سفيان الثوري نعوده ومعنا سعيد بن حسان
(2/679)
المخزومي
فقال له سفيان : أعد علي الحديث الذي كنت حدثتنيه عن أم صالح
قال : حدثتني أم صالح بنت صالح عن صفية بنت شيبة عن أم حبيبة زوج النبي صلى الله
عليه و سلم قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " كلام ابن آدم كله
عليه لا له إلا أمرا بمعروف أو نهيا عن منكر أو ذكر الله عز و جل
فقال محمد بن يزيد : ما أشد هذا الحديث ! فقال سفيان : وما شدة هذا الحديث ؟ إنما
جاءت به امرأة عن امرأة هذا في كتاب اللله الذي أرسل به نبيكم صلى الله عليه و سلم
أما سمعت الله يقول لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح
بين الناس فهذا هو بعينه أوما سمعت الله يقول يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا
يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا النبأ الآية 38 فهو هذا بعينه أوما سمعت
الله يقول والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا
بالحق وتواصوا بالصبر العصر : السورة كلها فهو هذا بعينه "
وأخرج مسلم والبيهقي عن ابن شريح الخزاعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت "
وأخرج البخاري والبيهقي عن سهل بن سعد " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة "
وأخرج البخاري في الأدب والبيهقي عن سهل بن سعد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " إن أكثر ما يدخل الناس النار الأجوفان : الفم والفرج
"
وأخرج مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي عن سفيان بن عبد الله الثقفي قال
: قلت : يا رسول الله مرني بأمر أعتصم به في الإسلام ؟ قال : " قل آمنت بالله
ثم استقم
قلت : يا رسول الله ما أخوف ما تخاف علي ؟ قال : هذا وأخذ رسول الله صلى الله عليه
و سلم بطرف لسان نفسه "
وأخرج البيهقي عن أبي عمر والشيباني قال : حدثني صاحب هذه الدار - يعني عبد الله
بن مسعود - قال : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم أي العمل أفضل ؟ قال :
الصلاة على ميقاتها
قلت : ثم ماذا يا
(2/680)
رسول
الله ؟ قال : بر الوالدين
قلت : ثم ماذا يا رسول الله ؟ قال : أن يسلم الناس من لسانك
قال : ثم سكت ولو استزدته لزادني "
وأخرج الترمذي والبيهقي عن عقبة بن عامر قال : قلت يا نبي الله ما النجاة ؟ قال :
" أملك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك "
وأخرج البخاري في تاريخه وابن أبي الدينا في الصمت والبيهقي عن أسود بن أبي أصرم
المحاربي قال : قلت يا رسول الله أوصني
قال : " هل تملك لسانك ؟ قلت : فما أملك إذا لم أملك لساني
قال : فهل تملك يدك ؟ قلت : فما أملك إذا لم أملك يدي ! قال : فلا تقل بلسانك إلا
معروفا ولا تبسط يدك إلا إلى خير "
وأخرج البيهقي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاث مرار
: رحم الله امرأ تكلم فغنم أو سكت فسلم "
وأخرج البيهقي عن الحسن قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : رحم
الله عبدا تكلم فغنم أو سكت فسلم "
وأخرج البيهقي عن ابن مسعود أنه أتى على الصفا فقال : يا لسان قل خيرا تغنم أو
اصمت تسلم من قبل أن تندم قالوا : يا أبا عبد الرحمن هذا شيء تقوله أو سمعته ؟ قال
: لا بل سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن أكثر خطايا ابن آدم
في لسانه "
وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي عن سعيد بن جبير قال : رأيت ابن عباس آخذا بثمرة
لسانه وهو يقول : يا لساناه قل خيرا تغنم أو اسكت عن شر تسلم قبل أن تندم
فقال له رجل : ما لي أراك آخذا بثمرة لسانك تقول كذا وكذا ؟ ! قال : إنه بلغني أن
العبد يوم القيامة ليس هو عن شيء أحنق منه على لسانه
وأخرج أبو يعلى والبيهقي عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " من سره أن يسلم فليلزم الصمت "
وأخرج البيهقي عن أنس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لقي أبا ذر فقال
ألا أدلك على خصلتين هما أخف على الظهر وأثقل في الميزان من غيرهما ؟ قال : بلى يا
رسول الله
قال : عليك بحسن الخلق وطول الصمت والذي نفس محمد بيده ما عمل الخلائق بمثلهما
"
وأخرج البيهقي عن أبي ذر قال : قلت يا رسول الله أوصني
قال : أوصيك
(2/681)
بتقوى
الله فإنه أزين لأمرك كله
قلت : زدني
قال : عليك بتلاوة القرآن وذكر الله فإنه ذكر لك في السماء ونور لك في الأرض
قلت : زدني
قال : عليك بطول الصمت فإنه مطردة للشيطان وعون لك على أمر دينك
قلت : زدني
قال : إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب ويذهب بنور الوجه
قلت : زدني
قال : قل الحق ولو كان مرا
قلت : زدني
قال : لا تخف في الله لومة لائم
قلت : زدني
قال : ليحجزك عن الناس ما تعلم من نفسك "
وأخرج البيهقي عن ركب المصري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
طوبى لمن عمل بعلمه وأنفق الفضل من ماله وأمسك الفضل من قوله "
وأخرج الترمذي والبيقهي عن أبي سعيد الخدري رفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " إذا أصبح ابن آدم فإن كل شيء من الجسد يكفر اللسان يقول : ننشدك الله
فينا فإنك إن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا "
وأخرج أحمد في الزهد والنسائي والبيهقي عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر بن الخطاب
اطلع على أبي بكر وهو يمد لسانه قال : ما تصنع يا خليفة رسول الله ؟ قال : إن هذا
الذي أوردني الموارد إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ليس شيء من
الجسد إلا يشكو ذرب اللسان على حدته "
وأخرج البيهقي عن أبي جحيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أي
الأعمال أحب إلى الله ؟ قال : فسكتوا فلم يجبه أحد
قال : هو حفظ اللسان "
وأخرج البيهقي عن عمران بن الحصين " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
مقام الرجل بالصمت أفضل من عبادة ستين سنة "
وأخرج البيهقي عن معاذ بن جبل قال : كنا مع النبي صلى الله عليه و سلم في غزوة
تبوك فأصاب الناس ريح فتقطعوا فضربت ببصري فإذا أنا أقرب الناس من رسول الله صلى
الله عليه و سلم فقلت : لأغتنمن خلوته اليوم فدنوت منه فقلت : يا رسول الله أخبرني
بعمل يقربني - أو قال - يدخلني الجنة ويباعدني من النار ؟ قال : لقد سألت عن عظيم
وأنه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة
المكتوبة وتؤتي الزكاة المفروضة وتحج البيت وتصوم رمضان وإن شئت أنبأتك بأبواب
الخير
قلت : أجل يا رسول الله
قال : الصوم جنة والصدقة تكفر الخطيئة وقيام العبد في جوف الليل يبتغي به وجه الله
ثم قرأ الآية
(2/682)
تتجافى
جنوبهم عن المضاجع ألم السجدة الآية 16 ثم قال : إن شئت أنبأتك برأس الأمر وعموده
وذروة سنامه
قلت أجل يا رسول الله
قال : أما رأس الأمر فالإسلام وأما عموده فالصلاة وأما ذروة سنامه فالجهاد وإن شئت
أنبأتك بأملك الناس من ذلك كله
قلت : ما هو يا رسول الله ؟ فأشار بإصبعه إلى فيه
فقلت : وإنا لنؤاخذ بكل ما نتكلم به ؟ ! فقال : ثكلتك أمك يا معاذ وهل يكب الناس
على مناخرهم في جهنم إلا حصائد ألسنتهم وهل تتكلم إلا ما عليك أو لك ؟ ! "
وأخرج البيهقي عن عطاء بن أبي رباح قال : إن من قبلكم كانوا يعدون فضول الكلام ما
عدا كتاب الله أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو أن تنطق في معيشتك التي لا بد لك
منها أتذكرون أن عليكم حافظين كراما كاتبين الإنفطار الآية 11 عن اليمين وعن
الشمال قعيد ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ق الآية 18 أما يستحي أحدكم لو
نشرت صحيفته التي أملى صدر نهاره وليس فيها شيء من أمر آخرته
وأخرج ابن سعد عن أنس بن مالك قال : لا يتقي الله عبد حتى يخزن من لسانه
وأخرج أحمد عن أنس : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لا يستقيم
إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ولا يدخل الجنة حتى
يأمن جاره بوائقه "
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي
الدرداء قال : ما في المؤمن بضعة أحب إلى الله من لسانه به يدخله الجنة وما في
الكافر بضعة أبغض إلى الله من لسانه به يدخله النار
وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لا تنطق فيما لا يعنيك
واخزن لسانك كما تخزن درهمك
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن سلمان الفارسي قال : أكثر الناس ذنوبا
أكثرهم كلاما في معصية الله
(2/683)
وأخرج
أحمد عن ابن مسعود قال : أكثر الناس خطايا أكثرهم خوضا في الباطل
وأخرج أحمد عن ابن مسعود قال : والذي لا إله غيره ما على الأرض شيء أحوج إلى طول
سجن من لسان
وأخرج ابن عدي عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لا يصلح الكذب إلا في ثلاث : الرجل يرضي امرأته وفي الحرب وفي صلح بين
الناس "
وأخرج البيهقي عن النواس بن سمعان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن الكذب لا يصلح إلا في ثلاث : الحرب فإنها خدعة والرجل يرضي امرأته
والرجل يصلح بين اثنين "
وأخرج البيهقي عن أسماء بنت يزيد قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لا يصلح الكذب إلا في ثلاث : الرجل يكذب لامرأته لترضى عنه أو إصلاح بين
الناس أو يكذب في الحرب "
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ما عمل
ابن آدم شيء أفضل من الصدقة وصلاح ذات البين وخلق حسن "
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" أفضل الصدقة صلاح ذات البين "
وأخرج البيهقي عن أبي أيوب قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
يا أبا أيوب ألا أخبرك بما يعظم الله به الأجر ويمحو به الذنوب ؟ تمشي في إصلاح
الناس إذا تباغضوا وتفاسدوا فإنها صدقة يحب الله موضعها "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والبيهقي عن أم كلثوم بنت
عقبة " أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ليس الكذاب بالذي
يصلح بين الناس فينمي خيرا أو يقول خيرا وقالت : لم أسمعه يرخص في شيء مما يقوله
الناس إلا في ثلاث : في الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة
زوجها "
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والبيهقي عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " ألا أخبركم بأفضل من درجات الصيام والصلاة والصدقة ؟
قالوا : بلى
قال : إصلاح ذات البين
قال : وفساد ذات البين هي الحالقة "
(2/684)
وأخرج
البيهقي عن أبي أيوب " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال له : يا أبا أيوب
ألا أدلك على صدقة يرضى الله ورسوله موضعها ؟ قال : بلى
قال : أن تصلح بين الناس إذا تفاسدوا وتقرب بينهم إذا تباعدوا "
وأخرج البزار عن أنس " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لأبي أيوب : ألا
أدلك على تجارة ؟ قال : بلى
قال : تسعى في صلح بين الناس إذا تفاسدوا وتقرب بينهم إذا تباعدوا "
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت قال : كنت جالسا
مع محمد بن كعب القرظي فأتاه رجل فقال له القوم : أين كنت ؟ فقال : أصلحت بين
القوم فقال محمد بن كعب : أصبت لك مثل أجر المجاهدين ثم قرأ لا خير في كثير من
نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس
واخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله ومن يفعل ذلك تصدق أو أقرض أو أصلح
بين الناس
وأخرج أبو نصر السجري في الإبانة عن أنس قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه
و سلم فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : " إن الله أنزل علي في القرآن يا
أعرابي لا خير في كثير من نجواهم إلى قوله فسوف نؤتيه أجرا عظيما يا أعرابي الأجر
العظيم : الجنة
قال الأعرابي : الحمد لله الذي هدانا للإسلام
الآيتان 115 - 116
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : دعاني معاوية فقال : بايع لابن أخيك
فقلت : يا معاوية ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل
المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا فأسكته عني
(2/685)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله نوله ما تولى
من آلهة الباطل
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك قال : كان عمر بن عبد العزيز يقول : سن رسول الله صلى
الله عليه و سلم وولاة الأمر من بعده سننا الأخذ بها تصديق لكتاب الله واستكمال
لطاعة الله وقوة على دين الله ليس لأحد تغييرها ولا تبديلها ولا النظر فيما خالفها
من اقتدى بها مهتد ومن استنصر بها منصور ومن خالفها اتبع غير سبيل المؤمنين وولاه
الله ما تولى وصلاه جهنم وساءت مصيرا
وأخرج الترمذي والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " لا يجمع الله هذه الأمة على الضلالة أبدا ويد الله على
الجماعة فمن شذ شذ في النار "
وأخرج الترمذي والبيهقي عن ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا
يجمع الله أمتي
أو قال : هذه الأمة على الضلالة أبدا ويد الله على الجماعة "
الآيات 118 - 122
أخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند وابن المنذر وابن أبي حاتم والضياء في
المختارة عن أبي بن كعب إن يدعون من دونه إلا إناثا قال : مع كل صنم جنية
(2/686)
وأخرج
عبد وابن جرير وابن المنذر عن أبي مالك في قوله إن يدعون من دونه إلا إناثا قال :
اللات والعزى ومنات كلها مؤنث
وأخرج ابن جرير عن السدي إن يدعون من دونه إلا إناثا يقول : يسمونهم إناثا لات
ومناة وعزى
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس إن يدعون من دونه إلا إناثا
قال : موتى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال :
الإناث كل شيء ميت ليس فيه روح مثل الخشبة اليابسة ومثل الحجر اليابس
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال إلا إناثا قال : ميتا لا روح فيه
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن الحسن قال : كان لكل حي من أحياء
العرب صنم يعبدونها اثنى بني فلان فأنزل الله إن يدعون من دونه إلا إناثا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله إن يدعون من دونه إلا إناثا قال
المشركون : إن الملائكة بنات الله وإنما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى
قال اتخذوا أربابا وصوروهن صور الجواري فحلوا وقلدوا وقالوا : هؤلاء يشبهن بنات
الله الذي نعبده يعنون الملائكة
وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي أن ابن عباس كان يقرأ هذا الحرف " إن يدعون من
دونه إلا أنثى وإن يدعون إلا شيطانا مريدا " قال مع كل صنم شيطانة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله إلا إناثا قال : إلا
أوثانا
وأخرج أبو عبيد في فضائل القرآن وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
الأنباري في المصاحف عن عائشة أنها كانت تقرأ إن يدعون من دونه إلا أوثانا ولفظ
ابن جرير كان في مصحف عائشة إن يدعون من دونه إلا أوثانا
وأخرج الخطيب في تاريخه عن عائشة قالت : قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم إن
يدعون من دونه إلا أنثى
(2/687)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان وإن يدعون إلا شيطانا يعني إبليس
وأخرج عن سفيان وإن يدعون إلا شيطانا قال : ليس من صنم إلا فيه شيطان
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله مريدا
قال : تمرد على معاصي الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان وقال لأتخذن من عبادك قال : هذا قول إبليس
نصيبا مفروضا يقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحد إلى الجنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا قال :
يتخذونها من دونه ويكونون من حزبي
وأخرج ابن جرير عن الضحاك نصيبا مفروضا قال : معلوما
وأخرج ابن المنذر عن الربيع بن أنس في قوله لأتخذن من عبادك نصيبا مفروضا قال : من
كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ولأضلنهم ولأمنينهم ولآمرنهم
فليبتكن آذان الأنعام قال : دين شرعه لهم إبليس كهيئة البحائر والسوائب
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله فليبتكن
آذان الأنعام قال : التبتك في البحيرة والسائبة كانوا يبتكون آذانها لطواغيتهم
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك فليبتكن آذان الأنعام قال : ليقطعن آذان الأنعام
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : أما يبتكن آذان الأنعام
فيشقونها فيجعلونها بحيرة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كره
الإخصاء وقال : فيه نزلت ولآمرنهم فليغيرن خلق الله
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن
(2/688)
أنس
بن مالك أنه كره الإخصاء وقال : فيه نزلت ولآمرنهم فلغيرن خلق الله ولفظ عبد
الرزاق قال : من تغيير خلق الله الإخصاء
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن ابن عباس قال : إخصاء البهائم مثله ثم قرأ
ولآمرنهم فليغيرن خلق الله
وأخرج عبد بن حميد من طرق عن ابن عباس ولآمرنهم فليغيرن خلق الله قال : هو الخصاء
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عمر قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه
و سلم عن خصاء الخيل والبهائم قال ابن عمر : فيه نماء الخلق "
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه
و سلم عن صبر الروح وإخصاء البهائم "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب كان ينهى عن إخصاء
البهائم ويقول : هل النماء إلا في الذكور
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن شبيل أنه سمع شهر بن حوشب قرأ هذه
الآية فليغيرن خلق الله قال : الخصاء منه
فأمرت أبا التياج فسأل الحسن عن خصاء الغنم ؟ قال : لا بأس به
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة في قوله فليغيرن
خلق الله قال : هو الخصاء
وأخرج ابن المنذر والبيهقي عن ابن عمر أنه كان يكره الخصاء ويقول : هو نماء خلق
الله
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن عكرمة أنه كره الخصاء قال : فيه نزلت ولآمرنهم
فليغيرن خلق الله
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عروة أنه خصى بغلا له
وأخرج ابن المنذر عن طاوس أنه خصى جملا له
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن محمد بن سيرين أنه سئل عن خصاء الفحول ؟ فقال :
لا بأس لو تركت الفحول لأكل بعضها بعضا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن الحسن قال : لا بأس بإخصاء الدواب
(2/689)
وأخرج
ابن المنذر عن أبي سعيد عبد الله بن بشر قال : أمرنا عمر بن عبد العزيز بخصاء
الخيل ونهانا عنه عبد الملك بن مروان
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عطاء أنه سئل عن إخصاء الفحل فلم ير به عند
عضاضه وسوء خلقه بأسا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس ولآمرنهم فليغيرن
خلق الله قال : دين لله
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله فليغيرن خلق الله قال : دين الله
وهو قوله فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله الروم الآية 30 يقول
: لدين الله
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن إبراهيم
فليغيرن خلق الله قال : دين الله
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سعيد بن جبير فليغيرن خلق الله قال : دين الله
وأخرج عبد الرزاق وآدم وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد
فليغيرن خلق الله قال : دين الله ثم قرأ لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله فليغيرن
خلق الله قال : الوشم
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات
والمتفلجات للحسن والمغيرات خلق الله
وأخرج أحمد عن أبي ريحانة قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن عشرة
: عن الوشر والوشم والنتف وعن مكامعة الرجل الرجل بغير شعار وعن مكامعة المرأة
المرأة بغير شعار وأن يجعل الرجل في أسفل ثوبه حريرا مثل الأعلام وأن يجعل على
منكبه مثل الأعاجم وعن النهبى وعن ركوب النمور ولبوس الخاتم إلا لذي سلطان "
(2/690)
وأخرج
أحمد عن عائشة قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يلعن القاشرة
والمقشورة والواشمة والتستوشمة والواصلة والمتصلة "
وأخرج أحمد ومسلم عن جابر قال : " زجر النبي صلى الله عليه و سلم أن تصل
المرأة برأسها شيئا "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشة أن جارية من الأنصار تزوجت وأنها مرضت فتمعط
شعرها فأرداوا أن يصلوها فسألوا النبي صلى الله عليه و سلم فقال : " لعن الله
الواصلة والمستوصلة "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أسماء بنت أبي بكر قالت : " أتت النبي صلى الله
عليه و سلم امرأة فقالت : يا رسول الله إن لي ابنة عروسا وأنه أصابها حصبة فتمزق
شعرها أفأصله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لعن الله الواصلة والمستوصلة
"
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ولآمرنهم فليغيرن خلق الله قال
: ما بال أقوام جهلة يغيرون صبغة الله ولون الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : إن أصدق الحديث كلام الله
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : " كل ما هو آت قريب إلا أن
البعيد ما ليس بآت ألا لا يعجل الله لعجلة أحد ولا يجد لأمر الناس ما شاء الله لا
ما شاء الناس يريد الله أمرا ويريد الناس أمرا ما شاء الله كان ولو كره الناس لا
مقرب لما باعد الله ولا مباعد لما قرب الله ولا يكون شيء إلا بإذن الله أصدق
الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه و سلم وشر الأمور محدثاتها
وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وخير ما ألقي في القلب اليقين وخير الغنى غنى النفس
وخير العلم ما نفع وخير الهدي ما اتبع وما قل وكفى خير مما كثر وألهى وإنما يصير
أحدكم إلى موضع أربعة أذرع ألا لا تملوا الناس ولا تسئموهم فإن لكا نفس نشاطا
وإقبالا وإن لها سآمة وإدبارا ألا وشر الروايا روايا الكذب والكذب يقود إلى الفجور
وإن الفجور يقود إلى النار ألا وعليكم بالصدق فإن الصدق يقود إلى البر وإن البر
يقود إلى الجنة واعتبروا في ذلك أيهما الفئتان التقا يقال للصادق صدق وبر ويقال
للكاذب كذب وفجر وقد سمعنا نبيكم صلى الله عليه و سلم يقول : لا يزال العبد يصدق
حتى يكتب صديقا ولا يزال يكذب حتى يكتب كذابا
(2/691)
ألا
وإن الكذب لا يصلح في جد ولا هزل ولا أن يعد الرجل منكم صبيه ثم لا ينجز له ألا
ولا تسالوا أهل الكتاب عن شيء فإنهم قد طال عليهم الأمد فقست قلوبهم وابتدعوا في
دينهم فإن كنتم لا محالة سائليهم فما وافق كتابكم فخذوه وما خالفه فأمسكوا عنه
واستكوا ألا وإن أصفر البيوت البيت الذي ليس فيه من كتاب الله شيء ألا وإن البيت
الذي ليس فيه من كتاب الله خرب كخراب البيت الذي لا عامر له ألا وإن الشيطان يخرج
من البيت الذي يسمع سورة البقرة تقرأ فيه "
وأخرج البيهقي في الدلائل عن عقبة بن عامر قال : " خرجنا مع رسول الله صلى
الله عليه و سلم في غزوة تبوك فأشرف رسول الله صلى الله عليه و سلم فلما كان منها
على ليلة فلم يستيقظ حتى كانت الشمس قيد رمح قال : ألم اقل لك يا بلال أكلئنا
الليلة ؟ فقال : يا رسول الله ذهب بي النوم فذهب بي الذي ذهب بك فانتقل رسول الله
صلى الله عليه و سلم من ذلك المنزل غير بعيد ثم صلى ثم هدر بقية يومه وليلته فأصبح
بتبوك فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال : أما بعد : فإن أصدق الحديث كتاب
الله وأوثق العرا كلمة التقوى وخير الملل ملة إبراهيم وخير السنن سنة محمد صلى
الله عليه و سلم وأشرف الحديث ذكر الله وأحسن القصص هذا القرآن وخير الأمور
عوازمها وشر الأمور محدثاتها وأحسن الهدي هدي الأنبياء وأشرف الموت قتل الشهداء
وأعمى العمى الضلالة بعد الهدي وخير العلم ما نفع وخير الهدى ما اتبع وشر العمى
عمى القلب واليد العليا خير من اليد السفلى وما قل وكفى خير مما كثر وألهى وشر
المعذرة حين يحضر الموت وشر الندامة يوم القيامة ومن الناس من لا يأتي الصلاة إلا
دبرا ومنهم من لا يذكر الله إلا هجرا وأعظم الخطايا اللسان الكذوب وخير الغنى غنى
النفس وخير الزاد التقوى ورأس الحكمة مخافة الله عز و جل وخير ما وقر في القلوب
اليقين والإرتياب من الكفر والنياحة من عمل الجاهلية والغلول من جثاء جهنم والكنز
كي من النار والشعر من مزامير إبليس والخمر جماع الإثم والنساء حبالة الشيطان
والشباب شعبة من الجنون وشر المكاسب كسب الربا وشر المآكل مال اليتيم والسعيد من
وعظ بغيره والشقي من شقي في بطن أمه وإنما يصير أحدكم إلى موضع أربع أذرع والأمر
بآخره وملاك العمل خواتمه وشر الروايا روايا الكذب وكل ما هو آت قريب وسباب المؤمن
فسوق وقتال المؤمن كفر وأكل
(2/692)
لحمه
من معصية الله وحرمة ماله كحرمة دمه ومن يتأول على الله يكذبه ومن يغفر يغفر له
ومن يغضب يغضب الله عنه ومن يكظم الغيظ يأجره الله ومن يصبر على الرزية يعوضه الله
ومن يتبع السمعة يسمع الله به ومن يصبر يضعف الله له ومن يعص الله يعذبه الله
اللهم اغفر لي ولأمتي قالها ثلاثا : استغفر الله لي ولكم "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود أنه كان يقول في خطبته : أصدق الحديث كلام الله
فذكر مثله سواء
الآية 123
أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
قال : قالت العرب : لا نبعث ولا نحاسب وقالت اليهود والنصارى لن يدخل الجنة إلا من
كان هودا أو نصارى البقرة الآية 111
وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدوة البقرة الآية 80 فأنزل الله ليس بأمانيكم
ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن مسروق قال : احتج المسلمون وأهل
الكتاب فقال المسلمون : نحن أهدى منكم
وقال أهل الكتاب نحن أهدى منكم
فأنزل الله ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب فانفلج عليهم المسلمون بهذه الآية
ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن
ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن النساء الآية 124 الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مسروق قال : تفاخر النصارى وأهل
الإسلام فقال هؤلاء : نحن أفضل منكم
وقال هؤلاء : نحن أفضل منكم
فأنزل الله ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب
(2/693)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال : ذكر لنا أن المسلمين وأهل
الكتاب افتخروا فقال أهل الكتاب : نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم ونحن أولى
بالله منكم
وقال المسلمون : نحن أولى بالله منكم ونبينا خاتم النبيين وكتابنا يقضي على الكتب
التي كانت قبله
فأنزل الله ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب إلى قوله ومن أحسن دينا الآية
فأفلج الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : التقى ناس من المسلمين واليهود
والنصارى فقالت اليهود للمسلمين : نحن خير منكم ديننا قبل دينكم وكتابنا قبل
كتابكم ونبينا قبل نبيكم ونحن على دين إبراهيم ولن يدخل الجنة إلا من كان يهوديا
وقالت النصارى مثل ذلك
فقال المسلمون : كتابنا بعد كتابكم ونبينا بعد نبيكم وديننا بعد دينكم وقد أمرتم
أن تتبعونا وتتركوا أمركم فنحن خير منكم نحن على دين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ولن
يدخل الجنة إلا من كان على ديننا
فرد الله عليهم قولهم فقال ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به
ثم فضل الله المؤمنين عليهم فقال ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع
ملة إبراهيم حنيفا النساء الآية 125
وأخرج ابن جرير من طريق عبيد بن سليمان عن الضحاك قال : تخاصم أهل الأديان فقال
أهل التوراة : كتابنا أول كتاب وخيرها ونبينا خير الأنبياء
وقال أهل الإنجيل نحوا من ذلك وقال أهل الإسلام : لا دين إلا الإسلام وكتابنا نسخ
كل كتاب ونبينا خاتم النبيين وأمرنا أن نعمل بكتابنا ونؤمن بكتابكم فقضى الله
بينهم فقال ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ثم خير بين أهل
الأديان ففضل أهل الفضل فقال ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن
النساء الآية 125 الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق جويبر عن الضحاك قال : افتخر أهل الأديان
فقالت اليهود : كتابنا خير الكتب وأكرمها على الله ونبينا أكرم الأنبياء على الله
موسى خلا به وكلمه نجيا وديننا خير الأديان
وقالت النصارى : عيسى
(2/694)
خاتم
النبيين آتاه الله التوراة والإنجيل ولو أدركه محمد تبعه وديننا خير الدين
وقالت المجوس وكفار العرب : ديننا أقدم الأديان وخيرها
وقال المسلمون : محمد رسول الله وخاتم الأنبياء وسيد الرسل والقرآن آخر ما نزل من
عند الله من الكتب وهو أمير على كل كتاب والإسلام خير الأديان فخير الله بينهم
فقال ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به يعني بذلك اليهود
والنصارى والمجوس وكفار العرب ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ثم فضل
الإسلام على كل دين فقال : ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله النساء الآية 125 الآية
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : قال أهل التوراة : كتابنا خير
الكتب أنزل قبل كتابكم ونبينا خير الأنبياء
وقال أهل الإنجيل مثل ذلك وقال أهل الإسلام : كتابنا نسخ كل كتاب ونبينا خاتم
النبيين وأمرتم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم ونعمل بكتابنا فقضى الله بينهم فقال ليس
بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به وخير بين أهل الأديان فقال ومن
أحسن دينا ممن أسلم وجهه النساء الآية 125 الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح قال : جلس
أناس من أهل التوراة وأهل الإنجيل وأهل الإيمان فقال هؤلاء : نحن أفضل منكم
وقال هؤلاء : نحن أفضل
فقال الله ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ثم خص الله أهل
الأديان فقال ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى النساء الآية 124
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب
قال : قريش وكعب بن الأشرف
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : إن الإيمان ليس بالتحلي ولا بالتمني إن الإيمان
ما وقر في القلب وصدقه العمل
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قالت اليهود والنصارى : لا
يدخل الجنة غيرنا
وقالت قريش : لا نبعث
فأنزل الله ليس
(2/695)
بأمانيكم
ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به والسوء : الشرك
وأخرج أحمد وهناد وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن جرير وأبو يعلى وابن المنذر
وابن حبان وابن السني في عمل اليوم والليلة والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان
والضياء في المختارة عن أبي بكر الصديق أنه قال : " يا رسول الله كيف الصلاح
بعد هذه الآية ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به فكل سوء
جزينا به ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم : غفر الله لك يا أبا بكر ألست تنصب
ألست تمرض ألست تحزن ألست تصيبك اللأواء ؟ قال : بلى
قال : فهو ما تجزون به "
وأخرج أحمد والبزار وابن جرير وابن مردويه والخطيب في المتفق والمفترق عن ابن عمر
قال : سمعت أبا بكر يقول : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من يعمل
سوءا يجز به في الدينا "
وأخرج ابن سعيد والترمذي الحكيم والبزار وابن المنذر والحاكم عن ابن عمر أنه مر
بعبد الله بن الزبير وهو مصلوب فقال : رحمك الله يا أبا خبيب سمعت أباك الزبير
يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : من يعمل سوءا يجز به في الدينا
"
وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن المنذر عن أبي بكر الصديق قال : كنت عند النبي
صلى الله عليه و سلم فنزلت هذه الآية من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله
وليا ولا نصيرا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يا أبا بكر ألا أقرئك
آية نزلت علي ؟ قلت : بلى يا رسول الله فاقرأنيها فلا أعلم إلا أني وجدت انقصاما
في ظهري حتى تمطيت لها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : مالك يا أبا بكر ؟
قلت : بأبي وأمي يا رسول الله وأينا لم يعمل السوء وإنا لمجزيون بكل سوء عملناه ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أما أنت وأصحابك يا أبا بكر المؤمنون فتجزون
بذلك في الدينا حتى تلقوا الله ليس لكم ذنوب وأما الآخرون فيجمع لهم ذلك حتى يجزوا
به يوم القيامة "
وأخرج ابن جرير عن عائشة عن أبي بكر قال : لما نزلت من يعمل سوءا يجز به قال أبو
بكر : يا رسول الله كل ما نعمل نؤاخذ به ؟ فقال : " يا أبا بكر أليس يصيبك
كذا وكذا
فهو كفارة "
وأخرج سعيد بن منصور وهناد وابن جرير وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه عن مسروق
قال : قال أبو بكر : يا رسول الله ما أشد هذه الآية من يعمل سوءا يجز به
(2/696)
فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " المصائب والأمراض والأحزان في الدينا جزاء
"
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في تاريخه وأبو يعلى وابن جرير والبيهقي في
شعب الإيمان بسند صحيح عن عائشة أن رجلا تلا هذه الآية من يعمل سوءا يجز به قال :
إنا لنجزى بكل ما عملناه هلكنا إذن فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال
: " نعم يجزى به المؤمن في الدينا في نفسه في جسده فيما يؤذيه "
وأخرج أبو داود وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي عن عائشة قالت : قلت
: يا رسول الله إني لأعلم أشد آية في القرآن قال : " ما هي يا عائشة ؟ قلت :
من يعمل سوءا يجز به فقال : هو ما يصيب العبد من السوء حتى النكبة ينكبها يا عائشة
من نوقش هلك ومن حوسب عذب
فقلت : يا رسول الله أليس الله يقول فسوف يحاسب حسابا يسيرا قال : ذاك العرض يا
عائشة من نوقش الحساب عن هذه الآية من يعمل سوءا يجز به قال : إن المؤمن يؤجر في
كل شيء حتى في الغط عند الموت "
وأخرج أحمد عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إذا كثرت
ذنوب العبد ولم يكن له ما يكفرها ابتلاه الله بالحزن ليكفرها "
وأخرج ابن راهويه في مسنده وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه عن أبي المهلب
قال : رحلت إلى عائشة في هذه الآية من يعمل سوءا يجز به قالت : هو ما يصيبكم في
الدينا
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر
وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي هريرة قال : لما نزلت من يعمل سوءا يجز به شق
ذلك على المسلمين وبلغت منهم ما شاء الله فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و
سلم فقال : " سددوا وقاربوا فإن في كل ما أصاب المسلم كفارة حتى الشوكة
يشاكها والنكبة ينكبها
وفي لفظ عند ابن مردويه : بكينا وحزنا وقلنا : يا رسول الله ما أبقت هذه الآية من
شيء ! قال : أما والذي نفسي بيده إنها لكما نزلت ولكن أبشروا وقاربوا وسددوا إنه لا
يصيب أحد منكم من مصيبة في الدينا إلا كفر الله بها خطيئته حتى الشوكة يشاكها
أحدكم في قدمه "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة وأبي سعيد أنهما
(2/697)
سمعا
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا
سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته "
وأخرج أحمد ومسدد وابن أبي الدينا في الكفارات وأبو يعلى وابن حبان والطبراني في
الأوسط والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي سعيد قال : " قال رجل : يا رسول الله
أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا ما لنا بها ؟ قال : كفارات
قال أبي : وإن قلت ؟ قال : وإن شوكة فما فوقها "
وأخرج ابن راهويه في مسنده عن محمد بن المنتشر قال : قال رجل لعمر ابن الخطاب :
إني لا أعرف أشد آية في كتاب الله
فأهوى عمر فضربه بالدرة وقال : مالك نقبت عنها ؟ فانصرف حتى كان الغد قال له عمر :
الآية التي ذكرت بالأمس ؟ فقال من يعمل سوءا يجز به فما منا أحد يعمل سوءا إلا جزي
به
فقال عمر : لبثنا حين نزلت ما ينفعنا طعام ولا شراب حتى أنزل الله بعد ذلك ورخص
وقال : ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما النساء
الآية 110
وأخرج الطيالسي وأحمد والترمذي وحسنه والبيهقي عن أمية بنت عبد الله قالت : سألت
عائشة عن هذه الآية من يعمل سوءا يجز به فقالت : لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه
أحد بعد أن سألت عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم سألت رسول الله صلى الله عليه
و سلم فقال : " يا عائشة هذه مبايعة الله العبد بما يصيبه من الحمى والحزن
والنكبة حتى البضاعة يضعها في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها تحت ضبنه حتى إن العبد
ليخرج من ذنوبه كما يخرج التبر الأحمر من الكير "
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدينا وابن جرير والبيهقي عن زياد بن الربيع قال :
قلت لأبي بن كعب : آية في كتاب الله قد أحزنتني قال : ما هي ؟ قلت من يعمل سوءا
يجز به قال : ما كنت أراك إلا أفقه مما أرى إن المؤمن لا تصيبه مصيبة عثرة قدم ولا
اختلاج عرق ولا نحبة نملة إلا بذنب وما يعفوه الله عنه أكثر حتى اللدغة والنفحة
وأخرج هناد وأبو نعيم في الحلية عن إبراهيم بن مرة قال : جاء رجل إلى أبي فقال :
(2/698)
يا
أبا المنذر آية في كتاب الله قد غمتني قال : أي آية ؟ قال من يعمل سوءا يجز به قال
: ذاك العبد المؤمن ما أصابته من نكبة مصيبة فيصبر فليقى الله عز و جل ولا ذنب له
وأخرج ابن جرير عن عطاء بن أبي رباح قال : لما نزلت من يعمل سوءا يجز به قال أبو
بكر : جاءت قاصمة الظهر
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنما هي المصيبات في الدينا "
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس أن ابن عمر لقيه حزينا فساله عن هذه الآية ليس
بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به فقال : ما لكم ولهذه إنما هذه
للمشركين قريش وأهل الكتاب
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس من يعمل سوءا يجز به يقول من يشرك يجز به
وهو السوء ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا إلا أن يتوب قبل موته فيتوب الله
عليه
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وهناد والحكيم الترمذي والبيهقي عن الحسن في
قوله من يعمل سوءا يجز به قال : إنما ذاك لمن أراد الله هوانه فأما من أراد الله
كرامته فإنه يتجاوز عن سيئاته في أصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون
وأخرج البيهقي عن أنس قال : " أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم شجرة فهزها
حتى تساقط من ورقها ما شاء الله أن يتساقط ثم قال : الأوجاع والمصيبات أسرع في
ذنوب بني آدم مني في هذه الشجرة "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وفي ولده وماله حتى يلقى
الله وما عليه من خطيئة "
وأخرج أحمد عن السائب بن خلاد " أن
(2/699)
رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه إلا كتب
الله له بها حسنة وحط عنه بها خطيئة "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشة قالت : قال النبي صلى الله عليه و سلم :
" ما من مصيبة تصيب المسلم إلا كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والحكيم الترمذي عن عائشة قالت : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " لا يصيب المؤمن شوكة فما فوقها إلا رفعه الله بها
درجة وحط عنه بها خطيئة "
وأخرج أحمد عن عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم طرقه وجع فجعل يشتكي
ويتقلب على فراشه فقالت عائشة : لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه فقال النبي صلى الله
عليه و سلم : إن الصالحين يشدد عليهم وأنه لا يصيب مؤمنا نكبة من شوكة فما فوق ذلك
إلا حطت به عنه خطيئة ورفع له بها درجة "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى
ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله من خطاياه "
وأخرج أحمد وهناد في الزهد معا عن أبي بكر الصديق قال : إن المسلم ليؤجر في كل شيء
حتى في النكبة وانقطاع شسعه والبضاعة تكون في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها في
ضبنه
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعد بن أبي وقاص قال : قلت : يا رسول الله أي الناس أشد
بلاء ؟ قال : " النبيون ثم الأمثل من الناس فما يزال بالعبد البلاء حتى يلقى
الله وما عليه من خطيئة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبيهقي عن معاوية : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه إلا كفر الله عنه به من
سيئاته "
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " صداع المؤمن أو شوكة يشاكها أو شيء يؤذيه يرفعه الله بها يوم
القيامة درجة ويكفر عنه بها ذنوبه "
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن بريدة الأسلمي سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " ما أصاب رجلا من المسلمين نكبة فما فوقها - حتى ذكر الشوكة -
إلا لإحدى خصلتين : إلا ليغفر الله من الذنوب ذنبا لم يكن ليغفر الله له إلا بمثل
ذلك أو يبلغ به من الكرامة كرامة لم يكن يبلغها إلا بمثل ذلك "
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن مسعود قال : إن الوجع لا يكتب به الأجر إنما
الأجر في العمل ولكن يكفر الله به الخطايا
وأخرج ابن سعد والبيهقي عن عبد الله بن أياس بن أبي فاطمة عن أبيه عن جده
(2/700)
عن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " أيكم يحب أن يصح فلا يسقم ؟ قالوا :
كلنا يا رسول الله قال : أتحبون أن تكونوا كالحمير الضالة
وفي لفظ : الصيالة ألا تحبون أن تكونوا أصحاب بلاء وأصحاب كفارات ؟ والذي نفسي
بيده إن الله ليبتلي المؤمن وما يبتليه إلا لكرامته عليه وإن العبد لتكون له
الدرجة في الجنة لا يبلغها بشيء من عمله حتى يبتليه بالبلاء ليبلغ به تلك الدرجة
"
وأخرج أحمد وابن أبي الدينا والبيهقي عن محمد بن خالد السلمي عن أبيه عن جده وكانت
له صحبة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إذا سبقت للعبد
من الله منزلة لم يبلغها بعمله ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ثم صبره
حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله "
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن
الرجل لتكون له المنزلة عند الله فما يبلغها بعمل فما يزال يبتليه بما يكره حتى
يبلغه ذلك "
وأخرج البيهقي من طريق أحمد بن أبي الحواري قال : سمعت أبا سليمان يقول : مر موسى
عليه السلام على رجل في متعبد له ثم مر به بعد ذلك وقد مزقت السباع لحمه فرأس ملقى
وفخذ ملقى وكبد ملقى فقال موسى : يا رب عبدك كان يطيعك فابتليه بهذا ؟ ! فأوحى
الله إليه : يا موسى إنه سألني درجة لم يبلغها بعمله فابتليه بهذا لأبلغه بذلك
الدرجة "
وأخرج البيهقي عن عائشة : " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ما
ضرب من مؤمن عرق إلا حط الله به عنه خطيئة وكتب له به حسنة ورفع له به درجة "
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "
إن الله ليبتلي عبده بالسقم حتى يكفر كل ذنب "
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من صدع في سبيل الله ثم احستب غفر الله له ما كان قبل ذلك من ذنب "
وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي عن يزيد بن أبي حبيب قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " لا يزال الصداع والمليلة بالمرء المسلم حتى يدعه مثل الفضة
البيضاء "
وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي عن عامر أخي الخضر قال : إني لبأرض محارب إذا رايات
وألوية فقلت : ما هذا ؟ ! قالوا : رسول الله صلى الله عليه و سلم
فجلست إليه وهو في ظل شجرة قد بسط له كساء وحوله أصحابه فذكروا الأسقام فقال :
" إن العبد
(2/701)
المؤمن
إذا أصابه سقم ثم عافاه الله كان كفارة لما مضى من ذنوبه وموعظة له فيما يستقبل من
عمره وإن المنافق إذا مرض وعوفي كان كالبعير عقله أهله ثم أطلقوه لا يدري فيما
عقلوه ولا فيما أطلقوه
فقال رجل : يا رسول الله ما الأسقام ؟ قال : أو ما سقمت قط ؟ ! قال : لا
قال : فقم عنا فلست منا "
وأخرج البيهقي عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ما من عبد
يصرع صرعة من مرض إلا بعثه منه طاهرا
وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إن العبد إذا مرض أوحى الله إلى ملائكته : يا ملائكتي إذا قيدت عبدي
بقيد من قيودي فإن أقبضه أغفر له وإن أعافه فجسده مغفور لا ذنب له
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله ليجرب أحدكم بالبلاء - وهو أعلم -
كما يجرب أحدكم ذهبه بالنار فمنهم من يخرج كالذهب الإبريز فذلك الذي نجاه الله من
السيئات ومنهم من يخرج كالذهب دون ذلك فذلك الذي يشك بعض الشك ومنهم من يخرج
كالذهب الأسود فذلك الذي قد افتتن "
وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي من طريق بشير بن عبد الله بن أبي أيوب الأنصاري عن
أبيه عن جده قال : عاد رسول الله صلى الله عليه و سلم رجلا من الأنصار فأكب عليه
فسأله فقال : يا نبي الله ما غمضت منذ سبع ليال ولا أحد يحضرني
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أي أخي اصبر أي أخي اصبر تخرج من
ذنوبك كما دخلت فيها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ساعات الأمراض يذهبن
ساعات الخطايا "
وأخرج ابن أبي الدينا والبيهقي عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " ساعات الأذى يذهبن ساعات الخطايا "
وأخرج البيهقي عن الحكم بن عتبة رفعه قال : " إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له
من العمل ما يكفر ذنوبه ابتلاه الله بالهم يكفر به ذنوبه "
وأخرج ابن عدي والبيهقي وضعفه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " إن الله ليبتلي عبده بالبلاء والألم حتى يتركه من ذنبه كالفضة المصفاة
"
وأخرج البيهقي عن المسيب بن رافع أن أبا بكر الصديق قال : إن المرء المسلم يمشي في
الناس وما عليه خطيئة
قيل : ولم ذلك يا أبا بكر ؟ قال : بالمصائب والحجر والشوكة والسشع ينقطع
(2/702)
وأخرج
أحمد عن ابي الدرداء " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : إن الصداع
والمليلة لا يزال بالمؤمن وإن ذنبه مثل أحد فما يتركه وعليه من ذلك مثقال حبة من
خردل "
وأخرج أحمد عن خالد بن عبد الله القسري عن جده يزيد بن أسد أنه سمع النبي صلى الله
عليه و سلم يقول : " المريض تحات خطاياه كما يتحات ورق الشجر "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء قال : ما يسرني بليلة أمرضها حمر النعم
وأخرج ابن أبي شيبة عن عياض بن غضيف قال : دخلنا على أبي عبيدة بن الجراح نعوده
فإذا وجهه مما يلي الجدار وامرأته قاعدة عند رأسه قلت : كيف بات أبو عبيدة ؟ قالت
: بات بأجر
فأقبل علينا بوجهه فقال : إني لم أبت بأجر ومن ابتلاه الله ببلاء في جسده فهو له
حطة
وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان قال : إن المؤمن يصيبه الله بالبلاء ثم يعافيه فيكون
كفارة لسيئاته ومستعتبا فيما بقي وإن الفاجر يصيبه الله بالبلاء ثم يعافيه فيكون
كالبعير عقله أهله لا يدري لم عقلوه ثم أرسلوه فلا يدري لم أرسلوه
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمار أنه كان عنده أعرابي فذكروا الوجع فقال عمار : ما
اشتكيت قط ؟ قال : لا
فقال عمار : لست منا ما من عبد يبتلى إلا حط عنه خطاياه كما تحط الشجرة ورقها وإن
الكافر يبتلى فمثله مثل البعير عقل فلم يدر لم عقل وأطلق فلم يدر لم أطلق
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله من يعمل سوءا يجز به قال :
الشرك
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير
مثله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله من يعمل سوءا يجز به قال : الكافر
ثم قرأ وهل يجازى إلا الكفور سبأ الآية 17
الآية 124
(2/703)
أخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن مسروق قال : لما نزلت ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب
النساء الآية 123 الآية
قال أهل الكتاب : نحن وأنتم سواء
فنزلت هذه الآية ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن ففجلوا عليهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن السدي في قوله ومن يعمل من الصالحات من ذكر أوأنثى
وهو مؤمن قال : أبى أن يقبل الإيمان إلا بالعمل الصالح
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أن ابن عمر لقيه فسأله عن هذه الآية
ومن يعمل من الصالحات قال : الفرائض
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ومن يعمل من
الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن قال : قد يعمل اليهودي والنصراني والمشرك الخير
فلا ينفعهم في الدينا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو
مؤمن قال : إنما يتقبل الله من العمل ما كان في الإيمان
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : النقير هي النكتة التي تكون في ظهر النواة
وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي قال : " القطمير " القشرة التي تكون على
النواة والفتيل الذي يكون في بطنها و " النقير " النقطة البيضاء التي في
وسط النواة
الآيتان 125 - 126
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قال أهل الإسلام : لا دين إلا الإسلام كتابنا
نسخ كل كتاب ونبينا خاتم النبيين وديننا خير الأديان
فقال الله تعالى ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
إن الله اصطفى موسى بالكلام وإبراهيم بالخلة "
(2/704)
وأخرج
ابن جرير والطبراني في السنة عن ابن عباس قال : إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة
واصطفى موسى بالكلام واصطفى محمدا بالرؤية
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن الضريس عن معاذ بن جبل أنه لما قدم اليمن صلى
بهم الصبح فقرأ واتخذ الله إبراهيم خليلا فقال رجل من القوم : لقد قرت عين أم
إبراهيم
وأخرج الحاكم وصححه عن جندب : أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول قبل أن
يتوفى : " إن الله اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا "
وأخرج الطبراني وابن عساكر عن ابن مسعود قال : إن الله اتخذ إبراهيم خليلا وإن
صاحبكم خليل الله وإن محمدا سيد بني آدم يوم القيامة
ثم قرأ عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا الإسراء الآية 79
وأخرج الطبراني عن سمرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن
الأنبياء يوم القيامة كل اثنين منهم خليلان دون سائرهم
قال فخليلي منهم يومئذ خليل الله إبراهيم "
وأخرج الطبراني والبزار عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: إن في الجنة قصرا من درة لا صدع فيه ولا وهن أعده الله لخليله إبراهيم عليه
السلام نزلا "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : أتعجبون أن تكون الخلة لإبراهيم والكلام
لموسى والرؤية لمحمد صلى الله عليه و سلم ؟ ! "
وأخرج الترمذي وابن مردويه عن ابن عباس قال : " جلس ناس من أصحاب النبي صلى
الله عليه و سلم ينتظرونه فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم وإذا
بعضهم يقول : إن الله اتخذ من خلقه خليلا فإبراهيم خليله
وقال آخر : ماذا بأعجب من أن كلم الله موسى تكليما
وقال آخر : فعيسى روح الله وكلمته
وقال آخر آدم اصطفاه الله
فخرج عليهم فسلم فقال : قد سمعت كلامكم وعجبكم ان إبراهيم خليل الله وهو كذلك
وموسى كليمه وعيسى روحه وكلمته وآدم اصطفاه الله ربه كذلك ألا وإني حبيب الله ولا
فخر وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر وأنا أول من يحرك حلق الجنة فيفتحها الله
فيدخلنيها ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر وأنا أكرم الأولين والآخرين يوم القيامة
ولا فخر "
(2/705)
وأخرج
الزبير بن بكار في الموفقيات قال : أوحى الله إلى إبراهيم : أتدري لم اتخذتك خليلا
؟ قال : لا يارب
قال : لأني اطلعت إلى قلبك فوجدتك تحب أن ترزأ ولا ترزأ
وأخرج ابن المنذر عن ابن أبزى قال : دخل إبراهيم عليه السلام منزله فجاءه ملك
الموت في صورة شاب لا يعرفه فقال له إبراهيم : بإذن من دخلت ؟ قال : بإذن رب
المنزل
فعرفه إبراهيم فقال له ملك الموت : إن ربك اتخذ من عباده خليلا
قال إبراهيم : ونحن ذلك ! قال : وما تصنع به ؟ قال : أكون خادما له حتى أموت
قال : فإنه أنت
وبأي شيء اتخذني خليلا ؟ قال : بأنك تحب أن تعطي ولا تأخذ
وأخرج البيهقي في الشعب عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " يا جبريل لم اتخذ الله إبراهيم خليلا ؟ قال : لإطعامه الطعام يا محمد
"
وأخرج الديلمي بسند واه عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه و سلم قال للعباس :
" يا عم أتدري لم اتخذ الله إبراهيم خليلا ؟ هبط إليه جبريل فقال : أيها
الخليل هل تدري بم استوجبت الخلة ؟ فقال : لا أدري يا جبريل ! قال : لأنك تعطي ولا
تأخذ "
وأخرج الحافظ أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي في فضائل العباس عن واثلة بن الأسقع
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الله اصطفى من ولد آدم
إبراهيم اتخذه خليلا واصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل ثم اصطفى من ولد إسماعيل نزارا
ثم اصطفى من ولد نزار مضر ثم اصطفى من مضر كنانة ثم اصطفى من كنانة قريشا ثم اصطفى
من قريش بني هاشم ثم اصطفى من بني هاشم بني عبد عبد المطلب ثم اصطفاني من بني عبد
المطلب "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه وابن عساكر
والديلمي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اتخذ
الله إبراهيم خليلا وموسى نجيا واتخذني حبيبا ثم قال : وعزتي لأوثرن حبيبي على
خليلي ونجيي "
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن علي بن أبي طالب قال : أول من يكسى يوم
القيامة إبراهيم قبطيتين والنبي صلى الله عليه و سلم حلة حبرة وهو عن يمين العرش
والله أعلم
(2/706)
الآية
127
أخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله ويستفتونك في النساء
الآية
قال كان أهل الجاهلية لا يورثون المولود حتى يكبر ولا يورثون المرأة
فلما كان الإسلام قال ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في
الكتاب في أول السورة في الفرائض
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : كان لا يرث إلا الرجل الذي قد
بلغ أن يقوم في المال ويعمل فيه ولا يرث الصغير ولا المرأة شيئا قلما نزلت
المواريث في سورة النساء شق ذلك على الناس وقالوا : أيرث الصغير الذي لا يقوم في
المال والمرأة التي هي كذلك فيرثان كما يرث الرجل ؟ فرجوا أن يأتي في ذلك حدث من
السماء فانتظروا فلما رأوا أنه لا يأتي حدث قالوا : لئن تم هذا إنه لواجب ما عنه
بد ثم قالوا : سلوا
فسألوا النبي صلى الله عليه و سلم فأنزل الله ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم
فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في أول السورة في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن
ما كتب لهن وترغبون أن تنكحوهن
قال سعيد ابن جبير : وكان الولي إذا كانت المرأة ذات جمال ومال رغب فيها ونكحها
واستأثر بها وإذا لم تكن ذات جمال ومال أنكحها ولم ينكحها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : كان أهل
الجاهلية لا يورثون النساء ولا الصبيان شيئا كانوا يقولون : لا يغزون ولا يغنمون
خيرا ففرض الله لهن الميراث حقا واجبا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن إبراهيم في الآية قال : كانوا إذا كانت الجارية
يتيمة دميمة لم يعطوها ميراثها وحبسوها من التزويج حتى تموت فيرثوها فأنزل الله
هذا
(2/707)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل فيرغب أن
ينكجها ولا يعطيها مالها رجاء أن تموت فيرثها وإن مات لها حميم لم تعط من الميراث
شيئا وكان ذلك في الجاهلية فبين الله لهم ذلك وكانوا لا يورثون الصغير والضعيف
شيئا فأمر الله أن يعطى نصيبه من الميراث
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : كان جابر بن عبد الله له ابنة عم عمياء
وكانت دميمة وكانت قد ورثت من أبيها مالا فكان جابر يرغب عن نكاحها ولا ينكحها
رهبة أن يذهب الزوج بمالها فسأل النبي صلى الله عليه و سلم عن ذلك وكان ناس في
حجورهم جوار أيضا مثل ذلك فأنزل الله فيهم هذا
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق السدي عن أبي مالك في قوله وما يتلى عليكم في الكتاب
في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهم ما كتب لهم وترغبون أن تنكحوهن قال : كانت
المرأة إذا كانت عند ولي يرغب عن حسنها لم يتزوجها ولم يترك أحدا يتزوجها
والمستضعفين من الولدان قال : كانوا لا يورثون إلا الأكبر فالأكبر
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير في قوله وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى
النساء قال : ما يتلى عليكم في أول السورة من المواريث وكانوا لا يورثون امرأة ولا
صبيا حتى يحتلم
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في
سننه عن عائشة في قوله ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهن إلى قوله وترغبون
أن تنكحوهم قالت : هو الرجل تكون عنده اليتيمة هو وليها ووراثها قد شركته في ماله
حتى في العذق فيرغب أن ينكحها ويكره أن يزوجها رجلا فيشركه في ماله بما شركته
فيعضلها فنزلت هذه الآية
وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ثم إن الناس استفتوا
رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد هذه الآية فيهن فأنزل الله ويستفتونك في النساء
قل الله يفتيكم فيهن وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء قالت : والذي ذكر
الله أنه يتلى عليكم في الكتاب الآية الأولى التي قال الله وإن خفتم أن لا تقسطوا
في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء قالت : وقول الله وترغبون أن تنكحوهن
رغبة أحدكم عن يتيمته التي تكون في حجره حين تكون
(2/708)
قليلة
المال والجمال فنهوا أن ينكحوا ما رغبوا في مالها وجمالها من يتامى النساء إلا
بالقسط من أجل رغبتهم عنهن
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال : كان الرجل في الجاهلية تكون عنده
اليتيمة فيلقي عليها ثوبه فإذا فعل ذلك لم يقدر أحد أن يتزوجها أبدا فإن كانت
جميلة وهويها تزوجها وأكل مالها وإن كانت دميمة منعها الرجال أبدا حتى تموت فإذا
ماتت ورثها فحرم الله ذلك ونهى عنه وكانوا لا يورثون الصغار ولا البنات وذلك قوله
ولا تؤتونهن ما كتب لهن فنهى الله عنه وبين لكل ذي سهم سهمه صغيرا كان أو كبيرا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال :
كانت اليتيمة تكون في حجر الرجل فيها دمامة فيرغب عنها أن ينكحها ولا ينكحها رغبة
في مالها
وأخرج القاضي إسماعيل في أحكام القرآن عن عبد الملك بن محمد بن حزم أن عمرة بنت
حزم كانت تحت سعد بن الربيع فقتل عنها بأحد وكان له منها ابنة فأتت النبي صلى الله
عليه و سلم تطلب ميراث ابنتها ففيها نزلت ويستفتونك في النساء
الآية
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن عون عن الحسن وابن سيرين في هذه الآية قال أحدهما :
ترغبون فيهن وقال الآخر : ترغبون عنهن
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن الحسن في قوله وترغبون أن تنكحوهن قال : ترعبون
عنهن
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عبيدة وترغبون أن تنكحوهن قال : ترغبون عنهن
الآيات 128 - 134
(2/709)
أخرج
الطيالسي والترمذي وحسنه وابن المنذر والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال
: " خشيت سودة أن يطلقها رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : يا رسول الله
لا تطلقني واجعل يومي لعائشة ففعل ونزلت هذه الآية وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا
الآية
قال ابن عباس : فما اصطلحا عليه من شيء فهو جائز "
وأخرج ابن سعد وأبو داود والحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة قالت : " كان رسول
الله صلى الله عليه و سلم لا يفضل بعضنا على بعض في مكثه عندنا وكان يطوف علينا يوميا
من كل امرأة من غير مسيس حتى يبلغ إلى من هو يومها فيبيت عندها ولقد قالت سودة بنت
زمعة حين أسنت وفرقت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا رسول الله
يومي هو لعائشة
فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم قالت عائشة : فأنزل الله في ذلك وإن امرأة
خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا
الآية "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن جرير وابن المنذر عن عائشة وإن امرأة خافت من
بعلها نشوزا أو إعراضا
الآية
قالت : الرجل تكون عنده المرأة ليس مستكثرا منها يريد أن يفارقها فتقول : أجعلك من
شأني في حل
فنزلت هذه الآية
(2/710)
وأخرج
ابن ماجه عن عائشة قالت : نزلت هذه الآية والصلح خير في رجل كانت تحته امرأة قد
طالت صحبتها وولدت منه أولادا فأراد أن يستبدل بها فراضته على أن يقيم عندها ولا
يقيم لها
وأخرج مالك وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن رافع
بن خديج أنه كانت تحته امرأة قد خلا من سنها فتزوج عليها شابة فآثرها عليها فأبت
الأولى أن تقر فطلقها تطليقة حتى إذا بقي من أجلها يسير قال : إن شئت راجعتك وصبرت
على الأثرة وإن شئت تركتك ؟ قالت : بل راجعني
فراجعها فلم تصبر على الأثرة فطلقها أخرى وآثر عليها الشابة فذلك الصلح الذي بلغنا
أن الله أنزل فيه وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا إو إعراضا
الآية
وأخرج الشافعي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبيهقي عن سعيد ابن المسيب أن ابنة
محمد بن مسلمة كانت عند رافع بن خديج فكره منها أمرا إما كبرا أو غيره فأراد
طلاقها فقالت : لا تطلقني واقسم لي ما بدا لك فاصطلحا على صلح فجرت السنة بذلك
ونزل القرآن وإن امرأة خافت من بعلها
الآية
وأخرج ابن جرير عن عمر أن رجلا سأله عن آية ؟ فكره ذلك وضربه بالدرة فسأله آخر عن
هذه الآية وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا فقال : عن مثل هذا فسلوا ثم قال : هذه
المرأة تكون عند الرجل قد خلا من سنها فيتزوج المرأة الثانية يلتمس ولدها فما
اصطلحا عليه من شيء فهو جائز
وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة وابن راهويه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
والبيهقي عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن هذه الآية فقال : هو الرجل عنده امرأتان
فتكون إحداهما قد عجزت أو تكون دميمة فيريد فراقها فتصالحه على أن يكون عندها ليلة
وعند الأخرى ليالي ولا يفارقها فما طابت به نفسه فلا بأس به فإن رجعت سوى بينهما
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال : هي المرأة تكون عند الرجل
حتى تكبر فيريد أن يتزوج عليها فيتصالحان بينهما صلحا على أن لها يوما ولهذه يومان
أو ثلاثة
(2/711)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال : تلك المرأة تكون عند الرجل لا
يرى منها كثيرا مما يحب وله امرأة غيرها أحب إليه منها فيؤثرها عليها فأمر الله إذا
كان ذلك أن يقول لها : يا هذه إن شئت أن تقيمي على ما ترين من الأثرة فأواسيك
وأنفق عليك فأقيمي وإن كرهت خليت سبيلك فإن هي رضيت أن تقيم بعد أن يخبرها فلا
جناح عليه وهو قوله والصلح خير يعني أن تخيير الزوج لها بين الإقامة والفراق خير
من تمادي الزوج على أثرة غيرها عليها
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : هو الرجل تكون تحته المرأة الكبيرة
فينكح عليها المرأة الشابة ويكره أن يفارق أم ولده فيصالحها على عطية من ماله
ونفسه فيطيب له ذلك الصلح
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : نزلت في أبي السنابل بن بعكك
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : نزلت في رسول الله صلى الله عليه و سلم
وفي سودة بنت زمعة
وأخرج أبو داود وابن ماجه والحاكم والبيهقي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " أبغض الحلال إلى الله الطلاق "
وأخرج الحاكم عن كثير بن عبد الله بن عوف عن أبيه عن جده : سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : " الصلح حائز بين المسلمين إلا صلحا حرم حلالا أو أحل
حراما والمسلمون على شروطهم إلا شرطا حرم حلالا "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله وأحضرت الأنفس الشح قال : تشح عند
الصلح على نصيبها من زوجها
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله وأحضرت
الأنفس الشح قال : هواه في الشيء يحرص عليه
وفي قوله ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء قال : في الحب والجماع
وفي قوله فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة قال : لا هي أيم ولا هي ذات زوج
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن أبي
مليكة قال : نزلت هذه الآية ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء في عائشة يعني أن
النبي صلى الله عليه و سلم كان يحبها أكثر من غيرها
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن المنذر
(2/712)
عن
عائشة قالت : " كان النبي صلى الله عليه و سلم يقسم بين نسائه فيعدل ثم يقول
: اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تلمني فيما تملك ولا أملك "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير
وابن ماجه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من كانت
له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وأحد شقيه ساقط "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد قال : كانوا يستحبون أن
يسووا بين الضرائر حتى في الطيب يتطيب لهذه كما يتطيب لهذه
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن جابر بن زيد قال : كانت لي
امرأتان فلقد كنت أعدل بينهما حتى أعد القبل
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين في الذي له امرأتان يكره أن يتوضأ في بيت
إحداهما دون الأخرى
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : إن كانوا ليسوون بين الضرائر حتى تبقى الفضلة
مما لا يكال من السويق والطعام فيقسمونه كفا كفا إذا كان مما لا يستطاع كيله
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود في قوله ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء قال :
في الجماع
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن عبيدة في قوله ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء
قال في الحب فلا تميلوا كل الميل قال : في الغشيان فتذروها كالمعلقة لا أيم ولا
ذات زوج
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد في قوله ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين
النساء يعني في الحب فلا تميلوا كل الميل قال : لا تتعمدوا الإساءة
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية يقول : لا تمل عليها فلا تنفق عليها ولا تقسم
لها يوما
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية يقول : إن أحببت واحدة وأبغضت واحدة فاعدل
بينهما
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس
في قوله فتذورها كالمعلقة قال : لا مطلقة ولا ذات بعل
(2/713)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير عن قتادة في قوله كالمعلقة قال :
كالمسجونة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله وإن يتفرقا قال :
الطلاق
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وكان الله غنيا قال : غنيا عن
خلقه حميدا قال : مستحمدا إليهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن علي
مثله
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله وكفى بالله وكيلا قال : حفيظا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله إن يشأ يذهبكم أيها
الناس ويأت بآخرين قال : قادر والله ربنا على ذلك أن يهلك من خلقه ما شاء ويأت
بآخرين من بعدهم
الآية 135
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله يا
أيها الذين آمنوا كونوا قوامين
الآية
قال : أمر الله المؤمنين أن يقولوا بالحق ولو على أنفسهم أو آبائهم أو أبنائهم لا
يحابوا غنيا لغناه ولا يرحموا مسكينا لمسكنته وفي قوله فلا تتبعوا الهوى فتذروا
الحق فتجوروا وإن تلووا يعني ألسنتكم بالشهادة أو تعرضوا عنها
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم
في الحلية عن ابن عباس في قوله يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله
الآية
قال : الرجلان يقعدان عند القاضي فيكون لي القاضي وإعراضه لأحد الرجلين على الآخر
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن مولى لابن عباس قال : لما قدم النبي صلى
الله عليه و سلم المدينة كانت البقرة أول سورة نزلت ثم أردفها النساء قال :
(2/714)
فكان
الرجل يكون عنده الشهادة قبل ابنه أو عمه أو ذوي رحمه فيلوي بها لسانه أو يكتمها
مما يرى من عسرته حتى يوسر فيقضي فنزلت كونوا قوامين بالقسط شهداء لله يعني إن يكن
غنيا أو فقيرا
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : نزلت في النبي صلى الله عليه و سلم اختصم
إليه رجلان غني وفقير فكان حلفه مع الفقير يرى أن الفقير لا يظلم الغني فأبى الله
إلا أن يقوم بالقسط في الغني والفقير
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال : هذا في الشهادة
فأقم الشهادة يا ابن آدم ولو على نفسك أو الوالدين والأقربين أو على ذي قرابتك
وأشراف قومك فإنما الشهادة لله وليست للناس وإن الله تعالى رضي بالعدل لنفسه
والإقساط والعدل ميزان الله في الأرض به يرد الله من الشديد على الضعيف ومن الصادق
على الكاذب ومن المبطل على المحق وبالعدل يصدق الصادق ويكذب الكاذب ويرد المعتدي
ويوبخه تعالى ربنا وتبارك وبالعدل يصلح الناس يا ابن آدم إن يكن غنيا أو فقيرا
فالله أولى بهما يقول الله أولى بغنيكم وفقيركم ولا يمنعك عنى غني ولا فقر فقير أن
تشهد عليه بما تعلم فإن ذلك من الحق قال : وذكر لنا أن نبي الله موسى عليه السلام
قال : يا رب أي شيء وضعت في الأرض أقل ؟ قال : العدل أقل ما وضعت "
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله وإن تلووا أو تعرضوا يقول : تلوي لسانك بغير
الحق وهي اللجلجة فلا يقيم الشهادة على وجهها
والإعراض الترك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال تلووا تحرفوا و تعرضوا
تتركوا
وأخرج آدم والبيهقي فب سننه عن مجاهد في قوله وإن تلووا يقول : تبدلوا الشهادة أو
تعرضوا يقول : تكتموها
الآية 136
(2/715)
أخرج
الثعلبي عن ابن عباس أن عبد الله بن سلام وأسدا وأسيدا ابني كعب وثعلبة بن قيس
وسلاما ابن أخت عبد الله بن سلام وسلمة ابن أخيه ويامين بن يامين أتوا رسول الله
صلى الله عليه و سلم فقالوا : " يا رسول الله إنا نؤمن بكتابك وموسى والتوراة
وعزير ونكفر بما سواه من الكتب والرسل
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : بل آمنوا بالله ورسوله محمد وكتابه القرآن
وبكل كتاب كان قبله فقالوا : لا نفعل
فنزلت يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله والكتاب الذي نزل على رسوله والكتاب
الذي أنزل من قبل قال : فآمنوا كلهم
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله يا أيها الذين آمنوا آمنوا بالله ورسوله
الآية
قال : يعني بذلك أهل الكتاب كان الله قد أخذ ميثاقهم في التوراة والإنجيل وأقروا
على أنفسهم بأن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه و سلم فلما بعث الله رسوله دعاهم إلى
أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه و سلم والقرآن وذكرهم الذي أخذ عليهم من الميثاق
فمنهم من صدق النبي واتبعه ومنهم من كفر
الآيات 137 - 139
أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : هم اليهود والنصارى آمنت
اليهود بالتوراة ثم كفرت وآمنت النصارى بالإنجيل ثم كفرت
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله إن الذين آمنوا ثم
كفروا قال : هؤلاء اليهود آمنوا بالتوراة ثم كفروا ثم ذكر النصارى فقال ثم آمنوا
ثم كفروا يقول : آمنوا بالإنجيل ثم كفروا به ثم ازدادوا كفرا بمحمد صلى الله عليه
و سلم ولا ليهديهم سبيلا قال : طريق هدى وقد كفروا بآيات الله
(2/716)
وأخرج
ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : هؤلاء المنافقون آمنوا مرتين وكفروا مرتين ثم
ازدادوا كفرا
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : هم المنافقون
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن علي أنه قال في المرتد : إن كنت لمستتيبه ثلاثا
ثم قرأ هذه الآية إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازداودا كفرا
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في سننه عن فضالة بن عبيد أنه أتي برجل من المسلمين قد
فر إلى العدو فأقاله الإسلام فأسلم ثم فر الثانية فأتي به فأقاله الإسلام ثم فر
الثالثة فأتي به فنزع بهذه الآية إن الذين آمنوا ثم كفروا إلى سبيلا ثم ضرب عنقه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ازدادوا كفرا قال : تموا على كفرهم حتى
ماتوا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد
مثله
وأخرج الحاكم في التاريخ والديلمي وابن عساكر عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إن الله يقول كل يوم : أنا ربكم العزيز فمن أراد عز الدارين
فليطع العزيز "
الآيتان 140 - 141
(2/717)
أخرج
ابن المنذر وابن جرير عن أبي وائل قال : إن الرجل ليتكلم في المجلس بالكلمة الكذب
يضحك بها جلساءه فيسخط الله عليهم جميعا فذكر ذلك لإبراهيم النخعي فقال : صدق أبو
وائل أو ليس ذلك في كتاب الله فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : أنزل في سورة الأنعام حتى يخوضوا في حديث غيره
الأنعام الآية 68 ثم نزل التشديد في سورة النساء إنكم إذا مثلهم
وأخرج ابن المنذر عن السدي في الآية قال : كان المشركون إذا جالسوا المؤمنين وقعوا
في رسول الله والقرآن فشتموه واستهزؤوا به فأمر الله أن لا يقعدوا معهم حتى يخوضوا
في حديث غيره
وأخرج عن سعيد بن جبير أن الله جامع المنافقين من أهل المدينة والمشركين من أهل
مكة الذين خاضوا واستهزؤوا بالقرآن في جهنم جميعا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد الذين يتربصون بكم قال : هم المنافقون
يتربصون بالمؤمنين فإن كان لكم فتح من الله إن أصاب المسلمون من عدوهم غنيمة قال
المنافقون ألم نكن معكم قد كنا معكم فأعطونا من الغنيمة مثل ما تأخذون وإن كان
للكافرين نصيب يصيبونه من المسلمين قال المنافقون للكفار ألم نستحوذ عليكم ألم
نبين لكم أنا على ما أنتم عليه قد نثبطهم عنكم
وأخرج ابن جرير عن السدي ألم نستحوذ عليكم قال : نغلب عليكم
أخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن
علي أنه قيل له : أرأيت هذه الآية ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا وهم
يقاتلونا فيظهرون ويقتلون ؟ فقال : ادنه ادنه ثم قال : فالله يحكم بينكم يوم
القيامة ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا
واخرج ابن جرير عن علي ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا قال في الآخرة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين
سبيلا قال : ذاك يوم القيامة
(2/718)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس ولن يجعل الله للكافرين على
المؤمنين سبيلا قال : ذاك يوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي مالك
مثله
وأخرج ابن جرير عن السدي سبيلا قال : حجة
الآية 142
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن الحسن في الآية قال : يلقى على كل مؤمن ومنافق نور
يمشون به يوم القيامة حتى إذا انتهوا إلى الصراط طفىء نور المنافقين ومضى المؤمنون
بنورهم فتلك خديعة الله إياهم
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله وهو خادعهم قال : يعطيهم يوم القيامة نورا يمشون
فيه مع المسلمين كما كانوا معه في الدينا ثم يسلبهم ذلك النور فيطفئه فيقومون في
ظلمتهم
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد وسعيد بن جبير
نحوه
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في الآية قال : نزلت في عبد الله بن أبي وأبي عامر بن
النعمان
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن أبي الدينا في الصمت عن ابن عباس أنه كان
يكره أن يقول الرجل إني كسلان ويتأول هذه الآية
وأخرج أبو يعلى عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من
حسن الصلاة حيث يراه الناس وأساءها حيث يخلو فتلك استهانة استهان بها ربه "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن المنذر عن قتادة يراؤون الناس قال :
والله لولا الناس ما صلى المنافق ولا يصلي إلا رياء وسمعة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن ولا
يذكرون الله إلا قليلا قال : إنما لأنه كان لغير الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ولا يذكرون الله إلا
(2/719)
قليلا
قال : إنما قل ذكر المنافق لأن الله لم يقبله وكل ما رد الله قليل وكل ما قبل الله
كثير
وأخرج ابن المنذر عن علي قال : لا يقل عمل مع تقوى وكيف يقل ما يتقبل ؟ وأخرج مسلم
وأبو داود والبيهقي في سننه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" تلك صلاة المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين قرني شيطان قام فنقر
أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا
الآية 143
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : مثل المؤمن والمنافق والكافر مثل ثلاثة نفر
انتهوا إلى واد فوقع أحدهم فعبر حتى أتى ثم وقع أحدهم حتى أتى على نصف الوادي
ناداه الذي على شفير الوادي : ويلك أين تذهب إلى الهلكة ارجع عودك على بدئك ؟ !
وناداه الذي عبر : هلم النجاة
فجعل ينتظر إلى هذا مرة وإلى هذا مرة قال : فجاءه سيل فأغرقه فالذي عبر المؤمن
والذي غرق المنافق مذبذب بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء والذي مكث الكافر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا
إلى هؤلاء يقول : ليسوا بمؤمنين مخلصين ولا مشركين مصرحين بالشرك
قال : " وذكر لنا : أن نبي الله صلى الله عليه و سلم كان يضرب مثلا للمؤمن
والكافر والمنافق كمثل رهط ثلاثة دفعوا إلى نهر فوقع المؤمن فقطع ثم وقع المنافق
حتى كاد يصل إلى المؤمن ناداه الكافر : أن هلم إلي فإني أخشى عليك وناداه المؤمن
أن هلم إلي فإن عندي وعندي يحصي له ما عنده فما زال المنافق يتردد بينهما حتى أتى
عليه الماء فغرقه وإن المنافق لم يزل في شك وشبهة حتى أتى عليه الموت وهو كذلك
"
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله مذبذبين بين ذلك قال : هم المنافقون
لا إلى هؤلاء يقول : لا إلى أصحاب محمد ولا إلى هؤلاء اليهود
(2/720)
وأخرج
ابن جرير عن ابن زيد مذبذبين بين ذلك قال : بين الإسلام والكفر
وأخرج عبد بن حميد والبخاري في تاريخه ومسلم وابن جرير وابن المنذر عن ابن عمر قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " مثل المنافق مثل الشاة العائرة بين
الغنمين تعير إلى هذه مرة وإلى هذه مرة لا تدري أيها تتبع "
وأخرج أحمد والبيهقي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
إن مثل المنافق يوم القيامة كالشاة بين الغنمين إن أتت هؤلاء نطحتها وإن أتت هؤلاء
نطحتها "
الآية 144
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله أتريدون أن تجعلوا لله عليكم
سلطانا مبينا قال : إن لله السلطان على خلقه ولكنه يقول : عذرا مبينا
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : كل
سلطان في القرآن فهو حجة
الآيات 145 - 147
أخرج الفريابي وابن ابي شيبة وهناد وابن أبي الدينا وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم في صفة النار عن ابن مسعود إن المنافقين في الدرك الأسفل قال : في توابيت
من حديد مقفلة عليهم وفي لفظ : مبهمة عليهم أي مقفلة لا يهتدون لمكان فتحها
(2/721)
وأخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي هريرة إن المنافقين في الدرك الأسفل قال : الدرك
الأسفل : بيوت من حديد لها أبواب تطبق عليها فيوقد من تحتهم ومن فوقهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي هريرة إن المنافقين في الدرك قال : في توابيت
ترتج عليهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الدرك الأسفل يعني في أسفل النار
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عبد الله بن كثير قال : سمعت أن جهنم أدراك منازل
بعضها فوق بعض
وأخرج ابن أبي الدينا في صفة النار عن أبي الأحوص قال : قال ابن مسعود : أي أهل
النار أشد عذابا ؟ قال رجل : المنافقون
قال : صدقت فهل تدري كيف يعذبون ؟ قال : لا
قال : يجعلون في توابيت من حديد تصمد عليهم ثم يجعلون في الدرك الأسفل في تنانير
أضيق من زج يقال له : جب الحزن يطبق على أقوام بأعمالهم آخر الأبد
وأخرج ابن أبي الدينا في كتاب الإخلاص وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في
الشعب عن معاذ بن جبل أنه قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم حين بعثه إلى اليمن
: أوصني
قال : " أخلص دينك يكفك القليل من العمل "
وأخرج ابن أبي الدينا في الإخلاص والبيهقي في الشعب عن ثوبان " سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : طوبى للمخلصين أولئك مصابيح الهدى تنجلي عنهم كل
فتنة ظلماء "
وأخرج البيهقي عن أبي فراس رجل من أسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" سلوني عما شئتم
فنادى رجل : يا رسول الله ما الإسلام ؟ قال : إقام الصلاة وإتياء الزكاة قال : فما
الإيمان ؟ قال : الإخلاص
قال : فما اليقين ؟ قال : التصديق بالقيامة "
وأخرج البزار بسند حسن عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال
في حجة الوداع : " نصر الله أمرأ سمع مقالتي فوعاها فرب حامل فقه ليس بفقيه
ثلاث لا يغل عليهن قلب امرىء مؤمن
إخلاص العمل لله والمناصحة لأئمة المسلمين ولزوم جماعتهم فإن دعاءهم يحيط من
ورائهم "
(2/722)
الجهر
بالسوء من القول
الآية
قال : لا يحب الله أن يدعو أحد على أحد إلا أن يكون مظلوما فإنه رخص له أن يدعو
على من ظلمه وأن يصبر فهو خير له
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الحسن في الآية قال : هو الرجل يظلم فلا يدع عليه
ولكن ليقل : اللهم أعني عليه اللهم استخرج لي حقي حل بينه وبين ما يريد ونحو هذا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في الآية قال : عذر الله المظلوم كما تسمعون
أن يدعو
وأخرج أبو داود عن عائشة أنه سرق لها شيء فجعلت تدعو عليه فقال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " لا تسبخي عنه بدعائك "
وأخرج الترمذي عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " من دعا على من
ظلمه فقد انتصر "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في الآية قال : نزلت في رجل ضاف
رجلا بفلاة من الأرض فلم يضفه فنزلت إلا من ظلم ذكر أنه لم يضفه لا يزيد على ذلك
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال : هو الرجل ينزل بالرجل فلا
يحسن ضيافته فيخرج من عنده فيقول : أساء ضيافتي ولم يحسن
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية يقول : إن الله لا يحب الجهر بالسوء من القول من
أحد من الخلق ولكن يقول : من ظلم فانتصر بمثل ما ظلم فليس عليه جناح
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : كان أبي يقرأ لا يحب الله الجهر بالسوء من القول
إلا من ظلم قال ابن زيد : يقول : من قام على ذلك النفاق فجهر له بالسوء حتى نزع
وأخرج ابن المنذر عن إسماعيل لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا من ظلم قال :
كان الضحاك بن مزاحم يقول : هذا في التقديم والتأخير يقول الله ما
(2/723)
وأخرج
النسائي عن مصعب بن سعد عن أبيه أنه ظن أن له فضلا على من دونه من أصحاب النبي صلى
الله عليه و سلم فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " إنما ينصر الله هذه
الأمة بضعيفها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم "
وأخرج ابن أبي شيبة والمروزي في زوائد الزهد وأبو الشيخ بن حبان عن مكحول قال :
بلغني أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ما أخلص عبد لله أربعين صباحا
إلا ظهرت ينابيع الحكمة من قلبه على لسانه "
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " قد
أفلح من أخلص قلبه للإيمان وجعل قلبه سليما ولسانه صادقا ونفسه مطمئنة وخليقته
مستقيمة وأذنه مستمعة وعينه ناظرة فأما الأذن فقمع والعين مقرة لما يوعي القلب وقد
أفلح من جعل قلبه واعيا "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " من قال لا إله إلا الله مخلصا دخل الجنة قيل : يا رسول
الله وما إخلاصها ؟ قال : أن تحجزه عن المحارم "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والحكيم الترمذي وابن أبي حاتم عن أبي ثمامة
قال : قال الحواريون لعيس عليه السلام : يا روح الله من المخلص لله ؟ قال : الذي
يعمل لله لا يحب أن يحمده الناس عليه
وأخرج ابن عساكر عن أبي إدريس قال : لا يبلغ عبد حقيقة الإخلاص حتى لا يحب أن
يحمده أحد على شيء من عمل الله عز و جل
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله ما يفعل الله بعذابكم
الآية
قال : إن الله لا يعذب شاكرا ولا مؤمنا
الآيتان 148 - 149
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله لا يحب الله
(2/724)
يفعل
الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم النساء الآية 147 إلا من ظلم وكان يقرأها كذلك ثم
قال لا يحب الله الجهر بالسوء من القول أي على كل حال
الآيات 150 - 152
أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الآية قال : أولئك أعداء الله اليهود
والنصارى آمنت اليهود بالتوراة وموسى وكفروا بالإنجيل وعيسى وآمنت النصارى
بالإنجيل وعيسى وكفروا بالقرآن ومحمد فاتخذوا اليهودية والنصرانية وهما بدعتان
ليستا من الله وتركوا الإسلام وهو دين الله الذي بعث به رسله
وأخرج ابن جرير عن السدي وابن جريج
نحوه
الآيات 153 - 156
(2/725)
أخرج
ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : جاء ناس من اليهود إلى رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقالوا : إن موسى جاءنا بالألواح من عند الله فائتنا بالألواح من عند
الله حتى نصدقك فأنزل الله يسألك أهل الكتاب أن تنزل عليهم كتابا من السماء إلى
وقولهم على مريم بهتانا عظيما
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال : إن اليهود والنصارى قالوا
لمحمد صلى الله عليه و سلم : لن نبايعك على ما تدعونا إليه حتى تأتينا بكتاب من
عند الله من الله إلى فلان أنك رسول الله وإلى فلان أنك رسول الله فأنزل الله
يسألك أهل الكتاب
الآية
وأخرج ابن جرير عن السدي في الآية قال : قالت اليهود : إن كنت صادقا أنك رسول الله
فآتنا كتابا مكتوبا من السماء كما جاء به موسى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله أن تنزل عليهم كتابا من
السماء أي كتابا خاصة
وفي قوله جهرة أي عيانا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله فقالوا أرنا الله جهرة قال : إنهم
إذا رأوه إنما قالوا جهرة أرنا الله قال : هو مقدم ومؤخر
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن عمر بن الخطاب أنه قرأ " فأخذتهم الصعقة
"
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله فأخذتهم الصاعقة قال : الموت أماتهم الله
قبل آجالهم عقوبة بقولهم ما شاء الله أن يميتهم ثم بعثهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رفعنا فوقهم الطور قال : جبل كانوا في
أصله فرفعه الله فجعله فوقهم كأنه ظلة فقال : لتأخذن أمري أو لأرمينكم به فقالوا :
نأخذه وأمسكه الله عنهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله وقلنا لهم ادخلوا الباب
سجدا قال : كنا نحدث أنه باب من أبواب بيت المقدس وقلنا لهم لا تعدوا في السبت قال
: أمر القوم أن لا يأكلوا الحيتان يوم السبت ولا يعرضوا
(2/726)
لها
وأحلت لهم ما خلا ذلك وفي قوله فبما نقضهم يقول : فبنقضهم ميثاقهم وقولهم قلوبنا
غلف أي لا نفقه بل طبع الله عليها يقول : لما ترك القوم أمر الله وقتلوا رسوله
وكفروا بآياته ونقضوا الميثاق الذي عليهم طبع الله على قلوبهم ولعنهم حين فعلوا ذلك
وأخرج البزار والبيهقي في الشعب وضعفه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : الطابع معلق بقائمة العرش فإذا انتكهت الحرمة وعمل بالمعاصي واجترىء على
الله بعث الله الطابع فطبع على قلبه فلا يقبل بعد ذلك شيئا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وقولهم على مريم بهتانا عظيما
قال : رموها بالزنا
وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه عن علي قال : قال لي النبي صلى الله عليه و
سلم : " إن لك من عيسى مثلا أبغضته اليهود حتى بهتوا أمه وأحبته النصارى حتى
أنزلوه المنزل الذي ليس له "
والله تعالى أعلم
الآيتان 157 - 158
أخرج عبد بن حميد والنسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : لما أراد
الله أن يرفع عيسى إلى السماء خرج إلى أصحابه وفي البيت إثنا عشر رجلا من
الحواريين فخرج عليهم من غير البيت ورأسه يقطر ماء فقال : إن منكم من يكفر بي اثني
عشر مرة بعد أن آمن بي ثم قال : أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني ويكون معي في
درجتي فقام شاب من أحدثهم سنا فقال له : اجلس
ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال : اجلس
ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال : أنا
فقال : أنت ذاك فألقى عليه شبه عيسى ورفع عيسى من روزنة في البيت إلى السماء
قال : وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشبه فقتلوه ثم
(2/727)
صلبوه
وكفر به بعضهم اثني عشر مرة بعد أن آمن به وافترقوا ثلاث فرق وقالت طائفة : كان
الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء فهؤلاء اليعقوبية
وقالت فرقة : كان فينا ابن الله ما شاء ثم رفعه الله إليه وهؤلاء النسطورية وقالت
فرقة : كان فينا عبد الله ورسوله وهؤلاء المسلمون
فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدا
صلى الله عليه و سلم فأنزل الله فآمنت طائفة من بني إسرائيل يعني الطائفة التي
آمنت في زمن عيسى وكفرت الطائفة التي كفرت في زمن عيسى فأيدنا الذين آمنوا في زمن
عيسى بإظهار محمد دينهم على دين الكافرين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة وقولهم إنا قتلنا المسيح
الآية
قال : أولئك أعداء الله اليهود افتخروا بقتل عيسى وزعموا أنهم قتلوه وصلبوه وذكر لنا
أنه قال لأصحابه : أيكم يقذف عليه شبهي فإنه مقتول ؟ قال رجل من أصحابه : أنا يا
نبي الله فقتل ذلك الرجل ومنع الله نبيه ورفعه إليه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله شبه لهم قال : صلبوا
رجلا غير عيسى شبه بعيسى يحسبونه إياه ورفع الله إليه عيسى حيا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس وما قتلوه يقينا قال : يعني لم يقتلوا ظنهم يقينا
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : ما قتلوا ظنهم يقينا
وأخرج ابن جرير مثله عن جويبر والسدي
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد وابن عساكر من طريق ثابت البناني عن أبي رافع قال
: رفع عيسى بن مريم وعليه مدرعة وخفا راع وحذافة يخذف بها الطير
وأخرج أحمد في الزهد وأبو نعيم وابن عساكر من طريق ثابت البناني عن أبي العالية
قال : ما ترك عيسى بن مريم حين رفع إلا مدرعة صوف وخفي راع وقذافة يقذف بها الطير
وأخرج ابن عساكر عن عبد الجبار بن عبد الله بن سليمان قال : أقبل عيسى ابن مريم
على أصحابه ليلة رفع فقال لهم : لا تأكلوا بكتاب الله أجرا فإنكم إن لم تفعلوا
(2/728)
أقعدكم
الله على منابر الحجر منها خير من الدينا وما فيها
قال عبد الجبار : وهي المقاعد التي ذكر الله في القرآن في مقعد صدق عند مليك مقتد
القمر الآية 55 ورفع عليه السلام
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن وهب بن منبه قال : إن عيسى لما أعلمه الله أنه
خارج من الدينا جزع من الموت وشق عليه فدعا الحواريين فصنع لهم طعاما فقال :
احضروني الليلة فإن لي إليكم حاجة فلما اجتمعوا إليه من الليلة عشاهم وقام يحدثهم
فلما فرغوا من الطعام أخذ يغسل أيديهم ويوضيهم بيده ويمسح أيديهم بثيابه فتعاظموا
ذلك وتكارموه فقال : ألا من رد علي شيئا الليلة مما أصنع فليس مني ولا أنا منه
فأقروه حتى فرغ من ذلك قال : أما ما صنعت بكم الليلة مما خدمتكم فلا يتعظم بعضكم
على بعض وليبذل بعضكم نفسه لبعض كما بذلت نفسي لكم وأما حاجتي التي استعنتكم عليها
فتدعون لي الله وتجتهدون في الدعاء أن يؤخر أجلي فلما نصبوا أنفسهم للدعاء وأرادوا
أن يجتهدوا أخذهم النوم حتى لم يستطيعوا دعاء فجعل يوقظهم ويقول : سبحان الله
! ما تصبرون لي ليلة واحدة تعينونني فيها ؟ قالوا : والله ما ندري ما كنا لقد كنا
نسمر فنكثر السمر وما نطيق الليلة سمرا وما نريد دعاء إلا حيل بيننا وبينه فقال :
يذهب بالراعي وتتفرق الغنم وجعل يأتي بكلام نحو هذا ينعي به نفسه ثم قال : الحق
ليكفرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك ثلاث مرات وليبيعنني أحدكم بدراهم يسيرة
وليأكلن ثمني فخرجوا وتفرقوا وكانت اليهود تطلبه فأخذوا شمعون أحد الحواريين
فقالوا : هذا من أصحابه
فجحد وقال : ما أنا بصاحبه فتركوه
ثم أخذه آخرون كذلك ثم سمع صوت ديك فبكى وأحزنه فلما أصبح أتى أحد الحواريين إلى
اليهود فقال : ما تجعلون لي إن دللتكم على المسيح ؟ فجعلوا له ثلاثين درهما فأخذها
ودلهم عليه وكان شبه عليهم قبل ذلك فأخذوه واستوثقوا منه وربطوه بالحبل فجعلوا
يقودنه ويقولون : أنت كنت تحيي الميت وتبرىء المجنون أفلا تخلص نفسك من هذا الحبل
؟ ويبصقون عليه ويلقون عليه الشوك حتى أتوا به الخشبة التي أرادوا أن يصلبوه عليها
فرفعه الله إليه وصلبوا ما شبه لهم فمكث سبعا
(2/729)
ثم
إن أمه والمرأة التي كان يدوايها عيسى فأبرأها الله من الجنون جاءتا تبكيان حيث
المصلوب فجاءهما عيسى فقال : علام تبكيان ؟ ! قالتا عليك
قال : إني قد رفعني الله إليه ولم يصبني إلا خير وإن هذا شيء شبه لهم فأمروا
الحواريين أن يلقوني إلى مكان كذا وكذا فألقوه إلى ذلك المكان أحد عشر وقعد الذي
كان باعه ودل عليه اليهود فسأل عنه أصحابه فقالوا : إنه ندم على ما صنع فاختنق
وقتل قال : لو تاب تاب الله عليه ثم سألهم عن غلام يتبعهم يقال له يحنا ؟ فقال :
هو معكم فانطلقوا فإنه سيصبح كل إنسان منكم يحدث بلغة فليتدبرهم وليدعهم
وأخرج ابن المنذر عن وهب بن منبه قال : إن عيسى عليه السلام كان سياحا فمر على
امرأة تستقي فقال : اسقيني من مائك الذي من شرب منه مات وأسقيك من مائي الذي من
شرب منه حيي ؟ قال : وصادف امرأة حكيمة فقالت له : أما تكتفي بمائك الذي من شرب
منه حيي عن مائي الذي من شرب منه مات ؟ قال : إن ماءك عاجل ومائي آجل
قالت : لعلك هذا الرجل الذي يقال له عيسى بن مريم ؟ قال : فإني أنا هو وأنا أدعوك
إلى عبادة الله وترك ما تعبدين من دون الله عز و جل
قالت : فأتني على ما تقول ببرهان ؟ قال : برهان ذلك أن ترجعي إلى زوجك فيطلقك
قالت : إن في هذا لآية بينة ما في بني إسرائيل امرأة أكرم على زوجها مني ولئن كان
كما تقول إني لأعرف أنك صادق
قال : فرجعت إلى زوجها وزوجها شاب غيور فقال : ما بطؤ بك ؟ قالت : مر علي رجل
فأرادت أن تخبره عن عيسى فاحتملته الغيرة فطلقها فقالت : لقد صدقني صاحبي
فخرجت تتبع عيسى وقد آمنت به فأتى عيسى ومعه سبعة وعشرون من الحواريين في بيت
وأحاطوا بهم فدخلوا عليهم وقد صورهم الله على صورة عيسى فقالوا : قد سحرتمونا ؟
لتبرزن لنا عيسى أو لنقتلكم جميعا فقال عيسى لأصحابه : من يشتري منكم نفسه بالجنة
؟ فقال رجل من القوم : أنا
فأخذوه فقتلوه وصلبوه فمن ثم شبه لهم وظنوا أنهم قد قتلوا عيسى وصلبوه فظنت
النصارى مثل ذلك ورفع الله عيسى من يومه ذلك
فبلغ المرأة أن عيسى قد قتل وصلب فجاءت حتى بنت مسجدا إلى أصل شجرته فجعلت تصلي
وتبكي على عيسى فسمعت صوتا من فوقها صوت عيسى لا تنكره : أي فلانة إنهم والله ما
قتلوني وما صلبوني ولكن شبه لهم وآية ذلك أن
(2/730)
الحواريين
يجتمعون الليلة في بيتك فيفترقون اثنتي عشرة فرقة كل فرقة منهم تدعو قوما إلى دين
الله فلما أمسوا اجتمعوا في بيتها فقالت لهم : إني سمعت الليلة شيئا أحدثكم به
وعسى أن تكذبوني وهو الحق سمعت صوت عيسى وهو يقول : يا فلانة إني والله ما قتلت
ولا صلبت وآية ذلك أنكم تجتمعون الليلة في بيتي فتفترقون اثنتي عشرة فرقة فقالوا :
إن الذي سمعت كما سمعت فإن عيسى لم يقتل ولم يصلب إنما قتل فلان وصلب وما اجتمعنا
في بيتك إلا لما قال نريد أن نخرج دعاة في الأرض فكان ممن توجه إلى الروم نسطور
وصاحبان له فأما صاحباه فخرجا وأما نسطور فحسبته حاجة له فقال لهما : ارفقا ولا
تخرقا ولا تستبطئاني في شيء فلما قدما الكورة التي أرادا قدما في يوم عيدهم وقد
برز ملكهم وبرز وبرز معه أهل مملكته فأتاه الرجلان فقاما بين يديه فقالا له : اتق
الله فإنكم تعملون بمعاصي الله وتنتهكون حرم الله مع ما شاء الله أن يقولا
قال : فأسف الملك وهم بقتلهما فقام إليه نفر من أهل مملكته فقالوا : إن هذا يوم لا
تهرق فيه دما وقد ظفرت بصاحبيك فإن أحببت أن تحبسهما حتى يمضي عيدنا ثم ترى فيهما
رأيك فعلت فأمر بحبسهما ثم ضرب على أذنه بالنسيان لهما حتى قدم نسطور فسأل عنهما
فأخبر بشأنهما وأنهما محبوسان في السجن فدخل عليهما فقال : ألم أقل لكما ارفقا ولا
تخرقا ولا تستبطئاني في شيء هل تدريان ما مثلكما ؟ مثلكما مثل امرأة لم تصب ولدا
حتى دخلت في السن فأصابت بعدما دخلت في السن ولدا فأحبت أن تعجل شبابه لتنتفع به
فحملت على معدته ما لا تطيق فقتلته ثم قال لهما : والآن فلا تستبطئاني في شيء ثم
خرج فانطلق حتى أتى باب الملك وكان إذا جلس الناس وضع سريره وجلس الناس سمطا بين
يديه وكانوا إذا ابتلوا بحلال أو حرام رفعوا له فنظر فيه ثم سأل عنه من يليه في
مجلسه وسأل الناس بعضهم بعضا حتى تنتهي المسألة إلى أقصى المجلس وجاء نسطور حتى
جلس في أقصى القوم فلما ردوا على الملك جواب من أجابه وردوا عليه جواب نسطور فسمع
بشيء عليه نور وحلا في مسامعه فقال : من صاحب هذا القول ؟ فقيل : الرجل الذي في
أقصى القوم
فقال : علي به
فقال : أنت القائل كذا وكذا ؟ قال : نعم
قال : فما تقول في كذا وكذا ؟ قال : كذا وكذا
فجعل لا يسأله عن شيء إلا فسره له
فقال : عندك هذا العلم وأنت تجلس في آخر القوم ؟ ضعوا له عند
(2/731)
سريري
مجلسا ؟ ثم قال : إن أتاك ابني فلا تقم له عنه ثم أقبل على نسطور وترك الناس فلما
عرف أن منزلته قد تثبتت قال : لأزورنه
فقال : أيها الملك رجل بعيد الدار بعيد الضيعة فإن أحببت أن تقضي حاجتك مني وتأذن
لي فأنصرف إلى أهلي
فقال : يا نسطور ليس إلى ذلك سبيل فإن أحببت أن تحمل أهلك إلينا فلك المواساة وإن
أحببت أن تأخذ من بيت المال حاجتك فتبعث به إلى أهلك فعلت فسكت نسطور
ثم تحين يوما فمات لهم فيه ميت فقال : أيها الملك بلغني أن رجلين أتياك يعيبان
دينك ؟ قال : فذكرهما فأرسل إليهما فقال : يا نسطور أنت حكم بيني وبينهما ما قلت
من شيء رضيت
قال : نعم أيها الملك هذا ميت قد مات في بني إسرائيل فمرهما حتى يدعوا ربهما
فيحييه لهما ففي ذلك آية بينة قال : فأتي بالميت فوضع عنده فقاما وتوضآ ودعوا
ربهما فرد عليه روحه وتكلم فقال : أيها الملك إن في هذه لآية بينة ولكن مرهما بغير
ما أجمع أهل مملكتك ثم قل لآلهتك فإن كانت تقدر أن تضر هذين فليس أمرهما بشيء وإن
كان هذان يقدران أن يضرا آلهتك فأمرهما قوي فجمع الملك أهل مملكته ودخل البيت الذي
فيه الآلهة فخر ساجدا هو ومن معه من أهل مملكته وخر نسطور ساجدا وقال : اللهم إني
أسجد لك وأكيد هذه الآلهة أن تعبد من دونك ثم رفع الملك رأسه فقال : إن هذين
يريدان أن يبدلا دينكم ويدعوا إلى إله غيركم فافقأوا أعينهما أو اجذموهما أو
شلوهما فلم ترد عليه الآلهة شيئا وقد كان نسطور أمر صاحبيه أن يحملا معهما فأسا
فقال : أيها الملك قل لهذين أيقدران أن يضرا آلهتك ؟ قال : أتقدران على أن تضرا
آلهتنا ؟ قالا : خل بيننا وبينها فأقبلا عليها فكسراها فقال نسطور : أما أنا فآمنت
برب هذين وقال الملك : وأنا آمنت برب هذين وقال جميع الناس : آمنا برب هذين فقال
نسطور لصاحبيه : هكذا الرفق
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله وكان الله عزيزا حكيما قال : معنى ذلك أنه
كذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أن يهوديا قال له : إنكم تزعمون أن الله كان عزيزا
حكيما فكيف هو اليوم ؟ قال ابن عباس : إنه كان من نفسه عزيزا حكيما
(2/732)
الآية
159
أخرج الفريابي وعبد بن حميد والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله وإن من أهل الكتاب
إلا ليؤمنن به قبل موته قال : خروج عيسى بن مريم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله وإن من أهل الكتاب إلا
ليؤمنن له قبل موته قال : قبل موت عيسى
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : يعني أنه سيدرك أناس من أهل الكتاب حين
يبعث عيسى سيؤمنون به
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وإن من أهل الكتاب قال : اليهود
خاصة إلا ليؤمنن به قبل موته قال : قبل موت اليهودي
وأخرج الطيالسي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله وإن من
أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته قال : هي في قراءة أبي قبل موتهم
قال : ليس يهودي أبدا حتى يؤمن بعيسى
قيل لابن عباس : أرأيت إن خر من فوق بيت ؟ قال : يتكلم به في الهواء
فقيل : أرأيت إن ضرب عنق أحدهم ؟ قال : يتلجلج بها لسانه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : لو ضربت عنقه لم تخرج نفسه حتى يؤمن بعيسى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس قال : لا يموت يهودي حتى يشهد أن عيسى
عبد الله ورسوله ولو عجل عليه بالسلاح
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته
قال : لو أن يهوديا ألقي من فوق قصر ما خلص إلى الأرض حتى يؤمن أن عيسى عبد الله
ورسوله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : لا يموت يهودي حتى يؤمن
بعيسى
قيل : وإن ضرب بالسيف ؟ قال : يتكلم به
قيل : وإن هوى ؟ قال : يتكلم به وهو يهوي
(2/733)
وأخرج
ابن المنذر عن أبي هاشم وعروة قالا : في مصحف أبي بن كعب : " وإن من أهل
الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موتهم "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن شهر بن حوشب في قوله وإن من أهل الكتاب إلا
ليؤمنن به قبل موته عن محمد بن علي بن أبي طالب هو ابن الحنيفة قال : ليس من أهل
الكتاب أحد إلا أتته الملائكة يضربون وجهه ودبره ثم يقال : يا عدو الله إن عيسى
روح الله وكلمته كذبت على الله وزعمت أنه الله إن عيسى لم يمت وإنه رفع إلى السماء
وهو نازل قبل أن تقوم الساعة فلا يبقى يهودي ولا نصراني إلا آمن به
وأخرج ابن المنذر عن شهر بن حوشب قال : قال لي الحجاج : يا شهر آية من كتاب الله
ما قرأتها إلا اعترض في نفسي منها شيء ؟ قال الله وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به
قبل موته وإني أوتى بالأسارى فأضرب أعناقهم ولا أسمعهم يقولون شيئا ؟ فقلت : رفعت
إليك على غير وجهها وإن النصراني إذا خرجت روحه ضربته الملائكة من قبله ومن دبره
وقالوا : أي خبيث إن المسيح الذي زعمت أنه الله أو ابن الله أو ثالث ثلاثة عبد
الله وروحه وكلمته فيؤمن حين لا ينفعه إيمانه وإن اليهودي إذا خرجت نفسه ضربته
الملائكة من قبله ومن دبره وقالوا : أي خبيث إن المسيح الذي زعمت أنك قتلته عبد
الله وروحه فيؤمن به حين لا ينفعه الإيمان فإذا كان عند نزول عيسى آمنت به أحياؤهم
كما آمنت به موتاهم
فقال : من أين أخذتها ؟ فقلت : من محمد بن علي
قال : لقد أخذتها من معدنها
قال شهر : وأيم الله ما حدثنيه إلا أم سلمة ولكني أحببت أن أغيظه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله وإن من أهل الكتاب
إلا ليؤمنن به قبل موته قال : إذا نزل آمنت به الأديان كلها ويوم القيامة يكون
عليهم شهيدا أنه قد بلغ رسالة ربه وأقر على نفسه بالعبودية
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته قال
: إذا نزل عيسى عليه السلام فقتل الدجال لم يبق يهودي في الأرض إلا آمن به فذلك
حين لا ينفعهم الإيمان
وأخرج ابن جرير عن أبي مالك وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل
(2/734)
موته
قال : ذلك عند نزول عيسى ابن مريم لا يبقى أحد من أهل الكتاب إلا آمن به
وأخرج ابن جرير عن الحسن وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته قال : قبل موت
عيسى والله إنه الآن حي عند الله ولكن إذا نزل آمنوا به أجمعون
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أن رجلا سأله عن قوله وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن
به قبل موته قال : قبل موت عيسى وإن الله رفع إليه عيسى وهو باعثه قبل يوم القيامة
مقاما يؤمن به البر والفاجر
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما
عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى
تكون السجدة خيرا من الدينا وما فيها
ثم يقول أبو هريرة : واقرأوا إن شئتم وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته
ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
يوشك أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا يقتل الدجال ويقتل الخنزير ويكسر الصليب
ويضع الجزية ويفيض المال وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين واقرأوا إن شئتم وإن
من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته موت عيسى بن مريم ثم يعيدها أبو هريرة ثلاث
مرات "
وأخرج أحمد وابن جرير عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام فيقتل الخنزير ويكسر الصليب ويجمع له
الصلاة ويعطي المال حتى لا يقبل ويضع الخراج وينزل الروحاء فيحج منها أو يعتمر أو
يجمعهما
قال : وتلا أبو هريرة وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون
عليهم شهيدا قال أبو هريرة : يؤمن به قبل موت عيسى "
وأخرج أحمد ومسلم عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
ليهلن عيسى بن مريم بفج الروحاء بالحج أو بالعمرة أو ليثنينهما جميعا "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم ؟ "
(2/735)
وأخرج
ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود وابن جرير وابن حبان عن أبي هريرة " أن النبي
صلى الله عليه و سلم قال : الأنبياء أخوات لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد وإني
أولى الناس بعيسى بن مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي وإنه خليفتي على أمتي وأنه
نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض عليه ثوبان ممصران كأن
رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويدعو الناس إلى
الإسلام ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ويهلك الله في زمانه المسيح
الدجال ثم تقع الأمنة على الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل والنمار مع البقر
والذئاب مع الغنم وتلعب الصيبان بالحيات لا تضرهم فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي
عليه المسلمون ويدفنونه "
وأخرج أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إني لأرجو إن
طال بي عمر أن ألقى عيسى بن مريم فإن عجل بي موت فمن لقية منكم فليقرئه مني السلام
"
وأخرج الطبراني عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
ألا إن عيسى بن مريم ليس بينه وبيني نبي ولا رسول إلا أنه خليفتي في أمتي من بعدي
إلا أنه يقتل الدجال ويكسر الصليب ويضع الجزية وتضع الحرب أوزارها ألا من أدركه
منكم فليقرأ عليه السلام "
وأخرج الطبراني عن أبي هريرة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ينزل
عيسى بن مريم فيمكث في الناس أربعين سنة "
وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ينزل
ابن مريم إماما عادلا وحكما مقسطا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير ويرجع السلم وتتخذ
السيوف مناجل وتذهب حمة كل ذات حمة وتنزل السماء رزقها وتخرج الأرض بركتها حتى
يلعب الصبي بالثعبان ولا يضره ويراعي الغنم الذئب ولا يضرها ويراعي الأسد البقر
ولا يضرها "
وأخرج أحمد والطبراني عن سمرة بن جندب " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : إن الدجال خارج وهو أعور عين الشمال عليها طفرة غليظة وأنه يبرىء الأكمه
والأبرص ويحيي الموتى ويقول : أنا ربكم
فمن قال : أنت ربي فقد فتن
(2/736)
ومن
قال ربي الله حي لا يموت فقد عصم من فتنته ولا فتنة عليه ولا عذاب فيلبث في الأرض
ما شاء الله ثم يجيء عيسى بن مريم من المغرب
ولفظ الطبراني : من المشرق مصدقا بمحمد وعلى ملته فيقتل الدجال ثم إنما هو قيام
الساعة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عائشة قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأنا أبكي فقال : " ما يبكيك ؟ قلت : يا رسول الله ذكرت الدجال فبكيت
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنه يخرج في يهودية أصبهان حتى يأتي المدينة
فينزل ناحيتها ولها يومئذ سبعة أبواب على كل نقب منها ملكان فيخرج إليها شرار
أهلها حتى يأتي الشام مدينة بفلسطين باب لد فينزل عيسى بن مريم فيقتله ثم يمكث
عيسى في الأرض أربعين سنة إماما عادلا وحكما مقسطا "
وأخرج أحمد عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
يخرج الدجال في خفقة من الدين وإدبار من العلم فله أربعون ليلة يسيحها في الأرض
اليوم منها كالسنة واليوم منها كالشهر واليوم منها كالجمعة ثم سائر أيامه كأيامكم
هذه وله حمار يركبه عرض ما يبن أذنيه أربعون ذراعا فيقول للناس : أنا ربكم
وهو أعور وإن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه ك ف ر مهجاة يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير
كاتب يرد كل ماء منهل إلا المدينة ومكة حرمهما الله عليه وقامت الملائكة بأبوابها
ومعه جبال من خبز والناس في جهد إلا من اتبعه ومعه نهران أنا أعلم بهما منه نهر
يقول الجنة ونهر يقول النار فمن دخل الذي يسميه الجنة فهي النار ومن دخل الذي
يسميه النار فهي الجنة وتبعث معه شياطين تكلم الناس ومعه فتنة عظيمة يأمر السماء
فتمطر فيما يرى الناس ويقتل نفسا ثم يحييه لا يسلط على غيرها من الناس فيما يرى الناس
فيقول للناس : أيها الناس هل يفعل مثل هذا إلا الرب ؟ فيفر المسلمون إلى جبل
الدخان بالشام فيأتهم فيحصرهم فيشتد حصارهم ويجهدهم جهدا شديدا ثم ينزل عيسى
فينادي من السحر فيقول : يا أيها الناس ما يمنعكم أن تخرجوا إلى الكذاب الخبيث ؟
فيقولون : هذا رجل حي فينطلقون فإذا هم بعيسى فتقام الصلاة فيقال له : تقدم يا روح
الله فيقول : ليتقدم إمامكم فليصل بكم فإذا صلوا الصبح خرجوا إليه فحين يراه
الكذاب ينماث كما ينماث الملح في الماء فيمشي إليه فيقتله حتى إن الشجرة تنادي :
يا روح الله هذا يهودي فلا يترك ممن كان يتبعه أحد إلا قتله "
(2/737)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق