ج4. الدر المنثور لعبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه عرفها لهم قال : عرفهم منازلهم فيها
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه في قوله ويدخلهم الجنة عرفها لهم قال :
بلغنا أن الملك الذي كان وكل بحفظ عمله في الدنيا يمشي بين يديه في الجنة ويتبعه
ابن آدم حتى يأتي أقصى منزل هو له فيعرفه كل شيء أعطاه الله في الجنة فإذا انتهى
إلى أقصى منزله في الجنة دخل إلى منزله وأزواجه وانصرف الملك عنه
الآيات 7 - 11 أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله إن تنصروا الله
ينصركم ويثبت أقدامكم قال : على نصره
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه إن تنصروا الله ينصركم قال :
حق على الله أن يعطي من سأله وأن ينصر من نصره والذين كفروا فتعسا لهم وأضل
أعمالهم ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم قال : أما الأولى ففي الكفار
الذين قتل الله يوم بدر وأما الأخرى ففي الكفار عامة
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن عمرو بن ميمون رضي الله عنه : ذلك
بأنهم كرهوا ما أنزل الله قال : كرهوا الفرائض
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله أو لم يسيروا في الأرض فينظروا
كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم قال : أهلكهم الله بألوان العذاب بأن
يتفكر متفكر ويتذكر متذكر ويرجع راجع فضرب الأمثال وبعث الرسل ليعقلوا عن الله
أمره
(7/462)
وأخرج
ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما وللكافرين أمثالها قال : لكفار قومك يا
محمد مثل ما دمرت به القرى فأهلكوا بالسيف
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله وللكافرين أمثالها قال
: مثل ما دمرت به القرون الأولى وعيد من الله تعالى لهم وفي قوله ذلك بأن الله
مولى الذين آمنوا قال : وليهم الله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ذلك بأن الله
مولى الذين آمنوا قال : ليس لهم مولى غيره
الآيات 12 - 14 أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : والذين كفروا
يتمتعون ويأكلون كما تأكل الأنعام قال : لا يلتفت إلى آخرته
قوله تعالى : وكأين من قربة الآيتين
وأخرج عبد بن حميد وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي
الله عنهما " أن النبي صلى الله عليه و سلم لما خرج من مكة إلى الغار التفت
إلى مكة وقال : أنت أحب بلاد الله إلى الله وأنت أحب بلاد الله إلي ولولا أن أهلك
أخرجوني منك لم أخرج منك فأعتى الأعداء من عدا على الله في حرمه أو قتل غير قاتله
أو قتل بذحول أهل الجاهلية " فأنزل الله تعالى وكأين من قرية هي أشد قوة من
قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله وكأين
من قرية هي أشد قوة من قريتك قال : قريته مكة وفي قوله أفمن كان على بينة من ربه
قال : هو محمد صلى الله عليه و سلم كمن زين له سوء عمله قال : هم المشركون
(7/463)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : كل هوى ضلالة
وأخرج ابن المنذر عن طاوس قال : ما ذكر الله هوى في القرآن إلا ذمه
الآية 15 أخرج ابن جريج وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله أنهار
من ماء غير آسن قال : غير متغير
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله من ماء
غير آسن قال : غير منتن
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه وأنهار من لبن لم يتغير طعمه
قال : قال ابن عباس رضي الله عنهما : لم يحلب
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله وأنهار من لبن لم يتغير
طعمه قال : لم يخرج من بين فرث ودم وأنهار من خمر لذة للشاربين قال : لم تدنسه
الرجال بأرجلهم وأنهار من عسل مصفى قال : لم يخرج من بطون النحل
وأخرج أحمد والترمذي وصححه وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن
معاوية بن حيدة رضي الله عنه : " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول في
الجنة بحر اللبن وبحر الماء وبحر العسل وبحر الخمر ثم تشقق الأنهار منها بعد
"
وأخرج الحرث بن أبي أسامة في مسنده والبيهقي عن كعب رضي الله عنه قال : نهر النيل
نهر العسل في الجنة ونهر دجلة نهر اللبن في الجنة ونهر الفرات نهر الخمر في الجنة
ونهر سيحان نهر الماء في الجنة
وأخرج ابن مردويه عن الكلبي رضي الله عنه في قوله : مثل الجنة التي وعد المتقون
فيها أنهار من ماء غير آسن الآية قال : حدثني أبو صالح عن ابن عباس
(7/464)
رضي
الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لما أسرى بي فانطلق
بي الملك فانتهى بي إلى نهر الخمر فإذا عليه إبراهيم عليه الصلاة و السلام فقلت
للملك : أي نهر هذا ؟ فقال : هذا نهر دجلة
فقلت له : إنه ماء قال هو في ماء في الدنيا يسقي الله به من يشاء وهو في الآخرة
خمر لأهل الجنة
قال : ثم انطلقت مع الملك إلى نهر الرب فقلت للملك : أي نهر هذا ؟ قال : هو جيحون
وهو الماء غير آسن وهو في الدنيا ماء يسقي الله به من يشاء وهو في الآخرة ماء غير
آسن ثم انطلق بي فأبلغني نهر اللبن الذي يلي القبلة فقلت للملك : أي نهر هذا ؟ قال
: هذا نهر الفرات فقلت : هو ماء
قال : هو ماء يسقي الله به من يشاء في الدنيا وهو لبن في الآخرة لذرية المؤمنين
الذين رضي الله عنهم وعن آبائهم ثم انطلق بي فأبلغني نهر العسل الذي يخرج من جانب
المدينة فقلت للملك الذي أرسل معي : أي نهر هذا ؟ قال : هذا نهر مصر
قلت : هو ماء
قال : هو ماء يسقي الله به من يشاء في الدنيا وهو في الآخرة عسل لأهل الجنة "
ولهم فيها من كل الثمرات يقول : في الجنة ومغفرة من ربهم يقول : لذنوبهم
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي وائل رضي الله عنه
قال : جاء رجل يقال له نهيك بن سنان إلى ابن مسعود رضي الله عنه فقال : يا أبا عبد
الرحمن كيف تقرأ هذا الحرف ؟ أياء تجده أم ألفا ؟ من ماء غير ياسن أو من ماء غير
آسن ؟ فقال له عبد الله رضي الله عنه : وكل القرآن أحصيت غير هذا ؟ فقال إني لأقرأ
المفصل في ركعة
قال : هذا كهذا الشعر إن قوما يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم ولكن القرآن إذا وقع
في القلب فرسخ نفع إني لأعرف النظائر التي كان يقرأ بهن رسول الله صلى الله عليه و
سلم
وأخرج ابن جرير عن سعد بن طريف رضي الله عنه قال : سألت أبا إسحق رضي الله عنه عن
ماء غير آسن قال : سألت عنها الحارث فحدثني أن الماء الذي غير آسن تسنيم قال :
بلغني أنه لا تمسه يد وأنه يجيء الماء هكذا حتى يدخل فمه والله تعالى أعلم
الآيات 16 - 19
(7/465)
أخرج
ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : كان المؤمنون والمنافقون يجتمعون إلى
النبي صلى الله عليه و سلم فيستمع المؤمنون منه ما يقول ويعونه ويسمعه المنافقون
فلا يعونه فإذا أخرجوا سألوا المؤمنين ماذا قال آنفا ؟ فنزلت ومنهم من يستمع إليك
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : كانوا يدخلون على رسول الله صلى
الله عليه و سلم فإذا خرجوا من عنده قالوا لابن عباس رضي الله عنهما : ماذا قال
آنفا ؟ فيقول : كذا وكذا
وكان ابن عباس رضي الله عنهما من الذين أوتوا العلم
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين أوتوا العلم ماذا قال آنفا قال : أنا منهم
ولقد سئلت
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ومنهم من يستمع إليك
قال : هؤلاء المنافقون دخل رجلان فرجل عقل عن الله وانتفع بما يسمع ورجل لم يعقل
عن الله ولم يعه ولم ينتفع به
وأخرج ابن أبي شيبة وابن عساكر عن ابن بريدة رضي الله عنه قالوا للذين أوتوا العلم
ماذا قال آنفا قال : هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
وأخرج ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : هو
عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
قوله تعالى : والذين اهتدوا الآية
أخرج ابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن عكرمة رضي الله عنه أن ناسا من أهل الكتاب
آمنوا برسلهم وصدقوهم وآمنوا بمحمد صلى الله عليه و سلم قبل أن يبعث فلما بعث
كفروا به فذلك قوله فأما الذين اسودت وجوههم أكفرتم بعد إيمانكم وكان قوم
(7/466)
من
أهل الكتاب آمنوا برسلهم وبمحمد صلى الله عليه و سلم قبل أن يبعث فلما بعث آمنوا
به فذلك قوله والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله والذين اهتدوا
زادهم هدى وآتاهم تقواهم قال : لما أنزل القرآن آمنوا به فكان هدى فلما تبين
الناسخ من المنسوخ زادهم هدى
أما قوله تعالى : فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها
أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله فقد جاء أشراطها قال :
دنت الساعة
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله فقد جاء أشراطها قال : أول
الساعات
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله فقد جاء أشراطها قال : محمد صلى
الله عليه و سلم من أشراطها
وأخرج البخاري عن سهل بن مسعود رضي الله عنه قال : " رأيت رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال بأصبعه هكذا الوسطى والتي تليها بعثت أنا والساعة كهاتين "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " بعثت أنا والساعة كهاتين وأشار بالسبابة والوسطى "
وأخرج ابن مردويه عن سعيد بن أبي عروبة رضي الله عنه في قوله فهل ينظرون إلا
الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها قال : كان قتادة رضي الله عنه يقول : قد
دنت الساعة ودنا منكم فداء ودنا من الله فراغ للعباد قال قتادة رضي الله عنه وذكر
لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم خطب أصحابه بعد العصر حتى كادت الشمس تغرب
ولم يبق منها إلا أسف أي شيء قال : " والذي نفس محمد بيده ما مثل ما مضى من
الدنيا فيما بقي منها إلا مثل ما مضى من يومكم هذا فيما بقي منه وما بقي منه إلا
اليسير "
وأخرج أحمد عن بريدة رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" بعثت أنا والساعة جميعا إن كادت تسبقني "
وأخرج البخاري وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " بعثت أنا والساعة كهاتين "
(7/467)
وأخرج
ابن أبي الدنيا عن أبي جبيرة بن الضحاك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " بعثت في سم الساعة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم
ويظهر الجهل ويشرب الخمر ويظهر الزنا ويقل الرجال ويكثر النساء حتى يكون على خمسين
امرأة قيم واحد "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن ماجة وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله
عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما بارزا للناس فأتاه رجل فقال :
يا رسول الله متى الساعة ؟ فقال : ما المسؤول عنها بأعلم من السائل ولكن سأحدثك عن
أشراطها إذا ولدت الأمة ربتها فذاك من أشراطها وإذا كانت الحفاة العراة رعاء الشاء
رؤوس الناس فذاك من أشراطها وإذا تطاول رعاء الغنم في البنيان فذاك من أشراطها
وأخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه أن أعرابيا سأل رسول الله صلى الله عليه
و سلم فقال : متى الساعة ؟ فقال : إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة
قال " يا رسول الله وكيف إضاعتها ؟ قال : إذا وسد الأمر إلى غير أهله فانتظر
الساعة
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أتى رجل فقال يا رسول الله متى
الساعة ؟ قال : ما السائل بأعلم من المسؤول
قال : فلو علمتنا أشراطها
قال : تقارب الأسواق
قلت : وما تقارب الأسواق ؟ قال : أن يشكو الناس بعضهم إلى بعض قلة إصابتهم ويكثر
ولد البغي وتفشوا الغيبة ويعظم رب المال وترتفع أصوات الفساق في المساجد ويظهر أهل
المنكر ويظهر البغاء
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " من أشراط الساعة سوء الجوار وقطيعة الأرحام وأن يعطل
السيف من الجهاد وأن ينتحل الدنيا بالدين "
وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقول : " إن من أشراط الساعة أن يكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع
"
وأخرج أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لن تذهب الدنيا حتى تصير للكع بن لكع "
(7/468)
وأخرج
أحمد والبخاري وابن ماجة عن عمرو بن تغلب رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : " إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما نعالهم الشعر وإن من
أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما عراض الوجوه كأن وجوههم المجان المطرقة "
وأخرج النسائي عن عمرو بن تغلب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إن من أشراط الساعة أن يقبض العلم ويفشو المال وتفشو التجارة ويظهر
القلم " قال عمرو فإن كان هذا الرجل ليبيع البيع فيقول حتى أستأمر تاجر بني
فلان ويلتمس في الحواء العظيم الكاتب فلا يوجد
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن ماجة عن ابن مسعود رضي الله عنه : سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : " يكون بين يدي الساعة أيام فيرفع فيها العلم
وينزل فيها الجهل ويكثر فيها الهرج "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عبد الله بن ربيب الجندي رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يا أبا الوليد يا عبادة بن الصامت إذا
رأيت الصدقة كتمت وغلت واستؤجر في الغزو وعمر الخراب وخرب العامر والرجل يتمرس
بأمانته كما يتمرس البعير بالشجرة فإنك والساعة كهاتين " وأشار بأصبعه السبابة
والتي تليها
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : " لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد "
وأخرج أحمد والترمذي عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فيكون السنة كالشهر والشهر كالجمعة
والجمعة كاليوم واليوم كالساعة والساعة كالضرمة بالنار
وأخرج أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر ويكون الشهر كالجمعة
وتكون الجمعة كاليوم ويكون اليوم كالساعة وتكون الساعة كاحتراق السعفة "
وأخرج مسلم والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجا وأنهارا "
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " لا تقوم الساعة حتى يقتل فئتان عظيمتان يكون بينهم مقتلة عظيمة
دعواهما واحدة
(7/469)
وحتى
يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله وحتى يقبض العلم وتكثر
الزلازل ويتقارب الزمان وتظهر الفتن ويكثر الهرج وهو القتل وحتى يكثر فيكم المال
فيفيض حتى يهم رب المال من يقبل صدقته وحتى يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه لا أرب لي
به وحتى يتطاول الناس في البنيان وحتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتني مكانه
وحتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها الناس آمنوا أجمعون وذلك حين لا ينفع
إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا
ولتقومن الساعة وقد نشر الرجلان ثوبا بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه ولتقومن
الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا
يسقى به ولتقومن الساعة وقد رفعت أكلته إلى فيه فلا يطعمها "
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" إن الله لا يحب الفاحش ولا المتفحش والذي نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى
يظهر الفحش والتفحش وسوء الجوار وقطيعة الأرحام وحتى يخون الأمين ويؤتمن الخائن
ثم قال : إنما مثل المؤمن مثل النخلة وقعت فأكلت طيبا ولم تفسد ولم تكسر ومثل
المؤمن كمثل القطعة الذهب الأحمر أدخلت النار فنفخ عليها ولم تتغير ووزنت فلم تنقص
"
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " لا تقوم الساعة حتى يمطر الناس مطرا عاما ولا تنبت الأرض شيئا
"
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن جابر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " بين يدي الساعة كذابون منهم صاحب اليمامة وصاحب صنعاء العنسي
ومنهم صاحب حمير ومنهم الدجال وهو أعظمهم فتنة "
وأخرج أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
بين يدي الساعة قريب من ثلاثين دجالين كلهم يقول أنا نبي أنا نبي "
وأخرج أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" سيكون في أمتي دجالون كذابون يأتونكم ببدع من الحديث بما لم تسمعوا أنتم
ولا آباؤكم فإياكم وإياهم لا يفتنونكم "
(7/470)
وأخرج
أحمد والطبراني عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "
ليكونن قبل يوم القيامة المسيح الدجال وكذابون ثلاثون أو أكثر "
وأخرج أبو يعلى عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن
في أمتي لنيفا وسبعين داعيا كلهم داع إلى النار لو أشاء لأنبأتكم بأسمائهم
وقبائلهم "
وأخرج أبو يعلى عن أبي الجلاس قال : سمعت عليا رضي الله عنه يقول لعبد الله
السبائي لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن بين يدي الساعة
ثلاثين كذابا " وإنك لأحدهم
وأخرج أبو يعلى عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" يكون قبل خروج الدجال ينيف على سبعين دجالا "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس رضي الله عنه أن بين يدي الساعة لستا وسبعين دجالا
وأخرج أحمد والبزار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " لا تقوم الساعة حتى تمطر السماء مطرا لا يكن منه بيوت المدر ولا
يكن منه إلا بيوت الشعر "
وأخرج البيهقي في البعث والنشور عن الحسن قال : قال ؟ علي خرجت في طلب العلم فقدمت
الكوفة فإذا أنا بعبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقلت يا أبا عبد الرحمن : هل
للساعة من علم تعرب به ؟ قال : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ذلك فقال :
" إن من أشراط الساعة أن يكون الولد غيظا والمطر قيظا وتفيض الأشرار فيضا
ويصدق الكاذب ويؤتمن الخائن ويخون الأمين ويسود كل قبيلة وكل سوق فجارهم وتزخرف
المحاريب وتخرب القلوب ويكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء ويخرب عمران الدنيا
ويعمر خرابها وتظهر الفتنة وأكل الربا وتظهر المعازف والكنوز وشرب الخمر ويكثر
الشرط والغمازون والهمازون "
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " من اقتراب الساعة اثنتان وسبعون خصلة إذ رأيتم الناس
أماتوا الصلاة وأضاعوا الأمانة وأكلوا الربا واستحلوا الكذب واستخفوا بالدماء
واستعلوا البناء وباعوا الدين بالدنيا وتقطعت الأرحام ويكون الحكم ضعفا والكذب
صدقا والحرير لباسا وظهر الجور وكثرة الطلاق وموت الفجاءة وائتمن الخائن وخون
الأمين
(7/471)
وصدق
الكاذب وكذب الصادق وكثر القذف وكان المطر قيظا والولد غيظا وفاض اللئام فيضا وغاض
الكرام غيضا وكان الأمراء والوزراء كذبة والأمناء خونة والعرفاء ظلمة والقراء فسقة
إذا لبسوا مسوك الضأن قلوبهم أنتن من الجيف وأمر من الصبر يغشيهم الله تعالى فتنة
يتهاركون يتهاركون : يمشون باختيال وبطىء فيها تهارك اليهود الظلمة وتظهر الصفراء
يعني الدنانير وتطلب البيضاء وتكثر الخطايا ويقل الأمن وحليت المصاحف وصورت
المساجد وطولت المنائر وخربت القلوب وشربت الخمور وعطلت الحدود وولدت الأمة ربتها
وترى الحفاة العراة قد صاروا ملوكا وشاركت المرأة زوجها في التجارة وتشبه الرجال
بالنساء والنساء بالرجال وحلف بغير الله وشهد المؤمن من غير أن يستشهد وسلم
للمعرفة وتفقه لغير دين الله وطلب الدنيا بعمل الآخرة واتخذ المغنم دولا والأمانة
مغنما والزكاة مغرما وكان زعيم القوم أرذلهم وعق الرجل أباه وجفا أمه وضر صديقه
وأطاع امرأته وعلت أصوات الفسقة في المساجد واتخذ القينات والمعازف وشربت الخمور
في الطرق واتخذ الظلم فخرا وبيع الحكم وكثرت الشرط واتخذ القرآن مزامير وجلود
السباع خفافا ولعن آخر هذه الأمة أولها فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء وخسفا ومسخا
وقذفا وآيات
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه أنهم سألوا متى الساعة فقال : لقد
سألتموني عن أمر ما يعلمه جبريل ولا ميكائيل ولكن إن شئتم أنبأتكم بأشياء إذا كانت
لم يكن للساعة كثير لبث إذا كانت الألسن لينة والقلوب جنادل ورغب الناس في الدنيا
وظهر البناء على وجه الأرض واختلف الأخوان فصار هواهما شتى وبيع حكم الله بيعا
وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : إن من اقتراب الساعة أن
يظهر البناء على وجه الأرض وأن تقطع الأرحام وأن يؤذي الجار جاره
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إن من أشراط
(7/472)
الساعة
أن يظهر الفحش والتفحش وسوء الخلق وسوء الجوار
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر بن العاص قال : إن من أشراط الساعة أن يظهر
القول ويخزن العمل ويرتفع الأشرار ويوضع الأخيار ويقرأ المثاني عليهم فلا يعيها
أحد منهم
قلت : ما المثاني ؟ قال : كل كتاب سوى كتاب الله
وأخرج ابن أبي شيبة عن رجاء بن حيوة قال : لا تقوم الساعة حتى لا تحمل النخلة إلا
تمرة
وأخرج ابن أبي شيبة عن قيس قال : لا تقوم الساعة حتى تقوم رأس البقرة بالأوقية
وأخرج ابن أبي شيبة عن الوداك قال : من اقتراب الساعة انتفاخ الأهلة
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلا فيقال ابن ليلتين "
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
من اقتراب الساعة أن يرى الهلال قبلا فيقال ابن ليلتين "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى قال : إن بين يدي الساعة أياما ينزل فيها الجهل
ويرفع العلم حتى يقوم الرجل إلى أمه فيكربها بالسيف من الجهل
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر قال : يأتي على الناس زمان يجتمعون ويصلون
في المساجد وليس فيهم مؤمن
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : لا تقوم الساعة حتى يصير العلم جهلا والجهل
علما
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس رضي الله عنه قال : ليأتين على الناس زمان يجد النسوة
نعلا ملقى على الطريق فيقول بعضهن لبعض قد كانت هذه النعلة مرة لرجل
وأخرج ابن أبي الدنيا والبزار عن علي رضي الله عنه قال : قيل لرسول الله صلى الله
عليه و سلم : متى الساعة ؟ فزبره رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى إذا صلى الفجر
رفع رأسه إلى السماء فقال : " تبارك خالقها ورافعها ومبدلها وطاويها كطي
السجل للكتاب " ثم تطلع إلى الأرض فقال " تبارك خالقها وواضعها ومبدلها
وطاويها كطي السجل للكتاب " ثم قال : " أين السائل عن الساعة ؟ "
فجثا رجل من آخر القوم على ركبتيه فإذا هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " عند حيف الأئمة وتكذيب بالقدر وإيمان بالنجوم
وقوم يتخذون الأمانة مغنما والزكاة مغرما والفاحشة زيارة " فسألته عن الفاحشة
زيارة فقال : " الرجلان من أهل الفسق يصنع أحدهما طعاما وشرابا
(7/473)
ويأتيه
بالمرأة فيقول اصنعي لي كما صنعت فيتزاورون على ذلك قال : فعند ذلك هلكت أمتي يا
ابن الخطاب "
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : " لا تقوم الساعة حتى يكون السلام على المعرفة وحتى تتخذ المساجد طرقا
لا يسجد لله فيها حتى يجاوز وحتى يبعث الغلام بالشيخ بريدا بين الأفقين وحتى ينطلق
الفاجر إلى الأرض النامية فلا يجد فضلا "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : حج النبي صلى الله عليه و سلم
حجة الوداع ثم أخذ بحلقة باب الكعبة قال : أيها الناس ألا أخبركم بأشراط الساعة ؟
فقام إليه سلمان رضي الله عنه فقال : أخبرنا فداك أبي وأمي يا رسول الله
قال : إن من أشراط الساعة إضاعة الصلاة والميل مع الهوى وتعظيم رب المال
فقال سلمان : ويكون هذا يا رسول الله ؟ قال : نعم والذي نفس محمد بيده فعند ذلك يا
سلمان تكون الزكاة مغرما والفيء مغنما ويصدق الكاذب ويكذب الصادق ويؤتمن الخائن
ويخون الأمين ويتكلم الرويبضة
قال : وما الرويبضة ؟ قال : يتكلم في الناس من لم يتكلم وينكر الحق تسعة أعشارهم
ويذهب الإسلام فلا يبقى إلا اسمه ويذهب القرآن فلا يبقى إلا رسمه وتحلى المصاحف
بالذهب وتتسمن ذكور أمتي وتكون المشورة للإماء ويخطب على المنابر الصبيان وتكون
المخاطبة للنساء فعند ذلك تزخرف المساجد كما تزخرف الكنائس والبيع وتطول المنائر
وتكثر الصفوف مع قلوب متباغضة وألسن مختلفة وأهواء جمة
قال سلمان : ويكون ذلك يا رسول الله ؟ قال : نعم والذي نفس محمد بيده عند ذلك يا
سلمان يكون المؤمن فيهم أذل من الأمة يذوب قلبه في جوفه كما يذوب الملح في الماء
مما يرى من المنكر فلا يستطيع أن يغيره ويكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء
ويغار على الغلمان كما يغار على الجارية البكر فعند ذلك يا سلمان يكون أمراء فسقة
ووزراء فجرة وأمناء خونة يضيعون الصلوات ويتبعون الشهوات فإن أدركتموهم فصلوا
صلاتكم لوقتها
عند ذلك يا سلمان يجي سبي من المشرق وسبي من المغرب جثاؤهم جثاء الناس وقلوبهم
قلوب الشياطين لا يرحمون صغيرا ولا يوقرون كبيرا
(7/474)
عند
ذلك يا سلمان يحج الناس إلى هذا البيت الحرام تحج ملوكهم لهوا وتنزها وأغنياؤهم
للتجارة ومساكينهم للمسألة وقراؤهم رياء وسمعة
قال : ويكون ذلك يا رسول الله ؟ قال : نعم والذي نفسي بيده عند ذلك يا سلمان يفشوا
الكذب ويظهر الكوكب له الذنب وتشارك المرأة زوجها في التجارة وتتقارب الأسواق
قال : وما تقاربها ؟ قال : كسادها وقلة أرباحها عند ذلك يا سلمان يبعث الله ريحا
فيها حيات صفر فتلتقط رؤساء العلماء لما رأوا المنكر فلم يغيروه قال : ويكون ذلك
يا رسول الله ؟ قال : نعم والذي بعث محمدا بالحق "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن حذيفة رضي الله عنه قال : والله لا تقوم الساعة حتى
يلي عليكم من لا يزن عشر بعوضة يوم القيامة
وأخرج أحمد وابن ماجة والطبراني عن سلامة بنت الحر قالت : سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : " يأتي على الناس زمان يقومون ساعة لا يجدون إماما يصلي
بهم "
وأخرج أحمد عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
إن أيام الدجال سنين خداعة يكذب فيها الصادق ويصدق فيها الكاذب ويخون فيها الأمين
ويؤتمن فيها الخائن ويتكلم فيها الرويبضة
قيل : وما الرويبضة ؟ قال : الفاسق يتكلم في أمر العامة "
وأخرج أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
قبل الساعة سنون خداعة يكذب فيها الصادق ويصدق فيها الكاذب ويخون فيها الأمين
ويؤتمن فيها الخائن وينطق بها الرويبضة "
وأخرج أحمد وأبو يعلى والحاكم والبيهقي في البعث والضياء عن بريدة قال : سمعت
النبي صلى الله عليه و سلم يقول : " إن أمتي يسوقها قوم أعراض الوجوه صغار
الأعين كأن وجوههم الحجف ثلاث مرار حتى يلحوقهم بجزيرة العرب
أما السابقة الأولى فينجو من هرب منهم وأما الثانية فيهلك بعض وينجو بعض وأما
الثالثة فيصطلمون كلهم من بقي منهم
قالوا يا رسول الله : من هم ؟ قال : هم الترك
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لا تقوم الساعة حتى يتسافد
الناس في الطرق تسافد الحمر وفي لفظ : حتى يتهارجون في الطرق تهارج الحمر فيأتيهم
إبليس فيصرفهم إلى عبادة الأوثان
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه و سلم
قال :
(7/475)
"
لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما
صغار الأعين ذلف الأنف كأن وجوههم المجان المطرقة "
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن حذيفة رضي الله عنه قال : إن الناس كانوا
يسألون رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر كيما أعرفه
فأتقيه قلت يا رسول الله : أرأيت هذا الخير الذي أعطانا الله يكون بعده شر ؟ قال :
نعم قلت : فما العصمة من ذلك ؟ قال : السيف
قلت : وهل للسيف من بقية ؟ قال : نعم
قلت : ثم ماذا ؟ قال : ثم على دخن جماعة على فرية فإن كان يومئذ لله خليفة ضرب
ظهرك وأخذ مالك فأسمع وأطع وإلا فمت عاضا بجذل شجرة قلت : ثم ماذا ؟ قال : يخرج
الدجال ومعه نهر ونار فمن وقع في ناره وقع وحط وزره ومن وقع في نهره وجب وزره وحط
أجره
قلت : ثم ماذا ؟ قال : ثم إنما هي قيام الساعة
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله "
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : " لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله "
وأخرج أحمد وأبو يعلى والحاكم وصححه عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض الله الله وحتى تمر
المرأة بقطعة النعل فتقول : قد كان لهذه رجل مرة وحتى يكون الرجل قيم خمسين امرأة
وحتى تمطر السماء ولا تنبت الأرض "
وأخرج الحاكم وصححه عن أنس رضي الله عنه مرفوعا " والذي نفسي بيده لا تقوم
الساعة على رجل يقول لا إله إلا الله ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر
وأخرج الحاكم وصححه وضعفه الذهبي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : " لا تقوم الساعة حتى لا يبقى على وجه الأرض أحد لله فيه
حاجة وحتى تؤخذ المرأة نهارا جهارا تنكح وسط الطريق لا ينكر ذلك أحد فيكون أمثلهم
الذي يقول : لو نحيتها عن الطريق قليلا فذاك فيهم مثل أبي بكر وعمر فيكم "
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن علباء السلمي مرفوعا : " لا تقوم الساعة إلا على
حثالة الناس "
(7/476)
وأخرج
أحمد ومسلم عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" اللهم لا يدركني زمان لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس "
وأخرج أحمد عن سهل بن سعد الساعدي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" اللهم لا يدركني زمان ولا تدركون زمانا لا يتبع فيه العليم ولا يستحيا من
الحليم قلوبهم قلوب الأعاجم وألسنتهم ألسنة العرب "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : " لا تقوم الساعة حتى تضطرب اليات نساء دوس على ذي الخلصة
وذو الخلصة طاغية دوس التي كانوا يعبدون في الجاهلية "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر قال : " لا تقوم الساعة حتى تضطرب
اليات نساء حول الأصنام "
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إن من أشراط الساعة أن تعزب ؟ العقول وتنقص الأحلام "
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : كان يقال من اقتراب الساعة موت الفجأة
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : من أشراط الساعة موت البدار
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العالية قال : كنا نتحدث أنه سيأتي على الناس زمان خير
أهله الذي يرى الخير فيجانبه قريبا
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في البعث عن طلحة بن مالك قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " إن من أشراط الساعة هلاك العرب "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لا تقوم الساعة حتى تتخذ المساجد طرقا وحتى يسلم الرجل على الرجل بالمعرفة
وحتى تتجر المرأة وزوجها وحتى تغلو الخيل والنساء ثم ترخص فلا تغلو إلى يوم
القيامة "
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد والحاكم وصححه عن ابن مسعود عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : " بين يدي الساعة تسليم الخاصة وفشو التجارة حتى تعين
المرأة زوجها على التجارة وقطع الأرحام وفشو القلم وظهور الشهادة بالزور وكتمان
شهادة الحق "
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود : سمعت رسول الله
(7/477)
صلى
الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم يقول : " إن من أشراط الساعة أن يمر
الرجل في المسجد لا يصلي فيه ركعتين وأن لا يسلم الرجل إلا على من يعرفه وأن يبرد
الصبي الشيخ لفقره وأن تتطاول الحفاة العراة رعاة الشاء في البنيان "
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شريطته من أهل الأرض فيبقى منها عجاج
لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا "
وأخرج أحمد ومسلم والحاكم وصححه عن أبي هريرة : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " إن طالت بك مدة يوشك أن ترى قوما يغدون في سخط الله ويروحون في
لعنته في أيديهم مثل أذناب البقر "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا يكون في آخر هذه الأمة رجال
يركبون على المياثر حتى يأتوا أبواب المساجد نساؤهم كاسيات عاريات على رؤوسهن
كأسنمة البخت العجاف العنوهن فإنهن ملعونات لو كانت وراءكم أمة من الأمم لخدمتهم
كما خدمكم نساء الأمم قبلكم " فقلت لأبي : وما المياثر ؟ قال : سروج عظام
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن أبي أمامة مرفوعا : " يخرج في هذه الأمة في آخر
الزمان رجال معهم سياط كأنها أذناب البقر يغدون في سخط الله ويروحون في لعنته
"
وأخرج البزار والحاكم بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه
و سلم قال : " والذي بعثني بالحق لا تنقضي هذه الدنيا حتى يقع بهم الخسف
والمسخ والقذف
قالوا : ومتى ذاك يا نبي الله ؟ قال : إذا رأيت النساء ركبن السروج وكثرت القينات
وشهد شهادات الزور وشرب المصلون في آنية أهل الشرك الذهب والفضة واستغنى الرجال
بالرجال والنساء بالنساء فاستبدروا واستعدوا "
وأخرج الطبراني وصححه عن أبي أمامة رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " لا يزداد الأمر إلا شدة ولا المال إلا إفاضة ولا تقوم الساعة
إلا على شرار خلقه "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والحاكم وصححه عن أبي ذر رضي الله عنه قال : كنا مع رسول
الله صلى الله عليه و سلم فلما رجعنا تعجل ناس فدخلوا المدينة فسأل عنهم
(7/478)
النبي
صلى الله عليه و سلم فأخبر أنهم تعجلوا المدينة فقال : " يوشك أن يدعوها أحسن
ما كانت ليت شعري متى تخرج نار من جبل الوراق يضيء لها أعناق البخت ببصرى يروها
كضوء النهار "
وأخرج أحمد والحاكم عن رافع بن بشر السلمي عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : " تخرج نار من حبس سيل تسير بطيبة تكمن بالليل وتسير بالنهار تغدو
وتروح يقال غدت النار أيها الناس فأغدوا قالت النار أيها الناس فقيلوا راحت النار
فروحوا من أدركته أكلته "
وأخرج الحاكم عن أبي البداح بن عاصم الأنصاري رضي الله عنه بسند ضعيف قال : سألنا
رسول الله صلى الله عليه و سلم حدثان ما قدم فقال : أين حبس سيل ؟ قلنا : لا ندري
فمر بي رجل من بني سليم فقلت : من أين جئت ؟ قال : من حبس سيل
فأتيت فقلت يا رسول الله : إن هذا الرجل يخبر أن أهله بحبس سيل فسأله النبي صلى
الله عليه و سلم وقال : " أخر أهلك فإنه يوشك أن تخرج منه نار تضيء أعناق
الإبل ببصرى "
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " لا تقوم الساعة حتى تخرج نار بأرض الحجاز تضيء منها أعناق الإبل
ببصرى "
وأخرج أحمد وصححه وضعفه الذهبي عن معاذ بن أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " لا تزال الأمة على شريعة ما لم يظهر فيهم ثلاث : ما لم يقبض منهم
العلم ويكثر ولد الخبث ويظهر فيهم السقارون
قالوا : وما السقارون ؟ قال : بشر يكونون في آخر الزمان تكون تحيتهم بينهم إذا
تلاقوا التلاعن "
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن أبي سعيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : " تكثر الصواعق عند اقتراب الساعة فيصبح القوم فيقولون : من صعق
البارحة فيقولون : صعق فلان وفلان "
وأخرج البزار وأبو يعلى وابن حبان والحاكم وصححه عن أبي سعيد رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت "
وأخرج الحاكم " صححه عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " يكون في أمتي خليفة يحثي المال حثا لا يعده عدا ثم قال : والذي
نفسي بيده ليعودن الأمر كما بدأ ليعودن كل إيمان إلى المدينة كما بدأ بها حتى يكون
كل إيمان بالمدينة
ثم قال : لا يخرج رجل من المدينة رغبة عنها إلا أبدلها الله خيرا منه
(7/479)
وليسمعن
ناس برخص من أسعار وزيف فيتبعونه والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " لتركبن سنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو أن أحدهم
دخل حجر ضب لدخلتم وحتى لو أن أحدهم جامع امرأته بالطريق لفعلتموه "
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " سيأتي على أمتي زمان يكثر فيه القراء وتقل الفقهاء ويقل العلم
ويكثر الهرج
قالوا وما الهرج يا رسول الله ؟ قال : القتل بينكم
ثم يأتي بعد ذلك زمان يقرأ القرآن رجال لا يجاوز تراقيهم
ثم يأتي بعد ذلك زمان يحاول المنافق الكافر المشرك بالله المؤمن بمثل ما يقول
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والحاكم وصححه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم
السباع الإنسان وحتى تكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله ويخبره فخذه بما أحدث أهله
من بعده "
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : يكون فتنة فيقوم لها
رجال فيضربون خيشومها حتى تذهب ثم تكون أخرى فيقوم لها رجال فيضربون خيشومها حتى
تذهب ثم تكون أخرى فيقوم لها رجال فيضربون خيشومها حتى تذهب ثم تكون أخرى فيقوم
لها رجال فيضربون خيشومها حتى تذهب ثم تكون الخامسة وهي مجللة تنشق في الأرض كما
ينشق الماء
وأخرج مسلم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : والله إني لأعلم الناس بكل فتنة
كائنة فيما بيني وبين الساعة وما بي أن لا يكون رسول الله صلى الله عليه و سلم أسر
إلي في ذلك شيئا لم يحدثه غيري ولكن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال وهو يحدث
مجلسا أنا فيه عن الفتن فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يعد الفتن : منهن
ثلاث لا يكدن يذرن شيئا ومنهن فتن كرياح الصيف منها صغار ومنها كبار قال حذيفة رضي
الله عنه : فذهب أولئك الرهط غيري
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : " يكون في هذه الأمة أربع فتن آخرها الغناء "
وأخرج أحمد وأبو الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
(7/480)
قال
: كنا قعودا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكر الفتن فأكثر في ذكرها حتى ذكر
فتنة الأحلاس فقال قائل يا رسول الله : وما فتنة الأحلاس ؟ قال : هي فتنة حرب وهرب
ثم فتنة السراء دخنها من تحت قدمي رجل من أهل بيتي يزعم أنه نبي وليس مني إنما
أوليائي المتقون ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع ثم فتنة الدهيماء لا تدع
أحدا من هذه الأمة إلا لطمته حتى إذا قيل انقضت عادت يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسي
كافرا حتى يصير الناس إلى فسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان
فيه فإذا كان ذاكم فأنظروا الدجال من يومه أو من غده "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن عبد الله بن عمر
رضي الله عنهما قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في سفر فنزلنا منزلا
فمنا من يضرب خباءه ومنا من ينتضل إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه و سلم :
الصلاة جامعة
فانتهيت إليه وهو يخطب الناس ويقول : " أيها الناس إنه لم يكن نبي قبلي إلا
كان حقا عليه أن يدل أمته على ما يعلمه خيرا لهم وينذرهم ما يعلمه شرا لهم ألا وإن
عافية هذه الأمة في أولها وسيصيب آخرها بلاء وفتن يرفق بعضها بعضا تجيء الفتنة
فيقول المؤمن هذه تهلكني ثم تنكشف ثم تجيء فيقول هذه وهذه ثم تجيء فيقول هذه وهذه
ثم تنكشف
فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر
ويأتي إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه
فليطعه ما استطاع "
وأخرج ابن خزيمة والحاكم عن العداء بن خالد رضي الله عنه قال : كنا عند النبي صلى
الله عليه و سلم إذ قام قومة له كأنه مفزع ثم رجع فقال : أحذركم الدجالين الثلاث
فقال ابن مسعود رضي الله عنه بأبي أنت وأمي يا رسول الله أخبرتنا عن الدجال الأعور
وعن أكذب الكذابين فمن الثالث ؟ قال : رجل يخرج في قوم أولهم مثبور وآخرهم مثبور
عليهم اللعنة دائبة في فتنة الجارفة وهو الدجال الأكيس يأكل عباد الله قال محمد :
وهو أبعد الناس من سننه قال الذهبي : الحديث منكر بمرة
وأخرج الحاكم وصححه عن جابر بن سمرة مرفوعا " ليفتحن لكم كنوز كسرى
الأبيض أو الذي في الأبيض عصابة من المسلمين "
وأخرج الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا " تكون هدة في شهر
(7/481)
رمضان
توقظ النائم وتفزع اليقظان ثم تظهر عصابة في شوال ثم مقمعة في ذي الحجة تنتهك
المحارم ثم يكون موت في صفر ثم تتنازل القبائل في ربيع ثم العجب كل العجب بين
جمادى ورجب ثم في المحرم ناقة مقتبة خير من دسكرة تقل مائة ألف قال الحاكم : غريب
المتن وقال الذهبي : موضوع
وأخرج أحمد وأبو يعلى والحاكم وصححه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " شيطان الردهة يحتدره رجل من بجيلة يقال له
الأشهب أو ابن الأشهب راعي الخيل غلامه في القوم الظلمة " قال الذهبي ما
أبعده من الصحة وأنكره !
وأخرج ابن أبي شيبة عن أرقم بن يعقوب قال : سمعت عبد الله رضي الله عنه يقول : كيف
أنتم إذا أخرجتم من أرضكم هذه إلى جزيرة العرب ومنابت الشيح ؟ قلت : من يخرجنا ؟
قال : عدو الله
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه قال : كأني أراهم ؟ مسر آذان خيلهم
وأبطيها بحافتي الفرات
وأخرج الحاكم وصححه عن معيقيب ونعيم بن حماد عن حذيفة رضي الله عنه مرفوعا "
لن تفنى أمتي حتى يظهر فيهم التمايز والتمايل والمقامع
قلت يا رسول الله : ما التمايز ؟ قال : عصبية يظهرها الناس بعدي في الإسلام
قلت : فما التمايل ؟ قال : تميل القبيلة على القبيلة فتستحل حرمتها
قلت : فما المقامع ؟ قال : تسير الأحبار بعضها إلى بعض تختلف أعناقها في الحرب
"
وأخرج ابن ماجة والحاكم وصححه وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه : سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إذا وقعت الملاحم خرج بعث من الموالي من
دمشق هم أكرم العرب فرسا وأجودهم سلاحا يؤيد الله بهم هذا الدين "
وأخرج الحاكم وصححه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ستكون فتنة تحصل الناس منها
كما يحصل الذهب في المعدن فلا تسبوا أهل الشام وسبوا ظلمتهم فإن فيهم الأبدال
وسيرسل الله سيبا من السماء فيغرقهم حتى لو قاتلهم الثعالب غلبتهم ثم يبعث الله
عند ذلك رجلا من عترة الرسول عليه الصلاة و السلام في إثني عشر ألفا إن قلوا أو
خمسة عشر ألفا إن كثروا أمارتهم أن علامتهم أمت أمت على ثلاث رايات يقاتلهم أهل
سبع رايات ليس من صاحب راية إلا وهو
(7/482)
يطمع
في الملك فيقتلون ويهزمون ثم يظهر الهاشمي فيرد الله على الناس إلفتهم ونعمتهم
فيكونون على ذلك حتى يخرج الدجال
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي عن جبير بن نفير قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " لتستصعبن الأرض بأهلها حتى لا يكون على ظهرها أهل بيت مدر ولا
وبر وليبتلين آخر هذه الأمة بالرجف فإن تابوا تاب عليهم وإن عادوا عاد الله عليهم
بالرجف والقذف والمسخ والصواعق "
وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " أبشركم بالمهدي يبعثه الله في أمتي على اختلاف من الزمان وزلازل
فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما ويرضى عنه ساكنو السماء وساكنو الأرض
يقسم الأرض ضحاحا
فقال له رجل : ما ضحاحا ؟ قال : بالسوية بين الناس ويملأ قلوب أمة محمد غنى ويسعهم
عدله حتى يأمر مناد ينادي يقول : من كانت له في مال حاجة فما يقوم من المسلمين إلا
رجل واحد فيقول : أئت السادن يعني الخازن فقل له : إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالا
فيقول له : أحث حتى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم فيقول : كنت أجشع أمة محمد نفسا
إذ عجز عني ما وسعهم قال : فيرد فلا يقبل منه فيقال له : إنا لا نأخذ شيئا أعطيناه
فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين ثم لا خير في العيش بعده قال : ثم
لا خير في الحياة بعده "
وأخرج أحمد وأبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " لا تقوم الساعة حتى يملك الأرض رجل من أهل بيتي أجلى
أقنى " ولفظ أبي داود : " المهدي مني أجلى الجبهة أقنى الأنف يملأ الأرض
قسطا وعدلا كما ملئت قبله ظلما وجورا يكون سبع سنين "
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه و سلم قال : " يخرج المهدي في أمتي خمسا أو سبعا - شك أبو
الجوري - قلنا : أي شيء قال : سنين ثم ترسل السماء عليهم مدرارا ولا تدخر الأرض من
نباتها شيئا ويكون المال كردسا يجيء الرجل إليه فيقول يا مهدي أعطني أعطني فيحثي
له في ثوبه ما استطاع أن يحمل "
وأخرج أحمد ومسلم : يكون في آخر الزمان خليفة يقسم المال ولا يعده
(7/483)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" يخرج في آخر الزمان خليفة يعطي الحق بغير عدد "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" يخرج رجل من أهل بيتي عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن يكون عطاؤه حثيا
"
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لبعث الله رجلا منا يملؤها
عدلا كما ملئت جورا "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن ماجة عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة "
وأخرج أبو داود عن أبي إسحق قال : قال علي ونظر إلى ابنه الحسن فقال : إن ابني هذا
سيد كما سماه رسول الله صلى الله عليه و سلم وسيخرج من صلبه رجل يسمى باسم نبيكم
يشبهه في الخلق ولا يشبهه في الخلق يملأ الأرض عدلا
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والحاكم وصححاه عن ابن مسعود رضي
الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم
لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجل مني أو من أهل بيتي وفي لفظ لا تذهب الأيام
والليالي حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطىء اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ
الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا "
وأخرج الترمذي وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يلي رجل من
أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي "
وأخرج أبو داود وابن ماجة والطبراني والحاكم عن أم سلمة رضي الله عنها : سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : " المهدي من عترتي من ولد فاطمة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود وأبو يعلى والطبراني عن أم سلمة رضي الله عنها
عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل
المدينة هاربا إلى مكة فيأتيه ناس من أهل المدينة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين
الركن والمقام ويبعث إليه بعث من الشام فيخسف بهم بالبيداء بين مكة والمدينة
(7/484)
فإذا
رأى الناس ذلك أتاه أبدال الشام وعصائب أهل العراق فيبايعونه ثم ينشأ رجل من قريش
أخواله كلب فيبعث إليهم بعثا فيظهرون عليهم فذلك بعث كلب والخيبة لمن لم يشهد
غنيمة كلب فيقسم المال ويعمل في الناس سنة نبيهم ويلقى الإسلام بجرانه إلى الأرض
فيلبث سنين ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : بينما نحن
عند رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ أقبل فتية من بني هاشم فلما رآهم رسول الله
صلى الله عليه و سلم اغرورقت عيناه وتغير لونه فقلت : ما تزال ترى في وجهك شيئا
نكرهه فقال : " إنا أهل بيت اختار لنا الآخرة على الدنيا وإن أهل بيتي سيلقون
بعدي بلاء وتشريدا وتطريدا حتى يأتي قوم من قبل المشرق معهم رايات سود فيسألون
الخير فلا يعطونه فيقاتلون فينصرون فيعطون ما سألوا فلا يقبلونه حتى يدفعوها إلى
رجل من أهل بيتي فيملؤوها قسطا كما ملؤوها جورا فمن أدرك ذلك منكم فليأتهم ولو
حبوا على الثلج "
وأخرج ابن ماجة والحاكم وصححه عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" يقتتل عند كنزكم ثلاثة كلهم ابن خليفة ثم لا يصير إلى واحد منهم ثم تطلع
الرايات السود من قبل المشرق فيقاتلونكم قتالا لم يقاتله قوم ثم ذكر شيئا لا أحفظه
قال : فإذا رأيتموه فتابعوه ولو حبوا على الثلج فإنه خليفة الله المهدي "
وأخرج الترمذي ونعيم بن حماد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم حتى تضيق
عليهم الأرض فيبعث الله رجلا من عترتي فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا
يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض لا تدخر الأرض من بذرها شيئا إلا أخرجته ولا
السماء شيئا من قطرها إلا صبته يعيش فيهم سبع سنين أو ثمان أو تسع "
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال : حدثني رجل من أصحاب النبي صلى
الله عليه و سلم أن المهدي لا يخرج حتى يقتل النفس الزكية فإذا قتلت النفس الزكية
غضب عليهم من في السماء ومن في الأرض فأتى الناس المهدي فزفوه كما تزف العروس إلى
زوجها ليلة عرسها وهو يملأ الأرض قسطا وعدلا وتخرج الأرض نباتها وتمطر السماء مطرها
وتنعم أمتي في ولايته نعمة لا تنعمها قط
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الجلد قال : تكون فتنة بعدها فتنة ألا وفي الآخرة كثمرة
السوط يتبعها ذباب السيف ثم يكون بعد ذلك فتنة تستحل فيها
(7/485)
المحارم
كلها ثم يأتي الخلافة خير أهل الأرض وهو قاعد في بيته ههنا
وأخرج ابن أبي شيبة عن عاصم بن عمر والبجيلي رضي الله عنه قال : لينادين باسم رجل
من السماء لا ينكره الذليل ولا يمتنع منه الدليل
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق ثابت بن عطية عن عبد الله قال : الزموا هذه الطاعة
والجماعة فإنه حبل الله الذي أمر به وإن ما تكرهون في الجماعة خير مما تحبون في
الفرقة إن الله لم يخلق شيئا إلا جعل له منتهى وإن هذا الدين قد تم وإنه صائر إلى
نقصان وإن أمارة ذلك أن تقطع الأرحام ويؤخذ المال بغير حقه ويسفك الدماء ويشتكي ذو
القرابة قرابته لا يعود عليه شيء ويطوف السائل لا يوضع في يده شيء فبينما هم كذلك
إذ خارت الأرض خور البقرة يحسب كل إنسان أنها خارت من قبلهم فبينما الناس كذلك
قذفت الأرض بأفلاذ كبدها من الذهب والفضة لا ينفع بعد شيء منه ذهب ولا فضة
وأخرج أحمد عن عبد الله بن عمرو قال : دخلت على النبي صلى الله عليه و سلم وهو
يتوضأ فرفع رأسه فنظر إلي فقال : " ست فيكم أيتها الأمة موت نبيكم فكأنما
انتزع قلبي من مكانه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : واحدة قال : ويفيض المال
فيكم حتى إن الرجل ليعطى عشرة آلاف فيظل يسخطها
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم اثنتين قال : وفتنة تدخل بيت كل رجل منكم
قال رسول صلى الله عليه و سلم ثلاث
قال : وموت كقعاص الغنم
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أربع وهدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر
فيجمعون لكم تسعة أشهر بقدر حمل المرأة ثم يكونون أولى بالغدر منكم
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : خمس وفتح مدينة
قلت يا رسول الله : أي مدينة ؟ قال : قسطنطينية "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري وأبو داود وابن ماجة عن عوف بن مالك الأشجعي
قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم في غزوة تبوك وهو في قبة أدم فقال :
" أعدد ستا بين يدي الساعة : موتي ثم فتح بيت المقدس ثم موتان يأخذكم كقعاص
الغنم ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا ثم فتنة لا يبقى بيت
من العرب إلا دخلته ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغدرون فيأتونكم تحت
ثمانين راية تحت كل راية اثنا عشر ألفا زاد أحمد فسطاط المسلمين يومئذ في أرض يقال
لها الغوطة في مدينة يقال لها دمشق "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال :
(7/486)
قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ست من أشراط الساعة : موتي وفتح بيت
المقدس وموت يأخذ في الناس كقعاص الغنم وفتنة يدخل حرها بيت كل مسلم وأن يعطى
الرجل ألف دينار فيسخطها وأن يغدر الروم فيسيرون بثمانين بندا تحت كل بند اثنا عشر
ألفا "
وأخرج أبو داود والحاكم وصححه عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : " إن فسطاط المسلمين يوم الملحمة الكبرى بالغوطة إلى جانب
مدينة يقال لها دمشق من خير مدائن دمشق "
وأخرج الحاكم عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال : إذا رأيت ؟ بيدة بيد رجل
وأهل بيته فعند ذلك فتح القسطنطينية "
وأخرج مسلم والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " هل سمعتم بمدينة جانب منها في البر وجانب منها في البحر ؟ فقالوا :
نعم يا رسول الله قال : لا تقوم الساعة حتى يغزوها سبعون ألفا من بني إسحق حتى إذا
جاؤوها نزلوا فلم يقاتلوا بسلاح ولم يرموا بسهم فيقولون لا إله إلا الله والله
أكبر فيسقط أحد جانبيها ثم يقولون الثانية لا إله إلا الله والله أكبر فيسقط
جانبها الآخر ثم يقولون الثالثة لا إله إلا الله والله أكبر فيفرج لهم فيدخلونها
فيغنمون فبينما هم يقتسمون الغنائم إذ جاءهم الصريخ أن الدجال قد خرج فيتركون كل
شيء ويرجعون "
قال الحاكم : يقال إن هذه المدينة هي القسطنطينية صح أن فتحها مع قيام الساعة
وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجة وأبو يعلى ونعيم بن حماد في الفتن والطبراني
والبيهقي في البعث والضياء والمقدسي في المختارة عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " بين الملحمة وفتح القسطنطينية سنين
ويخرج الدجال في السابعة "
وأخرج الترمذي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : فتح القسطنطينية مع قيام الساعة
وأخرج مسلم والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " لا تقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق فيخرج إليهم جلب من المدينة
من خيار أهل الأرض يومئذ فإذا تصافوا قالت الروم : خلوا بيننا وبين الذين سبوا منا
نقاتلهم فيقاتل المسلمون لا والله فيقاتلونهم فينهزم ثلث لا يتوب الله عليهم أبدا
(7/487)
ويقتل
ثلثهم أفضل الشهداء عند الله ويصبح ثلث لا يفتنون أبدا فيبلغون القسطنطينية
فيفتتحون فبينما هم يقتسمون غنائمهم وقد علقوا سلاحهم بالزيتون إذ صاح الشيطان
أن المسيح قد خلفكم في أهليكم وذاك باطل فإذا جاؤوا الشام خرج فبينما هم يعدون
للقتال ويسوون الصفوف إذ أقيمت الصلاة صلاة الصبح فينزل عيسى بن مريم فأمهم فإذا
رآه عدو الله ذاب كما يذوب الملح فلو تركه لذاب حتى يهلك ولكن الله يقتله بيده
فيريهم دمه في حربته "
وأخرج ابن ماجة والحاكم عن كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده : سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : " لا تذهب الدنيا حتى تقاتلوا بني الأصفر
يخرج إليهم روقة المؤمنين أهل الحجاز الذين يجاهدون في سبيل الله ولا تأخذهم في
الله لومة لائم حتى يفتح الله عليهم قسطنطينية ورومية بالتسبيح والتكبير فينهدم
حصنها فيصيبون نيلا عظيما لم يصيبوا مثله قط حتى إنهم يقتسمون بالترس ثم يصرخ صارخ
بأهل الإسلام قد خرج الدجال في بلادكم وذراريكم فينفض الناس حتى عن المال منهم
الآخذ ومنهم التارك فالآخذ نادم والتارك نادم "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والحاكم وصححه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " عمران بيت المقدس خراب يثرب
وخراب يثرب حضور الملحمة وحضور الملحمة فتح القسطنطينية وفتح القسطنطينية خروج الدجال
" ثم ضرب معاذ على منكب عمر بن الخطاب وقال والله إن ذلك لحق كما أنك جالس
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة عن معاذ بن جبل قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " الملحمة العظمى وفتح القسطنطينية وخروج الدجال
في سبعة أشهر "
وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححه عن ذي مخمر بن أخي
النجاشي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " ستصالحكم الروم صلحا
آمنا حتى تغزون أنتم وهم عدوا من ورائهم فتنصرون وتغنمون وتنصرفون تنزلوا بمرج ذي
تلال فيقول قائل من الروم : غلب الصليب ويقول قائل من المسلمين : بل الله غلب
فيتداولانها بينهم فيثور المسلم إلى صليبهم وهم منهم غير بعيد فيدقه وتثور الروم
إلى كاسر صليبهم فيقتلونه ويثور المسلمون إلى أسلحتهم فيقتتلون فيكرم الله تلك
(7/488)
العصابة
من المسلمين بالشهادة فتقول الروم لصاحب الروم كفيناك حد العرب فيندرون فيجمعون
الملحمة فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفا "
وأخرج أحمد والبخاري والبزار وابن خزيمة والطبراني والحاكم وصححه عن عبد الله بن
بشر الغنوي حدثني أبي سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " لتفتحن
القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش "
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن أبي قبيل قال : تذاكر فتح القسطنطينية والرومية أيهما
تفتح أولا فدعا عبد الله بن عمر بصندوق ففتحه فأخرج منه كتابا قال : كنا عند رسول
الله صلى الله عليه و سلم نكتب فقيل : أي المدينتين تفتح أولا يا رسول الله
قسطنطينية أو رومية ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " مدينة هرقل
تفتح أولا " يريد القسطنطينية
وأخرج الحاكم وصححه عن عوف بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
خرج عليهم واقناء معلقة وقنو منها حشف ومعه عصا فطعن في القنو وقال : لو شاء رب
هذه الصدقة تصدق بأطيب منها
إن صاحب هذه الصدقة يأكل الحشف يوم القيامة أما والله يا أهل المدينة لتدعنها
مذللة أربعين عاما للعوافي
قلنا : الله ورسوله أعلم قال : أتدرون ما العوافي ؟ قالوا لا
قال : الطير والسباع "
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا " لتتركن المدينة على
خير ما كانت تأكلها الطير والسباع "
وأخرج الحاكم وصححه عن محجن بن الأدرع أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صعد أحدا
وصعدت معه فأقبل بوجهه نحو المدينة فقال لها قولا ثم قال : ويل أمك أو يح أمها
قرية يدعها أهلها أينع ما تكون يأكلها عافية الطير والسباع ولا يدخلها الدجال إن
شاء الله كلما أراد دخولها يلقاه : بكل نقب من أنقابها ملك مصلت يمنعه عنها "
وأخرج الحاكم وصححه عن واثلة بن الأسقع سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" لا تقوم الساعة حتى يكون عشر آيات خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف في جزيرة
العرب والدجال ونزول يأجوج ومأجوج والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونار تخرج من قعر
عدن تسوق الناس إلى المحشر تحشر الذر والنمل "
وأخرج أبو يعلى والروياني وابن قانع والحاكم وصححه عن بريدة قال : قال
(7/489)
رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " إن لله ريحا يبعثها على رأس مائة سنة تقبض روح
كل مؤمن "
وأخرج أحمد والطبراني والحاكم وصححه عن عياش بن أبي ربيعة : سمعت النبي صلى الله
عليه و سلم يقول : " تجيء ريح بين يدي الساعة تقبض فيها روح كل مؤمن "
وأخرج مسلم والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إن الله يبعث ريحا من اليمن ألين من الحرير فلا تدع أحدا في
قلبه مثقال حبة من إيمان إلا قبضته "
وأخرج مسلم والحاكم وصححه عن عائشة رضي الله عنها سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى ويبعث الله ريحا
طيبة فتتوفى من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من خير فيبقى من لا خير فيه فيرجعون
إلى دين آبائهم "
وأخرج الحاكم وصححه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقول : " لا تزال عصابة من أمتي يقاتلون على أمر الله ظاهرين على العدو
لا يضرهم من خالفهم حتى تأتيهم الساعة وهم على ذلك " فقال عبد الله بن عمرو
أجل ويبعث الله ريحا ريحها المسك ومسها مس الحرير فلا تترك نفسا في قلبه مثقال حبة
من الإيمان إلا قبضته ثم يبقى شرار الناس عليهم تقوم الساعة
وأخرج الحاكم عن ابن عمرو قال : لا تقوم الساعة حتى يبعث الله ريحا لا تدع أحدا في
قلبه مثقال ذرة من تقى أو نهي إلا قبضته ويلحق كل قوم بما كان يعبد آباؤهم في
الجاهلية ويبقى عجاج من الناس لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر يتناكحون في
الطرق فإذا كان ذلك اشتد غضب الله على أهل الأرض فأقام الساعة
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب فيقتتل الناس عليه فيقتل من
كل مائة تسعة وتسعون ويقول كل رجل منهم : لعلي أكون الذي أنجو "
وأخرج مسلم عن أبي كعب رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : " يوشك الفرات أن يحسر عن جبل من ذهب فإذا سمع به الناس ساروا إليه
فيقول من عنده : لئن تركنا الناس يأخذون منه ليذهبن به كله
قال : فيقتتلون عليه فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون "
(7/490)
وأخرج
الحاكم وصححه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : تخرج معادن مختلفة معدن فيها قريب
من الحجاز يأتيه شرار الناس يقال له فرعون فبينما هم يعملون فيه إذ حسر عن الذهب
فأعجبهم معتمله إذ خسف به وبهم
وأخرج أحمد وابن ماجة والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " يكون في أمتي خسف وقذف ومسخ "
وأخرج أحمد والبغوي وابن قانع والطبراني والحاكم وصححه عن عبد الله بن صحار العبدي
عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا تقوم الساعة حتى
يخسف بقبائل من العرب فيقال من بني فلان "
وأخرج ابن أبي شيبه عن عبد الله بن عمرو قال : ليخسفن بالدار إلى جنب الدار
وبالدار إلى جنب الدار حيث تكون المظالم
وأخرج ابن سعد عن أبي عاصم الغطفاني قال : كان حذيفة رضي الله عنه لا يزال يحدث
الحديث يستفظعونه فقيل له يوشك أن تحدثنا أنه سيكون فينا مسخ قال : نعم ليكونن
فيكم مسخ قردة وخنازير
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي عن فرقد السبخي قال : قرأت في التوراة التي
جاء بها جبريل إلى موسى عليه السلام : ليكونن مسخ وقذف وخسف في أمة محمد في أهل
القبلة
قيل يا أبا يعقوب : ما أعمالهم ؟ قال : باتخاذهم القينات وضربهم بالدفوف ولباسهم
الحرير والذهب ولن تغيب حتى ترى أعمالا أزلية فاستيقن واستعد واحذر
قيل : ما هي ؟ قال : تكافأ الرجال بالرجال والنساء بالنساء ورغبت العرب في آنية
العجم فعند ذلك
ثم قال : والله ليقذفن رجال من السماء بالحجارة يشدخون بها في طرقهم وقبائلهم كما
فعل بقوم لوط وليمسخن آخرون قردة وخنازير كما فعل ببني إسرائيل وليخسف بقوم كما
خسف بقارون
وأخرج ابن أبي الدنيا عن سالم بن أبي الجعد رضي الله عنه قال : ليأتين على الناس
زمان يجتمعون فيه على باب رجل منهم ينتظرون أن يخرج إليهم فيطلبون إليه الحاجة
فيخرج إليهم وقد مسخ قردا أو خنزيرا وليمرن الرجل على الرجل في حانوته يبيع فيرجع
عليه وقد مسخ قردا أو خنزيرا
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي الزاهرية رضي الله عنه قال : لا تقوم الساعة حتى يمشي
الرجلان إلى الأمر يعملانه فيمسخ أحدهما قردا أو خنزيرا فلا يمنع الذي
(7/491)
نجا
منهما ما رأى بصاحبه أن يمشي إلى شأنه ذلك حتى يقضي شهوته وحتى يمشي الرجلان إلى
الأمر يعملانه فيخسف بأحدهما فلا يمنع الذي نجا منهما ما رأى بصاحبه أن يمضي إلى
شأنه ذلك حتى يقضي شهوته منه
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الرحمن بن غنم قال : يوشك أن تقعد أمتان على رحى
فتطحنان فتمسخ إحداهما والأخرى تنظر
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن غنم قال : سيكون خباءان متجاوران فينشق بينهما نهر
فيسقيان منه بسهم واحد يقبس بعضهم من بعض فيصبحان يوما من الأيام قد خسف بأحدهما
والآخر حي
وأخرج ابن أبي الدنيا عن مالك بن دينار قال : بلغني أن ريحا تكون في آخر الزمان
وظلمة فيفزع الناس إلى علمائهم فيجدونهم قد مسخوا
وأخرج الترمذي في نوادر الأصول عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " يكون في أمتي فزعة فيصير الناس إلى علمائهم فإذا هم قردة وخنازير
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة أنه قال : لتعملن عمل بني إسرائيل فلا يكون فيهم شيء
إلا كان فيكم مثله
فقال رجل : يكون منا قردة وخنازير ؟ قال : وما يبرئك من ذلك لا أم لك ؟ وأخرج ابن
أبي شيبة عن حذيفة قال : كيف أنتم إذا أتاكم زمان يخرج أحدهم من حجلته إلى حشه
فيرجع وقد مسخ قردا ؟
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن مردويه عن أنس أن عبد الله بن سلام قال يا رسول
الله : ما أول أشراط الساعة ؟ قال : " نار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب
"
وأخرج الدار قطني في الأفراد والطبراني والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " تبعث نار على أهل المشرق فتحشرهم إلى
المغرب تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا يكون لها ما سقط منهم وتخلف
تسوقهم سوق الجمل الكسير "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وقال : حسن صحيح عن عبد الله بن عمرو قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ستخرج نار قبل يوم القيامة من بحر حضرموت
تحشر الناس قالوا يا رسول الله : فما تأمرنا ؟ قال : عليكم بالشام "
(7/492)
أما
قوله تعالى : فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم يقول : إذا جاءت
الساعة أنى لهم الذكرى ؟
وخ عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة فأنى لهم إذا جاءتهم ذكراهم قال : إذا جاءتهم
الساعة فأنى لهم أن يذكروا ويتوبوا ويعملوا والله أعلم
أما قوله تعالى : فأعلم أنه لا إله إلا الله
أخرج الطبراني وابن مردويه والديلمي عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الاستغفار ثم قرأ فأعلم
أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات "
وأخرج أبو يعلى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " عليكم بلا إله إلا الله والاستغفار فأكثروا منهما فإن إبليس قال :
أهلكت الناس بالذنوب وأهلكوني بلا إله إلا الله والاستغفار فلما رأيت ذلك أهلكتهم
بالأهواء وهم يحسبون أنهم مهتدون "
وأخرج أحمد والنسائي والطبراني والحاكم والترمذي في نوادر الأصول وابن مردويه
والبيهقي في الأسماء والصفات عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " لا يموت عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله
يرجع ذلك إلى قلب موقن إلا دخل الجنة " وفي لفظ : " إلا غفر الله له
"
وأخرج أحمد والبزار وابن مردويه والبيهقي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " مفتاح الجنة شهادة أن لا إله إلا الله
"
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ليس
شيء إلا بينه وبين الله حجاب إلا قول لا إله إلا الله ودعاء الوالد "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " ما قال عبد لا إله إلا الله مخلصا إلا فتحت له أبواب السماء حتى تفضي
إلى العرش "
وأخرج أحمد عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لمعاذ بن
جبل : " اعلم أنه من مات يشهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن ماجة والبيهقي في الأسماء والصفات عن
(7/493)
عتبان
بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لن
يوافي عبد يوم القيامة يقول لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله إلا حرم على
النار "
وأخرج أحمد عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
من شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فلن تطعمه النار "
وأخرج أحمد والطبراني عن سهيل بن البيضاء رضي الله عنه قال : بينما نحن في سفر مع
رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنا رديفه فقال : " يا سهيل بن بيضاء ورفع
صوته فاجتمع الناس فقال : إنه من شهد أن لا إله إلا الله حرمه الله على النار
وأوجب له الجنة "
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن يحيى بن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال
: رؤي طلحة حزينا فقيل له : ما لك ؟ قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : " إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد عند موته إلا نفس الله عنه كربته
وأشرق لونه ورأى ما يسره " وما منعني أن أسأله عنها إلا القدرة عليه حتى مات
فقال عمر : إني لأعلمها فقال : فما هي ؟ قال : لا نعلم كلمة هي أعظم من كلمة أمر
بها عمه
لا إله إلا الله قال : فهي والله هي
وأخرج أحمد ومسلم والنسائي وابن حبان والبيهقي عن عثمان قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة "
وأخرج البيهقي عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يا أبا
ذر بشر الناس أنه من قال لا إله إلا الله دخل الجنة "
وأخرج أحمد وأبو داود والطبراني والحاكم ومسلم والترمذي والنسائي وابن خزيمة وابن
حبان والبيهقي عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حرم الله عليه
النار "
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من قال لا إله إلا الله أنجته يوما من الدهر أصابه قبلها ما أصابه
"
وأخرج البيهقي عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من قال
لا إله إلا الله طلست ما في صحيفته من السيئات حتى يعود إلى مثلها "
وأخرج البيهقي عن حذيفة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" من ختم له بشهادة أن لا إله إلا الله صادقا دخل الجنة ومن ختم له بصوم يوم
يبتغي به وجه الله دخل الجنة ومن ختم له عند الموت بإطعام مسكين يبتغي به وجه الله
دخل الجنة "
(7/494)
قوله
تعالى : واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات الآية
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله واستغفر لذنبك
وللمؤمنين والمؤمنات قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إني لأستغفر الله
في اليوم سبعين مرة "
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عبد
الله بن سرجس رضي الله عنه قال : أتيت النبي صلى الله عليه و سلم فأكلت معه من
طعام فقلت : غفر الله لك يا رسول الله
قال : ولك
فقيل : أستغفر لك يا رسول الله ؟ قال : نعم ولكم وقرأ واستغفر لذنبك وللمؤمنين
والمؤمنات
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه وابن مردويه عن عبيد بن المغيرة رضي الله عنه
قال : سمعت حذيفة رضي الله عنه تلا قوله تعالى فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر
لذنبك قال : كنت ذرب اللسان على أهلي فقلت يا رسول الله : إني أخشى أن يدخلني
لساني النار
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " فأين أنت عن الاستغفار إني لأستغفر الله
في كل يوم مائة مرة "
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن ماجة وابن مردويه والطبراني عن أبي موسى رضي
الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما أصبحت غداة قط إلا
استغفرت الله فيها مائة مرة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني وابن مردويه عن رجل من المهاجرين يقال له الأغر
قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : " يا أيها الناس استغفروا الله
وتوبوا إليه فإني أستغفر الله وأتوب إليه في كل يوم مائة مرة "
وأخرج ابن أبي شيبه ومسلم وأبو داود والنسائي وابن حبان وابن مردويه عن الأغر
المزني رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنه ليغان
على قلبي وإني لأستغفر الله كل يوم مائة مرة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة وابن مردويه
والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : إنا كنا لنعد لرسول
الله صلى الله عليه و سلم في المجلس يقول : " رب أغفر لي وتب علي إنك أنت
التواب الرحيم مائة مرة " وفي لفظ " التواب والغفور "
(7/495)
وأخرج
ابن أبي شيبة والترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة
"
أما قوله تعالى : والله يعلم متقلبكم ومثواكم
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما والله
يعلم متقلبكم في الدنيا ومثواكم في الآخرة
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه والله يعلم متقلبكم ومثواكم قال :
متقلب كل دابة بالليل والنهار
الآيات 20 - 24 أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ويقول الذين
آمنوا لولا نزلت سورة فإذا أنزلت سورة محكمة الآية قال : كل سورة أنزل فيها الجهاد
فهي محكمة وهي أشد القرآن على المنافقين
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ويقول الذين آمنوا الآية قال :
كان المؤمنون يشتاقون إلى كتاب الله تعالى وإلى بيان ما ينزل عليهم فيه فإذا أنزلت
السورة يذكر فيها القتال رأيت يا محمد المنافقين ينظرون إليك نظر المغشي عليه من
الموت فأولى لهم قال : وعيد من الله لهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله فأولى لهم
قال : هذه وعيد ثم انقطع الكلام فقال طاعة وقول معروف يقول : طاعة الله ورسوله
وقول بالمعروف عند حقائق الأمور خير لهم
(7/496)
وأخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه طاعة وقول معروف قال : أمر
الله عز و جل بذلك المنافقين فإذا عزم الأمر قال : جد الأمر
أخرج الحاكم عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه و
سلم يقرأ فهل عسيتم إن توليتم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه فهل عسيتم إن توليتم الآية قال
: كيف رأيتم القوم حين تولوا عن كتاب الله ؟ ألم يسفكوا الدم الحرام وقطعوا
الأرحام وعصوا الرحمن ؟
وأخرج عبد بن حميد عن بكر بن عبد الله المزني في قوله فهل عسيتم إن توليتم الآية
قال : ما أراها نزلت إلا في الحرورية
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه عن بريدة رضي الله عنه قال : كنت جالسا عند عمر
رضي الله عنه إذ سمع صائحا فقال يا يرفا أنظر ما هذا الصوت فنظر ثم جاء فقال :
جارية من قريش تباع أمها
فقال عمر رضي الله عنه : أدع لي المهاجرين والأنصار فلم يمكث إلا ساعة حتى امتلأت
الدار والحجرة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد فهل تعلمونه كان فيما جاء به
محمد صلى الله عليه و سلم القطيعة ؟ قالوا : لا
قال : فإنها قد أصبحت فيكم فاشية
ثم قرأ فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم ثم قال : وأي
قطيعة أقطع من أن تباع أم امرىء فيكم وقد أوسع الله لكم ؟ قالوا : فاصنع ما بدا لك
فكتب في الآفاق أن لا تباع أم حر فإنها قطيعة رحم وأنه لا يحل
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي والحكيم والترمذي وابن جرير وابن حبان
والحاكم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الله خلق الخلق حتى إذا فرغ منهم قامت
الرحم فأخذت بحقو الرحمن فقال : مه فقالت : هذا مقام العائذ بك من القطيعة ؟ قال :
نعم أما ترضي أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ؟ قالت : بلى قال : فذاك لك ثم قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اقرؤا إن شئتم فهل عسيتم إن توليتم أن
تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم
أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها "
(7/497)
وأخرج
ابن أبي شيبة والبخاري والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " إن الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن
قطعني قطعه الله "
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه : سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن للرحم لسانا يوم القيامة تحت العرش
فتقول يا رب قطعت يا رب ظلمت يا رب أسيء إلي فيجيبها ربها ألا ترضين أن أصل من
وصلك وأقطع من قطعك ؟ "
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إن للرحم لسانا ذلقا يوم القيامة رب صل من وصلني واقطع من قطعني
"
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن طاوس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن للرحم شعبة من الرحمن تجيء يوم القيامة لها جلبة تحت العرش تكلم بلسان
ذلق فمن أشارت إليه بوصل وصله الله ومن أشارت إليه بقطع قطعه الله "
وأخرج البيهقي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إن الرحم معلقة بالعرش لها لسان ذلق تقول اللهم صل من وصلني
واقطع من قطعني "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والحاكم وصححاه والبيهقي عن عبد الرحمن بن
عوف رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " قال الله
أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها إسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته
ومن بتها بتته "
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن أبي أوفى قال : كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله
عليه و سلم عشية عرفة في حلقة فقال : " إنا لا نحل لرجل أمسى قاطع رحم إلا
قام عنا فلم يقم إلا فتى كان في أقصى الحلقة فأتى خالة له فقالت : ما جاء بك ؟
فأخبرها بما قال النبي صلى الله عليه و سلم ثم رجع فجلس في مجلسه فقال له النبي
صلى الله عليه و سلم ما لي لا أرى أحدا قام من الحلقة غيرك فأخبره بما قال لخالته
وما قالت له فقال : اجلس فقد أحسنت ألا أنها لا تنزل الرحمة على قوم فيهم قاطع رحم
"
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " إن أعمال بني آدم تعرض عشية كل خميس فلا يقبل عمل قاطع رحم "
(7/498)
وأخرج
الحاكم وصححه عن عمرو بن عبسة قال : أتيت النبي صلى الله عليه و سلم أول ما بعث
وهو بمكة فقلت : ما أنت ؟ قال : نبي
قلت : بم أرسلت ؟ قال : " بأن تعبد الله وتكسر الأصنام وتصل الأرحام بالبر
والصلة "
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه و سلم
قال : " قال الله أنا الرحمن وهي الرحم فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته
"
وأخرج الحاكم وصححه عن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " الرحم شجنة من الرحمن فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه
الله "
وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة رضي الله عنها أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : " الرحم شجنة من الله فمن وصلها وصله الله
ومن قطعها قطعه "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والحاكم وصححاه والبيهقي عن عبد الله بن
عمر يرفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم قال : " الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا
أهل الأرض يرحمكم أهل السماء الرحم شجنة من الرحمن فمن وصلها وصله ومن قطعها قطعه
"
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : انتهيت إلى النبي صلى
الله عليه و سلم وهو في قبة من أدم حمراء في نحو من أربعين رجلا فقال : " إنه
مفتوح لكم وإنكم منصورون ومصيبون فمن أدرك منكم ذلك فليتق الله وليأمر بالمعروف
ولينه عن المنكر وليصل رحمه ومثل الذي يعين قومه على غير الحق كمثل البعير يتردى
فهو يتردى بذنبه "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قلت يا رسول الله : أوصني
قال : " أقم الصلاة وأد الزكاة وصم رمضان وحج البيت واعتمر وبر والديك وصل
رحمك وأقر الضيف وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر وزل مع الحق حيث زال "
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن عبد الله بن سلام قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل
والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام "
وأخرج أحمد والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات وابن نصر في
(7/499)
الصلاة
وابن حبان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " قلت يا رسول الله : إذا رأيتك
طابت نفسي وقرت عيني فأنبئني عن كل شيء قال : كل شيء خلق من ماء
قلت أنبئني عن أمر إذا عملت به دخلت الجنة
قال : أفش السلام وأطعم الطعام وصل الأرحام وقم بالليل والناس نيام ثم أدخل الجنة
بسلام "
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " إن الله ليعمر بالقوم ويكثر لهم الأموال وما نظر إليهم
منذ خلقهم بغضا لهم
قالوا : وكيف ذاك يا رسول الله ؟ قال : بصلتهم أرحامهم "
وأخرج الطيالسي والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " إعرفوا أنسابكم تصلوا أرحامكم فإنه لا قرب لرحم
إذا قطعت وإن كانت قريبة ولا بعد لها إذا وصلت وإن كانت بعيدة "
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " تجيء الرحم يوم القيامة كحجنة المغزل فتتكلم بلسان ذلق طلق فتصل
من وصلها وتقطع من قطعها "
وأخرج البزار والبيهقي في الأسماء والصفات عن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : " ثلاث معلقات بالعرش : الرحم تقول : اللهم إني بك فلا
أقطع والأمانة تقول : اللهم إني بك فلا أخان والنعمة تقول : اللهم إني بك فلا أكفر
"
وأخرج الحكيم الترمذي عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " ثلاث تحت العرش القرآن له ظهر وبطن يحاج العباد والرحم
تنادي صل من وصلني واقطع من قطعني والأمانة "
وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الرحم معلقة بالعرش فإذا
أتاها الواصل بشرت به وكلمته وإذا أتاها القاطع احتجبت منه
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن حبان والطبراني والبيهقي والحكيم الترمذي عن عبد
الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
الرحم شجنة معلقة بالعرش "
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " الرحم شجنة آخذة بحجزة الرحمن تناشده حقها فيقول : ألا
ترضين أن
(7/500)
أصل
من وصلك وأقطع من قطعك ؟ من وصلك فقد وصلني ومن قطعك فقد قطعني "
وأخرج الطبراني والخرائطي في مساوىء الأخلاق عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي
صلى الله عليه و سلم قال : " لا يدخل الجنة مدمن الخمر ولا العاق ولا المنان
" قال ابن عباس : شق ذلك على المؤمنين يصيبون ذنوبا حتى وجدت ذلك في كتاب
الله في العاق فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم و لا
تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى البقرة الآية 264 وقال إنما الخمر والميسر المائدة
الآية 90
قوله تعالى : أولئك الذين لعنهم الله الآية
أخرج أحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سلمان موقوفا والحسن بن سفيان
والطبراني وابن عساكر عن سلمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إذا ظهر القول وخزن العمل وائتلفت الألسن واختلفت القلوب وقطع كل ذي
رحم رحمه فعند ذلك لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم "
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب العلم عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " إذا الناس أظهروا العلم وضيعوا العمل وتحابوا
بالألسن وتباغضوا بالقلوب وتقاطعوا في الأرحام لعنهم الله عند ذلك فأصمهم وأعمى
أبصارهم "
أما قوله تعالى : أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها
أخرج إسحق بن راهويه وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عروة رضي الله عنه قال
: تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم : أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها
فقال شاب من أهل اليمن بل عليها أقفالها حتى يكون الله يفتحها أو يفرجها فقال
النبي صلى الله عليه و سلم : صدقت فما زال الشاب في نفس عمر رضي الله عنه حتى ولي
فاستعان به
وأخرج الدارقطني في الأفراد وابن مردويه عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها فقال
شاب عند النبي صلى الله عليه و سلم : بل والله عليها أقفالها حتى يكون الله هو
الذي يفكها
فلما ولي عمر سأل عن ذلك الشاب ليستعمله فقيل : قد مات
(7/501)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة أفلا يتدبرون القرآن قال : إذا والله في القرآن
زاجر عن معصية الله قال : لم يتدبره القوم ويعقلوه ولكنهم أخذوا بمتشابهه فهلكوا
عند ذلك
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن خالد بن معدان رضي الله عنه قال : ما من عبد إلا له
أربع أعين عينان في وجهه يبصر بهما دنياه وما يصلحه من معيشته وعينان في قلبه يبصر
بهما دينه وما وعد الله بالغيب فإذا أراد الله بعبد خيرا فتح عينيه اللذين في قلبه
فأبصر بهما ما وعد بالغيب وإذا أراد الله بعبد سوء ترك القلب على ما فيه وقرأ أم
على قلوب أقفالها وما من عبد إلا وله شيطان متبطن فقار ظهره لاو عنقه على عنقه
فاغر فاه على قلبه
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن خالد بن معدان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه
مرفوعا إلى قوله : وقرأ أم على قلوب أقفالها
وأخرج الديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " يأتي على الناس زمان يخلق القرآن في قلوبهم يتهافتون تهافتا قيل يا
رسول الله : وما تهافتهم ؟ قال : يقرأ أحدهم فلا يجد حلاوة ولا لذة يبدأ أحدهم
بالسورة وإنما معه آخرها فإن عملوا قالوا ربنا اغفر لنا وإن تركوا الفرائض قالوا :
لا يعذبنا الله ونحن لا نشرك به شيئا أمرهم رجاء ولا خوف فيهم أولئك الذين لعنهم
الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها
الآيات 25 - 28 أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي
الله عنه في قوله : إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى قال :
هم
(7/502)
أعداء
الله أهل الكتاب يعرفون نعت محمد صلى الله عليه و سلم وأصحابه عندهم ويجدونه
مكتوبا في التوراة والإنجيل ثم يكفرون به الشيطان سول لهم قال : زين لهم ذلك بأنهم
قالوا للذين كرهوا ما نزل الله قال : هم المنافقون
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : إن الذين ارتدوا على أدبارهم
من بعد ما تبين لهم الهدى قال : اليهود ارتدوا عن الهدى بعد أن عرفوا أن محمدا صلى
الله عليه و سلم نبي الشيطان سول لهم وأملى لهم قال : أملى الله لهم ذلك بأنهم
قالوا للذين كرهوا ما نزل الله قال : يهود تقول للمنافقين من أصحاب النبي صلى الله
عليه و سلم وكانوا يسرون إليهم إنا سنطيعكم في بعض الأمر وكان بعض الأمر أنهم
يعلمون أن محمدا نبي وقالوا : اليهودية الدين فكان المنافقون يطيعون اليهود بما
أمرتهم والله يعلم إسرارهم قال : ذلك سر القول فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون
وجوههم وأدبارهم قال : عند الموت
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما إن الذين ارتدوا على أدبارهم
إلى إسرارهم هم أهل النفاق
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : يضربون وجوههم وأدبارهم قال :
يضربون وجوههم وأستاهم ولكن الله كريم يكني
الآيات 29 - 32 وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله : أم حسب الذين في قلوبهم مرض أن لن يخرج الله أضغانهم قال : أعمالهم
خبثهم والحسد الذي في قلوبهم ثم دل الله النبي صلى الله عليه و سلم بعد على
المنافقين فكان يدعو باسم الرجل من أهل النفاق
(7/503)
وأخرج
ابن مردويه وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في قوله ولتعرفنهم في لحن
القول قال : ببغضهم علي بن أبي طالب
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ما كنا نعرف المنافقين على عهد
رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا ببغضهم علي بن أبي طالب
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه أنه تلا هذه الآية ولنبلونكم حتى نعلم
المجاهدين الآية فقال : اللهم عافنا واسترنا ولا تبل أخبارنا
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ " أو ليبلونكم " بالياء
" حتى يعلم " بالياء " ويبلو " بالياء ونصب الواو والله أعلم
الآيات33 - 38 أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال :
من استطاع منكم أن لا يبطل عملا صالحا بعمل سوء فليفعل ولا قوة إلا بالله فإن
الخير ينسخ الشر فإنما ملاك الأعمال خواتيمها
وأخرج عبد بن حميد ومحمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة وابن أبي حاتم عن أبي
العالية قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يرون أنه لا يضر مع لا إله
إلا الله ذنب كما لا ينفع مع الشرك عمل حتى نزلت أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا
(7/504)
تبطلوا
أعمالكم فخافوا أن يبطل الذنب العمل ولفظ عبد بن حميد : فخافوا الكبائر أن تحبط
أعمالكم
وأخرج ابن نصر وابن جرير وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كنا معشر
أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم نرى أنه ليس شيء من الحسنات إلا مقبولا حتى نزلت
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم فلما نزلت هذه الآية قلنا : ما هذا
الذي يبطل أعمالنا ؟ فقال : الكبائر الموجبات والفواحش فكنا إذا رأينا من أصاب
شيئا منها قلنا : هلك حتى نزلت هذه الآية إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون
ذلك لمن يشاء سورة النساء الآية 48 فلما نزلت كففنا عن القول في ذلك وكنا إذا
رأينا أحدا أصاب منها شيئا خفنا عليه وإن لم يصب منها شيئا رجونا له
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه فلا تهنوا وتدعوا
إلى السلم وأنتم الأعلون يقول : ولا تكونوا أول الطائفتين صرعت صاحبتها ودعتها إلى
الموادعة وأنتم أولى بالله منهم ولن يتركم أعمالكم يقول : لن يظلمكم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه فلا تهنوا قال : لا تضعفوا
وأنتم الأعلون قال : الغالبون ولن يتركم قال : لن ينقصكم
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله يتركم قال : يظلمكم
وأخرج الخطيب عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قرأ فلا تهنوا وتدعوا إلى السلم قال محمد بن المنتشر : منتصبة السين
وأخرج أبو نصر السجزي في الإبانة عن عبد الرحمن بن أبزي قال : كان النبي صلى الله
عليه و سلم يقرأ هؤلاء الأحرف ادخلوا في السلم سورة البقرة الآية 208 وإن جنحوا
للسلم سورة الأنفال الآية 61 وتدعوا إلى السلم بنصب السين
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : إن
يسألكموها قال : علم الله في مسألة الأموال خروج الأضغان
(7/505)
قوله
تعالى : وإن تتولوا الآية
أخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال : لما نزلت وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم قيل : من هؤلاء ؟
وسلمان رضي الله عنه إلى جنب النبي صلى الله عليه و سلم فقال : " هم الفرس
وهذا وقومه "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني في
الأوسط والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : تلا رسول الله صلى
الله عليه و سلم هذه الآية وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم
فقالوا يا رسول الله : من هؤلاء الذين إن تولينا استبدلوا بنا ثم لا يكونوا
أمثالنا ؟ فضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم على منكب سلمان ثم قال : " هذا
وقومه والذي نفسي بيده لو كان الإيمان منوطا بالثريا لتناوله رجال من فارس "
وأخرج ابن مردويه عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم تلا هذه
الآية وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم الآية فسئل من هم قال : " فارس لو كان
الدين بالثريا لتناوله رجال من فارس "
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : ويستبدل قوما غيركم قال : من
شاء
(7/506)
بسم
الله الرحمن الرحيم 48
سورة الفتح
مدنية وآياتها تسع وعشرون
مقدمة سورة الفتح أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : نزلت سورة الفتح بالمدينة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير رضي الله عنهما مثله
وأخرج ابن إسحق والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن المسور بن مخرمة ومروان قالا
: نزلت سورة الفتح بين مكة والمدينة في شأن الحديبية من أولها إلى آخرها
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي في الشمائل والنسائي
والبيهقي في سننه عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال : قرأ رسول الله صلى الله
عليه و سلم عام الفتح في مسيره سورة الفتح على راحلته فرجع فيها
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن أبي بردة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و
سلم قرأ في الصبح إنا فتحنا لك فتحا مبينا
الآيات 1 - 3 أخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن حبان وابن مردويه عن عمر
بن الخطاب رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في سفر فسألته
عن شيء ثلاث مرات فلم يرد علي فقلت في نفسي : ثكلتك أمك يا ابن الخطاب نزرت رسول
الله صلى الله عليه و سلم ثلاث مرات فلم يرد عليك فحركت بعيري ثم تقدمت أمام الناس
وخشيت
(7/507)
أن
ينزل في القرآن فما نشبت أن سمعت صارخا يصرخ بي فرجعت وأنا أظن أنه نزل في شيء
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " لقد أنزلت علي الليلة سورة أحب إلي من
الدنيا وما فيها " إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك
وما تأخر
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه
والبيهقي في الدلائل عن مجمع بن جارية الأنصاري قال : شهدنا الحديبية فلما انصرفنا
عنها إلى كراع الغميم إذا الناس يوجفون الأباعر فقال الناس بعضهم لبعض : ما للناس
؟ قالوا : أوحي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فخرجنا مع الناس نوجف فإذا رسول
الله صلى الله عليه و سلم على راحلته على كراع الغميم فاجتمع الناس عليه فقرأ
عليهم : إنا فتحنا لك فتحا مبينا فقال رجل : يا رسول الله : أوفتح هو ؟ قال :
" والذي نفس محمد بيده إنه لفتح " فقسمت خيبر على أهل الحديبية لم يدخل
معهم فيها أحد إلا من شهد الحديبية فقسمها رسول الله صلى الله عليه و سلم ثمانية
عشر سهما وكان الجيش ألفا وخمسمائة منهم ثلثمائة فارس فأعطى الفارس سهمين وأعطى
الراجل سهما
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في تاريخه وأبو داود والنسائي وابن جرير
والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :
أقبلنا من الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فبينا نحن نسير إذ أتاه
الوحي وكان إذا أتاه إشتد عليه فسري عنه وبه من السرور ما شاء الله فأخبرنا أنه
أنزل عليه إنا فتحنا لك فتحا مبينا
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن مردويه والبيهقي عن أنس رضي الله عنه في قوله :
إنا فتحنا لك فتحا مبينا قال : الحديبية
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه في قوله
: إنا فتحنا لك فتحا مبينا قال : فتح خيبر
وأخرج البخاري وابن جرير وابن مردويه عن البراء رضي الله عنه قال : تعدون أنتم
الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحا ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية
كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم أربع عشرة مائة والحديبية بئر فنزحناها فلم
نترك فيها قطرة فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم فأتاها فجلس على شفيرها ثم
دعا بإناء
(7/508)
من
ماء فتوضأ ثم تمضمض ودعا ثم صبه فيها تركناها غير بعيد ثم إنها أصدرتنا ما شئنا
نحن وركابنا
وأخرج البيهقي عن عروة رضي الله عنه قال : أقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم من
الحديبية راجعا فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم : والله ما هذا
بفتح لقد صددنا عن البيت وصد هدينا وعكف رسول الله صلى الله عليه و سلم بالحديبية
ورد رجلين من المسلمين خرجا فبلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم قول رجال من أصحابه
: إن هذا ليس بفتح فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " بئس الكلام هذا
أعظم الفتح لقد رضي المشركون أن يدفعوكم بالراح عن بلادهم ويسألوكم القضية ويرغبون
إليكم في الإياب وقد كرهوا منكم ما كرهوا وقد أظفركم الله عليهم وردكم سالمين
غانمين مأجورين فهذا أعظم الفتح
أنسيتم يوم أحد إذ تصعدون ولا تلوون على أحد وأنا أدعوكم في أخراكم أنسيتم يوم
الأحزاب إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر
وتظنون بالله الظنونا ؟ " قال المسلمون : صدق الله ورسوله هو أعظم الفتوح
والله يا نبي الله ما فكرنا فيما فكرت فيه ولأنت أعلم بالله وبالأمور منا
فأنزل الله سورة الفتح
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث في قوله إنا فتحنا
لك فتحا مبينا قال : نزلت في الحديبية وأصاب في تلك الغزوة ما لم يصب في غزوة أصاب
أن بويع بيعة الرضوان فتح الحديبية وغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وبايعوا بيعة
الرضوان وأطعموا نخيل خيبر وبلغ الهدي محله وظهرت الروم على فارس وفرح المؤمنون
بتصديق كتاب الله وظهور أهل الكتاب على المجوس
وأخرج البيهقي عن المسور ومروان في قصة الحديبية قالا : ثم انصرف رسول الله صلى الله
عليه و سلم راجعا فلما كان بين مكة والمدينة نزلت سورة الفتح من أولها إلى آخرها
فلما أمن الناس وتفاوضوا لم يكلم أحدا بالإسلام إلا دخل فيه فلقد دخل في تلك
السنين في الإسلام أكثر مما كان فيه قبل ذلك فكان صلح الحديبية فتحا عظيما
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه إنا فتحنا لك فتحا
مبينا قال : إنا قضينا لك قضاء بينا نزلت عام الحديبية للنحر الذي بالحديبية وحلقه
رأسه
(7/509)
وأخرج
عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه إنا فتحنا لك فتحا مبينا
قال : قضينا لك قضاء بينا
وأخرج عبد بن حميد عن عامر الشعبي رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه و
سلم يوم الحديبية : أفتح هذا ؟ قال : وأنزلت عليه إنا فتحا لك فتحا مبينا فقال
النبي صلى الله عليه و سلم : نعم عظيم قال : وكان فصل ما بين الهجرتين فتح
الحديبية قال : لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل الحديد 10 الآية
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم إنا فتحا لك فتحا مبينا قال : فتح مكة
وأخرج ابن عساكر من طريق أبي خالد الواسطي عن زيد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده
عن علي رضي الله عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه و سلم الفجر ذات يوم
بغلس وكان يغلس ويسفر ويقول : ما بين هذين وقت لكيلا يختلف المؤمنون
فصلى بنا ذات يوم بغلس فلما قضى الصلاة التفت إلينا كأن وجهه ورقة مصحف فقال :
أفيكم من رأى الليلة شيئا ؟ قلنا : لا يارسول الله
قال : لكني رأيت ملكين أتياني الليلة فأخذا بضبعي فانطلقا بي إلى السماء الدنيا
فمررت بملك وأمامه آدمي وبيده صخرة فيضرب بهامة الآدمي فيقع دماغه جانبا وتقع
الصخرة جانبا
قلت : ما هذا ؟ قالا لي : امضه
فمضيت فإذا أنا بملك وأمامه آدمي وبيد الملك كلوب من حديد فيضعه في شدقه الأيمن
فيشقه حتى ينتهي إلى أذنه ثم يأخذ في الأيسر فيلتئم الأيمن قلت : ما هذا ؟ قالا :
امضه
فمضيت فإذا أنا بنهر من دم يمور كمور المرجل على فيه قوم عراة على حافة النهر
ملائكة بأيديهم مدرتان كلما طلع طالع قذفوه بمدرة فيقع في فيه ويسيل إلى أسفل ذلك
النهر قلت : ما هذا ؟ قالا : امضه
فمضيت فإذا أنا ببيت أسفله أضيق من أعلاه فيه قوم عراة توقد من تحتهم النار أمسكت
على أنفي من نتن ما أجد من ريحهم قلت : من هؤلاء ؟ قالا : امضه
فمضيت فإذا أنا بتل أسود عليه قوم مخبلون تنفخ النار في أدبارهم فتخرج من أفواههم
ومناخرهم وآذانهم وأعينهم قلت : ما هذا ؟ قالا : امضه
فمضيت فإذا أنا بنار مطبقة موكل بها ملك لا يخرج منها شيء إلا اتبعه حتى يعيده
فيها قلت : ما هذا ؟ قالا لي : امضه
فمضيت فإذا أنا بروضة وإذا فيها شيخ
(7/510)
جميل
لا أجمل منه وإذا حوله الولدان وإذا شجرة ورقها كآذان الفيلة
فصعدت ما شاء الله من تلك الشجرة وإذا أنا بمنازل لا أحسن منها من زمردة جوفاء
وزبر جدة خضراء وياقوته حمراء
قلت : ما هذا ؟ قالا : امضه
فمضيت فإذا أنا بنهر عليه جسران من ذهب وفضة على حافتي النهر منازل لا منازل أحسن
منها من درة جوفاء وياقوته حمراء وفيه قدحان وأباريق تطرد قلت : ما هذا ؟ قالا لي
: انزل فنزلت فضربت بيدي إلى إناء منها فغرفت ثم شربت فإذا أحلى من عسل وأشد بياضا
من اللين وألين من الزبد
فقالا لي : أما صاحب الصخرة التي رأيت يضرب بها هامته فيقع دماغه جانبا وتقع
الصخرة جانبا فأولئك الذين كانوا ينامون عن صلاة العشاء الآخرة ويصلون الصلاة لغير
مواقيتها يضربون بها حتى يصيروا إلى النار
وأما صاحب الكلوب الذي رأيت ملكا موكلا بيده كلوب من حديد يشق شدقه الأيمن حتى
ينتهي إلى أذنه ثم يأخذ في الأيسر فيلتئم الأيمن فأولئك الذين كانوا يمشون بين
المؤمنين بالنميمة فيفسدون بينهم فهم يعذبون بها حتى يصيروا إلى النار
وأما ملائكة بأيديهم مدرتان من النار كلما طلع طالع قذفوه بمدرة فتقع في فيه
فينفتل إلى أسفل ذلك النهر فأولئك أكلة الربا يعذبون حتى يصيروا إلى النار
وأما البيت الذي رأيت أسفله أضيق من أعلاه فيه قوم عراة تتوقد من تحتهم النار
أمسكت على أنفك من نتن ما وجدت من ريحهم فأولئك الزناة وذلك نتن فروجهم يعذبون حتى
يصيروا إلى النار
وأما التل الأسود الذي رأيت عليه قوما مخبلين تنفخ النار في أدبارهم فتخرج من
أفواههم ومناخرهم وأعينهم وآذانهم فأولئك الذين يعملون عمل قوم لوط الفاعل
والمفعول به فهم يعذبون حتى يصيروا إلى النار
وأما النار المطبقة التي رأيت ملكا موكلا بها كلما خرج منها شيء اتبعه حتى يعيده
فيها فتلك جهنم تفرق بين أهل الجنة وأهل النار
وأما الروضة التي رأيت فتلك جنة المأوى
وأما الشيخ الذي رأيت ومن حوله من الولدان فهو إبراهيم وهم بنوه
وأما الشجرة التي رأيت فطلعت إليها فيها منازل لا منازل أحسن منها من زمردة جوفاء
وزبرجدة خضراء وياقوته حمراء فتلك منازل أهل عليين من النبيين والصديقين والشهداء
والصالحين وحسن أولئك رفيقا
وأما النهر فهو نهرك الذي أعطاك الله : الكوثر وهذه منازلك وأهل بيتك
قال : فنوديت من فوقي : يا محمد سل تعطه
فارتعدت فرائصي ورجف فؤادي واضطرب كل عضو مني ولم أستطع أن أجيب شيئا
فأخذ أحد الملكين بيده اليمنى فوضعها في يدي والآخر
(7/511)
يده
اليمنى فوضعها بين كتفي فسكن ذلك مني ثم نوديت من فوقي : يا محمد سل تعط
قال : قلت : اللهم إني أسألك أن تثبت شفاعتي وأن تلحق بي أهل بيتي وأن ألقاك ولا
ذنب لي
قال : ثم ولي بي
ونزلت عليه هذه الآية إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما
تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " فكما أعطيت هذه كذلك أعطانيها إن شاء
الله تعالى "
وأخرج السلفي في الطيوريات من طريق يزيد بن هارون رضي الله عنه قال : سمعت
المسعودي رضي الله عنه يقول : بلغني أن من قرأ أول ليلة من رمضان إنا فتحنا لك
فتحا مبينا في التطوع حفظ ذلك العام
قوله تعالى : ليغفر لك الله ما تقدم الآية
وأخرج ابن المنذر عن عامر وأبي جعفر رضي الله عنه في قوله ليغفر لك الله ما تقدم
من ذنبك قال : في الجاهلية وما تأخر قال : في الإسلام
وأخرج عبد بن حميد عن سفيان رضي الله عنه قال : بلغنا في قوله الله ليغفر لك الله
ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : ما تقدم ما كان في الجاهلية وما تأخر : ما كان في
الإسلام ما لم يفعله بعد
وأخرج ابن سعد عن مجمع بن جارية رضي الله عنه قال : لما كنا بضجنان رأيت الناس
يركضون وإذا هم يقولون : أنزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم فركضت مع الناس
حتى توافينا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فإذا هو يقرأ إنا فتحنا لك فتحا
مبينا فلما نزل بها جبريل عليه السلام قال : ليهنك يا رسول الله فلما هنأه جبريل
عليه السلام هنأه المسلمون
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه وابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما أنزل
على رسول الله صلى الله عليه و سلم إنا فتحنا لك فتحا مبينا الآية إجتهد في
العبادة فقيل : يا رسول الله ما هذا الإجتهاد ؟ وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك
وما تأخر قال : " أفلا أكون عبدا شكورا ؟ "
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله
عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم لما نزلت إنا فتحنا لك فتحا مبينا ليغفر لك الله
ما تقدم من ذنبك وما تأخر صام وصلى حتى انتفخت قدماه وتعبد حتى صار كالشن
(7/512)
البالي
فقيل له : أتفعل هذا بنفسك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال :
" أفلا أكون عبدا شكورا ؟ "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن الحسن رضي الله عنه قال : كان النبي صلى
الله عليه و سلم تأخذه العبادة حتى يخرج على الناس كالشن البالي فقيل له : يا رسول
الله أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : أفلا أكون عبدا شكورا
؟ وأخرج ابن عساكر عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم
يقوم حتى تفطر قدماه فقيل له : أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟
قال : " أفلا أكون عبدا شكورا ؟ "
وأخرج أبو يعلى وابن عساكر عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قام
يصلي حتى تورمت قدماه فقيل له : أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟
قال : " أفلا أكون عبدا شكورا ؟ "
وأخرج ابن عساكر عن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم
كان يصلي حتى ترم قدماه
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان
رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي حتى ترم قدماه فقيل له : أتفعل هذا وقد غفر
الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : " أفلا أكون عبدا شكورا ؟ "
وأخرج الحسن بن سفيان وابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى
الله عليه و سلم يصلي حتى ترم قدماه قلت يا رسول الله : أتفعل هذا وقد غفر الله لك
ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : " أفلا أكون عبادا شكورا ؟ "
وأخرج ابن عساكر عن أحمد بن إسحق بن إبراهيم بن نبيط بن شريط الشجعي رضي الله عنه
قال : حدثني أبي عن أبيه عن جده رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى
حتى تورمت قدماه فقيل له يا رسول الله : أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من
ذنبك وما تأخر ؟ قال : " أفلا أكون عبادا شكورا ؟ "
وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أنس رضي الله عنه قال : تعبد رسول الله صلى الله عليه
و سلم حتى صار كالشن البالي فقالوا : يا رسول الله ما يحملك على هذا الإجتهاد كله
وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ؟ قال : " أفلا أكون عبدا شكورا ؟
"
(7/513)
وأخرج
أبو نعيم في الحلية عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم يصلي في الليل أربع ركعات ثم يتروح فطال حتى رحمته فقلت : بأبي أنت وأمي يا
رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال : " أفلا أكون عبدا
شكورا ؟ "
أما قوله تعالى : وينصرك الله نصرا عزيزا
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : وينصرك الله نصرا عزيزا قال :
يريد بذلك فتح مكة وخيبر والطائف
الآية 4 أخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين قال :
السكينة هي الرحمة في قوله ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم قال : إن الله بعث نبيه صلى
الله عليه و سلم بشهادة أن لا إله إلا الله فما صدق بها المؤمنون زادهم الصلاة
فلما صدقوا بها زادهم الزكاة فلما صدقوا بها زادهم الصيام فلما صدقوا به زادهم
الحج فلما صدقوا به زادهم الجهاد ثم أكمل لهم دينهم فقال : اليوم أكملت لكم دينكم
وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا المائدة الآية 3 قال ابن عباس رضي الله
عنهما : فأوثق إيمان أهل السماء وأهل الأرض وأصدقه وأكمله شهادة أن لا إله إلا
الله
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم قال :
تصديقا مع تصديقهم
الآيات 5 - 7
(7/514)
أخرج
عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن
مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن أنس رضي الله عنه قال : أنزلت على النبي صلى الله
عليه و سلم ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر مرجعه من الحديبية فقال :
" لقد أنزلت علي آية هي أحب إلي مما على الأرض " ثم قرأها عليهم فقالوا
: هنيئا مريئا يا رسول الله قد بين الله لك ماذا يفعل بك فماذا يفعل بنا ؟ فنزلت
عليه ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار حتى بلغ فوزا عظيما
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : "
لما رجعنا من الحديبية وأصحاب محمد صلى الله عليه و سلم قد خالطوا الحزن والكآبة
حيث ذبحوا هديهم في أمكنتهم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أنزلت علي ضحى
آية هي أحب إلي من الدنيا جميعا ثلاثا قلنا : ما هي يا رسول الله ؟ فقرأ إنا فتحنا
لك فتحا مبينا الآيتين قلنا : هنيئا لك يا رسول الله فما لنا ؟ فقرأ ليدخل
المؤمنين والمؤمنات الآية فلما أتينا خيبر فأبصروا خميس رسول الله صلى الله عليه و
سلم يعني جيشه أدبروا هاربين إلى الحصن فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : خربت
خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين "
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه عن عكرمة رضي الله عنه
قال : لما نزلت هذه الآية إنا فتحنا لك فتحا مبينا الآية قال أصحاب رسول الله صلى
الله عليه و سلم : هنيئا لك ما أعطاك ربك هذا لك فما لنا ؟ فأنزل الله ليدخل
المؤمنين والمؤمنات إلى آخر الآية
(7/515)
الآيات
8 - 9 أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه إنا أرسلناك شاهدا قال :
شاهدا على أمته وشاهدا على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أنهم قد بلغوا ومبشرا
يبشر بالجنة من أطاع الله ونذيرا ينذر الناس من عصاه ليؤمنوا بالله ورسوله قال :
بوعده وبالحساب وبالبعث بعد الموت وتعزروه قال : تنصروه وتوقروه قال : أمر الله
بتسويده وتفخيمة وتشريفه وتعظيمه قال : وكان في بعض القراءة " ويسبحوا الله
بكرة وأصيلا "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه : " ويعزروه
" قال : لينصروه " ويوقروه " أي ليعظموه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
وتعزروه يعني الإجلال وتوقروه يعني التعظيم يعني محمدا صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله وتعزروه قال : تضربوا بين يديه بالسيف
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في
قوله وتعزروه قال : تقاتلوا معه بالسيف
وأخرج ابن عدي وابن مردويه والخطيب وابن عساكر في تاريخه عن جابر بن عبد الله رضي
الله عنه قال : لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية وتعزروه قال
النبي صلى الله عليه و سلم لأصحابه : " ما ذاك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم
قال : لتنصروه "
وأخرج ابن مردويه عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان ابن عباس يقرأ هذه الآية تؤمنون
بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا قال : فكان يقول : إذا أشكل ياء
أو تاء فأجعلوها على ياء فإن القرآن كله على ياء
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ويسبحوه قال : يسبحوا الله رجع إلى
نفسه
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هرون رضي الله عنه قال : في قراءة ابن مسعود "
ويسبحوا الله بكرة وأصيلا "
(7/516)
وأخرج
عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه كان يقرأ " ويسبحوا الله بكرة
وأصيلا "
الآية 10 أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
مجاهد رضي الله عنه في قوله إن الذين يبايعونك قال : يوم الحديبية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه إن الذين يبايعونك قال : هم
الذين بايعوه زمن الحديبية
وأخرج ابن مردويه عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال
: كانت بيعة النبي صلى الله عليه و سلم حين أنزل عليه إن الذين يبايعونك إنما
يبايعون الله الآية فكانت بيعة النبي صلى الله عليه و سلم التي بايع عليها الناس
البيعة لله والطاعة للحق
وكانت بيعة أبي بكر رضي الله عنه : بايعوني ما أطعت الله فإذا عصيته فلا طاعة لي
عليكم
وكانت بيعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه : البيعة لله والطاعة للحق
وكانت بيعة عثمان بن عفان رضي الله عنه : البيعة لله والطاعة للحق
وأخرج عبد بن حميد عن الحكم بن الأعرج رضي الله عنه يد الله فوق أيديهم قال : أن
لا يفروا
وأخرج أحمد وابن مردويه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : بايعنا رسول الله
صلى الله عليه و سلم على السمع والطاعة في النشاط والكسل وعلى النفقة في العسر
واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى أن نقول في الله لا تأخذنا في
الله لومة لائم وعلى أن ننصره إذا قدم علينا يثرب فنمنعه مما نمنع منه أنفسنا
وأزواجنا وأبناءنا ولنا الجنة فمن وفى وفى الله له ومن نكث فإنما ينكث على نفسه
(7/517)
الآية
11 أخرج عبد بن حميد عن جويبر رضي الله عنه في قوله سيقول لك المخلفون من الأعراب
شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر لنا قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم حين
انصرف من الحديبية وسار إلى خيبر تخلف عنه أناس من الأعراب فلحقوا بأهاليهم فلما
بلغهم أن النبي صلى الله عليه و سلم قد افتتح خيبر ساروا إليه وقد كان أمره أن لا
يعطي أحدا تخلف عنه من مغنم خيبر ويقسم مغنمها من شهد الفتح وذلك قوله : يريدون أن
يبدلوا كلام الله يعني ما أمر الله نبيه صلى الله عليه و سلم أن لا يعطي أحدا تخلف
عنه من مغنم خيبر شيئا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن مجاهد رضي الله
عنه في قوله سيقول لك المخلفون من الأعراب قال : أعراب المدينة جهينة ومزينة
استنفرهم لخروجه إلى مكة فقالوا : نذهب معه إلى قوم جاؤه فقتلوا أصحابه فنقاتلهم
في ديارهم فاعتلوا له بالشغل فأقبل معتمرا فأخذ أصحابه أناسا من أهل الحرم غافلين
فأرسلهم النبي صلى الله عليه و سلم فذلك الأظفار ببطن مكة ورجع محمد صلى الله عليه
و سلم فوعد مغانم كثيرة فجعلت له خيبر فقال المخلفون : ذرونا نتبعكم وهي المغانم
التي قال الله إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها وعرض عليهم قتال قوم أولي بأس شديد
فهم فارس والمغانم الكثيرة التي وعدوا ما يأخذون حتى اليوم
الآيات 12 - 15
(7/518)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول
والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء قال : ظنوا بنبي
الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه أنهم لن يرجعوا من وجههم ذلك وأنهم سيهلكون فذلك
الذي خلفهم عن نبي الله صلى الله عليه و سلم وهم كاذبون بما يقولون سيقول المخلفون
إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها قال : هم الذين تخلفوا عن النبي صلى الله عليه و
سلم زمن الحديبية كذلكم قال الله من قبل قال : إنما جعلت الغنيمة لأجل الجهاد إنما
كانت غنيمة خيبر لمن شهد الحديبية ليس لغيرهم فيها نصيب قل للمخلفين من الأعراب
ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد قال : فدعوا يوم حنين إلى هوازن وثقيف فمنهم من أحسن
الإجابة ورغب في الجهاد ثم عذر الله أهل العذر من الناس فقال : ليس على الأعمى حرج
ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج النور 61
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول قال :
نافق القوم وظننتم ظن السوء أن لن ينقلب الرسول
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه يريدون أن يبدلوا كلام الله قال : كتاب
الله كانوا يبطئون المسلمين عن الجهاد ويأمرونهم أن يفروا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي
الله عنهما في قوله أولي بأس شديد يقول : فارس
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال : هم فارس
والروم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله أولي بأس شديد قال : هم
البآرز يعني الأكراد
وأخرج ابن المنذر والطبراني في الكبير عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : أعراب
فارس وأكراد العجم
(7/519)
وأخرج
ابن المنذر والطبراني عن الزهري رضي الله عنه قال : هم بنو حنيفة
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد قال : لم
يأت أولئك بعد
الآية 16 أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله قل للمخلفين من
الأعراب ستدعون إلى قوم قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : دعا أعراب المدينة جهينة
ومزينة الذين كان النبي صلى الله عليه و سلم دعاهم إلى خروجه إلى مكة دعاهم عمر بن
الخطاب رضي الله عنه إلى قتال فارس قال : فإن تطيعوا إذا دعاكم عمر تكن توبة
لتخلفكم عن النبي صلى الله عليه و سلم يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا إذا دعاكم
عمر كما توليتم من قبل إذ دعاكم النبي صلى الله عليه و سلم يعذبكم عذابا أليما
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد قال :
فارس والروم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد قال : أهل
الأوثان
وأخرج الفريابي وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ستدعون إلى قوم أولي بأس
شديد قال : هوازن وبني حنيفة
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن عكرمة وسعيد بن جبير رضي
الله عنه في قوله ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد قال : هوازن يوم حنين
الآيات 17 - 23
(7/520)
أخرج
الطبراني بسند حسن عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : كنت أكتب لرسول الله صلى
الله عليه و سلم وإني لواضع القلم على أذني إذ أمر بالقتال إذ جاء أعمى فقال : كيف
بي وأنا ذاهب البصر فنزلت ليس على الأعمى حرج الآية قال : هذا في الجهاد ليس عليهم
من جهاد إذا لم يطيقوا
أما قوله تعالى : لقد رضي الله عنها المؤمنين
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال :
بينا نحن قائلون إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه و سلم : أيها الناس البيعة
البيعة نزل روح القدس فثرنا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو تحت شجرة سمرة
فبايعناه فذلك قول الله تعالى : لقد رضي الله عنها المؤمنين إذ يبايعونك تحت
الشجرة فبايع لعثمان رضي الله عنه إحدى يديه على الأخرى فقال الناس : هنيئا لابن
عفان رضي الله عنه يطوف بالبيت ونحن ههنا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لو مكث كذا وكذا سنة ما طاف حتى أطوف "
وأخرج البخاري وابن مردويه عن طارق بن عبد الرحمن رضي الله عنه قال : انطلقت حاجا
فمررت بقوم يصلون فقلت : ما هذا المسجد ؟ قالوا : هذه الشجرة حيث بايع رسول الله
صلى الله عليه و سلم بيعة الرضوان
فأتيت سعيد بن المسيب رضي الله عنه فأخبرته فقال سعيد : حدثني أبي أنه كان فيمن
بايع رسول الله صلى الله عليه و سلم تحت الشجرة فلما
(7/521)
خرجنا
من العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها فقال سعيد رضي الله عنه : إن أصحاب رسول
الله صلى الله عليه و سلم لم يعلموها وعلمتموها أنتم فأنتم أعلم
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن نافع رضي الله عنه قال : بلغ عمر بن الخطاب رضي
الله عنه أن ناسا يأتون الشجرة التي بويع تحتها فأمر بها فقطعت
وأخرج البخاري وابن مردويه عن قتادة رضي الله عنه قال : قلت لسعيد بن المسيب : كم
كان الذين شهدوا بيعة الرضوان ؟ قال : خمس عشرة مائة قلت : فإن جابر بن عبد الله
رضي الله عنه قال : كانوا أربع عشرة مائة
قال : يرحمه الله وهم هو حدثني أنهم كانوا خمس عشرة مائة
وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير وابن مردويه عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه
قال : كان أصحاب الشجرة ألفا وثلثمائة
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن جابر بن
عبد الله رضي الله عنه قال : كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة فقال لنا رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " أنتم خير أهل الأرض "
وأخرج البيهقي عن سعيد بن المسيب والبخاري ومسلم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة فقال لنا
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أنتم خير أهل الأرض "
وأخرج البيهقي عن سعيد بن المسيب عن أبيه رضي الله عنه قال : كنا مع النبي صلى
الله عليه و سلم تحت الشجرة ألفا وأربعمائة
وأخرج البخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : بايعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم تحت الشجرة قيل : على أي شيء كنتم تبايعون ؟ قال : على الموت
وأخرج البيهقي عن عروة رضي الله عنه قال : لما نزل النبي صلى الله عليه و سلم
الحديبية فزعت قريش لنزوله عليهم فأحب رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يبعث
إليهم رجلا من أصحابه فدعا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليبعثه إليهم فقال : يا
رسول الله إني لا آمن وليس بمكة أحد من بني كعب يغضب لي إن أوذيت فأرسل عثمان بن
عفان فإن عشيرته بها وإنه يبلغ لك ما أردت
فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم عثمان رضي الله عنه فأرسله إلى قريش وقال :
أخبرهم أنا لم نأت لقتال وإنما جئنا عمارا وادعهم إلى الإسلام وأمره أن يأتي رجالا
بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات فيدخل عليهم ويبشرهم بالفتح
(7/522)
ويخبرهم
أن الله وشيك أن يظهر دينه بمكة حتى لا يستخفى فيها بالإيمان فانطلق عثمان رضي
الله عنه إلى قريش فأخبرهم فارتهنه المشركون ودعا رسول الله صلى الله عليه و سلم
إلى البيعة ونادى منادي رسول الله صلى الله عليه و سلم : ألا إن روح القدس قد نزل
على رسول الله صلى الله عليه و سلم فأمره بالبيعة فاخرجوا على اسم الله فبايعوه فثار
المسلمون إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو تحت الشجرة فبايعوه على أن لا
يفروا أبدا فرعبهم الله فأرسلوا من كانوا ارتهنوا من المسلمين ودعوا إلى الموادعة
والصلح
وأخرج مسلم وابن جرير وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه قال : كنا يوم الحديبية
ألفا وأربعمائة فبايعناه وعمر رضي الله عنه آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة وقال :
بايعناه على أن لا نفر ولم نبايعه على الموت
وأخرج عبد بن حميد ومسلم وابن مردويه عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال : لقد
رأيتني يوم الشجرة والنبي صلى الله عليه و سلم يبايع الناس وأنا رافع غصنا من
أغصانها عن رأسه ونحن أربع عشرة مائة ولم نبايعه على الموت ولكن بايعناه على أن لا
نفر
وأخرج البيهقي في الدلائل عن الشعبي قال : لما دعا النبي صلى الله عليه و سلم
الناس إلى البيعة كان أول من انتهى إليه أبو سنان الأسدي فقال : ابسط يدك أبايعك
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : علام تبايعني ؟ قال : على ما في نفسك
وأخرج البيهقي عن أنس قال : " لما أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم ببيعة
الرضوان كان عثمان بن عفان رسول رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أهل مكة فبايع
الناس فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اللهم إن عثمان في حاجة الله وحاجة
رسوله فضرب بإحدى يديه على الأخرى فكانت يد رسول الله صلى الله عليه و سلم لعثمان
خيرا من أيديهم لأنفسهم "
وأخرج أحمد عن جابر ومسلم عن أم بشر عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم
قال : إنما أنزلت السكينة على من علم منه الوفاء
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن عبد الرحمن
بن أبي أوفى في قوله وأثابهم فتحا قريبا قال : خيبر
وأخرج عبد الرزاق وأبو داود في مراسيله عن الزهري قال : بلغنا أن رسول الله
(7/523)
صلى
الله عليه و سلم لم يقسم لغائب في مقسم لم يشهده إلا يوم خيبر قسم لغيب أهل
الحديبية من أجل أن الله كان أعطى أهل خيبر المسلمين من أهل الحديبية فقال وعدكم
الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكانت لأهل الحديبية من شهد منهم ومن غاب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة لقد رضي الله عنها المؤمنين إذ يبايعونك تحت
الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم قال : الوقار والصبر وهم الذين
بايعوا زمان الحديبية وكانت الشجرة فيما ذكر لنا سمرة بايع النبي صلى الله عليه و
سلم أصحابه تحتها وكانوا يومئذ خمس عشرة مائة فبايعوه على أن لا يفروا ولم يبايعوه
على الموت وأثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة قال : هي مغانم خيبر وكانت عقارا ومالا
فقسمها نبي الله بين أصحابه
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : انصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم من
الحديبية إلى المدينة حتى إذا كان بين المدينة ومكة نزلت عليه سورة الفتح فقال :
إنا فتحنا لك فتحا مبينا إلى قوله عزيزا ثم ذكر الله الأعراب ومخالفتهم للنبي صلى
الله عليه و سلم فقال : سيقول لك المخلفون من الأعراب إلى قوله خبيرا ثم قال
للأعراب بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى قوله سعيرا ثم ذكر البيعة فقال
: لقد رضي الله عنها المؤمنين إلى قوله وأثابهم فتحا قريبا لفتح الحديبية
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله لقد رضي الله عنها المؤمنين قال :
كان أهل البيعة تحت الشجرة ألفا وخمسمائة وخمسا وعشرين
وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن أبي أمامة الباهلي قال : لما نزلت لقد رضي الله
عنها المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة قال : يا أبا أمامة أنت مني وأنا منك
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة وأثابهم فتحا قريبا قال : خيبر حيث رجعوا
من صلح الحديبية
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي وأثابهم فتحا قريبا قال : فتح خيبر
وأخرج ابن جرير عن مجاهد وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها قال :
(7/524)
المغانم
الكثيرة التي وعدوا ما يأخذون حتى اليوم فعجل لكم هذه قال : عجلت لهم خيبر
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم
هذه يعني الفتح
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه يعني
خيبر وكف أيدي الناس عنكم يعني أهل مكة أن يستحلوا ما حرم الله أو يستحل بكم وأنتم
حرم ولتكون آية للمؤمنين قال : سنة لمن بعدكم
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن مروان والمسور بن مخرمة قالا : انصرف
رسول الله صلى الله عليه و سلم عام الحديبية فنزلت عليه سورة الفتح فيما بين مكة
والمدينة فأعطاه الله فيها خيبر وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه
خيبر فقدم النبي صلى الله عليه و سلم المدينة في ذي الحجة فقام بها حتى سار إلى
خيبر في المحرم فنزل رسول الله صلى الله عليه و سلم بالرجيع واد بين غطفان وخيبر
فتخوف أن تمدهم غطفان فبات به حتى أصبح فغدا عليهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة فعجل لكم هذه قال : خيبر وكف أيدي الناس
عنكم قال : عن بيضتهم وعن عيالهم بالمدينة حين ساروا عن المدينة إلى خيبر
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عطية فعجل لكم هذه قال : فتح خيبر
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله وكف أيدي الناس عنكم قال : الحليفان أسد وغطفان
عليهم عيينة بن حصن معه مالك بن عوف النصري أبو النضر وأهل خيبر على بئر معونة
فألقى الله في قلوبهم الرعب فانهزموا ولم يلقوا النبي صلى الله عليه و سلم
وفي قوله ولو قاتلكم الذين كفروا هم أسد وغطفان لولوا الأدبار حتى لا تجد لسنة
الله تبديلا يقول سنة الله في الذين خلوا من قبل أنه لن يقاتل أحد نبيه إلا خذله
الله فقتله أو رعبه فانهزم ولن يسمع به عدو إلا إنهزموا واستسلموا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن
ابن عباس وأخرى لم تقدروا عليها قال : هذه الفتوح التي تفتح إلى اليوم
(7/525)
وأخرج
البيهقي عن ابن عباس قد أحاط الله بها أنها ستكون لكم بمنزلة قوله أحاط الله بها
علما أنها لكم
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الأسود الديلمي أن الزبير بن العوام لما قدم البصرة دخل
بيت المال فإذا هو بصفراء وبيضاء فقال : يقول الله وعدكم الله مغانم كثيرة
تأخذونها فعجل لكم هذه وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها فقال : هذا لنا
وأخرج ابن عساكر عن علي وابن عباس قالا في قوله تعالى : وعدكم الله مغانم كثيرة
فتوح من لدن خيبر تأخذونها تلونها وتغنمون ما فيها فعجل لكم من ذلك خيبر وكف أيدي
الناس قريشا عنكم بالصلح يوم الحديبية ولتكون آية للمؤمنين شاهدا على ما بعدها
ودليلا على إنجازها وأخرى لم تقدروا عليها ؟ على علم وفيها أقسمها بينكم فارس
والروم قد أحاط الله بها قضى الله بها أنها لكم
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن عبد الرحمن
بن أبي ليلى وأخرى لم تقدروا عليها قال : فارس والروم
وأخرج عبد بن حميد عن عطية وأخرى لم تقدروا عليها قال : فتح فارس
وأخرج عبد بن حميد عن جويبر وأخرى لم تقدروا عليها قال : يزعمون أنها قرى عربية
ويزعم آخرون أنها فارس والروم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وأخرى لم تقدروا عليها قال :
بلغنا أنها مكة
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة وأخرى لم تقدروا عليها قال : يوم حنين
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس وأخرى لم تقدروا عليها قال : هي خيبر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار يعني
أهل مكة والله أعلم
الآيات 24 - 25
(7/526)
أخرج
ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير
وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أنس قال : لما كان يوم الحديبية
هبط على رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه ثمانون رجلا من أهل مكة في السلاح
من قبل جبل التنعيم يريدون غرة رسول الله صلى الله عليه و سلم فدعا عليهم فأخذوا
فعفا عنهم فنزلت هذه الآية وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد
أن أظفركم عليهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن
مكة قال : بطن مكة الحديبية ذكر لنا أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقال له زنيم أطلع الثنية زمان الحديبية فرماه المشركون فقتلوه فبعث رسول الله
صلى الله عليه و سلم خيلا فأتوا بأثني عشر فارسا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه
و سلم : هل لكم عهد أو ذمة ؟ قالوا لا
فأرسلهم فأنزل الله في ذلك وهو الذي كف أيديهم عنكم الآية
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن
المنذر عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا : خرج رسول الله صلى الله عليه و
سلم زمن الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد رسول
الله صلى الله عليه و سلم الهدي وأشعره وأحرم بالعمرة وبعث بين يديه عينا له من
خزاعة يخبره عن
(7/527)
قريش
وسار رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى إذا كان بغدير الأشطاط قريبا من عسفان
أتاه عينه الخزاعي فقال : إني قد تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي قد جمعوا لك
الأحابيش وجمعوا لك جموعا وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أشيروا علي أترون أن نميل إلى ذراري هؤلاء الذين
أعانوهم فنصيبهم فإن قعدوا قعدوا موثورين محزونين وإن لحوا تكن عنقا قطعها الله أم
ترون أن نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه ؟ فقال أبو بكر : الله ورسوله أعلم يا
رسول اللهن إنما جئنا معتمرين ولم نجيء لقتال أحد ولكن من حال بيننا وبين البيت
قاتلناه
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : فروحوا إذن
فراحوا حتى إذا كانوا ببعض الطريق قال النبي صلى الله عليه و سلم : إن خالد بن
الوليد بالغميم في خيل لقريش طليعة فخذوا ذات اليمين
فوالله ما شعر بهم خالد حتى إذا هو بقترة الجيش فانطلق يركض نذيرا لقريش
وسار النبي صلى الله عليه و سلم حتى إذا كان بالثنية التي يهبط عليهم منها بركت به
راحلته فقال النبي صلى الله عليه و سلم : حل حل فألحت فقالوا : خلأت القصواء
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق ولكن حبسها
حابس الفيل
ثم قال : والذي نفس محمد بيده لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم
إياها
ثم زجرها فوثبت فعدل بهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد قليل الماء إنما يتربضه
الناس تربضا فلم يلبث الناس أن نزحوه فشكي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
العطش فانتزع سهما من كنانته ثم أمرهم أن يجعلوه فيه
قال : فو الله ما زال يجيش لهم بالري حتى صدروا عنه
فبينما هم كذلك إذ جاء بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من قومه من خزاعة وكانوا عيبة
نصح رسول الله صلى الله عليه و سلم من أهل تهامة فقال : إني قد تركت كعب بن لؤي
وعامر بن لؤي نزلوا أعداد مياه الحديبية معهم العوذ المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك
عن البيتز فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنا لم نجيء لقتال أحد ولكن جئنا
معتمرين وإن قريشا قد نهكتهم الحرب وأضرت بهم فإن شاؤوا ماددتهم مدة ويخلوا بيني
وبين الناس فإن أظهر فإن شاؤوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا وإلا فقد جموا
وإن هم أبوا فوالذي نفسي بيده لأقاتلهم على أمري هذا حتى تنفرد سالفتي أو لينفذن
الله أمره
فقال بديل سأبلغهم ما تقول
فانطلق حتى أتى قريشا فقال : إنا قد جئناكم من عند الرجل وسمعناه يقول قولا فإن
شئتم نعرضه عليكم فعلنا
فقال سفهاؤهم : لا حاجة لنا في أن تحدثنا عنه بشيء
وقال ذو الرأي منهم هات ما سمعته يقول
قال : سمعته يقول :
(7/528)
كذا
وكذا فحدثهم بما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقام عروة بن مسعود الثقفي فقال : أي قوم ألستم بالولد ؟ قالوا : بلى
قال : ألست بالوالد ؟ قالوا : بلى
قال : فهل تتهموني ؟ قالوا : لا
قال : ألستم تعلمون أني استنفرت أهل عكاظ فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي وولدي ومن
أطاعني ؟ قالوا : بلى
قال : فإن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته
قالوا : ائته ؟
فأتاه فجعل يكلم النبي صلى الله عليه و سلم فقال له النبي صلى الله عليه و سلم
نحوا من قوله لبديلز فقال عروة عند ذلك : أي محمد أرأيت إن استأصلت قومك هل سمعت
أحدا من العرب اجتاح أهله قبلك وإن تكن الأخرى فوالله إني لأرى وجوها وأرى أوباشا
من الناس خليقا أن يفروا ويدعوك
فقال له أبو بكر : أمصص بظر اللات أنحن نفر عنه وندعه ؟ فقال : من ذا ؟ قال : أبو
بكر
قال : أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي لم أجزك بها لأجبتك
قال : وجعل يكلم النبي صلى الله عليه و سلم فكلما كلمه أخذ بلحيته والمغيرة بن
شعبة قائم على رأس النبي صلى الله عليه و سلم ومعه السيف وعليه المغفر فكلما أهوى
عروة بيده إلى لحية النبي صلى الله عليه و سلم ضرب المغيرة يده بنعل السيف وقال :
أخر يدك عن لحية رسول الله صلى الله عليه و سلم
فرفع عروة رأسه فقال : من هذا ؟ قالوا : المغيرة بن شعبة
قال : أي غدر ألست أسعى في غدرتك ؟ وكان المغيرة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ
أموالهم ثم جاء فأسلم فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أما الإسلام فأقبل وأما
المال فلست منه في شيء
ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم بعينيه
قال : فوالله ما تنخم رسول الله صلى الله عليه و سلم نخامة إلا وقعت في كف واحد
منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمرهم ابتدروا أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على
وضوئه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون إليه النظر تعظيما له
فرجع عروة إلى أصحابه فقال : أي قوم ! والله لقد وفدت على الملوك وفدت على قيصر
وكسرى والنجاشي والله إن رأيت ملكا يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمدا والله
إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف واحد منهم فدلك بها وجهه وجلده وإذا أمرهم إبتدروا
أمره وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده وما يحدون
إليه النظر تعظيما له وإنه عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها
فقال رجل من بني كنانة : دعوني آته
فقالوا : ائته ؟
فلما أشرف على النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن فابعثوها له فبعثت له واستقبله القوم
يلبون فلما رأى ذلك قال : سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء أن
(7/529)
يصدوا
عن البيت
فلما رجع إلى أصحابه قال : رأيت البدن قد قلدت وأشعرت فما أرى أن يصدوا عن البيت
فقام رجل يقال له مكرز بن حفص فقال : دعوني آته فقالوا : ائته ؟
فلما أشرف عليهم قال النبي صلى الله عليه و سلم : هذا مكرز وهو رجل فاجر
فجعل يكلم النبي صلى الله عليه و سلم فبينما هو يكلمه إذ جاء سهيل بن عمرو فقال
النبي صلى الله عليه و سلم : قد سهل لكم من أمركم
فجاء سهيل فقال هات أكتب بيننا وبينك كتابا
فدعا الكاتب فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم
قال سهيل : أما الرحمن فوالله ما أدري ما هو ولكن اكتب " باسمك اللهم "
كما كنت تكتب
فقال المسلمون : والله ما نكتبها إلا بسم الله الرحمن الرحيم
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : اكتب " باسمك اللهم "
ثم قال : هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله
فقال سهيل : والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك ولكن
اكتب : محمد بن عبد الله
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : والله إني لرسول الله وإن كذبتموني اكتب : هذا
ما قاضى عليه محمد بن عبد الله
قال الزهري وذلك لقوله : لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : على أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به
قال سهيل : والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضفطة ؟ ولكن لك من العام المقبل فكتب
فقال سهيل : وعلى أنه لا يأتيك منا رجل وإن كان على دينك إلا رددته إلينا
فقال المسلمون : سبحان الله كيف يرد إلى المشركين وقد جاء مسلما ؟ فبينما هم كذلك
إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمر ويرسف في قيوده وقد خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه
بين أظهر المسلمين فقال سهيل : هذا يا محمد أول من أقاضيك عليه أن ترد إلي
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : إنا لم نقض الكتاب بعد
قال : فوالله لا أصالحك على شيء أبدا
قال النبي صلى الله عليه و سلم : فأجزه لي
قال : ما أنا بمجيزه
قال : بلى فافعل
قال : ما أنا بفاعل
فقال أبو جندل : أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين وقد جئت مسلما ألا ترون ما
لقيت في الله ؟ وكان قد عذب عذابا شديدا في الله
فقال عمر بن الخطاب : والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ فأتيت النبي صلى الله
عليه و سلم فقلت : ألست نبي الله ؟ قال : بلى
فقلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال : بلى
قلت : فلم نعطى الدنية في ديننا إذن ؟ قال : إني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري
قلت : أو ليس كنت تحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به ؟ قال : بلى
(7/530)
أفأخبرتك
أنك تأتيه العام ؟ قلت : لا
قال : فإنك آتيه ومطوف به
فأتيت أبا بكر فقلت يا أبا بكر : أليس هذا نبي الله حقا ؟ قال : بلى
قلت : ألسنا على الحق وعدونا على الباطل ؟ قال : بلى
قلت : فلم نعطي الدنية في ديننا إذن ؟ قال : أيها الرجل إنه رسول الله وليس يعصي
ربه وهو ناصره فاستمسك بغرزه تفز حتى تموت فو الله إنه لعلى الحق
قلت : أوليس كان يحدثنا إنا سنأتي البيت ونطوف به ؟ قال : بلى أفأخبرك أنك تأتيه
العام ؟ قلت : لا
قال : فإنك آتيه ومطوف به
قال عمر : فعملت لذلك أعمالا
فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه : قوموا
فانحروا ثم احلقوا
فوالله ما قام رجل منهم حتى قال ذلك ثلاث مرات فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل على
أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس فقالت أم سلمة : يا نبي الله أتحب ذلك ؟ قال :
نعم
قالت : فاخرج ثم لا تكلم أحدا منهم حتى تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك
فقام النبي صلى الله عليه و سلم فخرج فلم يكلم أحدا منهم كلمة حتى فعل ذلك : نحر
بدنه ودعا بحالقه فحلقه
فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما
ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات
الممتحنة 10 حتى بلغ بعصم الكوافر فطلق عمر رضي الله عنه يومئذ امرأتين كانتا له
في الشرك فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى صفوان بن أمية
ثم رجع النبي صلى الله عليه و سلم إلى المدينة فجاءه أبو بصير رجل من قريش وهو
مسلم فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا : العهد الذي جعلته لنا ! فدفعه النبي صلى الله
عليه و سلم إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا به ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم
فقال أبو بصير لأحد الرجلين : والله إني لأرى سيفك هذا يا فلان جيدا
فاستله الآخر وقال : أجل والله إنه لجيد لقد جربت به وجربت
فقال له أبو بصير : أرني أنظر إليه
فأمكنه منه فضربه حتى برد وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو فقال رسول
الله صلى الله عليه و سلم حين رآه : لقد رأى هذا ذعرا
فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه و سلم قال : قد قتل والله صاحبي وإني لمقتول
فجاء أبو بصير فقال يا نبي الله : قد أوفى الله بذمتك قد رددتني إليهم ثم أنجاني
الله منهم
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ويل أمه ! مسعر حرب لو كان له أحد ! فلما سمع
ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر
قال : وينفلت منهم أبو جندل
(7/531)
فلحق
بأبي بصير فجعل لا يخرج رجل من قريش رجل قد أسلم إلا لحق بأبي بصير حتى اجتمعت
منهم عصابة
قال : فوالله ما يسمعون بعير لقريش خرجت إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا
أموالهم
فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه و سلم تناشده الله والرحمن لما أرسل إليهم
فمن أتاه منهم فهو آمنز فأرسل إليهم النبي صلى الله عليه و سلم فأنزل الله وهو
الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم حتى بلغ حمية الجاهلية وكانت حميتهم أنهم لم
يقروا أنه نبي ولم يقروا ببسم الله الرحمن الرحيم وحالوا بينه وبين البيت
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس قال : كاتب الكتاب يوم الحديبية علي بن أبي طالب
وأخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن سلمة
بن الأكوع قال : قدمنا الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ونحن أربع عشرة
مائة ثم إن المشركين من أهل مكة راسلونا في الصلح فلما اصطلحنا واختلط بعضنا ببعض
أتيت شجرة فاضطجعت في ظلها فأتاني أربعة من مشركي أهل مكة فجعلوا يقعون في رسول
الله صلى الله عليه و سلم فأمعضتهم وتحولت إلى شجرة أخرى فعلقوا سلاحهم واضطجعوا
فبينما هم كذلك إذ نادى مناد من أسفل الوادي : يا للمهاجرين قتل ابن زنيم فاخترطت
سيفي فاشتددت على أولئك الأربعة وهم رقود فأخذت سلاحهم وجعلته في يدي ثم قلت :
والذي أكرم وجه محمد لا يرفع أحد منكم رأسه إلا ضربت الذي فيه عيناه ثم جئت بهم
أسوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وجاء عمي عامر برجل من العبلات يقال له
مكرز من المشركين يقوده حتى وقفنا بهم على رسول الله صلى الله عليه و سلم في سبعين
من المشركين فنظر إليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال : دعوهم يكون لهم بدء
الفجور ومنتهاه فعفا عنهم رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنزل الله وهو الذي كف
أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم
وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه وابن جرير وأبو نعيم في الدلائل وابن مردويه عن
عبد الله بن مغفل قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في أصل الشجرة التي
قال الله في القرآن وكان يقع من أغصان تلك الشجرة على ظهر رسول الله صلى الله عليه
و سلم وعلي بن أبي طالب وسهيل بن عمرو بين يديه فقال رسول الله صلى الله عليه و
سلم لعلي : اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فأخذ سهيل بيده قال : ما نعرف الرحمن ولا
الرحيم
(7/532)
أكتب
في قضيتنا ما نعرف
قال : اكتب : باسمك اللهم
وكتب : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله أهل مكة فأمسك سهيل بيده وقال : لقد
ظلمناك إن كنت رسوله اكتب في قضيتنا ما نعرف فقال : اكتب هذا ما صالح محمد بن عبد
الله فبينا نحن كذلك إذ خرج علينا ثلاثون شابا عليهم السلاح فثاروا في وجوهنا فدعا
عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخذ الله بأسماعهم
ولفظ الحاكم : بأبصارهم
فقمنا إليهم فأخذناهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : هل جئتم في عهد
أحد أو هل جعل لكم أحد أمانا فقالوا : لا
فخلى سبيلهم فأنزل الله وهو الذي كف أيديهم عنكم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن أبزي قال : لما خرج النبي صلى
الله عليه و سلم بالهدي وانتهى إلى ذي الحليفة قال له عمر : يا نبي الله تدخل على
قوم لك حرب بغير سلاح ولا كراع فبعث إلى المدينة فلم يدع فيها سلاحا ولا كراعا إلا
حمله فلما دنا من مكة منعوه أن يدخل فسار حتى أتى منى فنزل بمنى فأتاه عيينة بن
عكرمة بن أبي جهل قد خرج عليه في خمسمائة فقال لخالد بن الوليد : يا خالد هذا ابن
عمك قد أتاك في الخيل فقال خالد : أنا سيف الله وسيف رسوله فيومئذ سمي سيف الله يا
رسول الله إرم بي أين شئت فبعثه على خيل فلقيه عكرمة في الشعب فهزمه حتى أدخله
حيطان مكة ثم عاد في الثانية حتى أدخله حيطان مكة ثم عاد في الثالثة فهزمه حتى
أدخله حيطان مكة فأنزل الله وهو الذي كف أيديهم عنكم الآية
قال : فكف الله النبي عنهم من بعد أن أظفره عليهم لبقايا من المسلمين كانوا بقوا
فيها كراهية أن تطأهم الخيل
أخرج ابن المنذر عن الضحاك وسعيد بن جبير والهدي معكوفا قال : محبوسا
وأخرج أحمد والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نحروا يوم
الحديبية سبعين بدنة فلما صدت عن البيت حنت كما تحن إلى أولادها
وأخرج الطبراني عن مالك بن ربيعة السلولي رضي الله عنه أنه شهد مع رسول الله
(7/533)
صلى
الله عليه و سلم يوم الشجرة ويوم رد الهدي معكوفا قبل أن يبلغ محله وأن رجلا من
المشركين قال يا محمد : ما يحملك على أن تدخل هؤلاء علينا ونحن كارهون ؟ فقال :
" هؤلاء خير منك ومن أجدادك يؤمنون بالله واليوم الآخر والذي نفسي بيده لقد
رضي الله عنهم "
قوله تعالى : ولولا رجال مؤمنون الآية
أخرج الحسن بن سفيان وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن قانع والباوردي
والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم بسند جيد عن أبي جمعة حنيبذ بن سبيع قال : قاتلت
النبي صلى الله عليه و سلم أول النهار كافرا وقاتلت معه آخر النهار مسلما وفينا
نزلت ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات وكنا تسعة نفر سبعة رجال وامرأتين
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ولولا رجال مؤمنون
ونساء مؤمنات لم تعلموهم قال : حين ردوا النبي صلى الله عليه و سلم أن تطؤهم
بقتلهم إياهم لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا إليما يقول لو تزيل الكفار
من المؤمنين لعذبهم الله عذابا أليما بقتلهم إياهم
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ولولا رجال مؤمنون قال : دفع الله عن
المشركين يوم الحديبية بأناس من المؤمنين كانوا بين أظهرهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : هم
أناس كانوا بمكة تكلموا بالإسلام كره الله أن يؤذوا وأن يوطأوا حين رد محمد صلى
الله عليه و سلم وأصحابه يوم الحديبية فتصيب المسلمين منهم معرة يقول ذنب بغير علم
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد فتصيبكم منهم معرة بغير علم قال : إثم لو تزيلوا قال :
لو تفرقوا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله لو
تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما قال : هو القتل والسبي
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا
أليما قال : إن الله عز و جل يدفع بالمؤمنين عن الكفار
(7/534)
الآية
26 أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير والطبراني وابن
مردويه والبيهقي في الدلائل عن سهل بن حنيف أنه قال يوم صفين : إتهموا أنفسكم فلقد
رأيتنا يوم الحديبية نرجىء الصلح الذي كان بين النبي صلى الله عليه و سلم وبين
المشركين ولو نرى قتالا لقاتلنا فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال
يا رسول الله : ألسنا على الحق وهم على الباطل ؟ قال : بلى
قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى
قال ففيم نعطى الدنية في ديننا ونرجع لما يحكم الله بيننا وبينهم ؟ فقال يا ابن
الخطاب : إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا
فرجع متغيظا لم يصبر حتى جاء أبا بكر فقال يا أبا بكر : ألسنا على الحق وهم على
الباطل ؟ قال : بلى
قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى
قال : فلم نعطى الدنية في ديننا ؟ قال : يا ابن الخطاب إنه رسول الله ولن يضيعه
الله أبدا
فنزلت سورة الفتح فأرسل رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى عمر رضي الله عنه
فأقرأه إياها
قال يا رسول الله : أو فتح هو ؟ قال : نعم
وأخرج النسائي والحاكم وصححه من طريق أبي إدريس عن أبي كعب رضي الله عنه أنه كان
يقرأ إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية ولو حميتم كما حموا لفسد
المسجد الحرم فأنزل الله سكينته على رسوله فبلغ ذلك عمر فاشتد عليه فبعث إليه فدخل
عليه فدعا ناسا من أصحابه فيهم زيد بن ثابت فقال : من يقرأ منكم سورة الفتح ؟ فقرأ
زيد على قراءتنا اليوم فغلظ له عمر فقال أبي أأتكلم ؟ قال : تكلم
فقال : لقد علمت أني كنت أدخل على النبي صلى الله عليه و سلم ويقرئني وأنت بالباب
فإن أحببت أن أقرىء الناس على ما أقرأني أقرأت وإلا لم أقرىء حرفا ما حييت
قال : بل أقرىء الناس
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله حمية الجاهلية قال : حميت قريش أن يدخل
عليهم محمد صلى الله عليه و سلم وقالوا : لا يدخلها عليناا أبدا فوضع الله الحمية
عن محمد وأصحابه
(7/535)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الأجلح قال : كان حمزة بن عبد المطلب رجلا حسن الشعر حسن الهيئة
صاحب صيد وإن رسول الله صلى الله عليه و سلم مر على أبي جهل فولع به وآذاه فرجع
حمزة من الصيد وامرأتان تمشيان خلفه فقالت إحداهما لو علم ذا ما صنع بابن أخيه
أقصر عن مشيته فالتفت إليهما فقال : وما ذاك ؟ قالت : أبو جهل فعل بمحمد كذا وكذا
فدخلته الحمية فجاء حتى دخل المسجد وفيه أبو جهل فعلا رأسه بقوسه ثم قال : ديني
دين محمد إن كنتم صادقين فامنعوني فقامت إليه قريش فقالوا يا أبا يعلى فأنزل الله
إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية إلى قوله وألزمهم كلمة التقوى قال : حمزة بن
عبد المطلب
أما قوله تعالى : وألزمهم كلمة التقوى
أخرج الترمذي وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وابن جرير والدار قطني في الأفراد
وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه و
سلم وألزمهم كلمة التقوى قال : لا إله إلا الله
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله
وألزمهم كلمة التقوى قال : لا إله إلا الله
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
وألزمهم كلمة التقوى قال : لا إله إلا الله
وأخرج ابن جرير وأبو الحسين بن مروان في فوائده عن علي رضي الله عنه وألزمهم كلمة
التقوى قالا : لا إله إلا الله والله أكبر
وأخرج أحمد عن حمران مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه قال : " سمعت النبي صلى
الله عليه و سلم يقول : إني لأعلم كلمة لا يقولها عبد حقا من قلبه إلا حرمه الله
على النار فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنا أحدثكم ما هي كلمة الإخلاص التي
ألزمها الله محمدا وأصحابه وهي كلمة التقوى التي حض عليها نبي الله عمه أبا طالب
عند الموت شهادة أن لا إله إلا الله "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء
(7/536)
والصفات
عن ابن عباس رضي الله عنهما وألزمهم كلمة التقوى قال : شهادة لا إله إلا الله وهي
رأس كل تقوى
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي عن
علي الأزدي قال : كنت مع ابن عمر رضي الله عنه بين مكة ومنى فسمع الناس يقولون لا
إله إلا الله والله أكبر فقال : هي هي فقلت : ما هي هي ؟ قال وألزمهم كلمة التقوى
وأخرج ابن أبي حاتم والدارقطني في الأفراد عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم
وألزمهم كلمة التقوى قال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن مجاهد وعطاء في قوله وألزمهم كلمة التقوى قال
أحدهما : الإخلاص وقال الآخر : كلمة التقوى لا لا إله إلا الله وحده لا شريك له له
الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
وأخرج ابن جرير عن مجاهد وألزمهم كلمة التقوى قال : كلمة الإخلاص
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن ميمون وألزمهم كلمة التقوى قال : لا إله إلا الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه وألزمهم كلمة التقوى قال : لا
إله إلا الله
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد والحسن وقتادة وإبراهيم التيمي وسعيد بن جبير مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عطاء الخراساني رضي الله عنه وألزمهم كلمة التقوى
قال : لا إله إلا الله محمد رسول الله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الزهري رضي
الله عنه وألزمهم كلمة التقوى قال : بسم الله الرحمن الرحيم
وأخرج ابن جرير عن قتادة وكانوا أحق بها وأهلها وكان المسلمون أحق بها وكانوا
أهلها والله أعلم
الآيات 27 - 28
(7/537)
أخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن مجاهد قال :
رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو بالحديبية أنه يدخل مكة هو وأصحابه آمنين
محلقين رؤوسهم ومقصرين فلما نحر الهدي بالحديبية قال له أصحابه : أين رؤياك يا
رسول الله ؟ فأنزل الله لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق إلى قوله فجعل من دون ذلك
فتحا قريبا فرجعوا ففتحوا خيبر ثم اعتمر بعد ذلك فكان تصديق رؤياه في السنة
المقبلة
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما : لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق
قال : كان تأويل رؤياه في عمرة القضاء
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما لقد صدق الله رسوله الرؤيا
بالحق قال : هو دخول محمد صلى الله عليه و سلم البيت والمؤمنين محلقين رؤوسهم
ومقصرين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله لقد صدق الله رسوله
الرؤيا بالحق قال : رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه يطوف بالبيت وأصحابه
فصدق الله رؤياه بالحق
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق
قال : رأى في المنام أنهم يدخلون المسجد الحرام وأنهم آمنون محلقين رؤوسهم ومقصرين
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق
إلى آخر الآية
قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم لهم : " إني قد رأيت أنكم ستدخلون
المسجد الحرام محلقين رؤوسكم ومقصرين " فلما نزلت بالحديبية ولم يدخل ذلك
العام طعن المنافقون في ذلك فقال الله لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق إلى قوله
لا تخافون أي لم أره أنه يدخله هذا العام وليكونن ذلك فعلم ما لم تعلموا قال : رده
لمكان من بين أظهرهم من المؤمنين والمؤمنات وأخره
(7/538)
ليدخل
الله في رحمته من يشاء ممن يريد الله أن يهديه فجعل من دون ذلك فتحا قريبا قال :
خيبر حين رجعوا من الحديبية فتحها الله عليهم فقسمها على أهل الحديبية كلهم إلا
رجلا واحدا من الأنصار يقال له أبو دجانة سماك بن خرشة كان قد شهد الحديبية وغاب
عن خيبر
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : خرج النبي صلى الله عليه و سلم معتمرا في ذي
القعدة معه المهاجرون والأنصار حتى أتى الحديبية فخرجت إليه قريش فردوه عن البيت
حتى كان بينهم كلام وتنازع حتى كاد يكون بينهم قتال فبايع النبي صلى الله عليه و
سلم أصحابه وعدتهم ألف وخمسمائة تحت الشجرة وذلك يوم بيعة الرضوان فقاضاهم النبي
صلى الله عليه و سلم فقالت قريش : نقاضيك على أن تنحر الهدي مكانه وتحلق وترجع حتى
إذا كان العام المقبل نخلي لك مكة ثلاثة أيام ففعل فخرجوا إلى عكاظ فأقاموا فيها
ثلاثة أيام واشترطوا عليه أن لا يدخلها بسلاح إلا بالسيف ولا يخرج بأحد من أهل مكة
إن خرج معه فنحر الهدي مكانه وحلق ورجع حتى إذا كان في قابل من تلك الأيام دخل مكة
وجاء بالبدن معه وجاء الناس معه فدخل المسجد الحرام فأنزل الله عليه لقد صدق الله
رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رؤوسكم ومقصرين
وأنزل عليه الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص البقرة الآية 194 الآية
أما قوله تعالى : محلقين رؤوسكم ومقصرين
أخرج مالك والطيالسي وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجة
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " رحم الله المحلقين
" قالوا : والمقصرين يا رسول الله قال : " رحم الله المحلقين "
قالوا : والمقصرين يا رسول الله قال : " والمقصرين "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن ماجة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " اللهم اغفر للمحلقين قالوا يا رسول الله والمقصرين
قال : اللهم اغفر للمحلقين ثلاثا قالوا يا رسول الله والمقصرين قال والمقصرين
"
(7/539)
وأخرج
الطيالسي وأحمد وأبو يعلى عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه
حلقوا رؤوسهم يوم الحديبية إلا عثمان بن عفان وأبا قتادة فاستغفر رسول الله صلى
الله عليه و سلم للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة
وأخرج ابن أبي شيبة عن حبشي بن جنادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" اللهم اغفر للمحلقين قالوا يا رسول الله والمقصرين قال اللهم اغفر للمحلقين
قالوا يا رسول الله والمقصرين قال اللهم اغفر للمقصرين "
وأخرج ابن أبي شيبة عن يزيد بن أبي مريم أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" اللهم اغفر للمحلقين ثلاثا قالوا يا رسول الله والمقصرين قال والمقصرين
" وكنت يومئذ محلوق الرأس فما يسرني بحلق رأسي حمر النعم
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن يحيى بن أبي الحصين عن جدته أنها سمعت النبي صلى الله
عليه و سلم دعا للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة في حجة الوداع
وأخرج أحمد عن مالك بن ربيعة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "
اللهم اغفر للمحلقين ثلاثا قال رجل : والمقصرين فقال في الثالثة أو الرابعة
وللمقصرين "
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس أنه قيل له لم ظاهر رسول الله صلى الله عليه
و سلم للمحلقين ثلاثا وللمقصرين مرة فقال : " إنهم لم يشكوا "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
اللهم اغفر للمحلقين قالها ثلاثا فقالوا يا رسول الله ما بال المحلقين ظاهرت لهم
الترحم قال : إنهم لم يشكوا "
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : كانوا يستحبون للرجل أول ما يحج أن يحلق وأول
ما يعتمر أن يحلق
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه كان يقول للحلاق إذا حلق في الحج والعمرة أبلغ
للعظمين
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : السنة أن يبلغ بالحلق إلى العظمين
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس أنه رأى النبي صلى الله عليه و سلم قال للحلاق هكذا
وأشار بيده إلى الجانب الأيمن
وأخرج أبو داود والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير "
(7/540)
الآية
29 أخرج الخطيب في رواة مالك بسند ضعيف عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : والذين معه مثلهم في التوراة إلى قوله كزرع أخرج شطأه قال مالك : نزل في
الإنجيل نعت النبي وأصحابه
وأخرج ابن سعد في الطبقات وابن أبي شيبة عن عائشة قالت : لما مات سعد بن معاذ حضر
رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو بكر وعمر فوالذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء
أبي بكر من بكاء عمر وأنا في حجرتي وكانوا كما قال الله رحماء بينهم قيل فكيف كان
رسول الله صلى الله عليه و سلم يصنع فقالت : كانت عينه لا تدمع على أحد ولكنه كان
إذا وجد فإنما هو آخذ بلحيته
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي عن جرير قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " لا يرحم الله من لا يرحم الناس "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود عن عبد الله بن عمرو يرويه قال : " من لم يرحم
صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" لا تنزع الرحمة إلا من شقي "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أسامة بن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إنما يرحم الله من عباده الرحماء "
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله سيماهم في وجوههم قال : أما إنه ليس بالذين
ترون ولكنه سيما الإسلام وسحنته وسمته وخشوعه
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
(7/541)
والبيهقي
في سننه عن ابن عباس في قوله : سيماهم في وجوههم قال السمت الحسن
وأخرج الطبراني في الأوسط والصغير وابن مردويه بسند حسن عن أبي بن كعب رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله سيماهم في وجوههم من أثر
السجود قال : " النور يوم القيامة "
وأخرج البخاري في تاريخه وابن نصر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله سيماهم في
وجوههم من أثر السجود قال : بياض يغشى وجوههم يوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد وابن نصر وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه مثله
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن نصر وابن جرير عن عطية العوفي رضي الله عنه
قال : موضع السجود أشد وجوههم بياضا يوم القيامة
وأخرج الطبراني عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
" إن الأنبياء عليهم السلام يتباهون أيهم أكثر أصحابا من أمته فأرجو أن أكون
يومئذ أكثرهم كلهم واردة وإن كل رجل منهم يومئذ قائم على حوض ملآن معه عصا يدعو من
عرف من أمته ولكل أمة سيما يعرفهم بها نبيهم "
وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن حميد بن عبد الرحمن قال : كنت عند السائب بن
يزيد إذ جاء رجل في وجهه أثر السجود فقال : لقد أفسد هذا وجهه أما والله ما هي
السيما التي سمى الله ولقد صليت على وجهي منذ ثمانين سنة ما أثر السجود بين عيني
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن نصر وابن جرير عن مجاهد سيماهم في وجوههم
قال : ليس الأثر في الوجه ولكن الخشوع
وأخرج ابن المبارك وعبد بن حميد وابن جرير وابن نصر عن مجاهد سيماهم في وجوههم قال
: ليس الأثر في الوجه ولكن الخشوع
وأخرج ابن المبارك وعبد بن حميد وابن جرير وابن نصر عن مجاهد سيماهم في وجوههم قال
: الخشوع والتواضع
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن نصر عن سعيد بن جبير
في الآية قال : ندى الطهور وثرى الأرض
وأخرج ابن نصر وابن المنذر عن الضحاك في الآية قال : هو السهر إذا سهر الرجل من
الليل أصبح مصفرا
(7/542)
وأخرج
ابن أبي شيبة وابن نصر عن عكرمة رضي الله عنه سيماهم في وجوههم قال : السهر
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم في
قوله سيماهم في وجوههم قال : إن جبريل قال : إذا نظرت إلى الرجل من أمتك عرفت أنه
من أهل الصلاة بأثر الوضوء وإذا أصبحت عرفت أنه قد صلى من الليل وهو يا محمد
العفاف في الدين والحياء وحسن السمت
وأخرج ابن إسحق وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كتب رسول
الله صلى الله عليه و سلم إلى يهود خيبر " بسم الله الرحمن الرحيم من محمد
رسول الله صاحب موسى وأخيه المصدق لما جاء به موسى ألا إن الله قد قال لكم يا معشر
أهل التوراة وإنكم تجدون ذلك في كتابكم محمد رسول الله والذين معه أشداء على
الكفار رحماء بينهم إلى آخر السورة "
وأخرج ابن جرير وابن مردويه وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما ذلك مثلهم في
التوراة يعني مكتوب في التوراة والإنجيل قبل أن يخلق السموات والأرض
وأخرج أبو عبيد وأبو نعيم في الحلية وابن المنذر عن عمار مولى بني هاشم قال : سألت
أبا هريرة رضي الله عنه عن القدر قال : اكتف منه بآخر سورة الفتح محمد رسول الله
والذين معه إلى آخر السورة يعني أن الله نعتهم قبل أن يخلقهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله رحماء بينهم قال : جعل
الله في قلوبهم الرحمة بعضهم لبعض سيماهم في وجوههم من أثر السجود قال : علامتهم
الصلاة ذلك مثلهم في التوراة قال : هذا المثل في التوراة مثلهم في الإنجيل قال :
هذا مثل آخر كزرع أخرج شطأه قال : هذا نعت أصحاب محمد في الإنجيل
قيل له : أنه سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يخرج منهم قوم يأمرون بالمعروف وينهون
عن المنكر
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله سيماهم في وجوههم
من أثر السجود قال : صلاتهم تبدو في وجوههم يوم القيامة ذلك مثلهم في التوراة
ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه قال : سنبله حين يبلغ نباته عن حباته فآزره يقول
: نباته مع التفافه حين يسنبل فهذا مثل ضربه الله لأهل
(7/543)
الكتاب
إذا خرج قوم ينبتون كما ينبت الزرع فيهم رجال يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ثم
يغلظ فيهم الذين كانوا معهم وهو مثل ضربه لمحمد يقول : يبعث الله النبي وحده ثم
يجتمع إليه ناس قليل يؤمنون به ثم يكون القليل كثيرا وسيغلظون ويغيظ الله بهم
الكفار يعجب الزراع من كثرته وحسن نباته
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه كزرع أخرج شطأه قال : يقول حب
بر متفرقا فأنبتت كل حبة واحدة ثم أنبتت من حولها مثلها حتى استغلظ واستوى على
سوقه يقول : كان أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم قليلا ثم كثروا واستغلظوا
وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله كزرع قال
: أصل الزرع عبد المطلب أخرج شطأه محمد صلى الله عليه و سلم فآزره بأبي بكر
فاستغلظ بعمر فاستوى بعثمان على سوقه بعلي ليغيظ بهم الكفار
وأخرج ابن مردويه والقلظي وأحمد بن محمد الزهري في فضائل الخلفاء الأربعة
والشيرازي في الألقاب عن ابن عباس رضي الله عنهما محمد رسول الله والذين معه أبو
بكر أشداء على الكفار عمر رحماء بينهم عثمان تراهم ركعا سجدا علي يبتغون فضلا من
الله ورضوانا طلحة والزبير سيماهم في وجوههم من أثر الشجود عبد الرحمن بن عوف وسعد
بن أبي وقاص وأبو عبيدة بن الجراح ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره بأبي
بكر فاستغلظ بعمر فاستوى على سوقه بعثمان يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار بعلي وعد
الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات جميع أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه كزرع أخرج شطأه قال : نباته
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أنس رضي الله عنه كزرع
أخرج شطأه قال : نباته فروخه
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه كزرع أخرج شطأه قال : حين تخرج منه
الطاقة فآزره قواه فاستغلظ فاستوى على سوقه قال : على مثل المسلمين
(7/544)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله كزرع أخرج شطأه قال : ما يخرج
بجنب كتابه الجعلة فيتم وينمو
فآزره قال : فشده وأعانه على سوقه قال : على أصوله
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن خيثمة قال : قرأ
رجل على عبد الله سورة الفتح فلما بلغ كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على
سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار قال : ليغيظ الله بالنبي صلى الله عليه و سلم
بأصحابه الكفار ثم قال : أنتم الزرع وقد دنا حصاده
وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة في قوله ليغيظ بهم الكفار قالت : أصحاب رسول الله صلى
الله عليه و سلم أمروا بالاستغفار لهم فسبوهم
(7/545)
بسم
الله الرحمن الرحيم 49
سورة الحجرات
مدنية وآياتها ثماني عشرة
مقدمة سورة الحجرات أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي
الله عنهما قالت : نزلت سورة الحجرات بالمدينة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
الآية 1 أخرج البخاري وابن المنذر وابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : قدم
ركب من بني تميم على النبي صلى الله عليه و سلم فقال أبو بكر : أمر القعقاع بن
معبد وقال عمر : بل أمر الأقرع بن حابس فقال أبو بكر ما أردت إلا خلافي فقال عمر :
ما أردت خلافك فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما فأنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا
لا تقدموا بين يدي الله ورسوله حتى انقضت الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن
عباس في قوله لا تقدموا بين يدي الله ورسوله قال : لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : ذكر لنا أن
ناسا كانوا يقولون : لو أنزل في كذا وكذا الوضع كذا وكذا فكره الله ذلك وقدم فيه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله لا
تقدموا بين يدي الله ورسوله قال : نهوا أن يتكلموا بين يدي كلامه
(7/546)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أن ناسا ذبحوا قبل رسول
الله صلى الله عليه و سلم يوم النحر فأمرهم أن يعيدوا ذبحا فأنزل الله يا أيها
الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله
وأخرج ابن أبي الدنيا في الأضاحي عن الحسن رضي الله عنه قال : ذبح رجل قبل الصلاة
فنزلت
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله في قوله لا تقدموا بين يدي الله ورسوله قال
: لا تصوموا قبل أن يصوم نبيكم
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان أناس يتقدمون بين
يدي رمضان بصيام يعني يوما أو يومين فأنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا
تقدموا بين يدي الله ورسوله
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن ناسا كانوا
يتقدمون الشهر فيصومون قبل النبي صلى الله عليه و سلم فأنزل الله يا أيها الذين
آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله
وأخرج سعيد بن منصور عن الضحاك أنه قرأ لا تقدموا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن
مجاهد في قوله لا تقدموا بين يدي الله ورسوله قال : لا تفتاتوا على رسول الله صلى
الله عليه و سلم بشيء حتى يقضي الله على لسانه
قال الحفاظ : هذا التفسير على قراءة " تقدموا " بفتح التاء والدال
الآيات 2 - 3 أخرج البخاري وابن المنذر والطبراني عن ابن أبي مليكة قال : كاد
الخيران أن يهلكا أبو بكر وعمر رفعا أصواتهما عند النبي صلى الله عليه و سلم حين
قدم عليه ركب بني تميم فأشار
(7/547)
أحدهما
بالأقرع بن حابس وأشار الآخر برجل آخر فقال أبو بكر لعمر : ما أردت إلا خلافي قال
: ما أردت خلافك فارتفعت أصواتهما في ذلك فأنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا
ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي الآية
قال ابن الزبير : فما كان عمر يسمع رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد هذه الآية
حتى يستفهمه
وأخرجه الترمذي من طريق ابن أبي مليكة قال : حدثني عبد الله بن الزبير به
وأخرج ابن جرير والطبراني من طريق ابن أبي مليكة عن عبد الله بن الزبير أن الأقرع
بن حابس قدم على النبي صلى الله عليه و سلم فقال أبو بكر : يا رسول الله استعمله
على قومه فقال عمر : لا تستعمله يا رسول الله
فتكلما عند النبي صلى الله عليه و سلم حتى ارتفعت أصواتهما فقال أبو بكر لعمر : ما
أردت إلا خلافي قال : ما أردت خلافك فنزلت هذه الآية يا أيها الذين آمنوا لا
ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي فكان عمر بعد ذلك إذا تكلم عند النبي صلى الله عليه
و سلم لم يسمع كلامه حتى يستفهمه
وأخرج البزار وابن عدي والحاكم وابن مردويه عن أبي بكر الصديق قال : لما نزلت هذه
الآية يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي قلت يا رسول الله :
والله لا أكلمك إلا كأخي السرار
وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان من طريق أبي سلمة عن أبي
هريرة قال : لما نزلت إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله قال أبو بكر : والذي
أنزل عليك الكتاب يا رسول الله لا أكلمك إلا كأخي السرار حتى ألقى الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : كانوا يجهرون له بالكلام ويرفعون
أصواتهم فأنزل الله لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد في
قوله ولا تجهروا له بالقول الآية قال : لا تنادوه نداء ولكن قولوا قولا لينا يا
رسول الله
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو يعلى والبغوي في معجم الصحابة وابن المنذر
والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أنس قال : لما نزلت يا أيها الذين
آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي إلى قوله وأنتم لا تشعرون وكان ثابت بن قيس
بن شماس رفيع الصوت فقال : أنا الذي كنت أرفع صوتي على رسول
(7/548)
الله
صلى الله عليه و سلم حبط عملي أنا من أهل النار وجلس في بيته حزينا ففقده رسول
الله صلى الله عليه و سلم فانطلق بعض القوم إليه فقالوا له : فقدك رسول الله صلى
الله عليه و سلم ما لك ؟ قال : أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي صلى الله عليه و
سلم وأجهر له بالقول حبط عملي أنا من أهل النار فأتوا النبي صلى الله عليه و سلم
فأخبروه بذلك فقال : لا بل هو من أهل الجنة فلما كان يوم اليمامة قتل
وأخرج ابن جرير والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه عن محمد بن ثابت بن قيس بن
شماس قال : لما نزلت هذه الآية لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له
بالقول قعد ثابت رضي الله عنه في الطريق يبكي فمر به عاصم بن عدي بن العجلان فقال
: ما يبكيك يا ثابت ؟ قال : هذه الآية أتخوف أن تكون نزلت في وأنا صيت رفيع الصوت
فمضى عاصم بن عدي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبره خبره فقال : اذهب
فادعه لي فجاء فقال : ما يبكيك يا ثابت ؟ فقال : أنا صيت وأتخوف أن تكون هذه الآية
نزلت في فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : أما ترضى أن تعيش حميدا وتقتل
شهيدا وتدخل الجنة ؟ قال : رضيت ولا أرفع صوتي أبدا على صوت رسول الله صلى الله
عليه و سلم
قال : وأنزل الله تعالى إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله الآية
وأخرج ابن حبان والطبراني وأبو نعيم في المعرفة عن إسمعيل بن محمد بن ثابت بن قيس
بن شماس الأنصاري أن ثابت بن قيس قال : يا رسول الله : لقد خشيت أن أكون قد هلكت
قال : لم ؟ قال : يمنع الله المرء أن يحمد بما لم يفعل وأجدني أحب الحمد وينهى عن
الخيلاء وأجدني أحب الجمال وينهى أن نرفع أصواتنا فوق صوتك وأنا جهير الصوت فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا ثابت أما ترضى أن تعيش حميدا وتقتل شهيدا
وتدخل الجنة ؟ قال الحافظ بن حجر في الأطراف : هكذا أخرجه ابن حبان بهذا السياق
وليس فيه ما يدل على أن إسمعيل سمعه من ثابت فهو منقطع ورواه مالك رضي الله عنه في
الموطأ عن ابن شهاب عن إسمعيل عن ثابت أنه قال فذكره ولم يذكره من رواة الموطأ أحد
إلا سعيد بن عفير وحده وقال : قال مالك : قتل ثابت بن قيس يوم اليمامة
قال ابن حجر رضي الله عنه : فلم يدركه إسمعيل فهو منقطع قطعا إنتهى
وأخرج ابن جرير عن شمر بن عطية رضي الله عنه قال : جاء ثابت بن قيس بن
(7/549)
شماس
إلى النبي صلى الله عليه و سلم وهو محزون فقال : يا ثابت ما الذي أرى بك ؟ قال :
آية قرأتها الليلة فأخشى أن يكون قد حبط عملي يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا
أصواتكم فوق صوت النبي وكان في أذنه صمم فقال : أخشى أن أكون قد رفعت صوتي وجهرت
لك بالقول وأن أكون قد حبط عملي وأنا لا أشعر
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : امش على الأرض نشيطا فإنك من أهل الجنة
وأخرج البغوي وابن قانع في معجم الصحابة عن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس عن ثابت
بن قيس بن شماس قال : لما نزلت على النبي صلى الله عليه و سلم يا أيها الذين آمنوا
لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي قعدت في بيتي فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم
فقال : تعيش حميدا وتقتل شهيدا فقتل يوم اليمامة
وأخرج البغوي وابن المنذر والطبراني والحاكم وابن مردويه والخطيب في المتفق
والمفترق عن عطاء الخراساني قال : قدمت المدينة فلقيت رجلا من الأنصار
قلت : حدثني حديث ثابت بن قيس بن شماس
قال : قم معي
فانطلقت معه حتى دخلت على امرأة
فقال الرجل : هذه ابنة ثابت بن قيس بن شماس فاسألها عما بدا لك
فقلت : حدثيني
قالت : سمعت أبي يقول : لما أنزل الله على رسول الله صلى الله عليه و سلم يا أيها
الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي الآية دخل أي ثابت بيته وأغلق عليه
بابه وطفق يبكي ففقده رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ما شأن ثابت ؟ فقالوا
: يا رسول الله ما ندري ما شأنه غير أنه قد أغلق عليه باب بيته فهو يبكي فيه
فأرسل رسول الله صلى الله عليه و سلم فسأله : ما شأنك ؟ قال : يا رسول الله : أنزل
الله عليك هذه الآية وأنا شديد الصوت فأخاف أن أكون قد حبط عملي
فقال : لست منهم بل تعيش بخير وتموت بخير
قالت : ثم أنزل الله على نبيه إن الله لا يحب كل مختال فخور فأغلق عليه بابه وطفق
يبكي فيه فافتقده رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال : ثابت ما شأنه ؟ قالوا : يا
رسول الله والله ما ندري ما شأنه غير أنه قد أغلق عليه بابه وطفق يبكي
فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ما شأنك ؟ قال : يا رسول الله :
أنزل الله عليك إن الله لا يحب كل مختال فخور والله إني لأحب الجمال وأحب أن أسود
قومي
قال : لست منهم بل تعيش حميدا وتقتل شهيدا ويدخلك الله الجنة بسلام
قالت : فلما كان يوم اليمامة خرج مع خالد بن الوليد إلى مسيلمة الكذاب فلما لقي
أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قد انكشفوا فقال ثابت لسالم مولى أبي حذيفة :
ما هكذا كنا نقاتل مع رسول الله
(7/550)
صلى
الله عليه و سلم ثم حفر كل منهما لنفسه حفرة وحمل عليهم القوم فثبتا حتى قتلا
وكانت على ثابت يومئذ درع له نفيسة فمر به رجل من المسلمين فأخذها فبينا رجل من
المسلمين نائم إذ أتاه ثابت بن قيس في منامه فقال له : إني أوصيك بوصية إياك أن تقول
هذا حلم فتضيعه : إني لما قتلت أمس مر بي رجل من المسلمين فأخذ درعي ومنزله في
أقصى العسكر وعند خبائه فرس يستن في طوله وقد كفا على الدرع برمة وجعل فوق البرمة
رحلا
فائت خالد بن الوليد فمره أن يبعث إلى درعي فيأخذها وإذا قدمت على خليفة رسول الله
فأخبره أن علي من الدين كذا وكذا ولي من الدين كذا وكذا وفلان من رقيقي عتيق وفلان
فإياك أن تقول هذا حلم فتضيعه
فأتى الرجل خالد بن الوليد فأخبره فبعث إلى الدرع فنظر إلى خباء في أقصى العسكر
فإذا عنده فرس يستن في طوله فنظر في الخباء فإذا ليس فيه أحد فدخلوا فدفعوا الرجل فإذا
تحته برمة ثم رفعوا البرمة فإذا الدرع تحتها فأتوا به خالد بن الوليد
فلما قدموا المدينة حدث الرجل أبا بكر برؤياه فأجاز وصيته بعد موته ولا يعلم أحد
من المسلمين جوزت وصيته بعد موته غير ثابت بن قيس بن شماس
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت
النبي الآية قال : نزلت في قيس بن شماس
وأخرج الترمذي وابن حبان وابن مردويه عن صفوان بن عسال رضي الله عنه أن رجلا من
أهل البادية أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فجعل يناديه بصوت له جهوري : يا
محمد يا محمد فقلنا : ويحك أخفض من صوتك فإنك قد نهيت عن هذا قال : لا والله حتى
أسمعه فقال النبي صلى الله عليه و سلم : هاؤم قال : أرأيت رجلا يحب قوما ولم يلحق
بهم قال : المرء مع من أحب
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما أنزل الله أولئك الذين
امتحن الله قلوبهم للتقوى قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : منهم ثابت بن قيس
بن شماس
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد رضي الله
عنه في قوله امتحن قال : أخلص
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال :
أخلص الله قلوبهم فيما أحب
(7/551)
أخرج
أحمد في الزهد عن مجاهد قال : كتب إلى عمر رضي الله عنه : يا امير المؤمنين رجل لا
يشتهي المعصية ولا يعمل بها أفضل أم رجل يشتهي المعصية ولا يعمل لها ؟ فكتب عمر
رضي الله عنه : إن الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها أولئك الذين امتحن الله
قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم
وأخرج الحكيم الترمذي عن مكحول قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
نفس ابن آدم شابة ولو التقت ترقوتاه من الكبر إلا من امتحن الله قلبه للتقوى وقليل
ما هم "
وأخرج ابن المبارك في الزهد عن أبي الدرداء قال : لا تزال نفس أحدكم شابة من حب
الشيء ولو التقت ترقوتاه من الكبر إلا الذين امتحن الله قلوبهم وقليل ما هم
الآيات 4 - 5 أخرج أحمد وابن جرير وأبو القاسم البغوي وابن مردويه والطبراني بسند
صحيح من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن الأقرع بن حابس أنه أتى النبي صلى الله عليه
و سلم فقال : يا محمد اخرج إلينا فلم يجبه فقال : يا محمد إن حمدي زين وإن ذمي شين
فقال : ذاك الله فأنزل الله إن الذين ينادونك من وراء الحجرات قال ابن منيع : لا
أعلم روي للأقرع سند غير هذا
وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن البراء عازب في قوله
إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون قال : جاء رجل فقال : يا محمد
إن حمدي زين وإن ذمي شين فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " ذاك الله "
وأخرج ابن راهويه ومسدد وأبو يعلى والطبراني وابن جرير وابن أبي حاتم بسند حسن عن
زيد بن أرقم قال : اجتمع ناس من العرب فقالوا : انطلقوا إلى هذا الرجل فإن يك نبيا
فنحن أسعد الناس به وإن يك ملكا نعش بجناحه فأتيت النبي صلى الله عليه و سلم
فأخبرته بما قالوا فجاؤوا إلى حجرته فجعلوا ينادونه : يا محمد فأنزل الله إن
(7/552)
الذين
ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون فأخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم
بأذني وجعل يقول : لقد صدق الله قولك يا زيد لقد صدق الله قولك
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه أن رجلا جاء إلى
النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا محمد إن مدحي زين وإن شتمي شين فقال صلى الله
عليه و سلم : " ذاك هو الله " فنزلت إن الذين ينادونك من وراء الحجرات
أكثرهم لا يعقلون
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : أخبرت عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أن تميما
ورجلا من بني أسد بن خزيمة إستبا فقال الأسدي : إن الذين ينادونك من وراء الحجرات
أعراب بني تميم فقال سعيد رضي الله عنه : لو كان التميمي فقيها إن أولها في بني
تميم وآخرها في بني أسد
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن حبيب بن أبي عمرة قال : كان بيني وبين رجل من بني
أسد كلام فقال الأسدي إن الذين ينادونك من وراء الحجرات بني تميم أكثرهم لا يعقلون
فذكرت ذلك لسعيد بن جبير قال : أفلا تقول لبني أسد قال الله يمنون عليك أن أسلموا
فإن العرب لم تسلم حتى قوتلت ونحن أسلمنا بغير قتال فأنزل الله هذا فيهم
وأخرج عبد بن حميد من طريق قتادة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : قال رجل من
بني أسد لرجل من بني تميم وتلا هذه الآية إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم
بني تميم لا يعقلون فلما قام التميمي وذهب قال سعيد بن جبير : أما إن التميمي لو
يعلم ما أنزل في بني أسد لتكلم قلنا : ما أنزل فيهم ؟ قال : جاؤوا إلى النبي صلى
الله عليه و سلم فقالوا : إنا قد أسلمنا طائعين وإن لنا حقا فأنزل الله يمنون عليك
أن أسلموا الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد إن الذين ينادونك
من وراء الحجرات قال : أعراب من بني تميم
وأخرج ابن منده وابن مردويه من طريق يعلى بن الأشدق عن سعد بن عبد الله أن النبي
صلى الله عليه و سلم سئل عن قوله : إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا
يعقلون قال : " هم الجفاة من بني تميم لولا أنهم من أشد الناس قتالا للأعور
الدجال لدعوت الله عليهم أن يهلكهم "
(7/553)
وأخرج
ابن إسحق وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قدم وفد بني تميم وهم
سبعون رجلا أو ثمانون رجلا منهم الزبرقان بن بدر وعطارد بن معبد وقيس بن عاصم وقيس
بن الحارث وعمرو بن أهتم المدينة على رسول الله صلى الله عليه و سلم فانطلق معهم
عيينة بن حصن بن بدر الفزاري وكان يكون في كل سدة حتى أتوا منزل رسول الله صلى الله
عليه و سلم فنادوه من وراء الحجرات بصوت جاف : يا محمد أخرج إلينا يا محمد أخرج
إلينا يا محمد أخرج إلينا فخرج إليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا
محمد إن مدحنا زين وإن شتمنا شين نحن أكرم العرب فقال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " كذبتم بل مدحة الله الزين وشتمه الشين وأكرم منكم يوسف بن يعقوب بن
إسحق بن إبراهيم " فقالوا : إنا أتيناك لنفاخرك فذكره بطوله وقال في آخره :
فقام التميميون فقالوا : والله إن هذا الرجل لمصنوع له لقد قام خطيبه فكان أخطب من
خطيبنا وقال شاعره فكان أشعر من شاعرنا قال : ففيهم أنزل الله إن الذين ينادونك من
وراء الحجرات من بني تميم أكثرهم لا يعقلون قال : هذا كان في القراءة الأولى ولو
أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم
وأخرج ابن سعد والبخاري في الأدب وابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن
الحسن رضي الله عنه قال : كنت أدخل بيوت أزواج النبي صلى الله عليه و سلم في خلافة
عثمان بن عفان رضي الله عنه فأتناول سقفها بيدي
وأخرج البخاري في الأدب وابن أبي الدنيا والبيهقي عن داود بن قيس قال : رأيت
الحجرات من جريد النخل مغشى من خارج بمسوح الشعر وأظن عرض البيت من باب الحجرة إلى
باب البيت نحوا من ستة أو سبعة أذرع وأحزر البيت الداخل عشرة أذرع وأظن سمكه بين
الثمان والسبع
وأخرج ابن سعد عن عطاء الخراساني قال : أدركت حجر أزواج رسول الله صلى الله عليه و
سلم من جريد النخل على أبوابها المسوح من شعر أسود فحضرت كتاب الوليد بن عبد الملك
يقرأ يأمر بإدخال حجر أزواج رسول الله صلى الله عليه و سلم في مسجد رسول الله صلى
الله عليه و سلم فما رأيت يوما أكثر باكيا من ذلك اليوم فسمعت سعيد بن المسيب رضي
الله عنه يقول يومئذ : والله لوددت أنهم تركوها على حالها ينشأ ناس من أهل المدينة
ويقدم القادم من أهل الأفق فيرى ما اكتفى به رسول الله في حياته فيكون ذلك مما
يزهد الناس في التكاثر والتفاخر فيها وقال يومئذ أبو أمامة بن سهل بن حنيف : ليتها
تركت فلم
(7/554)
تهدم
حتى يقصر الناس عن البناء ويرون ما رضي الله لنبيه ومفاتيح خزائن الدنيا بيده
الآيات 6 - 8 أخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني وابن منده وابن مردويه بسند جيد
عن الحارث بن ضرار الخزاعي قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه و سلم فدعاني
إلى الإسلام فدخلت فيه وأقررت به ودعاني إلى الزكاة فأقررت بها قلت يا رسول الله :
أرجع إلى قومي فأدعوهم إلى الإسلام وأداء الزكاة فمن استجاب لي جمعت زكاته وترسل
إلي يا رسول الله رسولا يبان كذا وكذا ليأتيك ما جمعت من الزكاة فلما جمع الحارث
الزكاة ممن استجاب له وبلغ الإبان الذي أراد رسول الله صلى الله عليه و سلم أن
يبعث إليه إحتبس الرسول فلم يأت فظن الحارث أنه قد حدث فيه سخطة من الله ورسوله
فدعا بسروات قومه فقال لهم : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان وقت لي وقتا
يرسل إلي رسوله ليقبض ما كان عندي من الزكاة وليس من رسول الله صلى الله عليه و
سلم الخلف ولا أرى حبس رسوله إلا من سخطه فانطلقوا فنأتي رسول الله صلى الله عليه
و سلم وبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم الوليد بن عقبة إلىالحارث ليقبض ما كان
عنده مما جمع من الزكاة فلما أن سار الوليد حتى بلغ بعض الطريق فرق فرجع فأتى رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقال : إن الحارث منعني الزكاة وأراد قتلي فضرب رسول
الله صلى الله عليه و سلم البعث إلى الحارث فأقبل الحارث بأصحابه حتى إذا استقبل
البعث وفصل عن المدينة لقيهم الحارث فقالوا : هذا الحارث فلما غشيهم قال لهم : إلى
من بعثتم ؟ قالوا : إليك قال : ولم ؟ قالوا : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم
بعث إليك الوليد بن عقبة فزعم أنك منعته الزكاة وأردت قتله
قال : لا
(7/555)
والذي
بعث محمدا بالحق ما رأيته ولا أتاني فما دخل الحارث على رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : منعت الزكاة وأردت قتل رسولي ؟ قال : لا والذي بعثك بالحق ما رأيته ولا
رآني وما أقبلت إلا حين احتبس علي رسول رسول الله صلى الله عليه و سلم خشيت أن
تكون كانت سخطة من الله ورسوله فنزل يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ
فتبينوا إلى قوله حكيم
وأخرج الطبراني وابن منده وابن مردويه عن علقمة بن ناجية قال : بعث إلينا رسول
الله صلى الله عليه و سلم الوليد بن عقبة بن أبي معيط يصدق أموالنا فسار حتى إذا
كان قريبا منا وذلك بعد وقعة المريسيع رجع فركبت في أثره فأتى النبي صلى الله عليه
و سلم فقال : يا رسول الله أتيت قوما في جاهليتهم أخذوا اللباس ومنعوا الصدقة فلم
يغير ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى أنزلت الآية يا أيها الذين آمنوا إن
جاءكم فاسق بنبأ فأتى المصطلقون إلى النبي صلى الله عليه و سلم أثر الوليد بطائفة
من صدقاتهم
وأخرج الطبراني في الأوسط عن جابر بن عبد الله قال : بعث رسول الله صلى الله عليه
و سلم الوليد بن عقبة إلى بني وكيعة وكانت بينهم شحناء في الجاهلية فلما بلغ بني
وكيعة استقبلوه لينظروا ما في نفسه فخشي القوم فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه و
سلم فقال : إن بني وكيعة أرادوا قتلي ومنعوني الصدقة فلما بلغ بني وكيعة الذي قال
الوليد أتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا رسول الله لقد كذب الوليد
قال : وأنزل الله في الوليد يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق الآية
وأخرج ابن راهويه وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت
: بعث النبي صلى الله عليه و سلم الوليد بن عقبة إلى بني المصطلق يصدق أموالهم
فسمع بذلك القوم فتلقوه يعظمون أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم فحدثه الشيطان
أنهم يريدون قتله فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : إن بني المصطلق
منعوا صدقاتهم فبلغ القوم رجوعه فأتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا :
نعوذ بالله من سخط الله وسخط رسوله بعثت إلينا رجلا مصدقا فسررنا لذلك وقرت أعيننا
ثم إنه رجع من بعض الطريق فخشينا أن يكون ذلك غضبا من الله ورسوله ونزلت يا أيها
الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ الآية
وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في سننه وابن عساكر عن ابن عباس قال : كان
رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق
(7/556)
ليأخذ
منهم الصدقات وأنه لما أتاهم الخبر فرحوا وخرجوا ليتلقوا رسول رسول الله صلى الله
عليه و سلم وأنه لما حدث الوليد أنهم خرجوا يتلقونه رجع فقال : يا رسول الله إن
بني المصطلق قد منعوني الصدقة
فغضب رسول الله صلى الله عليه و سلم من ذلك غضبا شديدا فبينما هو يحدث نفسه أن
يغزوهم إذ أتاه الوفد فقالوا : يا رسول الله إنا حدثنا أن رسولك رجع من نصف الطريق
وأنا خشينا أن يكون إنما رده كتاب جاءه منك لغضب غضبته علينا فأنزل الله يا أيها
الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ الآية
وأخرج آدم وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد قال : أرسل رسول
الله صلى الله عليه و سلم الوليد بن عقبة بن أبي معيط إلى بني المصطلق ليصدقهم
فتلقوه بالهدنة فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : إن بني المصطلق
جمعوا لك ليقاتلوك فأنزل إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا
أخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال : بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم :
الوليد بن عقبة إلى بني وكيعة وكانت بينهم شحناء في الجاهلية فلما بلغ بني وكيعة
استقبلوه لينظروا ما في نفسه فخشي القوم فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقال : إن بني وكيعة أرادوا قتلي ومنعوني الصدقة
فلما بلغ بني وكيعة الذي قال لهم الوليد عند رسول الله صلى الله عليه و سلم أتوا
رسول الله قالوا : يا رسول الله لقد كذب الوليد ولكن كانت بينه وبيننا شحناء
فخشينا أن يكافئنا بالذي كان بيننا فأنزل الله في الوليد يا أيها الذين آمنوا إن
جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا الآية
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا نبي
الله إن بني فلان - حيا من أحياء العرب - وكان في نفسه عليهم شيء وكانوا حديثي عهد
بالإسلام قد تركوا الصلاة وارتدوا وكفروا بالله
قال : فلم يعجل رسول الله صلى الله عليه و سلم ودعا خالد بن الوليد فبعثه إليهم ثم
قال : ارمقهم عند الصلاة فإن كان القوم قد تركوا الصلاة فشأنك بهم وإلا فلا تعجل
عليهم
قال : فدنا منهم عند غروب الشمس فكمن حيث يسمع الصلاة فرمقهم فإذا هو بالمؤذن قد
قام حين غربت الشمس فأذن ثم أقام الصلاة فصلوا المغرب فقال خالد بن الوليد : ما
أراهم إلا يصلون فلعلهم تركوا غير هذه الصلاة ثم كمن حتى إذا الليل وغاب الشفق أذن
مؤذنهم فصلوا
قال : فلعلهم تركوا صلاة أخرى فكمن حتى إذا كان في جوف الليل فتقدم حتى أظل الخيل
بدورهم فإذا القوم تعلموا شيئا من القرآن فهم
(7/557)
يتهجدون
به من الليل ويقرأونه ثم أتاهم عند الصبح فإذا المؤذن حين طلع الفجر قد أذن ثم
أقام فقاموا فصلوا فلما انصرفوا وأضاء لهم النهار إذا هم بنواصي الخيل في ديارهم
فقالوا : ما هذا ؟ قالوا : هنا خالد بن الوليد وكان رجلا مشنعا فقالوا يا خالد :
ما شأنك ؟ قال : أنتم والله شأني أتي رسول الله صلى الله عليه و سلم فقيل له أنكم
كفرتم بالله وتركتم الصلاة فجعلوا يبكون فقالوا : نعوذ بالله أن نكفر بالله أبدا
قال : فصرف الخيل وردها عنهم حتى أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنزل الله يا
أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما قال الحسن : فوالله
لئن كانت نزلت في هؤلاء القوم خاصة إنها المرسلة إلى يوم القيامة ما نسخها شيء
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث الوليد بن عقبة
إلى بني المصطلق يصدقهم فلم يبلغهم ورجع فقال لرسول الله صلى الله عليه و سلم :
إنهم عصوا فأراد رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يجهز إليهم إذ جاء رجل من بني
المصطلق فقال لرسول الله صلى الله عليه و سلم : سمعنا أنك أرسلت إلينا ففرحنا به
واستبشرنا به وإنه لم يبلغنا رسولك وكذب
فأنزل الله فيه وسماه فاسقا يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ قال
: هو ابن أبي معيط الوليد بن عقبة بعثه نبي الله صلى الله عليه و سلم إلى بني
المصطلق مصدقا فلما أبصروه أقبلوا نحوه فهابهم فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه و
سلم فأخبره أنهم قد ارتدوا عن الإسلام فبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم خالد بن
الوليد وأمره بأن تثبت ولا تعجل فانطلق حتى أتاهم ليلا فبعث عيونه فلما جاءهم
أخبروه أنهم متمسكون بالإسلام وسمع أذانهم وصلاتهم فلما أصبحوا أتاهم خالد فرأى ما
يعجبه فرجع إلى نبي الله صلى الله عليه و سلم وأخبره الخبر فأنزل الله في ذلك
القرآن فكان نبي الله صلى الله عليه و سلم يقول : " التأني من الله والعجلة
من الشيطان "
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله إن جاءكم فاسق بنبأ الآية قال : إذا جاءك
فحدثك أن فلانا إن فلانة يعملون كذا وكذا من مساوىء الأعمال فلا تصدقه
أما قوله تعالى : واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم
(7/558)
أخرج
عبد بن حميد والترمذي وصححه وابن مردويه عن أبي نضرة قال : قرأ أبو سعيد الخدري
واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم قال : هذا نبيكم يوحى
إليه وخيار أمتكم لو أطاعهم في كثير من الأمر لعنتوا فكيف بكم اليوم ؟ وأخرج ابن
مردويه عن أبي سعيد قال : لما قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم أنكرنا أنفسنا
وكيف لا ننكر أنفسنا والله يقول واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في كثير من
الأمر لعنتم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة واعلموا أن فيكم رسول الله لو يطيعكم في
كثير من الأمر لعنتم قال : هؤلاء أصحاب نبي الله صلى الله عليه و سلم لو أطاعهم
نبي الله في كثير من الأمر لعنتوا فأنتم والله أسخف قلبا وأطيش عقولا
فاتهم رجل رأيه وانتصح كتاب الله فإن كتاب الله ثقة لمن أخذ به وانتهى إليه وإن ما
سوى كتاب الله تغرير
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم يقول :
لأعنت بعضكم بعضا
أما قوله تعالى : ولكن الله حبب إليكم الإيمان
أخرج أحمد والبخاري في الأدب والنسائي والحاكم وصححه عن رفاعة بن رافع الزرقي قال
: لما كان يوم أحد وانكفأ المشركون قال النبي صلى الله عليه و سلم : " استووا
حتى أثني على ربي فصاروا خلفه صفوفا فقال : اللهم لك الحمد كله الله لا قابض لما
بسطت ولا باسط لما قبضت ولا هادي لما أضللت ولا مضل لما هديت ولا معطي لما منعت
ولا مانع لما أعطيت ولا مقرب لما بعدت ولا مباعد لما قربت اللهم ابسط علينا من
بركاتك ورحمتك وفضلك اللهم إني أسألك النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول اللهم
إني أسألك النعيم يوم العيلة والأمن يوم الخوف اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا
وشر ما منعتنا اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق
والعصيان واجعلنا من الراشدين اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين وألحقنا بالصالحين
غير خزايا ولا مفتونين اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسلك ويصدون عن سبيلك واجعل
عليهم رجزك وعذابك اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب يا إله الحق "
(7/559)
الآيات
9 - 10 أخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في
سننه عن أنس قال : قيل للنبي صلى الله عليه و سلم : لو أتيت عبد الله بن أبي
فانطلق وركب حمارا وانطلق المسلمون يمشون وهي أرض سبخة فلما انطلق إليهم قال :
إليك عني فوالله لقد آذاني ريح حمارك فقال رجل من الأنصار : والله لحمار رسول الله
صلى الله عليه و سلم أطيب ريحا منك فغضب لعبد الله رجال من قومه فغضب لكل منهما
أصحابه فكان بينهم ضرب بالجريد والأيدي والنعال فأنزل فيهم وإن طائفتان من
المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن أبي مالك قال : تلاحى رجلان من
المسلمين فغضب قوم هذا لهذا وهذا لهذا فاقتتلوا بالأيدي والنعال فأنزل الله : وإن
طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : إن الأوس والخزرج كان
بينهما قتال بالسيف والنعال فأنزل الله وإن طائفتان الآية
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : كانت تكون الخصومة بين الحيين فيدعوهم إلى الحكم
فيأبون أن يجيؤا فأنزل الله وإن طائفتان الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال : ذكر لنا أن هذه الآية
نزلت في رجلين من الأنصار كانت بينهما مماراة في حق بينهما فقال أحدهما للآخر :
لآخذن عنوة - لكثرة عشيرته - وإن الآخر دعاه ليحاكمه إلى النبي صلى الله عليه و
سلم فأبى فلم يزل الأمر حتى تدافعوا وحتى تناول بعضهم بعضا بالأيدي والنعال ولم
يكن قتال بالسيوف
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : كان رجل من الأنصار يقال له عمران
تحته امرأة يقال لها أم زيد وأنها أرادت أن تزور أهلها فحبسها زوجها
(7/560)
وجعلها
في علية له لا يدخل عليها أحد من أهلها وإن المرأة بعثت إلى أهلها فجاء قومها
فأنزلوها لينطلقوا بها وكان الرجل قد خرج فاستعان أهل الرجل فجاء بنو عمه ليحولوا
بين المرأة وبين أهلها فتدافعوا واجتلدوا بالنعال فنزلت فيهم هذه الآية وإن
طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فبعث إليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فأصلح
بينهم وفاؤوا إلى أمر الله
وأخرج الحاكم والبيهقي وصححه عن ابن عمر قال : ما وجدت في نفسي من شيء ما وجدت من
هذه الآية إني لم أقاتل هذه الفئة الباغية كما أمرني الله
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن حبان السلمي قال : سألت ابن عمر عن قوله وإن
طائفتان من المؤمنين اقتتلوا وذلك حين دخل الحجاج الحرم فقال لي : عرفت الباغية من
المبغي عليها فوالذي نفسي بيده لو عرفت المبغية ما سبقتني أنت ولا غيرك إلى نصرها
أفرأيت إن كانت كلتاهما باغيتين فدع القوم يقتتلون على دنياهم وارجع إلى أهلك فإذا
استمرت الجماعة فادخل فيها
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : إن الله أمر
النبي صلى الله عليه و سلم والمؤمنين إذا اقتتلت طائفة من المؤمنين أن يدعوهم إلى
حكم الله وينصف بعضهم من بعض فإن أجابوا حكم فيهم بكتاب الله حتى ينصف المظلوم من
الظالم فمن أبى منهم أن يجيب فهو باغ وحق على إمام المؤمنين والمؤمنين أن يقاتلوهم
حتى يفيئوا إلى أمر الله ويقروا بحكم الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه وإن طائفتان من المؤمنين
اقتتلوا قال : الأوس والخزرج اقتتلوا بينهم بالعصي
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا قال : الطائفة من
الواحد إلى الألف وقال : إنما كانا رجلين اقتتلا
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا
بينهما قال : كان قتالهم بالنعال والعصي فأمرهم أن يصلحوا بينهما
أما قوله تعالى : إن الله يحب المقسطين
أخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن
عمر وعن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " المقسطون عند الله يوم القيامة
على منابر من نور على يمين العرش الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا "
(7/561)
وأخرج
ابن أبي شيبة من وجه آخر عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " إن المقسطين في الدنيا على منابر من لؤلؤ يوم القيامة بين يدي الرحمن
بما أقسطوا في الدنيا "
قوله تعالى : إنما المؤمنون أخوة الآية
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن سيرين رضي الله عنه أنه كان يقرأ إنما
المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم بالياء
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ فأصلحوا بين أخويكم بالياء
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما رأيت مثل ما
رغبت عنه في هذه الآية وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما الآية
وأخرج أحمد عن فهيد بن مطرف الغفاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم سأله سائل إن عدا علي عاد فأمره أن ينهاه ثلاث مرات قال : فإن لم ينته فأمره
بقتاله قال : فكيف بنا ؟ قال : إن قتلك فأنت في الجنة وإن قتلته فهو في النار
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك رضي الله عنه في قوله وإن طائفتان من المؤمنين
اقتتلوا إلى قوله فقاتلوا التي تبغي قال : بالسيف قيل : فما قتلاهم ؟ قال : شهداء
مرزوقين قيل : فما حال الأخرى أهل البغي ؟ قال : من قتل منهم إلى النار
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : " سيكون بعدي أمراء يقتتلون على الملك يقتل بعضهم
بعضا "
الآية 11
(7/562)
أخرج
ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه في قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا يسخر
قوم من قوم قال : نزلت في قوم من بني تميم استهزأوا من بلال وسلمان وعمار وخباب
وصهيب وابن فهيرة وسالم مولى أبي حذيفة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله لا يسخر
قوم من قوم قال : لا يستهزىء قوم بقوم إن يكن رجلا غنيا أو فقيرا ؟ أو يعقل رجل
عليه فلا يستهزىء به
أما قوله تعالى : ولا تلمزوا أنفسكم
أخرج عبد بن حميد والبخاري في الأدب وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة وابن جرير وابن
المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
ولا تلمزوا أنفسكم قال : لا يطعن بعضكم على بعض
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ولا تلمزوا أنفسكم قال : لا يطعن بعضكم على
بعض
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه ولا تلمزوا أنفسكم قال : لا
تطعنوا
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ ولا تلمزوا أنفسكم بنصب التاء
وكسر الميم
وأخرج ابن أبي الدنيا عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ولا تلمزوا أنفسكم قال :
اللمز الغيبة
أما قوله تعالى : ولا تنابزوا بالألقاب
أخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري في الأدب وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة
وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر والبغوي في معجمه وابن حبان والشيرازي في الألقاب
والطبراني وابن السني في عمل اليوم والليلة والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في
شعب الإيمان عن أبي جبيرة بن الضحاك رضي الله عنه قال : فينا نزلت في بني سلمة ولا
تنابزوا بالألقاب قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة وليس فينا
(7/563)
رجل
إلا وله إسمان أو ثلاثة فكان إذا دعا أحدهم باسم من تلك الأسماء قالوا يا رسول
الله إنه يكره هذا الاسم فأنزل الله ولا تنابزوا بالألقاب
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ولا تنابزوا بالألقاب قال :
كان هذا الحي من الأنصار قل رجل منهم إلا وله إسمان أو ثلاثة فربما دعا النبي صلى
الله عليه و سلم الرجل منهم ببعض تلك الأسماء فيقال يا رسول الله إنه يكره هذا
الاسم فأنزل الله ولا تنابزوا بالألقاب
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عطاء ولا تنابزوا بالألقاب قال : أن يسميه بغير
اسم الإسلام يا خنزير يا كلب يا حمار
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ولا تنابزوا بالألقاب قال : التنابز بالألقاب أن يكون
الرجل عمل السيئات ثم تاب منها وراجع الحق فنهى الله أن يعير بما سلف من عمله
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن مسعود ولا تنابزوا بالألقاب قال : أن يقول
إذا كان الرجل يهوديا فأسلم يا يهودي يا نصراني يا مجوسي ويقول للرجل المسلم يا
فاسق
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن في الآية قال : كان اليهودي يسلم فيقال له يا يهودي
فنهوا عن ذلك
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ولا تنابزوا
بالألقاب قال : لا تقل لأخيك المسلم يا فاسق يا منافق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة ولا تنابزوا بالألقاب قال : هو
قول الرجل للرجل يا فاسق يا منافق
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي العالية في الآية قال : هو قول الرجل لصاحبه
يا فاسق يا منافق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ولا تنابزوا بالألقاب قال : يدعى الرجل
بالكفر وهو مسلم
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان قال : أن يقول الرجل
لأخيه يا فاسق
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي بئس الاسم الفسوق بعد
(7/564)
الإيمان
قال : الرجل يكون على دين من هذه الأديان فيسلم فيدعوه بدينه الأول يا يهودي يا
نصراني
وأخرج ابن المنذر عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "
من قال لأخيه كافر فقد باء بها أحدهما إن كان كما قال وإلا رجعت عليه "
الآية 12 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن
عباس في قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن قال : نهى الله
المؤمن أن يظن بالمؤمن سوءا
وأخرج مالك وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وابن المنذر وابن مردويه عن
أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إياكم والظن فإن الظن
أكذب الحديث ولا تجسسوا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله
إخوانا ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى ينكح أو يترك "
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من أساء بأخيه الظن فقد أساء بربه إن
الله يقول اجتنبوا كثيرا من الظن "
وأخرج ابن مردويه عن طلحة بن عبد الله : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول :
" إن الظن يخطىء ويصيب "
وأخرج ابن ماجة عن ابن عمر قال : رأيت النبي صلى الله عليه و سلم يطوف بالكعبة
ويقول : " ما أطيبك وأطيب ريحك ما أعظمك وأعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده
لحرمة المؤمن أعظم عند الله حرمة منك ماله ودمه وأن يظن به إلا خيرا "
وأخرج أحمد في الزهد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لا تظنن بكلمة خرجت من
أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محملا
(7/565)
وأخرج
البيهقي في الشعب عن سعيد بن المسيب قال : كتب إلي بعض إخواني من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه و سلم أن ضع أمر أخيك على أحسنه ما لم يأتك ما يغلبك ولا تظنن بكلمة
خرجت من امرىء مسلم شرا وأنت تجد لها في الخير محملا ومن عرض نفسه للتهم فلا يلومن
إلا نفسه ومن كتم سره كانت الخيرة في يده وما كافأت من عصى الله فيك بمثل أن تطيع
الله فيه وعليك بإخوان الصدق فكن في اكتسابهم فإنهم زينة في الرخاء وعدة عند عظيم
البلاء ولا تهاون بالحق فيهينك الله ولا تسألن عما لم يكن حتى يكون ولا تضع حديثك
إلا عند من يشتهيه وعليك بالصدق وإن قتلك الصدق واعتزل عدوك واحذر صديقك إلا
الأمين ولا أمين إلا من يخشى الله وشاور في أمرك الذين يخشون ربهم بالغيب
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عمر بن الخطاب قال : من تعرض للتهمة فلا
يلومن من أساء به الظن ومن كتم سره كان الخيار إليه ومن أفشاه كان الخيار عليه وضع
أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك ولا تظنن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت
تجد لها في الخير محملا وكن في اكتساب الإخوان فإنهم جنة عند الرخاء وعدة عند
البلاء وآخ الإخوان على قدر التقوى وشاور في أمرك الذين يخافون الله
وأخرج ابن سعد وأحمد في الزهد والبخاري في الأدب عن سلمان قال : إني لأعد العراق
على خادمي مخافة الظن
وأخرج البخاري في الأدب عن أبي العالية قال : كنا نؤمر أن نختم على الخادم ونكيل
ونعدها كراهية أن يتعودوا خلق سوء ويظن أحدنا ظن سوء
وأخرج الطبراني عن حارثة بن النعمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ثلاث لازمات لأمتي : الطيرة والحسد وسوء الظن " فقال رجل ما يذهبهن يا
رسول الله ممن هن فيه ؟ قال : " إذا حسدت فاستغفر الله وإذا ظننت فلا تحقق
وإذا تطيرت فأمض "
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من أساء بأخيه الظن فقد أساء بربه عز و جل إن الله تعالى يقول : اجتنبوا
كثيرا من الظن "
أما قوله تعالى : ولا تجسسوا
(7/566)
أخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله
: ولا تجسسوا قال : نهى الله المؤمن أن يتبع عورات أخيه المؤمن
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد ولا تجسسوا قال : خذوا ما ظهر
لكم ودعوا ما ستر الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : هل تدرون ما التجسس ؟ هو أن تتبع عيب
أخيك فتطلع على سره
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والخرائطي في مكارم الأخلاق عن زرارة بن مصعب بن
عبد الرحمن بن عوف عن المسور بن مخرمة عن عبد الرحمن بن عوف أنه حرس مع عمر بن
الخطاب ليلة المدينة فبينما هم يمشون شب لهم سراج في بيت فانطلقوا يؤمونه فلما
دنوا منه إذا باب مجاف على قوم لهم فيه أصوات مرتفعة ولغط فقال عمر وأخذ بيد عبد
الرحمن بن عوف : أتدري بيت من هذا ؟ قال : هذا بيت ربيعة بن أمية بن خلف وهم الآن
شرب فما ترى ؟ قال : أرى أن قد أتينا ما نهى الله عنه قال الله : ولا تجسسوا فقد
تجسسنا فانصرف عنهم وتركهم
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن الشعبي أن عمر بن الخطاب فقد رجلا من أصحابه
فقال لابن عوف : انطلق بنا إلى منزل فلان فننظر فأتيا منزله فوجدا بابه مفتوحا وهو
جالس وامرأته تصب له في إناء فتناوله إياه فقال عمر لابن عوف : هذا الذي شغله عنا
فقال ابن عوف لعمر وما يدريك ما في الإناء ؟ فقال عمر : إنا نخاف أن يكون هذا
التجسس قال : بل هو التجسس قال : وما التوبة من هذا ؟ قال : لا تعلمه بما أطلعت
عليه من أمره ولا يكونن في نفسك إلا خير ثم انصرفا
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال : أتى عمر بن الخطاب
رجل فقال : إن فلانا لا يصحوا فدخل عليه عمر رضي الله عنه فقال : إني لأجد ريح
شراب يا فلان أنت بهذا فقال الرجل : يا ابن الخطاب وأنت بهذا ألم ينهك الله أن
تتجسس ؟ فعرفها عمر فانطلق وتركه
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود وابن المنذر وابن مردويه
والبيهقي في شعب الإيمان عن زيد بن وهب قال : أتي ابن مسعود رضي الله
(7/567)
عنه
فقيل : هذا فلان تقطر لحيته خمرا فقال عبد الله : إنا قد نهينا عن التجسس ولكن إن
يظهر لنا شيء نأخذ به
وأخرج أبو داود وابن المنذر وابن مردويه عن أبي برزة الأسلمي قال : خطبنا رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقال : " يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان
في قلبه لا تتبعوا عورات المسلمين فإنه من اتبع عورات المسلمين فضحه الله في قعر
بيته "
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن ثور الكندي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان
يعس بالمدينة من الليل فسمع صوت رجل في بيت يتغنى فتسور عليه فوجد عنده امرأة
وعنده خمر فقال : يا عدو الله أظننت أن الله يسترك وأنت على معصيته فقال : وأنت يا
أمير المؤمنين لا تعجل على أن أكون عصيت الله واحدة فقد عصيت الله في ثلاث
قال الله : لا تجسسوا وقد تجسست وقال وأتوا البيوت من أبوابها البقرة 189 وقد
تسورت علي ودخلت علي بغير إذن وقال الله لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا
وتسلموا على أهلها الثور ؟ ؟ 27 قال عمر رضي الله عنه : فهل عندك من خير إن عفوت
عنك ؟ قال : نعم فعفا عنه وخرج وتركه
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : خطبنا رسول الله
صلى الله عليه و سلم حتى أسمع العواتق في الخدر ينادي بأعلى صوته " يا معشر
من آمن بلسانه ولم يخلص الإيمان إلى قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم
فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه في جوف
بيته "
وأخرج ابن مردويه عن بريدة رضي الله عنه قال : صلينا الظهر خلف رسول الله صلى الله
عليه و سلم فلما انفتل أقبل علينا غضبان متنفرا ينادي بصوت يسمع العواتق في جوف
الخدور " يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه لا تذموا المسلمين ولا
تطلبوا عوراتهم فإنه من يطلب عورة أخيه المسلم هتك الله ستره وأبدى عورته ولو كان
في جوف بيته "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " يا معشر من آمن بلسانه ولم يخلص الإيمان إلى قلبه لا تؤذوا المسلمين
ولا تتبعوا
(7/568)
عوراتهم
فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته حتى يخرقها عليه في بطن بيته
"
وأخرج البيهقي عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
من أشاد على مسلم عورته يشينه بها بغير حق شانه الله بها في الخلق يوم القيامة
"
وأخرج الحاكم والترمذي عن جبير بن نفير قال : صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
يوما بالناس صلاة الصبح فلما فرغ أقبل بوجهه على الناس رافعا صوته حتى كاد يسمع من
في الخدور وهو يقول : " يا معشر الذين أسلموا بألسنتهم ولم يدخل الإيمان في
قلوبهم لا تؤذوا المسلمين ولا تعيروهم ولا تتبعوا عثراتهم فإنه من يتبع عثرة أخيه
المسلم يتبع الله عثرته ومن يتبع الله عثرته يفضحه وهو في قعر بيته فقال قائل يا
رسول الله : وهل على المسلمين من ستر ؟ فقال صلى الله عليه و سلم : " ستور
الله على المؤمن أكثر من أن تحصى إن المؤمن ليعمل الذنوب فتهتك عنه ستوره سترا
سترا حتى لا يبقى عليه منها شيء فيقول الله للملائكة استروا على عبدي من الناس فإن
الناس يعيرون ولا يغيرون فتحف به الملائكة بأجنحتها يسترونه من الناس فإن تاب قبل
الله منه ورد عليه ستوره ومع كل ستر تسعة أستار فإن تتابع في الذنوب قالت الملائكة
: ربنا إنه قد غلبنا وأعذرنا فيقول الله استروا عبدي من الناس فإن الناس يعيرون
ولا يغيرون فتحف به الملائكة بأجنحتها يسترونه من الناس فإن تاب قبل الله منه ورد
عليه ستوره ومع كل ستر تسعة أستار فإن تتابع في الذنوب قالت الملائكة " يا
ربنا إنه قد غلبنا وأعذرنا فيقول الله استروا عبدي من الناس فإن الناس يعيرون ولا
يغيرون فتحف به الملائكة بأجنحتها يسترونه من الناس فإن تاب قبل الله منه وإن عاد
قالت الملائكة " ربنا إنه قد غلبنا وأعذرنا فيقول الله للملائكة : تخلو عنه
فلو عمل ذنبا في بيت مظلم في ليلة مظلمة في حجر أبدى الله عنه وعن عورته "
وأخرج الحكيم الترمذي عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : المؤمن في سبعين حجابا
من نور فإذا عمل خطيئة ثم تناساها حتى يعمل أخرى هتك عنه حجاب من تلك الحجب فلا
يزال كلما عمل خطيئة ثم تناساها حتى يعمل أخرى هتك عنه حجاب من تلك الحجب فإذا عمل
كبيرة من الكبائر هتك عنه تلك الحجب كلها إلا حجاب الحياء وهو أعظمها حجابا فإن
تاب تاب الله عليه ورد تلك الحجب كلها فإن عمل خطيئة بعد الكبائر ثم تناساها حتى
يعمل الأخرى قبل أن يتوب
(7/569)
هتك
حجاب الحياء فلم تلقه إلا مقيتا ممقتا فإذا كان مقيتا ممقتا نزعت منه الأمانة فإذا
نزعت منه الأمانة لم تلقه إلا خائنا مخونا فإذا كان خائنا مخونا نزعت منه الرحمة
فإذا نزعت منه الرحمة لم تلقه إلا فظا غليظا فإذا كان فظا غليظا نزعت منه ربقة
الإسلام فإذا نزعت منه ربقة الإسلام لم تلقه إلا لعينا ملعنا شيطانا رجيما
قوله تعالى : ولا يغتب بعضكم بعضا الآية
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في
قوله : ولا يغتب بعضكم بعضا الآية قال : حرم الله أن يغتاب المؤمن بشيء كما حرم
الميتة
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : ولا يغتب بعضكم بعضا الآية قال : زعموا
أنها نزلت في سلمان الفارسي أكل ثم رقد فنفخ فذكر رجلان أكله ورقاده فنزلت
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي أن سلمان الفارسي كان مع رجلين في سفر يخدمهما وينال
من طعامهما وأن سلمان نام يوما فطلبه صاحباه فلم يجداه فضربا الخباء وقالا : ما
يريد سلمان شيئا غير هذا أن يجيء إلى طعام معدود وخباء مضروب فلما جاء سلمان
أرسلاه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يطلب لهما إداما فانطلق فأتاه فقال : يا
رسول الله بعثني أصحابي لتؤدمهم إن كان عندك قال : ما يصنع أصحابك بالأدم قد ائتدموا
؟ فرجع سلمان فخبرهما فانطلقا فأتيا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالا : والذي
بعثك بالحق ما أصبنا طعاما منذ نزلنا
قال : إنكما قد ائتدمتما سلمان بقولكما فنزلت أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله ولا يغتب بعضكم بعضا الآية قال : نزلت هذه
الآية في رجل كان يخدم النبي صلى الله عليه و سلم أرسل بعض الصحابة إليه يطلب منه
إداما فمنع فقالوا له : إنه لبخيل وخيم فنزلت في ذلك
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله ولا يغتب بعضكم بعضا قال : أن يقول للرجل من
خلفه هو كذا يسيء الثناء عليه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ولا يغتب بعضكم بعضا قال : ذكر لنا أن
الغيبة أن تذكر أخاك بما يشينه وتعيبه بما فيه فإن أنت كذبت
(7/570)
عليه
فذاك البهتان يقول كما أنت كاره لو وجدت جيفة مدودة أن تأكل منها فكذلك فأكره
لحمها وهو حي
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر
وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قيل يا رسول الله : ما الغيبة ؟ قال " ذكرك
أخاك بما يكره " قال يا رسول الله : أرأيت إن كان في أخي ما أقول ؟ قال :
" إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته "
وأخرج عبد بن حميد والخرائطي في مساوىء الأخلاق عن المطلب بن حنطب قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " إن الغيبة أن تذكر المرء بما فيه فقال إنما كنا
نرى أن نذكره بما ليس فيه ذاك البهتان "
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أن امرأة دخلت على النبي صلى الله عليه و سلم ثم خرجت
فقالت عائشة يا رسول الله : ما أجملها وأحسنها لولا أن بها قصرا فقال لها النبي
صلى الله عليه و سلم : اغتبتيها يا عائشة فقالت يا رسول الله : إنما قلت شيئا هو
بها
فقال يا عائشة إذا قلت شيئا بها فهي غيبة وإذا قلت ما ليس بها فقد بهتها
وأخرج عبد بن حميد عن عون بن عبد الله قال : إذا قلت للرجل بما فيه فقد اغتبته
وإذا قلت ما ليس فيه فقد بهته
وأخرج عبد بن حميد عن معاوية بن قرة قال : لو مر بك أقطع فقلت : هذا الأقطع كانت
غيبة
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن سيرين أنه ذكر عنده رجل فقال : ذاك الأسود قال :
أستغفر الله أراني قد اغتبته
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا قالوا :
نكره ذلك
قال : فاتقوا الله
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة والخرائطي في مساوىء الأخلاق وابن مردويه
والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة قالت : لا يغتب بعضكم بعضا فإني كنت عند رسول
الله صلى الله عليه و سلم فمرت امرأة طويلة الذيل فقلت يا رسول الله : إنها
الطويلة الذيل فقال النبي صلى الله عليه و سلم : الفظي فلفظت بضعة لحم
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه و سلم أنه لحق
قوما فقال لهم : تخللوا فقال القوم " والله يا نبي الله ما طعمنا اليوم طعاما
فقال النبي
(7/571)
صلى
الله عليه و سلم " والله إني لأرى لحم فلان بين ثناياكم وكانوا قد اغتابوه
وأخرج الضياء المقدسي في المختارة عن أنس قال : كانت العرب يخدم بعضها بعضا في
الأسفار وكان مع أبي بكر وعمر رجل يخدمها فناما فاستيقظا ولم يهيء لهما طعاما
فقالا إن هذا لنؤوم فأيقظاه فقالا : ائت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقل له :
إن أبا بكر وعمر يقرئانك السلام ويستأذناك فقال : إنهما ائتدما فجاءاه فقالا يا
رسول الله : بأي شيء ائتدمنا ؟ قال : بلحم أخيكما والذي نفسي بيده إني لأرى لحمه
بين ثناياكما فقالا : استغفر لنا يا رسول الله
قال : مراه فليسغفر لكما
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن يحيى بن أبي كثير أن نبي الله صلى الله
عليه و سلم كان في سفر ومعه أبو بكر وعمر فأرسلوا إلى رسول الله صلى الله عليه و
سلم يسألونه لحما فقال : أو ليس قد ظللتم من اللحم شباعا ؟ قالوا : من أين فوالله
ما لنا باللحم عهد منذ أيام فقال : من لحم صاحبكم الذي ذكرتم
قالوا يا نبي الله : إنما قلنا إنه لضعيف ما يعيننا على شيء
قال : ذلك فلا تقولوا ؟ فرجع إليهم الرجل فأخبرهم بالذي قال فجاء أبو بكر فقال يا
نبي الله طاعلي صماخي واستغفر لي ففعل وجاء عمر فقال : يا نبي الله طاعلي صماخي
واستغفر لي ففعل
وأخرج أبو يعلى وابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " من أكل لحم أخيه في الدنيا قرب له لحمه في الآخرة فيقال
له كله ميتا كما أكلته حيا فإنه ليأكله ويكلح ويصيح "
وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا وابن مردويه عن عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه و
سلم أن امرأتين صامتا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فجلست إحداهما إلى
الأخرى فجعلتا يأكلان لحوم الناس فجاء منهما رسول النبي صلى الله عليه و سلم فقال
يا رسول الله : إن ههنا امرأتين صامتا وقد كادتا أن تموتا فقال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : ائتوني بهما فجاءتا فدعا بعس أو قدح فقال لإحداهما قيئي فقاءت من قيح
ودم وصديد حتى قاءت نصف القدح وقال للأخرى قيئي فقاءت من قيح ودم وصديد حتى ملأت
القدح فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن هاتين صامتا عما أحل الله
لهما وأفطرتا على ما حرم الله عليهما جلست إحداهما إلى الأخرى فجعلتا يأكلان لحوم
الناس "
وأخرج ابن مردويه عن أم سلمة أنها سألت عن الغيبة فأخبرت أنها أصبحت يوم الجمعة
وغدا رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الصلاة وأتتها جارة لها من نساء الأنصار
فاغتابتا
(7/572)
وضحكتا
برجال ونساء فلم يبرحا على حديثهما من الغيبة حتى أقبل النبي صلى الله عليه و سلم
منصرفا من الصلاة فلما سمعتا صوته سكتتا فلما قام بباب البيت ألقى طرف ردائه على
أنفه ثم قال : أف أخرجا فاستقيئا ثم طهرا بالماء فخرجت أم سلمة فقاءت لحما كثيرا
قد أحيل فلما رأت كثرة اللحم تذكرت أحدث لحم أكلته فوجدته في أول جمعتين مضتا
فسألها عما قاءت فأخبرته فقال : ذاك لحم ظللت تأكلينه فلا تعودي أنت ولا صاحبتك
فيما ظللتما فيه من الغيبة وأخبرتها صاحبتها أنها قاءت مثل الذي قاءت من اللحم
وأخرج ابن مردويه عن أبي مالك الأشعري عن كعب بن عاصم أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم قال : " المؤمن حرام على المؤمن لحمه عليه حرام أن يأكله ويغتابه
بالغيب وعرضه عليه حرام أن يخرقه ووجهه عليه حرام أن يلطمه "
وأخرج عبد الرزاق والبخاري في الأدب وأبو يعلى وابن المنذر والبيهقي في شعب
الإيمان بسند صحيح عن أبي هريرة أن ماعزا لما رجم سمع النبي صلى الله عليه و سلم
رجلين يقول أحدهما لصاحبه : ألم تر إلى هذا الذي ستر الله عليه فلم تدعه نفسه حتى
رجم رجم الكلب فسار النبي صلى الله عليه و سلم ثم مر بجيفة حمار فقال : أين فلان
وفلان انزلا فكلا من جيفة هذا الحمار فقالا : وهل يؤكل هذا ؟ قال : فإنا أكلتكما
من أخيكما آنفا أشد أكلا منه والذي نفسي بيده إنه الآن لفي أنهار الجنة ينغمس فيها
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والبخاري في الأدب والخرائطي عن عمرو بن العاص
أنه مر على بغل ميت وهو في نفر من أصحابه فقال : والله لأن يأكل أحدكم من هذا حتى
يملأ بطنه خير له من أن يأكل من لحم رجل مسلم
وأخرج البخاري في الأدب وابن أبي الدنيا عن جابر بن عبد الله قال : كنا مع رسول
الله صلى الله عليه و سلم فأتى على قبرين يعذب صاحباهما فقال : إنهما لا يعذبان في
كبير وبكى أما أحدهما فكان يغتاب الناس وأما الآخر فكان لا ؟ يتأذى من البول فدعا
بجريدة رطبة فكسرها ثم أمر بكل كسرة فغرست على قبر فقال : أما إنه سيهون من عذابهما
ما كان رطبتين
وأخرج البخاري في الأدب عن ابن مسعود قال : من أغتيب عنده مؤمن فنصره جزاه الله
بها خيرا في الدنيا والآخرة ومن أغتيب عنده فلم ينصره جزاه الله بها في
(7/573)
الدنيا
والآخرة شرا وما التقم أحد لقمة شرا من اغتياب مؤمن إن قال فيه ما يعلم فقد إغتابه
ومن قال فيه ما لا يعلم فقد بهته
وأخرج أحمد عن جابر بن عبد الله قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم
فارتفعت ريح جيفة منتنة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أتدرون ما
هذه الريح هذه ريح الذين يغتابون الناس "
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
إذا وقع في الرجل وأنت في ملأ فكن للرجل ناصرا وللقوم زاجرا وقم عنهم ثم تلا هذه
الآية أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه "
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن
الربا نيف وسبعون بابا أهونهن بابا مثل من نكح أمه في الإسلام ودرهم الربا أشد من
خمس وثلاثين زنية وأشر الربا وأربى وأخبث الربا انتهاك عرض المسلم وانتهاك حرمته
"
وأخرج أحمد وأبو داود والبيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت : من
هؤلاء يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم "
وأخرج أحمد وأبو داود والبيهقي وأبو يعلى والطبراني والحاكم عن المستورد أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : " من أكل برجل مسلم أكلة فإن الله يطعمه
مثلها من جهنم ومن كسي برجل مسلم ثوبا فإن الله يكسوه مثله من جهنم ومن قام برجل
مقام سمعة أو رياء فإن الله يقوم به مقام سمعة ورياء يوم القيامة "
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أنس " أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر أن
يصوموا يوما ولا يفطرن أحد حتى آذن له فصام الناس فلما أمسوا جعل الرجل يجيء إلى
رسول الله صلى الله عليه و سلم فيقول : ظللت منذ اليوم صائما فأذن لي فلأفطرن
فيأذن له حتى جاء رجل فقال يا رسول الله إن فتاتين من أهلك ظلتا منذ اليوم صائمتين
فأذن لهما فليفطرا فأعرض عنه ثم أعاد عليه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
ما صامتا وكيف صام من ظل يأكل لحوم الناس اذهب فمرهما إن كانتا صائمتين أن يستقيئا
ففعلتا فقاءت كل واحدة منهما علقمة فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : لو صامتا وبقي فيهما لأكلتهما النار "
(7/574)
وأخرج
البيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت : لا يتوضأ أحدكم من الكلمة الخبيثة يقولها
لأخيه ويتوضأ من الطعام الحلال
وأخرج البيهقي عن ابن عباس وعائشة رضي الله عنهما قالا : الحدث حدثان حدث من فيك
وحدث من نومك وحدث الفم أشد الكذب والغيبة
وأخرج البيهقي عن إبراهيم قال : الوضوء من الحدث وأذى المسلم
وأخرج الخرائطي في مساوىء الأخلاق والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما " أن
رجلين صليا صلاة الظهر أو العصر وكانا صائمين فلما قضى النبي صلى الله عليه و سلم
الصلاة قال : أعيدا وضوءكما وصلاتكما وأمضيا في صومكما واقضيا يوما آخر مكانه قالا
: لم يا رسول الله ؟ قال : قد اغتبتما فلانا "
وأخرج الخرائطي وابن مردويه والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت : " أقبلت
امرأة قصيرة والنبي صلى الله عليه و سلم جالس قالت : فأشرت بإبهامي إلى النبي صلى
الله عليه و سلم فقال النبي صلى الله عليه و سلم : لقد اغتبتها "
وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه " أن رجلا
قام من عند النبي صلى الله عليه و سلم فرؤي في مقامه عجز فقال بعضهم : ما أعجز
فلانا : فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : قد أكلتم الرجل واغتبتموه "
وأخرج البيهقي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : " ذكر رجل عند النبي صلى
الله عليه و سلم فقالوا : ما أعجز ! فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اغتبتم
الرجل قالوا يا رسول الله : قلنا ما فيه قال : لو قلتم ما ليس فيه فقد بهتموه
"
وأخرج ابن جرير عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : " كنا عند رسول الله صلى
الله عليه و سلم فذكر القوم رجلا فقالوا : ما يأكل إلا ما أطعم ولا يرحل إلا ما
رحل له وما أضعفه ! فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اغتبتم أخاكم
قالوا يا رسول الله : وغيبة بما يحدث فيه ؟ فقال : بحسبكم أن تحدثوا عن أخيكم بما
فيه "
وأخرج أبو داود والدارقطني في الأفراد والخرائطي والطبراني والحاكم وأبو نعيم
والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره ومن مات وعليه
دين فليس بالدينار والدرهم ولكنها الحسنات ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في
(7/575)
سخط
الله حتى ينزع ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما
قال وليس بخارج "
وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" اذكروا الله فإن العبد إذا قال سبحان الله وبحمده كتب الله له بها عشرا ومن
عشر إلى مائة ومن مائة إلى ألف ومن زاد زاده الله ومن استغفر غفر الله له ومن حالت
شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره ومن أعان على خصومة بغير علم فقد
باء بسخط من الله ومن قذف مؤمنا أو مؤمنة حبسه الله في ردغة الخبال حتى يأتي
بالمخرج ومن مات وعليه دين اقتص من حسناته ليس ؟ ؟ ثم دينار ولا درهم "
وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ما من رجل يرمي رجلا بكلمة تشينه إلا حبسه الله يوم القيامة في طينة الخبال
حتى يأتي منها بالمخرج "
وأخرج البيهقي عن الأوزاعي قال : بلغني أنه يقال للعبد يوم القيامة : قم فخذ حقك
من فلان فيقول : ما لي قبله حق فيقال : بلى ذكرك يوم كذا وكذا بكذا وكذا
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما قالا :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " الغيبة أشد من الزنا قالوا يا رسول
الله : وكيف الغيبة أشد من الزنا ؟ قال : إن الرجل ليزني فيتوب فيتوب الله عليه
وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفرها له صاحبه "
وأخرج البيهقي عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
الغيبة أشد من الزنا فإن صاحب الزنا يتوب وصاحب الغيبة ليس له توبة "
وأخرج البيهقي من طريق غياث بن كلوب الكوفي عن مطرف عن سمرة بن جندب عن أبيه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الله يبغض البيت اللحم "
فسألت مطرفا ما يعني باللحم ؟ قال : الذي يغتاب فيه الناس
وبإسناده عن أبيه قال : مر رسول الله صلى الله عليه و سلم على رجل بين يدي حجام
وذلك في رمضان وهما يغتابان رجلا فقال : أفطر الحاجم والمحجوم
قال البيهقي : غياث هذا مجهول
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " إن أربى الربا إستطالة المرء في عرض أخيه "
(7/576)
وأخرج
البيهقي عن عبد الله بن المبارك قال : إذا إغتاب رجل رجلا فلا يخبره به ولكن
يستغفر الله
وأخرج البيهقي بسند ضعيف عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " كفارة الغيبة أن تستغفر لمن اغتبته "
وأخرج البيهقي في الشعب عن شعبة قال : الشكاية والتحذير ليسا من الغيبة
وأخرج البيهقي عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه قال : ثلاثة ليست لهم غيبة الإمام
الجائر والفاسق المعلن بفسقه والمبتدع الذي يدعو الناس إلى بدعته
وأخرج البيهقي عن الحسن رضي الله عنه قال : ليس لأهل البدع غيبة
وأخرج البيهقي عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال : إنما الغيبة لمن لم يعلن
بالمعاصي
وأخرج البيهقي وضعفه عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له "
وأخرج البيهقي وضعفه من طريق بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " أترعون عن ذكر الفاجر ؟ أذكروه بما فيه كي يعرفه الناس
ويحذره الناس "
وأخرج البيهقي عن الحسن البصري قال : ثلاثة ليس لهم حرمة في الغيبة : فاسق معلن
الفسق والأمير الجائر وصاحب البدعة المعلن البدعة
وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" يجاء بالعبد يوم القيامة فتوضع حسناته في كفة وسيئاته في كفة فترجح السيئات
فتجيء بطاقة فتوضع في كفه الحسنات فترجح بها فيقول يا رب ما هذه البطاقة ؟ فما من
عمل عملته في ليلي ونهاري إلا وقد استقبلت به فقيل : هذا ما قيل فيك وأنت منه بريء
فينجو بذلك "
وأخرج الحكيم الترمذي عن علي بن أبي طالب قال : البهتان على البريء أثقل من
السموات
الآية 13
(7/577)
أخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن ابن أبي مليكة قال : لما كان يوم
الفتح رقي بلال فأذن على الكعبة فقال بعض الناس : هذا العبد الأسود يؤذن على ظهر
الكعبة وقال بعضهم : إن يسخط الله هذا يغيره فنزلت يا أيها الناس إنا خلقناكم من
ذكر وأنثى الآية
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج وابن مردويه والبيهقي في سننه عن الزهري قال : أمر
رسول الله صلى الله عليه و سلم بني بياضة أن يزوجوا أبا هند امرأة منهم فقالوا :
يا رسول الله أتزوج بناتنا موالينا ؟ فأنزل الله يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر
وأنثى الآية قال الزهري : نزلت في أبي هند خاصة
قال : وكان أبو هند حجام النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن مردويه من طريق الزهري عن عروة عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " أنكحوا أبا هند وانكحوا إليه " قالت : ونزلت يا أيها
الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال : ما خلق الله الولد إلا من نطفة الرجل
والمرأة جميعا وذلك أن الله يقول : إنا خلقناكم من ذكر وأنثى
وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب أن هذه الآية في الحجرات إنا خلقناكم من ذكر
وأنثى هي مكية وهي للعرب خاصة الموالي أي قبيلة لهم وأي شعاب وقوله إن أكرمكم عند
الله أتقاكم قال : أتقاكم للشرك
وأخرج البخاري وابن جرير عن ابن عباس وجعلناكم شعوبا وقبائل قال : الشعوب القبائل
العظام والقبائل البطون
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الشعوب الجماع والقبائل
الأفخاذ التي يتعارفون بها
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عباس وجعلناكم شعوبا وقبائل قال : القبائل
الأفخاذ والشعوب الجمهور مثل مضر
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وجعلناكم شعوبا وقبائل قال :
الشعب هو النسب البعيد والقبائل كما سمعته يقول فلان من بني فلان
(7/578)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد وجعلناكم شعوبا قال : النسب البعيد وقبائل قال :
دون ذلك جعلنا هذا لتعرفوا فلان بن فلان من كذا وكذا
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال : القبائل رؤوس القبائل والشعوب الفصائل والأفخاذ
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه
والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر " أن النبي صلى الله عليه و سلم طاف يوم
الفتح على راحلته يستلم الأركان بمحجنة فلما خرج لم يجد مناخا فنزل على أيدي
الرجال فخطبهم فحمد الله وأثنى عليه وقال : الحمد لله الذي أذهب عنكم عيبة الجاهلية
وتكبرها بآبائها الناس رجلان بر تقي كريم على الله وفاجر شقي هين على الله والناس
بنو آدم وخلق الله آدم من تراب
قال الله يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى إلى قوله خبير ثم قال : أقول
قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم "
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن جابر بن عبد الله قال : خطبنا رسول الله صلى الله
عليه و سلم في وسط أيام التشريق خطبة الوداع فقال : " يا أيها الناس ألا إن
ربكم واحد ألا إن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا
لأسود على أحمر ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى إن أكرمكم عند الله أتقاكم ألا هل
بلغت ؟ قالوا : بلى يا رسول الله
قال : فليبلغ الشاهد الغائب "
وأخرج البيهقي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن
الله أذهب نخوة الجاهلية وتكبرها بآبائها كلكم لآدم وحواء كطف الصاع بالصاع وأن
أكرمكم عند الله أتقاكم فمن أتاكم ترضون دينه وأمانته فزوجوه "
وأخرج أحمد وابن جرير وابن مردويه والبيهقي عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : إن أنسابكم هذه ليست بمسيئة على أحد كلكم بنو آدم طف الصاع لم
تملؤوه ليس لأحد على أحد فضل إلا بدين وتقوى إن الله لا يسألكم عن أحسابكم ولا عن
أنسابكم يوم القيامة أكرمكم عند الله أتقاكم "
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " إن الله يقول يوم القيامة أمرتكم فضيعتم ما عهدت إليكم ورفعتم
أنسابكم
(7/579)
فاليوم
أرفع نسبي وأضع أنسابكم أين المتقون ؟ أين المتقون ؟ إن أكرمكم عند الله أتقاكم
"
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" يقول الله يوم القيامة : أيها الناس إني جعلت نسبا وجعلتم نسبا فجعلت
أكرمكم عند الله أتقاكم فأبيتم إلا أن تقولوا فلان أكرم من فلان وفلان أكرم من
فلان وإني اليوم أرفع نسبي وأضع نسبكم ألا أن أوليائي المتقون "
وأخرج الخطيب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه و
سلم : " إذا كان يوم القيامة أوقف العباد بين يدي الله تعالى غرلا بهما فيقول
الله : عبادي أمرتكم فضيعتم أمري ورفعتم أنسابكم فتفاخرتم بها اليوم أضع أنسابكم
أنا الملك الديان أين المتقون ؟ أين المتقون ؟ إن أكرمكم عند الله أتقاكم "
وأخرج ابن مردويه عن سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" الناس كلهم بنو آدم وآدم خلق من التراب ولا فضل لعربي على عجمي ولا عجمي
على عربي ولا أحمر على أبيض ولا أبيض على أحمر إلا بالتقوى "
وأخرج الطبراني عن حبيب بن خراش القصري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : " المسلمون إخوة لا فضل لأحد على أحد إلا بالتقوى "
وأخرج أحمد عن رجل من بني سليط قال : أتيت النبي صلى الله عليه و سلم فسمعته يقول
: " المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله التقوى ههنا وقال بيده إلى صدره
وما تواد رجلان في الله فيفرق بينهما إلا حدث يحدث أحدهما والمحدث شر والمحدث شر
والمحدث شر "
وأخرج البخاري والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله
عليه و سلم : أي الناس أكرم ؟ قال : " أكرمهم عند الله أتقاهم قالوا : ليس عن
هذا نسألك قال : فأكرم الناس يوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل
الله قالوا : ليس عن هذا نسألك
قال : فعن معادن العرب تسألوني ؟ قالوا : نعم
قال : خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا "
وأخرج أحمد عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال له : "
أنظر فإنك لست بخير من أحمر ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى "
وأخرج البخاري في الأدب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا أرى أحدا
(7/580)
يعمل
بهذه الآية يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى حتى بلغ إن أكرمكم عند الله
أتقاكم فيقول الرجل للرجل أنا أكرم منك فليس أحد أكرم من أحد إلا بتقوى الله
وأخرج البخاري في الأدب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما تعدون الكرم وقد بين
الله الكرم وأكرمكم عند الله أتقاكم وما تعدون الحسب أفضلكم حسبا أحسنكم خلقا
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن درة بنت أبي لهب قالت : قام رجل إلى النبي صلى الله
عليه و سلم وهو على المنبر فقال : يا رسول الله أي الناس خير ؟ فقال : " خير
الناس أقرؤهم وأتقاهم لله عز و جل وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأوصلهم
للرحم "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والطبراني والدارقطني والحاكم وصححه عن
سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " الحسب المال
والكرم التقوى "
وأخرج أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما أعجب رسول الله صلى الله عليه و سلم
شيء من الدنيا ولا أعجبه أحد قط إلا ذو تقوى
وأخرج الحكيم الترمذي عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " من اتقى الله أهاب الله منه كل شيء ومن لم يتق الله
أهابه الله من كل شيء "
وأخرج الحكيم الترمذي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : " الحياء زينة والتقى كرم وخير المركب الصبر وانتظار الفرج
من الله عبادة "
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إذا أراد الله بعبده خيرا جعل غناه في نفسه وتقاه في قلبه
وإذا أراد الله بعبده شرا جعل فقره بين عينيه "
وأخرج ابن الضريس في فضائل القرآن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : جاء رجل
إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : أوصني فقال : " عليك بتقوى الله فإنها
جماع كل خير وعليك بالجهاد فإنه رهبانية المسلمين وعليك بذكر الله وتلاوة
(7/581)
كتاب
الله فإنه نور لك في الأرض وذكر لك في السماء وأخزن لسانك إلا من خير فإنك بذلك
تغلب الشيطان "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي نضرة رضي الله عنه أن رجلا رأى أنه دخل الجنة فرأى
مملوكه فوقه مثل الكوكب فقال والله يا رب إن هذا لمملوكي في الدنيا فما أنزله هذه
المنزلة ؟ قال : هذا كان أحسن عملا منك
وأخرج الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : تعلموا من أنسابكم ما تصلون به
ارحامكم فإن صلة الرحم محبة في الأهل مثراة في المال منسأة في الأثر
وأخرج البزار عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" كلكم بنو آدم وآدم خلق من تراب ولينتهين قوم يفخرون بآبائهم أو ليكونن أهون
على الله من الجعلان "
وأخرج أحمد عن أبي ريحانة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" من انتسب إلى تسعة آباء كفار يريد بهم عزا وكبرا فهو عاشرهم في النار
"
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " أربع من الجاهلية لا تتركهن أمتي : الفخر
بالأحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " إثنتان في الناس هما بهما كفر : النياحة والطعن في الأنساب "
الآية 14 أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله
قالت الأعراب آمنا قال : أعراب بني أسد بن خزيمة وفي قوله ولكن قولوا أسلمنا قال :
استسلمنا مخافة القتل والسبي
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله قالت الأعراب آمنا قال : نزلت في
بني أسد
(7/582)
وأخرج
عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قالت الأعراب آمنا الآية
قال : لم تعم هذه الآية الأعراب ولكنها الطوائف من الأعراب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا قال : لعمري
ما عمت هذه الآية الأعراب إن من الأعراب لم يؤمن بالله واليوم الآخر ولكن إنما
أنزلت في حي من أحياء العرب منوا بالإسلام على النبي صلى الله عليه و سلم وقالوا
أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان فقال الله لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما
يدخل الإيمان في قلوبكم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن داود بن أبي هند أنه سئل عن الإيمان فتلا هذه
الآية قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا قال : الإسلام الإقرار
والإيمان التصديق
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الزهري في الآية قال : ترى أن الإسلام الكلمة
والإيمان العمل
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن مردويه عن
سعد بن أبي وقاص أن نفرا أتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فأعطاهم إلا رجلا
منهم فقلت : يا رسول الله : أعطيتهم وتركت فلانا والله إني لأراه مؤمنا فقال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : أو مسلم ذلك ثلاثا
وأخرج ابن قانع وابن مردويه من طريق الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قسم قسما فأعطى أناسا ومنع آخرين فقلت يا رسول الله : أعطيت
فلانا وفلانا ومنعت فلانا وهو مؤمن فقال : لا تقل مؤمن ولكن قل مسلم
وقال الزهري قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا
وأخرج ابن ماجة وابن مردويه والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " الإيمان معرفة
بالقلب وإقرار باللسان وعمل بالأركان "
وأخرج أحمد وابن مردويه عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " الإسلام
علانية والإيمان في القلب ثم يشير بيده إلى صدره ثلاث مرات ويقول : التقوى ههنا
التقوى ههنا "
(7/583)
وأخرج
ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا الآية قال :
وذلك أنهم أرادوا أن يتسموا باسم الهجرة ولا يتسموا بأسمائهم التي سماهم الله وكان
هذا أول الهجرة قبل أن تترك المواريث لهم
قوله تعالى : وإن تطيعوا الله ورسوله الآية
أخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ لا يلتكم بغير ألف ولا همزة مكسورة اللام
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن
شهر رمضان فرض عليكم صيامه والصلاة بالليل بعد الفريضة نافلة لكم والله لا يلتكم
من أعمالكم شيئا "
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله لا يلتكم قال : لا يظلمكم
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد لا يلتكم لا ينقصكم
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله لا يالتكم ؟
قال : لا ينقصكم بلغة بني عبس
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول الحطيئة العبسي ؟ أبلغ سراة
بني سعد مغلغلة جهد الرسالة لا ألتا ولا كذبا وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن
قتادة لا يالتكم ؟ لا يظلمكم من أعمالكم شيئا إن الله غفور رحيم قال : غفور للذنب
الكبير رحيم بعباده
الآيات 15 - 16 أخرج أحمد والحكيم الترمذي عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : المؤمنون في الدنيا على ثلاثة أجزاء : الذين آمنوا بالله ورسوله
ثم لم يرتابوا وجاهدوا
(7/584)
بأموالهم
وأنفسهم في سبيل الله والذي أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم ثم الذي إذا أشرف على
طمع تركه لله
الآيات 17 - 18 أخرج ابن المنذر والطبراني وابن مردويه بسند حسن عن عبد الله بن
أبي أوفى أن أناسا من العرب قالوا يا رسول الله : أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلك بنو
فلان فأنزل الله يمنون عليك أن أسلموا الآية
وأخرج النسائي والبزار وابن مردويه عن ابن عباس قال : جاءت بنو أسد إلى رسول الله
صلى الله عليه و سلم فقالوا يا رسول الله : أسلمنا وقاتلك العرب ولم نقاتلك فنزلت
هذه الآية يمنون عليك أن أسلموا
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه وابن جرير عن سعيد بن
جبير قال : أتى قوم من الأعراب من بني أسد إلى النبي صلى الله عليه و سلم قالوا :
جئناك ولم نقاتلك فأنزل الله يمنون عليك أن أسلموا
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن الحسن قال : لما فتحت مكة جاء ناس فقالوا يا
رسول الله : إنا قد أسلمنا ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان فأنزل الله يمنون عليك
أن أسلموا
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال : قدم عشرة رهط من بني أسد على رسول الله
صلى الله عليه و سلم في أول سنة تسع وفيهم حضرمي بن عامر وضرار بن الأزور ووابصة
بن معبد وقتادة بن القائف وسلمة بن حبيش ونقادة بن عبد الله بن خلف وطلحة بن خويلد
ورسول الله صلى الله عليه و سلم في المسجد مع أصحابه فسلموا وقال متكلمهم : يا
رسول الله إنا شهدنا أن الله وحده لا شريك له وأنك عبده ورسوله وجئناك يا رسول
الله ولم تبعث إلينا بعثا ونحن لمن وراءنا سلم فأنزل الله يمنون عليك أن أسلموا
الآية
(7/585)
وأخرج
الطبراني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أعطاني
ربي السبع الطوال مكان التوراة والمئين مكان الإنجيل وفضلت بالمفصل "
وأخرج ابن الضريس وابن جرير عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" أعطيت السبع مكان التوراة وأعطيت المثاني مكان الإنجيل وأعطيت كذا وكذا
مكان الزبور وفضلت بالمفصل "
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : الطوال مكان التوراة والمئين كالإنجيل والمثاني
كالزبور وسائر القرآن بعد فضل على الكتب
(7/586)
بسم
الله الرحمن الرحيم 50
سورة ق
مكية وآياتها خمس وأربعون
مقدمة سورة ق أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال :
نزلت سورة ق بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : نزلت المفصل بمكة فمكثنا حججا نقرأوه لا ينزل
غيره
وأخرج ابن أبي داود وابن عساكر عن عثمان بن عفان أنها لما ضربت يده قال : والله
إنها لأول يد خطت المفصل
وأخرج أحمد والطبراني وابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن واثلة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " أعطيت مكان التوراة السبع الطوال وأعطيت مكان
الزبور المئين وأعطيت مكان الإنجيل المثاني وفضلت بالمفصل "
وأخرج الدارمي والطبراني ومحمد بن نصر والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود قال : إن
لكل شيء لبابا وإن لباب القرآن المفصل
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود وابن ماجة عن أوس بن حذيفة قال : قدمنا في وفد
ثقيف فسألت أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم : كيف تجزئون القرآن ؟ قالوا :
ثلث وخمس وسبع وتسع وإحدى عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصل وحده
وأخرج البيهقي في السنن عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : ما من المفصل سورة
صغيرة ولا كبيرة إلا وسمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يأم بها الناس في الصلاة
المكتوبة
(7/587)
وأخرج
ابن أبي شيبة في المصنف ومسلم عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان
يقرأ في الفجر ق والقرآن المجيد
وأخرج سعيد بن منصور واللفظ له ومسلم وابن ماجة عن قطبة بن مالك قال : كان النبي
صلى الله عليه و سلم يقرأ في صلاة الفجر في الركعة الأولى ق والقرآن المجيد
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن أبي واقد الليثي قال :
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ في العيد بقاف وإقتربت
وأخرج أحمد ومسلم وابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن أم هشام
ابنة حارثة قالت : ما أخذت ق والقرآن المجيد إلا من في رسول الله صلى الله عليه و
سلم كان يقرأ بها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس
وأخرج ابن سعد عن أم صبية خولة بنت قيس الجهنية قالت : كنت أسمع خطبة رسول الله
صلى الله عليه و سلم يوم الجمعة وأنا في مؤخر النساء فأسمع قراءته ق والقرآن
المجيد على المنبر وأنا في مؤخر المسجد
وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" تعلموا عم يتساءلون وتعلموا ق والقرآن المجيد وتعلموا والنجم إذا هوى
والسماء ذات البروج والسماء والطارق "
الآيات 1 - 11
(7/588)
أخرج
ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ق قال : هو اسم من أسماء الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : خلق الله تعالى من وراء هذه الأرض بحرا
محيطا بها ثم خلق من وراء ذلك جبلا يقال له ق السماء الدنيا مترفرفة عليه ثم خلق
من وراء ذلك الجبل أرضا مثل تلك الأرض سبع مرات ثم خلق من وراء ذلك بحرا محيطا بها
ثم خلق من وراء ذلك جبلا يقال له ق السماء الثانية مترفرفة عليه حتى عد سبع أرضين
وسبعة أبحر وسبعة أجبل وسبع سموات قال : وذلك قوله والبحر يمده من بعده سبعة أبحر
لقمان الآية 27
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه وأبو الشيخ والحاكم عن عبد الله بن بريدة في قوله ق
قال : جبل من زمرد محيط بالدنيا عليه كتفا السماء
وأخرج ابن أبي الدنيا في العقوبات وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال : خلق
الله جبلا يقال له ق محيط بالعالم وعروقه إلى الصخرة التي عليها الأرض فإذا أراد
الله أن يزلزل قرية أمر ذلك الجبل فحرك العرق الذي يلي تلك القرية فيزلزلها
ويحركها فمن ثم تحرك القرية دون القرية
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد قال : ق جبل محيط بالأرض
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة ق اسم من أسماء القرآن
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس والقرآن المجيد قال :
الكريم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : والقرآن المجيد ليس شيء أحسن منه ولا أفضل
منه
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ذلك رجع بعيد قال : أنكروا البعث فقالوا :
من يستطيع أن يرجعنا ويحيينا ؟
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس : قد علمنا ما تنقص الأرض منهم قال :
من أجسادهم وما يذهب منها
(7/589)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس قد علمنا ما تنقص الأرض منهم قال : ما تأكل الأرض من لحومهم
وأشعارهم وعظامهم
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في الآية قال : يعني الموتى تأكلهم الأرض إذا
ماتوا
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك وعندنا كتاب حفيظ قال : لعدتهم وأسمائهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في أمر مريج
يقول : مختلف
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من طريق أبي جمرة عن ابن عباس أنه سئل عن
قوله في أمر مريج يقول : الشيء المريج الشيء المنكر المتغير أما سمعت قول الشاعر ؟
فجالت والتمست به حشاها فخر كأنه خوط مريج وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن
عباس في أمر مريج يقول : في أمر ضلالة
وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والخطيب في تالي التلخيص والطستي في مسائله عن
ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : في أمر مريج قال : مختلط
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول الشاعر : فراغت فانتفذت به
حشاها فخر كأنه خوط مريج وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في
قوله في أمر مريج قال : ملتبس وفي قوله ما لها من فروج قال : شقوق
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله تعالى من كل زوج بهيج قال : الزوج الواحد والبهيج الحسن
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت الأعشى وهو يقول : وكل زوج من
الديباج يلبسه أبو قدامة محبوك يداه معا وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير
عن قتادة في قوله كل زوج بهيج قال : حسن تبصرة قال : نعم تبصرة للعباد وذكرى لكل
عبد منيب قال : المنيب المقبل قلبه إلى الله
(7/590)
وأخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله تبصرة قال : بصيرة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد وعطاء في قوله لكل عبد منيب قال : مخبت
وأخرج في الأدب عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان إذا أمطرت السماء يقول : يا
جارية أخرجي سرجي أخرجي ثيابي ويقول وأنزلنا من السماء ماء مباركا
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الضحاك في قوله وأنزلنا من السماء ماء مباركا قال :
المطر
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وحب الحصيد
قال : الحنطة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله وحب الحصيد قال : هو
البر والشعير
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن قطبة قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم
يقرأ في الصبح فلما أتى على هذه الآية والنخل باسقات لها طلع نضيد قال قطبة :
فجعلت أقول ما أطولها
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله والنخل باسقات قال : الطول
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عبد الله بن عثمان بن خثيم قال : سألت عكرمة عن
النخل باسقات فقلت : ما بسوقها ؟ قال : بسوقها طلعها ألم تر أنه يقال للشاة إذا
حان ولادها بسقت ؟ قال : فرجعت إلى سعيد بن جبير فقلت له : فقال : كذب بسوقها
طولها في كلام العرب ألم تر أن الله قال : والنخل باسقات ثم قال طلع نضيد
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عبد الله بن شداد في قوله والنخل باسقات قال :
استقامتها
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال : بسوقها التفافها
(7/591)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله لها طلع نضيد قال :
متراكم بعضه على بعض
الآيات 12 - 15 أخرج ابن المنذر وابن جرير عن مجاهد في قوله فحق وعيد قال : ما
أهلكوا به تخويفا لهم وفي قوله أفعيينا بالخلق الأول قال : أفعي علينا حين
أنشأناكم بل أنتم في لبس من خلق جديد قال : يمترون بالبعث
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أفعيينا بالخلق الأول يقول : لم
يعينا الخلق الأول وفي قوله بل هم في لبس من خلق جديد يقول في شك من البعث
الآية 16 أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " نزل الله من ابن آدم أرفع المنازل هو أقرب إليه من حبل الوريد وهو
يحول بين المرء وقلبه وهو آخذ بناصية كل دابة وهو معهم أينما كانوا "
وأخرج ابن المنذر عن جويبر رضي الله عنه قال : سألت الضحاك عن قوله ونحن أقرب إليه
من حبل الوريد قال : ليس شيء أقرب إلى ابن آدم من حبل الوريد والله أقرب إليه منه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله من حبل الوريد
قال : عرق العنق
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله من حبل الوريد قال : نياط
القلب وما حمل
(7/592)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله من حبل الوريد قال : الذي في
الحلق
الآيات 17 - 18 أخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله إذ يتلقى المتلقيان قال : مع كل
إنسان ملكان ملك عن يمينه وآخر عن شماله فأما الذي عن يمينه فيكتب الخير وأما الذي
عن شماله فيكتب الشر
وأخرج أبو نعيم والديلمي عن معاذ بن جبل مرفوعا أن الله لطف الملكين الحافظين حتى
أجلسهما على الناجذين وجعل لسانه قلمهما وريقه مدادهما
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال : إسم صاحب السيئات قعيد
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : عن اليمين كاتب الحسنات وعن
الشمال كاتب السيئات
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ما يلفظ من قول
الآية قال : يكتب كل ما تكلم به من خير أو شر حتى إنه ليكتب قوله أكلت شربت ذهبت
جئت رأيت حتى إذا كان يوم الخميس عرض قوله وعمله فأقر منه ما كان فيه من خير أو شر
وألقى سائره فذلك قوله يمحو الله ما يشاء ويثبت الرعد آية 39
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه من طريق عكرمة عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد قال : إنما يكتب
الخير والشر لا يكتب يا غلام أسرج الفرس ويا غلام اسقني الماء
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال : لا يكتب إلا ما يؤجر عليه ويؤزر فيه لو قال رجل
لامرأته تعالي حتى نفعل كذا وكذا كان يكتب عليه شيء
(7/593)
وأخرج
ابن أبي الدنيا في الفدية من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله ما يلفظ من قول الآية قال : كاتب الحسنات عن يمينه يكتب حسناته وكاتب
السيئات عن يساره فإذا عمل حسنة كتب صاحب اليمين عشرا وإذا عمل سيئة قال صاحب
اليمين لصاحب الشمال دعه حتى يسبح أو يستغفر فإذا كان يوم الخميس كتب ما يجزى به
من الخير والشر ويلقى ما سوى ذلك ثم يعرض على أم الكتاب فيجده بجملته فيه
وأخرج ابن أبي الدنيا في الصمت عن علي رضي الله عنه قال : لسان الإنسان قلم الملك
وريقه مداده
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن المنذر عن الأحنف بن قيس في قوله عن اليمين وعن الشمال
قعيد قال : صاحب اليمين يكتب الخير وهو أمير على صاحب الشمال فإن أصاب العبد خطيئة
قال أمسك فإن استغفر الله نهاه أن يكتبها وإن أبى إلا أن يصر كتبها
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ فيي العظمة من طريق ابن المبارك عن ابن جريج قال :
ملكان أحدهما على يمينه يكتب الحسنات وملك عن يساره يكتب السيئات فالذي عن يمينه
يكتب بغير شهادة من صاحبه إن قعد فأحدهما عن يمينه والآخر عن يساره وإن مشى
فأحدهما أمامه والآخر خلفه وإن رقد فأحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه
قال ابن المبارك : وكل به خمسة أملاك ملكان بالليل وملكان بالنهار يجيئان ويذهبان
وملك خامس لا يفارقه ليلا ولا نهارا
وأخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد في قوله رقيب عتيد قال : رصيد
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن حجاج بن دينار قال : قلت لأبي معشر : الرجل يذكر
الله في نفسه كيف تكتبه الملائكة ؟ قال : يجدون الريح
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي عمران الجوني قال : بلغنا أن
الملائكة تصف بكتبها في السماء الدنيا كل عشية بعد العصر فينادي الملك ألق تلك
الصحيفة وينادي الملك الآخر ألق تلك الصحيفة فيقولون ربنا قالوا خيرا وحفظنا عليهم
فيقول إنهم لم يريدوا به وجهي وإني لا أقبل إلا ما أريد به وجهي وينادي الملك
الآخر أكتب لفلان بن فلان كذا وكذا فيقول : يا رب إنه لم يعمله فيقول إنه نواه
وأخرج ابن المبارك وابن أبي الدنيا في الإخلاص وأبو الشيخ في العظمة عن
(7/594)
ضمرة
بن حبيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الملائكة يصعدون
بعمل العبد من عباد الله فيكثرونه ويزكونه حتى ينتهوا به حيث شاء الله من سلطانه
فيوحي الله إليهم إنكم حفظة على عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه إن عبدي هذا لم
يخلص لي عمله فاجعلوه في سجين قال : ويصعدون بعمل العبد من عباد الله فيستقلونه
ويحقرونه حتى ينتهوا حيث شاء الله من سلطانه فيوحي الله إليهم إنكم حفظة على عمل
عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه فضاعفوه له واجعلوه في عليين "
وأخرج الطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي أمامة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " صاحب اليمين أمير على صاحب الشمال فإذا عمل العبد
حسنة كتبت له بعشر أمثالها وإذا عمل سيئة فأراد صاحب الشمال أن يكتبها قال صاحب
اليمين أمسك فيمسك ست ساعات أو سبع ساعات فإن استغفر الله منها لم يكتب عليه شيئا
وإن لم يستغفر الله كتب عليه سيئة واحدة "
وأخرج أبو الشيخ في التفسير عن حسان بن عطية قال : تذاكروا مجلسا فيه مكحول وابن
أبي زكريا أن العبد إذا عمل خطيئة لم تكتب عليه ثلاث ساعات فإن استغفر الله وإلا
تكتب عليه
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن أبي رباح أنه قال : إن من كان قبلكم كان يكره فضول
الكلام ما عدا كتاب الله أن يقرأه أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر وأن تنطق بحاجتك
في معيشتك التي لا بد لك منها
أتنكرون أن عليكم حافظين كراما كاتبين وأن عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من
قول إلا لديه رقيب عتيد ؟ أما يستحي أحدكم لو نشر صحيفته التي ملأ صدر نهاره وأكثر
ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه ؟
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان من طريق الأوزاعي عن حسان بن عطية قال
: بينما رجل راكب على حمار إذ عثر به فقال : تعست فقال صاحب اليمين : ما هي بحسنة
فأكتبها وقال صاحب الشمال ما هي بسيئة فأكتبها فنودي صاحب الشمال أن ما ترك صاحب
اليمين فأكتبه
وأخرج ابن أبي شيبة عن بكر بن ماعز قال : جاءت بنت الربيع بن خيثم وعنده أصحاب له
فقالت : يا أبتاه أذهب ألعب
قال : لا
قال له أصحابه : يا
(7/595)
أبا
يزيد إتركها
قال : لا يوجد في صحيفتي أني قلت لها : إذهبي فالعبي لكن إذهبي فقولي خيرا وافعلي
خيرا
وأخرج البيهقي في الشعب عن حذيفة بن اليمان أن الكلام بسبعة أغلاق إذ أخرج منها
كتب وإذا لم يخرج لم يكتب القلب واللهاة واللسان والحنكين والشفتين
وأخرج الخطيب في رواة مالك وابن عساكر عن مالك أنه بلغه أن كل شيء يكتب حتى أنين
المريض
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : يكتب على ابن آدم كل شيء يتكلم به حتى أنينه في
مرضه
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن عساكر عن الفضيل بن عيسى قال : إذا احتضر الرجل قيل
للملك الذي كان يكتب له كف قال : لا وما يدريني لعله يقول لا إله إلا الله فأكتبها
له
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : يكتب من المريض كل شيء حتى أنينه في مرضه
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن يسار يبلغ به النبي صلى الله عليه و سلم قال : إذا
مرض العبد قال الله للكرام الكاتبين : اكتبوا لعبدي مثل الذي كان يعمل حتى أقبضه
أو أعافيه
وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان قال : إذا مرض العبد قال الملك " يا رب إبتليت
عبدك بكذا فيقول : ما دام في وثاقي فاكتبوا له مثل عمله الذي كان يعمل
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الإيمان عن معاذ قال : إذا إبتلى الله العبد
بالسقم قال لصاحب الشمال إرفع وقال لصاحب اليمين أكتب لعبدي ما كان يعمل
(7/596)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن النضر بن أنس قال : كنا نتحدث منذ خمسين سنة أنه ما من عبد يمرض
إلا قال الله لكاتبيه أكتبا لعبدي ما كان يعمل في صحته
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي قلابة قال : إذا مرض الرجل على عمل صالح أجري له ما كان
يعمل في صحته
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة قال إذا مرض الرجل رفع له كل يوم ما كان يعمل
وأخرج ابن أبي شيبة عن ثابت بن مسلم بن يسار قال : إذا مرض العبد كتب له أحسن ما
كان يعمل في صحته
وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني في الأفراد والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن
عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
ما من أحد من المسلمين يبتلى ببلاء في جسده إلا أمر الله الحفظة فقال أكتبوا لعبدي
ما كان يعمل وهو صحيح ما دام مشدودا في وثاقي "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من مرض أو سافر كتب الله له ما كان يعمل صحيحا مقيما "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبيهقي عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " إذا ابتلى الله المؤمن ببلاء في جسده قال للملك
: أكتب له صالح عمله الذي كان يعمل فإن شفاه غسله وطهره وإن قبضه غفر له ورحمه
"
وأخرج أبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس رضي الله عنه قال : إن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : إن الله وكل بعبده المؤمن ملكين يكتبان عمله فإذا
مات قال الملكان اللذان وكلا به : قد مات فائذن لنا أن نصعد إلى السماء فيقول الله
: سمائي مملوءة من ملائكتي يسبحونني فيقولان : أنقيم في الأرض ؟ فيقول الله : أرضي
مملوءة من خلقي يسبحونني فيقولان : فأين ؟ فيقول : قوما على قبر عبدي فسبحاني
واحمداني وكبراني وأكتبا ذلك لعبدي إلى يوم القيامة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والحكيم الترمذي عن عمر بن ذر عن أبيه رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الله عند لسان كل قائل
فليتق الله عبد ولينظر ما يقول "
وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا مثله
الآيات 19 - 30
(7/597)
أخرج
ابن المنذر عن ابن جريج وجاءت سكرة الموت قال : غمرة الموت
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كانت بين يديه ركوة أو علبة فيها ماء فجعل يدخل
يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول : لا إله إلا الله إن للموت سكرات
وأخرج الحاكم وصححه عن القاسم بن محمد رضي الله عنه أنه تلا وجاءت سكرة الموت
بالحق فقال : حدثتني أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : لقد رأيت رسول الله صلى
الله عليه و سلم وهو بالموت وعنده قدح فيه ماء وهو يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه
بالماء ثم يقول : " اللهم أعني على سكرات الموت "
وأخرج ابن سعد عن عروة رضي الله عنه قال : لما مات الوليد بن الوليد بكته أم سلمة
فقالت : يا عين فأبكي للوليد بن الوليد بن المغيرة كان الوليد بن الوليد أبا
الوليد فتى العشيرة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا تقولي هكذا يا
أم سلمة ولكن قولي وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد "
وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن المنذر عن عائشة قالت : لما حضرت أبا بكر الوفاة
قلت : وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل قال أبو بكر رضي الله
عنه بل وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد قدم الحق وأخر الموت
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن ابن أبي مليكة رضي الله عنه قال : صبحت ابن
عباس من مكة إلى المدينة فكان إذا نزل منزلا قام شطر الليل فسئل :
(7/598)
كيف
كانت قراءته ؟ قال : قرأ وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد فجعل يرتل
ويكثر في ذلك التسبيح
وأخرج أحمد وابن جرير عن عبد الله بن اليمني مولى الزبير بن العوام قال : لما حضر
أبو بكر تمثلت عائشة بهذا البيت
أعاذل ما يغني الحذار عن الفتى إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر فقال أبو بكر رضي
الله عنه : ليس كذلك يا بنية ولكن قولي وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه
تحيد
أما قوله تعالى : ما كنت منه تحيد
أخرج الطبراني عن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" مثل الذي يفر من الموت كمثل الثعلب تطلبه الأرض بدين فجاء يسعى حتى إذا
أعيا وانبهر دخل حجره فقالت له الأرض يا ثعلب ديني فخرج ؟ خصاص فلم يزل كذلك حتى
انقطعت عنقه فمات "
أما قوله تعالى : وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد
أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم والحاكم في الكني وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور وابن عساكر
عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قرأ وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد قال : سائق
يسوقها إلى أمر الله وشهيد يشهد عليها بما عملت
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم في الكني وابن مردويه والبيهقي عن أبي
هريرة رضي الله عنه في قوله وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد قال : السائق الملك
والشهيد العمل
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله سائق وشهيد قال : السائق من
الملائكة والشهيد شاهد عليه من نفسه
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله سائق وشهيد قال : السائق من
الملائكة والشاهد من أنفسهم الأيدي والأرجل والملائكة أيضا شهداء عليهم
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله سائق وشهيد
قال : الملكان كاتب وشهيد
(7/599)
وأخرج
ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن جابر بن عبد
الله قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن ابن آدم لفي غفلة
عما خلق له إن الله إذا أراد خلقه قال للملك أكتب رزقه أكتب أثره أكتب أجله أكتب
شقيا أم سعيدا ثم يرتفع ذلك الملك ويبعث الله ملكا فيحفظه حتى يدرك ثم يرتفع ذلك
الملك ثم يوكل الله به ملكين يكتبان حسناته وسيئاته فإذا حضره الموت ارتفع ذلك
الملكان وجاء ملك الموت ليقبض روحه فإذا أدخل قبره رد الروح في جسده وجاءه ملكا
القبر فامتحناه ثم يرتفعان فإذا قامت الساعة إنحط عليه ملك الحسنات وملك السيئات
فبسطا كتابا معقودا في عنقه ثم حضر معه واحد سائق وآخر شهيد ثم قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : إن قدامكم لأمرا عظيما لا تقدرونه فاستعينوا بالله العظيم
"
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله لقد كنت في غفلة من
هذا قال : هو الكافر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فكشفنا عنك غطاءك قال : الحياة
بعد الموت
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله فكشفنا عنك غطاءك فبصرك
اليوم حديد قال : عاين الآخرة فنظر إلى ما وعده الله فوجده كذلك
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله فبصرك اليوم قال : إلى لسان الميزان حديد قال
: حديد النظر شديد
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله قال قرينه قال : الشيطان
وأخرج الفريابي عن مجاهد في قوله وقال قرينه قال : الشيطان الذي قيض له
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله وقال قرينه قال : ملكه هذا ما لدي عتيد قال
: الذي عندي عتيد للإنسان حفظته حتى جئت به وفي قوله قال قرينه ربنا ما أطغيته قال
: هذا شيطانه
(7/600)
وأخرج
ابن المنذر عن إبراهيم في قوله كل كفار عتيد قال : مناكب عن الحق
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله ألقيا في جهنم كل كفار عنيد قال :
كفار بنعم الله عنيد عن طاعة الله وحقه مناع للخير قال : الزكاة المفروضة معتد
مريب قال : معتد في قوله وكلامه آثم بربه فقال هذا المنافق الذي جعل مع الله إلها
آخر هذا المشرك
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن منصور قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ما من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن قالوا : ولا أنت قال : ولا أنا إلا
أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله لا تختصموا لدي قال
: إنهم اعتذروا بغير عذر فأبطل الله عليهم حجتهم ورد عليهم قولهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله قال لا تختصموا لدي قال : عندي وقد قدمت
إليكم بالوعيد قال : على لسان الرسل أن من عصاني عذبته
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الربيع بن أنس قال : قلت لأبي العالية
قال الله : لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد وقال ثم إنكم يوم القيامة عند
ربكم تختصمون فكيف هذا ؟ قال : نعم أما قوله لا تختصموا لدي فهؤلاء أهل الشرك
وقوله ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون فهؤلاء أهل القبلة يختصمون في مظالمهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله ما يبدل القول لدي قال : قد قضيت ما
أنا قاض
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ما يبدل القول لدي قال : ههنا القسم
وأخرج عبد الرزاق والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة وابن المنذر وابن مردويه عن
أنس قال : فرضت على النبي صلى الله عليه و سلم ليلة أسري به الصلاة خمسين ثم نقصت
(7/601)
حتى
جعلت خمسا ثم نودي يا محمد إنه لا يبدل القول لدي وأن لك بهذه الخمس خمسين
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وما أنا بظلام للعبيد قال : ما أنا بمعذب
من لم يجترم والله تعالى أعلم
أما قوله تعالى : يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد
قال : وهل في من مكان يزاد في
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : حتى تقول فهل
من مزيد ؟
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : وعدها الله ليملأنها فقال أوفيتك فقالت
: وهل من مسلك ؟
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في
الأسماء والصفات عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا تزال
جهنم يلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع رب العزة فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض
وتقول قط قط وعزتك وكرمك ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشىء الله لها خلقا آخر
فيسكنهم في قصور الجنة "
وأخرج البخاري وابن مردويه عن أبي هريرة رفعه : " يقال لجهنم هل امتلأت وتقول
هل من مزيد فيضع الرب قدمه عليها فتقول قط قط "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في
الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
تحاجت الجنة والنار فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين وقالت الجنة ما لي لا
يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم ؟ قال الله تبارك وتعالى للجنة : أنت رحمتي أرحم بك
من أشاء من عبادي وقال للنار إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي ولكل واحدة
منكما ملؤها فأما النار فلا تمتلىء حتى يضع رجله فتقول قط قط فهنالك تمتلىء ويزوي
بعضها إلى بعض ولا يظلم الله من خلقه أحدا وأما الجنة فإن الله ينشىء لها خلقا
"
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله
(7/602)
صلى
الله عليه و سلم قال : " افتخرت الجنة والنار فقالت النار : يا رب يدخلني
الجبابرة والمتكبرون والملوك والأشراف وقالت الجنة : أي رب يدخلني الضعفاء
والفقراء والمساكين فيقول الله للنار أنت عذابي أصيب بك من أشاء وقال للجنة : أنت
رحمتي وسعت كل شيء ولكل واحدة منكما ملؤها فيلقى فيها أهلها فتقول هل من مزيد
ويلقى فيها وتقول هل من مزيد حتى يأتيها عز و جل فيضع قدمه عليها فتزوي وتقول قدني
قدني وأما الجنة فيلقى فيها ما شاء الله أن يلقى فينشىء لها خلقا ما يشاء "
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" يعرفني الله نفسه يوم القيامة فأسجد سجدة يرضى بها عني ثم أمدحه مدحة يرضى
بها عني
ثم يؤذن لي في الكلام ثم تمر أمتي على الصراط مضروب بين ظهراني جهنم فيمرون أسرع
من الطرف والسهم وأسرع من أجود الخيل حتى يخرج الرجل منها يحبو وهي الأعمال وجهنم
تسأل المزيد حتى يضع فيها قدمه فينزوي بعضها إلى بعض وتقول قط قط "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي كعب قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " أول من يدعى يوم القيامة أنا فأقوم فألبي ثم يؤذن لي في
السجود فأسجد له سجدة يرضى بها عني ثم يؤذن لي فأرفع رأسي فأدعو بدعاء يرضى به عني
فقلنا يا رسول الله كيف تعرف أمتك يوم القيامة ؟ قال : يعرفون غرا محجلين من أثر
الطهور فيردون على الحوض ما بين عدن إلى عمان بصرى أشد بياضا من اللبن وأحلى من
العسل وأبرد من الثلج وأطيب ريحا من المسك فيه من الآنية عدد نجوم السماء من ورده
فشرب منه لم يظمأ بعده أبدا ومن صرف عنه لم يرو بعده أبدا ثم يعرض الناس على
الصراط فيمر أوائلهم كالبرق ثم يمرون كالريح ثم يمرون كالطرف ثم يمرون كأجاويد
الخيل والركاب وعلى كل حال وهي الأعمال والملائكة جانبي الصراط يقولون رب سلم سلم
فسالم ناج ومخدوش ناج ومرتبك في النار وجهنم تقول هل من مزيد حتى يضع فيها رب
العالمين ما شاء الله أن يضع فتقبض وتغرغر كما تغرغر المزادة الجديدة إذا ملئت
وتقول قط قط "
الآيات 31 - 35
(7/603)
أخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة وأزلفت الجنة قال : زينت الجنة
وأخرج ابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن التميمي قال : سألت ابن عباس عن الأواب
الحفيظ قال حفظ ذنوبه حتى رجع عنها
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن سعيد بن سنان في قوله لكل أواب حفيظ قال : حفظ
ذنوبه فتاب منها ذنبا ذنبا
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن
سعيد بن المسيب قال : الأواب الذي يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب ثم يذنب ثم يتوب
حتى يختم الله له بالتوبة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن أنس بن خباب قال : قال لي مجاهد ألا
أنبئك بالأواب الحفيظ ؟ هو الرجل يذكر ذنبه إذا خلا فيستغفر له
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان
عن عبيد بن عمير مثله
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عبيد بن عمير قال : كنا نعد الأواب الحفيظ الذي
يكون في المجلس فإذا أراد أن يقوم قال : اللهم أغفر لي ما أصبت في مجلسي هذا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله لكل أواب قال : مطيع
لله حفيظ قال : لما استودعه الله من حقه ونعمه وفي قوله وجاء بقلب منيب قال : منيب
إلى الله مقبل إليه وفي قوله ادخلوها بسلام قال : سلموا من عذاب الله وسلم الله
عليهم ذلك يوم الخلود قال : خلدوا والله فلا يموتون
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله من خشي الرحمن بالغيب قال : يخشى ولا يرى
(7/604)
أما
قوله تعالى : لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد
أخرج البزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه واللالكائي في السنة والبيهقي
في البعث والنشور عن أنس في قوله ولدينا مزيد قال : يتجلى لهم الرب عز و جل
وأخرج الشافعي في الأم وابن أبي شيبة والبزار وأبو يعلى وابن أبي الدنيا في صفة
الجنة وابن جرير وابن المنذر والطبراني في الأوسط وابن مردويه والآجري في الشريعة
والبيهقي في الرؤية وأبو نصر السجزي في الإبانة من طرق جيدة عن أنس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " أتاني جبريل وفي يده مرآة بيضاء فيها نكتة
سوداء فقلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذه الجمعة فضلت بها أنت وأمتك فالناس لكم
فيها تبع اليهود والنصارى ولكم فيها خير وفيها ساعة لا يوافقها مؤمن يدعو الله
بخير إلا استجيب له وهو عندنا يوم المزيد قال النبي صلى الله عليه و سلم : يا
جبريل وما يوم المزيد ؟ قال : إن ربك اتخذ في الفردوس واديا أفيح فيه كثب من مسك
فإذا كان يوم الجمعة أنزل الله ما شاء من الملائكة وحوله منابر من نور عليها مقاعد
النبيين وتحف تلك المنابر بكراسي من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد عليها الشهداء
والصديقون ثم جاء أهل الجنة فجلسوا من ورائهم على تلك الكثب فيتجلى لهم تبارك
وتعالى حتى ينظروا إلى وجهه ويقول الله : أنا ربكم قد صدقتكم وعدي فسلوني أعطكم
فيقولون : ربنا نسألك رضوانك فيقول : قد رضيت عنكم فسلوني فيسألونه حتى تنتهي
رغبتهم فيقول : لكم ما تمنيتم ولدي مزيد فهم يحبون يوم الجمعة لما يعطيهم فيه ربهم
من الخير وهو اليوم الذي استوى فيه ربكم على العرش وفيه خلق آدم وفيه تقوم الساعة
"
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن جرير بسند حسن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : إن الرجل ليتكىء في الجنة سبعين سنة قبل أن يتحول
ثم تأتيه امرأته فتضرب على منكبه فينظر وجهه في خدها أصفى من المرآة وإن أدنى
لؤلؤة عليها تضيء ما بين المشرق والمغرب فتسلم عليه فيرد عليها السلام ويسألها من
أنت ؟ فتقول : أنا من المزيد وإنه ليكون عليها سبعون حلة أدناها مثل ؟ الغمان من
طوبى فينفذها بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك وإن عليها التيجان إن أدنى لؤلؤة
منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب "
(7/605)
وأخرج
ابن جرير عن أنس رضي الله عنه قال : إن الله إذا أسكن أهل الجنة الجنة وأهل النار
النار هبط إلى مرج من الجنة أفيح فمد بينه وبين خلقه حجبا من لؤلؤ وحجبا من نور ثم
وضعت منابر النور وسرر النور وكراسي النور
ثم أذن لرجل على الله بين يديه أمثال الجبال من النور فيسمع دوي تسبيح الملائكة
معه وصفق أجنحتهم فمد أهل الجنة أعناقهم فقيل من هذا الذي قد أذن له على الله ؟
فقيل : هذا المجبول بيده والمعلم الأسماء أمرت الملائكة فسجدت له والذي أبيحت له
الجنة : آدم قد أذن له على الله
ثم يؤذن لرجل آخر بين يديه أمثال الجبال من النور يسمع دوي تسبيح الملائكة معه
وصفق أجنحتهم فمد أهل الجنة أعناقهم فقيل : من هذا الذي قد أذن له على الله ؟ فقيل
: هذا الذي قد اتخذه الله خليلا وجعلت النار عليه بردا وسلاما : إبراهيم قد أذن له
على الله
ثم أذن لرجل آخر على الله بين يديه أمثال الجبال من النور يسمع معه دوي تسبيح
الملائكة وصفق أجنحتهم فمد أهل الجنة أعناقهم فقيل : من هذا الذي قد أذن له على
الله ؟ فقيل : هذا الذي اصطفاه الله برسالته وقربه نجيا وكلمه كلاما : موسى قد أذن
له على الله
ثم يؤذن لرجل آخر معه مثل جميع مواكب النبيين قبله من بين يديه أمثال الجبال من
النور يسمع دوي تسبيح الملائكة معه وصفق أجنحتهم فمد أهل الجنة أعناقهم فقيل : من
هذا الذي قد أذن له على الله ؟ فقيل : هذا أول شافع وأول مشفع وأكثر الناس واردة
وسيد ولد آدم وأول من تنشق عن ذؤابته الأرض وصاحب لواء الحمد وقد أذن له على الله
فجلس النبيون على منابر النور والصديقون على سرر النور والشهداء على كراسي النور
وجلس سائر الناس على كثبان المسك الأذفر الأبيض ثم ناداهم الرب تعالى من وراء
الحجب : مرحبا
(7/606)
بعبادي
وزواري وجيراني ووفدي يا ملائكتي انهضوا إلى عبادي فأطعموهم
فقربت إليهم من لحوم الطير كأنها البخت لا ريش لها ولا عظم فأكلوا ثم ناداهم الرب
عز و جل من وراء الحجب : مرحبا بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلوا اسقوهم
فنهض إليهم غلمان كأنهم اللؤلؤ المكنون بأباريق الذهب والفضة بأشربة مختلفة لذيذة
آخرها كلذة أولها لا يصدعون عنها ولا ينزفون الواقعة آية 19
ثم ناداهم الرب عز و جل من وراء الحجب : مرحبا بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلوا
وشربوا فكهوهم
فيقرب إليهم على أطباق مكللة بالياقوت والمرجان من الرطب الذي سمى الله أشد بياضا
من اللبن وأشد عذوبة من العسل
فأكلوا ثم ناداهم الرب من وراء الحجب : مرحبا بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلوا
وشربوا وفكهوا اكسوهم
ففتحت لهم ثمار الجنة بحلل مصقولة بنور الرحمن فأكسوها
ثم ناداهم الرب عز و جل من وراء الحجب : مرحبا بعبادي وزواري وجيراني ووفدي أكلوا
وشربوا وفكهوا وكسوا طيبوهم
فهاجت عليهم ريح يقال لها المثيرة بأباريق المسك الأبيض الأذفر فنفخت على وجوههم
من غير غبار ولا قتام ثم ناداهم الرب عز و جل من وراء الحجب : مرحبا بعبادي وزواري
وجيراني ووفدي أكلوا وشربوا وفكهوا وكسوا وطيبوا وعزتي لأتجلين لهم حتى ينظروا إلي
فذلك انتهاء العطاء وفضل المزيد
فتجلى لهم الرب ثم قال : السلام عليكم عبادي أنظروا إلي فقد رضيت عنكم
فتداعت قصور الجنة وشجرها " سبحانك " أربع مرات وخر القوم سجدا فناداهم
الرب : عبادي ارفعوا رؤوسكم فإنها ليست بدار عمل ولا دار نصب إنما هي دار جزاء
وثواب وعزتي ما خلقتها إلا من أجلكم وما من ساعة ذكرتموني فيها في دار الدنيا إلا
ذكرتكم فوق عرشي
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : حدثني رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : " حدثني جبريل قال : يدخل الرجل على الحوراء فتستقبله
بالمعانقة والمصافحة فبأي بنان تعاطيه لو أن بعض بنانها بدا لغلب ضوءه ضوء الشمس
والقمر ولو أن طاقة من شعرها بدت لملأت ما بين المشرق والمغرب من طيب ريحها فبينما
هو متكىء معها على أريكته إذ أشرق عليه نور من فوقه فيظن أن الله تعالى قد أشرف
على خلقه فإذا حوراء تناديه يا ولي الله أما لنا فيك من دولة فيقول ومن أنت يا هذه
؟ فتقول : أنا من اللواتي قال الله ولدينا مزيد فيتحول إليها فإذا عندها من الجمال
والكمال ما ليس مع الأولى فبينما هو متكىء على أريكته إذ أشرف عليه نور من فوقه
فإذا حوراء أخرى تناديه : يا ولي الله أما لنا فيك من دولة ؟ فيقول ومن أنت يا هذه
؟ فتقول : أنا من اللواتي قال الله فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما
كانوا يعملون السجدة آية 17 فلا يزال يتحول من زوجة إلى زوجة "
(7/607)
وأخرج
سعيد بن منصور وابن المنذر عن محمد بن كعب في قوله لهم ما يشاؤون فيها ولدينا مزيد
قال : لو أن أدنى أهل الجنة نزل به أهل الجنة كلهم لأوسعهم طعاما وشرابا ومجالس
وخدما
وأخرج ابن أبي حاتم عن كثير بن مرة قال : من المزيد أن تمر السحابة بأهل الجنة
فتقول ماذا تريدون فأمطره لكم ؟ فلا يدعون بشيء إلا أمطرتهم والله تعالى أعلم
الآيات 36 - 37 أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله فنقبوا في البلاد
قال : أثروا
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله فنقبوا في البلاد قال :
هربوا بلغة اليمن
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول عدي بن زيد : نقبوا في البلاد
من حذر الموت وجالوا في الأرض أي مجال وأخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد في قوله
فنقبوا في البلاد قال : ضربوا في الأرض
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله هل من محيص قال : هل من مهرب يهربون من الموت
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله فنقبوا في البلاد هل من
محيص قال : حاص أعداء الله فوجدوا أمر الله لهم مدركا
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب قال : كان
المنافقون يجلسون عند رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم يخرجون فيقولون ماذا قال
آنفا ؟ ليس معهم قلوب
(7/608)
وأخرج
البخاري في الأدب والبيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال :
إن العقل في القلب والرحمة في الكبد والرأفة في الطحال والنفس في الرئة
وأخرج البيهقي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : التوفيق خير قائد وحسن الخلق
خير قرين والعقل خير صاحب والأدب خير ميزان ولا وحشة أشد من العجب
وأخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد في قوله أو ألقى السمع قال : لا يحدث نفسه
بغيره وهو شهيد قال : شاهد بالقلب
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب في قوله أو ألقى السمع وهو شهيد قال : يستمع
وقلبه شاهد لا يكون قلبه مكانا آخر
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله أو ألقى السمع وهو شهيد قال : هو رجل
من أهل الكتاب ألقى السمع أي استمع للقرآن وهو شهيد على ما في يديه من كتاب الله
أنه يجد النبي محمدا مكتوبا
الآيات 38 - 45 أخرج ابن المنذر عن الضحاك قال : قالت اليهود ابتدأ الله الخلق يوم
الأحد والإثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة واستراح يوم السبت فأنزل الله
ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال : قالت اليهود : إن الله
(7/609)
خلق
الخلق في ستة أيام وفرغ من الخلق يوم الجمعة واستراح يوم السبت فأكذبهم الله في
ذلك فقال وما مسنا من لغوب
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله وما مسنا من لغوب قال : من نصب
وأخرج آدم بن أبي إياس والفريابي وابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد
في قوله وما مسنا من لغوب قال : اللغوب النصب
تقول اليهود إنه أعيا بعد ما خلقهما
وأخرج الخطيب في تاريخه عن العوام بن حوشب قال : سألت أبا مجلز عن الرجل يجلس فيضع
إحدى رجليه على الأخرى فقال لا بأس به إنما كره ذلك اليهود زعموا أن الله خلق
السموات والأرض في ستة أيام ثم استراح يوم السبت فجلس تلك الجلسة فأنزل الله ولقد
خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب
قوله تعالى : فاصبر على ما يقولون الآية
أخرج الطبراني في الأوسط وابن عساكر عن جرير بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و
سلم في قوله وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب قال : قبل طلوع الشمس صلاة
الصبح وقبل الغروب صلاة العصر
أما قوله تعالى : ومن الليل فسبحه وأدبار السجود
أخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله ومن الليل فسبحه قال : العتمة وأدبار السجود
النوافل
وأخرج ابن جرير عن مجاهد ومن الليل فسبحه قال : الليل كله
وأخرج الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس قال
: " بت عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فصلى ركعتين خفيفتين قبل صلاة
الفجر ثم خرج إلى الصلاة فقال يا ابن عباس ركعتان قبل صلاة الفجر أدبار النجوم
وركعتان بعد المغرب أدبار السجود "
وأخرج مسدد في مسنده وابن المنذر وابن مردويه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال
: سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أدبار النجوم والسجود فقال : "
أدبار السجود الركعتان بعد المغرب وأدبار النجوم الركعتان قبل الغداة "
(7/610)
وأخرج
ابن مردويه عن أبي هريرة قال : حفظت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم عشر ركعات
تطوعا منها أربع في كتاب الله ومن الليل فسبحه وأدبار السجود قال : الركعتين بعد
المغرب
وأخرج ابن المنذر ومحمد بن نصر في الصلاة عن عمر بن الخطاب في قوله وأدبار السجود
قال : ركعتان بعد المغرب وأدبار النجوم قال : ركعتان قبل الفجر
وأخرج ابن المنذر وابن نصر عن أبي تميم الجيشاني قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم في قوله وأدبار السجود هما الركعتان بعد المغرب
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم قال : كان يقال أدبار السجود الركعتان بعد المغرب
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال أدبار السجود الركعتان بعد المغرب
وأخرج عن قتادة والشعبي والحسن مثله
وأخرج ابن جرير عن الأوزاعي أنه سئل عن الركعتين بعد المغرب فقال هما في كتاب الله
تعالى فسبحه وأدبار السجود
وأخرج البخاري وابن جرير وابن أبي حاتم وابن نصر وابن مردويه من طريق مجاهد قال :
قال ابن عباس رضي الله عنهما : أدبار السجود التسبيح بعد الصلاة ولفظ البخاري أمره
أن يسبح في أدبار الصلوات كلها
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله واستمع يوم ينادي المنادي قال
: هي الصيحة
وأخرج ابن عساكر والواسطي في فضائل بيت المقدس عن يزيد بن جابر في قوله واستمع يوم
ينادي المنادي من مكان قريب قال : يقف إسرافيل على صخرة بيت المقدس فينفخ في
الصورة فيقول : يا أيتها العظام النخرة والجلود المتمزقة والأشعار المتقطعة إن
الله يأمرك أن تجتمعي لفصل الحساب
وأخرج ابن جرير عن كعب في قوله واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب قال : ملك
قائم على صخرة بيت القدس ينادي يا أيتها العظام البالية والأوصال المتقطعة إن الله
يأمركن أن تجتمعن لفصل القضاء
وأخرج ابن جرير عن بريدة قال : ملك قائم على صخرة بيت المقدس واضع أصبعيه في أذنيه
ينادي يقول : يا أيها الناس هلموا إلى الحساب
(7/611)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم والواسطي أصبعيه في أذنيه ينادي يقول : يا أيها الناس
هلموا إلى الحساب
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والواسطي عن قتادة في قوله يوم ينادي المنادي من
مكان قريب قال : كنا نحدث أنه ينادي من بيت المقدس من الصخرة وهي أوسط الأرض
وحدثنا أن كعبا قال : هي أقرب الأرض إلى السماء بثمانية عشر ميلا
وأخرج الواسطي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله يوم ينادي المنادي من مكان قريب
قال : من صخرة بيت المقدس
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله يوم يسمعون الصيحة بالحق قال : يسمع النفخة
القريب والبعيد
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ذلك يوم
الخروج قال : يوم يخرجون إلى البعث من القبور
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله يوم تشقق الأرض عنهم سراعا قال :
تمطر السماء عليهم حتى تشقق الأرض عنهم
وأخرج الحاكم عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أنا
أول من تنشق عنه الأرض ثم أبو بكر ثم عمر ثم آتي أهل البقيع فيحشرون معي ثم أنتظر
أهل مكة " وتلا ابن عمر يوم تشقق الأرض عنهم سراعا الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وما أنت عليهم بجبار
قال لا تتجبر عليهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله وما أنت
عليهم بجبار قال : إن الله كره لنبيه الجبرية ونهى عنها وقدم فيها فقال فذكر
بالقرآن من يخاف وعيد
وأخرج الحاكم عن جرير قال : أتي النبي صلى الله عليه و سلم برجل ترعد فرائصه فقال
: " هون عليك فإنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد في هذه البطحاء
" ثم تلا جرير وما أنت عليهم بجبار
وأخرج الحاكم وصححه عن أنس قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعود المريض
ويتبع الجنائز ويجيب دعوة المملوك ويركب الحمار ولقد كان يوم خيبر ويوم قريظة على
حمار خطامه حبل من ليف وتحته اكاف من ليف
(7/612)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قالوا يا رسول الله لو خوفتنا فنزلت
فذكر بالقرآن من يخاف وعيد
بسم الله الرحمن الرحيم 51
سورة الذاريات
مكية وآياتها ستون
مقدمة سورة الذاريات أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة الذاريات بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير رضي الله عنه مثله
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن أبي المتوكل الناجي عن ابن عمر رضي الله عنهما
أنه قرأ في الظهر بقاف والذاريات
الآيات 1 - 19
(7/613)
أخرج
عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور والحارث بن أبي أسامة وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه البيهقي في شعب الإيمان من
طرق عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله والذاريات ذروا قال : الرياح
فالحاملات وقرا قال : السحاب فالجاريات يسرا قال : السفن فالمقسمات أمرا قال :
الملائكة
وأخرج البزار والدارقطني في الأفراد وابن مردويه وابن عساكر عن سعيد بن المسيب قال
: جاء صبيغ التميمي إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : أخبرني عن الذاريات
ذروا قال : هي الرياح ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقوله ما قلته
قال : فأخبرني عن الحاملات وقرا قال : هي السحاب ولولا أني سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقوله ما قلته قال : فأخبرني عن الجاريات يسرا قال : هي السفن
ولولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقوله ما قلته
قال : فأخبرني عن المقسمات أمرا قال : هن الملائكة ولولا أني سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقوله ما قلته ثم أمر به فضرب مائة وجعل في بيت فلما برأ دعاه
فضرب مائة أخرى وحمله على قتب وكتب إلى أبي موسى الأشعري امنع الناس من مجالسته
فلم يزالوا كذلك حتى أتى أبا موسى فحلف له بالأيمان المغلظة ما يجد في نفسه مما
كان يجد شيئا فكتب في ذلك إلى عمر فكتب عمر : ما إخاله إلا وقد صدق فحل بينه وبين
مجالسة الناس
وأخرج الفريابي عن الحسن قال : سأل صبيغ التميمي عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن
الذاريات ذروا وعن المرسلات عرفا وعن النازعات غرقا فقال عمر رضي الله عنه : اكشف
رأسك فإذا له ضفيرتان فقال : والله لو وجدتك محلوقا لضربت عنقك
ثم كتب إلى أبي موسى الأشعري أن لا يجالسه مسلم ولا يكلمه
وأخرج الفريابي وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : سألت ابن عباس رضي الله عنهما
عن الذاريات ذروا فقال : الرياح فالحاملات وقرا قال : السحاب فالجاريات يسرا قال :
السفن
وأخرج ابن جرير وابن نصر وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله كانوا
قليلا من الليل ما يهجعون يقول : قليلا ما كانوا ينامون
(7/614)
وأخرج
أبو داود وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن
أنس رضي الله عنه في قوله كانوا قليلا من الليل ما يهجعون قال : كانوا يصلون بين
المغرب والعشاء وكذلك تتجافى جنوبهم البقرة الآية 264
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي العالية في قوله كانوا قليلا من الليل ما
يهجعون قال : لا ينامون عن العشاء الآخرة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن نصر وابن المنذر عن عطاء في قوله كانوا قليلا من الليل ما
يهجعون قال : ذلك إذ أمروا بقيام الليل وكان أبو ذر يعتمد على العصا فمكثوا شهرين
ثم نزلت الرخصة فاقرأوا ما تيسر منه المائدة الآية 90
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك في الآية قال : كانوا قليلا من الناس الذين
يفعلون ذلك إذ ذاك
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك في الآية قال : المتقين هم القليل كانوا من الناس
قليلا
وأخرج ابن جرير ومحمد بن نصر عن الضحاك في قوله كانوا قليلا يقول : المحسنون كانوا
قليلا هذه مفصولة ثم استأنف فقال : من الليل ما يهجغون الهجوع النوم
وأخرج ابن أبي شيبة وابن نصر عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : كانوا لا
ينامون الليل كله
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن قتادة في قوله كانوا قليلا من الليل ما يهجعون
قال : كان الحسن يقول : كانوا قليلا من الليل ما ينامون وكان مطرف بن عبد الله
يقول : كانوا قل ليلة لا يصيبون منها وكان محمد بن علي يقول : لا ينامون حتى يصلوا
العتمة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن مردويه من طريق الحسن عن عبد الله بن رواحة
رضي الله عنه في قوله كانوا قليلا من الليل ما يهجعون قال : هجعوا قليلا ثم مدوها
إلى السحر
(7/615)
وأخرج
ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
إن آخر الليل في التهجد أحب إلي من أوله لأن الله يقول وبالأسحار هم يستغفرون
"
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما " عن النبي صلى الله عليه و سلم
في قوله وبالأسحار هم يستغفرون قال : يصلون "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه
عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله وبالأسحار هم يستغفرون قال : يصلون
وأخرج ابن أبي شيبة وابن نصر وابن جرير وابن المنذر عن الحسن في الآية قال : صلوا
فلما كان السحر استغفروا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وفي أموالهم حق قال : سوى
الزكاة يصل بها رحما أو يقري بها ضيفا أو يعين بها محروما
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله وفي أموالهم حق قال
: سوى الزكاة
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : كانوا يرون في أموالهم حقا سوى الزكاة
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه سئل عن
السائل والمحروم قال : السائل الذي يسأل الناس والمحروم الذي ليس له سهم في
المسلمين
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن الحسن بن
محمد بن الحنفية قال : بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم سرية فأصابوا وغنموا
فجاء قوم بعد ما فرغوا فنزلت وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : المحروم هو المحارف الذي
يطلب الدنيا وتدبر عنه ولا يسأل الناس فأمر الله المؤمنين برفده
وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة قال : سألت عائشة رضي الله عنها عن المحروم في هذه
الآية فقالت : هو المحارف الذي لا يكاد يتيسر له مكسبه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : المحروم المحارف
الذي ليس له في الإسلام سهم
(7/616)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال : المحروم الذي ليس في الغنيمة شيء
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم مثله
وأخرج ابن المنذر عن أبي قلابة قال : كان رجل باليمامة فجاء السيل فذهبت بماله
فقال رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم : هذا المحروم فأعطوه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : السائل الذي يسأل بكفه
والمحروم المتعفف
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية قال : المحروم المحارف
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : المحروم المحارف الذي لا يثبت له مال
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك قال : المحروم الذي لا ينمو له مال في قضاء
الله
وأخرج عبد بن حميد عن عامر قال : هو المحارف وتلا هذه الآية إنا لمغرمون بل نحن
محرمون الواقعة الآية 66 - 67 قال : هلكت ثمارهم وحرموا بركة أرضهم
وأخرج عبد بن حميد عن قزعة أن رجلا سأل ابن عمر رضي الله عنهما عن قوله وفي
أموالهم حق معلوم قال : هي الزكاة وفي سوى ذلك حقوق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله للسائل والمحروم قال : السائل الذي
يسأل بكفه والمحروم المحارف
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي قال : أعياني أعلم ما المحروم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي بشر قال : سألت سعيد بن جبير عن المحروم فلم
يقل فيه شيئا وسألت عطاء فقال : هو المحدود وزعم أن المحدود المحارف
وأخرج ابن جرير وابن حبان وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان ولا
الأكلة والأكلتان قالوا : فمن المسكين ؟ قال : الذي ليس له ما يغنيه ولا يعلم
مكانه فيتصدق عليه فذلك المحروم "
(7/617)
وأخرج
العسكري في المواعظ وابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " يا أنس ويل للأغنياء من الفقراء يوم القيامة يقولون
: ربنا ظلمونا حقوقنا التي فرضت لنا عليهم فيقول : وعزتي وجلالي لأقربنكم
ولأباعدنهم قال : وتلا رسول الله صلى الله عليه و سلم وفي أموالهم حق معلوم للسائل
والمحروم "
وأخرج البيهقي في سننه عن فاطمة بنت قيس أنها سألت النبي صلى الله عليه و سلم عن
هذه الآية وفي أموالهم حق معلوم قال : إن في المال حقا سوى الزكاة وتلا هذه الآية
ليس البر أن تولوا وجوهكم إلى قوله وفي الرقاب وأقام الصلاة وآتى الزكاة البقرة
177 والله سبحانه وتعالى أعلم
الآيات 20 - 40
(7/618)
أخرج
عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن قتادة رضي الله عنه في
قوله وفي الأرض آيات للموقنين قال : يقول : معتبر لمن اعتبر وفي أنفسكم قال : يقول
: في خلقه أيضا إذا فكر فيه معتبر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله وفي أنفسكم
أفلا تبصرون قال : من تفكر في خلقه علم أنما لينت مفاصله للعبادة
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في
شعب الإيمان عن ابن الزبير رضي الله عنه في قوله وفي أنفسكم أفلا تبصرون قال :
سبيل الغائط والبول
وأخرج الخرائطي في مساوئ الأخلاق عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وفي أنفسكم أفلا
تبصرون قال : سبيل الغائط والبول
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله وفي أنفسكم أفلا تبصرون قال :
فيما يدخل من طعامكم وما يخرج والله أعلم
قوله تعالى : وفي السماء رزقكم الآيتين
أخرج ابن النقور والديلمي عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم في
قوله وفي السماء رزقكم وما توعدون قال : المطر
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إني لأعرف الثلج وما
رأيته في قول الله وفي السماء رزقكم وما توعدون قال : الثلج
وأخرج أبو الشيخ وابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله وفي السماء رزقكم قال :
المطر وما توعدون قال : الجنة والنار
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : الجنة في السماء
وما توعدون من خير وشر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله فورب السماء والأرض
الآية قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " قاتل الله
أقواما أقسم لهم ربهم ثم لم يصدقوا "
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله فورب السماء والأرض إنه لحق
قال : لكل شيء ذكره في هذه السورة
(7/619)
أخرج
ابن أبي الدنيا وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله هل أتاك حديث ضيف إبراهيم المكرمين قال : خدمته إياهم بنفسه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال :
أكرمهم إبراهيم بالعجل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله فراغ إلى
أهله فجاء بعجل سمين قال : كان عامة مال إبراهيم البقر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله وبشروه بغلام عليم قال : هو إسماعيل
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
فأقبلت امرأته في صرة قال : في صيحة فصكت قال : لطمت
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله في صرة
قال : صيحة فصكت وجهها قال : ضربت بيدها على جبهتها وقالت : يا ويلتاه
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه أنه سئل عن عجوز عقيم وعن
الريح العقيم وعن عذاب يوم عقيم فقال : العجوز العقيم التي لا ولد لها وأما الريح
العقيم فالتي لا بركة فيها ولا منفعة ولا تلقح وأما عذاب يوم عقيم فيوم لا ليلة له
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله فما وجدنا فيها غير
بيت من المسلمين قال : لوط وابنتيه
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : كانوا ثلاثة عشر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله فما وجدنا فيها غير بيت
من المسلمين قال : لو كان فيها أكثر من ذلك لنجاهم الله ليعلموا أن الإيمان عند
الله محفوظ لا ضيعة على أهله
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله وتركنا فيها آية قال : ترك
فيها صخرا منضودا
(7/620)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله فتولى بركنه قال : بقومه
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه فتولى بركنه قال : بعضده وأصحابه
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله وهو مليم
قال : مليم في عباد الله تعالى
الآيات 41 - 53 أخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله الريح العقيم قال : الشديدة التي لا تلقح شيئا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح
العقيم قال : الريح العقيم التي لا تلقح الشجر ولا تثير السحاب وفي قوله إلا جعلته
كالرميم قال : كالشيء الهالك
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله الريح العقيم قال :
ريح لا بركة فيها ولا منفعة ولا ينزل منها غيث ولا يلقح منها شجر
(7/621)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " الريح مسجنة في الأرض الثانية فلما أراد الله أن يهلك عادا أمر خازن
الريح أن يرسل عليهم ريحا تهلك عادا قال : أي رب أرسل عليهم من الريح قدر منخر ثور
قال له الجبار
لا إذا تكفأ الأرض ومن عليها ولكن أرسل عليهم بقدر خاتم فهي التي قال الله ما تذر
من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم "
وأخرج الفريابي وابن المنذر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : الريح العقيم
النكباء
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه
قال : الريح العقيم الجنوب
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال : الريح العقيم الصبا التي
لا تلقح شيئا وفي قوله : كالرميم قال : الشيء الهالك
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : الريح العقيم التي لا
تنبت وفي قوله إلا جعلته كالرميم قال : كرميم الشجر
وأخرج أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن مردويه عن رجل من ربيعة قال : قدمت
المدينة فدخلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكرت عنده وافد عاد فقلت : أعوذ
بالله أن أكون مثل وافد عاد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : وما وافد عاد ؟
فقلت : على الخبير سقطت إن عادا لما أقحطت بعثت قيلا فنزل على بكر بن معاوية فسقاه
الخمر وغنته الجرادتان ثم خرج يريد جبال مهرة فقال : اللهم إني لم آتك لمريض
فأداويه ولا لأسير فأفاديه فاسق عبدك ما كنت مسقيه واسق معه بكر بن معاوية يشكر له
الخمر الذي سقاه فرفع له سحابات فقيل له : اختر إحداهن فاختار السوداء منهن فقيل
له : خذها رمادا ومددا لا تذر من عاد أحدا وذكر أنه لم يرسل عليهم من الريح إلا
قدر هذه الحلقة يعني حلقة الخاتم ثم قرأه وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ما
تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم
وأخرج البيهقي في سننه عن قتادة رضي الله عنه في قوله وفي ثمود إذ قيل لهم تمتعوا
حتى حين قال : ثلاثة أيام
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله فعتوا قال
: علوا وفي قوله فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون قال : فجأة
(7/622)
وأخرج
عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله فعتوا قال : علوا
وفي قوله فأخذتهم الصاعقة وهم ينظرون قال : فجأة
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله فما استطاعوا من قيام
قال : من نهوض
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله فما استطاعوا من قيام قال : لم
يستطيعوا أن ينهضوا بعقوبة الله إذ نزلت بهم وفي قوله وما كانوا منتصرين قال : لم
يستطيعوا امتناعا من أمر الله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله والسماء بنيناها بأيد قال : بقوة
وأخرج آدم بن أبي إياس والبيهقي عن مجاهد رضي الله عنه في قوله والسماء بنيناها
بأيد قال : يعني بقوة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله وإنا لموسعون قال :
لنخلق سماء مثلها وفي قوله والأرض فرشناها فنعم الماهدون قال : الفارشون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ومن كل شيء خلقنا زوجين
قال : الكفر والإيمان والشقاء والسعادة والهدى والضلالة والليل والنهار والسماء
والأرض والجن والإنس والبر والبحر والشمس والقمر وبكرة وعشية ونحو هذا كله
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله أتواصوا به
قال : هل أوصى الأول الآخر منهم بالتكذيب
الآيات 54 - 60
(7/623)
أخرج
أبو داود في ناسخه وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله فتول عنهم فما
أنت بملوم قال : أمره الله أن يتولى عنهم ليعذبهم وعذر محمدا صلى الله عليه و سلم
ثم قال : وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين فنسختها
وأخرج إسحق بن راهويه وأحمد بن منيع والهيثم بن كليب في أسانيدهم وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان والضياء في المختارة من
طريق مجاهد عن علي قال : لما نزلت فتول عنهم فما أنت بملوم لم يبق منا أحد إلا
أيقن بالهلكة إذ أمر النبي صلى الله عليه و سلم بالتولي عنا فنزلت وذكر فإن الذكرى
تنفع المؤمنين فطابت أنفسنا
وأخرج ابن راهويه وابن مردويه عن علي رضي الله عنه في قوله فتول عنهم فما أنت
بملوم قال : ما نزلت علينا آية كانت أشد علينا منها ولا أعظم علينا منها فقلنا :
ما هذا إلا من سخطة أو مقت حتى نزلت وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين قال : ذكر
بالقرآن
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله فتول عنهم فما أنت بملوم قال : ذكر
لنا أنها لما نزلت اشتد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ورأوا أن الوحي
قد انقطع وأن العذاب قد حضر فأنزل الله بعد ذلك وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله فتول عنهم فما أنت
بملوم قال : فأعرض عنهم فقيل له : وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين فوعظهم
وأخرج ابن المنذر عن سلمان بن حبيب المحاربي قال : من وجد للذكرى في قلبه موقعا
فليعلم أنه مؤمن قال الله وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وما خلقت الجن
والإنس إلا ليعبدون قال : ليقروا بالعبودية طوعا أو كرها
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وما خلقت الجن والإنس إلا
ليعبدون قال : على ما خلقتهم عليه من طاعتي ومعصيتي وشقوتي وسعادتي
(7/624)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله وما خلقت الجن والإنس
إلا ليعبدون قال : ما جبلوا عليه من الشقاء والسعادة
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الجوزاء في الآية قال : أنا أرزقهم وأنا أطعمهم ما
خلقتهم إلا ليعبدون
وأخرج أحمد والترمذي وحسنة وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " قال الله : ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى
وأسد فقرك وإلا تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك "
وأخرج الطبراني في مسند الشاميين والحاكم في التاريخ والبيهقي في شعب الإيمان
والديلمي في مسند الفردوس عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " قال الله إني والجن والإنس في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري
وأرزق ويشكر غيري "
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وابن الأنباري في المصاحف وابن حبان
والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود رضي الله عنه
قال : أقرأني رسول الله صلى الله عليه و سلم إني أنا الرزاق ذو القوة المتين
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله المتين يقول : الشديد
قوله تعالى : فإن للذين ظلموا ذنوبا الآية
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ذنوبا قال : دلوا
وأخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم
قال : سجلا من العذاب مثل عذاب أصحابهم
وأخرج الخرائطي في مساوىء الأخلاق عن طلحة بن عمرو في قوله ذنوبا مثل ذنوب أصحابهم
قال : عذابا مثل عذاب أصحابهم والله تعالى أعلم
(7/625)
بسم
الله الرحمن الرحيم 52
سورة الطور
مكية وآياتها تسع وأربعون
مقدمة سورة الطور أخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : نزلت سورة الطور بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
وأخرج مالك وأحمد والبخاري ومسلم عن جبير بن مطعم قال : سمعت النبي صلى الله عليه
و سلم يقرأ في المغرب بالطور
وأخرج البخاري وأبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : شكوت إلى رسول الله صلى
الله عليه و سلم أني أشتكي فقال : طوفي من وراء الناس وأنت راكبة فطفت ورسول الله
صلى الله عليه و سلم يصلي إلى جنب البيت يقرأ والطور وكتاب مسطور
الآيات 1 - 6 وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله والطور قال : جبل
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " الطور من جبال الجنة "
وأخرج ابن مردويه عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " الطور جبل من جبال الجنة "
(7/626)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه والطور قال : هو الجبل
بالسريانية وكتاب مسطور قال : صحف في رق منشور قال : الصحيفة
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله وكتاب قال : الذكر مسطور قال :
مكتوب
وأخرج عبد الرزاق والبخاري في خلق أفعال العباد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في
الأسماء والصفات عن قتادة رضي الله عنه في قوله والطور وكتاب مسطور قال : مكتوب في
رق منشور قال : هو الكتاب
وأخرج آدم بن أبي إياس والبخاري في خلق أفعال العباد وابن جرير والبيهقي عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله وكتاب مسطور قال : صحف مكتوبة في رق منشور قال : في صحف
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في رق منشور قال : في الكتاب
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " البيت المعمور في السماء السابعة يدخله كل
يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه حتى تقوم الساعة "
وأخرج ابن المنذر والعقيلي وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي
الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " في السماء بيت يقال له
المعمور بحيال الكعبة وفي السماء الرابعة نهر يقال له الحيوان يدخله جبريل كل يوم
فينغمس انغماسة ثم يخرج فينتفض انتفاضة يخر عنه سبعون ألف قطرة يخلق الله من كل
قطرة ملكا يؤمرون أن يأتوا البيت المعمور فيصلون فيفعلون ثم يخرجون فلا يعودون
إليه أبدا ويولي عليهم أحدهم يؤمر أن يقف بهم في السماء موقفا يسبحون الله فيه إلى
أن تقوم الساعة "
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " البيت المعمور في السماء يقال له الضراح على
مثل البيت الحرام بحياله لو سقط لسقط عليه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لم يردوه قط
وإن له في السماء حرمة على قدر حرمة مكة "
(7/627)
وأخرجه
عبد الرزاق في المصنف عن كريب مولى ابن عباس رضي الله عنهما مرسلا
وأخرج إسحق بن راهويه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب
الإيمان عن خالد بن عرعرة أن رجلا قال لعلي رضي الله عنه : ما البيت المعمور ؟ قال
: بيت في السماء يقال له الضراح وهو بحيال مكة من فوقها حرمته في السماء كحرمة
البيت في الأرض يصلي فيه كل يوم سبعون ألفا من الملائكة لا يعودون إليه أبدا
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن أبي الطفيل
أن ابن الكوا سأل عليا رضي الله عنه عن البيت المعمور ما هو ؟ قال : ذلك الضراح
بيت فوق سبع سموات تحت العرش يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه إلى
يوم القيامة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله والبيت المعمور قال : هو بيت
حذاء العرش يعمره الملائكة يصلي فيه كل يوم سبعون ألفا من الملائكة ثم لا يعودون
إليه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك في قوله والبيت المعمور قال : أنزل من الجنة
فكان يعمر بمكة فلما كان الغرق رفعه الله فهو في السماء السادسة يدخله كل يوم
سبعون ألف ملك من قبيلة إبليس ثم لا يرجع إليه أحد يوما واحدا أبدا
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن عمرو رفعه قال : إن البيت المعمور بحيال الكعبة
لو سقط شيء منه لسقط عليها يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك والحرم حرم بحياله إلى
العرش وما من السماء موضع إهاب إلا وعليه ملك ساجد أو قائم
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن في السماء بيتا
يقال له الضراح وهو فوق البيت من حياله حرمته في السماء كحرمة هذا في الأرض يلجه
كل ليلة سبعون ألف ملك يصلون فيه لا يعودون إليه أبدا غير تلك الليلة
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قدم مكة
فأرادت عائشة أن تدخل البيت فقال لها بنو شيبة : إن أحدا لا يدخله ليلا ولكن نخليه
لك
(7/628)
نهارا
فدخل عليها النبي صلى الله عليه و سلم فشكت إليه أنهم منعوها أن تدخل البيت فقال :
" إنه ليس لأحد أن يدخل البيت ليلا إن هذه الكعبة بحيال البيت المعمور الذي
في السماء يدخل ذلك المعمور سبعون ألف ملك لا يعودون إليه إلى يوم القيامة لو وقع
حجر منه لوقع على ظهر الكعبة "
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله والبيت المعمور قال : ذكر لنا أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال يوما لأصحابه : " هل تدرون ما البيت المعمور ؟ قالوا :
الله ورسوله أعلم
قال : فإنه مسجد في السماء بحيال الكعبة لو خر خر عليها يصلي كل يوم فيه سبعون ألف
ملك إذا خرجوا منه لم يعودوا آخر ما عليهم "
وأخرج ابن جرير عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لما عرج بي الملك إلى السماء السابعة انتهيت إلى بناء فقلت للملك ما هذا ؟
قال : هذا بناء بناه الله للملائكة يدخله كل يوم سبعون ألف ملك يسبحون الله
ويقدسونه لا يعودون إليه "
وأخرج ابن راهويه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة
والحاكم وصححه البيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله
والسقف المرفوع قال : السماء
وأخرج أبو الشيخ عن الربيع بن أنس في قوله والسقف المرفوع قال : العرش والبحر
المسجور قال : هو الماء الأعلى الذي تحت العرش
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه والسقف قال : السماء
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب رضي
الله عنه في قوله والبحر المسجور قال : بحر في السماء تحت العرش
وأخرج ابن جرير عن ابن عمرو مثله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله والبحر المسجور
قال : المحبوس
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله البحر المسجور قال : المرسل
(7/629)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن المسيب قال :
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لرجل من اليهود : أين جهنم ؟ قال : هي البحر
فقال علي : ما أراه إلا صادقا وقرأ والبحر المسجور وإذا البحار سجرت التكوير 6
وأخرج أبو الشيخ في العظمة والبيهقي في البعث والنشور عن علي بن أبي طالب قال : ما
رأيت يهوديا أصدق من فلان زعم أن نار الله الكبرى هي البحر فإذا كان يوم القيامة
جمع الله فيه الشمس والقمر والنجوم ثم بعث عليه الدبور فسعرته
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله والبحر المسجور قال : الموقد
وأخرج أبو الشيخ عن كعب في قوله والبحر المسجور قال : البحر يسجر فيصير جهنم
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله والبحر المسجور قال : المملوء
وأخرج الشيرازي في الألقاب من طريق الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء عن ذي الرمة عن
ابن عباس في قوله والبحر المسجور قال : الفارغ خرجت أمة تستقي فرأت الحوض فارغا
فقالت : الحوض مسجور
الآيا 7 - 18 أخرج سعيد بن منصور وابن سعد وأحمد عن جبير بن مطعم قال : قدمت
المدينة في أسارى بدر على رسول الله صلى الله عليه و سلم فوقفت إليه وهو يصلي
بأصحابه صلاة المغرب فسمعته يقرأ إن عذاب ربك لواقع فكأنما صدع قلبي
(7/630)
وأخرج
أبو عبيد في فضائله عن الحسن أن عمر بن الخطاب قرأ إن عذاب ربك لواقع فربا لها
ربوة عيد لها عشرين يوما
وأخرج أحمد في الزهد عن مالك بن مغول قال : قرأ عمر والطور وكتاب مسطور في رق
منشور قال : قسم إلى قوله إن عذاب ربك لواقع فبكى ثم بكى حتى عيد من وجعه ذلك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله إن عذاب ربك لواقع قال
: وقع القسم هنا وذاك يوم القيامة
قوله تعالى : يوم تمور السماء مورا الآيات
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله يوم تمور السماء
مورا قال : تحرك وفي قوله يوم يدعون قال : يدفعون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله يوم تمور السماء مورا قال : تدور
دورا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله يوم يدعون إلى نار جهنم قال :
يدفع في أعناقهم حتى يردوا النار
وأخرج سعيد بن منصور عن محمد بن كعب في قوله يوم يدعون إلى نار جهنم دعا قال :
يدفعون إليها دفعا
الآيات 19 - 22 أخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة قال : قال ابن عباس في قول الله
لأهل الجنة كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون قوله هنيئا اي لا تموتون فيها
فعندما قالوا فما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين الصافات 59
(7/631)
أخرج
ابن مردويه عن أبي أمامة قال : سئل النبي صلى الله عليه و سلم هل تزاور أهل الجنة ؟
قال : أي والذي بعثني بالحق إنهم ليتزاورون على النوق الدمك عليها حشايا الديباج
يزور الأعلون الأسفلين ولا يزور الأسفلون الأعلين قال : هم درجات قال : وإنهم
ليضعون مرافقهم فيتكئون ويأكلون ويشربون ويتنعمون ويتنازعون فيها كأسا لا لغو فيها
ولا تأثيم لا يصدعون عنها ولا ينزفون مقدار سبعين خريفا ما يرفع أحدهم مرفقه من
اتكائه قال : يا رسول الله هل ينكحون ؟ قال : أي والذي بعثني بالحق دحاما دحاما
وأشار بيده ولكن لأمني ولا منية ولا يمتخطون فيها ولا يتغوطون رجيعهم رشح كحبوب
المسك مجامرهم الألوة وأمشاطهم الذهب والفضة آنيتهم من الذهب والفضة يسبحون الله
بكرة وعشيا قلوبهم على قلب رجل واحد لا غل بينهم ولا تباغض يسبحون الله تعالى بكرة
وعشيا
وأخرج الحاكم وصححه عن علي أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ والذين آمنوا
واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم
وأخرج سعيد بن منصور وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي
في سننه عن ابن عباس قال : إن الله ليرفع ذرية المؤمن معه في الجنة وإن كانوا دونه
في العمل لتقر بهم عينه ثم قرأ والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم الآية
وأخرج البزار وابن مردويه عن ابن عباس رفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم قال :
إن الله يرفع ذرية المؤمن إليه في درجته وإن كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه ثم
قرأ والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم
من شيء قال : وما نقصنا الآباء بما أعيطنا البنين
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" إذا دخل الرجل الجنة سأل عن أبويه وذريته وولده فيقال : إنهم لم يبلغوا
درجتك وعملك فيقول : يا رب قد عملت لي ولهم فيؤمر بإلحاقهم به " وقرأ ابن
عباس والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم الآية قال :
هم ذرية المؤمن يموتون على الإسلام فإن كانت منازل آبائهم أرفع من منازلهم لحقوا
بآبائهم ولم ينقصوا من أعمالهم التي عملوا شيئا
(7/632)
وأخرج
عبد الله بن أحمد في زوائد المسند عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " إن المؤمنين وأولادهم في الجنة وإن المشركين وأولادهم في النار ثم قرأ
رسول الله صلى الله عليه و سلم والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم " الآية
وأخرج هناد وابن المنذر عن إبراهيم في الآية قال : أعطي الآباء مثل ما أعطي
الأبناء وأعطي الأبناء مثل ما أعطي الآباء
وأخرج ابن المنذر عن أبي مجلز في الآية قال : يجمع الله له ذريته كما يحب أن
يجمعوا له في الدنيا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم عن ابن عباس في قوله وما ألتناهم قال : ما
نقصناهم
وأخرج الفريابي عن ابن عباس في قوله وما ألتناهم قال : لم ننقصهم من عملهم شيئا
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله وما ألتناهم يقول : وما ظلمناهم
الآيات 23 - 29 أخرج عبد الرزاق عن ابن جريج في قوله يتنازعون فيها كأسا قال :
الرجل وأزواجه وخدمه يتنازعون أخذه من خدمة الكأس ومن زوجته وأخذ خدمة الكأس منه
ومن زوجته
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله لا لغو فيها يقول : لا باطل فيها ولا
تأثيم
(7/633)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله لا لغو فيها قال : لا يستبون ولا تأثيم قال
: لا يغوون
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله كأنهم لؤلؤ مكنون قال : الذي لم تمر عليه
الأيدي
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله كأنهم لؤلؤ مكنون قال :
بلغني أنه قيل : يا رسول الله هذا الخدم مثل اللؤلؤ فكيف بمخدوم ؟ قال : "
والذي نفسي بيده إن فضل ما بينهما كفضل القمر ليلة البدر على النجوم " وفي
لفظ لابن جرير " إن فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر
الكواكب "
وأخرج الترمذي وحسنة وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " أنا أكرم ولد آدم على ربي ولا فخر يطوف علي ألف خادم كأنهم لؤلؤ مكنون
"
قوله تعالى : فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون الآيات
أخرج البزار عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إذا دخل أهل
الجنة الجنة اشتاقوا إلى الإخوان فيجيء سرير هذا حتى يحاذي سرير هذا فيتحدثان
فيتكىء ذا ويتكىء ذا فيتحدثان بما كانا في الدنيا فيقول أحدهما لصاحبه يا فلان
تدري أي يوم غفر الله لنا يوم كنا في موضع كذا وكذا فدعونا الله فغفر لنا "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين قال
: في الدنيا
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : ووقانا عذاب السموم قال : وهج النار
وأخرج ابن مردويه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لو فتح الله
من عذاب السموم على أهل الأرض مثل الأنملة أحرقت الأرض ومن عليها "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب
الإيمان عن عائشة أنه قرأت هذه الآية فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم إنا كنا
من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم فقالت : اللهم من علينا وقنا عذاب السموم إنك أنت
البر الرحيم وذلك في الصلاة
(7/634)
وأخرج
ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن المنذر عن أسماء أنها قرأت هذه الآية فوقعت
عليها فجعلت تستعيذ وتدعو
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله إنه هو البر قال :
اللطيف
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله إنه هو البر قال : الصادق
الآيات 30 - 46 أخرج ابن إسحق وابن جرير عن ابن عباس أن قريشا لما اجتمعوا في دار
الندوة في أمر النبي صلى الله عليه و سلم قال قائل منهم : احبسوه في وثاق وتربصوا
به المنون حتى يهلك كما هلك من قبله من الشعراء زهير والنابغة إنما هو كأحدهم
فأنزل الله في ذلك من قولهم أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ريب المنون قال :
الموت
(7/635)
وأخرج
ابن الأنباري في الوقت والابتداء عن ابن عباس قال : ريب : شك إلا مكانا واحدا في
الطور ريب المنون يعني حوادث الأمور قال الشاعر : تربص بها ريب المنون لعلها تطلق
يوما أو يموت حليلها وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله
ريب المنون قال : حوادث الدهر وفي قوله أم هم قوم طاغون قال : بل هم قوم طاغون
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله أم تأمرهم أحلامهم قال : العقول
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله فليأتوا بحديث مثله قال : مثل
القرآن وفي قوله : فليأت مستمعهم قال : صاحبهم وفي قوله أم تسألهم أجرا فهم من
مغرم مثقلون يقول : أسألت هؤلاء القوم على الإسلام أجرا فمنعهم من أن يسلموا الجعل
وفي قوله أم عندهم الغيب قال : القرآن
وأخرج البخاري والبيهقي في الأسماء والصفات عن جبير بن مطعم رضي الله عنه : سمعت
النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الآية أم خلقوا من
غير شيء أم هم الخالقون الآيات كاد قلبي أن يطير
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله أم هم المسيطرون قال : المسلطون
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أم هم المسيطرون قال : أم هم
المنزلون والله تعالى أعلم
الآيات 47 - 49 أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله وإن للذين ظلموا
عذابا دون ذلك قال : عذاب القبر قبل يوم القيامة
وأخرج هناد عن زاذان مثله
وأخرج ابن جرير عن قتادة أن ابن عباس قال : إن عذاب القبر في القرآن ثم تلا وإن
للذين ظلموا عذابا دون ذلك
(7/636)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وإن للذين ظلموا عذابا دون
ذلك قال : الجوع لقريش في الدنيا
قوله تعالى : وسبح بحمد ربك حين تقوم
أخرج الفريابي وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وسبح بحمد ربك حين تقوم
قال : من كل مجلس
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الأحوص رضي الله عنه في قوله وسبح بحمد ربك حين تقوم
قال : إذا قمت فقل : سبحان الله وبحمده
وأخرج عبد الرزاق في جامعه عن أبي عثمان الفقير رضي الله عنه أن جبريل علم النبي
صلى الله عليه و سلم إذا قام من مجلسه أن يقول : سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا
إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي والحاكم وابن مردويه عن أبي برزة الأسلمي
قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول بآخرة إذا أراد أن يقوم من المجلس :
سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك فقال رجل يا رسول
الله : إنك لتقول قولا ما كنت تقوله فيما مضى قال : كفارة لما يكون في المجلس
وأخرج ابن أبي شيبة عن زياد بن الحصين قال : دخلت على أبي العالية فلما أردت أن
أخرج من عنده قال : ألا أزودك كلمات علمهن جبريل محمدا صلى الله عليه و سلم ؟ قلت
: بلى قال : فإنه لما كان بآخرة كان إذا قام من مجلسه قال : " سبحانك اللهم
وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك فقيل : يا رسول الله ما هؤلاء
الكلمات التي تقولهن ؟ قال : هن كلمات علمنيهن جبريل كفارات لما يكون في المجلس
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن يحيى بن جعدة قال : كفارة المجلس سبحانك وبحمدك أستغفرك
وأتوب إليك
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن الضحاك في قوله وسبح
بحمد ربك حين تقوم قال : حين تقوم إلى الصلاة تقول هؤلاء الكلمات : سبحانك اللهم
وبحمدك وتبارك أسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن سعيد بن المسيب قال : حق على كل مسلم حين
(7/637)
يقوم
إلى الصلاة أن يقول : سبحان الله وبحمده لأن الله يقول لنبيه وسبح بحمد ربك حين
تقوم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله وسبح بحمد ربك حين تقوم قال : حين تقوم من
فراشك إلى أن تدخل في الصلاة والله أعلم
قوله تعالى : ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم
أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله ومن الليل فسبحه وإدبار النجوم
قال : الركعتان قبل صلاة الصبح
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وإدبار النجوم قال : ركعتي
الفجر
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله وإدبار النجوم قال : صلاة الغداة
(7/638)
بسم
الله الرحمن الرحيم 53
سورة النجم
مكية وآياتها ثنتان وستون
مقدمة سورة النجم أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة النجم بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن مردويه عن ابن مسعود
قال : أول سورة نزلت فيها سجدة والنجم فسجد رسول الله صلى الله عليه و سلم وسجد
الناس كلهم إلا رجلا رأيته أخذ كفا من تراب فسجد عليه فرأيته بعد ذلك قتل كافرا
وهو أمية بن خلف
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : أول سورة أعلن بها النبي صلى الله عليه و سلم
يقرؤها والنجم
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سجد في سورة
والنجم وسجد من حضر من الجن والإنس والشجر
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العالية أن النبي صلى الله عليه و سلم سجد في النجم
والمسلمون
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سجد رسول الله صلى الله عليه
و سلم والمسلمون في النجم إلا رجلين من قريش أرادا بذلك الشهرة
وأخرج ابن مردويه عن الشعبي رضي الله عنه قال : ذكر عند جابر بن عبد الله والنجم
فقال جابر : سجد بها رسول الله صلى الله عليه و سلم والمشركون والإنس والجن
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ
والنجم فسجد فيها المسلمون والمشركون والجن والإنس
(7/639)
وأخرج
ابن مردويه في سننه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : صلى بنا رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقرأ النجم فسجد بنا فأطال السجود
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ سورة
النجم فلما بلغ السجدة سجد فيها
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن الحسن رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم
صلى في كسوف الشمس ركعتين قرأ في إحداهما النجم
وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي
والطبراني وابن مردويه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال : قرأت النجم عند النبي
صلى الله عليه و سلم فلم يسجد فيها
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم يسجد في النجم بمكة فلما هاجر إلى المدينة لم يسجد فيها
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم
يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة
وأخرج أحمد عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه سجد مع رسول الله صلى الله عليه و سلم
إحدى عشرة سجدة منهن النجم
الآيات 1 - 4 أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد رضي الله عنه في قوله والنجم إذا هوى قال : الثريا إذا غابت وفي لفظ إذا
سقطت مع الفجر وفي لفظ قال : الثريا إذا وقعت
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما والنجم إذا هوى قال : الثريا إذا
تدلت
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما والنجم إذا هوى قال : إذا انصب
(7/640)
وأخرج
عبد الرزاق عن الحسن رضي الله عنه والنجم إذا هوى قال : إذا غاب
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه والنجم إذا هوى قال : القرآن إذا نزل
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن معمر عن قتادة رضي الله عنه والنجم
إذا هوى قال : قال عتبة بن أبي لهب : إني كفرت برب النجم قال معمر : فأخبرني ابن
طاووس عن أبيه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال له : أما تخاف أن يسلط الله عليك
كلبه ؟ فخرج ابن أبي لهب مع الناس في سفر حتى إذا كانوا ببعض الطريق سمعوا صوت
الأسد فقال : ما هو إلا يريدني فاجتمع أصحابه حوله وجعلوه في وسطهم حتى إذا ناموا
جاء الأسد فأخذ هامته
وأخرج أبو الفرج الأصبهاني في كتاب الأغاني عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما نزلت
والنجم إذا هوى قال عتبة بن أبي لهب للنبي صلى الله عليه و سلم : إني كفرت برب
النجم إذا هوى فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " اللهم أرسل عليه كلبا من
كلابك " قال : فقال ابن عباس رضي الله عنهكا : فخرج إلى الشام في ركب فيهم
هبار بن الأسود حتى إذا كانوا بوادي الغاضرة وهي مسبعة نزلوا ليلا فافترشوا صفا
واحدا فقال عتبة : أتريدون أن تجعلوا حجزة ؟ لا والله لا أبيت إلا وسطكم فما
أنبهني إلا السبع يشم رؤوسهم رجلا رجلا حتى انتهى إليه فالتفت أنيابه في صدغيه
وأخرج أبو نعيم في الدلائل وابن عساكر من طريق عروة عن هبار بن الأسود قال : كان
أبو لهب وابنه عتبة قد تجهزا إلى الشام وتجهزت معهما فقال ابن أبي لهب : والله
لأنطلقن إلى محمد فلأوذينه في ربه فانطلق حتى أتاه فقال : يا محمد هو يكفر بالذي
دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
اللهم أبعث عليه كلبا من كلابك "
وأخرج أبو نعيم عن طاووس قال : لما تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم والنجم إذا
هوى قال عتبة بن أبي لهب : كفرت برب النجم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" سلط الله عليه كلبا من كلابه "
وأخرج أبو نعيم عن أبي الضحى رضي الله عنه قال : قال ابن أبي لهب : هو يكفر بالذي
قال والنجم إذا هوى فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " عسى أن يرسل
(7/641)
عليه
كلبا من كلابه " فبلغ ذلك أباه فأوصى أصحابه إذا نزلتم منزلا فاجعلوه وسطكم
ففعلوا حتى إذا كان ليلة بعث الله عليه سبعا فقتله
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله والنجم إذا هوى ما ضل قال :
أقسم الله أنه ما ضل محمد وما غوى
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله والنجم إذا هوى
قال : أقسم الله لك بنجوم القرآن ما ضل محمد صلى الله عليه و سلم وما غوى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله وما ينطق عن الهوى قال
: ما ينطق عن هواه ! إن هو إلا وحي يوحى قال : يوحي الله إلى جبريل ويوحي جبريل
إلى النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن مردويه عن أبي الحمراء وحبة العرني قالا : أمر رسول الله صلى الله عليه
و سلم أن تسد الأبواب التي في المسجد فشق عليهم قال حبة : إني لأنظر إلى حمزة بن
عبد المطلب وهو تحت قطيفة حمراء وعيناه تذرفان وهو يقول : أخرجت عمك وأبا بكر وعمر
والعباس وأسكنت ابن عمك ؟ فقال رجل يومئذ : ما يألوا يرفع ابن عمه قال : فعلم رسول
الله صلى الله عليه و سلم أنه قد شق عليهم فدعا الصلاة جامعة فلما اجتمعوا صعد
المنبر فلم يسمع لرسول الله صلى الله عليه و سلم خطبة قط كان أبلغ منها تمجيدا
وتوحيدا فلما فرغ قال : يا أيها الناس ما أنا سددتها ولا أنا فتحتها ولا أنا
أخرجتكم وأسكنته ثم قرأ والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى وما ينطق عن الهوى إن
هو إلا وحي يوحى
وأخرج أحمد والطبراني والضياء عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : " ليدخلن الجنة بشفاعة رجل ليس بنبي مثل الحيين أو مثل أحد
الحيين ربيعة ومضر " فقال رجل : يا رسول الله وما ربيعة من مضر ؟ قال :
" إنما أقول ما أقول "
وأخرج البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" ما أخبرتكم أنه من عند الله فهو الذي لا شك فيه "
وأخرج أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال :
" لا أقول إلا حقا قال بعض أصحابه : فإنك تداعبنا يا رسول الله قال : إني لا
أقول إلا حقا "
(7/642)
وأخرج
الدارمي عن يحيى بن أبي كثير قال : كان جبريل ينزل بالسنة كما ينزل بالقرآن
الآيات 5 - 18 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الربيع رضي الله عنه في قوله علمه
شديد القوى قال : جبريل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله علمه شديد
القوى يعني جبريل ذو مرة قال : ذو خلق طويل حسن
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله علمه شديد
القوى ذو مرة قال : ذو قوة جبريل
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله ذو مرة ذو خلق حسن
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن ذو مرة قال : ذو
شدة في أمر الله قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول نابغة بني
ذبيان : فدى أقر به إذ ضافني وهنا قرى ذي مرة حازم وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي
حاتم والطبراني وأبو الشيخ في العظمة عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم لم ير جبريل في صورته إلا مرتين أما واحدة فإنه سأله أن يراه في صورته فأراه
صورته فسد الأفق وأما الثانية فإنه كان معه حيث صعد فذلك قوله وهو بالأفق الأعلى
لقد رأى من آيات ربه الكبرى قال : خلق جبريل
(7/643)
وأخرج
أحمد وعبد بن حميد وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه وأبو
نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : رأى رسول الله صلى
الله عليه و سلم جبريل في صورته وله ستمائة جناح كل جناح منها قد سد الأفق يسقط من
جناحه من التهاويل والدر والياقوت ما الله به عليم
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " رأيت جبريل عند سدرة المنتهى له ستمائة جناح ينفض من ريشه
التهاويل والدر والياقوت "
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وهو بالأفق الأعلى قال :
مطلع الشمس
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه وهو بالأفق الأعلى قال : قال
الحسن : الأفق الأعلى على أفق المشرق ثم دنا فتدلى يعني جبريل فكان قاب قوسين قال
: قيد قوسين أو أدنى قال : حيث الوتر من القوس الله من جبريل
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في
الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله فكان قاب قوسين أو أدنى قال : رأى
النبي صلى الله عليه و سلم جبريل له ستمائة جناح
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر والطبراني وأبو
الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن مسعود
رضي الله عنه في قوله ما كذب الفؤاد ما رأى قال : رأى صلى الله عليه و سلم
جبريل عليه حلتا رفرف أخضر قد ملأ ما بين السماء والأرض
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن عائشة رضي الله عنها قالت :
كان أول شأن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه رأى في منامه جبريل بأجياد ثم خرج
لبعض حاجته فصرخ به جبريل يا محمد يا محمد فنظر يمينا وشمالا فلم ير شيئا ثلاثا ثم
رفع بصره فإذا هو ثان إحدى رجليه على الأخرى على أفق السماء فقال : يا محمد جبريل جبريل
يسكنه فهرب النبي صلى الله عليه و سلم حتى دخل في الناس فنظر فلم ير شيئا ثم خرج
من الناس فنظر فرآه فذلك قول الله والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى إلى قوله
ثم دنا فتدلى يعني جبريل إلى محمد فكان قاب قوسين أو
(7/644)
أدنى
يقول : القاب نصف الأصبع فأوحى إلى عبده ما أوحى جبريل إلى عبد ربه
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ثم
دنا فتدلى قال : هو محمد صلى الله عليه و سلم دنا فتدلى إلى ربه عز و جل
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ثم دنا قال دنا
ربه فتدلى
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله فكان قاب قوسين قال : كان دنوه قدر قوسين ولفظ عبد بن حميد قال :
كان بينه وبينه مقدار قوسين
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله فكان قاب قوسين قال
: دنا جبريل منه حتى كان قدر ذراع أو ذراعين
وأخرج الطبراني وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس في قوله فكان قاب
قوسين أو أدنى قال : القاب القيد والقوسين الذراعين
وأخرج الطبراني في السنة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله قاب قوسين قال :
ذراعين القاب المقدار القوس الذراع
وأخرج عن شقيق بن سلمة في قوله فكان قاب قوسين قال ذراعين والقوس الذراع يقاس به
كل شيء
وأخرج عن سعيد بن جبير في الآية قال : الذراع يقاس به
وأخرج آدم بن أبي إياس والفريابي والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد في قوله
قاب قوسين قال : حيث الوتر من القوس يعني ربه
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد وعكرمة قالا : دنا منه حتى كان بينه وبينه مثل ما بين
كبدها إلى الوتر
وأخرج الطبراني في السنة عن مجاهد رضي الله عنه قاب قوسين قال : قدر قوسين
وأخرج الحسن في قوله قاب قوسين قال : من قسيكم هذه
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : لما أسري بالنبي
(7/645)
صلى
الله عليه و سلم اقترب من ربه فكان قاب قوسين أو أدنى قال : ألم تر إلى القوس ما
أقربها من الوتر
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ذكر لنا أن القاب فضل طرف القوس على الوتر
وأخرج النسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في
قوله فأوحى إلى عبده ما أوحى قال : عبده محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج الطبراني في السنة والحكيم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " رأيت النور الأعظم ولط دوني بحجاب رفرفه الدر والياقوت فأوحى الله إلي ما
شاء أن يوحي "
وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم في الدلائل عن سريج بن عبيد قال : لما صعد النبي صلى
الله عليه و سلم إلى السماء فأوحى الله إلى عبده ما أوحى قال : فلما أحس جبريل
بدنو الرب خر ساجدا فلم يزل يسبحه تسبيحات ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة
حتى قضى الله إلى عبده ما قضى ثم رفع رأسه فرأيته في خلقه الذي خلق عليه منظوم
أجنحته بالزبرجد واللؤلؤ والياقوت فخيل إلي أن ما بين عينيه قد سد الأفقين وكنت لا
أراه قبل ذلك إلا على صور مختلفة وأكثر ما كنت أراه على صورة دحية الكلبي وكنت
أحيانا لا أراه قبل ذلك إلا كما يرى الرجل صاحبه من وراء الغربال "
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عمر أن جبريل كان يأتي النبي صلى الله عليه و سلم في
صورة دحية الكلبي
وأخرج مسلم وأحمد والطبراني وابن مردويه والبيهقي في السماء والصفات عن ابن عباس في
قوله ما كذب الفؤاد ما رأى ولقد رآه نزلة أخرى قال : رأى محمد ربه بقلبه مرتين
وأخرج عبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن ابن عباس في
قوله ما كذب الفؤاد ما رأى قال : رآه بقلبه
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن إبراهيم النخعي أنه
كان يقرأ أفتمرونه وفسرها أفتجحدونه
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير أنه كان يقرأ أفتمرونه قال : من قرأ أفتمارونه
قال : أفتجادلونه
(7/646)
وأخرج
عبد بن حميد عن ابن عباس أنه كان يقرأ أفتمرونه
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي أن شريحا كان يقرأ أفتمارونه بالألف وكان مسروق يقرأ
أفتمرونه
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : رأى محمد ربه
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم رأى ربه بعينه
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال : إن محمدا رأى ربه مرتين مرة ببصره
ومرة بفؤاده
وأخرج الترمذي وحسنه والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن
عباس في قوله الله ولقد رآه نزلة أخرى قال ابن عباس : قد رأى النبي صلى الله عليه
و سلم ربه عز و جل
وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن الشعبي
قال : لقي ابن عباس كعبا بعرفة فسأله عن شيء فكبر حتى جاوبته الجبال فقال ابن عباس
: إنا بنو هاشم نزعم أن نقول : إن محمدا قد رأى ربه مرتين فقال كعب : إن الله قسم
رؤيته وكلامه بين موسى ومحمد عليهما السلام فرأى محمد ربه مرتين وكلم موسى مرتين
قال مسروق : فدخلت علي عائشة فقلت : هل رأى محمد ربه ؟ فقالت : لقد تكلمت بشيء وقف
له شعري قلت : رويدا ثم قرأت لقد رأى من آيات ربه الكبرى قالت : أين يذهب بك إنما
هو جبريل من أخبرك أن محمدا رأى ربه أو كتم شيئا مما أمر به أو يعلم الخمس التي
قال الله إن الله عنده علم الساعة الآية فقد أعظم الفرية ولكنه رأى جبريل لم يره
في صورته إلا مرتين مرة عند سدرة المنتهى ومرة عند أجياد له ستمائة جناح قد سد
الأفق
وأخرج النسائي والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس قال : أتعجبون أن تكون الخلة
لإبراهيم والكلام لموسى والرؤية لمحمد صلى الله عليه و سلم ؟ وأخرج ابن جرير عن
عكرمة قال : رأى محمد صلى الله عليه و سلم ربه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : قال صلى الله عليه و سلم : " رأيت ربي في
أحسن صورة فقال لي : يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ فقلت : لا يارب
فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي فعلمت ما في السماء والأرض فقلت : يا رب
في الدرجات والكفارات ونقل الأقدام إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة
(7/647)
فقلت
: يا رب إنك اتخذت إبراهيم خليلا وكلمت موسى تكليما وفعلت وفعلت فقال : ألم أشرح
لك صدرك ؟ ألم أضع عنك وزرك ؟ ألم أفعل بك ؟ ألم أفعل ؟ فأفضى إلي بأشياء لم يؤذن
لي أن أحدثكموها فذلك قوله ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما
أوحى ما كذب الفؤاد ما رأى فجعل نور بصري في فؤادي فنظرت إليه بفؤادي "
وأخرج ابن إسحق والبيهقي في الأسماء والصفات وضعفه عن عبد الله بن أبي سلمة أن عبد
الله بن عمر بن الخطاب بعث إلى عبد الله بن عباس يسأله هل رأى محمد ربه ؟ فأرسل
إليه عبد الله بن عباس أن نعم فرد عليه عبد الله بن عمر رسوله أن كيف رآه ؟ فأرسل
: إنه رآه في روضة خضراء دونه فراش من ذهب على كرسي من ذهب يحمله أربعة من
الملائكة : ملك في صورة رجل وملك في صورة ثور وملك في صورة نسر وملك في صورة أسد
وأخرج البيهقي في السماء والصفات وضعفه من طريق عكرمة عن ابن عباس أنه سئل : هل
رأى محمد ربه ؟ قال : نعم رآه كأن قدميه على خضرة دونه ستر من لؤلؤ فقلت : يا أبا
عباس أليس يقول الله : لا تدركه الأبصار ؟ قال : لا أم لك ذاك نوره الذي هو نوره
إذا تجلى بنوره لا يدركه شيء
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي عن بعض أصحاب
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " قالوا يا رسول الله هل رأيت ربك ؟ قال :
لم أره بعيني ورأيته بفؤادي مرتين ثم تلا ثم دنا فتدلى "
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : " سئل رسول الله صلى
الله عليه و سلم هل رأيت ربك ؟ قال : رأيت نهرا ورأيت وراء النهر حجابا ورأيت
الحجاب نورا لم أره غير ذلك "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي العالية في قوله ما كذب الفؤاد ما رأى قال :
محمد رآه بفؤاده ولم يره بعينيه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي صالح في قوله ما كذب الفؤاد ما رأى قال : رآه
مرتين بفؤاده
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال : ما أزعم أنه رآه وما أزعم أنه لم يره
(7/648)
وأخرج
مسلم والترمذي وابن مردويه عن أبي ذر قال : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم
" هل رأيت ربك ؟ فقال : نور أنى أراه "
وأخرج مسلم وابن مردويه عن أبي ذر " أنه سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم
هل رأيت ربك ؟ فقال : رأيت نورا "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي ذر قال : رآه
بقلبه ولم يره بعينيه
وأخرج النسائي عن أبي ذر قال : رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم ربه بقلبه ولم
يره ببصره
وأخرج مسلم والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة في قوله ولقد رآه نزلة أخرى قال :
رأى جبريل عليه السلام
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال : رأى جبريل في صورته
وأخرج عبد بن حميد عن مرة الهمداني قال : لم يأته جبريل في صورته إلا مرتين فرآه
في خضر يتعلق به الدر
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله ولقد رآه نزلة أخرى قال : رأى نورا عظيما عند
سدرة المنتهى
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن مسعود ولقد رآه نزلة أخرى قال : رأى جبريل
معلقا رجله بسدرة عليه الدر كأنه قطر المطر على البقل
وأخرج أبو الشيخ عن ابن مسعود ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى قال : رأى رسول
الله صلى الله عليه و سلم جبريل في صورته عند السدرة له ستمائة جناح جناح منها سد
الأفق يتناثر من أجنحته التهاويل والدر والياقوت ما لا يعلمه إلا الله
وأخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه
والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال : لما أسري برسول الله صلى الله عليه و سلم
انتهي به إلى سدرة المنتهى وهي في السماء السادسة إليها ينتهي ما يعرج من الأرواح
فيقبض منها وإليها ينتهي ما يهبط به من فوقها فيقبض منها إذ يغشى السدرة ما يغشى
قال : فراش من ذهب قال : وأعطي رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاثا : أعطي
الصلوات الخمس وأعطي خواتيم سورة البقرة وغفر لمن لا يشرك بالله شيئا من أمته
المقحمات
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه سئل عن سدرة المنتهى قال : إليها
ينتهي علم كل عالم وما وراءها لا يعلمه إلا الله
(7/649)
وأخرج
ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن الضحاك أنه قيل له : لم تسمى سدرة المنتهى
قال : لأنه ينتهي إليها كل شيء من أمر الله لا يعدوها
وأخرج ابن جرير عن شمر قال : جاء ابن عباس إلى كعب فقال : حدثني عن سدرة المنتهي
قال : إنها سدرة في أصل العرش إليها ينتهي علم كل ملك مقرب أو نبي مرسل ما خلفها
غيب لا يعلمه إلا الله تعالى
وأخرج ابن جرير عن كعب قال : إنها سدرة على رؤوس حملة العرش إليها ينتهي علم
الخلائق ثم ليس لأحد وراءها علم فلذلك سميت سدرة المنتهى لانتهاء العلم إليها
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : سألت كعبا ما سدرة المنتهى ؟ قال : سدرة
ينتهي إليها علم الملائكة وعندها يجدون أمر الله لا يجاوزها علم وسألته عن جنة
المأوى فقال : جنة فيها طير خضر ترتقي فيها أرواح الشهداء
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير والطبراني عن ابن مسعود في قوله عند سدرة
المنتهى قال : صبو الجنة يعني وسطها جعل عليها فضول السندس والإستبرق
وأخرج أحمد وابن جرير عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
انتهيت إلى السدرة فإذا نبقها مثل الجراد وإذا ورقها مثل آذان الفيلة فلما غشيها
من أمر الله ما غشيها تحولت ياقوتا وزمردا ونحو ذلك "
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد في قوله سدرة المنتهى قال : أول يوم من الآخرة وآخر
يوم من الدنيا فهو حيث ينتهي
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه وابن مردويه عن أسماء بنت أبي بكر : سمعت النبي صلى
الله عليه و سلم يصف سدرة المنتهى قال : " يسير الراكب في الفتن منها مائة
سنة يستظل بالفتن منها مائة راكب فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال "
وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى عن ابن عباس إذ يغشى السدرة ما يغشى قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " رأيتها حين استبنتها ثم حال دونها فراش الذهب "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس أنه قرأ عندها جنة المأوى
وعاب على من قرأ جنة المأوى
(7/650)
وأخرج
عبد بن حميد عن عبد الله بن الزبير قال : من قرأ جنة المأوى فأجنه الله إنما هي
جنة المأوى
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس عندها جنة المأوى قال : هي عن يمين
العرش وهي منزل الشهداء
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن مسعود قال : الجنة في السماء السابعة العليا
والنار في الأرض السابعة السفلى
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب أنه قرأ : جنة المأوى قال :
جنة المبيت
وأخرج آدم بن أبي إياس والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد إذ يغشى السدرة ما
يغشى قال : كان أغصان السدرة من لؤلؤ وياقوت وقد رآها محمد بقلبه ورأى ربه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس إذ يغشى
السدرة ما يغشى قال : الملائكة
وأخرج عبد بن حميد عن سلمة بن وهرام إذ يغشى السدرة ما يغشى قال : استأذنت
الملائكة الرب تبارك وتعالى أن ينظروا إلى النبي صلى الله عليه و سلم فأذن لهم
فغشيت الملائكة السدرة لينظروا إلى النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن يعقوب بن زيد قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و
سلم : ما رأيت بفناء السدرة ؟ قال : " فراشا من ذهب "
وأخرج ابن مردويه عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله إذ يغشى السدرة ما
يغشى قال : رآها ليلة أسري به يلوذ بها جراد من ذهب
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
وابن مردويه عن ابن عباس في قوله ما زاع البصر قال : ما ذهب يمينا ولا شمالا وما
طغى قال : ما جاوز ما أمر به
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن مسعود
في قوله لقد رأى من آيات ربه الكبرى قال : رأى رفرفا أخضر من الجنة قد سد الأفق
(7/651)
وأخرج
ابن جرير عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لما
عرج بي مضى جبريل حتى جاء الجنة فدخلت فأعطيت الكوثر ثم مضى حتى جاء السدرة
المنتهى فدنا ربك فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لما
انتهيت إلى السدرة إذا ورقها مثل آذان الفيلة وإذا نبقها أمثال القلال فلما غشيها
من أمر الله ما غشي تحولت فذكر الياقوت "
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : سدرة المنتهى منتهي إليها أمر كل نبي وملك
الآيات 19 - 27 أخرج عبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن
ابن عباس قال : كان اللات رجلا يلت سويق الحاج ولفظ عبد بن حميد : يلت السويق
يسقيه الحاج
وأخرج النسائي وابن مردويه عن أبي الطفيل قال : لما فتح رسول الله صلى الله عليه و
سلم مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة وكان بها العزى فأتاها خالد وكانت على ثلاث
سمرات فقطع السمرات وهدم البيت الذي كان عليها ثم أتى النبي صلى الله عليه و سلم
فأخبره فقال : ارجع فإنك لم تصنع شيئا فرجع خالد فلما أبصرته السدنة وهم حجبتها
أمعنوا في الجبل وهم يقولون : يا عزى يا عزى فأتاها خالد فإذا امرأة عريانة ناشرة
شعرها تحفن التراب على رأسها فعممها بالسيف حتى قتلها ثم رجع إلى رسول الله صلى
الله عليه و سلم فأخبره فقال : تلك العزى
(7/652)
وأخرج
الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس أن العزى كانت ببطن نخلة وأن اللات كانت بالطائف
وأن مناة كانت بقديد
وأخرج سعيد بن منصور والفاكهي عن مجاهد قال : كانت اللات رجلا في الجاهلية على
صخرة بالطائف وكان له غنم فكان يأخذ من رسلها ويأخذ من زبيب الطائف والأقط فيجعل
منه حيسا ويطعم من يمر من الناس فلما مات عبدوه وقالوا : هو اللات وكان يقرأ :
اللات مشددة
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : كان اللات يلت السويق على الحاج
فلا يشرب منه أحدا إلا سمن فعبدوه
وأخرج الفاكهي عن ابن عباس أن اللات لما مات قال لهم عمرو بن لحي : إنه لم يمت
ولكنه دخل الصخرة فعبدوها وبنوا عليها بيتا
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله أفرأيتم اللات قال : كان رجل من ثقيف يلت
السويق بالزيت فلما توفي جعلوا قبره وثنا وزعم الناس أنه عامر بن الظرب أخذ عدوانا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله أفرأيتم اللات والعزى
قال : اللات كان يلت السويق بالطائف فاعتكفوا على قبره والعزى شجرات
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله أفرأيتم
اللات والعزى ومناة قال : آلهة كانوا يعبدونها فكان اللات لأهل الطائف وكانت العزى
لقريش بسقام شعب ببطن نخلة وكانت مناة للأنصار بقديد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي صالح قال : اللات الذي كان يقوم على آلهتهم
وكان يلت لهم السويق والعزى بنخلة كانوا يعلقون عليها السبور والعهن ومناة حجر
بقديد
وأخرج عبد بن حميد عن أبي الجوزاء قال : اللات حجر كان يلت السويق عليه فسمي اللات
قوله تعالى : تلك إذا قسمة ضيزى
أخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله
(7/653)
ضيزى
قال : جائرة
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول امرىء القيس : ضازت بنو أسد
بحكمهم إذ يعدلون الرأس بالذنب وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في
قوله ضيزى قال : منقوصة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ضيزى قال : جائرة
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك مثله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ضيزى قال : جائرة لا حق فيها
قوله تعالى : أم للإنسان ما تمنى
أخرج أحمد والبخاري والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إذا تمنى أحدكم فلينظر ما تمنى فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته
"
قوله تعالى : وكم من ملك في السموات الآية
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله وكم من ملك في السموات لا تغنى شفاعتهم شيئا
قال : لقولهم : إن الغرانقة ليشفعون
الآيات 28 - 31 أخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب قال : احذروا هذا الرأي على
الدين فإنما كان الرأي من رسول الله صلى الله عليه و سلم مصيبا لأن الله كان يريه
وإنما هو ههنا تكلف وظن وإن الظن لا يغني من الحق شيئا
قوله تعالى : ذلك مبلغهم من العلم
(7/654)
أخرج
عبد بن حميد عن مجاهد في قوله ذلك مبلغهم من العلم قال : رأيهم
وأخرج الترمذي وحسنه عن ابن عمر قال : قلما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقوم من مجلس حتى يدعو بهؤلاء الدعوات لأصحابه : " اللهم اقسم لنا من خشيتك
ما يحول بيننا وبين معاصيك ومن طاعتك ما تبلغنا به جنتك ومن اليقين ما يهون علينا
مصيبات الدنيا ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا
واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا
تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا "
قوله تعالى : ولله ما في السموات الآية
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ليجزي الذين أساؤا بما عملوا قال : أهل الشرك
ويجزي الذين أحسنوا قال : المؤمنين
الآية 32 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش
قال : الكبائر ما سمى فيه النار والفواحش ما كان فيه حد في الدنيا
قوله تعالى : إلا اللمم
أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن
المنذر وابن مردوية والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : ما رأيت شيئا أشبه باللمم
مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن الله كتب على ابن
آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فزنا العين النظر وزنا اللسان النطق والنفس
تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في
شعب الإيمان عن ابن مسعود في قوله إلا اللمم قال : زنا العينين
(7/655)
النظر
وزنا الشفتين التقبيل وزنا اليدين البطش وزنا الرجلين المشي ويصدق ذلك الفرج أو
يكذبه فإن تقدم بفرجه كان زانيا وإلا فهو اللمم
وأخرج مسدد وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي هريرة أنه سئل عن قوله إلا اللمم قال :
هي النظرة والغمزة والقبلة والمباشرة فإذا مس الختان الختان فقد وجب الغسل وهو
الزنا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن الزبير قال : اللمم ما بين الحدين
وأخرج سعيد بن منصور والترمذي وصححه والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والحاكم وصححه وابن مردوية والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله إلا اللمم
قال : هو الرجل يلم بالفاحشة ثم يتوب منها قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك لا ألما "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله إلا اللمم يقول :
إلا ما قد سلف
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : قال المشركون : إنما كانوا بالأمس يعملون معنا
فأنزل الله إلا اللمم ما كان منهم في الجاهلية قبل الإسلام وغفرها لهم حين أسلموا
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم في قوله الذين يجتنبون كبائر الإثم قال : الشرك
والفواحش قال : الزنا تركوا ذلك حين دخلوا في الإسلام وغفر الله لهم ما كانوا ألم
به وأصابوا من ذلك قبل الإسلام
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردوية والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة أراه
رفعه في قوله إلا اللمم قال : اللمة من الزنا ثم يتوب ولا يعود واللمة من شرب
الخمر ثم يتوب ولا يعود قال : فتلك الإلمام
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في قوله إلا اللمم قال : كان أصحاب رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقولون : هو الرجل يصيب اللمة من الزنا واللمة من شرب
الخمر فيجتنبها أو يتوب منها
وأخرج ابن مردوية عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
أتدرون ما اللمم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم
قال : هو الذي يلم بالخطرة من الزنا ثم لا يعود ويلم بالخطرة من شرب الخمر ثم لا
يعود ويلم بالسرقة ثم لا يعود "
(7/656)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله إلا اللمم قال : يلم بها في الحين ثم
يتوب
وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح قال : سئلت عن اللمم فقلت : هو الرجل يصيب الذنب ثم
يتوب وأخبرت بذلك ابن عباس فقال : لقد أعانك عليها ملك كريم
وأخرج البخاري في تاريخه عن الحسن في قوله إلا اللمم قال : الزنية في الحين
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي صالح في قوله إلا اللمم قال : الوقعة من الزنا
لا يعود لها
وأخرج ابن المنذر عن عطاء في قوله إلا اللمم قال : هو ما دون الجماع
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة أنه ذكر له قول الحسن في اللمم هي الخطرة من الزنا فقال
: لا ولكنها الضمة والقبلة والشمة
وأخرج ابن جرير عن ابن عمرو قال : اللمم ما دون الشرك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس قال : اللمم كل شيء بين الحدين حد الدنيا
وحد الآخرة يكفره الصلاة وهو دون كل موجب فأما حد الدنيا فكل حد فرض الله عقوبته
في الدنيا وأما حد الآخرة فكل شيء ختمه الله بالنار وأخر عقوبته إلى الآخرة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله إلا اللمم قال : اللمم ما بين
الحدين ما لم يبلغ حد الدنيا ولا حد الآخرة موجبة قد أوجب الله لأهلها النار أو
فاحشة يقام عليه الحد في الدنيا
وأخرج ابن جرير عن محمد بن سيرين قال : سأل رجل زيد بن ثابت عن هذه الآية الذين
يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم فقال : حرم الله عليك الفواحش ما ظهر منها
وما بطن
قوله تعالى : هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو نعيم في المعرفة وابن مردوية والواحدي
عن ثابت بن الحارث الأنصاري قال : كانت اليهود إذا هلك لهم صبي صغير قالوا : هذا
صديق فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم فقال : " كذبت يهود ما من نسمة
(7/657)
يخلقها
الله في بطن أمها إلا أنه شقي أو سعيد "
فأنزل الله عند ذلك هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض الآية كلها
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض قال : هو كنحو
قوله وهو أعلم بالمهتدين
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم أجنة قال : حين
خلق الله آدم من الأرض ثم خلقكم من آدم
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن في قوله هو أعلم بكم إذ أنشأكم من الأرض وإذ أنتم
أجنة في بطون أمهاتكم قال : علم الله من كل نفس ما هي عاملة وما هي صانعة وما هي
إليه صائرة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن زيد بن أسلم في قوله فلا تزكوا أنفسكم
قال : لا تبرئوا أنفسكم
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله فلا تزكوا أنفسكم قال : لا تعملوا بالمعاصي
وتقولون : نعمل بالطاعة
وأخرج ابن سعد وأحمد ومسلم وأبو داود وابن مردوية عن زينب بنت أبي سلمة أنها سميت
برة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " فلا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل
البر منكم سموها زينب "
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن جده عبد الله بن مصعب قال : قال أبو بكر
الصديق لقيس بن عاصم : صف لنا نفسك
فقال : إن الله يقول فلا تزكوا أنفسكم فلست ما أنا بمزك نفسي وقد نهاني الله عنه
فأعجب أبا بكر ذلك منه
الآيات 33 - 37
(7/658)
أخرج
ابن أبي حاتم عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج في مغزاة فجاء رجل فلم
يجد ما يخرج عليه فلقي صديقا له فقال : أعطني شيئا قال : أعطيك بكري هذا على أن
تتحمل بذنوبي فقال له : نعم فأنزل الله أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى
وأخرج ابن أبي حاتم عن دراج أبي السمح قال : خرجت سرية غازية فسأل رجل رسول الله
صلى الله عليه و سلم أن يحمله فقال : لا أجد ما أحملك عليه فانصرف حزينا فمر برجل
رحاله منيخة بين يديه فشكا إليه فقال له الرجل : هل لك أن أحملك فتلحق الجيش ؟
فقال : نعم فنزلت أفرأيت الذي تولى إلى قوله ثم يجزاه الجزاء الأوفى
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : إن رجلا أسلم فلقيه بعض من يعيره فقال : أتركت
دين الأشياخ وضللتهم وزعمت أنهم في النار ؟ قال : إني خشيت عذاب الله قال : أعطني
شيئا وأنا أحمل كل عذاب كان عليك فأعطاه شيئا فقال : زدني فتعاسرا حتى أعطاه شيئا
وكتب له كتابا وأشهد له ففيه نزلت هذه الآية أفرأيت الذي تولى وأعطى قليلا وأكدى
أعنده علم الغيب فهو يرى
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله أفرأيت الذي تولى قال : الوليد بن المغيرة كان يأتي النبي صلى الله عليه و
سلم وأبا بكر فيسمع ما يقولان وذلك ما أعطى من نفسه أعطى الاستماع وأكدى قال :
انقطع عطاؤه نزل في ذلك أعنده علم الغيب قال : الغيب القرآن أرأى فيه باطلا أنفذه
ببصره إذ كان يختلف إلى النبي صلى الله عليه و سلم وأبي بكر
وأخرج ابن مردوية عن ابن عباس في قوله وأعطى قليلا وأكدى قال : قطع نزلت في العاص
بن وائل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وأعطى قليلا وأكدى قال : أطاع
قليلا ثم انقطع
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله أعطى قليلا
وأكدى قال : أعطى قليلا من ماله ومنع الكثير ثم كدره بمنة قال : وهل تعرف العرب
ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول الشاعر :
(7/659)
أعطى
قليلا ثم أكدى بمنه ومن ينشر المعروف في الناس يحمد قوله تعالى : وإبراهيم الذي
وفى
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردوية والشيرازي
في الألقاب والديلمي بسند ضعيف عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" أتدرون ما قوله وإبراهيم الذي وفى قالوا : الله ورسوله أعلم
قال : وفى عمل يومه بأربع ركعات كان يصليهن من أول النهار وزعم أنها صلاة الضحى
"
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وإبراهيم الذي وفى قال : وفى
الله بالبلاغ
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله وإبراهيم الذي وفى قال :
وفى ما فرض عليه
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردوية عن ابن عباس قال : سهام الإسلام ثلاثون سهما لم
يمسها أحد قبل إبراهيم عليه الصلاة و السلام قال الله وإبراهيم الذي وفى
وأخرج ابن جرير عن قتادة وإبراهيم الذي وفى قال : وفى طاعة الله وبلغ رسالة ربه
إلى خلقه
وأخرج ابن جرير عن مجاهد وعكرمة وإبراهيم الذي وفى قال : بلغ هذه الآية أن لا تزر
وازرة وزر أخرى
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير وإبراهيم الذي وفى قال : بلغ ما أمر به
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس وإبراهيم الذي وفى يقول : الذي استكمل الطاعة فيما فعل
بابنه حين رأى الرؤيا والذي في صحف موسى أن لا تزر وازرة وزر أخرى إلى آخر الآية
وأخرج ابن جرير عن القرظي وإبراهيم الذي وفى قال : وفى بذبح ابنه
وأخرج ابن مردوية عن ابن عباس في قوله وإبراهيم الذي وفى قال : وفى سهام الإسلام
كلها ولم يوفها أحد غيره وهي ثلاثون سهما منها عشرة في براءة إن الله اشترى من
المؤمنين أنفسهم وأموالهم التوبة 111 الآيات كلها وعشرة في الأحزاب إن
(7/660)
المسلمين
والمسلمات الأحزاب 35 الآيات كلها وستة في قد أفلح المؤمنين المؤمنون 1 من أولها
الآيات كلها وأربع في سأل سائل المعارج 1 والذين يصدقون بيوم الدين المعارج 26
والذين هم من عذاب ربهم مشفقون المعارج 27 الآيات كلها فذلك ثلاثون سهما فمن وافى
الله بسهم منها فقد وافاه بسهم من سهام الإسلام ولم يوافه بسهام الإسلام كلها إلا
إبراهيم عليه الصلاة و السلام قال الله وإبراهيم الذي وفى
الآيات 38 - 41 أخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه وابن مردوية عن ابن عباس قال : لما
نزلت والنجم فبلغ وإبراهيم الذي وفى قال : وفى أن لا تزر وازرة وزر أخرى إلى قوله
من النذر الأولى
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية في قوله وإبراهيم الذي وفى قال : أدى عن ربه أن
لا تزر وازرة وزر أخرى
وأخرج الشافعي وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عمرو
بن أوس قال : كان الرجل يؤخذ بذنب غيره حتى جاء إبراهيم فقال الله وإبراهيم الذي
وفى قال : بلغ وأدى أن لا تزر وازرة وزر أخرى
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس وإبراهيم الذي وفى قال : كانوا قبل إبراهيم يأخذون
الولي بالمولى حتى كان إبراهيم فبلغ أن لا تزر وازرة وزر أخرى لا يؤخذ أحد بذنب
غيره
وأخرج ابن المنذر عن هذيل بن شرحبيل قال : كان الرجل يؤخذ بذنب غيره فيما بين نوح
إلى إبراهيم حتى جاء إبراهيم فلا تز وازرة وزر أخرى
قوله تعالى : وأن ليس للإنسان إلا ما سعى
(7/661)
أخرج
أبو داود والنحاس كلاهما في الناسخ وابن جرير وابن المنذر وابن مردوية عن ابن عباس
قال وأن ليس للإنسان إلا ما سعى فأنزل الله بعد ذلك والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم
بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم سورة الطور الآية 21 فأدخل الله الأبناء الجنة بصلاح
الآباء
وأخرج ابن مردوية عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قرأ
وأن ليس للإنسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى استرجع
واستكان
الآيات 42 - 47 أخرج الدارقطني في الأفراد والبغوي في تفسيره عن أبي بن كعب عن
النبي صلى الله عليه و سلم في قوله وأن إلى ربك المنتهى قال : لا فكرة في الرب
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن سفيان الثوري في قوله وأن إلى ربك المنتهى قال : لا
فكرة في الرب
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : مر النبي صلى الله عليه و سلم على قوم يتفكرون
في الله فقال : " تفكروا في الخلق ولا تتفكروا في الخالق فإنكم لن تقدرونه
"
وأخرج أبو الشيخ عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " تفكروا
في خلق الله ولا تفكروا في الله فتهلكوا "
وأخرج أبو الشيخ عن يونس بن مسيرة قال : خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم على
أصحابه وهم يذكرون عظمة الله تعالى فقال : " ما كنتم تذكرون ؟ " قالوا :
كنا نتفكر في عظمة الله تعالى فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ألا في
الله فلا تفكروا ثلاثا ألا فتفكروا في عظم ما خلق ثلاثا "
(7/662)
وأخرج
أبو الشيخ عن أبي أمية مولى شبرمة واسمه الحكم عن بعض أئمة الكوفة قال : قال ناس
من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم فقصد نحوهم فسكتوا فقال : " ما كنتم
تقولون " ؟ قالوا : نظرنا إلى الشمس فتفكرنا فيها من أين تجيء ومن أين تذهب
وتفكرنا في خلق الله فقال : " كذلك فافعلوا تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في
الله فإن لله تعالى وراء المغرب أرضا بيضاء بياضها ونورها مسيرة الشمس أربعين يوما
فيها خلق من خلق الله لم يعصوا الله طرفة عين " قيل : يا رسول الله من ولد
آدم هم ؟ قال : " ما يدرون خلق آدم أم لم يخلق " قيل : يا نبي الله فأين
إبليس عنهم ؟ قال : " لا يدرون خلق إبليس أم لم يخلق "
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : دخل علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم ونحن
في المسجد حلق حلق فقال لنا : فيم أنتم ؟ قلنا : نتفكر في الشمس كيف طلعت وكيف
غربت ؟ قال : " أحسنتم كونوا هكذا تفكروا في المخلوق ولا تفكروا في الخالق
فإن الله خلق ما شاء لما شاء وتعجبون من ذلك إن من وراء ق سبع بحار كل بحر خمسمائة
عام ومن وراء ذلك سبع أرضين يضيء نورها لأهلها ومن وراء ذلك سبعين ألف أمة خلقوا
على أمثال الطير هو وفرخه في الهواء لا يفترون عن تسبيحة واحدة ومن وراء ذلك سبعين
ألف أمة خلقوا من ريح فطعامهم ريح وشرابهم ريح وثيابهم من ريح وآنيتهم من ريح
ودوابهم من ريح لا تستقرحوا فردوا بهم إلى الأرض إلى قيام الساعة أعينهم في صدروهم
ينام أحدهم نومة واحدة ينتبه وعند رأسه رزقه ومن وراء ذلك ظل العرش وفي ظل العرش
سبعون ألف أمة ما يعلمون أن الله خلق آدم ولا ولد آدم ولا إبليس ولا ولد إبليس وهو
قوله تعالى ويخلق ما لا تعلمون سورة النحل 8 "
وأخرج ابن مردوية عن عائشة قالت : مر رسول الله صلى الله عليه و سلم على قوم
يضحكون فقال : " لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا ولضحكتم قليلا فنزل عليه
جبريل فقال : إن الله وأنه هو أضحك وأبكى فرجع إليهم فقال : ما خطوت أربعين خطوة
حتى أتاني جبريل فقال : ائت هؤلاء فقل لهم : " إن الله أضحك وأبكى "
(7/663)
وأخرج
أبو الشيخ في العظمة وابن مردوية عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" هبط آدم من الجنة بياقوتة بيضاء تمسح بها دموعه قال : وبكى آدم على الجنة
أربعين عاما فقال له جبريل : يا آدم ما يبكيك إن الله بعثني إليك معزيا فضحك آدم
فذلك قول الله هو أضحك وأبكى فضحك آدم وضحكت ذريته وبكى آدم وبكت ذريته "
وأخرج ابن أبي شيبة عن جبار الطائي قال : شهدت جنازة أم مصعب بن الزبير وفيها ابن
عباس فسمعنا أصوات نوائح فقلت : عباس يصنع هذا وأنت ههنا ؟ فقال : دعنا عنك يا
جبار فإن الله أضحك وأبكى
الآيات 48 - 58 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وأنه أغنى وأقنى
قال : أعطى وأرضى
وأخرج الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أغنى قال : أكثر
وأقنى قال : قنع
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله أغنى وأقنى
قال : أغنى من الفقر وأقنى من الغنى فقنع به قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول عنترة العبسي : فأقنى حياءك لا أبا لك واعلمي أني امرؤ سأموت إن لم
أقتل وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال : أغنى أرضى وأقنى مون
وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح في قوله أغنى وأقنى قال : غنى بالمال وأقنى من
القنية
(7/664)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة والضحاك مثله
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن الحضرمي في قوله وأنه هو أغنى وأقنى قال : أغنى نفسه
وأفقر الخلائق إليه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله وأنه هو رب الشعرى قال : هو الكوكب الذي يدعى
الشعرى
وأخرج الفاكهي عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في خزاعة وكانوا يعبدون الشعرى
وهو الكوكب الذي يتبع الجوزاء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن مجاهد قال : الشعرى الكوكب الذي خلف
الجوزاء كانوا يعبدونه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قال : كان ناس في الجاهلية
يعبدون هذا النجم الذي يقال له : الشعرى فنزلت
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله وأنه أهلك عادا الأولى قال : كانت الآخرة
بحضرموت
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله وقوم نوح من قبل إنهم
كانوا هم أظلم وأطغى قال : لم يكن قبيل من الناس هم أظلم وأطغى من قوم نوح دعاهم
نوح ألف سنة إلا خمسين عاما كلما هلك قرن ونشأ قرن دعاهم حتى لقد ذكر لنا أن الرجل
كان يأخذ بيد أخيه أو ابنه فيمشي إليه فيقول : يا بني إن أبي قد مشى بي إلى هذا
وأنا مثلك يومئذ
تتابعا في الضلالة وتكذيبا بأمر الله عز و جل
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ وابن جرير عن مجاهد في قوله والمؤتفكة أهوى قال :
أهوى بها جبريل بعد أن رفعها إلى السماء
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله والمؤتفكة أهوى قال : قوم لوط ائتفكت بهم
الأرض بعد أن رفعها الله إلى السماء فالأرض تجلجل بها إلى يوم القيامة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله والمؤتفكة
أهوى قال : قرى قوم لوط فغشاها ما غشى قال : الحجارة فبأي آلاء ربك قال : فبأي نعم
ربك
(7/665)
وأخرج
ابن جرير عن أبي مالك الغفاري في قوله أن لا تزر وازرة وزر أخرى إلى قوله هذا نذير
من النذر الأولى قال : محمد صلى الله عليه و سلم أنذر ما أنذر الأولون
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله هذا نذير من النذر الأولى قال :
إنما بعث محمد بما بعث به الرسل قبله وفي قوله أزفت الآزفة قال : الساعة ليس لها
من دون الله كاشفة أي رادة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : الآزفة من أسماء يوم القيامة
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله أزفت الآزفة قال : اقتربت
الساعة
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله أزفت الآزفة قال : اقتربت الساعة ليس لها من
دون الله كاشفة قال : لا يكشف عنها إلا هو
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في الآية قال : ليس لها من دون الله من آلهتهم كاشفة
الآيات 59 - 62 أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله أفمن هذا
الحديث قال : القرآن
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وهناد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن صالح أبي الخليل قال : لما نزلت هذه الآية أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا
تبكون فما ضحك النبي صلى الله عليه و سلم بعد ذلك إلا أن يبتسم ولفظ عبد بن حميد فما
رؤي النبي صلى الله عليه و سلم ضاحكا ولا متبسما حتى ذهب من الدنيا
وأخرج ابن مردوية عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه و
سلم أفمن هذا الحديث تعجبون وتضحكون ولا تبكون فما رؤي النبي صلى الله عليه و سلم
بعدها ضاحكا حتى ذهب من الدنيا
(7/666)
وأخرج
البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال : لما نزلت أفمن هذا الحديث تعجبون
وتضحكون ولا تبكون بكى أصحاب الصفة حتى جرت دموعهم على خدودهم فلما سمع رسول الله
صلى الله عليه و سلم حنينهم بكى فبكينا ببكائه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " لا يلج النار من بكى من خشية الله ولا يدخل الجنة مصر على معصية الله ولو
لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون فيغفر لهم "
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن
مردويه عن ابن عباس في قوله سامدون قال : لاهون معرضون عنه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله وأنتم سامدون قال :
غافلون
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأبو عبيد في فضائله وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في
ذم الملاهي والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن
عباس في قوله وأنتم سامدون قال : الغناء باليمانية كانوا إذا سمعوا القرآن تغنوا
ولعبوا
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة في قوله سامدون قال : هو
الغناء بالحميرية
وأخرج الفريابي وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في
قوله سامدون قال : كانوا يمرون على رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يصلي شامخين
ألم تر إلى البعير كيف يخطر شامخا
وأخرج الطستي في مسائله والطبراني عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله
سامدون قال : السمود اللهو والباطل قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت
قول هزيلة بنت بكر وهي تبكي قوم عاد : ليت عادا قبلوا الحق ولم يبدوا حجودا قيل قم
فانظر إليهم ثم دع عنك السمودا وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد
في قوله سامدون قال : غضاب مبرطمون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طريق منصور عن إبراهيم قال : كانوا
(7/667)
يكرهون
أن يقوم القوم ينتظرون الإمام وكان يقال ذاك من السمود أو هو السمود وقال منصور :
حين يقوم المؤذن فيقومون ينتظرون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طريق سعيد بن أبي عروبة عن أبي معشر عن النخعي أنه
كان يكره أن يقوم إذا أقيمت الصلاة حتى يجيء الإمام ويقرأ هذه الآية وأنتم سامدون
قال سعيد : وكان قتادة يكره أن يقوم حتى يجيء الإمام ولا يفسر هذه الآية على ذا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن أبي خالد الوالبي قال : خرج علي بن
أبي طالب علينا وقد أقيمت الصلاة ونحن قيام ننتظره ليتقدم فقال : ما لكم سامدون لا
أنتم في صلاة ولا أنتم جلوس منتظرون ؟
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله فاسجدوا لله واعبدوا قال : أعنتوا
هذه الوجوه لله وعفروها في طاعة الله
وأخرج البخاري والترمذي وابن مردويه عن ابن عباس قال : سجد النبي صلى الله عليه و
سلم في النجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس
وأخرج أحمد والنسائي وابن مردوية عن المطلب بن أبي وداعة قال : قرأ النبي صلى الله
عليه و سلم بمكة والنجم فسجد وسجد من معه
وأخرج سعيد بن منصور عن سبرة قال : صلى بنا عمر بن الخطاب الفجر فقرأ في الركعة
الأولى سورة يوسف ثم قرأ في الثانية النجم فسجد ثم قام فقرأ إذا زلزلت ثم ركع
(7/668)
بسم
الله الرحمن الرحيم 54
سورة القمر
مكية وآياتها خمس وخمسون
مقدمة السورة أخرج النحاس عن ابن عباس قال : نزلت سورة القمر بمكة
وأخرج ابن الضريس وابن مردوية والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : نزلت بمكة
سورة اقتربت الساعة
وأخرج ابن مردوية عن ابن الزبير مثله
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : قارىء اقتربت تدعى في التوراة
المبيضة تبيض وجه صاحبها يوم تبيض الوجوه قال البيهقي : منكر
وأخرج الديلمي عن عائشة مرفوعا من قرأ بالم تنزيل و يس واقتربت الساعة وتبارك الذي
بيده الملك كن له نورا وحرزا من الشيطان والشرك ورفع له في الدرجات يوم القيامة
وأخرج ابن الضريس عن إسحق بن عبد الله بن أبي فروة رفعه من قرأ اقترت الساعة وانشق
القمر في كل ليلتين بعثه الله يوم القيامة ووجهه كالقمر ليلة البدر
وأخرج ابن الضريس عن ليث عن معن عن شيخ من همدان رفعه إلى النبي صلى الله عليه و
سلم قال : من قرأ اقتربت الساعة غبا ليلة وليلة حتى يموت لقي الله تعالى ووجهه
كالقمر ليلة البدر
(7/669)
وأخرج
أحمد عن بريدة أن معاذا بن جبل صلى بأصحابه صلاة العشاء فقرأ فيها اقتربت الساعة
فقام رجل من قبل أن يفرغ فصلى وذهب فقال له معاذ قولا شديدا فأتى الرجل النبي صلى
الله عليه و سلم فاعتذر إليه فقال : إني كنت أعمل في نخل وخفت على الماء فقال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " صلي بالشمس وضحاها ونحوها من السور "
الآيات 1 - 3 وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وابن جرير وابن المنذر
والترمذي وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أنس قال : سأل أهل مكة النبي صلى
الله عليه و سلم آية فانشق القمر بمكة فرقتين فنزلت اقتربت الساعة وانشق القمر إلى
قوله سحر مستمر أي ذاهب
وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير عن أنس أن أهل مكة سألوا رسول الله صلى الله عليه و
سلم أن يريهم آية فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء بينهما
وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طريق مجاهد
عن أبي معمر عن ابن مسعود قال : رأيت القمر منشقا شقتين بمكة قبل أن يخرج النبي
صلى الله عليه و سلم شقة على أبي قبيس وشقة على السويداء فقالوا : سحر القمر فنزلت
اقتربت الساعة وانشق القمر قال مجاهد : يقول كما رأيتم القمر منشقا فإن الذي
أخبركم عن اقتربت الساعة حق
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن مردويه من طريق أبي
معمر عن ابن مسعود قال : انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فرقتين
فرقة فوق الجبل وفرقة دونه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اشهدوا
"
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل
من طريق الأسود عن عبد الله قال : رأيت القمر على الجبل وقد انشق فأبصرت الجبل من
بين فرجتي القمر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل من
طريق مسروق عن ابن مسعود قال : انشق القمر على عهد النبي صلى الله عليه و سلم فقالت
قريش : هذا سحر ابن أبي كبشة فقالوا : انتظروا ما يأتيكم به السفار فإن محمدا لا
يستطيع أن يسحر الناس كلهم فجاء السفار فسألوهم فقالوا : نعم قد رأيناه فأنزل الله
اقتربت الساعة وانشق القمر
(7/670)
وأخرج
البخاري ومسلم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : انشق القمر في
زمان النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل من طريق علقمة عن ابن مسعود قال : كنا مع
النبي صلى الله عليه و سلم بمنى فانشق القمر حتى صار فرقتين فتوارت فرقة خلف الجبل
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " اشهدوا "
وأخرج مسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والحاكم والبيهقي وأبو
نعيم في الدلائل من طريق مجاهد عن ابن عمر في قوله اقتربت الساعة وانشق القمر قال
: كان ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم انشق فرقتين فرقة من دون الجبل
وفرقة خلفه فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " اللهم أشهد "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير والحاكم وأبو نعيم والبيهقي عن جبير
بن مطعم في قوله وانشق القمر قال : انشق القمر ونحن بمكة على عهد رسول الله صلى
الله عليه و سلم حتى صار فرقتين فرقة على هذا الجبل وفرقة على هذا الجبل فقال
الناس : سحرنا محمد فقال رجل : إن كان سحركم فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم
وأخرج ابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله اقتربت
الساعة وانشق القمر قال : قد مضى ذلك قبل الهجرة انشق القمر حتى رأوا شقيه
وأخرج الطبراني وابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : كسف القمر على عهد
رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : سحر القمر فنزلت اقتربت الساعة وانشق
القمر إلى قوله مستمر
وأخرج أبو نعيم في الحلية من طريق عطاء والضحاك عن ابن عباس في قوله اقتربت الساعة
وانشق القمر قال : اجتمع المشركون على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم منهم
الوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام والعاصي بن وائل والعاصي بن هشام والأسود بن
عبد يغوث والأسود بن المطلب وزمعة بن الأسود والنضر بن الحرث فقالوا للنبي صلى
الله عليه و سلم : إن كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين نصفا على أبي قبيس ونصفا على
قعيقعان فقال لهم النبي صلى الله عليه و سلم : " إن فعلت تؤمنوا ؟ قالوا :
نعم وكانت ليلة بدر فسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم ربه أن يعطيه ما سألوا
فأمسى القمر قد مثل نصفا على أبي
(7/671)
قبيس
ونصفا على قعيقعان ورسول الله صلى الله عليه و سلم ينادي يا أبا سلمة بن عبد الأسد
والأرقم بن أبي الأرقم اشهدوا "
وأخرج أبو نعيم من طريق عطاء عن ابن عباس قال : انتهى أهل مكة إلى النبي صلى الله
عليه و سلم فقالوا : هل من آية نعرف بها أنك رسول الله ؟ فهبط جبريل فقال : يا
محمد قل : يا أهل مكة إن تختلفوا هذه الليلة فسترون آية فأخبرهم رسول الله صلى
الله عليه و سلم بمقالة جبريل فخرجوا ليلة أربع عشرة فانشق القمر نصفين نصفا على
الصفا ونصفا على المروة فنظروا ثم مالوا بأبصارهم فمسحوها ثم أعادوا النظر فنظروا
ثم مسحوا أعينهم ثم نظروا فقالوا : يا محمد ما هذا إلا سحر ذاهب فأنزل الله اقتربت
الساعة وانشق القمر
وأخرج أبو نعيم من طريق الضحاك عن ابن عباس قال : جاءت أحبار اليهود إلى رسول الله
صلى الله عليه و سلم فقالوا : أرنا آية حتى نؤمن فسأل النبي صلى الله عليه و سلم
ربه أن يريه آية فأراهم القمر قد انشق فصار قمرين أحدهما على الصفا والآخر على
المروة قدر ما بين العصر إلى الليل ينظرون إليه ثم غاب القمر فقالوا : هذا سحر
مستمر
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن
مردويه وأبو نعيم عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : خطبنا حذيفة بن اليمان بالمدائن
فحمد الله وأثنى عليه ثم قال اقتربت الساعة وانشق القمر ألا وإن الساعة قد اقتربت
ألا وإن القمر قد انشق على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ألا وإن الدنيا قد
آذنت بفراق ألا وإن اليوم الضمار وغدا السباق
وأخرج ابن المنذر عن حذيفة أنه قرأ اقتربت الساعة وقد انشق القمر
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال : كان انشقاق القمر ورسول الله صلى الله عليه و
سلم بمكة قبل أن يهاجر فقالوا : هذا سحر أسحر السحرة فأقلعوا كما فعل المشركون إذا
كسف القمر ضربوا بطساسهم وعما اصفر أحبارهم وقالوا : هذا فعل السحر وذلك قوله وإن
يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : ثلاث ذكرهن الله في القرآن قد مضين اقتربت
الساعة وانشق القمر قد انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم شقتين
(7/672)
حتى
رآه الناس سيهزم الجمع ويولون الدبر سورة القمر 45 وقد فتحنا عليهم بابا ذا عذاب
شديد سورة المؤمنون 77
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله اقتربت الساعة وانشق
القمر قال : رأوه منشقا فقالوا : هذا سحر ذاهب
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد وكل أمر مستقر قال : يوم القيامة
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج وكل أمر مستقر قال : بأهله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير عن قتادة وكل أمر مستقر قال : مستقر بأهل
الخير الخير وبأهل الشر الشر
الآيات 4 - 8 أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد ولقد جاءهم من
الأنباء ما فيه مزدجر قال : هذا القرآن مزدجر قال : منتهى
وأخرج عبد بن حميد عن عمر بن عبد العزيز أنه خطب بالمدينة فتلا هذه الآية ولقد
جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر قال : أحل فيه الحلال وحرم فيه الحرام وأنبأكم فيه
ما تأتون وما تدعون لم يدعكم في لبس من دينكم كرامة أكرمكم بها ونعمة أتم بها
عليكم
قوله تعالى : خشعا أبصارهم
أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس أنه كان يقرأ خاشعا
أبصارهم بالألف
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ خشعا أبصارهم برفع الخاء
(7/673)
وأخرج
ابن جرير عن قتادة خاشعا أبصارهم أي ذليلة أبصارهم والله أعلم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله مهطعين إلى الداع
قال : ناظرين
وأخرج الطسي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله مهطعين قال : مذعنين
خاضعين قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول تبع : تعبدني نمر بن
سعد وقد درى ونمر بن سعد لي مدين ومهطع وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في
قوله مهطعين إلى الداع قال : عامدين إلى الداعي
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله مهطعين إلى الداع قال : منطلقين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن تميم بن حدلم في قوله مهطعين قال : الإهطاع
التجميح
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير مهطعين إلى الداع قال : هو النسلان
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة مهطعين إلى الداع قال : صائخي أذانهم إلى الصوت
الآيات 9 - 17
(7/674)
أخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله وقالوا مجنون وازدجر قال :
استطير جنونا
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن في قوله وازدجر قال :
تهددوه بالقتل
وأخرج البخاري في الأدب وابن أبي حاتم عن أبي الطفيل أن ابن الكواء سأل عليا عن
المجرة فقال : هي شرخ السماء ومنها فتحت أبواب السماء بماء منهمر ثم قرأ ففتحنا
أبواب السماء الآية
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ففتحنا أبواب السماء بماء
منهمر قال : كثير لم تمطر السماء قبل ذلك اليوم ولا بعده إلا من السحاب وفتحت
أبواب السماء بالماء من غير سحاب ذلك اليوم فالتقى الماءان
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن محمد بن كعب في قوله فالتقى الماء قال
: ماء السماء وماء الأرض على أمر قد قدر قال : كانت الأقوات قبل الأجساد وكان
القدر قبل البلاء
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله قد قدر قال : صاح بصاع
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس في قوله وحملناه على ذات ألواح ودسر
قال : اللواح ألواح السفينة والدسر معاريضها التي تشد بها السفينة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد قال : الألواح الصفائح والدسر العوارض
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وحملناه على ذات ألواح قال :
معاريض السفينة ودسر قال : دسرت بمسامير
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله تعالى : ودسر قال : المسامير
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : حدثنا أن دسرها مساميرها التي شدت بها
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قول الله ودسر قال
: الدسر التي تحرز بها السفينة
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟
قال : نعم
أما سمعت الشاعر وهو يقول : سفينة نوتي قد أحكم صنعها مثخنة الألواح منسوجة الدسر
(7/675)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الدسر كلكل السفينة
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : الدسر صدرها الذي يضرب به الموج
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن نحوه
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله تعالى جزاء
لمن كان كفر قال : جزاء الله هو الذي كفر
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ولقد
تركناها آية قال : أبقى الله سفينة نوح على الجودي حتى أدركها أوائل هذه الأمة
وأخرج آدم بن أبي إياس وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الأسماء
والصفات عن مجاهد ولقد يسرنا القرآن للذكر قال : هونا قراءته
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله ولقد يسرنا القرآن للذكر قال :
لولا أن الله يسره على لسان الآدميين ما استطاع أحد من الخلق أن يتكلم بكلام الله
وأخرج الديلمي عن أنس مرفوعا مثله
وأخرج ابن المنذر عن ابن سيرين أنه مر برجل يقول سورة خفيفة قال لا تقل سورة خفيفة
ولكن قل سورة ميسرة لأن الله يقول ولقد يسرنا القرآن للذكر
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس في قوله فهل من مدكر قال : هل من متذكر
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب في قوله فهل من مدكر قال : هل من منزجر عن
المعاصي
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله هل من مدكر قال : هل من طالب خير
يعان عليه ؟ وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر عن مطر الوراق في قوله
ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر قال : هل من طالب علم فيعان عليه ؟
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن جرير والحاكم
وابن مردويه عن ابن مسعود قال : قرأت على النبي صلى الله عليه و سلم فهل من مذكر
بالذال فقال فهل من مدكر بالدال
(7/676)
الآيات
18 - 22 أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا قال :
باردة في يوم نحس قال : أيام شداد
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله صرصرا قال : شديدة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ريحا صرصرا قال الباردة في يوم نحس
قال : في يوم مشؤوم على القوم مستمر استمر عليهم شره
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز و جل في
يوم نحس قال : النحس البلاء والشدة
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت زهير بن أبي سلمى وهو يقول : سواء
عليه أي يوم أتيته أساعة نحس تتقي أم بأسعد وأخرج ابن أبي حاتم عن زر بن حبيش في
يوم نحس مستمر قال : يوم الأربعاء
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " قال لي جبريل : اقض باليمين مع الشاهد وقال : يوم الأربعاء
يوم نحس مستمر "
وأخرج ابن مردويه عن علي قال : نزل جبريل على النبي صلى الله عليه و سلم باليمين
مع الشاهد والحجامة ويوم الأربعاء يوم نحس مستمر
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : يوم
نحس يوم الأربعاء
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الأيام وسئل
عن يوم الأربعاء قال : يوم نحس قالوا : وكيف ذاك يا رسول الله ؟ قال : أغرق فيه الله
فرعون وقومه وأهلك عادا وثمود
(7/677)
وأخرج
وكيع في الغرر وابن مردويه والخطيب بسند عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " آخر أربعاء في الشهر يوم نحس مستمر "
وأخرج عبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم عن الحسن قال : لما أقبلت الريح قام إليها عاد فأخذ بعضهم بأيدي بعض
وغمزوا أقدامهم في الأرض وقالوا : من يزيل أقدامنا عن الأرض إن كان صادقا فأرسل
الله عليهم الريح تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي هريرة قال : إن كان الرجل من عاد ليتخذ
المصراعين من حجارة لو اجتمع عليه خمسمائة من هذه الأمة لم يستطيعوا أن يحملوه
فكان الرجل يغمز قدمه في الأرض فتدخل فيه
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله كأنهم أعجاز نخل قال : أصول نخل منقعر قال :
منقطع
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أعجاز نخل منقعر قال : أعجاز سود النخل
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله كأنهم أعجاز نخل
منقعر قال : وقعت رؤوسهم كأمثال الأخشبة وتقورت أعناقهم فشبهها بأعجاز نخل منقعر
الآيات 23 - 43
(7/678)
أخرج
ابن المنذر عن ابن عباس في قوله إنا إذا لفي ضلال وسعر قال : شقاء
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة إنا إذا لفي ضلال وسعر قال : في
ضلال وعناء
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله وسعر قال : ضلال وفي قوله
كل شرب محتضر قال : يحضرون الماء إذا غابت الناقة وإذا جاءت حضروا اللبن وفي قوله
فتعاطى قال : تناول وفي قوله كهشيم المحتظر قال : الرجل هشم الحنتمة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله فتعاطى فعقر قال : تناول أحيمر
ثمود الناقة فعقرها وفي قوله كهشيم المحتظر قال : كرماد محترق
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فتعاطى قال : تناول
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله كهشيم المحتظر قال : كالعظام
المحترقة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس كهشيم المحتظر قال : كالحشيش تأكله
الغنم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس كهشيم المحتظر قال : هو الحشيش قد حظرته فأكلته
يابسا فذهب
(7/679)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير كهشيم المحتظر قال : التراب الذي يسقط من
الحائط
قوله تعالى : كذبت قوم لوط الآيات
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله فتماروا
بالنذر قال : لم يصدقوا بها وفي قوله فطمسنا أعينهم قال : ذكر لنا أن جبريل استأذن
ربه في عقوبتهم ليلة أتوا لوطا وأنهم عاجلوا الباب ليدخلوا عليهم فصعقهم بجناحه
فتركهم عميانا يترددون وفي قوله ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر قال : استقر بهم في نار
جهنم وفي قوله فأخذناهم أخذ عزيز مقتدر قال : عزيز في نقمته إذا انتقم لا يخاف أن
يسبق وفي قوله أكفاركم خير من أولئكم يقول : أكفاركم خير ممن قد مضى
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن رضي الله عنه في قوله ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر
قال : عذاب في الدنيا استقر بهم في الآخرة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما أكفاركم خير من أولئكم يقول : ليس
كفاركم خيرا من قوم نوح وقوم لوط
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الربيع بن أنس رضي الله عنه أكفاركم
خير من أولئكم قال : أكفاركم أيتها الأمة خير مما ذكر من القرون الأولى الذين
أهلكتهم
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه أكفاركم خير من أولئكم يقول : أكفاركم خير
من أولئكم الذين مضوا أم لكم براءة في الزبر يعني في الكتب
الآيات 44 - 46 أخرج ابن أبي شيبة وابن منيع وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله سيهزم الجمع ويولون الدبر قال : كان ذلك يوم بدر
قالوا نحن جميع منتصر فنزلت هذه الآية
(7/680)
وأخرج
البخاري والنسائي وابن المنذر والطبراني وأبو نعيم في الدلائل وابن مردويه
والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و
سلم قال وهو في قبة له يوم بدر : " أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن شئت لم تعبد
بعد اليوم أبدا فأخذ أبو بكر بيده فقال : حسبك يا رسول الله ألححت على ربك فخرج
وهو يثب في الدرع وهو يقول : سيهزم الجمع ويولون الدبر بل الساعة موعدهم والساعة
أدهى وأمر "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم كان يثب في الدرع يوم بدر ويقول " هزم الجمع وولوا الدبر "
وأخرج البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : نزل على محمد صلى الله عليه و سلم
وأنا بمكة وإني لجارية ألعب بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمر
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال : أنزل الله على نبيه بمكة قبل يوم بدر سيهزم الجمع ويولون الدبر فقال عمر بن
الخطاب رضي الله عنه : قلت : يا رسول الله أي جمع سيهزم ؟ فلما كان يوم بدر وانهزمت
قريش نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم في آثارهم مصلتا بالسيف وهو يقول
سيهزم الجمع ويولون الدبر وكانت ليوم بدر فأنزل الله فيهم حتى إذا أخذنا مترفيهم
بالعذاب المؤمنون 64 الآية وأنزل الله ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا
إبراهيم 28 الآية ورماهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فوسعتهم الرمية وملأت
أعينهم وأفواههم حتى إن الرجل ليقتل وهو يقذي عينيه فأنزل الله وما رميت إذ رميت
ولكن الله رمى الأنفال 17
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن راهويه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما نزلت سيهزم الجمع
ويولون الدبر قال عمر رضي الله عنه : جعلت أقول : أي جمع سيهزم ؟ حتى كان يوم بدر
رأيت النبي صلى الله عليه و سلم يثب في الدرع وهو يقول سيهزم الجمع ويولون الدبر
فعرفت تأويلها يومئذ
(7/681)
وأخرجه
ابن جرير ومن وجه آخر عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما موصولا
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العالية رضي الله عنه سيهزم الجمع ويولون الدبر قال :
يوم بدر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن النبي صلى
الله عليه و سلم قال يوم بدر : " هزموا وولوا الدبر "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله والساعة
أدهى وأمر قال : ذكر الله قوم نوح وما أصابهم من العذاب وذكر عادا وما أصابهم من
الريح وذكر ثمود وما أصابهم من الصيحة وذكر قوم لوط وما أصابهم من الحجارة وذكر آل
فرعون وما أصابهم من الغرق فقال : أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر
إلى قوله والساعة أدهى وأمر يعني أدهى مما أصاب أولئك وأمر
وأخرج ابن المبارك في الزهد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي
هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " بادروا بالأعمال
سبعا ما ينتظر أحدكم إلا غنى مطغيا أو فقرا منسيا أو مرضا مفسدا أو هرما مفندا أو
موتا مجهزا أو الدجال والدجال شر غائب ينتظر أو الساعة والساعة أدهى وأمر "
وأخرج ابن مردويه عن معقل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
إن الله جعل عقوبة هذه الأمة السيف وجعل موعدهم الساعة والساعة أدهى وأمر "
الآيات 47 - 53 أخرج أحمد ومسلم وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن
المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء مشركو قريش إلى النبي صلى
الله عليه و سلم
(7/682)
يخاصمونه
في القدر فنزلت يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه
بقدر
وأخرج البزار وابن المنذر بسند جيد من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : ما
أنزلت هذه الآية إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا
مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر إلا في أهل القدر
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وابن شاهين وابن منده والباوردي في
الصحابة والخطيب في تالي التلخيص وابن عساكر عن زرارة رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه و سلم أنه تلا هذه الآية ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر قال :
" في أناس من أمتي في آخر الزمان يكذبون بقدر الله "
وأخرج ابن عدي وابن مردويه والديلمي وابن عساكر بسند ضعيف عن أبي أمامة رضي الله
عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن هذه الآية نزلت في
القدرية إن المجرمين في ضلال وسعر "
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وابن المنذر عن إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله
بن جعفر رضي الله عنه وكانت أمه لبابة بنت عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قالت :
كنت أزور جدي ابن عباس رضي الله عنهما في كل يوم جمعة قبل أن يكف بصره فسمعته يقرأ
في المصحف فلما أتى على هذه الآية إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار
على وجوههم قال : يا بنية ما أعرف أصحاب هذه الآية ما كانوا بعد وليكونن
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس
رضي الله عنهما أنه قيل له : قد تكلم في القدر فقال : أو فعلوها ؟ والله ما نزلت
هذه الآية إلا فيهم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر أولئك شرار هذه الأمة لا
تعودوا مرضاهم ولا تصلوا على موتاهم إن أريتني واحدا منهم فقأت عينيه بأصبعي هاتين
وأخرج الطبراني وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه
الآية في القدرية يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه
بقدر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما إنا كل شيء
(7/683)
خلقناه
بقدر قال : خلق الله الخلق كلهم بقدر وخلق لهم الخير والشر بقدر
وأخرج مسلم عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " كل شيء
بقضاء وقدر حتى العجز والكيس "
وأخرج البخاري في تاريخه عن ابن عباس قال : كل شيء بقضاء وقدر حتى وضعك يدك على
خدك
وأخرج أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" لكل أمة مجوس ومجوس أمتي الذين يقولون لا قدر إن مرضوا فلا تعودهم وإن
ماتوا فلا تشهدوهم "
وأخرج ابن شاهين في السنة عن محمد بن كعب القرظي قال : طلبت هذا القدر فيما أنزل
الله على محمد صلى الله عليه و سلم فوجدته في اقتربت الساعة وكل شيء فعلوه في
الزبر وكل صغير وكبير مستطر
وأخرج سفيان بن عيينة في جامعه عن محمد بن كعب القرظي قال : إنما نزلت هذه يوم
يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر تعييرا لأهل
القدر
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج وكل شيء فعلوه في الزبر قال : في الكتاب
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله تعالى وكل صغير وكبير مستطر قال : مسطور في
الكتاب
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وكل صغير وكبير مستطر قال :
محفوظ مكتوب
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله وكل صغير وكبير مستطر قال : مكتوب
وأخرج ابن جرير عن عكرمة مستطر مكتوب في سطر
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد ولقد أهلكنا أشياعكم قال : أشياعهم من أهل الكفر من
الأمم السالفة فهل من مدكر يقول : هل من أحد يتذكر ؟
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : ما طن ذباب إلا بقدر ثم قرأ وما أمرنا إلا
واحدة كلمح بالبصر
(7/684)
وأخرج
ابن مردويه عن عبد الله بن عمر قال : المكذبون بالقدر مجرمو هذه الأمة وفيهم أنزلت
هذه الآية إن المجرمين في ضلال وسعر إلى قوله إنا كل شيء خلقناه بقدر
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله إنا كل شيء خلقناه بقدر قال : يقول خلق كل
شيء فقدره فقدر الدرع للمرأة والقميص للرجل والقتب للبعير والسرج للفرس ونحو هذا
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : جاء العاقب والسيد وكانا رأسي النصارى بنجران
فتكلما بين يدي النبي صلى الله عليه و سلم بكلام شديد في القدر والنبي صلى الله
عليه و سلم ساكت ما يجيبهما بشيء حتى انصرفا فأنزل الله أكفاركم خير من أولئكم
الذين كفروا وكذبوا بالله قبلكم أم لكم براءة في الزبر في الكتاب الأول إلى قوله
ولقد أهلكنا أشياعكم الذين كفروا وكذبوا بالقدر قبلكم وكل شيء فعلوه في الزبر في
أم الكتاب وكل صغير وكبير مستطر يعني مكتوب إلى آخر السورة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن محمد بن كعب قال : كنت أقرأ هذه الآية فما أدري
من عني بها حتى سقطت عليها إن المجرمين في ضلال وسعر إلى قوله كلمح بالبصر فإذا هم
المكذبون بالقدر
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : نزلت هذه الآية في أهل التكذيب إلى آخر الآية
قال مجاهد : قلت لابن عباس : ما تقول فيمن يكذب بالقدر ؟ قال : أجمع بيني وبينه
قلت : ما تصنع به ؟ قال : أخنقه حتى أقتله
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
صنفان من أمتي ليس لهما في الإسلام نصيب المرجئة والقدرية أنزلت فيهم آية من كتاب
الله إن المجرمين في ضلال وسعر إلى آخر الآية "
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : إني لأجد في كتاب الله قوما يسحبون في النار على
وجوههم يقال لهم ذوقوا مس سقر لأنهم كانوا يكذبون بالقدر وإني لا أراهم فلا أدري
أشيء كان قبلنا أم شيء فيما بقي
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : ما نزلت هذه الآية إلا تعييرا لأهل
القدر ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر
وأخرج أحمد عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
إن لكل أمة
(7/685)
مجوسا
وإن مجوس هذه الأمة الذين يقولون لا قدر فمن مرض فلا تعوده وإن مات فلا تشهدوه وهم
من شيعة الدجال حق على الله أن يلحقهم به "
وأخرج ابن مردويه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : سمعت بأذني هاتين رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن أول ما خلق الله القلم قيل : اكتب لا
بد قال : وما لا بد قال : القدر قال : وما القدر ؟ قال : تعلم أن ما أصابك لم يكن
ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك إن مت على غير ذلك دخلت النار "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" إذا كان يوم القيامة أمر الله مناديا ينادي أين خصماء الله ؟ فيقومون مسودة
وجوههم مزرقة عيونهم مائلا شفاههم يسيل لعابهم يقذرهم من رآهم فيقولون : والله يا
ربنا ما عبدنا من دونك شمسا ولا قمرا ولا حجرا ولا وثنا " قال ابن عباس رضي
الله عنهما : لقد أتاهم الشرك من حيث لا يعلمون ثم تلا ابن عباس يوم يبعثهم الله
جميعا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون
المجادلة 18 هم والله القدريون ثلاث مرات
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال : ذكر لابن عباس أن قوما يقولون في
القدر فقال ابن عباس رضي الله عنهما : إنهم يكذبون بكتاب الله فلآخذن بشعر أحدهم
فلأنصينه إن الله كان على عرشه قبل أن يخلق شيئا وأول شيء خلق القلم وأمره أن يكتب
ما هو كائن فإنما يجري الناس على أمر قد فرغ منه
وأخرج عبد بن حميد عن أبي يحيى الأعرج قال : سمعت ابن عباس رضي الله عنهما وذكر
القدرية فقال : لو أدركت بعضهم لفعلت به كذا وكذا ثم قال : الزنا بقدر والسرقة
بقدر وشرب الخمر بقدر
وأخرج ابن جرير عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية
إنا كل شيء خلقناه بقدر قال رجل : يا رسول الله ففيم العمل ؟ أفي شيء نستأنفه أم
في شيء قد فرغ منه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اعملوا فكل ميسر
سنيسره لليسرى وسنيسره للعسرى "
(7/686)
الآيات
54 - 55 أخرج ابن مردويه بسند واه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " النهر الفضاء والسعة ليس بنهر جار "
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله في جنات ونهر قال : النهر السعة
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول : ملكت بها
فأنهرت فتقها يرى قائم من دونها ما وراءها وأخرج عبد بن حميد عن شريك في قوله في
جنات ونهر قال : جنات وعيون
وأخرج عبد بن حميد عن أبي بكر بن عياش رضي الله عنه أن عاصما قرأ في جنات ونهر
مثلثة منتصبة النون قال أبو بكر رضي الله عنه : وكان زهير القرشي يقرأ ونهر يريد
جماعة النهر
وأخرج الحكيم الترمذي عن بريدة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله في جنات
ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر قال : إن أهل الجنة يدخلون على الجبار كل يوم
مرتين فيقرأ عليهم القرآن وقد جلس كل امرىء منهم مجلس الذي هو مجلسه على منابر
الدر والياقوت والزبرجد والذهب والفضة بالأعمال فلا تقر أعينهم قط كما تقر بذلك
ولم يسمعوا شيئا أعظم منه ولا أحسن منه ثم ينصرفون إلى رحالهم قريرة أعينهم ناعمين
إلى مثلها من الغد
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله إن
المتقين في جنات ونهر قال : في نور وضياء
وأخرج الحكيم الترمذي عن ثور بن يزيد رضي الله عنه قال : بلغنا أن الملائكة يأتون
المؤمنين يوم القيامة فيقولون : يا أولياء الله انطلقوا فيقولون : إلى أين ؟
فيقولون : إلى الجنة فيقولون : إنكم تذهبون بنا إلى غير بغيتنا فيقال لهم : وما
بغيتكم ؟ فيقولون : المقعد مع الحبيب وهو قوله إن المتقين في جنات ونهر في مقعد
صدق عند مليك مقتدر
(7/687)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال : دخلت المسجد وأنا أرى أني قد أصبحت فإذا علي
ليل طويل وإذا ليس فيه أحد غيري فقمت فسمعت حركة خلفي ففزعت فقال : أيها الممتلىء
قلبه فرقا لا تفرق أو لا تفزع وقل : اللهم إنك مليك مقتدر ما تشاء من أمر يكون ثم
سل ما بدا لك قال سعيد : فما سألت الله شيئا إلا استجاب لي
وأخرج أبو نعيم عن جابر قال : بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما في مسجد
المدينة فذكر بعض أصحابه الجنة فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " يا أبا
دجانة أما علمت أن من أحبنا وابتلي بمحبتنا أسكنه الله تعالى معنا " ثم تلا
في مقعد صدق عند مليك مقتدر
(7/688)
بسم
الله الرحمن الرحيم 55
سورة الرحمن
مدنية وآياتها ثمان وسبعون
مقدمة السورة أخرج النحاس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة الرحمن بمكة
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال : أنزل بمكة سورة الرحمن
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : نزلت سورة الرحمن بمكة
وأخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال
: نزلت سورة الرحمن بالمدينة
الآيات 1 - 13 أخرج النحاس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة الرحمن
بمكة
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال : أنزل بمكة سورة الرحمن
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : نزلت سورة الرحمن بمكة
وأخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال
: نزلت سورة الرحمن بالمدينة
وأخرج أحمد وابن مردويه بسند حسن عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت : سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع بما يؤمر
والمشركون يسمعون فبأي آلاء ربكما تكذبان
(7/689)
وأخرج
الترمذي وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في
الدلائل عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : " خرج رسول الله صلى الله
عليه و سلم على أصحابه فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها فسكتوا فقال :
ما لي أراكم سكوتا لقد قرأتها على الجن ليلة الجن فكانوا أحسن مردودا منكم كنت
كلما أتيت على قوله فبأي آلاء ربكما تكذبان قالوا : ولا بشيء من نعمك ربنا نكذب
فلك الحمد "
وأخرج البزار وابن جرير وابن المنذر والدارقطني في الأفراد وابن مردويه والخطيب في
تاريخه بسند صحيح عن ابن عمر " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ سورة
الرحمن على أصحابه فسكتوا فقال : ما لي أسمع الجن أحسن جوابا لربها منكم ؟ ما أتيت
على قوله الله فبأي آلاء ربكما تكذبان إلا قالوا : لا شيء من آلائك ربنا نكذب فلك
الحمد "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن علي : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول :
" لكل شيء عروس وعروس القرآن الرحمن "
وأخرج البيهقي عن فاطمة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" قارىء الحديد وإذا وقعت الواقعة والرحمن يدعى في ملكوت السموات والأرض ساكن
الفردوس "
وأخرج أحمد عن ابن زيد رضي الله عنه قال : كان أول مفصل ابن مسعود الرحمن
وأخرج أبو داود والبيهقي في سننه عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلا قال له : إني
قد قرأت المفصل في ركعة فقال : أهذا كهذا الشعر لكن النبي صلى الله عليه و سلم كان
يقرأ النظائر سورتين في ركعة الرحمن والنجم في ركعة واقتربت والحاقة في ركعة
والطور والذاريات في ركعة وإذا وقعت وإن في ركعة وعم والمرسلات في ركعة والدخان
وإذا الشمس كورت في ركعة وسأل سائل والنازعات في ركعة وويل للمطففين وعبس في ركعة
وأخرج الحاكم في التاريخ والبيهقي عن أنس رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم يوتر بتسع ركعات فلما أسن وثقل أوتر بسبع فصلى ركعتين وهو جالس
فقرأ فيهما الرحمن والواقعة
(7/690)
وأخرج
ابن حبان عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : أقرأني رسول الله صلى الله عليه
و سلم سورة الرحمن فخرجت إلى المسجد عشية فجلس إلي رهط فقلت لرجل : اقرأ علي فإذا
هو يقرأ حروفا لا أقرؤها فقلت : من أقرأك ؟ قال : أقرأني رسول الله صلى الله عليه
و سلم فانطلقنا حتى وقفنا على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت : اختلفنا في
قراءتنا فإذا وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم فيه تغيير ووجد في نفسه حين ذكر
الاختلاف فقال : " إنما هلك من قبلكم بالإختلاف " فأمر عليا فقال : إن
رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمركم أن يقرأ كل رجل منكم كما علم فإنما هلك من
قبلكم بالإختلاف قال : فانطلقنا وكل رجل منا يقرأ حرفا لا يقرؤه صاحبه
قوله تعالى : الرحمن علم القرآن الآيات
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله خلق الإنسان علمه البيان قال :
آدم علمه البيان قال : بين له سبيل الهدى وسبيل الضلالة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله الرحمن
علم القرآن قال : نعمة الله عظيمة خلق الإنسان قال : آدم علمه البيان قال : علمه
الله بيان الدنيا والآخرة بين حلاله وحرامه ليحتج بذلك عليه ولله الحجة على عباده
وفي قوله الشمس والقمر بحسبان إلى أجل بحساب
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
عن ابن عباس في قوله الشمس والقمر بحسبان قال : بحساب ومنازل يرسلان
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي مالك رضي الله عنه الشمس والقمر بحسبان قال
: عليهما حساب وأجل كأجل الناس فإذا جاء أجلهما هلكا
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس رضي الله عنه الشمس والقمر بحسبان قال :
يجريان بحساب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه الشمس والقمر بحسبان قال :
بقدر يجريان
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه الشمس والقمر
بحسبان قال : يدوران في مثل قطب الرحى
(7/691)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن أبي رزين والحاكم
وصححه عن ابن عباس في قوله والنجم والشجر يسجدان قال : النجم ما انبسط على الأرض
والشجر ما كان على ساق
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه مثله
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن أبي رزين في قوله والنجم والشجر يسجدان قال : النجم
ما ذهب فرشا على الأرض ليس له ساق والشجر ما كان له ساق يسجدان قال : ظلهما
سجودهما
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والإبتداء عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له :
أخبرني عن قوله والنجم والشجر يسجدان ما النجم ؟ قال : ما أنجمت الأرض مما لا يقوم
على ساق فإذا قام على ساق فهي شجرة
قال صفوان بن أسد التميمي : لقد أنجم القاع الكبير عضاته وتم به حيا تميم ووائل
وقال زهير بن أبي سلمى : مكلل بأصول النجم تنسجه ريح الجنوب كضاحي ما به حبك وأخرج
ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله والنجم والشجر يسجدان قال :
النجم نجم السماء والشجر الشجرة يسجد بكرة وعشية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ووضع الميزان قال :
العدل
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله أن لا تطغوا في الميزان
قال : اعدل يا ابن آدم كما تحب أن يعدل عليك وأوف كما تحب أن يوفى لك فإن العدل
يصلح الناس
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه رأى رجلا يزن قد
أرجح فقال : أقم اللسان كما قال الله وأقيموا الوزن بالقسط
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه وأقيموا الوزن بالقسط قال : اللسان
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله والأرض وضعها
للأنام قال : للناس
(7/692)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما والأرض وضعها
للأنام قال : للخلق
وأخرج الطستي والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني
عن قوله وضعها للأنام قال : الأنام الخلق وهم ألف أمة ستمائة في البحر وأربعمائة
في البر
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت لبيدا وهو يقول : فإن تسألينا ممن
نحن فإننا عصافير من هذا الأنام المسخر وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله وضعها للأنام قال : كل شيء فيه روح
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه والأرض وضعها للأنام قال : كل شيء يدب
على الأرض
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله والأرض وضعها للأنام
قال : للخلق الجن والإنس
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله والنخل ذات الأكمام قال :
أوعية الطلع
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله والحب ذو العصف قال : ورق الحنطة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك في الآية قال : الحب الحنطة والشعير والعصف
القشر الذي يكون علىالحب
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله والحب ذو العصف قال
: التبن والريحان قال : خضرة الزرع
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال : العصف ورق الزرع إذا يبس والريحان ما
أنبتت الأرض من الريحان الذي يشم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : العصف الزرع
أول ما يخرج بقلا والريحان حين يستوي على سوقه ولم يسنبل
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : كل ريحان في القرآن فهو الرزق
(7/693)
وأخرج
أبو الشيخ في العظمة عن أبي صالح في قوله والحب ذو العصف قال : العصف أول ما ينبت
وأخرج ابن جرير عن مجاهد والريحان قال : الرزق
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله والريحان قال : الرزق والطعام
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله والريحان قال : الرياحين التي يوجد ريحها
وأخرج ابن جرير عن الحسن والريحان قال : ريحانكم هذا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فبأي آلاء ربكما
تكذبان قال : بأي نعمة الله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله فبأي آلاء ربكما تكذبان يعني الجن
والإنس والله أعلم
الآيات 14 - 18 أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله وخلق
الجان من مارج من نار قال : من لهب النار
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة مثله
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس من مارج من نار
قال : من لهبها من وسطها
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس من مارج قال : خالص النار
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس من مارج قال : من شهب النار
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد من مارج قال : اللهب الأصفر
والأخضر الذي يعلو النار إذا أوقدت
(7/694)
وأخرج
عبد بن حميد عن سعيد بن جبير من مارج قال : الخضرة التي تقطع من النار السواد الذي
يكون بين النار وبين الدخان
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في
الأسماء والصفات عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " خلقت
الملائكة من نور وخلق الجن من مارج من نار وخلق آدم كما وصف لكم "
قوله تعالى : رب المشرقين الآية
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله رب المشرقين ورب المغربين قال : للشمس مطلع في الشتاء ومغرب في
الشتاء ومطلع في الصيف ومغرب في الصيف غير مطلعها في الشتاء وغير مغربها في الشتاء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رب المشرقين ورب المغربين قال : مشرق الشتاء
ومغربه ومشرق الصيف ومغربه
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة وعكرمة مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله رب المشرقين قال : مشرق النجم ومشرق الشفق
ورب المغربين قال : مغرب الشمس ومغرب الشفق
الآيات 19 - 23 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله مرج
البحرين قال : أرسل البحرين بينهما برزخ قال : حاجز لايبغيان قال : لا يختلطان
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد مرج البحرين يلتقيان قال :
مرجهما استواؤهما بينهما برزخ قال : حاجز من الله لا يبغيان قال : لا يختلطان وفي
لفظ لا يبغي أحدهما على الآخر لا العذب على المالح ولا المالح على العذب
(7/695)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة مرج البحرين يلتقيان قال : حسنهما بينهما برزخ
لا يبغيان قال : البرزخ عزمة من الله لا يبغي أحدهما على الآخر
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن مرج البحرين قال :
بحر فارس وبحر الروم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة مرج البحرين
يلتقيان قال : بحر فارس وبحر الروم وبحر المشرق وبحر المغرب
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس مرج البحرين قال : بحر السماء وبحر الأرض يلتقيان كل
عام
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير مرج البحرين يلتقيان قال : بحر السماء
وبحر الأرض
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس بينهما برزخ لا يبغيان قال : بينهما من البعد ما
لا يبغي كل واحد منهما على صاحبه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن بينهما برزخ قال : أنتم البرزخ لا يبغيان
عليكم فيغرقانكم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة بينهما برزخ لا يبغيان قال :
برزخ الجزيرة واليبس لا يبغيان على اليبس ولا يبغي أحدهما على صاحبه وما أخذ
أحدهما من صاحبه فهو بغي يحجز أحدهما عن صاحبه بلطفه وقدرته وجلاله
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الحسن وقتادة لا يبغيان قال : لا يطغيان على
الناس
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن أبزي بينهما برزخ قال : البعد
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير بينهما برزخ قال : بئر ههنا عذب وبئر ههنا مالح
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب المطر وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله يخرج منهما اللؤلؤ قال : إذا أمطرت السماء فتحت الأصداف في البحر
أفواهها فما وقع فيها من قطر السماء فهو اللؤلؤ
(7/696)
وأخرج
ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : إذا قطر القطر من السماء فتحت له الأصداف فكان
اللؤلؤ
وأخرج الفريابي وهناد بن السري وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
من طرق عن ابن عباس قال : المرجان عظام اللؤلؤ
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن علي بن أبي طالب قال : المرجان عظام اللؤلؤ
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال : المرجان ما عظم من اللؤلؤ
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مرة قال : المرجان جيد اللؤلؤ
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : اللؤلؤ ما عظم منه والمرجان اللؤلؤ الصغار
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : اللؤلؤ عظام اللؤلؤ
والمرجان صغار اللؤلؤ
وأخرج ابن أبي الدنيا في الوقف والإبتداء عن مجاهد في قوله يخرج منهما اللؤلؤ
والمرجان قال : اللؤلؤ عظام اللؤلؤ والمرجان اللؤلؤ الصغار
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن والضحاك قال : اللؤلؤ العظام والمرجان
الصغار
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن ابن
مسعود قال : المرجان الخرز الأحمر
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله مرج البحرين يلتقيان قال علي وفاطمة بينهما
رزخ لا يبغيان قال : النبي صلى الله عليه و سلم يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان قال :
الحسن والحسين
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك في قوله مرج البحرين يلتقيان قال : علي وفاطمة
يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان قال : الحسن والحسين
الآيات 24 - 30
(7/697)
أخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله وله الجوار المنشآت قال :
المنشآت ما رفع قلعة من السفن فأما ما لم يرفع قلعة فليس بمنشآت
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن وله الجوار المنشآت قال : السفن و المنشآت
قال : بالشراع كالأعلام قال : كالجبال
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وله الجوار المنشآت يعني السفن كالأعلام قال
: كالجبال
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة وله الجوار المنشآت قال : هي السفائن
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والمحاملي في أماليه عن عمير بن سعد قال : كنا مع
علي شط الفرات فمرت به سفينة فقرأ هذه الآية وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم النخعي والضحاك أنهما كان يقرآن وله
الجوار المنشآت في البحر قال : أي الفاعلات
وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش أنه كان يقرؤها وله الجوار المنشآت يعني الباديات
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه كان يقرأها على الوجهين بكسر الشين وفتحها
قوله تعالى : كل من عليها فان الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال : إذا قرأت كل من عليها فان فلا تسكت حتى تقرأ
ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه
والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله ذو الجلال والإكرام قال : ذو
الكبرياء والعظمة
(7/698)
وأخرج
ابن المنذر والبيهقي عن حميد بن هلال قال : قال رجل : يرحم الله رجلا أتى على هذه
الآية ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام فسأل الله تعالى بذلك الوجه الكافي الكريم
ولفظ البيهقي بذلك الوجه الباقي الجميل
قوله تعالى : يسأله من في السموات والأرض الآية
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله يسأله من في السموات والأرض يعني
يسأل عباده إياه الرزق والموت والحياة كل يوم هو في ذلك
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي صالح يسأله من في السموات والأرض قال يسأله
من في السموات الرحمة ويسأله من في الأرض المغفرة والرزق
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال : الملائكة يسألونه الرزق لأهل الأرض
والأرض يسأله أهلها الرزق لهم
وأخرج الحسن بن سفيان في مسنده والبزار وابن جرير والطبراني وأبو الشيخ في العظمة
وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله
عليه و سلم في قول الله كل يوم هو في شأن قال : من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرج كربا
ويرفع قوما ويضع آخرين زاد البزار : وهو يجيب داعيا
وأخرج البزار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم كل يوم هو في شأن قال :
يغفر ذنبا ويفرج كربا
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء في قوله كل يوم هو في شأن قال : يكشف كربا ويجيب
داعيا ويرفع قوما ويضع آخرين
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ في العظمة والحاكم
وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله
كل يوم هو في شأن قال : إن مما خلق الله لوحا محفوظا من درة بيضاء دفتاه من ياقوتة
حمراء قلمه نور وكتابه نور عرضه ما بين السماء والأرض ينظر فيه كل يوم ثلثمائة
وستين نظرة يخلق في كل نظرة ويرزق ويحيى ويميت ويعز ويذل ويغل ويفك ويفعل ما يشاء
فذلك قوله تعالى كل يوم هو في شأن
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
(7/699)
والبيهقي
عن عبيد بن عمير كل يوم هو في شأن قال : من شأنه أن يجيب داعيا ويعطي سائلا ويفك
عانيا ويشفى سقيما
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه كل يوم هو في شأن قال : لا
يستغني عنه أهل السماء والأرض يحيى حيا ويميت ميتا ويربي صغيرا ويفك أسيرا ويغني
فقيرا وهو مرد حاجات الصالحين ومنتهى شكرهم وصريخ الأخيار
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن أبي ميسرة كل يوم هو في شأن قال : يحيى ويميت
ويصور في الأرحام ما يشاء ويعز من يشاء ويذل من شاء ويفك الأسير
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع رضي الله عنه كل يوم هو في شأن قال : يخلق خلقا ويميت
آخرين ويرزقهم ويكلؤهم
وأخرج عبد بن حميد عن سويد بن جبلة الفزاري وكان من التابعين قال : إن ربكم كل يوم
هو في شأن يعتق رقابا ويفحم عتابا ويعطي رغابا
وأخرج عبد بن حميد عن أبي الجوزاء رضي الله عنه كل يوم هو في شأن قال : لا يشغله
شأن عن شأن
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه كل يوم هو في شأن قال : من
أيام الدنيا كل يوم يجيب داعيا ويكشف كربا ويجيب مضطر ويغفر ذنبا
الآيات 31 - 45
(7/700)
أخرج
عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه سنفرغ لكم أيها الثقلان
قال : قددنا من الله فراغ لخلقه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه سنفرغ لكم أيها الثقلان قال :
وعيد
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله سنفرغ لكم أيها الثقلان قال : هذا وعيد من الله
لعباده وليس بالله شغل وفي قوله : لا تنفذون إلا بسلطان يقول : لا تخرجوا من
سلطاني
وأخرج البزار والبيهقي عن طلحة بن منصور ويحيى بن وثاب رضي الله عنه أنهما قرءا :
" سيفرغ لكم "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه لا تنفذون إلا بسلطان قال :
إلا بملكة من الله
وأخرج ابن أبي الدنيا في هواتف الجان عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال : كان
سبب إسلام الحجاج بن علاط أنه خرج في ركب من قومه إلى مكة فلما جن عليه الليل
استوحش فقام يحرس أصحابه ويقول : أعيذ نفسي وأعيذ أصحابي من كل جني بهذا النقب حتى
أن أعود سالما وركبي فسمع قائلا يقول يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من
أقطار السموات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان فلما قدم مكة أخبر بذلك قريشا
فقالوا له : إن هذا فيما يزعم محمد أنه أنزل عليه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
يرسل عليكما شواظ من نار قال : لهب النار ونحاس قال : دخان النار
وأخرج ابن الأنباري في كتاب الوقف والإبتداء والطستي والطبراني عن ابن عباس أن
نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله يرسل عليكما شواظ من
(7/701)
نار
قال : الشواظ اللهب الذي لا دخان له
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت أمية بن أبي الصلت الثقفي وهو يقول
: يظل يشب كيرا بعد كير وينفخ دائما لهب الشواظ قال : فأخبرني عن قوله ونحاس قال :
هو الدخان الذي لا لهب فيه
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول : يضيء كضوء سراج
السليط لم يجعل الله فيه نحاسا وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة
رضي الله عنه يرسل عليكما شواظ من نار قال : لهب من نار
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه يرسل عليكما
شواظ من نار قال : هو اللهب الأحمر المنقطع منها وفي لفظ قال : قطعة من نار حمرة
ونحاس قال : يذاب الصفر فيصب على رؤوسهم
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس قال :
واديان فالشواظ واد من نتن والنحاس واد من صفر والنتن نار
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك رضي الله عنه في قوله يرسل عليكما شواظ من نار قال :
نار تخرج من قبل المغرب تحشر الناس حتى أنها لتحشر القردة والخنازير تبيت حيث
باتوا وتقيل حيث قالوا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ونحاس قال : هو الصفر يعذبون
به
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه فلا تنتصران يعني
الجن والإنس
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله فإذا انشقت السماء فكانت وردة
يقول : حمراء كالدهان قال : هو الأديم الأحمر
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس
رضي الله عنهما في قوله فكانت وردة كالدهان قال : مثل لون الفرس الورد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه فكانت وردة كالدهان قال :
حمراء كالدابة الوردة
(7/702)
وأخرج
عبد بن حميد عن أبي الجوزاء رضي الله عنه فكانت وردة كالدهان قال : وردة الجل
كالدهان قال : كصفاء الدهن ألم تر العربي يقول : الجل الورد
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن عطاء فكانت وردة كالدهان قال : لون السماء كلون دهن
الورد في الصفرة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة فإذا انشقت السماء
فكانت وردة كالدهان قال : هي اليوم خضراء كما ترون وإن لها يوم القيامة لونا آخر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله فكانت وردة كالدهان قال
: كالدهن
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله فكانت وردة كالدهان
قال : صافية كصفاء الدهن
وأخرج محمد بن نصر عن لقمان بن عامر الحنفي أن النبي صلى الله عليه و سلم مر بشاب
يقرأ فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان فوقف فاقشعر وخنقته العبرة يبكي ويقول
: ويلي من يوم تنشق فيه السماء فقال النبي صلى الله عليه و سلم : يا فتى فوالذي
نفسي بيده لقد بكيت الملائكة من بكائك
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله فيومئذ لا يسأل عن ذنبه
إنس ولا جان قال : لا يسألهم هل عملتم كذا وكذا لأنه أعلم بذلك منهم ولكن يقول :
لم عملتم كذا وكذا ؟ وأخرج ابن جرير وابن مردوية عن ابن عباس رضي الله عنهما
فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان يقول : لا أسألهم عن أعمالهم ولا أسأل بعضهم
عن بعض وهو مثل قوله ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون القصص 78 ومثل قوله ولا تسأل عن
أصحاب الجحيم البقرة 119
وأخرج ابن مردوية عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" لا
(7/703)
يحاسب
أحد يوم القيامة فيغفر له ويرى المسلم عمله في قبره يقول الله فيومئذ لا يسأل عن
ذنبه إنس ولا جان "
وأخرج آدم وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الشعب عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس ولا جان قال : لا تسأل الملاكئة عن
المجرم يعرفونهم بسيماهم
وأخرج هناد وعبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه في قوله يعرف المجرمون بسيماهم
قال : بسواد وجوههم وزرقة عيونهم
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه يعرف المجرمون بسيماهم قال : بسواد
الوجوه وزرقة العيون
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله فيؤخذ بالنواصي والأقدام قال : تأخذ الزبانية بناصيته وقدميه ويجمع
فيكسر كما يكسر الحطب في التنور
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله فيؤخذ بالنواصي والأقدام قال :
يأخذ الملك بناصية أحدهم فيقرنها إلى قدميه ثم يكسر ظهره ثم يلقيه في النار
وأخرج هناد في الزهد عن الضحاك رضي الله عنه في الآية قال : يجمع بين ناصيته
وقدميه في سلسلة من وراء ظهره
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن رجل من كندة قال : قلت لعائشة رضي الله عنها :
أسمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إنه يأتي عليه ساعة لا يملك
لأحد شفاعة ؟ قالت : نعم لقد سألته فقال : نعم حين يوضع الصراط وحين تبيض وجوه
وتسود وجوه وعند الجسر حتى يشحذ حتى يكون مثل شفرة السيف ويسجر حتى يكون مثل
الجمرة فأما المؤمن فيجيزه ولا يضره وأما المنافق فينطلق حتى إذا كان في وسطه خز
في قدميه يهوى بيديه إلى قدميه فهل رأيت من رجل يسعى حافيا فيؤخذ بشوكة حتى تكاد
تنفذ قدميه فإنه كذلك يهوى بيديه إلى قدميه فيضربه الزباني بخطاف في ناصيته فيطرح
في جهنم يهوي فيها خمسين عاما فقلت : أيثقل ؟ قال : يثقل خمس خلفات فيومئذ يعرف
المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام "
(7/704)
وأخرج
ابن مردويه والضياء المقدسي في صفة النار عن أنس رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : " والذي نفسي بيده لقد خلقت زبانية جهنم قبل أن تخلق
جهنم بألف عام فهم كل يوم يزدادون قوة إلى قوتهم حتى يقبضوا من قبضوا عليه
بالنواصي والأقدام "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
وبين حميم آن قال : الذي انتهى حره
وأخرج الطستي والطبراني عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله
حميم آن قال : الآني الذي انتهى طبخه وحره قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت نابغة بني ذبيان وهو يقول : ويخضب لحية غدرت وخانت بأحمى من نجيع الجوف
آني وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله وبين حميم آن قال
: قد آنى طبخة منذ خلق الله السموات والأرض
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه وبين حميم آن قال : قد بلغ
إناه
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه وبين حميم آن قال : نار قد اشتد حرها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير وبين حميم آن قال : النحاس انتهى حره
الآيات 46 - 55
(7/705)
أخرج
ابن أبي حاتم عن ابن شوذب في قوله ولمن خاف مقام ربه جنتان قال : نزلت في أبي بكر
الصديق رضي الله عنه
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن عطاء أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه
ذكر ذات يوم وفكر في القيامة والموازين والجنة والنار وصفوف الملائكة وطي السموات
ونسف الجبال وتكوير الشمس وانتثار الكواكب فقال : وددت أني كنت خضراء من هذا الخضر
تأتي علي بهيمة فتأكلني وأني لم أخلق فنزلت هذه الآية ولمن خاف ربه جنتان
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ولمن خاف ربه جنتان قال : وعد الله المؤمنين الذين
خافوا مقامه فأدوا فرائضه الجنة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ولمن خاف ربه جنتان يقول : خاف ثم اتقى والخائف من ركب
طاعة الله وترك معصيته
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وهناد وابن أبي الدنيا في التوبة وعبد بن حميد
وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ولمن خاف ربه جنتان قال : هو
الرجل يهم بالمعصية فيذكر مقامه فينزع عنها
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ولمن خاف ربه جنتان قال : من خاف مقام
الله عليه
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد رضي الله عنه
في الآية قال : الرجل يريد الذنب فيذكر الله فيدع الذنب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ولمن خاف ربه جنتان قال : إن
المؤمنين خافوا ذلك المقام فعملوا لله ودأبوا ونصبوا له بالليل والنهار
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم ولمن خاف مقام ربه جنتان قال : إذا أراد أن يذنب أمسك
مخافة الله
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود ولمن خاف مقام ربه جنتان قال : لمن خافه في الدنيا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية بن قيس في قوله ولمن خاف مقام ربه
(7/706)
جنتان
قال : نزلت في الذي قال : أحرقوني بالنار لعلي أضل الله قال لنا بيوم وليلة بعد أن
تكلم بهذا فقبل الله منه ذلك وأدخله الجنة
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن منيع والحكيم في نوادر الأصول والنسائي والبزار
وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن أبي
الدرداء أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ هذه الآية ولمن خاف مقام ربه جنتان فقلت
: وإن زنى وإن سرق يا رسول الله ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم الثانية ولمن
خاف مقام ربه جنتان فقلت : وإن زنى وإن سرق ؟ فقال الثالثة ولمن خاف مقام ربه
جنتان فقلت : وإن زنى وإن سرق ؟ قال : " نعم وإن رغم أنف أبي الدرداء "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ولمن خاف
مقام ربه جنتان فقال أبو الدرداء : وإن زنى وإن سرق يا رسول الله ؟ قال : "
وإن زنى وإن سرق وإن رغم أنف أبي الدرداء " فكان أبو الدرداء يقص ويقول : ولمن
خاف مقام ربه جنتان وإن رغم أنف أبي الدرداء
وأخرج الطبراني وابن مردويه من طريق الحريري عن أخيه قال : سمعت محمدا بن سعد يقرأ
هذه الآية ولمن خاف مقام ربه جنتان وإن زنى وإن سرق فقلت : ليس فيه وإن زنى وإن
سرق قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأها كذلك فأنا أقرأها كذلك حتى
أموت
وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من شهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله دخل الجنة ثم قرأ ولمن خاف مقام
ربه جنتان "
وأخرج ابن مردويه عن ابن شهاب قال : كنت عند هشام بن عبد الملك فقال : قال أبو
هريرة رضي الله عنه : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ولمن خاف مقام ربه
جنتان فقال أبو هريرة رضي الله عنه : وإن زنى وإن سرق ؟ فقلت : إنما كان ذلك قبل
أن تنزل الفرائض فلما نزلت الفرائض ذهب هذا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن يسار مولى لآل معاوية عن أبي الدرداء رضي الله عنه
في قوله ولمن خاف مقام ربه جنتان قال : قيل : يا أبا الدرداء وإن زنى وإن سرق ؟
قال : من خاف مقام ربه لم يزن ولم يسرق
وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة
وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي موسى
(7/707)
الأشعري
رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " جنان الفردوس أربع :
جنتان من ذهب حليتهما وآنيتهما وما فيهما وجنتان من فضة حليتهما وآنيتهما وما
فيهما وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة
عدن "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه و
سلم في قوله : " ولمن خاف مقام ربه جنتان وقوله ومن دونهما جنتان قال : جنتان
من ذهب للمقربين وجنتان من ورق لأصحاب اليمين "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي
في البعث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في قوله ولمن خاف مقام ربه جنتان قال :
جنتان من ذهب للسابقين وجنتان من فضة للتابعين
وأخرج ابن مردويه عن عياض بن تميم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم تلا ولمن
خاف مقام ربه جنتان قال : بستانان عرض كل واحد منهما مسيرة مائة عام فيهما أشجار
وفرعهما ثابت وشجرهما ثابت وعرصتهما عظيمة ونعيمهما عظيم وخيرهما دائم ولذتهما
قائمة وأنهارهما جارية وريحهما طيب وبركتهما كثيرة وحياتهما طويلة وفاكهتما كثيرة
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن الحسن قال : كان شاب على عهد عمر بن الخطاب رضي
الله عنه ملازم المسجد والعبادة فعشقته جارية فأتته في خلوة فكلمته فحدث نفسه بذلك
فشهق شهقة فغشي عليه فجاء عم له إلى بيته فلما أفاق قال يا عم انطلق إلى عمر
فأقرئه مني السلام وقل له : ما جزاء من خاف مقام ربه ؟ فانطلق عمه فأخبر عمر وقد
شهق الفتى شهقة أخرى فمات منها فوقف عليه عمر فقال : لك جنتان لك جنتان
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ذواتا أفنان قال :
ذواتا ألوان
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير مثله
وأخرج هناد عن الضحاك مثله
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله ذواتا أفنان يقول : ألوان من الفواكه
(7/708)
وأخرج
ابن جرير عن مجاهد في قوله ذواتا أفنان قال : ذواتا أغصان
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس ذواتا أفنان قال : غصونهما يمس بعضها بعضا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس ذواتا أفنان قال : الفنن الغصن
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو بكر بن حبان في الفنون وابن الأنباري في الوقف
والإبتداء عن عكرمة أنه سئل عن قول الله ذواتا أفنان قال : ظل الأغصان على الحيطان
أما سمعت قول الشاعر ؟ ما هاج شوقك من هدير حمامة تدعو على فنن الغصون حماما تدعو
باشرخين صادف طاويا ذا مخلبين من الصقور قطاما وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن
جرير عن قتادة ذواتا أفنان قال : ذواتا فضل على ما سواهما
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله فيهما كل فاكهة
زوجان قال : فيهما من كل الثمرات قال : قال ابن عباس : فما في الدنيا ثمرة حلوة
ولا مرة إلا وهي في الجنة حتى الحنظل
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : العنقود أبعد من صنعاء
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن أبي
حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن مسعود في قوله متكئين
على فرش بطائنها من استبرق قال : أخبرتم بالبطائن فكيف بالظهائر
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال : في قراءة عبد الله متكئين على سرر وفرش بطائنها
من رفرف من إستبرق والإستبرق لغة فارس يسمون الديباج الغليظ الإستبرق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس أنه قيل له بطائنها من
استبرق فما الظواهر ؟ قال : ذاك مما قال الله فلا تعلم نفس ما أخفي ؟ ؟ لهم من قرة
أعين سورة السجدة الآية 17
(7/709)
وأخرج
أبو نعيم في الحلية عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله بطائنها من استبرق قال :
ظواهرها من نور جامد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله وجنى الجنتين دان قال : جناها ثمرها والداني القريب
منك بناله القائم والقاعد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وجنى الجنتين دان قال : ثمارها دانية لا يرد
أيديهم عنها بعد ولا شوك
قال : وذكر لنا أنا نبي الله صلى الله عليه و سلم قال : " والذي نفس محمد
بيده لا يقطف رجل ثمرة من الجنة فتصل إلى فيه حتى يبدل الله مكانها خيرا منها
"
الآيات 56 - 69 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن
عباس في قوله فيهن قاصرات الطرف قال : قاصرات الطرف على أزواجهن لا يرين غيرهم
والله ما هن متبرحات ؟ ؟ ولا متطلعات
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة مثله
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد فيهن قاصرات الطرف قال : قصرن
طرفهن عن الرجال فلا ينظرن إلا إلى أزواجهن
وأخرج ابن مردويه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه و سلم في
قوله قاصرات الطرف قال : " لا ينظرن إلا إلى أزواجهن "
(7/710)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله لم يطمثهن قال : لم يمسسهن
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير لم يطمثهن قال : لم
يطأهن
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عكرمة لم يطمثهن قال : لم يجامعهن
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال : لا تقل للمرأة طمثت فإنما الطمث الجماع
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله لم يطمثهن قال
: كذلك نساء الجنة لم يدن منهن غير أزواجهن قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت الشاعر وهو يقول : مشين إلي لم يطمثن قبلي وهن أصبح من بيض النعام وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن أرطاة بن المنذر قال : تذاكرنا عند
ضمرة بن حبيب : أيدخل الجن الجنة ؟ قال : نعم وتصديق ذلك في كتاب الله لم يطمثهن
إنس قبلهم ولا جان للجن الجنيات وللإنس الإنسيات
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن الشعبي في قوله لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان
قال : هن من نساء أهل الدنيا خلقهن الله في الخلق الآخر كما قال إنا أنشأناهن
إنشاء فجعلناهن أبكارا سورة الواقعة الآية 35 لم يطمثهن حين عدن في الخلق الآخر
إنس قبلهم ولا جان
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير عن مجاهد قال : إذا جامع الرجل
أهله ولم يسم انطوى الجان على إحليله فجامع معه فذلك قوله لم يطمثهن إنس قبلهم ولا
جان
وأخرج الحكيم والترمذي في نوادر الأصول وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال : إذا
جامع الرجل أهله ولم يسم انطوى الجان على إحليله فجامع معه فذلك قوله لم يطمثهن
إنس قبلهم ولا جان
(7/711)
وأخرج
ابن مردويه عن عياض بن تميم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم تلا لم يطمثهن
إنس قبلهم ولا جان قال : لم يصبهن شمس ولا دخان لم يعذبن في البلايا ولم يكلمن في
الرزايا ولم تغيرهن الأحزان ناعمات لا يبأسن وخالدات فلا يمتن ومقيمات فلا يظعن
لهن أخيار يعجز عن نعتهن الأوهام والجنة أخضرها كالأصفر وأصفرها كالأخضر ليس فيها
حجر ولا مدر ولا كدر ولا عود يابس أكلها دائم وظلها قائم "
وأخرج أحمد وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في البعث والنشور عن أبي سعيد الخدري
رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله كأنهن الياقوت والمرجان قال :
ينظر إلى وجهها في خدها أصفى من المرآة وإن أدنى لؤلؤة عليها لتضيء ما بين المشرق
والمغرب وإنه يكون عليها سبعون ثوبا ينفذها بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله كأنهن الياقوت والمرجان
قال : في صفاء الياقوت وبياض اللؤلؤ
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن كأنهن الياقوت والمرجان قال :
صفاء الياقوت في بياض المرجان
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن المنذر عن الضحاك كأنهن الياقوت والمرجان قال :
ألوانهن كالياقوت واللؤلؤ في صفائه
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن الحارث كأنهن الياقوت والمرجان قال : كأنهن
اللؤلؤ في الخيط
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد كأنهن الياقوت والمرجان قال : يرى مخ سوقهن من وراء
الثياب كما يرى الخيط في الياقوتة
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد بن السري والترمذي وابن أبي الدنيا في وصف الجنة وابن
جرير وابن أبي حاتم وابن حبان وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن ابن مسعود عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن المرأة من نساء أهل الجنة ليرى بياض
ساقها من وراء سبعين حلة حتى يرى مخها وذلك أن الله يقول كأنهن الياقوت والمرجان
فأما الياقوت فإنه حجر لو أدخلت فيه سلكا ثم استصفيته لرأيته من ورائه "
(7/712)
وأخرج
ابن أبي شيبة وهناد بن السري وعبد بن حميد وابن جرير عن ابن مسعود كأنهن الياقوت
والمرجان قال : على كل واحدة سبعون حلة من حرير يرى مخ ساقها من وراء الثياب قال :
أرأيت لو أن أحدكم أخذ سلكا فأدخله في ياقوتة ألم يكن يرى السلك من وراء الياقوتة
؟ قالوا : بلى قال : فذلك هن وكان إذا حدث حديثا نزع له آية من الكتاب
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن الحارث القيسي قال : إنه يكون على زوجه الرجل من
أهل الجنة سبعون حلة حمراء يرى مخ ساقها من خلفهن
وأخرج عبد بن حميد عن كعب قال : إن المرأة من الحور العين لتلبس سبعين حلة لهي أرق
من شفكم هذا الذي تسمونه شفا وإن مخ ساقها ليرى من وراء اللحم
وأخرج عبد بن حميد عن أنس بن مالك قال : إن المرأة من أزواج المقربين لتكسى مائة
حلة من استبرق وسقالة النور وإن مخ ساقها ليرى من وراء ذلك كله وإن المرأة من
أزواج أصحاب اليمين لتكسى سبعين حلة من استبرق وسقالة النور وإن مخ ذلك ليرى من
وراء ذلك كله
وأخرج عبد بن حميد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
نساء أهل الجنة يرى مخ سوقهن من وراء اللحم "
وأخرج عبد بن حميد والطبراني والبيهقي في البعث عن ابن مسعود قال : إن المرأة من
الحور العين ليرى مخ ساقها من وراء اللحم والعظم من تحت سبعين حلة كما يرى الشراب
الأحمر في الزجاجة البيضاء
وأخرج هناد وابن جرير عن عمرو بن ميمون مثله
قوله تعالى : هل جزاء الإحسان إلا الإحسان
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه عن ابن عمر قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : في قوله هل جزاء الإحسان إلا الإحسان قال :
" ما جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة "
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في
هذه الآية هل جزاء الإحسان إلا الإحسان قال : " هل جزاء من أنعمت عليه
بالإسلام إلا أن أدخله الجنة "
(7/713)
وأخرج
الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبغوي في تفسيره والديلمي في مسند الفروس ؟ ؟
وابن النجار في تاريخه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
هل جزاء الإحسان إلا الإحسان وقال : هل تدرون ما قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله
أعلم قال : يقول : هل جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة "
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن علي بن أبي طالب في قوله تعالى هل جزاء الإحسان إلا
الإحسان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " قال الله عز و جل : هل
جزاء من أنعمت عليه بالتوحيد إلا الجنة "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله هل
جزاء الإحسان إلا الإحسان قال رسول الله : " هل جزاء من أنعمت عليه ممن قال :
لا إله إلا الله في الدنيا إلا الجنة في الآخرة "
أخرج عبد بن حميد عن عكرمة هل جزاء الإحسان إلا الإحسان قال : هل جزاء من قال : لا
إله إلا الله إلا الجنة ؟
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن مثله
وأخرج ابن عدي وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه والديلمي عن
ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أنزل الله علي هذه
الآية مسجلة في سورة الرحمن للكافر والمسلم هل جزاء الإحسان إلا الإحسان "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في المسلم والكافر هل جزاء
الإحسان إلا الإحسان
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري في الأدب وابن جرير وابن المنذر
والبيهقي في شعب الإيمان عن محمد بن الحنفية في قوله هل جزاء الإحسان إلا الإحسان
قال : هي مسجلة للبر والفاجر قال البيهقي : يعني مرسلة
وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عباس في قوله هل جزاء الإحسان إلا الإحسان قال : إن
لله عمودا أحمر رأسه ملوي على قائمة من قوائم العرش وأسفله تحت الأرض السابعة على
ظهر الحوت فإذا قال العبد : لا إله إلا الله تحرك الحوت تحرك العمود تحت العرش
فيقول الله للعرش : اسكن فيقول : لا وعزتك لا أسكن حتى تغفر لقائلها ما أصاب قبلها
من ذنب فيغفر الله له
(7/714)
وأخرج
ابن جرير عن قتادة هل جزاء الإحسان إلا الإحسان قال : عملوا خيرا فجزوا خيرا
قوله تعالى : ومن دونهما جنتان الآيات
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن في قوله ومن دونهما جنتان قال : هما دون
تجريان
وأخرج هناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله
مدهامتان قال : خضروان
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله مدهامتان قال : قد اسودتا من الخضرة التي
من الري من الماء
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وابن جرير عن عبد الله بن الزبير
في قوله مدهامتان قال : خضراوان من الري
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي أيوب قال : سألت النبي صلى الله عليه و سلم عن
قوله مدهامتان قال : " خضراوان "
وأخرج هناد وعبد بن حميد عن أبي أيوب الأنصاري في قوله مدهامتان قال : هما جنتان
خضراوان
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد عن عطاء بن أبي رباح في قوله مدهامتان قال
: هما جنتان خضراوان
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله مدهامتان قال : خضراوان
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله مدهامتان قال : خضراوان
وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق عن عكرمة في قوله مدهامتان قال : خضراوان
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي صالح مدهامتان قال : خضراوان من الري ناعمتان
إذا اشتدت الخضرة ضربت إلى السواد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد مدهامتان قال : مسودتان
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وعكرمة مدهامتان قالا : سوداوان من الري
(7/715)
وأخئرج
هناد عن الضحاك مدهامتان قال : سوداوان من الري
وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر بن زيد أنه قرأ مدهامتان ثم ركع
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن البراء بن عازب قال : العينان
اللتان تجريان خير من النضاختين ولفظ عبد قال : ما النضاختان بأفضل من اللتين
تجريان
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله نضاختان قال :
فائضتان
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله نضاختان قال : تنضخان بالماء
من شدة الري
وأخرج هناد وابن جرير عن عكرمة في قوله نضاختان قال : تنضخان بالماء
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن أنس في قوله عينان نضاختان قال : بالمسك
والعنبر تنفخان على دور الجنة كما ينضخ المطر على دور أهل الدنيا
وأخرج ابن المبارك في الزهد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
وأبو نعيم في الحلية عن سعيد بن جبير في قوله نضاختان قال : تنضخان بألوان الفاكهة
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله نضاختان قال : بالخير ولفظ ابن
أبي شيبة بكل خير
قوله تعالى : فيهما فاكهة ونخل ورمان
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله فيهما فاكهة ونخل ورمان قال :
هي ثمر من كل فاكهة زوجان
أخرج عبد بن حميد والحارث بن أبي أسامة وابن مردويه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
قال : " جاء ناس من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا يا محمد
: أفي الجنة فاكهة ؟ قال : نعم فيها فاكهة ونخل ورمان قالوا : أفيأكلون كما يأكلون
في الدنيا ؟ قال : نعم وأضعافه قالوا : أفيقضون الحوائج ؟ قال : لا ولكنهم يعرقون
ويرشحون فيذهب الله ما في بطونهم من أذى "
وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وهناد بن السري وابن أبي الدنيا في صفة
(7/716)
الجنة
وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه والبيهقي في البعث
والنشور عن ابن عباس قال : نخل الجنة جذوعها زمرد أخضر وكرانيفها ذهب أحمر وسعفها
كسوة لأهل الجنة منها مقطعاتهم وحللهم وثمرها أمثال القلال أشد بياضا من اللبن
وأحلى من العسل وألين من الزبد وليس لها عجم
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد بن السري والبيهقي عن سلمان أنه أخذ عودا صغيرا ثم قال :
لو طلبت في الجنة مثل هذا العود لم تبصره قيل : فأين النخل والشجر ؟ قال : أصولها
اللؤلؤ والذهب وأعلاه الثمر
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن
نخل الجنة فقال : " أصوله فضة وجذوعها ذهب وسعفه حلل وحمله الرطب أشد بياضا
من اللبن وألين من الزبد وأحلى من الشهد "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
نظرت إلى الجنة فإذا الرمانة من رمانها كمثل البعير المقتب "
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن ابن عباس قال : إن الثمرة من ثمر الجنة
طولها اثنا عشر ذراعا ليس لها عجم
وأخرج الطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس أنه كان يأخذ الحبة من الرمان
فيأكلها فقيل له : لم تفعل هذا ؟ قال : بلغني أنه ليس في الأرض رمانة تلقح إلا
بحبة من الجنة فلعلها هذه
وأخرج ابن السني في الطب النبوي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " ما من رمانة من رمانكم هذه إلا وهي تلقح بحبة من رمان الجنة "
والله أعلم
الآيات 70 - 78 أخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله تعالى فيهن خيرات حسان قال :
النساء
(7/717)
ميلاد
واحد قلت يا رسول الله : أنساء الدنيا أفضل أم الحور العين ؟ قال : نساء الدنيا
أفضل من الحور العين كفضل الظهارة على البطانة قلت يا رسول الله : ولم ذاك ؟ قال :
بصلاتهن وصيامهن وعبادتهن لله ألبس الله وجوههن من النور وأجسادهن الحرير بيض
الألوان خضر الثياب صفة الحلي مجامرهن الدر وأمشاطهن الذهب يقلن : ألا نحن
الخالدات فلا نموت أبدا ألا ونحن الناعمات فلا نبأس أبدا ألا ونحن المقيمات فلا نظعن
أبدا ألا ونحن الراضيات فلا نسخط طوبى لمن كان لنا وكنا له قلت يا رسول الله :
المرأة تتزوج الزوجين والثلاثة والأربعة في الدنيا ثم تموت فتدخل الجنة ويدخلون
معها من يكون زوجها منهم ؟ قال : إنها تخير فتختار أحسنهم خلقا فتقول يا رب إن هذا
كان أحسنهم معي خلقا في دار الدنيا فزوجينه يا أم سلمة : ذهب حسن الخلق بخير
الدنيا والآخرة "
قوله تعالى : حور مقصورات في الخيام
أخرج ابن مردويه والبيهقي في البعث عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " لما أسري بي دخلت الجنة فأتيت على نهر يسمى البيذخ عليه
خيام اللؤلؤ والزبرجد الأخضر والياقوت الأحمر فنوديت : السلام عليك يا رسول الله
فقلت يا جبريل : ما هذا النداء ؟ قال : هؤلاء المقصورات في الخيام استأذن ربهن في
السلام عليك فأذن لهن فطفقن يقلن : نحن الراضيات فلا نسخط أبدا ونحن المقيمات وفي
لفظ الخالدات فلا نظعن أبدا وتلا رسول الله صلى الله عليه و سلم حور مقصورات في
الخيام "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله حور مقصورات حور بيض مقصورات محبوسات في الخيام قال : في بيوت
اللؤلؤ
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الحور
سود الحدق
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله حور مقصورات في الخيام قال : لا
يخرجن من بيوتهن
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه حور مقصورات في الخيام قال :
محبوسات لسن بطوافات في الطرق والخيام والدر المجوف
(7/718)
وأخرج
ابن أبي شيبة وهناد بن السري وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله حور مقصورات
في الخيام قال : مقصورات قلوبهن وأبصارهن وأنفسهن على أزواجهن في خيام اللؤلؤ لا
يرون غيرهن
وأخرج هناد عن الضحاك رضي الله عنه حور مقصورات في الخيام قال : محبوسات في خيام
اللؤلؤ
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي الأحوص قال : قال
عمر بن الخطاب رضي الله عنه : أتدرون ما حور مقصورات في الخيام در مجوف
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
الخيام در مجوف
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في صفة الجنة وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما حور مقصورات
في الخيام قال : خيام اللؤلؤ والخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة أربعة فراسخ لها أربعة
آلاف مصراع من ذهب
وأخرج عبد الرزاق وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
أبي الدرداء رضي الله عنه قال : الخيمة لؤلؤة واحدة لها سبعون بابا من در
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي مجلز " أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : في قول الله حور مقصورات في الخيام قال : در مجوف "
وأخرج مسدد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن مسعود رضي
الله عنه في قوله : مقصورات في الخيام قال : الدر المجوف
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن مردويه والبيهقي في
البعث عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" الخيمة درة مجوفة طولها في السماء ستون ميلا في كل زاوية منها للمؤمن أهل
لا يراهم الآخرون يطوف عليهم المؤمن "
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " إن أدنى أهل الجنة منزلة لرجل له دار من لؤلؤة واحدة
منها غرفها وأبوابها "
(7/719)
وأخرج
ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أبي صالح فيهن خيرات حسان قال : عذارى الجنة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله فيهن خيرات حسان قال :
خيرات الأخلاق حسان الوجوه
وأخرج ابن المبارك في الزهد عن الأوزاعي فيهن خيرات حسان قال : لسن بذيئات اللسان
ولا يغرن ولا يؤذين
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا في صفة الجنة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
مردويه عن ابن مسعود قال : لكل مسلم خيرة ولكل خيرة خيمة ولكل خيمة أربعة أبواب
يدخل عليها كل يوم من الله تحفة وكرامة وهدية لم تكن قبل ذلك لا مراحات ولا طماحات
ولا بخرات ولا ذفرات حور عين كأنهن بيض مكنون وأخرجه ابن مردويه من وجه آخر عن ابن
عباس رضي الله عنهما مرفوعا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " إن الحور العين يتغنين في الجنة يقلن نحن الخيرات الحسان جئنا لأزواج
كرام "
وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه عن أم سلمة قالت : قلت : يا رسول الله
أخبرني عن قول الله حور عين قال : حور بيض عين ضخام العيون شفر الحوراء بمنزلة
جناح النسر وفي لفظ لابن مردويه شفر الجفون بمنزلة جناح النسر قلت : يا رسول الله
أخبرني عن قول الله كأنهن لؤلؤ مكنون قال : صفاؤهم كصفاء الدر الذي في الأصداف
الذي لم تمسه الأيدي قلت : فأخبرني : عن قول الله كأنهن بيض مكنون قال : رقتهن
كرقة الجلدة التي في داخل البيضة مما يلي القشر
قلت : فأخبرني عن قول الله كأنهن الياقوت والمرجان قال : صفاؤهن كصفاء الدر الذي
في الأصداف الذي لم تمسه الأيدي
قلت : فأخبرني عن قول الله فيهن خيرات حسان قال : خيرات الأخلاق حسان الوجوه
قلت : فأخبرني عن قول الله عربا أترابا سورة الواقعة الآية 37 قال : هن اللواتي
قبضن في دار الدنيا عجائز رمصا شمطا خلقهن الله بعد الكبر فجعلهن عذارى عربا
متعشقات متحببات أترابا قال علي
(7/720)
وأخرج
هناد بن السرى عن ثابت البناني قال : كنت عند أنس بن مالك فقدم عليه ابن له من
غزاة يقال له أبو بكر فسأله ثم قال : ألا أخبرك عن صاحبنا فلان ؟ بينما نحن في
غزاتنا إذ ثار وهو يقول : واأهلاه واأهلاه فنزلنا إليه وظننا أن عارضا عرض له
فقلنا له : فقال : إني كنت أحدث نفسي أن لا أتزوج حتى أستشهد فيزوجني الله من
الحور العين فلما طالت علي الشهادة حدثت نفسي في سري إن أنا رجعت تزوجت فأتاني آت
في منامي فقال : أنت القائل إن أنا رجعت تزوجت ؟ قم فإن الله قد زوجك العيناء
فانطلق بي إلى روضة خضراء معشبة فيها عشر جوار في يد كل واحدة صنعة تصنعها لم أر
مثلهن في الحسن والجمال قلت : فيكن العيناء ؟ قلن : لا نحن من خدمها وهي أمامك
فانطلقت فإذا بروضة أعشب من الأولى وأحسن فيها عشرون جارية في يد كل واحدة صنعة
تصنعها ليس العشر إليهن في شيء من الحسن والجمال قلت : فيكن العيناء ؟ قلن : لا
نحن من خدمها وهي أمامك فمضيت فإذا أنا بروضة أخرى أعشب من الأولى والثانية وأحسن
فيها أربعون جارية في يد كل واحدة صنعة تصنعها ليس العشر والعشرون إليهن بشيء من
الحسن والجمال قلت : فيكن العيناء ؟ قلن : لا نحن من خدمها وهي أمامك فانطلقت فإذا
أنا ؟ ؟ وته مجوفة فيها سرير عليه امرأة قد فضل جنبها عن السرير فقلت : أنت
العيناء ؟ قالت : نعم مرحبا وذهبت لأضع يدي عليها قالت : مه إن فيك شيئا من الروح
بعد ولكن فطرك عندنا الليلة فما فرغ الرجل من حديثه حتى نادى مناديا خيل الله
اركبي فجعلت أنظر إلى الرجل وأنظر إلى الشمس ونحن نصافو العدو وأذكر حديثه فما
أدري أيهما بدر رأسه أو الشمس سقطت أولا فقال أنس رحمه الله : سكوت مفاجىء
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن جرير عن عكرمة حور مقصورات في الخيام قال : در مجوف
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن الضحاك مثله
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن جرير عن مجاهد قال : الخيمة درة مجوفة
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : دار المؤمن في الجنة من لؤلؤة فيها
(7/721)
أربعون
بيتا في وسطها شجرة تنبت الحلل فيأتيها فيأخذ بأصبعه سبعين حلة ممنطقة باللؤلؤ
والمرجان
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن محمد بن كعب القرظي في قوله حور مقصورات في
الخيام قال : في الحجال
وأخرج هناد عن الشعبي لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان قال : منذ أنشئن
وأخرج هناد عن حيان بن أبي جبلة قال : إن نساء أهل الدنيا إذا دخلن الجنة فضلن على
الحور العين بأعمالهن في الدنيا
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في
قوله متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان قال : فضول المحابس والفرش والبسط
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن جرير عن الضحاك قال : الرفرف فضول المحابس والعبقري
الزرابي وهي البسط
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد على رفرف
خضر قال : فضول الفرش وعبقري حسان قال : الديباج الغليظ
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن في قوله على رفرف خضر قال :
البسط وعبقري حسان قال : الطنافس
وأخرج عبد بن حميد عن علي بن أبي طالب متكئين على رفرف خضر قال : فضول المحابس
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث والنشور من طرق عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله رفرف خضر قال : المحابس وعبقري حسان قال :
الزرابي
(7/722)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه متكئين على رفرف خضر قال
: محابس خضر وعبقري حسان قال : الزرابي
وأخرج ابن المنذر عن عاصم الحجدري متكئين على رفرف قال : وسائد
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في الآية قال : الرفرف الرياض والعبقري الزرابي
وأخرج عبد بن حميد عن أبي بكر بن عياش قال : كان زهير القرشي وكان نحويا بصريا
يقرأ رفارف خضر وعباقري حسان
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه عن أبي بكر عن النبي صلى الله عليه و
سلم قرأ متكئين على رفارف خضر وعباقري حسان
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال ولمن خاف مقام ربه جنتان فذكر فضل ما بينهما ثم
ذكر ومن دونهما جنتان مدهامتان قال : خضراوان فيهما عينان نضاختان وفي تلك تجريان
وفيهما فاكهة ونخل ورمان وفي تلك من كل فاكهة زوجان فيهن خيرات حسان وفي تلك
قاصرات الطرف لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان متكئين على رفرف خضر وعبقري حسان وفي
تلك متكئين على فرش بطائنها من استبرق قال : الديباج والعبقري الزرابي
قوله تعالى : تبارك اسم ربك ذي الجلال والإكرام
أخرج البخاري في الأدب والترمذي وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن معاذ
بن جبل قال : " سمع النبي صلى الله عليه و سلم رجلا يقول : يا ذا الجلال
والإكرام قال : قد استجيب لك فسل "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس
بن مالك قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم جالسا في الحلقة ورجل قائم
يصلي فلما ركع وسجد تشهد ودعا فقال في دعائه : اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا
إله إلا أنت وحدك لا شريك لك المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا
حي يا قيوم إني أسألك فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " لقد دعا الله باسمه
العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطي "
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن ثوبان قال : كان
رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا انصرف من صلاته استغفر الله ثلاثا ثم قال :
" اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام "
(7/723)
وأخرج
ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ألظوا بيا ذا
الجلال والإكرام فإنهما اسمان من أسماء الله العظام "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ألظوا بيا
ذا الجلال والإكرام "
وأخرج أحمد والنسائي وابن مردويه عن ربيعة بن عامر سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام "
وأخرج الترمذي وابن مردويه عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام "
8
(7/724)
56
- سورة الواقعة
مكية وآياتها ست وتسعون بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 6 أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس
قال : نزلت سورة الواقعة بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن الضريس والحرث بن أبي أسامة وأبو يعلى وابن مردويه
والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
: " من قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا "
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من
قرأ سورة الواقعة كل ليلة لم تصبه فاقة أبدا "
وأخرج ابن مردويه عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : سورة الواقعة
سورة الغنى فاقرأوها وعلموها أولادكم "
وأخرج الديلمي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " علموا
نساءكم سورة الواقعة فإنها سورة الغنى "
وأخرج أبو عبيد عن سليمان التيمي قال : قالت عائشة للنساء : لا تعجز إحداكن أن
تقرأ سورة الواقعة
(8/3)
وأخرج
عبد الرزاق وأحمد وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والطبراني في الأوسط عن جابر بن
سمرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم : يقرأ في الفجر الواقعة ونحوها من
السور
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال : " ألظ رسول الله صلى الله عليه و سلم
الواقعة والحاقة وعم يتساءلون والنازعات وإذا الشمس كورت وإذا السماء انفطرت
فاستطار فيه ؟ الفقر فقال له أبو بكر : قد أسرع فيك الفقر قال : شيبتني هود
وصواحباتها هذه "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس
رضي الله عنهما في قوله : إذا وقعت الواقعة قال : يوم القيامة ليس لوقعتها كاذبة
قال : ليس لها مرد يرد خافضة رافعة قال : تخفض ناسا وترفع آخرين
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : خافضة رافعة قال : أسمعت القريب
والبعيد
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عثمان بن سراقة عن خاله عمر بن الخطاب في قوله :
خافضة رافعة قال : الساعة خفضت أعداء الله إلى النار ورفعت أولياء الله إلى الجنة
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن محمد بن كعب في قوله :
خافضة رافعة قال : تخفض رجالا كانوا في الدنيا مرتفعين وترفع رجالا كانوا في
الدنيا منخفضين
وأخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله : خافضة رافعة قال : خفضت المتكبرين ورفعت
المتواضعين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : إذا وقعت الواقعة قال : نزلت ليس
لوقعتها كاذبة قال : ؟ مثنوية خافضة رافعة قال : خفضت قوما في عذاب الله ورفعت
قوما في كرامة الله إذا رجت الأرض رجا قال : زلزلت زلزلة وبست الجبال بسا قال :
حتت حتا فكانت هباء منبثا كيابس الشجر تذروه الرياح يمينا وشمالا
(8/4)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن زيد بن أسلم في قوله : خافضة رافعة قال : من انخفض يومئذ لم يرتفع
أبدا ومن ارتفع يومئذ لم ينخفض أبدا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : إذا رجت الأرض رجا قال : زلزلت
وبست الجبال بسا قال : فتت فكانت هباء منبثا قال : كشعاع الشمس وأخرج ابن أبي حاتم
عن ابن عباس في قوله : إذا رجت الأرض رجا يقول : ترجف الأرض تزلزل وبست الجبال بسا
يقول : فتت فتا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله : إذا رجت الأرض رجا قال : زلزلت
وبست الجبال بسا قال : فتت
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فكانت هباء منبثا قال :
الهباء الذي يطير من النار إذا اضطرمت يطير منها الشرر فإذا وقع لم يكن شيئا
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : فكانت هباء منبثا قال : الهباء يثور مع
شعاع الشمس وانبثاثه تفرقه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن علي بن أبي طالب قال : الهباء المنبث
رهج الذوات والهباء المنثور غبار الشمس الذي تراه في شعاع الكوة
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك في قوله : هباء منبثا قال : الغبارالذي يخرج من
الكوة مع شعاع الشمس
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله : هباء منبثا قال : الشعاع الذي
يكون في الكوة
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله : هباء منبثا قال : هو الذي تراه في الشمس إذا
دخلت من الكوة إلى البيت
الآية 7 - 20
(8/5)
أخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وكنتم أزواجا ثلاثة قال : أصنافا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : وكنتم أزواجا
ثلاثة قال : هي التي في سورة الملائكة ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا
فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات سورة فاطر الآية 32 وأخرج ابن
المنذر عن ابن عباس في قوله : وكنتم أزواجا ثلاثة قال : هذا حين تزايلت بهم
المنازل هم أصحاب اليمين وأصحاب الشمال والسابقون
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة وكنتم أزواجا ثلاثة قال :
منازل الناس يوم القيامة فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة قال : ماذا لهم وماذا
أعد لهم وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة قال : ماذا لهم وماذا أعد لهم والسابقون
السابقون قال : السابقون من كل أمة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير عن الحسن في قوله : وكنتم أزواجا ثلاثة
إلى قوله : وثلة من الآخرين قال : سوى بين أصحاب اليمين من الأمم الماضية وبين
أصحاب اليمين من هذه الأمة وكان السابقون من الأولين أكثر من سابقي هذه الأمة
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : والسابقون
السابقون قال : يوشع بن نون سبق إلى موسى ومؤمن آل يس سبق إلى عيسى وعلي بن أبي
طالب رضي الله عنه سبق إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
السابقون يوم القيامة أربعة فأنا سابق العرب وسلمان سابق فارس وبلال سابق الحبشة
وصهيب سابق الروم "
وأخرج أبو نعيم البيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" السابقون السابقون أولئك المقربون أول من يدخل المسجد وآخر من يخرج منه
"
(8/6)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن عثمان بن أبي سودة مولى عبادة بن الصامت قال : بلغنا
في هذه الآية والسابقون السابقون أنهم السابقون إلى المساجد والخروج في سبيل الله
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس والسابقون السابقون قال : من كل أمة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة مثله
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : السابقون السابقون قال : نزلت في حزقيل
مؤمن آل فرعون وحبيب النجار الذي ذكر في يس وعلي بن أبي طالب وكل رجل منهم سابق
أمته وعلي أفضلهم سبقا
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " وإذا النفوس زوجت قال : الضرباء كل رجل مع قوم كانوا يعملون
بعمله وذلك بأن الله تعالى يقول : وكنتم أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة ما أصحاب
الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون قال : هم الضرباء
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله : ثلة قال : أمة
وأخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة قال : لما نزلت
ثلة من الأولين وقليل من الآخرين شق ذلك علىأصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم
فنزلت ثلة من الأولين وثلة من الآخرين فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة ثلث أهل الجنة بل أنتم نصف أهل الجنة أو
شطر أهل الجنة وتقاسمونهم الشطر الثاني
وأخرج ابن مردويه وابن عساكر من طريق عروة بن رويم عن جابر بن عبد الله قال : لما
نزلت إذا وقعت الواقعة ذكر فيها ثلة من الأولين وقليل من الآخرين قال عمر : يا
رسول الله : ثلة من الأولين وثلة من الآخرين فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" يا عمر تعال فاستمع ما قد أنزل الله ثلة من الأولين وثلة من الآخرين ألا
وإن آدم إلي ثلة وأمتي ثلة ولن نستكمل ثلتنا حتى نستعين
(8/7)
باسودان
من رعاة الإبل ممن يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له " وأخرجه ابن أبي
حاتم من وجه آخر عن عروة بن رويم مرسلا
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : لما نزلت ثلة من الأولين وقلين من الآخرين
حزن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم وقالوا : إذا لا يكون من أمة محمد
إلاقليل فنزلت نصف النهار ثلة من الأولين وثلة من الآخرين وتقابلون الناس فنسخت
الآية وقليل من الآخرين وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : ثلة من الأولين
قال : ممن سبق وقليل من الآخرين قال : من هذه الأمة
أخرج ابن جرير وابن المنذر والبهيقي في البعث والنشور عن ابن عباس في قوله : على
سرر موضونة قال : مصفوفة
وأخرج سعيد بن منصور وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله : على سرر موضونة قال : مرمولة بالذهب
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد موضونة قال : مرمولة
بالذهب وأخرج هناد عن سعيد بن جبير مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : الموضونة المرملة وهو أوثق الأسرة
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز و جل :
على سرر موضونة قال : الموضونة ما توضن بقضبان الفضة عليها سبعون فراشا قال : وهل
تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت حسان بن ثابت وهو يقول : أعددت للهيجاء
موضونة فضفاضة بالنهي بالباقع وأخرج ابن جرير عن مجاهد متكئين عليها متقابلين قال
: لا ينظر أحدهم في قفا صاحبه
وأخرج ابن جرير عن ابن إسحق قال في قراءة عبد الله : متكئين عليها ناعمين
(8/8)
وأخرج
عبد بن حميد عن الحسن يطوف عليهم ولدان مخلدون قال : لم يكن لهم حسنات يجزون بها
ولا سيئات يعاقبون عليها فوضعوا في هذه المواضع ! وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد
وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : يطوف عليهم ولدان مخلدون قال : لا
يموتون وفيه قوله : بأكواب وأباريق قال : الأكواب ليس لها آذان والأباريق التي لها
آذان وفي قوله : وكأس من معين قال : خمر بيضاء لا يصدعون عنها ولا ينزفون قال : لا
تصدع رؤوسهم ولا يقيئونها وفي لفظ ولا تنزف عقولهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي رجاء قال : سألت الحسن عن الأكواب فقال : هي
الأباريق التي يصب منها
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : الأكواب الأقداح
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : وكأس من معين قال : يعني الخمر
وهي هناك جارية المعين الجاري لا يصدعون عنها ولا ينزفون ليس فيها وجع الرأس ولا
يغلب أحد على عقله
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك لا يصدعون عنها ولا ينزفون قال : لاتصدع رؤوسهم ولا
تذهب عقولهم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله :
لا يصدعون عنها ولا ينزفون قال : لا تصدع رؤوسهم ولا تنزف عقولهم
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله : لا يصدعون عنها ولا ينزفون قال : أهل الجنة
يأكلون ويشربون ولا ينزفون كما ينزف أهل الدنيا
إذا أكثروا الطعام والشراب يقول : لا يملوا
وأخرج عبد بن حميد بن عاصم أنه قرأ لا يصدعون عنها ولا ينزفون برفع الياء وكسر
الزاي
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : إن الرجل من أهل الجنة ليؤتى بالكأس وهو
جالس مع زوجته فيشربها ثم يلتفت إلى زوجته فيقول : قد ازددت في عيني سبعين ضعفا
(8/9)
الآية
21 - 33 أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن في قوله : ولحم طير مما يشتهون قال
: لا يشتهي منها شيئا إلا صار بين يديه فيصيب منه حاجته ثم يطير فيذهب
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة والبزار وابن مردويه والبهيقي في البعث عن عبد
الله بن مسعود قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنك لتنظر إلى
الطير في الجنة فتشتهيه فيخر بين يديك مشويا " وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد
الخدري قال : " ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم طير الجنة فقال أبو بكر :
إنها لناعمة
قال : ومن يأكل منها أنعم منها وإني لأرجو أن تأكل منها "
وأخرج الخطيب عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : في
هذه الآية وفرش مرفوعة قال : " غلظ كل فراش منها كما بين السماء والأرض
"
وأخرج أحمد والترمذي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أما
طير الجنة كأمثال البخت ترعى في شجر الجنة فقال أبو بكر : يا رسول الله صلى الله
عليه و سلم إن هذه الطيور لناعمة فقال : " آكلها أنعم منها وإني لأرجو أن
تكون ممن يأكلها "
وأخرج البهيقي في البعث عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن في الجنة طيرا أمثال البخائي قال أبو بكر : إنها لناعمة يا رسول الله
قال : أنعم منها من يأكلها وأنت ممن يأكلها وأنت ممن يأكل منها "
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن في الجنة طيرا كأمثال البخت تأتي الرجل فيصيب منها ثم تذهب كأن لم ينقص
منها شيء "
(8/10)
وأخرج
ابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن أبي أمامة قال : إن الجل ليشتهي الطير في الجنة من
طيور الجنة فيقع في يده مقليا نضيجا
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ميمونة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن
الرجل ليشتهي الطير في الجنة فيجيء مثل البختي حتى يقع على خوانه لم يصبه دخان ولم
تمسه نار فيأكل منه حتى يشبع ثم يطير "
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" إن في الجنة طيرا له سبعون ألف ريشة فإذا وضع الخوان قدام ولي الله جاء
الطير فسقط عليه فانتفض فخرج من كل ريشة لون ألذ من الشهد وألين من الزبد وأحلى من
العسل ثم يطير "
وأخرج هناد عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
إن في الجنة لطيرا فيه سبعون ألف ريشة فيجيء فيقع على صحفة الرجل من أهل الجنة ثم
ينتفض فيخرج من كل ريشة لون أبيض من الثلج وألين من الزبد وأعذب من الشهد ليس فيه
لون يشبه صاحبه ثم يطير فيذهب "
قوله تعالى : وحور عين الآية
أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن عاصم بن بهدلة قال : أقرأني أبو عبد الرحمن
السلمي وحور عين يعني بالجر
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ وحور عين بالرفع فيهما وينون
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد في قوله : وحور عين قال : يحار فيهن البصر
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : كأمثال اللؤلؤ المكنون قال : الذي في الصدف
لم يحور عليه الأيدي
وأخرج هناد بن السرى عن الضحاك في قوله : كأمثال اللؤلؤ المكنون قال : اللؤلؤ
العظام الذي قد أكن من أن يمسه شيء
قوله تعالى : لا يسمعون فيها لغوا الآية
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : لا يسمعون فيها لغوا قال : باطل
ا ولا تأثيما قال : كذبا
وأخرج هناد عن الضحاك لا يسمعون فيها لغوا قال : الهدر من القول والتأثيم الكذب
(8/11)
قوله
تعالى : أصحاب اليمين الآيات
أخرج سعيد بن منصور وابن منصور وابن المنذر والبهيقي في البعث من طريق حصين عن
عطاء ومجاهد قال : لم سأل أهل الطائف الوادي يحمي لهم فيه عسل ففعل وهو واد معجب
فسمعوا الناس يقولون في الجنة كذا وكذا قالوا يا ليت لنا في الجنة مثل هذا الوادي
فأنزل الله وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبهيقي في البعث من وجه آخر عن مجاهد رضي الله عنه
قال : كانوا يعجبون من وج هكذا في الأصل وظلاله من طلحه وسدرة فأنزل الله وأصحاب
اليمين ما أصحاب اليمين في سدر مخضود وطلح منضود وضل ممدود
وأخرج أحمد عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه و سلم تلا هذه الآية وأصحاب
اليمين ما أصحاب اليمين وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال فقبض يديه قبضتين فقال :
" هذه في الجنة ولا أبالي وهذه في النار ولا أبالي "
وأخرج الحاكم وصححه والبهيقي في البعث عن أبي أمامة قال : كان أصحاب رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقولون : إن الله ينفعنا بالأعراب ومسائلهم أقبل أعرابي يوما فقال
: يا رسول الله لقد ذكر الله في القرآن شجرة مؤذية وما كنت أرى أن في الجنة شجرة
تؤذي صاحبها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " وما هي ؟ قال : السدر
فإن لها شوكا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أليس يقول الله : في سدر مخضود
يخضده الله من شوكة فيجعل مكان كل شوكة ثمرة إنها تنبت ثمرا يفتق الثمر منها عن
اثنين وسبعين لونا من الطعام ما فيها لون يشبه الآخر "
وأخرج ابن أبي داود في البعث والطبراني وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه عن عقبة
بن عبد الله السلمي قال : كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه و سلم فجاء أعرابي فقال
: يا رسول أسمعك تذكر في الجنة شجرة لا أعلم شجرة أكثر شوكا منها يعني الطلح فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الله تعالى يجعل مكان كل شوكة منها
ثمرة مثل خصية التيس الملبود يعني المخصي فيها سبعون لونا من الطعام لا يشبه لون
الآخر "
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : في سدر مخضود قال : خضده
وقره من الحمل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في
سدر مخضود قال : المخضود الذي لا شوك فيه
(8/12)
وأخرج
عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : المخضود الموقر الذي لا شوك فيه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن يزيد الرقاشي رضي الله عنه وسدر مخضود قال :
نبقها أعظم من القلال
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله تعالى : في
سدر مخضود قال : الذي ليس له شوك قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت
قول أمية بن أبي الصلت : إن الحدائق في الجنان ظليلة فيها الكواعب سدرها مخضود
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه عن علي بن
أبي طالب رضي الله عنه في قوله : وطلح منضود قال : هو الموز
وأخرج الفريابي وهناد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جريروابن أبي حاتم عن أبي
سعيد الخدري رضي الله عنه وطلح منضود قال : الموز
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وقتادة مثله وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي
حاتم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قرأ وطلع منضود
وأخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن قيس بن عباد قال : قرأت على علي وطلح
منضود فقال : علي ما بال الطلح ؟ أما تقرأ وطلع ثم قال : وطلع نضيد فقيل له : يا
أمير المؤمنين أنحكها من المصاحف ؟ فقال : لا يهاج القرآن اليوم
وأخرج ابن جريرعن ابن عباس في قوله : منضود قال : بعضه على بعض
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله : سدر مخضود قال : الموقر حملا وطلح منضود يعني الموز المتراكم
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" إن حائط الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وقاع الجنة ذهب ورضاضها اللؤلؤ
وطينها مسك وترابها الزعفران وخلال ذلك سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء مسكوب
"
(8/13)
وأخرج
عبد الرزاق وابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير
وابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها اقرأوا إن
شئتم وظل ممدود
وأخرج أحمد والبخاري والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن أنس أن النبي
صلى الله عليه و سلم قال : إن في الجنة لشجرة يسير الراكب فيه ظلها مائة عام لا
يقطعها وأن شئتم فاقرأوا وظل ممدود وماء مسكوب "
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها
وذاك الظل الممدود "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الظل الممدود
شجرة في الجنة على ساق ظلها قدر ما يسير الراكب في كل نواحيها مائة عام فيخرج
إليها أهل الجنة أهل الغرف وغيرهم فيتحدثون في ظلها فيشتهي بعضهم ويذكر لهو الدنيا
فيرسل الله ريحا من الجنة فتحرك تلك الشجرة بكل لهو في الدنيا
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : في الجنة شجر لا يحمل
يستظل به
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عمروبن ميمون وظل ممدود قال : مسيرة
سبعين ألف سنة
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج وماء مسكوب قال : جار
وأخرج هناد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سعف نخل الجنة منها
مقاطعاتهم وكسوتهم
وأخرج هناد وابن المنذر عن عبد الله بن عمرو قال : عناقيد الجنة ما بينك وبين
صنعاء وهو بالشام
الآية 34 - 40
(8/14)
وأخرج
أحمد والترمذي حسنه والنسائي وابن أبي الدنيا في صفة الجنة وابن حبان وابن جرير
وابن أبي حاتم والروياني وابن مردويه وأبو الشيخ في العظمة والبهيقي في البعث عن
أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم : " في قوله وفرش مرفوعة قال :
ارتفاعها كما بين السماء والأرض مسيرة ما بينهما خمسمائة عام "
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي أمامة : " سئل رسول الله صلى الله عليه و
سلم عن الفرش المرفوعة قال : لو طرح فراش من أعلاها لهوى إلى قرارها مائة خريف
"
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن أبي أمامة في قوله :
وفرش مرفوعة قال : لو أن أعلاها سقط ما بلغ أسفلها أربعين خريفا
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رفعه في الفرش المرفوعة " لو طرح من أعلاها شيء
ما بلغ قرارها مائة خريف "
وأخرج هناد عن الحسن في قوله : وفرش مرفوعة قال : ارتفاع فراش أهل الجنة مسيرة
ثمانين سنة والله أعلم
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وهناد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
وابن مردويه والبهيقي في البعث عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في
قوله : إنا أنشأناهن إنشاء قال : " إن من المنشآت اللاتي كن في الدنيا عجائز
شمطا عمشا رمصا "
وأخرج الطيالسي وابن جرير وابن أبي الدنيا والطبراني وابن مردويه وابن قانع
والبهيقي في البعث عن سلمة بن زيد الجعفي سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول في
قوله : إنا أنشأناهن إنشاء قال : " الثيب والأبكار اللاتي كن في الدنيا
"
وأخرج عبد بن حميد والترمذي في الشمائل وابن المنذر والبهيقي في البعث عن الحسن
قال : " أتت عجوز فقالت يا رسول الله : ادع الله أن يدخلني الجنة فقال : يا
أم فلان إن لجنة لا يدخلها عجوز فولت تبكي قال : أخبروها أنها لا تدخلها وهي عجوز
إن الله يقول : إنا أشأناهن إنشاء فجعلناهن أبكارا
وأخرج البهيقي في الشعب عن عائشة قالت : دخل النبي صلى الله عليه و سلم علي وعندي
عجوز فقال : من هذه ؟ قلت : إحدى خالاتي قال : أما إنه لا يدخل الجنة العجوز فدخل
العجوز من ذلك ما شاء الله فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " إنا أنشأناهن
خلقا آخر "
(8/15)
وأخرج
الطبراني في الأوسط عن عائشة " أن النبي صلى الله عليه و سلم أتته عجوز من
الأنصار فقالت : يا رسول الله صلى الله عليه و سلم ادع الله أن يدخلني الجنة فقال
: إن الجنة لا يدخلها عجوز فذهب يصلي ثم رجع فقالت عائشة : لقد لقيت من كلمتك مشقة
فقال : إن ذلك كذلك إن الله إذا أدخلهن الجنة حولهن أبكارا "
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس إنا أنشأناهن إنشاء نخلقهن غير خلقهن الأول
وأخرج ابن مردويه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : إنا أشأناهن إنشاء قال : أنبتناهن
وأخرج الطبراني عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن
أهل الجنة إذا جامعوا النساء عدن أبكارا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس في قوله : فجعلناهن أبكارا قال : عذارى وأخرج ابن جرير
وابن المنذر والبهيقي من طريق علي عن ابن عباس في قوله : عربا قال : عواشق أترابا
يقول : مستويات
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس عربا قال : عواشق لأزواجهن
وأزواجهن لهن عاشقون أترابا قال : في سن واحد ثلاثا وثلاثين سنة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : العرب الملقة
لزوجها
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : العرب المتحببات المتوددات إلى
أزواجهن
وأخرج هناد من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : العرب الغنجة وفي قول
أهل المدينة الشكلة
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : عربا
قال : هي الغنجة
وأخرج سعيد بن منصور عن سعيد بن جبير في قوله : عربا قال : هن المتغنجات
وأخرج سفيان وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عن ابن
(8/16)
عباس
في قوله : عربا قال : الناقة التي تشتهي الفحل يقال لها : عربة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن بريدة في قوله : عربا قال : هي الشكلة بلغة مكة
المغنوجة بلغة المدينة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : العربة التي تشتهي
زوجها
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عزوجل عربا
أترابا قال : هن العاشقات لأزواجهن اللاتي خلقن من الزعفران والأتراب المستويات
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت نابغة بني ذبيان وهويقول : عهدت
بها سعدي وسعدي عزيزة عروب تهادى في جوار خرائد وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد
وابن المنذر عن قتادة فجعلناهن أبكارا قال : عذارى عربا قال : عشقا لأزواجهن أترابا
قال : مستويات سنا واحدا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عكركة في قوله : عربا قال :
المغنوجات والعربة هي الغنجة
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن عبيد بن عمير أنه سئل عن قوله تعالى : عربا قال
: أما سمعت أن المحرم يقال له : لا تعربها بكلام تلذ ذهابه وهي محرمة
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير عن تيم بن جدلم وكان من أصحاب رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : العربة الحسنة التبعل وكانت العرب تقول للمرأة إذا
كانت حسنة التبعل : إنها العربة
وأخرج هناد بن السرى وعبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله : عربا قال :
يشتهين أزواجهن
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله : عربا قال : العرب
المتعشقات
وأخرج هناد بن السرى وعبد بن حميد وابن جرر وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله : عربا قال : عواشق لأزواجهن أترابا قال : مستويات
(8/17)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : عربا قال : المتعشقات
لبعولتهن والأتراب المستويات في سن واحد
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال : العرب المتعشقات واأتراب
المستويات في سن واحد
وأخرج هناد بن السرى وعبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في قوله : عربا قال :
المتحببات إلى الأزواج والأتراب المستويات
وأخرج سفيان بن عيينة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه
في قوله : عربا قال : متحببات إلى أزواجهن أترابا قال : أمثالا
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : العرب المتحببات إلى أزواجهن
والأتراب الأشباه المستويات
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال : العربة هي الحسنة
الكلام
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه عربا قال : عواشق أترابا قال : أقرانا
وأخرج وكيع في الغرر وابن عساكر في تاريخه عن هلال بن أبي بردة رضي الله عنه أنه
قال لجلسائه : ما العروب من النساء ؟ فماجوا وأقبل إسحق بن عبد الله بن الحرث
النوفلي رضي الله عنه فقال : قد جاءكم من يخبركم عنها فسألوه فقال : الخفرة
المتبذلة لزوجها وأنشد : يعربن عند بهولهن إذا خلوا وإذا هم خرجوا فهن خفار وأخرج
ابن عدي بسند ضعيف عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" خير نسائكم العفيفة الغلمة "
وأخرج ابن عساكر عن معاوية بن أبي سفيان أنه راود زوجته فاختة بنت قرطة فنخرت نخرة
شهوة ثم وضعت يدها على وجهها فقال : لا سوأة عليك فوالله لخيركن الناخرات
والشخارات
وأخرج ابن أبي حاتم عن جعفر بن محمد عن أبيه رضي الله عنه قال : " قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم في قوله : عربا قال : كلامهن عربي "
(8/18)
وأخرج
عبد بن حميد عن ميمون بن مهران رضي الله عنه في قوله : ثلة من الأولين وثلة من
الآخرين قال : كثير من الأولين وكثير من الآخرين
وأخرج مسدد في مسنده وابن المنذر والطبراني وابن مردويه بسند حسن عن أبي بكر رضي
الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله : ثلة من الأولين وثلة من الآخرين
قال : هما جميعا من هذه الأمة
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن عدي وابن مردويه بسند
ضعيف عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ثلة من الأولين وثلة من الآخرين قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " هما جميعا من أمتي "
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
ثلة من الأولين وثلة من الآخرين قال : الثلتان جميعا من هذه الأمة
وأخرج الحسن بن سفيان وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وابن عساكر عن عبد الله
بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إني
لأرجو أن يكون من اتبعني من أمتي ربع أهل الجنة " فكبرنا ثم قال : " إني
لأرجو أن يكون من أمتي الشطر ثم قرأ ثلة من الأولين وثلة من الآخرين "
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : تحدثنا ذات ليلة عند رسول الله
صلى الله عليه و سلم حتى ؟ ألرنا هكذا في الأصل الحديث فلما أصبحنا غدونا على رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقال : " عرضت علي الأنبياء بأتباعها من أممها فإذا
النبي معه الثلة من أمته وإذا النبي ليس معه أحد وقد أنبأكم الله عن قوم لوط فقال
: أليس منكم رشيدحتى مر موسى عليه السلام ومن معه من بني إسرائيل قلت : يا رب
فأين أمتي ؟ قال : انظر عن يمينك فإذا الظراب ظراب مكة قد سد من وجوه الرجال قال :
أرضيت يا محمد ؟ قلت : رضيت يا رب قال : أنظر عن يسارك فإذا الأفق قد سد من وجوه
الرجال قال : أرضيت يا محمد ؟ قلت : رضيت يا رب قال : فإن مع هؤلاء سبعين ألفا
يدخلون الجنة بغير حساب فأتى عكاشة بن محصن الأسدي رضي الله عنه فقال يا رسول الله
: ادع الله أن يجعلني منهم قال : اللهم اجعله منهم ثم قام رجل آخر فقال يا رسول
الله : ادع الله أن يجعلني منهم فقال : سبقك بها عكاشة ثم قال لهم النبي صلى الله
عليه و سلم : إن استطعتم بأبي أنتم وأمي أن تكونوا من السبعين فكونوا فإن
(8/19)
عجزتم
وقصرتم فكونوا من أصحاب الظراب فإن عجزتم وقصرتم فكونوا من أصحاب الأفق فإني قد
رأيت أناسا يتهارشون كثيرا ثم قال : إني لأرجو أن تكونوا شطر أهل الجنة فكبر القوم
ثم تلا هذه الآية ثلة من الأولين وثلة من الآخرين فتذاكروا من هؤلاء السبعون ألفا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم
يتوكلون "
الآية 41 - 57 أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه وأصحاب الشمال
ما أصحاب الشمال قال : ماذا لهم وماذا أعد لهم ؟ وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور
وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي
الله عنهما في قوله : وظل من يحموم قال : من دخان أسود وفي لفظ : من دخان جهنم
وأخرج هناد وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه وظل من يحموم قال : من دخان جهنم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه وظل من يحموم قال
: من دخان
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي مالك رضي الله عنه وظل من يحموم قال : الدخان
(8/20)
وأخرج
عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه قال : النار سوداء وأهلها سود وكل شيء فيها
أسود
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : لا بارد
ولا كريم قال : لا بارد المنزل ولا كريم المنظر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ان عباس رضي الله عنهما في قوله :
إنهم كانوا قبل ذلك مترفين قال : منعمين وكانوا يصرون على الحنث العظيم قال : على
الذنب العظيم
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي رضي الله عنه وكانوا يصرون على الحنث العظيم قال : هي
الكبائر
وأخرج ابن عدي والشيرازي في الألقاب والحاكم وصححه وابن مردويه والخطيب في تالي
التلخيص وابن عساكر في تاريخه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قرأ في الواقعة فشاربون شرب الهيم بفتح الشين من شرب
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ
شرب الهيم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
شرب الهيم قال : الإبل العطاش
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله عزوجل : فشاربون شرب الهيم قال : الإبل يأخذها داء يقال له الهيم فلا تروى من
الماء فشبه الله تعالى شرب أهل النار من الحميم بمنزلة الإبل الهيم قال : وهل تعرف
العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول : أجزت إلى معارفها بشعب
واطلاح من العبدي هيم وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن أبي مجلز رضي الله عنه
فشاربون شرب الهيم قال : كان المراض تمص الماء مصا ولا تروى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه فشاربون شرب الهيم قال : الإبل
المراض تمص الماء مصا ولا تروى
(8/21)
وأخرج
عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه فشاربون شرب الهيم قال : ضراب الإبل دواب لا
تروى
وأخرج سفيان بن عيينة في جامعة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فشاربون شرب
الهيم قال : هيام الأرض يعني الرمال
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال الهيم الإبل العطاش
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه شرب الهيم قال : الإبل الهيم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه شرب الهيم قال : داء يأخذ
فإذا أخذها لم ترو
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ شرب الهيم برفع الشين
الأية 58 - 74 أخرج عبد الرزاق وابن المنذر والحاكم والبهيقي في سننه عن حجر
المرادي رضي الله عنه قال : كنت عبد علي رضي الله عنه فسمعته وهو يصلي بالليل يقرأ
فمر بهذه الآية أفرأيتم ما تمنون أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون قال : بل أنت يا
رب ثلاثا
(8/22)
ثم
قرأ أأنتم تزرعونه قال : بل أنت يا رب ثلاثا ثم قرأ أأنتم أنزلتموه من المزن قال :
بل أنت يا رب ثلاثا ثم قرأ أأنتم أنشأتم شجرتها قال : بل أنت يارب ثلاثا
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : نحن قدرنا بينكم
الموت قال : تقدير أن جعل أهل الأرض وأهل السماء فيه سواء شريفهم وضعيفهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : نحن قدرنا بينكم
الموت قال : المتأخر والمعجل وأي في قوله : وننشئكم فيما لا تعلمون قال : في خلق
شئنا وفي قوله : ولقد علمتم النشأة الأولى إذا لم تكونوا شيئا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في
قوله : ولقد علمتم النشأة الأولى قال : خلق آدم عليه السلام
وأخرج البزار وابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه عن
أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا
يقولن أحدكم زرعت ولكن ليقل حرثت قال أبو هريرة رضي الله عنه : ألم تسمعوا الله
يقول : أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون "
وأخرج عبد بن حميد عن أبي عبد الرحمن رضي الله عنه أنه كره أن يقول : زرعت ويقول :
حرثت
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : أأنتم تزرعونه قال : تنبتونه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فظلتم تفكهون قال : تعجبون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه فظلتم تفكهون قال : تندمون
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : إنا
لمغرمون قال : ملقون للشر بل نحن مرومون قال : محدودون وفي قوله : أأنتم أنزلتموه
من المزن قال : السحاب
(8/23)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أأنتم أنزلتموه من
المزن قال : السحاب
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وقتادة رضي الله عنهما مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جعفر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه
كان إذا شرب الماء قال : الحمد لله الذي سقانا عذبا فراتا برحمته ولم يجعله ملحا
أجاجا بذنوبنا
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :
نحن جعلناها تذكرة قال : هذه لنا تذكرة للنار الكبرى ومتاعا للمقوين قال :
للمستمتعين الناس أجمعين وفي لفظ للحاضر والبادي
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن ابن
عباس رضي الله عنهما نحن جعلناها تذكرة قال : تذكرة للنار الكبرى ومتاعا للمقوين
قال : للمسافرين
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه نحن جعلناها تذكرة قال : تذكرة
للنار الكبرى ومتاعا للمقوين قال : للمسافرين كم من قوم قد سافروا ثم أرملوا
فأحجبوا نارا فاستدفؤوا بها وانتفعوا بها
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه ومتاعا للمقوين قال : للمسافرين
وأخرج الطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا تمنعوا عباد الله فضل الله الماء ولا
كلأ ولا نارا فإن الله تعالى جعلها متاعا للمقوين وقوة للمستضعفين ولفظ ابن عساكر
وقواما للمستمتعين "
الآية 75 - 85
(8/24)
أخرج
عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ فلا أقسم ممدودة مرفوعة الألف بمواقع
النجوم على الجماع
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : فلا
أقسم بمواقع النجوم على الجماع
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : فلا أقسم
بمواقع النجوم قال : نجوم السماء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه فلا أقسم بمواقع النجوم قال :
بمساقطها قال : وقال الحسن رضي الله عنه : مواقع النجوم انكدارها وانتثارها يوم
القيامة وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه فلا أقسم بمواقع النجوم قال :
بمغايبها
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله : فلا أقسم بمواقع
النجوم قال : بمنازل النجوم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني
وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فلا أقسم بمواقع النجوم قال :
القرآن وإنه لقسم لو تعلمون عظيم قال : القرآن
وأخرج النسائي وابن جرير ومحمد بن نصر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب
الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزل القرآن في ليلة القدر من السماء
العليا إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم فرق في السنين وفي لفظ : ثم نزل من السماء
الدنيا إلى الأرض نجوما ثم قرأ فلا أقسم بمواقع النجوم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما فلا أقسم بمواقع النجوم بألف قال :
نجوم القرآن حين ينزل
وأخرج ابن المنذر الأنباري في كتاب المصاحف وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : أنزل القرآن إلى السماء الدنيا جملة واحدة ثم أنزل إلى الأرض نجوما
ثلاثا آيات وخمس آيات وأقل وأكثر فقال : فلا أقسم بمواقع النجوم
وأخرج الفريابي بسند صحيح عن المنهال بن عمرو رضي الله عنه قال : قرأ عبد
(8/25)
الله
بن مسعود رضي الله عنه فلا أقسم بمواقع النجوم قال : بمحكم القرآن فكان ينزل على
النبي صلى الله عليه و سلم نجوما
وأخرج ابن نصر وابن الضريس عن مجاهد رضي الله عنه فلا أقسم بمواقع النجوم قال :
بمحكم القرآن
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما فلا أقسم بمواقع النجوم قال : مستقر
الكتاب أوله وآخره
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله : إنه لقرآن
كريم في كتاب مكنون قال : القرآن الكريم والكتاب المكنون هو اللوح المحفوظ لا يمسه
إلا الطهرون قال : الملائكة عليهم السلام هم المطهرون من الذنوب
وأخرج آدم ابن أبي إياس وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في المعرفة
عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون قال : القرآن في
كتابه والمكنون الذي لا يمسه شيء من تراب ولا غبار لا يمسه إلا المطهرون قال :
الملائكة عليهم السلام
وأخرج عبد حميد وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه في كتاب مكنون قال : التوراة
الإنجيل لا يمسه إلا المطهرون قال : حملة التوراة والإنجيل
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : في قراءة ابن مسعود رضي الله عنه : " ما يمسه
إلا المطهرون "
وأخرج آدم وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في المعرفة من طرق عن ابن
عباس رضي الله عنهما لا يمسه إلا المطهرون قال : الكتاب المنزل في السماء لا يمسه
إلا الملائكة
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن أنس رضي الله عنه لا يمسه إلا المطهرون قال :
الملائكة عليهم السلام
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه لا يمسه إلا المطهرون قال :
ذاكم عند رب العالمين لا يمسه إلا المطهرون من الملائكة فإما عندكم فيمسه المشرك
والنجس والمنافق والرجس
(8/26)
وأخرج
ابن مردويه بسند رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم
إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون قال : عند الله في صحف مطهرة لا يمسه المطهرون قال :
المقربون
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن علقمة رضي الله عنه قال : أتينا سلمان الفارسي
رضي الله عنه فخرج علينا من كن له فقلنا له : لو توضأت يا أبا عبد الله ثم قرأت
علينا سورة كذا وكذا قال : إنما قال الله : في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون
وهو الذي في السماء لا يمسه إلا الملائكة عليهم السلام ثم قرأ علينا من القرآن ما
شئنا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي داود في المصاحف وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله
عنه في قوله : في كتاب مكنون قال : في السماء لا يمسه إلا المطهرون قال : الملائكة
عليهم السلام
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله : لا يمسه
إلا المطهرون قال : الملائكة عليهم السلام ليس أنتم يا أصحاب الذنوب
وأخرج ابن المنذر عن النعيمي رضي الله عنه قال : قال مالك رضي الله عنه : أحسن ما
سمعت في هذه الآية لا يمسه إلا المطهرون أنها بمنزلة الآية التي في عبس في صحف
كرمة سورة عبس الآية 13 إلى قوله : كرام بررة سورة عبس الآية 16 وأخرج ابن المنذر
عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان لا يمس المصحف إلا متوضئا
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي داود وابن المنذر عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه قال :
" في كتاب النبي صلى الله عليه و سلم لعمرو بن حزم : لا تمس القرآن إلا على
طهور "
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة في المصنف وابن المنذر والحاكم وصححه عن عبد
الرحمن بن زيد قال : كنا مع سلمان فانطلق إلى حاجة فتوارى عنا فخرج إلينا فقلنا :
لو توضأت فسألناك عن أشياء من القرآن فقال : سلوني فإني لست أمسه إنما يمسه
المطهرون ثم تلا لا يمسه إلا المطهرون
(8/27)
وأخرج
الطبراني وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " لا يمس القرآن إلا طاهر "
وأخرج ابن مردويه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم لما
بعثه إلى اليمن كتب له في عهده أن لا يمس القرآن إلا طاهر
وأخرج ابن مردويه عن ابن حزم الأنصاري عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه و سلم
كتب إليه : لا يمس القرآن إلا طاهر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : أفبهذا الحديث
أنتم مدهنون قال : مكذبون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه أفبهذا الحديث
أنتم مدهنون قال : تريدون أن تمالئوا فيه وتركنوا إليهم
قوله : تعالى وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون
أخرج مسلم وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مطر الناس
على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال النبي صلى الله عليه و سلم : "
أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر قالوا : هذه رحمة وضعها الله وقال بعضهم لقد صدق
نوء كذا فنزلت هذه الآية فلا أقسم بمواقع النجوم حتى بلغ وتجعلون رزقكم أنكم
تكذبون
وأخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن
مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهماأنه كان يقرأ " وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون
" قال : يعني الأنواء وما مطر قوم إلا أصبح بعضهم كافرا وكانوا يقولون :
مطرنا بنوء كذا وكذا فأنزل الله تعالى تجعلون رزقكم أنكم تكذبون
وأخرج مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون قال
: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سافر في حر شديد فنزل الناس على غير ماء
فعطشوا فاستسقوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال لهم : " فلعلي لو فعلت
فسقيتم قلتم هذا بنوء كذا وكذا قالوا : يا نبي الله ما هذا بحين أنواء فدعا رسول
الله صلى الله عليه و سلم بماء فتوضأ ثم قام فصلى فدعا الله تعالى فهاجت ريح وثاب
سحاب فمطروا
(8/28)
حتى
سال كل واد فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم مر برجل يغرف بقدحه ويقول :
هذا نوء فلان فنزل وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي حزرة رضي الله عنه قال : نزلت الآية في رجل من الأنصار
في غزوة تبوك ونزلوا بالحجر فأمرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم أن لا يحملوا من
مائها شيئا ثم ارتحل ثم نزل منزلا آخر وليس معهم ماء فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى
الله عليه و سلم فقام يصلي ركعتين ثم دعا فأرسل سحابة فأمطرت عليهم حتى استقوا
منها فقال رجل من الأنصار لآخر من قومه يتهم بالنفاق : ويحك قد ترى ما دعا النبي
صلى الله عليه و سلم فأمطر الله علينا السماء فقال : إنما مطرنا بنوء كذا وكذا
فأنزل الله وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون
وأخرج أحمد وابن منيع وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم والخرائطي في مساوئ الأخلاق وابن مردويه والضياء في المختارة عن علي رضي الله
عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله : وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون قال :
شكركم تقولون مطرنا بنوء كذا وكذا وبنجم كذا وكذا
وأخرج ابن جرير عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" ما مطر قوم من ليلة إلا أصبح قوم بها كافرين ثم قال : وتجعلون رزقكم أنكم
تكذبون يقول قائل : مطرنا بنجم كذا وكذا "
وأخرج ابن عساكر في تاريخه عن عائشة رضي الله عنها قالت : مطر الناس على عهد رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " أصبح من الناس
شاكر ومنهم كافر قالوا هذه رحمة وضعها الله وقال بعضهم : لقد صدق نوء كذا فنزلت
هذه الآية فلا أقسم بمواقع النجوم حتى بلغ وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون
وأخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن
مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون قال :
يعني الأنواء وما مطر قوم إلا أصبح بعضهم كافرا وكانوا يقولون : مطرنا بنوء كذا
وكذا فأنزل الله وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون
وأخرج ابن مردويه قال : " ما فسر رسول الله صلى الله عليه و سلم من القرآن
إلا آيات يسيرة قوله : وتجعلون رزقكم قال : شكركم "
(8/29)
وأخرج
ابن مردويه عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ "
وتجعلون شكركم "
وأخرج ابن مردويه عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه قال : قرأ علي رضي الله
عنه الواقعات في الفجر فقال : " وتجعلون شكركم أنكم تكذبون " فلما انصرف
قال : إني قد عرفت أنه سيقول قائل : لم قرأها هكذا ؟ إني سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقرؤها كذلك كانوا إذا مطروا قالوا : مطرنا بنوء كذا وكذا فأنزل الله
" وتجعلون شكركم أنكم إذا مطرتم تكذبون "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي عبد الرحمن رضي الله عنه قال : كان علي رضي
الله عنه يقرأ " وتجعلون شكركم أنكم تكذبون "
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون فقال : أما
الحسن فقال : بئس ما أخذ القوم لأنفسهم لم يرزقوا من كتاب الله إلا التكذيب قال :
وذكر لنا أن الناس أمحلوا على عهد نبي الله صلى الله عليه و سلم فقالوا يا نبي
الله : لو استقيت لنا ؟ فقال : عسى قوم إن سقوا أن يقولوا سقينا بنوء كذا وكذا
فاستسقى نبي الله صلى الله عليه و سلم فمطروا فقال رجل : إنه قد كان بقي من
الأنواء كذا وكذا فأنزل الله وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون قال
: قولهم : في الأنواء مطرنا بنوء كذا وكذا فيقول : قولوا : هو من عند الله تعالى
وهو رزقه
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون قال :
الاستسقاء بالأنواء وأخرج عبد بن حميد عن عوف عن الحسن رضي الله عنه في قوله :
وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون قال : تجعلون حظكم منه أنكم تكذبون قال عوف رضي الله
عنه : وبلغني أن مشركي العرب كانوا إذا مطروا في الجاهلية قالوا مطرنا بنوء كذا
وكذا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والدارمي والنسائي وأبو يعلى وابن
حبان عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم :
" لو
(8/30)
أمسك
الله المطر عن الناس ثم أرسله لأصبحت طائفة كافرين قالوا : هذا بنوء الذبح يعني الدبران
"
وأخرج مالك وعبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي
في الأسماء والصفات عن زيد بن خالد الجهني قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه
و سلم صلاة الصبح زمن الحديبية في أثر سماء فلما أقبل علينا فقال : " ألم
تسمعوا ما قال ربكم في هذه الآية : ما أنعمت على عبادي نعمة إلا أصبح فريق منهم
بها كافرين
فأما من آمن بي وحمدني على سقياي فذلك الذي آمن بي وكفر بالكوكب وأما من قال :
مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك الذي آمن بالكوكب وكفر بي "
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
يوما لأصحابه : " هل تدرون ماذا قال ربكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال :
إنه يقول : إن الذين يقولون نسقى بنجم كذا وكذا فقد كفر بالله وآمن بذلك النجم
والذين يقولون سقانا الله فقد آمن بالله وكفر بذلك النجم
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن محيريز أن سليمان بن عبد الملك دعاه فقال : لو
تعلمت علم النجوم فازددت إلى علمك فقال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن
أخوف ما أخاف على أمتي ثلاث حيف الأئمة وتكذيب بالقدر وإيمان بالنجوم "
وأخرج عبد بن حميد عن رجاء بن حيوة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
: " مما أخاف على أمتي التصديق بالنجوم والتكذيب بالقدر وظلم الأئمة "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ؟ جابر السوائي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : " أخاف على أمتي ثلاثا استسقاء بالأنواء وحيف
السلطان وتكذيبا بالقدر "
وأخرج أحمد عن معاوية الليثي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " يكون الناس مجدبين فينزل الله عليهم رزقا من رزقه فيصبحون مشركين قيل
له : كيف ذاك يا رسول الله ؟ قال : يقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا "
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" إن الله
(8/31)
ليصبح
القوم بالنعمة أو يمسيهم بها فيصبح بها قوم كافرين يقولون مطرنا بنوء كذا وكذا
" وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : " وتجعلون شكركم
" يقول : على ما أنزلت عليكم من الغيث والرحمة يقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا
وكان ذلك منهم كفرا بما أنعم الله عليهم
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما مطر قوم إلا أصبح بعضهم كافرا
يقولون : مطرنا بنوء كذا وكذا وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما " وتجعلون شكركم
أنكم تكذبون "
وأخرج ابن جرير عن عطاء الخراساني رضي الله عنه في قوله : وتجعلون رزقكم أنكم
تكذبون قال : كان ناس يمطرون فيقولون مطرنا بنوء كذا وكذا
قوله تعالى : فلولا إذا بلغت الحلقوم الآيات
وأخرج ابن ماجة عن أبي موسى رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه و
سلم : متى تنقطع معرفة العبد من الناس قال : إذا عاين
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب المحتضرين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال :
احضروا موتاكم وذكروهم فإنهم يرون ما لا ترون
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأبو بكر المروزي في كتاب الجنائز عن عمر بن
الخطاب رضي الله عنه قال : احضروا موتاكم ولقنوهم لا إله إلا الله فإنهم يرون
ويقال لهم
وأخرج سعيد بن منصور المروزي عن عمر رضي الله عنه قال : لقنوا موتاكم لاإله إلا
الله واعقلوا ما تسمعون من المطيعين منكم فإنه يجلي لهم أمور صادقة
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وأبو يعلى من طريق أبي يزيد الرقاشي عن تميم
الداري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : يقول الله لملك الموت :
انطلق إلى وليي فائتني به فإني قد جربته بالسراء والضراء فوجدته حيث أحب فائتني به
لأريحه من هموم الدنيا وغمومها
فينطلق إليه ملك الموت ومعه خمسمائة من الملائكة معهم أكفان وحنوط من حنوط الجنة
ومعهم ضبائر الريحان أصل الريحانة واحد وفي رأسها عشرون لونا لكل لون منها ريح سوى
ريح صاحبه ومعهم الحرير الأبيض فيه المسك الأذفر فيجلس ملك الموت عند رأسه وتحتوشه
الملائكة
(8/32)
ويضع
كل ملك منهم يده على عضو من أعضائه ويبسط ذلك الحرير الأبيض والمسك الأذفر تحت
ذقنه ويفتح له باب إلى الجنة فإن نفسه لتعلل عنده ذلك بطرف الجنة مرة بأزواجها
ومرة بكسوتها ومرة بثمارها كما يعلل الصبي أهله إذا بكى وإن أزواجه ليبتهشن عند
ذلك ابتهاشا وتنزو الروح نزوا ويقول ملك الموت : أخرجي أيتها الروح الطيبة إلى سدر
مخضود وطلح ممدود وماء مسكوب وملك الموت أشد تلطفا به من الوالدة بولدها يعرف أن
ذلك الروح حبيب إلى ربه كريم على الله فهو يلتمس بلطفه تلك الروح رضا الله عنه فسل
روحه كما تسل الشعرة من العجين وإن روحه لتخرج والملائكة حوله يقولون : سلام عليكم
ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون سورة النحل الآية 32 وذلك قوله : الذين تتوفاهم
الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم سورة النحل الآية 32 قال : فأما إن كان من
المقربين فروح وريحان وجنة نعيم قال : روح من جهد الموت وروح يؤتى به عند خروج
نفسه وجنة نعيم أمامه
فإذا قبض ملك الموت روحه يقول الروح للجسد : لقد كنت بي سريعا إلى طاعة الله بطيئا
عن معصيته فهنيئا لك اليوم فقد نجوت وأنجيت ويقول الجسد للروح مثل ذلك وتبكي عليه
بقاع الأرض التي كان يطيع الله عليها كل باب من السماء كان يصعد منه عمله وينزل
منه رزقه أربعين ليلة
فإذا اقبضت الملائكة روحه أقامت الخمسمائة ملك عند جسده لا يقلبه بنو آدم لشق إلا
قلبته الملائكة عليهم السلام قبلهم وعلته بأكفان قبل أكفانهم وحنوط قبل حنوطهم
ويقوم من باب بيته إلى باب قبره صفان من الملائكة يستقبلونه بالاستغفار
ويصيح إبليس عند ذلك صيحة يتصرع منها بعض أعظام جسده ويقول لجنوده : الوليل لكم !
كيف خلص هذا العبد منكم ؟ فيقولون : إن هذا كان معصوما
فإذا صعد ملك الموت بروحه إلى السماء يستقبله جبريل في سبعين ألفا من الملائكة
كلهم يأتيه من ربه فإذا انتهى ملك الموت إلى العرش خرت الورح ساجدة لربها فيقول
الله لملك الموت : انطلق بروح عبدي فضعه في سدر مخضود وطلح منضود وظل ممدود وماء
مسكوب سورة الواقعة الآية 28
فإذا وضع في قبره جاءت الصلاة فكانت عن يمينه وجاء الصيام فكان عن يساره وجاء
القرآن والذكر فكانا عند رأسه وجاء مشيه إلى الصلاة فكان عند رجليه
(8/33)
وجاء
الصبر فكان ناحية القبر
ويبعث الله عنقا من العذاب فيأتيه عن يمينه فتقول الصلاة : وراءك والله ما زال
دائبا عمره كله وإنما استراح الآن حين وضع في قبره
فيأتيه عن يساره فيقول الصيام مثل ذلك
فيأتيه من قبل رأسه فيقول له مثل ذلك
فلا يأتيه العذاب من ناحية فيلتمس هل يجد لها مساغا إلا وجد ولي الله قد أحرزته
الطاعة فيخرج عنه العذاب عندما يرى
ويقول الصبر لسائر الأعمال : أما إنه لم يمنعني أن أباشره بنفسي إلا أني نظرت ما
عندكم فلو عجزتم كنت أنا صاحبه فأما إذا أجزأتم عنه فأنا ذخر له عند الصراط وذخر
له عند الميزان
ويبعث الله ملكين أبصارهما كالبرق الخاطف وأصواتهما كالرعد القاصف وأنيابهما
كالصياصي وأنفاسهما كاللهب يطآن في أشعارهما بين منكبي كل واحد منهما مسيرة كذا
وكذا قد نزعت منهما الرأفة والرحمة إلا بالمؤمنين يقال لهما : منكر ونكير وفي يد
كل واحد منهما مطرقة لو اجتمع عليها الثقلان لم يقلوها
فيقولان له : اجلس
فيستوي جالسا في قبره فتسقط أكفانه في حقويه
فيقولان له : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيقول : ربي الله وحده لا شريك له
والإسلام ديني ومحمد نبي وهو خاتم النبيين
فيقولان له : صدقت
فيدفعان القبر فيوسعانه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن يساره ومن قبل رأسه
ومن قبل رجليه ثم يقولان له : انظر فوقك
فينظر فإذا هو مفتوح إلى الجنة فيقولان له : هذا منزلك يا ولي الله لم أطعت الله
فوالذي نفس محمد بيده إنه لتصل إلى قلبه فرحة لا ترتد أبدا فيقال له : انظر تحتك
فينظر تحته فإذا هو مفتوح إلى النار فيقولان : يا ولي الله نجوت من هذا
فوالذي نفسي بيده إنه لتصل إلى قلبه عند ذلك فرحة لا ترتد أبدا ويفتح له سبعة
وسبعون بابا إلى الجنة يأتيه ريحها وبردها حتى يبعثه الله تعالى من قبره إلى الجنة
وأما الكافر فيقول الله لملك الموت ويفتح الله لملك الموت : انطلق إلى عبدي فائتني
به فإني قد بسطت له رزقي وسربلته نعمتي فأبى إلا معصيتي فأئتني به لأنتقم منه
اليوم
فينطلق إليه ملك الموت في أكره صورة رآها أحد من الناس قط له اثنتا عشرة عينا ومعه
سفود من النار كثير الشوك ومعه خمسمائة من الملائكة معهم نحاس وجمر من جمر جهنم
ومعهم سياط من النار تأجج
فيضربه ملك الموت بذلك السفود ضربة يغيب أصل كل شوكة من ذلك السفود في أصل كل شعرة
وعرق من عروقه ثم يلويه ليا شديدا فينزع روحه من أظفار قدميه فيلقيها في عقبيه
فيسكر عدو
(8/34)
الله
عند ذلك سكرة وتضرب الملائكة وجهه ودبره بتلك السياط ثم كذلك إلى حقويه ثم كذلك
إلى صدره ثم كذلك إلى حلقه ثم تبسط الملائكة ذلك النحاس وجمر جهنم تحت ذقنه ثم
يقول ملك الموت : أخرجي أيتها النفس اللعينة الملعونة إلى سموم وحميم وظل من يحموم
لا بارد ولا كريم سورة الواقعة الآية 43
فإذا قبض ملك الموت روحه قالت الروح للجسد : جزاك الله عني شرا فقد كنت بي سريعا
إلى معصية الله بطيئا بي عن طاعة الله فقد هلكت وأهلكت ويقول الجسد للروح مثل ذلك
وتلعنه بقاع الأرض التي كان يعصي الله تعالى عليها وتنطلق جنود إبليس إليه يبشرونه
بأنهم قد أوردوا عبدا من بني آدم النار
فإذا وضع في قبره ضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه فتدخل اليمنى في اليسرى واليسرى
في اليمنى ويبعث الله إليه حيات دهماء تأخذ بأرنبته وإبهام قدميه فتغوصه حتى تلتقي
في وسطه
ويبعث الله إليه الملكين فيقولان له : من ربك ؟ وما دينك ؟ فيقول : لا أدري !
فيقال له : لا دريت ولا تليت
فيضربانه ضربة يتطاير الشرار في قبره ثم يعود فيقولان له : انظر فوقك
فينظر فإذا باب مفتوح إلى الجنة فيقولان له : عدو الله ! لو كنت أطعت الله تعالى
هذا منزلك
فوالذي نفسي بيده إنه ليصل إلى قلبه حسرة لا ترتد أبدا ويفتح له باب إلى النار
فيقال : عدو الله ! هذا منزلك لما عصيت الله
ويفتح له سبعة وسبعون بابا إلى النار يأتيه حرها وسمومها حتى يبعثه من قبره يوم
القيامة إلى النار "
الآية 86 - 96 أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
غير مدينين قال : غير محاسبين
(8/35)
وأخرج
عبد حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله تعالى عنه فلولا إن كنتم غير
مدينين قال : غير محاسبين ترجعونها قال : النفس
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه والحسن وقتادة مثله
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : غير مدينين قال : غير موقنين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه فلولا إن كنتم غير مدينين قال
: غير مبعوثين يوم القيامة
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر عن الربيع بن خيثم في
قوله : فأما إن كان من المقربين فروح وريحان قال : هذا له عند الموت وجنة نعيم قال
: تخبأ له الجنة إلى يوم يبعث وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم قال :
هذا عند الموت وتصلية جحيم قال : تخبأ له الجحيم إلى يوم يبعث
وأخرج أبو عبيد في فضائله وأحمد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه وأبو داود والترمذي
وحسنه والنسائي والحكيم الترميذي في نوادر الأصول والحاكم وصححه وأبو نعيم في
الحلية وابن مردويه عن عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ فروح
وريحان برفع الراء
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال : " قرأت على رسو ل الله صلى الله عليه و
سلم سورة الواقعة فلما بلغت فروح وريحان قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فروح
وريحان "
وأخرج عبد بن حميد عن عوف عن الحسن أنه كان يقرأها فروح وريحان برفع الراء
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن المنذر عن قتادة أنه كان يقرأ فروح قال : رحمة
قال : وكان الحسن يقرأ فروح يقول : راحة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فروح قال : راحة وريحان قال :
استراحة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يعني بالريحان المستريح من
الدنيا وجنة نعيم يقول : مغفرة ورحمة
(8/36)
وأخرج
مالك وأحمد وعبد بن حميد في مسنده والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي قتادة قال :
" كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا مرت جنازة فقال : مستريح ومستراح
منه فقلنا يا رسول الله : ما المستريح وما المستراح منه ؟ قال : العبد المؤمن
يستريح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله سبحانه وتعالى والعبد الفاجر يستريح
منه العباد والبلاد والشجر والدواب "
وأخرج القاسم بن مندة في كتاب الأحوال والإيمان بالسؤال عن سلمان قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " إن أول ما يبشر به المؤمن عند والوفاة بروح
وريحان وجنة نعيم وإن أول ما يبشر به المؤمن في قبره أن يقال : أبشر برضا الله
تعالى والجنة قدمت خير مقدم قد غفر الله لمن شيعك إلى قبرك وصدق من شهد لك واستجاب
لمن استغفر لك "
وأخرج هناد بن السرى وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : فروح
وريحان قال : الروح الفرح والريحان الرزق
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي في قوله : فروح وريحان قال : فرج من الغم
الذي كانوا فيه واستراحة من العمل لا يصلون ولا يصومون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير الضحاك قال : الروح الاستراحة والريحان الرزق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو القاسم بن منده في كتاب السؤال عن الحسن في قوله
: فروح وريحان قال : ذاك في الآخرة فاستفهمه بعض القوم فقال : أما والله إنهم
ليسرون بذلك عند الموت
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : فروح وريحان قال : الريحان الرزق
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : الروح الرحمة والريحان هو هذا الريحان
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فروح وريحان قال :
الروح الرحمة والريحان يتلقى به عند الموت
وأخرج المروزي في الجنائز وابن جرير عن الحسن قال : تخرج روح المؤمن من جسده في
ريحانة ثم قرأ فأما إن كان من المقربين فروح وريحان
38
(8/37)
وأخرج
عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في ذكر الموت وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن
أبي عمران الجوني في قوله : فأما إن كان من المقربين فروح وريحان قال : بلغني إن
المؤمن إذا نزل به الموت تلقى بضبائر الريحان من الجنة فيجعل روحه فيها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : لم يكن أحد من المقربين يفارق
الدنيا حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيشمه ثم يقبض
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت عن بكر بن عبد الله قال : إذا أمر ملك الموت
بقبض روح المؤمن أتى بريحان من الجنة فقيل له : اقبض روحه فيه وإذا أمر بقبض روح
الكافر أتى ببجاد من النار فقيل له : أقبضه فيه
وأخرج البزار وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
إن المؤمن إذا حضر أتته الملائكة بحريرة فيها مسك وضبائر ريحان فتسل روحه كما تسل
الشعرة من العجين ويقال : أيتها النفس الطيبة أخرجي راضية مرضيا عنك إلى روح الله
وكرامته فإذا خرجت روحه وضعت على ذلك المسك و الريحان وطويت عليها الحريرة وذهب به
إلى عليين وإن الكافر إذا حضر أتته الملائكة بمسح فيه جمر فتنزع روحه انتزاعا
شديدا ويقال : أيتا النفس الخبيثة أخرجي ساخطة مسخوطا عليك إلى هوان الله عذابه
فإذا خرجت روحه وضعت على تلك الجمرة فإن لها نشيشا ويطوى عليها المسح ويذهب به إلى
سجين "
وأخرج أبن أبي الدنيا في ذكر الموت عن إبراهيم النخعي قال : بلغنا أن المؤمن
يستقبل عند موته بطيب من طيب الجنة وريحان من ريحان الجنة فتقبض روحه فتجعل في
حرير الجنة ثم ينضح بذلك الطيب ويلف في الريحان ثم ترتقي به ملائكة الرحمة حتى
يجعل في عليين
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : فسلام لك من أصحاب اليمين قال :
تأتيه الملائكة بالسلام من قبل الله تسلم عليه وتخبره أنه من أصحاب اليمين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : فسلام لك من أصحاب
اليمين قال : سلام من عذاب الله وسلمت عليه ملائكة الله
(8/38)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم
قال : لا يخرج الكافر من دار الدنيا حتى يشرب كأسا من حميم
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال : من مات وهو يشرب الخمر شج في وجهه من
جمر جهنم
وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه و
سلم : " فأما إن كان من المقربين فروح وريحان قال : هذا في الدنيا وأما إن
كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم وتصلية جحيم قال : هذا في الدنيا "
وأخرج أحمد وابن المنذر وابن مردويه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : حدثني فلان
بن فلان سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " من أحب لقاء الله أحب
الله لقاءه ومن كره الله لقاءه فأكب القوم يبكون فقالوا : إنا نكره الموت قال :
ليس ذاك ولكنه إذا حضر فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم فإذا بشر
بذلك أحب لقاء الله والله للقائه أحب وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من
حميم فإذا بشر بذلك كره لقاء الله والله للقائه أكره "
وأخرج آدم ابن أبي إياس عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : تلا رسول الله صلى الله
عليه و سلم هذه الآيات فلولا إذا بلغت الحلقوم إلى قوله : فروح وريحان وجنة نعيم
إلى قوله : فنزل من حميم وتصلية جحيم ثم قال : إذا كان عند الموت قيل له هذا فإن
كان من أصحاب اليمين أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه وإن كان من أصحاب الشمال كره
لقاء الله وكره الله لقاءه "
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله
كره الله لقاءه فقالت عائشة رضي الله عنها : إنا لنكره الموت فقال : ليس ذاك ولكن
المؤمن إذا حضر الموت بشر برضوان الله وكرامته فليس شيء أحب إليه مما أمامه وأحب
لقاء الله وأحب الله لقاءه وإن الكافر إذا حضر بشر بعذاب الله وعقوبته فليس شيء
أكره إليه مما أمامه وكره لقاء الله وكره الله لقاءه "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " ما من ميت يموت إلا وهو يعرف غاسله ويناشد حامله إن كان بخير فروح
وريحان
(8/39)
وجنة
نعيم أن يعجله وإن كان بشر فنزل من حميم وتصلية جحيم أن يحبسه "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : إن هذا لهو حق اليقين
قال : ما قصصنا عليك في هذه السورة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله : إن هذا لهو حق
اليقين قال : إن الله عز و جل ليس تاركا أحدا من خلقه حتى يقفه على اليقين من هذا
القرآن فأما المؤمن فأيقن في الدنيا فنفعه ذلك يوم القيامة وأما الكافر فأيقن يوم
القيامة حين لا ينفعه اليقين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه إن هذا لهو حق اليقين قال :
الخبر اليقين
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مسروق رضي الله عنه قال : من أراد
أن يعلم نبأ الأولين والآخرين ونبأ الدنيا والآخرة ونبأ الجنة والنار فليقرأ إذا
وقعت الواقعة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فسبح باسم ربك العظيم
قال : فصل لربك
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححه وابن
مردويه والبيهقي في سننه عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال : " لما
نزلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم فسبح باسم ربك العظيم قال : اجعلوها في
ركوعكم ولما نزلت سبح اسم ربك الأعلى قال : اجعلوها في سجودكم "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " قالوا يا رسول الله كيف
نقول في ركوعنا ؟ فأنزل الله الآية التي في آخر سورة الواقعة فسبح باسم ربك العظيم
فأمرنا أن نقول : سبحان ربي العظيم وترا
قال ابن مردويه : حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي أنبأنا الحسين بن عبد
الله بن يزيد أنبأنا محمد بن عبد الله بن سابور أنبأنا الحكم بن ظهير عن السدي عن
أبي مالك أو عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : إذا وقعت الواقعة
قال : الساعة
(8/40)
ليس
لوقعتها كاذبة يقول : من كذب بها في الدنيا فإنه لا يكذب بها في الآخرة إذا وقعت
خافضة رافعة قال : القيامة خافضة يقول : خفضت فأسمعت الأذنين ورفعت فأسمعت الأقصى
كان القريب والبعيد فيها سواء قال : وخفضت أقواما قد كانوا في الدنيا مرتفعين
ورفعت أقواما حتى جعلتهم في أعلى عليين إذا رجت الأرض رجا قال : هي الزلزلة وبست
الجبال بسا فكانت هباء منبثا قال : الحكم والسدي قال : على هذا الهرج هرج الدواب
الذي يحرك الغبار وكنتم أزواجا ثلاثة قال : العباد يوم القيامة على ثلاثة منازل
فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة هم : الجمهور جماعة أهل الجنة وأصحاب المشأمة ما
أصحاب المشأمة هم أصحاب الشمال يقول : ما لهم وما أعد لهم والسابقون السابقون هم
مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال من الأولين والآخرين أولئك المقربون قال
: هم أقرب الناس من دار الرحمن من بطنان الجنة وبطنانها وسطها في جنات النعيم ثلة
من الأولين وقليل من الآخرين على سرر موضونة قال : الموضونة الموصولة بالذهب
المكللة بالجوهر والياقوت متكئين عليها متقابلين قال ابن عباس : ما ينظر الرجل
منهم في قفا صاحبه يقول : حلقا حلقا يطوف عليهم ولدان مخلدون قال : خلقهم الله في
الجنة كما خلق الحور العين لا يموتون لا يشيبون ولا يهرمون بأكواب وأباريق
والأكواب التي ليس لها آذان مثل الصواع والأباريق التي لها الخراطم الأعناق وكأس
من معين قال : الكأس من الخمر بعينها ولا يكون كأس حتى يكون فيها الخمر فإذا لم
يكن فيها خمر فإنما هو إناء والمعين يقول : من خمر جار لا يصدعون عنها عن الخمر
ولا ينزفون لا تذهب بعقولهم وفاكهة مما يتخيرون يقول : مما يشتهون يقول : يجيئهم
الطير حتى يقع فيبسط جناحه فيأكلون منه ما اشتهوا نضجا لم تنضجه النار حتى إذا
شبعوا منه طار فذهب كما كان وحور عين قال : الحور البيض والعين العظام الأعين حسان
كأمثال اللؤلؤ قال : كبياض اللؤلؤ التي لم تمسه الأيدي ولا الدهر المكنون الذي في
الأصداف
ثم قال جزاء بما كانوا يعملون لا يسمعون فيها لغوا قال : اللغو الحلف لا والله
وبلى والله ولا تأثيما قال : قال لايموتون إلا قيلا سلاما سلاما يقول : التسليم
منهم وعليهم بعضهم على بعض قال : هؤلاء المقربون ثم قال : وأصحاب اليمين ما أصحاب
اليمين وما أعد لهم في سدر
(8/41)
مخضود والمخضود الموقر الذي لا شوك فيه وطلح منضود وظل ممدود يقول : ظل الجنة لا ينقطع ممدود عليهم أبدا وماء مسكوب يقول : مصبوب وفاكهة كثيرة لا مقطوعة ولا ممنوعة قال : لا تنقطع حينا وتجيء حينا مثل فاكهة الدنيا ولا ممنوعة كما تمنع في الدنيا إلا بثمن وفرش مرفوعة يقول : بعضها فوق بعض ثم قال : إنا أنشأناهن إنشاء قال : هؤلاء نساء أهل الجنة وهؤلاء العجز الرمص يقول : خلقهم خلقا فجعلناهن أبكارا يقول : عذارى عربا أترابا والعرب المتحببات إلى أزواجهن والأتراب المصطحبات اللاتي لا تغرن لأصحاب اليمين ثلة من الأولين وثلة من الآخرين يقول : طائفة من الأولين وطائفة من الآخرين وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال ما لهم وما أعد لهم في سموم قال : فيح نار جهنم وحميم الماء : الجار الذي قد انتهى حره فليس فوقه حر وظل من يحموم قال : من دخان جهنم لا بارد ولا كريم إنهم كانوا قبل ذلك مترفين قال : مشركين جبارين وكانوا يصرون يقيمون علىالحنث العظيم قال : على الإثم العظيم قال : هو الشرك وكانوا يقولون أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما إلى قوله : أو آباؤنا الأولون قال : قل يا محمد إن الأولين والآخرين لمجموعون إلى ميقات يوم معلوم قال : يوم القيامة ثم إنكم أيها الضالون قال : المشركون المكذبون لآكلون من شجر من زقوم قال : والزقوم إذا أكلوا منه خصبوا والزقوم شجرة فمالئون منها البطون قال : يملؤون من الزقوم بطونهم فشاربون عليه من الحميم يقول : على الزقوم الحميم فشاربون شرب الهيم هي الرمال لو مطرت عليها السماء أبدا لم ير فيها مستنقع هذا نزلهم يوم الدين كرامة يوم الحساب نحن خلقناكم فلولا تصدقون يقول : أفلا تصدقون أفرأيتم ما تمنون يقول : هذا ماء الرجل أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون نحن قدرنا بينكم الموت في المتعجل والمتأخر وما نحن بمسبوقين على أن نبدل أمثالكم فيقول : نذهب بكم ونجيء بغيركم وننشئكم فيما لا تعلمون يقول : نخلقكم فيها لا تعلمون إن نشأ خلقناكم قردة وإن نشأ خلقناكم خنازير ولقد علمتم النشأة الأولى فلولا تذكرون يقول : فهلا تذكرون ثم قال : أفرأيتم ما تحرثون يقول : ما تزرعون ؟ أم نحن الزارعون يقول : أليس نحن الذي ننبته أم أنتم المنبتون لو نشاء لجعلناه حطاما فظلتم تفكهون يقول : تندمون إنا
(8/42)
لمغرمون
يقول : إنا للمواريه بل نحن محرومون أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من
المزن يقول : من السحاب أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجا يقول : مرا فلولا
تشكرون يقول : فهلا تشكرون أفرأيتم النار التي تورون يقول : تقدحون أأنتم أنشأتم
يقول : خلقتم شجرتها أم نحن المنشئون قال : وهي من كل شجرة إلا في العناب وتكون في
الحجارة نحن جعلناها تذكرة يقول : يتذكر بها نار الآخرة العليا ومتاعا للمقوين قال
: والمقوي هو الذي لا يجد نارا فيخرج زنده فيستنور ناره فهي متاع له فسبح باسم ربك
العظيم يقول : فصل لربك العظيم فلا أقسم بمواقع النجوم قال : أتى ابن عباس علبة بن
الأسود أو نافع بن الحكم فقال له : يا ابن عباس إني أقرأ آيات من كتاب الله أخشى
أن يكون قد دخلني منها شيء
قال ابن عباس : ولم ذلك ؟ قال : لأني أسمع الله يقول : إنا أنزلناه في ليلة القدر
سورة القدر الآية 2 ويقول : إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين سورة
الدخان الآية 3 ويقول في آية أخرى : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن سورة البقرة
الآية 185 وقد نزل في الشهور كلها شوال وغيره
قال ابن عباس : ويلك إن جملة القرآن أنزل من السماء في ليلة القدر إلى موقع النجوم
يقول : إلى سماء الدنيا فنزل به جبريل في ليلة منه وهي ليلة القدر المباركة وفي
رمضان ثم نزل به على محمد صلى الله عليه و سلم في عشرين سنة الآية والآيتين
والأكثر
فذلك ؟ قوله : لا أقسم يقول : أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم والقسم قسم وقوله : لا
يمسه إلا المطهرون وهم السفرة والسفرة هم الكتبة
ثم قال : تنزيل من رب العالمين أفبهذا الحديث أنتم مدهنون يقول : تولون أهل الشرك
وتجعلون رزقكم قال ابن عباس رضي الله عنهما : سافر النبي صلى الله عليه و سلم في
حر فعطش الناس عطشا شديدا حتى كادت أعناقهم أن تنقطع من العطش فذكر ذلك له قالوا :
يا رسول الله لو دعوت الله فسقانا قال لعلي إن دعوت الله فسقاكم لقلتم هذا بنوء
كذا وكذا قالوا : يا رسول الله ما هذا بحين أنواء ذهبت حين الأنواء فدعا بماء في
مطهرة فتوضأ ثم ركع ركعتين ثم دعا الله فهبت رياح وهاج سحاب ثم أرسلت فمطروا حتى
سال الوادي فشربوا وسقوا
(8/43)
دوابهم
ثم مر النبي صلى الله عليه و سلم برجل وهو يغترف بقعب معه من الوادي وهو يقول :
نوء كذا وكذا سقطت الغداة قال : نزلت هذه الآية وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون فلولا
إذا بلغت الحلقوم يقول : النفس وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم يقول :
الملائكة ولكن لا تبصرون يقول : لا تبصرون الملائكة فلولا يقول : هلا إن كنتم غير
مدينين غير محاسبين ترجعونها يقول : ترجعوا النفس إن كنتم صادقين فأما إن كان من
المقربين مثل النبيين والصديقين والشهداء بالأعمال فروح الفرح مثل قوله : ولا
تيأسوامن روح الله سورة يوسف الآية 87 وريحان الرزق قال ابن عباس : لا تخرج روح
المؤمن من بدنه حتى يأكل من ثمار الجنة قبل موته وجنة نعيم يقول : حققت له الجنة
والآخرة وأما إن كان من أصحاب اليمين يقول : جمهور أهل الجنة فسلام لك من أصحاب
اليمين وأما إن كان من المكذبين الضالين وهم المشركون فنزل من حميم قال : ابن عباس
رضي الله عنهما لا يخرج الكافر من بيته في الدنيا حتى يسقى كأسا من حميم وتصلية
جحيم يقول : في الآخرة إن هذا لهو حق اليقين يقول : هذا القول الذي قصصنا عليك لهو
حق اليقين يقول القرآن الصادق والله أعلم
سورة الحديد
مدنية وآياتها تسع وعشرون
(8/44)
بسم
الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 6 أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : نزلت سورة الحديد بالمدينة
وأخرج ابن مردويه والبهيقي عن ابن الزبير قال : أنزلت سورة الحديد بالمدينة وأخرج
الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " نزلت سورة الحديد يوم الثلاثاء وخلق الله الحديد يوم الثلاثاء وقتل ابن
آدم أخاه يوم الثلاثاء ونهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الحجامة يوم
الثلاثاء
وأخرج الديلمي عن جابر مرفوعا : لا تحتجموا يوم الثلاثاء فإن سورة الحديد أنزلت
علي يوم الثلاثاء
(8/45)
وأخرج
أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه النسائي وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن
عرباض بن سارية أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد
وقال إن فيهن آية أفضل من ألف آية
وأخرج ابن الضريس عن يحيى بن أبي كثير قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا
ينام حتى يقرأ المسبحات وكان يقول : إن فيهن آية هي أفضل من ألف آية قال يحيى :
فنراها الآية التي في آخر الحشر
وأخرج البزار وابن عساكر ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في الدلائل عن
عمر قال : كنت أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه و سلم فبينا أنا في يوم حار
بالهاجرة في بعض طريق مكة إذ لقيني رجل فقال : عجبا لك يا ابن الخطاب إنك تزعم أنك
وأنك وقد دخل عليك الأمر في بيتك قلت : وما ذاك ؟ قال : هذه أختك قد أسلمت فرجعت
مغضبا حتى قرعت الباب فقيل : من هذا ؟ قلت : عمر فتبادروا فاختفوا مني وقد كانوا
يقرأون صحيفة بين أيديهم تركوها أو نسوها فدخلت حتى جلست على السرير فنظرت إلى
الصحيفة فقلت : ما هذه ؟ نأولينيها قالت : إنك لست من أهلها إنك لا تغتسل من
الجنابة ولا تطهر وهذا كتاب لا يمسه إلا المطهرون فما زلت بها حتى ناولتنيها
ففتحتها فإذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم فلما قرأت الرحمن الرحيم ذعرت فألقيت
الصحيفة من يدي ثم رجعت إلى نفسي فأخذتها فإذا فيها بسم الله الرحمن الرحيم سبح
لله ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم فكلما مررت باسم من أسماء الله ذعرت
ثم ترجع إلي نفسي حتى بلغت آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه
فقلت : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فخرج القوم مستبشرين فكبروا
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي الأسود قال : قال رأس الجالوت : إنما التوراة
الحلال والحرام إلا أن في كتابكم جامعا سبح لله ما في السموات والأرض وفي التوراة
يسبح لله الطير والسباع
قوله تعالى : هو الأول والآخر أخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن المنذر وابن
مردويه والبيهقي وأبو
(8/46)
الشيخ
في العظمة عن أبي هريرة قال : " بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم جالس
وأصحابه إذ أتى عليهم سحاب فقال نبي الله صلى الله عليه و سلم : " هل تدرون
ما هذا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : هذا العنان هذه روايا الأرض يسوقها الله
إلى قوم لا يشكرونه ولا يدعونه ثم قال : هل تدرون ما فوقكم ؟ قالوا : الله ورسوله
أعلم قال : فإنها الرقيع سقف محفوظ وموج مكفوف
ثم قال : هل تدرون كم بينكم وبينها ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم
قال : بينكم وبينها خمسمائة سنة ثم قال : هل تدرون ما فوق ذلك ؟ قالوا : الله
ورسوله أعلم قال : فإن فوق ذلك سماءين ما بينهما مسيرة خمسمائة سنة حتى عدد سبع
سموات ما بين كل سماءين كما بين السماء والأرض ثم قال : هل تدرون ما فوق ذلك ؟
قالوا : الله ورسوله أعلم قال : فوق ذلك العرش وبينه وبين السماء بعد مثل ما بين
السماءين ثم قال : هل تدرون ما الذي تحتكم ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : فإنها
الأرض ثم قال : هل تدرون ما تحت ذلك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : فإن تحتها
الأرض الأخرى بينهما مسيرة خمسمائة عام حتى عد سبع أرضين بين كل أرضين مسيرة
خمسمائة سنة ثم قال : والذي نفس محمد بيده لو أنكم دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض
السابعة السفلى لهبط على الله ثم قرأ هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء
عليم " قال : الترمذي فسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا : إنما هبط على
علم الله وقدرته وسلطانه
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس بن عبد المطلب عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" والذي نفس محمد بيده لو دليتم أحدكم بحبل إلى الأرض السابعة لقدم على ربه
ثم تلا هو الأول والآخر والظاهر والباطن هو بكل شيء عليم " وأخرج البيهقي في
الأسماء والصفات عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان يدعو بهؤلاء
الكلمات : اللهم أنت الأول فلا شيء قبلك وأنت الآخر فلا شيء بعدك أعوذ بك من شر كل
دابة ناصيتها بيدك وأعوذ بك من الإثم والكسل ومن عذاب النار ومن عذاب القبر ومن
فتنة الغنى ومن فتنة الفقر وأعوذ بك من المأثم والمغرم
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وحسنة والبيهقي عن أبي هريرة قال : " جاءت فاطمة
إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم تسأل خادما فقال لها : قولي اللهم رب السموات
السبع
(8/47)
ورب
العرش العظيم وربنا ورب كل شيء منزل التوراة والإنجيل والفرقان فالق الحب النوى
أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس
بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عنا الدين
وأغننا من الفقر "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يدعو عند النوم : " اللهم رب السموات
السبع ورب العرش العظيم ربنا ورب كل شيء منزل التوراة والإنجيل والفرقان فالق الحب
والنوى لا إله إلا أنت أعوذ بك من شر كل شيء أنت آخذ بناصيته أنت الأول فليس قبلك
شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك
شيء اقض عنا الدين وأغننا من الفقر "
وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال : كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي
يقول : " يا كائن قبل أن يكون شيء والمكون لكل شيء والكائن بعد ما لا يكون
شيء أسألك بلحظة من لحظاتك الحافظات الوافرات الراجيات المنجيات "
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن محمد بن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه و سلم علم عليا يدعو بها عندما أهمه فكان علي رضي الله عنه يعلمها لولده : يا
كائن قبل كال شيء ويا مكون كل شيء ويا كائن بعد كل شيء أفعل بي كذا وكذا
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن مقاتل بن حيان رضي الله عنه قال : بلغنا في
قوله عزو جل : ؟ ؟ هو الأول قبل كل شيء والآخر بعد كل شيء والظاهر فوق كل شيء
والباطن أقرب من كل شيء وإنما يعني بالقرب بعلمه وقدرته وهو فوق عرشه وهو بكل شيء
عليم هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام مقدار كل يوم ألف عام ثم استوى على
العرش يعلم ما يلج في الأرض من القطر وما يخرج منها من النبات وما ينزل من السماء
من القطر وما يعرج فيها يعني ما يصعد إلى السماء من الملائكة وهو معكم أينما كنتم
يعني قدرته وسلطانه وعلمه معكم إينما كنتم والله بما تعملون بصير
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عمر وأبي سعيد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
: لا يزال الناس يسالون عن كل شيء حتى يقولوا هذا الله كان قبل كل شيء فماذا كان
قبل
(8/48)
الله
؟ فإن قالوا لكم ذلك فقولوا : هو الأول قبل كل شيء وهو الآخر فليس بعده شيء وهو
الظاهر فوق كل شيء وهو الباطن دون كل شيء وهو بكل شيء عليم
وأخرج أبو داود عن أبي زميل قال : سألت ابن عباس رضي الله عنهما فقلت : ما شيء
أجده في صدري قال : ما هو ؟ قلت : والله لا أتكلم به فقال لي : أشيء من شك ؟ وضحك
؟ قال : ما نجا من ذلك أحد حتى أنزل الله تعالى فإن كنت في شك مما أنزلت إليك
الآية وقال لي : إذا وجدت في نفسك شيئا فقل : هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو
بكل شيء عليم
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وهو معكم أينما كنتم قال : عالم بكم
أينما كنتم
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن سفيان الثوري رضي الله عنه أنه سئل عن قوله :
وهو معكم قال : علمه
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " إن من أفضل إيمان المرء أن يعلم أن الله تعالى معه حيث كان "
وأخرج ابن النجار في تاريخ بغداد بسند ضعيف عن ابراء بن عازب قال : قلت لعلي رضي
الله عنه : يا أمير المؤمنين أسألك بالله ورسوله إلا خصصتني بأعظم ما خصك به رسول
الله صلى الله عليه و سلم واختصه به جبريل وأرسله به الرحمن فقال : إذا أردت أن
تدعو الله باسمه الأعظم فاقرأ من أول سورة الحديد إلى آخر ست آيات منها عليم بذات
الصدور وآخر سورة الحشر يعني أربع آيات ثم ارفع يديك فقل : يا من هو هكذا أسألك
بحق هذه الأسماء أن تصلي على محمد وأن تفعل بي كذا وكذا مما تريد فوالله الذي لا
إله غيره لتنقلبن بحاجتك إن شاء الله
الآية 7 - 11
(8/49)
أخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : وأنفقوا مما
جعلكم مستخلفين فيه قال : معمرين فيه بالرزق وفي قوله : وقد أخذ ميثاقكم قال : في
ظهر آدم وفي قوله : ليخرجكم من الظلمات إلى النور قال : من الضلالة إلى الهدى
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله : لا يستوي منكم
من أنفق من قبل الفتح يقول : من أسلم وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من
بعد وقاتلوا يعني أسلموا يقول ليس من هاجر كمن لم يهاجر وكلا وعد الله الحسنى قال
: الجنة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : لا يستوي منكم من
أفق من قبل الفتح الآية قال : كان قتالان أحدهما أفضل من الآخر وانت نفقتان أحدهما
أفضل من الأخرى قال : كانت النفقة والقتال قبل الفتح فتح مكة أفضل من النفقة
والقتال بعد ذلك وكلا وعد الله الحسنى قال : الجنة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال : لما نزلت هذه الآية لا يستوي منكم
من أنفق من قبل الفتح وقاتل قال أبو الدحداح : والله لأنفقن اليوم نفقة أدرك بها
من قبلي ولا يسبقني بها أحد بعدي فقال : اللهم كل شيء يملكه أبو الدحداح فإن نصفه
لله حتى بلغ فرد نعله ثم قال : وهذا
وأخرج سعيد بن منصور عن زيد بن أسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" يأتيكم قوم من ههنا وأشار بيده إلى اليمن تحقرون أعمالكم عند أعمالهم قالوا
: فنحن خير أم هم ؟ قال : بل أنتم فلو أن أحدهم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك أحدكم
ولا
(8/50)
نصيفه
فصلت هذه الآية بيننا وبين الناس لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك
أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد الفتح وقاتلوا "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل من طريق زيد بن
أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : " خرجنا مع رسول
الله صلى الله عليه و سلم عام الحديبية إذا كان بعسفان قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم يوشك أن يأتي قوم تحقرون أعمالكم مع أعمالهم قلنا : من هم يا رسول الله
أقريش ؟ قال : لا ولكنهم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبا فقلنا : أهم خير منا
يا رسول الله ؟ قال : لو كان لأحدهم جبل من ذهب فأنفقه ما أدرك مد أحدكم ولا نصيفه
إلا أن هذا فصل ما بيننا وبين الناس لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل
الآية "
وأخرج أحمد عن أنس قال : كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام فقال
خالد لعبد الرحمن بن عوف : تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها فبلغ النبي صلى الله
عليه و سلم فقال : " دعوا لي أصحابي فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد أو
مثل الجبال ذهبا ما بلغتم أعمالهم "
وأخرج أحمد عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه
و سلم : أنحن خير أم من بعدنا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لو أنفق
أحدهم أحدا ذهبا ما بلغ مد أحدكم ولا نصيفه "
وأخرج ابن بي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي عن أبي سعيد رضي الله عنه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا تسبوا أصحابي فوالذي نفسي بيده
لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : لا تسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم
فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عمره
الآية 12 - 15
(8/51)
أخرج
ابن أبي شيبة وابن المنذر عن الحسن في قوله : يسعى نورهم بين أيديهم قال : على
الصراط حتى يدخلوا الجنة
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود يسعى نورهم بين أيديهم قال : على الصراط
وأخرج ابن المنذر عن يزيد بن شجرة قال : إنكم مكتوبون عند الله بأسمائكم وسيماكم
وحلاكم ونجواكم ومجالسكم فإذا كان يوم القيامة قيل : يا فلان بن فلان هلم بنورك
ويا فلان بن فلان لا نور لك
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في الآية قال : ذكر لنا أن
نبي الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن من المؤمنين يوم القيامة من يضيء له
نوره كما بين المدينة إلى عدن أبين إلى صنعاء فدون ذلك حتى أن من المؤمنين من لا
يضيء له نوره إلا موضع قدميه والناس منازل بأعمالهم "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه عن بان
مسعود في قوله : يسعى نورهم بين أيديهم قال : يؤتون نورهم على قدر أعمالهم يمرون
على الصراط منهم من نوره مثل الجبل ومنهم من نوره مثل النخلة وأدناهم نورا من نوره
على إبهامه يطفأ مرة ويقد أخرى
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن عبد الرحمن بن جبير أنه سمع أبا
ذر وأبا الدرداء قالا : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أنا أول من
يؤذن له في السجود يوم القيامة وأول من يؤذن له أن يرفع رأسه فأرفع رأسي فأنظر بين
يدي وعن خلفي وعن يميني وعن شمالي فأعرف أمتي من بين الأمم فقيل : يا رسول الله
وكيف تعرفهم من بين الأمم ما بين نوح إلى أمتك ؟ قال : غر محجلون من أثر الوضوء
ولا يكون لأحد غيرهم وأعرفهم أنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم وأعرفها بسيماهم في
(8/52)
وجوههم
من أثر السجود وأعرفهم بنورهم الذي يسعى بين أيديهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم
"
وأخرج ابن المبارك وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن
أبي أمامة الباهلي أنه قال : أيها الناس إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون
فيه الحسنات والسيئات وتوشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر وهو القبر بيت الوحدة
وبيت الظلمة وبيد الدود وبيت الضيق إلا ما وسع الله ثم تنتقلون منه إلى مواطن يوم
القيامة فإنكم لفي بعض تلك المواطن حتى يغشى الناس أمر الله فتبيض وجوه وتسود وجوه
ثم تنتقلون منه إلى موضع آخر فتغشى الناس ظلمة شديدة ثم يقسم النور فيعطى المؤمن
نورا ويترك الكافر والمنافق فلا يعطيان شيئا وهو المثل الذي ضرب الله في كتابه إلى
قوله ولا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير
ويقول المنافق للذين آمنوا : انظروانا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا
نورا وهي خدعة الله التي خدع بها المنافقين حيث قال : يخادعون الله وهو خادعهم
سورة النساء آية 142 فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور فلا يجدون شيئا
فينصرفون إليهم فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب
ينادونهم ألم نكن معكم نصلي صلاتكم ونغزو مغازيكم ؟ قالوا : بلى إلى قوله : وبئس
المصير
وأخرج ابن بي حاتم من وجه آخر عن أبي أمامة قال : تبعث ظلمة يوم القيامة فما من
مؤمن ولا كافر يرى كفه حتى يبعث الله بالنور إلى المؤمنين بقدر أعمالهم فيتبعهم
المنافقون فيقولون : انظروا نقتبس من نوركم
وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عباس قال : بينما الناس في
ظلمة إذا بعث الله نورا فلما رأى المؤمنون النور توجهوا نحوه وكان النور دليلا لهم
من الله إلى الجنة فلما رأى المنافقون المؤمنين انطلقوا إلى النور تبعوهم فأظلم
الله على المنافقين فقالوا حينئذ : انظرونا نقتبس من نوركم فإنا كنا معكم في
الدنيا قال المؤمنون : ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا من حيث جئتم من الظلمة
فالتمسوا هنالك النور
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " إن الله يدعو الناس يوم القيامة بأمهاتهم سترا منه على عباده وأما عند
الصراط فإن الله
(8/53)
يعطي
كل مؤمن نورا وكل منافق نورا فإذا استووا على الصراط سلب الله نور المنافقين
والمنافقات فقال المنافقون : انظروا نقتبس من نوركم وقال المؤمنون : ربنا أتمم لنا
نورنا فلا يذكر عند ذلك أحد أحدا "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
إذا جمع الله الأولين والآخرين دعا اليهود فقيل لهم : من كنتم تعبدون ؟ فيقولون :
كنا نعبد الله فيقال لهم : كنتم تعبدون معه غيره فيقولون : نعم فيقال لهم : من
كنتم تعبدون معه ؟ فيقولون : عزيرا فيوجهون وجها ثم يدعو النصارى فيقال لهم : من
كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد الله فيقول لهم : هل كنتم تعبدون معه غيره ؟
فيقولون : نعم فيقال لهم : من كنتم تعبدون معه ؟ فيقولون : المسيح فيوجهون وجها ثم
يدعى المسلمون وهم على رابة من الأرض فيقال لهم : من كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا
نعبد الله وحده فيقال لهم : هل كنتم تعبدون معه غيره ؟ فيقولون : ما عبدنا غيره
فيعطى كل إنسان منهم نورا ثم يوجهون إلى الصراط ثم قرأ يوم يقول المنافقون والمنافقات
للذين آمنوا أنظرونا نقتبس من نوركم الآية وقرأ يوم لا يخزي الله النبي والذين
آمنوا معه نورهم سورة التحريم الآية 8 إلى آخر الآية
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : يوم يقول المنافقون والمنافقات الآية قال
: بينما الناس في ظلمة إذ بعث الله نورا فلما رأى المؤمنون النور توجهوا نحوه وكان
النور لهم دليلا إلى الجنة من الله فلما رأى المنافقون المؤمنين قد انطلقوا تبعوهم
فأظلم الله على المنافقين فقالوا حينئذ : انظرونا نقتبس من نوركم فإنا كنا معكم في
الدنيا قال المؤمنون : ارجعوا من حيث جئتم من الظلمة فالتمسوا هنالك النور
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي فاختة قال : يجمع الله الخلائق
يوم القيامة ويرسل الله على الناس ظلمة فيستغيثون ربهم فيؤتي الله كل مؤمن يومئذ
نورا ويؤتي المنافقين نورا فينطلقون جميعا متوجهين إلى الجنة معهم نورهم فبينما هم
كذلك إذ طفأ الله نور المنافقين فيترددوهن في الظلمة ويسبقهم المؤمنون بنورهم بين
أيديهم فينادونهم انظرونا نقتبس من نوركم فضرب بينهم بسور له باب باطنه حيث ذهب
المؤمنون فيه الرحمة ومن قبله الجنة ويناديهم المنافقون ألم نكن معكم ؟ قالوا :
بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم
(8/54)
وارتبتم
فيقول المنافقون بعضهم لبعض : وهم يتسكعون في الظلمة تعالوا نلتمس إلى المؤمنيين
سبيلا فيسقطون على هوة فيقول بعضهم لبعض : إن هذا ينفق بكم إلى المؤمنين فيتهافتون
فيها فلا يزالون يهوون فيها حتى ينتهوا إلى قعر جهنم فهنالك خدع المنافقون كما قال
الله : وهو خادعهم
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ انظرونا موصولة برفع الألف وأخرج عبد بن حميد
عن الأعمش أنه قرأ انظرونا مقطوعة بنصب الألف وكسر الظاء
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء قال : أين أنت من يوم جيء بجهنم قد سدت ما بين
الخافقين وقيل : لن تدخل الجنة حتى تخوض النار فإن كان معك نور استقام بك الصراط
فقد والله نجوت وهديت وإن لم يكن معك نور تشبث بك بعض خطاطيف جهنم أو كلاليبها فقد
والله رديت وهويت
وأخرج البهيقي في الأسماء والصفات عن مقاتل في قوله : يوم يقول المنافقون
والمنافقات للذين آمنوا وهم على الصراط انظرونا يقول : ارقبونا نقتبس من نوركم
يعني نصيب من نوركم فنمضي معكم قيل : يعني قالت الملائكة لهم : ارجعوا وراءكم
فالتمسوا نورا من حيث جئتم هذا من الاستهزاء بهم استهزؤوا بالمؤمنين في الدنيا حين
قالوا : أمنا وليسوا بمؤمنين فذلك قوله : الله يستهزئ بهم حين يقال لهم : ارجعوا
وراءكم فالتمسوا نورا فضرب بينهم بسور له باب يعني بالسور حائط بين أهل الجنة
والنار باب باطنه يعني باطن السور فيه الرحمة مما يلي الجنة وظاهره من قبله العذاب
يعني جهنم وهو الحجاب الذي ضرب بين أهل الجنة وأهل النار
وأخرج عبد بن حميد عن عبادة بن الصامت أنه كان على سور بيت المقدس الشرقي فبكى
فقيل له ما يبكيك ؟ فقال : ههنا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه رأى
جهنم يحدث عن أبيه أنه قال : فضرب بينهم بسور قال : هذا موضع السورعند وادي جهنم
وأخرج عبد بن حميد عن عن أبي سنان قال : كنت مع علي بن عبد الله بن عباس عند وادي
جهنم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
(8/55)
وابن
عساكر عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : إن السور الذي ذكره الله في القرآن فضرب
بينهم بسور هوالسور الذي ببيت المقدس الشرقي باطنه فيه الرحمة المسجد وظاهره من
قبله العذاب يعني وادي جهنم وما يليه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة فضرب بينهم بسور قال : حائط
بين الجنة والنار
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن في قوله : باطنه فيه الرحمة قال : الجنة وظاهره من
قبله العذاب قال : النار
وأخرج آدم بن أبي إياس وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي
في الأسماء والصفات عن مجاهد في قوله : يوم يقول المنافقون والمنافقات الآية قال :
إن المنافقين كانوا مع المؤمنين أحياء في الدنيا يناكحونهم ويعاشرونهم وكانوا معهم
أمواتا ويعطون النور جميعا يوم القيامة فيطفأ نور المنافقين إذا بلغوا السور يماز
بينهم يومئذ والسور كالحجاب في الأعراف فيقولون : أنظرونا نقتبس من نوركم قيل
ارجعوا وراءكم فالتمسوا نورا
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله : ولكنكم فتنتم أنفسكم قال :
بالشهوات واللذات وتربصتم بالتوبة وارتبتم أي شككتم في الله وغرتكم الأماني حتى
جاء أمر الله قال : الموت وغركم بالله الغرور قال : الشيطان
وأخرج عبد بن حميد عن أبي سفيان ولكنكم فتنتم أنفسكم قال : بالمعاصي وتربصتم
بالتوبة وارتبتم شككتم وغرتكم الأماني قلتم : سيغفر لنا حتى جاء أمر الله قال :
الموت وغركم بالله الغرور قال : الشيطان
وأخرج عبد بن حميد عن محبوب الليثي ولكنكم فتنتم أنفسكم أي بالشهوات وتربصتم
بالتوبة وارتبتم أي شككتم في الله وغرتكم الأماني قال : طول الأمل حتى جاء أمر
الله قال : الموت وغركم بالله الغرور قال : الشيطان
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة وتربصتم قال : تربصوا بالحق وأهله وارتبتم قال : كانوا
في شك من أمر الله وغرتكم الأماني قال : كانوا على خدعة من الشيطان والله مازالوا
عليها حتى قذفهم الله في النار وغركم بالله
(8/56)
الغرور
قال : الشيطان فاليوم لا يؤخذ منكم فدية يعني من المنافقين ولا من الذين كفروا
الآية 16 - 18 أخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه أنه قرأ " ألمايان
للذين آمنوا "
وأخرج ابن مردويه عن أنس لا أعلمه إلا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه و سلم قال :
استبطأ الله قلوب المهاجرين بعد سبع عشرة من نزول القرآن فأنزل الله ألم يأن للذين
آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله الآية
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : " خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم على
نفر من أصحابه في المسجد وهم يضحكون فسحب رداءه محمرا وجهه فقال : أتضحكون ولم
يأتكم أمان من ربكم بأنه قد غفر لكم ولقد أنزل علي في ضحككم آية ألم يأن للذين
آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله قالوا يا رسول الله : فما كفارة ذلك ؟ قال : تبكون
قدر ما ضحكتم "
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله قال :
ذكر لنا أن شداد بن أوس كان يروي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه كان يقول :
" أول ما يرفع من الناس الخشوع "
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم يقول : ألم يحن
للذين آمنوا
وأخرج ابن المبارك عن ابن عباس رضي الله عنهما اعلموا أن الله يحيي الأرض بعد
موتها قال : تليين القلوب بعد قسوتها
(8/57)
وأخرج
مسلم والنسائي وابن ماجة وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود قال : ما كان بين
إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بهذه ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله
إلا أربع سنين
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه والطبراني والحاكم وصححه عن عبد الله بن الزبير أن
ابن مسعود أخبره أنه لم يكن بين إسلامهم وبين أن نزلت هذه الآية يعاتبهم الله بها
إلا أربع سنين ولا يكونوا كالذين أوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم الأمد فقست
قلوبهم وكثير منهم فاسقون
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه عن ابن عباس قال : لما نزلت ألم يأن للذين آمنوا أن
تخشع قلوبهم لذكر الله الآية أقبل بعضنا على بعض أي شيء أحدثنا ؟ أي شيء صنعنا ؟
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : إن الله استبطأ قلوب المهاجرين
فعاتبهم على رأس ثلاثا عشرة سنة من نزول القرآن فقال : ألم يأن للذين آمنوا الآية
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن عبد العزيز بن أبي رواد أن أصحاب النبي صلى الله
عليه و سلم ظهر منهم المزاح والضحك فنزلت ألم يأن للذين آمنوا الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : كان أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم
قد أخذوا في شيء من المزاح فأنزل الله ألم يأن للذين آمنوا الآية وأخرج ابن
المبارك وعبد الرزاق وابن المنذر عن الأعمش قال : لم قدم أصحاب رسول الله صلى الله
عليه و سلم المدينة فأصابوا من لين العيش ما أصابوا بعدما كان بهم من الجهد فكأنهم
فتروا عن بعض ما كانوا عليه فعوتبوا فنزلت ألم يأن للذين أمنوا الآية
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي عن القاسم قال : مل أصحاب النبي صلى الله عليه و
سلم ملة فقالوا : حدثنا يا رسول الله فأنزل الله نحن نقص عليك أحسن القصص سورة
يوسف الآية 3 ثم ملوا ملة فقالوا حدثنا يا رسول الله فأنزل الله ألم يأن للذين
آمنوا الآية
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لا
يطولن عليكم
(8/58)
الأمد
فتقسوا قلوبكم ألا أن كل ما هو آت قريب ألا إنما البعيد ما ليس بآت "
وأخرجه ابن مردويه عن ابن مسعود مرفوعا
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في الشعب عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال :
إن بني إسرائيل لما طال عليهم الأمد قست قلوبهم اخترعوا كتابا من عند أنفسهم
استهوته قلوبهم واستحلته ألسنتهم وكان الحق يحول بينهم وبين كثير من شهواتهم حتى
نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون فقالوا : أعرضوا هذا الكتاب على بني
إسرائيل فإن تابعوكم فاتركوهم وإن خالفوكم فاقتلوهم قالوا : لا بل أرسلوا إلى فلان
رجل من علمائهم فاعرضوا عليه هذا الكتاب فإن تابعكم فلن يخالفكم أحد بعده وإن
خالفكم فاقتلوه فلن يختلف عليكم أحد بعده فأرسلوا إليه فأخذ ورقة وكتب فيها كتاب
الله ثم علقها في عنقه ثم لبس عليه الثياب فعرضوا عليه الكتاب فقالوا : أتؤمن بهذا
؟ فأومأ إلى صدره فقال : آمنت وما لي لا أومن بهذا ؟ يعني الكتاب الذي فيه القرآن
فخلوا سبيله وكان له أصحاب يغشونه فلما مات وجدوا الكتاب الذي فيه القرآن معلق
عليه فقالوا : ألا ترون إلى قوله : آمنت بهذا ومالي لا أومن بهذا ؟ إنما عنى هذا
الكتاب فاختلف بنوا إسرائيل على بضع وسبعين ملة وخير مللهم أصحاب ذي القرآن
قال عبد الله : وإن من بقي منكم سيرى منكرا وبحسب امرئ يرى منكرا لا يستطيع أن
يغيره أن يعلم الله من قلبه أنه كاره له
وأخرج ابن المنذر عن ابن عمر رضي الله عنه أنه كان إذا تلا هذه الآية ألم يأن
للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ثم قال : بلى يا رب بلى يا رب
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في الآية شداد بن أوس : أول
ما يرفع من الناس الخشوع
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : الأمد قال : الدهر
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي حرب بن أبي الأسود عن أبيه قال : جمع أبو موسى الأشعري
القراء فقال : لا يدخلن عليكم إلا من جمع القرآن فدخلنا ثلاثمائة رجل فوعظنا وقال
: أنتم قراء هذه البلد والله ليطولن عليكم الأمد فتقسو قلوبكم كما قست قلوب أهل
الكتاب
الآية 19 - 21
(8/59)
أخرج
ابن مردويه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " من فر بدينه من أرض إلى أرض مخافة الفتنة على نفسه ودينه كتب عند الله
صديقا فإذا مات قبضه الله شهيدا وتلا هذه الآية والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم
الصديقون والشهداء عند ربهم ثم قال : والفارون بدينهم من أرض إلى أرض يوم القيامة
مع عيسى ابن مريم في درجته في الجنة "
وأخرج ابن جرير عن البراء بن عازب رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " مؤمنو أمتي شهداء ثم تلا النبي صلى الله عليه و سلم والذين
آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم "
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إن الرجل ليموت على فراشه وهو
شهيد ثم تلا والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال يوما وهم عنده : كلكم صديق
وشهيد قيل له : ما تقول يا أبا هريرة ؟ قال : اقرأوا والذين آمنوا بالله ورسله
أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم
(8/60)
وأخرج
عبد الرزاق عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : إنما الشهيد الذي لو مات على فراشه
دخل الجنة يعني الذي يموت على فراشه ولا ذنب له
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال : كل مؤمن صديق وشهيد ثم
تلا والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون والشهداء عند ربهم
وأخرج عبد بن حميد عن عمرو بن ميمون قال : كل مؤمن صديق ثم قرأ والذين آمنوا بالله
ورسله أولئك هم الصديقون قال : هذه مفصولة والشهيد عند ربهم لهم أجرهم ونورهم
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله : والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون
قال : هذه مفصولة سماهم صديقين ثم قال : والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن مسروق قال : هي للشهداء خاصة
وأخرج ابن حبان عن عمرو بن ميمون الجهني قال : " جاء رجل للنبي صلى الله عليه
و سلم فقال : يا رسول الله أرأيت إن شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت
الصلوات الخمس وأديت الزكاة وصمت رمضان وقمته فممن أنا ؟ قال : من الصديقين
والشهداء "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتاة في قوله : وفي الآخرة عذاب شديد ومغفرة من
الله ورضوان قال : صار الناس إلى هذين الحرفين في الآخرة
الآية 22 - 24
(8/61)
أخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ما أصاب
من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم يقول : في الدنيا ولا في الدين إلا في كتاب من
قبل أن نبرأها قال : نخلقها لكي لا تأسوا على ما فاتكم من الدنيا ولا تفرحوا بما
آتاكم منها
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : ما أصاب من مصيبة الآية قال : هو شيء قد فرغ
منه من قبل أن تبرأ الأنفس
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن أبي حسان أن رجلين دخلا على عائشة فقالا : إن أبا
هريرة يحدث أن نبي الله صلى الله عليه و سلم كان يقول : إنما الطيرة في الدابة
والمرأة والدار فقالت : والذي أنزل القرآن على أبي القاسم ما هكذا كان يقول : ولكن
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " كان أهل الجاهلية يقولون : إنما
الطيرة في المرأة والدابة والدار ثم قرأت ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم
إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن الحسن أنه سئل عنه هذه الآية فقال : سبحان الله
من يشك في هذا كل مصيبة في السماء والأرض ففي كتاب من قبل أن تبرأ النسمة
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في
شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله : لكي لا تأسواعلى ما فاتكم الآية قال : ليس أحد
إلا وهو يحزن ويفرح ولكن إن أصابته مصيبة جعلها صبرا وإن أصابه خير جعله شكرا
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم
إلا في كتاب من قبل أن نبرأها يريد مصائب المعاش ولا يريد مصائب الدين أنه قال :
لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحو بما آتاكم وليس عن مصائب الدين أمرهم أن
يأسوا على السيئة ويفرحوا بالحسنة
وأخرج ابن المنذر عن الحسن في الآية قال : إنه ليقضي بالسيئة في السماء وهو كل يوم
في شأن ثم يضرب لها أجل فيحسبها إلى أجلها فإذا جاء أجلها أرسلها فليس لها مردود
أنه كائن في يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا في بلد كذا من المصيبة من
(8/62)
القحط
والرزق والمصيبة في الخاصة والعامة حتى إن الرجل يأخذ العصا يتوكأ بها وقد كان لها
كارها ثم يعتادها حتى ما يستطيع تركها
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن الربيع بن أبي صالح قال : دخلت
على سعيد بن جبير في نفر فبكى رجل من القوم فقال : ما يبكيك ؟ فقال : أبكي لما أرى
بك ولما يذهب بك إليه قال : فلا تبك فإنه كان فعلم الله أن يكون ألا تسمع إلى قوله
: ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : ما أصاب من مصيبة
في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب قال : الأوجاع والأمراض من قبل أن نبرأها قال
: من قبل أن نخلقها
وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال : أنزل الله المصيبة ثم
حبسها عنده ثم يخلق صاحبها فإذا عمل خطيئتها أرسلها عليه
وأخرج الديليمي عن سليم بن جابر النجيمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " سيفتح على أمتي باب من القدر في آخر الزمان لا يسده شيء يكفيكم منه أن
تقوهم بهذه الآية ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب الآية
"
وأخرج عبد بن حميد وعبد بن أحمد في زوائد الزهد عن قزعة قال : رأيت على ابن عمر
ثيابا خشنة فقلت : يا أبا عبد الرحمن إني قد أتيتك بثوب لين مما يصنع بخراسان وتقر
عيني أن أراه عليك فإن عليك ثيابا خشنة قال : إني أخاف أن ألبسه فأكون مختالا
فخورا والله لا يحب كل مختال فخور
الآية 25 - 27
(8/63)
أخرج
عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة في قوله : وأنزلنا معهم الكتاب والميزان قال :
العدل
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله : وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد
ومنافع للناس قال : جنة وسلاح
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في قوله : وأنزلنا الحديد الآية قال : إن
أول ما أنزل الله من الحديد الكلبتين والذي يضرب عليه الحديد
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه سئل عن الأيام فقال : السبت عدد والأحد عدد
والإثنين يوم تعرض فيه الأعمال والثلاثاء يوم الدم والأربعاء يوم الحديد وأنزلنا
الحديد فيه بأس شديد والخميس يوم تعرض الأعمال والجمعة يوم بدأ الله الخلق وفيه
تقوم الساعة
قوله تعالى : وجعلنا في قلوب الذين اتبعوه الآية
أخرج عبد بن حميد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وأبو يعلى وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب
الإيمان وابن عساكر من طرق عن ابن مسعود قال : " قال لي رسول الله صلى الله
عليه و سلم : يا عبد الله : قلت : لبيك يا رسول الله ثلاث مرات قال : هل تدري أي
عرا الإيمان أوثق ؟ قلت : الله ورسوله أعلم قال : أوثق عرا الإيمان الولاية في
الله بالحب فيه والبغض فيه قال : هل تدري أي الناس أفضل ؟ قلت : الله ورسوله أعلم
قال : أفضل الناس أفضلهم عملا إذا تفقهوا في الدين يا عبد الله هل تدري أي الناس
أعلم ؟ قلت : الله ورسوله أعلم قال : فإن أعلم الناس أبصرهم بالحق إذا اختلف الناس
وإن كان مقصرا بالعمل وإن كان يزحف على أسته واختلف من كان قبلنا على اثنتين
وسبعين فرقة نجا منها ثلاث وهلك سائرها فرقة من الفراق وزت الملوك وقاتلتهم على
دين الله وعيسى ابن مريم حتى قتلوا وفرقة لم يكن لهم طاقة بموازاة الملوك ولا
(8/64)
بالمقام
معهم فساحوا في الجبال وترهبوا فيها وهم الذين قال الله : ورهبانية ابتدعوها ما
كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا
منهم أجرهم الذين آمنوا بي وصدقوني وكثير منهم فاسقون الذين كفروا بي وجحدوني
"
وأخرج النسائي والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه
عن ابن عباس قال : كانت ملوك بعد عيسى بدلت التوراة والإنجيل فكان منهم مؤمنون
يقرأون التوراة والإنجيل فقيل لملوكهم : ما نجد شيئا أشد من شتم يشتمنا هؤلاء أنهم
يقرؤون ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون المائدة الآية 44 ومن لم
يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون المائدة الآية 45 ومن لم يحكم بما أنزل
الله فأولئك هم الفاسقون المائدة الآية 47 مع ما يعيبوننا به من أعمالنا في
قراءتهم فادعهم فليقرؤوا كما نقرأ وليؤمنوا كما آمنا فدعاهم فجمعهم وعرض عليهم
القتل أو يتركوا قرءة التوراة والإنجيل إلا ما بدلوا منها فقالوا : ما تريدون إلى
ذلك ؟ دعونا فقالت طائفة منهم : ابنوا لنا اسطوانة ثم ارفعونا إليها ثم أعطونا
شيئا ترفع به طعامنا وشرابنا ولا ترد عليكم وقالت طائفة : دعونا نسيح في الأرض
ونهيم ونأكل مما تأكل منه الوحوش ونشرب مما تشرب فإن قدرتم علينا في أرضكم
فاقتلونا وقالت طائفة : ابنوا لنا ديورا في الفيافي ونحتفر الآبار ونحرث البقول
فلا نرد عليكم ولا نمر بكم وليس أحد من القبائل إلا له حميم فيهم ففعلوا ذلك فأنزل
الله ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق
رعايتها قال : والآخرون ممن تعبد من أهل الشرك وفني من قد فني منهم قالوا : نتعبد
كما تعبد فلان ونسيح كما ساح فلان ونتخذ ديورا كما اتخذ فلان وهم على شركهم لا علم
لهم بإيمان الذين اقتدوا بهم فلما بعث النبي صلى الله عليه و سلم ولم يبق منهم إلا
القليل انحط صاحب الصومعة من صومعته وجاء السائح من سياحته وصاحب الدير من ديره
فآمنوا به وصدقوه فقال الله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله
يؤتكم كفلين من رحمته أجرين بإيمانهم بعيسى ونصب أنفسهم والتوراة والإنجيل
وبإيمانهم بمحمد وتصديقهم ويجعل لكم نورا تمشون به القرآن واتباعهم النبي صلى الله
عليه و سلم
(8/65)
وأخرج
أبو يعلى عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : لا تشددوا على أنفسكم
فيشدد عليكم فإن قوما شددوا على أنفسهم فشدد عليهم فتلك بقاياهم في الصوامع
والديارات رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم "
وأخرج البيهقي في الشعب عن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن جبير عن أبيه عن جده أن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لا تشددوا على أنفسكم فإنما هلك من
كان قبلكم بتشديدهم على أنفسهم وستجدون بقاياهم في الصوامع والديارات "
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه وابن نصر عن أبي أمامة
رضي الله عنه قال : إن الله كتب عليكم صيام شهر رمضان ولم يكتب عليكم قيامه وإنما
القيام شيء ابتدعتموه فدوموا عليه ولا تتركوه فإن ناسا من بني إسرائيل ابتدعوا
بدعة فعابهم الله بتركها وتلا هذه الآية ورهبانية ابتدعوها
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وأبو يعلى والبيهقي في الشعب عن أنس
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن لكل أمة رهبانية ورهبانية هذه الأمة
الجهاد في سبيل الله "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : ورهبانية ابتدعوها قال : ذكر
لنا أنهم رفضوا النساء واتخذوا الصوامع "
الآية 28 - 29 أخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عباس أن أربعين من أصحاب النجاشي
قدموا على النبي صلى الله عليه و سلم فشهدوا معه أحدا فكانت فيهم جراحات ولم يقتل
منهم أحد فلما رأوا ما بالمؤمنين من الحاجة قالوا يا رسول الله : إنا أهل ميسرة
فائذن لنا نجيء بأموالنا نواسي بها المسلمين فأنزل الله فيهم الذين آتيناهم الكتاب
من قبلهم هم به
(8/66)
يؤمنون
إلى قوله : أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا فجعل لهم أجرين قال : ويدرؤن
بالحسنة السيئة قال : أي النفقة التي واسوا بها المسلمين فلما نزلت هذه الآية
قالوا : يا معشر المسلمين أما من آمن منا بكتابكم فله أجران ومن لم يؤمن بكتابكم
فله أجر كأجوركم فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وآمنوا برسوله يؤتكم
كفلين من رحمته وجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم فزادهم النور والمغفرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : لما نزلت أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما
صبروا فخر مؤمنو أهل الكتاب على أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : لنا
أجران ولكم أجر فاشتد ذلك على الصحابة فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله
وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته فجعل لهم أجرين مثل أجور مؤمني أهل الكتاب
وسوى بينهم في الأجر
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس يؤتكم كفلين من رحمته قال : أجرين ويجعل لكم نورا تمشون
به قال : القرآن
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد يؤتكم كفلين من رحمته قال : ضعفين ويجعل لكم نورا
تمشون به قال : هدى
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله : كفلين قال : أجرين
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة كفلين قال : حظين
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : كفلين قال : ضعفين
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي موسى
في قوله : كفلين قال : ضعفين وهي بلسان الحبشة
وأخرج الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عمر في قوله : يؤتكم
كفلين من رحمته قال : الكفل ثلاثمائة جزء وخمسون جزأ من رحمة الله
وأخرج عبد بن حميد عن أبي قلابة في قوله : يؤتكم كفلين من رحمته قال : الكفل
ثلاثمائة جزء من الرحمة
(8/67)
وأخرج
ابن الضريس عن سعيد بن جبير ويجعل لكم نورا تمشون به قال : القرآن
وأخرج عبد بن حميد عن يزيد بن حازم قال : سمعت عكرمة وعبد الله بن أبي سلمة رضي
الله عنهما قرأ أحدهما لئلا يعلم أهل الكتاب وقرأ الآخر " ليعلم أهل الكتاب
"
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن
الله قسم العمل وقسم الأجر وفي لفظ وقسم الأجل فقيل لليهود : اعملوا فعملوا إلى
نصف النهار فقيل : لكم قيراط وقيل للنصارى : اعملوا فعملوا من نصف النهار فقيل :
لكم قيراط وقيل للمسلمين : اعملوا فعملوا من العصر إلى غروب الشمس فقيل : لكم
قيراطان فتكلمت اليهود والنصارى في ذلك فقالت اليهود : أنعمل إلى نصف النهار فيكون
لنا قيراط ؟ وقالت النصارى : أنعمل من نصف النهار إلىالعصر فيكون لنا قيراط ؟
ويعمل هؤلاء من العصر إلىغروب الشمس فيكون لهم قيراطان ؟ فأنزل الله لئلا يعلم أهل
الكتاب أن لا يقدرون على شيء من فضل الله إلى آخر الآية ثم قال : إن مثلكم فيما
قبلكم من الأمم كما بين العصر إلى غروب الشمس "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال :
لما نزلت يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله الآية حسدهم أهل الكتاب عليها فأنزل الله
لئلا يعلم أهل الكتاب الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال : قالت اليهود : يوشك أن
يخرج منا نبي فيقطع الأيدي والأرجل فلما خرج من العرب كفروا فأنزل الله لئلا يعلم
أهل الكتاب الآية يعني بالفضل النبوة
وأخرج عبد بن حميد ابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه قرأ " كي لا
يعلم أهل الكتاب " والله أعلم
بسم الله الرحمن الرحيم
(8/68)
سورة
المجادلة
مدنية وآياتها اثنتان وعشرون
أخرج ابن الضريس والنحاس وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت
سورة المجادلة بالمدينة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله والله أعلم
الآية 1 - 4 أخرج سعيد بن منصور والبخاري تعليقا وعبد بن حميد والنسائي وابن ماجة
وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في سننه عن عائشة قالت : الحمد لله الذي وسع
سمعه
(8/69)
الأصوات
لقد جاءت المجادلة إلى النبي صلى الله عليه و سلم تكلمه وأنا في ناحية البيت لا
أسمع ما تقول فأنزل الله قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها إلى آخر الآية
وأخرج ابن ماجة ابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن عائشة قالت :
تبارك الذي وسع سمعه كل شيء إني لأسمع كلام خولة بنت ثعلبة ويخفى علي بعضه وهي
تشتكي زوجها إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهي تقول : يا رسول الله أكل شبابي
ونثرت له بطني حتى إذا كبر سني وانقطع ولدي ظاهر مني اللهم إني أشكو إليك فما برحت
حتى نزل جبريل بهؤلاء الآيات قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وهو أوس بن
الصامت
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن زيد قال : لقي عمر بن الخطاب
امرأة يقال لها خولة وهو يسير مع الناس فاستوقفته فوقف لها ودنا منها وأصغى إليها
رأسه ووضع يديه على منكبيها حتى قضت حاجتها وانصرفت فقال له رجل يا أمير المؤمنين
: حبست رجال قريش على هذه العجوز قال : ويحك وتدري من هذه ؟ قال : لا قال : هذه
امرأة سمع الله شكواها من فوق سبع سموات هذه خولة بنت ثعلبة والله لو لم تنصرف عني
إلى الليل ما انصرفت حتى تقضي حاجتها
وأخرج البخاري في تاريخه وابن مردويه عن ثمامة بن حزن قال : بينما عمر بن الخطاب
يسير على حماره لقيته امرأة فقالت : قف يا عمر فوقف فأغلظت له القول فقال رجل : يا
أمير المؤمنين ما رأيت كاليوم فقال : وما يمنعني أن أستمع إليها وهي التي استمع
الله لها أنزل فيها ما نزل قد سمع الله التي تجادلك في زوجها
وأخرج أحمد وأبو داود وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي من طريق يوسف بن
عبد الله بن سلام قال : حدثتني خولة بنت ثعلبة قالت : في والله وفي أوس بن الصامت
أنزل الله صدر سورة المجادلة قالت : كنت عنده وكان شيخا كبيرا قد ساء خلقه فدخل
علي يوما فراجعته بشيء فغضب فقال : أنت علي كظهر أمي ثم رجع فجلس في نادي قومه
ساعة ثم دخل علي فإذا هو يريدني عن نفسي قلت : كلا والذي نفس خولة بيده لا تصل إلي
وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا ثم جئت إلى رسول الله صلى الله عليه و
سلم فذكرت له ذلك فما
(8/70)
برحت
حتى نزل القرآن فتغشى رسول الله صلى الله عليه و سلم ما كان يتغشاه ثم سري عنه
فقال لي : يا خولة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك ثم قرأ علي رسول الله صلى الله عليه
و سلم قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها إلى قوله : عذاب أليم فقال لي رسول
الله صلى الله عليه و سلم : مريه فليعتق رقبة قلت يا رسول الله : ما عنده ما يعتق
قال : فليصم شهرين متتابعين قلت : والله إنه لشيخ كبير ما به من صيام قال : فليطعم
ستين مسكينا وسقا من تمر قلت : والله ما ذاك عنده قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : فإنا سنعينه بعرق من تمر قلت : وأنا يا رسول الله سأعينه بعرق آخر قال : فقد
أصبت وأحسنت فاذهبي فتصدقي به عنه ثم استوصي بابن عمك خيرا
قالت : ففعلت
وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه والبيهقي عن عطاء بن يسار أن أوس بن الصامت ظاهر
من امرأته خولة بنت ثعلبة فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرته وكان
أوس به لمم فنزل القرآن والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة
من قبل أن يتماسا فقال لامرأته : مريه فليعتق رقبة فقالت يا رسول الله : والذي
أعطاك ما أعطاك ما جئت إلا رحمة له إن له في منافع والله ما عنده رقبة ولا يملكها
قالت : فنزل القرآن وهي عنده في البيت قال : مريه فليصم شهرين متتابعين فقالت :
والذي أعطاك ما أعطاك ما قدر عليه فقال : مريه فليتصدق على ستين مسكينا فقالت : يا
رسول الله ما عنده ما يتصدق به فقال : يذهب إلى فلان الأنصاري فإن عنده شطر وسق
تمر أخبرني أنه يريد أن يتصدق به فليأخذ منه ثم ليتصدق على ستين مسكينا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في السنن عن
عائشة أن خولة كانت امرأة أوس بن الصامت وكان امرأ به لمم فإذا اشتد لممه ظاهر من
امرأته فأنزل الله فيه كفارة الظهار
واخرج النحاس وابن مردويه والبيهقي من طريق عكرمة عن ابن عابس قال : كان الرجل في
الجاهلية لو قال لأمرأته : أنت علي كظهر أمي حرمت عليه وكان أول من ظاهر في
الإسلام أوس بن الصامت وكانت تحته ابنة عم له يقال لها خولة فظاهر منها فأسقط في
يده وقال : ما أراك إلا قد حرمت علي فانطلقي إلى النبي صلى الله عليه و سلم
فاسأليه فأتت النبي صلى الله عليه و سلم فوجدت عنده ماشطة تمشط رأسه فأخبرته فقال
: يا خولة ما أمرنا في أمرك بشيء فأنزل الله على النبي صلى الله عليه و سلم فقال :
يا خولة
(8/71)
أبشري
قالت : خيرا قال : خيرا فأنزل الله على النبي صلى الله عليه و سلم فقرأ عليها قد
سمع الله قول التي تجادلك في زوجها الآيات
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن خولة أو خويلة أتت النبي صلى الله عليه و سلم
فقالت : يا رسول الله إن زوجي ظاهر مني فقال لها النبي صلى الله عليه و سلم : ما
أراك إلا قد حرمت عليه فقالت أشكو إلى الله فاقتي فأنزل الله قد سمع الله قول التي
تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال في القرآن ؟ ما أنزل الله جملة واحدة قد سمع
الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله كان هذا قبل أن تخلق خولة لو أن
خولة أرادت أن لا تجادل لم يكن ذلك لأن الله كان قد قدر ذلك عليها قبل أن يخلقها
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها
وذلك أن خولة امرأة من الأنصار ظاهر منها زوجها فقال : أنت علي كظهر أمي فأتت رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقالت : إن زوجي كان تزوجني وأنا أحب الناس إليه حتى إذا
كبرت ودخلت في السن قال : أنت علي كظهر أمي وتركني إلى غير أحد فإن كنت تجد لي
رخصة يا رسول الله تنعشني وإياه بها فحدثني بها قال : والله ما أمرت في شأنك بشيء
حتى الآن ولكن ارجعي إلى بيتك فإن أومر بشيء لا أعميه عليك إن شاء الله فرجعت إلى
بيتها فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه و سلم في الكتاب رخصتها ورخصة زوجها
فقال : قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها إلى قوله : عذاب أليم فأرسل إلى
زوجها فقال : هل تستطيع أن تعتق رقبة ؟ قال : إذن يذهب مالي كله الرقبة غالية وأنا
قليل المال قال : هل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : والله لولا أني آكل كل
يوم ثلاث مرات لكل بصري قال : هل تستطيع أن تطعم ستين مسكينا ؟ قال : لا والله إلا
أن تعينني قال : إني معينك بخمسة عشر صاعا
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه أن أوس بن الصامت ظاهر من امرأته خولة بنت
ثعلبة فشكت ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : ظاهر مني زوجي حين كبر
سني ودق عظمي فأنزل الله آية الظهار فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أعتق
رقبة قال : مالي بذلك يدان فصم شهرين متتابعين قال : إني إذا أخطأني أن آكل في
(8/72)
اليوم
ثلاث مرات يكل بصري فأطعم ستين مسكينا قال : ما أجد إلا أن تعينني فدعا رسول الله
صلى الله عليه و سلم خمسة عشر صاعا حتى جمع الله له أهله "
وأخرج ابن مردويه عن الشعبي قال : المرأة التي جادلت في زوجها خولة بنت ثعلبة
وأمها معاذة التي أنزل الله فيها ولا تكرهوا فيتاتكم على البغاء سورة النور الآية
33 وكانت أمة لعبد الله بن أبي
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن محمد بن سيرين قال : إن أول من ظاهر في الإسلام
زوج خويلة فأتت النبي صلى الله عليه و سلم فقالت : إن زوجي ظاهر مني وجعلت تشكو
إلى الله فقال لها النبي صلى الله عليه و سلم : ما جاءني في هذا شيء قالت : فإلى
من يا رسول الله إن زوجي ظاهر مني فبينما هي كذلك إذ نزل الوحي قد سمع الله قول التي
تجادلك في زوجها حتى بلغ فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا ثم حبس الوحي فانصرف إليها
رسول الله صلى الله عليه و سلم فتلاها عليها فقال النبي صلى الله عليه و سلم : هو
ذاك فبينما هي كذلك إذا نزل الوحي فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن
يتماسا ثم حبس الوحي فانصرف إليها رسول الله صلى الله عليه و سلم فتلاها عليها
فقالت : لا يستطيع أن يصوم يوما واحدا قال : هو ذاك فبينما هي كذلك إذ نزل الوحي
فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا فانصرف إليها رسول الله صلى الله عليه و سلم
فتلاها عليها فقالت : لا يجد يا رسول الله قال : إنا سنعينه
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء الخراساني قال : أعانه النبي صلى الله عليه و سلم بخمسة
عشر صاعا
وأخرج عبد بن حميد عن أبي زيد المدني رضي الله عنه أن امرأة جاءت بشطر وسق من شعير
فأعطاه النبي صلى الله عليه و سلم أي مدين من شعير مكان مد من بر
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن النبي صلى الله عليه و سلم أعانه
بخمسة عشر صاعا من شعير
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه أن رجلا ظاهر من امرأته على عهد النبي
صلى الله عليه و سلم وكان الظهار أشد من الطلاق وأحرم الحرام إذا ظاهر من امرأته
لم ترجع إليه أبدا فأتت النبي صلى الله عليه و سلم فقالت : يانبي الله إن زوجي
وأبا ولدي
(8/73)
ظاهر
مني وما يطلع إلا الله على ما يدخل علي من فراقه فقال لها النبي صلى الله عليه و
سلم : قد قال ما قال : قالت : فكيف أصنع ودعت الله واشتكت إليه فأنزل الله قد سمع
الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله إلى آخر الآيات فدعا رسول الله صلى
الله عليه و سلم زوجها فقال : تعتق رقبة : قال : ما في الأرض رقبة أملكها قال :
تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين قال يا رسول الله : إني بلغت سنا وبي دوران فإذا لم
آكل في اليوم مرارا أدير علي حتى أقع قال : تستطيع أن تطعم ستين مسكينا قال :
والله ما أجد فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : سنعينك
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه إن امرأة أخي عبادة بن الصامت جاءت إلى
رسول الله صلى الله عليه و سلم تشكو زوجها تظاهر عنها وامرأة تفلي رأس رسول الله
صلى الله عليه و سلم أو قال : تدهنه فرفع رسول الله صلى الله عليه و سلم نظره إلى
السماء فقالت التي تفلي لامرأة أخي عبادة بن الصامت رضي الله عنه واسمها خولة بنت
ثعلبة يا خولة ألا تسكتي فقد ترينه ينظر إلى السماء فأنزل الله فيها قد سمع الله
قول التي تجادلك في زوجها فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم عتق رقبة فقال
: لا أجد فعرض عليه صيام شهرين متتابعين فقال : لا أطيق أن لم آكل كل يوم ثلاث
مرات شق بي فقال له النبي صلى الله عليه و سلم فأطعم ستين مسكينا قال : لا أجد
فأتى النبي صلى الله عليه و سلم بشيء من تمر فقال له : خذ هذا فأقسمه فقال الرجل :
ما بين لابتيها أفقر مني فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : كله أنت وأهلك
وأخرح عبد بن حميد عن يزيد بن زيد الهمداني في قوله : قد سمع الله قول التي تجادلك
في زوجها قال : هي خولة بنت الصامت وكان زوجها مريضا فدعاها فلم تجبه وأبطأت عليه
فقال : أنت علي كظهر أمي فأتت النبي صلى الله عليه و سلم فنزلت هذه الآية فتحرير
رقبة فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : أعتق رقبة قال : لا أجد قال : فصم شهرين
متتابعين قال : لا أستطيع قال : فأطعم ستين مسكينا قال : لا والله ما عندي إلا أن
تعينني فأعانه النبي صلى الله عليه و سلم بخمسة عشر صاعا فقال : والله ما في
المدينة أحوج إليها مني فقال النبي صلى الله عليه و سلم : فكلها أنت وأهلك
وأخرج ابن سعد عن عمران بن أنس قال : " كان أول من ظاهر في الإسلام أوس بن
الصامت وكان به لمم وكان يفيق أحيانا فلاح امرأته خولة بنت ثعلبة في بعض صحواته
فقال : أنت علي كظهر أمي ثم ندم فقال : ما أراك إلا قد
(8/74)
حرمت
علي قالت : ما ذكرت طلاقا فأتت النبي صلى الله عليه و سلم فأخبرته بما قال قال :
وجادلت رسول الله صلى الله عليه و سلم مرارا ثم قالت : اللهم إني أشكو إليك شدة
وحدتي وما يشق علي من فراقه قالت عائشة : فلقد بكيت وبكى من كان في البيت رحمة لها
ورقة عليها ونزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم الوحي فسري عنه وهو يبتسم فقال
: يا خولة قد أنزل الله فيك وفيه قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها ثم قال :
مريه أن يعتق رقبة قالت : لا يجد قال : فمريه أن يصوم شهرين متتابعين قالت : لا
يطيق ذلك قال : فمريه فليطعم ستين مسكينا قالت : وأنى له ؟ فمريه فليأت أم المنذر
بنت قيس فليأخذ منها شطر وسق تمر فليتصدق به على ستين مسكينا فرجعت إلى أوس فقال :
ما وراءك ؟ قالت : خير وأنت ذميم ثم أخبرته فأتى أم المنذر فأخذ ذلك منها فجعل
يطعم مدين من تمر كل مسكين " وأخرج عبد بن حميد عن أبي قلابة قال : إنما كان
طلاقهم في الجاهلية الظهار والإيلاء حتى قال ما سمعت
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : وإنهم ليقولون منكر
من القول وزوروا قال : الزور الكذب
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله : والذين يظاهرون من
نسائهم ثم يعودون لم قالوا قال : هو الرجل يقول لامرأته : أنت علي كظهر أمي فإذا
قال ذلك : فليس له أن يقربها بنكاح ولاغيره حتى يكفر بعتق رقبة فإن لم يجد فصيام
شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا والمس النكاح فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكيناوإن
هو قال لها : أنت علي كظهر أميفإذا قال : إن فعلت كذا فليس يقع في ذلك ظهار حتى
يحنث فلا يقربها حتى يكفر ولا يقع في الظهار طلاق
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه ثم يعودون لم قالوا قال :
يعود لمسها
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن طاووس ثم يعودون لم قالوا قال :
الوطء
وأخرج ابن المنذر عن طاووس قال : إذا اكلم الرجل بالظهار المنكر والزور فقد وجبت
عليه الكفارة حنث أو لم يحنث
(8/75)
وأخرج
عبد الرزاق عن طاووس قال : كان طلاق أهل الجاهلية الظهار فظاهر رجل في الإسلام وهو
يريد الطلاق فأنزل الله فيه الكفارة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء أنه سئل عن هذه الآية من قبل أن يتماسا قال
: هو الجماع
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد فإطعام ستين مسكينا قال : كهيئة الطعام في اليمين مدين
لكل مسكين
وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة قال : ثلاث فيهن مد كفارة اليمين وكفارة الظهار
وكفارة الصيام
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر الذي أتى أهله في
رمضان بكفارة الظهار
وأخرج عبد الرزاق عن عطاء والزهري وقتادة قالوا : العتق في الظهار والصيام والطعام
كل ذلك من قبل أن يتماسا
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : " كان الظهار في الجاهلية يحرم النساء فكان
أول من ظاهر في الإسلام أوس بن الصامت وكانت امرأته خولة بنت خويلد وكان الرجل
ضعيفا وكانت المرأة جلدة فلما تكلم بالظهار قال : لا أراك إلا قد حرمت علي فانطلقي
إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم لعلك تبتغي شيئا يردك علي فانطلقت وجلس ينتظرها
فأتت النبي صلى الله عليه و سلم وماشطة تمشط رأسه فقالت : يا رسول الله إن أوس بن
الصامت من قد علمت من ضعف رأيه وعجز مقدرته وقد ظاهر مني فابتغ لي يا رسول الله
شيئا إليه يا خويلة : ما أمرنا بشيء في أمرك وأن نؤمر فسأخبرك فبينا ماشطته قد
فزعت من شق رأسه وأخذت في الشق الآخر أنزل الله عز و جل وكان إذا أنزل عليه الوحي
تربد لذلك وجهه حتى يجد بردة فإذا سري عنه عاد وجهه أبيض كالقلب ثم تكلم بما أمر
به فقالت ما شطته : يا خويلة إني لأظنه الآن في شأنك فأخذها افكل هكذا في الأصل
ولعلها إفك ثم قالت : اللهم بك أعوذ أن تنزل في إلا خيرا فإني لم أبغ من رسولك إلا
خيرا فلما سري عنه قال : يا خويلة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك فقرأ قد سمع الله
قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله إلى قوله : فتحرير رقبة من قبل أن
يتماسا فقالت : والله يا رسول الله ماله خادم غيري ولا لي خادم غيره قال : فمن لم
يجد فصيام شهرين متتابعين قالت : والله إنه إذا لم
(8/76)
يأكل
في اليوم مرتين يسدر بصره قال : فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا قالت : والله ما
لنا في اليوم إلا وقية قال : فمريه فليطلق إلى فلان فليأخذ منه شطر وسق من تمر
فليتصدق به على ستين مسكينا وليراجعك "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن سلمة بن صخر
الأنصاري أنه جعل امرأته عليه كظهر أمه حتى يمضي رمضان فسمنت وتربصت فوقع عليها في
النصف من رمضان فأتى النبي صلى الله عليه و سلم كأنه يعظم ذلك فقال له النبي صلى
الله عليه و سلم : " أتستطيع أن تعتق رقبة ؟ فقال : لا قال : أفتستطيع أن
تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا قال : أفتستطيع أن تطعم ستين مسكينا ؟ قال : لا
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : يا فروة بن عمرو أعطه ذلك العرق وهو مكتل يأخذ
خمسة عشر أو ستة عشر صاعا فليطعمه ستين مسكينا فقال : أعلي أفقر مني فوالذي بعثك
بالحق ما بين لا بتيها أهل بيت أحوج إليه منا فضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم
ثم قال : اذهب به إلى أهلك "
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه والبيهقي في السنن عن أبي العالية قال : "
كانت خولة بنت ودبيج تحت رجل من الأنصار وكان سييء الخلق ضرير البصر فقيرا وكانت
الجاهلية إذا أراد الرجل أن يفارق امرأته قال : أنت علي كظهر أمي فادارعته بعض
الشيء فقال : أنت علي كظهر أمي وكان له عيل أو عيلان فلما سمعته يقول ما قال
احتملت صبيانها فانطلقت تسعى إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فوافقته عند عائشة
وإذا عائشة تغسل شق رأس رسول الله صلى الله عليه و سلم فقامت عليه ثم قالت : يا
رسول الله إن زوجي فقير ضرير البصر سييء الخلق وإني نازعته في شيء فقال : أنت علي
كظهر أمي ولم يرد الطلاق فرفع النبي صلى الله عليه و سلم رأسه فقال : ما أعلم إلا
قد حرمت عليه فاستكانت وقالت : أشتكي إلى الله ما نزل بي ومصيبتي وتحولت عائشة
تغسل شق رأسه الآخر فتحولت معها فقالت : مثل ذلك قالت : ولي منه عيل أو عيلان فرفع
النبي رأسه إليها فقال : ما أعلم إلا قد حرمت عليه فبكت وقالت : أشتكي إلى رسول
الله صلى الله عليه و سلم مصيبتي وتغير وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت
عائشة : وراءك فتنحت ومكث رسول الله صلى الله عليه و سلم ما شاء الله ثم انقطع
الوحي فقال يا عائشة : أين المرأة ؟ قالت : هاهي قال : ادعيها فدعتها فقال النبي
صلى الله عليه و سلم : اذهبي فجيئي بزوجك فانطلقت تسعى فلم تلبث أن جاءت
(8/77)
فأدخلته
على النبي صلى الله عليه و سلم فإذا هو كما قالت : ضرير فقير سييء الخلق فقال
النبي صلى الله عليه و سلم : أستعيذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم بسم الله
الرحمن الرحيم قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى آخر الآية فقال له
النبي صلى الله عليه و سلم : أتجد رقبة ؟ قال : لا قال : أفتستطيع صوم شهرين
متتابعين ؟ قال : والذي بعثك بالحق إني إذا لم آكل المرة والمرتين والثلاثة يكاد
يغشى علي قال : أفتستطيع أن تطعم ستين مسكينا ؟ قال : لا إلا أن تعينني فيها
فأعانه رسول الله صلى الله عليه و سلم فكفر يمينه "
وأخرج البزار والحاكم والطبراني وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : "
أتى رجل النبي صلى الله عليه و سلم فقال : إني ظاهرت من امرأتي فرأيت بياض خلخالها
في ضوء القمر فأعجبتني فوقعت عليها قبل أن أكفر فقال النبي صلى الله عليه و سلم :
ألم يقل الله من قبل أن يتماسا قال : قد فعلت يا رسول الله قال : أمسك حتى تكفر
وأخرج عبد الرزاق وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم والبيهقي من طريق
عكرمة عن ابن عباس " أن رجلا قال : يا رسول الله إني ظاهرت من امرأتي فوقعت
عليها قبل أن أكفر قال : وما حملك على ذلك ؟ قال : ضوء خلخالها في ضوء القمر قال :
فلا تقربها حتى تفعل ما أمرك الله "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن ماجة
والطبراني والبغوي في معجمه والحاكم وصححه والبيهقي عن سلمة بن صخر الأنصاري قال :
كنت رجلا قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري فلما دخل رمضان ظاهرت من امرأتي
حتى ينسلخ رمضان فرقا من أن أصيب منها في ليلى فأتتابع في ذلك ولا أستطيع أن أنزع
حتى يدركني الصبح فبينما هي تخدمني ذات ليلة إذ انكشف لي منها شيء فوثبت عليها
فلما أصبحت غدوت على قومي فأخبرتهم خبري فقلت : انطلقوا معي إلى رسول الله صلى
الله عليه و سلم فأخبره بأمري فقالوا : لا والله لا نفعل نتخوف أن ينزل فينا
القرآن أو يقول فينا رسول الله صلى الله عليه و سلم مقالة يبقى علينا عارها ولكن
اذهب أنت فاصنع ما بدا لك فخرجت فأتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرته خبري
فقال : أنت بذاك ؟ قلت : أنا بذاك قال : أنت بذاك ؟ قلت : أنا بذاك قال : أنت بذاك
؟ قلت : أنا بذاك وها أنا ذا فامض في حكم الله فإني صابر لذلك قال : أعتق رقبة
فضربت صفحة عنقي بيدي قلت : لا والذي بعثك بالحق ما أصبحت أملك غيرها فصم شهرين
متتابعين قلت : وهل أصابني ما
(8/78)
أصابني
إلا في الصيام ؟ قال : فأطعم ستين مسكينا قلت : والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا
هذه وبني ما لنا عشاء قال : اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل له فليدفعها إليك
فأطعم عنك منها وسقا ستين مسكينا ثم استعن بسائرها عليك وعلى عيالك فرجعت إلى قومي
فقلت : وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه و سلم
السعة والبركة أمر لي بصدقتكم فدفعوها إليه "
الآية 5 - 8 أخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد يحادون قال : يتشاقون
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : إن
الذين يحادون الله رسوله قال : يجادلون الله ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم
قال : خزوا كما خزي الذين من قبلهم
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن الضحاك ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم
ولا خمسة إلا هو سادسهم قال : هو الله على العرش وعلمه معهم
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى قال :
اليهود
(8/79)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : كان بين يهود وبين النبي صلى الله عليه و سلم
موادعة فكانوا إذا مر بهم رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم جلسوا يتناجون
بينهم حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله أو بما يكره المؤمن فإذا رأى المؤمن ذلك
خشيهم فترك طريقه عليهم فنهاهم النبي صلى الله عليه و سلم عن النجوى فلم ينتهوا
فأنزل الله ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى الآية
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبزار وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في
شعب الإيمان بسند جيد عن ابن عمرو رضي الله عنه أن لايهود كانوا يقولون لرسول الله
صلى اللله عليه وسلم : سام عليك يريدون بذلك شتمه - ثم يقولون في أنفسهم : لولا
يعذبنا الله بما نقول فنزلت هذه الآية وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري والترمذي وصححه عن أنس " أن يهوديا أتى على
النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه فقال : السام عليكم فرد عليه القوم فقال النبي
صلى الله عليه و سلم : هل تدرون ما قال هذا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم يا نبي
الله قال : لا ولكنه قال : كذا وكذا ردوه علي فردوه قال : قلت السام عليكم قال :
نعم قال النبي صلى الله عليه و سلم عند ذلك إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب
فقولوا عليك ما قلت قال : وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن المنذر وابن
أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن عائشة قالت : " دخل على رسول الله
صلى الله عليه و سلم يهود فقالوا : السام عليك يا أبا القاسم فقالت عائشة : وعليكم
السام واللعنة فقال : يا عائشة إن الله لا يحب الفحش ولا التفحش قلت : ألاتسمعهم
يقولون السام عليك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أو ما سمعت ما أقول :
وعليكم فأنزل الله وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في هذه الآية قال : كان
المنافقون يقولون لرسول الله صلى الله عليه و سلم إذا حيوه : سام عليك فنزلت
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وإذا جاؤوك حيوك بما لم يحيك به الله يقولون : سام
عليك هم أيضا يهود
(8/80)
الآية
9 - 11 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا بعث
سرية وأغزاها التقى المنافقون فانغضوا رؤوسهم إلى المسلمين ويقولون : قتل القوم
وإذا رأوا رسول الله صلى الله عليه و سلم تناجوا وأظهروا الحزن فبلغ ذلك من النبي
صلى الله عليه و سلم ومن المسلمين فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا
تتناجوا بالإثم والعدوان الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان
المنافقون يتناجون بينهم فكان ذلك يغيظ المؤمنين ويكبر عليهم فأنزل الله في ذلك
إنما النجوى من الشيطان الآية
وأخرج البخاري ومسلم وابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " إذا كنتم ثلاثة فلا يتناج اثنان دون الثالث فإن ذلك يحزنه "
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال : " كنا نتناوب رسول الله صلى الله عليه و
سلم يطرقه أمر أو يأمر بشيء فكثر أهل النوب والمحتسبون ليلة حتى إذا كنا نتحدث
فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم من الليل فقال : ما هذه النجوى ؟ ألم
تنهوا عن النجوى ؟ "
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا الآية وأخرج عبد بن حميد عن
الحسن أنه كان يقرأها " تفسحوا في المجالس بالألف فافسحوا يفسح الله لكم
" وقال : في القتال وإذا قيل انشزوا فانشزوا قال : إذا قيل : انهدوا إلى
الصدر فانهدوا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله تعالى : يا أيها الذين
(8/81)
آمنوا
إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس قال : مجلس النبي صلى الله عليه و سلم فنزلت يا
أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : إذا
قيل لكم تفسحوا الآية قال : نزلت هذه الآية في مجالس الذكر وذلك أنهم كانوا إذا
رأوا أحدهم مقبلا ضنوا بمجالسهم عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فأمرهم الله أن
يفسح بعضهم لبعض
وأخرج ابن المنذر عن الحسن في الآية قال : كانوا يجيئون فيجلسون ركاما بعضهم خلف
بعض فأمروا أن يتفسحوا في المجلس فانفسح بعضهم لبعض
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : أنزلت هذه الآية يوم جمعة وجلس رسول
الله صلى الله عليه و سلم يومئذ في الصفة وفي المكان ضيق وكان يكرم أهل بدر من
المهاجرين والأنصار فجاء ناس من أهل بدر وقد سبقوا إلى المجلس فقاموا حيال رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقالوا السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته فرد
النبي صلى الله عليه و سلم عليهم ثم سلموا على القوم بعد ذلك فردوا عليهم فقاموا
على أرجلهم ينتظرون أن يوسع لهم فعرف النبي صلى الله عليه و سلم ما يحملهم على
القيام فلم يفسح لهم فشق ذلك عليه فقال لمن حوله من المهاجرين والأنصار من غير أهل
بدر : قم يا فلان وأنت يا فلان فلم يزل يقيمهم بعدة النفر الذين هم قيام من أهل
بدر فشق ذلك على من أقيم من مجلسه فنزلت هذه الآية
وأخرج البخاري ومسلم عن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لا
يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا "
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس قال : ذلك في
مجلس القتال وإذا قيل انشزوا قال : إلا الخير والصلاة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : وإذا قيل انشزوا قال : إلى كل
خير قتال عدو وأمر بمعروف أو حق ما كان
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : وإذا قيل انشزوا فانشزوا يقول :
إذا دعيتم إلى خير فأجيبوا
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في المدخل عن ابن عباس في قوله :
(8/82)
يرفع
الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات قال : يرفع الله الذين أوتوا
العلم من المؤمنين على الذين لم يؤتوا العلم درجات
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال : تفسير هذه
الآية : يرفع الله الذين آمنوا منكم وأوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم
درجات
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود قال : ما خص الله العلماء في شيء من القرآن ما خصهم
في هذه الآية فضل الله الذين آمنوا وأوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم
الآية 12 - 13 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :
إذا ناجيتم الرسول الآية قال : إن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله صلى الله
عليه و سلم حتى شقوا عليه فأراد الله أن يخفف عن نبيه صلى الله عليه و سلم فلما
قال ذلك : امتنع كثير من الناس وكفوا عن المسألة فأنزل الله بعد هذا أأشفقتم الآية
فوسع الله عليهم ولم يضيق
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر
وابن مردويه والنحاس عن علي بن أبي طالب قال : لم نزلت يا أيها الذين آمنوا إذا
ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة الآية قال لي النبي صلى الله عليه و سلم
: " ما ترى دينارا قلت : لا يطيقونه قال : فنصف دينار قلت : لا يطيقونه قال :
فكم قلت شعيرة ؟ قال : إنك لزهيد قال : فنزلت أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم
صدقات قال : فبي خفف الله عن هذه الأمة "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن
(8/83)
علي
قال : ما عمل بها أحد غيري حتى نسخت وما كانت إلا ساعة يعني آية النجوى
وأخرج سعيد بن منصور وابن راهويه وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي
حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه عن علي قال : إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد
قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي آية النجوى يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول
فقدموا بين يدي نجواكم صدقة كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم
فكنت كلما ناجيت النبي صلى الله عليه و سلم قدمت بين يدي درهما ثم نسخت فلم يعمل
بها أحد فنزلت أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : نهوا عن مناجاة النبي
صلى الله عليه و سلم حتى يقدموا صدقة فلم يناجه إلا علي بن أبي طالب فإنه قد قدم
دينارا فتصدق به ثم ناجى النبي صلى الله عليه و سلم فسأله عن عشر خصال ثم نزلت
الرخصة
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال : كان من ناجى النبي صلى الله عليه و سلم تصدق
بدينار وكان أول من صنع ذلك علي بن أبي طالب ثم نزلت الرخصة فإذا لم تفعلوا وتاب
الله عليكم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال : إن الأغنياء كانوا يأتون النبي صلى الله عليه و
سلم فيكثرون مناجاته ويغلبون الفقراء على المجالس حتى كره النبي صلى الله عليه و
سلم طول جلوسهم ومناجاتهم فأمر الله بالصدقة عند المناجاة فأما أهل العسرة
فلميجدوا شيئا وكان ذلك عشر ليال وأما أهل الميسرة فمنع بعضهم ماله وحبس نفسه إلا
طوائف منهم جعلوا يقدمون الصدقة بين يدي النجوى ويزعمون أنه لم يفعل ذلك غير رجل
من المهاجرين من أهل بدر فأنزل الله أأشفقتم الآية
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند فيه ضعف عن سعد بن أبي وقاص قال : نزلت يا أيها
الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكن صدقة فقدمت شعيرة فقال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " إنك لزهيد " فنزلت الآية الأخرى أأشفقتم
أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس في
المجادلة إذا ناجيتم الرسول فقدوا بين يدي نجواكم صدقة قال : نسختها الآية التي
بعدها أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات
(8/84)
وأخرج
عبد بن حميد عن سلمة بن كهيل يا أيها الذين آمنوا إذا نأجيتم الرسول الآية قال :
أول من عمل بها علي رضي الله عنه ثم نسخت والله أعلم
الآية14 - 18 أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله تعالى : ألم تر إلى الذين تولوا
قوما الآية قال : بلغنا أنه نزلت في عبد الله بن نبتل وكان رجلا من المنافقين
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ألم تر إلى الذين تولوا قوما غضب الله عليهم قال :
هم اليهود والمنافقون ويحلفون على الكذب وهم يعلمون حلفهم أنهم لمنكم
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ألم تر إلىالذين تولوا قوما الآية قال :
هم المنافقون تولوا اليهود يوم يبعثهم الله الآية قال : يحالف المنافقون ربهم يوم
القيامة كما حالفوا أولياءه في الدنيا
وأخرج أحمد والبزار والطبراني وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم
وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم جالسا في ظل حجرة من حجره وعنده نفر من المسلمين فقال : إنه
سيأتيكم إنسان فينظر إليكم بعين شيطان فإذا جاءكم فلا تكلموه فلم يلبثوا أن طلع
عليهم رجل أزرق أعور فقال حين رآه : علام تشتمني أنت وأصحابك ؟ فقال ذرني آتك بهم
فانطلق فدعاهم فحلفوا واعتذروا فأنزل الله يوم يبعثهم الله جميعا فيحلفون له كما
يحلفون لكم الآية والتي بعدها
(8/85)
الآية19
- 22 أخرج أبو داود والنسائي والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي الدرداء رضي الله
عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " ما من ثلاثة في قرية
ولا بد ولا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما
يأكل الذئب القاصية "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : كتب الله لأغلبن
أنا ورسلي قال : كتب الله كتابا فأمضاه
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في سننه وابن
عساكر عن عبد الله بن شوذب قال : جعل والد أبو عبيدة بن الجراح يتصدى لأبي عبيدة
يوم بدر وجعل أبو عبيدة يحيد عنه فلما أكثر قصده أبو عبيدة فقتله فنزلت لا تجد
قوما يؤمنون بالله الآية
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : حدثت أن أبا قحافة سب النبي صلى الله عليه و
سلم فصكه أبو بكر صكه فسقط فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال : أفعلت يا
أبا بكر ؟ فقال : والله لو كان السيف مني قريبا لضربته فنزلت لا تجد قوما الآية
وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن ثابت بن قيس بن الشماس أنه استأذن النبي صلى
الله عليه و سلم أن يزور خاله من المشركين فأذن له فلما قدم قرأ رسول الله صلى
الله عليه و سلم وأناس حوله لا تجد قوما يؤمنون بالله الآية
(8/86)
وأخرج
ابن مردويه عن كثير بن عطية عن رجل قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" اللهم لا تجعل لفاجر ولا لفاسق عندي يدا ولا نعمة فإني وجدت فيما أوحيته
إلي لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله قال سفيان :
يرون أنها أنزلت فيمن يخالط السلطان
وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن أبي حاتم عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال : أحب في الله وأبغض في الله وعاد في الله ووال في الله فإنما
تنال ولاية الله بذلك ثم قرأ لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون الآية
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " أوحى الله إلى نبي من الأنبياء أن قل لفلان العابد أما زهدك
في الدنيا فتعجلت راحة نفسك وأما انقطاعك إلي فتعززت بي فماذا عملت في مالي عليك ؟
قال يا رب : ومالك علي ؟ قال : هل واليت لي وليا أو عاديت لي عدوا ؟ "
وأخرج الحكيم الترمذي عن واثلة بن الأسقع قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " يبعث الله يوم القيامة عبدا لا ذنب له فيقول له : بأي الأمرين أحب إليك
أن أجزيك بعملك أم بنعمتي عليك ؟ قال : رب أنت تعلم أني لم أعصك قال : خذوا عبدي
بنعمة من نعمي فما يبقى له حسنة إلا استغرقتها تلك النعمة فيقول : رب بنعمتك
ورحمتك فيقول : بنعمتي وبرحمتي ويؤتى بعبد محسن في نفسه لا يرى أن له سيئة فيقال
له : هل كنت توالي أوليائي ؟ قال : يا رب كنت من الناس سلما قال : هل كنت تعادي
أعدائي قال : يا رب لم أكن أحب أن يكون بيني وبين أحد شيء فيقول الله تبارك وتعالى
: وعزتي لا ينال رحمتي من لم يوال أوليائي ويعاد أعدائي
وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة عن البراء بن عازب قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله "
وأخرج الديلمي من طريق الحسن عن معاذ قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" اللهم لا تجعل لفاجر عندي يدا ولا نعمة فيوده قلبي فإني وجدت فيما أحيت إلي
لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله الآية "
(8/87)
مقدمة
سورة الحشر
أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة الحشر
بالمدينة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن المنذر وابن مردويه عن سعيد بن جبير قال :
قلت لابن عباس سورة الحشر قال : قال : سورة النضير
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري وابن مردويه عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس :
سورة الحشر قال : نزلت في بني النضير
بسم الله الرحمن الرحيم سورة الحشر مدنية وآياتها أربع وعشرون
الآية 1 - 7
(8/88)
أخرج
الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عائشة قالت : كانت غزوة بني
النضير وهم طائفة من اليهود على رأس ستة أشهر من وقعة بدر وكان منزلهم ونخلهم في
ناحية المدينة فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى نزلوا على الجلاء وعلى
أن لهم ما أقلت الإبل من الأمتعة والأموال إلا الحلقة يعني السلاح فأنزل الله فيهم
سبح لله ما في السموات وما في الأرض إلى قوله : لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا
فقاتلهم النبي صلى الله عليه و سلم حتى صالحهم على الجلاء وأجلاهم إلى الشام
وكانوا من سبط لم يصبهم جلاء فيما خلا وكان الله قد كتب ذلك عليهم ولولا ذلك
لعذبهم الله في الدنيا بالقتل والسبي وأما قوله : لأول الحشر فكان جلاؤهم ذلك أول
حشر في الدنيا إلى الشام
وأخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي عن عروة مرسلا قال البيهقي
: وهو المحفوظ
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال : لم أجلى
رسول الله صلى الله عليه و سلم بني النضير قال : " هذا أول الحشر وأنا على
الأثر "
وأخرج البزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن
عباس قال : من شك أن المحشر بالشام فليقرا هذه الآية هو الذي أخرج الذين كفروا من
أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر قال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم يومئذ :
اخرجوا قالوا : إلى أين ؟ قال : إلى أرض المحشر
(8/89)
وأخرج
أحمد في الزهد عن قيس قال : قال جرير لقومه فيما يعظهم : والله إني لوددت أني لم
أكن بنيت فيها لبنة ما أنتم إلا كالنعامة استترت وإن أرضكم هذه خراب يسراها ثم
يتبعها يمناها وإن المحشر ههنا وأشار إلى الشام
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : لأول الحشر قال : فتح الله على نبيه في
أول حشر حشر عليهم في أول ما قاتلهم وفي قوله : ما ظننتم النبي صلى الله عليه و
سلم وأصحابه أن يخرجوا من حصونهم أبدا
وأخرج البيهقي في الدلائل عن عروة قال : أمر الله رسوله بإجلاء بني النضير
وإخراجهم من ديارهم وقد كان النفاق كثيرا بالمدينة فقالوا : أين تخرجنا ؟ قال :
أخرجكم إلى المحشر فلما سمع المنافقون ما يراد بإخوانهم وأوليائهم من أهل الكتاب
أرسلوا إليهم فقالوا : إنا معكم محيانا ومماتنا إن قوتلتم فلكم علينا النصر وإن
أخرجتم لا نتخلف عنكم ومناهم الشيطان الظهور فنادوا النبي صلى الله عليه و سلم :
إنا والله لا نخرج ولئن قاتلتنا لنقاتلنك فمضى النبي صلى الله عليه و سلم فيهم
لأمر الله وأمر أصحابه فأخذوا السلاح ثم مضى إليهم وتحصنت اليهود في دورهم وحصونهم
فلما انتهى رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى ازقتهم أمر بالأدنى من دورهم أن
يهدم وبالنخل أن يحرق ويقطع وكف الله أيديهم وأيدي المنافقين فلم ينصروهم وألقى
الله في قلوب الفريقين الرعب ثم جعلت اليهود كلما خلص رسول الله صلى الله عليه و
سلم من هدم ما يلي مدينتهم ألقى الله في قلوبهم الرعب فهدموا الدور التي هم فيها
من أدبارها ولم يستطيعوا أن يخرجوا على النبي صلى الله عليه و سلم فلما كادوا أن
يبلغوا آخر دورهم وهم ينتظرون المنافقين وما كانوا منوهم فلما يئسوا مما عندهم
سألوا رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي كان عرض عليهم قبل ذلك فقاضاهم على أن
يجليهم ولهم أن يتحملوا بما استقلت به الإبل من الذي كان لهم إلا ما كان من حلقة
السلاح فذهبوا كل مذهب وكانوا قد عيروا المسلمين حين هدموا الدور وقطعوا النخل
فقالوا : ما ذنب شجرة وأنتم تزعمون أنكم مصلحون فأنزل الله سبح لله ما في السموات
وما في الأرض إلى قوله : وليخزي الفاسقين ثم جعلها نفلا لرسول الله صلى الله عليه
و سلم ولم يجعل منها سهما لأحد غيره فقال : وما أفاء الله على رسوله منهم إلى قوله
: قدير فقسمها رسول الله صلى الله عليه و سلم فيمن أراه الله من المهاجرين الأولين
وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طريق العوفي عن ابن
(8/90)
عباس
قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم قد حاصرهم حتى بلغ منهم كل مبلغ فأعطوه ما
أراد منهم فصالحهم علىأن يحقن لهم دماءهم وأن يخرجهم من أرضهم وأوطانهم وأن يسيرهم
إلى أذرعات الشام وجعل لكل ثلاثة منهم بعيرا وسقاء
وأخرج البغوي في معجمه عن محمد بن مسلمة أن النبي صلى الله عليه و سلم بعثه إلى
بني النضير وأمره أن يؤجلهم في الجلاء ثلاثا
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن المنذر وابن جرير
والبيهقي في الدلائل عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حرق نخل بني
النضير والجلاء إخراجهم من أرضهم إلى أرض أخرى
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن مردويه والبيهقي
في الدلائل عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حرق نخل بني النضير وقطع
وهي البويرة ولها يقول حسان بن ثابت : فهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير
فأنزل الله ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة علىأصولها فبإذن الله وليخزي
الفاسقين
وأخرج الترمذي وحسنه والنسائي وابن أبي حاتم وان مردويه عن ابن عباس في قول الله :
ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها قال : اللينة النخلة وليخزي
الفاسقين قال : استنزلوهم من حصونهم وأمروا بقطع النخل فحاك في صدورهم فقال
المسلمون : قد قطعنا بعضا وتركنا بعضا فلنسألن رسول الله صلى الله عليه و سلم هل
لنا فيما قطعنا من أجر وهل علينا فيما تركنا من وزر فأنزل الله ما قطعتم من لينة
الآية
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه عن جابر قال : رخص لهم في قطع النخل ثم شدد عليهم
فقالوا : يا رسول الله علينا إثم فيما قطعنا أو فيما تركنا من وزر فأنزل الله ما
قطعتم من لينة الآية
وأخرج ابن إسحق عن يزيد بن رومان قال : لم نزل رسول الله صلى الله عليه و سلم ببني
النضير تحصنوا منه في الحصون فأمر بقطع النخل والتحريق فيها فنادوه يا محمد قد كنت
تنهى عن الفساد وتعيبه فما بال قطع النخل وتحريقها ؟ فنزلت ما قطعتم من لينة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن مجاهد
(8/91)
قال
: نهى بعض المهاجرين بعضا عن قطع النخل وقالوا : إنما هي من مغانم المسلمين وقال
الذين قطعوا : بل هي غيظ للعدو فنزل القرآن بتصديق من نهى عن قطعه وتحليل من قطعه
من الإثم فقال : إنما قطعه وتركه بإذن الله
وأخرج ابن إسحق وابن مردويه عن ابن عباس أن سورة الحشر نزلت في النضير وذكر الله
فيها الذي أصابهم من النعمة وتسليط رسول الله صلى الله عليه و سلم عليهم حتى عمل
بهم الذي عمل بإذنه وذكر المنافقين الذين كانوا يراسلونهم ويعدونهم النصر فقال :
هوالذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر إلى قوله : وأيدي
المؤمنين من هدمهم بيوتهم من تحت الأبواب ثم ذكر قطع رسول الله صلى الله عليه و
سلم النخل وقول اليهود له يا محمد قد كنت تنهىعن الفساد فما بال قطع النخل ؟ فقال
: ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة علىأصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين
يخبرهم أنها نعمة منه ثم ذكر مغانم بني النضير فقال : وما أفاء الله على رسوله منهم
إلى قوله : قدير أعلمهم أنها لرسول الله صلى الله عليه و سلم يضعهاحيث يشاء ثم ذكر
مغانم المسلمين مما يوجف عليه الخيل والركاب ويفتح بالحرب فقال : ما أفاء الله على
رسوله من أهل القرى فلله واللرسول والذي القربي واليتامى والمساكين وابن السبيل
فذا مما يوجف عليه الخيل والركاب ثم ذكر المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول ومالكا
داعسا ومن كان على مثل رأيهم فقال : ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم
الذين كفروا من أهل الكتاب لئن أخرجتم لنخرجن معكم إلى كمثل الذين من قبلهم قريبا
يعني بني قينقاع الذين أجلاهم رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من
ديارهم لأول الحشر قبل الشام وهم بنو النضير حي من اليهود أجلاهم نبي الله صلى
الله عليه و سلم من المدينة إلى خيبر مرجعة من أحد
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من
ديارهم قال : النضير إلى قوله : وليخزي الفاسقين قال : ذلك ما بين كله وأخرج عبد
بن حميد عن عكرمة قال : من شك أن المحشر إلىبيت القدس فليقرأ هذه الآية هو الذين
كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول
(8/92)
الحشر
فقد حشر الناس مرة وذلك حين ظهر النبي صلى الله عليه و سلم على المدينة أجلى
اليهود وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو داود وابن المنذر والبيهقي في الدلائل
عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم أن كفار
قريش كتبوا إلى عبد الله بن أبي بن سلول ومن كان يعبد الأوثان معه من الأوس
والخزرج ورسول الله صلى الله عليه و سلم يومئذ بالمدينة قبل وقعة بدر يقولون :
إنكم قد آويتم صاحبنا وإنكم أكثر أهل المدينة عددا وإنا نقسم بالله لنقاتلنه أو
لنخرجنه ولنستعدين عليكم العرب ثم لنسيرن إليكم بأجمعنا حتى نقتل مقاتلتكم ونستبيح
نساءكم وأبناءكم
فلما بلغ ذلك عبد الله بن أبي ومن معه من عبدة الأوثان تراسلوا واجتمعوا وأجمعوا
لقتال النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه
فلما بلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم لقيهم في جماعة من أصحابه فقال : لقد بلغ
وعيد قريش منكم المبالغ ما كانت لتكيدكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم
فأنتم هؤلاء تريدون أن تقاتلوا أبناءكم وإخوانكم
فلما سمعوا ذلك من النبي صلى الله عليه و سلم تفرقوا فبلغ ذلك كفار قريش وكانت
وقعة بدر بعد ذلك فكتبت كفار قريش بعد وقعة بدر إلى اليهود : إنكم أهل الحلقة
والحصون وإنكم لتقاتلن صاحبنا أو لنفعلن كذا وكذا ولا يحول بيننا وبين خدم نسائكم
شيء وهي الخلاخيل
فلما بلغ كتابهم اليهود اجتمعت بنو النضير بالغد وأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه
و سلم أن اخرج إلينا في ثلاثين من أصحابك وليخرج إليك منا ثلاثون حبرا حتى نلتقي
بمكان نصف بيننا وبينك ويسمعوا منك فإن صدقوك وآمنوا بك آمنا كلنا
فخرج النبي صلى الله عليه و سلم في ثلاثين من أصحابه وخرج إليه ثلاثون حبرا من
اليهود حتى إذا برزوا في براز من الأرض قال بعض اليهود لبعض : كيف تخلصون إليه
ومعه ثلاثون رجلا من أصحابه كلهم يحب أن يموت قبله ؟ فأرسلوا : كيف نفهم ونحن ستون
رجلا ؟ أخرج في ثلاثة من أصحابك ونخرج إليك في ثلاثة من علمائنا فيسمعوا منك فإن
آمنوا بك آمنا كلنا وصدقناك
فخرج النبي صلى الله عليه و سلم في ثلاثة من أصحابه وخرج ثلاثة من اليهود واشتملوا
على الخناجر وأرادوا الفتك برسول الله صلى الله عليه و سلم
فأرسلت امرأة ناصحة من بين بني ؟ النضير إلى أخيها وهو رجل مسلم من الأنصار
فأخبرته خبر ما أراد بنوا النضر من الغدر برسول الله صلى اللله عليه وسلم فأقبل
أخوها سريعا حتى أدرك النبي صلى الله عليه و سلم فساره بخبرهم قبل أن يصل إليهم
فرجع النبي صلى الله عليه و سلم
فلما كان الغد غدا عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بالكتائب فحصرهم فقال لهم
: إنكم والله لا تأمنون عندي إلا بعهد تعاهدونني
(8/93)
عليه
فأبوا أن يعطوه عهدا فقاتلهم يومه ذلك هو والمسلمون ثم غدا الغد على بني قريظة
بالكتائب وترك بني النضير ودعاهم إلى أن يعاهدواه فعاهدوه فانصرف عنهم إلى بني
النضير بالكتائب فقاتلهم حتى نزلوا على الجلاء وعلى أن لهم ما أقلت الإبل إلا
الحلقة والحلقة السلاح فجلت بنو النضير واحتملوا ما أقلت الإبل من أمتعتهم وأبواب
بيوتهم وخشبها وكانوا يخربون بيوتهم فيهدمونها فيحتملون ما وافقهم من خشبها وكان
جلاؤهم ذلك أول حشر الناس إلى الشام وكان بنو النضير من سبط من أسباط بني إسرائيل
لم يصبهم جلاء منذ كتب الله الجلاء على بني إسرائيل فلذلك أجلاهم رسول الله صلى
الله عليه و سلم فلولا ما كتب الله عليهم من الجلاء لعذبهم في الدنيا كما عذبت بنو
قريظة فأنزل الله سبح لله ما في السموات والأرض حتى بلغ والله على كل شيء قدير
فكان نخيل بني النضير لرسول الله صلى الله عليه و سلم خاصة فأعطاه الله إياها وخصه
بها فقال : ما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب يقول :
بغير قتال فأعطى النبي صلى الله عليه و سلم أكثرها المهاجرين وقسمها بينهم وقسم
منها لرجلين من الأنصار كانا ذوي حاجة لم يقسم لأحد من الأنصار غيرهما وبقي منها
صدقة رسول الله صلى الله عليه و سلم التي في أيدي بني فاطمة
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك أن قريظة والنضير قبيلتين من اليهود كانوا حلفاء
لقبيلتين من الأنصار الأوس والخزرج في الجاهلية فلما قدم رسول الله صلى الله عليه
و سلم المدينة وأسلمت الأنصار وأبت اليهود أن يسلموا سار المسلمون إلى بني النضير
وهم في حصونهم فجعل المسلمون يهدمون ما يليهم من حصونهم ويهدم الآخرون ما يليهم ؟
سقط أن يقع عليهم حتى أفضوا إليهم فنزلت هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب
من ديارهم إلى قوله : شديد العقاب فلما أفضوا إليهم نزلوا على عهد بينهم وبين نبي
الله صلى الله عليه و سلم على أن يجلوهم وأهليهم ويأخذوا أموالهم وأرضهم فأجلوا ونزلوا
خيبر وكان المسلمون يقطعون النخل فحدثني رجال من أهل المدينة أنها نخل أصفر كهيئة
الدقل تدعى اللينة
فاستنكر ذلك المشركون فأنزل الله عذر المسلمين ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة
على أصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين فأما قول الله فما أوجفتم عليه من خيل ولا
ركاب قال : لم يسيروا إليهم على خيل ولا ركاب إنما كانوا في ناحية المدينة وبقيت
قريظة بعدهم عاما أو
(8/94)
عامين
على عهد بينهم وبين نبي الله صلى الله عليه و سلم فلما جاء المشركون يوم الأحزاب
أرسل المشركون إليهم أن اخرجوا معنا على رسول الله صلى الله عليه و سلم فأرسلت
إليهم اليهود أن ارسلوا إلينا بخمسين من رهنكم فجاء نعيم بن مسعود الأشجعي إلى
المسلمين فحدثهم وكان نعيم يأمن في المسلمين والمشركين فبلغ ذلك رسول الله صلى
الله عليه و سلم أنهم قد أرسلوا إلى المشكرين يسألونهم خمسين من رهنهم ليخرجوا
معهم فأبوا أن يبعثوا إليهم بالرهن فصاروا حربا للمسلمين والمشركين فبعث إليهم
النبي صلى الله عليه و سلم سعد بن معاذ وخوات بن جبير
فلما أتياهم قال عظيمهم كعب بن الأشرف : أنه قد كان لي جناحان فقطعتم أحدهما فإما
أن تردوا علي جناحي وإما أن أتخذ عليكم جناحا فقال خوات بن جبير : إني لأهم أن
أطعنه بحربتي
فقال له سعد : إذن يسبق القوم ويأخذون فمنعه فرجعا إلى النبي صلى الله عليه و سلم
فحدثاه بالذي كان من أمرهما وأذن الله فيهم ورجع الأحزاب ووضع النبي صلى الله عليه
و سلم سلاحه فأتاه جبريل فقال : والذي أنزل عليك الكتاب ما نزلت عن ظهرها منذ نزل
بك المشركون حتى هزمهم الله فسر فإن الله قد أذن لك في قريظة
فأتاهم النبي صلى الله عليه و سلم هو وأصحابه فقال لهم : يا إخوة القردة والخنازير
فقالوا : يا أبا القاسم ما كنت فحاشا
فنزلوا على حكم سعد بن معاذ وكان من القبيلة الذين هم حلفاؤهم فحكم فيهم أن تقتل
مقاتلتهم وتقسم غنائمهم وأموالهم
ويذكرون أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : حكم بحكم الله فضرب أعناقهم وقسم
غنائمهم وأموالهم
وأخرج عبد بن حميد عن يحيى بن سعيد قال : أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم بني
النضير في حاجة فهموا به فأطلعه الله على ذلك فندب الناس إليهم فصالحهم على أن لهم
الصفراء والبيضاء وما أقلت الإبل ولرسول الله صلى الله عليه و سلم النخل والأرض
والحلقة قسمها رسول الله صلى الله عليه و سلم بين المهاجرين ولم يعط أحدا من
الأنصار منها شيئا إلا سهل بن حنيف وأبا دجانة
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم غدا يوما إلى النضير
ليسألهم كيف الدية فيهم فلما لم يروا مع رسول الله كثير أحد أبرموا بينهم على أن
يقتلوه ويأخذوا أصحابه أسارى ليذهبوا بهم إلى مكة ويبيعوهم من قريش
فبينما هم على ذلك إذا إذ ؟ جاء من اليهود من المدينة فلما رأى أصحابه يأتمرون
بأمر النبي صلى الله عليه و سلم قال لهم : ما تريدون ؟ قالوا : نريد أن نقتل محمدا
ونأخذ أصحابه
فقال لهم : وأين
(8/95)
محمد
؟ قالوا : هذا محمد قريب
فقال لهم صاحبهم : والله لقد تركت محمدا داخل المدينة
فأسقط بأيديهم وقالوا : قد أخبر أنه انقطع ما بيننا وبينه من العهد
فانطلق منهم ستون حبرا ومنهم حيي بن أخطب والعاصي بن وائل حتى دخلواعلى كعب وقالوا
: يا كعب أنت سيد قومك ومدحهم أحكم بيننا وبين محمد
فقال لهم كعب : أخبروني ما عندكم قالوا : نعتق الرقاب ونذبح الكوماء وإن محمدا
انبتر من الأهل والمال
فشرفهم كعب على رسول الله صلى الله عليه و سلم فانقلبوا فأنزل الله ألم تر إلى
الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت سورة النساء الآية 51 إلى فلن
تجد له نصيرا ونزل عليه لما أرادوا أن يقتلوه يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة
الله عليكم إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم إيديهم الآية
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من يكفيني كعبا ؟ " فقال ناس من
أصحابه فيهم محمد بن مسلمة : نحن نكفيك يا رسول الله ونستحل منك شيئا
فجاؤوه فقالوا : يا كعب إن محمدا كلفنا الصدقة فبعنا شيئا
قال عكرمة : فهذا الذين استحلوه من رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقال لهم كعب : أرهنوني أولادكم
فقالوا : إن ذاك عار فينا غدا تبيح أن يقولوا عبد وسق ووسقين وثلاثة
قال كعب : فاللامة
قال عكرمة : وهي السلاح
فأصلحوا أمرهم على ذلك فقالوا : موعد ما بيننا وبينك القابلة
حتى إذا كانت القابلة راحوا إليه ورسول الله صلى الله عليه و سلم في المصلى يدعو
لهم بالظفر فلما جاؤوا نادوه " يا كعب "
وكان عروسا فأجابهم فقالت امرأته : وهي بنت عمير : " أين تنزل ؟ قد أشم
الساعة ريح الدم "
فهبط وعليه ملحفة مورسة وله ناصية فلما نزل إليهم قال القوم : ما أطيب ريحك
ففرح بذلك فقام إليه محمد بن مسلمة فقال قائل المسلمين : أشمونا من ريحه فوضع يده
على ثوب كعب وقال : شموا فشموا وهو يظن أنهم يعجبون بريحه ففرح بذلك
فقال محمد بن مسلمة : بقيت أنا أيضا
فمضى إليه فأخذ بناصيته ثم قال : اجلدوا عنقه
فجلدوا عنقه
ثم إن رسول الله صلى الله عليه و سلم غدا إلى النضير فقالوا : ذرنا نبك سيدنا
قال : لا
قالوا فحزة على حزة
قال : نعم حزة على حزة
فلما رأوا ذلك جعلوا يأخذون من بطون بيوتهم الشيء لينجوا به والمؤمنون يخربون
بيوتهم من خارج ليدخلوا عليهم
فلولا أن كتب الله عليهم الجلاء
قال عكرمة : والجلاء يجلون منهم ليقتلهم
(8/96)
بأيديهم
وقال عكرمة : إن ناسا من المسلمين لما دخلوا على بني النضير أخذوا يقطعون النخل
فقال بعضهم لبعض : وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها
وقال قائل من المسلمين : لا يقطعون واديا ولاينالون من عدو نيلا إلا كتب لهم به
عمل صالح فأنزل الله ما قطعتم من لينة وهي النخلة أو تركتموها قائمة على أصولها
فبإذن الله قال : ما قطعتم فبإذني وما تركتم فبإذني
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي
المؤمنين قال : كان المسلمون يخربون ما يليهم من ظاهرها ليدخلوا عليهم ويخربها
اليهود من داخلها
أخرج البيهقي في الدلائل عن مقاتل بن حيان في قول الله عزوجل : يخربون بيوتهم
بأيديهم وأيدي المؤمنين قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقاتلهم فإذا ظهر
على درب أو دار هدم حيطانها ليتسع المكان للقتال وكانت اليهود إذا غلبوا على درب
أو دار نقبوها من أدبارها ثم حصنوها ودربوها فيقول الله عز و جل : فاعتبروا يا
أولي الأبصار وقوله : ما قطعتم من لينة إلى قوله : وليخزي الفاسقين يعني باللينة
النخل وهي أعجب إلى اليهود من الوصف يقال لثمرها اللون فقالت اليهود عند قطع النبي
صلى الله عليه و سلم نخلهم وعقر شجرهم : يا محمد زعمت أنك تريد الإصلاح أفمن
الإصلاح عقر الشجر وقطع النخل والفساد ؟ فشق ذلك على النبي صلى الله عليه و سلم
ووجد المسلمون من قولهم في أنفسهم من قطعهم النخل خشية أن يكون فسادا فقال بعضهم
لبعض : لا تقطعوا فإنه مما أفاء الله علينا فقال الذين يقطعونها : نغيظهم بقطعها
فأنزل الله ما قطعتم من لينة يعني النخل فبإذن الله وما تركتم قائمة على أصولها
فبإذن الله فطابت نفس النبي صلى الله عليه و سلم وأنفس المؤمنين
وليخزي الفاسقين يعني يهود أهل النضير
وكان قطع النخل وعقر الشجر خزيا لهم
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الزهري في قوله : يخربون بيوتهم بأيديهم قال : ما
صالحوا النبي صلى الله عليه و سلم كانوا لا يعجبهم خشبة إلا أخذوها فكان ذلك
تخريبها
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : يخربون بيوتهم من داخل الدار لا يقدرون
على قليل ولا كثير ينفعهم إلا خربوه وأفسدوا لئلا يدعوا شيئا ينفعهم إذا رحلوا وفي
قوله : وأيدي المؤمنين ويخرب المؤمنون ديارهم من خارجها كيما يخلصوا إليهم وفي
قوله : ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء لعذبهم في الدنيا
(8/97)
قال
: لسلط عليهم فضربت أعناقهم وسبيت ذراريهم ولكن سبق في كتابه الجلاء لهم ثم أجلوا
إلى أذرعات وأريحا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في قوله : يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي
المؤمنين قال : كانت بيوتهم مزخرفة فحسدوا المسلمين أن يسكنوها وكانوا يخربونها من
داخل والمسلمون من خارج
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قال : الجلاء خروج الناس من البلد إلى
البلد
وأخرج الفريابي وابن المنذر وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن ابن عباس ما قطعتم من
لينة قال : هي النخلة
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير مثله
وأخرج عبد بن حميد عن عطية وعكرمة ومجاهد وعمرو ابن ميمون مثله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : من لينة قال : نوع من النخل
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال :
اللينة ما دون العجوة من النخل
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الزهري قال : اللينة ألوان النخل كلها إلا
العجوة
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ما قطعتم من لينة قال : نخلة أو شجرة وأخرج عبد بن
حميد عن الأعمش أنه قرأ " ما قطعتم من لينة أو تركتموها قواما على أصولها
"
وأخرج عبد بن حميد عن ابن شهاب قال : يلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أحرق
بعض أموال بني النضير فقال قائل : فهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : قطع المسلمون يومئذ النخل وأمسك أناس كراهية أن
يكون فسادا فقالت اليهود : الله أذن لكم في الفساد ؟ فقال الله : ما قطعتم من لينة
قال : واللينة ما خلا العجوة من النخل إلى قوله : وليخزي الفاسقين قال : لتغيظوهم
وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل
(8/98)
ولا
ركاب قال : ما قطعتم إليها واديا ولا سيرتم إليها دابة ولا بعيرا إنما كانت حوائط
لبني النضير أطعمها الله رسوله صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قسم بين
قريش والمهاجرين النضير فأنزل الله ما قطعتم من لينة قال : ما هي العجوة والفنيق
والنخيل وكانا مع نوح في السفينة وهما أصل التمر ولم يعط رسول الله صلى الله عليه
و سلم من الأنصار أحدا إلا رجلين أبا دجانة وسهل بن حنيف
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن الأوزاعي قال : " أتى النبي صلى الله
عليه و سلم يهودي فسأله عن المشيئة قال : المشيئة لله قال : فإني أشاء أن أقوم قال
: قد شاء الله أن تقوم قال : فإني أشاء أن أقعد قال : فقد شاء الله أن تقعد قال :
فإني أشاء أن أقطع هذه النخلة قال : فقد شاء الله أن تقطعها قال : فإني أشاء أن
أتركها قال : فقد شاء الله أن تتركها قال : فأتاه جبريل عليه السلام فقال : قد
لقنت حجتك كما لقنها إبراهيم عليه السلام قال : ونزل القرآن ما قطعتم من لينة أو
تركتموها قائمة فبإذن الله وليخزي الفاسقين
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي وابن المنذر عن الزهري في قوله : فما أوجفتم عليه من
خيل ولا ركاب قال : صالح النبي صلى الله عليه و سلم أهل فدك وقرى سماها وهو محاصر
قوما آخرين فأرسلوا بالصلح فأفاءها الله عليهم من غير قتال ولم يوجفوا عليه خيلا
ولا ركابا فقال الله : فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب يقول : بغير قتال
وقد كانت أموال بني النضير للنبي صلى الله عليه و سلم خالصا لم يفتتحوها عنوة إنما
فتحوها على صلح فقسمها النبي صلى الله عليه و سلم بين المهاجرين ولم يعط الأنصار
منها شيئا إلا رجلين كانت بهما حاجة أبو دجانة وسهل بن حنيف
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن المنذر عن عمر بن
الخطاب قال : كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف عليه
المسلمون بخيل ولا ركاب فكانت لرسول الله صلى الله عليه و سلم خاصة فكان ينفق على
أهله منها نفقة سنتهم ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب قال : يذكرهم ربهم
أنه نصرهم وكفاهم بغير كراع ولا عدة في قريظة وخيبر
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : وما أفاء الله على رسوله منهم فما
(8/99)
أوجفتم
عليه من خيل ولا ركاب قال : أمر الله رسوله بالسير إلى قريظة والنضير وليس
للمؤمنين يومئذ كثير خيل ولا ركاب فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يحكم فيه ما
أراد ولم يكن يومئذ خيل ولا ركاب يوجف بها
قال : والإيجاف أن يوضعوا السير وهي لرسول الله صلى الله عليه و سلم فكان من ذلك
خيبر وفدك وقرى عربية وأمر الله رسوله أن يعد لينبع فأتاها رسول الله صلى الله
عليه و سلم فاحتواها كلها فقال أناس : هلا قسمها فأنزل الله عذره فقال : ما أفاء
الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول إلى قوله : شديد العقاب
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : ما أفاء الله على رسوله من أهل
القرى قال : من قريظة جعله الله لمهاجرة قريش خصوا به
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الزهري في قوله : ما أفاء الله على رسوله من أهل
القرى قال : بلغني أنها الجزية والخراج
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : كان ما أفاء الله على رسوله من خيبر نصف لله
ورسوله والنصف الآخر للمسلمين فكان الذي لله ورسوله من ذلك الكتيبة والوطيخ وسلالة
ووجدة وكان الذي للمسلمين الشق والشق ثلاثة عشر سهما ونطاه خمسة أسهم ولم يقسم
رسول الله صلى الله عليه و سلم من خيبر لأحد من المسلمين إلا لمن شهد الحديبية ولم
يأذن رسول الله صلى الله عليه و سلم لأحد تخلف عنه عند مخرجه الحديبية أن يشهد معه
خيبر إلا جابر بن عبد الله بن عمرو بن حزام الأنصاري
وأخرج أبو داود وابن مردويه عن عمر بن الخطاب قال : كان لرسول الله صلى الله عليه
و سلم صفايا بني النضير وخيبر وفدك فأما بنو النضير فكانت حبسا لنوائبه وأما فدك
فكانت لابن السبيل وأما خيبر فجزأها ثلاثة أجزاء فقسم منها جزأين بين المسلمين
وحبس جزءا لنفسه ولنفقة أهله فما فضل عن نفقة أهله رده على فقراء المهاجرين
وأخرج ابن النباري في المصاحف عن الأعمش قال : ليس بين مصحف عبد الله وزيد بن ثابت
خلاف في حلال وحرام إلا في حرفين في سورة الأنفال واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن
لله خمسة وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل سورة الأنفال الأية
41 وفي سورة الحشر ما أفاء الله على رسوله من أهل
(8/100)
القرى
فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل والمهاجرين في سبيل الله
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول
ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل قال : كان الفيء بين هؤلاء فنسختها
الآية التي : في الأنفال فقال : واعلموا أنما غنمتم من شيء فإن لله خمسه وللرسول
والذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل الأنفال 41 فنسخت هذه الآية ما كان
قبلها في سورة الحشر فجعل الخمس لمن كان له الفيء وصار ما بقي من الغنيمة لسائر
الناس لمن قاتل عليها
وأخرج أبو عبيد في كتاب الأموال وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي
والنسائي وأبو عوانة وابن حبان وابن مردويه عن مالك بن أوس بن الحدثان قال : بعث
إلي عمر بن الخطاب في الهاجرة فجئته فدخلت عليه فإذا هو جالس على سرير ليس بينه وبين
رمل السرير فراش متكىء على وسادة من أدم فقال : يا مالك إنه قدم علينا أهل أبيات
من قومك وإني قد أمرت فيهم برضخ فخذه فأقسمه بينهم
فقلت : يا أمير المؤمنين أنهم قومي وأنا أكره أن أدخل بهذا عليهم فمر به غيري
فإني لا راجعه لأراجعه ؟ في ذلك إذ جاءه يرفا يرفأ ؟ غلامه فقال : هذا عثمان بن
عفان وطلحة بن عبيد الله والزبير وعبد الرحمن بن عوف فأذن لهم فدخلوا ثم جاءه يرفا
يرفأ ؟ فقال : هذا علي وعباس قال : ائذن لهما في الدخول فدخلا
فقال عباس : ألا تعديني على هذا فقال القوم : يا أمير المؤمنين اقض بين هذين وأرح
كل واحد منهما من صاحبه فإن في ذلك راحة لك ولهما
فجلس عمر ثم قال : اتئدوا
وحسر عن ذراعيه ثم قال : أنشدكم بالله أيها الرهط هل سمعتم رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : " إنا لا نورث ما تركنا صدقة إن الأنبياء لا تورث "
فقال القوم : نعم قد سمعنا ذاك
ثم أقبل على علي وعباس فقال : أنشدكما بالله هل سمعتما رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال ذاك ؟ قالا : نعم
فقال عمر : ألا أحدثكم عن هذا الأمر إن الله خص نبيه من هذا الفيء بشيء لم يعطه
غيره يريد أموال بني النضير كانت نفلا لرسول الله صلى الله عليه و سلم ليس لأحد
فيها حق معه فوالله ما احتواها دونكم ولا استأثر بها عليكم لقد قسمها فيكم حتى كان
منها هذا المال فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يدخر منه قوت أهله لسنتهم
ويجعل ما بقي في
(8/101)
سبيل
المال حتى توفى الله نبيه صلى الله عليه و سلم فقام أبو بكر فقال : أنا ولي رسول
الله صلى الله عليه و سلم أعمل بما كان يعمل وأسير بسيرته في حياته فكان يدخر من
هذا المال قنية أهل رسول الله صلى الله عليه و سلم لسنتهم ويجعل ما بقي في سبل
المال كما كان يصنع رسول الله صلى الله عليه و سلم فوليها أبو بكر حياته حتى توفي
أبو بكر قلت : أنا ولي رسول الله صلى الله عليه و سلم وولي أبي بكر أعمل بما كانا
يعملان به في هذا المال فقبضتها فلما أقبلتما علي وأدبرتما وبدا لي أن أدفعها
إليكما أخذت عليكما عهد الله وميثاقه لتعملان فيها بما كان رسول الله صلى الله
عليه و سلم يعمل به فيها وأبو بكر وأنا حتى دفعتها إليكما
أنشدكم الله أيها الرهط هل دفعتها إليهما بذلك ؟ قالوا : اللهم نعمز ثم أقبل
عليهما فقال : أنشدكما بالله هل دفعتها إليكما بذلك ؟ قالا : نعم قال : فقضاء غير
ذلك تلتمسان مني فلا والله لا أقضي فيها قضاء غير ذلك حتى تقوم الساعة فإن كنتما
عجزتما عنها فأدياها إلي ثم قال عمر : إن الله قال : ما أفاء الله على رسوله منهم
فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ولكن الله يسلط رسله على من يشاء والله على كل
شيء قدير فكانت لرسول الله صلى الله عليه و سلم ثم قال : ما أفاء الله على رسوله
من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى إلى آخر الآية واتقوا الله إن الله شديد
العقاب ثم قال : والله ما أعطاها هؤلاء وحدهم حتى قال : للفقراء المهاجرين الذين
أخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك
هم الصادقون ثم والله ما جعلها لهؤلاء وحدهم حتى قال : والذين تبوؤا الدار
والإيمان إلى المفلحون ثم والله ما أعطاها لهؤلاء وحدهم حتى قال : والذين جاؤوا من
بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا إلى قوله : رحيم فقسمها هذا القسم على هؤلاء الذين ذكر
قال عمر : لئن بقيت ليأتين الرويعي بصنعاء حقه ودمه في وجهه
وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيدة وابن زنجويه معا في الأموال وعبد بن حميد وأبو داود
وفي ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في سننه عن مالك بن أوس بن
الحدثان قال : قرأ عمر بن الخطاب إنما الصدقات للفقراء والمساكين حتى بلغ عليم
حكيم ثم قال : هذه لهؤلاء ثم قرأ ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى حتى بلغ
للفقراء المهاجرين إلى آخر الآية فقال : هذه للمهاجرين ثم تلا والذين تبوؤا الدار
والإيمان من قبلهم إلى آخر الآية فقال : هذه للأنصار ثم قرأ والذين جاؤوا من بعدهم
إلى آخر الآية ثم قال : استوعبت هذه
(8/102)
المسلمين
عامة وليس أحد إلا له في هذا المال حق ألا ما تملكون من وصيتكم ثم قال : لئن عشت
ليأتين الراعي وهو يسير حمره هكذا في الأصل نصيبه منها لم يعرق فيه جبينه
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن مردويه والبيهقي عن زيد بن أسلم عن أبيه قال
: سمعت عمر بن الخطاب يقول : اجتمعوا لهذا المال فأنظروا لمن ترونه ثم قال لهم :
إني أمرتكم أن تجتمعوا لهذا المال فتنظروا لمن ترونه وإني قرأت آيات من كتاب الله
فكفيتني سمعت الله يقول : ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول إلى
قوله : أولئك هم الصادقون والله ما هو لهؤلاء وحدهم والذين تبوؤا الدار والإيمان
إلى قوله : المفلحون والله ما هو لهؤلاء وحدهم والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا
اغفر لنا إلى قوله : رحيم والله ما أحد من المسلمين إلا له حق في هذا المال أعطي
منه أو منع عنه حتى راع بعدن
وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن أبي شيبة وابن زنجويه في الأموال وعبد بن حميد
وابن المنذر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ما على وجه الأرض مسلم إلا وله
في هذا المال حق إلا ما ملكت أيمانكم
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي في سننه عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : قسم عمر
ذات يوم قسما من المال فجعلوا يثنون عليه فقال : ما أحمقكم لو كان لي ما أعطيتكم
منه درهما
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن أبي نجيح رضي الله عنه قال : المال ثلاثة : مغنم
أو فيء أو صدقة
فليس منه درهم إلا بين الله موضعه
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " يوشك أن يملأ الله أيديكم من العجم ثم يجعلهم أسدا لا يفرون
فيقتلون مقاتلتكم ويأكلون فيئكم "
وأخرج ابن سعد عن السائب بن يزيد سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : والذي لا
إليه إلا هو ثلاثا ما من الناس أحد إلا له حق في هذا المال أعطيه أو منعه وما أحد
أحق به من أحد إلى عبد مملوك وما أنا فيه إلا كأحدكم ولكنا على منازلنا من كتاب
الله وقسمنا من رسول الله صلى الله عليه و سلم فالرجل وبلاؤه في الإسلام والرجل
وقدمه في الإسلام والرجل غناه في الإسلام والرجل وحاجته في الإسلام والله لئن بقيت
ليأتين الراعي بجبل صنعاء حظه من هذا المال وهو مكانه
(8/103)
وأخرج
ابن سعد عن الحسن رضي الله عنه قال : كتب عمر إلى حذيفة أن أعط الناس أعطيتهم
وأرزاقهم فكتب إليه أنا قد فعلنا وبقي شيء كثير فكتب إليه عمر : إن فيأهم الذي
أفاء الله عليهم ليس هو لعمر ولا لآل عمر اقسمه بينهم
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال : وجدت المال قسم بين
هذه الثلاثة الأصناف : المهاجرين والأنصار والذين جاؤوا من بعدهم
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه مثل ذلك
قوله تعالى : وما آتاكم الرسول فخذوه الآية
أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه وما آتاكم
الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا قال : كان يؤتيهم الغنائم وينهاهم عن الغلول
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : وما آتاكم الرسول
فخذوه قال : من الفيء وما نهاكم عنه فانتهوا قال : من الفيء وأخرج ابن المنذر عن
ابن جريج رضي اله عنه وما آتاكم الرسول من طاعتي وأمري فخذوه وما نهاكم عنه من
معصيتي فانتهوا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والنسائي وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال : ألم يقل الله وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا قالوا : بلى قال
: ألم يقل الله : وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم
الخيرة من أمرهم سورة الأحزاب الآية 36 الآية قال : فإني أشهد أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم نهى عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه سمع ابن عمر وابن عباس يشهدان
على رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه نهى عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت ثم
تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم
عنه فانتهوا
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن المنذر وابن مردويه عن علقمة رضي
الله عنه قال : قال عبد الله بن مسعود : لعن الله الواشمات والمستوشمات والمتنمصات
والمتفلجات للحسن المغيرات لخلق الله
فبلغ ذلك امرأة من بني أسد
(8/104)
يقال
لها أم يعقوب فجاءت إليه فقالت : إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت قال : ومالي لا ألعن
من لعن رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو في كتاب الله
قالت : لقد قرأت ما بين الدفتين فما وجدت فيه شيئا من هذا قال : لئن كنت قرأته لقد
وجدته أما قرأت وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا قالت : بلى قال :
فإنه قد نهى عنه والله أعلم
الآية 8 - 9 أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله :
للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا الآية قال : هؤلاء المهاجرون تركوا الديار
والأموال والأهلين والعشائر وخرجوا حبا لله ولرسوله واختاروا الإسلام على ما كان
فيه من شدة حتى لقد ذكر لنا أن الرجل كان يعصب الحجر على بطنه ليقيم به صلبه من
الجوع وإن كان الرجل ليتخذ الحفر في الشتاء ما له دثار غيرها
قوله تعالى : والذين تبوؤا الدار والإيمان
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : والذين تبوؤا الدار والإيمان إلى
آخر الآية قال : هم هذا الحي من الأنصار أسلموا في ديارهم وأبتنوا المساجد قبل
قدوم النبي صلى الله عليه و سلم بسنتين وأحسن الله عليهم الثناء في ذلك وهاتان
الطائفتان الأولتان من هذه الآية أخذتا بفضلهما ومضنا على مهلهما وأثبت الله حظهما
في هذا الفيء ثم ذكر الطائفة الثالثة فقال : والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا
اغفر لنا ولإخواننا إلى آخر الآية
قال : إنما أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى الله عليه و سلم ولم يؤمروا بسبهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد والذين تبوؤا الدار والإيمان من
(8/105)
قبلهم
قال : الأنصار نعت سخاوة أنفسهم عندما رأى من ذلك وإيثارهم إياهم ولم يصب الأنصار
من ذلك الفيء شيء
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن يزيد بن الأصم أن الأنصار قالوا : يا رسول الله
أقسم بيننا وبين إخواننا المهاجرين الأرض نصفين قال : " لا ولكن يكفونكم
المؤنة وتقاسمونهم الثمرة والأرض أرضكم " قالوا : رضينا فأنزل الله والذين
تبوؤا الدار والإيمان من قبلهم إلى آخر الآية
أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن قال : فضل
المهاجرين على الأنصار فلم يجدوا في صدورهم حاجة قال : الحسد
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن مردويه عن عمر أنه قال : أوصي الخليفة بعدي
بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم ويحفظ لهم حرمتهم وأوصيه بالأنصار الذين
تبوؤا الدار والإيمان من قبل أن يهاجر النبي صلى الله عليه و سلم أن يقبل من
محسنهم ويعفو عن مسيئهم
وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن زيد بن أسلم قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " للمدينة عشرة أسماء هي المدينة وهي طيبة وطابة ومسكينة
وجابرة ومجبورة وتبدد ويثرب والدار "
قوله تعالى : ويؤثرون على أنفسهم ولوكان بهم خصاصة
أخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر
والحاكم وابن مردويه البيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
أتى رجل لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله أصابني الجهد فأرسل
إلى نسائه فلم يجد عندهن شيئا فقال : " ألا رجل يضيف هذا الليلة رحمه الله
تعالى " فقال رجل من الأنصار وفي رواية فقال أبو طلحة الأنصاري : أنا يا رسول
الله فذهب به إلى أهله فقال لامرأته : اكرمي ضيف رسول الله صلى الله عليه و سلم لا
تدخرين شيئا
قالت : والله ما عندي إلا قوت الصبية
قال : فإذا أراد الصبية العشاء فنوميهم وتعالي فأطفئي السراج ونطوي بطوننا الليلة
لضيف رسول الله صلى الله عليه و سلم ففعلت ثم غدا الضيف على النبي صلى الله عليه و
سلم فقال : " لقد عجب الله من فلان وفلانة وأنزل الله فيهما ويؤثرونعلى
أنفسهم ولو كان بهم خصاص "
وأخرج مسدد في مسنده وابن أبي الدنيا في كتاب قري الضيف وابن المنذر عن
(8/106)
أبي
المتوكل الناجي رضي الله عنه أن رجلا من المسلمين مكث صائما ثلاثة أيام يمسي فلا
يجد ما يفطر فيصبح صائما حتى فطن له رجل من الأنصار يقال له ثابت بن قيس رضي الله
عنه فقال لأهله : إني سأجيء الليلة بضيف لي فإذا وضعتم طعامكم فليقم بعضكم إلى كأنه
يصلحه فليطفئه ثم أضربوا بأيدكم إلى الطعام كأنكم تأكلون فلا تأكلوا حتى يشبع
ضيفنا فلما أمسى ذهب به فوضعوا طعامهم فقامت امرأته إلى السراج كأنها تصلحه
فأطفأته ثم جعلوا يضربون أيديهم في الطعام كأنهم يأكلون ولا يأكلون حتى شبع ضيفهم
وإنما كان طعامهم ذلك خبزة هي قوتهم فلما أصبح ثابت غدا إلى رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقال : " يا ثابت لقد عجب الله البارحة منكم ومن ضيفكم "
فنزلت فيه هذه الآية ويؤثون على أنفسهم ولوكان بهم خصاصة
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنه
قال : أهدي لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم رأس شاة فقال : إن أخي
فلانا وعياله أحوج إلى هذا منا فبعث به إليهم فلم يزل يبعث به واحدا إلى آخر حتى
تداولها أهل سبعة أبيات حتى رجعت إلى الأول فنزلت ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم
خصاصة
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه في قوله : ولو كان بهم خصاصة قال : فاقة
قوله تعالى : ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون
أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن
ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلا قال له : إني أخاف أن أكون قد هلكت قال : وما ذاك
؟ قال : إني سمعت الله يقول : ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون وأنا رجل شحيح
لا يكاد يخرج مني شيء فقال له ابن مسعود رضي الله عنه : ليس ذاك بالشح ولكنه البخل
ولا خير في البخل وإن الشح الذي ذكره الله في القرآن أن تأكل مال أخيك ظلما
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنه في قوله : ومن
يوق شح نفسه قال : ليس الشحيح أن يمنع الرجل ماله ولكنه
(8/107)
البخل
وإنه لشر إنما الشح أن تطمح عين الرجل إلى ما ليس له وأخرج ابن المنذر عن الحسن
رضي الله عنه قال : النظر إلى المرأة لا يملكها من الشح
وأخرج ابن المنذر عن طاووس رضي الله عنه قال : البخلان يبخل الإنسان بما في يديه
والشح أن يشح على ما في أيدي الناس
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن عساكر عن عبد الرحمن بن عوف أنه كان يطوف بالبيت
يقول : اللهم قني شح نفسي
لا يزيد على ذلك فقيل له فقال : إذا وقيت شح نفسي لا أسرق ولا أزني ولم أفعل شيئا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله : ومن يوق شح نفسه قال :
إدخال الحرام ومنع الزكاة
وأخرج ابن االمنذر عن علي بن أبي طالب قال : من أدى زكاة ماله فقد وقي شح نفسه
وأخرج الخرائطي في مساوئ الأخلاق عن ابن عمرو قال : الشح أشد من البخل لان الشحيح
يشح على ما في يديه فيحبسه ويشح على ما في أيدي الناس حتى يأخذه وإن البخيل إنما
يبخل على ما في يديه
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب ذم البخل عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " خلق الله جنة عدن ثم قال لها : انطقي فقالت : قد
أفلح المؤمنون سورة المؤمنون الآية فقال الله : " وعزتي وجلالي لا يجاورني
فيك بخيل " ثم تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم ومن يوق شح نفسه فأولئك هم
المفلحون
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : " ثلاث من كن فيه فقد برئ من الشح من أدى زكاة ماله وقرى
الضيف وأعطى في النوائب "
وأخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " ما محق الإسلام محق الشح شيء قط " وأخرج
ابن مردويه عن أبي زرعة قالك قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من كان
الفقر في قلبه فلا يغنيه ما أكثر له في الدنيا وإنما يضر نفسه شحها "
(8/108)
وأخرج
عبد بن حميد عن مجمع بن يحيى بن جارية قال : حدثني عمي خالد بن يزيد بن جارية رضي
الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " برئ من الشح من أدى
الزكاة وقرى الضيف وأدى في النائبة "
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان
جهنم في جوف عبد أبدا ولا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد أبدا "
وأخرج الترمذي والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " خصلتان لا يجتمعان في جوف مسلم البخل وسوء الظن "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : شر ما في رجل شح هالع وجبن خالع "
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب ومسلم والبيهقي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : " اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا
الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم
"
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" إياكم والشح والبخل فإنه دعا من قبلكم إلى أن يقطعوا أرحامهم فقطعوها
ودعاهم إلى أن يستحلوا محارمهم فاستحلوها ودعاهم إلى أن يسفكوا دماءهم فسفكوها
"
وأخرج الترمذي والبيهقي عن أنس رضي الله عنه أن رجلا توفي فقالوا : ابشر بالجنة
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أو لا تدرون فلعله قد تكلم بما لا يعنيه
أو بخل بما لا ينفعه "
وأخرج البيهقي من وجه آخر عن أنس رضي الله عنه قال : أصيب رجل يوم أحد فجاءت امرأة
فقالت : يا بني لتهنك الشهادة فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
وما يدريك لعله كان يتكلم بما لا يعنيه ويبخل بما لا يغنيه "
وأخرج البيهقي عن ابن عمرو رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " خلقان يحبهما الله وخلقان يبغضهما الله
فأما اللذان يحبها الله فالسخاء والسماحة وأما اللذان يبغضهما الله فسوء الخلق
والبخل فإذا أراد الله بعبد خيرا استعمله على قضاء حوائج الناس "
وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول
(8/109)
الله
صلى الله عليه و سلم : " برئ من الشح من أدى الزكاة وقرى الضيف وأدى في
النائبة "
وأخرج البيهقي وضعفه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لا يذهب السخاء على الله السخي قريب من الله فإذا لقيه يوم القيامة أخذ
بيده فأقله عثرته "
وأخرج البيهقي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " صلاح أول هذه الأمة بالزهد والتقوى وهلاك آخرها
بالبخل والفجور "
وأخرج البيهقي وضعفه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " السخي قريب من الله قريب من الجنة بعيد من النار والبخيل بعيد من
الله بعيد من الجنة قريب من النار والجاهل السخي أحب إلى الله من العابد البخيل
"
وأخرج البيهقي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس بعيد من النار والبخيل
بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار ولجاهل سخي أحب إلى الله
من عابد بخيل "
وأخرج ابن عدي في الكامل والبيهقي وضعفه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " السخي قريب من الله قريب من الجنة قريب من الناس بعيد من
النار والبخيل بعيد من الله بعيد من الجنة بعيد من الناس قريب من النار ولفاجر سخي
أحب إلى الله من عابد بخيل وأي داء أدوأ من البخل "
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " يا بني سلمة من سيدكم اليوم ؟ قالوا : الجد بن قيس ولكنا نبخله قال : وأي
داء أدوأ من البخل ؟ ولكن سيدكم عمرو بن الجموح "
وأخرج البيهقي عن جابر رضي الله عنه قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " يا بني سلمة من سيدكم ؟ قالوا : الجد بن قيس وإنا لنبخله
قال : وأي داء أدوأ من البخل بل سيدكم الخير الأبيض عمرو بن الجموح " قال :
وكان على أضيافهم في الجاهلية قال : وكان يولم على رسول الله صلى الله عليه و سلم
إذا تزوج
وأخرج البيهقي من طريق الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك رضي الله
عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من سيدكم يا بني سلمة ؟ قالوا :
الجد بن
(8/110)
قيس
قال : وبم تسودونه ؟ قالوا : بأنه أكثرنا مالا وأنا على ذلك لنزنه بالبخل فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : وأي داء أدوأ من البخل ليس ذاك سيدكم
قالوا : فمن سيدنا يا رسول الله ؟ قال : سيدكم البراء بن معرور " قال البيهقي
مرسل
وأخرج الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " من سيدكم يا بني عبيد ؟ قالوا : الجد بن قيس على أن فيه بخلا قال : وأي داء
أدوأ من البخل ؟ بل سيدكم وابن سيدكم بشر بن البراء بن معرور "
وأخرج البيهقي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " لا يدخل الجنة بخيل ولا خب ولا خائن ولا سيء الملكة وأول من يقرع
باب الجنة المملوكون وإذا أحسنوا فيما بينهم وبين الله وبين مواليهم "
وأخرج البيهقي عن أبي سهل الواسطي رفع الحديث قال : " إن الله اصطنع هذا
الدين لنفسه وإنما صلاح هذا الدين بالسخاء وحسن الخلق فاكرموه بهما "
وأخرج البيهقي من طرق وضعفه عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " قال لي جبريل : قال الله تعالى : إن هذا الدين ارتضيته لنفسي
ولا يصلحه إلا السخاء وحسن الخلق فأكرموه بهما ما صحبتموه "
وأخرج البيهقي وضعفه عن عبد الله بن جراد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " إذا ابتغيتم المعروف فابتغوه في حسان الوجوه فوالله لا يلج النار إلا
بخيل ولا يلج الجنة شحيح إن السخاء شجرة في الجنة تسمى السخاء وإن الشح شجرة في
النار تسمى الشح "
وأخرج البيهقي وضعفه عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " السخاء من شجر الجنة أغصانها متدليات في الدنيا من أخذ بغصن
منها قاده ذلك الغصن إلى الجنة والبخل شجرة من شجر النار أغصانها متدليات في
الدنيا من أخذ بغصن منها قاده ذلك الغصن إلى النار "
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " السخاء شجرة في الجنة فمن كان سخيا أخذ بغصن منها فلم يتركه الغصن حتى
يدخله الجنة والشح شجرة في النار فمن كان شحيحا أخذ بغصن منها فلم يتركه الغصن حتى
يدخله النار "
وأخرج البيهقي وضعفه عبن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " كنت قاعدا مع
(8/111)
النبي
صلى الله عليه و سلم فجاء ثلاثة عشر رجلا عليهم ثياب السفر فسلموا على رسول الله
صلى الله عليه و سلم ثم قالوا : من السيد من الرجال يا رسول الله قال : ذاك يوسف
بن يعقوب بن أسحق بن إبراهيم
قالوا : ما في أمتك سيد ؟ قال : بلى رجل أعطي مالا حلالا ورزق سماحة فأدنى الفقير
فقلت شكايته في الناس "
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة قال : " ضرب رسول الله صلى الله
عليه و سلم مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد قد اضطرت أيديهما
إلى ثديهما وتراقيهما فجعل كلما تصدق بصدقة انبسطت عنه حتى تغشى أنامله وتعفو أثره
وجعل البخيل كلما هم بصدقة قلصت وأخذت كل حلقة مكانها فهو يوسعها ولا تتسع "
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عبد الله بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن
ياسر قال : قدم خالد بن الوليد من ناحية أرض الروم على النبي صلى الله عليه و سلم
بأسرى فعرض عليهم الإسلام فأبوا فأمر أن تضرب أعناقهم حتى إذا جاء إلى آخرهم قال
النبي صلى الله عليه و سلم : " يا خالد كف عن الرجل " قال : يا رسول
الله ما كان في القوم أشد علي منه
قال : " هذا جبريل يخبرني عن الله أنه كان سخيا في قومه فكف عنه " وأسلم
الرومي
الآية 10 - 14
(8/112)
أخرج
عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه والذين جاؤوا من بعدهم قال : الذين أسلموا
فعنوا أيضا عبد الله بن نبتل وأوس بن قيظي
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص قال : الناس على ثلاثة منازل
قد مضت منزلتان وبقيت منزلة فأحسن ما أنتم كائنون عليه إن تكونوا بهذه المنزلة
التي بقيت ثم قرأ للفقراء المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم وأموالهم الآية ثم قال
: هؤلاء المهاجرون وهذه منزلة وقد مضت ثم قرأ والذين تبوؤا الدار والإيمان من
قبلهم الآية ثم قال : هؤلاء الأنصار وهذه منزلة وقد مضت ثم قرأ والذين جاؤوا من
بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان فقد مضت هاتان
المنزلتان وبقيت هذه المنزلة فأحسن ما أنتم كائنون عليه أن تكونوا بهذه المنزلة
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه والذين جاؤوا من بعدهم الآية قال :
أمروا بالاستغفار لهم وقد علم ما أحدثوا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف وابن
مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : أمروا أن يستغفروا لأصحاب النبي صلى الله
عليه و سلم فسبوهم ثم قرأت هذه الآية والذين جاؤوا يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا
الذي سبقونا بالإيمان وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر أنه سمع رجلا وهو يتناول بعض
المهاجرين فقرأ عليه للفقراء المهاجرين الآية ثم قال : هؤلاء المهاجرون فمنهم أنت
؟ قال : لا ثم قرأ عليه والذين تبوؤا الدار والإيمان الآية ثم قال : هؤلاء الأنصار
أفأنت منهم ؟ قال : لا ثم قرأ عليه والذين جاؤوا من بعدهم الآية ثم قال : أفمن
هؤلاء أنت ؟ قال : أرجو قال : لا ليس من هؤلاء من يسب هؤلاء
وأخرج ابن مردويه من وجه آخرعن ابن عمر أنه بلغه أن رجلا نال من عثمان فدعاه
فأقعده بين يديه فقرأ عليه للفقراء المهاجرين الآية قال : من هؤلاء
(8/113)
أنت
؟ قال : لا
ثم قرأ والذين جاؤوا من بعدهم الآية قال : من هؤلاء أنت ؟ قال : أرجوا أن أكون
منهم
قال : لا والله ما يكون منهم من يتناولهم وكان في قلبه الغل عليهم
وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش أنه قرأ ربنا لا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا
وأخرج الحكيم الترمذي النسائي عن أنس رضي الله عنه قال : " بينا نحن عند رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقال : يطلع الآن رجل من أهل الجنة فأطلع رجل من الأنصار
تنطف لحيته ماء من وضوئه معلق نعليه في يده الشمال فلما كان من الغد
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فاطلع ذلك
الرجل على مثل مرتبته الأولى فلما كان من الغد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
مثل ذلك فأطلع ذلك الرجل فلما قام الرجل أتبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال :
إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تحل
يميني فعلت
قال : نعم قال أنس : فكان عبد بن عمرو يحدث أنه بات معه ليلة فلم يره يقوم من
الليل شيئا غير أنه كان إذا تقلب على فراشه ذكر الله وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر
فيسبغ الوضوء غير أني لا أسمعه يقول إلا خيرا فلما مضت الليالي الثلاث وكدت احتقر
عمله قلت : يا عبد الله إنه لم يكن بيني وبين والدي غضب ولا هجرة ولكني سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول لك ثلاث مرات في ثلاث مجالس يطلع عليكم الآن رجل من
أهل الجنة فأطلعت أنت تلك المرات الثلاث فأردت أن آوي إليك فأنظر ما عملك فإذا ما
هو إلا ما رأيت فانصرفت عنه فلما وليت دعاني فقال : ما هو إلا ما قد رأيت غير أني
لا أجد في نفسي غلا لأحد من المسلمين ولا أحسده على خير أعطاه الله إياه فقال له
عبد الله بن عمرو : هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق "
وأخرج الحكيم الترمذي عن عبد العزيز بن أبي رواد قال : " بلغنا أن رجلا صلى
مع النبي صلى الله عليه و سلم فلما انصرف قال النبي صلى الله عليه و سلم : هذا
الرجل من أهل الجنة
قال عبد الله بن عمروا : فأتيته فقلت : يا عماه الضيافة قال نعم فإذا له خيمة وشاة
ونخل فلما أمسى خرج من خيمته فاحتلب العنز واجتنى لي رطبا ثم وضعه فأكلت
(8/114)
معه
فبات نائما وبت قائما وأصبح مفطرا وأصبحت صائما ففعل ذلك ثلاث ليال فقلت له : إن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال فيك : إنك من أهل الجنة فأخبرني ما عملك ؟ فائت
الذي أخبرك حتى يخبرك بعملي فأتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ائته فمره
أن يخبرك فقلت : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمرك أن تخبرني
قال : أما الآن فنعم فقال : لو كانت الدنيا لي فأخذت مني لم أحزن عليها ولو
أعطيتها لم أفرح بها وأبيت وليس في قلبي غل على أحد قال عبد الله : لكني والله
أقوم الليل وأصوم النهار ولو وهبت لي شاة لفرحت بها ولو ذهبت لحزنت عليها والله
لقد فضلك الله علينا فضلا بينا "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ألم تر إلى الذين نافقوا قال عبد الله بن أبي بن
سلول ورفاعة بن تابوت وعبد الله بن نبتل وأوس بن قيظي وإخوانهم بنو النضير
وأخرج ابن إسحق وابن المنذر وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس أن رهطا من بني عوف
بن الحارث منهم عبد الله بن أبي بن سلول ووديعة بن مالك وسويد وداعس بعثوا إلى بني
النضير أن اثبتوا وتمنعوا فإنا لا نسلمكم وإن قوتلتم قاتلنا معكم وإن خرجتم خرجنا
معكم فتربصوا ذلك من نصرهم فلم يفعلوا وقذف الله الرعب في قلوبهم فسألوا رسول الله
صلى الله عليه و سلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم على أن لهم ما حملت الإبل من
أموالهم إلا الحلقة ففعل فكان الرجل منهم يهدم بيته فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به
فخرجوا إلى خيبر ومنهم من سار إلى الشام
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : قدأسلم ناس من أهل قريظة والنضير وكان فيهم
منافقون وكانوا يقولون لأهل النضير : لئن أخرجتم لنخرجن معكم فنزلت فيهم هذا الآية
ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : ألم تر إلى الذين
نافقوا قال : عبد الله بن أبي سلول ورفاعة بن تابوت وعبد الله بن نبتل وأوس بن
قيظي يقولون لإخوانهم قال : النضير بأسهم بينهم شديد قال : بالكلام تحسبهم جميعا
وقلوبهم شتى قال : المنافقون يخالف دينهم دين النضير كمثل الذين من قبلهم قريبا
قال : كفار قريش يوم بدر
(8/115)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : تحسبهم
جميعا وقلوبهم شتى قال : كذلك أهل الباطل مختلفة شهادتهم مختلفة أهواؤهم مختلفة
أعمالهم وهم مجتمعون في عداوة أهل الحق كمثل الذين من قبلهم قريبا قال : هم بنو
النضير
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى قال : هم المشركون
وأخرج الديلمي عن علي قال : المؤمنون بعضهم لبعض نصحاء وادون وإن افترقت منازلهم
والفجرة بعضهم لبعض غششة خونة وإن اجتمعت أبدانهم
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد كمثل الذين من قبلهم قريبا قال : هم كفار قريش يوم بدر
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة كمثل الذين من قبلهم قريبا قال : هم بنو النضير
الآية 15 - 20 أخرج عبد الرزاق وابن راهويه وأحمد في الزهد وعبد بن حميد والبخاري
في تاريخه وابن جرير وابن المنذر والحاكم صححه وابن مردويه والبيهقي في شعب
الإيمان عن علي بن أبي طالب أن رجلا كان يتعبد في صومعة وأن امرأة كان لها إخوة
فعرض لها شيء فأتوه بها فزينت له نفسه فوقع عليها فجاءه الشيطان
(8/116)
فقال
: اقتلها فإنهم إن ظهروا عليك افتضحت فقتلها ودفنها فجاؤوه فأخذوه فذهبوا به
فبينما هم يمشون إذاجاءه الشيطان فقال : إني أنا الذي زينت لك فاسجد لي سجدة أنجيك
فسجد له فذلك قوله : كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر الآية وأخرج ابن أبي حاتم
من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله : كمثل الشيطان الآية قال : كان راهب من بين
إسرائيل يعبد الله فيحسن عبادته وكان يؤتي من كل أرض فيسأل عن الفقه وكان عالما
وإن ثلاثة إخوة لهم أخت حسناء من أحسن الناس وإنهم أرادوا أن يسافروا وكبر عليهم
أن يدعوها ضائعة فعمدوا إلى الراهب فقالوا : إنا نريد السفر وإنا لا نجد أحد أوثق
في أنفسنا ولا آمن عندنا منك فإن رأيت جعلنا أختنا عندك فإنها شديدة الوجع فإن
ماتت فقم عليها وإن عاشت فأصلح إليها حتى ترجع فقال : اكفيكم إن شاء الله فقام عليها
فداواها حتى برئت وعاد إليها حسنها وإنه اطلع إليها فوجدها متصنعة ولم يزل به
الشيطان حتى وقع عليها فحملت ثم ندمه الشيطان فزين له قتلها وقال : إن لم تفعل
افتضحت وعرف أمرك فلم يكن لك معذره فلم يزل به حتى قتلها فلما قدم إخوتها سألوه ما
فعلت ؟ قال : ماتت فدفنتها
قالوا : أحسنت
فجعلوا يرون في المنام ويخبرون أن الراهب قتلها أنها تحت شجرة كذا وكذا وأنهم
عمدوا إلى الشجرة فوجدها قد قتلت فعمدوا إليه فأخذوه فقال الشيطان : أنا الذي زينت
لك الزنا وزينت لك قتلها فهل لك أن تطيعني وأنجيك ؟ قال : نعم قال : قال فاسجد لي سجدة
واحدة فسجد له ثم قتل فذلك قول الله : كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود في هذه الآية قال : كانت امرأة ترعى الغنم وكان لها
أربعة إخوة وكانت تأوي بالليل إلى صومعة راهب فنزل الراهب ففجر بها فأتاه الشيطان
فقال : اقتلها ثم ادفنها فإنك رجل مصدق يسمع قولك فقتلها ثم دفنها فأتى الشيطان
إخوتها في المنام فقال لهم : إن الراهب فجر بأختكم فلما أحبلها قتلها ثم دفنها في
مكان كذا وكذا فلم أصبح قال رجل منهم : لقد رأيت البارحة كذا وكذا فقال الآخر :
وأنا والله لقد رأيت كذلك فقال الآخر : وأنا والله لقد رأيت كذلك قالوا : فوالله
ما هذا إلا لشيء فانطلقوا
(8/117)
فاستعدوا
ملكهم على ذلك الراهب فأتوه فأنزلوه ثم انطلقوا به فلقيه الشيطان فقال : إني أنا
الذي أوقعتك في هذا ولن ينجيك منه غيري فاسجد لي سجدة واحدة وأنجيك مما أوقعتك فيه
فسجد له فلما أتوا به ملكهم تبرأ منه وأخذ فقتل
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن
عبيد بن رفاعة الدارمي يبلغ به النبي صلى الله عليه و سلم قال : كان راهب في بني
إسرائيل فأخذ الشيطان جارية فخنقها فألقى في قلوب أهلها أن دواءها عند الراهب فأتي
بها الراهب فأبى أن يقبلها فلم يزالوا به حتى قبلها فكانت عنده فأتاه الشيطان
فوسوس له وزين له فلم يزل به حتى وقع عليها فلما حملت وسوس له الشيطان فقال : الآن
تفتضح يأتيك أهلها فاقتلها فإن أتوك فقل : ماتت
فقتلها ودفنها فأتى الشيطان أهلها فوسوسإليهم وألقى في قلوبهم أنه أحبلها ثم قتلها
فأتاه أهلها فسألوه فقال : ماتت
فأخذوه فأتاه الشيطان فقال : أنا الذي ألقيت في قلوب أهلها وأنا الذي أوقعتك في
هذا فأطعني تنج واسجد لي سجدتين
فسجد له سجدتين فهو الذي قال الله : كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر الآية
وأخرج ابن المنذر والخرائطي في اعتلال القلوب من طريق عدي بن ثابت عن ابن عباس في
الآية قال : كان راهب في بني إسرائيل متعبدا زمانا حتى كان يؤتى بالمجانين فيقرأ
عليهم ويعودهم حتى يبرؤوا فأتى بامرأة في شرف قد عرض لها الجنون فجاء إخواتها إليه
ليعوذها فلم يزل به الشيطان يزين له حتى وقع عليها فحملت فلما عظم بطنها لم يزل
الشيطان يزين له حتى قتلها ودفنها في مكان فجاء الشيطان في صورة رجل إلى بعض
إخوتها فأخبره فجعل الرجل يقول لأخيه : والله لقد أتاني آت فأخبرني بكذا وكذا حتى
أفضى به بعضهم إلى بعض حتى رفعوه إلى ملكهم فسار الملك والناس حتى استنزله فأقر
واعترف فأمر به الملك فصلب فأتاه الشيطان وهو على خشبته فقال : أنا الذي زينت لك
هذا وألقيتك فيه فهل أنت مطيعي فيما آمرك به وأخلصك ؟ قال : نعم
قال : فاسجد لي سجدة واحدة فسجد له وكفر فقتل في تلك الحال
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن طاووس قال : كان رجل من بني إسرائيل عابدا وكان
ربما داوى المجانين وكانت امرأة جميلة أخذها الجنون فجيء بها إليه فتركت عنده
فأعجبته فوقع عليها فحملت فجاءه الشيطان فقال :
(8/118)
إن
علم بهذا افتضحت فاقتلها وادفنها في بيتك فقتلها فجاء أهلها بعد زمان يسألونه عنها
فقال : ماتت فلم يتهموه لصلاحه فيهم ورضاه فجاءهم الشيطان فقال : إنها لم تمت
ولكنها وقع عليها فحملت فقتلها ودفنها في بيته في مكان كذا وكذا فجاء أهلها فقالوا
: ما نتهمك ولكن أخبرنا أين دفنتها ومن كان معك ففتشوا بيته فوجدوها حيث دفنها
فأخذ فسجن فجاءه الشيطان فقال : إن كنت تريد أن أخرجك مما أنت فيه فأكفر بالله
فأطاع الشيطان وكفر فأخذ وقتل فتبرأ منه الشيطان حينئذ قال طاوس : ما أعلم إلا أن
هذه الآية أنزلت فيه كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر الآية
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود في الآية قال : ضرب الله مثل الكفار والمنافقين
الذين كانوا على عهد النبي صلى الله عليه و سلم كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر قال :
عامة الناس
وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش أنه كان يقرأ " فكان عاقبتهما أنهما في النار
خالدان فيها " والله أعلم
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله الآية
أخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي وابن ماجة وابن مردويه عن جرير قال : كنت جالسا
عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فأتاه قوم مجتابي النمار متقلدي السيوف عليهم
أزر ولا شيء غيرها عامتهم من مضر فلما رأى النبي صلى الله عليه و سلم الذي بهم من
الجهد والعري والجوع تغير وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم قام فدخل بيته ثم
راح إلى المسجد فصلى الظهر ثم صعد منبره فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : " أما
بعد ذلكم فإن الله أنزل في كتابه يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما
قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون ولا تكونوا كالذين نسوا الله
فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة أصحاب الجنة
هم الفائزون تصدقوا قبل أن لا تصدقوا تصدقوا قبل أن يحال بينكم وبين الصدقة تصدق
امرؤ من ديناره تصدق امرؤ من درهمه تصدق امرؤ من بره من شعيره من تمره لا يحقرن
شيء من الصدقة ولو بشق التمرة " فقام رجل من الأنصار بصرة في
(8/119)
كفه
فناولها رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو على منبره فعرف السرور في وجهه فقال :
" من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها كان له أجرها ومثل أجر من عمل بها لا
ينقص من أجورهم شيئا ومن سن سنة سيئة فعمل بها كان عليه وزرها ومثل وزر من عمل بها
لا ينقص من أوزارهم شيئا " فقام الناس فتفرقوا فمن ذي دينار ومن ذي درهم ومن
ذي طعام ومن ذي ومن ذي فاجتمع فقسمه بينهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : ما قدمت لغد قال : يوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن نعيم بن محمد الرحبي قال : كان من خطبة أبي بكر
الصديق : واعلموا أنكم تغدون وتروحون في أجل قد غيب عنكم علمه فإن استطعتم أن
ينقضي الأجل وأنتم على حذر فافعلوا ولن تستطيعوا ذلك إلا بإذن الله وإن قوما جعلوا
أجلهم لغيرهم فنهاكم الله أن تكونوا أمثالهم فقال : ولا تكونوا كالذين نسوا الله
فأنساهم أنفسهم أولئك هم الفاسقون أين من كنتم تعرفون من إخوانكم ؟ قد انتهت عنهم
أعمالهم ووردوا على ما قدموا
أين الجبارون الأولون الذين بنوا المدائن وحصنوها بالحوائط ؟ قد صاروا تحت الصخر
والآكام هذا كتاب الله لا تفنى عجائبه ولا يطفأ نوره استضيئوا منه اليوم ليوم
الظلمة واستنصحوا كتابه وتبيانه فإن الله قد أفنا على قوم فقال : كانوا يسارعون في
الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين سورة الأنبياء الآية 90 لا خير في
قول لا يبتغي به وجه الله ولا خر في مال لا ينفق في سبيل الله ولا خير فيمن يغلب
غضبه حلمه ولا خير في رجل يخاف في الله لومة لائم
الآية 21 - 24
(8/120)
أخرج
ابن المنذر عن الضحاك في قوله : لو أنزلنا هذا القرآن على جبل الآية قال : لو
أنزلت هذا القرآن على جبل فأمرته بالذي أمرتكم وخوفته بالذي خوفتكم به إذا يصدع
ويخشع من خشية الله فأنتم أحق أن تخشوا وتذلوا وتلين قلوبكم لذكر الله
وأخرج ابن المنذر عن مالك بن دينار قال : أقسم لكم لا يؤمن عبد بهذا القرآن إلا
صدع قلبه
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : لو أنزلنا هذا القرآن الآية قال
: يقول : لو أني أنزلت هذا القرآن على جبل حملته إياه تصدع وخشع من ثقله ومن خشية
الله فأمر الله الناس إذا نزل عليهم القرآن أن يأخذوه بالخشية الشديدة والتخشع قال
: كذلك يضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتفكرون
وأخرج الديلمي عن ابن مسعود وعلي مرفوعا في قوله : لو أنزلنا هذا القرآن على جبل
إلى آخر السورة قال : هي رقية الصداع
وأخرج الخطيب البغدادي في تاريخه قال : أنبأنا أبو نعيم الحافظ أبنأنا أبو الطيب
محمد بن أحمد بن يوسف بن جعفر المقري البغدادي يعرف بغلام ابن شنبوذ أبنأنا إدريس
بن عبد الكريم الحداد قال : قرأت على خلف فلما بلغت هذه الآية لو أنزلنا هذا
القرآن على جبل قال : ضع يدك على رأسك فإني قرأت على سليم فلما بلغت هذه الآية قال
: ضع يدك على رأسك فإني قرأت على الأعمش فلما بلغت هذه الآية قال : ضع يدك على
رأسك فإني قرأت على يحيى بن وثاب فلما بلغت هذه الآية قال : ضد يدك على رأسك فإني
قرأت على علقمة والأسود فلما بلغت هذه الآية قال : ضع يدك على رأسك فإنا قرأنا على
عبد الله فلما بلغنا هذه الآية قال : ضعا أيديكما على رؤوسكما فإني قرأت علىالنبي
صلى الله عليه و سلم فلما بلغت هذه الآية قال لي : " ضع يدك على رأسك فإن
جبريل لما نزل بها إلي قال لي : ضع يدك على رأسك فإنها شفاء من كل داء إلا السأم
والسأم الموت "
(8/121)
أخرج
ابن مردويه عن ابن عباس قال : اسم الله الأعظم هو الله
وأخرج ابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري أنه كان له مربد للتمر في بيته فوجد المربد
قد نقص فلما كان الليل أبصره فإذا بحس رجل فقال له : من أنت ؟ قال : رجل من الجن
أردنا هذا البيت فأرملنا من الزاد فأصبنا من تمركم ولا ينقصكم الله منه شيئا فقال
له أبو أيوب الأنصاري : إن كنت صادقا فناولني يدك فناوله يده فإذا بشعر كذراع
الكلب فقال له أبو أيوب : ما أصبت من تمرنا فأنت في حل ألا تخبرني بأفضل ما تتعوذ
به الإنس من الجن ؟ قال : هذه الآية آخر سورة الحشر
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من قرأ
آخر سورة الحشر ثم مات من يومه وليلته كفر عنه كل خطيئة عملها "
وأخرج ابن السني في عمل يوم وليلة وابن مردويه عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم أمر رجلا إذا أوى إلى فراشه أن يقرأ آخر سورة الحشر وقال : " إن مت مت
شهيدا "
وأخرج أبو علي عبد الرحمن بن محمد النيسابوري في فوائده عن محمد بن الحنفية أن
البراء بن عازب قال لعلي بن أبي طالب : سألتك بالله إلا ما خصصتني بأفضل ما خصك به
رسول الله صلى الله عليه و سلم مما خصه به جبريل مما بعث به إليه الرحمن قال : يا
براء إذا أردت أن تدعو الله باسمه الأعظم فاقرأ من أول الحديد عشر آيات وآخر سورة
الحشر ثم قل : يا من هو هكذا وليس شيء هكذا غيره أسألك أن تفعل بي كذا وكذا فوالله
يا براء لو دعوت علي لخسف بي
وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
من تعوذ بالله من الشيطان ثلاث مرات ثم قرأ آخر سورة لحشر بعث الله إليه سبعين ألف
ملك يطردون عنه شياطين الإنس والجن إن كان ليلا حتى يصبح وإن كان نهارا حتى يمسي
"
وأخرج ابن مردويه عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم مثله إلا أنه قال : يتعوذ
الشيطان عشر مرات
وأخرج أحمد والدارمي والترمذي وحسنه وابن الضريس والبيهقي في شعب الإيمان عن معقل
بن يسار عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من قال حين يصبح عشر مرات أعوذ
بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ثم قرأ الثلاث آيات من آخر سورة
(8/122)
الحشر
وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي وإن مات ذلك اليوم مات شهيدا ومن
قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة "
وأخرج ابن عدي وابن مردويه والخطيب والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي أمامة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من قرأ خواتيم الحشر في ليل أو نهار
فمات في يومه أو ليلته فقد أوجب له الجنة "
وأخرج ابن الضريس عن عتيبة قال : حدثنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه
من قرأ خواتيم الحشر حين يصبح أدرك ما فاته من ليلته وكان محفوظا إلى أن يمسي ومن
قرأها حين يمسي أدرك ما فاته من يومه وكان محفوظا إلى أن يصبح وإن مات أوجب
وأخرج الدارمي وأبن الضريس عن الحسن قال : من قرأ ثلاث آيات من آخر سورة الحشر إذا
أصبح فمات من يومه ذلك طبع بطابع الشهداء وإن قرأ إذا مسى فمات من ليلته طبع بطابع
الشهداء
وأخرج الديلمي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اسم
الله الأعظم في ستة آيات من آخر سورة الحشر "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : عالم الغيب والشهادة قال : السر
والعلانية وفي قوله : المؤمن قال : المؤمن خلقه من أن يظلمهم وفي قوله : المهيمن
قال : الشاهد
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قي قوله : عالم الغيب قال : ما يكون وما هو كائن وفي
قوله : القدوس قال : تقدسه الملائكة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة في قوله : القدوس قال :
المبارك السلام المؤمن قال : المؤمن من آمن به المهيمن الشهيد عليه العزيز في
نقمته إذا انتقم الجبار جبر خلقه على ما يشاء المتكبر عن كل سوء
وأخرج ابن المنذر عن زيد بن علي قال : إنما سمي نفسه المؤمن لأنه آمنهم من العذاب
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات عن محمد بن كعب قال
: إنما تسمى الجبار أنه يجبر الخلق على ما أراده
(8/123)
بسم
الله الرحمن الرحيم
سورة الممتحنة
مدنية وآياتها ثلاث عشرة
مقدمة سورة الممتحنة أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس
قال : نزلت سورة الممتحنة بالمدينة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
الآية 1 - 6
(8/124)
أخرج
أحمد والحميدي وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وأبو
عوانة وابن حبان وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي وأبو
نعيم معا في الدلائل عن علي قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه و سلم أنا
والزبير والمقداد فقال : انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب
فخذوه منها فائتوني به فخرجنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظعينة فقلنا : أخرجي
الكتاب
قالت : ما معي كتاب
قلنا : لتخرجن الكتاب أو لتلقين الثياب فأخرجته من عقاصها فأتينا به النبي صلى
الله عليه و سلم فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين بمكة يخبرهم
ببعض أمر النبي صلى الله عليه و سلم فقال النبي صلى الله عليه و سلم : ما هذا يا
حاطب ؟ قال : لا تعجل علي يا رسول الله إني كنت امرأ ملصقا من قريش ولم أكن من
أنفسها وكان من معك من المهاجرين لهم : قرابات يحمون بها أهليهم وأموالهم بمكة
فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أصطنع إليهم يدا يحمون بها قرابتي وما فعلت ذلك
كفرا ولا ارتدادا عن ديني فقال النبي صلى الله عليه و سلم : صدق فقال عمر : دعني
يا رسول الله صلى الله عليه و سلم فأضرب عنقه فقال إنه شهد بدرا وما يدريك لعل
الله اطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ونزلت فيه يا أيها
الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة
وأخرج أبو يعلى وابن المنذر من طريق الحارث عن علي قال : لما أراد رسول الله صلى
الله عليه و سلم أن يأتي مكة أسر إلى ناس من أصحابه أنه يريد الدخول إلى مكة منهم
حاطب بن أبي بلتعة وأفشى في الناس أنه يريد خيبر فكتب حاطب إلى أهل مكة أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم يريدكم فأخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم فبعثني أنا
ومن معي فقال : ائتوا روضة خاخ فذكر له ما تقدم فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا لا
تتخذوا عدوي وعدوكم الآية
وأخرج ابن المنذر من طريق قتادة وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه في الآية
(8/125)
قال
: لما أراد النبي صلى الله عليه و سلم السيرورة من الحديبية إلى مشركي قريش كتب
إليها حاطب بن أبي بلتعة يحذرهم فأطلع الله نبيه على ذلك فوجد الكتاب مع امرأة في
قرن من رأسها فقال له : ما حملك على الذي صنعت ؟ قال : أما والله ما ارتبت في أمر
الله ولا شككت فيه ولكنه كان لي بها أهل ومال فأردت مصانعة قريش وكان حليفا لهم
ولم يكن منهم فأنزل الله فيه القرآن يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم
الآية
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : يا أيها الذين آمنوا لا
تتخذوا عدوي وعدوكم الآية قال : نزلت في رجل كان مع النبي صلى الله عليه و سلم
بالمدينة من قريش كتب إلى أهل وعشيرته بمكة يخبرهم وينذرهم أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم سائر إليهم فأخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم بصحيفته فبعث علي بن
أبي طالب رضي الله عنه فأتاه بها
وأخرج أبو يعلى والحاكم وصححه وابن مردويه والضياء في المختارة عن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه قال : كتب حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين بكتاب فجيء به إلى النبي
صلى الله عليه و سلم فقال : يا حاطب ما دعاك إلى ما صنعت ؟ قال : يا رسول الله كان
أهلي فيهم فخشيت أن يصرموا عليهم فقلت : أكتب كتابا لا يضر الله ورسوله فقلت :
أضرب عنقه يا رسول الله فقد كفر فقال : وما يدريك يا ابن الخطاب أن يكون الله أطلع
علىأهل العصابة من أهل بدر ؟ فقال : " اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم "
وأخرج ابن مردويه من طريق شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن حاطب بن أبي
بلتعة وحاطب رجل من أهل اليمن كان حليفا للزبير بن العوام من أصحاب النبي صلى الله
عليه و سلم قد شهد بدرا وكان بنوه وإخوته بمكة فكتب حاطب وهو مع رسول الله صلى
الله عليه و سلم بالمدينة إلى كفار قريش بكتاب ينتصح لهم فيه فدعا رسول الله صلى
الله عليه و سلم عليا والزبير فقال لهما انطلقا حتى تدركا امرأة معها كتاب فخذا
الكتاب فائتياني به فانطلقا حتى أدركا المرأة بحليفة بني أحمد وهي من المدينة على
قريب من اثني عشر ميلا فقالا لها : أعطينا الكتاب الذي معك
قالت : ليس معي كتاب
قالا كذبت قد حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن معك كتابا والله لتعطين
الكتاب الذي معك أو لا نترك عليك ثوبا إلا التمسنا فيه
قالت : أولستم
(8/126)
بناس
مسلمين ؟ قالا : بلى ولكن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد حدثنا أن معك كتابا
حتى إذ ظنت أنهما ملتمسان كل ثوب معها حلت عقاصها فأخرجت لهما الكتاب من بين قرون
رأسها كانت قد اعتقصت عليه فأتيا رسول الله صلى الله عليه و سلم فإذا هو كتاب من
حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم حاطبا قال :
أنت كتبت هذا الكتاب ؟ قال : نعم قال : فما حملك على أن تكتب به ؟ قال حاطب : أما
والله ما ارتبت منذ أسلمت في الله عز و جل ولكني كنت امرأ غريبا فيكم أيها الحي من
قريش وكان لي بنون وإخوة بمكة فكتبت إلى كفار قريش بهذا الكتاب لكي أدفع عنهم فقال
عمر : ائذن لي يا رسول الله أضرب عنقه
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " دعه فإنه قد شهد بدرا وإنك لا تدري
لعل الله أطلع على أهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فإني غافر لكم ما عملتم فأنزل
الله في ذلك يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم
بالمودة حتى بلغ لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم
الآخر
أخرجه عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عروة مرسلا
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : أمن رسول الله صلى الله عليه و سلم
الناس يوم الفتح إلا أربعة : عبد الله بن خطل ومقيس بن صبابة وعبد الله بن سعد بن
أبي سرح وأم سارة فذكر الحديث قال : وأما أم سارة فإنها كانت مولاة لقريش فأتت
رسول الله صلى الله عليه و سلم فشكت إليه الحاجة فأعطاها شيئا ثم أتاها رجل فبعث
معها بكتاب إلى أهل مكة يتقرب بذلك إليها لحفظ عياله وكان له بها عيال فأخبر جبريل
النبي صلى الله عليه و سلم بذلك فبعث في أثرها عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي
الله عنهما فلقياها في الطريق ففتشاها فلم يقدرا على شيء معها فأقبلا راجعين ثم
قال أحدهما لصاحبه : والله ما كذبنا ولا كذبنا ارجع بنا إليها فرجعا إليها فسلا
سيفهما فقالا : والله لنذيقنك الموت أو لتدفعن إلينا الكتاب فأنكرت ثم قالت :
أدفعه إليكما على أن لا ترداني إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقبلا ذلك منها
فحلت عقاص رأسها فأخرجت الكتاب من قرن من قرونها فدفعته إليهما فرجعا به إلى رسول
الله صلى الله عليه و سلم فدعاه إليه فدعا الرجل فقال : ما هذا الكتاب ؟ فقال :
أخبرك يا رسول الله أنه ليس من رجل ممن معك إلا وله بمكة من
(8/127)
يحفظ
عياله فكتبت بهذا الكتاب ليكونوا لي في عيالي فأنزل الله يا أيها الذين أمنوا لا
تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء الآية
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : كتب حاطب بن أبي بلتعة إلى المشركين كتابا يذكر
فيه مسير النبي صلى الله عليه و سلم فبعث به مع امرأة فبعث رسول الله صلى الله
عليه و سلم في طلبها فأخذ الكتاب منها فجيء به إلى النبي صلى الله عليه و سلم فدعا
حاطبا فقال : أنت كتبت هذا الكتاب ؟ قال : نعم يا رسول الله أما والله إني لمؤمن
بالله وبرسوله وما كفرت منذ أسلمت ولا شككت منذ استيقنت ولكني كنت امرأ لا نسب لي
في القوم إنما كنت حليفهم وفي أيديهم من أهلي ما قد علمت فكتبت إليهم بشيء قد علمت
أن لن يغني عنهم من الله شيئا أراده أن أدرأ به عن أهلي ومالي فقال عمر بن الخطاب
: يا رسول الله خل عني وعن عدو الله هذا المنافق فأضرب عنقه فنظر إليه رسول الله
صلى الله عليه و سلم نظرا عرف عمر أنه قد غضب ثم قال : " ويحك يا عمر بن
الخطاب وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل موطن من مواطن الخير فقال للملائكة :
اشهدوا أني قد غفرت لأعبدي لعبادي ؟ هؤلاء فليعملوا ما شاؤوا ؟ قال عمر : الله
ورسوله أعلم
قال : " إنهم أهل بدر فاجتنب أهل بدر إنهم أهل بدر فاجتنب أهل بدر إنهم أهل
بدر فاجتنب أهل بدر "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد عن جابر أن حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى أهل مكة يذكر أن
النبي صلى الله عليه و سلم أراد غزوهم فدل النبي صلى الله عليه و سلم على المرأة
التي معها الكتاب فأرسل إليها فأخذ كتابها من رأسها فقال : يا حاطب أفعلت ؟ قال :
نعم أما إني لم أفعل غشا لرسول الله صلى الله عليه و سلم ولا نفاقا قد علمت أن
الله مظهر رسوله ومتم له غير أني كنت غريبا بين ظهرانيهم وكانت والدتي فأردت أن
أخدمها عندهم فقال له عمر : ألا أضرب رأس هذا ؟ قال : أتقتل رجلا من أهل بدر وما
يدريك لعل الله قد اطلع على أهل بدر وقال : " اعملوا ما شئتم "
وأخرج عبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي عن جابر أن عبدا لحاطب بن أبي بلتعة
جاء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ليشتكي حاطبا فقال : يا رسول الله ليدخلن
حاطب النار فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " كذبت لا يدخلها فإنه قد
شهد بدرا والحديبية "
وأخرج ابن مردويه عن سعيد بن جبير قال : اسم الذي أنزلت فيه يا أيها الذين
(8/128)
آمنوا
لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء حاطب بن أبي بلتعة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : ذكر لنا أن حاطب بن أبي بلتعة كتب إلى أهل مكة
يحذرهم سيرورة رسول الله صلى الله عليه و سلم زمن الحديبية فأطلع الله نبيه على
ذلك فقال له نبي الله : ما حملك على الذي صنعت ؟ قال : أما والله ما شككت في أمري
ولا ارتبت فيه ولكن كان لي هناك مال وأهل فأردت مصانعة قريش على أهلي ومالي وذكر
لنا أنه كان حليفا لقريش ولم يكن من أنفسهم فأنزل الله القرآن وقال : إن يثقفوكم
يكونوا لكم أعداء ويبسطوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء إلى قوله : قد كانت لكم
أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك قال : يقول
فلا تأسوا في ذلك فإنها كانت موعدة وعدها إياه ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا
يقول : لا تظهرهم علينا ففتنوا بذلك يرون أنهم إنما ظهروا لأنهم أولى بالحق منا
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء إلى قوله بما
تعملون بصير قال : في مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة ومن معه إلى كفار قريش يحذرونهم
وفي قوله إلا قول إبراهيم لأبيه قال : نهوا أن يأتسوا باستغفار إبراهيم لأبيه
فيستغفروا للمشركين
وفي قوله : ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا قال : لا تعذبنا بأيديهم ولا تعذب من
عبدك فيقولوا : لو كان هؤلاء على حق ما أصابهم هذا
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عباس لا تتخذوا عدوي وعدوكم
أولياء إلى قوله : بصير في مكاتبة حاطب بن أبي بلتعة ومن معه إلى كفار قريش
يحذرونهم وقوله : إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك نهو أن يتأسوا باستغفار
إبراهيم لأبيه وقوله : ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا لا تعذبنا بأيديهم ولا
بعذاب من عندك فيقولون : لو كان هؤلاء على الحق ما أصابهم هذا وأخرج ابن المنذر
وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس لقد كان لكم أسوة
حسنة قال : في صنع إبراهيم كله إلا في الاستغفار لأبيه لا يستغفر له وهو مشرك
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : لا تجعلنا فتنة
للذين كفروا يقول : لا تسلطهم علينا فيفتنونا
(8/129)
الآية
7 - 9 أخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه و سلم استعمل أبا
سفيان بن حرب على بعض اليمن فلما قبض رسول الله صلى الله عليه و سلم أقبل فلقي ذا
الخمار مرتدا فقاتله فكان أول من قاتل في الردة وجاهد عن الدين
قال ابن شهاب : وهو فيمن أنزل الله فيه عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم
منهم مودة
وأخرج ابن مردويه عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال : أول
من قاتل أهل الردة على إقامة دين الله أبو سفيان بن حرب وفيه نزلت هذه الآية عسى
الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن عدي وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن
عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله : عسى الله أن يجعل بينكم
وبين الذين عاديتم منهم مودة قال : كانت المودة التي جعل الله بينهم تزويج النبي
صلى الله عليه و سلم أم حبيبة بنت أبي سفيان فصارت أم المؤمنين وصار معاوية خال
المؤمنين
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن ابن عباس عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين
عاديتم منهم مودة قال : نزلت في تزويج النبي صلى الله عليه و سلم ابنته أم حبيبة
فكانت هذه مودة بينه وبينه
قوله تعالى : لا ينهاكم الله الآية
وأخرج الطيالسي وأحمد والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والنحاس في تاريخه والحاكم وصححه والطبراني وابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال
: قدمت قتيلة بنت عبد العزى على ابنتها أسماء بنت أبي بكر بهدايا ضباب
(8/130)
وأقط
وسمن وهي مشركة فأبت أسماء أن تقبل هديتها أو تدخلها بيتها حتى أرسلت إلى عائشة أن
سلي عن هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم فسألته فأنزل الله لا ينهاكم الله عن
الذين لم يقاتلوكم في الدين إلى آخر الآية فأمرها أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها
وأخرج البخاري وابن المنذر والنحاس والبيهقي في شعب الإيمان عن أسماء بنت أبي بكر
قالت : أتتني أمي راغبة وهي مشركة في عهد قريش إذا عاهدوا رسول الله صلى الله عليه
و سلم فسألت النبي صلى الله عليه و سلم أأصلها ؟ فأنزل الله لا ينهاكم الله عن
الذين لم يقاتلوكم في الدين فقال : نعم صلي أمك
وأخرج أبو داود في تاريخه وابن المنذر عن قتادة لا ينهاكم الله عن الذين لم
يقاتلوكم في الدين نسختها فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم سورة التوبة الآية 5
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : لا ينهاكم الله عن الذين لم
يقاتلوكم في الدين قال : أن تستغفروا لهم وتبروهم وتقسطوا إليهم هم الذين آمنوا
بمكة ولم يهاجروا
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين
قال : كفار أهل مكة
الآية 10 - 11
(8/131)
أخرج
البخاري عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما
عاهد كفار قريش يوم الحديبية جاءه نساء مؤمنات فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا إذا
جاءكم المؤمنات مهاجرات حتى بلغ ولا تمسكوا بعصم الكوافر فطلق عمر يومئذ امرأتين
كانتا له في الشرك وأخرج البخاري وأبو داود فيه ناسخه والبيهقي في السنن عن مروان
بن الحكم والمسور بن مخرمة قالا : لما كاتب رسول الله صلى الله عليه و سلم سهيل بن
عمرو على قضية المدة يوم الحديبية كان مما اشترط سهيل : أن لا يأتيك منا أحد وإن
كان على دينك إلا رددته إلينا فرد رسول الله صلى الله عليه و سلم أبا جندل بن سهيل
ولم يأت رسول الله صلى الله عليه و سلم أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة وإن
كان مسلما ثم جاء المؤمنات مهاجرات وكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج
إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهي عاتق فجاء أهلها يسألون رسول الله صلى الله
عليه و سلم أن يرجعها إليهم حتى أنزل الله في المؤمنات ما أنزل
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن عبد الله بن أبي أحمد رضي الله عنه قال :
هاجرت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط في الهدنة فخرج أخواها عمارة والوليد حتى
قدما على رسول الله صلى الله عليه و سلم وكلماه في أم كلثوم أن يردها إليهما فنقض
الله العهد بينه وبين المشركين خاصة في النساء ومنعهن أن يرددن إلى المشركين وأنزل
الله آية الإمتحان
وأخرج ابن دريد في أماليه : حدثنا أبو الفضل الرياشي عن ابن أبي رجاء عن الواقدي
قال : فخرت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط بآيات نزلت فيها قالت : فكنت أول من
هاجر إلى المدينة فلما قدمت قدم أخي الوليد علي فنسخ الله العقد بين النبي صلى
الله عليه و سلم وبين المشركين في شأني ونزلت فلا ترجعوهن إلى الكفار ثم أنكحني
النبي صلى الله عليه و سلم زيد بن حارثة فقلت أتزوجني بمولاك ؟ فأنزل الله وما كان
لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم سورة الأحزاب
36 ثم قتل زيد فأرسل إلى الزبير : احبسي على نفسك قلت : نعم فنزلت ولا جناح عليكم
فيماعرضتم من خطبة النساء سورة البقرة الآية 235
(8/132)
وأخرج
ابن سعد عن ابن شهاب رضي الله عنه قال : كان المشركون قد شرطوا على رسول الله صلى
الله عليه و سلم يوم الحديبية أن من جاء من قبلنا وإن كان على دينك رددته إلينا
ومن جاءنا من قبلك لم نردده إليك فكان يرد إليهم من جاء من قبلهم يدخل في دينه
فلما جاءت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط مهاجرة جاء أخواها يريدان أن يخرجاها
ويرداها إليهم فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات الآية
إلى قوله : وليسألوا ما أنفقوا قال : هو الصداق وإن فاتكم شيء من أزواجكم الآية
قال : هي المرأة تسلم فيرد المسلمون صداقها إلى الكفار وما طلق المسلمون من نساء
الكفار عندهم فعليهم أن يردوا صداقهن إلى المسلمين فإن أمسكوا صداقا من صداق
المسلمين مما فارقوا من نساء الكفار أمسك المسلمون صداق المسلمات اللاتي جئن من
قبلهم
وأخرج ابن إسحق وابن سعد وابن المنذر عن عروة بن الزبير رضي الله عنه أنه سئل عن
هذه الآية فكتب أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان صالح قريشا يوم الحديبية على
أن يرد على قريش من جاء فلما هاجر النساء أبى الله أن يرددن إلى المشركين إذا هن
امتحن بمحنة الإسلام فعرفوا أنهن إنما جئن رغبة فيهن وأمر برد صداقهن إليهم إذا
حبسن عنهم وأنهم يردوا على المسلمين صدقات من حبسوا عنهم من نسائهم ثم قال : ذلكم
حكم الله يحكم بينكم فأمسك رسول الله صلى الله عليه و سلم النساء ورد الرجال ولولا
الذي حكم الله به من هذا الحكم رد النساء كما رد الرجال ولولا الهدنة والعهد أمسك
النساء ولم يرد لهن صداقا
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : إذا جاءكم
المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن قال : سلوهن ما جاء بهن فإن كان جاء بهن غضب على
أزواجهن أو غيرة أو سخط ولم يؤمن فأرجعوهن إلى أزواجهن وإن كن مؤمنات بالله
فأمسكوهن وآتوهن أجورهن من صدقتهن وانكحوهن إن شئتم وأصدقوهن وفي قوله : ولا
تمسكوا بعصم الكوافر قال : أمر أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم بطلاق نسائهن
كوافر بمكة قعدن مع الكفار واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا قال : ما ذهب من
أزواج أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم إلى الكفار فليعطهم الكفارصدقاتهم وليمسكوهن
وما ذهب من أزواج الكفار إلى أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم كمثل ذلك هذا في صلح
كان بين قريش وبين محمد صلى الله عليه و سلم وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى
(8/133)
الكفار
الذين ليس بينكم وبينهم عهد فعاقبتم أصبتم مغنما من قريش أو غيرهم فآتوا الذين
ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا صدقاتهم عوضا
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : خرجت امرأة مهاجرة إلى المدينة
فقيل لها : ما أخرجك بغضك لزوجك أم أردت الله ورسوله ؟ قالت : بل الله ورسوله
فأنزل الله فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار فإن تزوجها رجل من
المسلمين فليرد إلى زوجها الأول ما أنفق عليها
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله
عنه في قوله : يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات قال : هذا حكم حكمه
الله بين أهل الهدى وأهل الضلالة فامتحنوهن قال : كانت محنتهن أن يحلفن بالله ما
خرجن لنشوز ولا خرجن إلا حبا للإسلام وحرصا عليه فإذا فعلن ذلك قبل منهن وفي قوله
: واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا قال : كن إذا فررن من أصحاب النبي صلى
الله عليه و سلم إلى الكفار الذين بينهم وبين النبي صلى الله عليه و سلم عهد
فتزوجن بعثوا بمهورهن إلى أزواجهن من المسلمين وإذا فررن من المشركين الذين بينهم
وبين النبي صلى الله عليه و سلم عهد فنكحوهن بعثوا بمهورهن إلى أزواجهن من
المشركين فكان هذا بين أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم وبين أصحاب العهد من
الكفار وفي قوله : وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم يقول : إلى كفار
قريش ليس بينهم وبين أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم عهد يأخذونهم به فعاقبتم وهي
الغنيمة إذا غنموا بعد ذلك ثم نسخ هذا الحكم وهذا العهد في براءة فنبذ إلى كل ذي
عهد عهده
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : يا أيها الذين آمنوا إذا
جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن إلى قوله : عليم حكيم قال : كان امتحانهن أن
يشهدن أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فإذا علموا أن ذلك حق منهن لم
يرجعوهن إلى الكفار وأعطى بعلها في الكفار الذين عقد له رسول الله صلى الله عليه و
سلم صداقه الذي أصدقها وأحلهن للمؤمنين إذا آتوهن أجورهن ونهى المؤمنين أن يدعو
المهاجرات من أجل نسائهم في الكفار وكانت محنة النساء أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : قل لهن : إن رسول الله صلى الله عليه
و سلم بايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا وكانت هند بنت عتبة بن ربيعة التي شقت
بطن حمزة متنكرة في النساء فقالت : إني إن أتكلم يعرفني وإن عرفني قتلني وإنما
تنكرت
(8/134)
فرقا
من رسول الله صلى الله عليه و سلم فسكت النسوة التي مع هند وأبين أن يتكلمن فقالت
هند وهي متنكرة : كيف يقبل من النساء شيئا لم يقبله من الرجال ؟ فنظر إليها رسول
الله صلى الله عليه و سلم وقال لعمر رضي الله عنه : قل لهن : ولا يسرقن قالت هند :
والله إني لأصيب من أبي سفيان الهنة ما أدري أيحلهن أم لا ؟ قال أبو سفيان : ما
أصبت من شيء مضى أو قد بقي فهو لك حلال فضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم وعرفها
فدعاها فأتته فأخذت بيده فعاذت به فقال : أنت هند ؟ فقالت : عفا الله عما سلف فصرف
عنها رسول الله صلى الله عليه و سلم وفي قوله : وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى
الكفار فعاقبتم الآية يعني إن لحقت امرأة من المهاجرين بالكفار أمر رسول الله صلى
الله عليه و سلم أن يعطى من الغنيمة مثل ما أنفق
وأخرج ابن مردويه عن ابن شهاب رضي الله عنه قال : بلغنا أن الممتحنة أنزلت في
المدة التي ماد فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم كفار قريش من أجل العهد الذي
كان بين رسول الله صلى الله عليه و سلم وبين كفار قريش في المدة فكان يرد على كفار
قريش ما أنفقوا على نسائهم اللاتي يسلمن ويهاجرن وبعولتهن كفار ولو كانوا حربا
ليست بين رسول الله صلى الله عليه و سلم وبينهم مدة عهد لم يردوا إليهم شيئا مما
أنفقوا وقد حكم الله للمؤمنين على أهل المدة من الكفار بمثل ذلك الحكم قال الله :
ولا تمكسوا بعصم الكوافر واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا ذلكم حكم الله يحكم
بينكم والله عليم حكيم فطلق عمر بن الخطاب رضي الله عنه امرأته بنت أبي أمية بن
المغيرة من بني مخزوم فتزوجها معاوية بن أبي سفيان وبنت جرول من خزاعة فزوجها رسول
الله صلى الله عليه و سلم لأبي جهم بن حذيفة العدوي وجعل ذلك حكما حكم به بين
المؤمنين وبين المشركين في مدة العهد التي كانت بينهم فأقر المؤمنون بحكم الله
فأدوا ما أمروا به من نفقات المشركين التي أنفقوا على نسائهم وأبى المشركون أن
يقروا بحكم الله فيما فرض عليهم من أداء نفقات المسلمين فقال الله : وإن فاتكم شيء
من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا واتقوا
الله الذي أنتم به مؤمنون فإذا ذهبت بعد هذه الآية امرأة من أزواج المؤمنين إلى
المشركين رد المؤمنون إلى أزواجها النفقة التي أنفق عليها من العقب الذي بأيديهم
الذي أمروا أن يردوه إلى المشركين من نفقاتهم التي أنفقوا على أزواجهن اللاتي آمن
وهاجرن ثم ردوا إلى المشركين فضلا إن كان لهم
(8/135)
وأخرج
ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه ولا تمسكوا بعصم الكوافر قال :
الرجل تلحق امرأته بدار الحرب فلا يعتد بها من نسائه
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه مثله
وأخرج عبد بن حميد عن عامر الشعبي رضي الله عنه قال : كانت زينب امرأة ابن مسعود
رضي الله عنه من الذين قالوا له : واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه وإن فاتكم شيء من أزواجكم
إلى الكفار فعاقبتم إن امرأة من أهل مكة أتت المسلمين فعوضوا زوجها وإن امرأة من
المسلمين أتت المشركين فعوضوا زوجها وإن امرأة من المسلمين ذهبت إلى من ليس له عهد
من المشركين فعاقبتم فأصبتم غنيمة فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا يقول :
آتوا زوجها من الغنيمة مثل مهرها
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خرج سهيل بن عمرو فقال رجل من
أصحابه : يا رسول الله ألسنا على حق وهم على باطل ؟ قال : بلى قال : فما بال من
أسلم منهم رد إليهم ومن أتبعهم منا نرده إليهم ؟ قال : أما من أسلم منهم فعرف الله
منه الصدق أنجاه ومن رجع منا سلم الله منه قال : ونزلت سورة الممتحنة بعد ذلك
الصلح وكانت من أسلم من نسائهم فسئلت : ما أخرجك ؟ فإن كانت خرجت فرارا من زوجها
ورغبة عنه ردت وإن كانت خرجت رغبة في الإسلام أمسكت ورد على زوجها مثل ما أنفق
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي حبيب رضي الله عنه أنه بلغه أنه نزلت يا أيها
الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات الآية في امرأة أبي حسان بن الدحداحة وهي
أميمة بنت بسر امرأة من بني عمرو بن عوف وأن سهل بن حنيف تزوجها حين فرت إلى رسول
الله صلى الله عليه و سلم فولدت له عبد الله بن سهل
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه قال : كان بين رسول الله صلى الله عليه
و سلم وبين أهل مكة عهد شرط في أن يرد النساء فجاءت امرأة تمسى سعيدة وكانت تحت
صيفي بن الراهب وهو مشرك من أهل مكة وطلبوا ردها فأنزل الله إذا جاءكم المؤمنات
مهاجرات الآية
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر عن الزهري رضي الله
عنه قال : نزلت هذه الآية وهم بالحديبية لما جاء النساء أمره أن يرد
(8/136)
الصداق
إلى أزواجهن وحكم على المشركين مثل ذلك إذا جاءتهم امرأة من المسلمين إن يردوا
الصداق إلى زوجها فأما المؤمنون فأقروا بحكم الله وأما المشركون فأبوا أن يقروا
فأنزل الله وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار إلى قوله : مثل ما أنفقوا فأمر
المؤمنون إذا ذهبت امرأة من المسلمين ولها زوج من المسلمين أن يرد إليه المسلمون
صداق امرأته مما أمروا أن يردوا على المشركين
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه في قوله : إذا
جاءكم المؤمنات الآية قال : كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه و سلم عهد
وكانت المرأة إذا جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم امتحنوها ثم يردون على
زوجها ما أنفق عليها فإن لحقت امرأة من المسلمين بالمشركين فغنم المسلمون ردوا على
صاحبها ما أنفق عليها قال الشعبي : ما رضي المشركون بشيء ما رضوا بهذه الآية
وقالوا : هذا النصف
وأخرج ابن أبي أسامة والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه
بسند حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات
فامتحنوهن ولفظ ابن المنذر اأنه سئل بم كان النبي صلى الله عليه و سلم يمتحن
النساء ؟ قال : كانت المرأة إذا جاءت النبي صلى الله عليه و سلم حلفها عمر رضي
الله عنه بالله ما خرجت رغبة بأرض عن أرض وبالله ما خرجت من بغض زوج وبالله ما
خرجت التماس دنيا وبالله ما خرجت إلا حبا لله ورسوله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : يقال لها ما جاء بك
عشق رجل منا ولا فرار من زوجك ما خرجت إلا حبا لله ورسوله
وأخرج ابن منيع من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أسلم
عمر بن الخطاب وتأخرت امرأته في المشركين فأنزل الله ولا تمسكوا بعصم الكوافر
وأخرج الطبراني وأبو نعيم وابن عساكر عن يزيد بن الأخنس رضي الله عنه أنه لما أسلم
أسلم معه جميع أهله إلا امرأة واحدة أبت أن تسلم فأنزل الله ولا تمسكوا بعصم
الكوافر فقيل له : قد أنزل الله أنه فرق بينها وبين زوجها إلا أن تسلم فضرب لها
أجل سنة فلما مضت السنة إلا يوما جلست تنظر الشمس حتى إذا دنت للغروب أسلمت
(8/137)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن طلحة رضي الله عنه قال : لما نزلت ولا تمسكوا بعصم الكوافر طلقت
امرأتي أروى بنت ربيعة وطلق عمر قريبة بنت أبي أمية وأم كلثوم بنت جرول الخزاعيه
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه في قوله : ولا
تمسكوا بعصم الكوافر قال : نزلت في المرأة من المسلمين تلحق بالمشركين فتكفر فلا
يمسك زوجها بعصمتها قد برئ منها
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار قال :
نزلت في امرأة الحكم بنت أبي سفيان ارتدت فتزوجها رجل ثقفي ولم ترتد امرأة من قريش
غيرها فأسلمت مع ثقيف حين أسلموا
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر عن ابن جريج فامتحنوهن الآية قال : سألت عطاء
عن هذه الآية تعلمها ؟ قال : لا
الآية 12 - 13 أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري وابن ماجة وابن المنذر وابن
مردويه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يمتحن من هاجر إليه من
المؤمنات بهذه الآية يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك إلى قوله : غفور
رحيم فمن أقرت بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول الله : قد بايعنك كلاما ولا
والله ما مست يده يد امرأة قط في المبايعة ما بايعهن إلا بقوله : قد بايعنك على
ذلك
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن سعد وأحمد والترمذي وصححه
والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن أميمة بنت رقيقة قالت :
أتيت النبي صلى الله عليه و سلم في نساء لنابيعه فأخذ علينا ما في القرآن أن لا
(8/138)
نشرك
بالله شيئا حتى بلغ ولا يعصينك في معروف فقال : فيما استطعتن وأطقتن قلنا : الله
ورسوله أرحم بنا من أنفسنا يا رسول الله ألا تصافحنا قال : إني لا أصافح النساء
إنما قولي لمائة امرأة كقولي لامرأة واحدة وأخرج أحمد وابن مردويه عن عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده رضي الله قال : جاءت أميمة بنت رقيقة إلى رسول الله صلى الله عليه
و سلم تبايعه على الإسلام فقال : أبايعك على أن لا تشركي بالله شيئا ولا تسرقي ولا
تزني ولا تقتلي ولدك ولا تأتي بهتان تفترينه بين يديك ورجليك ولا تبرجي تبرج
الجاهلية الأولى
وأخرج ابن سعد وأحمد وابن مردويه عن سليمى بنت قيس رضي الله عنها قالت : جئت رسول
الله صلى الله عليه و سلم أبايعه على الإسلام في نسوة من الأنصار فلما شرط علينا
أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه
بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف ولا تغششن أزواجكن
فبايعناه ثم انصرفنا فقلت لامرأة : ارجعي فاسأليه ما غش أزواجنا ؟ فسألته فقال :
تأخذ ماله فتحابي غيره به
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه والبخاري ومسلم والنسائي وابن المنذر عن عبادة بن
الصامت قال : كنا عند النبي صلى الله عليه و سلم فقال : بايعوني على أن لا تشركوا
بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا وقرأ هكذا في الأصل ؟
" فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب في الدنيا فهو
كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فهو إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر
له "
وأخرج البخاري ومسلم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : شهدت الصلاة
يوم الفطر مع النبي صلى الله عليه و سلم فنزل فأقبل حتى أتى النساء فقال : يا أيها
النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين
حتى فرغ من الآية كلها ثم قال حين فرغ : أنتن على ذلك ؟ قالت امرأة : نعم وأخرج
ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه قال : أنزلت هذه الآية يوم الفتح فبايع رسول
الله صلى الله عليه و سلم الرجال على الصفا وعمر يبايع النساء تحتها عن رسول الله
صلى الله عليه و سلم
وأخرج أحمد وابن سعد وأبو داود وأبو يعلى وعبد بن حميد وابن مردويه والبيهقي في
الشعب عن إسمعيل بن عبد الرحمن بن عطية عن جدته أم عطية رضي الله عنها
(8/139)
قالت
: لما قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة جمع نساء الأنصار في بيت فأرسل
إليهن عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقام على الباب فسلم فقال : أنا رسول الله صلى
الله عليه و سلم إليكن تبايعن على أن لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن ولا تزنين
الآية
قلنا : نعم فمد يده من خارج البيت ومددنا أيدينا من داخل البيت
قال إسمعيل : فسألت جدتي عن قوله تعالى : ولا يعصينك في معروف قالت : نهانا عن
النياحة
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وأحمد وابن مردويه عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها
قالت : بايعت النبي صلى الله عليه و سلم في نسوة فقال : " إني لا أصافحكن
ولكن آخذ عليكن ما أخذ الله " وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد عن الشعبي رضي
الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبايع النساء ووضع على يده ثوبا
فلما كان بعد كان يخبر النساء فيقرأ عليهن هذه الآية يا أيها النبي إذا جاءك
المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن
أولادهن فإذا أقررن قال : قد بايعنكن حتى جاءت هند امرأة أبي سفيان فلما قال : ولا
يزنين قالت : أو تزني الحرة ؟ لقد كنا نستحي من ذلك في الجاهلية فكيف بالإسلام ؟
فقال : ولا يقتلن أولادهن قالت : أنت قتلت آباءهم وتوصينا بأبنائهم فضحك رسول الله
صلى الله عليه و سلم فقال : ولا يسرقن فقالت : يا رسول الله إني أصبت من مال أبي
سفيان فرخص لها
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال : قل لهن : إن رسول الله صلى الله
عليه و سلم يبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا وكانت هند متنكرة في النساء فقال
لعمر : قلن لهن ولا يسرقن قالت هند : والله إني لأصيب من مال أبي سفيان الهنة فقال
: ولا يزنين فقالت : وهل تزني الحرة ؟ فقال : ولا يقتلن أولادهن قالت هند : أنت
قتلتهم يوم بدر قال : ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في
معروف قال : منعهن أن ينحن وكان أهل الجاهلية يمزقن الثياب ويخدشن الوجوه ويقطعن
الشعور ويدعون بالويل والثبور
وأخرج الحاكم وصححه عن فاطمة بنت عتبة أن أخاها أبا حذيفة أتى بها وبهند بنت عتبة
رسول الله صلى الله عليه و سلم تبايعه فقالت : أخذ علينا بشرط فقلت له : يا ابن عم
وهل علمت في قومك من هذه الصفات شيئا قال أبو حذيفة : أيها فبايعيه
(8/140)
فإن
بهذا يبايع وهكذا يشترط فقالت هند : لا أبايعك على السرقة فإني أسرق من مال زوجي فكف
النبي صلى الله عليه و سلم يده وكفت يدها حتى أرسل إلى أبي سفيان فتحلل لها منه
فقال أبو سفيان : أما الرطب فنعم وأما اليابس فلا ولا نعمة
قالت : فبايعناه
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله : ولا يأتين ببهتان
يفترينه قال : كانت الحرة يولد لها الجارية فتجعل مكانها غلاما
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق علي
ابن عباس رضي الله عنهما ولا يأتين ببهتان يفترينه قال : لا يلحقن بأزواجهن غير
أولادهن ولا يعصينك في معروف قال : إنما هو شرط شرطه الله للنساء
وأخرج ابن سعد وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أم سلمة الأنصارية قالت : قالت امرأة من النسوة ما
هذا المعروف الذي لا ينبغي لنا أن نعصيك فيه ؟ قال : " لا تنحن " قلت يا
رسول الله : إن بني فلان أسعدوني على عمي ولا بد لي من قضائهن فأبى علي فعاودته
مرارا فأذن لي في قضائهن فلم أنح بعد ولم يبق منا امرأة إلا وقد ناحت غيري
وأخرج سعيد بن منصور وابن منيع وابن سعد وابن مردويه عن أبي المليح قال : جاءت
امرأة من الأنصار تبايع النبي صلى الله عليه و سلم فلما شرط عليها أن لا تشركن
بالله شيئا ولا تسرقن ولا تزنين أقرت فلما قال : ولا يعصينك في معروف قال : أن لا
تنوحي فقالت : يا رسول الله إن فلانه أسعدتني أفأسعدها ثم لا أعود ؟ فلم يرخص لها
مرسل حسن الإسناد
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن سعد وابن مردويه بسند جيد عن مصعب بن نوح الأنصاري
قال : أدركت عجوزا لنا كانت فيمن بايع النبي صلى الله عليه و سلم قالت : أخذ علينا
فيما أخذ أن لا تنحن وقال : هو المعروف الذي قال الله : ولا يعصينك في معروف فقلت
يا نبي الله : إن أناسا قد كانوا أسعدوني على مصائب أصابتني وإنهم قد أصابتهم
مصيبة وأنا أريد أن أسعدهم
قال : انطلقي فكافئيهم ثم إنها أتت فبايعته
(8/141)
وأخرج
ابن سعد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أسيد بن أبي أسيد البراد عن امرأة من
المبايعات قال : كان فيما أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن لا نعصيه
فيه من المعروف وأن لا نخمش وجها ولا نشق جيبا ولا ندعو ويلا
وأخرج ابن أبي حاتم في قوله : ولا يعصينك في معروف قال : لا يشققن جيوبهن ولا
يصككن خدودهن
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن سالم بن أبي الجعد في قوله : ولا يعصينك في
كعروف قال : النوح
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أبي العالية ولا يعصينك في معروف قال : النوح
قال فكل شيء وافق لله طاعة فلم يرض لنبيه أن يطاع في معصية الله
وأخرج عبد بن حميد عن أبي هاشم الواسطي ولا يعصينك في معروف قال : لا يدعون ويلا
ولا يشققن جيبا ولا يحلقن رأسا
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد عن بكر بن عبد الله المزني قال : أخذ رسول الله صلى
الله عليه و سلم على النساء في البيعة أن لا يشققن جيبا ولا يخمشن وجها ولا يدعون
ويلا ولا يقلن هجرا
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن عائشة بنت قدامة بن مظعون قالت : كنت مع أمي رائطة
بنت سفيان والنبي صلى الله عليه و سلم يبايع النسوة ويقول : " أبايعكن على أن
لا تشركن بالله شيئا ولا تسرقن ولا تزنين ولا تقتلن أولادكن ولا تأتين ببهتان
تفترينه بين أيديكن وأرجلكن ولا تعصين في معروف " فأطرقن قالت : وأنا أسمع
أمي وأمي تلقنني تقول : أي بنية قولي نعم فيما استطعت فكنت أقول كما يقلن
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وأحمد وابن مردويه عن أنس قال : أخذ النبي صلى الله
عليه و سلم على النساء حين بايعهن أن لا ينحن فقلن : يا رسول الله إن نساء أسعدتنا
في الجاهلية أفتسعدهن في الإسلام ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " لا
إسعاد في الإسلام ولا شطار ولا عقر في الإسلام ولا خبب ولا جنب ومن انتهب فليس منا
"
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله في قوله : يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم
المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن قال : كيف يمتحن فأنزل الله يا أيها النبي إذا جاءك
المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا الآية
(8/142)
وأخرج
ابن سعد وابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : كان رسول الله صلى الله
عليه و سلم إذا بايع النساء دعا بقدح من ماء فغمس يده فيه ثم يغمس أيديهن فكانت
هذه بيعته
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه عن أم عطية قالت : لما
نزلت إذا جاءك المؤمنات يبايعنك إلى قوله : ولا يعصينك في معروف فبايعهن قالت :
كان منه النياحة يا رسول الله إلا آل فلان فإنهم كانوا قد أسعدوني في الجاهلية فلا
بد لي من أن أسعدهم قال : لا آل فلان
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن مردويه عن أم عطية قالت : أخذ علينا في
البيعة أن لاننوح فما وفى منا إلا خمسة أم سليم وأم العلاء وابن أبي سبرة امرأة
أبي معاذ أو قال : بنت أبي سبرة وامرأة معاذ وامرأة أخرى
وأخرج البخاري ومسلم وابن مردويه عن أم عطية
قالت : بايعنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقرأ علينا أن لا تشركن بالله شيئا
ونهانا عن النياحة فقبضت منا امرأة يدها فقالت يا رسول الله : إن فلانة أسعدتني
وأنا أريد أن أجزيها فلم يقل لها شيئا فذهبت ثم رجعت قالت : فما وفت منا امرأة إلا
أم سليم وأم العلاء وبنت أبي سبرة امرأة معاذ أو بنت أبي سبرة وامرأة معاذ
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله في قوله : ولا يعصينك في معروف قال : اشترط
عليهن أن لا ينحن
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال : كان فيما أخذ على النساء من المعروف أن لا ينحن
فقالت امرأة : لا بد من النوح فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن
كنتن لا بد فاعلات فلا تخمشن وجها ولا تخرقن ثوبا ولا تحلقن شعرا ولا تدعون بالويل
ولا تقلن هجرا ولا تقلن إلا حقا
وأخرج ابن سعد عن عاصم بن عمرو بن قتادة رضي الله عنه قال : أول من بايع النبي صلى
الله عليه و سلم أم سعد بن معاذ كبشة بنت رافع وأم عامر بنت يزيد بن السكن وحواء
بنت يزيد بن السكن
وأخرج ابن أبي شيبة عن يزيد بن أسلم رضي الله عنه ولا يعصينك في معروف قال : لا
يشققن جيبا ولا يخمش وجها ولا ينشرن شعرا ولا يدعون ويلا
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن
النوح
(8/143)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
إنما نهيت عن النوح "
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي رضي الله عنه قال : لعنت النائحة والممسكة
وأخرج ابن مردويه عن أم عفيف قالت : أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم حين
بايع النساء أن لا نحدث الرجال إلا محرما
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال : كان فيما أخذ عليهن أن لا
يخلون بالرجال إلا أن يكون محرما وإن الرجل قد تلاطفه المرأة فيمذي في فخذيه
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ولا يعصينك في معروف
قال : أخذ عليهن أن لا ينحن ولا يحدثن الرجال فقال عبد الرحمن بن عوف : إن لنا
أضيفا وأنا نغيب عن نسائنا فقال : ليس أولئك عنيت
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن أم عطية رضي الله عنها قالت : كان فيما أخذ عليهن
أن لا يخلون بالرجال إلا أن يكون محرما فإن الرجل قد يلاطف المرأة فيمذي في فخذيه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية
إذا جاءك المؤمنات يبايعنك قال : فإن المعروف الذي لا يعصي فيه أن لا يخلو الرجل
والمرأة وحدانا وأن لا ينحن نوح الجاهلية
قال : فقالت خولة بنت حكيم الأنصارية : يا رسول الله إن فلانة أسعدتني وقد مات
أخوها فأنا أريد أن أجزيها
قال : فاذهبي فاجزيها ثم تعالي فبايعي
وأخرجه ابن جرير وابن مردويه عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما موصولا والله
أعلم
وأخرج ابن إسحق وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان عبد الله بن عمر
وزيد بن الحارث يوادان رجالا من يهود فأنزل الله : يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا
قوما غضب الله عليهم الآية
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه في
قوله : يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم قد يئسوا من الآخرة قال
: فلا يؤمنون بها ولا يرجونها
(8/144)
بسم
الله الرحمن الرحيم
61
- سورة الصف
مدنية وآياتها أربع عشرة
الآية 1 - 9
(8/145)
أخرج
عبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عباس قال : قال ناس : لو نعلم أحب الأعمال إلى
الله لفعلناه فأخبرهم الله فقال : إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم
بينان مرصوص فكرهوا ذلك فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون
كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال :
كانوا يقولون : والله لو نعلم ما أحب الأعمال إلى الله فنزلت يا أيها الذين آمنوا
لم تقولون ما لا تفعلون إلى قوله : بنيان مرصوص فدلهم على أحب الأعمال إليه
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قالوا : لو كنا نعلم أي الأعمال أحب إلى الله
فنزلت يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون إلى قوله : بنيان مرصوص
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن عساكر عن مجاهد في قوله : يا أيها لذين آمنوا
لم تقولون ما لا تفعلون إلى قوله : بنيان مرصوص قال : نزلت في نفر من الأنصار منهم
عبد الله بن رواحة قالوا في مجلس لهم : لو نعلم أي عمل أحب إلى الله لعملناه حتى
نموت فأنزل الله هذا فيهم فقال ابن رواحة : لا أبرح حبيسا في سبيل الله حتى أموت
شهيدا فقتل شهيدا
وأخرج مالك في تفسيره عن زيد بن أسلم قال : نزلت هذه الآية في نفر من الأنصار فيهم
عبد الله بن رواحة قالوا في مجلس : لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله لعملنا به حتى
نموت فأنزل الله هذه فيهم فقال ابن رواحة : لا أبرح حبيسا في سبيل الله حتى أموت
شهيدا
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال : قال المؤمنون : لو نعلم أحب الأعمال إلى الله
لعملناه فدلهم على أحب الأعمال إليه فقال : إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله
صفا فبين لهم فابتلوا يوم أحد بذلك فولوا عن النبي صلى الله عليه و سلم مدبرين
فأنزل الله في ذلك يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي صالح قال : قال المسلمون : لو
أمرنا بشيء نفعله فنزلت يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون قال : بلغني
أنها نزلت في الجهاد كان الرجل يقول : قاتلت وفعلت ولم يكن فعل فوعظهم الله في ذلك
أشد الموعظة
(8/146)
وأخرج
ابن مردويه عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يبعث السرية فإذا
رجعوا كانوا يزيدون في الفعل ويقولون قاتلنا كذا وفعلنا كذا فأنزل الله الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ميمون بن مهران قال : إن القاص ينتظر المقت فقيل
له أرأيت قول الله : يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند
الله أن تقولوا ما لا تفعلون أهو الرجل يقرظ نفسه فيقول : فعلت كذا وكذا من الخير
أم هو الرجل يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر وإن كان فيه تقصير فقال : كلاهما ممقوت
وأخرج عبد بن حميد عن أبي خالد الوالبي قال : جلسنا إلى خباب فسكت فقلنا : ألا
تحدثنا فإنما جلسنا إليك لذلك ؟ فقال : أتأمروني أن أقول ما لا أفعل
قوله تعالى : إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا الآيات
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : كأنهم بينان مرصوص قال :
مثبت لا يزول ملصق بعضه ببعض
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا
الآية قال : ألم تروا إلى صاحب البناء كيف لا يحب أن يختلف بينانه فكذلك الله لا
يحب أن يختلف أمره وإن الله وصف المسلمين في قتالهم وصفهم في صلاتهم فعليكم بأمر
الله فإنه عصمة لمن أخذ به
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا
أقيمت الصلاة يمسح مناكبنا وصدورنا ويقول : " لا تختلفوا فتختلف قلوبكم إن
الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول وصلوا المناكب بالمناكب والأقدام بالأقدام
فإن الله يحب في الصلاة ما يحب في القتال صفا كأنهم بنيان مرصوص "
وأخرج أحمد وابن ماجة والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي سعيد عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : " ثلاثة يضحك الله إليهم : القوم إذا اصطفوا للصلاة والقوم
إذا اصطفوا لقتال المشركين ورجل يقوم إلى الصلاة في جوف الليل "
قوله تعالى : وإذا قال عيسى ابن مريم الآية
أخرج ابن مردويه عن العرياض بن سارية : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" إني
(8/147)
عبد
الله في أم الكتاب وخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته وسوف أنبئكم بتأويل ذلك
أنا دعوة إبراهيم وبشارة عيسى قومه ورؤيا أمي التي رأت أنه خرج منها نور أضاء له
قصور الشام "
وأخرج ابن مردويه عن أبي موسى قال : أمرنا النبي صلى الله عليه و سلم أن ننطلق مع
جعفر بن أبي طالب إلى أرض النجاشي قال : ما منعك أن تسجد لي ؟ قلت : لا نسجد إلا
لله قال : وما ذاك ؟ قلت : إن الله بعث فينا رسوله وهو الرسول الذي بشر به عيسى بن
مريم برسول يأتي من بعد اسمه أحمد فأمرنا أن نعبد الله ولا نشرك به شيئا
وأخرج مالك والبخاري ومسلم والدرامي والترمذي والنسائي عن جبير بن مطعم قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن لي خمسة أسماء : أنا محمد وأنا أحمد
وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا
العاقب والعاقب الذي ليس بعده نبي "
وأخرج الطيالس وابن مردويه عن جبير بن مطعم سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول :
" أنا محمد وأنا أحمد والحاشر ونبي التوبة ونبي الملحمة "
وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " أعطيت
ما لم يعط أحد من أنبياء الله " قلنا يا رسول الله ما هو ؟ قال : " نصرت
بالرعب وأعطيت مفاتيح الأرض وسميت أحمد وجعل لي تراب الأرض طهورا وجعلت أمتي خير
الأمم "
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : فلما جاءهم بالبينات قال : محمد وفي قوله :
يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم قال : بألسنتهم
وأخرج عبد بن حميد عن مسروق أنه كان يقرأ التي في المائدة وفي الصف وفي يونس
" ساحر "
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ هذا سحر مبين بغير ألف وقرأ والله متم نوره
بتنوين متم وبنصب نوره
الآية 10 - 14
(8/148)
أخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة
الآية قال : لما نزلت قال المسلمون : لو علمنا ما هذه التجارة لأعطينا فيها
الأموال والأهلين فبين لهم التجارة فقال : تؤمنون بالله ورسوله
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة يا أيها الذين آمنوا هل أدلكم على تجارة الآية قال :
فلولا أن الله بينها ودل عليها للهف الرجال أن يكونوا يعلمونها حتى يطلبوها ثم
دلهم الله عليها فقال : تؤمنون بالله ورسوله الآية
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ على تجارة تنجيكم خفيفة
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا كونوا أنصار الله
أخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ كونوا أنصار الله مضاف
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة في قوله : يا أيها الذين
آمنوا كونوا أنصار الله قال : قد كان ذلك ببحمد الله جاءه سبعون رجلا فبايعوه عند
العقبة فنصروه وآووه حتى أظهر الله دينه ولم يسم حي من السماء قط باسم لم يكن لهم
قبل ذلك غيرهم وذكر لنا أن بعضهم قال : هل تدرون ما تبايعون هذا الرجل ؟ إنكم
تبايعونه على محاربة العرب كلها أو يسلموا وذكر لنا أن رجلا قال : يا نبي الله
اشترط لبرك ولنفسك ما شئت فقال : أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأشترط
لنفسي أن تمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأبناءكم قالوا : فإذا فعلنا ذلك فما لنا
يا نبي الله ؟ قال : " لكم النصر في الدنيا والجنة في الآخرة " ففعلوا
ففعل الله
قال : والحواريون كلهم من قريش أبو بكر وعمر وعلي وحمزة
(8/149)
وجعفر
وأبو عبيدة بن الجراح وعثمان بن مظعون وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعثمان
بن عفان وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام
وأخرج ابن إسحق وابن سعد عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم للنفر الذين لا قوه بالعقبة : " اخرجوا إلي
اثني عشر رجلا منكم يكونوا كفلاء على قومهم كما كفلت الحواريون لعيسى بن مريم
" وأخرج ابن سعد عن محمد بن لبيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
للنقباء : " أنتم كفلاء على قومكم ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم أنا كفيل
قومي " قالوا : نعم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : من أنصاري إلى الله قال : من
يتبعني إلى الله وفي قوله : فأصبحوا ظاهرين قال : من آمن مع عيسى من قومه وأخرج
ابن مردويه عن ابن عباس فأيدنا الذين آمنوا قال : فقوينا الذين آمنوا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم النخعي فأصبحوا ظاهرين قال : أصبحت حجة
من آمن بعيسى ظاهرة بتصديق محمد أن عيسى كلمة الله وروحه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس فأيدنا الذين آمنوا بمحمد صلى الله عليه و سلم
فأصبحوا اليوم ظاهرين والله أعلم
(8/150)
62
- سورة الجمعة
مدنية وآياتها إحدى عشرة أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل
عن ابن عباس قال : نزلت سورة الجمعة بالمدينة
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : نزلت سورة الجمعة بالمدينة
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة :
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ بسورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن ابن عباس أن النبي
صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في الجمعة بسورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون
وأخرج البغوى في معجمه عن أبي عنبة الخولاني عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان
يقرأ في يوم الجمعة بالسورة التي يذكر فيها الجمعة وإذا جاءك المنافقون
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله وأبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم
صلى بهم يوم الجمعة فقرأ بسورة الجمعة يحرض المؤمنين وإذا جاءك المنافقون يوبخ بها
المنافقين
وأخرج ابن حباي والبيهقي في سننه عن جابر بن سمرة قال : كان رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقرأ في صلاة المغرب ليلة الجمعة قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد
وكان يقرأ في صلاة العشاء الأخيرة ليلة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين
(8/151)
بسم
الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 4 أخرج ابن المنذر والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن عطاء بن السائب
عن ميسرة أن هذه الآية مكتوبة في التوراة بسبعمائة آية يسبح لله ما في السموات وما
في الأرض الملك القدوس العزيز الحكيم أول سورة الجمعة
قوله تعالى : هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم الآية
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : هو الذي
بعث في الأميين رسولا منهم الآية قال : كان هذا الحي من العرب أمة أمية ليس فيها
كتاب يقرأونه فبعث الله فيهم محمدا رحمة وهدى يهديهم به
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن المنذر وابن مردويه عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : " إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب "
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله : هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم قال : هو
محمد صلى الله عليه و سلم يتلو عليهم آياته قال : القرآن وإن كانوا من قبل لفي
ضلال مبين قال : هو الشرك
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله : هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم قال : العرب وآخرين
منهم لم يلحقوا بهم قال : العجم
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن
مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن أبي هريرة قال : كنا جلوسا عند النبي
صلى الله عليه و سلم حين أنزلت سورة الجمعة فتلاها فلما بلغ وآخرين منهم لما
يلحقوا بهم قال له رجل : يا رسول الله من هؤلاء الذين لم يلحقوا بنا ؟ فوضع يده
على
(8/152)
رأس
سلمان الفارسي وقال : " والذي نفسي بيده لو كان الإيمان بالثريا لناله رجال
من هؤلاء "
وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن قيس بن سعد بن عبادة أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : " لو أن الإيمان بالثريا لناله رجال من أهل فارس "
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن سهل بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إن في أصلاب أصلاب أصلاب رجال من أصحابي رجالا ونساء يدخلون الجنة
بغير حساب " ثم قرأ وآخرين منهم لما يلحقو بهم وهو العزيز الحكيم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : وآخرين منهم لما يلحقوا بهم قال
: من ردف الإسلام من الناس كلهم
وأخرج عبد الزراق وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في قوله : وآخرين منهم لما
يلحقوا بهم قال : هم التابعون
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله : وآخرين منهم لم يلحقوا بهم قال : هم
التابعون
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله : وآخرين منهم لما يلحقوا بهم يعني من أسلم من
الناس وعمل صالحا من عربي وعجمي إلى يوم القيامة
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء قال : الدين
الآية 5 - 8 أخرج عبد بن حميد وابن المنذر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس
مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها قال : اليهود
(8/153)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها قال :
أمرهم أن يأخذوا بما فيها فلم يعملوا به
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله : مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل
الحمار يحمل أسفارا قال : كتبا لا يدري ما فيها ولا يدري ما هي يضرب الله لهذه
الأمة أي وأنتم إن لم تعملوا بهذا الكتاب كان مثلكم كمثلهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : يحمل أسفارا قال : كتبا لا يعلم
ما فيها ولا يعقلها
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة كمثل الحمار يحمل أسفارا قال : يحمل كتبا على ظهره لا
يدري ماذا عليه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : أسفارا قال : كتبا
وأخرج الخطيب عن عطاء بن أبي رباح مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : أسفارا قال : كتبا والكتاب بالنبطية يسمى
سفرا
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفارا والذي يقول
له أنصت ليست له جمعة "
الآية 9 - 11 أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : إن زعمتم أنكم أولياء لله
قالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه وفي قوله : ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم قال
: عرفوا أن محمدا نبي الله فكتموه وقالوا : نحن أبناء الله وأحباؤه
(8/154)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة ولا يتمنونه أبدا بما قدمت أيديهم قال : إن سوء
العمل يكره الموت شديدا
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن معمر قال : تلا قتادة ثم تردون إلى عالم الغيب
والشهادة قال : إن الله أذل ابن آدم بالموت لا أعلمه إلا رفعه
قوله تعالى : أيا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة الآية
أخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قلت يا نبي الله لأي شيء سمي
يوم الجمعة ؟ قال : " لأن فيها جمعت طينة أبيكم آدم وفيها الصعقة والبعثة وفي
آخر ثلاث ساعات منها ساعة من دعا فيها بدعوة استجاب له "
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والنسائي وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن سلمان
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أتدري ما يوم الجمعة ؟ "
قال : الله ورسوله أعلم
قالها ثلاث مرات ثم قال : " في الثالثة هو اليوم الذي جمع فيه أبوكم آدم أفلا
أحدثكم عن يوم الجمعة لا يتطهر رجل فيحسن طهوره ويلبس أحسن ثيابه ويصيب من طيب
أهله إن كان لهم طيب وإلا فالماء ثم يأتي المسجد فيجلس وينصت حتى يقضي الإمام
صلاته إلا كانت كفارة ما بين الجمعة ما اجتنيت الكبائر وذلك الدهر كله "
وأخرج مسلم والترمذي وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه أدخل الجنة
وفيه أخرج منها ولا تقوم الساعة إلا يوم الجمعة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن ماجة وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن أبي
لبابة بن عبد المنذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يوم الجمعة
سيد الأيام وأعظمها عند الله وأعظم عند الله من يوم الفطر ويوم الأضحى وفيه خمس
خصار : خلق الله فيه آدم وأهبطه فيه إلى الأرض وفيه توفي الله آدم وفيه ساعة لا
يسأل العبد فيها شيئا إلا أعطاه الله ما لم يسأل حراما وفيه تقوم الساعة ما من ملك
ولا أرض ولا سماء ولا رياح ولا جبال ولا بحر إلا وهن يشفقن من يوم الجمعة أن تقوم
فيه الساعة " وأخرج أحمد وابن مردويه عن سعد بن عبادة أن رجلا من الأنصار أتى
رسول االله صلى الله عليه و سلم فقال : أخبرنا عن يوم الجمعة ماذا فيه من الخير ؟
قال : " فيه خمس
(8/155)
خصال
: فيه خلق آدم وفيه أهبط آدم وفيه توفى الله آدم وفيه ساعة لا يسأل الله شيئا إلا
آتاه إياه ما لم يسأل مأثما أو قطيعة رحم وفيه تقوم الساعة ما من ملك مقرب ولا
سماء ولا أرض ولا جبل ولا ريح إلا يشفقن من يوم الجمعة "
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة قال : سمعت أبا القاسم صلى الله عليه و
سلم يقول : " في سبعة أيام يوم اختاره الله على الأيام كلها يوم الجمعة فيه
خلق الله السموات والأرض وفيه قضى الله خلقهن وفيه خلق الله الجنة والنار وفيه خلق
آدم وفيه أهبطه من الجنة وتاب عليه وفيه تقوم الساعة ليس شيء من خلق إلا وهو يفزع
من ذلك اليوم شفقة أن تقوم الساعة إلا الجن والإنس "
وأخرج ابن مردويه عن كعب الأحبار قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن الله يبعث الأيام يوم القيامة على هيئآتها ويبعث الجمعة زهراء منيرة
لأهلها يحفون بها كالعروس يهدي إلى كريمها تضيء لهم يمشون في ضوئها ألوانها كالثلج
بياضهم رياحهم تسطع كالمسك يخوضون في جبال الكافور ينظر إليهم الثقلان ما يطرفون
تعجبا حتى يدخلوا الجنة لا يخالطهم أحد إلا المؤذنون المحتسبون "
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" سيد الأيام يوم الجمعة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة والدارمي وابن خزيمة وابن
حبان والحاكم عن أوس بن أوس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن من
أفضل أيامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه النفخة وفيه الصعقة "
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : لم تطلع الشمس في يوم هو أعظم من يوم الجمعة إنها
إذا طلعت فزع لها كل شيء إلا الثقلان اللذان عليهما الحساب والعذاب
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : إن يوم الجمعة لتفزع له الخلائق إلا الجن والإنس
وأنه ليضاعف فيه الحسنة والسيئة وإنه ليوم القيامة
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : الحسنة تضاعف يوم الجمعة
وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عمر قال : نزل جبريل إلى النبي صلى الله عليه و سلم
وفي يده شبه مرآة فيها نكتة سوداء فقال يا جبريل : ما هذه ؟ قال : هذه الجمعة
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
أتاني جبريل وفي يده كالمرآة البيضاء فيها كالنكتة السوداء فقلت يا جبريل : ما هذه
؟ قال : هذه
(8/156)
الجمعة
قلت وما الجمعة ؟ قال : لكم فيه خير قلت : وما لنا فيها ؟ قال : تكون عيدا لك
ولقومك من بعدك وتكون اليهود والنصارى تبعا لك
قلت : وما لنا فيها ؟ قال : لكم فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله فيها
شيئا من الدنيا والآخرة هو لكم قسم إلا أعطاه إياه وليس له قسم إلا ادخر له عنده
ما هو أفضل منه أو يتعوذ به من شر هو عليه مكتوب إلا صرف عنه من البلاء ما هو أعظم
منه قلت له : وما هذه النكتة فيها ؟ قال : هي الساعة وهي تقوم يوم الجمعة وهو
عندنا سيد الأيام ونحن ندعوه يوم القيامة يوم المزيد قلت : مم ذاك ؟ قال : لأن ربك
اتخذ في الجنة واديا من مسك أبيض فإذا كان يوم القيامة هبط من عليين على كرسيه ثم
حف الكرسي بمنابر من ذهب مكللة بالجوهر ثم يجيء النبيون حتى يجلسوا عليها وينزل
أهل الغرف حتى يجلسوا على ذلك الكثيب ثم يتجلى لهم ربهم تبارك وتعالى ثم يقول :
سلوني أعطكم فيسألونه الرضا فيقول : رضاي أحلكم داري وأنا لكم كريم متى تسألوني
أعطكم فيسألونه الرضا فيشهدهم أني قد رضيت عنهم فيفتح لهم ما لم تر عين ولم تسمع
أذن ولم يخطر على قلب بشر وذلكم مقدار انصرافكم من يوم الجمعة ثم يرتفع ويرتفع معه
النبيون والصديقون والشهداء ويرجع أهل الغرف إلى غرفهم وهي درة بيضاء ليس فيها وصم
ولا فصم أو درة حمراء أو زبرجدة خضراء فيها غرفها وأبوابها مطروزة وفيها أنهارها
وثمارها متدلية قال : فليسوا إلى شيء أحوج منهم إلى يوم الجمعة ليزدادوا إلى ربهم
نظرا وليزدادوا منه كرامة "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن في الجمعة لساعة ما دعا الله فيها عبد مسلم بشيء إلا استجاب له "
وأخرج ابن أبي شيبة عن كثير بن عبد الله المزني عن أبيه عن جده سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : " في الجمعة ساعة من النهار لا يسأل العبد فيها شيئا
إلا أعطي سؤله قيل : أي ساعة هي ؟ قال : هي أن تقام الصلاة إلى الإنصراف فيها
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة رضي الله عنها قالت : إن يوم الجمعة مثل يوم عرفة
تفتح فيه أبواب الرحمة وفيه ساعة لا يسأل الله العبد شيئا إلا أعطاه قيل وأي ساعة
؟ قال : إذا أذن المؤذن لصلاة الغداة
وأخرج ابن أبي شيبة من وجه آخر عن عائشة رضي الله عنها قالت : إن يوم
(8/157)
الجمعة
مثل يوم عرفة وإن فيه لساعة تفتح أبواب الرحمة فقيل : أي ساعة ؟ قالت : حين ينادي
بالصلاة
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق عطاء عن ابن عباس وأبي هريرة رضي الله عنهم قالا :
الساعة التي تذكر في الجمعة قال : فقلت : هي الساعة اختار الله لها أوفى فيها
الصلاة قال : فمسح رأسي وبرك علي وأعجبه ما قلت
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي أمامة قال : إني لأرجو أن تكون الساعة التي في الجمعة
إحدى هذه الساعات إذا أذن المؤذن أو جلس الإمام على المنبر أو عند الإقامة
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه قال : هي عند زوال الشمس
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : هي ما بين أن يحرم البيع إلى أن يحل
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي بردة قال : إن الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم
الجمعة حين يقوم الإمام في الصلاة حتى ينصرف منها
وأخرج ابن أبي شيبة عن عوف بن حصيرة في الساعة التي ترجى في الجمعة ما بين خروج
الإمام إلى أن تقضى الصلاة
وأخرج ابن أبي شيبة عن طاووس قال : إن الساعة التي ترجى في الجمعة بعد العصر
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : هي بعد العصر
وأخرج ابن أبي شيبة عن هلال بن يسار قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن في الجمعة لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه
فقال رجل : يا رسول الله ماذا أسأله ؟ قال : سل الله العافية في الدنيا والآخرة
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا يغتسل رجل يوم
الجمعة ويتطهر بما استطاع من طهوره وادهن من دهنه أو مس طيبا من بيته ثم راح فلم
يفرق بين اثنين ثم صلى ما كتب الله له ثم أنصت إذا تكلم الإمام إلا غفر لهما بينه
إلى الجمعة الأخرى "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن السائب بن يزيد قال : كان النداء
الذي ذكر الله في القرآن يوم الجمعة في زمن رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبي
بكر وعمر وعامة خلافة عثمان أن ينادي المنادي إذا جلس الإمام على المنبر فلما
تباعدت
(8/158)
المساكن
وكثر الناس أحدث النداء الأول فلم يعب الناس ذلك عليه وقد عابوا عليه حين أتم
الصلاة بمنى قال : فكنا في زمان عمر نصلي فإذا خرج عمر وجلس على المنبر قطعنا
الصلاة وتحدثنا فربما أقبل عمر على بعض من يليه فسألهم عن سوقهم وقد أمهم والمؤذن
يؤذن فإذا سكت المؤذن قام عمر فتكلم ولم يتكلم حتى يفرغ من خطبته
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة قال : هو الوقت
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة قال : النداء عند الذكر
عزمة
وأخرج أبو الشيخ في كتاب الأذان عن ابن عباس قال : الأذان نزل على رسول الله صلى
الله عليه و سلم مع فرض الصلاة يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة
فاسعوا إلى ذكر الله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن سيرين قال : جمع أهل المدينة
قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه و سلم وقبل أن تنزل الجمعة قالت الأنصار : لليهود
يوم تجمعون فيه كل سبعة أيام والنصارى مثل ذلك فهلم فلنجعل يوما نجتمع فيه فنذكر
الله ونشكره فقالوا : يوم السبت لليهود ويوم الأحد لليصارى فاجعلوه يوم العروبة
وكانوا يسمون الجمعة يوم العروبة فاجتمعوا إلى أسعد بن زرارة فصلى بهم يومئذ
ركعتين وذكرهم فسموه الجمعة حين اجتمعوا إليه فذبح لهم شاة فتغدوا وتعشوا منها
وذلك لقلتهم فأنزل الله في ذلك بعد يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم
الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله الآية
وأخرج الدارقطنى عن ابن عباس قال : أذن النبي صلى الله عليه و سلم الجمعة قبل أن
يهاجر ولم يستطع أن يجمع بمكة فكتب إلى مصعب بن عمير " أما بعد فأنظر اليوم
الذي تجهر فيه اليهود بالزبور فأجمعوا نسائكم وأبناءكم فإذا مال النهار عن شطره
عند الزوال من يوم الجمعة فتقربوا إلى الله بركعتين " قال : فهو أول من جمع
حتى قدم النبي صلى الله عليه و سلم المدينة فجمع بعد الزوال من الظهر وأظهر ذلك
وأخرج أبو داود وابن ماجة وابن حبان والبيهقي عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن
أباه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم على أسعد بن زرارة فقلت له يا
(8/159)
أبتاه
أرأيت اسغفارك لأسعد بن زرارة كلما سمعت الآذان للجمعة ما هو ؟ قال : إنه أو من
جمع بنا في نقيع يقال له نقيع الخضمات من حرة بني بياضة
قلت : كم كنتم يومئذ ؟ قال : أربعون رجلا
وأخرج الطبراني عن أبي مسعود الأنصاري قال : أول من قدم من المهاجرين المدينة مصعب
بن عمير وهو أول من جمع بها يوم الجمعة بهم قبل أن يقدم رسول الله صلى الله عليه و
سلم وهم اثنا عشر رجلا
وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن ابن شهاب قال : ركب رسول الله صلى الله
عليه و سلم يوم الجمعة من قباء فمر على بني سالم فصلى فيهم الجمعة ببني سالم وهو
المسجد الذي في بطن الوادي وكانت أول جمعة صلاها رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن ماجة عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خطب فقال : " إن
الله افترض عليكم الجمعة في مقامي هذا في يومي هذا في شهري هذا في عامي هذا إلى
يوم القيامة فمن تركها استخفافا بها أو جحودا لها فلا جمع الله له شمله ولا بارك
له في أمره ألا ولا صلاة له ولا زكاة له ولا حج له ولا صوم له ولا بركة له حتى
يتوب فمن تاب تاب الله عليه
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر وابن عباس قالا : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم وهو على أعواد المنبر : " لينتهين أقوام عن ترك الجمعة والجماعات أو
ليطمسن الله على قلوبهم وليكتبن من الغافلين "
وأخرج ابن أبي شيبة عن سمرة بن جندب مرفوعا " من ترك الجمعة من غير عذر طمس
على قلبه "
وأخرج أحمد والحاكم عن أبي قتادة مرفوعا " من ترك الجمعة ثلاث مرات من غير
ضرورة طبع الله على قلبه "
وأخرج النسائي وابن ماجة وابن خزيمة من حديث جابر مثله
وأخرج أحمد وابن حبان عن أبي الجعد الضمري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من ترك الجمعة ثلاثا من غير عذر فهو منافق "
وأخرج أبو يعلى والمروزي من طريق محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن عمه عن
النبي صلى الله عليه و سلم " سيد الأيام عند الله يوم الجمعة أعظم من يوم
النحر والفطر وفيه خمس خلال : خلق آدم فيه وفيه أهبط من الجنة إلى
(8/160)
الأرض
وتوفي فيه آدم وفيه ساعة لا يسأل العبد فيها ربه إلا أعطاه ما لم يسأل حراما وفيه
تقوم الساعة "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ميمون بن أبي شعيب قال : أردت الجمعة في زمن
الحجاج فتهيأت للذهاب ثم قلت : أين أذهب أصلي خلف هذا فقلت مرة أذهب ومرة لا أذهب
فأجمع رأيي على الذهاب فناداني مناد من جانب البيت يا أيها الذين آمنوا إذا نودي
للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله
قوله تعالى : فاسعوا إلى ذكر الله الآية
أخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن الأنباري
في المصاحف عن خرشة بن الحر قال : رأى معي عمر بن الخطاب لوحا مكتوبا فيه إذا نودي
للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله فقال : من أملي عليك هذا ؟ قلت : أبي بن
كعب
قال : إن أبيا أقرؤنا للمنسوخ قرأها " فامضوا إلى ذكر الله "
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال : قيل لعمر : إن أبيا يقرأ فاسعوا إلى ذكر الله
قال عمر : أبي أعلمنا بالمنسوخ وكان يقرؤها " فامضوا إلى ذكر الله "
وأخرج الشافعي في الأم وعبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد
بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والبيهقي
وفي سننه عن ابن عمر قال : ما سمعت عمر يقرؤها قط إلا " فامضوا إلى ذكر الله
"
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري
في لا ؟ مصاحف والبيهقي في سننه عن ابن عمر قال : ما سمعت عمر يقرؤها قط إلا
" فامضوا إلى ذكر الله "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن عمر قال : لقد توفي عمر وما يقول هذه الآية
التي في سورة الجمعة إلا " فامضوا إلى ذكر الله "
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأبو عبيد وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد
وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري والطبراني من طرق عن ابن مسعود أنه كان يقرأ
" فامضوا إلى ذكر الله " قال : ولو كانت فاسعوا لسعيت حتى يسقط ردائي
(8/161)
وأخرج
عبد الرزاق والطبراني عن قتادة قال في حرف ابن مسعود : " فامضوا إلى ذكر الله
" وهو كقوله : إن سعيكم لشتى سورة الليل الآية4
وأخرج عبد بن حميد من طريق أبي العالية عن أبي بن كعب وابن مسعود أنهما كانا يقرآن
" فامضوا إلى ذكر الله "
وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن الزبير أنه كان يقرأوها " فامضوا إلى ذكر
الله "
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله : فاسعوا إلى ذكر الله قال : فامضوا
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن ابي حاتم عن
الحسن أنه سئل عن قوله : فاسعوا إلى ذكر الله قال : ما هو بالسعي على الأقدام ولقد
نهوا أن يأتوا الصلاة إلا وعليهم السكينة والوقار ولكن بالقلوب والنية والخشوع
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي في شعب الإيمان عن قتادة في قوله : فاسعوا إلى ذكر
الله قال : السعي أن تسعى بلبك وعملك وهو المضي إليها
قال الله : فلما بلغ معه السعي سورة الصافات الآية 102 قال : لما مشى مع أبيه
وأخرج عبد بن حميد عن ثابت قال : كنا مع أنس بن مالك يوم الجمعة فسمع النداء
بالصلاة فقال : قم لنسعى إليها
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن عطاء في قوله : فاسعوا إلى ذكر الله
قال : الذهاب والمشي
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : إنما السعي العمل وليس
السعي على الأقدام
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن محمد بن كعب قال : السعي العمل
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس وعكرمة مثله
وأخرج البيهقي في سننه عن عبد الله بن الصامت قال : خرجت إلى المسجد يوم الجمعة
فلقيت أبا ذر فبينا أنا أمشي إذا سمعت النداء فرفعت في المشي لقول الله : إذا نودي
للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله فجذبني جذبة فقال : أولسنا في سعي
(8/162)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب في قوله : فاسعوا إلى ذكر الله قال : موعظة الإمام
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
حرمت التجارة يوم الجمعة ما بين الأذان الأول إلى الإقامة إلى انصراف الإمام لأن
الله يقول : يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر
إلى وذروا البيع "
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن كعب أن رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم
كانا يختلفان في تجارتهما إلى الشام فربما قدما يوم الجمعة ورسول الله صلى الله
عليه و سلم يخطب فيدعونه ويقومون فيما هم إلا بيعا حتى تقام الصلاة فأنزل الله يا
أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع
قال : فحرم عليهم ما كان قبل ذلك
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن الزهري قال : الأذان
الذي يحرم فيه البيع هو الأذان الذي عند خروج الإمام
قال : وأرى أن يترك البيع الآن عند الأذان الأول
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قال : إذا نودي للصلاة من يوم
الجمعة حرم الشراء والبيع
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن الضحاك قال : إذا زالت الشمش من يوم الجمعة
حرم البيع والتجارة حتى تقضى الصلاة
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء والحسن أنهما قالا : ذلك
وأخرج عبد بن حميد عن أيوب قال : لأهل المدينة ساعة يوم الجمعة ينادون : حرم البيع
وذلك عند خروج الإمام
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن ميمون بن مهران قال : كان بالمدينة
إذا أذن المؤذن من يوم الجمعة ينادون في الأسواق : حرم البيع حرم البيع
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الرحمن بن القاسم أن القاسم دخل على أهله في يوم الجمعة
وعندهم عطار يبايعونه فاشتروا منه وخرج القاسم إلى الجمعة فوجد الإمام قد خرج
فأمرهم أن يناقضوه البيع
(8/163)
وأخرج
ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد قال : من باع شيئا بعد الزوال يوم الجمعة فإن
بيعه مردود لأن الله تعالى نهى عن البيع إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : هل تعلم
من شيء يحرم إذا أذن بالأولى سوى البيع ؟ قال عطاء : إذا نودي بالأولى حرم اللهو
والبيع والصناعات كلها هي بمنزلت البيع والرقاد وأن يأتي الرجل أهله وأن يكتب
كتابا قلت : إذا نودي بالأولى وجب الرواح حينئذ ؟ قال : نعم
قلت : من أجل قوله إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة ؟ قال : نعم فليدع حينئذ كل شيء
وليرح
أخرج أبو عبيد وابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن عبد الله بن بسر الحراني قال
: رأيت عبد الله بن بشر المازني صاحب رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا صلى
الجمعة خرج فدار في السوق ساعة ثم رجع إلى المسجد فصلى ما شاء الله أن يصلي فقيل
له : لأي شيء تصنع هذا ؟ قال : لأني رأيت سيد المرسلين هكذا يصنع وتلا هذه الآية
فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : إذا انصرفت يوم الجمعة فأخرج إلى باب
المسجد فساوم بالشيء وإن لم تشتره
وأخرج ابن المنذر عن الوليد بن رباح أن أبا هريرة كان يصلي بالناس الجمعة فإذا سلم
صاح فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله فيبتدر
الناس الأبواب
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد وعطاء فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض قالا : إن
شاء فعل وإن شاء لم يفعل
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك في قوله : فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض قال :
هو إذن من الله فإذا فرغ فإن شاء خرج وإن شاء قعد في المسجد
وأخرج ابن جرير عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله : فإذا
قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله قال : " ليس لطلب دنيا
ولكن عبادة مريض وحضور جنازة وزيارة أخ في الله "
(8/164)
وأخرج
ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من
فضل الله قال : لم يؤمروا بشيء من طلب الدنيا إنما هو عيادة مريض وحضور جنازة
وزيارة أخ في الله
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من صلى
الجمعة فصام يومه وعاد مريضا وشهد جنازة وشهد نكاحا وجبت له الجنة "
قوله تعالى : وإذا رأوا تجارة الآية
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم
والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في سننه من طرق عن جابر بن
عبد الله قال : بينما النبي صلى الله عليه و سلم يخطب يوم الجمعة قائما إذا قدمت
عير المدينة فابتدرها أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى لم يبق منهم إلا
اثنا عشر رجلا أنا فيهم وأبو بكر وعمر فأنزل الله وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا
إليها إلى آخر السورة
وأخرج البزار عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يخطب يوم الجمعة
فقدم دحية بن خليفة يبيع سلعة له فما بقي في المسجد أحد إلا نفر والنبي صلى الله
عليه و سلم قائم فأنزل الله وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها الآية
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله : وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها
وتركوك قائما قال : قدم دحية الكلبي بتجارة فخرجوا ينظرون إلا سبعة نفر
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها
وتركوك قائما قال : جاءت عير عبد الرحمن بن عوف تحمل الطعام فخرجوا من الجمعة
بعضهم يريد أن يشتري وبعضهم يريد أن ينظر إلى دحية وتركوا رسول الله صلى الله عليه
و سلم قائما على المنبر وبقي في المسجد اثنا عشر رجلا وسبع نسوة فقال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " لو خرجوا كلهم لاضطرم المسجد عليهم نارا "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قدمت عير المدينة يوم الجمعة ورسول الله صلى
الله عليه و سلم قائم على المنبر يخطب فانفض أكثر من كان في المسجد فأنزل الله في
هذه الآية وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها
وأخرج أبو داود في مراسيله عن مقاتل بن حيان قال : كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم
(8/165)
يصلي
الجمعة قبل الخطبة مثل العيدين حتى كان يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه و سلم
يخطب وقد صلى الجمعة فدخل رجل فقال : إن دحية بن خليفة قد قدم بتجارة وكان دحية
إذا قدم تلقاه أهله بالدفاف فخرج الناس ولم يظنوا إلا أنه ليس في ترك الخطبة شيء
فأنزل الله وإذا رأوا تجارة أو لهوا أنفضوا إليها فقدم النبي صلى الله عليه و سلم
الخطبة يوم الجمعة وأخر الصلاة
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن مقاتل بن حيان قال : كان النبي صلى الله عليه و
سلم يخطب يوم الجمعة ويقوم قائما وإن دحية الكلبي كان رجلا تاجرا وكان قبل أن يسلم
: قدم بتجارته إلى المدينة خرج الناس ينظرون إلى ما جاء به ويشترون منه فقدم ذات
يوم ووافق الجمعة والناس عند رسول الله صلى الله عليه و سلم في المسجد وهو قائم
يخطب فاستقبل أهل دحية العير حين دخل المدينة بالطبل واللهو فذلك اللهو الذي ذكر
الله فسمع الناس في المسجد أن دحية قد نزل بتجارة عند أحجار الزيت وهو مكان في سوق
المدينة وسمعوا أصواتا فخرج عامة الناس إلى دحية ينظرون إلى تجارته وإلى اللهو
وتركوا رسول الله صلى الله عليه و سلم قائما ليس معه كبير عدة أحد فبلغني والله
أعلم أنهم فعلوا ذلك ثلاث مرات وبلغنا أن العدة التي بقيت في المسجد مع النبي صلى
الله عليه و سلم عدة قليلة فقال النبي صلى الله عليه و سلم عند ذلك : " لولا
هؤلاء يعني الذين بقوا في المسجد عند النبي صلى الله عليه و سلم لقصدت إليهم
الحجارة من السماء " ونزل قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير
الرازقين
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه و سلم كان يخطب الناس يوم الجمعة فإذا كان نكاح لعب أهله وعزفوا ومروا باللهو
على المسجد وإذا نزل بالبطحاء جلب قال : وكانت البطحاء مجلسا بفناء المسجد الذي
يلي بقيع الغرقد وكانت الأعراب إذا جلبوا الخيل والإبل والغنم وبضائع الأعراب
نزلوا البطحاء فإذا سمع ذلك من يقعد للخطبة قاموا للهو والتجارة وتركوه قائما فعاتب
الله المؤمنين لنبيه صلى الله عليه و سلم فقال : وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا
إليها وتركوك قائما
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : وإذا رأوا تجارة أو لهوا انفضوا إليها قال :
رجال يقومون إلى نواضحهم وإلى السفر يقدمون يبتغون التجارة واللهو
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : بينا النبي صلى الله عليه و سلم يخطب يوم الجمعة
(8/166)
إذ
قدمت عير المدينة فانفضوا إليها وتركوا النبي صلى الله عليه و سلم فلم يبق معه إلا
رهط منهم أبو بكر وعمر فنزلت هذه الآية فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" والذي نفسي بيده لو تتابعتم حتى لا يبقى معي أحد منكم لسال بكم الوادي نارا
"
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم قام
يوم الجمعة فخطبهم ووعظهم وذكرهم فقيل : جاءت عير فجعلوا يقومون حتى بقيت عصابة
منهم فقال : " كم أنتم فعدوا " أنفسكم فإذا اثنا عشر رجلا وامرأة ثم قام
الجمعة الثانية فخطبهم ووعظهم وذكرهم فقيل : جاءت عير فجعلوا يقومون حتى بقيت
عصابة منهم فقال : " كم أنتم " فعدوا أنفسكم فإذا اثنا عشر رجلا وامرأة
فقال : " والذي نفس محمد بيده لو اتبع آخركم أولكم لالتهب الوادي عليكم نارا
" وأنزل الله فيها وإذا رأوا تجارة الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : أو لهوا قال : هو الضرب الطبل
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان قال : بينا رسول الله صلى الله عليه و سلم يخطب
الناس يوم الجمعة أقبل شاء وشيء من سمن فجعل الناس يقومون إليه حتى لم يبق إلا
قليل فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لو تتابعتم لتأجج الوادي نارا
"
وأخرج ان أبي شيبة وابن ماجة والطبراني وابن مردويه عن ابن مسعود أنه سئل : أكان
النبي صلى الله عليه و سلم يخطب قائما أو قاعدا ؟ قال : أما تقرأ وتركوك قائما
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وابن مرديه والبيهقي في سننه عن كعب بن عجرة أنه
دخل المسجد وعبد الرحمن بن أم الحكم يخطب قاعدا فقال : انظروا إلى هذا الخبيث يخطب
قاعدا وقد قال الله : وتركوك قائما
وأخرج أحمد وابن ماجة وان مردويه عن جابر بن سمرة قال : كان النبي صلى الله عليه و
سلم يخطب قائما
وأخرج أحمد وابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن جابر بن سمرة قال
: كانت لرسول الله صلى الله عليه و سلم خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكر
الناس
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة عن ابن عمر أن النبي
صلى الله عليه و سلم كان يخطب خطبتين يجلس بينهما
(8/167)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يخطب يوم الجمعة قائما
ثم يقعد ثم يقوم فيخطب
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين أنه سئل عن خطبة النبي صلى الله عليه و سلم يوم
الجمعة فقرأ وتركوك قائما
واخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن مرة قال : سألت أبا عبيدة رضي الله عنه عن الخطبة
يوم الجمعة فقرأ تركوك قائما
وأخرج ابن أبي شيبة عن طاووس قال : خطب رسول الله صلى الله عليه و سلم قائما وأبو
بكر وعمر وعثمان وإن أول من جلس على المنبر معاوية بن أبي سفيان
وأخرج ابن أبي شيبة عن طاووس قال : الجلوس على المنبر يوم الجمعة بدعة
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : إنما خطب معاوية قاعدا حين كثر شحم بطنه ولحمه
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا صلى
الله عليه و سلم إذا صعد المنبر يوم الجمعة استقبل الناس بوجهه الكريم فقال :
السلام عليكم ويحمد الله ويثني عليه ويقرأ سورة ثم يجلس ثم يقوم فيخطب ثم ينزل
وكان أبو بكر وعمر يفعلانه
وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر بن سمرة قال : كانت خطبة النبي صلى الله عليه و سلم
قصرا وصلاته قصرا
وأخرج ابن أبي شيبة عن مكحول قال : إنما قصرت صلاة الجمعة من أجل الخطبة
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين أنه سئل عن خطبة النبي صلى الله عليه و سلم يوم
الجمعة فقرأ وتركوك قائما
وأخرج ابن أبي الدنيا في شعب الإيمان والديلمي عن الحسن البصري قال : طلبت خطب
النبي صلى الله عليه و سلم في الجمعة فأعيتني فلزمت رجلا من أصحاب النبي صلى الله
عليه و سلم فسألته عن ذلك فقال : كان يخطب فيقول في خطبته يوم الجمعة : " يا
أيها الناس إن لكم علما فانتهوا إلى علمكم وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم فإن
المؤمن بين مخافتين بين أجل قد مضى لا يدري كيف صنع الله فيه وبين أجل قد بقي لا
يدري كيف الله بصانع فيه فليتزود المؤمن من نفسه لنفسه ومن دنياه لآخرته
(8/168)
ومن
الشباب قبل الهرم ومن الصحة قبل السقم فإنكم خلقتم للآخرة والدنيا خلقت لكم والذي
نفس محمد بيده ما بعد الموت من مستعتب وما بعد الدنيا دار إلا الجنة والنار
واستغفر الله لي ولكم "
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن شهاب قال : بلغنا عن رسول الله صلى الله
عليه و سلم أنه كان يقول إذا خطب : " كل ما هو آت قريب لا بعد لما هو آت لا
يعجل الله لعجلة أحد ولا يخف لأمر الناس ما شاء الله لا ما شاء الناس يريد الناس
أمرا ويريد الله أمرا وما شاء الله كان ولو كره الناس لامبعد لما قرب الله ولا
مقرب لما بعد الله ولا يكون شيء إلا بإذن الله "
(8/169)
بسم
الله الرحمن الرحيم
63
- سورة المنافقون
مدنية وآياتها إحدى عشرة
مقدمة السورة أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن
عباس قال : نزلت سورة المنافقين بالمدينة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
وأخرج سعيد بن منصور والطبراني في الأوسط بسند حسن عن أبي هريرة قال : كان رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقرأ في صلاة الجمعة فيحرض بها المؤمنين وفي الثانية
سورة المنافقين فيقرع بها المنافقين
وأخرج البزار والطبراني عن أبي عيينة الخولاني عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه
كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والسورة التي يذكر فيها المنافقون والله
سبحانه وتعالى أعلم
الآية 1 - 4
(8/170)
أخرج
ابن سعد وأحمد وعبد بن حميد والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر والطبراني
وابن مردويه عن زيد بن أرقم قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في سفر
فأصاب الناس شدة فقال عبد الله بن أبي لأصحابه : لا تنفقوا على من عند رسول الله
حتى ينفضوا من حوله وقال : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فأتيت
النبي صلى الله عليه و سلم فأخبرته بذلك فأرسل إلى عبد الله بن أبي فسأله فاجتهد
يمينه ما فعل فقالوا : كذب زيد رسول الله صلى الله عليه و سلم فوقع في نفسي مما
قالوا شدة حتى أنزل الله تصديقي في إذا جاءك المنافقون فدعاهم النبي صلى الله عليه
و سلم ليستغفر لهم فلووا رؤوسهم وهو قوله : خشب مسنده قال : كانوا رجالا أجمل شيء
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه
وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن زيد بن أرقم قال : غزونا مع رسول
الله صلى الله عليه و سلم وكان معنا ناس من الأعراب فكنا نبتدر الماء وكان الأعراب
يسبقونا إليه فيسبق الأعرابي أصحابه فيملأ الحوض ويجعل حوله حجارة ويجعل النطع
عليه حتى يجيء أصحابه فأتى من الأنصار أعرابيا فأرخى زمام ناقته لتشرب فأبى أن يدعه
فانتزع حجرا فغاض الماء فرفع الأعرابي خشبة فضرب بها رأس الأنصاري فشجه فأتى عبد
الله بن أبي رأس المنافقين فأخبره وكان من أصحابه فغضب وقال : لا تنفقوا على من
عند رسول الله حتى ينفض من حوله يعني الأعراب وكانوا يحضرون رسول الله صلى الله
عليه و سلم عند الطعام وقال عبد الله لأصحابه : إذا انفضوا من عند محمد فائتوا
محمدا بالطعام فليأكل هو ومن عنده ثم قال لأصحابه : إذا رجعتم إلى المدينة فليخرج
الأعز منها الأذل قال زيد : وأنا ردف عمي فسمعت وكنا أخواله عبد الله فأخبرت عمي
فانطلق فأخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم فأرسل إليه رسول الله فحلف وجحد فصدقه
رسول الله صلى الله عليه و سلم وكذبني فجاء إلى عمي فقال : ما أردت إلى أن مقتك
رسول الله صلى الله عليه و سلم وكذبك وكذبك المسلمون فوقع علي من الهم ما لم يقع
على أحد قط فبينما أنا أسير وقد خفقت برأسي من الهم إذا آتاني رسول الله صلى الله
عليه و سلم فعرك أذني وضحك في وجهي فما كان يسرني أن لي بها الخلد أو الدنيا ثم إن
أبا بكر لحقني فقال : ما قال لك رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قلت : ما قال لي
شيئا إلا أنه عرك أذني
(8/171)
وضحك
في وجهي فقال : ابشر ثم لحقني عمر فقلت له مثل قولي لأبي بكر فلما أصبحنا قرأ رسول
الله صلى الله عليه و سلم إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله حتى بلغ
ليخرجن الأعز منها الأذل
وأخرج ابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن زيد بن أرقم قال : لما قال عبد الله بن
أبي ما قال : لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا وقال : لئن رجعنا إلى
المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل سمعته فأتيت النبي صلى الله عليه و سلم فذكرت ذلك
له فلامني ناس من الأنصار وجاءهم يحلف ما قال ذلك فرجعت إلى المنزل فنمت فأتاني
رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : إن الله صدقك وعذرك فأنزلت هذه الآية هم
الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله الآيتين
وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم قال : لما قال ابن أبي ما قال أتيت النبي صلى الله
عليه و سلم فأخبرته فجاء فحلف ما قال فجعل ناس يقولون : جاء رسول الله صلى الله
عليه و سلم بالكذب حتى جلست في البيت مخافة إذا رأوني قالوا : هذا الذي يكذب حتى
أنزل الله هم الذين يقولون الآية
وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم قال : كنت جالسا مع عبد الله بن أبي فمر رسول الله
صلى الله عليه و سلم في ناس من أصحابه فقال عبد الله بن أبي : لئن رجعنا إلى
المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فأتيت سعد بن عبادة فأخبرته فأتى رسول الله صلى
الله عليه و سلم فذكر ذلك له فأرسل رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى عبد الله بن
أبي فحلف له عبد الله بن أبي بالله ما تكلم بهذا فنظر رسول الله صلى الله عليه و
سلم إلى سعد بن عبادة فقال سعد : يا رسول الله إنما أخبرنيه الغلام زيد بن أرقم
فجاء سعد فأخذ بيدي فانطلق بي فقال : هذا حدثني فانتهرني عبد الله بن أبي فانتهيت
إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وبكيت وقلت : أي والذي أنزل النور عليك لقد
قاله وانصرف عنه النبي صلى الله عليه و سلم فأنزل الله إذا جاءك المنافقون إلى آخر
السورة
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : إنما سماهم الله منافقين لأنهم كتموالشرك
وأظهروا الإيمان
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : اتخذوا أيمانهم جنة قال : حلفهم بالله
إنهم لمنكم أجنوا بأيمانهم من القتل والحرب
(8/172)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : اتخذوا أيمانهم جنة قال : اتخذوا حلفهم
جنة ليعصموا بها دماءهم وأموالهم
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا سافر كان مع
كل رجل من أغنياء المؤمنين رجل من الفقراء يحمل له زاده وماءه فكانوا إذا دنوا من
الماء تقدم الفقراء فاستقوا لأصحابهم فسبقهم أصحاب عبد الله بن أبي فأبوا أن يخلوا
عن المؤمنين فحصرهم المؤمنون فلما جاء عبد الله بن أبي نظر إلى أصحابه فقال :
والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل وقال : امسكوا عنهم البيع لا
تبايعوهم فسمع زيد بن أرقم قول ابن أبي : لئن رجعنا إلى المدينة وقوله : لا تنفقوا
على من عند رسول الله فأخبر عمه فأخبر عمه النبي صلى الله عليه و سلم فدعا النبي
صلى الله عليه و سلم ابن أبي وأصحابه فعجب من صورته وجماله وهو يمشي إلى النبي صلى
الله عليه و سلم فذلك قوله : وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم
كأنهم خشب مسندة فعرفه النبي صلى الله عليه و سلم فلما أخبره حلف ما قاله فذلك
قوله : اتخذوا أيمانهم جنة وقالوا نشهد إنك لرسول الله وذلك قوله : إذا جاءك
المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله وكل شيء أنزله في المنافقين فإنما أراد عبد
الله ابن أبي
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا فطبع
على قولهم قال : اقروا بلا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وقلوبهم تأبى ذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : كأنهم خشب مسندة قال : نخل قيام
الآية 5 - 8
(8/173)
أخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا
نزل منزلا في السفر لم يرتحل منه حتى يصلي فيه فلما كان غزوة تبوك نزل منزلا فقال
عبد الله بن أبي : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فبلغ ذلك رسول
الله صلى الله عليه و سلم فارتحل ولم يصل فذكروا ذلك فذكر قصة ابن أبي ونزل القرآن
إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك رسوله وجاء عبد الله
بن أبي إلى النبي صلى الله عليه و سلم فجعل يعتذر ويحلف ما قال ورسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول له : تب فجعل يلوي رأسه فأنزل الله عز و جل وإذا قيل لهم
تعالوا يستغفر لكم رسول الله لووا رؤوسهم الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله
لووا رؤوسهم قال : عبد الله بن أبي بن سلول قيل له : تعال يستغفر لك رسول الله صلى
الله عليه و سلم فلوى رأسه وقال : ماذا قلت ؟
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله
لووا رؤوسهم قال : حركوها استهزاء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال : نزلت في عبد
الله بن أبي وذلك أن غلاما من قرابته انطلق إلى النبي صلى الله عليه و سلم بحديث
وتكذيب شديد فدعاه رسول الله صلى الله عليه و سلم فإذا هو يحلف ويتبرأ من ذلك
وأقبلت الأنصار على ذلك الغلام فلاموه وعذلوه وقيل لعبد الله رضي الله عنه : لو
أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فاستغفر لك فجعل يلوي رأسه ويقول : لست فاعلا
وكذب علي فأنزل الله ما تسمعون
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر من طريق الحكم عن عكرمة أن عبد الله بن أبي بن سلول
كان له ابن يقال له حباب فسماه رسول الله صلى الله عليه و سلم عبد الله فقال يا
رسول الله : إن والدي يؤذي الله ورسوله فذرني حتى أقتله فقال له رسول الله
(8/174)
صلى
الله عليه و سلم : " لا تقتل أباك " ثم جاءه أيضا فقال له : يا رسول
الله إن والدي يؤذي الله ورسوله فذرني حتى أقتله فقال له رسو ل الله صلى الله عليه
و سلم : " لا تقتل أباك " ثم جاءه أيضا فقال : يا رسول الله إن والدي
يؤذي الله ورسوله فذرني أقتله فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا
تقتل أباك " فقال : يا رسول الله فذرني حتى أسقيه من وضوئك لعل قلبه يلين
فتوضأ رسول الله صلى الله عليه و سلم وأعطاه فذهب به إلى أبيه فسقاه ثم قال له :
هل تدري ما سقيتك ؟ قال له والده : سقيتني بول أمك فقال له ابنه : والله ولكن
سقيتك وضوء رسول الله صلى الله عليه و سلم قال عكرمة : وكان عبد الله بن أبي عظيم
الشأن وفيه أنزلت هذه الآية في المنافقين هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند
رسول الله حتى ينفضوا وهو الذي قال : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها
الأذل قال الحكم : ثم حدثني بشر بن مسلم أنه قيل له : يا أبا حباب إنه قد نزل فيك
آي شداد فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يستغفر لك فلوى رأسه ثم قال :
أمرتموني أن أومن فقد آمنت وأمرتموني أن أعطي زكاة مالي فقد أعطيت فما بقي إلا أن
أسجد لمحمد
وأخرج البيهقي في الدلائل عن الزهري قال : كان لعبد الله بن أبي مقام يقومه كل
جمعة لا يتركه شرفا له في نفسه وفي قومه فكان إذا جلس رسول الله صلى الله عليه و
سلم يوم الجمعة يخطب قام فقال : أيها الناس هذا رسو ل الله بين أظهركم أكرمكم الله
به وأعزكم به فانصروه وعزروه واسمعوا له وأطيعوا ثم يجلس فلما قدم رسول الله صلى
الله عليه و سلم من أحد وصنع المنافق ما صنع في أحد فقام يفعل كما كان يفعل فأخذ
المسلمون بثيابه من نواحيه وقالوا : اجلس يا عدو الله لست لهذا المقام بأهل
قد صنعت ما صنعت
فخرج يتخطى رقاب الناس وهو يقول : والله لكأني قلت هجرا أن قمت أسدد أمره فقال له
رجل : ويحك ارجع يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال المنافق : والله لا
أبغي أن يستغفر لي
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : لما نزلت آية براءة استغفر لهم أو لا تستغفر لهم
سورة التوبة الآية 80 قال النبي صلى الله عليه و سلم : " اسمع ربي قدر خص ؟ ؟
؟ قد رخص لي فيهم فوالله لأستغفرن أكثر من سبعين مرة لعل الله أن يغفر لهم "
فنزلت سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم
(8/175)
وأخرج
ابن مردويه عن عروة قال : لما نزلت استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم
سبعين مرة فلن يغفر الله لهم سورة التوبة 84 قال النبي صلى الله عليه و سلم :
" لأزيدن على السبعين " فأنزل الله سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر
لهم الآية
وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال : نزلت هذه الأية هم الذين
يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا في عسيف لعمر بن الخطاب
وأخرج ابن مردويه عن زيد بن أرقم وعبد الله بن مسعود أنهما كانا يقرآن لا تنفقوا
على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : هم الذين يقولون لا تنفقوا على
من عند رسول الله قال : إن عبد الله بن أبي قال لأصحابه : لا تنفقواعلى من عند
رسول الله فإنكم لو لم تنفقوا عليهم قد انفضوا وفي قوله : يقولون لئن رجعنا إلى
المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل قال : قد قالها منافق عظيم النفاق في رجلين
اقتتلا أحدهما غفاري والآخر جهني فظهر الغفاري على الجهني وكان بين جهينة وبين
الأنصار حلف فقال رجل من المنافقين : وهو عبد الله بن أبي يا بني الأوس والخزرج
عليكم صاحبكم وحليفكم
ثم قال : والله ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل : سمن كلبك يأكلك
والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل
فسعى بها بعضهم إلى نبي الله صلى الله عليه و سلم فقال عمر : يا نبي الله مر معاذا
أن يضرب عنق هذا المنافق
فقال : لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه
وذكر لنا أنه كثر على رجلين من المنافقين عنده فقال عمر : هل يصلي ؟ قالوا : نعم
ولا خير في صلاته
قال نهيت عن المصلين نهيت عن المصلين نهيت عن المصلين
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند
رسول الله حتى ينفضوا يقول : لا تطعموا محمدا وأصحابه حتى تصيبهم مجاعة فيتركوا
نبيهم وفي قوله : لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل قال : قال ذلك
عبد الله بن أبي رأس المنافقين وأناس معه من المنافقين
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم والترمذي وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في
الدلائل عن جابر بن عبد الله قال : كنا مع النبي صلى الله عليه و سلم في غزاة قال
(8/176)
سفيان
: يرون أنها غزوة بني المصطلق فكسع رجل من المنافقين رجلا من الأنصار فسمع ذلك
النبي صلى الله عليه و سلم فقال : ما بال دعوى الجاهلية ؟ قالوا : رجل من
المهاجرين كسع رجلا من الأنصار
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " دعوها فإنها منتنة " فسمع ذلك عبد
الله بن أبي فقال : أو قد فعلوها والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها
الاذل
فبلغ النبي صلى الله عليه و سلم فقال عمر : يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا
المنافق فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " دعه لا يتحدث الناس أن محمدا
يقتل أصحابه " زاد الترمذي فقال له ابن عبد الله : والله لا تنقلب حتى تقر
أنك الذليل ورسول الله صلى الله عليه و سلم العزيز ففعل
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان بين غلام من الأنصار وغلام من
بني غفار في الطريق كلام فقال عبد الله بن أبي : هنيئا لكم بأس هنيئا جمعتم سواق
الحجيج من مزينة وجهينة فغلبوكم على ثماركم ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز
منها الأذل
وأخرج عبد بن حميد وعن عكرمة رضي الله عنه قال : لما حضر عبد الله بن أبي الموت
قال ابن عباس رضي الله عنهما : فدخل عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم فجرى
بينهما كلام فقال له عبد الله بن أبي : قد أفقه ما تقول ولكن من علي اليوم وكفني
بقميصك هذا وصل علي قال ابن عباس رضي الله عنهما : فكفنه رسول الله صلى الله عليه
و سلم بقميصه وصلى عليه والله أعلم أي صلاة كانت وأن محمدا صلى الله عليه و سلم لم
يخدع إنسانا قط غير أنه قال يوم الحديبية كلمة حسنة فسئل عكرمة رضي الله عنه ما
هذه الكلمة ؟ قال : قالت له قريش : يا أبا حباب إنا قد منعنا محمدا طواف هذا البيت
ولكنا نأذن لك فقال : لا لي في رسول الله أسوة حسنة
قال : فلما بلغوا المدينة أخذ ابنه السيف ثم قال لوالده : أنت تزعم لئن رجعنا إلى
المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل والله لا تدخلها حتى يأذن رسول الله صلى الله
عليه و سلم
وأخرج الحميدي في مسنده عن أبي هارون المدني قال : قال عبد الله بن عبد الله بن
أبي لأبيه : والله لا تدخل المدينة أبدا حتى تقول رسول الله صلى الله عليه و سلم
الأعز وأنا الأذل
وأخرج الطبراني عن أسامة بن زيد رضي الله عنه : لما رجع رسول الله صلى الله عليه و
سلم من بني المصطلق قام عبد الله بن عبد الله بن أبي فسل على أبيه السيف وقال :
والله علي
(8/177)
أن
لا أغمده حتى تقول : محمد الأعز وأنا الأذل
فقال : ويلك محمد الأعز وأنا الأذل فبلغت رسول الله صلى الله عليه و سلم فأعجبته
وشكرها له
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : لما قدموا المدينة سل عبد الله بن عبد الله بن
أبي على أبيه السيف وقال : لأضربنك أو تقول : أنا الأذل ومحمد الأعز
فلم يبرح حتى قال ذلك
وأخرج ابن أبي شيبة عن عروة بن الزبير رضي الله عنه أن أصحاب رسول الله صلى الله
عليه و سلم في غزوة بني المصطلق لما أتوا المنزل كان بين غلمان من المهاجرين
وغلمان من الأنصار فقال غلمان من المهاجرين : يا للمهاجرين وقال غلمان من الأنصار
: يا للأنصار فبلغ ذلك عبد الله بن أبي بن سلول فقال : أما والله لو أنهم لم
ينفقوا عليهم انفضوا من حوله أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها
الأذل
فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم فأمر بالرحيل فأدرك ركبا من بني عبد الأشهل في
المسير فقال لهم : " ألم تعلموا ما قال المنافق عبد الله بن أبي ؟ "
قالوا : وماذا قال : يا رسول الله ؟ قال : " قال أما والله لو لم تنفقوا
عليهم لانفضوا من حوله أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل
" قالوا : صدق يا رسول الله فأنت والله الأعز العزيز وهو الذليل
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن سيرين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم كان معسكرا وأن رجلا من قريش كان بينه وبين رجل من الأنصار كلام حتى اشتد
الأمر بينهما فبلغ ذلك عبد الله بن أبي فخرج فنادي : غلبني على قومي من لا قوم له
فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأخذ سيفه ثم خرج عامدا ليضربه فذكر هذه
الآية يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله سورة الحجرات الآية1
فرجع حتى دخل على النبي صلى الله عليه و سلم فقال : مالك يا عمر ؟ قال : العجب من
ذلك المنافق يقول غلبني على قومي من لا قوم له والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن
الأعز منها الأذل قال النبي صلى الله عليه و سلم : قم فناد في الناس يرتحلوا
فارتحلوا فساروا حتى إذا كان بينهم وبين المدينة مسيرة ليلة فعجل عبد الله بن عبد
الله بن أبي حتى أناخ بجامع طرق المدينة ودخل الناس حتى جاء أبوه عبد الله بن أبي
فقال : وراءك
فقال : مالك ويلك ؟ قال : والله لا تدخلها أبدا إلا أن يأذن رسول الله ليعلمن
اليوم من الأعز من الأذل
فرجع حتى لقي رسول الله صلى الله عليه و سلم فشكا إليه ما صنع ابنه
(8/178)
فأرسل
إليه النبي صلى الله عليه و سلم أن خل عنه حتى يدخل ففعل فلم يلبثوا إلا أياما
قلائل حتى اشتكي عبد الله فاشتد وجعه فقال لابنه عبد الله : يا بني ائت رسول الله
صلى الله عليه و سلم فادعه فإنك إذ أنت طلبت ذلك إليه فعل
ففعل ابنه فأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له : يا رسول إن عبد الله بن
أبي شديد الوجع وقد طلب إلي أن آتيك فتأتيه فإنه قد اشتاق إلى لقائك فأخذ نعليه
فقام وقام معه نفر من أصحابه حتى دخلوا عليه فقال لأهله حين دخل النبي صلى الله
عليه و سلم : أجلسوني فأجلسوه فبكى فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أجزعنا
يا عدو الله الآن ؟ فقال : يا رسول الله إني لم أدعك لتؤنبني ولكن دعوتك لترحمني
فاغرورقت عينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ما حاجتك ؟ قال : حاجتي إذا
أنا مت أن تشهد غسلي وتكفني في ثلاثة أثواب من ثيابك وتمشي مع جنازتي وتصلي علي
ففعل رسول الله صلى الله عليه و سلم فنزلت هذه الآية بعد ولا تصل على أحد منهم مات
أبدا ولا تقم على قبره سورة التوبة الآية 84
الآية 9 - 11 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه
و سلم في قوله : يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله
قال : هم عباد من أمتي الصالحون منهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وعن
الصلاة المفروضة الخمس
وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن
مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من كان له مال يبلغه حج بيت ربه أو تجب عليه فيه الزكاة فلم يفعل سأل
الرجعة عند الموت "
فقال له رجل : يا ابن عباس اتق الله فإنما يسأل الرجعة الكفار فقال : سأتلوا عليكم
(8/179)
بذلك
قرآنا يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله إلى آخر
السورة
وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : يا أيها الذين
آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله الآية قال : هو الرجل المؤمن إذا
نزل به الموت وله مال لم يزكه ولم يحج منه ولم يعط حق الله منه يسأل الرجعة عند
الموت ليتصدق من ماله ويزكي قال الله : ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الضحاك في قوله : لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم
عن ذكر الله قال : عن الصلوات الخمس وفي قوله : وانفقوا مما رزقناكم قال : يعني
الزكاة والنفقة في الحج
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن عطاء في قوله : لا تلهكم أموالكم ولا
أولادكم عن ذكر الله قال : الصلاة المفروضة
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فاصدق قال : أزكي وأكون من
الصالحين قال : احج
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن عن عاصم أنه قرأ فأصدق " وأكون " من
الصالحين قال : أحج
وأخرج عبد بن حميد وعن الحسن عن عاصم أنه قرأ فاصدق " وأكون " من
الصالحين بالواو
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن زيد بن ثابت قال : القراءة سنة من السنن فاقرؤوا
القرآن كما اقرئتموه إن هذان لساحران سورة طه الآية 63 فأصدق وأكن من الصالحين
(8/180)
64
- سورة التغابن
مدنية وآياتها ثماني عشرة أخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة التغابن بالمدينة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير قال : نزلت سورة التغابن بالمدينة
وأخرج النحاس عن ابن عباس قال : نزلت سورة التغابن بمكة إلا آيات من آخرها نزلت بالمدينة
في عوف بن مالك الأشجعي شكا إلى النبي صلى الله عليه و سلم جفاء أهله وولده فأنزل
الله يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم إلى آخر
السورة
وأخرج ابن إسحق وابن جرير عن عطاء بن يسار قال : نزلت سورة التغابن كلها بمكة إلا
هؤلاء الآيات يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم نزلت في عوف بن مالك
الأشجعي كان ذا أهل وولد فكان إذا أراد الغزو بكوا عليه ورققوه فقالوا : إلى من
تدعنا ؟ فيرق ويقيم هذه الآيات فيه بالمدينة
بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 6
(8/181)
أخرج
ابن حبان في الضعفاء والطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن عبد الله بن عمرو عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ما من مولود يولد إلا وإنه مكتوب في تشبيك
رأسه خمس آيات من فاتحة سورة التغابن "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي ذر قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إذا مكث المني في الرحم أربعين ليلة
أتاه ملك النفوس فعرج به إلى الرب فيقول : يا رب أذكر أم أنثى ؟ فيقضي الله ما هو
قاض فيقول أشقي أم سعيد ؟ فيكتب ما هو لاق " وقرأ أبو ذر من فاتحة التغابن
خمس آيات إلى قوله : وصوركم فأحسن صوركم وإليه المصير
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
العبد يولد مؤمنا ويعيش مؤمنا ويموت مؤمنا والعبد يولد كافرا ويعيش كافرا ويموت
كافرا وإن العبد يعمل برهة من الزمان بالشقاوة ثم يدركه الموت بماكتب له فيموت
شقيا وإن العبد يعمل برهة من دهره بالشقاوة ثم يدركه ما كتب له فيموت سعيدا "
(8/182)
الآية
7 - 14 أخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن مسعود أنه قيل له : ما سمعت النبي
صلى الله عليه و سلم يقول في زعموا قال : سمعته يقول : " بئس مطية الرجل
"
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عبد الله بن مسعود أنه كره : زعموا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد أنه كره زعموا لقول الله :
زعم الذين كفروا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن هانئ بن عروة أنه قال لابنه : هب لي اثنتين :
" زعموا وسوف " ولا يكونان في حديثك
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : زعم كنية الكذب
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن شريح قال : زعم كنية الكذب
وأخرج ابن أبي شيبة قال : زعموا زاملة الكذب
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : يوم يجمعكم ليوم الجمع قال : هو يوم القيامة
وذلك يوم التغابن غبن أهل الجنة أهل النار
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس يوم التغابن من أسماء يوم
القيامة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : ذلك يوم التغابن قال : غبن
أهل الجنة أهل النار
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد ذلك يوم التغابن
قال : غابن أهل الجنة أهل النار والله أعلم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن علقمة في قوله :
(8/183)
ما
أصاب من مصيبة إلا بإذن الله ومن يؤمن بالله يهد قلبه قال : هو الرجل تصيبه
المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيسلم الأمر لله ويرضى بذلك
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود رضي الله عنه في الآية قال : هي المصيبات تصيب
الرجل فيعلم أنها من عند الله فيسلم لها ويرضى
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ومن يؤمن بالله
يهد قلبه يعني يهد قلبه لليقين فيعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن
ليصيبه
وأخرج ابن المنذر عن جريج رضي الله عنه في قوله : ومن يؤمن بالله يهد قلبه قال :
من أصاب من الإيمان ما يعرف به الله فهو مهتدي القلب
قوله تعالى : الله لا إليه إلا هو وعلى الله فليتوكل المؤمنون أخرج ابن مردويه عن
عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : شعار المؤمنون
يوم يبعثون من قبورهم لا إله إلا الله وعلى الله فليتوكل المؤمنون
أخرج الفريابي وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه
الآية يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدو لكم فاحذروهم في قوم من أهل
مكة أسلموا وأرادوا أن يأتوا النبي صلى الله عليه و سلم فأبى أزواجهم وأولادهم أن
يدعوهم فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فرأوا الناس قد فقهوا في الدين
هموا أن يعاقبوهم فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم
فاحذروهم وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفوررحيم
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : كان الرجل
يريد الهجرة فتحسبه امرأته وولده فيقول : إنا والله لئن جمع الله بيني وبينكم في
دار الهجرة لأفعلن ولأفعلن فجمع الله بينهم في دار الهجرة فأنزل الله وإن تعفوا
وتصفحوا تغفروا
وأخرج عبد حميد عن مجاهد رضي الله عنه إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم قال
: منهم من لا يأمر بطاعة ولا ينهى عن معصية وكفى بذلك عداوة للمرء أن يكون صاحبه
لا يأمر بطاعة ولا ينهى عن معصية وكانوا يثبطون عن الجهاد والهجرة إلى رسول الله
صلى الله عليه و سلم
(8/184)
الآية
15 - 18 أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : إنما
أموالكم وأولادكم فتنة قال : بلاء والله عنده أجر عظيم قال : الجنة وأخرج ابن
المنذر والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لا يقولن أحدكم : اللهم إني
أعوذ بك من الفتنة فإنه ليس أحد منكم إلا وهو مشتمل على فتنة فإن الله يقول : إنما
أموالكم وأولادكم فتنة ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلاتها
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الضحى قال : قال رجل وهو عند عمر : اللهم إني أعوذ بك
من الفتنة أو الفتن فقال عمر : أتحب أن لا يرزقك الله مالا ولا ولدا أيكم استعاذ
من الفتن فليستعذ من مضلاتها
وأخرج ابن مردويه عن كعب بن عياض رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " إن لكل أمة فتنة وإن فتنة أمتي المال "
وأخرج ابن مردويه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : " لكل أمة فتنة
وفتنة أمتي المال "
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : " لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال "
وأخرج وكيع في الغرر عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال : قال ابن عمر لرجل : إنك
تحب الفتنة
قال : أنا ؟ قال : نعم فلما رأى ابن عمر ما داخل الرجل من ذاك قال : تحب المال
والولد
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم
(8/185)
وابن
مردويه عن بريدة رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يخطب فأقبل
الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله
صلى الله عليه و سلم من المنبر فحملهما واحدا من ذا الشق وواحدا من ذا الشق ثم صعد
المنبر فقال : " صدق الله قال : إنما أموالكم وأولادكم فتنة إني لما نظرت إلى
هذين الغلامين يمشيان ويعثران لم أصبر أن قطعت كلامي ونزلت إليهما "
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم بينما هو يخطب الناس على المنبر خرج الحسين بن علي رضي اله عنه فوطئ في ثوب
كان عليه فسقط فبكى فنزل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن المنبر فلما رأى الناس
أسرعوا إلى الحسين رضي الله عنه يتعاطونه يعطيه بعضهم بعضا حتى وقع في يد رسول الله
صلى الله عليه و سلم فقال : " قاتل الله الشيطان إن الولد لفتنة والذي نفسي
بيده ما دريت أني نزلت عن منبري "
وأخرج ابن المنذر عن يحى بن أبي كثير رضي الله عنه قال : سمع النبي صلى الله عليه
و سلم بكاء حسن أو حسين فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " الوالد فتنة لقد
قمت إليه وما أعقل " والله تعالى أعلم
قوله تعالى : فاتقوا الله ما استطعتم
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لما نزلت اتقوا الله حق
تقاته سورة آل عمران الآية 102 اشتد على القوم العمل فقاموا حتى ورمت عراقيبهم
وتقرحت جباههم فأنزل الله تحفيفا على المسلمين فاتقوا الله ماستطعتم فنسخت الآية
الأولى
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الربيع بن أنس فاتقوا الله ما استطعتم قال :
جهدكم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة فاتقوا الله ما استطعتم قال : هي رخصة من
الله كان الله قد أنزل في سورة آل عمران اتقوا الله حق تقاته سورة آل عمران الآية
102 وحق تقاته أن يطاع فلا يعصى ثم خفف عن عباده فأنزل الرخصة فاتقوا الله
(8/186)
ما
استطعتم واسمعوا وأطيعوا قال : والسمع والطاعة فيما استطعت يا ابن آدم عليها بايع
النبي صلى الله عليه و سلم أصحابه على السمع والطاعة فيما استطاعوا
وأخرج ابن سعد وأحمد وأبو داود عن الحكم بن حزن الكلفي قال : وفدنا على رسول الله
صلى الله عليه و سلم فلبثنا أياما شهدنا فيها الجمعة مع رسول الله صلى الله عليه و
سلم فقام متوكئا على قوس فحمد الله وأثنى عليه كلمات طيبات خفيفات مباركات ثم قال
: " أيها الناس إنكم لن تطيقوا كل ما أمرتم به فسددوا وابشروا "
واخرج عبد بن حميد عن عطاء رضي الله عنه ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون قال :
في النفقة
وأخرج عبد بن حميد عن حبيب بن شهاب العنبري أنه سمع أخاه يقول : لقيت ابن عمر يوم
عرفة فأردت أن أقتدي من سيرته وأسمع من قوله فسمعته أكثر ما يقول : اللهم إني أعوذ
بك من الشح الفاحش حتى أفاض ثم بات بجمع فسمعته أيضا يقول ذلك فلما أردت أن أفارقه
قلت يا عبد الله : إني أردت أن أقتدي بسيرتك فسمعتك أكثر ما تقول أن تعوذ من الشح
الفاحش قال : وما أبغي أفضل من أن أكون من المفلحين ؟ قال الله : ومن يوق شح نفسه
فأولئك هم المفلحون
قوله تعالى : إن تقرضوا الله الآية
أخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
يقول الله استقرضت عبدي فأبى أن يقرضني وشتمني عبدي وهو لا يدر يقول وادهراه
وادهراه وأنا الدهر " ثم تلا أبو هريرة إن تقرضوا الله قرضا حسنا يضاعفه لكم
وأخرج عبد بن حميد عن أبي حيان عن أبيه عن شيخ لهم أنه كان يقول إذا سمع السائل
يقول : من يقرض الله قرضا حسنا قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله
أكبر هذا القرض الحسن
(8/187)
بسم
الله الرحمن الرحيم
65
- سورة الطلاق
مدنية وآياتها اثنتا عشرة
مقدمة السورة أخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة
الطلاق بالمدينة
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وسعيد بن منصور عن طاووس أن النبي صلى الله عليه و سلم
قرأ في الجمعة بسورة الجمعة و يا أيها النبي إذا طلقتم النساء
1 - 3
(8/188)
أخرج
ابن أبي حاتم عن أنس قال : طلق رسول الله صلى الله عليه و سلم حفصة فأتت أهلها
فأنزل الله يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن فقيل له : راجعها فإنها
صوامة قوامة وإنها من أزواجك في الجنة
وأخرج ابن المنذر عن ابن سيرين في قوله : لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا قال : في
حفصة بنت عمر طلقها النبي صلى الله عليه و سلم واحدة فنزلت يا أيها النبي إذا
طلقتم النساء إلى قوله : يحدث بعد ذلك أمرا قال : فراجعها
وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال : طلق عبد بن يزيد أبو ركانة أم ركانة ثم نكح امرأة
من مزينة فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : يا رسول الله ما يغني
عني إلا ما تغني هذه الشعرة - لشعرة أخذتها من رأسها - فأخذت رسول الله صلى الله
عليه و سلم حمية عند ذلك فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم ركانة وإخوته ثم قال
لجلسائه : أترون كذا من كذا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لعبد يزيد :
طلقها ففعل فقال لأبي ركانة : ارتجعها فقال : يا رسول الله إني طلقتها
قال : قد علمت ذلك فارتجعها فنزلت يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن
قال : الذهبي إسناده واه والخبر خطأ فإن عبد يزيد لم يدرك الإسلام
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال : بلغنا في قوله : يا أيها النبي إذا طلقتم
النساء فطلقوهن لعدتهن إنها نزلت في عبد الله بن عمرو بن العاص وطفيل بن الحارث
وعمرو بن سعيد بن العاص
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي الزبير عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد
النبي صلى الله عليه و سلم فانطلق عمر فذكر ذلك له فقال : مره فليراجعها ثم يمسكها
حتى تطهر ثم يطلقها إن بدا له فأنزل الله عند ذلك " يا أيها النبي إذا طلقتم
النساء فطلقوهن في قبل عدتهن " قال أبو الزبير : هكذا سمعت ابن عمر يقرأها
وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق في المصنف وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم
وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وأبو يعلى وابن
مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك لرسول الله
صلى الله عليه و سلم فتغيظ فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم قال : ليراجعها
ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرا قبل أن
يمسها
(8/189)
فتلك
العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء وقرأ النبي صلى الله عليه و سلم : "
يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن ابن عمر أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قرأ " فطلقوهن في قبل عدتهن " وأخرج ابن
الأنباري عن ابن عمر أنه قرأ " فطلقوهن لقبل عدتهن "
وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد في فضائله وسعيد وعبد بن حميد وابن مردويه والبيهقي عن
مجاهد أنه كان يقرأ " فطلقونن لقبل عدتهن "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم فطلقوهن لعدتهن قال :
طاهر من غير جماع
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عمر فطلقوهن لعدتهن قال : في الطهر في غير جماع
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والطبراني والبيهقي عن ابن مسعود فطلقوهن لعدتهن
قال : الطهر في غير جماع
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والطبراني والبيهقي وابن مردويه عن ابن
مسعود قال : من أراد أن يطلق للسنة كما أمره الله فليطلقها طاهرا في غير جماع
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فطلقوهن لعدتهن قال : طاهرا
من غير جماع
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن أبي موسى رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه
و سلم قال : " لا يقل أحدكم لامرأته قد طلقتك قد راجعتك ليس هذا بطلاق
المسلمين طلقوا المرأة في قبل طهراها "
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه فطلقوهن لعدتهن قال : طهرهن وفي لفظ قال
: طاهرا في غير جماع
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه فطلقوهن لعدتهن قال : العدة أن يطلقها
طاهرا من غير جماع فأما الرجل يخالط امرأته حتى إذا أقلع عنها طلقها عند ذلك فلا
يدري أحاملا هي أم غير حامل فإن ذلك لا يصلح
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والطبراني وابن مردويه عن مجاهد رضي الله
(8/190)
عنه
قال : سأل ابن عباس يوما رجل فقال : يا أبا عباس إني طلقت امرأتي ثلاثا فقال ابن
عباس : عصيت ربك وحرمت عليك امرأتك ولم تتق الله ليجعل لك مخرجا يطلق أحدكم ثم
يقول : يا أبا عباس قال الله : " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في
قبل عدتهن " وهكذا كان ابن عباس يقرأ هذا الحرف
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما فطلقوهن لعدتهن قال : لا
يطلقها وهي حائض ولا في طهر قد جامعها فيه ولكن يتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها
تطليقة فإن كانت تحيض فعدتها ثلاث حيض وإن كانت لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر وإن
كانت حاملا فعدتها أن تضع حملها وإذا أراد مراجعتها قبل أن تنقضي عدتها أشهد على
ذلك رجلين كما قال الله : وأشهد ذوي عدل منكم عند الطلاق وعند المراجعة فإن راجعها
فهي عنده على تطليقتين وإن لم يراجعها فإذا انقضت عدتها فقد بانت منه واحدة وهي
أملك بنفسها ثم تتزوج من شاءت هو أوغيره
وأخرج عبد بن حميد والطبراني وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه يا أيها النبي
إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن قال : طلاق العدة أن يطلق الرجل امرأته وهي طاهر
ثم يدعها حتى تنقضي عدتها أو يراجعها إن شاء
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي وابن مردويه عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنه أنه سئل
عن رجل طلق امرأته مائة قال : عصيت ربك من يتق الله يجعل له مخرجا ثم تلا "
يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن "
قوله تعالى : وأحصوا العدة
أخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود رضي اللله عنه وأحصوا العدة قال : الطلاق طاهرا في
غير جماع
أخرج عبد بن حميد عن الشعبي رضي الله عنه أن شريحا طلق امرأته واحدة ثم سكت عنها
حتى انقضت العدة ثم أتاها فاستأذن ففزعت فدخل فقال : " إني أردت أن يطاع الله
لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن "
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن سيرين رضي الله عنه أن شريحا طلق امرأته وأشهد وقال
للشاهدين : اكتما علي فكتما عليه حتى انقضت العدة ثم أخبرها فنقلت متاعها فقال
شريح : إني كرهت أن تأثم
(8/191)
وأخرج
عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عمر رضي الله عنه قال : المطلقة والمتوفى عنها
زوجها يخرجان بالنهار ولا يبيتان ليلة تامة عن بيوتهما وأخرج عبد بن حميد عن عامر
رضي الله عنه قال : حدثتني فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها ثلاثا فأتت رسول الله صلى
الله عليه و سلم فأمرها فاعتدت عند عمها عمرو بن أم مكتوم
وأخرج عبد بن حميد عن سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن فاطمة بنت قيس أخبرته أنها
كانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة فطلقها آخر ثلاث تطليقات فزعمت أنها جاءت
رسول الله صلى الله عليه و سلم في خروجها من بيتها فأمرها أن تنتقل إلى ابن أم
مكتوم الأعمى فأبى مروان أن يصدق فاطمة في خروج المطلقة من بيتها وقال عروة : إن
عائشة رضي الله عنها أنكرت ذلك على فاطمة بنت قيس
وأخرج ابن مردويه عن أبي إسحق قال : كنت جالسا مع الأسود بن يزيد في المسجد الأعظم
ومعنا الشعبي فحدث بحديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يجعل
لها سكنى ولا نفقة فأخذ الأسود كفا من حصى فحصبه ثم قال : ويلك تحدث بمثل هذا ؟
قال عمر : لا نترك كتاب الله وسنة نبينا لقول امرأة لا ندري حفظت أم نسيت له
السكنى والنفقة قال الله : لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة
مبينة
وأخرج عبد الرزاق عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا عمرو بن حفص بن المغيرة
خرج مع علي إلى اليمن فأرسل إلى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت مع طلاقها
وأمر لها الحارث بن هشام وعياش بن أبي ربيعة بنفقة فاستقلتها فقالا لها : والله
مالك نفقة إلا أن تكوني حاملا فأتت النبي صلى الله عليه و سلم فذكرت له أمرها فقال
لها النبي صلى الله عليه و سلم : " لا نفقة لك فاستأذنيه في الإنتقال "
فأذن لها فأرسل إليها مروان يسألها عن ذلك فحدثته فقال مروان : لم أسمع بهذا
الحديث إلا من امرأة سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها فقالت فاطمة : بيني
وبينكم كتاب الله قال الله عز و جل : ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة حتى بلغ
لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا قالت : هذا لمن كانت له مراجعة فأي أمر يحدث
بعد الثلاث فكيف يقولون : لا نفقة لها إذا لم تكن حاملا فعلام تحبسونها ولكن
يتركها حتى إذا حاضت وطهرت طلقها تطليقة فإن كانت تحيض فعدتها
(8/192)
ثلاث
حيض وإن كانت لا تحيض فعدتها ثلاثة أشهر وإن كانت حاملا فعدتها أن تضع حملها وإن
أراد مراجعتها قبل أن تنقضي عدتها أشهد على ذلك رجلين كما قال الله : وأشهدوا ذوي
عدل منكم عند الطلاق وعند المراجعة فإن راجعها فهي عنده على طلقتين أو إن لم
يراجعها فإذا انقضت عدتها فقد بانت عدتها منه بواحدة وهي أملك لنفسها ثم تتزوج من
شاءت هو أو غيره
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الطلاق
على أربعة منازل : منزلان حلال ومنزلان حرام فأما الحرام فأن يطلقها حين يجامعها
ولا يدري اشتمل الرحم على شيء أولا وإن يطلقها وهي حائض وأما الحلال فأن يطلقها
لأقرائها طاهرا عن غير جماع وأن يطلقها مستبينا حملها
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في
سننه عن ابن عمر رضي الله عنه في قوله : ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة قال
: خروجها قبل انقضاء العدة من بيتها الفاحشة المبينة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولا يخرجن
إلا أن يأتين بفاحشة مبينة قال : الزنا
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن والشعبي مثله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه ولا يخرجن إلا أن يأتين
بفاحشة مبينة قال : إلا أن يزنين
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن عطاء الخراساني رضي الله عنه في قوله : ولا يخرجن
إلا أن يأتين بفاحشة مبينة قال : كان ذلك قبل أن تنزل الحدود وكانت المرأة إذا أتت
بفاحشة أخرجت
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة قال :
إلا أن تصيب حدا فتخرج فيقام عليها
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن راهويه وعبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه
من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة
قال : الفاحشة المبينة أن تبذو المرأة على أهل الرجل فإذا بذت عليهم بلسانها فقد
حل لهم إخراجها
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد رضي الله عنه إلا أن يأتين بفاحشة مبينة
(8/193)
قال
: لو كان الزنا كما تقولون أخرجت فرجمت كان ابن عباس يقول : " إلا أن يفحشن
" قال : وهو النشوز
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : الفاحشة المبينة السوء في الخلق
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : إلا أن يأتين بفاحشة مبينة قال
: يفحش لو زنت رجمت
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه بفاحشة مبينة قال : هو
النشوز وفي حرف ابن مسعود " إلا أن يفحشن " وأخرج عبد بن حميد عن قتادة
رضي الله عنه بفاحشة مبينة قال : هو النشوز
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا قال : إن بدا له
أن يراجعها راجعها في بيتها هو أبعد من قذر الأخلاق وأطوع لله أن تلزم بيتها وأخرج
عبد الرزاق وابن المنذر عن إبراهيم النخعي قال : كانوا يستحبون أن يطلقها واحدة ثم
يدعها حتى يحل أجلها وكانوا يقولون : لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا لعله أن يرغب
فيها
وأخرج ابن أبي حاتم عن فاطمة بنت قيس رضي الله عنها في قوله : لعل الله يحدث بعد
ذلك أمرا قالت : هي الرجعة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم النخعي قال : كانوا يستحبون أن يطلقها
واحدة ثم يدعها حتى تنقضي عدتها لأنه لا يدري لعله ينكحها قال : وكانوا يتأولون
هذه الآية لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا لعله يرغب فيها
وأخرج ابن أبي حاتم عن فاطمة بنت قيس في قوله : لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا لعله
يرغب في رجعتها
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك والشعبي رضي الله عنه مثله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء قال : النكاح بالشهود والطلاق بالشهود
والمراجعة بالشهود
(8/194)
وأخرج
عبد الرزاق عن ابن سيرين رضي الله عنه أن رجلا سأل عمران ابن حصين عن رجل طلق ولم
يشهد وراجع ولم يشهد قال : بئسما صنع طلق في بدعة وارتجع في غير سنة فليشهد على
طلاقه وعلى مراجعته وليستغفر الله
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن منصور وعبد بن حميد عن إبراهيم النخعي قال : العدل في
المسلمين من لم تظهر منه ريبة
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك وأقيموا الشهادة لله قال : إذا أشهدتم على شيء فأقيموه
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه و
سلم عن الشهادة فقال : " لا تشهد إلا على مثل الشمس أو دع "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " لا تشهد على شهادة حتى تكون عندك أضوأ من الشمس "
وأخرج ابن مردويه عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
خيركم من كانت عنده شهادة لا يعلمها فتعجلها قبل أن يسألها "
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود في قوله : ومن يتق الله يجعل له مخرجا قال : مخرجه
أن يعلم أنه قبل أمر الله وأن الله هو الذي يعطيه وهو يمنعه وهو يبتله يبتليه ؟
وهو يعافيه وهو يدفع عنه وفي قوله : ويرزقه من حيث لا يحتسب قال : يقول : من حيث
لا يدري
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في شعب الإيمان عن مسروق مثله
وأخرج عبد بن حميد وأبو نعيم في الحلية عن قتادة ومن يتق الله يجعل له مخرجا قال :
من شبهات الدنيا والكرب عند الموت وإفزاع يوم القيامة فالزموا تقوى الله فإن منها
الرزق من الله في الدنيا والثواب في الآخرة قال الله : وإذا تأذن ربكم لئن شكرتم
لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد سورة إبراهيم الآية 7 وقال : ههنا ويرزقه من
حيث لا يحتسب قال : من حيث لا يؤمل ولا يرجو
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ومن
(8/195)
يتق
الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب قال : ينجيه من كل كرب في الدنيا
والآخرة
وأخرج أبو يعلى وأبو نعيم والديلمي من طريق عطاء بن يسار عن ابن عباس قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله : ومن يتق الله يجعله له مخرجا قال :
" من شبهات الدنيا ومن غمرات الموت ومن شدائد يوم القيامة "
وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن عبادة بن الصامت قال : طلق بعض آبائي امرأته ألفا
فانطلق بنوه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا يا رسول الله : إن أبانا
طلق أمنا ألفا فهل له من مخرج ؟ فقال : " إن أباكم لم يتق الله فيجعل له من
أمره مخرجا بانت منه بثلاث على غير السنة والباقي إثم في عنقه "
وأخرج الحاكم وصححه وضعفه الذهبي من طريق سالم بن أبي الجعد عن جابر قال : نزلت
هذه الآية ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب في رجل من أشجع كان
فقيرا خفيف ذات اليد كثير العيال فأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فسأله فقال :
" اتق الله واصبر " فلم يلبث إلا يسيرا حتى جاء ابن له يقال له أبو نعيم
كان العدو أصابوه فأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فسأله غيره وأخبره خبرها
فنزلت ومن يتق الله الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن سالم بن أبي الجعد قال : نزلت هذه
الآية ومن يتق الله يجعل له مخرجا في رجل من أشجع أصابه جهد وبلاء وكان العدو
أسروا ابنه فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : " اتق الله واصبر "
فرجع ابن له كان أسيرا قد فكه الله فأتاهم وقد أصاب أعنزا فجاء فذكر ذلك للنبي صلى
الله عليه و سلم فنزلت فقال النبي صلى الله عليه و سلم : هي لك
وأخرج الخطيب في تاريخه من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله : ومن يتق
الله يجعل له الآية قال : نزلت هذه الآية في ابن لعوف بن مالك الأشجعي وكان
المشركون أسروه وأوثقوه وأجاعوه فكتب إلى أبيه أن ائت رسول الله صلى الله عليه و
سلم فأعلمه ما أنا فيه من الضيق والشدة فلما أخبر رسول صلى الله عليه و سلم قال له
رسول الله صلى الله عليه و سلم : اكتب إليه وأخبره ومره بالتقوى والتوكل على الله
وأن يقول عند صباحه ومسائه لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص
(8/196)
عليكم
بالمؤمنين رؤوف رحيم سورة التوبة الآية 128 فإن تولوا فقل حسبي الله لا إله إلا هو
عليه توكلت وهو رب العرش العظيم سورة التوبة الآية 129 فلما ورد عليه الكتاب قرأه
فأطلق الله وثاقه فمر بواديهم التي ترعى فيه إبلهم وغنمهم فاستاقها فجاء بها إلى
النبي صلى الله عليه و سلم فقال يا رسول الله : إني اغتلتهم بعد ما أطلق الله
وثاقي فحلا هي أم حرام ؟ قال : بل هي حلال إذا شئنا خمسنا فأنزل الله ومن يتق الله
يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب من يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ
أمره قد جعل الله لكل شيء من الشدة والرخاء قدرا يعني أجلا
وقال ابن عباس رضي الله عنهما : من قرأ هذه الآية عن سلطان يخاف غشمه أو عند موج
يخاف الغرق أوعند سبع لم يضره شيء من ذلك
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : جاء عوف بن مالك
الأشجعي فقال يا رسول الله : إن ابني أسره العدو وجزعت أمه فما تأمرني ؟ قال :
" آمرك وإياها أن تستكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله " فقالت المرأة :
نعم ما أمرك فجعلا يكثران منها فتغفل عنه العدو فاستاق غنمهم فجاء بها إلى أبيه
فنزلت ومن يتق الله يجعل له مخرجا الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن إسحق مولى أبي قيس بن مخرمة قال : جاء مالك الأشجعي
إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال له : أسر ابن عوف فقال له : " أرسل إليه
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمرك أن تستكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله
" وكانوا قد شدوه بالقد فسقط القد عنه فخرج فإذا هو بناقتة لهم فركبها فأقبل
فإذا بسرح للقوم الذين كانوا أسروه فصاح بها فأتبع آخرها أولها فلم يفجأ أبويه إلا
وهو ينادي بالباب فأتى أبوه رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبره فنزلت ومن يتق
الله يجعل له مخرجا الآية
وأخرج عبد بن حميد والحاكم وابن مردويه عن أبي عيينة والبيهقي في الدلائل عنه عن
ابن مسعود قال : أتى رجل رسول الله صلى الله عليه و سلم أراه عوف بن مالك فقال :
يا
(8/197)
رسول
الله إن بني فلان أغاروا علي فذهبوا بابني وبكى فقال : اسأل الله فرجع إلى امرأته
فقالت له : ما رد عليك رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ فأخبرها فلم يلبث الرجل أن
رد الله إبله وابنه أوفر ما كان فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره فقام على
المنبر فحمد الله وأثنى عليه وأمرهم بمسئلة الله والرغبة له وقرأ عليهم ومن يتق
الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة في قوله :
ومن يتق الله يجعل له مخرجا قال : يكفيه غم الدنيا وهمها
وأخرج أحمد والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن أبي ذر قال : جعل رسول الله صلى
الله عليه و سلم يتلو هذه الآية ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا
يحتسب فجعل يرددها حتى نعست ثم قال : يا أبا ذر لو أن الناس كلهم بها لكفتهم
"
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن معاذ بن جبل : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : " يا أيها الناس اتخذوا تقوى الله تجارة يأتكم الرزق بلا بضاعة
ولاتجارة ثم قرأ ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب "
وأخرج أحمد والنسائي وابن ماجة عن ثوبان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ولا يرد القدر إلا لدعاء ولا يزيد في
العمر إلا البر " وأخرج أحمد وابن مردويه عن ابن عباس قال : قال : قال رسول
الله : " من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا
ورزقه من حيث لا يحتسب "
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والخطيب عن عمران بن بن حصين رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من انقطع إلى الله كل مؤنة ورزقه من حيث
لا يحتسب ومن انقطع إلى الدنيا وكله الله إليها "
وأخرج البخاري في تاريخه عن إسماعيل البجي رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله
عليه و سلم : " لئن انتهنيم عندما تؤمرون لتأكلن غير زارعين "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن بالمنذر عن الربيع بن خيثم رضي الله عنه ومن
يتق الله يجعل له مخرجا قال : من كل شيء ضاق على الناس
(8/198)
وأخرج
عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه ومن يتق الله يجعل له مخرجا قال
: نجاة
وأخرج أحمد عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله قال له : " أوصيك بتقوى الله
في سر أمرك وعلانيته وإذا أسأت فأحسن ولا تسألن أحدا شيئا ولا تقبض أمانة ولا تقض
بين أثنين "
وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: " أوصيك بتقوى الله فإنه رأس كل شيء وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام
وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن فإنه روحك في السماء وذكرك في الأرض "
وأخرج ابن سعد وأحمد عن ضرغام بن عليبة بن حرملة العنبري عن أبيه عن جده رضي الله
عنه قال : " أتيت النبي صلى الله عليه و سلم فقلت يا رسول الله : أوصني قال :
اتق الله وإذا كنت في مجلس فقمت منه فسمعتهم يقولون ما يعجبك فائته فإذا سمعتهم
يقولون ما تكره فاتركه "
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : وجدت في كتاب من كتب الله
المنزلة أن الله عز و جل يقول : إني مع عبدي المؤمن حين يطيعني أعطيه قبل أن
يسألني وأستجيب له قبل أن يدعوني وما ترددت في شيء ترددي عن قبض عبدي المؤمن إنه
يكره ذلك ويسوءه وأنا أكره أن أسوءه وليس له منه بد وما عندي خير له إن عبدي إذا
أطاعني واتبع أمري فلو أجلبت عليه السموات السبع ومن فيهن والأرضون السبع بمن فيهن
جعلت له من بين ذلك المخرج وإنه إذا عصاني ولم يتبع أمري قطعت يديه من أسباب
السماء وخسفت به الأرض من تحت قدميه وتركته في الأهواء لا ينتصر من شيء إن سلطان
الأرض موضوع خامد عندي كما يضع أحدكم سلاحه عنه لا يقطع سيف إلا بيد ولا يضرب سوط
إلا بيد لا يصل من ذلك إلى شيء إلا بإذني
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه قال : كتب زياد إلى الحكم بن عمرو
الغفاري وهو على خراسان أن أمير المؤمنين كتب إلي أن يصطفى له الصفراء والبيضاء
فلا يقسم بين الناس ذهب ولا فضة فكتب إليه : بلغني كتابك وإني وجدت كتاب الله قبل
كتاب أمير المؤمنين وإنه والله لو أن السموات والأرض كانتا
(8/199)
رتقا
على عبده ثم اتقى الله جعل له مخرجا والسلام عليك ثم قال : أيها الناس اغدوا على
مالكم فقسمه بينهم
وأخرج ابن أبي شيبة عن عروة أن عائشة رضي الله عنها كتبت إلى معاوية : أوصيك بتقوى
الله فإنك إن اتقيت الله كفاك الناس وإن اتقيت الناس لم يغنوا عنك من الله شيئا
وأخرج ابن حبان في الضعفاء والبيهقي في شعب الإيمان والعسكري في الأمثال عن علي
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إنما تكون الصنيعة إلى ذي دين أو حسب
وجهاد الضعفاء الحج وجهاد المرأة حسن البتعل لزوجها والتودد نصف الإيمان وما عال
امرؤ على اقتصاد واستنزلوا الرزق بالصدقة وأبى الله أن يجعل أرزاق عباده المؤمنين
إلا من حيث لا يحتسبون
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قي قوله : ومن يتوكل على الله فهو
حسبه قال : ليس المتوكل الذي يقول تقضي حاجتي وليس كل من توكل على الله كفاه ما
أهمه ودفع عنه ما يكره وقضى حاجته ولكن الله جعل فضل من توكل على من لم يتوكل أن
يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا وفي قوله : قد جعل الله لكل شيء قدرا قال : يعني
أجلا ومنتهى ينتهي إليه
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في شعب الإيمان عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله
لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا
وأخرج ابن مردويه عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: من رضي وقنع وتوكل كفي الطلب "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: " من أحب أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله ومن أحب أن يكون أغنى الناس
فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده ومن أحب أن يكون أكرم الناس فليتق الله
"
وأخرج أبو داود وزالترمذي والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته
ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشك الله له برزق عاجل أو آجل "
(8/200)
وأخرج
الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من جاع أو احتاج فكتمه الناس وأفضى به إلى الله كان حقا على الله أن
يفتح له قوت سنة من حلال "
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب رضي الله عنه قال : يقول الله تبارك وتعالى : وإذا
توكل علي عبدي لو كادته السموات والأرض جعلت له من بين ذلك المخرج
وأخرج عبد الله ابنه في زوائد الزهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أوحى الله
إلى عيسى اجعلني من نفسك لهمك واجعلني ذخرا لمعادك وتوكل علي أكفك ولا تول غيري
فأخذ لك
وأخرج أحمد في الزهد عن عمار بن ياسر قال : كفى بالموت واعظا وكفى باليقين غنى
وكفى بالعبادة شغلا
الآية 4 - 5 أخرج إسحق بن راهويه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم
وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي بن كعب أن ناسا من أهل المدينة لما
أنزلت هذه الآية التي في البقرة في عدة النساء قالوا : لقد بقي من عدة النساء مدة
لم تذكر في القرآن : الصغار والكبار اللائي قد انقطع عنهن الحيض وذوات الحمل فأنزل
الله التي في سورة النساء القصرى والائي يئسن من المحيض الآية
وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه من وجه آخر عن أبي كعب قال : لما نزلت عدة المتوفى
والمطلقة قلت يا رسول الله : بقي نساء الصغيرة والكبيرة والحامل فنزلت واللائي
يئسن من المحيض الآية
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر من طريق الثوري عن إسماعيل قال : لما نزلت هذه الآية
والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء سورة البقرة الآية 228 سألوا النبي صلى الله
عليه و سلم فقالوا :
(8/201)
يا
رسول الله أرأيت التي لم تحض والتي قد يئست من المحيض فاختلفوا فيهما فأنزل الله
إن اربتتم يعني إن شككتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن بمنزلتهن وأولات
الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن
ثلاثة أشهر قال : هن اللاتي قعدن عن المحيض واللائي لم يحضن فهن الأبكار الحواري
اللاتي لم يبلغن المحيض فعدتهن ثلاثة أشهر وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن
فإذا نفضت الرحم ما فيها فقد انقضت عدتها قال : وذكر لنا أن سبيعة بنت الحارث
الأسلمية وضعت بعد وفاة زوجها بخمس عشرة ليلة فأمرها نبي الله صلى الله عليه و سلم
أن تزوج قال : وكان عمر يقول : لو وضعت ما في بطنها وهو موضوع على سريره من قبل أن
يقبر لحلت
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك والائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن
ثلاثة أشهر قال : العجوز الكبيرة التي قد يئست من المحيض فعدتها ثلاثة أشهر وأولات
الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير عن مجاهد إن ارتبتم قال : إن
لم تعلموا أتحيض أم لا فالتي قعدت عن المحيض والتي لم تحض بعد فعدتهن ثلاثة أشهر
وأخرج عبد بن حميد عن عامر الشعبي إن ارتبتم قال : في المحيض أتحيض أم لا ؟
وأخرج عبد حميد عن حماد بن زيد قال : فسر أيوب هذه الآية إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة
أشهر قال : تعتد تسعة أشهر فإن لم تر حملا فتلك الريبة قال : اعتدت الآن بثلاثة
أشهر
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال : تعتد المرأة بالحيض وإن كان كل سنة مرة فإن
كانت لا تحيض اعتدت بالأشهر وإن حاضت قبل أن توفي الأشهر اعتدت بالحيض من ذي قبل
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي قال : تعتد بالحيض وإن لم تحض إلا في كل سنة مرة
وأخرج عبد الرزاق عن عكرمة أنه سئل عن المرأة تحيض فكثر دمها حتى لا
(8/202)
تدري
كيف حيضتها قال : تعتد ثلاثة أشهر وهي الريبة التي قال الله : إن ارتبتم قضى بذلك
ابن عباس وزيد بن ثابت
وأخرج عبد بن حميد عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد في المرأة الشابة تطلق فيرتفع
حيضها فما تدري ما رفعها قال : تعتد بالحيض وقال طاووس : تعتد بثلاثة أشهر
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب قال : قضى عمر في المرأة التي يطلقها زوجها
تطليقة ثم تحيض حيضة وحيضتين ثم ترتفع حيضتها لا تدري ما الذي رفعها أنها تربص
بنفسها ما بينها وبين تسعة أشهر فإن استبان حمل فهي حامل وإن مر تسعة أشهر ولا حمل
بها اعتدت ثلاثة أشهر بعد ذلك ثم قد حلت
وأخرج عبد الله في زوائد المسند وابن مردويه عن أبي بن كعب قال : قلت للنبي صلى
الله عليه و سلم وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن أهي المطلقة ثلاثا والمتوفي
عنها زوجها ؟ قال : هي المطلقة ثلاثا والمتوفي عنها زوجها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والدارقطني من وجه آخر عن أبي بن كعب
قال : لما نزلت هذه الآية قلت لرسول الله صلى الله عليه و سلم يا رسول الله : هذه
الآية مشتركة أم مبهمة ؟ قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أية آية ؟ قلت :
أولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن المطلقة والمتوفي عنها زوجها ؟ قال : نعم
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن
جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طرق عن ابن مسعود أنه
بلغه أن عليا يقول : تعتد آخر الأجلين فقال : من شاء لاعنته إن الآية التي نزلت في
سورة النساء القصرى نزلت بعد سورة البقرة وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن بكذا
وكذا شهرا فكل مطلقة أو متوفى عنها زوجها فأجلها أن تضع حملها
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والطبراني وابن مردويه عن ابن مسعود
قال : من شاء حافته أن سورة النساء الصغرى أنزلت بعد الأربعة أشهر وعشرا وأولات
الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن
وأخرج عبد الرزاق عن ابن مسعود قال : من شاء لاعنته إن الآية التي في
(8/203)
سورة
النساء القصرى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن نسخت ما في البقرة
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : نسخت سورة النساء القصرى كل عدة
وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن أجل كل حامل مطلقة أو متوفى عنها زوجها أن تضع
حملها
وأخرج الحاكم في التاريخ والديلمي عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا
وأخرج عبد بن حميد والبخاري والطبراني وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال
: أتجعلون عليها التغليظ ولا تجعلون لها الرخصة ؟ أنزلت سورة النساء القصرى بعد
الطولى وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن إذا وضعت فقد انقضت العدة
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : نزلت سورة النساء القصرى بعد التي في
البقرة بسبع سنين
وأخرج عبد الرزاق عن أبي بن كعب قال : قلت يا رسول الله إني أسمع الله يذكر وأولات
الأحمال أن يضعن حملهن فالحامل المتوفي عنها زوجها أن تضع حملها فقال لي النبي صلى
الله عليه و سلم : نعم
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي
والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن
قال : كنت أنا وابن عباس وأبو هريرة فجاء رجل فقال : افتني في امرأة ولدت بعد
زوجها بأربعين ليلة أحلت ؟ فقال ابن عباس رضي الله عنهما : تعتد آخر الأجلين قلت
أنا وأولات الأحمال أن يضعن حملهن قال ابن عباس رضي الله عنهما : ذلك في الطلاق
قال أبو سلمة : أرأيت لو أن امرأة أخر حملها سنة فما عدتها ؟ قال ابن عباس : آخر
الأجلين
قال أبو هريرة رضي الله عنه : أنا مع أخي أبي سلمة
فأرسل ابن عباس غلامه كريبا إلى أم سلمه يسألها هل مضت في ذلك سنة ؟ فقالت : قتل
زوجها سبيعة الأسلمية وهي حبلى فوضعت بعد موته بأربعين ليلة فخطبت فأنكحها رسول
الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن مردويه عن أبي السنابل بن بعكك أن سبيعة بنت
الحارث وضعت بعد وفاة زوجها بثلاثة وعشرين يوما فتشوفت
(8/204)
للنكاح
فأنكر ذلك عليها أو عيب فسئل النبي صلى الله عليه و سلم فقال : " إن تفعل فقد
خلا أجلها "
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : مكثت امرأة ثلاثا وعشرين ليلة ثم
وضعت فأتت النبي صلى الله عليه و سلم فذكرت ذلك له فقال : " استفحلي لأمرك
" يقول : تزوجي
وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن سبيعة الأسلمية أنها توفي زوجها فوضعت بعد وفاته
بخمس وعشرين ليلة فتهيأت فقال لها أبو السنابل بن بعكك : قد أسرعت اعتدي آخر
الأجلين أربعة أشهر وعشرا قالت : فأتيت النبي صلى الله عليه و سلم فأخبرته فقال :
" إن وجدت زوجا صالحا زوجي "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن المسور بن مخرمة أن زوج سبيعة الأسلمية توفي وهي
حامل فلم يتمكث إلا ليالي يسيرة حتى نفست فلما تعلت من نفاسها ذكرت ذلك لرسول الله
صلى الله عليه و سلم فأذن لها فنكحت
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أن امرأة توفي عنها زوجها فولدت بعد أيام فاختضبت
وتزينت فمر بها أبو السنابل بن بعكك فقال : كذبت إنما هو آخر الأجلين فأتت النبي
صلى الله عليه و سلم فأخبرته بذلك فقال : " كذب أبو السنابل تزوجي "
وأخرج عبد بن حميد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه تمارى هو وابن عباس في المتوفى
عنها زوجها وهي حبلى فقال ابن عباس : آخر الأجلين وقال أبو سلمة : إذا ولدت فقد
حلت فجاء أبو هريرة فقال : أنا مع ابن أخي لأبي سلمة ثم أرسلوا إلى عائشة فسألوها
فقالت : ولدت سبيعة بعد موت زوجها بليال فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه و سلم
فأمرها فنكحت
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عبيد الله بن عبد الله قال : أرسل مروان عبد
الله بن عتبة إلى سبيعة بنت الحارث ليسألها عما أفتاها رسول الله صلى الله عليه و
سلم فأخبرته أنها كانت عند سعد بن خولة فتوفي عنها في حجة الوداع وكان بدريا فوضعت
حملها قبل أن تمضي أربعة أشهر وعشر من وفاته فتلقاها أبو السنابل بن بعكك حين تعلت
من نفاسها وقد اكتحلت وتزينت فقال : لعلك تريدين النكاح إنها أربعة أشهر وعشرا من
وفاة زوجك
قالت فأتيت النبي صلى الله عليه و سلم فذكرت ذلك له وذكرت له
(8/205)
ما
قال أبو السنابل فقال لها رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اربعي بنفسك فقد
حل أجلك إذا وضعت حملك "
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي شيبة عن علي في الحامل إذا وضعت بعد وفاة زوجها قال :
تعتد أربعة أشهر وعشرا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن ابن عباس أنه كان يقول في الحامل المتوفى عنها
زوجها : تنتظر آخر الأجلين
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب أن عمر استشار علي بن أبي طالب وزيد بن ثابت
قال زيد : قد حلت وقال علي : أربعة أشهر وعشرا
قال زيد : أرأيت إن كانت آيسا ؟ قال علي فآخر الأجلين
قال عمر : لو وضعت ذا بطنها وزوجها على نعشه لم يدخل حفرته لكانت قد حلت
وأخرج ابن المنذر عن مغيرة قال : قلت للشعبي : ما أصدق أن علي بن أبي طالب كان
يقول : عدة المتوفي عنها زوجها آخر الأجلين قال : بلى فصدق به كأشد ما صدقت بشيء
كان علي يقول : إنما قوله : وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن في المطلقة
وأخرج مالك والشافعي وعبد الرزاق وابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه سئل عن المرأة
يتوفى عنها زوجها وهي حامل فقال : إذا وضعت حملها فقد حلت فأخبره رجل من الأنصار
أن عمر بن الخطاب قال : لو ولدت وزوجها على سريره لم يدفن لحلت
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن قال : إذا ألقت المرأة شيئا يعلم أنه من حمل فقد انقضت
به العدة وأعتقت أم الولد
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن ومحمد قالا : إذا سقطت المرأة فقد انقضت عدتها
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي قال : إذا نكس في الخلق الرابع وكان مخلقا اعتقت به
الأمة وانقضت به العدة
وأخرج أبي شيبة عن ابن عباس أنه سئل عن رجل اشترى جارية وهي حامل أيطؤها ؟ قال :
لا وقرأ وأولات الأحمال أن يضعن حملهن
(8/206)
الآية
6 - 7 أخرج عبد بن حميد عن قتادة أسكنوهن من حيث سنتم من وجدكم قال : إن لم تجد
لها إلا ناحية بيتك فأسكنها فيه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : من حيث سكنتم من وجدكم قال : من سعتكم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : من حيث سكنتم من وجدكم قال : من
سعتكم ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن قال : في المسكن
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ من وجدكم مرفوعة الواو وأخرج ابن المنذر عن ابن
عباس في قوله : وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن قال : فهذه المرأة
يطلقها زوجها وهي حامل فأمر الله أن يسكنها أو ينفق عليها حتى تضع وإن أرضعته فحتى
تفطم فإن أبان طلاقها وليس بها حمل فلها السكنى حتى تنقضي عدتها ولا نفقة لها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة فإن أرضعن لكم الآية قال : هي أحق بولدها
أن تأخذه بما كنت مسترضعا به غيرها
أخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى قال : إذا قام
الرضاع مسترضعا به غيرها
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى قال : إذا قام
الرضاع على شيء خيرت الأم
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم والضحاك و قتادة مثله
(8/207)
وأخرج
عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : لينفق ذو سعته من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق
مما أتاه الله الآية قال علي : المطلقة إذا أرضعت له
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : ومن قدر عليه رزقه قال : قتر فلينفق مما
آتاه الله قال : أعطاه لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها قال : أعطاها
وأخرج ابن جرير عن أبي سنان قال : سأل عمر بن الخطاب عن أبي عبيدة فقيل له : إنه
يلبس الغليظ من الثياب ويأكل أخشن الطعام فبعث إليه بألف دينار وقال للرسول : أنظر
ما يصنع بها إذا هو أخذها ؟ فما لبث أن لبس ألين الثياب وأكل أطيب الطعام فجاء
الرسول فأخبره فقال : رحمه الله تأول هذه الآية لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه
رزقه فلينفق مما آتاه الله
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان وضعفه عن طاووس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إن المؤمن أخذ من الله أدبا حسنا إذا وسع عليه وسع على نسفه وإذا
أمسك عليه أمسك "
وأخرج ابن مردويه عن علي قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم كان له مائة
وقية بعشر أواقن وجاءه رجل كان له مائة دينار بعشر دنانير وجاءه رجل له عشرة
دنانير بدينار فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " أنتم في الأجر سواء كل
واحد منكم جاء بعشر ماله " ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم لينفق ذو
سعة من سعته
وأخرج الطبراني عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ثلاثة نفر كان لأحدهم عشرة دنانير فتصدق منها بدينار وكان لآخر عشر أواق
فتصدق منها بأوقية وكان لآخر مائة أوقية فتصدق منها بعشرة أواق فقال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " هم في الأجر سواء كل تصدق بعشر ماله قال الله : لينفق ذو
سعة من سعته
وأخرج عبد الرزاق عن معمر قال : سألت الزهري عن الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته
يفرق بينهما ؟ قال : يستأني له ولا يفرق بينهما وتلا لا يكلف الله نفسا إلا ما
آتاها سيجعل الله بعد عسر يسرا قال معمر : وبلغني أن عمر بن عبد العزيز قال مثل
قول الزهري
(8/208)
الآية
8 - 12 أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : فحاسبناها حسابا شديدا يقول : لم ترحم
وعذبناها عذابا نكرا يقول : عظيما منكرا
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ عذابا نكرا مثقلة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد فذاقت وبال أمرها قال : جزاء أمرها
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة فذاقت وبال أمرها قال : عقوبة أمرها
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا قال : محمد صلى الله
عليه و سلم
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ آيات مبينات بنصب الياء والله تعالى أعلم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر من طريق أبي رزين قال : سألت ابن عباس هل تحت الأرض
خلق ؟ قال : نعم ألم تر إلى قوله : خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر
بينهن ؟
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال له رجل
الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن إلى آخر السورة فقال ابن عباس : للرجل ما
يؤمنك إن أخبرك بها فتكفر
(8/209)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : خلق سبع سموات ومن الأرض
مثلهن قال : في كل سماء وفي كل أرض خلق من خلقه وأمر من أمره وقضاء من قضائه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : يتنزل الأمر بينهن قال : من
السماء السابعة إلى الأرض السابعة
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله : يتنزل الأمر بينهن قال : السماء
مكفوفة والأرض مكفوفة
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في الآية قال : بين كل سماء وأرض خلق وأمر
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن قال :
بلغني أن عرض كل أرض مسيرة خمسمائة سنة وأن بين أرضين مسيرة خمسمائة سنة وأخبرت أن
الريح بين الأرض الثانية والثالثة والأرض السابعة فوق الثرى واسمها تخوم وأن أرواح
الكفار فيها ولها فيها اليوم حنين فإذا كان يوم القيامة ألقتهم إلى برهوت فاجتمع
أنفس المسلمين بالجابية والثرى فوق الصخرة التي قال الله في صخرة والصخرة خضراء
مكلله والصخرة على الثور والثور له قرنان وله ثلاث قوائم يبتلع ماء الأرض كلها يوم
القيامة والثور على الحوت وذنب الحوت عند رأسه مستدير تحت الأرض السفلى وطرفاه
منعقدان تحت العرش ويقال : الأرض السفلى على عمد من قرني الثور ويقال : بل على
ظهره واسمه بهموت يأثرون أنهما نزل أهل الجنة فيشبعون من زائد كبد الحوت ورأس
الثور وأخبرت بأن عبد الله بن سلام سأل النبي صلى الله عليه و سلم : علام الحوت ؟
قال : على ماء أسود وما أخذ منه الحوت إلا كما أخذ حوت من حيتانكم من بحر من هذه
البحار وحدثت أن إبليس تغلغل إلى الحوت فعظم له نفسه وقال : ليس خلق بأعظم منك غنى
ولا أقوى فوجد الحوت في نفسه فتحرك فمنه تكون الزلزلة إذا تحرك فبعث الله حوتا
صغيرا فأسكنه في أذنه فإذا ذهب يتحرك تحرك الذي في أذنه فسكن
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن الضريس من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله : ومن
الأرض مثلهن قال : لو حدثتكم بتفسيرها لكفرتم وكفركم بتكذيبكم بها
(8/210)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب وفي الأسماء والصفات عن
أبي الضحى عن ابن عباس في قوله : ومن الأرض مثلهن قال : سبع أرضين في كل أرض نبي
كنبيكم وآدم كآدم ونوح كنوح وإبراهيم كإبراهيم وعيسى كعيسى قال البيهقي : إسناده
صحيح ولكنه شاذ لا أعلم لأبي الضحى عليه متابعا
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه وتعقبه الذهبي فقال : منكرعن ابن عمر وقال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الأرضين بين كل أرض والتي تليها مسيرة
خمسمائة عام والعليا منها على ظهر حوت قد التقى طرفاه في السماء والحوت على صخرة
والصخرة بيد الملك والثانية مسجن الريح فلما أراد الله أن يهلك عادا أمر خازن
الريح أن يرسل عليهم ريحا يهلك عادا فقال : يا رب أرسل عليهم من الريح بقدر منخر
الثور فقال له الجبار : إذن تكفأ الأرض ومن عليها ولكن أرسل عليهم بقدر خاتم فهي التي
قال الله في كتابه : ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم سورة الذاريات
الآية 42 والثالثة فيها حجارة جهنم والرابعة فيها كبريت جهنم قالوا : يا رسول الله
أللنار كبريت ؟ قال : نعم والذي نفسي بيده إن فيها لأودية من كبريت لو أرسل فيها
الجبال الرواسي لماعت والخامسة فيها حيات جهنم إن أفواهها كالأودية تلسع الكافر
اللسعة فلا تبقي منه لحما على وضم والسادسة فيها عقارب جهنم إن أدنى عقربة منها
كالبغال الموكفة تضرب الكافر ضربة ينسيه ضربها حر جهنم والسابعة فيها سقر وفيها
إبليس مصفد بالحديد يد أمامه ويد خلفه فإذا أراد الله أن يطلقه لما شاء أطلقه
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " كثف الأرض مسيرة خمسمائة عام وكثف الثانية مثل ذلك وما بين كل أرضين
مثل ذلك "
وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي في الرد على الجهميه عن ابن عباس قال : سيد السموات
السماء التي فيها العرش وسيد الأرضين التي نحن عليها
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن كعب قال : الأرضون السبع على صخرة
(8/211)
والصخرة
في كف ملك والملك على جناح الحوت والحوت في الماء والماء على الريح والريح على
الهواء ريح عقيم لا تلقح وإن قرونها معلقة بالعرش
وأخرج أبو الشيخ عن أبي مالك قال : الصخرة التي تحت الأرض منتهى الخلق على أرجائها
أربعة أملاك ورؤوسهم تحت العرش
وأخرج أبو الشيخ عن أبي مالك قال : إن الأرضين على حوت والسلسلة في أذن الحوت
(8/212)
66
- سورة التحريم
مدنية وآياتها اثنتا عشرة أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن
عباس قال : نزلت سورة التحريم بالمدينة ولفظ ابن مردويه سورة التحرم وأخرج ابن
مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : أنزلت بالمدينة سورة النساء و يا أيها النبي
لم تحرم ما أحل الله لك
بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 2 أخرج ابن سعد وعبد بن حميد والبخاري وابن المنذر وابن مردويه عن عائشة
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلا
فتواصيت أنا وحفصة أن أتينا دخل عليها النبي صلى الله عليه و سلم فلتقل إني أجد
منك ريح مغافير أكلت مغافير فدخل إلى إحداهما فقالت ذلك له فقال : لا بل شربت عسلا
عند زينب بنت جحش ولن أعود فنزلت يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك إلى أن
تتوبا إلى الله لعائشة وحفصة إذا أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا لقوله : بل شربت
عسلا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند صحيح عن ابن عباس قال
: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يشرب من شراب عند سودة من العسل فدخل
(8/213)
على
عائشة فقالت : إني أجد منك ريحا فدخل على حفصة فقالت : إني أجد منك ريحا فقال :
" أراه من شراب شربته عند سودة والله لا أشربه " فأنزل الله يا أيها
النبي لم تحرم ما أحل الله لك الآية
وأخرج ابن سعد عن عبد الله بن رافع قال : سألت أم سلمة عن هذه الآية يا أيها النبي
لم تحرم ما أحل الله لك قالت : كانت عندي عكة من عسل أبيض فكان النبي صلى الله
عليه و سلم يلعق منها وكان يحبسه فقالت له عائشة : نحلها تجرش عرفطا فحرمها فنزلت
هذه الآية
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد عن عبد الله بن عتيبة أنه سئل أي شيء حرم النبي صلى
الله عليه و سلم ؟ قال : عكة من عسل
وأخرج النسائي والحاكم وصححه وابن مردويه عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم
كانت له أمة يطؤها فلم تزل به عائشة وحفصة حتى جعلها على نفسه حراما فأنزل الله
هذه الآية يا أيها النبي ما أحل الله لك إلى آخر الآية
وأخرج الترمذي والطبراني بسند حسن صحيح عن ابن عباس قال : نزلت يا أيها النبي لم
تحرم الآية في سريته
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قلت لعمر بن الخطاب
رضي الله عنه : من المرأتان اللتان تظاهرتا ؟ قال : عائشة وحفصة وكان بدء الحديث
في شأن مارية أم إبراهيم القبطية أصابها النبي صلى الله عليه و سلم في بيت حفصة في
يومها فوجدت حفصة فقالت : يا نبي الله لقد جئت إلي شيئا ما جئته إلى أحد من أزواجك
في يومي وفي داري وعلى فراشي فقال ألا ترضين أن أحرمها فلا أقربها ؟ قالت : بلى
فحرمها وقال : لا تذكري ذلك لأحد فذكرته لعائشة رضي الله عنها فأظهره الله عليه
فأنزل الله يا أيها النبي لم تحر ما أحل الله لك الآيات كلها فبلغنا أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم كفر عنها فأظهر الله يمينه وأصاب جاريته
وأخرج ابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : يا
أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك قال : حرم سريته
وأخرج ابن سعد وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت عائشة وحفصة
متحابتين فذهبت حفصة إلى بيت أبيها تحدث عنده فأرسل النبي صلى الله عليه و سلم إلى
جاريته فظلت معه في بيت حفصة وكان اليوم الذي يأتي فيه حفصة فوجدتهما
(8/214)
في
بيتها فجعلت تنتظر خروجها وغارت غيرة شديدة فأخرج النبي صلى الله عليه و سلم
جاريته ودخلت حفصة فقالت : قد رأيت من كان عندك والله لقد سؤتني فقال النبي صلى
الله عليه و سلم : " والله لأرضينك وإني مسر إليك سرا فاحفظيه " قالت :
ما هو ؟ قال : " إني أشهدك أن سريتي هذه علي حرام رضا فانطلقت حفصة إلى عائشة
فأسرت إليها أن أبشري إن النبي صلى الله عليه و سلم قد حرم عليه فتاته فلما أخبرت
بسر النبي صلى الله عليه و سلم أظهر الله النبي صلى الله عليه و سلم عليه فأنزل
الله يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال :
ذكر عند عمر بن الخطاب يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك
قال : إنما كان ذلك في حفصة
وأخرج ابن مردويه عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم أنزل أم إبراهيم منزل أبي
أيوب قالت عائشة رضي الله عنها : فدخل النبي صلى الله عليه و سلم بيتها يوما فوجد
خلوة فأصابها فحملت بإبراهيم قالت عائشة : فلما استبان فزعت من ذلك فمكث رسول الله
صلى الله عليه و سلم حتى ولدت فلم يكن لأمة لبن فاشترى له ضائنة يغذي منها الصبي
فصلح عليه جسمه وحسن لحمه وصفا لونه فجاء به يوما يحمله على عنقه فقال يا عائشة
كيف تري الشبه ؟ فقلت : أنا غيري ما أدري شبها فقال : ولا باللحم ؟ فقلت : لعمري لمن
تغذى بألبان الضأن ليحسن لحمه قال : فجزعت عائشة رضي الله عنها وحفصة من ذلك
فعاتبته حفصة فحرمها وأسر إليها سرا فأفشته إلى عائشة رضي الله عنها فنزلت آية
التحريم فأعتق رسول الله صلى الله عليه و سلم رقبة
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : وجدت حفصة رضي الله عنها مع
النبي صلى الله عليه و سلم أم ولده مارية أم إبراهيم فحرم أم ولده لحفصة رضي الله
عنها وأمرها أن تكتم ذلك فأسرته إلى عائشة رضي الله عنها فذلك قوله تعالى : وإذا
أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فأمره الله بكفارة يمينه
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : يا أيها النبي لم تحرم ما أحل
الله لك الآية قال : كان حرم فتاته القبطية أم إبراهيم عليه السلام في يوم حفصة
وأسر ذلك إليها فأطلعت عليه عائشة رضي الله عنها وكانتا تظاهرتا على نساء النبي
صلى الله عليه و سلم فأحل الله له ما حرم على نفسه وأمره أن يكفر عن يمينه فقال :
قد فرض الله لكم تحلة إيمانكم
(8/215)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الشعبي وقتادة رضي الله عنهما يا أيها النبي لم تحرم
ما أحل الله لك قال : حرم جاريته قال الشعبي : وحلف يمينا مع التحريم فعاتبه الله
في التحريم وجعل له كفارة اليمين وقال قتادة : حرمها فكانت يمينا
وأخرج ابن سعد عن زيد بن أسلم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم حرم أم
إبراهيم فقال : هي علي حرام فقال : والله لا أقربها فنزلت قد فرض الله لكم تحلة
أيمانكم
وأخرج ابن سعد عن مسروق والشعبي قالا : آلى رسول الله صلى الله عليه و سلم من أمته
وحرمها فأنزل الله قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم وأنزل لم تحرم ما أحل الله لك
وأخرج الهيثم بن كليب في مسنده والضياء المقدسي في المختارة من طريق نافع عن ابن
عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لحفصة : لا تحدثي أحدا وإن أم
إبراهيم علي حرام فقالت : أتحرم ما أحل الله لك ؟ قال : فوالله لا أقربها فلم
يقربها نفسه حتى أخبرت عائشة فأنزل الله قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن مسروق أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حلف
لحفصة أن لا يقرب أمته وقال : هي علي حرام فنزلت الكفارة ليمينه وأمر أن لا يحرم
ما أحل الله له
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن الضحاك أن حفصة زارت أباها ذات يوم وكان يومها
فجاء النبي صلى الله عليه و سلم فلم يجدها في المنزل فأرسل إلى أمته مارية فأصاب
منها في بيت حفصة وجاءت حفصة على تلك الحال فقالت يا رسول الله : أتفعل هذا في
بيتي وفي يومي ؟ قال : فإنها علي حرام ولا تخبري بذلك أحدا فانطلقت حفصة إلى عائشة
فأخبرتها بذلك فأنزل الله يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك إلى قوله : وصالح
المؤمنين فأمر أن يكفر عن يمينه ويراجع أمته
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي هريرة قال : دخل رسول الله
صلى الله عليه و سلم بمارية القبطية سريته بيت حفصة فوجدتها معه فقالت : يا رسول
الله في بيتي من بين بيوت نسائك ؟ قال : فإنها علي حرام أن أمسها واكتمي
(8/216)
هذا
علي فخرجت حتى أتت عائشة فقالت : ألا أبشرك ؟ قالت : بماذا ؟ قالت : وجدت مارية مع
رسول الله صلى الله عليه و سلم في بيتي فقلت : يا رسول الله في بيتي من بين بيوت
نسائك ؟ فكان أول السر أنه أحرمها على نفسه ثم قال لي : يا حفصة ألا أبشرك فأعلمي
عائشة أن أباك يلي الأمر من بعده وأن أبي يليه بعد أبيك وقد استكتمني ذلك فاكتميه
فأنزل الله يا أيها النبي لم تحرم إلى قوله : غفور رحيم أي لما كان منك إلى قوله :
وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه يعني حفصة حديثا فلما نبأت به يعني عائشة وأظهره
الله عليه أي بالقرآن عرف بعضه عرف حفصة ما أظهر من أمر مارية وأعرض عن بعض عما
أخبرت به من أمر أبي بكر وعمر فلم يبده فلما نبأها به إلى قوله : الخبير ثم أقبل
عليهما يعاتبهما فقال : إن تتوبا إلى الله إلى قوله : ثيبات وأبكارا فوعده من
الثيبات آسية بنت مزاحم وأخت نوح عليه السلام ومن الأبكار مريم بنت عمران وأخت
موسى
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية يا
أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك في المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه
و سلم
الآية 2 - 4 أخرج عبد الرزاق والبخاري وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال
: في الحرام يكفر وقال : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة سورة الأحزاب 21
(8/217)
وأخرج
ابن المنذر والطبراني والحاكم وابن مردويه عن ابن عباس أنه جاءه رجل فقال : جعلت
امرأتي علي حراما فقال : كذبت ليست عليك بحرام ثم تلا لم تحرم ما أحل الله لك قال
: عليك أغلظ الكفارات عتق رقبة
وأخرج الحارث بن أبي أسامة عن عائشة قالت : لما حلف أبو بكر أن لا ينفق على مسطح
فأنزل الله قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم فأحل يمينه وأنفق عليه
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه من طريق علي عن ابن عباس قد فرض الله لكم تحلة
أيمانكم قال : أمر الله النبي صلى الله عليه و سلم والمؤمنين إذا حرموا شيئا مما
أحل الله لهم أن يكفروا أيمانهم بإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة وليس
يدخل في ذلك الطلاق
وأخرج عبد بن حميد عن ميمون بن مهران رضي الله عنه في قوله : تحلة أيمانكم قال :
يقول قد أحللت لك ما ملكت يمينك فلم تحرم ذلك وقد فرضت لك تحلة اليمين بها يمينك ؟
كل ذلك في هذا
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه
حديثا قال : دخلت حفصة على النبي صلى الله عليه و سلم في بيتها وهو يطأ مارية فقال
لها رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا تخبري عائشة حتى أبشرك بشارة فإن أباك يلي
الأمر بعد أبي بكر إذا أنا مت فذهبت حفصة فأخبرت عائشة فقالت عائشة للنبي صلى الله
عليه و سلم : من أنبأك هذا ؟ قال : نبأني العليم الخبير فقالت عائشة : لا أنظر
إليك حتى تحرم مارية فحرمها فأنزل الله يا أيها النبي لم تحرم
وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن عائشة في قوله : وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا
قال : أسر إليها أن أبا بكر خليفتي من بعدي
(8/218)
وأخرج
ابن عدي وأبو نعيم في فضائل الصحابة العشاري في فضائل الصديق وابن مردويه وابن
عساكر من طرق عن علي وابن عباس قالا : والله إن إمارة أبي بكر وعمر لفي الكتاب
وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا قال لحفصة : " أبوك وأبو عائشة واليا
الناس بعدي فإياك أن تخبري أحدا "
وأخرج ابن عساكر عن ميمون بن مهران في قوله : وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا
قال : أسر إليها أن أبا بكر خليفتي من بعدي
وأخرج ابن عساكر عن حبيب بن أبي ثابت وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا قال :
أخبر عائشة أن أباها الخليفة من بعده وأن أبا حفصة الخليفة من بعد أبيها
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال : أتى النبي صلى الله عليه و سلم جارية له في يوم
عائشة وكانت حفصة وعائشة متحابتين فأطلعتحفصة على ذلك فقال لها : لا تخبري عائشة
بما كان مني وقد حرمتها علي فأفشت حفصة سر النبي صلى الله عليه و سلم فأنزل الله
تعالى : يا أيها النبي لم تحرم الآيات
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا قال : أسر إلى
عائشة في أمر الخلافة بعده فحدثت به حفصة
وأخرج أبو نعيم في فضائل الصحابة عن الضحاك وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا
قال : أسر إلى حفصة بنت عمر أن الخليفة من بعده أبو بكر ومن بعد أبي بكر عمر
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : عرف بعضه وأعرض عن بعض قال : الذي عرف أمر
مارية وأعرض عن بعض قوله : " إن أباك وأباها يليان الناس بعدي " مخافة
أن يفشو
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس مثله
وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال : ما استقصى كريم قط لأن الله تعالى يقول
: عرف بعضه وأعرض عن بعض
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عطاء الخرساني قال : ما استقصى حليم قط ألم تسمع
إلى قوله : عرف بعضهوأعرض عن بعض
أما قوله تعالى : إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه
أخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : فقد صغت قلوبكما قال : مالت
وأثمت
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس صغت قال : مالت
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : صغت قال : مالت
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : كنا نرى أن صغت قلوبكما شيء هين حتى سمعناه
بقراءة عبد الله أن تتوبا إلى الله ؟ فقد صغت قلوبكما
(8/219)
وأخرج
عبد الرزاق وابن سعد وأحمد والعدني وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن
حبان وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لم أزل حريصا أن
أسأل عمر رضي الله عنه عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه و سلم اللتين قال
الله تعالى : إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما حتى حج عمر وحججت معه فلما كان
ببعض الطريق عدل عمر وعدلت معه بالإداوة فتبرز ثم أتى فصببت على يديه فتوضا فقلت :
يا أمير المؤمنين من المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه و سلم اللتان قال الله
: إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما فقال : واعجبا لك يا ابن عباس هما عائشة وحفصة
ثم أنشأ يحدثني الحديث فقال : كنا معشر قريش نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا
قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم فغضبت على امرأتي يوما فإذا هي
تراجعني فأنكرت أن تراجعني فقالت : ما تنكر من ذلك ؟ فوالله إن أزواج النبي صلى
الله عليه و سلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل قلت : قد خابت من فعلت
ذلك منهن وخسرت قال : وكان منزلي بالعوالي وكان لي جار من الأنصار كنا نتناوب
النزول إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فيزل يوما فيأتيني بخبر الوحي وغيره
وأنزل يوما فآتيه بمثل ذلك
قال : وكنا نحدث أن غسان تنعل الخيل لتغزونا فجاء يوما فضرب على الباب فخرجت إليه
فقال : حدث أمر عظيم فقلت : أجاءت غسان ؟ قال : أعظم من ذلك طلق رسول الله صلى
الله عليه و سلم نساءه قلت في نفسي : قد خابت حفصة وخسرت قد كنت أرى ذلك كائنا
فلما صلينا الصبح شددت نعلي ثيابي ثم انطلقت حت دخلت على حفصة فإذا هي تبكي فقلت :
أطلقكن رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قالت : لا أدري هو ذا معتزل في المشربة
فانطلقت فأتيت غلاما أسودا فقلت : استأذن لعمر فدخل ثم خرج إلي فقال : قد ذكرتك له
فلم يقل شيئا فانطلقت إلى المسجد فإذا حول المسجد نفر يبكون فجلست إليهم ثم غلبني
ما أجد فانطلقت فأتيت الغلام فقلت : استأذن لعمر فدخل ثم خرج فقال : قد ذكرتك له
فلم يقل شيئا فوليت منطلقا فإذا الغلام يدعوني فقال : أدخل فقد أذن لك فدخلت فإذا
النبي صلى الله عليه و سلم متكئ على حصير قد رأيت أثره في جنبه فقلت : يا رسول الله
أطلقت نساءك ؟ قال : لا قلت : الله أكبر لو رأيتنا يا رسول الله وكنا معشر قريش
نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قوما تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من
نسائهم فغضبت يوما على
(8/220)
امرأتي
فإذا هي تراجعني فأنكرت ذلك فقالت : ما تنكر فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه
و سلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل فقلت : قد خابت من فعل ذلك منهن
فدخلت على حفصة فقلت : أتراجع إحداكن رسول الله صلى الله عليه و سلم وتهجره اليوم
إلى الليل ؟ نعم فقلت : قد خابت من فعلت ذلك منكن وخسرت أتأمن إحداكن أن يغضب الله
عليها لغضب رسوله صلى الله عليه و سلم ؟ فإذا هي قد هلكت فتبسم رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقلت لحفصة : لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا تسأليه شيئا
وسليني ما بدا لك ولا يغرنك إن كانت جارتك أوسم منك وأحب إلى رسول الله صلى الله
عليه و سلم فتبسم أخرى فقلت يا رسول الله : استأنس قال : نعم فرفعت رأسي فما رأيت
في البيت إلا أهبة ثلاثة فقلت : يا رسول الله أدع الله أن يوسع على أمتك فقد وسع
على فارس والروم وهم لا يعبدون الله فاستوى جالسا وقال : أو في شك أنت يا ابن
الخطاب أولئك قوم قد عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا وكان قد أقسم أن لا يدخل
على نسائه شهرا فعاتبه الله في ذلك وجعل له كفارة اليمين
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : آلى رسول الله صلى الله عليه و
سلم من نسائه وحرم فجعل الحرام حلالا وجعل في اليمين كفارة
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : آلى النبي صلى الله عليه و سلم من نسائه وحرم
فأما الحرام فأحله الله له وأما الإيلاء فأمره بكفارة اليمين
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ وإن تظاهر عليه خفيفة عسى ربه إن طلقكن أن
يبدله خفيفة مرفوعة الياء سائحات خفيفة الألف
وأخرج عبد بن حميد ومسلم وابن مردويه عن ابن عباس قال : حدثني عمر بن الخطاب قال :
لما اعتزل رسول الله صلى الله عليه و سلم نساءه دخلت المسجد فإذا الناس ينكتون
بالحصى ويقولون : طلق رسول الله صلى الله عليه و سلم نساءه وذلك قبل أن يؤمر
بالحجاب
فقلت : لأعلمن ذلك اليوم
فدخلت : على عائشة فقلت يا بنت أبي بكر أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى
الله عليه و سلم ؟ قالت : مالي ولك يا ابن الخطاب
فدخلت على حفصة فقلت لها : يا حفصة أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلى الله
عليه و سلم ؟ والله لقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يحبك ولولا أنا
لطلقك رسول الله
فبكت أشد البكاء فقلت لها : إين رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قالت : هو في
خزانته في المشربة
فدخلت فإذا أنا برباح مولى رسول الله صلى الله عليه و سلم قاعدا على أسكفة المشربة
مدليا رجليه
(8/221)
على
نقير من خشب وهو جذع يرقى عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم وينحدر
فناديت : يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه و سلم
فنظر رباح إلى الغرفة ثم نظر إلي فلم يقل شيئا
فقلت يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه و سلم
فنظر رباح إلى الغرفة ثم نظر إلي فلم يقل شيئا
ثم رفعت صوتي فقلت : يا رباح استأذن لي عندك على رسول الله صلى الله عليه و سلم
فإني أظن أن رسول الله ظن أني جئت من أجل حفصة والله لئن أمرني رسول الله صلى الله
عليه و سلم بضرب عنقها لأضربن عنقها
ورفعت صوتي فأومأ إلي بيده أن أرقه
فدخلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو مضطجع على حصير فجلست فإذا عليه إزار
ليس عليه غيره وإذا الحصير قد اثر في جنبه ونظرت في خزانة رسول الله صلى الله عليه
و سلم فإذا أنا بقبضة من شعير نحو الصاع ومثلها من قرظ في ناحية الغرفة وإذا أفيق
معلق
فابتدرت عيناي فقال : ما يبكيك يا ابن الخطاب ؟ فقلت يا نبي الله : ومالي لا أبكي
وهذا الحصير قد أثر في جنبك وهذه خزانتك لا أرى فيها إلا ما أرى ؟ وذاك كسرى وقيصر
في الثمار والأنهار وأنت رسول الله وصفوته وهذه خزانتك
قال : " يا ابن الخطاب ألا ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا ؟ قلت : بلى
ودخلت عليه حين دخلت وأنا أرى في وجهه الغضب فقلت يا رسول الله : ما يشق عليك من
شأن النساء فإن كنت طلقتهن فإن الله تعالى معك وملائكته وجبريل وميكائيل وأنا وأبو
بكر والمؤمنون معك
وقلما تكلمت وأحمد الله بكلام إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقوله ونزلت
هذه الآية عسى ربه أن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن وإن تظاهرا عليه فإن الله
هو مولاه وجبريل وصالح والمؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير وكانت عائشة رضي الله
عنها بنت أبي بكر وحفصة تظاهران على سائر نساء النبي صلى الله عليه و سلم فقلت يا
رسول الله : أطلقتهن ؟ قال : لا
قلت يا رسول الله : إني دخلت المسجد والمؤمنون ينكتون الحصى ويقولون : طلق رسول
الله صلى الله عليه و سلم نساءه أفأنزل فأخبرهم أنك لم تطلقهن ؟ قال : نعم إن شئت
ثم لم أزل أحدثه حتى تحسر الغضب عن وجهه وحتى كشر وضحك وكان من أحسن الناس ثغرا
فنزل رسول الله صلى الله عليه و سلم ونزلت أشبث بالجذع ونزل نبي الله صلى الله
عليه و سلم كأنما يمشي على الأرض ما يمسه بيده فقلت يا رسول الله : إنما كنت في
الغرفة تسعا وعشرين فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الشهر قد يكون تسعا
وعشرين فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي : لم يطلق رسول الله صلى الله عليه
و سلم نساءه
قال : ونزلت
(8/222)
هذه
الآية وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي
الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر وأنزل الله آية
التخيير
قوله تعالى : وصالح المؤمنين
أخرج ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : كان أبي يقرؤها وصالح المؤمنين أبو بكر وعمر
وأخرج ابن عساكر من طريق عبد الله بن بريدة عن أبيه رضي الله عنه في قوله : وصالح
المؤمنين قال : أبو بكر وعمر رضي الله عنهما
وأخرج ابن عساكر عن عكرمة وميمون بن مهران مثله
وأخرج ابن عساكر عن الحسن البصري رضي الله عنه في قوله : وصالح المؤمنين قال : أبو
بكر عمروعلي رضي الله عنهم
وأخرج ابن عساكر من طريق مالك بن أنس رضي الله عنه عن ابن زيد رضي الله عنه في
قوله : فقد صغت قلوبكما قال : مالت وفي قوله : وصالح المؤمنين قال : الأنبياء
عليهم السلام وأخرج ابن عساكر عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و
سلم في قوله وصالح المؤمنين قال : صلى الله عليه و سلم " من صالح المؤمنين
أبو بكر وعمر " رضي الله عنهما
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في فضائل الصحابة عن ابن مسعود رضي الله عنه
عن النبي صلى الله عليه و سلم في قول الله : وصالح المؤمنين قال : " صالح
المؤمنين أبو بكر وعمر " وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن ابن عمر
وابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وصالح المؤمنين قالا : نزلت في أبي بكر وعمر
رضي الله عنهما
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن سعيد بن
جبير في قوله : وصالح المؤمنين قال : نزلت في عمر بن الخطاب خاصة
(8/223)
وأخرج
عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم في قول الله : وصالح المؤمنين قال :
صالح المؤمنين أبو بكر وعمر
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن ابن عمر وابن عباس في قوله : وصالح
المؤمنين قالا : نزلت في أبي بكر وعمر
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن سعيد بن
جبير في قوله : وصالح المؤمنين قال : نزلت في عمر خاصة
وأخرج الحاكم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله : وصالح المؤمنين
قال : أبو بكر وعمر
وأخرج ابن أبي حاتم بسند ضعيف عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في
قوله : وصالح المؤمنين قال : " هو علي بن أبي طالب "
وأخرج ابن مردويه عن أسماء بنت عميس : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
وصالح المؤمنين قال : " علي بن أبي طالب "
وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس في قوله : وصالح المؤمنين قال : هو علي
بن أبي طالب
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن العلاء بن زياد في قوله : وصالح
المؤمنين قال : الأنبياء عليهم السلام
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : وصالح المؤمنين قال
: الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
الآية 5 - 7 أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة وأبي مالك وقتادة في قوله :
قانتات قال : مطيعات وفي قوله : سائحات قالوا : صائمات
(8/224)
وأخرج
عبد بن حميد عن الحسن أنه قرأ " سيحات " مثقلة بغير ألف
وأخرج الطبراني وابن المردويه عن بريدة في قوله : ثيبات وأبكارا قال : وعد الله
نبيه صلى الله عليه و سلم في هذه الآية أن يزوجه بالثيب آسيه امرأة فرعون وبالبكر
مريم بنت عمران
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
والحاكم وصححه والبيهقي في المدخل عن علي بن أبي طالب في قوله : قوا أنفسكم
وأهليكم نارا قال : علموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدبوهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : قوا أنفسكم وأهليكم نارا قال :
اعلموا بطاعة الله واتقوا معاصي الله وأمروا أهليكم بالذكر ينجيكم الله من النار
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن الضحاك في قوله : قوا أنفسكم وأهليكم نارا قال
: وأهليكم فليقوا أنفسهم
وأخرج ابن مردويه عن زيد بن أسلم قال : تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه
الآية قوا أنفسكم وأهليكم نارا فقالوا : يا رسول الله كيف نقي أهلنا نارا ؟ قال :
" تأمرونهم بما يحبه الله وتنهونهم عما يكره الله "
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله : قوا أنفسكم وأهليكم نارا قال : أدبوا
أهليكم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : قوا أنفسكم وأهليكم نارا قال : أوصوا أهليكم
بتقوى الله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : قوا أنفسكم وأهليكم نارا قال :
مروهم بطاعة الله وانهوهم عن معصية الله
وأخرج ابن المنذر عن عبد العزيز بن أبي رواد قال : مر عيسىعليه السلام بجبل معلق
بين السماء والأرض فدخل فيه وبكى وتعجب منه ثم خرج منه إلى من حوله فسأل : ما قصة
هذا الجبل ؟ فقالوا : مالنا به علم كذلك أدركنا آباءنا فقال : يا رب ائذن لهذا
الجبل يخبرني ما قصته ؟ فأذن له فقال : لما قال الله : نارا وقودها الناس والحجارة
اضطربت خفت أن أكون من وقودها فأدع الله أن
(8/225)
يؤمنني
فدعا الله تعالى فأمنه فقال : الآن قررت فقر على الأرض
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن قدامة في كتاب البكاء والرقة عن محمد بن هاشم قال : لما
نزلت هذه الآية وقودها الناس والحجار قرأها النبي صلى الله عليه و سلم فسمعها شاب
إلى جنبه فصعق فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم رأسه في حجره رحمة له فمكث ما
شاء الله أن يمكث ثم فتح عينيه فإذا رأسه في حجر رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقال : بأبي أنت وأمي مثل أي شيء الحجر ؟ فقال : " أما يكفيك ما أصابك على أن
الحجر منها لو وضع على جبال الدنيا لذابت منه وإن مع كل إنسان منهم حجرا أو شيطانا
والله أعلم
قوله : تعالى : عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي عمران الجوني قال : بلغنا أن خزنة
النار تسعة عشر ما بين منكب أحدهم مسيرة مائتي خريف ليس في قلوبهم رحمة إنما خلقوا
للعذاب ويضرب الملك منهم الرجل من أهل النار الضربة فيتركه طحنا من لدن قرنه إلى
قدمه
وأخرج ابن جرير عن كعب قال : ما بين منكب الخازن من خزنتها مسيرة ما بين سنة مع كل
واحد منهم عمود وشعبتان يدفع به الدفعة يصدع في الناس سبعمائة ألف
الآية 8 - 10
(8/226)
أخرج
عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وهناد وابن منيع وعبد بن حميد
وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب
الإيمان عن النعمان بن بشير أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سئل عن التوبة النصوح
قال : أن يتوب الرجل من العمل السيء ثم لا يعود إليه أبدا
وأخرج أحمد وابن مردويه والبيهقي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " التوبة من الذنب لا تعود إليه أبدا "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان بسند ضعيف عن أبي بن كعب
قال : سألت النبي صلى الله عليه و سلم عن التوبة النصوح فقال : " هو الندم
على الذنب حين يفرط منك فتستغفر الله بندامتك عند الحافر ثم لا تعود إليه أبدا
"
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال معاذ بن جبل يا رسول الله
: ما التوبة النصوح ؟ قال : أن يندم العبد على الذنب الذي أصاب فيعتذر إلى الله ثم
لا يعود إليه كما لا يعود اللبن إلى الضرع
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن ابن مسعود رضي
الله عنه في قوله : توبة نصوحا قال : التوبة النصوح أن يتوب العبد من الذنب ثم لا
يعود إليه أبدا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : توبة نصوحا قال : يتوب ثم لا
يعود
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : توبة نصوحا قال
: هو أن يتوب ثم لا يعود
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : توبة نصوحا قال :
النصوح الصادقة الناصحة
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : التوبة النصوح تكفر كل سيئة
وهو في القرآن ثم قرأ يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن
يكفر عنكم سيئآتكم
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ نصوحا برفع النون
(8/227)
أخرج
الحاكم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : يوم لا يخزي الله
النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى قال : ليس أحد من الموحدين إلا يعطى نورا يوم
القيامة فأما المنافق فيطفأ نوره والمؤمن يشفق مما يرى من إطفاء نور المنافق فهو
يقول : ربنا أتمم لنا نورنا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : ربنا أتمم لنا نورنا قال : قول
المؤمنين حين يطفأ نور المنافقين
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن
جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله : فخانتاهما قال : مازنتا أما خيانة امرأة نوح فكانت تقول للناس : إنه
مجنون وأما خيانة امرأة لوط فكانت تدل علىالضيف فتلك خيانتها
وأخرج ابن عساكر عن أشرس الخراساني رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه و
سلم أنه قال : " ما بغت امرأة نبي قط "
وأخرج ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله
: فخانتاهما قال : كانتا كافرتين مخالفتين ولا ينبغي لامرأة تحت نبي أن تفجر
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما بغت امرأة نبي قط
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه فخانتاهما قال : في الدين
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال : امرأة النبي إذا زنت لم يغفر لها
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ضرب
الله مثلا الآية قال : يقول لن يغني صلاح هذين عن هاتين شيئا وامرأة فرعون لم
يضرها كفر فرعون والله تعالى أعلم
الآية 11 - 12
(8/228)
أخرج
ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في شعب
الإيمان عن سلمان رضي الله عنه قال : كانت امرأة فرعون تعذب بالشمس فإذا انصرفوا
عنها أظلتها الملائكة بأجنحتها وكانت ترى بيتها في الجنة
وأخرج أبو يعلى والبيهقي بسند صحيح عن أبي هريرة أن فرعون وتد لامرأته أربعة أوتاد
في يديها ورجليها فكانوا إذا تفرقوا عنها أظلتها الملائكة عليهم السلام فقالت : رب
ابن لي عندك بيتا في الجنة فكشف لها عن بيتها في الجنة
وأخرج عبد بن حميد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن فرعون وتد لامرأته أربعة أوتاد
وأضجعها على صدرها وجعل على صدرها رحى واستقبل بهما عين الشمس فرفعت رأسها إلى
السماء فقالت : رب ابن لي عندك بيتا في الجنة إلى الظالمين ففرج الله عن بيتها في
الجنة فرأته
وأخرج أحمد والطراني والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة
بنت محمد صلى الله عليه و سلم ومريم بنت عمران وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون مع ما
قص الله علينا من خبرهما في القرآن قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة "
وأخرج وكيع في الغرر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ونجني من فرعون وعمله
قال : من جماعه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : فنفخنا فيه من
روحنا قال : في جيبها وفي قوله : وكانت من القانتين قال : من المطيعين
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ وصدقت بكلمات ربها بالألف " وكتابه واحد
"
وأخرج الطبراني عن سعد بن جنادة قال : قال رسو ل الله صلى الله عليه و سلم :
" إن الله زوجني في الجنة مريم بنت عمران وامرأة فرعون وأخت موسى "
(8/229)
67
- سورة الملك
وآياتها ثلاثون أخرج ابن الضريس والبخاري وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : نزلت بمكة تبارك الملك
وأخرج ابن جرير في تفسيره عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت تبارك
الملك في أهل مكة إلا ثلاث آيات
بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 6 أخرج أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن الضريس والحاكم
وصححه وابن مرديه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن سورة من كتاب الله ما هي إلا ثلاثون
آية شفعت لرجل حتى غفر له تبارك الذي بيده الملك "
(8/230)
وأخرج
الطبراني في الأوسط وابن مردويه والضياء في المختارة عن أنس رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " سورة من القرآن خاصمت عن صاحبها حتى
أدخلته الجنة تبارك الذي بيده الملك "
وأخرج الترمذي والحاكم وابن مردويه وابن نصر والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال :
ضرب بعض أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فتاة على قبر وهو لا يحسب أنه قبر فإذا
هو بإنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فأخبره فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب
القبر " وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " سورة تبارك هي المانعة من عذاب القبر "
وأخرج ابن مردويه عن رافع بن خديج وأبي هريرة أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقول : " أنزلت علي سورة تبارك وهي ثلاثون آية جملة واحدة " وقال
: " هي المانعة في القبور وإن قرأءة قل هو الله أحد في صلاة تعدل قراءة ثلث
القرآن وإن قراءة قل يا أيها الكافرون في صلاة تعدل ربع القرآن وإن قراءة إذا
زلزلت في صلاة تعدل نصف القرآن "
وأخرج عبد بن حميد في مسنده واللفظ له والطبراني والحاكم وابن مردويه عن ابن عباس
أنه قال لرجل : ألا أتحفك بحديث تفرح به ؟ قال : بلى قال اقرأ تبارك الذي بيده
الملك وعلمها أهلك وجميع ولدك وصبيان بيتك وجيرانك فإنها المنجية والمجادلة يوم
القيامة عند ربها لقارئها وتطلب له أن تنجيه من عذاب النار وينجو بها صاحبها من
عذاب القبر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لوددت أنها في قلب
كل إنسان من أمتي "
وأخرج ابن عساكر بسند ضعيف عن الزهري عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " إن رجلا ممن كان قبلكم مات وليس معه شيء من كتاب الله
إلا تبارك الذي بيده الملك فلما وضع في حفرته أتاه الملك فثارت السورة في وجهه
فقال لها : إنك من كتاب الله وأنا أكره شقاقك وإني لا أملك لك ولا له ولا لنفسي
ضرا ولا نفعا فإن أردت هذا به فانطلقي إلى الرب فاشفعي له فانطلقت إلى الرب فتقول
: يا رب إن فلانا عمد إلي من بين كتابك فتعلمني وتلاني أفمحرقه أنت بالنار ومعذبه
وأنا في جوفه ؟ فإن كنت فاعلا به فامحني من كتابك فيقول : ألا
(8/231)
أراك
غضبت فتقول : وحق لي أن أغضب فيقول : اذهبي فقد وهبته لك وشفعتك فيه فتجيء سورة
الملك فيخرج كاسف البال لم يحل منه شيء فتجيء فتضع فاها على فيه فتقول : مرحبا
بهذا الفم فربما تلاني وتقول : مرحبا بهذا الصدر فربما وعاني ومرحبا بهاتين
القدمين فربما قامتا بي وتؤنسه في قبره مخافة الوحشة عليه " فلما حدث رسول
الله صلى الله عليه و سلم هذا الحديث لم يبق صغير ولا كبير ولا حر ولا عبد إلا
تعلمها وسماها رسول الله صلى الله عليه و سلم المنجية
وأخرج ابن الضريس والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود
قال : يؤتى الرجل في قبره فيؤتى من قبل رجليه فتقول رجلاه : ليس لكم على ما قبلي
سبيل قد كان يقوم علينا بسورة الملك ثم يؤتى من قبل صدره فيقول : ليس لكم على ما
قبلي سبيل قد كان وعى في سورة الملك ثم يؤتى من قبل رأسه فيقول : ليس لكم على ما
قبلي سبيل قد كان يقرأ بي سورة الملك فهي المانعة تمنع من عذاب القبر وهي في
التوراة سورة الملك من قرأها في ليلة فقد أكثر وأطيب
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند جيد عن ابن مسعود قال : كنا نسميها في عهد رسول
الله صلى الله عليه و سلم المانعة وإنها لفي كتاب الله سورة الملك من قرأها في
ليلة فقد أكثر وأطيب
وأخرج أبو عبيد والبيهقي في الدلائل من طريق مرة عن ابن مسعود قال : إن الميت إذا
مات أو قدت حوله نيران فتأكل كل نار يليها إن لم يكن له عمل يحول بينه وبينها وإن
رجلا مات ولم يكن يقرأ من القرآن إلا سورة ثلاثين آية فأتته من قبل رأسه فقالت :
إنه كان يقرؤني فأتته من قبل رجليه فقالت : إنه كان يقوم بي فأتته من قبل جوفه
فقالت : إنه كان وعاني فأنجته
قال : فنظرت أنا ومسروق في المصحف فلم نجد سورة ثلاثين آية إلاتبارك
وأخرجه الدارمي وابن الضريس عن مرة مرسلا
وأخرج سعيد بن منصور عن عمرو بن مرة قال : كان يقال : إن في القرآن سورة تجادل عن
صاحبها في القبر تكون ثلاثين آية فنظروا فوجدوها تبارك
وأخرج الديلمي عن أنس مرفوعا قال : يبعث رجل يوم القيامة لم يترك شيئا من المعاصي
إلا ركبها إلا أنه كان يوحد الله ولم يكن يقرأ من القرآن إلا سورة واحدة
(8/232)
فيؤمر
به إلى النار فطار من جوفه شيء كالشهاب فقالت : اللهم إني مما أنزلت على نبيك صلى
الله عليه و سلم وكان عبدك هذا يقرؤني فما زالت تشفع حتى أدخلته الجنة وهي المنجية
تبارك الذي بيده الملك
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن مسعود قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم
يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة وسبح اسم ربك الأعلى سورة الأعلى 1 وفي صلاة
الصبح يوم الجمعة ألم تنزيل سورة السجدة وتبارك الذي بيده الملك
وأخرج الديلمي بسند واه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إني لأجد في كتاب الله سورة هي ثلاثون آية من قرأها عند نومه كتب له منها
ثلاثون حسنة ومحي عنه ثلاثون سيئة ورفع له ثلاثون درجة وبعث الله إليه ملكا من
الملائكة ليبسط عليه جناحه ويحفظه من كل شيء حتى يستيقظ وهي المجادلة تجادل عن
صاحبها في القبر وهي تبارك الذي بيده الملك "
وأخرج الديلمي بسند واه عن أنس رضي الله عنه رفعه " لقد رأيت عجبا رأيت رجلا
مات كان كثير الذنوب مسرفا على نفسه فكلما توجه إليه العذاب في قبره من قبل رجليه
أو من قبل رأسه أقبلت السورة التي فيها الطير تجادل عنه العذاب أنه كان يحافظ علي
وقد وعدني ربي أنه من واظب علي أن لا يعذبه فانصرف عنه العذاب بها وكان المهاجرون
والأنصار يتعلمونها ويقولون : " المغبون من لم يتعلمها وهي سورة الملك "
وأخرج ابن الضريس عن مرة الهمذاني قال : أتى رجل من جوانب قبره فجعلت سورة من القرآن
ثلاثون آية تجادل عنه حتى منعته من عذاب القبر فنظرت أنا ومسروق فلم نجدها إلا
تبارك
وأخرج أبن مردويه من طريق أبي الصباح عن عبد العزيز عن أبيه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " دخل رجل الجنة بشفاعة سورة من القرآن وما هي إلا
ثلاثون آية تنجيه من عذاب القبر تبارك الذي بيده الملك "
وأخرج ابن مردويه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ ألم تنزيل
السجدة وتبارك الذي بيده الملك كل ليلة لا يدعها في سفر ولا حضر
(8/233)
قوله
تعالى : تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير الذي خلق الموت والحياة
الآيتين
أخرج ابن عساكر عن علي رضي الله عنه مرفوعا " كلمات من قالهن عن وفاته دخل
الجنة لا إله إلا الله الحليم الكريم ثلاث مرات الحمد لله رب العالمين ثلاث مرات
تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن السدي في قوله : الذي خلق الموت
والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا قال : أيكم أحسن للموت ذكرا وله استعدادا ومنه
خوفا وحذرا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن حاتم عن قتادة في قوله : الذي خلق الموت
والحياة قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن الله أذل بني
آدم بالموت وجعل الدنيا دار حياة ثم دار موت وجعل الآخرة دار جزاء ثم دار بقاء
"
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : والذي خلق الموت والحياة قال : الحياة فرس
جبريل عليه السلام والموت كبش أملح
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال : خلق الله الموت كبشا أملح مستترا
بسواد وبياض له أربعة أجنحة جناح تحت العرش وجناح في الثرى وجناح في المشرق وجناح
في المغرب
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله : سبع سموات طباقا قال : بعضها فوق بعض
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج مثله
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ما ترى في خلق الرحمن من
تفاوت قال : ما يفوت بعضه بعضا مفاوت : مفرق
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : ما ترى في خلق
الرحمن من تفاوت قال : من اختلاف فأرجع البصر هل ترى فطور قال : من خلل ثم ارجع
البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئا قال : صاغرا وهو حسير قال : يعني ل اترى في
خلق الرحمن تفاوتا ولا خللا
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود أنه قرأ " ما ترى في خلق الرحمن من تفوت
"
(8/234)
وأخرج
سعيد بن منصور عن علقمة أنه كان يقرأ " ما ترى في خلق الرحمن من تفوت "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : من تفاوت قال :
تشقق وفي قوله : هل ترى من فطور قال : شقوق وفي قوله : خاسئا قال : ذليلا وهو حسير
قال : كليل
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : الفطور الوهي
وأخرج ابن المنذر عن السدي في قوله : من فطور قال : من خلل
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : من فطور قال : تشقق أو خلل وفي قوله :
ينقلب إليك البصر خاسئا قال : يرجع إليك خاسئا قال : صاغرا وهو حسير قال : يعي ولا
يرى شيئا
واخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس خاسئا قال : ذليلا وهو حسير قال : مترجع
الآية 7 - 14 أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : سمعوا لها شهيقا قال : صياحا
وأخرج عبد بن حميد عن يحيى قال : إن الرجل ليجر إلىالنار فتنزوي وينقبض بعضها إلى
بعض فيقول لها الرحمن : مالك ؟ قالت : إنه كان يستحي مني فيقول : أرسلوا عبدي قال
: وإن العبد ليجر إلى النار فيقول يا رب ما كان هذا الظن بك قال : فما كان ظنك ؟
قال : كان ظني أن تسعني رحمتك فيقول : أرسلوا
(8/235)
عبدي
قال : وإن الرجل ليخر إلى النار فتشهق إليه شهيق البغلة إلى الشعير ثم تزفر زفرة
لايبقى أحد إلا خاف
وأخرج هناد بن حميد عن مجاهد في قوله : وهي تفور قال : تفور بهم كما يفور الحب
القليل في الماء الكثير
وأخرج ابن جرير وابن المنذر في قوله : تكاد تميز قال : تتفرق
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : تكاد تميز قال : يفارق بعضها بعضا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس فسحقا قال : بعدا
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : فسحقا قال :
بعدا قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول حسان : ألا من مبلغ عني
أبيا فقد ألقيت في سحق السعير وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في
قوله : فسحقا لأصحاب السعير قال : سحق واد في جهنم
قوله تعالى : إن الذين يخشون ربهم بالغيب الآية وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي
الله عنهما إن الذين يخشون ربهم بالغيب قال : أبو بكر وعمر وعلي وأبو عبيدة بن
الجراح
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : لهم مغفرة وأجر كبير قال :
الجنة
الآية 15 - 29
(8/236)
أخرج
ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : مناكبها قال : جبالها
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : مناكبها قال : أطرافها
وأخرج ابن المنذر عن قتادة أن بشير بن كعب قرأ هذه الآية فامشوا في مناكبها فقال
لجاريته : إن دريت ما مناكبها فأنت حرة لوجه الله قالت : فإن مناكبها جبالها فسأل
أبا الدرداء رضي الله عنه فقال : دع ما يريبك إلى ما لا يريبك
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله
: مناكبها قال : أطرافها وفجاجها
وأخرج الخطيب في تاريخه وابن المنذر عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه و
سلم : " من اشتكى ضرسه فليضع اصبعه عليه وليقرأ هذه الآية قل هو الذي أنشأكم
وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون "
وأخرج الدارقطنى في الأفراد عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " من اشتكى ضرسه فليضع أصبعه عليه وليقرأ هاتين الآيتين سبع مرات وهو الذي
(8/237)
أنشأكم
من نفس واحدة فمستقر سورة الأنعام 98 إلى قوله : يفقهون هو الذي أنشأكم وجعل لكم
السمع إلى تشكرون فإنه يبرأ بإذن الله تعالى "
وأخرج الطبراني وابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان والحكيم الترمذي عن ابن عمر رضي
الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الله يحب العبد
المؤمن المحترف " وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الله يحب العبد محترفا "
وأخرج الحكيم الترمذي عن معاوية بن قرة قال : مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقوم
فقال : من أنتم ؟ قالوا : المتوكلون فقال : أنتم المتأكلون إنما المتوكل رجل ألقى
حبه في بطن الأرض وتوكل على ربه
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله
: أأمنتم من في السماء قال : الله تعالى وفي قوله : فإذا هي تمور قال : يمور بعضها
فوق بعض واستدارتها وفي قوله : أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات قال : يبسطن
أجنحتهن ويقبضن قال : يضربن بأجنحتهن
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : إلا في
غرور قال : في باطل
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول حسان : تمنتك الأماني من بعيد
وقول الكفر يرجع في غرور وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
بل لجوا في عتو ونفور قال : في الضلال
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : بل لجوا في عتو ونفور
قال : كفور وفي قوله : أفمن يمشي مكبا على وجهه قال : في الضلالة أمن يمشي سويا
على صراط مستقيم قال : على الحق المستقيم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أفمن يمشي مكبا قال : في الضلال
أمن يمشي سويا قال : مهتديا
(8/238)
وأخرج
عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : أفمن يمشي
مكبا على وجهه قال : هو الكافر عمل بمعصية الله فحشره الله يوم القيامة على وجهه
أم من يمشي سويا على صراط مستقيم يعني المؤمن عمل بطاعة الله يحشره الله على طاعته
وفي قوله : فلما رأوه قال : لما رأوا عذاب الله زلفة سيئت وجوه الذن كفروا قال :
ساءت بما رأت من عذاب الله وهوانه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : فلمارأوه زلفة قال : قد اقترب
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه قرأ وقيل هذا الذي كنتم به تدعون مخففة
وأخرج عبد بن حميد عن أبي بكر بن عياش عن عاصم أنه قرأ تدعون مثقلة قال أبو بكر :
تفسير تدعون تستعجلون
الآية 30 أخرج ابن المنذر والفاكهي عن ابن الكلبي رضي الله عنه قال : نزلت هذه الآية
قل أرأيتم إن أصبح ماؤكم غورا في بئر زمزم وبئر ميمون بن الحضر وكانت جاهلية
قال الفاكهي : وكانت آبار مكة تغور سراعا
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : إن أصبح ماؤكم غورا قال :
داخلا في الأرض فمن يأتيكم بماء معين قال : الجاري
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس رضي الله عنهما إن أصبح ماؤكم غورا
قال : يرجع في الأرض
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : غورا قال : ذاهبا وفي قوله :
بماء معين قال : الجاري
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما بماء
معين قال : ظاهر
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وعكرمة رضي الله عنه مثله
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما بماء معين قال : عذب
(8/239)
68
- سورة القلم
مكية وآياتها اثنتان وخمسون أخرج ابن الضريس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت
إذا نزلت فاتحة سورة بمكة كتبت بمكة ثم يزيد الله فيها ما شاء وكان أول ما نزل من
القرآن اقرأ باسم ربك ثم المزمل ثم المدثر
وأخرج النحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة ن
والقلم بمكة
بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 9 أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير
وابن المنذر وابن مردويه وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه
والبيهقي في الأسماء والصفات والخطيب في تاريخه والضياء في المختارة عن ابن عباس
قال : إن أول شيء خلق الله القلم فقال له : اكتب فقال : يارب وما أكتب ؟ قال :
اكتب القدر فجرى من ذلك اليوم ما هو كائن إلى أن تقوم الساعة ثم طوي الكتاب وارتفع
القلم وكان عرشه على الماء فارتفع بخار الماء ففتقت منه السموات ثم خلق النور
فبسطت الأرض عليه والأرض على ظهر النون فاضطرب النون
(8/240)
فمادت
الأرض فأثبتت بالجبال فإن الجبال لتفخر على الأرض إلى يوم القيامة ثم قرأ ابن عباس
ن والقلم وما يسطرون
وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " إن أول ما خلق الله القلم والحوت قال : اكتب قال : ما أكتب ؟
قال : كل شيء كائن إلى يوم القيامة ثم قرأ ن والقلم وما يسطرون فالنون الحوت
والقلم القلم "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه وابن مردويه عن عبادة بن الصامت سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن أول ما خلق الله القلم فقال له :
اكتب فجرى بما هو كائن إلى الأبد "
وأخرج ابن جرير عن معاوية بن قرة عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: ن والقلم وما سطرون قال : لوح من نور وقلم من نور يجري بما هو كائن إلى يوم
القيامة "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال : إن الله خلق النون وهي الدواة وخلق
القلم فقال : اكتب قال : ما أكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة
وأخرج الرافعي في تاريخ قزوين من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " النون اللوح المحفوظ والقلم من نور ساطع "
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
: " إن أول شيء خلق الله القلم ثم خلق النون وهي الدواة ثم قال له : اكتب قال
: وما أكتب ؟ قال : ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة من عمل أو أثر أو رزق فكتب
ما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة وذلك قوله : ن والقلم وما يسطرون ثم ختم علي
في القلم فلم ينطق ولا ينطق إلى يوم القيامة ثم خلق الله العقل فقال : وعزتي
لأكملنك فيمن أحببت ولأنقصنك فيمن أبغضت "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما ن والقلم قال : ن
الدواة والقلم القلم
وأخرج عن ابن عباس قوله : ن أشبها هذا قسم الله وهي من أسماء الله
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة والحسن في قوله : ن قالا : الدواة
(8/241)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن جريج في قوله : ن قال : هو الحوت الذي عليه الأرض
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد قال : الحوت الذي تحت الأرض السابعة
والقلم الذي كتب به الذكر
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس قال : أول ما خلق الله القلم فأخذه
بيمينه وكلتا يديه يمين وخلق النون وهي الدواة وخلق اللوح فكتب فيه ثم خلق السموات
فكتب ما يكون من حينئذ في الدنيا إلى أن تكون الساعة من خلق مخلوق أو عمل معمول بر
أو فجور وكل رزق حلال أو حرام رطب أو يابس
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قال : القلم نعمة من الله عظيمة لولا
القلم ما قام دين ولم يصلح عيش والله أعلم بما يصلح خلقه
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله : ن والقلم وما يسطرون قال : خلق الله
القلم فقال : أجره فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة ثم خلق الحوت وهو النون فكبس
عليها الأرض ثم قال : ن والقلم وما يسطرون
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : ن والقلم قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " النون السمكة التي عليها قرار الأرضين والقلم الذي خط به ربنا
عز و جل القدر خيره وشره ونفعه وضره وما يسطرون قال : الكرام الكاتبون "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس في
قوله : وما يسطرون قال : وما يكتبون , وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وقتادة مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وما يسطرون
قال : وما يعملون
قوله تعالى : ما أنت بنعمة ربك بمجنون الآية
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه و سلم إنه
لمجنون به شيطان فنزلت ما أنت بنعمة ربك بمجنون
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : وإن لك لأجرا غير ممنون قال :
غير محسوب
(8/242)
قوله
تعالى : وإنك لعلى خلق عظيم أخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل والواحدي عن
عائشة قالت : ما كان أحد أحسن خلقا من رسول الله صلى الله عليه و سلم ما دعاه أحد
من أصحابه ولا من أهل بيته إلا قال لبيك فلذلك أنزل الله تعالى وإنك لعلى خلق عظيم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد ومسلم وابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن سعد بن
هشام قال : أتيت عائشة فقلت يا أم المؤمنين : أخبرني بخلق رسول الله صلى الله عليه
و سلم فقالت : كان خلقه القرآن أما تقرأ القرآن وإنك لعلى خلق عظيم
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي الدرداء قال : سألت
عائشة عن خلق رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : كان خلقه القرآن يرضى لرضاه
ويسخط لسخطه
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن شقيق العقيلي قال : أتيت عائشة فسألتها عن خلق
رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : كان أحسن الناس خلقا كان خلقه القرآن
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وصححه وابن مردويه عن أبي عبد الله الجدلي قال : قلت
لعائشة : كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قالت : لم يكن فاحشا ولا
متفحشا ولا سخابا في الأسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفوا ويصفح
وأخرج ابن مردويه عن زينب بنت يزيد بن وسق قالت : كنت عند عائشة إذا جاءها نساء
أهل الشام فقلن يا أم المؤمنين : أخبرينا عن خلق رسول الله صلى الله عليه و سلم
قالت : كان خلقه القرآن وكان أشد الناس حياء من العواتق في خدرها
وأخرج ابن المبارك وعبدبن حميد وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن عطية العوفي في
قوله : وإنك لعى خلق عظيم قال : على أدب القرآن
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس وإنك لعلى خلق عظيم قال : القرآن وأخرج ابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : وإنك لعلى خلق عظيم
قال : الدين
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك وإنك لعلى خلق عظيم قال : الإسلام
واخرج عبد بن حميد عن ابن ابزي وسعيد بن جبير قالا : على دين عظيم
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن ثابت عن أنس قال : خدمت رسول الله صلى
(8/243)
الله
عليه وسلم إحدى عشرة سنة ما قال لي قط ألا فعلت هذا أو لم فعلت هذا
قال ثابت : فقلت يا أبا حمزة إنه كما قال الله تعالى : وإنك لعلى خلق عظيم وأخرج
الخرائطي عن أنس قال : خدمت رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنا ابن ثمان سنين فما
لامني على شيء يوما من الأيام فإن لامني لائم قال : دعوه فإنه لو قضى شيء لكان
وأخرج ابن سعد عن ميمونة قالت : خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات ليلة من
عندي فأغلقت دونه الباب فجاء يستفتح الباب فأبيت أن أفتح له فقال : " أقسمت
عليك إلا فتحت لي " فقلت له : تذهب إلى أزواجك في ليلتي قال : " ما فعلت
ولكن وجدت حقنا من بولي "
قوله تعالى : فستبصر ويبصرون الآيات
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : فستبصر ويبصرون قال : تعلم ويعلمون يوم
القيامة بأيكم المفتون قال : الشيطان كانوا يقولون : إنه شيطان مجنون
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : فسبتصر ويبصرون بأيكم المفتون يقول : يتبين
لكم المفتون
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون يقول : بأيكم
المجنون
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير وابن أبزي بأيكم المفتون بأيكم
المجنون
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد بأيكم المفتون قال : بأيكم المجنون
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن بأيكم المفتون قال : المجنون
وأخرج عبد بن حميد عن أبي الجوزاء بأيكم المفتون قال : الشيطان
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة بأيكم المفتون قال : أيكم أولى بالشيطان
وأخرج ابن المنذر عن الحسن فستبصر ويبصرون بأيكم المفتون قال : أيكم أولى بالشيطان
فكانوا أولى بالشيطان منه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ودوا لو تدهن
(8/244)
فيدهنون
قال : لو ترخص له فيرخصون
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد ودوا لو تدهن فيدهنون يقول : لو تركن
إليهم وتترك ما أنت عليه من الحق فيمالئونك
واخرج عبد بن حميد عن قتادة ودوا لو تدهن فيدهنون قال : ودوا لو يدهن نبي الله صلى
الله عليه و سلم عن هذا الأمر فيدهنوا عنه
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ودوا لو تدهن فيدهنون قال : لو تكفر فيكفرون
الآية 10 - 41
(8/245)
أخرج
ابن مردويه عن أبي عثمان النهدي قال : قال مروان بن الحكم لما بايع الناس ليزيد
سنة أبي بكر عمر فقال عبد الرحمن بن أبي بكر : إنها ليست بسنة أبي بكر وعمر ولكنها
سنة هرقل فقال مروان : هذا الذي أنزلت فيه والذي لوالديه أف لكما قال : فسمعت ذلك
عائشة فقالت : إنها لم تنزل في عبد الرحمن ولكن نزلت في أبيك ولا تطع كل حلاف مهين
هماز مشاء بنميم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ولا تطع كل حلاف الآية قال : يعني الأسود بن عبد
يغوث
وأخرج عبد بن حميد عن عامر الشعبي ولا تطع كل حلاف الآية قال : هو رجل من ثقيف
يقال له : الأخنس بن شريق
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الحسن في قوله : ولاتطع كل حلاف مهين يقول :
مكثار في الحلف مهين يقول : ضعيف
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد ولا تطع كل حلاف مهين قال : ضعيف القلب
عتل قال : شديد الأسر زنيم قال : ملحق في النسب زعم ابن عباس
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة ولا تطع كل حلاف مهين قال : المهين
المكثار في الشر هماز قال : يأكل لحوم الناس مناع للخير قال : فلا يعطي خيرا معتد
قال : معتد في قوله : متعمد في عمله أثيم بربه عتل هو الفاجر اللئيم الضريبة وذكر
لنا أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش
والتفحش وسوء الجوار وقطيعة الرحم "
وأخرج عبد بن حميد عن أبي امامة في قوله : عتل بعد ذلك زنيم قال : هو الفاحش
اللئيم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الحسن وأبي العالية مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن عساكر عن عكرمة عن ابن عباس في قوله : زنيم قال : هو الدعي
أما سمعت قول الشاعر : زنيم تداعاه الرجال زيادة كما زيد في عرض الأديم أكارعه
(8/246)
وأخرج
ابن الأنباري في الوقف والإبتداء عن عكرمة أنه سئل عن الزنيم قال : هو ولد الزنا
وتمثل بقول الشاعر : زنيم ليس يعرف من أبوه بغي الأم ذو حسب لئيم وأخرج عبد بن
حميد عن مجاهد قال : العتل الزنيم رجل ضخم شديد كانت له زنمة زائدة في يده وكانت
علامته
وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب قال : العتل الصحيح الأكول الشروب والزنيم
الفاجر
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله : عتل بعد ذلك زنيم قال : يعرف الكافر من
المؤمن مثل الشاة الزنماء والزنماء التي في حلقها كالمتعلقتين في حلق الشاة
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : الزنيم يعرف بهذا الوصف كما تعرف الشاة الزنماء
من التي لا زنمة لها
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب في قوله : عتل بعد ذلك زنيم قال : هو الملزق
في القوم ليس منهم
وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب عن ابن عباس قال : ستة لا يدخلون الجنة أبدا :
العاق والمدمن والجعشل والجواظ والقتات والعتل الزنيم
فقلت يا ابن عباس : أما اثنتان فقد علمت فأخبرني بالأربع قال : أما الجعشل فالفظ
الغليظ وأما الجواظ فمن يجمع المال ويمنع وأما القتات فمن يأكل لحوم الناس وأما
العتل الزنيم فمن يمشي بين الناس بالنميمة
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن شهر بن حوشب قال
: حدثني عبد الرحمن بن غنم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لا يدخل
الجنة جواظ ولا جعظري ولا العتل الزنيم فقال له رجل من المسلمين : ما الجواظ
الجعظري والعتل الزنيم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أما الجواظ فالذي جمع
ومنع تدعوه لظى نزاعة للشوى سورة المعارج 16 وأما الجعظري فالفظ الغليظ قال الله :
فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك سورة آل عمران
159 وأما العتل
(8/247)
الزنيم
فشديد الخلق رحيب الجوف مصحح شروب واجد للطعام والشراب ظلوم للناس "
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد عن عامر أنه سئل عن الزنيم قال : هو الرجل تكون لها
زنمة من الشر يعرف بها وهو رجل من ثقيف يقال له : الأخنس بن شريق
وأخرج ابن أبي شيبة وابن الأنباري في الوقف والإبتداء عن ابن عباس قال : الزنيم
الدعي الفاحش اللئيم الملزق ثم أنشد قول الشاعر : زنيم تدعاه الرجال زيادة كما زيد
في عرض اللئيم الأكارع وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : ولا تطع كل حلاف
مهين قال : نزلت في الأخنس بن شريق
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الكلبي مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : ولاتطع كل حلاف مهين قال : هو الأسود بن
عبد يغوث
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت علىالنبي صلى الله عليه و سلم
لا تطع كل حلاف مهين هماز مشاء بنميم فلم يعرف حتى نزل عليه بعد ذلك زنيم فعرفناه
له زنمة كزنمة الشاة
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن مردويه عن حارثة بن وهب :
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " ألا أخبركم بأهل الجنة كل ضعيف
متضعف لو أقسم على الله لابره ألا أخبركم بأهل النار كل عتل جواظ جعظ متكبر "
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذرعن زيد بن أسلم قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " تبكي السماء من عبد أصح الله جسمه وأرحب جوفه وأعطاه من
الدنيا فكان للناس ظلوما فذلك العتل الزنيم
وأخرج ابن أبي حاتم عن القاسم مولى معاوية وموسى بن عقبة قالا : سئل رسول الله صلى
الله عليه و سلم عن العتل الزنيم قال : " هو الفاحش اللئيم "
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه والديلمي عن أبي الدرداء عن رسول الله صلى الله عليه
و سلم في
(8/248)
قوله
: بعد ذلك زنيم قال : " العتل كل رحيب الجوف وثيق الخلق أكول شروب جموع للمال
منوع له "
وأخرج الحاكم وصححه وابن مروديه عن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر وأنه تلا
مناع للخير إلى زنيم فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " أهل
النار كل جعظري جواظ مستكبر مناع وأهل الجنة الضعفاء المغلوبون "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : العتل
هو الدعي والزنيم هو المريب الذي يعرف بالشر
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر والخرائطي في مساوئ الأخلاق والحاكم
وصححه عن ابن عباس في قوله : عتل بعد ذلك زنيم قال : هو الرجل يعرف بالشر كما تعرف
الشاة بزنمتها
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الزنيم هو الرجل يمر على القوم فيقولون رجل
سوء
وأخرج البخاري والنسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم عن ابن عباس في قوله
: عتل بعد ذلك زنيم قال : رجل من قريش كانت له زنمة زائدة مثل زنمة الشاة يعرف بها
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في الآية قال : نعت فلم يعرف حتى قيل زنيم
وكانت له زنمة في عنقه يعرف بها
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : الزنيم الملحق النسب
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : زنيم قال : ظلوم
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : زنيم قال :
ولد الزنا
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول الشاعر : زنيم تداعته الرجال
زيادة كما زيد في عرض الأديم الأكارع وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن علي بن أبي
طالب قال : الزنيم هو الهجين الكافر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : مهين قال :
الكذاب هماز يعني الإغتياب عتل قال : الشديد
(8/249)
الفاتك
زنيم الدعي وفي قوله : سنسمه على الخرطوم فقاتل يوم بدر فخطم بالسيف في القتال
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : سنسمه على الخرطوم قال : سيما
على أنفه لا تفارقه
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : سنسمه على الخرطوم قال : سنسمه بسيما لا
تفارقه آخر ما عليه
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ أن كان ذا مال وبنين بهمزتين يستفهم
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن
عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من مات همازا لمازا ملقبا للناس
كان علامته يوم القيامة أن يسمه الله على الخرطوم من كلا الشدقين
قوله : تعالى : إنا بلوناهم الآيات
أخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة قال :
هؤلاء ناس قص الله عليكم حديثهم وبين لكم أمرهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن حريج أن أبا جهل قال يوم بدر : خذوهم أخذا فاربطوهم في
الجبال ولا تقتلوا منهم أحدا فنزل إنا بلوناهم كما بلونا أصحاب الجنة يقول : في
قدرتهم عليهم كما اقتدر أصحاب الجنة على الجنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : كما بلونا أصحاب الجنة قال : كانوا من
أهل الكتاب
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : كما بلونا أصحاب الجنة قال
: هم ناس من الحبشة كانت لأبيهم جنة وكان يطعم منها السائلين فمات أبوهم فقال بنوه
: إن كان أبونا لأحمق يطعم المساكين فأقسموا ليصرمنها مصبحين وأن لا يطعموا مسكينا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة قال : كانت الجنة لشيخ من بني إسرائيل
وكان يمسك قوت سنته ويتصدق بالفضل كان بنوه ينهونه عن الصدقة فلما مات أبوهم غدوا
عليها فقالوا لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا على حرد قادرين يقول : على جد من
أمرهم
(8/250)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله : كما بلونا أصحاب
الجنة قال : هي أرض باليمن يقال لها ضر وإن بينها وبين صنعاء ستة أميال
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي صالح في قوله : ولا يستثنون قال : كان
استثناؤهم سبحان الله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : فطاف عليها طائف من ربك قال : هو أمر من
الله
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : فطاف عليها طائف من ربك قال : عذاب : عنق
من النار خرجت من وادي جهنم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : فطاف عليها طائف من ربك وهم
نائمون قال : أتاها أمر الله ليلا فأصبحت كالصريم قال : كالليل المظلم
وأخرج عبد بن حميد عن قطر بن ميمون مثله
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إياكم والمعاصي إن العبد ليذنب فينسى به الباب من العلم وإن العبد ليذنب
الذنب فيحرم به قيام الليل وإن العبد ليذنب الذنب فينسى فيحرم به رزقا قد كان هيئ
له ثم تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون
فأصبحت كالصريم قد حرموا خير جنتهم بذنبهم "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس
في قوله : كالصريم قال : مثل الليل الأسود
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : كالصريم قال
: الذهب قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول الشاعر : غدوت عليه
غدوة فوجدته قعودا لديه بالصريم عواذله وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي
حاتم عن مجاهد في قوله : أن اغدوا على حرثكم قال : كان عنبا
(8/251)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : وهم يتخافتون قال : الإسرار والكلام الخفي
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : وهم يتخافتون قال : يسرون بينهم أن لا
يدخلنها اليوم عليكم مسكين وغدوا على حرد قادرين قال : غدا القوم وهم محردون إلى
جنتهم قادرون عليها في أنفسهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : على حرد قادرين يقول : ذو قدرة
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن مجاهد قال : وغدوا على حرد قادرين قال : غدوا
على أمر قد قدروا عليه وأجمعوا عليه في أنفسهم أن لا يدخل عليهم مسكين
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في قوله : وغدوا على حرد قال : غيظ
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله : وغدوا على حرد يعني المساكين بجد
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : قالوا إنا لضالون قال :
أضللنا مكان جنتنا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : إنا لضالون قال :
أخطأنا الطريق ما هذه جنتنا وفي قوله : بل نحن محرومون قال : بل حورفنا فحرمناها
وفي قوله : قال أوسطهم قال : أعدل القوم وأحسن القوم فزعا وأحسنهم رجعة
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : بل نحن مرومون قال : لما تبينوا وعرفوا
معالم جنتهم قالوا بل نحن محرومون محارفون وأخرج ابن المنذر عن معمر قال : قلنا
لقتادة أمن أهل الجنة هم أم من أهل النار ؟ قال : لقد كلفتني تعبا
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في وقوله : قال أوسطهم قال : أعدلهم
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله : قال أوسطهم يعني أعدلهم وكل شيء في كتاب
الله أوسط فهو أعدل
(8/252)
وأخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : قال أوسطهم قال : أعدلهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن السري في قوله : ألم أقل لكم لولا تسبحون قال : كان
استثناؤهم في ذلك الزمان التسبيح
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : لولا تسبحون قال : لولا تستثنون عند قولهم
ليصرمنها مصبحين ولا يستثنون عند ذلك وكان التسبيح استثناؤهم كما نقول نحن إن شاء
الله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : كذلك العذاب قال : عقوبة الدنيا
ولعذاب الآخرة قال : عقوبة الآخرة وفي قوله : سلهم أيهم بذلك زعيم قال : أيهم كفيل
بهذا الأمر
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : تدرسون قال : تقرؤون وفي قوله : إيمان
علينا بالغة قال : عهد علينا
الآية 42 - 52 أخرج البخاري وابن المنذر وابن مردويه عن أبي سعيد سمعت النبي صلى
الله عليه و سلم يقول : " يكشف ربنا عن ساقه فيسجد له كل مؤمن ومؤمنة ويبقى
من كان يسجد في الدنيا رياء وسمعة فيذهب ليسجد فيعود ظهره طبقا واحدا "
(8/253)
وأخرج
ابن مندة في الرد على الجهمية عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : يوم يكشف عن ساق قال : يكشف الله عز و جل عن ساقه " وأخرج عبد الرزاق
وعبد بن حميد وابن المنذر وابن منده عن ابن مسعود في قوله : يوم يكشف عن ساق قال :
عن ساقيه تبارك وتعالى
قال ابن منده : لعله في قراءة ابن مسعود " يكشف " بفتح الياء وكسر الشين
وأخرج أبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات
وضعفه وابن عساكر عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله : يوم يكشف عن
ساق قال : عن نور عظيم فيخرون له سجدا
وأخرج الفريابي وسعيد بن مصور وابن منده والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق
إبراهيم النخعي في قوله : يوم يكشف عن ساق قال : قال ابن عباس يكشف عن أمر عظيم ثم
قال : قد قامت الحرب على ساق قال : وقال ابن مسعود : يكشف عن ساقه فيسجد كل مؤمن ويعصو
ظهر الكافر فيصير عظما واحدا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء
والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس أنه سئل عن قوله : يوم يكشف عن ساق قال : إذا
خفي عليكم شيء من القرآن فابتغوه في الشعر فإنه ديوان العرب أما سمعتم قول الشاعر
: أصبر عناق أنه شر باق قد سن لي قومك ضرب الأعناق وقامت الحرب بنا على ساق قال
ابن عباس : هذا يوم كرب وشدة
وأخرج الطستي في مسائلة عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : يوم يكشف عن
ساق قال : عن شدة الآخرة قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول
الشاعر : قد قامت الحرب بنا على ساق وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء
والصفات عن ابن عباس يوم يكشف عن ساق قال : هو الأمر الشديد المفظع من الهول يوم
القيامة
وأخرج ابن مندة عن ابن عباس في قوله : يوم يكشف عن ساق قال : عن شدة الآخرة
(8/254)
وأخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مندة عن مجاهد في قوله : يوم يكشف عن ساق
قال : عن شدة الأمر وجده قال : وكان ابن عباس يقول : هي أشد ساعة تكون يوم القيامة
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس أنه قرأ يوم يكشف عن ساق قال : يريد
القيامة والساعة لشدتها
وأخرج البيهقي عن ابن عباس في قوله : يوم يكشف عن ساق قال : حين يكشف الأمر وتبدو
الأعمال وكشفه دخول الآخرة وكشف الأمر عنه
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن مندة من طريق عمرو بن دينار قال : كان ابن
عباس يقرأ " يوم يكشف عن ساق " بفتح التاء قال أبو حاتم السجستاني : أي
تكشف الآخرة عن ساقها يستبين منها ما كان غائبا
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ يوم يكشف عن نساق بالياء ورفع الياء
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات عن عكرمة أنه سئل عن
قوله : يوم يكشف عن ساق قال : إن العرب كانوا إذا اشتد القتال فيهم والحرب وعظم
الأمر فيهم قالوا لشدة ذلك : قد كشفت الحرب عن ساق فذكر الله شدة ذلك اليوم بما
يعرفون
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير أنه سئل عن قوله : يوم يكشف عن ساق
فغضب غضبا شديدا وقال : إن أقواما يزعمون أن الله يكشف عن ساقه وإنما يكشف عن
الأمر الشديد
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون
قال : هم الكفار كانوا يدعون في الدنيا وهم آمنون فاليوم يدعون وهم خائفون ثم أخبر
الله سبحانه أنه حال بين أهل الشرك وبين طاعته في الدنيا والآخرة فأما في الدنيا
فإنه قال : ما كانوا يستطيعون السمع وهي طاعته وما كانوا يبصرون وأما الآخرة فإنه
قال : لا يستطيعون خاشعة أبصارهم
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : أخبرنا أن بين كل مؤمنين منافقا يوم
القيامة فيسجد المؤمنان وتقسو ظهور المنافقين فلا يستطيعون السجود ويزدادون لسجود
المؤمنين توبيخا وحسرة وندامة
(8/255)
وأخرج
عبد بن حميد عن مجاهد يوم يكشف عن ساق قال : عن بلاء عظيم
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم النخعي يوم يكشف عن ساق قال : عن أمر عظيم الشدة
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس يوم يكشف عن ساق قال : عن الغطاء فيقع من كان
آمن به في الدنيا فيسجدون له ويدعى الآخرون إلى السجود فلا يستطيعون لأنهم لم
يكونوا آمنوا به في الدنيا ولا يبصرونه ولا يستطيعون السجود وهم سالمون في الدنيا
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : يوم يكشف عن ساق قال : أمر
فظيع جليل ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون قال : ذلكم يوم القيامة ذكر لنا أن
النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول : " يؤذن للمؤمنين يوم القيامة في السجود
فيسجد المؤمنون وبين كل مؤمنين منافق فيتعسر ظهر المنافق عن السجود ويجعل الله
سجود المؤمنين عليهم توبيخا وصغارا وذلا وندامة وحسرة " وفي قوله : وقد كانوا
يدعون إلى السجود وهم سالمون قال : في الصلوات
وأخرج ابن مردويه عن كعب الحبر قال : والذي أنزل التوراة على موسى والإنجيل على
عيسى والزبور على داود والفرقان على محمد أنزلت هذه الآيات في الصلوات المكتوبات
حيث ينادى بهن يوم يكشف عن ساق إلى قوله : وقد كانوا يدعون إلى السجود وهم سالمون
الصلوات الخمس إذا نودي بها
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن سعيد بن جبير في قوله : وقد كانوا يدعون إلى
السجود قال : الصلوات في الجماعات
وأخرج البيهقي عن ابن عباس في قوله : وقد كانوا يدعون إلى السجود قال : الرجل يسمع
الأذان فلا يجيب الصلاة
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
يجمع الله الخلائق يوم القيامة ثم ينادي مناد : من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتبع كل
قوم ما كانوا يعبدون ويبقى المسلمون وأهل الكتاب فيقال لليهود : ما كنتم تعبدون ؟
فيقولون الله وموسى فيقال
(8/256)
لهم
: لستم من موسى وليس موسى منكم فيصرف بهم ذات الشمال ثم يقال للنصارى : ما كنتم
تعبدون ؟ فيقولون : الله وعيسى فيقال لهم : لستم من عيسى وليس عيسى منكم ثم يصرف
بهم ذات الشمال ويبقى المسلمون فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : الله فيقال
لهم : هل تعرفونه ؟ فيقولون : إن عرفنا نفسه عرفناه فعند ذلك يؤذن لهم في السجود
بين كل مؤمنين منافق فتقصم ظهورهم عن السجود ثم قرأ هذه الآية ويدعون إلى السجود
فلا يستطيعون
وأخرج إسحق بن راهويه في مسنده وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا والطبراني والآجري في
الشريعة والدارقطني في الرؤية والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن عبد
الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : يجمع الله الناس يوم القيامة
وينزل الله في ظلل من الغمام فينادي مناد ياأيها الناس ألا ترضوا من ربكم الذي
خلقكم وصوركم ورزقكم أن يولي كل إنسان منكم ما كان يعبد في الدنيا ويتولى أليس ذلك
من ربكم عدلا ؟ قالوا : بلى
قال : فينطلق كل إنسان منكم إلى ما كان يعبد في الدنيا ويتمثل لهم ما كانوا يعبدون
في الدنيا فيتمثل لمن كان يعبد عيسى شيطان عيسى ويتمثل لمن كان يعبد عزيرا شيطان
عزير حتى يمثل لهم الشجرة والعود والحجر ويبقى أهل الإسلام جثوما فيتمثل لهم الرب
عز و جل فيقول لهم : ما لكم لم تنطلقوا كما انطلق الناس ؟ فيقولون : إن لنا ربا ما
رأيناه بعد فيقول : فيم تعرفون ربكم إن رأيتموه ؟ قالوا : بيننا وبينه علامة إن
رأيناه عرفناه
قال : وما هي ؟ قال : يكشف عن ساق فيكشف عند ذلك عن ساق فيخر كل من كان يسجد طائعا
ساجدا ويبقى قوم ظهورهم كصياصي البقر يريدون السجود فلا يستطيعون ثم يؤمرون
فيرفعوا رؤوسهم فيعطون نورهم على قدر أعمالهم فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل بين
يديه ومنهم من يعطى نوره فوق ذلك ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه ومنهم من
يعطى نوره دون ذلك بيمينه حتى يكون آخر ذلك من يعطى نوره على إبهام قدميه يضيء مرة
ويطفأ مرة فإذا أضاء قدم قدمه وإذا طفئ قام
فيمر ويمرون على الصراط والصراط كحد السيف دحض مزلة فيقال لهم : انجوا على قدر
نوركم فمنهم من يمر كانقضاض الكوكب ومنهم من يمر كالطرف ومنهم من يمر كالريح ومنهم
من يمر كشد الرجل ويرمل رملا يمرون على قدر أعمالهم حتى يمرالذي نوره على أبهام
قدمه يجر يدا ويعلق يدا ويجر رجلا ويعلق رجلا وتصيب جوانبه النار فيخلصون فإذا
خلصوا قالوا : الحمد لله
(8/257)
الذي
نجانا منك بعد الذي أراناك
لقد أعطانا الله ما لم يعط أحدا
فينطلقون إلى ضحضاح عند باب الجنة فيغتسلون فيعود إليهم ريح أهل الجنة وألوانهم
ويرون من خلل باب الجنة وهو يصفق منزلا في أدنى الجنة فيقولون : ربنا أعطنا ذلك
المنزل
فيقول لهم : أتسألون الجنة وقد نجيتكم من النار
فيقولون : ربنا أعطنا حل بيننا وبين النار هذا الباب لا نسمع حسيسها
فيقول لهم : لعلكم إن أعطيتموه أن تسألوا غيره فيقولون : لا وعزتك لا نسأل غيره
وأي منزل يكون أحسن منه ؟ قال : فيدخلون الجنة ويرفع لهم منزل أمام ذلك كان الذي
رأوا قبل ذلك حلم عنده فيقولون : ربنا أعطنا ذلك المنزل
فيقول : لعلكم إن أعطيتكموه أن تسألوا غيره فيقولون : لا وعزتك لا نسأل غيره وأي
منزل أحسن منه ؟ فيعطونه ثم يرفع لهم أمام ذلك منزل آخر كان الذي رأوا قبل ذلك حلم
عند هذا الذي رأوا فيقولون : ربنا أعطنا ذلك المنزل
فيقول : لعلكم إن أعطيتكموه أن تسألوا غيره فيقولن : لا وعزتك لا نسأل غيره وأي
منزل أحسن منه ؟ ثم يسكتون فيقول لهم : ما لكم لا تسألون فيقولون : ربنا قد سألناك
حتى استحينا
فيقال لهم : ألم ترضوا أن أعطيكم مثل الدنيا منذ يوم خلقتها إلى يوم أفنيتها وعشرة
أضعافها ؟ فيقولون : أتستهزئ بنا وأنت رب العالمين ؟ قال مسروق : فما بلغ عبد الله
هذا المكان من الحديث إلا ضحك وقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يحدثه
مرارا فما بلغ هذا المكان من الحديث إلا ضحك حتى تبدو لهواته ويبدو آخر ضرس من
أضراسه يقول : الأسنان
قال : فيقول لا ولكني على ذلك قادر فاسألوني
قال : ربنا ألحقنا بالناس
فيقال لهم : الحقوا الناس
فينطلقون يرملون في الجنة حتى يبدوا لرجل منهم في الجنة قصر درة مجوف فيخر ساجدا
فيقال له : ارفع رأسك فيرفع رأسه فيقول : رأيت ربي ! فيقال له : إنما ذلك منزل من
منازلك
فينطلق ويستقبله رجل فيتهيأ للسجود فيقال له مالك ؟ فيقول : رأيت ملكا ! فيقال له
: إنما ذلك قهرمان من قهارمتك عبد بن عبيدك
فيأتيه فيقول : إنما أنا قهرمان من قهارمتك على هذا القصر تحت يدي ألف قهرمان كلهم
على ما أنا عليه
فينطلق به عند ذلك حتى يفتح له القصر وهي درة مجوفة سقائفها وأغلاقها وأبوابها
ومفاتيحها منها
قال : فيفتح له القصر فتستقبله جوهرة خضراء مبطنة بحمراء سبعون ذراعا فيها ستون
بابا كل باب يفضي إلى جوهرة على غير لون صاحبتها في كل جوهرة سرر وأدراج
(8/258)
ونصائف
وقال : وصائف
فيدخل فإذا هو بحوراء عيناء عليها سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء حللها كبدها
مرآته وكبده مرآتها إذا أعرض عنها إعراضة ازدادت في عينه سبعين ضعفا عما كانت قبل
ذلك وإذا أعرضت عنه إعراضة ازداد في عينها سبعين ضعفا عما كان قبل ذلك فتقول : لقد
ازددت في عينين سبعين ضعفا ويقول لها مثل ذلك
قال : فيشرف على ملكه مد بصره مسيرة مائة عام قال : فقال عمر بن الخطاب عند ذلك :
ألا تسمع يا كعب ما يحدثنا به ابن أم عبد عن أدنى أهل الجنة ما له فكيف بأعلاهم ؟
قال : يا أمير المؤمنين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت إن الله كان فوق العرش والماء
فخلق لنفسه دارا بيده فزينها بما شاء وجعل فيها ما شاء من الثمرات والشراب ثم
أطبقها فلم يرها أحد من خلقه منذ خلقها جبريل ولا غيره من الملائكة ثم قرأ كعب فلا
تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين سورة السجدة الآية 17 الآية وخلق دون ذلك جنتين
فزينهما بما شاء وجعل فيهما ما ذكر من الحرير والسندس والإستبرق وأراهما من شاء من
خلقه من الملائكة فمن كان كتابه في عليين نزل تلك الدار فإذا ركب الرجل من أهل
عليين في ملكه لم يبق خيمة من خيام الجنة إلا دخلها من ضوء وجهه حتى إنهم
ليستنشقون ريحه ويقولون : واها وهذه الريح الطيبة
ويقولون : لقد أشرف علينا اليوم رجل من أهل عليين
فقال عمر : ويحك يا كعب إن هذه القلوب قد استرسلت فاقبضها
فقال كعب : يا أمير المؤمنين إن لجهنم زفرة ما من ملك ولا نبي إلا يخر لركبته حتى
يقول إبراهيم خليل الله : رب نفسي نفسي
وحتى لو كان لك عمل سبعين نبيا إلى عملك لظننت أن لن تنجو منها
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي
في البعث والنشور عن ابن مسعود أنه ذكر عنده الدجال فقال : يفترق ثلاث فرق تتبعه
فرقة تتبعه وفرقة تلحق بأرض آبائها منابت الشيخ وفرقة تأخذ شط الفرات فيقاتلهم
ويقاتلونه حتى يجتمع المؤمنون بقرى الشام فيبعثون إليه طليعة فيهم فارس على فرس
أشقر أو أبلق فيقتلون لا يرجع إليهم شيء ثم إن المسيح ينزل فيقتله ثم يخرج يأجوج
ومأجوج فيموجون في الأرض فيفسدون فيها ثم قرأ عبد الله
(8/259)
وهم من كل حدب ينسلون سورة الأنبياء الآية 96 ثم يبعث الله عليهم دابة مثل هذه النغفة فتدخل في أسماعهم ومناخرهم فيموتون منها فتنتن الأرض منهم فيجأر أهل الأرض إلى الله فيرسل الله ماء فيطهرها منهم ثم يبعث ريحا فيها زمهرير باردة فلا تدع على وجه الأرض ؟ إلا كفئت بتلك الريح ثم تقوم الساعة على شرار الناس ثم يقوم ملك الصور بين السماء والأرض فينفخ فيه فلا يبقى خلق الله في السموات والأرض إلا مات إلا من شاء ربك ثم يكون بين النفختين ما شاء الله أن يكون فليس من ابن آدم خلق إلا وفي الأرض منه شيء ثم يرسل الله ماء من تحت العرش منيا كمني الرجال فتنبت جسمانهم ولحمانهم من ذلك الماء كما تنبت الأرض من الثرى ثم قرأ عبد الله الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور سورة الروم الآية 48 ثم يقوم ملك بالصور بين السماء والأرض فينفخ فيه فتنطلق كل نفس إلى جسدها حتى تدخل فيه فيقومون فيجيئون مجيئة رجل واحد قياما لرب العالمين ثم يتمثل الله للخلق فيلقاهم فليس أحد من الخلق يعبد من دون الله شيئا إلا هو متبع له يتبعه فيلقى اليهود فيقول : ما تعبدون ؟ فيقولون : نعبد عزيرا فيقول : هل يسركم الماء ؟ قالوا : نعم فيريهم جهنم كهيئة السراب ثم قرأ عبد الله وعرضنا جهنم يومئذ للكافرين عرضا سورة الكهف الآية100 ثم يلقى النصارى فيقولون : ما كنتم تعبدون ؟ قالوا : المسيح فيقول : هل يسركم الماء ؟ قالوا : نعم فيريهم جهنم كهيئة السراب وكذلك كل من يعبد من دون الله شيئا ثم قرأ عبد الله وقفوهم إنهم مسؤولون سورة الصافات الآية 24 حتى يمر المسلمون فيلقاهم فيقول : من تعبدون ؟ فيقولون : نعبد الله ولا نشرك به شيئا فينتهرهم مرة أو مرتين من تعبدون ؟ فيقولون : نعبد الله ولا نشرك به شيئا فيقول : هل تعرفون ربكم ؟ فيقولون : سبحان الله إذا تعرف لنا عرفناه فعند ذلك يكشف عن ساق فلا يبقى مؤمن إلا خر لله ساجدا ويبقى المنافقون ظهورهم طبق واحد كأنما فيها السفافيد فيقولون : ربنا فيفول : قد كنتم تدعون إلى السجود وأنتم سالمون ثم يؤمر بالصراط فيضرب على جهنم فتمر الناس بأعمالهم يمر أوائلهم كلمح البصر أو كلمح البرق ثم كمر الريح ثم كمر الطير ثم
(8/260)
كأسرع
البهائم ثم كذلك يجيء الرجل سعيا حتى يجيء الرجل مشيا حتى يجيء آخرهم رجل يتكفأ
على بطنه فيقول : يا رب أبطأت بي فيقول : إنما أبطأ بك عملك ثم يأذن الله في
الشفاعة فيكون أول شافع جبريل ثم إبراهيم خليل الله ثم موسى أو قال عيسى ثم يقوم
نبيكم صلى الله عليه و سلم رابعا لا يشفع أحد بعده فيما يشفع فيه وهو المقام
المحمود الذي وعده الله عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا سورة الإسراء الآية 79 فليس
من نفس إلا تنظر إلى بيت في الجنة وبيت في النار وهو يوم الحسرة فيرى أهل النار
البيت الذي في الجنة فيقال : لو عملتم ويرى أهل الجنة البيت الذي في النار فيقال :
لولا أن من الله عليكم ثم يشفع الملائكة والنبيون والشهداء والصالحون والمؤمنون
فيشفعهم الله ثم يقول : أنا أرحم الراحمين فيخرج من النار أكثر مما أخرج من جميع
الخلق برحمته حتى ما يترك فيها أحدا فيه خير
ثم قرأ عبد الله يا أيها الكفار ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين سورة
المدثر الآية 42 إلى قوله : وكنا نكذب بيوم الدين سورة المدثر الآية 46 قال : ترون
في هؤلاء أحدا فيه خير لا وما يترك فيها أحدا فيه خير فإذا أراد الله أن لا يخرج
منها أحدا غير وجوههم وألوانهم فيجيء الرجل من المؤمنين فيشفع فيقال له : من عرف
أحدا فيخرجه فيجيء الرجل فينظر فلا يعرف أحدا فيقول الرجل للرجل : يا فلان أنا
فلان فيقول : ما أعرفك فيقولون : ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون سورة
المؤمنون الآية 107 فيقول : اخسؤوا فيها ولا تكلمون سورة المؤمنون الآية 108 فإذا
قال ذلك أطبقت عليهم فلم يخرج منهم بشر
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : ولا تكنن كصاحب الحوت قال : تغاضب كما غاضب
يونس
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد وابن المنذر عن قتادة ولا تكن كصاحب الحوت قال :
لا تعجل كما عجل ولا تغاضب كما غاضب
(8/261)
وأخرج
الحاكم عن وهب قال : كان في خلق يونس ضيق فلما حملت عليه أثقال النبوة منها تفسخ
الربع فقذفها من يديه وهرب قال تعالى لنبيه ولا تكن كصاحب الحوت إذ نادى وهو مكظوم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وهو مكظوم قال : مغموم وفي
قوله : وهو مذموم قال : مليم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : وهو مكظوم قال : مغموم
قوله تعالى : وإن يكاد الذين كفروا الآية
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : ليزلونك
بأبصارهم قال : ينفذونك بأبصارهم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ليزلقونك بأبصارهم لينفذونك بأبصارهم
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ليزلقونك بأبصارهم قال : لينفذونك بأبصارهم معاداة
لكتاب الله ولذكر الله
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن عطاء قال : كان ابن
عباس يقرأ وإن كان الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم قال : يقول : ينفذونك بأبصارهم
من شدة النظر إليك قال ابن عباس : فكيف يقولون أزلق السهم أو زهق السهم
وأخرج أبو عبيدة فضائله وابن جرير عن ابن مسعود أنه قرأ " ليزهقونك بأبصارهم
"
وأخرج البخاري عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " العين
حق "
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن جابر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
العين تدخل الرجل القبر والجمل القدر "
وأخرج البزار عن جابر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " أكثر من يموت من
أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين "
(8/262)
بسم
الله الرحمن الرحيم
69
- سورة الحاقة
مكية وآياتها اثنتان وخمسون
مقدمة السورة أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال :
نزلت سورة الحاقة بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
واخرج الطبراني عن أبي برزة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في الفجر
بالحاقة ونحوها
وأخرج أحمد عن عمر بن الخطاب قال : خرجت أتعرض لرسول الله صلى الله عليه و سلم قبل
أن أسلم فوجدته قد سبقني إلى المسجد فقمت خلفه فاستفتح سورة الحاقة فجعلت أعجب من
تأليف القرآن فقلت : هذا والله شاعر كما قالت قريش فقرأ إنه لقول رسول كريم وما هو
بقول شاعر قليلا ما تؤمنون قلت : كاهن قال : ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل
إلى آخر السورة فوقع الإسلام في قلبي كل موقع
الآية 1 - 13
(8/263)
أخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : الحاقة قال : من أسماء يوم
القيامة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والحاكم عن قتادة رضي الله عنه في قوله
: الحاقة يعني الساعة أحقت لكل عامل عمله وما أدراك ما الحاقة قال : تعظيما ليوم
القيامة كما تسمعون وفي قوله : كذبت ثمود وعاد بالقارعة قال : بالساعة
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : الحاقة قال : حققت لكل عامل
عمله للمؤمن إيمانه وللمنافق نفاقه وفي قوله : بالقارعة قال : يوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : فأهلكوا
بالطاغية قال : بالذنوب وكان ابن عباس يقول : الصيحة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله :
فأهلكوا بالطاغية قال : أرسل الله عليهم صيحة واحدة فأهمدتهم فأهلكوا في قوله :
بريح صرصر عاتية قال : عتت عليهم حتى نقبت أفئدتهم
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما أرسل
الله شيئا من ريح إلا بمكيال ولا قطرة من مطر إلا بمكيال إلا يوم نوح ويوم عاد
فأما يوم نوح فإن الماء طغى على خزانه فلم يكن لهم عليه سبيل ثم قرأ إنا لما طغى
الماء وأما يوم عاد فإن الريح عتت على خزانها فلم يكن لهم عليها سبيل ثم قرأ بريح
صرصر عاتية وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : لم تنزل قطرة من
ماء إلا بمكيال على يدي ملك إلا يوم نوح فإنه أذن للماء دون الخزان فطغى الماء على
الخزان فخرج فذلك قوله : إنا لما طغى الماء ولم ينزل شيء من الريح إلا بكيل على
يدي ملك إلا يوم عاد فإنه أذن لها دون الخزان فخرجت فذلك قوله : بريح صرصر عاتية
عتت على الخزان
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور قال : ما أمر الخزان أن يرسلوا
على عاد إلا مثل موضع الخاتم من الريح فعتت على الخزان فخرجت من نواحي
(8/264)
الأبواب
فذلك قوله : بريح صرصر عاتية قال : عتوها عتت على الخزان فبدأت بأهل البادية منهم
فحملتهم بمواشيهم وبيوتهم فأقبلت بهم إلى الحاضرة فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم
قالوا هذا عارض ممطرنا سورة الأحقاف الآية 24 فلما دنت الريح وأظلتهم استبق الناس
والمواشي فيها فألقت البادية على أهل الحاضرة تقصفهم فهلكوا جميعا "
وأخرج أبو الشيخ في العظمة والدارقطنى في الأفراد وابن مردويه وابن عساكر عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما أنزل
الله من السماء كفا من ماء إلا بمكيال ولا كفا من ريح إلا بمكيال إلا يوم نوح فإن
الماء طغى على الخزان فلم يكن لهم عليه سلطان قال لله تعالى : إنا لما طغى الماء
حملناكم في الجارية ويوم عاد فإن الريح عتت على الخزان قال الله : بريح صرصر عاتية
قال : الغالبة "
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : الصرصر الباردة عاتية قال : حيث
عتت على خزانها
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : عاتية قال : شديدة وفي
قوله : حسوما قال : متتابعة
وأخرج ابن عساكر من طريق ابن شهاب عن قبيصة بن ذؤيب قال : ما يخرج من الريح شيء
إلا عليها خزان يعلمون قدرها وعددها ووزنها وكيلها حتى كانت الريح التي أرسلت على
عاد فاندفق منها شيء لا يعلمون وزنه ولا قدره ولا كيله غضبا لله ولذلك سميت عاتية
والماء كذلك حين كان أمر نوح فلذلك سمي طاغيا
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله : سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام
قال : كان أولها الجمعة
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود في قوله : حسوما قال : متتابعات
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طرق عن ابن عباس في قوله : حسوما قال : تبعا وفي
لفظ متتابعات
(8/265)
وأخرج
الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : حسوما قال :
دائمة شديدة يعني محسومة بالبلاء قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت أمية بن أبي الصلت وهو يقول : وكم كنا بها من فرط عام وهذا الدهر مقتبل
حسوم وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : سخرها عليهم سبع ليال
وثمانية أيام حسوما قال : كانوا سبع ليال وثمانية أيام أحياء في عذاب الله من
الريح فلما أمسوا اليوم الثامن ماتوا فاحتملتهم الريح فألقتهم في البحر فذلك قوله
: فهل ترى لهم من باقية وقوله : فأصبحوا لا ترى إلا مساكنهم قال : وأخبرت أن النبي
صلى الله عليه و سلم قال : " عذبهم بكرة وكشف عنهم في اليوم الثاني حتى كان
الليل "
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وعكرمة رضي الله عنهما في قوله : حسوما قال : متتابعة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : حسوما قال :
دائمات وفي قوله : كأنهم أعجاز نخل خاوية قال : هي أصول النخل قد بقيت أصولها
وذهبت أعاليها
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : كأنهم أعجاز نخل قال :
أصولها وفي قوله : خاوية قال : خربة
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ وجاء فرعون ومن قبله بنصب القاف
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج وجاء فرعون ومن قبله قال : ومن معه وأخرج عبد الرزاق
وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : والمؤتفكات قال : هم
قوم لوط ائتفكت بهم أرضهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : بالخاطئة قال : بالخطايا وفي
قوله : أخذة رابية قال : شديدة وفي قوله : إنا لما طغى الماء قال : كثر وفي قوله :
حملناكم في الجارية قال : السفينة وفي قوله : وتعيها أذن واعية قال : حافظة وفي
لفظ : سامعة
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : إنا لما طغى الماء قال :
طغى على خزانه فنزل ولم ينزل من السماء ماء إلا بمكيال أو ميزان إلا زمن
(8/266)
نوح
فإنه طغى على خزانة فنزل من غير كيل ولا وزن
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال : لم ينزل من السماء قطرة قط إلا
بعلم الخزان إلا حيث طغى الماء فإنه غضب لغضب الله فطغى على الخزان فخرج ما لا
يعلمون ما هو
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : طغى الماء قال :
بلغني أنه طغى فوق كل شيء خمسة عشر ذراعا
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن السدي في قوله : حملناكم في الجارية قال :
السفينة وفي قوله : لنجعلها لكم تذكرة أي تذكرون ماصنع بهم حيث عصوا نوحا وتعيها
يقول : وتحصيها أذن واعية يقول : أذن حافظة يعني حديث السفينة
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن مكحول
قال : لما نزلت وتعيها أذن واعية قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " سألت
ربي أن يجعلها أذن علي " قال مكحول : فكان علي يقول : ما سمعت من رسول الله
صلى الله عليه و سلم شيئا فنسيته
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والواحدي وابن مردويه وابن عساكر وابن البخاري عن
بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لعلي : " إن الله أمرني أن
أدنيك ولا أقصيك وأن أعلمك وأن تعي وحق لك أن تعي " فنزلت هذه الآية وتعيها
أذن واعية
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن علي قال : قال رسو ل الله صلى الله عليه و سلم :
" يا علي إن الله أمرني أن أدنيك وأعلمك لتعي " فأنزلت هذه الآية وتعيها
أذن واعية " فأنت أذن واعية لعلمي "
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : لنجعلها لكم تذكرة قال : لأمة محمد صلى
الله عليه و سلم وكم من سفينة قد هلكت وأثر قد ذهب يعني ما بقي من السفينة حتى
أدركته أمة محمد فرأوه كانت ألواحها ترى على الجودي
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : لنجعلها لكم تذكرة قال : عبرة وآية أبقاها
الله حتى نظرت إليها هذه الأمة وكم من سفينة غير سفينة نوح صارت رمما
(8/267)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عمران في قوله : أذن واعية قال : أذن عقلت عن الله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : وتعيها أذن واعية قال سمعت
وعقلت ما سمعت وأوعت
الآية 14 - 26 أخرج الحاكم وصححه والبيهقي في البعث والنشور عن أبي بن كعب في قوله
: حملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة قال : يصيران غبرة على وجوه الكفار لا على
وجوه المؤمنين وذلك قوله : ووجوه يومئذ عليها غبرة ترهقها قترة سورة عبس الآية 40
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : فدكتا دكة
واحد قال : زلزلة شديدة عند النفحة الأخرة قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت عدي بن زيد وهو يقول : ملك ينفق الخزائن الذم ة الذمة قد دكها وكادت تبور
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الزهري في قوله : فدكتا دكة واحدة قال : بلغني أن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " يقبض الله الأرض ويطوي السماء بيمينه ثم
يقول : لمن الملك أين ملوك الأرض "
(8/268)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذرعن ابن جريج في قوله : وانشقت السماء قال : ذلك قوله : وفتحت
السماء فكانت أبوابا سورة النبأ الآية 19
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فهي يومئذ واهية قال : متخرقة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : والملك على أرجائها قال :
الملائكة على أطرافها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الربيع بن أنس في قوله : والملك على أرجائها قال
: الملائكة على شقها ينظرون إلى أهل الأرض وما أتاهم من الفزع
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير والضحاك في قوله : والملك علىأرجائها قال : على
ما لم ينشق منها
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك وقتادة وسعيد بن جبير في قوله : والملك على أرجائها
قالوا : علىحافات السماء
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : والملك
على أرجائها قال : على حافاتها على ما لم يه منها
أخرج عبد بن حميد وعثمان بن سعيد والدارمي في الرد على الجهمية وأبو يعلى وابن
المنذر وابن خزيمة وابن مردويه والحاكم وصححه والخطيب تالي التلخيص عن العباس بن
عبد المطلب في قوله : ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية قال : ثمانية أملاك على
صورة الأوعال
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله : ويحمل عرش
ربك فوقهم يومئذ ثمانية قال : ثمانية صفوف من الملائكة لا يعلم عدتهم إلا الله
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية قال : يقال ثمانية
صفوف لا يعلم عدتهم إلا الله يقال ثمانية أملاك رؤوسهم عند العرش في السماء
السابعة وأقدامهم في الأرض السفلى ولهم قرون كقرون الوعلة ما بين أصل قرن أحدهم
إلى منتهاه مسيرة خمسمائة عام
(8/269)
وأخرج
عبد بن حميد عن الربيع ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية قال : ثمانية من الملائكة
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
يحمله اليوم أربعة ويوم القيامة ثمانية "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : لم يسم حملة العرش إلا إسرافيل قال :
وميكائيل ليس من حملة العرش
وأخرج ابن أبي حاتم وتمام الرازي في فوائده وابن عساكر عن أبي الزاهرية قال :
أنبئت أن لبنان أحد حملة العرش الثمانية يوم القيامة
وأخرج ابن عساكر عن كعب قال : لبنان أحد الثمانية تحمل العرش يوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ميسرة في قوله : ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ
ثمانية قال : أرجلهم في التخوم ورؤوسهم عن العرش لا يستطيعون أن يرفعوا أبصارهم من
شعاع النور
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن وهب بن منبه قال : أربعة أملاك
يحملون العرش على أكتافهم لكل واحد منهم أربعة وجوه : وجه ثور ووجه أسد ووجه نسر
ووجه إنسان لكل واحد منهم أربعة أجنحة : أما جناحان فعلى وجهه من أن ينظر إلى
العرش فيصعق وأما جناحان فيصفق بهما وفي لفظ : فيطير بهما أقدامهم في الثرى والعرش
على أكتافهم ليس لهم كلام إلا أن يقولوا : قدسوا الله القوي ملأت عظمته السموات
والأرض
أخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة في قوله : يومئذ تعرضون قال : تعرضون ثلاث
عرضات فأما عرضتان ففيهما الخصومات والمعاذير وأما الثالثة فتطاير الصحف في الأيدي
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية قال : ذكر لنا أن نبي
الله صلى الله عليه و سلم كان يقول : " تعرض الناس ثلاث عرضات يوم القيامة
فأما عرضتان ففيهما خصومات ومعاذير وجدال وأما العرضة الثالثة فتطير الصحف في
الأيدي اللهم اجعلنا ممن تؤتيه كتابه بيمينه "
قال : وكان بعض أهل العلم يقول : إني وجدت أكيس الناس من قال : هاؤم اقرؤا كتابيه
إني ظننت أني ملاق حسابية قال : ظن ظنا يقينا فنفعه الله بظنه
قال : وذكر أن نبي الله صلى الله عليه و سلم
(8/270)
كان
يقول : " من استطاع أن يموت وهو يحسن الظن بالله فليفعل "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد الترمذي وابن ماجة وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي موسى
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يعرض الناس يوم القيامة ثلاث
عرضات فأما عرضتان فجدال ومعاذير وأما الثالثة فعند ذلك تطاير الصحف في أيدي فآخذ
بيمينه وآخذ بشماله "
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن أبي موسى قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم
يقول : في قوله : يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية قال : " عرضتان فيهما
الخصومة والجدال والعرضة الثالثة تطير الصحف في أيدي الرجال "
وأخرج ابن جرير والبيهقي في البعث عن ابن مسعد قال : يعرض الناس يوم القيامة ثلاث
عرضات فأما عرضتان فجدال ومعاذير وأما العرضة الثالثة فتطاير الكتب بالأيمان
والشمائل
وأخرج ابن المبارك عن عمر قال : حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا فإنه أيسر لحسابكم
وزنوا أنفسكم قبل أن توزنوا وتجهزوا للعرض الأكبر يومئذ تعرضون لا تخفى منكم خافية
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة قال : إن الله يقف عبده
يوم القيامة فيبدي سيئاته في ظهر صحيفته فيقول له : أنت عملت هذا ؟ فيقول : نعم أي
رب فيقول له : إني لم أفضحك به وإني غفرت لك فيقول عند ذلك : هاؤم اقرؤوا كتابيه
إني ظننت أني ملاق حسابيه حين نجا من فضيحته يوم القيامة
وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر والخطيب عن أبي عثمان النهدي
قال : إن المؤمن ليعطى كتابه في ستر من الله فيقرأ سيئاته فيتغير لونه ثم يقرأ
حسناته فيرجع إليه لونه ثم ينظر فإذا سيئاته قد بدلت حسنات فعند ذلك يقول : هاؤم
اقرؤوا كتابية
وأخرج أحمد عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أنا
أول من يؤذن له في السجود يوم القيامة وأنا أول من يؤذن له أن يرفع رأسه فأنظر إلى
بين يدي فأعرف أمتي من بين الأمم ومن خلفي مثل ذلك وعن يميني مثل ذلك وعن شمالي
مثل ذلك فقال رجل : يا رسول الله كيف تعرف أمتك من بين الأمم فيما بين
(8/271)
نوح
إلى أمتك ؟ قال : هم غر محجلون من أثر الوضوء ليس أحد كذلك غيرهم وأعرفهم أنهم
يؤتون كتبهم بأيمانهم وأعرفهم يسعى نورهم بين أيديهم ذريتهم "
وأخرج جرير عن ابن عباس في قوله : إني ظننت قال : أيقنت
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن البراء بن عازب في قوله : قطوفها دانية قال
: قريبة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قطوفها دانية قال : دنت فلا يرد أيديهم عنها بعد ولا
شوك
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن البراء في قوله : قطوفها دانية
قال : يتناول الرجل منها من فواكهها وهو قائم
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله : قطوفها قال : ثمرها
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن سلمان الفارسي : لا يدخل
الجنة أحد إلا بجوار بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من الله لفلان بن فلان
أدخلوه جنة عالية قطوفها دانية
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة كلوا واشربوا هنيئا بما أسلفتم في الأيام الخالية قال
: أيامكم هذه أيام خالية فانية تؤدي إلى أيام باقية فاعملوا في هذه الأيام وقدموا
خيرا إن استطعتم ولا قوة إلا بالله
وأخرج ابن المنذر عن يوسف بن يعقوب الحنفي قال : بلغني أنه إذا كان يوم القيامة
يقول الله تعالى : يا أوليائي طال ما نظرت إليكم في الدنيا وقد قلصت شفاهكم عن
الأشربة وغارت أعينكم وجفت بطونكم كونوا اليوم في نعيمكم وكلوا واشربوا هنيئا بما
أسلفتم في الأيام الخالية
وأخرج ابن المنذر وابن عدي في الكامل والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن رفيع
في قوله : بما أسلفتم في الأيام الخالية قال : الصوم
وأخرج البيهقي عن نافع قال : خرج ابن عمر في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له
ووضعوا سفرة لهم فمر بهم راعي غنم فسلم فقال ابن عمر : هلم يا راعي هلم فأصب من
هذه السفرة فقال له : إني صائم فقال ابن عمر : أتصوم في مثل هذا اليوم الحار
الشديد سمومه وأنت في هذه الجبال ترعى هذه الغنم ؟ فقال له : إني والله أبادر
أيامي الخالية فقال له ابن عمر وهو يريد أن يختبر
(8/272)
ورعه
: فهل لك أن تبيعنا شاة من غنمك هذه فنعطيك ثمنها ونعطيك من لحمها فتفطر عليه ؟
فقال : إنها ليست لي بغنم إنها غنم سيدي
فقال له ابن عمر : فما عسى سيدك فاعلا إذافقدها فقلت أكلها الذئب ؟ فولى الراعي
عنه وهو رافع إصبعه إلىالسماء وهو يقول : فأين الله ؟ قال : فجعل ابن عمر يردد قول
الراعي وهو يقول : قال الراعي : فأين الله ؟ فلما قدم المدينة بعث إلى مولاه
فاشترى منه الغنم والراعي فأعتق الراعي ووهب منه الغنم
الآية 27 - 34 أخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : يا ليتها كانت القاضية قال :
تمنوا الموت ولم يكن شيء في الدنيا أكره عندهم من الموت وفي قوله : هلك عني
سلطانيه قال : أما والله ما كل من دخل النار كان أمير قرية ولكن الله خلقهم وسلطهم
على أبدانهم وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته
وأخرج هناد عن الضحاك في قوله : يا ليتها كانت القاضية قال : يا ليتها كانت موتة
لا حياة بعدها
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد هلك عني سلطانيه قال : حجتي
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة هلك عني سلطانيه قال : يعني حجته
وأخرج سعيد بن منصور عن محمد بن كعب في قوله : يا ليتها كانت القاضية قال : حجتي
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : هلك عني سلطانيه قال : ضلت عني كل بينة فلم
تغن عني شيئا
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : خذوه فغلوه قال : أخبرت أنه أبو جهل
وأخرج ابن المبارك وهناد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر عن نوف الشامي
(8/273)
في
قوله : ثم في سلسلة ذرعها سبعون ذراعا قال : الذراع سبعون باعا والباع ما بينك
وبين مكة وهو يومئذ بالكوفة
وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن كعب قال : إن حلقه من
السلسلة التي ذكر الله في كتابه مثل جميع حديد الدنيا
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس في قوله : فاسلكوه قال
: تسلك في دبره حتى تخرج من منخريه حتى لا يقوم على رجليه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله : فاسلكوه قال : قال ابن عباس
: السلسلة تدخل في أسته ثم تخرج من فيه ثم ينظمون فيها كما ينظم الجراد في العود
ثم يشوى
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن مجاهد قال : بلغني أن السلسلة تدخل من مقعده
حتى تخرج من فيه يوثق بها بعد أو من فيه حتى تخرج من معدته
وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر عن أبي الدرداء قال : إن لله سلسلة لم
تزل تغلي فيها مراجل النار منذ خلق الله جهنم إلى يوم القيامة تلقى في أعناق الناس
وقد نجانا الله من نصفها بإيماننا بالله العظيم فحضي على طعام المسكين يا أم
الدرداء
الآية 35 - 52
(8/274)
أخرج
ابن أبي حاتم وأبو القاسم الزجاجي النحوي في أماليه من طريق مجاهد عن ابن عباس قال
: ما أدري ما الغسلين ولكني أظنه الزقوم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس قال :
الغسلين الدم والماء الذي يسيل من لحومهم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال :
الغسلين صديد أهل النار
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : لو أن
دلوا من غسلين يراق في الدنيا لأنتن بأهل الدنيا
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس قال : الغسلين اسم طعام من أطعمة
النار
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال : غسلين شجرة في النار
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن صعصعة بن صوحان قال : جاء أعرابي إلى علي بن أبي
طالب فقال : كيف هذا الحرف لا يأكله ألا الخاطون كل والله يخطو فتبسم علي وقال :
يا أعرابي لا يأكله إلا الخاطئون صدقت والله يا أمير المؤمنين ما كان الله ليسلم
عبده ثم التفت علي إلى أبي الأسود فقال : إن الأعاجم قد دخلت في الدين كافة فضع
للناس شيئا يستدلون به على صلاح ألسنتهم فرسم له الرفع والنصب والخفض
وأخرج عبد بن حميد والبخاري في تاريخه من طريق أبي الدهقان عن عبد الله أنه قرأ لا
يأكله إلا الخاطئون مهموزة
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد أنه كان يقرأ " لا يأكله إلا الخاطون " لا
يهمز
وأخرج الحاكم وصححه من طريق أبي الأسود الدؤلي ويحيى بن يعمر عن ابن عباس قال : ما
الخاطون ؟ إنما هو الخاطئون ما الصابون ؟ إنما هو الصائبون
أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : فلا أقسم بما تبصرون وما لا تبصرون يقول :
بما ترون وما لا ترون
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : وما هو بقول شاعر قال : طهره
الله وعصمه ولا بقول كاهن قال : طهره من الكهانة وعصمه منها
(8/275)
وأخرج
الطبراني في الأوسط عن يزيد بن عامر السوائي أنهم بينما هم يطوفون بالطاغية إذا
سمعوا متكلما وهو يقول : ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم
لقطعنا منه الوتين ففزعنا لذلك وقلنا ما هذا الكلام الذي لا نعرفه فنظرنا فإذا
النبي صلى الله عليه و سلم منطلق
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : لأخذنا منه باليمين قال :
بقدرة
وأخرج عبد بن حميد عن الحكم في قوله : لأخذنا منه باليمين قال : بالحق
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال : الوتين عرق القلب
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : ثم لقطعنا منه الوتين قال : هو حبل القلب
الذي في الظهر
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : ثم لقطعنا منه الوتين قال : كنا نحدث أنه
حبل القلب
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : الوتين الحبل الذي في الظهر
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : الوتين نياط القلب
وأخرج ابن أبي حاتم عن حصين بن عبد الرحمن قال : قال ابن عباس : إذا احتضر الإنسان
أتاه ملك الموت فغمز وتينه فإذا انقطع الوتين خرج روحه فهناك حين يشخص بصره ويتبعه
روحه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال : إذا انقطع الوتين لا إن جاع عرق ولا
إن شبع عرق
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : وإنه لتذكرة لك وإنه لحسرة وإنه لحق
اليقين قال : القرآن
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : وإنه لتذكرة للمتقين قال : يعني
هذا القرآن وفي قوله : وإنه لحسرة على الكافرين قال : ذاكم يوم القيامة
(8/276)
70
- سورة المعارج
مكية وآياتها أربع وأربعون أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن
عباس قال : نزلت سورة سأل بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 5 أخرج الفريابي وعبد بن حميد والنسائي وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : سأل سائل قال : هو النضر بن الحارث قال : اللهم
إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء وفي قوله : بعذاب واقع
قال : كائن للكافرين ليس له دافع
من الله ذي المعارج قال : ذي الدرجات
وأخرج ابن المنذر عن زيد بن أسلم مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : سأل سائل قال : نزلت بمكة في النضر بن
الحارث وقد قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك الآية وكان عذابه يوم بدر
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : بعذاب واقع قال : يقع في الآخرة قولهم في
الدنيا : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك هو النضر بن
(8/277)
الحارث
وأخرج ابن المنذر عن الحسن قال : سال سائل بعذاب واقع فقال الناس : على من يقع
العذاب ؟ فأنزل الله على الكافرين ليس له دافع
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : سأل سائل قال :
دعا داع وفي قوله : بعذاب واقع قال : يقع في الآخرة وهو قولهم : اللهم إن كان هذا
هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم
أخرج عبد بن حميد عن عطاء قال : رجل من عبد برار ؟ ؟ ويقال له الحارث بن علقمة :
اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب
أليم فقال الله : وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قبل يوم الحساب سورة ص الآية 86 وقال
الله : ولقد جئتمونا فرادى سورة الأنعام الآية 94 وقال الله : سأل سائل بعذاب واقع
هو الذي قال : إن كان هذا هو الحق من عندك فأمطر وهو الذي قال : ربنا عجل لنا قطنا
وهو الذي سأل عذابا هو واقع به
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : سأل سائل قال : سأل واد في
جهنم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ذي المعارج قال : ذي العلو
والفواضل
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد في قوله : ذي
المعارج قال : معارج السماء
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : ذي المعارج قال : ذي الفضائل والنعم
وأخرج أحمد وابن خزيمة عن سعد بن أبي وقاص أنه سمع رجلا يقول : لبيك ذي المعارج
فقال : إنه لذو المعارج ولكنا كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يقول ذلك
أخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ تعرج الملائكة بالتاء
(8/278)
وأخرج
عبد بن حميد عن أبي إسحق رضي الله عنه قال : كان عبد الله يقرأ " يعرج
الملائكة " بالياء
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : في يوم كان
مقداره خمسين ألف سنة قال : منتهى أمره من أسفل الأرضين إلى منتهى أمره من فوق سبع
سموات مقداره خمسين ألف سنة ويوم كان مقداره ألف سنة يعني بذلك نزول الأمر من
السماء إلى الأرض ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد فذلك مقداره ألف سنة لأن ما
بين السماء والأرض مسيرة خمسمائة عام
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : غلظ كل أرض خمسمائة عام فذلك
أربعة عشر ألف عام وبين السماء السابعة وبين العرش مسيرة ستة وثلاثين ألف عام فذلك
قوله : في يوم كان مقداره خمسين الف سنة
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون قال : هذا في الدنيا تعرج الملائكة في يوم كان
مقداره ألف سنة وفي قوله : في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة فهذا يوم القيامة جعله
الله على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : في
يوم كان مقداره خمسين ألف سنة قال : لو قدرتموه لكان خمسين ألف سنة من أيامكم قال
: يعني يوم القيامة
وأخرج ابن مردويه عن عكرمة رضي الله عنه قال : سأل رجل ابن عباس رضي الله عنهما ما
هؤلاء الآيات في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ويدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم
يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة مما تعدون ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله
وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون قال : يوم القيامة حساب خمسين ألف سنة
وخلق السموات والأرض في ستة أيام كل يوم ألف سنة ويدبر الأمر من السماء إلى الأرض
ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره ألف سنة قال : ذلك مقدار المسير
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن مجاهد وعكرمة رضي الله عنهما في قوله : في يوم
كان مقداره خمسين ألف سنة قالا : هي الدنيا أولها إلى آخرها يوم مقداره خمسون ألف
سنة يوم القيامة
(8/279)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال :
هو ما بين أسفل الأرض إلى العرش
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة قال :
ذلك يوم القيامة
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن جرير وابن حبان والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري
رضي الله عنه قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن يوم كان مقداره
خمسين ألف سنة ما أطول هذا اليوم فقال : والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى
يكون أهون عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه قال : قدر يوم
القيامة على المؤمن قدر ما بين الظهر إلى العصر
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال : يشتد كرب يوم القيامة
حتى يلجم الكافر العرق قيل : فأين المؤمنون يومئذ ؟ قال : يوضع لهم كراسي من ذهب
ويظلل عليهم الغمام ويقصر ذلك اليوم عليهم ويهون حتى يكون كيوم من أيامكم هذه
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال : يكون عليهم كصلاة المكتوبة
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في البعث عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا
قال : ما قدر طول يوم القيامة على المؤمنين إلا كقدر ما بين الظهر إلى العصر
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : صبرا
جميلا قال : لا تشكو إلى أحد غيره
وأخرج الحكيم الترمذي عن عبد الأعلى بن الحجاج في قوله : فاصبر صبرا جميلا يكون
صاحب المصيبة في القوم لا يعرف من هو
الآية 6 - 18
(8/280)
أخرج
عبد بن حميد عن الأعمش رضي الله عنه إنهم يرونه بعيدا قال : الساعة
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : إنهم يرونه بعيدا قال :
بتكذيبهم ونراه قريبا قال : صدقا كائنا
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن المنذر والخطيب في المتفق والمفترق والضياء في
المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : يوم يتكون السماء كالمهل قال :
إنها الآن خضراء وإنها تحول يوم القيامة لونا آخر إلى الحمرة
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : يوم تكون
السماء كالمهل قال : كدردي الزيت وسواد العرق من خوف يوم القيامة قال : وهل تعرف
العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول الشاعر : تنادى به القسم السموم كأنها تبطنت
الأقراب من عرق مهلا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : يوم تكون السماء
كالمهل قال : عكر الزيت وتكون الجبال كالعهن قال : كالصوف وفي قوله : يبصرونهم قال
: المؤمنون يبصرون الكافرين
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ولا يسأل حميم
حميما قال : شغل كل إنسان بنفسه عن الناس يبصرونهم قال : تعلمن والله ليعرفن يوم
القيامة قوم قوما والناس أناس يود المجرم لو يفتدى الآية قال : يتمنى يوم القيامة
لو يفتدى بالأحب فالأحب والأقرب فالأقرب من أهله وعشيرته لتشديد ذلك اليوم
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : يبصرونهم قال : يعرف بعضهم
بعضا وتعارفون ثم يفر بعضهم من بعض
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه وفصيلته قال : عشيرته
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب رضي الله عنه وفصيلته التي تؤويه قال : قبيلته
التي ينتسب إليها
(8/281)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : وفصيلته قال : قبيلته
وفي قوله : نزاعة للشوى قال : لجلود الرأس وتدعو من أدبر وتولى قال : عن الحق وجمع
فأوعى قال : جمع المال
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : نزاعة للشوى قال : تنزع أم
الراس
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه نزاعة للشوى قال
: لهامته ومكارم وجهه تدعو من أدبر قال : عن طاعة الله تعالى وتولى قال : عن كتاب
الله وعن حقه وجمع فأوعى قال : كان جموعا للخبيث
وأخرج عبد بن حميد عن قرة بن خالد رضي الله عنه نزاعة للشوى قال : نزاعة للهام
تحرق كل شيء منه ويبقى فؤاده نضجا
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه نزاعة للشوى الشوى الأطراف
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه نزاعة للشوى قال : فروة الرأس
وأخرج ابن المنذر عن ثابت رضي الله عنه نزاعة للشوى قال : لمكارم وجه ابن آدم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه نزاعة
للشوى قال : للحم الساقين
وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه نزاعة للشوى قال : الأطراف
وأخرج ابن سعد عن الحكم رضي الله عنه قال : كان عبد الله بن حكيم لا يربط كيسه قال
: سمعت الله يقول : جمع فأوعى
الآية 19 - 44
(8/282)
أخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : سئل
ابن عباس رضي الله عنهما عن الهلوع فقال : هو كما قال الله : إذا مسه الشر جزوعا
وإذا مسه الخير منوعا فهو الهلوع
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز و جل : إن
الإنسان خلق هلوعا قال : ضجورا جزوعا نزلت في أبي جهل بن هشام قال : وهل تعرف
العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت بشر بن أبي حازم وهو يقول : لا مانعا لليتيم بخلقه ولا مكبا بخلقه هلعا
وأخرج ابن المنذر عن الحسن أنه سئل عن قوله : إن الإنسان خلق هلوعا قال : اقرأ ما
بعدها فقرأ إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا قال : هكذا خلق
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله : هلوعا قال : شحيحا جزوعا
(8/283)
وأخرج
ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه هلوعا قال : الضجر
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه هلوعا قال : جزوعا
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما هلوعا قال : الشره وأخرج ابن المنذر
عن حصين بن عبد الرحمن هلوعا قال : الحريص
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك هلوعا قال : الذي لايشبع من جمع المال
وأخرج الديلمي عن علي مرفوعا يكتب أنين المريض فإن كان صابرا كان أنينه حسنات وإن
كان جزوعا كتب هلوعا لا أجر له
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : إلا المصلين الذين
هم على صلاتهم دائمون قال : ذكر لنا أن دانيال نعت أمة محمد صلى الله عليه و سلم
فقال : يصلون صلاة لو صلاها قوم نوح ما أغرقوا أو عاد ما أرسلت عليهم الريح العقيم
أو ثمود ما أخذتهم الصيحة
قال قتادة : فعليكم بالصلاة فإنها خلق من خلق المؤمنين حسن
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه في قوله : الذين هم على صلاتهم
دائمون قال : الصلاة المكتوبة
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن مسعود رضي الله عنه الذين هم على صلاتهم دائمون
قال : على مواقيتها
وأخرج عبد بن حميد عن مسروق رضي الله عنه مثله
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عمران بن حصين رضي الله عنه الذين هم على
صلاتهم دائمون قال : الذي لا يلتفت في صلاته
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عقبة بن
عامر رضي الله عنه في قوله : الذين هم على صلاتهم دائمون قال : هم الذين إذا صلوا
لم يلتفتوا
وأخرج ابن المنذر عن أبي الخير أن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال لهم : من الذين
هم على صلاتهم دائمون ؟ قلنا الذين لا يزالون يصلون فقال : لا ولكن الذين إذا صلوا
لم يلتفتوا عن يمين ولا شمال
(8/284)
وأخرج
ابن حبان عن أبي سلمة رضي الله عنه قال : حدثتني عائشة رضي الله عنها قالت : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " خذوا من العمل ما تطيقون فإن الله لا يمل
حتى تملوا " قالت : وكان أحب الأعمال إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ما
دووم عليه وإن قل وكان إذا صلى صلاة دام عليها
قال أبو سلمة رضي الله عنه : قال الله : والذين هم على صلاتهم دائمون
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم رضي الله عنه في قوله : والذين في أموالهم حق معلوم
قال : كانوا إذا خرجت الأعطية أعطوا منها
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فمال الذين كفروا قبلك
مهطعين قال : ينظرون عن اليمين وعن الشمال عزين قال : الغضب من الناس عن يمين
وشمال معرضين يستهزئون به
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه فمال الذين كفروا قبلك مهطعين قال :
عامدين عن اليمين وعن الشمال عزين قال : فرقا حول نبي الله لا يرغبون في كتاب الله
ولا ذكره
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه فمال الذين كفروا قبلك مهطعين قال :
منطلقين عن اليمين وعن الشمال عزين قال : متفرقين يأخذون يمينا وشمالا يقولون : ما
يقول هذا الرجل ؟
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله عز و جل : عن اليمين وعن الشمال عزين قال : الحلق الرفاق
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت عبيد بن الأحوص وهو يقول : فجاؤا مهرعين إليه حتى يكونوا حول منبره عزين
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : عن اليمين وعن الشمال قال : عن
يمين النبي صلى الله عليه و سلم وعن شماله عزين قال : مجالس محتبين نفر قليل قليل
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة في قوله : عزين قال : الحلق المجالس
(8/285)
وأخرج
عبد بن حميد عن عبادة بن أنس قال : " دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم
المسجد فقال : مالي أراكم عزين حلقا حلق الجاهلية قعد رجل خلف أخيه "
وأخرج عبد بن حميد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن مردويه عن جابر بن سمرة قال :
دخل علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم المسجد ونحن حلق متفرقون فقال : "
ما لي أراكم عزين "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه
جلوس حلقا حلقا فقال : " مالي أراكم عزين "
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة برفع الياء
وأخرج عبد بن حميد عن أبي معمر أنه قرأ أن يدخل بنصب الياء ورفع الخاء
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله : أيطمع كل امرئ منهم أن يدخل جنة نعيم قال :
كلا لست فاعلا ثم ذكر خلقهم فقال : أنا خلقناهم مما يعلمون يعني النطفة التي خلق
منها البشر
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة كلا إنا خلقناهم مما يعلمون قال : إنما خلقت من قذر يا
ابن آدم فاتق الله
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن بشير قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم
هذه الآية فمال الذين كفروا قبلك مهطعين إلى قوله : كلا إنا خلقناهم مما يعلمون ثم
بزق رسول الله صلى الله عليه و سلم على كفه ووضع عليها إصبعه وقال : " يقول
الله ابن آدم أنى تعجزني وقد خلقتك من مثل هذا حتى إذا سويتك وعدلتك مشيت بين
بردين وللأرض منك وئيد فجمعت ومنعت حتى إذا بلغت التراقي قلت أتصدق وأنى أوان
الصدقة ؟ "
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله : فلا أقسم برب المشارق والمغارب قال : للشمس كل يوم مطلع تطلع فيه
ومغرب تغرب فيه غير مطلعها بالأمس وغير مغربها بالأمس
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في قوله : برب المشارق والمغارب قال :
المنازل التي تجري فيها الشمس والقمر
(8/286)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس في قوله : كأنهم إلى نصب يوفضون قال : إلىعلم يسعون
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد إلى نصب قال : غاية يوفضون قال : يستبقون
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية مثله
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن كأنهم إلى نصب يوفضون قال : يبتدرون نصيبهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة يوم يخرجون من
الأجداث قال : القبور كأنهم إلى نصب يوفضون قال : إلى علم يسعون ذلك اليوم الذي
كانوا يوعدون قال : ذلك يوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية أنه قرأ إلى نصب يوفضون على معنى الواحد
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ إلى نصب خفيفة منصوبة النون على معنى واحدة
وأخرج عبد بن حميد عن أبي الأشهب عن الحسن أنه كان يقراها " خاشعا أبصارهم
" قال : وكان أبو رجاء يقرأها خاشعة أبصارهم والله أعلم
(8/287)
71
- سورة نوح
مكية وآياتها ثمان وعشرون أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن
عباس قال : نزلت سورة نوح بمكة
بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 9 أخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : نزلت سورة إنا أرسلنا
نوحا بمكة
وأخرج الحاكم عن ابن عباس رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" إن الله يدعو نوحا وقومه يوم القيامة أول الناس فيقول : ماذا أجبتم نوحا
فيقولون : ما دعانا وما بلغنا وما نصحنا ولا أمرنا ولا نهانا فيقول نوح : دعوتهم
يا رب دعاء فاشيا في الأولين والآخرين أمة بعد أمة حتى انتهى إلى خاتم النبيين
أحمد فانتسخه وقرأه وآمن به وصدقه فيقول للملائكة : ادعوا أحمد وأمته فيأتي رسول
(8/288)
الله
صلى الله عليه و سلم وأمته يسعى نورهم بين أيديهم فيقول نوح لمحمد وأمته : هل
تعلمون أني بلغت قومي الرسالة واجتهدت لهم بالنصيحة وجهدت أن استنقذهم من النار
سرا وجهرا فلم يزدهم دعائي إلا فرارا فيقول رسول الله صلى الله عليه و سلم وأمته :
فإنا نشهد بما نشدتنا أنك في جميع ما قلت من الصادقين فيقول نوح : وأنى علمت هذا
أنت وأمتك ونحن أول الأمم وأنتم آخر الأمم ؟ فيقول رسول الله صلى الله عليه و سلم
: بسم الله الرحمن الرحيم إنا أرسلنا نوحا إلى قومه حتى خم السورة فإذا ختمها قالت
أمته : نشهد أن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز
الحكيم فيقول الله عند ذلك : وامتازوا اليوم أيها المجرمون سورة يس الآية 59
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : أن اعبدوا الله واتقوه وأطيعون قال : بها
أرسل الله المرسلين أن يعبد الله وحده وأن تتقى محارمه وأن يطاع أمره
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن جريج في قوله : يغفر لكم من ذنوبكم قال :
الشرك ويؤخركم إلى أجل مسمى قال : بغير عقوبة إن أجل الله إذا جاء لا يؤخر قال :
الموت
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : ويؤخركم إلى أجل مسمى قال : ما
قد خط من الأجل فإذا جاء أجل الله لم يؤخر
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : فلم يزدهم دعائي
إلا فرارا قال : بلغني أنه كان يذهب الرجل بابنه إلى نوح فيقول لابنه : احذر هذا
لا يغرنك فإن أبي قد ذهب بي وأنا مثلك فحذرني كما حذرتك
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : جعلوا أصابعهم في آذانهم قال : لئلا
يسمعوا ما يقول واستغشوا ثيابهم قال : لأن يتنكروا له فلا يعرفهم واستكبروا
استكبارا قال : تركوا التوبة
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : واستغشوا ثيابهم قال :
غطوا بها وجوههم لكي لا يروا نوحا ولا يسمعوا كلامه
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير في قوله : واستغشوا ثيابهم قال : تسجوا بها
(8/289)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : ثم إني دعوتهم جهارا قال : الكلام
المعلن به وفي قوله : ثم إني أعلنت لهم قال : صحت وأسررت لهم إسرارا قال : النجاء
نجاء لرجل
الآية 10 - 16 أخرج ابن مردويه عن سلمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " أكثروا من الاستغفار فإن الله لم يعلمكم الاستغفار إلا وهو يريد أن يغفر
لكم "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : ويجعل لكم جنات ويجعل لكم
أنهارا قال : رأى نوح عليه السلام قوما تجزعت أعناقهم حرصا على الدنيا فقال :
هلموا إلى طاعة الله فإن فيها درك الدنيا والآخرة
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله :
ما لكم لا ترجون لله وقارا قال : لا تعلمون لله عظمة
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن ابن عباس في قوله : ما لكم لا ترجون لله وقارا قال :
عظمة وفي قوله : وقد خلقكم أطوارا قال : نطفة ثم علقة ثم مضغة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ما لكم لا
ترجون لله وقارا قال : لا تعرفون لله حق عظمته
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس في قوله : ما لكم لا ترجون
لله وقارا قال : لا تخافون لله عظمة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ما لكم لا ترجون لله وقارا قال : لا
تخشون له عقابا ولا ترجون له ثوابا
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله :
(8/290)
ما
لكم لا ترجون لله وقارا قال : لا تخشون لله عظمة
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول أبي ذؤيب : إذا لسعته النحل لم يرج ؟ لسعها وخالفها في بيت نوب عوامل
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن علي بن أبي طالب " أن النبي صلى الله عليه و
سلم رأى ناسا يغتسلون عراة ليس عليهم أزر فوقف فنادى بأعلى صوته ما لكم لا ترجون
لله وقارا "
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي عن الحسن في قوله : ما لكم
لا ترجون لله وقارا قال : لا تعرفون لله حقا ولا تشكرون له نعمة
وأخرج ابن المنذر عن مطر في قوله : وقد خلقكم أطوارا قال : نطفة ثم علقة ثم مضغة
ثم عظاما طورا بعد طور وخلقا بعد خلق
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة مثله
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي عن مجاهد في قوله : ما لكم لا ترجون
لله وقارا قال : لا تبالون لله عظمة وقد خلقكم أطوارا قال : من تراب ثم من نطفة ثم
من علقة ثم ما ذكر حتى يتم خلقه
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن يحيى بن رافع في قوله : خلقكم أطوارا قال : نطفة ثم
علقة ثم مضغة
أخرج ابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن الحسن في قوله : خلق سبع سموات طباقا قال
: بعضهن فوق بعض بين : كل أرض وسماء خلق وأمر وفي قوله : وجعل القمر فيهن نورا
وجعل الشمس سراجا قال : وجوههما في السماء وظهورهما إليكم
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة في قوله : وجعل القمر فيهن نورا قال : إنه يضيء نور
القمر فيهن كلهن كما لو كان سبع زجاجات أسفل منها شهاب أضاءت كلهن فكذلك نور القمر
في السموات كلهن لصفائهن
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن
عمرو قال : إن الشمس والقمر وجوههما قبل السماء وأقفيتهما قبل الأرض وأنا أقرأ
بذلك عليكم آية من كتاب الله وجعل القمر فيهن نورا وجعل الشمس سراجا
(8/291)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن عطاء في قوله : وجعل القمر فيهن
نورا قال : يضيء لأهل السموات كما يضيء لأهل الأرض
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله : وجعل القمر فيهن نورا قال : وجهه يضيء
السموات وظهره يضيء الأرض
وأخرج عبد بن حميد عن شهر بن حوشب قال : اجتمع عبد الله بن عمرو بن العاص وكعب
الأحبار وكان بينهما بعض العتب فتعاتبا فذهب ذلك فقال عبد الله بن عمرو لكعب :
سلني عما شئت ولا تسألني عن شيء إلا أخبرتك بتصديق قولي من القرآن فقال له : أرأيت
ضوء الشمس والقمر أهو في السموات السبع كما هو في الأرض ؟ قال : نعم ألم تروا إلى
قول الله : خلق سبع سموات طباقا وجعل القمر فيهن نورا
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه عن ابن عباس وجعل القمر
فيهن نورا قال : وجهه في السماء إلى العرش وقفاه إلى الأرض
وأخرج عبد بن حميد من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس وجعل القمر فيهن نورا
قال : خلق فيهن حين خلقهن ضياء كأهل الأرض وليس في السماء من ضوئه شيء
الآية 17 - 28
(8/292)
أخرج
ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : والله أنبتكم من الأرض نباتا قال : خلق آدم من
أديم الأرض كلها
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : سبلا فجاجا قال : طرقا مختلفة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : سبلا فجاجا قال : طرقا مختلفة
وأعلاما
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي أنه كان يقرأ ماله وولده
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن وأبي رجاء أنهما كانا يقرآن ماله وولده
وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش أنه كان يقرؤها في نوح والزخرف وما بعد السجدة من
مريم ولد وقال : الولد الكبير والولد الواحد
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : ومكروا مكرا كبارا قال عظيما
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق
ونسرا قال : هذه أصنام كانت تعبد في زمن نوح
وأخرج البخاري وابن المنذر وابن مرديه عن ابن عباس قال : صارت الأصنام والأوثان
التي كانت في قوم نوح في العرب بعد أما ود فكانت لكلب بدومة الجندل وأما سواع
فكانت لهذيل وأما يغوث فكانت لمراد ثم لبني غطيف عند سبأ وأما يعوق فكانت لهمدان
وأما نسر فكانت لحمير لآل ذي الكلاع وكانوا أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما
هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصابا
وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذ هلك أولئك ونسخ العلم عبدت
وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة قال : اشتكى آدم عليه السلام وعنده بنوه ود ويغوث
ويعوق وسراع ونسر وكان ود أكبرهم وأبرهم به
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن أبي عثمان قال : رأيت يغوث صنما من
رصاص يحمل على جمل أجرد فإذا برك قالوا : قد رضي ربكم هذا المنزل
(8/293)
وأخرج
الفاكهي عن عبيد الله بن عبيد بن عمير قال : أول ما حدثت الأصنام على عهد نوح
وكانت الأبناء تبر الآباء فمات رجل منهم فجزع عليه فجعل لا يصبر عنه فاتخذ مثالا
على صورته فكلما اشتاق إليه نظره ثم مات ففعل به كما فعل ثم تتابعوا على ذلك فمات
الآباء فقال الأبناء : ما اتخذ هذه آباؤنا إلا أنها كانت آلهتهم فعبدوها
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله : ولا يغوث ويعوق ونسرا
وقد أضلوا كثيرا قال : كانوا قوما صالحين بين آدم ونوح فنشأ قوم بعدهم يأخذون
كأخذهم في العبادة فقال لهم ابليس : لو صورتم صورهم فكنتم تنظرون إليهم فصوروا ثم
ماتوا فنشأ قوم بعدهم فقال لهم ابليس : إن الذين كانوا من قبلكم كانوا يعبدوها
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن محمد بن كعب القرظي قال : كان لآدم خمسة بنين ود
وسواع ويغوث ويعوق ونسر فكانوا عبادا فمات رجل منهم فحزنوا عليه حزنا شديدا فجاءهم
الشيطان فقال : حزنتم على صاحبكم هذا ؟ قالوا : نعم قال : هل لكم أن أصور لكم مثله
في قبلتكم إذا نظرتم إليه ذكرتموه ؟ قالوا : لا نكره أن تجعل لنا في قبلتنا شيئا
نصلي إليه
فأجعله في مؤخر المسجد
قالوا : نعم فصوره لهم حتى مات خمستهم فصور صورهم في مؤخر المسجد وأخرج الأشياء
حتى تركوا عبادة الله وعبدوا هؤلاء فبعث الله نوحا فقالوا : لا تذرن ودا إلى آخر
الآية
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مطهر قال : ذكروا عند أبي جعفر يزيد بن المهلب فقال :
إما أنه قتل في أول أرض عبد فيها غير الله ثم ذكر ودا قال : وكان ود رجلا مسلما
وكان محببا في قومه فلما مات عسكروا حول قبره في أرض بابل وجزعوا عليه فلما رأى
أبليس جزعهم عليه تشبه في صورة إنسان ثم قال : أرى جزعكم على هذا فهل لكم أن أصور
لكم مثله فيكون في ناديكم فتذكرونه به ؟ قالوا : نعم فصور لهم مثله فوضعوه في
ناديهم وجعلوا يذكرونه فلما رأى ما بهم من ذكره قال : هل لكم أن أجعل لكم في منزل
كل رجل منكم تمثالا مثله فيكون في بيته فتذكرونه ؟ قالوا : نعم فصور لكل أهل بيت
تمثالا مثله فأقبلوا فجعلوا يذكرونه به قال : وأدرك أبناؤهم فجعلوا يرون ما يصنعون
به وتناسلوا ودرس أمر
(8/294)
ذكرهم
إياه حتى اتخذواه إلها يعبدونه من دون الله
قال : وكان أول ما عبد غير الله في الأرض ود الصنم الذي سموه بود
وأخرج عبد بن حميد عن السدي سمع مرة يقول في قول الله : ولا يغوث ويعوق ونسرا قال
: أسماء آلهتهم
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ وولده بنصب الواو ولا تذرن ودا بنصب الواو ولا
سواعا برفع السين
وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة قال : لم ينحسر أحد من الخلائق كحسرة آدم ونوح فأما
حسرة آدم فحين أخرج من الجنة وأما حسرة نوح فحين دعا على قومه فلم يبق شيء إلا غرق
إلا ما كان معه في السفينة فلما رأى الله حزنه أوحى إليه يا نوح لا تتحسر فإن
دعوتك وافقت قدري
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله : رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا قال
: واحدا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : رب لا تذر على
الأرض من الكافرين ديارا قال : أما والله ما دعا عليهم نوح حتى أوحى الله إليه أنه
لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن فعند ذلك دعا عليهم ثم دعا دعوة عامة فقال : رب
اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا
تبارا
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : رب اغفر لي ولوالدي قال : يعني أباه
وجده
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله : ولمن دخل بيتي مؤمنا قال : مسجدي
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : ولا تزد الظالمين إلا تبارا قال
: خسارا
(8/295)
بسم
الله الرحمن الرحيم
72
- سورة الجن
مكية وآياتها ثمان وعشرون
مقدمة السورة أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال :
نزلت سورة الجن بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : نزلت سورة قل أوحي بمكة
الآية 1 - 10 أخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وبان
المنذر والحاكم والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن
عباس قال : انطلق النبي صلى الله عليه و سلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق
عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب فرجعت الشياطين إلى
قومهم فقالوا : ما لكم ؟ فقالوا : أحيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب
(8/296)
فقالوا
: ما حال بينكم وبين خبر السماء إلا شيء حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا
ما الذي حال بينكم وبين خبر السماء ؟ فانصرف أولئك الذين ذهبوا نحو تهامة إلى
النبي صلى الله عليه و سلم وهو بنخلة عامدين إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة
الفجر فلما سمعوا القرآن استمعوا له فقالوا : هذا والله الذي حال بينكم وبين خبر
السماء فهنالك رجعوا إلى قومهم فقالوا : يا قومنا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى
الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا فأنزل الله على نبيه قل أوحي إلي أنه استمع
نفر من الجن وإنما أوحى إليه قول الجن
وأخرج ابن المنذر عن عبد الملك قال : لم تحرس الجن في الفترة بين عيسى ومحمد فلما
بعث الله محمدا صلى الله عليه و سلم حرست السماء الدنيا ورميت الجن بالشهب فاجتمعت
إلى إبليس فقال : لقد حدث في الأرض حدث فتعرفوا فأخبرونا ما هذا الحدث ؟ فبعث
هؤلاء النفر إلى تهامة وإلى جانب اليمن وهم أشراف الجن وسادتهم فوجدوا النبي صلى
الله عليه و سلم يصلي صلاة الغداة بنخلة فسمعوه يتلوا القرآن فلما حضروه قال :
أنصتوا فلما قضى يعني بذلك أنه فرغ من صلاة الصبح ولوا إلى قومهم منذرين مؤمنين لم
يشعر بهم حتى نزل قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن يقال : سبعة من أهل نصيبين
وأخرج ابن الجوزي في كتاب صفوة الصفوة بسنده عن سهل بن عبد الله قال : كنت في
ناحية ديار عاد إذا رأيت مدينة من حجر منقورة في وسطها قصر من حجارة تأويه الجن
فدخلت فإذا شيخ عظيم الخلق يصلي نحو الكعبة وعليه جبة صوف فيها طراوة فلم أتعجب من
عظم خلقته كتعجبي من طراوة جبته فسلمت عليه فرد علي السلام وقال : يا سهل إن
الأبدان لا تخلق الثياب وإنما يخلقها روائح الذنوب ومطاعم السحت وإن هذه الجبة علي
منذ سبعمائة سنة لقيت بها عيسى ومحمدا عليهما السلام فآمنت بهما فقلت له : ومن أنت
؟ قال : أنا من الذين نزلت فيهم قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن قال : كانوا من
جن نصيبين
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : تعالى جد ربنا قال : الأمر وعظمته
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله تعالى : وأنه تعالى جد ربنا
قال : أمره وقدرته
(8/297)
وأخرج
الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : تعالى جد ربنا قال
: عظمته
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول أمية بن أبي الصلت الشاعر وهو يقول : لك الحمد والنعماء والملك ربنا
ولا شيء أعلى منك جدا وأمجدا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن عباس قال : لو علمت الجن أية يكون في الإنس
ما قالوا تعالى جد ربنا
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله : تعالى جد ربنا قال : غنى ربنا وأخرج عبد
الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : تعالى جد ربنا قال : تعالت عظمته
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله : تعالى جد ربنا قال : جلال ربنا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله تعالى : وأنه تعالى
جد ربنا قال : ذكره وفي قوله : وإنه كان يقول سفيهنا قال : هو إبليس
وأخرج ابن مردويه والديلمي بسند واه عن أبي موسى الأشعري مرفوعا وإنه كان يقول
سفيهنا قال : إبليس
وأخرج عبد بن حميد عن عثمان بن حاضر مثله
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة وأنه كان يقول سفيهنا على الله شططا قال : عصاه سفيه
الجن كما عصاه سفيه الإنس
وأخرج عبد بن حميد عن علقمة أنه كان يقرأ التي في الجن والتي في النجم وأن وأنه
بالنصب
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والعقيلي في الضعفاء والطبراني وأبو الشيخ في
العظمة وابن عساكر عن كردم بن أبي السائب الأنصاري رضي الله عنه قال : خرجت مع أبي
إلى المدينة في حاجة وذلك أول ما ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة فآوانا
المبيت إلى راعي غنم فلما انتصف الليل جاء ذئب فأخذ حملا من الغنم فوثب الراعي
فقال : يا عامر الوادي أنا جار دارك فنادى مناد لا تراه يا سرحان
(8/298)
أرسله
فأتى الحمل يشتد حتى دخل في الغنم وأنزل الله على رسوله بمكة وإنه كان رجال من
الإنس يعوذون برجال من الجن الآية
وأخرج ابن سعد عن أبي رجاء العطاردي من بني تميم قال : بعث رسول الله صلى الله
عليه و سلم وقد رعيت على أهلي وكفيت مهنتهم فلما بعث النبي صلى الله عليه و سلم
خرجنا هرابا فأتينا على فلاة من الأرض وكنا إذا أمسينا بمثلها قال شيخنا : إنا
نعوذ بعزيز هذا الوادي من الجن الليلة فقلنا ذاك فقيل لنا : إنما سبيل هذا الرجل
شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله فمن أقر بها أمن على دمه وماله
فرجعنا فدخلنا في الإسلام قال أبو رجاء : إني لأرى هذه الآية نزلت في وفي أصحابي
وإنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا
وأخرج أبو نصر السجزي في الإبانة من طريق مجاهد عن ابن عباس أن رجلا من بني تميم
كان جريئا على الليل والرجال وأنه سار ليلة فنزل في أرض مجنة فاستوحش فعقل راحلته
ثم توسد ذراعيها وقال : أعوذ بسيد هذا الوادي من شر أهله فأجاره شيخ منهم وكان
منهم شاب وكان سيدا في الجن فغضب الشاب لما أجاره الشيخ فأخذ حربة له قد سقاها
السم لينحر ناقة الرجل بها فتلقاه الشيخ دون الناقة فقال : ؟ يا مالك بن مهلهل
مهلا فذلك محجري وإزاري عن ناقة الإنسان لا تعرض لها واختر إذا ورد المها أثواري
أني ضمنت له سلامة رحله فاكفف يمينك راشدا عن جاري ولقد أتيت إلى ما لم أحتسب إلا
رعيت قرابتي وجواري تسعى إليه بحربة مسمومة أف لقربك يا أبا اليقطاري لولا الحياء
وإن أهلك جيرة لتمزقتك بقوة أظفاري فقال له الفتى : أتريد أن تعلوا وتخفض ذكرنا في
غير مزرية أبا العيزار متنحلا أمرا لغيرك فضله فارحل فإن المجد للمرار من كان منكم
سيدا فيما مضى إن الخيار هم بنو الأخيار فاقصد لقصدك يا معيكر إنما كان المجير
مهلهل بن وبار فقال الشيخ : صدقت كان أبوك سيدنا وأفضلنا دع هذا الرجل لا أنازعك
(8/299)
بعده
أحدا فتركه فأتى الرجل النبي صلى الله عليه و سلم فقص عليه القصة فقال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " إذا أصاب أحدا منكم وحشة أو نزل بأرض مجنة فليقل :
أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما يلج في الأرض وما
يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها ومن فتن الليل ومن طوارق النهار إلا
طارقا يطرق بخير " فأنزل الله في ذلك وإنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من
الجن فزادوهم رهقا قال أبو نصر : غريب جدا لم نكتبه إلا من هذا الوجه
وأخرج الخرائطي في كتاب الهواتف عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أن رجلا من بني تميم
يقال له : رافع بن عمير حدث عن بدء إسلامه قال : إني لأسير برمل عالج ذات ليلة إذا
غلبني النوم فنزلت عن راحلتي وأنختها ونمت وقد تعوذت قبل نومي فقلت : أعوذ بعظيم
هذا الوادي من الجن فرأيت رجلا في منامي بيده حربة يريد أن يضعها في نحر ناقتي
فانتبهت فزعا فنظرت يمينا وشمالا فلم أر شيئا فقلت : هذا حلم
ثم عدت فغفوت فرأيت مثل ذلك فانتبهت فدرت حول ناقتي فلم أر شيئا فإذا ناقتي ترعد
ثم غفوت فرأيت مثل ذلك فنتبهت فرأيت ناقتي تضطرب والتفت فإذا أنا برجل شاب كالذي
رأيته في المنام بيده حربة ورجل شيخ ممسك بيده يرده عنها فبينما هما يتنازعان إذ
طلعت ثلاثة أثوار من الوحش فقال الشيخ للفتى : قم فخذ أيها شئت فداء لناقة جاري
الإنسي
فقام الفتى فأخذ منها ثورا عظيما وانصرف ثم التفت إلى الشيخ وقال : يا هذا إذا
نزلت واديا من الأودية فخفت هوله فقل : أعوذ بالله رب محمد من هول هذا الوادي
ولاتعذ بأحد من الجن فقد بطل أمرها
فقلت له : ومن محمد هذا ؟ قال : نبي عربي لاشرقي ولا غربي بعث يوم الأثنين
قلت : فأين مسكنه ؟ قال : يثرب ذات النخل
فركبت راحلتي حين برق الصبح وجددت السير حتى أتيت المدينة فرآني رسول الله صلى
الله عليه و سلم فحدثني بحديثي قبل أن أذكر له منه شيئا ودعاني إلى الإسلام فأسلمت
قال سعيد بن جبير رضي الله عنه : وكنا نرى أنه هو الذي أنزل الله فيه وإنه كان
رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : وإنه كان رجال من الإنس يعوذون
برجال من الجن قال : كان رجال من الإنس يبيت أحدهم في الجاهلية بالوادي فيقول :
أعوذ بعزيز هذا الوادي فزادوهم رهقا قال : إثما
(8/300)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن في قوله : وإنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال
من الجن قال : كان أحدهم إذا نزل الوادي يقول : أعوذ بعزيز هذا الوادي من شر سفهاء
قومه فيأمن في نفسه ليلته أو يومه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : وإنه كان رجال من الإنس يعوذون
برجال من الجن قال : كانوا يقولون إذا هبطوا واديا : نعوذ بعظيم هذا الوادي
فزادوهم رهقا قال : زادوا الكفار طغيانا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : وإنه كان رجال من الإنس يعوذون
برجال من الجن قال : كانوا في الجاهلية إذا نزلوا منزلا قالوا : نعوذ بعزيز هذا
المكان فزادوهم رهقا يقول : خطيئة وإثما
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم وإنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن
فزادوهم رهقا قال : كان القوم إذا نزلوا واديا قالوا : نعوذ بسيد أهل هذا الوادي
فقالوا : نحن لا نملك لنا ولا لكم ضرا ولا نفعا وهؤلاء يخافونا فاحتووا عليهم
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس وإنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن
فزادوهم رهقا قال : كانوا يقولون : فلان رب هذا الوادي من الجن فكان أحدهم إذا دخل
ذلك الوادي يعوذ برب الوادي من دون الله فيزيده بذلك رهقا أي خوفا
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : إن ناسا في الجاهلية كانوا إذا أتو واديا للجن
ناد منادي الإنس إلى خيار الجن أن احبسوا عنا سفهاءكم فلم يغنهم ما وعظوا به فزادوهم
رهقا
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : كان القوم في الجاهلية إذانزلوا بالوادي قالوا
: نعوذ بسيد هذا الوادجي من شر ما فيه فلا يكونون بشيء أشد ولعا منهم بهم فذلك
قوله : فزادوهم رهقا
وأخرج ابن مردويه من طريق معاوية بن قرة عن أبيه قال : ذهبت لأسلم حين بعث الله
حمدا مع رجلين أو ثلاثة في الإسلام فأتيت الماء حيث يجتمع الناس فإذا الناس براعي
القرية الذي يرعى لهم أغنامهم فقال : لا أرعى لكم أغنامكم
قالوا : لم ؟ قال : يجيء الذئب كل ليلة يأخذ شاة وصنمكم هذا راقد لا يضر ولا
(8/301)
ينفع
ولا يقر ولا ينكر فذهبوا وأنا أرجوا أن يسلموا فلما أصبحنا جاء الراعي يشتد يقول :
البشرى البشرى قد جيء بالذئب وهو مقموط بين يدي الصنم بغير قماط فذهبوا وذهبت معهم
فقتلوه وسجدوا له وقالوا : هكذا فاصنع فدخلت على محمد صلى الله عليه و سلم فحدثته
هذا الحديث فقال : لعب بهم الشيطان
أخرج عبد بن حميد في قوله : وإنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا قال
: كانت الجن تسمع سمع السماء فلما بعث الله محمدا حرست السماء منعوا ذلك فتفقدت
الجن ذلك من أنفسها
قال : وذكر لنا أن أشراف الجن كانوا بنصيبين من أرض المموصل فطلبوا وصوبوا النظر
حتى سقطوا على رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يصلي بأصحابه عامدا إلى عطاظ
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير
والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في دلائل النبوة عن ابن عباس قال :
كان الشياطين لهم مقاعد في السماء يستمعون فيها الوحي فإذا سمعوا الكلمة زادوا
فيها تسعا فأما الكلمة فتكون حقا وأما ما زادوا فيكون باطلا فلما بعث رسول الله
صلى الله عليه و سلم منعوا مقاعدهم فذكروا ذلك لإبليس ولم تكن النجوم يرمي بها قبل
ذلك فقال لهم إبليس : ما هذا الأمر إلا لأمر حدث في الأرض فبعث جنوده فوجدوا رسول
الله صلى الله عليه و سلم قائما يصلي بين جبلي نخلة فأتوه فأخبروه فقال : هذا
الحدث الذي حدث في الأرض
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال : كان للجن مقاعد في السماء يستمعون
الوحي فبينما هم كذلك إذا بعث النبي صلى الله عليه و سلم فدحرت الشياطين من السماء
ورموا بالكواكب فجعل لا يصعد أحد منهم إلا احترق وفزع أهل الأرض لما رأوا من
الكواكب ولم يكن قبل ذلك وقال إبليس : حدث في الأرض حدث فأتى من كل أرض بتربة
فشمها فقال لتربة تهامة : هنا حدث الحدث فصرف إليه نفرا من الجن فهم الذين استمعوا
القرآن
وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : لم تكن سماء
الدنيا تحرس في الفترة بين عيسى ومحمد عليهما السلام وكانوا يقعدون منها مقاعد
للسمع فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه و سلم حرست السماء شديدا ورجمت الشياطين
فانكروا ذلك فقالوا : لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم
(8/302)
رشدا
فقال إبليس : لقد حدث في الأرض حدث فاجتمعت إليه الجن فقال : تفرقوا في الأرض
فأخبروني ما هذا الحدث الذي حدث في السماء ؟ وكان أول بعث بعث ركب من أهل نصيبين
وهم أشراف الجن وساداتهم فبعثهم إلى تهامة فاندفعوا حتى بلغوا الوادي وادي نخلة
فوجدوا نبي الله يصلي صلاة الغداة ولم يكن نبي الله صلى الله عليه و سلم علم أنهم
استمعوا إليه وهو يقرأ القرآن فلما قضى يقول : لما فرغ من الصلاة ولوا إلى قومهم
منذرين يقول : مؤمنين
وأخرج الواقدي وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عمرو قال : لما كان اليوم الذي تنبأ
فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم منعت الشياطين من السماء ورموا بالشهب
وأخرج الواقدي وأبو نعيم عن أبي بن كعب قال : لم يرم بنجم منذ رفع عيسى حتى تنبأ
رسول الله صلى الله عليه و سلم رمى بها
وأخرج البيهقي في الدلائل عن الزهري قال : إن الله حجب الشياطين عن السمع بهذه
النجوم انقطعت الكهنة فلا كهانة
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع قال :
حرست به السماء حين بعث النبي صلى الله عليه و سلم لكيلا يسترق السمع فأنكرت الجن
ذلك فكان كل من استمع منهم قذف
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : كانت الجن قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه و
سلم يستمعون من السماء فلما بعث حرست فلم يستطيعوا فجاؤوا إلى قومهم يقولون للذين
لم يستمعوا فقالوا : إنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وهم الملائكة
وشهبا وهي الكواكب وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا
رصدا يقول : نجما قد أوصد له يرمي به
قال : فلما رموا بالنجم قالوا لقومهم : أنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد
بهم ربهم رشدا
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : يجد له شهابا قال : من النجوم رصدا قال :
من الملائكة وفي قوله : وأنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض قالوا : لا ندري لم
بعث هذا النبي لأن يؤمنوا به ويتبعوه فيرشدوا أو لأن يكفروا به ويكذبوه فيهلكوا
كما هلك من قبلهم من الأمم والله أعلم
(8/303)
الآية
12 - 18 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وأنا منا الصالحون
ومنا دون ذلك يقول : منا المسلم ومنا المشرك كنا طرائق قددا قال : أهواء شتى
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله تعالى : طرائق
قددا قال : المنقطعة في كل وجه
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت الشاعر وهو يقول : ولقد قلت وزيد حاسر يوم ولت خيل زيد قددا وأخرج عبد
الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : كنا طرائق قددا قال : أهواء مختلفة
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : كنا طرائق قددا قال : مسلمين وكافرين
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن السدي في قوله : كنا طرائق قددا يعني الجن هم مثلكم
قدرية ومرجئة ورافضة وشيعة
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : وأنا ظننا أنا لن نعجز الله في الأرض
الآية قالوا : لن نمتنع منه في الأرض ولا هربا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فلا يخاف ببخسا ولارهقا قال
: لا يخاف نقصا من حسناته ولارهقا ولا أن يحمل عليه ذنب غيره
(8/304)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس في قوله : ومنا القاسطون قال : العادلون عن الحق
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : ومنا القاسطون قال : هم الظالمون
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : ومنا القاسطون قال : هم الجائرون وفي قوله :
وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا قال : لو آمنوا كلهم لأسقيناهم
لأوسعنا لهم من الدنيا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس وأن لو استقاموا على الطريقة قال : أقاموا ما
أمروا به لأسقيناهم ماء غدقا قال : معينا
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله : وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم
الآية قال : يقول لو استقاموا على طاعة الله وما أمروا به لأكثر الله لهم من
الأموال حتى يغتنوا بها ثم يقول الحسن : والله إن كان أصحاب محمد لكذلك كانوا
سامعين لله مطيعين له فتحت عليهم كنوز كسرى وقيصر فتنوا بها فوثبوا بإمامهم فقتلوه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : وأن لو استقاموا على الطريقة
قال : طريقة الإسلام لأسقيناهم ماء غدقا قال : لأعطيناهم مالا كثيرا
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : ماء غدقا
قال : كثيرا جاريا
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت الشاعر يقول : تدني كراديس ملتفا
حدائقها كالنبت جادت به أنهارها غدقا وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن السري قال :
قال عمر وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا قال : لأعطيناهم مالا
كثيرا
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك لأسقيناهم ماء غدقا قال : كثيرا والماء المال
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس في قوله : ماء غدقا قال : عيشا رغدا
(8/305)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس في قوله : لنفتنهم فيه قال : لنبتليهم به
وفي قوله : ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا قال : مشقة العذاب يصعد فيها
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : لنفتنهم فيه قال : لنبتليهم حتى يرجعوا إلى
ما كتب عليهم وفي قوله : عذابا صعدا قال : مشقة من العذاب
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : يسلكه
عذابا صعدا قال : جبلا في جهنم
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : عذابا صعدا قال : صعودا من عذاب الله ل
اراحة فيه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : عذابا صعدا قال : صعودا من عذاب
الله لا راحة فيه
وأخرج هناد عن مجاهد وعكرمة في قوله : عذابا صعدا قال : مشقة من العذاب
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ " يسلكه " بالياء
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وأن المساجد لله قال : لم يكن يوم نزلت
هذه الآية في الأرض مسجد إلا المسجد الحرام ومسجد إيليا بيت المقدس
وأخرج ابن أبي حاتم عن الاعمش قال : قالت الجن : يا رسول الله ائذن لنا فنشهد معك
الصلوات في مسجدك فأنزل الله وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا يقول : صلوا
لا تخالطوا الناس
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : قالت الجن للنبي صلى الله عليه و سلم : كيف
لنا أن نأتي المسجد ونحن ناؤون عنك ؟ أو كيف نشهد الصلاة ونحن ناؤون عنك ؟ فنزلت
وأن المساجد لله الآية
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : وأن المساجد لله الآية قال : إن اليهود
والنصارى إذا دخلوا بيعهم وكنائسهم أشركوا بربهم فأمرهم أن يوحدوه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : وأن المساجد لله
فلا تدعوا مع الله أحدا قال : كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا بيعهم وكنائسهم
أشركوا بالله فأمر الله نبيه صلى الله عليه و سلم أن يخلص الدعوة لله إذا دخل
المسجد
(8/306)
الآية
19 - 28 أخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن مسعود قال : خرج علينا رسول الله صلى
الله عليه و سلم قبل الهجرة إلى نواحي مكة فخط لي خطا وقال : " لا تحدثن شيئا
حتى آتيك " ثم قال : " لا يهولنك شيء تراه " فتقدم شيئا ثم جلس
فإذا رجال سود كأنهم رجال الزط وكانوا كما قال الله تعالى : كادوا يكونون عليه
لبدا
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : وأنه لما قدم عبد الله كادوا
يكونون عليه لبدا قال : لما سمعوا النبي صلى الله عليه و سلم يتلوا القرآن كادوا
يركبونه من الحرص لما سمعوه يتلو القرآن ودنوا منه فلم يعلم بهم حتى أتاه الرسول
فجعل يقرئه قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن
وأخرج ابن أبي حاتم عن الزبير بن العوام مثله
وأخرج عبد بن حميد والترمذي والحاكم وصححاه وابن جرير وابن مردويه والضياء في
المختارة عن ابن عباس في قوله : وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه
لبدا قال : لما أتى الجن على رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يصلي بأصحابه
يركعون بركوعه ويسجدون بسجوده فعجبوا من طواعية أصحابه له فقالوا لقومهم : لما قام
عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا
(8/307)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : وإنه لما قام عبد الله يدعوه أي يدعو إليه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : وإنه لما قام عبد
الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا قال : لما قام نبي الله صلى الله عليه و سلم
تلبدت الإنس والجن على هذا الأمر ليطفئوه فأبى الله إلا أن ينصره ويظهره على من
ناوأه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن وأنه لما قام عبد الله يدعوه قال : لما
قام رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : لا إله إلا الله ويدعو الناس إلى ربهم
كادت العرب تلبد عليه جميعا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : كادوا يكونون عليه لبدا قال
: أعوانا
وأخرج عبد بن حميد من طريق أبي بكر عن أبي عاصم أنه قرأ يكونون عليه لبدا بكسر
اللام ونصب الباء وفي لا أقسم بهذا البلد مالا لبدا برفع اللام ونصب الباء وفسرها
أبو بكر فقال : لبدا كثيرا و لبدا بعضها على بعض
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ قل إنما أدعو ربي بغير ألف
وأخرج ابن جرير عن حضرمي
قال : ذكر لنا أن جنيا من الجن من أشرافهم ذا تبع قال : إنما يريد محمد أن نجيره
وأنا أجيره فأنزل الله قل إني لن يجيرني من الله أحد الآية
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال : انطلقت مع النبي صلى
الله عليه و سلم ليلة الجن حتى أتى الحجون فخط علي خطا ثم تقدم إليهم فازدحموا
عليه فقال سيدهم يقال له وردان : ألا أرجلهم عنك يا رسول الله ؟ قال : إني لن
يجيرني من الله أحد
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله : ولن أجد من دونه ملتحدا قال : ملجأ
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : ولن أجد من دونه ملتحدا قال :
ملجأ ولا نصيرا إلا بلاغا من الله ورسالاته
قال : هذا الذي يملك
(8/308)
بلاغا
من الله ورسالاته وفي قوله : عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحد إلا من ارتضى من رسول
قال : فإنه إذا ارتضى الرسول اصطفاه وأطلعه على ما شاء من غيبه وانتخبه
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : فلا يظهر على غيبه أحدا إلا
من ارتضى من رسول قال : أعلم الله الرسل من الغيب الوحي وأظهرهم عليه فيما أوحي
إليهم من غيبه وما يحكم الله فإنه لا يعلم ذلك غيره
وأخرج ابن حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك
من بين يديه ومن خلفه رصدا قال : هي معقبات من الملائكة يحفظونه من الشيطان حتى
يبين الذي أرسل إليهم به وذلك حين يقول أهل الشرك قد أبلغوا رسالات ربهم
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير في قوله : إلا من ارتضى من رسول قال : جبريل
وأخرج ابن مردويه عن عباس قال : ما أنزل الله على نبيه آية من القرآن إلا ومعها
أربعة من الأملاك يحفظونها حتى يؤدوها إلى النبي صلى الله عليه و سلم ثم قرأ عالم
الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن
خلفه رصدا يعني الملائكة الأربعة ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : إلا من ارتضى من رسول قال : كان النبي صلى
الله عليه و سلم قبل أن يلقى الشيطان في أمنيته يدنون منه فلما ألقى الشيطان في
أمنيته أمرهم أن يتنحوا عنه قليلا ليعلم أن الوحي إذا نزل من عند الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن
سعيد بن جبير فبي قوله : فإنه يسلك من يديه ومن خلفه رصدا قال : أربعة حفظة من
الملائكة مع جبريل ليعلم محمد أن قد أبلغوا رسالات ربهم قال : وما جاء جبريل إلا
ومعه أربعة من الملائكة حفظة
وأخرج ابن المنذر عن إبراهيم النخعي في قوله : فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه
رصدا قال : الملائكة يحفظونه من الجن
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك بن مزاحم في قوله : إلا من ارتضى من رسول
فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا قال : كان الن
(8/309)
صلى
الله عليه و سلم إذا بعث إليه الملك بالوحي بعث معه نفرا من الملائكة يحرسونه من
بين يديه ومن خلفه أن يتشبه الشيطان على صورة الملك
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : إلا من ارتضى من
رسول قال : يظهره من الغيب على ما شاء إذا ارتضاه وفي قوله : فإنه يسلك من بين
يديه ومن خلفه رصدا قال : من الملائكة وفي قوله : ليعلم أن قد أبلغوا رسالات ربهم
قال : ليعلم نبي الله أن الرسل قد بلغت عن الله وأن الله حفظها ودفع عنها
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : ليعلم قال : ليعلم ذلك من كذب الرسل أن قد
أبلغوا رسالات ربهم
(8/310)
بسم
الله الرحمن الرحيم
73
- سورة المزمل
مكية وآياتها عشرون
مقدمة السورة أخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت يا أيها
المزمل بمكة
وأخرج ان مردويه عن ابن الزبير مثله
وأخرج النحاس عن ابن عباس قال : نزلت سورة المزمل بمكة إلا آيتين إن ربك يعلم أنك
تقوم أدنى
وأخرج أبو داود والبيهقي في السنن عن ابن عباس قال : بت عند خالتي ميمونة فقام
النبي صلى الله عليه و سلم يصلي من الليل فصلى ثلاث عشرة ركعة منها ركعتا الفجر
فحزرت قيامه في كل ركعة بقدر يا أيها المزمل والله أعلم
الآية 1 - 10 أخرج البزار والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الدلائل عن جابر قال :
اجتمعت قريش في دار الندوة فقالوا : سموا هذا الرجل أسما تصدر الناس عنه فقالوا :
كاهن قالوا : ليس بكاهن قالوا : مجنون
قالوا : ليس بمجنون
قالوا :
(8/311)
ساحر
قالوا : ليس بساحر
قالوا : يفرق بين الحبيب وحبيبه فتفرق المشركين على ذلك فبلغ ذلك النبي صلى الله
عليه و سلم فتزمل في ثيابه وتدثر فيها فأتاه جبريل فقال : يا أيها المزمل يا أيها المثر
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة والبيهقي في
سننه عن سعد بن هشام قال : قلت لعائشة : أنبئيني عن قيام رسول الله صلى الله عليه
و سلم
قالت : ألست تقرأ هذه السورة يا أيها المزمل قلت : بلى قالت : فإن الله قد افترض
قيام الليل في أول هذه السورة فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه حولا
حتى انتفخت أقدامهم وأمسك الله خاتمتها في السماء اثني عشر شهرا ثم أنزل الله
التخفيف في آخر هذه السورة فصار قيام الليل تطوعا من بعد فريضة
وأخرج بان جرير وابن أبي حاتم عن عائشة قالت : نزل القرآن يا أيها المزمل قم الليل
إلا قليلا حتى كان الرجل يربط الحبل ويتعلق فمكثوا بذلك ثمانية أشهر فرأى الله ما
يبتغون من رضوانه فرحمهم وردهم إلى الفريضة وترك قيام الليل
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة والحاكم وصححه عن جبير بن نفير قال : سألت عائشة
عن قيام رسول الله صلى الله عليه و سلم بالليل فقالت : ألست تقرأ يا أيها المزمل
قلت : بلى
قالت : هو قيامه
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة عن عائشة قالت
: كان النبي صلى الله عليه و سلم قلما ينام من الليل لما قال الله له : قم الليل إلا
قليلا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم ومحمد بن نصر والطبراني والحاكم
وصحه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : لما نزلت أول المزمل كانوا يقومون نحوا
من قيامهم في شهر رمضان حتى نزل آخرها وكان بين أولها وآخرها نحو من سنة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن نصر عن أبي عبد الرحمن السلمي قال :
نزلت يا أيها المزمل قاموا حولا حتى ورمت أقدامهم وسوقهم حتى نزلت فاقرؤوا ما تيسر
منه فاستراح الناس
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : لمانزلت يا أيها
المزمل قم الليل إلا قليلا مكث النبي صلى الله عليه و سلم على هذه الحال عشر
(8/312)
سنين
يقوم الليل كما أمره الله وكانت طائفة من أصحابه يقومون معه فأنزل الله بعد عشر
سنين إن ربك يعلم أنك تقوم إلى قوله : فأقيموا الصلاة فخفف الله عنهم بعد عشر سنين
وأخرج أبو داود في ناسخه ومحمد بن نصر وابن مردويه والبيهقي في السنن من طريق
عكرمة عن ابن عباس قال في المزمل : قم الليل إلا قليلا نصفه الآية التي فيها علم
أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرأوا ما تيسر منه وناشئة الليل أوله كانت صلاتهم أول
الليل يقول : هو أجدر أن تحصوا ما فرض الله عليكم من قيام الليل وذلك أن الإنسان
إذا نام لم يدر متى يستيقظ وقوله : أقوم قيلا يقول : هو أجدر أن تفقه قراءة القرآن
وقوله : إن لك في النهار سبحا طويلا يقول : فراغا طويلا
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي في قوله : يا أيها المزمل قال : نزلت وهو في
قطيفة
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : يا أيها المزمل قال : زملت هذا الأمر
فقم به
وأخرج ابن أبي شيبة وابن نصر عن عكرمة في قوله : يا أيها المزمل قال : زملت هذا
الأمر فقم به وفي قوله : يا أيها المدثر قال : دثرت هذا الأمر فقم به
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : يا أيها المزمل قال : النبي صلى الله عليه
و سلم يتدثر بالثياب
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن نصر عن قتادة في قوله : يا أيها
المزمل قال : هو الذي تزمل بثيابه
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير في قوله : يا أيها المزمل قال : النبي صلى الله
عليه و سلم
وأخرج الفريابي عن ابن عباس في قوله : ورتل القرآن ترتيلا قال : يقرأ آيتين ثلاثة
ثم يقطع لا يهذرم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن منيع في مسنده ومحمد بن نصر وابن المنذر
وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ورتل القرآن ترتيلا قال : بينه تبيينا
(8/313)
وأخرج
أحمد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن عبد
الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " يقال لصاحب القرآن يوم
القيامة اقرأ وأرق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها
"
وأخرج الديلمي بسند واه عن ابن عباس مرفوعا إذا قرأت القرآن فرتله ترتيلا وبينه
تبيينا ولا تنثره نثر الدقل ولا تهذه هذا الشعرة قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب
ولا يكونن هم أحدكم آخر السورة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن نصر والبيهقي في سننه عن إبراهيم قال : قرأ علقمة على عبد
الله فقال : رتله فإنه يزين القرآن
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : ورتل القرآن ترتيلا قال : ترسل
فيه ترسيلا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن نصر وابن المنذر عن قتادة في قوله : ورتل
القرآن ترتيلا قال : بلغنا أن عامة قراءة النبي صلى الله عليه و سلم كانت المد
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : ورتل القرآن ترتيلا قال : بينه تبيينا
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله : ورتل القرآن ترتيلا قال : اقرأه قراءة بينة
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن نصر والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد في قوله :
ورتل القرآن ترتيلا قال : بعضه على أثر بعض
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير في قوله : ورتل القرآن ترتيلا قال : فسره
تفسيرا
وأخرج العسكري في المواعظ عن علي : " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل
عن قول الله : ورتل القرآن ترتيلا قال : " بينه تبيينا ولا تنثره نثر الدقل
ولا تهذه هذا الشعر قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ولا يكن هم أحدكم آخر السورة
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي مليكة عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه و سلم أنها
سئلت عن قراءة النبي صلى الله عليه و سلم فقالت : إنكم لا تستطيعونها فقيل لها : أخبرينا
بها فقرأت قراءة ترسلت فيها
وأخرج ابن أبي شيبة عن طاوس قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم : أي
الناس
(8/314)
أحسن
قراءة ؟ قال : الذي إذا سمعته يقرأ رأيت أنه يخشى الله "
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : مر رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم على
رجل يقرأ آية ويبكي ويرددها فقال : ألم تسمعوا إلى قول الله : ورتل القرآن ترتيلا
هذا الترتيل
وأخرج ابن أبي شيبة وابن الضريس عن أبي هريرة أو أبي سعيد قال : يقال لصاحب القرآن
يوم القيامة اقرأ وأرق فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها
وأخرج ابن أبي شيبة وابن الضريس عن مجاهد قال : القرآن يشفع لصاحبه يوم القيامة
يقول : يا رب جعلتني في جوفه فأسهرت ليله ومنعته من كثير من شهواته ولكل عامل من
عمله عماله فيقال له : أبسط يدك فيملأ من رضوان فلا يسخط عليه بعده ثم يقال له :
اقرأ وأرقه فيرفع بكل آية درجة ويزاد بكل آية حسنة
وأخرج ابن ابي شيبة عن الضحاك بن قيس قال : يا أيها الناس علموا أولادكم وأهاليكم
القرآن فإنه من كتب له من مسلم يدخله الله الجنة أتاه ملكان فاكتنفاه فقالا له :
اقرأ وارتق في درج الجنة حتى ينزلا به حيث انتهى علمه من القرآن
وأخرج ابن أبي شيبة وابن الضريس عن بريدة قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم
يقول : " إن القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب
فيقول له : هل تعرفني ؟ فيقول : ما أعرفك فيقول : أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في
الهواجر وأسهرت ليلك وإن كل تاجر من وراء تجارته وإنك اليوم من وراء كل تجارة
قال : فيعطى الملك بيمينه والخلد بشماله ويوضع على رأسه تاج الوقار ويكس والده
حلتين لا يقوم لهما أهل الدنيا فيقولان : بم كسينا هذا فيقال لهما : بأخذ ولدكما
القرآن
ثم يقال له : اقرأ واصعد درج الجنة وعرفها فهو في صعود ما دام يقرأ هذا كان أو
ترتيلا
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن نصر عن قتادة في قوله : إنا سنلقي
عليك قولا ثقيلا قال : يثقل من الله فرائضه وحدوده
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن نصر عن الحسن في قوله : قولا ثقيلا قال :
العمل به
وأخرج ابن نصر وابن المنذر عن الحسن في قوله : قولا ثقيلا قال : ثقيل في الميزان
يوم القيامة
(8/315)
وأخرج
أحمد وعبد بن حميد وابن جرير وابن نصر والحاكم وصححه عن عائشة أن النبي صلى الله
عليه و سلم كان إذا أوحي إليه وهو على ناقته وضعت جرانها فما تستطيع أن تتحول حتى
يسري عنه وتلت إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا
وأخرج أحمد عن عبد الله بن عمرو قال : سألت النبي صلى الله عليه و سلم فقلت : يا
رسول الله هل تحس بالوحي ؟ فقال : " اسمع صلاصل ثم اسكت عند ذلك فما من مرة
يوحي إلي إلا ظننت أن نفسي تقبض "
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا
أوحي إليه لم يستطع أحد منا أن يرفع إليه طرفه حتى ينقضي الوحي
أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن نصر وابن المنذر والبيهقي في سننه
ابن عباس في قوله : إن ناشئة الليل قال : قيام الليل بلسان الحبشة إذا قام الرجل
قالوا : نشأ
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن أبي مليكه قال :
سألت ابن عباس وابن الزبير عن ناشئة الليل قالا : قيام الليل
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : ناشئة الليل أوله
وأخرج ابن المنذر وابن الضريس عن ابن عباس قال : الليل كله ناشئة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن مسعود في قوله : إن ناشئة
الليل قال : هي بالحبشية قيام الليل
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك إن ناشئة الليل قال : قيام الليل بلسان الحبشة
وأخرج عبد بن حميد وابن نصر عن أبي ميسرة قال : هو بلسان الحبشة نشأ أي : قام
وأخرج عبد بن حميد وابن نصر عن أبي مليكة قال : سئل ابن عباس عن قوله : ناشئة
الليل قال : أي الليل قمت فقد أنشأت
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة إن ناشئة الليل قال : كل شيء بعد العشاء الآخرة ناشئة
وأخرج عبد بن حميد وابن نصر والبيهقي في سننه عن الحسن قال : كل صلاة بعد العشاء
الآخرة فهو ناشئة الليل
(8/316)
وأخرج
عبد بن حميد وابن نصر عن أبي مجلز إن ناشئة الليل قال : ما كان بعد العشاء الآخرة
إلى الصبح فهو ناشئة
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن نصر عن مجاهد إن ناشئة الليل قال : أي ساعة
تهجدت فيها فتهجد من الليل
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن نصر والبيهقي في سننه عن أنس بن مالك في قوله :
ن ناشئة الليل قال : ما بين المغرب والعشاء
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير مثله
وأخرج ابن نصر والبيهقي عن علي بن حسين قال : ناشئة الليل قيام ما بين المغرب
والعشاء
وأخرج ابن المنذر عن حسين بن علي أنه رؤي يصلي فيما بين المغرب والعشاء فقيل له :
في ذلك فقال : إنها من الناشئة
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ناشئة الليل مهموزة الياء هي أشد وطأ بنصب
الواو وجزم الطاء يعني المواطاة
وأخرج أبو يعلى وابن جرير ومحمد بن نصر وابن الأنباري في المصاحف عن أنس بن مالك
أنه قرأ هذه الآية " إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأصوب قيلا " فقال له
رجل : إنا نقرؤها وأقوم قيلا فقال : إن أصوب وأقوم وأهيأ وأشباه هذا واحد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن نصر وابن المنذر عن مجاهد هي أشد وطأ قال :
مواطاة لك في القول وأقوم قيلا قال : افرغ لقلبك
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن مجاهد أشد وطأ قال : أن توطئ سمعك وبصرك وقلبك
بعضه بعضا وأقوم قيلا قال : أثبت للقراءة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن نصر عن قتادة أشد وطأ قال : أثبت في الخير
وأقوم قيلا أجرأ على القراءة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : وأقوم قيلا قال : أدنى من أن يفقه القرآن
وفي قوله : إن لك في النهار سبحا طويلا قال : فزاغا وفي قوله : تبتل إليه تبتيلا
قال : أخلص لله إخلاصا
وأخرج عبد بن حميد وابن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم في الكني
(8/317)
عن
ابن عباس في قوله : إن لك في النهار سبحا طويلا قال : السبح الفراغ للحاجة والنوم
وأخرج عبد بن حميد وابن نصر عن مجاهد في قوله : سبحا طويلا قال : فراغا
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك والربيع مثله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن نصر وابن جرير وابن المنذر عن قتادة سبحا
طويلا قال : فراغا طويلا وتبتل إليه تبتيلا قال : أخلص له الدعوة والعبادة
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم
والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد وتبتل إليه تبتيلا قال : أخلص له المسألة
والدعاء إخلاصا
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وتبتل إليه تبتيلا قال : أخلص له إخلاصا
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ رب المشرق والمغرب بخفض رب
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رب المشرق والمغرب قال : وجه الليل ووجه النهار
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : واهجرهم هجرا جميلا قال : اصفح وقل سلام
قال : هذا قبل السيف والله أعلم
الآية 11 - 16 أخرج أبو يعلى وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في
الدلائل عن عائشة قالت : لما نزلت وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا لم
يكن إلا قليل حتى كانت وقعة بدر
(8/318)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : وذرني والمكذبين أولي النعمة قال : بلغنا أن نبي
الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن فقراء المؤمنين يدخلون الجنة قبل
أغنيائهم بأربعين عاما ويحشر أغنياؤهم جثاة على ركبهم ويقال لهم : إنكم كنتم ملوك
أهل الدنيا وحكامهم فكيف عملتم فيما أعطيتكم " وفي قوله : ومهلهم قليلا قال :
إلى السيف
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : وذرني والمكذبين أولي النعمة
ومهلهم قليلا قال : إن لله فيهم طلبة وحاجة وفي قوله : إن لدينا أنكالا قال :
قيودا
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود إن لدينا أنكالا قال : قيودا
وأخرج أحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد إن لدينا أنكالا
قال : قيودا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عكرمة مثله
وأخرج عبد بن حميد عن حماد وطاووس مثله
وأخرج ابن جرير والبيهقي في البعث عن الحسن قال : الأنكال قيود من النار
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن سليمان التيمي إن لدينا أنكالا قال : قيودا
والله ثقالا لا تفك أبدا ثم بكى
وأخرج عبد بن حميد عن أبي عمران الجوني قال : قيودا والله لا تحل عنهم
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في صفة النار وعبد الله في زوائد الزهد وابن
جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله : وطعاما
ذا غصة قال : له شوك ويأخذ بالحلق لا يدخل ولا يخرج
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : وطعاما ذا غصة قال : شجرة الزقوم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد مثله
وأخرج أحمد في الزهد وهناد وعبد بن حميد ومحمد بن نصر عن حمران أن النبي صلى الله
عليه و سلم قرأ إن لدينا أنكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما فلما بلغ أليما
صعق
وأخرج أبو عبيد في فضائله وأحمد في الزهد وابن أبي الدنيا في نعت الخائفين وابن
(8/319)
جرير
وابن أبي داود في الشريعة وابن عدي في الكامل والبيهقي في شعب الإيمان من طريق
حمران بن أعين أبي حرب بن أبي الأسود أن النبي صلى الله عليه و سلم سمع رجلا يقرأ
إن لدينا أنكالا وجحيما فصعق
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : كثيبا مهيلا قال : المهيل الذي إذا أخذت
منه شيئا تبعك آخره
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : كثيبا مهيلا قال
: الرمل السائل وفي قوله : أخذا وبيلا قال : شديدا
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : أخذا وبيلا
قال : أخذا شديدا ليس له ملجأ قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر : خزي الحياة وخزي الممات وكلا أراه طعاما وبيلا
الآية 17 - 20 أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة فكيف
تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا قال : تتقون ذلك اليوم إن كفرتم قال :
" والله ما أتقى ذلك اليوم قوم كفروا بالله وعصوا رسوله "
(8/320)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن فكيف تتقون إن كفرتم يوما قال : بأي صلاة تتقون
؟ بأي صيام تتقون ؟
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن خيثمة في قوله : يوما يجعل الولدان شيبا قال : ينادي
مناد يوم القيامة يخرج بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون فمن ذلك يشيب
الولدان
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود في قوله : يوما يجعل الولدان شيبا قال : إذا كان
يوم القيامة فإن ربنا يدعو آدم فيقول : يا آدم أخرج بعث النار فيقول : أي رب لا
علم لي إلا ما علمتني فيقول الله : أخرج بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين
يساقون إلى النار سوقا مقرنين زرقا ؟ كالحين فإذا خرج بعث النار شاب كل وليد
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ يوم
يجعل الولدان شيبا قال : ذلك يوم القيامة وذلك يوم يقول الله لآدم : قم فابعث من
ذريتك بعثا إلى النار قال : من كم يا رب ؟ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين
وينجو واحد فاشتد ذلك على المسلمين فقال : حين أبصر ذلك في وجوههم : إن بني آدم
كثير وإن يأجوج ومأجوج من ولد آدم وإنه لا يموت رجل منهم حتى يرثه لصلبه ألف رجل
ففيهم وفي أشباههم جند لكم "
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله : السماء منفطر به قال : مثقلة بيوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة السماء منفطر به قال : مثقلة به
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله :
السماء منفطر قال : ممتلئة به بلسان الحبشة
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس السماء منفطر به قال : مثقلة موقرة
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس منفطر به قال : يعني تشقق السماء
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : منفطربه قال
: منصدع من خوف يوم القيامة قال : وهل تعرف العرب
(8/321)
ذلك
؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر : طباهن حتى أعرض الليل دونها أفاطير وسمى رواء جذورها وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد السماء منفطر به قال : مثقلة بالله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة السماء منفطر به قال : مثقلة بذلك اليوم
من شدته وهوله وفي قوله : إن ربك يعلم أنك تقوم الآية قال : أدنى من ثلثي الليل
وأدنى من نصفه وأدنى من ثلثه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن وسعيد بن جبير علم أن لن تحصوه قال : لن
تطيقوه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد فاقرأوا ما تيسر منه قال : أرخص عليهم في
القيام علم أن لن تحصوه قال : أن لن تحصوا قيام الليل فتاب عليكم قال : ثم أنبأنا
الله عن خصال المؤمنين فقال : علم أن سيكون منكم مرضى إلى آخر الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن نصر عن قتادة قال : فرض قيام الليل في أول هذه السورة فقام
أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم حتى انتفخت أقدامهم وأمسك الله خاتمتها حولا ثم
أنزل التخفيف في آخرها فقال : علم أن سيكون منكم مرضى إلى قوله : فاقرأوا ما تيسر
منه فنسخ ما كان قبلها فقال : وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فريضتان واجبتان ليس
فيهما رخصة
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : لما نزلت على النبي صلى الله عليه و سلم يا أيها
المزمل قم الليل إلا قليلا قام رسول الله صلى الله عليه و سلم وقام المسلمون معه
حولا كاملا حتى تورمت أقدامهم فأنزل الله بعد الحول إن ربك يعلم إلى قوله : ما
تيسر منه قال : الحسن : فالحمد لله الذي جعله تطوعا بعد فرضة ولا بد من قيام الليل
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة يا أيها المزمل قم الليل الآية قال : لبثوا بذلك سنة
فشق عليهم وتورمت أقدامهم ثم نسخها آخر السورة فاقرؤا ما تيسر منه
وأخرج ابن أبي حاتم والطراني وابن مردويه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و
سلم فاقرؤا ما تيسر منه قال : مائة آية "
(8/322)
وأخرج
الدارقطني والبيهقي في السنن وحسناه عن قيس بن أبي حازم قال : صليت خلف ابن عباس
فقرأ في أول ركعة بالحمد لله وأول آية من البقرة ثم ركع فلما انصرف أقبل علينا
فقال : إن الله يقول : فاقرؤوا ما تيسر منه وأخرج أحمد والبيهقي في سننه عن أبي
سعيد قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عمر بن الخطاب قال : ما من حال
يأتيني عليه الموت بعد الجهاد في سبيل الله أحب إلي من أن يأتيني وأنا بين شعبتين
رحلي ألتمس من فضل الله ثم تلا هذه الآية وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل
الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ما من جالب يجلب طعاما إلى بلد من بلاد المسلمين فيبيعه بسعر يومه إلا كانت
منزلته عند الله منزلة الشهيد " ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم وآخرون
يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله وآخرون يقاتلون في سبيل الله
(8/323)
بسم
الله الرحمن الرحيم
74
- سورة المدثر
مكية وآياتها ست وخمسون
الآية 1 - 10 أخرج ابن الضريس وابن مردويه والنحاس والبيهقي عن ابن عباس قال :
نزلت سورة المدثر بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن
الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وابن الأنباري في المصاحف قال : سألت
أبا سلمة بن عبد الرحمن عن أول ما نزل من القرآن فقال : " يا أيها المدثر
" قلت : يقولون اقرأ باسم ربك الذي خلق فقال أبو سلمة : سألت جابر بن عبد
الله عن ذلك قلت له مثل ما قلت
قال جابر : لا أحدثك إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
جاورت بحراء فلما قضيت جواري فنوديت فنظرت عن يميني فلم أر شيئا ونظرت عن شمالي
فلم أر شيئا ونظرت خلفي فلم أر شيئا فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جائني بحراء جالس
على كرسي بين السماء والأرض فجثثت منه رعبا فرجعت فقلت دثروني فدثروني فنزلت يا
أيها المدثر قم فأنذر إلى قوله : والرجز فاهجر
(8/324)
وأخرج
الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس أن الوليد بن المغيرة صنع لقريش طعاما
فلما أكلوا قال : ما تقولون في هذا الرجل ؟ فقال بعضهم : ساحر وقال بعضهم : ليس
بساحر وقال بعضهم : كاهن وقال بعضهم : ليس بكاهن وقال بعضهم : شاعر وقال بعضهم ليس
بشاعر وقال بعضهم : سحر يؤثر فاجتمع رأيهم على أنه سحر يؤثر فبلغ ذلك النبي صلى
الله عليه و سلم فخرج وقنع رأسه وتدثر فأنزل الله يا أيها المدثر إلى قوله : ولربك
فاصبر
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما يا أيها المدثر قال : دثرت هذا
الأمر فقم به
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه يا
أيها المدثر قال : كان متدثرا في قطيف يعني شملة صغيرة الخمل وثيابك فطهر قال : من
الإثم والرجز فاهجر قال : الإثم ولا تمنن تستكثر قال : لا تعط شيئا لتعطى أكثر منه
ولربك فاصبر قال : إذا أعطيت عطية فأعطها لربك واصبر حتى يكون هو الذي يثيبك
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه يا
أيها المدثر قال : المتدثر في ثيابه قم فأنذر قال : أنذر عذاب ربك ووقائعه في
الأمم وشدة نقمته إذا انتقم وثيابك فطهر يقول : طهرها من المعاصي وهي كلمة عربية
كانت العرب إذا نكث الرجل ولم يوف بعهده قالوا : إن فلانا لدنس الثياب وإذا أوفى
وأصلح قالوا : إن فلانا لطاهر الثياب والرجز فاهجر قال : هما صنمان كانا عند البيت
أساف ونائلة يمسح وجوههما من أتى عليهما من المشركين فأمر الله نبيه محمدا أن
يهجرهما ويجانبهما ولا تمنن تستكثر قال : لا تعط شيئا لمثابة الدنيا ولا لمجازاة
الناس
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي مالك رضي الله عنه وربك فكبر قال : عظم
وثيابك فطهر قال : عنى نفسه والرجز فاهجر قال : الشيطان والأوثان
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه : قلنا يا رسول الله كيف نقول إذا
دخلنا في الصلاة فأنزل الله وربك فكبر فأمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن
نفتتح الصلاة بالتكبير
(8/325)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما يا
أيها المدثر قال : النائم وثيابك فطهر قال : لا تكن ثيابك التي تلبس من مكسب باطل
والرجز فاهجر قال : الأصنام ولا تمنن تستكثر قال : لا تعط عطية تلتمس بها أفضل
منها
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
عن ابن عباس رضي الله عنهما وثيابك فطهر قال : من الإثم قال : وهي في كلام العرب
نقي الثياب
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وثيابك فطهر قال : من
الغدر ولا تكن غدارا
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
الأنباري في الوقف والإبتداء وابن مردويه عن عكرمة أن ابن عباس سئل عن قوله :
وثيابك فطهر قال : لا تلبسها على غدرة ولا فجرة ثم قال : ألا تسمعون قول غيلان بن
سلمة : إني بحمد الله لا ثوب فاجر لبست ولا من غدرة أتقنع وأخرج ابن أبي شيبة وابن
المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : كان الرجل في الجاهلية إذا كان غدرا
قالوا : فلان دنس الثياب
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن أبي رزين وثيابك فطهر قال : عملك
أصلحه كان أهل الجاهلية إذا كان الرجل حسن العمل قالوا : فلان طاهر الثياب
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :
وثيابك فطهر قال : وعملك فأصلح
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما وثيابك فطهر قال : لست بكاهن ولا
ساحر فأعرض عنه والرجز فاهجر قال : الأوثان ولا تمنن تستكثر قال : لا تعط مصانعة
رجاء أفضل منه من الثواب ولربك فاصبر قال : على ما أوذيت
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك رضي الله عنه وثيابك فطهر قال : عنى نفسه
(8/326)
وأخرج
عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه وثيابك فطهر قال : ليس ثيابه الذي يلبس
وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : وثيابك فطهر قال : خلقك فحسن
وأخرج ابن المنذر عن يزيد بن مرثد في قوله : وثيابك فطهر أنه ألقى على رسول الله
صلى الله عليه و سلم سلا شاة
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ على
رسول الله صلى الله عليه و سلم والرجز فاهجر بالكسر
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : " والرجز فاهجر برفع الراء وقال : هي الأوثان "
وأخرج ابن المنذر عن حماد رضي الله عنه قال : قرأت في مصحف أبي " ولا تمنن
تستكثر "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه ولا تمنن تستكثر يقول : لا
تعط شيئا لتعطى أكثر منه وإنما نزل هذا في النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه ولا تمنن تستكثر قال : لا تعط شيئا
لتعطى أكثر منه وهي للنبي صلى الله عليه و سلم خاصة والناس موسع عليهم
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما ولا تمنن تستكثر قال : لا تعط الرجل
عطاء رجاء أن يعطيك أكثر منه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه ولا تمنن تستكثر قال : لا
تعظم عملك في عينك أن تستكثر من الخير
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ولا تمنن تستكثر قال : لا تقل قد
دعوتهم فلم يقبل مني عد فادعهم ولربك فاصبر على ذلك
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فإذا
نقر في الناقور قال : الصور يوم عسير قال : شديد
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه فإذا نقر في الناقور قال :
فإذا نفخ في الصور
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه وأبي مالك وعامر مثله
(8/327)
وأخرج
عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الناقور الصور شيء كهيئة البوق
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت فإذا نقر في
الناقور قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " كيف أنعم وصاحب الصور قد
التقم القرن وحنى جبهته يستمع متى يؤمر ؟ قالوا : كيف نقول يا رسول الله ؟ قال :
قولوا حسبنا الله ونعم والوكيل على الله توكلنا "
وأخرج ابن سعد والحاكم عن بهز بن حكيم قال : أمنا زرارة بن أوفى فقرأ المدثر فلما
بلغ فإذا نقر في الناقور خر ميتا فكنت فيمن حمله
وأخرج عبد حميد عن قتادة فذلك يومئذ يوم عسير قال : ثم بين على من مشقته وعسره
فقال : على الكافرين غير يسير
الآية 11 - 37
(8/328)
أخرج
عبد بن حميد عن قتادة ذرني ومن خلقت وحيدا قال : هو الوليد بن المغيرة أخرجه الله
من بطن أمه وحيدا لا مال له ولا ولد فرزقه الله المال والولد والثروة والنماء كلا
إنه كان لآياتنا عنيدا قال : كفورا بآيات الله جحودا بها إنه فكر وقدر قال : ذكر
لنا أنه قال : لقد نظرت فيما قال هذا الرجل فإذا هو ليس بشعر وإن له لحلاوة وإن
عليه لطلاوة وإنه ليعلوا وما يعلى وما أشك أنه سحر فأنزل الله فيه فقتل كيف قدر
إلى قوله : وبسر قال : كلح
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ذرني ومن خلقت وحيدا قال : الوليد بن المغيرة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ذرني ومن خلقت
وحيدا قال : نزلت في الوليد بن المغيرة وحيدا قال : خلقته وحده لا مال له ولا ولد
وجعلت له مالا مدودا قال : ألف دينار وبنين قال : كانوا عشرة شهودا قال : لا
يغيبون ومهدت له تمهيدا قال : بسطت له من المال والولد ثم يطمع أن أزيد كلا قال :
فما زال يرى النقصان في ماله وولده حتى هلك إنه كان لآياتنا عنيدا قال : معاندا
عنها مجانبا لها سأرهقه صعودا قال : مشقة من العذاب
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي مالك ذرني ومن خلقت وحيدا قال : الوليد بن
المغيرة وبنين شهودا قال : كانوا ثلاثة عشر ثم يطمع أن أزيد كلا قال : فلم يولد له
بعد يومئذ ولم يزدد له من المال إلا ما كان إنه كان لآياتنا عنيدا قال : مشاقا
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ذرني ومن خلقت
وحيدا الآيات قال : هو الوليد بن المغيرة بن هشام المخزومي وكان له ثلاثة عشر ولدا
كلهم رب بيت فلما نزلت إنه كان لآياتنا عنيدا لم يزل في إدبار من الدنيا في نفسه
وماله وولده حتى أخرجه من الدنيا
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس وجعلتله مالا ممدودا قال : ألف دينار
وأخرج عبد بن حميد عن سفيان وجعلت له مالا ممدودا قال : ألف ألف
(8/329)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والدينوري في المجالسة عن عمر بن الخطاب رضي
الله عنه أنه سئل عن قوله : وجعلت له مالا ممدودا قال : غلة شهر بشهر
وأخرج ابن مردويه عن النعمان بن سالم في قوله : وجعلت له مالا ممدودا قال : الأرض
وأخرج هناد عن أبي سعيد الخدري في قوله : سأرهقه صعودا قال : هو جبل في النار
يكلفون أن يصعدوا فيه فكلما وضعوا أيديهم عليه ذابت فإذا رفعوها عادت كما كانت
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل من طريق عكرمة عن ابن عباس أن الوليد بن
المغيرة جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له فبلغ ذلك
أبا جهل فأتاه فقال : يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ليعطوه لك فإنك أتيت
محمدا لتعرض لما قبله
قال : قد علمت قريش أني من أكثر مالا
قال : فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر أو أنك كاره له
قال : وماذا أقول ؟ فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني ولا برجزه ولا بقصيده مني
ولا بشاعر الجن والله ما يشبه الذي يقول شيئا من هذا ووالله إن لقوله : الذي يقول
لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإنه لمثمر أعلاه مغدق أسفله وإنه ليعلوا وما يعلى وإنه
ليحطم ما تحته
قال : لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه
قال : فدعني حتى أفكر
ففكر
فلما فكر قال : هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره فنزلت ذرني ومن خلقت وحيدا
وأخرجه ابن جرير وأبو نعيم في الحلية وعبد الرزاق وابن المنذر عن عكرمة مرسلا
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق مجاهد عن ابن عباس قال : لما بعث النبي صلى
الله عليه و سلم جمع الوليد بن المغيرة قريشا فقال : ما تقولون في هذا الرجل فقال
بعضهم : هو شاعر وقال بعضهم : هو كاهن فقال الوليد : سمعت قول شاعر وسمعت قول
الكهنة فما هو مثله
قالوا : فما تقول أنت ؟ قال : فنظر ساعة ثم فكر وقدر فقتل كيف قدر إلى قوله : سحر
يؤثر
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال : دخل الوليد بن المغيرة على أبي بكر
فسأله عن القرآن فلما أخبره خرج على قريش فقال : يا عجبا لما يقول ابن
(8/330)
أبي
كبشة فوالله ما هو بشعر ولا بسحر ولا بهذي من الجنون وإن قوله : لمن كلام الله
فلما سمع النفر من قريش ائتمروا وقالوا : والله لئن صبأ الوليد لتصبأن قريش فلما
سمع بذلك أبوجهل قال : والله أنا أكفيكم شأنه
فانطلق حتى دخل عليه بيته
فقال للوليد : ألم تر قومك قد جمعوا لك الصدقة ؟ فقال : ألست أكثرهم مالا وولدا
فقال له أبو جهل : يتحثون أنك إنما تدخل على ابن أبي قحافة لتصيب من طعامه
فقال الوليد : تحدث بهذا عشيرتي فوالله لا أقرب ابن أبي قحافة ولا عمر ولا ابن أبي
كبشة وما قوله : إلا سحر يؤثر فأنزل الله ذرني ومن خلقت وحيدا إلى قوله : لا تبقي
ولا تذر
وأخرج ابن جرير وهناد بن السري في الزهد وعبد بن حميد عن ابن عباس عنيدا قال :
جحودا
وأخرج أحمد وابن المنذر والترمذي وابن أبي الدنيا في صفة النار وابن جرير وابن أبي
حاتم وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : الصعود جبل في النار يصعد فيه الكافر سبعين خريفا ثم يهوي
وهو كذلك فيه أبدا
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور والفريابي وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن
المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي من وجه آخر عن أبي سعيد قال : إن صعودا
صخرة في جهنم إذا وضعوا أيديهم عليها ذابت فإذا رفعوها عادت واقتحامها فك رقبة أو
إطعام في يوم ذي مسغبة سورة البلد الآية 14
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : صعود صخرة في جهنم يسحب عليها الكافر على
وجهه
وأخرج ابن المنذر من طريق عكرمة عن ابن عباس قي قوله : سأرهقه صعودا قال : جبل في
النار
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله : صعودا قال : جبلا في جهنم
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك سأرهقه صعودا قال : صخرة ملساء في جهنم يكلفون الصعود
عليها
(8/331)
وأخرج
عبد بن حميد عن مجاهد سأرهقه صعودا قال : مشقة من العذاب
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : عبس وبسر قال : قبض
ما بين عينيه وكلح
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي رزين إن هذا إلا سحر يؤثر قال : يأثره عن
غيره
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : سقر أسفل الجحيم نار فيها شجرة الزقوم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : لاتبقي ولا تذر قال : لا تحيي
ولا تميت
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس لا تبقي إذا أخذت فيهم لم تبق منهم شيئا وإذا بدلوا
جلدا جديدا لم تذر أن تباردهم سبيل العذاب الأول
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك لا تبقي ولا تذر تأكله كله فإذا تبدى خلقه لم تذره حتى
تقوم عليه
وأخرج ابن المنذر عن ابن بريد لاتبقي ولا تذر قال : تأكل اللحم والعظم والعرق
والمخ ولا تذره على ذلك
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : لواحة للبشر قال : حراقة للجلد
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس لواحة للبشر قال : تلوح الجلد فتحرقه فيتغير لونه
فيصر أسود من الليل
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن أبي رزين لواحة للبشر قال : تلوح جلده حتى تدعه أشد
سوادا من الليل
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس لواحة محرقة
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن البراء أن رهطا من اليهود
سألوا رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم عن خزنة جهنم فقال : الله ورسوله
أعلم فجاء فأخبر النبي صلى الله عليه و سلم فنزل عليه ساعتئذ عليها تسعة عشر
(8/332)
وأخرج
الترمذي وابن مردويه عن جابر قال : قال ناس من اليهود لأناس من أصحاب النبي صلى
الله عليه و سلم : هل يعلم نبيكم عدد خزنة جهنم ؟ قال : هكذا وهكذا في مرة عشرة
وفي مرة تسعة
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : لما نزلت عليها تسعة عشر قال رجل من قريش يدعى
أبا الأشدين : يا معشر قريش لا يهولنكم التسعة عشر أنا أدفع عنكم بمنكبي الأيمن
عشرة وبمنكبي الأيسر التسعة فأنزل الله وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : لما سمع أبو جهل عليها تسعة عشر قال لقريش :
ثكلتكم أمهاتكم أسمع ابن أبي كبشة يخبركم أن خزنة النار تسعة عشر وأنتم الدهم
أفيعجز كل عشرة منكم أن يبطشوا برجل من خزنة جهنم فأوحى الله إلى نبيه أن يأتي أبا
جهل فيأخذ بيده في بطحاء مكة فيقول له : أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : عليها تسعة عشر قال : ذكر لنا أن
أبا جهل حين أنزلت هذه الآية قال : يا معشر قريش ما يستطيع كل عشرة منكم أني
يغلبوا واحدا من خزنة النار وأنتم ألدهم ؟
وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في البعث من
طريق الأزرق بن قيس عن رجل من بني تميم قال : كنا عند أبي العوام فقرأ هذه الآية
عليها تسعة عشر فقال : ما تقولون أتسعة عشر ملكا أو تسعة عشر ألفا ؟ قلت : لا بل
تسعة عشر ملكا فقال : ومن أين علمت ذلك ؟ قلنا : لأن الله يقول : وما جعلنا عدتهم
إلا فتنة للذين كفروا قال : صدقت هم تسعة عشر ملكا بيد كل ملك منهم مرزبة من حديد
له شعبتان فيضرب بها الضربة يهوي بها في جهنم سبعين ألفا بين منكبي كل ملك منهم
مسيرة كذا وكذا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : عليها تسعة عشر قال : جعلوا
فتنة
قال : قال أبو الأشدين الجمحي : لا يبلغون رتوتي حتى أجهضهم عن جهنم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا قال : قال أبو
الأشدين : خلوا بيني وبين خزنة جهنم أنا أكفيكم مؤنتهم
قال :
(8/333)
وحدثت
أن النبي صلى الله عليه و سلم وصف خزان جهنم فقال : " كأن أعينهم البرق وكأن
أفواههم الصياصي يجرون أشفارهم لهم مثل قوة الثقلين يقبل أحدهم بالأمة من الناس
يسوقهم على رقبته جبل حتى يرمي بهم في النار فيرمي بالجبل عليهم "
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ليستيقن الذين أوتوا الكتاب أنهم يجدون عدتهم في
كتابهم تسعة عشر ويزداد الذين آمنوا إيمانا فيؤمنوا بما في كتابهم من عدتهم
فيزدادوا بذلك إيمانا
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة في قوله : ليستيقن الذين أوتوا الكتاب قال
: يستيقن أهل الكتاب حين وافق عدد خزنة النار ما في كتابهم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ليستيقن الذين أوتوا الكتاب قال : يجدونه مكتوبا عندهم
عدة خزنة النار
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزداد الذين
آمنوا إيمانا قال : صدق القرآن الكتب التي خلت قبله التوراة والإنجيل أن خزنة جهنم
تسعة عشر وليقول الذين في قلوبهم مرض قال : الذين في قلوبهم النفاق والله أعلم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : وما يعلم جنود ربك إلا هو قال :
من كثرتهم
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج مثله
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق ابن جريج عن رجل عن عروة بن الزبير أنه
سأل عبد الله بن عمرو بن العاص أي الخلق أعظم ؟ قال : الملائكة
قال : من ماذا خلقت ؟ قال : من نور الذراعين والصدر
قال : فبسط الذراعين
فقال : كونوا ألفي ألفين
قيل لابن جريج : ما ألفي ألفين ؟ قال : ما لا يحصى كثرته
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
حدثهم عن ليلة الإسراء قال : " فصعدت أنا وجبريل إلى السماء الدنيا فإذا أنا
بملك يقال له إسماعيل وهو صاحب سماء الدنيا وبين يديه سبعون ألف ملك مع كل ملك
منهم جنده مائة ألف وتلا هذه الآية وما يعلم جنود ربك إلا هو "
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وما هي إلا ذكرى للبشر قال : النار
(8/334)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة مثله
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة عن ابن عباس أنه
قرأ : " الليل إذا دبر " فجعل الألف مع إذا
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن ابن الزبير أنه كان يقرأ : " والليل إذا
دبر "
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن سعيد بن جبير أنه قرأها : " دبر " مثل
قراءة ابن عباس
وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن أنه قرأها : " إذا "
بغير ألف أدبر بألف
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هرون قال : إنها في حرف أبي وابن مسعود إذا أدبر
يعني بألفين
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس والليل إذا أدبر قال : دبوره ظلامه
وأخرج مسدد في مسنده وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : سألت
ابن عباس عن قوله : والليل إذا أدبر فسكت عني حتى إذا كان من آخر الليل وسمع
الأذان الأول ناداني : يا مجاهد هذا حين دبر الليل
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة والصبح إذا أسفر قال : إذا
أضاء إنها لإحدى الكبر قال : النار
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد إنها لإحدى الكبر قال : النار
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن أبي رزين إنها لإحدى الكبر نذيرا
للبشر قال : هي جهنم
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الأمل عن حذيفة قال : ما من صباح ولا مساء إلا ومناد
ينادي : يا أيها الناس الرحيل الرحيل وإن تصديق ذلك في كتاب الله إنها لإحدى الكبر
نذيرا للبشر لمن شاء منكم أن يتقدم قال : الموت أو يتأخر قال : الموت
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر قال : من شاء اتبع
طاعة الله ومن شاء تأخر عنها
(8/335)
وأخرج
عبد بن حميد عن قتادة لمن شاء منكم أن يتقدم قال : في طاعة الله أو يتأخر قال : في
معصية الله
آية 28 - 56 وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : كل نفس بما كسبت رهينة قال :
مأخوذة بعملها
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين قال : علق
الناس كلهم إلا أصحاب اليمين
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله : كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين قال : لا يحاسبون
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : إلا أصحاب اليمين قال : هم المسلمون
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن علي بن أبي طالب في قوله : إلا أصحاب
اليمين قال : هم أطفال المسلمين
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عمر في قوله : إلا أصحاب
اليمين قال : هم أطفال المسلمين
(8/336)
أخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي داود وابن
الأنباري معا في المصاحف وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عمرو بن دينار قال : سمعت
عبد الله بن الزبير يقرأ في جنات يتساءلون عن المجرمين يا فلان ما سلككم في سقر
قال عمرو : وأخبرني لقيط قال : سمعت ابن الزبير قال : سمعت عمر بن الخطاب يقرؤها
كذلك
وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن المنذر عن ابن مسعود أنه قرأ : " يا أيها
الكفار ما سلككم في سقر "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : وكنا نخوض مع
الخائضين قال : يقولون : كلما غوى غاو غوينا معه وفي قوله : فما تنفعهم شفاعة
الشافعين قال : تعلموا أن الله يشفع المؤمنين يوم القيامة بعضهم في بعض
قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن في أمتي رجلا
ليدخلن الله الجنة بشفاعته أكثر من بني تميم " وقال الحسن : أكثر من ربيعة
ومضر
قال : وكنا نحدث أن الشهيد يشفع في سبعين من أهل بيته
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس حتى أتانا اليقين قال : الموت
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد فما تنفعهم شفاعة الشافعين قال : لا
تنالهم شفاعة من يشفع
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
ليخرجن بشفاعتي من أهل الإيمان من النار حتى لا يبقى فيها أحد إلا أهل هذه الآية
ما سلككم في سقر إلى قوله : شفاعة الشافعين "
وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن ميمون أن كعبا دخل يوما على عمر بن الخطاب فقال
له عمر : حدثني إلى ما تنتهي شفاعة محمد يوم القيامة ؟ فقال كعب : قد أخبرك الله
في القرآن إن الله يقول : ما سلككم في سقر إلى قوله : اليقين قال كعب : فيشفع
يومئذ حتى يبلغ من لم يصل صلاة قط ويطعم مسكينا قط ومن لم يؤمن ببعث قط فإذا بلغت
هؤلاء لم يبق أحد فيه خير
وأخرج ابن مردويه عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : يؤتى بأدنى أهل النار
منزلة يوم القيامة فيقول الله له : تفتدى بملء الأرض ذهبا وفضة ؟ فيقول : نعم إن
قدرت عليه فيقول : كذبت قد كنت أسألك ما هو أيسر عليك من أن تسألني
(8/337)
فأعطيك
وتستغفرني فأغفر لك وتدعوني فأستجيب لك فلم تخفني ساعة قط من ليل ونهار ولم ترج ما
عندي قط ولم تخش عقابي ساعة قط وليس وراءه أحد إلا وهو شر منه فيقال له : ما سلككم
في سقر قالوا لمن نك من المصلين إلى قوله : حتى أتانا اليقين يقول الله : فما
تنفعهم شفاعة الشافعين
وأخرج ابن مردويه عن صهيب الفقير قال : كنا بمكة ومعي طلق بن حبيب وكنا نرى رأي
الخوارج فبلغنا أن جابر بن عبد الله يقول في الشفاعة فأتيناه فقلنا له : بلغنا عنك
في الشفاعة قول الله مخالف لك فيها في كتابه فنظر في وجوهنا فقال : من أهل العراق
أنتم ؟ قالنا : نعم
فتبسم وقال : وأين تجدون في كتاب الله ؟ قلت : حيث يقول : ربنا إنك من تدخل النار
فقد أخزيته سورة آل عمران الآية 192 و يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين
منها سورة المائدة الآية 37 و كلما أروادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها سورة
السجدة الآية 20 وأشباه هذا من القرآن فقال : أنتم أعلم بكتاب الله أم أنا ؟ قلنا
: بل أنت أعلم به منا
قال : فوالله لقد شهدت تنزيل هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم وشفاعة
الشافعين ولقد سمعت تأويله من رسول الله صلى الله عليه و سلم وإن الشفاعة لنبيه في
كتاب الله قال في السورة التي تذكر فيها المدثر : ما سلككم في سقر قالوا لم نك من
المصلين الآية ألا ترون أنها حلت لمن مات لم يشرك بالله شيئا ؟ سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : " إن الله خلق خلقا ولم ستعن على ذلك ولم يشاور فيه
أحدا فأدخل من شاء الجنة برحمته وأدخل من شاء النار ثم إن الله تحنن على الموحدين
فبعث الملك من قبله بماء ونور فدخل النار فنضح فلما يصب إلا من شاء ولم يصب إلا من
خرج من الدنيا لم يشرك بالله شيئا فأخرجهم حتى جعلهم بفناء الجنة ثم رجع إلى ربه
فأمده بماء ونور ثم دخل فنضح فلم يصب إلا من شاء الله ثم لم يصب إلا من خرج من
الدنيا لم يشرك بالله شيئا فأخرجهم حتى جعلهم بفناء الجنة ثم أذن الله للشفعاء
فشفعوا لهم فأدخلهم الله الجنة برحته وشفاعة الشافعين "
وأخرج البيهقي في البعث عن ابن مسعود قال : يعذب الله قوما من أهل الإيمان ثم
يخرجهم بشفاعة محمد صلى الله عليه و سلم حتى لا يبقى إلا من ذكر الله ما سلككم في
سقر إلى قوله : شفاعة الشافعين
(8/338)
أخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة فما لهم عن التذكرة معرضين قال : عن القرآن
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ كأنهم حمر مثقلة مستنفرة بخفض الفاء
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن الحسن وأبي رجاء أنهما قرآ مستنفرة يعني بنصب الفاء
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن أبي موسى
الأشعري في قوله : فرت من قسورة قال : هم الرماة رجال القنص
واخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : القسورة الرجال الرماة رجال
القنص
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي جمرة قال :
قلت لابن عباس قال : القسورة الأسد
فقال : ما أعلمه بلغة أحد من العرب الأسد هم عصبة الرجال
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة كأنهم حمر مستنفرة فرت من قسورة قال : وحشية فرت من
رماتها
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير فرت من قسورة قال : القناص
واخرج عبد بن حميد عن مجاهد فرت من قسورة قال : القناص الرماة
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك قال : القسورة الرماة وأخرج الخطيب في تاريخه عن
عطاء بن أبي رباح مثله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة قال : القسورة النبل
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس من قسورة قال : من حبال الصيادين
وأخرج سفيان بن عيينة في تفسيره وعبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عباس من قسورة قال
: هو ركز الناس يعني أصواتهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : من قسورة قال : هو بلسان العرب الأسد
وبلسان الحبشة قسورة وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي هريرة في
قوله : فرت من قسورة قال : الأسد
(8/339)
أخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن السدي عن أبي صالح قال : قالوا : إن كان
محمدا صادقا فليصبح تحت رأس كل رجل منا صحيفة فيها براءته وأمنته من النار فنزلت
بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه بل يريد كل امرئ منهم أن
يؤتى صحفا منشرة قال : إلى فلان بن فلان من رب العالمين يصبح عند رأس كل رجل صحيفة
موضوعة يقرؤها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : بل يريد كل امرئ
منهم أن يؤتى صحفا منشرة قال : قد قال قائلون من الناس لمحمد صلى الله عليه و سلم
: إن سرك أن نتابعك فائتنا بكتاب خاصة يأمرنا باتباعك وفي قوله : كلا بل لا يخافون
الآخرة قال : ذلك الذي أضحك بالقوم وأفسدهم أنهم كانوا لا يخافون الآخرة ولا
يصدقون بها وفي قوله : كلا إنها تذكرة " قال : هذا القرآن وفي قوله : هو أهل
التقوى وأهل المغفرة قال : إن ربنا محقوق أن تتقى محارمه وهو أهل أن يغفر الذنوب
الكثيرة لعباده
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه كلا بلا لا يخافون الآخرة قال : هذا
الذي فضحهم
وأخرج أحمد والدارمي والترمذي والنسائي وابن ماجة والبزار وأبو يعلى وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عدي والحاكم وصححه وابن مردويه عن النبي صلى الله
عليه و سلم قرأ هذه الآية هو أهل التقوى وأهل المغفرة فقال : قد قال ربكم أنا أهل
أن أتقى فمن لم يجعل معي إلها فأنا أهل أن أغفر له
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن دينار قال : سمعت أبا هريرة رضي الله عنه وابن
عمر وابن عباس رضي الله عنهم يقولون : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قول
الله : هو أهل التقوى وأهل المغفرة قال : " يقول الله أنا أهل أن أتقى فلا
يجعل معي شريك فإذا اتقيت ولم يجعل معي شريك فأنا أهل أن أغفر ما سوى ذلك "
وأخرج الحكيم والترمذي في نوادر الأصول عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " قال الله أنا أكرم وأعظم عفوا من أن أستر على عبد لي
في الدنيا ثم أفضحه بعد أن سترته ولا أزال أغفر لعبدي ما استغفرني " قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " يقول الله تعالى : إني لأجدني أستحي من عبدي
يرفع يديه إلي ثم أردهما
قالت
(8/340)
الملائكة
: إلهنا ليس لذلك بأهل
قال الله : لكني أهل التقوى وأهل المغفرة أشهدكم أني قد غفرت له " قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " ويقول الله : إني لأستحي من عبدي وأمتي يشيبان
في الإسلام ثم أعذبهما بعد ذلك في النار "
(8/341)
بسم
الله الرحمن الرحيم
75
- سورة القيامة
مكية وآياتها أربعون
الآية 1 - 13 أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طرق عن
ابن عباس قال : نزلت سورة القيامة وفي لفظ : نزلت لا أقسم بيوم القيامة بمكة
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : نزلت سورة لا أقسم بمكة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قال : حدثنا أن عمر بن الخطاب قال : من
سأل عن يوم القيامة فليقرأ هذه السورة والله أعلم
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله : لا أقسم بيوم القيامة يقول :
أقسم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن سعيد بن جبير قال : سألت ابن عباس عن
قوله : لا أقسم بيوم القيامة قال : يقسم ربك بما شاء من خلقه قلت : ولا أقسم
بالنفس اللوامة قال : من النفس الملومة
قلت : أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى قادرين على أن نسوي بنانه قال : لو شاء
لجعله خفا أو حافرا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة لا أقسم بيوم القيامة قال : يقسم الله بما
شاء من خلقه ولا أقسم بالنفس اللوامة الفاجرة قال : يقسم بها
(8/342)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : بالنفس اللوامة قال :
المذمومة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس بالنفس اللوامة قال : التي تلوم على
الخير والشر تقول لو فعلت كذا وكذا
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس بالنفس اللوامة قال : تندم على ما فات وتلوم عليه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد النفس اللوامة قال : تندم على ما فات وتلوم
عليه
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في محاسبة النفس عن الحسن ولا أقسم بالنفس
اللوامة قال : إن المؤمن لا تراه إلا يلوم نفسه ما أردت بكلمتي ما أردت بأكلتي ما
أردت بحديثي نفسي ولا أراه إلا يعاتبها وإن الفاجر يمضي قدما لا يعاتب نفسه
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس بلى قادرين على أن نسوي بنانه قال : نجعلها كفا
ليس فيه أصابع
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس بلى قادرين على أن نسوي
بنانه قال : لو شاء لجعله كخف البعير أو كحافر الحمار ولكن جعله الله خلقا سويا
حسنا جميلا تقبض به وتبسط به يا ابن آدم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد على أن نسوي بنانه قال : يجعل رجليه كخف
البعير فلا يعمل بها شيئا
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة على أن نسوي بنانه قال : إن شاء رده مثل خف البعير حتى
لا ينتفع
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك على أن نسوي بنانه قال : يجعل رجليه كخف
البعير فلا يعمل بهما شيئا
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة على أن نسوي بنانه قال : إن شاء رده مثل خف الجمل حتى
لا ينتفع به
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك على أن نسوي بنانه قال : على أن نجعل يديه ورجليه مثل
خف البعير
(8/343)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية بلى قادرين على
أن نسوي بنانه فقال : إن الله أعف مطعم ابن آدم ولم يجعله خفا ولا حافرا فهو يأكل
بيديه فيتقي بها وسائر الدواب إنما يتقي الأرض بفمه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : بل يريد الإنسان ليفجر أمامه
قال : يمضي قدما
وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : بل يريد
الإنسان ليفجر أمامه قال : هو الكافر يكذب بالحساب
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : بل يريد الإنسان ليفجر أمامه
يعني الأمل يقول : أعمل ثم أتوب
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الأمل والبيهقي في شعب الإيمان عن عباس رضي الله عنهما
بل يريد الإنسان ليفجر أمامه قال : يقدم الذنب ويؤخر التوبة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه بل يريد الإنسان ليفجر أمامه
قال : يمضي أمامه راكبا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن بل يريد الإنسان ليفجر أمامه قال : يمشي
قدما في معاصي الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة بل يريد الإنسان ليفجر أمامه
قال : لا تلقى ابن آدم إلا تنزع نفسه إلى معصية الله قدما قدما إلا من عصم الله
وفي قوله : يسأل أيان يوم القيامة يقول : متى يوم القيامة
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله : بل يريد الإنسان ليفجر أمامه قال :
يقول سوف أتوب يسأل أيان يوم القيامة قال : يقول متى يوم القيامة
قال : فبين له فإذا برق البصر وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : فإذا برق
البصر يعني الموت
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه فإذا
برق البصر يعني الموت
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة فإذا برق البصر قال
: شخص البصر وخسف القمر يقول : ذهب ضوءه
(8/344)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : فإذا برق البصر قال : عند
الموت وخسف القمر وجمع الشمس والقمر قال : كورا يوم القيامة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله : وجمع الشمس والقمر قال : كورا
يوم القيامة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عطاء بن يسار في قوله : وجمع الشمس والقمر قال :
يجمعان يوم القيامة ثم يقذفان في البحر فيكون نار الله الكبرى
وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر عن عبد الله بن خالد قال : قرأها ابن
عباس أين المفر بنصب الميم وكسر الفاء
قال : وقرأها يحيى بن وثاب أين المفر بنصب الميم والفاء
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في كتاب الأهوال وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله : لا وزر قال : لا حصن ولا ملجأ وفي لفظ لا
حرز وفي لفظ لا جبل
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : لا وزر قال
: الوزر الملجأ
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت عمرو بن كلثوم وهو يقول : لعمرك ما إن له صخرة لعمرك ما إن له من وزر
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في الأهوال وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن
مسعود في قوله : لا وزر قال : لا حصن
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير وعطية وأبي قلابة مثله
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله : كلا لا وزر قال : كانت العرب إذا نزل بهم
الأمر الشديد قالوا : الوزر الوزير فلما أن جاء الله بالإسلام قال : كلا لا وزر
قال : لا جبل
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الحسن قال : كان الرجل يكون في ماشيته فتأتيه الخيل
بغتة فيقول له صاحبه : الوزر الوزير أي أقصد الجبل فتحصن به
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله : لا وزر قال : لا جبل
(8/345)
وأخرج
عبد بن حميد عن أبي قلابة لا وزر قال : لا غار لا ملجأ
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك لا وزر قال : لا جبل محرزة
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله : لا وزر قال : لا وزر يعني الجبل بلغة حمير
وأخرج عبد بن حميد وابن جريرعن مطرف لا وزر قال : لا جبل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال لا وزر قال : لا جبل ولا حرز ولا ملجأ
ولا منجى إلى ربك يومئذ المستقر قال : المنتهى ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم قال :
من طاعة الله وأخر قال : وما ضيع من حق الله
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد وإبراهيم ينبأ الإنسان يومئذ
بما قدم وأخر قال : بأول عمله وآخره
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال : بما قدم من الذنوب والشر والخطايا وما
أخر من الخير
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله : ينبأ
الإنسان يومئذ بما قدم وأخر بما قدم من عمله وما أخر من سنة عمل بها من بعده من
خير أو شر
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر قال
: بما عمل قبل موته وما يسن فعمل به بعد موته
وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح في قوله : ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر قال :
قدم من حسنة أو أخر من سنة حسنة عمل بها بعده علما علمه صدقة أمر بها
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : ينبأ الإنسان يومئذ بما قدم وأخر يقول : بما
قدم من المعصية وأخر من الطاعة فينبأ بذلك
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب المحتضرين عن الحسن في قوله : ينبأ الإنسان يومئذ
بما قدم وأخر قال : ينزل ملك الموت عليه مع حفظة فيعرض عليه الخير والشر فإذا رأى
حسنة هش وأشرق وإذا رأى سيئة غض وقطب
وأخرج ابن أبي الدنيا عن مجاهد قال : بلغنا أن نفس المؤمن لا تخرج حتى يعرض عليه
عمله خيره وشره
(8/346)
الآية
14 - 19 أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر من طريق عن ابن عباس في قوله : بل
الإنسان على نفسه بصيرة قال : الإنسان شهيد على نفسه وحده ولو ألقى معاذيره قال :
ولو اعتذر
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير مثله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : بل الإنسان على
نفسه بصيرة قال : شاهد عليها بعملها ولو ألقى معاذيره قال : واعتذر يومئذ بباطل لم
يقبل الله ذلك منه يوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد على نفسه بصيرة ولو ألقى
معاذيره قال : لو جادل عنها هو بصير عليها
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك ولو ألقى معاذيره قال : حجته
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عمران بن جبير قال : قلت لعكرمة : بل
الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقى معاذيره فسكت وكان يستاك فقلت : إن الحسن قال :
يا ابن آدم عملك أحق بك قال : صدقت
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة بل الإنسان على نفسه بصيرة قال : إذا شئت
رأيته بصيرا بعيون الناس غافلا عن عيبه قال : وكان يقال في الإنجيل : مكتوب يا ابن
آدم أتبصر القذاة في عين أخيك ولا تبصر الجذل المعترض في عينك ؟
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس بل الإنسان على نفسه بصيرة
قال : سمعه وبصره ويده ورجليه وجوارحه ولو ألقى معاذيره قال : ولو تجرد من ثيابه
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك ولو ألقى معاذيره قال : ستوره بلغة أهل اليمن
(8/347)
أخرج
الطيالسي وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم
والبيهقي معا في الدلائل عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعالج
من التنزيل شدة وكان يحرك به لسانه وشفتيه مخافة أن يتلفت منه يريد أن يحفظه فأنزل
الله لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه قال : يقول إن علينا أن
نجمعه في صدرك ثم تقرؤه فإذا قرأناه يقول : إذا أنزلناه عليك فاتبع قرآنه فاستمع
له وأنصت ثم إن علينا بيانه بينه بلسانك وفي لفظ علينا أن نقرأه فكان رسول الله
صلى الله عليه و سلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل أطرق
وفي لفظ استمع فإذا ذهب قرأ كما وعده الله عز و جل
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم
إذا نزل عليه القرآن تعجل بقراءته ليحفظه فنزلت هذه الآية لا تحرك به لسانك وكان
رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يعلم ختم سورة حتى ينزل عليه بسم الله الرحمن
الرحيم
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
لا يفتر عن القرآن مخافة أن ينساه فقال الله : لا تحرك به لسانك إن علينا جمعه أن
نجمعه لك وقرآنه أن تقرأه فلا تنسى فإذا قرأناه عليك فاتبع قرآنه يقول : إذا يتلى
عليك فاتبع ما فيه ثم إن علينا بيانه يقول : حلاله وحرامه فذلك بيانه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس فإذا قرأناه قال : بيناه
فاتبع قرآنه يقول : اعمل به
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : لا تحرك به لسانك قال
: كان يستذكر القرآن مخافة النسيان فقيل له : كفيناكه يا محمد
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة لا تحرك به لسانك لتعجل به قال : كان نبي
الله صلى الله عليه و سلم يحرك لسانه بالقرآن مخافة النسيان
فأنزل الله ما تسمع إن علينا جمعه وقرآنه يقول : إن علينا حفظه وتأليفه فإذا
قرأناه فاتبع قرآنه يقول اتبع حلاله واجتنب حرامه ثم إن علينا بيانه قال : بيان
حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته
(8/348)
الآية
20 - 25 أخرج سعيد بن منصور عن مجاهد أنه كان يقرأ كلا بل يحبون العاجلة ويذرون
الآخرة
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ " كلا بل تحبون العاجلة " بالتاء
" وتذرون الآخرة " بالتاء
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : كلا بل يحبون العاجلة ويذرون الآخرة قال :
اختار أكثر الناس العاجلة إلا من رحم الله وعصم
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن ابن مسعود في قوله : كلا بل يحبون
العاجلة قال : عجلت لهم الدنيا سناها وخيرها وغيبت عنهم الآخرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وجوه يومئذ ناضرة قال : ناعمة
وأخرج ابن المنذر والآجري في الشريعة واللالكائي في السنة والبيهقي في الرؤية عن
ابن عباس في قوله : وجوه يومئذ ناضرة قال : يعني حسنها إلى ربها ناظرة قال : نظرت
إلى الخالق
وأخرج ابن المنذر والآجري عن محمد بن كعب القرظي في قوله : وجوه يومئذ ناضرة قال :
نضر الله تلك الوجوه وحسنها للنظر إليه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم واللالكائي عن مجاهد وجوه ومئذ ناضرة
قال : مسرورة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي صالح وجوه يومئذ ناضرة قال : بهجة لما هي
فيه من النعمة
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك وجوه يومئذ ناضرة قال : النضارة البياض والصفاء إلى
ربها ناظرة قال : ناظرة إلى وجه الله
وأخرج ابن المنذر والآجري واللالكائي والبيهقي عن عكرمة وجوه يومئذ ناضرة قال :
ناضرة من النعيم إلى ربها ناظرة قال : تنظر إلى الله نظرا
(8/349)
وأخرج
الدارقطنى والآجري واللالكائي والبيهقي عن الحسن في الآية قال : النضرة الحسن نظرت
إلى ربها فنضرت بنوره
وأخرج ابن جرير عن الحسن وجوه يومئذ ناضرة يقول : حسنة إلى ربها ناظرة قال : تنظر
إلى الخالق
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله : وجوه يومئذ ناضرة قال : مسرورة إلى ربه
ناظرة قال : انظر ما أعطى الله عبده من النور في عينيه أن لو جعل نور أعين جميع
خلق الله من الإنس والجن والدواب وكل شيء خلق الله فجعل نور أعينهم في عيني عبد من
عباده ثم كشف عن الشمس سترا واحدا ودونها سبعون سترا ما قدر على أن ينظر إلى الشمس
والشمس جزء من سبعين جزءا من نور الكرسي والكرسي جزء من سبعين جزءا من نور العرش
والعرش جزء من سبعين جزءا من نور الستر
قال عكرمة : انظروا ماذا أعطى الله عبده من النور في عينيه أن نظر إلى وجه الرب
الكريم عيانا
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربه ناظرة قال :
تنظر إلى وجه ربها
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم في قول
الله : وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة قال : " ينظرون إلى ربهم بلا كيفية
ولا حد محدود ولا صفة معلومة "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن المنذر والآجري في
الشريعة والدارقطني في الرؤية والحاكم وابن مردويه واللالكائي في السنة والبيهقي
عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن أدنى أهل الجنة
منزلا لمن ينظر إلى جناته وأزواجه ونعيمه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة وأكرمهم على
الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم : وجوه
ومئذ ناضرة قال : البياض والصفاء إلى ربها ناظرة قال : تنظر كل يوم في وجه الله
"
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي والدارقطنى في
الرؤية والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : " قال الناس يا رسول
الله هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال : هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب ؟ قالوا
: لا يا رسول الله
قال : فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك يجمع الله الناس
(8/350)
فيقول
من كان يعبد شيئا فليتبعه فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس ويتبع منكان يعبد القمر
القمر ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم
الله في غير الصورة التي يعرفون فيقول : أنا ربكم فيقولون : نعوذ بالله منك هذا
مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا أتانا ربنا عرفناه فيأتيهم الله في الصورة التي
يعرفون فيقول : أنا ربكم فيقولون : أنت ربنا فيتبعونه
ويضرب جسر جهنم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فأكون أول من يجيز ودعاء
الرسل يومئذ اللهم سلم سلم وفيه كلابيب مثل شوك السعدان غير أنه لا يعلم قدر
عظمتها إلا الله فتخطف الناس بأعمالهم منهم الموبق بعمله ومنهم المخردل ثم ينجو
حتى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرجه
ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله أمر الملائكة أن يخرجوهم فيعرفونهم بآثار السجود
فيخرجونهم قد امتحشوا فيصب عليهم ماء يقال له ماء الحياة فينبتون نبات الحبة في
جميل السيل
ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار فيقول : يا رب قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها
فأصرف وجهي عن النار فلا يزال يدعوا الله فيقول لعلي : إن أعطيتك ذلك تسألني غيره
فيقول : لا وعزتك لا أسألك غيره
فيصرف وجهه عن النار ثم يقول بعد ذلك : يا رب قربني إلى باب الجنة فيقول : أليس قد
زعمت لا تسألني غيره ؟ ويلك يا ابن آدم ما أغدرك فلا يزل يدعو فيقول لعلي : إن
أعطيتك ذلك تسألني غيره فيقول : لا وعزتك لا أسألك غيره
فيعطي الله من عهود ومواثيق أن لا يسأله غيره فيقربه إلى باب الجنة فإذا رأى ما
فيها سكت ما شاء الله أن يسكت فيقول : رب أدخلني الجنة
فيقول : أليس قد زعمت أن لا تسألني غيره ويلك يا ابن آدم ما أغدرك
فيقول : رب لا تجعلني أشقى خلقك فلا يزال يدعو حتى يضحك الله عز و جل فإذا ضحك منه
أذن له في الدخول فيها فإذا دخل فيها قيل له : تمن من كذا فيتمنى ثم يقال له : تمن
من كذا فيتمنى حتى تنقطع به الأماني فيقول : هذا لك ومثله معه
قال أبو هريرة : وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولا الجنة
قال : وأبو سعيد الخدري جالس مع أبي هريرة لا يغير عليه شيئا من حديثه حتى انتهى
إلى قوله : هذا لك ومثله معه
قال أبو سعيد : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " هذا لك وعشرة
أمثاله " قال أبو هريرة : حفظت ومثله معه
(8/351)
وأخرج
الدارقطنى في الرؤية عن أبي هريرة قال : " سأل الناس رسول الله صلى الله عليه
و سلم فقالوا يا رسول الله : هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال : هل تضارون في رؤية
القمر ليلة البدر ليس في سحاب ؟ قالوا : لا يا رسول الله قال : فهل تضارون في رؤية
الشمس عند الظهيرة ليست في سحاب ؟ قالوا : لا يا رسول الله
قال : فوالذي نفسي بيده لا تضارون في رؤية ربكم عز و جل كما لا تضارون في رؤيتهما
فيلقى العبد فيقول : يا عبدي ألم أكرمك ؟ ألم أسودك ؟ ألم أزوجك ؟ ألم أسخر لك
الخيل والإبل وأتركك ترأس وتربع ؟ فيقول : بلى يا رب
قال : فاليوم أنساك ما نسيتني ثم يلقى الثاني فيقول : ألم أسودك ؟ ألم أزوجك ؟ ألم
أسخر لك الخيل والإبل ؟ وأتركك ترأس وتربع ؟ فيقول : بلى يا رب
قال : أفننت أنك ملاقي ؟ قال : لايارب
قال : فاليوم أنساك كما نسيتني
قال : ثم يلقى الثالث فيقول : ما أنت ؟ فيقول : أنا عبدك آمنت بك وبنبيك وبكتابك
وصمت وصليت وتصدقت ويثني بخير ما استطاع فيقال له : ألا نبعث عليك شاهدا فيفكر في
نفسه من الذي يشهد علي ؟ قال : فيختم على فيه ويقال لفخذه انطقي فينطق فخذه ولحمه
وعظمه بما كان يعمل ذلك المنافق وذلك بعذر من نفسه وذلك الذي يسخط الله عليه ثم
ينادي مناد : ألا اتبعت كل أمة ما كانت تعبد فيتبع أولياء الشيطان الشيطان واتبعت
اليهود والنصارى أولياءهم إلى جهنم ثم نبقى أيها المؤمنون فيأتينا ربنا عز و جل
وهو ربنا فيقول : علام هؤلاء قيام فيقولون : نحن عباد الله المؤمنون عبدناه وهو
ربنا وهو آتينا ومثيبنا وهذا مقامنا فيقول الله عز و جل : أنا ربكم فامضوا فيوضع
الجسر وعليه كلاليب من نار تخطف الناس فعند ذلك حلت الشفاعة أي اللهم سلم فإذا
جاوز الجسر فمن أنفق زوجا من المال مما يملك في سبيل الله وكل خزنة الجنة يدعوه يا
عبد الله يا مسلم هذا خير فتعال
قال أبو بكر : يا رسول الله إن ذلك العبد لا ترى عليه يدع بابا ويلج من آخر فضرب
النبي صلى الله عليه و سلم منكبيه وقال : والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكون منهم
"
وأخرج الدارقطني في الرؤية عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة جاء الرب عز و جل إلى
المؤمنين فوقف عليهم والمؤمنون على كوم فيقول : هل تعرفون ربكم عز و جل ؟ فيقولون
: إن عرفنا نفسه عرفناه
فيقول لهم الثانية : هل تعرفون ربكم ؟ فيقولون : إن عرفنا نفسه عرفناه
(8/352)
فتجلى
له عز و جل فيضحك في وجوههم فيخرون له سجدا "
وأخرج النسائي والدارقطني وصححه عن أبي هريرة قال : " قلنا يا رسول الله هل
نرى ربنا ؟ قال : هل ترون الشمس في قوم لاغيم فيه وترون القمر في ليلة لا غيم فيها
؟ قلنا : نعم قال : فإنكم سترون ربكم عز و جل حتى إن أحدكم ليحاضر ربه محاضرة
فيقول عبدي : هل تعرف ذنب كذا وكذا ؟ فيقول : ألم تغفر لي ؟ فيقول : بمغفرتي صرت
إلى هذا "
وأخرج الدارقطني عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ترون
الله عز و جل يوم القيامة كما ترون القمر ليلة البدر أو كما ترون الشمس ليس دونها
سحاب "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والدارقطني عن جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم :
" أن الله ليتجلى للناس عامة وتجلى لأبي بكر خاصة "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والدارقطني والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد
الخدري قال : " قلنا يا رسول الله : هل نرى ربنا يوم القيامة ؟ قال : هل
تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس فيه سحاب ؟ قلنا : لا يا رسول الله
قال : هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس فيه سحاب ؟ قالوا : لا يا رسول
الله قال : ما تضارون في رؤيته يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما "
وأخرج عبد بن حميد والدارقطني وابن مردويه عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " يجمع الله الأمم يوم القيامة بصعيد واحد فإذا
أراد الله عزوجل أن يصدع بين خلقه مثل لكل قوم ما كانوا يعبدون فيتبعونهم حتى
يقحموهم النار ثم يأتينا ربنا عز و جل ونحن على مكان رفيع فيقول : من أنتم ؟
فيقولون : نحن المسلمون فيقول : ما تنتظرون ؟ فيقولون : ننتظر ربنا عز و جل
فيقول : وهل تعرفونه إن رأيتموه ؟ فيقولون : نعم فيقول : كيف تعرفونه ولم تروه ؟
فيقولون : نعرفه إنه لا عدل له
فيتجلى لنا ضاحكا ثم يقول : أبشروا يا معشر المسلمين فإنه ليس منكم أحد إلا جعلت
له مكانه في النار يهوديا أو نصرانيا "
وأخرج ابن عساكر عن أبي موسى : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "
إذا كان يوم القيامة مثل لكل قوم ما كانوا يعبدون في الدنيا ويبقى أهل التوحيد
فيقال لهم : ما تنتظرون وقد ذهب الناس ؟ فيقولون : إن لنا لربا كنا نعبده في
الدنيا لم نره
قال : وتعرفونه إذا رأيتموه ؟ فيقولون : نعم فيقال لهم : وكيف تعرفونه ولم تروه ؟
(8/353)
قالوا
: إنه لا شبيه له
قال : فيكشف لهم الحجاب فينظرون إلى الله تبارك وتعالى فيخرون له سجدا ويبقى في
ظهورهم مثل صياصي البقر يريدون السجود فلا يستطيعون فذلك قول الله عز و جل : يوم
يكشف عن ساق ويدعون إلى السجود فلا يستطيعون سورة القلم الآية 42 ويقول الله عز و
جل : عبادي ارفعوا رؤوسكم فقد جعلت بدل وفي لفظ فداء كل رجل منكم رجلا من اليهود
أو النصارى في النار "
وأخرج الدارقطني عن بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما من
أحد إلا ويخلو الله به كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر "
وأخرج الدارقطني عن عبد الله بن عمرو قال : ليخلون الله عز و جل بكم يوم القيامة
واحدا واحدا في المسألة حتى تكونوا في القرب منه أقرب من هذا وأشار إلى شيء قريب
وأخرج الدارقطنى عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم يقال : يوم القيامة أول
يوم نظرت فيه عين إلى الله عز و جل
وأخرج أحمد ومسلم والدارقطني من طريق أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن
الورود فقال : نحن يوم القيامة على كوم فوق الناس فتدعى الأمم بأوثانها وما كانت
تعبد الأول فالأول ثم يأتينا ربنا بعد ذلك فيقول : ما تنتظرون ؟ فيقولون : ننتظر
ربنا
فيقول : أنا ربكم
فيقولون : حتى ننظر إليك فتجلى لهم يضحك فينطلق بهم ويتبعونه ويعطي كل إنسان منهم
نورا
وأخرج الدارقطني عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" يتجلى لنا ربنا عز و جل ينظرون إلى وجهه فيخرون له سجدا فيقول : ارفعوا
رؤوسكم فليس هذا بيوم عبادة "
وأخرج الدارقطنى عن جابر قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : " إن الله
ليتجلى للناس عامة ويتجلى لأبي بكر الصديق خاصة
وأخرج الدارقطني والخطيب عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم اقرأه هذه الآية
وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة قال : والله ما نسختها منذ أنزلها يزورون ربهم
تبارك وتعالى فيطعمون ويسقون ويتطيبون ويحلون ويرفع الحجاب بينه وبينهم فينظرون
إليه وينظر إليهم عز و جل وذلك قوله : عز و جل لهم رزقهم فيها بكرة وعشيا سورة
مريم الآية 62
(8/354)
وأخرج
الدارقطني عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إذا كان يوم
القيامة رأى المؤمنون ربهم عز و جل فاحدثم عهدا بالنظر إليه في كل جمعة ويراه
المؤمنات يوم الفطر ويوم النحر "
وأخرج الدارقطني عن أنس قال : بينما نحن حول رسول صلى الله عليه و سلم إذا قال إذ
قال ؟ : " أتاني جبريل وفي يده كالمرآة البيضاء في وسطها كالنكتة السوداء قلت
يا جبريل : ما هذا ؟ قال : هذا يوم الجمعة يعرض عليك ربك ليكون لك عيدا ولأمتك من
بعدك
قلت يا جبريل : فما هذه النكتة السوداء ؟ قال : هذه الساعة وهي تقوم في يوم الجمعة
وهو سيد أيام الدنيا ونحن ندعوه في الجنة يوم المزيد
قلت يا جبريل : ولم تدعونه يوم المزيد ؟ قال : لأن الله عز و جل اتخذ في الجنة
واديا أفيح من مسك أبيض فإذا كان يوم الجمعة ينزل ربنا على كرسي إلى ذلك الوادي
وقد حف العرش بمنابر من ذهب مكللة بالجوهر وقد حفت تلك المنابر بكراسي من نور ثم
يأذن لأهل الغرفات فيقبلون يخوضون كثائب المسك إلى الركب عليهم أسورة الذهب والفضة
وثياب السندس والحرير حتى ينتهوا إلى ذلك الوادي فإذا اطمأنوا فيه جلوسا نبعث الله
عز و جل عليهم ريحا يقال لها المثيرة فثارت ينابيع المسك الأبيض في وجوههم وثيابهم
وهم يومئذ جرد مكعلون أبناء ثلاث وثلاثين يضرب جمامهم إلى سررهم على صورة آدم يوم
خلقه الله عز و جلز فينادي رب العزة تبارك وتعالى رضوان وهو خازن الجنة فيقول : يا
رضوان ارفع الحجب بيني وبين عبادي وزواري فإذا رفع الحجب بينه وبينهم فرأوا بهاءه
ونوره هبوا له سجودا فيناديهم عز و جل بصوت : ارفعوا رؤوسكم فإنما كانت العبادة في
الدنيا وأنتم اليوم دار الجزاء سلوني ما شئتم فأنا ربكم الذي صدقتكم وعدي وأتممت
عليكم نعمتي فهذا محل كرامتي فسلوني ما شئتم
فيقولون : ربنا وأي خير لم تفعله بنا ألست الذي أعنتنا على سكرات الموت وآنست منا
الوحشة في ظلمات القبور وآمنت روعتنا عند النفخة في الصور ؟ ألست أقلتنا عثراتنا
وسترت علينا القبيح من فعلنا وثبت على جسر جهنم أقدامنا ؟ ألست الذي ادنيتنا في
جوارك وأسمعتنا من لذادة منطقك وتجليت لنا بنورك ؟ فاي خير لم تفعله بنا ؟ فيعود
عز و جل فيناديهم بصوته فيقول : أنا ربكم الذي صدقتكم وعدي وأتممت عليكمن نعمتي
فسلوني فيقولون : نسألك رضاك
فيقول : رضاي عنكم أقلتكم عثراتكم وسترت
(8/355)
عليكم
القبيح من أموركم وأدنيت مني جواركم وأسمعتكم لذاذة منطقي وتجليت لكم بنوري فهذا
محل كرامتي فسلوني
فيسألونه حتى تنتهي مسألتهم ثم يقول عز و جل : سلوني فيسألونه حتى تنتهي رغبتهم
ثم يقول عز و جل : سلوني فيقولون : رضينا ربنا وسلمنا فيزيدههم من مزيد فضلة
وكرامته ويزيد زهرة الجنة مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطرت على قلب بشر ويكون
كذلك حتى مقدار متفرقهم من الجمعة
قال أنس : فقلت : بأبي وأمي يا رسول الله وما مقدارتفرقهم ؟ قال : كقدر الجمعة إلى
الجمعة
قال : يحمل عرش ربنا العليون معهم الملائكة والنبيون ثم يؤذن لأهل الغرفات فيعودون
إلى غرفهم وهم غرفتان زمردتان خضروان وليسوا إلى شيء أشوق منهم إلى ويوم الجمعة
لينظروا إلى ربهم وليزيدهم من مزيد فضله وكرامته "
قال أنس : سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم وليس بيني وبينه أحد
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند والحاكم عن لقيط بن عامر أنه خرج وافدا
إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ومعه صاحب له يقال له نهيك بن عاصم قال : فخرجت
أنا وصاحبي حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه و سلم حين انصرف من صلاة الغداة
فقام في الناس خطيبا فقال : يا أيها الناس ألا إني قد خبأت لكم صوتي منذ أربعة
أيام لأسمعكم ألا فهل من امرئ بعثه قومه ؟ فقالوا اعلم لنا ما يقول رسول الله
الأتم لعله أن يلهيه حديث نفسه أو حديث صاحبه أو يلهيه الضلال ألا إني مسؤول هل
بلغت أل اسمعوا تعيشوا ألا اجلسوا ألا اجلسو
قال : فجلس الناس وقمت أنا وصاحبي حتى إذا فرغ لنا فؤاده وبصره قلنا يا رسول الله
ما عندك من علم الغيب ؟ فضحك لعمر الله وهز رأسه وعلم أني الفتى فقال : ضن ربك عز
و جل بمفاتيح خمس من الغيب لا يعلمها إلا الله وأشار بيده
قلت وما هن ؟ قال : علم المنية قد علم متى منية أحدكم ولا تعلمونه
وعلم ما في الغد ما أنت طاعم غذا ولا تعلمه وعلم يوم الغيم يشرف عليكم إذا قنطتم
مشفقين فيظل يضحك قد علم أن ؟ غيركم إلى قريب
قال لقيط : قلت لن نعدم من رب يضحك خيرا وعلم يوم الساعة
قلت يا رسول الله : علمنا ما يعلم الناس وما يعلم صاحبي فإنا في قبيل لا يصدقون
تصديقنا من أحد مذحج التي قربوا علينا خثعم التي توالينا وعشيرتنا التي نحن منها
قال : تلبثون ما لبثتم ثم يتوفى نبيكم ثم تلبثون ما لبثتم ثم تبعث
(8/356)
الصائحة
لعمر إلهك ما تدع على ظهرها من شيء إلا مات والملائكة الذين مع ربك عز و جل فأصبح
ربك عز و جل يطوف في البلاد وقد خلت عليه البلاد فأرسل ربك السماء بمهضب من عند
العرش ولعمر إلهك ما تدع على ظهرها من مصدع قتيل ولا مدفن ميت إلا شقت الأرض عنه
حتى تجعله من عند رأسه فيستوي جالسا يقول ربك مهيم لما كان فيه
يقول يا رب أمس اليوم ولعهده بالحياة يحسبه حديثا بأهله فقلت يا رسول الله : كيف
يجمعنا بعد ما تمزقنا الرياح والبلى والسباع ؟ قال : أنبئك بمثل ذلك من آلاء الأرض
أشرفت عليها وهي مذرة بالية فقلت : لا تحيا أبدا ثم أرسل ربك عليها السماء فلم
تلبث عنك إلا أياما حتى أشرفت عليها وهي سرية واحدة ولعمر إلهك لهو أقدر على أن
يجمعهم من الماء وعلى أن يجمعهم من نبات الأرض فيخرجون من الأصواء أو من مصارعهم
فينظرون إليه وينظر إليهم قلت يا رسول الله : وكيف ونحن ملء الأرض وهو شخص واحد
ينظر إلينا وننظر إليه ؟ قال : أنبئك بمثل ذلك من آلاء الله الشمس والقمر آية منه
صغيرة ترونهما ويريانكم ساعة واحدة وتريانهما لا تضارون في رؤيتهما ولعمر إلهك لهو
أقدر على أن يراكم وترونه أو ترونهما ويريانكم لا تضارون في رؤيتهما
قلت يا رسول الله : فما يفعل بنا ربنا إذا لقيناه ؟ قال : تعرضون عليه بادية له
صفحاتكم لا تخفى عليه منكم خافية فيأخذ ربك بيده غرفة من ماء فينضح قبلكم بها
فلعمر إلهك ما يخطئ وجه أحد منه قطرة فأما المسلم فتدع وجهه مثل الربطة البيضاء
وأما الكافر فتخطمه بمثل الحميم الأسود
ألا ثم ينصرف نبيكم صلى الله عليه و سلم ويصرف على أثره الصالحون فيسلكون جسرا من
النار فيظل أحدكم يقول : حس يقول ربك : أو أنه فتطلعون على حوض الرسول على أظمأ
والله ناهلة قط رأيتها ولعمر إلهك ما يبسط واحد منكم يده إلا وقع عليها قرح بطهره
من ؟ الطرف والبول والأذى ويحبس الشمس والقمر ولا ترون منهما واحدا
قلت يا رسول الله : فيم نبصر ؟ قال : بمثل بصرك ساعتك هذه وذلك قبل طلوع الشمس في
يوم أشرقت الأرض
قلت يا رسول الله : فما يجزي من حسناتنا وسيئاتنا ؟ قال الحسنة بعشر أمثالها
والسيئة بمثلها إلا أن يعفوا ربك قلت يا رسول الله : ما الجنة وما النار ؟ قال :
لعمر إلهك أما للنار فسبعة أبواب ما منهن باب إلا يسير الراكب فيها سبعين عاما
قلت يا رسول الله : فعلام نطلع من الجنة ؟ قال : على أنهار من عسل مصفى وأنهار من
كأس ما بها من
(8/357)
صداع
ولا ندامة وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وماء غير آسن وفاكهة لعمر إلهك ما تعلمون
وخير من مثله معه وأزواج مطهرة
قلت يا رسول الله : ولنا فيها أزواج ؟ قال : الصالحات للصالحين تلذونهم بمثل
لذاتكم في الدنيا ويتلذذ بكم غير أن لا توالد
قال لقيط : فقلت أقصى ما نحن بالغون ومنتهون إليه ؟ قلت يا رسول الله : علام
أبايعك ؟ فبسط النبي صلى الله عليه و سلم يده وقال : على إقام الصلاة وإيتاء
الزكاة وزيال الشرك وأن لا تشرك بالله شيئا غيره
قلت : وإن لنا ما بين المشرق والمغرب
فقبض النبي صلى الله عليه و سلم يده وبسط أصابعه وظن أني مشترط شيئا لا يعطينه
قلت : نحل منها حيث شئنا ولا يجني على أمرئ إلا نفسه
فبسط يده وقال : ذلك لك تحلة حيث شئت ولا يجني عليك إلا نفسك : قال : فانصرفنا
وقال لنا : إن هذين لعمر إلهك من أتقى الناس في الدنيا والآخرة
فقال له كعب : من هم يا رسول الله ؟ قال : بنو المنتقف أهل ذلك
فانصرفنا وأقبلت عليه فقلت يا رسول الله : هل لأحد فيما مضى من خير في جاهليتهم ؟
قال : قال رجل من عرض قريش : والله إن أباك المنتقف لفي النار
قال : فلكأنه وقع من بين جلدي ووجهي مما قال لأبي على رؤوس الناس فهممت أن أقول
أبوك يا رسول الله
ثم قلت يا رسول الله : وأهلك ؟ قال : وأهلي لعمر الله ما أتيت عليه من قبر عامري
أو قرشي مشرك فقل أرسلني إليك محمد فأبشرك بما يسوءك تجر على وجهك وبطنك في النار
قلت يا رسول الله : ما فعل بهم ذلك وقد كانوا على عمل لا يحسنون إلا إياه وقد
كانوا يحسبون أنهم مصلحون ؟ قال : ذلك بما قال : بأن الله بعث في آخر كل سبع أمم
نبيا فمن عصى نبيه كان من الضالين ومن أطاع نبيه كان من المهتدين "
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود وابن ماجة عن أبي رزين قال : " قلت يا رسول الله
: أكلنا يرى ربه يوم القيامة مخليا به ؟ قال : نعم
قلت : وما آية ذلك قال : أليس كلكم يرى القمر ليلة البدر مخليا به ؟ قلت : بلى
قال : فالله أعظم "
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال : أول من ينظر إلى الله تبارك وتعالى
الأعمى
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن موسى بن صالح بن الصباح رضي الله عنه قال : إذا
كان يوم القيامة يؤتى بأهل ولاية الله فيقومون بين يديه ثلاثة أصناف فيؤتى برجل من
الصنف الأول فيقول : عبدي لماذا عملت ؟ فيقول : يا رب خلقت
(8/358)
الجنة
وأشجارها وثمارها وأنهارها وحورها ونعيمها وما أعددت لأهل طاعتك فيها فأسهرت ليلى
وأظمأت نهاري شوقا إليها
فيقول : عبدي إنما عملت للجنة فأدخلها ومن فضلي عليك أن أعتقك من النار فيدخلها هو
ومن معه
ثم يؤتى بالصنف الثاني فيقول : عبدي لما عملت ؟ فيقول : يا رب خلقت نارا وخلقت
أغلاها وسعيرها وسمومها ويحمومها وما أعددت لأعدائك ولأهل معصيتك فيها فأسهرت ليلي
وأظمأت نهاري خوفا منها
فيقول : عبدي إنما عملت خوفا من النار فإني أعتقتك من النار ومن فضلي عليك أدخلتك
جنتي فيدخل هو ومن معه الجنة ثم يؤتى برجل من الصنف الثالث فيقول : عبدي لماذا
عملت ؟ فيقول : ربي حبا لك وشوقا إليك وعزتك لقد أسهرت ليلي وأظمأت نهاري شوقا
إليك وحبا لك فيقول الله : عبدي إنما عملت شوقا إلي وحبا لي فيتجلى له الرب فيقول
: ها أنا ذا انظر إلي
ثم يقول : فضلي عليك أن أعتقك من النار وأبيحك جنتي وأزيرك ملائكتي وأسلم عليك
بنفسي فيدخل هو ومن معه الجنة
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والبيهقي في الأعمال والصفات عن عمار بن ياسر رضي
الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يدعو بهؤلاء الدعوات : "
اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيرا لي وتوفني إذا كانت
الوفاة خيرا لي اللهم أسألك خشيتك في الغيب والشهادة وأسألك كلمة الحكم في الغضب
والرضا وأسألك القصد في الفقر والغنى وأسألك نعيما لا يبيد وقرة عين لا تنقطع
وأسألك الرضا بعد القضاء وأسألك برد العيش بعد الموت وأسألك لذة النظر إلى وجهك
والشوق إلى لقائك في غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة
اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين "
وأخرج البيهقي عن زيد ثابت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم علمه دعاء وأمره أن
يتعاهده ويتعاهد به أهل كل يوم قال : حين تصبح لبيك الله لبيك لبيك وسعديك والخير
في يديك ومنك وبك وإليك الله ما قلت من قول أو حلفت من حلف أو نذرت من نذر فمشيئتك
بين يدي ذلك ما شئت كان وما لم تشأ لم يكن لا حول ولا قوة إلا بك إنك على كل شيء
قدير اللهم ما صليت من صلاة فعلى من صليت وما لعنت من لعن فعلى من لعنت
أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين
أسألك اللهم الرضا بعد القضاء وبرد العيش بعد
(8/359)
الموت
ولذة النظر إلى وجهك وشوقا إلى لقائك من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة
أعوذ بك أن أظلم أو أظلم أو أعتدي أو يعتدى علي أو أكسب خطيئة أو ذنبا لا تغفره
اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة ذا الجلال والإكرام فإني أعهد إليك
في هذه الحياة الدنيا وأشهدك وكفى بك شهيدا أني أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا
شريك لك لك الملك ولك الحمد وأنت على كل شيء قدير
وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك وأشهد أن وعدك حق ولقاءك حق والساعة آتية لا ريب فيها
وأنت تبعث من في القبور وأشهد أنك أن تكلني إلى نفسي تكلني إلى وهن وعورة وذنب
وخطيئة وإني لا أثق إلا برحمتك فاغفر لي ذنبي كله إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت وتب
علي إنك أنت التواب الرحيم "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله : وجوه يومئذ
ناضرة قال : حسنة إلى ربها ناظرة قال : تنتظر الثواب من ربها
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : إلى ربها ناظرة قال : تنتظر منه
الثواب
أخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله : ووجوه يومئذ باسرة قال : كالحة قاطبة
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت عبيد بن الأزرق وهو يقول : صبحنا تميما غداة النسا رشهباء ملمومة باسرة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه :
ووجوه يومئذ باسرة قال : كالحة تظن أن يفعل بها فاقرة قال : أن يفعل بها شر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه ووجوه يومئذ باسرة
قال : كاشرة تظن أن يفعل بها فاقرة قال : داهية
الآية 26 - 40
(8/360)
أخرج
ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : إذا بلغت التراقي قال : الحلقوم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه وقيل من راق قال :
من طبيب شاف
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي قلابة رضي الله عنه وقيل من راق
قال : التمسوا الأطباء فلم يغنوا عنه من قضاء الله شيئا وظن أنه الفراق قال :
استيقن أنه القراق والتفت الساق بالساق قال : ماتت ساقاه فلم تحملاه وكان عليهما
جوالا
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه وقيل من راق
قال : هو الطبيب
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما وقيل من راق قال : من راق يرقي
وأخرج ابن جرير عن عكرمة مثله
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله : وقيل من راق قيل : تنتزع نفسه حتى إذا كانت في
تراقيه قيل من يرقى بروحه ؟ ملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب والتفت الساق بالساق
قال : التفت عليه الدنيا والآخرة
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن أبي العالية في قوله : وقيل من راق قال :
يختصم فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب أيهم يرقى به ؟
وأخرج ابن جرير عن أبي الجوزاء رضي الله عنه في قوله : وقيل من راق قال : قالت
الملائكة بعضهم لبعض من يصعد به أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب ؟
(8/361)
وأخرج
سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه
كان يقرأ : " وأيقن أنه الفراق "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما والتفت
الساق بالساق يقول : آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة فتلقى الشدة
بالشدة إلا من رحم الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد والتفت الساق بالساق قال : التف أمر الدنيا
بأمر الآخرة عند الموت
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن والتفت الساق بالساق قال : لفت ساق الآخرة بساق الدنيا
وذكر قول الشاعر : وقامت الحرب بنا على ساق وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة والربيع
وعطية والضحاك مثله
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه والتفت الساق بالساق قال : بلاء ببلاء
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه والتفت الساق بالساق قال : اجتمع فيه
الحياة والموت
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك رضي الله عنه والتفت الساق بالساق قال : تلف ساقاه
عند الموت للنزع
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والتفت الساق بالساق قال : التفت ساقاه عند الموت
وأخرج ابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه والتفت الساق بالساق قال : أما رأيت إذا
حضر ضرب برجله رجله الأخرى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه والتفت الساق بالساق قال :
الناس مجهزون بدنه والملائكة مجهزون روحه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أنه سئل عن قوله : والتفت
الساق بالساق قال : هما ساقاه إذا التفتا في الأكفان
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : إلى ربك يومئذ المساق قال :
في الآخرة
(8/362)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : فلا صدق قال
: بكتاب الله ولا صلى ولكن كذب بكتاب الله وتولى عن طاعة الله ثم ذهب إلى أهل
يتمطى قال : يتبختر وهو أبو جهل بن هشام كانت مشيته
ذكر لنا أن نبي الله أخذ بمجامع ثوبه فقال : أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى وعيدا
على وعيد فقال : ما تستطيع أنت ولا ربك لي شيئا وإني لأعز من مشى بين جبليها وذكر
لنا أن نبي الله كان يقول : " إن لكل أمة فرعونا وإن فرعون هذه الأمة أبو جهل
"
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : ثم ذهب إلى أهله
يتمطى قال : يتبختر وهو أبو جهل
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : يتمطى قال : يختال
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر والطبراني
والحاكم وصححه وابن مردويه عن سعيد بن جبير قال : سألت ابن عباس عن قول الله :
أولى لك فأولى أشيء قاله رسول الله صلى الله عليه و سلم لأبي جهل من قبل نفسه أم
أمره الله به ؟ قال : بلى قاله من قبل نفسه ثم أنزله الله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
أن يترك سدى قال : هملا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : أن يترك سدى قال : باطلا لا
يؤمر ولا ينهى
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : أن يترك سدى قال : أن يهمل وفي
قوله : أليس ذلك بقادر على أني يحيي الموتى قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله
عليه و سلم كان يقول إذا قرأها : " سبحانه وبلى "
وأخرج عبد بن حميد وابن الأنباري في المصاحف عن صالح أبي الخليل قال : كان النبي
صلى الله عليه و سلم إذا قرأ هذه الآية أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى قال :
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " سبحان ربي وبلى "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا قرأ أليس
ذلك بقادر على أن يحيي الموتى قال : " سبحانك اللهم وبلى "
وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي أمامة قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه و
سلم
(8/363)
بعد
حجته فكان يكثر من قراءة لا أقسم بيوم القيامة فإذا قال أليس ذلك بقادر على أن
يحيي الموتى سمعته يقول : " بلى وأنا على ذلك من الشاهدين "
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود والبيهقي في سننه عن موسى بن أبي عائشة قال : كان رجل
يصلي فوق بيته فكان إذا قرأ أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى قال : سبحانك فبلى
فسألوه عن ذلك فقال : سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في
سننه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من قرأ منكم
والتين والزيتون فانتهى إلى آخرها أليس الله بأحكم الحاكمين فليقل : بلى وأنا على
ذلك من الشاهدين
ومن قرأ لا أقسم بيوم القيامة فانتهى إلى أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى فليقل
: بلى ومن قرأ والمرسلات فبلغ فبأي حديث بعده يؤمنون فليقل : آمنا بالله "
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إذا قرأت لا أقسم بيوم القيامة فبلغت أليس ذلك بقادر على أن
يحيي الموتى فقل : بلى "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر عن ابن عباس قال : إذا قرأت سبح اسم ربك الأعلى
فقل : سبحان ربي الأعلى وإذا قرأت أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى فقل : سبحانك
وبلى
(8/364)
بسم
الله الرحمن الرحيم
76
- سورة الإنسان
مدنية وآياتها إحدى وثلاثون
الآية 1 - 7 أخرج النحاس عن ابن عباس قال : نزلت سورة الإنسان بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير قال : أنزلت بمكة سورة هل أتى على الإنسان
وأخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت سورة الإنسان
بالمدينة
وأخرج الطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عمر قال : " جاء رجل من الحبشة
إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : سل
واستفهم فقال : يا رسول الله فضلتم علينا بالألوان والصور والنبوة أفرأيت إن آمنت
به وعملت بمثل ما عملت به إني لكائن معك في الجنة ؟ قال : نعم والذي نفسي بيده إنه
ليرى بياض الأسود في الجنة من مسيرة ألف عام ثم قال : من قال لا إله إلا الله كان
له عهد عند الله ومن قال : سبحان الله وبحمده كتبت له مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون
ألف حسنة ونزلت عليه هذه السورة هل أتى على الإنسان حين من الدهر إلى قوله : ملكا
كبيرا فقال الحبشي : وإن عيني لترى ما ترى عيناك في الجنة ؟ قال : نعم فاشتكى حتى
فاضت نفسه
قال ابن عمر : فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يدليه في حفرته بيده
"
(8/365)
وأخرج
أحمد في الزهد عن محمد بن مطرف قال : حدثني الثقة أن رجلا أسود كان يسأل النبي صلى
الله عليه و سلم عن التسبيح والتهليل فقال له عمر بن الخطاب : مه أكثرت على رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقال : مه يا عمر وأنزلت على رسول الله صلى الله عليه و
سلم هل أتى على الإنسان حين من الدهر حتى إذا أتى على ذكر الجنة زفر الأسود زفرة خرجت
نفسه فقال النبي صلى الله عليه و سلم : مات شوقا إلى الجنة
وأخرج ابن وهب عن ابن زيد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ هذه السورة هل أتى
على الإنسان حين من الدهر وقد أنزلت عليه وعنده رجل أسود فلما بلغ صفة الجنان زفر
زفرة فخرجت نفسه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أخرج نفس صاحبكم
الشوق إلى الجنة "
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي ذر قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم هل أتى على
الإنسان حين من الدهر حتى ختمها ثم قال : " إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا
تسمعون أطت السماء وحق له أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا ملك واضع جبهته
ساجدا لله والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا وما تلذذتم بالنساء
على الفرش لخرجتم إلى الصعدات تجارون "
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : هل أتى على الإنسان حين من
الدهر قال : الإنسان أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا قال : إنما خلق
الإنسان ههنا حديثا ما يعلم من خليقة الله خليقة كانت بعد إلا هذا الإنسان
وأخرج ابن المبارك وأبو عبيد في فضائله وعبد بن حميد وابن المنذر عن عمر بن الخطاب
أنه سمع رجلا يقرأ هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا فقال عمر :
ليتها تمت
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن مسعود أنه سمع رجلا يتلو هذه
الآية هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا فقال ابن مسعود : يا
ليتها تمت فعوتب في قوله : هذا فأخذ عودا من الأرض فقال : يا ليتني كنت مثل هذا
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة في قوله : هل أتى على الإنسان حين من الدهر
قال : إن آدم آخر ما خلق من الخلق
(8/366)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : هل أتى على الإنسان قال : كل إنسان
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : إن من الحين حينا لا يدرك
قال الله : هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا والله ما يدري كم
أتى عليه حتى خلقه الله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عمر بن الخطاب أنه تلا هذه الآية هل أتى على
الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا قال : أي وعزتك يا رب فجعلته سميعا بصيرا
وحيا وميتا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عبد الله بن مسعود قال : إذا جئناكم بحديث
أتيناكم بتصديقه من كتاب الله إن النطفة تكون في الرحم أربعين ثم تكون مضغة أربعين
فإذا أراد الله أن يخلق الخلق نزل الملك فيقول له اكتب فيقول ماذا أكتب ؟ فيقول :
اكتب شقيا أو سعيدا ذكرا أو أنثى وما رزقه وأثره وأجله فيوحي الله بما يشاء ويكتب
الملك ثم قرأ عبد الله إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه ثم قال عبد الله :
أمشاجها عروقها
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله : أمشاج قال : العروق
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : من نطفة أمشاج قال : من
ماء الرجل وماء المرأة حين يختلطان
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله : من نطفة أمشاج قال : هو نزول الرجل
والمرأة يمشج بعضه ببعض
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : من نطفة
أمشاج قال : اختلاط ماء الرجل وماء المرأة إذا وقع في الرحم
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت أبا ذؤيب وهو يقول : كأن الريش والفوقين منه خلال النصل خالطه مشيج وأخرج
عبد بن حميد عن الحسن قال مشج ماء الرجل بماء المرأة فصار خلقا
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع قال : إذا اجتمع ماء الرجل وماء المرأة فهو أمشاج
(8/367)
وأخرج
عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة قال : الأمشاج إذا اختلط الماء والدم ثم كان علقة
ثم كان مضغة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن في الآية قال : خلق من نطفة مشجت بدم وذلك
الدم الحيض إذا حملت ارتفع الحيض
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : من نطفة أمشاج قال : مختلفة
الألوان
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد من نطفة أمشاج قال : ألوان نطفة الرجل
بيضاء وحمراء ونطفة المرأة خضراء وحمراء
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الأمشاج الذي يخرج على أثر البول كقطع
الأوتار ومنه يكون الولد
وأخرج ابن المنذر عن زيد بن أسلم قال : الأمشاج العروق التي في النطفة
وأخرج الفريابي عن ابن عباس في قوله : من نطفة أمشاج قال : ألوان الخلق
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه
قال : طورا نطفة وطورا علقة وطورا مضغة وطورا عظما ثم كسونا العظام لحما وذلك أشد
ما يكون إلى كسي اللحم ثم أنشأناه خلقا آخر قال : أنبت له الشعر فتبارك الله أحسن
الخالقين فأنباه الله مم خلقه وأنباه إنما بين ذلك ليبتليه بذلك ليعلم كيف شكره
ومعرفته لحقه فبين الله له ما أحل له وما حرم عليه ثم قال : إنا هديناه السبيل إما
شاكرا لنعم الله وإما كفورا بها
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : الأمشاج منه العظام والعصب والعروق من الرجل
واللحم والدم والشعر من المرأة
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن عكرمة في قوله : أمشاج قال : الظفر والعظم والعصب من
الرجل واللحم والشعر من المرأة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة إنا هديناه السبيل قال : السبيل الهدى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد إنا هديناه السبيل قال :
الشقاوة والسعادة
(8/368)
وأخرج
ابن المنذر عن عطية العوفي إنا هديناه السبيل قال : الخير والشر
وأخرج أحمد وابن المنذر عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " كل مولد يولد على الفطرة حتى يعبر عنه لسانه فإذا عبر عنه لسانه إما
شاكرا وإما كفورا والله تعالى أعلم "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد إن الأبرار يشربون من كأس كان
مزاجها كافورا قال : تمزج به عينا يشرب بها عباد الله يفجرونها تفجيرا قال :
يقودونها حيث يشاؤوا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها
كافورا قال : قوم يمزج لهم بالكافور ويختم لهم بالمسك عينا يشرب بها عباد الله
يفجرونا تفجيرا قال : يستفيد ماؤهم يفجرونها حيث شاؤوا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة كان مزاجها قال طعمها : يفجرونها تفجيرا
قال : الأنهار يجرونها حيث شاؤوا
وأخرج عبد بن حميد عن ابن إسحق قال في قراءة عبد الله : " كأسا صفرا كان
مزاجها "
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن ابن شوذب في قوله : يفجرونها تفجيرا قال
: معهم قضبان ذهب يفجرون بها تتبع قضبانهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة يوفون بالنذر قال
: كانوا يوفون بطاعة الله من الصلاة والزكاة والحج والعمرة وما افترض عليهم فسماهم
الله الأبرار لذلك فقال : يوفون بالنذر ويخافون يوما كان شره مستطيرا قال :
استطاروا لله شر ذلك اليوم حتى ملأ السموات والأرض
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد يوفون بالنذر قال : إذا نذروا في حق الله
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة يوفون بالنذر قال : كل نذر في شكر
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والطبراني عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي فقال :
إني نذرت أن أنحر نفسي فشغل النبي صلى الله عليه و سلم فذهب الرجل فوجد يريد أن
ينحر نفسه فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " الحمد لله الذي جعل في
(8/369)
أمتي
من وفي بالنذر ويخاف يوما كان شره مستطيرا أهد مائة ناقة "
وأخرج ابن عساكر عن مجاهد قال : لما صدر النبي صلى الله عليه و سلم بالأسارى عن
بدر أنفق سبعة من المهاجرين على أسارى مشركي بدر منهم أبو بكر وعمر وعلي والزبير
وعبد الرحمن وسعد وأبو عبيدة بن الجراح فقالت الأنصار : قتلناهم في الله وفي رسوله
وتوفونهم بالنفقة فأنزل الله فيهم تسع عشرة آية إن الأبرار يشربون من كأس كان
مزاجها كافورا إلى قوله : عينا فيها تسمى سلسبيلا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : كان شره مستطيرا قال :
فاشيا
الآية 8 - 23 أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب
الإيمان عن مجاهد في قوله : ويطعمون الطعام على حبه قال : وهم يشتهونه وأسيرا قال
: هو المسجون إنما نطعمكم لوجه الله الآية قال : لم يقل القوم ذلك حين أطعموهم
ولكن علم الله من قلوبهم فأثنى عليه به ليرغب فيه راغب
(8/370)
وأخرج
سعيد بن المنصور وابن أبي شيبة وابن مردويه عن الحسن قال : كان الأسارى مشركين يوم
نزلت هذه الآية ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في الآية قال : لقد أمر الله بالأسارى أن يحسن إليهم
وأنهم يومئذ لمشركون فوالله لأخوك المسلم أعظم عليك حرمة وحقا
وأخرج أبو عبيد في غريب الحديث والبيهقي في شعب الإيمان في قوله : وأسيرا قال : لم
يكن الأسير على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا من المشركين
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال : لم يكن النبي صلى الله عليه و سلم
يأسر أهل الإسلام ولكنها نزلت في أسارى أهل الشرك كانوا يأسرونهم في الفداء فنزلت
فيهم فكان النبي صلى الله عليه و سلم يأمر بالإصلاح لهم
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : وأسيرا قال : هو المشرك
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله : وأسيرا قال : ما أسرت العرب من الهند وغيرهم
فإذا حبسوا فعليكم أن تطعموهم وتسقوهم حتى يقتلوا أو يفدوا
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي رزين قال : كنت مع شقيق بن سلمة فمر عليه أسارى من
المشركين فأمرني أن أتصدق عليهم ثم تلا هذه الآية ويطعمون الطعام على حبه مسكينا
ويتيما وأسيرا
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير وعطاء ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما
وأسيرا قالا : من أهل القبلة وغيرهم
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله
الله : مسكينا قال : فقيرا ويتيما قال : لا أب له وأسيرا قال : المملوك والمسجون
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : ويطعمون الطعام على حبه الآية قال : نزلت
هذه الآية في علي بن أبي طالب وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن سعد عن أم الأسود سرية الربيع بن خيثم قالت : كان الربيع يعجبه السكر
يأكله فإذا جاء السائل ناوله فقلت : ما يصنع بالسكر الخبز له خير قال : إني سمعت
الله يقول : ويطعمون الطعام على حبه
(8/371)
أخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : يوما عبوسا قال : ضيقا قمطريرا
قال : طويلا
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله : يوما
عبوسا قمطريرا قال : يقبض ما بين الأبصار
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من طرق ابن عباس قال : القمطرير الرجل
المنقبض ما بين عينيه ووجهه
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : يوما عبوسا
قمطريرا قال : الذي ينقبض وجهه من شدة الوجع
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول الشاعر وهو يقول : ولا يوم
الحسار وكان يوما عبوسا في الشدائد قمطريرا قال : أخبرني عن قوله : ولا زمهريرا
قال : كذلك أهل الجنة لا يصيبهم حر الشمس فيؤذيهم ولا البرد
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت الأعشى وهو يقول : برهوهة الخلق
مثل العتيق لم تر شمسا ولا زمهريرا وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة يوما
عبوسا قمطريرا قال : يوما تقبض فيه الحياة من شدته
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد يوما قال : يوم القيامة عبوسا قال : العابس الشفتين
قمطريرا قال : تقبض الوجوه بالسوء وفي لفظ انقباض ما بين عينيه ووجهه
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ولقاهم نضرة وسرورا قال : نضرة في وجوههم وسرورا في
صدورهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن ولقاهم نضرة قال : في الوجوه وسرورا قال :
في الصدور والقلوب
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ولقاهم نضرة وسرورا قال : نضرة في وجوههم وسرورا في
قلوبهم وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا قال : الصبر صبران صبر على طاعة الله وصبرعن
معصية الله متكئين فيها على الأرائك قال : كنا نحدث أنها الحجال على السرر لا يرون
فيها شمسا ولا زمهريرا قال : علم الله
(8/372)
تبارك
وتعالى أن شدة الحر تؤذي وأن شدة البرد تؤذي فوقاهم الله عذابهما جميعا
قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم حدث أن جهنم أشتكت إلى ربها
فنفسها في كل عام نفسين فشدة الحر من حرها وشدة البرد من زمهريرها
وأخرج عبد الرزاق وابن مردويه عن الزهري في قوله : لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا
قال : حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
اشتكت النار إلى ربها فقالت : يا رب أكل بعضي بعضا فنفسني فجعل لها في كل عام
نفسين نفسا في الشتاء ونفسا في الصيف
فشدة البرد الذي تجدون من زمهرير جهنم وشدة الحر الذي تجدون من حر جهنم "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي وابن مردويه من طرق عن أبي هريرة قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اشتكت النار إلى ربها فقالت : رب
أكل بعضي بعضا فجعل لها نفسين نفسا في الشتاء ونفسا في الصيف فشدة ما تجدونه من
البرد من زمهريرها وشدة ما تجدونه في الصيف من الحر من سمومها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : ولا زمهريرا قال : بردا مقطعا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال : الزمهرير هو البرد الشديد
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : الزمهرير إنما هو لون من
العذاب إن الله تعالى قال : لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن أبي سعيد الخدري أو أبي هريرة عن رسول الله
صلى الله عليه و سلم أنه قال : " إذا كان يوم حار ألقى الله سمعه وبصره إلى
أهل السماء وأهل الأرض فإذا قال العبد لا إله إلا الله ما أشد حر هذا اليوم !
اللهم أجرني من حر جهنم قال الله عز و جل لجهنم إن عبدا من عبيدي استجار بي منك
وإني أشهدك أني قد أجرته وإذا كان يوم شديد البرد ألقى الله سمعه وبصره إلى أهل
السماء وأهل الأرض فإذا قال العبد : لا إله إلا الله ما أشد برد هذا اليوم اللهم
أجرني من زمهرير جهنم قال الله لجهنم : إن عبدا من عبيدي استجارني من زمهريرك وإني
أشهدك أني قد أجرته
فقالوا وما زمهرير جهنم ؟ قال كعب : بيت يلقى فيه الكافر فيتميز من شدة بردها بعضه
من بعض "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : الجنة سجسج لا قر فيها ولا حر
(8/373)
أخرج
الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وهناد بن السرى وعبد بن حميد وعبد الله بن
أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن المنذروابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن
مردويه والبيهقي في البعث عن البراء بن عازب في وقوله : ودانية عليهم ظلالها قال :
قريبة وذللت قطوفها تذليلا قال : إن أهل الجنة يأكلون من ثمار الجنة قياما وقعودا
ومضطجعين وعلى أي حال شاؤوا وفي لفظ قال : ذللت له فيتناولون منها كيف شاؤوا
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة وذللت قوفها تذليلا قال : إن قعدوا نالوها
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك وذللت قطوفها تذليلا قال : أدنيت منهم يتناولونها وهم
متكئون
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وذللت قطوفها تذليلا قال : أدنيت منهم يتناولونها إن
قام ارتفعت بقدره وإن قعد تدلت حتى ينالها وإن اضطجع تدلت حتى ينالها فذلك تذليلها
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود قال : يقول غلمان أهل الجنة من أين نقطف
لك ؟ من أين نسقيك ؟
وأخرج ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد قال : أرض الجنة
ورق وترابها مسك وأصول شجرها ذهب وورق وأفنانها اللؤلؤ والزبرجد والورق والثمار
بين ذلك فمن أكل قائما لم يؤذه ومن أكل مضطجعا لم يؤذه ومن أكل جالسا لم يؤذه
وذللت قطوفها تذليلا وفي لفظ إن قام ارتفعت بقدره وإن قعد تدلت حتى ينالها وإن
اضطجع تدلت حتى ينالها فذلك تذليلها
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ويطاف عليهم بآنية من فضة الآية قال : صفاء القوارير
في بياض الفضة قدروها تقديرا قال : قدرت على قدر رأي القوم
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي أنه كان يقرأ قدرها برفع القاف
وأخرج عن الحسن أنه قرأها بنصب القاف
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث من طريق العوفي عن ابن عباس قال :
(8/374)
آنية
من فضة وصفاؤها كصفاء القوارير قدروها تقديرا قال : قدرت للكف
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور والبيهقي في البعث من طريق عكرمة عن ابن عباس قال
: لو أخذت فضة من فضة الدنيا فضربتها حتى جعلتها مثل جناح الذباب لم ير الماء عن
ورائها ولكن قوارير الجنة بياض الفضة في صفاء القوارير
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ليس في الجنة شيء إلا قد أعطيتم في الدنيا
شبهه إلا قوارير فضة
وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال : لو اجتمع أهل الدنيا على أن يعملوا إناء من فضة
يرى ما فيه من خلفه كما يرى في القوارير ما قدروا عليه
وأخرج الفريابي من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله : قدروها تقديرا قال : أتوا بها
على قدرهم لا يفضلون شيئا ولا يشتهون بعدها شيئا
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد عن مجاهد قال : الآنية الأقداح والأكواب
الكوكبات وتقديرها أنها ليست بالملأى التي تفيض ولا ناقصة بقدر
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس قدروها تقديرا قال : قدرتها السقاة
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي في قوله : قوارير من فضة قال : صفاؤها صفاء القوارير
وهي من فضة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة كان مزاجها زنجبيلا قال :
يمزج لهم بالزنجبيل
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد كان مزاجها زنجبيلا قال : يأثر لهم ما كانوا يشربون في
الدنيا فيجيء إليهم بذلك
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " أربع عيون في الجنة عينان تجريان من تحت العرش إحداهما التي ذكر
الله يفجرونها تفجيرا والأخرى الزنجبيل وعينان نضاختان من فوق إحداهما التي ذكر
الله سلسبيلا والأخرى التسنيم "
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وهناد وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي عن
مجاهد في قوله : عينا فيها تسمى سلسبيلا قال : حديدة الجرية
(8/375)
وأخرج
ابن المنذر عن الضحاك عينا فها تسمى سلسبيلا قال : عين الخمرة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد تسمى سلسبيلا قال : تجري سلسلة السبيل
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة عينا فيها تسمى سلسبيلا قال :
سلسلة فيها يصرفونا حيث شاؤوا وفي قوله : حسبتهم لؤلؤا منثورا قال : من حسنهم
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : بينا المؤمن على فراشه إذ أبصر شيئا يسير
نحوه فجعل يقول : لؤلؤ فإذا ولدان مخلدون كما وصفهم الله وهي الآية إذا رأيتهم
حسبتهم لؤلؤا منثورا
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أنا
أولهم خروجا إذا خرجوا وأنا قائدهم إذا وفدوا وأنا خطيبهم إذا أنصتوا وأنا
مستشفعهم إذا جلسوا وأنا مبشرهم إذا أيسوا الكرامة والمفاتيح بيدي ولواء الحمد
بيدي وآدم ومن دونه تحت لوائي ولا فخر يطوف عليهم ألف خادم كأنهم بيض مكنون أو
لؤلؤ منثور "
وأخرج ابن المبارك وهناد وعبد بن حميد والبيهقي في البعث عن ابن عمرو رضي الله عنه
قال : إن أدنى أهل الجنة منزلا من يسعى عليه ألف خادم كل واحد على عمل ليس عليه
صاحبه
وأخرج الحاكم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه ذكر ركب أهل الجنة
ثم تلا وإذا رأيت ثم رأيت نعيما ملكا كبيرا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : وإذا رأيت
ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا قال : هو استئذان الملائكة لا تدخل عليهم إلا بإذن
وأخرج ابن جرير عن سفيان في قوله : ملكا كبيرا قال : بلغنا أنه استئذان الملائكة
عليهم
وأخرج ابن وهب عن الحسن البصري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن
أدنى أهل الجنة منزلة الذي يركب في ألف ألف من خدمة من الولدان المخلدين على
(8/376)
خيل
من ياقوت أحمر لها أجنحة من ذهب إذا رأيت ثم رأيت نعيما ملكا كبير "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال : دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على
رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو راقد على حصير من جريد قد أثر في جنبه فبكى عمر
فقال : ما يبكيك ؟ فقال : ذكرت كسرى وملكه وقيصر وملكه وصاحب الحبشة وملكه وأنت
رسول الله على حصير من جريد فقال : أما ترضى أن لهم الدنيا ولنا الآخرة ؟ فأنزل
الله وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي الجوزاء أنه كان يقرأ عليهم ثياب سندس خضر
قال : علت الخضرة أكثرثياب أهلها الخضرة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : شرابا طهورا قال : ما ذكر الله
من الأشربة
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : شرابا
طهورا قال : ما ذكر الله من الأشربة
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن أبي قلابة رضي الله عنه وسقاهم ربهم
شرابا طهورا قال : إذا أكلوا أو شربوا ما شاء الله من الطعام والشراب دعوا الشراب
الطهور فيشربون فيطهرهم فيكون ما أكلوا وشربوا جشاء بريح مسك يفيض من جلودهم ويضمر
لذلك بطونهم
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم التيمي في هذه الآية وسقاهم ربهم
شرابا طهورا قال : عرق يفيض من أعراضهم مثل ريح المسك
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن إبراهيم التيمي قال :
بلغني أنه يقسم للرجل من أهل الجنة شهوة مائة رجل من أهل الدنيا وأكلهم ونهمتهم
فإذا أكل سقي شرابا طهورا يخرج من جلده رشحا كرشح المسك ثم تعود شهوته
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : وكان سعيكم مشكورا
فقال : لقد شكر الله سعيا قليلا
(8/377)
الآية
24 - 31 أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ولا تطع
منهم آثما أو كفورا قال : حدثنا أنها نزلت في عدو الله أبي جهل
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه أنه
بلغه أن أبا جهل قال : لما فرضت على النبي صلى الله عليه و سلم الصلاة وهو يومئذ
بمكة : لئن رأيت محمدا يصلي لأطأن على عنقه
فأنزل الله في ذلك ولا تطع منهم آثما أو كفورا
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : آثما أو كفورا قال : كان أبو
جهل يقول : لئن رأيت محمدا يصلي لأطأن على رقبته فنهاه أن يطيعه وفي قوله : يوما
ثقيلا قال : عسرا شديدا
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وشددنا أسرهم
قال : خلقهم
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه وشددنا أسرهم قال : هي المفاصل
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الربيع وشددنا أسرهم قال : مفاصلهم
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن مثله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : وشددنا
(8/378)
أسرهم
قال : خلقهم وفي قوله : إن هذه تذكرة قال : هذه السورة تذكرة والله أعلم
قوله تعالى : وما تشاؤون إلا أن يشاء الله
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
لعن الله القدرية وقد فعل لعن الله القدرية وقد فعل
لعن الله القدرية وقد فعل
ما قالوا كما قال الله ؟ ولا قالوا كما قالت الملائكة ولا قالوا كما قالت الأنبياء
ولا قالوا كما قالت أهل الجنة ولا قالوا كما قالت أهل النار ولا قالوا كما قال
الشيطان
قال الله وما تشاؤون إلا أن يشاء الله وقالت الملائكة : لا علم لنا إلا ما علمتنا
سورة البقرة الآية 32 وقالت الأنبياء في قصة نوح : ولا ينفعكم نصحي إن أردت أن
أنصح لكم إن كان الله يريد أن يغويكم سوره هود الآية 34 وقالت أهل الجنة : وما كنا
لنهتدي لولا أن هدانا الله سورة الأعراف الآية 43 وقال أهل النار ربنا غلبت علينا
شقوتنا سورة المؤمنون الآية 106 وقال الشيطان : رب بما أغويتني سورة الحجر الآية
39
وأخرج ابن مردويه من طريق ابن شهاب عن سالم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم كان يقول : " إذا خطب كل ما هو آت قريب لا بعد لما
يأتي ولا يعجل الله لعجلة أحد ما شاء الله لا ما شاء الناس يريد الناس أمرا ويريد
الله أمرا ما شاء الله كان ولو كره الناس
لا مباعد لما قرب الله ولا مقرب لما باعد الله لا يكون شيء إلا بإذن الله "
(8/379)
بسم
الله الرحمن الرحيم
77
- سورة المرسلات
مكية وآياتها خمسون
الآية 1 - 19 أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : نزلت سورة المرسلات بمكة
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : بينما
نحن مع النبي صلى الله عليه و سلم في غار بمنى إذ نزلت عليه سورة والمرسلات عرفا
فإنه يتلوها وإني لألقاها من فيه وإن فاه لرطب بها إذا وثبت عليه حية فقال النبي
صلى الله عليه و سلم : اقتلوها فابتدرناها فذهبت
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : وقيت شركم كما وقيتم شرها
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : " نزلت والمرسلات عرفا نحو
ليلة الحية
قالوا وما ليلة الحية ؟ قال : خرجت حية فقال النبي صلى الله عليه و سلم : اقتلوها
فتغيبت في حجر
فقال : دعوها فإن الله وقاها شركم كما وقاكم شرها "
(8/380)
وأخرج
الحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كنا مع النبي صلى الله
عليه و سلم في غار فنزلت عليه والمرسلات فأخذتها من فيه وإن فاه لرطب بها فلا أدري
بأيها ختم فبأي حديث بعده يؤمنون أو وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن ماجة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن أم
الفضل سمعته وهو يقرأ والمرسلات عرفا فقالت : يا بني لقد ذكرتني بقراءتك هذه
السورة إنها لآخر ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ بها في المغرب
وأخرج الطبراني في الأوسط عن عبد العزيز أبي سكين قال : أتيت أنس بن مالك فقلت :
أخبرني عن صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم فصلى بنا الظهر وقرأ قراءة همسا
بالمرسلات والنازعات وعم يتساءلون ونحوها من السور
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه والمرسلات عرفا قال :
هي الملائكة أرسلت بالمعروف
وأخرج ابن جرير من طريق مسروق عن ابن مسعود رضي الله عنه والمرسلات عرفا قال :
الملائكة
وأخرج ابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " الرياح ثمان أربع منها عذاب وأربع منها رحمة فالعذاب منها العاصف
والصرصر والعقيم والقاصف والرحمة منها الناشرات والمبشرات والمرسلات والذاريات
فيرسل الله المرسلات فتثير السحاب ثم يرسل المبشرات فتلقح السحاب ثم يرسل الذاريات
فتحمل السحاب فتدر كما تدر اللقحة ثم تمطر وهي اللواقح ثم يرسل الناشرات فتنشر ما
أراد "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق أبي العبيدين أنه
سأل ابن مسعود والمرسلات عرفا قال : الريح فالعاصفات عصفا قال : الريح والناشرات
نشرا قال : الريح الفارقات فرقا قال : حسبك
وأخرج ابن راهويه وابن المنذر وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب والحاكم وصححه عن
خالد بن عرعرة رضي الله عنه قال : قام رجل إلى علي فقال : ما العاصفات عصفا
قال : الرياح
(8/381)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما والمرسلات عرفا قال : الريح فالعاصفات عصفا
قال : الريح فالفارقات فرقا قال : الملائكة فالملقيات ذكرا قال : الملائكة
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما والمرسلات عرفا قال : الملائكة
فالفارقات فرقا قال : الملائكة فرقت بين الحق والباطل فالملقيات ذكرا قال :
الملائكة بالتنزيل
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه والمرسلات عرفا قال : الريح فالعاصفات عصفا
قال : الريح والناشرات نشرا قال : الريح
وأخرج عبد الرزاق وعبد حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة والمرسلات عرفا قال :
هي الريح فالعاصفات عصفا قال : هي الريح فالفارقات فرقا يعني القرآن ما فرق الله
به بين الحق والباطل فالملقيات ذكرا هي الملائكة تلقي الذكر على الرسل وتلقيه
الرسل على بني آدم عذرا أو نذرا
قال : عذرا من الله ونذرا منه إلى خلقه
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد والمرسلات عرفا فالعاصفات عصفا والناشرات نشرا
فالفارقات فرقا فالملقيات ذكرا قال : الملائكة
وأخرج ابن جرير عن مسروق والمرسلات عرفا قال : الملائكة
وأخرج عبد بن حميد وابن الشيخ في العظمة وابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه
والمرسلات عرفا قال : هي الرسل ترسل بالمعروف فالعاصفات عصفا قال : الريح
والناشرات نشرا قال : المطر فالفارقات فرقا قال : الرسل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر من وجه آخر عن أبي صالح والمرسلات عرفا
قال : الملائكة يجيئون بالأعارف فالعاصفات عصفا قال : الريح العواصف والناشرات
نشرا قال : الملائكة ينشرون الكتب فالفارقات فرقا قال : الملائكة يفرقون بين الحق والباطل
فالملقيات ذكرا قال : الملائكة يجيئون بالقرآن والكتاب عذرا من الله أو نذرا منه
إلى الناس وهم الرسل يعذرون وينذرون
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والإبتداء والحاكم وصححه وضعفه الذهبي عن
(8/382)
زيد
بن ثابت عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : أنزل القرآن بالتفخيم
قال عمار بن عبد الملك : كهيئته عذرا ونذرا والصدفين وألا له الخلق والأمر وأشباه
هذا في القرآن
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك فإذا النجوم طمست قال : تطمس فيذهب نورها
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم النخعي في قوله : وإذا
الرسل أقتت قال : وعدت
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد أقتت قال : أجلت
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس أقتت قال : جمعت
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ليوم الفصل قال : يوم يفصل الله
فيه بين الناس بأعمالهم إلى الجنة وإلى النار وما أدراك ما يوم الفصل قال : يعظهم
بذلك ويل يومئذ للمكذبين قال : ويل لهم والله ويلا طويلا
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن مسعود قال : ويل واد في جهنم يسيل فيه
صديد أهل النار فجعل للمكذبين والله أعلم
الآية 20 - 50
(8/383)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس في قوله : ألم نخلقكم من ماء مهين يعني بالمهين الضعيف
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : من ماء مهين قال :
ضعيف في قرار مكين
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج فقدرنا فنعم القادرون قال : فملكنا فنعم المالكون
وأخرج ابن جرير عن الضحاك فقدرنا فنعم القادرون قال : فخلقنا فنعم المالكون
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس كفاتا قال : كنا
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ألم نجعل الأرض كفاتا قال :
تكفتهم أمواتا وتكف إذا هم أحياء
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
والبيهقي في سننه عن ابن مسعود أنه أخذ قملة فدفنها في المسجد ثم قرأ ألم نجعل
الأرض كفاتا أحياء وأمواتا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد كفاتا قال : تكفت الميت ولا يرى منه شيء
وقوله : أحياء الرجل في بيته لا يرى من عمله شيء
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس رواسي جبالا
شامخات مشرفات فراتا عذبا بشرر قالقصر قال : كالقصر العظيم جمالات صفر قال : قطع
النحاس
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد ظل ذي ثلاث شعب دخان جهنم
(8/384)
وأخرج
عبد الرزاق عن الكلبي في قوله : ظل ذي ثلاث شعب قال : هو كقوله : نار أحاط بهم
سرادقها سورة الكهف الآية 29 والسرادق الدخان دخان النار فأحاط بهم سرادقها ثم
تفرق فكان ثلاث شعب شعبة ههنا وشعبة ههنا وشعبة ههنا
وأخرج ابن جرير عن قتادة مثله
وأخرج عبد الرزاق والفريابي والبخاري وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن
مردويه والحاكم من طريق عبد الرحمن بن عابس قال : سمعت ابن عباس يسأل عن قوله :
إنها ترمي بشرر كالقصر قال : كنا نرفع الخشب بقصر ثلاثة أذرع أو أقل فنرفعه للشتاء
فنسميه القصر
قال : وسمعته يسأل عن قوله تعالى : جمالات صفر قال : حبال السفن يجمع بعضها إلى
بعض حتى تكون كأوساط الرجال
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قرأها كالقصر
بفتح القاف والصاد
قال : قصر النخل يعني الأعناق وكان يقرأ جمالات بضم الجيم
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس كالقصر قال : كجذور الشجر
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : كانت العرب تقول في الجاهلية : اقصروا لنا
الحطب فيقطع على قدر الذراع والذراعين
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط
عن ابن مسعود في قوله : ترمي بشرر كالقصر قال : إنها ليست كالشجر والجبال ولكنها
مثل المدائن والحصون
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : كالقصر قال : هو القصر كأنه
جملات صفر قال : الإبل
وأخرج ابن الأنباري في كتاب الأضداد عن الحسن في قوله : كأنه جمالات صفر قال :
الصفر السود وفي قوله : جمالات صفر قال : هو الجسر وفي لفظ قال : الجبال
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله : كالقصر قال : مثل قصر النخلة
(8/385)
وأخرج
ابن جرير عن الضحاك في الآية قال : القصر أصول الشجر العظام كأنها أجواز الإبل
الصفر
قال ابن جرير : وسط كل شيء جوزة
وأخرج ابن جرير عن هارون قال : قرأها الحسن القصر بجزم الصاد وقال : هو الجزل من
الخشب
وأخرج ابن جرير عن الحسن كأنه جمالات صفر قال : كالنوق السود
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس كأنه جمالات صفر يقول : قطع النحاس
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله : كالقصر قال : حزم الشجر وقطع
النخل كأنه جمالات صفر قال : جبال الجسور
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة كالقصر قال : أصول
الشجر وأصول النخل كأنه جمالات صفر قال : كأنه نوق سود
وأخرج عبد حميد عن عكرمة أنه كان يقرأ كاقصر قال : كقطعة النخلة الجادرة كأنه
جمالات صفر قال : القلوص
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الصامت قال : قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص
أرأيت قول الله : هذا يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون قال : إن يوم القيامة
يوم له حالات وتارات في حال لا ينطقون وفي حال ينطقون وفي حال يعتذرون لا أحدثكم
إلا ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إذا كان يوم القيامة
ينزل الجبار في ظلل من الغمام وكل أمة جاثية في ثلاثة حجب مسيرة كل حجاب خمسون ألف
سنة حجاب من نور وحجاب بن ظلمة وحجاب من ماء لا يرى لذلك فيأمر بذلك الماء فيعود
في تلك الظلمة ولا تسمع نفس ذلك القول إلا ذهبت فعند ذلك لا ينطقون "
وأخرج الحاكم وصححه من طريق عكرمة قال : سأل نافع بن الأزرق ابن عباس عن قوله
تعالى : هذا يوم لا ينطقون و فلا تسمع إلا همسا سورة طه الآية 108 و أقبل بعضهم على
بعض يتساءلون سورة الصافات الآية 27 و هاؤم اقرؤوا كتابيه سورة الحاقة الآية 19
فما هذا ؟ قال :
(8/386)
ويحك
هل سألت عن هذا أحدا قبلي ؟ قال : لا
قال : إنك لو كنت سألت هلكت أليس قال الله تعالى : وإن يوما عند ربك كألف سنة مما
تعدون سورة الحج الآية 47 قال : بلى
قال : وإن لكل مقدار يوم من الأيام لونا من الألوان
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أنه سئل عن قوله : يوم كان مقداره خمسين ألف سنة قال :
ألا أخبركم بأشد مما تسألون عنه ؟ قال ابن عباس وذكر لا يسأل عن ذنبه أنس ولا جان
سورة الرحمن الآية 39 فوربك لنسألنهم أجمعين سورة الحجر الآية 92 و هذا يوم لا
ينطقون قال ابن عباس : إنها أيام كثيرة في يوم واحد فيصنع الله فيها ما يشاء فمنها
يوم لا ينطقون ومنها يوم عبوسا قمطريرا
وأخرج عبد بن حميد عن أبي الضحى أن نافع بن الأزرق وعطية أتيا ابن عباس فقالا : يا
ابن عباس أخبرنا عن قول الله : هذا يوم لا ينطقون وقوله : ثم إنكم يوم القيامة عند
ربكم تختصمون سورة الزمر الآية 31 وقوله : والله ربنا ما كنا مشركين سورة الأنعام
الآية 6 وقوله : ولا يكتمون الله حديثا سورة النساء الآية 42 قال : ويحك يا ابن
الأزرق إنه يوم طويل وفيه مواقف تأتي عليهم : ساعة لا ينطقون ثم يؤذن لهم فيختصمون
ثم يمكثون ما شاء الله يحلفون ويجهدون فإذا فعلوا ذلك ختم الله على أفواههم ويأمر
جوارحهم فتشهد على أعمالهم بما صنعوا ثم تنطق ألسنتهم فيشهدون على أنفسهم بما
صنعوا
قال : ذلك قوله : ولا يكتمون حديثا
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر عن أبي عبد الله الجدلي قال : أتيت
بيت المقدس فإذا عبادة بن الصامت وعبد الله بن عمرو وكعب الأحبار يتحدثون في بيت
المقدس فقال عباد : إذا كان يوم القيامة جمع الناس في صعيد واحد فينفذهم البصر
ويسمعهم الداعي ويقول الله هذا يوم لا ينطقون هذا يوم الفصل جمعناكم والأولين فإن
كان لكم كيد فكيدون اليوم لا ينجو مني جبار ولا شيطان مريد فقال عبد الله بن عمرو
: إنا نجد في الكتاب أنه يخرج يومئذ عنق من النار فينطلق معنقا حتى إذا كان بين
ظهراني الناس قال : يا أيها الناس إني بعثت إلى ثلاثة أنا أعرف بهم من الوالد
بولده ومن الأخ بأخيه لا يغنيهم مني
(8/387)
وزر
ولا تخفيهم مني خافية : الذي يجعل مع الله إلها آخر وكل جبار عنيد وكل شيطان مريد
قال : فينطوي عليهم فيقذفهم في النار قبل الحساب بأربعين
إما قال يوما وإما عاما
قال : ويهرع قوم إلى الجنة فتقول لهم الملائكة : قفوا للحساب
فيقولون : والله ما كانت لنا أموال وما كنا بعمال
فيقول الله : صدق عبادي أنا أحق من أوفى بعهده ادخلوا الجنة
فيدخلون قبل الحساب بأربعين
إما قال يوما وإما عاما
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في في قوله : كلوا واشربوا هنيئا أي : لا
موت
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : كلوا وتمتعوا قليلا قال : عنى بذلك أهل الكفر
وأخرج عبد حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : وإذا قيل
لهم اركعوا لا يركعون قال : نزلت في ثقيف
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد وإذا قيل لهم
اركعوا قال : صلوا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة وإذا قيل لهم اركعوا قال :
عليكم بإحسان الركوع فإن الصلاة من الله بمكان
قال : وذكر لنا أن حذيفة رأى رجلا يصلي ولا يركع كأنه بعير نافر
قال : لو مات هذا ما مات على شيء من سنة الإسلام
قال : وحدثنا أن ابن مسعود رأى رجلا يصلي ولا يركع وآخر يجر إزاره فضحك قالوا : ما
يضحكك يا ابن مسعود ؟ قال : أضحكني رجلان أحدهما لا ينظر الله إليه والآخر لا يقبل
الله صلاته
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون يقول : يدعون يوم
القيامة إلى السجود فلا يستطيعون السجود من أجل أنهم لم يكونوا يسجدون لله في
الدنيا والله أعلم
(8/388)
بسم
الله الرحمن الرحيم
78
- سورة النبأ
مكية وآياتها أربعون
مقدمة السورة أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال :
نزلت سورة عم يتساءلون بمكة
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : أنزلت عم يتساءلون بمكة
وأخرج البيهقي في سننه عن عبد العزيز بن قيس قال : سألت أنسا عن مقدار صلاة النبي
صلى الله عليه و سلم فأمر أحد بنيه فصلى بنا الظهر والعصر فقرأ بنا المرسلات وعم
يتساءلون
الآية 1 - 18
(8/389)
أخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن الحسن قال : لما
بعث النبي صلى الله عليه و سلم جعلوا يتساءلون بينهم فنزلت عم يتساءلون عن النبأ
العظيم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : يتساءلون عن النبأ العظيم قال : القرآن
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : عم
يتساءلون عن النبأ العظيم قال : القرآن
وفي قوله : الذي هم فيه مختلفون قال : مصدق به ومكذب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة عم يتساءلون عن النبأ العظيم
الذي هم فيه مختلفون قال : هو البعث بعد الموت صار الناس فيه رجلين مصدق ومكذب
فأما الموت فأقروا به كلهم لمعاينتهم إياه واختلفوا في البعث بعد الموت
وأخرج ابن المنذر عن الحسن في قوله : كلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون قال : وعيد بعد
وعيد
وأخرج ابن جرير عن الضحاك كلا سيعلمون الكفار ثم كلا سيعلمون المؤمنون وكذلك كان
يقرؤها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : ألم نجعل الأرض مهادا
قال : فرشت لكم والجبال أوتادا قال : أوتدت بها لكم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : ألم نجعل الأرض مهادا إلى قوله
: معاشا قال : نعم من الله يعددها عليك يا ابن آدم لتعمل لأداء شكرها
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : لما أراد الله أن يخلق الخلق أرسل الريح
فنسفت الماء حتى أبدت عن حشفة وهي التي تحت الكعبة ثم مد الأرض حتى بلغت ما شاء
الله من الطول والعرض وكانت هكذا تميد وقال بيده وهكذا وهكذا فجعل الله الجبال
رواسي أوتادا فكان أبو قبيس من أول جبل وضع في الأرض
وأخرج ابن المنذر عن الحسن قال : إن الأرض أول ما خلقت خلقت من عند
(8/390)
بيت
المقدس وضعت طينة فقيل لها : اذهبي هكذا وهكذا وهكذا وخلقت على صخرة والصخرة على
حوت والحوت على الماء فأصبحت وهي تميع
فقالت الملائكة : يا رب من يسكن هذه ؟ فأصبحت الجبال فيها أوتادا فقالت الملائكة :
يا رب أخلقت خلقا هو أشد من هذه ؟ قال : الحديد
قالوا : فخلقت خلقا هو أشد من الحديد ؟ قال : النار
قالوا : فخلقت خلقا هو أشد من النار ؟ قال : الماء
قالوا : فخلقت خلقا هو أشد من الماء ؟ قال الريح
قالوا : فخلقت خلقا هو أشد من الريح ؟ قال : البناء
قالوا : فخلقت خلقا هو أشد من البناء ؟ قال : آدم
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : وخلقناكم
أزواجا قال : اثنين اثنين وفي قوله : وجعلنا النهار معاشا قال : يبتغون من فضل
الله وفي قوله : وجعلنا سراجا وهاجا قال : يتلألأ وأنزلنا من المعصرات قال : الريح
ماء ثجاجا قال : منصبا ينصب
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والخرائطي في مكارم الأخلاق
عن قتادة وجعلنا سراجا وهاجا قال : الوهاج المنير وأنزلنا من المعصرات قال : من
السماء وبعضهم يقول من الريح ماء ثجاجا قال : الثجاج المنصب
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وجعلنا سراجا
وهاجا قال : مضيئا وأنزلنا من المعصرات قال : السحاب ماء ثجاجا قال : منصبا
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن مجاهد في قوله : سراجا وهاجا قال : يتلألا
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : وأنزلنا من
المعصرات قال : السحاب يعصر بعضها بعضا فيخرج الماء من بين السحابتين
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قوله : النابغة : تجري بها الأرواح
من بين شمال وبين صباها المعصرات الدوامس قال : أخبرني عن قوله : ثجاجا قال :
الثجاج الكثير الذي ينبت منه الزرع قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت
أبا ذؤيب يقول :
(8/391)
سقى
أم عمر وكل آخر ليلة غمائم سود ماؤهن ثجيج وأخرج عبد بن حميد وأبو يعلى وابن جرير
وابن أبي حاتم والخرائطي من طرق عن ابن عباس وأنزلنا من المعصرات قال : الرياح ماء
ثجاجا قال : منصبا
وأخرج الشافعي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والخرائطي
والبيهقي في سننه عن ابن مسعود في قوله : وأنزلنا من المعصرات ماء ثجاجا قال :
يبعث الله سحابا فتحمل الماء من السماء فتمر به السحاب فتدر كما تدر اللقحة
والثجاج ينزل من السماء أمثال العزالي فتصرفه الرياح فينزل متفرقا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة وأنزلنا من المعصرات قال : السحاب ماء ثجاجا
قال : صبا أو قال كثيرا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الربيع بن أنس وأنزلنا من المعصرات قال : من
السماء ماء ثجاجا قال : منصبا
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن قتادة في مصحف الفضل بن عباس وأنزلنا من المعصرات
ماء ثجاجا
وأخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن قتادة قال في قراءة ابن عباس وأنزلنا
من المعصرات بالرياح
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن مجاهد وأنزلنا من المعصرات الريح ولذلك كان
يقرؤها : " بالمعصرات ماء ثجاجا " منصبا
وأخرج ابن جرير ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وجنات ألفافا قال
: مجتمعة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن جرير عن مجاهد في قوله : وجنات ألفافا قال :
ملتفة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وجنات ألفافا قال : ملتفة بعضها
إلى بعض
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة وجنات ألفافا قال : الزرع إذا كان بعضه
إلى بعض جنات
(8/392)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس وجنات ألفافا يقول : جنات التفت بعضها ببعض
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة إن يوم الفصل كان ميقاتا قال :
هو يوم عظمة الله وهو يوم يفصل فيه بين الأولين والآخرين
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : يوم ينفخ في
الصور فتأتون أفواجا قال : زمرا زمرا
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب : " إن معاذا بن جبل قال : يا رسول الله
ما قول الله يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجا ؟ فقال : يا معاذ سألت عن أمر عظيم
ثم أرسل عينيه ثم قال : عشرة أصناف قد ميزهم الله من جماعة المسلمين وبدل صورهم
فبعضهم على صورة القردة وبعضهم على صورة الخنازير وبعضهم منكبين أرجلهم فوق وجوههم
أسفل يسحبون عليها وبعضهم عمي يترددون وبعضهم صم بكم لا يعقلون وبعضهم يمضغون
ألسنتهم وهي مدلاة على صدورهم يسيل القيح من أفواههم لعابا يقذرهم أهل الجمع
وبعضهم مقطعة أيديهم وأرجلهم وبعضهم مصلبون على جذوع من نار وبعضهم أشد نتنا من
الجيف وبعضهم يلبسون جبابا سابغات من قطران لازقة بجلودهم
فأما الذين على صورة القردة فالقتات من الناس وأما الذين على صورة الخنازير فأكلة
السحت والمنكسون على وجوههم فأكلة الربا والعمي من يجور في الحكم والصم البكم
المعجبون بأعمالهم والذين يمضغون ألسنتهم فالعلماء والقضاة من الذين يخالف قولهم
أعمالهم والمقطعة أيديهم وأرجلهم الذين يؤذون الجيران والمصلبون على جذوع من نار
فالسعاة بالناس إلى السلطان والذين هم أشد نتنا من الجيف الذين يتمتعون بالشهوات
واللذات ويمنعون حق الله وحق الفقراء من أموالهم والذين يلبسون الجباب فأهل الكبر
والخيلاء والفخر "
الآية 19 - 30
(8/393)
أخرج
عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ وفتحت خفيفة
وأخرج ابن المنذر عن أبي الجوزاء في قوله : إن جهنم كانت مرصادا قال : صارت
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن في قوله : إن جهنم كانت مرصادا
قال : لا يدخل الجنة أحد حتى يجتاز النار
وأخرج ابن جرير عن سفيان إن جهنم كانت مرصادا قال : عليهم ثلاث قناطر لا يدخل
الجنة أحد حتى يجتاز النار
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة إن جهنم كانت
مرصادا قال : تعلموا أنه لا سبيل إلى الجنة حتى تقطع النار وقال في آية أخرى : وإن
منكم إلا واردها سورة مريم الآية 71 للطاغين مآبا قال : مأوى ومنزلا لابثين فيها
أحقابا قال : الأحقاب ما لا انقطاع له كلما مضى حقب جاء بعده حقب آخر قال وذكر لنا
أن الحقب ثمانون سنة من سني يوم القيامة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس لابثين فيها أحقابا قال : سنين
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن لابثين فيها أحقابا قال : ليس لها أجل كلما مضى حقب
دخلنا في الأخرى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن قال : الحقب الواحد سبعون سنة كل يوم منها
ألف سنة
(8/394)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن الربيع لابثين فيها أحقابا قال : لا يدري
أحدكم تلك الأحقاب إلا أن الحقب الواحد ثمانون سنة السنة ثلاثمائة وستون يوما
اليوم الواحد مقدارا ألف سنة والحقب الواحد ثمانية عشر ألف سنة
وأخرج ابن جرير عن بشير بن كعب في قوله : لابثين فيها أحقابا قال : بلغني أن الحقب
ثلاثمائة سنة كل سنة ثلاثمائة وستون يوما كل يوم ألف سنة
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن سالم بن
أبي الجعد قال : سأل علي بن أبي طالب هلالا الهجري : ما تجدون الحقب في كتاب الله
؟ قال : نجده ثمانين سنة كل سنة منها اثنا عشر شهرا كل شهر ثلاثون يوما كل يوم ألف
سنة
وأخرج سعيد بن منصور والحاكم وصححه عن ابن مسعود في قوله : لابثين فيها أحقابا قال
: الحقب ثمانون سنة
وأخرج البزار عن أبي هريرة رفعه لابثين فيها أحقابا قال : الحقب ثمانون سنة
وأخرج هناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة لابثين فيها أحقابا
قال : الحقب ثمانون سنة والسنة ثلاثمائة وستون يوما واليوم كألف سنة مما تعدون
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير مثله
وأخرج عبد بن حميد عن أبي هريرة لابثين فيها أحقابا قال : الحقب ثمانون عاما اليوم
منها كسدس الدنيا
وأخرج ابن عمر العدي في مسنده وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن
أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لابثين فيها أحقابا قال :
الحقب ألف شهر والشهر ثلاثون يوما والسنة اثنا عشر شهر والشهر ثلاثمائة وستون يوما
كل يوم منها ألف سنة مما تعدون فالحقب ثمانون ألف سنة
وأخرج البزار وابن مردويه والديلمي عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
والله لا يخرج من النار أحد حتى يمكث فيها أحقابا والحقب بضع وثمانون سنة كل سنة
ثلاثمائة وستون يوما واليوم ألف سنة مما تعدون
قال ابن عمر : فلا يتكلن أحد على أنه يخرج من النار
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : الحقب ثمانون سنة
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن عبد الله بن عمرو وفي قوله : لابثين فيها
أحقابا قال : الحقب الواحد ثمانون سنة
(8/395)
وأخرج
ابن مردويه عن عبادة بن الصامت قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
الحقب أربعون سنة "
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ لابثين فيها أحقابا بالألف
وأخرج عبد بن حميد عن عمرو بن ميمون أنه قرأ " لابثين فيها أحقابا "
بغير ألف
وأخرج ابن جرير عن خالد بن معدان في قوله : لابثين فيها أحقابا وقوله : إلا ما شاء
ربك سورة هود الآية 107 أنهما في أهل الجنة والتوحيد من أهل القبلة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : زمهرير جهنم يكون
لهم من العذاب لأن الله يقول : لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن جرير عن أبي العالية لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا
إلا حميما وغساقا قال : فاستثنى من الشراب الحميم ومن البارد الغساق وهو الزمهرير
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس إلا حميما وغساقا قال : الحميم الحار
الذي يحرق والغساق الزمهرير البارد
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن مجاهد إلا حميما وغساقا قال : لا يستطيعونه من
برده
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله : لا يذوقون
فيها بردا ولا شرابا إلا حميما قال : " قد انتهى حره "
وغساقا قال : " لقد انتهى برده وإن الرجل إذا أدنى الإناء من فيه سقط فروة
وجهه حتى يبقى عظاما تقعقع "
وأخرج ابن المنذر عن مرة لا يذوقون فيها بردا قال : نوما ؟ الممتلئة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : جزاء وفاقا قال :
وافق أعمالهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة جزاء وفاقا قال : جزاء وافق أعمال القوم
أعمال السوء
(8/396)
وأخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :
جزاء وفاقا يقول : وافق الجزاء العمل إنهم كانوا لا يرجون حسابا قال : لا يخافونه
وفي لفظ : لا يبالون فيصدقون بالبعث
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله : إنهم كانوا لا يرجون حسابا قال : لا يرجون
ثوابا ولا يخافون عقابا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عبد الله بن عمرو قال : ما نزلت على أهل النار
آية قط أشد منها فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا فهم في مزيد من عذاب الله أبدا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن الحسن بن
دينار قال : سألت أبا برزة الأسلمي عن أشد آية في كتاب الله على أهل النار فقال :
قول الله فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا
وأخرج ابن مردويه عن الحسن قال : سئل أبو برزة الأسلمي عن أشد آية في القرآن فقال
: قول الله فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا قال : فهو مقدار ساعة بساعة ويوم بيوم
وشهر بشهر وسنة بسنة أشد عذابا حتى لو أن رجلا من أهل النار أخرج من المشرق لمات
أهل المغرب ولو أخرج من المغرب مات أهل المشرق من نتن ريحه
قال أبو برزة : شهدت رسول الله صلى الله عليه و سلم حين تلاها فقال : " هلك
القوم بمعاصيهم ربهم وغضب عليهم فأبى إذ غضب عليهم إلا أن ينتقم منهم "
الآية 31 - 40
(8/397)
أخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : إن للمتقين مفازا قال :
فازوا بأن : نجوا من النار
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : إن
للمتقين مفازا قال : مفازا من النار إلى الجنة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله
: إن المتقين مفازا قال : منتزها وكواعب قال : نواهد أترابا قال : مستويات وكأسا
دهاقا قال : ممتلئا
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : حدائق
وأعنابا قال : الحدائق الباستين
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول : بلاد سقاها الله
أما سهولها فقضب ودر مغدق وحدائق قال : أخبرني عن قوله : كأسا دهاقا قال : الكأس
الخمر والدهاق الملآن
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر : أتانا عامر يرجو قرانا فأترعنا له كأسا دهاقا وأخرج ابن
المنذر عن الضحاك في قوله : كواعب قال : العذارى
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن مجاهد في قوله : كواعب قال : نواهد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله : وكأسا دهاقا قال : هي
الممتلئة المترعة المتتابعة وربما سمعت العباس يقول : يا غلام اسقنا وادهق لنا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس وكأسا دهاقا قال : ملأى
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير وقتادة ومجاهد والضحاك والحسن مثله
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة وكأسا دهاقا قال : يتبع بعضها بعضا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد وكأسا دهاقا قال : المتتابعة
(8/398)
وأخرج
عبد بن حميد عن سعيد بن جبير والضحاك مثله
وأخرج هناد عن عطية قي قوله : وكأسا دهاقا قال : ملأى متتابعة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي هريرة وكأسا دهاقا قال : دمادم
قال : المؤلف فارسي بمعنى متتابعة
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله : وكأسا دهاقا قال : متتابعة صافية
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : إذا كان فيها خمر فهي كأس وإذا لم يكن فيها
خمر فليس بكأس
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : لا يسمعون فيها لغوا
ولا كذابا قال : باطلا ولا مأثما وفي قوله : عطاء حسابا قال : كثيرا وفي قوله : لا
يملكون منه خطابا قال : كلاما
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : جزاء من
ربك قال : عطاء منه حسابا قال : لما عملوا وفي قوله : لا يملكون منه خطابا قال :
كلاما
أخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن ابن عباس أن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : الروح جند من جنود الله ليسوا بملائكة لهم رؤوس وأيد وأرجل
ثم قرأ يوم يقوم الروح والملائكة صفا قال : هؤلاء جند وهؤلاء جند
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في
الأسماء والصفات عن مجاهد قال : الروح خلق على صورة بني آدم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد قال : الروح
يأكلون ولهم أيد وأرجل ورؤوس وليسوا بملائكة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء
والصفات عن أبي صالح في قوله : يوم يقوم الروح والملائكة صفا قال : الروح خلق
كالناس وليسو بالناس لهم أيد وأرجل
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن الشعبي في قوله : يوم يقوم الروح
والملائكة صفا قال : هما سماطا رب العالمين يوم القيامة سماط من الروح وسماط من
الملائكة
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد الله بن بريدة قال : ما يبلغ الجن
(8/399)
والإنس
والملائكة والشياطين عشر الروح ولقد قبض النبي وما يعلم الروح
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في قوله : يوم يقوم الروح والملائكة صفا
قال : الروح أعظم خلقا من الملائكة ولا ينزل ملك إلا ومعه روح
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الأسماء والصفات
عن ابن عباس في قوله : يوم يقوم الروح قال : هو ملك من أعظم الملائكة خلقا
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : الروح في السماء السابعة وهو أعظم من السموات
والجبال ومن الملائكة يسبح كل يوم اثني عشر ألف تسبيحة يخلق الله من كل تسبيحة
ملكا من الملائكة يجيء يوم القيامة صفا وحده
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الضحاك قال : الروح حاجب الله يقوم بين يدي الله يوم
القيامة وهو أعظم الملائكة لو فتح فاه لوسع جميع الملائكة والخلق إليه ينظرون فمن
مخافته لا يرفعون طرفهم إلى من فوقه
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن مقاتل بن حبان قال : الروح أشرف الملائكة أقربهم
من الرب وهو صاحب الوحي
وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق عن وهب بن منبه قال : الروح ملك من الملائكة له
عشرة آلاف جناح ما بين كل جناحين منها ما بين المشرق والمغرب له ألف وجه لكل وجه
ألف لسان وشفتان وعينان يسبح الله تعالى
وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم كان يقول في ركوعه وسجوده : " سبوح قدوس رب الملائكة
والروح "
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن الضحاك في قوله : يوم يقوم الروح قال : جبريل
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : إن جبريل يوم القيامة القائم بين يدي الجبار
ترعد فرائصه فرقا من عذاب الله يقول : سبحانك لا إله إلا أنت ما عبدناك حق عبادتك
إن ما بين منكبيه كما بين المشرق إلى المغرب أما سمعت قول الله : يوم يقوم الروح
والملائكة صفا وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله : يوم يقوم
الروح
(8/400)
قال
: يعني حين تقوم أرواح الناس مع الملائكة فيما بين النفختين قبل أن ترد الأرواح
إلى الأجساد
أخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله :
وقال صوابا قال : شهادة أن لا إله إلا الله
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن ابن عباس في قوله : وقال صوابا قال : شهادة أن لا
إله ألا الله
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة مثله
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله : وقال صوابا قال : حقا في الدنيا
وعمل به
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان وضعفه عن جابر بن عبد الله قال : قال العباس بن عبد
المطلب يا رسول الله : ما الجمال ؟ قال : صواب القول بالحق
قال : فما الكمال ؟ قال : حسن الفعال بالصدق والله أعلم
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : فمن شاء اتخذ إلى
ربه مآبا قال : سبيلا
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن في قوله : يوم ينظر المرء قال : المؤمن
وأخرج ابن المنذر عن الحسن أنه قرأ هذه الآية يوم ينظر المرء ما قدمت يداه قال :
هو المؤمن العامل بطاعة الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث والنشور
عن أبي هريرة قال : يحشر الخلائق كلهم يوم القيامة البهائم والدواب والطير وكل شيء
فيبلغ من عدل الله أن يأخذ للجماء من القرناء ثم يقول : كوني ترابا فذلك حين يقول
الكافر : يا ليتني كنت ترابا
وأخرج الدينوري في المجالسة عن يحيى بن جعدة قال : إن أول خلق الله يحاسب يوم
القيامة الدواب والهوام حتى يقضي بينها حتى لا يذهب شيء بظلامته ثم يجعلها ترابا
ثم يبعث الثقلين الجن والإنس فيحاسبهم فيومئذ يتمنى الكافر يا ليتني كنت ترابا
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : تقاد المنقورة من الناقرة والمركوضة من
(8/401)
الراكضة
والجلحاء من ذات القرون والناس ينظرون ثم يقول : كوني ترابا لا جنة ولا نار فذلك
حين يقول الكافر : يا ليتني كنت ترابا
وأخرج عبد بن حميد وابن شاهين في كتاب العجائب الغرائب عن أبي الزناد قال : إذا
قضى بين الناس وأمر بأهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلىالنار قيل لسائر الأمم
ولمؤمني الجن عودوا ترابا فيعودوا ترابا فعند ذلك يقول الكافر حين يراهم قد عادوا
ترابا : يا ليتني كنت ترابا
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : إذا حوسبت البهائم ثم صيرها الله ترابا فعند ذلك
قال الكافر : يا ليتني كنت ترابا
وأخرج عبد بن حميد عن ليث بن أبي سليم قال : الجن يعودون ترابا
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ليث بن أبي سليم قال : ثواب الجن أن يجاروا من النار ثم
يقال لهم : كونوا ترابا
79
- سورة النازعات
مكية وآياتها ست وأربعون
(8/402)
بسم
الله الرحمن الرحيم
مقدمة السورة أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال :
نزلت سورة النازعات بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
الآية 1 - 14 وأخرج سعيد بن منصور ابن المنذر عن علي في قوله : والنازعات غرقا قال
: هي الملائكة تنزع أرواح الكفار والناشطات نشطا هي الملائكة تنشط أرواح الكفار ما
بين الأظفار والجلد حتى تخرجها والسابحات سبحا هي الملائكة تسبح بأرواح المؤمنين
بين السماء والأرض فالسابقات سبقا هي الملائكة يسبق بعضها بعضا بأرواح المؤمنين
إلى الله فالمدبرات أمرا قال : هي الملائكة تدبر أمر العباد من السنة إلى السنة
(8/403)
وأخرج
ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله : والنازعات غرقا قال : هي
أنفس الكفار تنزع ثم تنشط ثم تغرق في النار
وأخرج الحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عباس والنازعات غرقا والناشطات نشطا قال
: الموت
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس والناشطات نشطا قال : الموت
وأخرج جويبر في تفسيره عن ابن عباس في قوله : والنازعات غرقا قال : هي أرواح
الكفار لما عاينت ملك الموت فيخبرها بشخط الله غرقت فينشطها انتشاطا من العصب
واللحم والسابحات سبحا أرواح المؤمنين ما عاينت ملك الموت قال : اخرجي أيتها النفس
المطمئنة إلى روح وريحان ورب غير غضبان سبحت سباحة الغائص في الماء فرحا وشوقا إلى
الجنة فالسابقات سبقا قال : تمشي إلى كرامة الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله : والنازعات غرقا والناشطات نشطا قال
: هاتان الآيتان للكفار عند نزع النفس تنشط نشطا عنيفا مثل سفود في صوف فكان خروجه
شديدا والسابحات سبحا فالسابقات سبقا قال : هاتان للمؤمنين
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : والنازعات غرقا قال : النفس حين تغرق في
الصدور والناشطات نشطا قال : الملائكة حين تنشط الروح من الأصابع والقدمين
والسابحات سبحا حين تسبح النفس في الجوف تتردد عند الموت
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله : والنازعات غرقا قال :
الملائكة الذين يلون أنفس الكفار إلى قوله : والسابحات سبحا قال : الملائكة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي صالح والنازعات غرقا قال : الملائكة ينزعون
نفس الإنسان والناشطات نشطا قال : الملائكة ينشطون نفس الإنسان والسابحات سبحا قال
: الملائكة حين ينزلون من السماء إلى الأرض فالسابقات سبقا قال : الملائكة
فالمدبرات أمرا قال : الملائكة يدبرون ما أمروا به
(8/404)
وأخرج
عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد والنازعات غرقا والناشطات نشطا قال :
الموت
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن مجاهد والنازعات غرقا والناشطات نشطا
والسابحات سبحا فالسابقات سبقا فالمدبرات أمرا قال : الملائكة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة والنازعات غرقا قال : هو الكافر والناشطات نشطا قال :
هي النجوم والسابحات سبحا قال : هي النجوم والسابقات سبقا قال : هي النجوم
فالمدبرات أمرا قال : هي الملائكة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عطاء والنازعات غرقا قال : القسي والناشطات نشطا
قال : الأوهاق فالسابقات سبقا قال : الخيل
وأخرج ابن مردويه عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لا تمزق الناس فتمزقك كلاب النار
قال الله : والناشطات نشطا أتدري ما هو ؟ قلت يا نبي الله : ما هو ؟ قال : كلاب في
النار تنشط العظم واللحم "
وأخرج ابن المنذر عن الحسن في قوله : والسابحات سبحا قال : هي النجوم كلها
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب أن ابن الكوا سأله عن المدبرات أمرا قال :
الملائكة يدبرون ذكر الرحمن وأمره
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد
الرحمن بن سابط قال : يدبر أمر الدنيا أربعة جبريل وميكائيل وملك الموت وإسرائيل
فإما جبريل فموكل بالرياح والجنود وأما ميكائل فموكل بالقطر والنبات وأما ملك
الموت فموكل بقبض الأرواح وأما إسرافيل فهو ينزل عليهم بالأمر
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت من طريق أبي المتوكل الناجي عن ابن عباس في
قوله : فالمدبرات أمرا قال : ملائكة يكونون مع ملك الموت يحضرون الموتى عند قبض
أرواحهم فمنهم من يعرج بالروح ومنهم من يؤمن على الدعاء ومنهم من يستغفر للميت حتى
يصلي عليه ويدلي في حفرته
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في
(8/405)
قوله
: يوم ترجف الراجفة قال : النفخة الأولى تتبعها الرادفة قال : النفخة الثانية قلوب
يومئذ واجفة قال : خائفة أئنا لمردودون في الحافرة قال : الحياة
وأخرج عبد حميد والبيهقي في البعث عن مجاهد في قوله : يوم ترجف الراجفة قال : ترجف
الأرض والجبال وهي الزلزلة تتبعها الرادفة قال : دكتا دكة واحدة
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وعبد بن حميد وابن المنذر والحكم وصححه وابن مردويه
والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بن كعب قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
إذا ذهب ربع الليل قام فقال : " يا أيها الناس اذكروا الله اذكروا الله جاءت
الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه "
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم ترجف الراجفة رجفا وتزلزل بأهلها وهي التي يقول الله : يوم ترجف الراجفة
تتبعها الرادفة يقول : مثل السفينة في البحر تكفأ بأهلها مثل القنديل المعلق
بأرجائه
وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح يوم ترجف الراجفة قال : النفخة الأولى تتبعها
الرادفة قال : النفخة الثانية
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قال : هما الصيحتان
أما الأولى فتميت كل شيء بإذن الله وأما الأخرة فتحيي كل شيء بإذن الله
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه سئل عن قول الله يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة
قال : هما النفختان أما الأولى فتميت الأحياء وأما الثانية فتحيي الموتى ثم تلا
هذه الآية ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ
فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون سورة الزمر الآية 68
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : قلوب يومئذ واجفة قال : وجلة متحركة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة قلوب يومئذ واجفة قال : خائفة
(8/406)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد قلوب يومئذ واجفة قال : وجلة وفي قوله : أئنا
لمردودون في الحافرة قال : الأرض نبعث خلقا جديدا أئذا كنا عظاما نخرة قال :
مدقوقة
وأخرج عبد بن حميد ابن المنذر عن قتادة في قوله : قلوب يومئذ واجفة قال : وجفت مما
عاينت يومئذ أبصارها خاشعة قال : ذليلة يقولون أئنا لمردودون في الحافرة أننا
لمبعوثون خلقا جديدا إذا متنا تكذيبا بالبعث أئذا كنا عظاما نخرة قال : بالية
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس أئنا لمردودون في الحافرة قال : خلقا جديدا
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك أئنا لمردودون في الحافرة قال : الحياة
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن محمد بن كعب في قوله : أئنا
لمردودون في الحافرة أئذا كنا عظاما نخرة قال : لما نزلت هذه الآية قال كفار قريش
: لئن حيينا بعد الموت لنحشرن فنزلت تلك إذا كرة خاسرة
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن عمر بن الخطاب أنه كان يقرأ أئذا كنا عظاما
ناخرة بألف
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود أنه كان يقرأ " ناخرة " بالألف
وأخرج الطبراني عن ابن عمر أنه كان يقرأ هذا الحرف " إئذا كنا عظاما ناخرة
"
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن مجاهد قال : سمعت ابن الزبير يقرؤها "
عظاما ناخرة " فذكرت ذلك لابن عباس فقال : أوليس كذلك ؟ وأخرج سعيد بن منصور
وعبد بن حميد وابن المنذر من طرق ابن عباس أنه كان يقرأ التي في النازعات "
ناخرة " بالألف وقال : بالية
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن كعب القرظي وعكرمة وإبراهيم النخعي أنهم كانوا
يقرؤون " ناخرة " بالألف
وأخرج الفراء عن ابن الزبير أنه قال على المنبر : ما بال صبيان يقرؤون نخرة إنما
هي " ناخرة "
(8/407)
وأخرج
عبد بن حميد عن الضحاك " عظاما ناخرة " قال : بالية
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : الناخرة العظم يبلى فتدخل الريح فيه
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : قالوا تلك إذا كرة خاسرة قال : إن خلقنا
خلقا جديدا لنرجعن إلى الخسران وفي قوله : فإنما هي زجرة واحدة قال : صيحة فإذا هم
بالساهرة قال : المكان المستوي في الأرض
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : قالوا تلك إذا كرة خاسرة قال : رجعة خاسرة
قال : فلما تباعد البعث في أنفس القوم قال الله : إنما هي زجرة واحدة فإذا هم
بالساهرة قال : فإذا هم على ظهر الأرض بعد أن كانوا في جوفها
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال : كانوا في بطن الأرض ثم صاروا على ظهرها
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن والشعبي مثله
وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن الأنباري في الوقف والإبتداء وعبد بن حميد وابن
المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة أنه سئل عن قوله : فإذا هم بالساهرة قال : الأرض
كلها ساهرة
وقال ابن عباس : قال أمية بن أبي الصلت : وفيها لحم ساهرة وبحر وأخرج عبد بن حميد
وابن المنذر عن عكرمة فإذا هم بالساهرة قال : الساهرة وجه الأرض وفي لفظ قال :
الأرض كلها ساهرة ألا ترى الشاعر يقول : صيد بحر وصيد ساهرة وأخرج ابن أبي شيبة
وعبد بن حميد عن الشعبي فإذا هم بالساهرة قال : إذا هم بالأرض ثم تمثل ببيت أمية بن
أبي الصلت : وفيها لحم ساهرة وبحر وما فاهوا به أبدا مقيم وأخرج عبد بن حميد عن
سعيد بن جبير فإذا هم بالساهرة قال : بالأرض
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد فإذا هم بالساهرة قال : بالأرض كانوا بأسفلها فأخرجوا
إلى أعلاها
(8/408)
وأخرج
عبد بن حميد عن عكرمة في قوله : بالساهرة قال : تسمى الأرض ساهرة بني فلان
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سهل بن سعد الساعدي فإذا هم بالساهرة قال : أرض
بيضاء عفراء كالخبزة من النقى
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن وهب بن منبه قال : الساهرة جبل إلى جنب بيت
المقدس
وأخرج ابن المنذر عن قتادة فإذا هم بالساهرة قال : في جهنم
الآية 15 - 26 أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله
: اذهب إلى فرعون إنه طغى قال : عصى وفي قوله : فأراه الآية الكبرى قال : عصاه
ويده وفي قوله : ثم أدبر يسعى قال : يعمل بالفساد وفي قوله : فأخذه الله نكال
الآخرة والأولى قال : الأولى ما علمت لكم من إله غيري والآخرة قوله : : أنا ربكم
الأعلى
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : فأراه الآية الكبرى قال : عصاه
ويده وفي قوله : فأخذه الله نكال الآخرة والأولى قال : صابته عقوبة الدنيا والآخرة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن مثله
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن صخر بن جويرية قال : لما بعث الله موسى إلى فرعون
قال : اذهب إلى فرعون إنه طغى إلى قوله : وأهديك إلى ربك فتخشى ولن يفعله فقال
موسى : يا رب كيف أذهب إليه وقد علمت أنه لا يفعل فأوحى الله إليه ان امض إلى ما
أمرت به فإن في السماء اثني عشر ألف ملك يطلبون علم القدر فلم يبلغوه ولم يدركوه
(8/409)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في قوله : هل لك إلى أن تزكى قال : هل لك إلى أن
تقول لا إله إلا الله
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله : هل لك إلى
أن تزكى قال : إلى أن تقول لا إله إلا الله
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : هل لك إلى أن تزكى قال : إلى أن تخلص وفي
قوله : ثم أدبر يسعى قال : ليس بالشد يعمل بالفساد والمعاصي
وأخرج ابن المنذر عن الربيع في قوله : ثم أدبر يسعى قال : أدبر عن الحق وسعى يجمع
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : قال موسى : يا فرعون هل لك في أن أعطيك شبابك
لا تهرم وملكك لا ينزع منك وترد إليك لذة المناكح والمشارب والركوب وإذا مت دخلت
الجنة وتؤمن بي فوقعت في نفسه هذه الكلمات وهي اللينات قال : كما أنت حتى يأتي
هامان فلما جاء هامان أخبره فعجزه هامان وقال تصير تعبد إذا كنت ربا تعبد فذلك حين
خرج عليهم فقال لقومه وجمعهم أنا ربكم الأعلى
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : فأخذه الله نكال الآخرة والأولى قال : بقوله
: أنا ربكم الأعلى والأولى قوله : ما علمت
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة والضحاك مثله
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي فأخذه الله نكال الآخرة والأولى قال : هما كلمتاه
الأولى ما علمت لكم من إله غيري سورة القصص الآية 38 والأخرى أنا ربكم الأعلى وكان
بينهما أربعون سنة
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو قال : بين كلمتيه أربعون سنة
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن خيثمة قال : كان بين قول فرعون ما علمت لكم من
إله غيري وقوله : أنا ربكم الأعلى أربعون سنة
الآية 27 - 46
(8/410)
أخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : رفع سمكها قال : بناها وأغطش
ليلها قال : أظلم ليلها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : رفع
سمكها قال : رفع بنيانها بغير عمد وأغطش ليلها قال : أظلم ليلها وأخرج ضحاها قال :
ابرزه والأرض بعد ذلك دحاها قال : بسطها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : رفع سمكها قال :
رفع بنيانها وأغطش ليلها قال : أظلم ليلها وأخرج ضحاها قال : نور ضوئها والأرض بعد
ذلك دحاها قال : بسطها والجبال أرساها قال : أثبتها بها أن تميد بأهلها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس وأغطش ليلها قال :
العشاء وأخرج ضحاها قال : الشمس
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير وأغطش ليلها قال : أظلم ليلها وأخرج ضحاها قال
: أخرج نهارها
(8/411)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس والأرض بعد ذلك دحاها قال : مع ذلك
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس أن رجلا قال له : آيتان في كتاب الله
تخالف إحداهما الأخرى فقال : إنما أتيت من قبل رأيك اقرأ قل أئنكم لتكفرون بالذي
خلق الأرض في يومين سورة فصلت الآية 9 حتى بلغ ثم استوى إلى السماء وهي دخان سورة
فصلت الآية 41 وقوله : والأرض بعد ذلك دحاها قال : خلق الأرض قبل أن يخلق السماء
ثم خلق السماء ثم دحا بعد ما خلق السماء وإنما قوله : دحاها بسطها
وأخرج ابن المنذر عن إبراهيم النخعي والأرض بعد ذلك دحاها قال : دحيت من مكة
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : أخرج منها ماءهما قال : فجر منها الأنهار
مرعاها قال : ما خلق الله من نبات أو شيء
وأخرج ابن بي حاتم عن ابن عباس في دحاها قال : دحيها أن أخرج منها الماء والمرعى
وشقق فيها الأنهار وجعل فيها الجبال والرمال والسبل والآكام وما بينهما في يومين
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : متاعا لكم قال : منفعة
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء قال : بلغني أن الأرض دحيت دحيا من تحت الكعبة
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن علي قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه و سلم
صلاة الصبح فلما قضى صلاته رفع رأسه فقال : " تبارك رافعها ومدبرها " ثم
رمى ببصره إلى الأرض فقال : " تبارك داحيها وخالقها "
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فإذا جاءت الطامة الكبرى
قال : الطامة من أسماء يوم القيامة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن القاسم بن الوليد الهمذاني في قوله : فإذا جاءت
الطامة الكبرى قال : إذا سيق أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار
(8/412)
وأخرج
ابن أبي شيبة وابن ألمنذر عن عمرو بن قيس الكندي فإذا جاءت الطامة الكبرى قال :
إذا قيل اذهبوا به إلى النار
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : وبرزت الجحيم لمن يرى قال : لمن ينظر
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : فإذا جاءت الطامة
قال : إذا دفعوا إلى مالك خازن النار وفي قوله : فأما من طغى قال : عصى وفي قوله :
يسألونك عن الساعة أيان مرساها قال : حينها فيم أنت من ذكراها قال : الساعة
وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يسأل عن
الساعة فنزلت فيم أنت من ذكراها
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس قال : إن مشركي أهل مكة
سألوا النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : متى تقوم الساعة استهزاء منهم فنزلت
يسألونك عن الساعة أيان مرساها يعني متى مجيئها فيم أنت من ذكراها ما أنت من علمها
يا محمد إلى ربك منتهاها يعني منتهى علمها إنما أنت منذر من يخشاها يعني من يخشى
القيامة كأنهم يوم يرونها يعني يرون القيامة لم يلبثوا في الدنيا ولم ينعموا بشيء
من نعيمها الأعشية ما بين الظهر إلى غروب الشمس أو ضحاها ما بين طلوع الشمس إلى
نصف النهار
وأخرج البزار وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن عائشة قالت :
مازال رسول الله صلى الله عليه و سلم يسأل عن الساعة حتى أنزل عليه فيم أنت من
ذكراها إلى ربك منتهاها فلم يسأل عنها
وأخرجه سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عروة مرسلا
وأخرج عبد بن حميد والنسائي وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن طارق بن شهاب قال
: كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكثر ذكر الساعة حتى نزلت فيم أنت من ذكراها
إلى ربك منتهاها فكف عنها
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : " كانت الأعراب إذا قدموا على النبي
(8/413)
صلى
الله عليه و سلم سألوه عن الساعة فينظر إلى أحدث إنسان فيهم فيقول : إن يعش هذا
قرنا قامت عليكم ساعتكم "
وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن أسلم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إنما يدخل الجنة من يرجوها وإنما يجتنب النار من يخشاها وإنما يرحم الله من
يرحم "
وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير في قوله : إلى ربك منتهاها قال : علمها وفي قوله :
إلا عشية قال : من الدنيا أو ضحاها قال : العشية
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : كأنهم يوم يرونها الآية قال :
تدق الدنيا في أنفس القوم حين عاينوا أمر الآخرة
(8/414)
بسم
الله الرحمن الرحيم
80
- سورة عبس
مكية وآياتها ثنتان وأربعون
مقدمة السورة أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن
عباس قال : نزلت سورة عبس بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
الآية 1 - 16 وأخرج ابن الضريس عن أبي وائل : " أن وفد بني أسد أتوا النبي
صلى الله عليه و سلم فقال : من أنتم ؟ فقالوا : نحن بنو الزينة أحلاس الخيل فقال
النبي صلى الله عليه و سلم : أنتم بنو رشدة فقال الحضرمي بن عامر : والله لا نكون
كبني المحوسلة وهم بنو عبد الله بن غطفان كان يقال لهم بنو عبد العزى بن غطفان
فقال النبي صلى الله عليه و سلم للحضرمي : هل تقرأ من القرآن شيئا ؟ قال : نعم
فقال : اقرأه فقرأ من عبس وتولى ما شاء الله أن يقرأ ثم قال : وهو الذي من على
الحبلى فأخرج منها نسمة تسعى بين شراسيف وحشا
فقال النبي صلى الله عليه و سلم لا تزد فيها فإنها كافية "
(8/415)
وأخرج
ابن النجار عن أنس قال : " استأذن العلاء بن يزيد الحضرمي على النبي صلى الله
عليه و سلم فأذن له فتحدثا طويلا ثم قال له : يا علاء تحسن من القرآن شيئا ؟ قال :
نعم ثم قرأ عليه عبس حتى ختمها فانتهى إلى آخرها وزاد في آخرها من عنده : وهو الذي
أخرج من الحبلى نسمة تسعى من بين شراسيف وحشا فصاح به النبي صلى الله عليه و سلم :
يا علاء انته فقد انتهت السورة " والله أعلم
أخرجه الترمذي وحسنه وابن المنذر وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه عن عائشة
قالت : أنزل سورة عبس وتولى في ابن أم مكتوم والأعمى أتى رسول الله صلى الله عليه
و سلم فجعل يقول : يا رسول الله أرشدني وعند رسول الله صلى الله عليه و سلم رجل من
عظماء المشركين فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يعرض عنه ويقبل على الآخر
ويقول أترى بما أقول بأسا فيقول لا ففي هذا أنزلت
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
في مجلس من ناس من وجوه قريش منهم أبو جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة فيقول لهم أليس
حسنا أن جئت بكذا وكذا ؟ فيقولون : بلى والله فجاء ابن أم مكتوم وهو مشتغل بهم
فسأله فأعرض عنه فأنزل الله أما من استغنى فأنت له تصدى وأما من جاءك يسعى وهو
يخشى فأنت عنه تلهى يعني ابن أم مكتوم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو يعلى عن أنس قال : جاء ابن أم مكتوم إلى النبي
صلى الله عليه و سلم وهو يكلم أبي بن خلف فأعرض عنه فأنزل الله عبس وتولى أن جاءه
الأعمى فكان النبي صلى الله عليه و سلم بعد ذلك يكرمه
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال : بينا رسول الله صلى الله عليه و سلم
يناجي عتبة بن ربيعة والعباس بن عبد المطلب وأبا جهل بن هشام وكان يتصدى لهم كثيرا
ويحرص أن يؤمنوا فأقبل إليه رجل أعمى يقال له عبد الله بن أم مكتوم يمشي وهو
يناجيهم فجعل عبد الله يستقرئ النبي صلى الله عليه و سلم آية من القرآن
قال يا رسول الله : علمني مما علمك الله فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم
وعبس في وجهه وتولى وكره كلامه وأقبل على الآخرين
فلما قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم نجواه وأخذ ينقلب إلى أهله أمسك الله ببعض
بصره ثم خفق برأسه ثم أنزل الله عبس وتولى أن جاءه الأعمى فلما نزل فيه ما نزل
أكرمه نبي الله وكلمه يقول له : ما حاجتك ؟ هل تريد من شيء ؟
(8/416)
وأخرج
سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن أبي مالك في قوله : عبس وتولى قال :
جاءه عبد الله بن أم مكتوم فعبس في وجهه وتولى وكان يتصدى لأمية بن خلف فقال الله
: أما من استغنى فأنت له تصدى
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحكم قال : ما رؤي رسول الله صلى الله عليه و سلم بعد هذه
الآية متصديا لغني ولا معرضا عن فقير
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : لو أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كتم
شيئا من الوحي كتم هذا عن نفسه
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي أمامة قال : " أقبل ابن أم مكتوم الأعمى
وهو الذي نزل فيه عبس وتولى أن جاءه الأعمى فقال يا رسول الله : كما ترى قد كبرت
سني ورق عظمي وذهب بصري ولي قائد لا يلائمني قياده إياي فهل تجد لي من رخصة أصلي
الصلوات الخمس في بيتي ؟ قال هل تسمع المؤذن ؟ قال : نعم قال : ما أجد لك من رخصة
"
وأخرج ابن مردويه عن كعب بن عجرة : " إن الأعمى الذي أنزل الله فيه عبس وتولى
أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله أني أسمع النداء ولعلي لا أجد
قائدا فقال : إذا سمعت النداء فأجب داعي الله "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : أن جاءه الأعمى قال : رجل من
بين فهر اسمه عبد الله بن أم مكتوم أما من استغنى عتبة بن ربيعة وأميه بن خلف
وأخرج ابن سعد وابن المنذر عن الضحاك في قوله : عبس وتولى قال : هو رسول الله صلى
الله عليه و سلم لقي رجلا من أشراف قريش فدعاه إلى الإسلام فأتاه عبد الله بن أم
مكتوم فجعل يسأله عن أشياء من أمر الإسلام فعبس في وجهه فعاتبه الله في ذلك فلما
نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم ابن أم مكتوم فأكرمه واستخلفه
على المدينة مرتين
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه في شعب الإيمان عن مسروق قال : دخلت على عائشة
وعندها رجل مكفوف تقطع له الأتراج وتطعمه إياه بالعسل فقلت : من هذا يا أم المؤمنين
؟ فقالت : هذا ابن أم مكتوم الذي عاتب الله فيه نبيه
(8/417)
صلى
الله عليه و سلم قالت : أتى نبي الله وعنده عتبة وشيبة فأقبل رسول الله صلى الله
عليه و سلم عليهما فنزلت عبس وتولى أنجاءه الأعمى ابن أم مكتوم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم مستخليا بصنديد
من صناديد قريش وهو يدعوه إلى الله وهو يرجو أن يسلم إذا أقبل عبد الله بن أم
مكتوم الأعمى فلما رآه النبي صلى الله عليه و سلم كره مجيئه وقال في نفسه : يقول
هذا القرشي إنما أتباعه العميان والسفلة والعبيد فعبس فنزل الوحي عبس وتولى إلى
آخر الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في صحف مكرمة مرفوعة مطهرة قال : هي عند
الله بأيدي سفرة قال : هي القرآن
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة بأيدي سفرة قال : كتبة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن وهب بن منبه بأيدي سفرة كرام برره قال : هم
أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : السفرة الكتبة من الملائكة
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس في قوله : بأيدي سفرة قال
: كتبة
وأخرج الخطيب في تاريخه عن عطاء بن أبي رباح مثله
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر عن ابن عباس سفرة قال : بالنبطية القراء
أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : كرام بررة قال : الملائكة
وأخرج أحمد والأئمة الستة عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي
يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة والذي يقرؤه وهو عليه شاق له
أجران والله أعلم
الآية 17 - 31
(8/418)
أخرج
ابن المنذر عن عكرمة في قوله : قتل الإنسان ما أكفره قال : نزلت في عتبة بن أبي
لهب حين قال : كفرت برب النجم إذا هوى فدعا عليه النبي صلى الله عليه و سلم فأخذه
الأسد بطريق الشام
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : ما كان في القرآن قتل الإنسان إنما عني به الكافر
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ما أكفره قال : ما أشد كفره وفي قوله : فقدره قال :
نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم كذا ثم كذا ثم كذا ثم انتهى خلقه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في قوله : خلقه فقدره قال : قدره في رحم
أمه كيف شاء
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله : ثم السبيل يسره يعني بذلك
خروجه من بطن أمه يسره له
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ثم السبيل يسره قال : خروجه من الرحم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة ثم السبيل يسره قال : خروجه من بطن أمه
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك مثله
وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح ثم السبيل يسره قال : خروجه من الرحم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : ثم السبيل يسره قال : هو كقوله
: إنا هديناه السبيل إما شاكر وإما كفورا سورة الإنسان الآية 3 الشقاء والسعادة
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن محمد بن كعب القرظي قال : قرأت في التوراة أو قال في
مصحف إبراهيم فوجدت فيها : يقول الله يا ابن آدم ما أنصفتني خلقتك ولم تك شيئا
وجعلتك بشرا سويا وخلقتك من سلالة من طين ثم جعلتك نطفة في قرار مكين ثم خلقت النطفة
علقة فخلقت العلقة مضغة
(8/419)
فخلقت
المضغة عظاما فكسوت العظام لحما ثم أنشأناك خلقا آخر
يا ابن آدم هل يقدر على ذلك غيري ؟ ثم خففت ثقلك على أمك حتى لا تتمرض بك ولا
تتأذى ثم أوحيت إلى الأمعاء أن اتسعي وإلى الجوارح أن تفرق فاتسعت الأمعاء من بعد
ضيقها وتفرقت الجوارح من بعد تشبيكها ثم أوحيت إلى الملك الموكل بالأرحام أن يخرجك
من بطن أمك فاستخلصتك على ريشة من جناحه فاطلعت عليك فإذا أنت خلق ضعيف ليس لك سن
يقطع ولا ضرس يطحن فاستخلصت لك في صدر أمك عرقا يدر لك لبنا باردا في الصيف حارا
في الشتاء واستخلصته لك من بين جلد ولحم ودم وعروق ثم قذفت لك في قلب والدتك
الرحمة وفي قلب أبيك التحنن فهما يكدان ويجهدان ويربيانك ويغذيانك ولا ينامان حتى
ينوماك
ابن آدم : أنا فعلت ذلك بك لا لشيء استأهلته به مني أو لحاجة استعنت على قضائها
ابن آدم فلما قطع سنك ووطحن ضرسك أطعمتك فاكهة الصيف في أوانها وفاكهة الشتاء في
أوانها فلما أن عرفت أني ربك عصيتني فالآن إذا عصيتني فادعني فإني قريب مجيب
وادعني فإني غفور رحيم
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : لما يقض ما أمره قال
: لا يقضي أحد أبدا كل ما افترض عليه
وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن الزبير في قوله : فلينظر الإنسان إلى طعامه قال :
إلى مدخله ومخرجه
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد مثله
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التواضع من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس
فلينظرالإنسان إلى طعامه قال : إلى خرئه
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : فلينظر الإنسان إلى طعامه قال : ملك يثني
رقبة ابن آدم إذا جلس على الخلاء لينظر ما يخرج منه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي قلابة قال : مكتوب في التوراة يا ابن آدم
انظر إلىما بخلت به إلى ما صار
وأخرج ابن المنذر عن بشير بن كعب أنه كان يقول لأصحابه إذا فرغ من حديثه : انطلقوا
حتى أريكم الدنيا فيجيء فيقف على مزبلة فيقول : انظروا إلى عسلهم وإلى سمنهم وإلى
بطنهم وإلى دجاجهم إلى ما صار
(8/420)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن عباس إنا صببنا الماء صبا قال : المطر ثم شققنا الأرض شقا عن
النبات
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس وقضبا قال :
الفصفصة يعني القت وحدائق غلبا قال : طوال وفاكهة وأبا قال : الثمارالرطبة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الحدائق كل ملتف
والغلب ما غلظ والأب ما أنبت الأرض مما يأكله والدواب ولا يأكله الناس
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد وحدائق غلبا قال : ملتفة وفاكهة وهو ما
أكل النا س وأبا ما أكلت الأنعام
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن قال : الغب الكرام من النخل
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة غلبا قال : غلاظا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عنابن عباس وحدائق غلبا قال : شجر في الجنة يستظل
به لا يحمل منه شيئا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الأب الحشيش للبهائم
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس قال : الأب الكلأ والمرعى
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : وأبا قال :
الأب ما يعتلف منه الدواب
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال نعم أما سمعت قول الشاعر : ترى به الأب واليقطين
مختلطا على الشريعة يجري تحتها العذب وأخرج أبو عبيد في فضائله وعبد بن حميد عن
إبراهيم التيمي قال : سئل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن قوله : أبا فقال : أي
سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله مال لا أعلم
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه
والبيهقي في شعب الإيمان والخطيب والحاكم وصححه عن أنس أن عمر قرأ على المنبر
فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا إلى قوله : وأبا قال : كل هذا قد عرفناه فما الأب ؟
ثم رفع عصا كانت في يده فقال : هذا لعمر الله هو التكلف
(8/421)
فما
عليك أن لا تدري ما الأب اتبعوا ما بين لكم هداه من الكتاب فاعملوا به
وما لم تعرفوه فكلوه إلى ربه
وأخرج ابن المنذر عن السدي قال : الحدائق البساتين والغلب ما غلظ من الشجر والأب
العشب متاعا لكم ولأنعامكم قال : الفاكهة لكم والعشب لأنعامكم
وأخرج عبد بن حميد وقضبا قال : الفصافص وحدائق غلبا النخل الكرام وفاكهة لكم وأبا
لأنعامكم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد أنه قرأ غلبا مشقة
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال : الفاكهة التي يأكلها بنو آدم والأب المرعى
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : الفاكهة ما تأكل الناس وأبا ما تأكل الدواب
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : ما طب واحلولى فلكم والأب لأنعامكم
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير وأبا قال : الكلأ
وأخرج عبد بن حميد عن أبي رزين وفاكهة وأبا قال : النبات
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك قال : الأب الكلأ
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك قال : الاب هو التبن
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء قال : كل شيء ينبت على الأرض فهو الأب
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الرحمن بن يزيد أن رجلا سأل عمر عن قوله : وأبا فلما
رآهم يقولون أقبل عليهم بالدرة
وأخرج عبد بن حميد وابن الأنباري في المصاحف عن أنس قال : قرأ عمر وفاكهة وأبا
فقال : هذه الفاكهة قد عرفناها فما الأب ؟ ثم قال : مه نهينا عن التكلف
وأخرج ابن مردويه عن أبي وائل أن عمر سئل عن قوله : وأبا ما الأب ؟ ثم قال : ما
كلفنا هذا أو ما أمرنا بهذا
(8/422)
الآية
33 - 42 أخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس قال : الصاخة من أسماء
يوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد والترمذي والحاكم وصححاه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن
عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " تحشرون حفاة عراة غرلا فقالت
زوجته : أينظر بعضنا إلى عروة بعض ؟ فقال : يا فلانة لكل امرئ منهم يومئذ شأن
يغنيه "
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن سودة بنت زمعة قالت : قال
النبي صلى الله عليه و سلم : " يبعث الناس حفة عراة غرلا قد ألجمهم العرق
وبلغ شحوم الآذان قلت يا رسول الله : واسوأتاه ينظر بعضنا إلى بعض ؟ قال : شغل
الناس عن ذلك وتلا يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم
يومئذ شأن يغنيه "
وأخرج الطبراني عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " يحشر
الناس يوم القيامة مشاة حفاة غرلا
قيل يا رسول الله ينظر الرجال إلى النساء ؟ فقال : لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه
"
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند صحيح عن أم سلمة : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " يحشر الناس يوم القيامة عراة حفاة فقلت يا رسول الله : واسوأتاه
ينظر بعضنا إلى بعض ؟ فقال : شغل الناس
قلت : ما شغلهم ؟ قال : نشر الصحائف فيها مثاقيل الذر ومثاقيل الخردل "
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " يبعث الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا قلت يا رسول الله : فكيف
بالعورات ؟ قال : لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه "
(8/423)
وأخرج
ابن عساكر عن الحسن قال : إن أول من يفر يوم القيامة من أبيه إبراهيم وأول من يفر
من أمه إبراهيم وأول من يفر من ابنه نوح وأول من يفر من أخيه هابيل وأول من يفر من
صاحبته نوح ولوط وتلا هذه الآية يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه
فيرون أن هذه الآية نزلت فيهم
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن قتادة قال : ليس شيء أشد على الإنسان يوم القيامة
من أن يرى من يعرفه مخافة أن يكون يطلبه بمظلمة ثم قرأ يوم يفر المرء من أخيه
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس في قوله : مسفرة قال :
مشرقة وفي قوله : ترهقها قترة قال : تغشاها شدة وذلة
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس قترة قال : سواد الوجوه
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " يلجم الكافر العرق ثم تقع الغبرة على وجوههم فهو قوله :
وجوه يومئذ عليها غبرة "
(8/424)
بسم
الله الرحمن الرحيم
81
- سورة التكوير
مكية وآياتها تسع عشرون
مقدمة السورة أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : نزلت سورة إذا الشمس كورت بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير وعن عائشة مثله
الآية 1 - 29
(8/425)
وأخرج
أحمد والترمذي وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأى عين
فليقرأ إذا الشمس كورت و إذا السماء انفطرت و إذا السماء انشقت "
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ومسلم وابن ماجة والبيهقي في سننه عن عمرو بن حوشب
أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ في الفجر والليل إذا عسعس
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث من طريق علي عن ابن
عباس في قوله : إذا الشمس كورت قال : أظلمت وإذا النجوم انكدرت قال تغيرت وإذا
الموءودة سئلت يقول : سألت
وأخرج ابن المنذر من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما إذا الشمس كورت
قال : أغورت
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : إذا الشمس كورت قال : أغورت
وإذا النجوم انكدرت قال : تناثرت وإذا الجبال سيرت قال : ذهبت وإذا العشار عشار
الإبل عطلت لا راعي لها وإذا البحار سجرت قال : أوقدت وإذا النفوس زوجت قال :
الأمثال للناس جمع بينهم وإذا السماء كشطت قال : اجتبذت
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير إذا الشمس كورت قال : هي بالفارسية كور
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : كورت قال : غورت
قال يعقوب : وهي بالفارسية كور يهود
وأخرج ابن أبي حاتم والديلمي عن أبي مريم أن النبي صلى الله عليه و سلم قال في
قوله : إذا الشمس كورت قال : " كورت في جهنم " وإذا النجوم انكدرت قال :
" انكدرت في جهنم وكل من عبد من دون الله فهو في جهنم إلا ما كان من عيسى بن
مريم وأمه ولو رضيا أن يعبدا لدخلاها "
وأخرج ابن الدنيا في الأهوال وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي
الله عنهما في قوله : إذا الشمس كورت قال : يكور الله الشمس والقمر والنجوم يوم
القيامة في البحر ويبعث الله ريحا دبورا فتنفخه حتى يرجع نارا
(8/426)
وأخرج
البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : الشمس
والقمر مكوران يوم القيامة زاد البزار في مسنده في النار
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي العالية رضي الله عنه قال : ست آيات من هذه
السورة في الدنيا والناس ينظرون إليه وست في الآخرة إذا الشمس كورت إلى وإذا
البحار سجرت هذه الدنيا والناس ينظرون إليه وإذا النفوس زوجت وإذا الجنة أزلفت هذه
الآخرة
وأخرج ابن أبي الدنيا في الأهوال وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي بن كعب قال : ست
آيات قبل يوم القيامة بينما الناس في أسواقهم إذ ذهب ضوء الشمس فبينما هم كذلك إذا
وقعت الجبال على وجه الأرض فتحركت واضطربت واختلطت ففزعت الجن إلى الإنس والإنس
إلى الجن واختلطت الدواب والطير والوحش فماجوا بعضهم في بعض وإذا الوحوش حشرت قال
: اختلطت وإذا العشار عطلت أهملها أهلها وإذا البحار سجرت قال : الجن والإنس نحن
نأتيكم بالخبر فانطلقوا إلى البحر فإذا هي نار تأجج فبينما هم كذلك إذا انصدعت
الأرض صدعة واحدة إلى الأرض السابعة وإلى السماء السابعة فبينما هم كذلك إذ جاءتهم
ريح فأماتتهم
وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح رضي الله عنه إذا الشمس كورت قال : نكست
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه إذا الشمس كورت قال : اضمحلت
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه إذا الشمس كورت قال : ذهب ضوءها وإذا
النجوم انكدرت قال : تساقطت وإذا الوحوش حشرت قال : حشرها موتها وإذا البحار سجرت
قال : ذهب ماؤها غار ماؤها قال : سجرت وفجرت سواء وإذا النفوس زوجت قال : زوجت
الأرواح الأجساد
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه إذا الشمس كورت قال : ذهب
ضوءها فلا ضوء لها وإذا النجوم انكدرت قال : تساقطت وتهافتت وإذا العشار عطلت قال
: سيبها أهلوها أتاهم ما شغلهم عنها
(8/427)
فلم
تصر ولم تحلب ولم يكن في الدنيا مال أعجب إليهم منها وإذا الوحوش حشرت قال : إن
هذه الخلائق موافيه يوم القيامة فيقضي الله فيها ما يشاء وإذا البحار سجرت قال :
ذهب ماؤها ولم يبق منها قطرة وإذا النفوس زوجت قال : الحق كل إنسان بشيعته اليهود
باليهود والنصراني بالنصراني وإذا الموءودة سئلت قال : هي في بعض القراءة سألت بأي
ذنب قتلت قال : لا بذنب وكان أهل الجاهلية يقتل أحدهم ابنته ويغذو كلبه فعاب الله
ذلك عليهم وإذا الصحف نشرت قال : صحيفتك يا ابن آدم يملي ما فيها ثم تطوى ثم تنشر
عليك يوم القيامة فينظر الرجل ما يمل في صحيفته وإذا الجحيم سعرت قال : أوقدت وإذا
الجنة أزلفت قال : قربت علمت نفس ما أحضرت من عمل قال : قال عمر رضي الله عنه إلى
ههنا آخر الحديث
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وإذا العشار عطلت قال : هي الإبل
وإذا الوحوش حشرت قال : حشرها موتها وإذا النفوس زوجت قال : ترجع الأرواح إلى
أجسادها وإذا الموءودة سئلت قال : أطفال المشركين
قال ابن عباس : الموءودة هي المدفونة كانت المرأة في الجاهلية إذا هي حملت فكان
أوان ولادها حفرت حفرة فتمخضت على رأس تلك الحفرة فإن ولدت جارية رمت بها في تلك
الحفرة وإن ولدت غلاما حبسته
قال ابن عباس رضي الله عنهما : فمن زعم أنهم في النار فقد كذب بل هم في الجنة
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن الربيع بن خيثم في قوله : إذا
الشمس كورت قال : رمي بها وإذا النجوم انكدرت قال : تناثرت وإذا الجبال سيرت قال :
سارت وإذا العشار عطلت لم تحلب ولم تصر وتخلى منها أهلها وإذا الوحوش حشرت قال :
أتى عليها أمر الله وإذا البحار سجرت قال : فاضت وإذا النفوس زوجت قال : كل رجل مع
صاحب عمله وإذا الموءودة سئلت قال : كانت العرب من أفعل الناس لذلك وإذا الجحيم
سعرت أوقدت وإذا الجنة أزلفت قربت إلى ههنا انتهى الحديث فريق في الجنة وفريق في
السعير
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والحاكم
وصححه من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وإذا
(8/428)
الوحوش
حشرت قال : حشر البهائم موتها وحشر كل شيء الموت غير الجن والإنس فإنهما يوقفان
يوم القيامة
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما وإذا الوحوش حشرت قال :
يحشر كل شيء حتى إن الذباب ليحشر
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : وإذا
البحار سجرت قال : اختلط ماؤها بماء الأرض
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت زهير بن أبي سلمى يقول : لقد
نازعتهم حسبا قديما وقد سجرت بحارهم بحاري وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله
عنه وإذا البحار سجرت قال : فتحت وسيرت
وأخرج البيهقي في البعث من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وإذا
البحار سجرت قال : تسجر حتى تصير نارا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن والضحاك رضي الله عنه وإذا البحار سجرت
قال : غار ماؤها فذهب
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن شمر بن عطية رضي الله عنه في قوله : وإذا البحار
سجرت قال : تسجر كما يسجر التنور
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وسعيد بن منصور والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في البعث وأبو نعيم
في الحلية عن النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سئل عن قوله :
وإذا النفوس زوجت قال : يقرن بين الرجل الصالح مع الصالح في الجنة ويقرن بين الرجل
السوء مع السوء في النار فذلك تزويج الأنفس
وأخرج ابن مردويه عن النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله :
وإذا النفوس زوجت قال : هو الرجل يزوج نظيره من أهل النار يوم القيامة ثم قرأ
احشروا الذين ظلموا وأزواجهم سورة الصافات الآية 22
وأخرج ابن مردويه عن النعمان بن بشير رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه
و سلم
(8/429)
يقول
: إذا النفوس زوجت قال : " هما الرجلان يعملان العمل يدخلان الجنة والنار
"
وأخرج ابن منيع عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وإذا النفوس زوجت قال : تزويجها أن
يؤلف كل قوم إلى شبههم وقال : احشروا الذين ظلموا وأزواجهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يسيل واد من أصل العرش من
ماء فيما بين الصيحتين ومقدار ما بينهما أربعون عاما فينبت منه كل خلق بلي من
الإنسان أو طير أو دابة ولو مر عليهم مار قد عرفهم قبل ذلك لعرفهم على وجه الأرض
قد نبتوا ثم ترسل الأرواح فتزوج الأجساد فذلك قول الله وإذا النفوس زوجت
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله : وإذا النفوس
زوجت قال : زوج الروح للجسد
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي وإذا النفوس زوجت قال : زوج الروح من الجسد وأعيدت
الأرواح في الأجساد
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الكلبي قال : زوج المؤمنون الحور العين والكفار
الشياطين
وأخرج الفراء عن عكرمة في قوله : وإذا النفوس زوجت قال : يقرن الرجل في الجنة
بقرينه الصالح في الدنيا ويقرن الرجل الذي كان يعمل السوء في الدنيا بقرينه الذي
كان يعينه في النار
وأخرج أحمد والنسائي وابن المنذر وابن مردويه عن سلمة بن زيد الجعفي عن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : " الوئيد والموءودة في النار إلا أن تدرك الإسلام
فيعفوا الله عنها "
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي الضحى مسلم بن
صبيح أنه قرأ : " وإذا الموءودة سألت " قال : طلبت قاتلها بدمائها
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والطبراني وابن مردويه عن
خدامة بنت وهب قالت : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن العزل فقال : "
ذاك الوأد الخفي وهو الموءودة "
(8/430)
وأخرج
الطبراني عن صعصعة بن ناجية المجاشعي وهو جد الفرزدق قال : " قلت يا رسول
الله إني عملت أعمالا في الجاهلية فهل لي فيها من أجر ؟ قال : وما عملت ؟ قال :
أحييت ثلثمائة وستين موءودة أشتري كل واحد منهن بناقتين عشراوين وجمل فهل لي في
ذلك من أجر ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم : لك أجره إذ من الله عليك بالإسلام
"
وأخرج البزار والحاكم في الكني والبيهقي في سننه عن عمر بن الخطاب في قوله : وإذا
الموءودة سئلت قال : جاء قيس بن عاصم التميمي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقال : إني وأدت ثمان بنات لي في الجاهلية فقال له النبي صلى الله عليه و سلم :
" أعتق عن كل واحدة رقبة قال إني صاحب إبل
قال : " فاهد عن كل واحدة بدنة "
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج وإذا الصحف نشرت قال : إذا مات الإنسان طويت صحيفته
ثم تنشر يوم القيامة فيحاسب بما فيها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق زيد بن أسلم عن
أبيه قال : لما نزلت إذا الشمس كورت قال عمر : لما بلغ علمت نفس ما أحضرت قال :
لهذا أجري الحديث
وأخرج سعيد بن منصور والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم
وصححه من طرق عن علي في قوله : فلا أقسم بالخنس قال : هي الكواكب تكنس بالليل
وتخنس بالنهار فلا ترى
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الأصبغ بن نباتة عن علي في قوله : فلا أقسم بالخنس قال
: خمسة أنجم زحل وعطارد والمشتري وبهرام والزهرة ليس في الكواكب شيء يقطع المجرة
غيرها
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة من طريق عكرمة عن ابن عباس قال : الخنس
نجوم تجري يقطعن المجرة كما يقطع الفرس
وأخرج ابن مردويه والخطيب في كتاب النجوم من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس
في قوله : فلا أقسم بالخنس الجواري الكنس قال : هي النجوم السبعة زحل وبهرام عطارد
والمشتري والزهرة والشمس والقمر خنوسها رجوعها وكنوسها تغيبها بالنهار
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور والفريابي وابن سعد وعبد بن حميد وابن
(8/431)
جرير
وابن أبي حاتم وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه من طرق عن ابن مسعود في قوله :
بالخنس الجواري الكنس قال : هي بقر الوحش
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس الجواري الكنس قال : البقر
تكنس إلى الظل
وأخرج ابن المنذر من طريق خصيف عن ابن عباس الجواري الكنس قال : هي الوحش تكنس
لأنفسها في أصول الشجر تتوارى فيه
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله : الخنس قال : الظباء
وأخرج عبد بن حميد وابن راهويه والبيهقي في البعث عن علي الجواري الكنس قال : هي
الكواكب
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة فلا أقسم بالخنس الجواري الكنس قال : هي النجوم تبدو
بالليل وتخفى بالنهار تكنس
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : بالخنس الجواري الكنس قال : النجوم تخنس
بالنهار
وأخرج عبد بن حميد عن المغيرة قال : سأل إبراهيم مجاهدا عن قول الله فلا أقسم
بالخنس الجواري الكنس قال : لا أدري
قال إبراهيم : ولم لا تدري ؟ قال : إنكم تقولون عن علي إنها النجوم فقال : كذبوا
فقال مجاهد : هي بقر الوحش والخنس الجواري حجرتها
فقال إبراهيم : هو كما قلت
وأخرج عبد بن حميد عن بكر بن عبد الله المزني قال : الخنس الجواري الكنس هي النجوم
الدراري التي تجري تستقبل المشرق
وأخرج عبد بن حميد عن أبي ميسرة قال : الجواري الكنس بقر الوحش
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد الجواري الكنس قال : هي الظباء إذا كنست كوانسها
وأخرج عبد بن حميد عن جابر بن زيد الجواري الكنس قال : هي الظباء ألم ترها إذا
كانت في الظل كيف تكنس بأعناقها ومدت نظرها ؟
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن الجواري الكنس قال : البقر
وأخرج الحاكم أبو أحمد في الكني عن العدبس قال : كنا عند عمر بن
(8/432)
الخطاب
فأتاه رجل فقال : يا أمير المؤمنين ما الجواري الكنس ؟ فطعن عمر مخصرة معه في
عمامة الرجل فألقاها عن رأسه فقال عمر : احروري والذي نفس عمر بن الخطاب بيده ؟ لو
وجدتك محلوقا لأنحيت القمل عن رأسك
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله : والليل
إذا عسعس قال : إذا أدبر والصبح إذا تنفس قال : إذا بدا النهار حين طلوع الفجر
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن مجاهد والليل إذا عسعس قال : إقباله ويقال :
إدباره
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : والليل إذا عسعس
قال : إقبال سواده قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول النابغة :
كأنما خدما قالوا وما وعدوا ال تضمنه من ؟ عسعس وأخرج الطحاوي والطبراني في الأوسط
والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن علي أنه خرج حين طلع الفجر فقال : نعم ساعة
الوتر هذه ثم تلا والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : إنه لقول رسول كريم قال : جبريل
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة إنه لقول رسول كريم قال : هو
جبريل وفي قوله : ولقد رآه بالأفق المبين قال : كنا نحدث أنه الأفق الذي يجيء منه
النهار وفي لفظ إنه الأفق من حيث تطلع الشمس
وأخرج ابن عساكر عن معاوية بن قرة قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
لجبريل : ما أحسن ما أثنى عليك ربك ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين فما
كانت قوتك وما كانت أمانتك ؟ قال : أما قوتي فإني بعثت إلى مدائن لوط وهي أربع
مدائن وفي كل مدينة أربعمائة ألف مقاتل سوى الذراري فحملتهم من الأرض
(8/433)
السفلى
حتى سمع أهل السماء أصوات الدجاج ونباح الكلاب ثم هويت بهم فقتلتهم وأما أمانتي
فلم أومر بشيء فعدوته إلىغيره "
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : " قال النبي صلى الله عليه و سلم لجبريل
ليلة الإسراء اكشف عن النار فكشف عنها فنظر إليها فذلك قوله : مطاع ثم أمين على
الوحي وما صاحبكم بمجنون محمد صلى الله عليه و سلم "
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن أبي صالح في قوله : مطاع ثم أمين قال :
أمين على سبعين حجابا يدخلها بغير إذن وما صاحبكم بمجنون قال : محمد صلى الله عليه
و سلم وفي قوله : ولقد رآه بالأفق المبين قال : كنا نحدث أنه الأفق الذي يجيء منه
النهار وفي لفظ : إن الأفق من حيث تطلع الشمس
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن مسعود ولقد رآه بالأفق المبين قال :
جبريل في رفرف أخضر قد سد الأفق
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود ولقد رآه
بالأفق المبين قال : رأى جبريل له ستمائة جناح قد سد الأفق
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : ولقد رآه بالأفق المبين قال : إنما عنى
جبريل أن محمدا رآه في صورته عند سدرة المنتهى
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة ولقد رآه بالأفق المبين قال : هو رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : هو رأى جبريل بالأفق والأفق الصبح
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ولقد رآه بالأفق المبين قال : السماء السابعة
وأخرج الدارقطني في الإفراد والخطيب في تاريخه والحاكم وصححه وابن مردويه عن عاشة
رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرؤءها " وما هو على الغيب
بظنين " بالظاء
وأخرج عبد الرزاق وابن مردويه عن ابن الزبير أن النبي صلى الله عليه و سلم كان
يقرؤها " وما هو على الغيب بظنين " وفي لفظ بضنين بالضاد
وأخرج عبد بن حميد عن هشام بن عروة قال : كان أبي يقرؤها " وما هو على الغيب
بظنين " فقيل له : في ذلك
فقال : قالت عائشة : إن الكتاب يخطئون في المصاحف
(8/434)
وأخرج
سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه من طرق عن عبد الله بن الزبير
أنه كان يقرأ " بظنين "
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
مردويه من طرق عن ابن عباس أنه كان يقرأ بضنين وقال : ببخيل
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء قال : زعموا أنها في المصاحف وفي مصحف عثمان بضنين
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن مجاهد وهرون قال : في حرف أبي بن كعب بضنين يعني
بالضاد
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد وما هو على الغيب بضنين يقول : ما كان يضن
عليكم بما يعلم
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة وما هو علىالغيب بضنين قال : إن النبي صلى الله عليه و
سلم لم يضن بما أنزل الله عليه
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة وما هو على الغيب بضنين قال : كان هذا القرآن غيبا
أعطاه الله تعالى محمدا فبذله وعلمه ودعا إليه وما ضن به
وأخرج ابن المنذر عن الزهري وما هو على الغيب بضنين قال : لا يضن بما أوحي إليه
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود أنه قرأها
" وما هو على الغيب بظنين " قال : ما هو على القرآن بمتهم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس " وما هو على الغيب بظنين " قال : ليس
بمتهم على ما جاء به وليس بضنين على ما أوتي به
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم النخعي قال : الظنين
المتهم والضنين البخيل
وأخرج عبد بن حميد عن زر قال : الغيب القرآن في قراءتنا " بظنين " متهم
وفي قراءتكم بضنين ببخيل
وأخرج عبد بن حميد عن زر قال : الغيب القرآن في قراءتنا " بظنين " متهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد لمن شاء منكم أن يستقيم قال : أن يتبع
الحق
(8/435)
وأخرج
ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة قال : لما نزلت لمن شاء منكم أن يستقيم
قالوا : الأمر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم فهبط جبريل على رسول الله
صلى الله عليه و سلم فقال : كذبوا يا محمد وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين
ففرح بذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن سعد والبيهقي في الأسماء والصفات عن وهب بن منبه قال : قرأت اثنين
وتسعين كتابا كلها أنزلت من السماء وجدت في كلها أن من أضاف إلى نفسه شيئا من
المشيئة فقد كفر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن سلمان بن موسى قال : لما نزلت لمن
شاء منكم أن يستقيم قال أبو جهل : جعل الأمر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم
نستقم فأنزل الله وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن القاسم بن مخيمرة قال : لما نزلت لمن شاء منكم أن
يستقيم قال أبو جهل : أرى الأمر إلينا فنزلت وما تشاؤون إلا أن يشاء الله رب
العالمين
(8/436)
بسم
الله الرحمن الرحيم
82
- سورة الإنفطار
مكية وآياتها تسع عشرة
مقدمة السورة أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال :
نزلت إذا السماء انفطرت بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
وأخرج النسائي عن جابر قال : قال : قام معاذ فصلى العشاء فطول فقال النبي صلى الله
عليه و سلم : أفتان أنت يا معاذ أين أنت عن سبح اسم ربك الأعلى والضحى وإذا السماء
انفطرت
الآية 1 - 19
(8/437)
أخرج
ابن المنذر عن السدي إذا السماء انفطرت قال : انشقت
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث من طريق عكرمة عن ابن
عباس وإذا البحار فجرت قال : بعضها في بعض وإذا القبور بعثرت قال : بحثت
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن خيثم وإذا البحار فجرت قال : فجر بعضها في بعض فذهب
ماؤها
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج وإذا القبور بعثرت أخرج ما فيها من الموتى
وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قي قوله :
علمت نفس ما قدمت وأخرت قال : ما قدمت من خير وأخرت من سنة صالحا يعمل بها بعده
فإن له مثل أجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا أو سنة سيئة يعمل بها
بعده فإن عليه مثل وزر عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيئا
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في الآية قال : ما قدمت من عمل خير أو شر وما أخرت
من سنة يعمل بها من بعده
وأخرج الحاكم وصححه عن حذيفة قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : " من
استن خيرا فاستن به فله أجره ومثل أجور من اتبعه غير منتقص من أجورهم ومن استن شرا
فاستن به فعليه وزره ومثل أوزار من اتبعه غير منتقص من أوزارهم " وتلا حذيفة
علمت نفس ما قدمت وأخرت
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في قوله : علمت نفس ما
قدمت وأخرت قال : ما أدت إلى الله مما أمرها به وما ضيعت
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ما قدمت من خير وما أخرت من حق الله تعالى لم تعمل به
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير ما قدمت من خير وما أخرت ما حدث به نفسه لم
يعمل به
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد " ما قدمت من خير وما أخرت " ما أمرت أن
تعمل فتركت
(8/438)
وأخرج
عبد بن حميد عن عطاء ما قدمت بين أيديها وما أخرت وراءها من سنة يعمل بها من بعده
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم وابن المنذر عن عمر بن الخطاب أنه قرأ هذه
الآية يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم فقال : غره والله جهله
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة يا أيها الإنسان ما غرك قال : أبي بن خلف
وأخرج عبد بن حميد عن صالح بن مسمار قال : بلغني أن النبي صلى الله عليه و سلم تلا
هذه الآية يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ثم قال : جهله
وأخرج ابن أبي شيبة عن ربيع بن خيثم ما غرك قال : الجهل
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه من طريق سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن النبي صلى
الله عليه و سلم كان يقرأ فسواك فعدلك مثقل
وأخرج البخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر وابن شاهين وابن قانع والطبراني
وابن مردويه من طريق موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن جده " أن النبي صلى الله
عليه و سلم قال له : ما ولد لك ؟ قال يا رسول الله : ما عسى أن يولد لي إما غلام
وإما جارية
قال : فمن يشبه ؟ قال يا رسول الله : ما عسى أن يشبه أباه وإما أمه
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : عند هامه لا تقولن هذا إن النطفة إذا استقرت في
الرحم أحضرها الله كل نسب بينها وبين آدم فركب خلقه في صورة من تلك الصور أما قرأت
هذه الآية في كتاب الله في أي صورة ما شاء ركبك من نسلك ما بينك وبين آدم "
وأخرج الحكيم الترمذي والطبراني وابن مردويه بسند جيد والبيهقي في الأسماء والصفات
عن مالك بن الحويرث قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إذا أراد
الله أن يخلق النسمة فجامع الرجل المرأة طار ماؤه في كل عرق وعصب منها فإذا كان
اليوم السابع أحضر الله كل عرق بينه وبين آدم ثم قرأ في أي صورة ما شاء ركبك "
وأخرج الحكيم الترمذي عن عبد الله بن بريدة أن رجلا من الأنصار ولدت له امرأته
غلاما أسود فأخذ بيد امرأته فأتى بها رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : والذي
بعثك بالحق لقد تزوجتني بكرا وما أقعدت مقعده أحدا فقال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " صدقت إن لك تسعة وتسعين عرقا وله مثل ذلك فإذا كان حين الولد اضطربت
(8/439)
العروق
كلها ليس منها عرق إلا يسأل الله أن يجعل الشبه له "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في أي صورة ما شاء ركبك قال : إما قبيحا
وإما حسنا وشبه أب أو أم أو خال أو عم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والرامهرمزي في الأمثال عن أبي صالح في أي صورة ما
شاء ركبك قال : إن شاء حمارا وإن شاء خنزيرا وإن شاء فرسا وإن شاء إنسانا
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله : في أي صورة ما شاء ركبك قال : إن شاء قردا
وإن شاء صورة خنزيرا والله تعالى أعلم
أخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : كلا بل تكذبون بالدين قال : بالحساب وإن
عليكم لحافظين كراما كاتبين
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : جعل الله على ابن آدم حافظين في الليل وحافظين
في النهار يحفظان عمله ويكتبان أثره
وأخرج البزار عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن
الله ينهاكم عن التعري فاستحيوا من ملائكة الله الذين معكم الكرام الكاتبين الذين
لا يفارقونكم إلا عند إحدى ثلاث حاجات : الغائط والجنابة والغسل "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الظهيرة
فرأى رجلا يغتسل بفلاة من الأرض فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : " أما بعد
فاتقوا الله واكرموا الكرام الكاتبين الذين معكم ليس يفارقونكم إلا عند إحدى
منزلتين : حيث يكون الرجل على خلائه أو يكون مع أهله لأنهم كرام كما سماهم الله
فيستتر أحدكم عند ذلك بجرم حائط أو بعيره فإنهم لا ينظرون إليه "
وأخرج البزار عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما من
حافظين يرفعان إلى الله ما حفظا في يوم فيرى في أول الصحيفة وآخرها استغفارا إلا
قال الله : قد غفرت لعبدي ما بين طرفي الصحيفة "
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : وما أدراك ما يوم الدين قال :
تعظيم يوم القيامة يوم يدان الناس فيه بأعمالهم وفي قوله : والأمر يومئذ لله قال :
ليس ثم أحد يقضي شيئا ولا يصنع شيئا غير رب العالمين
(8/440)
83
- سورة المطففين
مكية وآياتها ست وثلاثون أخرج النحاس وابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة
المطففين بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
وأخرج ابن الضريس عن ابن عباس قال : آخر ما أنزل بمكة سورة المطففين
بسم الله الرحمن الرحيم
الآية1 - 13 وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : أول ما نزل
بالمدينة ويل للمطففين
وأخرج النسائي وابن ماجة وابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان
بسند صحيح عن ابن عباس قال : لما قدم النبي صلى الله عليه و سلم المدينة كانوا من
أخبث الناس كيلا فأنزل الله ويل للمطففين فأحسنوا الكيل بعد ذلك
(8/441)
وأخرج
ابن سعد والبزار والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم استعمل سباع بن عرفطة على المدينة لما خرج إلى خيبر فقرأ ويل للمطففين فقلت :
هلك فلان له صاع يعطي به وصاع يأخذ به
وأخرج الحاكم عن ابن عمر أنه قرأ ويل للمطففين فبكى وقال : هو الرجل يستأجر الرجل
أو الكيال وهو يعلم أنه يخيف في كيله فوزره عليه
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
ما نقض قوم العهد إلا سلط الله عليهم عدوهم ولا طففوا الكيل إلا منعوا النبات
وأخذوا بالسنين "
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن سلمان قال : إنما الصلاة مكيال فمن أوفى
أوفي له ومن طفف فقد سمعتم ما قال الله في المطففين
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي في شعب الإيمان عن وهب بن منبه قال : تركك المكافأة
تطفيف
قال الله : ويل للمطففين
قوله تعالى : يوم يقوم الناس لرب العالمين
أخرج مالك وهناد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن المنذر وابن مردويه عن
ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : يوم يقوم الناس لرب العالمين حتى يغيب
أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه
وأخرج الطبراني وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عمر قال
: تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية يوم يقوم الناس لرب العالمين قال :
" كيف بكم إذا جمعكم الله كما يجمع النبل في الكنانة خمسين ألف سنة لا ينظر
إليكم "
وأخرج عن ابن مسعود إذا حشر الناس قاموا أربعين عاما
وأخرج أحمد في الزهد عن القاسم بن أبي بزة قال : حدثني من سمع أن عمر قرأ ويل
للمطففين حتى بلغ يوم يقوم الناس لرب العالمين بمقدار نصف يوم من خمسين ألف سنة
فيهون ذلك اليوم على المؤمن كتدلي الشمس من الغروب حتى تغرب
وأخرج الطبراني عن ابن عمرو أنه قال : يا رسول الله : كم قيام الناس بين يدي رب
العالمين يوم القيامة ؟ قال : " ألف سنة لا يؤذن لهم "
(8/442)
وأخرج
ابن المنذر عن كعب في الآية قال : يقومون ثلاثمائة عام لا يؤذن لهم بالقعود فأما
المؤمن فيهون عليه كالصلاة المكتوبة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في الآية قال : يقومون مقدار ثلاثمائة سنة ويخفف الله
ذلك اليوم ويقصره على المؤمن كمقدار نصف يوم أو كصلاة مكتوبة
وأخرج ابن مردويه عن حذيفة يقوم الناس على أقدامهم يوم القيامة ثلاثمائة سنة ويهون
ذلك اليوم على المؤمن كقدر الصلاة المكتوبة
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لبشير
الغفاري : " كيف أنت صانع في يوم يقوم الناس لرب العالمين مقدار ثلاثمائة سنة
من أيام الدنيا لا يأتيهم خبر من السماء ولا يؤمر فيهم بأمر ؟ قال بشير : المستعان
بالله يا رسول الله
قال : إذا أويت إلى فراشك فتعوذ بالله من شر يوم القيامة ومن شر الحساب "
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن أبي هريرة رضي الله عنه : " أن رجلا كان له من
رسول الله صلى الله عليه و سلم مقعد يقال له بشير ففقده النبي صلى الله عليه و سلم
ثلاثا فرآه شاحبا فقال : ما غير لونك يا بشير ؟ قال : اشتريت بعير فشرد علي فكنت
في طلبه ولم أشترط فيه شرطا
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : إن البعير الشرود يرد منه إنما غير لونك غير هذا
قال : لا
قال : فكيف بيوم يكون مقداره خمسين ألف سنة يوم يقوم الناس لرب العلامين "
أخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر من طريق شمر بن عطية أن الن
عباس رضي الله عنهما سأل كعب الأحبار عن قوله : كلا إن كتاب الفجار لفي سجين قال :
إن روح الفاجر يصعد بها إلى السماء فتأبى السماء أن تقبلها فيهبط بها إلى الأرض
فتأبى الأرض أن تقبلها فييدخل بها تحت سبع أرضين حتى ينتهي بها إلى السجين وهو خد
إبليس فيخرج لها من تحت خد إبليس كتابا فيختم ويوضع تحت خد إبليس لهلاكه للحساب
فذلك قوله تعالى : وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم وقوله : إن كتاب الأبرار لفي
عليين قال : إن روح المؤمن إذا عرج بها إلى السماء فتنفتح لها أبواب السماء وتلقاه
الملائكة بالبشرى حتى ينتهي بها إلى العرش وتعرج الملائكة فيخرج لها من تحت العرش
رق فيرقم ويختم ويوضع تحت العرش لمعرفة النجاة للحساب يوم القيامة ويشهد الملائكة
المقربون فذلك قوله : وما أدراك ما عليون كتاب مرقوم
(8/443)
وأخرج
سعيد بن منصور وابن المنذر عن محمد بن كعب رضي الله عنه في الآية قال : قد رقم
الله على الفجار ما هم عاملون في سجين فهو أسفل والفجار منتهون إلى ما قد رقم الله
عليهم ورقم على الأبرار ما هم عاملون في عليين وهم فوق فهم منتهون إلى ما قد رقم
الله عليهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سجين أسفل الأرضين
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" الفلق جب في جهنم مغطى وأما سجين فمفتوح "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : كلا إن كتاب
الفجار لفي سجين قال : عملهم في الأرض السابعة لا يصعد
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : كلا إن كتاب الفجار لفي سجين
قال : تحت الأرض السفلى فيها أرواح الكفار وأعمالهم أعمال السوء
وأخرج أبو الشيخ في العظمة والمحاملي في أماليه عن مجاهد رضي الله عنه قال : سجين
صخرة تحت الأرض السابعة في جهنم تقلب فيجعل كتاب الفجار تحتها
وأخرج عبد بن حميد عن فرقد كلا إن كتاب الفجار لفي سجين قال : تحت الأرض السفلى
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق عن قتادة كلا إن كتاب الفجار لفي سجين قال : هو
أسفل الأرض السابعة كتاب مرقوم قال : مكتوب
قال قتادة : ذكر لنا أن عبد الله بن عمر كان يقول : الأرض السفلى فيها أرواح
الكفار وأعمالهم السوء
وأخرج ابن مردويه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " سجين الأرض
السابعة السفلى "
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن عمرو قال : الأرض السفلى فيها أرواح الكفار
وأعمالهم أعمال السوء
وأخرج ابن المبارك عن ابن جريج قال : بلغني أن سجين الأرض السلفى وفي قوله : مرقوم
قال : مكتوب
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة كتاب مرقوم قال : رقم لهم بشر
(8/444)
وأخرج
ابن المنذر عن عكرمة لفي سجين قال : لفي خسار
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال : حدثني رسول الله صلى الله عليه و سلم
أن الملك يرفع العمل للعبد يرى أن في يديه منه سرورا حتى ينتهي إلى الميقات الذي
وصفه الله له فيضع العمل فيه فيناديه الجبار من فوقه إرم بما معك في سجين وسجين
الأرض السابعة
فيقول الملك : ما رفعت إليه إلى حقا فيقول : صدقت إرم بما معك في سجين
وأخرج عبد بن حميد وابن ماجة والطبراني والبيهقي في البعث عن عبد الله بن كعب بن
مالك قال : لما حضرت كعبا الوفاة أتته أم بشر بنت البراء فقالت : إن لقيت ابن
فأقرئه مني السلام فقال لها : غفر الله لك يا أم بشر نحن أسفل من ذلك فقالت : أما
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : إن نسمة المؤمن تسرح في الجنة حيث شاءت
وإن نسمة الكافر في سجين ؟ قال : بلى فهو ذلك
وأخرج ابن المبارك عن سعيد بن المسيب قال : التقى سلمان وعبد الله بن سلام فقال
أحدهما لصاحبه : إن مت قبلي فالقني فأخبرني بما صنع ربك بك وإن أنا مت قبلك لقيتك
فأخبرتك
فقال عبد الله : كيف يكون هذا ؟ قال : نعم إن أرواح المؤمنين تكون في برزخ من
الأرض تذهب حيث شاءت ونفس الكافر في سجين والله أعلم
الآية 14 - 21 أخرج أحمد وعبد بن حميد والحاكم والترمذي وصححاه والنسائي وابن ماجة
وابن جرير وابن حبان وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي
هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن العبد إذا أذنب
ذنبا نكتت في قلبه نكتة سوداء فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه
وإن عاد زادت حتى تعلو قلبه فذلك الران الذي ذكر الله في القرآن كلا بل ران على
قلوبهم ما كانوا يكسبون "
(8/445)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن بعض الصحابة أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول : " من
قتل مؤمنا أسود سدس قلبه وإن قتل اثنين أسود ثلث قلبه وإن قتل ثلاثة رين على قلبه
فلم يبال ما قتل فذلك قوله : بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون "
وأخرج الفريابي والبيهقي عن حذيفة رضي الله عنه قال : القلب هكذا مثل الكف فيذنب
الذنب فينقبض منه ثم يذنب الذنب فينقبض منه حتى يختم عليه فيسمع الخير فلا يجد له
مساغا ؟ يجمع فإذا اجتمع طبع عليه فإذا سمع خيرا دخل في أذنيه حتى يأتي القلب فلا
يجد فيه مدخلا فذلك قوله : بل ران على قلوبهم الآية
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال : كانوا يرون أن القلب مثل الكف وذكر
مثله
وأخرج ابن المنذر عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه في قوله : كلا بل ران على قلوبهم
قال : إذا عمل الرجل الذنبي نكت في قلبه نكتة سوداء ثم يعمل الذنب بعد ذلك فينكت
في قلبه نكتة سوداء ثم كذلك حتى يسود عليه فإذا ارتاح العبد قال : ييسر له عمل
صالح فيذهب من السودا بعضه ثم ييسر له عمل صالح أيضا فيذهب من السواد بعضه ثم ييسر
له أيضا عمل صالح فيذهب من السواد بعضه ثم كذلك حتى يذهب السوء كله
وأخرج نعيم بن حماد في الفتن والحاكم وصححه وتعقبه الذهبي عن عبد الله بن عمر رضي
الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان يقول : " لن تتفكروا بخير ما
استغنى أهل بدوكم عن أهل حضركم وليسوقنهم السنون والسنات حتى يكونوا معكم في
الديار ولا تتمنعوا منهم لكثرة من يسير عليكم منهم
قال : يقولون طالما جعنا وشبعتم وطالما شقينا ونعمتم فواسونا اليوم ولتستصعبن بكم
الأرض حتى يغيظ أهل حضركم أهل بدوكم ولتميلن بكم الأرض ميلة يهلك منا من هلك ويبقى
من بقي حتى تعتق الرقاب ثم تهدأ بكم الأرض بعد ذلك حتى يندم المعتقون ثم تميل بكم
الأرض ميلة أخرى فيهلك فيها من هلك ويبقى من بقي يقولون : ربنا نعتق ربنا نعتق
فيكذبهم الله كذبتم كذبتم أنا أعتق قال : وليبتلين أخريات هذه الأمة بالرجف فإن
تابوا تاب الله عليهم وإن عادوا عاد الله عليهم الرجف والقذف والخذف والمسخ والخسف
والصواعق فإذا قيل : هلك الناس هلك الناس هلك الناس فقد هلكوا
(8/446)
ولن
يعذب الله أمة حتى تعذر قالوا : وما عذرها ؟ قال : يعترفون بالذنوب ولا يتوبون
ولتطمئن القلوب بما فيها من برها وفجورها كما تطمئن الشجرة بما فيها حتى لا يستطيع
محسن يزداد إحسانا ولا يستطيع مسيء استعتابا
قال الله : كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون "
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون قال : أعمال
السوء ذنب على ذنب حتى مات قلبه واسود
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون
قال : أثبتت على قلبه الخطايا حتى غيرته
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
ران قال : طبع
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الران الطابع
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد رضي الله عنه
في الآية كانوا يرون أن الرين هو الطبع
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه كانوا يرون أن القلب مثل الكف فيذنب الذنب
فينقبض منه ثم يذنب الذنب فينقبض حتى يختم عليه ويسمع الخير فلا يجد له مساغا
وأخرج ابن جريروالبيهقي عن مجاهد رضي الله عنه قال : الران أيسر من الطبع والطبع
أيسر من الأقفال والإقفال أشد ذلك كله
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه كلا بل ران على قلوبهم قال : يعمل الذنب
فيحيط بالقلب فكلما عمل ارتفعت حتى يغشى القلب
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه كلا بل ران على قلوبهم قال : الذنب على
الذنب ثم الذنب على الذنب حتى يغمر القلب فيموت
وأخرج عبد بن حميد من طريق خليد بن الحكم عن أبي الخير قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " أربع خصال تفسد القلب : مجاراة الأحمق فإن جاريته كنت
مثله وإن سكت عنه سلمت منه وكثرة الذنوب مفسدة القلوب وقد قال : بل ران على قلوبهم
ما كانوا يكسبون والخلوة بالنساء والاستمتاع منهن والعمل برأيهم ومجالسة الموتى
قيل وما الموتى قال : كل غني قد أبطره غناه "
(8/447)
أخرج
عبد بن حميد عن أبي مليكة الزيادي رضي الله عنه في قوله : كلا إنهم عن ربهم يومئذ
لمحجوبون قال : المنان والمختال والذي يقطع يمينه بالكذب ليأكل أموال الناس والله
أعلم
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه كلا إن
كتاب الأبرار لفي عليين قال : عليون فوق السماء السابعة عند قائمة العرش اليمنى
كتاب مرقوم قال : رقم لهم بخير يشهده المقربون قال : المقربون من ملائكة الله
وأخرج عبد بن حميد عن كعب رضي الله عنه قال : هي قائمة العرش اليمنى
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال : عليون السماء السابعة
وأخرج عبد بن حميد من طريق الأجلح عن الضحاك رضي الله عنه قال : إذا قبض روح العبد
المؤمن يعرج به إلى السماء الدنيا فينطلق معه المقربون إلى السماء الثانية
قال الأجلح : فقلت : وما المقربون ؟ قال : أقربهم إلى السماء الثانية ثم الثالثة
ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة حتى ينتهي به إلى سدرة المنتهى
فقال الأجلح : فقلت للضحاك : ولم تسمى سدرة المنتهى ؟ قال : لأنه ينتهي إليها كل
شيء من أمر الله لا يعدوها فيقولون : رب عبدك فلان وهو أعلم به منهم فيبعث الله
إليهم بصك مختوم يأمنه من العذاب وذلك قوله : كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين وما
أدراك ما عليوم كتاب مرقوم يشهده المقربون
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : لفي عليين قال :
الجنة وفي قوله : يشهده المقربون قال : كل أهل سماء
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : يشهده المقربون قال : هم مقربو أهل كل
سماء إذا مر بهم عمل المؤمن شيعه مقربو كل أهل سماء حتى ينتهي العمل إلى السماء
السابعة فيشهدون حتى يثبت ؟ السماء السابعة
وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
صلاة على أثر صلاة لا لغو بينهما كتاب مرقوم في عليين "
وأخرج عبد بن حميد من طريق خالد بن عرعرة وأبي عجيل أن ابن عباس سأل كعبا عن قوله
تعالى : كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين الآية قال : إن المؤمن يحضره الموت ويحضره
رسل ربه فلا هم يستطيعون أن يؤخروه ساعة ولا يعجلوه
(8/448)
حتى
تجيء ساعته فإذا جاءت ساعته قبضوا نفسه فدفعوه إلى ملائكة الرحمة فأروه ما شاء
الله أن يروه من الخير ثم عرجوا بروحه إلى السماء فيشيعه من كل سماء مقربوها حتى
ينتهوا به إلى السماء السابعة فيضعونه بين أيديهم ولا ينتظرون به صلاتكم عليه
فيقولون : اللهم هذا عبدك فلان قبضنا نفسه فيدعون له بما شاء الله أن يدعوا فنحن
نحب أن يشهدنا اليوم كتابه فينثر كتابه من تحت العرش فيثبتون اسمه فيه وهم شهوده
فذلك قوله : كتاب مرقوم يشهده المقربون وسأله عن قوله : إن كتاب الفجار لفي سجين
الآية قال : إن العبد الكافر يحضره الموت ويحضره رسل الله فإذا جاءت ساعته قبضوا
نفسه فدفعوه إلى ملائكة العذاب فأروه ما شاء الله أن يروه من الشر ثم هبطوا به إلى
الأرض السفلى وهي سجين وهي آخر سلطان إبليس فأثبتوا كتابه فيها وسأله عن سدرة
المنتهى فقال : هي سدرة نابتة في السماء السابعة ثم علت على الخلائق إلى ما دونها
و عندها جنة المأوى سورة النجم الآية 15 قال : جنة الشهداء
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء بن يسار قال : لقيت رجلا من حمير كأنه علامة يقرأ الكتب
فقلت له : الأرض التي نحن عليها ما سكانها ؟ قال : هي على صخرة خضراء تلك الصخرة
على كف ملك ذلك الملك قائم على ظهر حوت منطو بالسموات والأرض من تحت العرش
قلت : الأرض الثانية من سكانها ؟ قال : سكانها الريح العقيم لما أراد الله أن يهلك
عادا أوحى إلى خزنتها أن افتحوا عليهم منها بابا
قالوا : يا ربنا مثل منخر الثور ؟ قال : اذن تكفأ الأرض ومن عليها
فضيق ذلك حتى جعل مثل حلقة الخاتم فبلغت ما حدث الله
قلت : الأرض الثالة من ساكنها ؟ قال : فيها حجارة جهنم
قلت : الأرض الرابعة من ساكنها ؟ قال : فيها كبريت جهنم
قلت : الأرض الخامسة من ساكنها ؟ قال : فيها عقارب جهنم
قلت : الأرض السادسة من ساكنها ؟ قال : فيها حيات جهنم
قلت : الأرض السابعة من ساكنها ؟ قال : تلك سجين فيها إبليس موثق يد أمامه ويد
خلفه ورجل خلفه ورجل أمامه
كان يؤذي الملائكة فاستعدت عليه فسجن هناك وله زمان يرسل فيه فإذا أرسل لم تكن
فتنة الناس بأعي عليهم من شيء
(8/449)
وأخرج
ابن المبارك عن ضمرة بن حبيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن
الملائكة يرفعون أعمال العبد من عباد الله يستكثرونه ويزكونه حتى يبلغوا به حيث
يشاء الله من سلطانه فيوحي الله إليهم أنكم حفظة على عبدي وأنا رقيب على ما في
نفسه
إن عبدي هذا لم يخلص لي عمله فاجعلوه في سجين
ويصعدون بعمل العبد يستقلونه ويحتقرونه حتى يبلغوا به إلى حيث شاء الله من سلطانه
فيوحي الله إليهم أنكم حفظة على عمل عبدي وأنا رقيب على ما في نفسه
إن عبدي هذا أخلص لي عمله فاجعلوه في عليين "
وأخرج ابن الضريس عن أم الدرداء قالت : إن درج الجنة على عدد آي القرآن وإنه يقال
لصاحب القرآن اقرأ وأرقه فإن كان قد قرأ ثلث القرآن كان على الثلث من درج الجنة
وإن كان قد قرأ نصف القرآن كان على النصف من درج الجنة وإن كان قد قرأ القرآن كان
في أعلى عليين ولم يكن فوقه أحد من الصديقين والشهداء
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : إن لأهل عليين كوى يشرفون منها فإذا
أشرف أحدهم أشرقت الجنة فيقول أهل الجنة قد أشرف رجل من أهل عليين
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن كعب قال : يرى في الجنة كهيئة البرق فيقال : ما هذا
؟ قيل : رجل من أهل عليين تحول من غرفة إلى غرفة
الآية 22 - 36
(8/450)
أخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : يسقون من رحيق مختوم ختامه مسك قال :
عاقبته مسك قوم يمزج لهم بالكافور ويختم لهم بالمسك ومزاجه من تسنيم قال : شراب من
أشرف الشراب عينا في الجنة يشرب بها المقربون صرفا ويمزج لسائر أهل الجنة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن
مجاهد في قوله : يسقون من رحيق مختوم قال : الخمر ختامه مسك قال : طينه مسك ومزاجه
من تسنيم قال : تسنيم عليهم من فوق دورهم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن الحسن يسقون من رحيق مختوم قال : هي الخمرة
ومزاجه من تسنيم قال : خفايا أخفاها الله لأهل الجنة
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير يسقون من رحيق مختوم قال : الخمر
ختامه مسك قال : آخر طعمه مسك
وأخرج عبد بن حميد عن علقمة ختامه مسك قال : خلطه
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن مالك بن الحارث ومزاجه من تسنيم قال : هي عين
في الجنة يشرب بها المقربون صرفا ويمزج لسائر أهل الجنة
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : التسنيم أفضل شراب أهل الجنة
ألم تسمع يقال للرجل إنه لفي السنام من قوله
وأخرج ابن المنذر عن علي قال : نضرة النعيم هي عين في الجنة يتوضؤون منها ويغتسلون
فيجري عليهم نضرة النعيم
وأخرج ابن المنذر عن ابن مسعود مختوم قال : ممزوج ختامه مسك قال : طعمه وريحه
وأخرج سعيد بن منصور وهناد وابن أبي حاتم وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي في
البعث عن ابن مسعود في قوله : يسقون من رحيق مختوم قال : الرحيق الخمر والمختوم
يجدون عاقبتها طعم المسك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر والبيهقي في البعث من طريق علي عن ابن
عباس من رحيق مختوم قال : ختم بالمسك
وأخرج الفريابي والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن مسعود في قوله :
(8/451)
ختامه
مسك قال : ليس بخاتم يختم به ولكن خلطه مسك
ألم تر إلى المرأة من نسائكم تقول خلطه من الطيب كذا وكذا
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والإبتداء عن علقمة مثله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن أبي الدرداء ختامه مسك قال : هو شراب أبيض
مثل الفضة يختمون به آخر شرابهم ولو أن رجلا من أهل الدنيا أدخل أصبعه فيه ثم
أخرجها لم يبق ذو روح إلى وجد ريحها
وأخرج أحمد وابن مردويه عن أبي سعيد رفعه : " أيما مؤمن سقى مؤمنا شربة على
ظمأ سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم "
وأخرج البيهقي عن عطاء قال : التسنيم اسم العين التي تمزج بها الخمر
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي
عن ابن عباس تسنيم أشرف شراب أهل الجنة وهو صرف للمقربين ويمزج لأصحاب اليمين
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المبارك وسعيد بن منصور وهناد وعبد بن حميد وابن المنذر
وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله : ومزاجه من تسنيم قال : عين في الجنة تمزج
لأصحاب اليمين ويشرب بها المقربون صرفا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر من طريق يوسف بن مهران عن ابن عباس أنه سئل عن قوله
: ومزاجه من تسنيم قال : هذا مما قال الله : فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين
وأخرج ابن المنذر عن حذيفة بن اليمان قال : تسنيم عين في عدن يشرب بها المقربون
صرفا ويجري تحتهم أسفل منهم إلى أصحاب اليمين فيمزج أشربتهم كلها الماء والخمر واللبن
والعسل يطيب بها أشربتهم
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الكلبي قال : تسنيم عين تثعب عليهم من فوق وهو
شراب المقربين
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون قال : في
الدنيا ويقولون والله إن هؤلاء لكذبة وما هم على شيء استهزاء بهم
(8/452)
وأخرج
أحمد في الزهد وابن أبي الدنيا في الصمت والبيهقي في البعث عن الحسن قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن المستهزئين بالناس في الدنيا يرفع
لأحدهم يوم القيامة باب من أبواب الجنة فيقال : هلم هلم فيجيء بكربه وغمه فإذا
أتاه أغلق دونه ثم يفتح له باب آخر فيقال : هلم هلم فيجيء بكربه وغمه فإذا أتاه
أغلق دونه فما يزال كذلك حتى إنه ليفتح له الباب فيقول : هلم هلم فلا يأتيه من
إياسه "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة فاليوم الذين آمنوا من الكفار
يضحكون قال : قال كعب : إن بين أهل الجنة وأهل النار كوى لا يشاء الرجل من أهل
الجنة أن ينظر إلى عدوه من أهل النار إلا فعل
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : هل ثوب قال : جوزي
(8/453)
بسم
الله الرحمن الرحيم
84
- سورة الإنشقاق
مكية وآياتها خمس وعشرون
مقدمة السورة أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال :
نزلت سورة إذا السماء انشقت بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن مردويه عن أبي رافع
قال : صليت مع أبي هريرة العتمة فقرأ إذا السماء انشقت فسجد فقلت
(8/454)
له
فقال : سجدت خلف أبي القاسم صلى الله عليه و سلم فلا أزال أسجد فيها حتى ألقاه
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن مردوية عن
أبي هريرة قال : سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في إذا السماء انشقت و
اقرأ باسم ربك سورة النبأ الآية 40
وأخرج البغوي في معجمه والطبراني عن صفون بن عسال أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم سجد في إذا السماء انشقت
وأخرج ابن خزيمة والروياتي في مسنده والضياء المقدسي في المختارة عن بريدة أن
النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في الظهر إذا السماء انشقت ونحوها
الآية 1 - 25 وأخرج ابن أبي حاتم عن علي قال : تنشق السماء من المجرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وأذنت قال : أطاعت وحقت قال : حققت
بالطاعة
وأخرج ابن المنذر عن السدي وأذنت لربها وحقت قال : أطاعت وحق لها أن تطيع
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس وأذنت لربها سمعت حيث كلمها
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : وأذنت لربها وحقت قال : سمعت وأطاعت
وإذا الأرض مدت قال : يوم القيامة وألقت ما فيها أخرجت ما فيها من الموتى وتخلت
عنهم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد مثله
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس وألقت ما فيها قال : سواري الذهب
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن عبد الله بن
عمرو قال : كان البيت قبل الأرض بألفي سنة وذلك قول الله : وإذا الأرض مدت قال :
مدت من تحته مدا
وأخرج الحاكم عن ابن عمرو قال : إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم وحشر
الله الخلائق الإنس والجن والدواب والوحوش فإذا كان ذلك اليوم جعل الله
(8/455)
القصاص
بين الدواب حتى يقتص للشاة الجماء من القرناء بنطحتها فإذا فرغ الله من القصاص بين
الدواب قال لها : كوني ترابا فيراها الكافر فيقول : يا ليتني كنت ترابا
وأخرج الحاكم بسند جيد عن جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " تمد
الأرض يوم القيامة مد الأديم ثم لا يكون لابن آدم منها إلى موضع قدميه "
وأخرج أبو القاسم الختلي في الديباج عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم في
قوله : إذا السماء انشقت الآية قال : " أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم
القيامة فأجلس جالسا في قبري وإن الأرض تحركت بي فقلت لها : مالك ؟ فقالت : إن ربي
أمرني أن ألقي ما في جوفي وأن أتخلى فأكون كما كنت إذ لا شيء في فذلك قوله : وألقت
ما فيها وتخلت "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : وأذنت لربها وحقت قال : سمعت
وأطاعت
وفي قوله : وألقت ما فيها وتخلت قال : أخرجت أثقالها وما فيها من الكنوز والناس
وفي قوله : يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا قال : عامل له عملا
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا قال : عامل
إلى ربك عملا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : إنك كادح إلى ربك كدحا قال : عامل عملا
فملاقيه قال : ملاق عملك
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن المنذر وابن مردويه عن عاشة
قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ليس أحد يحاسب إلا هلك فقلت :
أليس الله يقول : فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا قال : ليس ذلك
بالحساب ولكن ذلك العرض ومن نوقش الحساب هلك "
(8/456)
وأخرج
أحمد وابن جرير والحاكم وصححه وابن مردويه عن عاشة : " سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول في بعض صلاته : اللهم حاسبني حسابا يسيرا فلما انصرف قلت :
يارسول الله ما الحساب اليسير ؟ قال : أن ينظر في كتابه فيتجاوز له عنه إنه من
نوقش الحساب هلك "
وأخرج ابن المنذر عن عائشة في قوله : فسوف يحاسب حسابا يسيرا قال : يعرف ذنوبه ثم
يتجاوز له عنها
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عائشة قالت : من حوسب يوم القيامة أدخل الجنة
وقالت : فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا ثم تلت يعرف المجرمون
بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام سورة الرحمن الآية 41
وأخرج البزار والطبراني والحاكم عن أبي هريرة مرفوعا : " ثلاث من كن فيه
حاسبه الله حسابا يسيرا وأدخله الجنة برحمته : تعطي من حرمك وتعفو عمن ظلمك وتصل
من قطعك "
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد وينقلب إلى أهله مسرورا قال : إلى أهل له في الجنة وفي
قوله : وأما من أوتي كتابه وراء ظهره قال : تخلع يده فتجعل من وراء ظهره
وأخرج ابن المنذر عن حميد بن هلال قال : ذكر لنا أن الرجل يدعى إلى الحساب يوم
القيامة فيقال : يا فلان هلم إلى الحساب
قال : حتى يقول أما يراد غيري مما يحضر به من الحساب
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس يدعو ثبورا قال : الويل
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك إنه كان في أهله مسرورا قال : في الدنيا
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في البعث عن مجاهد في قوله :
وأما من أوتي كتابه وراء ظهره قال : تجعل شماله وراء ظهره فيأخذ بها كتابه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : إنه ظن أن لن
يحور قال : لن يبعث
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة مثله
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس أن لن يحور قال : أن لن يرجع
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد إن لن يحور أن لن يرجع إلينا
وأخرج الطستي في مسائله والطبراني عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن
(8/457)
قوله
: أن لن يحور قال : أن لن يرجع بلغة الحبشة
يقول : أن لن يرجع بلغة الحبشة
يقول : أن لن يرجع إلى الله في الآخرة
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول لبيد : وما المرء إلا كالشهاب
وضوءه يحور رمادا بعد إذ هو ساطع وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أنه ظن أن لن يحور
قال : ألم تسمع الحبشي إذا قيل له حر إلى أهلك أي اذهب ؟
وأخرج ابن أبي شيبة عن العوام بن حوشب قال : قلت لمجاهد : الشفق قال : إن الشفق من
الشمس
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن المنذر وعبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عمر
قال : الشفق الحمرة
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن ابن عباس والليل ما وسق قال : وما دخل فيه
وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في
قوله : والليل وما وسق قال : وما جمع
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة والليل وما وسق يقول : ما أوى فيه وما جمع
من حياته وعقاربه ودوابه
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير وما وسق يقول : ما أوى فيه وما جمع من حياته
وعقاربه ودوابه
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير وما وسق قال : ما عمل فيه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس والقمر إذا اتسق قال : إذا
استوى
وأخرج الطستي في مسائله والطبراني وابن الأنباري في الوقف والإبتداء عن ابن عباس
أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : والقمر إذا اتسق قال : اتساقه اجتماعه
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول ابن صرمة : إن لنا قلائصا
نقانقا مستوسقات لو يجدن سائقا وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن
قتادة والقمر إذا اتسق قال : إذا استدار
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن الأنباري من طرق عن ابن عباس أنه سئل عن قوله : والليل وما
وسق قال : وما جمع أما سمعت قوله : :
(8/458)
إن
لنا قلائصا نقانقا مستوسقات لو يجدن سائقا وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس والقمر
إذا اتسق قال : ليلة ثلاث عشرة
وأخرج عبد بن حميد عن عمر بن الخطاب في قوله : لتركبن طبقا عن طبق قال : حالا بعد
حال
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : لتركبن طبقا عن طبق قال : أمرا بعد أمر
وأخرج البخاري عن ابن عباس لتركبن طبقا عن طبق حالا بعد حال
قال : هذا نبيكم صلى الله عليه و سلم
وأخرج أبي عبيد في القراءات وسعيد بن منصور وابن منيع وابن جرير وعبد بن حميد وابن
المنذر عن ابن عباس أنه كان يقرأ لتركبن طبقا عن طبق يعني بفتح الباء قال : هذا
نبيكم صلى الله عليه و سلم حالا بعد حال
وأخرج أبو عبيد في القراءت وسعيد بن منصور وابن منيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن
المنذر وابن مردويه عن ابن عباس أنه كان يقرأ لتركبن طبقا عن طبق يعني يفتح الباء
قال : يعني نبيكم صلى الله عليه و سلم حالا بعد حال
وأخرج الطيالسي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس لتركبن طبقا عن
طبق قال : يا محمد السماء طبقا بعد طبق
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والحاكم في الكني وابن منده في غرائب شعبة وابن
مردويه والطبراني عن ابن مسعود أنه قرأ لتركبن طبقا عن طبق قال : لتركبن بالنصب يا
محمد سماء بعد سماء
وأخرج البزار عن ابن مسعود لتركبن طبقا عن طبق يا محمد حالا بعد حال
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الشعبي لتركبن طبقا عن طبق يا محمد حالا بعد
حال
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور والفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم وعبد بن حميد
وابن المنذر وابن مردويه والحاكم والبيهقي في البعث عن ابن مسعود في قوله : لتركبن
طبقا عن طبق قال : يعني السماء تنقطر ثم تنشق ثم تحمر
(8/459)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي عن ابن مسعود في الآية قال : السماء تكون ألوانا
كالمهل وتكون وردة كالدهان وتكون واهية وتشقق فتكون حالا بعد حال
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر عن مكحول في قوله : لتركبن طبقا عن طبق قال : في
كل عشرين عاما تحدثون أمرا لم تكونوا عليه
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير لتركبن طبقا عن طبق قال : قوم كانوا في الدنيا
خسيسا أمرهم فارتفعوا في الآخرة وقوم كانوا في الدنيا أشرافا فاتضعوا في الآخرة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في الآية قال : حالا بعد حال بينما صاحب الدنيا في
رخاء إذ صار في بلاء وبينما هو في بلاء إذ صار في رخاء
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مكحول في قوله : لتركبن طبقا عن طبق قال : تكونون في
كل عشرين سنة على حال لم تكونوا على مثلها
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية أنه قرأ لتركبن طبقا بالنصب
وأخرج عبد بن حميد عن أبي عمرو بن العلاء عن مجاهد أنه قرأ لتركبن طبقا بالنصب
وأخرج عبد بن حميد عن عصم أنه قرأ لتركبن بالتاء ورفع الباء على الجماع
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : والله أعلم بما يوعون قال :
يسرون
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة بما يوعون قال : يكتمون وفي قوله : لهم أجر غير ممنون
قال : غير محسوب
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : لهم أجر غير
ممنون قال : غير منقوص
وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول زهير : فضل الجواد على الخيل البطاء
فلا يعطي بذلك ممنونا ولا ترفا
(8/460)
85
- سورة البروج
مكية وآياتها ثنتان وعشرون أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه عن ابن عباس قال :
نزلت والسماء ذات البروج بمكة
وأخرج أحمد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في العشاء
الأخيرة بالسماء ذات البروج والسماء والطارق
وأخرج أحمد عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر أن يقرأ بالسموات
في العشاء
وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة في المصنف وأحمد والدارمي وأبو داود والترمذي وحسنه
النسائي وابن حبان والطبراني والبيهقي في سننه عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله
عليه و سلم كان يقرأ في الظهر والعصر بالسماء والطارق والسماء ذات البروج
وأخرج سعيد بن منصور عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لمعاذ : اقرأ
بهم في العشاء ب سبح اسم ربك الأعلى سورة الأعلى الآية 1 والليل إذا يغشى سورة
الليل الآية1 والسماء ذات البروج
(8/461)
بسم
الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 11 أخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : البروج قصور في السماء
وأخرج ابن المنذر عن الأعمش قال : كان أصحاب عبد الله يقولون في قوله : والسماء
ذات البروج ذات القصور
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي صالح في قوله : ذات البروج قال : النجوم
العظام
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله " أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن
السماء ذات البروج فقال : الكواكب وسئل عن الذي جعل في السماء بروجا فقال :
الكواكب
قيل : فبروج مشيدة فقال : قصور "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : والسماء ذات البروج قال :
بروجها نجومها واليوم الموعود قال : يوم القيامة وشاهد ومشهود قال : يومان عظيمان
عظمهما الله من أيام الدنيا كنا نحدث أن الشاهد يوم القيامة والمشهود يوم عرفة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن في قوله : والسماء ذات البروج قال : حبكت
بالخلق الحسن ثم حبكت بالنجوم واليوم الموعود قال : يوم القيامة وشاهد ومشهود قال
: الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم القيامة
(8/462)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد والسماء ذات البروج قال : ذات النجوم
وشاهد ومشهود قال : الشاهد ابن آدم والمشهود يوم القيامة
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قول الله : واليوم الموعود وشاهد ومشهود قال :
اليوم الموعود يوم القيامة والشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة وهو الحج الأكبر
فيوم الجمعة جعل الله عيدا لمحمد وأمته وفضلهم بها على الخلق أجمعين وهو سيد
الأيام عند الله وأحب الأعمال فيه إلى الله وفيه ساعة لا يوافقها عبد قائم يصلي
يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه إياه
وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن أبي الدنيا في الأصول وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : اليوم الموعود يوم القيامة واليوم المشهود يوم عرفة والشاهد يوم
الجمعة وما طلعت الشمس ولا غربت على يوم أفضل منه فيه ساعة لا يوافقها عبد مؤمن
يدعو الله بخير إلا استجاب الله له ولا يستعيذ بشيء إلا أعاذه الله منه "
وأخرج الحاكم وصححه ابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي هريرة رفعه وشاهد ومشهود
قال : الشاهد يوم عرفة ويوم الجمعة والمشهود هو الموعود يوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن علي قال : اليوم الموعود يوم القيامة والشاهد
يوم الجمعة والمشهود يوم النحر
وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه من طريق شريح بن عبيد عن أبي مالك الأشعري
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اليوم الموعود يوم القيامة
والشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة ويوم الجمعة دخره الله لنا والصلاة الوسطى
صلاة العصر "
وأخرجه سعيد بن منصور عن شريح بن عبيد مرسلا
وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن جبير بن مطعم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم في قوله : وشاهد ومشهود قال : " الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة
"
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس وأبي هريرة موقوفا مثله
(8/463)
وأخرج
سعيد بن منصور وابن جرير وعبد بن حميد وابن مردويه عن سعيد بن المسيب قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن سيد الأيام يوم الجمعة وهو الشاهد
والمشهود يوم عرفة "
وأخرج ابن جرير عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة "
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن علي بن أبي
طالب في قوله : وشاهد ومشهود قال : الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن الحسن بن علي أن رجلا سأله عن قوله : وشاهد ومشهود
قال : هل سألت أحدا قبلي ؟ قال : نعم سألت ابن عمروا وابن الزبير فقالا : يوم
الريح ويوم الجمعة فقال : لا ولكن الشاهد محمد صلى الله عليه و سلم ثم قرأ إنا
أرسلنا شاهدا ومبشرا سورة الأحزاب آية 45 وجئنا بك شهيدا على هؤلاء سورة النحل آية
89 والمشهود يوم القيامة ثم قرأ ذلك يوم مجموع له الناس سورة هود الآية 103 وذلك
يوم مشهود سورة هود الآية 103
وأخرج الطبراني في الأوسط وعبد بن حميد وابن مردويه وابن عساكر من طرق عن ابن عباس
واليوم الموعود يوم القيامة وشاهد ومشهود قال : الشاهد محمد والمشهود يوم القيامة
وتلا ذلك يوم مجموع له الناس سورة هود الآية 103 وذلك يوم مشهود سورة هود الآية
103 وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس قال : الشاهد الله والمشهود يوم
القيامة
(8/464)
وأخرج
سعيد بن منصور وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال :
الشاهد الذي يشهد على الإنسان بعمله والمشهود يوم القيامة
أخرج ابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن نجي عن علي بن أبي طالب قال : كان نبي
أصحاب الأخدود حبشيا
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر من طريق الحسن عن علي بن أبي طالب في قوله : أصحاب
الأخدود قال : هم الحبشة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قتل أصحاب الأخدود قال : كانوا من النبط
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : قتل أصحاب الأخدود قال : هم ناس من بني
إسرائيل خددوا أخدودا في الأرض ثم أوقدوا فيه نارا ثم أقاموا على ذلك الأخدود
رجالا ونساء فعرضوا عليها
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد قال : الأخدود شق بنجران كانوا
يعذبون الناس فيه
وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن نفير قال : كانت الأخدود زمان تبع
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه قتل أصحاب الأخدود قال : هم قوم خددوا في
الأرض ثم أوقدوا فيه نارا ثم جاؤوا بأهل الإسلام فقالوا : اكفروا بالله واتبعوا
ديننا وإلا ألقيناكم في هذه النار فاختاروا النار على الكفر فألقوا فيها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : قتل أصحاب الأخدود قال : حدثنا
أن علي بن أبي طالب كان يقول : هم أناس بمدارع اليمن اقتتل مؤمنوهم وكفارهم فظهر
مؤمنوهم على كفارهم ثم أخذ بعضهم على بعض عهودا ومواثيق لا يغدر بعضهم ببعض فغدرهم
الكفار فأخذوهم ثم إن رجلا من المؤمنين قال : هل لكم إلى خير توقدون نارا ثم
تعرضوننا عليه فمن
(8/465)
بايعكم
على دينكم فذلك الذي تشتهون ومن لا أقتحم فاسترحتم منه فأججوا لهم نارا وعرضوهم
عليها فجعلوا يقتحمونها حتى بقيت عجوز فكأنها تلكأت فقال طفل في حجرها : امضي ولا
تقاعسي فقص الله عليكم نبأهم وحديثهم فقال : النار ذات الوقود إذ هم عليها قعود
قال : يعني بذلك المؤمنين وهم على ما يفعلون بالمؤمنين يعني بذلك الكفار
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات قال :
حرقوا
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة إن الذين فتنوا
المؤمنين والمؤمنات قال : عذبوا
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : كان بعض الجبابرة خد أخدودا في الأرض وجعل فيها
النيران وعرض المؤمنين على ذلك فمن تابعه على كفره خلى عنه ومن أبى ألقاه في النار
فجعل يلقي حتى أتى على امرأة ومعها بني لها صغير فكأنها أنفت النار فكلمها الصبي
فقال : يا أمه قعي في النار ولا تقاعسي فألقيت في النار والله ما كانت إلا نقطة من
نار حتى أفضوا إلى رحمة الله تعالى
قال : الحسن : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " فما ذكرت أصحاب الأخدود
إلا تعوذت بالله من جهد البلاء "
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن نجي قال : شهدت عليا وأتاه أسقف نجران فسأله عن
أصحاب الأخدود فقص عليه القصة فقال علي : أنا أعلم بهم منك بعث نبي من الحبشة إلى
قومه ثم قرأ علي ولقد أرسلنا رسلا من قبلك منهم من قصصنا عليك ومنهم من لم نقصص
عليك سورة غافر الآية 78 فدعاهم فتابعه الناس فقاتلهم فقتل أصحابه وأخذ فأوثق
فانفلت فأنس إليه رجال يقول : اجتمع إليه رجال فقالتهم فقتلوا وأخذ فأوثق فخدوا
أخدودا في الأرض وجعلوا فيه النيران فجعلوا يعرضون الناس فمن تبع النبي رمي به
فيها ومن تابعهم ترك وجاءت امرأة في آخر من
(8/466)
جاء
معها صبي لها فجزعت فقال الصبي : يا أمه اطمري ولا تماري فوقعت
وأخرج عبد بن حميد عن سلمة بن كهيل قال : ذكروا أصحاب الأخدود عند علي فقال : أما
إن فيكم مثلهم فلا تكونن أعجز من قوم
وأخرج عبد بن حميد عن علي بن أبي طالب قال : كان المجوس أهل كتاب وكانوا مستمسكين
بكتابهم وكانت الخمر قد أحلت لهم فتناول منها ملك من ملوكهم فغلبته على عقله
فتناول أخته أو ابنته فوقع عليها فلما ذهب عنه السكر ندم وقال لها : ويحك ما هذا
الذي أتيت ؟ وما المخرج منه ؟ قالت : المخرج منه أن تخطب الناس فتقول أيها الناس
إن الله قد أحل لكم نكاح الأخوات والبنات فإذا ذهب ذا في الناس وتناسوه خطبتهم
فحرمته فقام خطيبا فقال : يا أيها الناس إن الله أحل لكم نكاح الأخوات أو البنات
فقال الناس جماعتهم : معاذ الله أن نؤمن بهذا أو نقر به أو جاءنا به نبي أونزل
علينا في كتاب فرجع إلى صاحبته فقال : ويحك إن الناس قد أبوا علي ذلك
قالت : إذا أبوا عليك ذلك فابسط فيهم السوط فبسط فيهم السوط فأبوا أن يقروا فرجع
إليها فقال : قد بسطت فيهم السوط فأبوا أن يقروا
قالت : فجرد فيهم السيف فجرد فيهم السيف فأبوا أن يقروا
قالت : خد لهم الأخدود ثم أوقد فيه النيران فمن تابعك فخل عنه
فخد لهم أخدودا وأوقد فيه النيران وعرض أهل مملكته على ذلك فمن أبى قذفه في النار
ومن لم يأب خلى عنه فأنزل الله فيهم قتل أصحاب الأخدود إلىقوله : ولهم عذاب الحريق
أخرج ابن أبي شيبة عن عوف قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا ذكر أصحاب
الأخدود تعوذ بالله من جهد البلاء وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد
ومسلم والنسائي والترمذي عن صهيب قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا صلى
العصر همس فقيل له : إنك يا رسول الله إذا صليت العصر همست فقال : " إن نبيا
من الأنبياء كان أعجب بأمته فقال : من يقوم لهؤلاء فأوحى الله إليه أن خيرهم بين
أن ينتقم منهم وبين أن يسلط عليهم عدوهم فاختاروا النقمة فسلط عليهم الموت فمات
منهم في يوم سبعون
(8/467)
ألفا
قال : وكان إذا حدث بهذا الحديث الآخر كان ملك من الملوك وكان لذلك الملك كاهن
يكهن له فقال له ذلك الكاهن : انظروا إلى غلاما فهما أو قال : فطنا لقنا فأعلمه
علمي هذا فإني أخاف أن أموت فينقطع هذا العلم منكم ولا يكون فيكم من يعلمه قال :
فنظروا له على ما وصف فأمروه أن يحضر ذلك الكاهن وإن يختلف إليه فجعل الغلام يختلف
إليه وكان على طريق الغلام راهب في صومعته فجعل الغلام يسأل الراهب كلما مر به فلم
يزل به حتى أخبره فقال : إنما أعبد الله فجعل الغلام يمكث عند الراهب ويبطئ على
الكاهن فأرسل الكاهن إلى أهل الغلام أنه لا يكاد يحضرني فأخبر الغلام الراهب بذلك
فقال له الراهب : إذا قال لك : أين كنت ؟ فقل : عند أهلي وإذا قال لك أهلك : أين
كنت ؟ فقل : عند الكاهن
فبينما الغلام على ذلك إذ مر بجماعة من الناس كثيرة قد حبستهم دابة يقال كانت أسدا
فأخذ الغلام حجرا فقال : اللهم إن كان ما يقول الراهب حقا فأسألك أن أقتل هذه
الدابة وإن كان ما يقوله : الكاهن حقا فأسألك أن لا أقتلها ثم رمى فقتل الدابة
فقال الناس : من قتلها ؟ فقالوا : الغلام
ففزع الناس وقالوا : قد علم هذا الغلام علما لم يعلمه أحد فسمع أعمى فجاءه فقال له
: إن أنت رددت بصري فلك كذا وكذا فقال الغلام : لا أريد منك هذا ولكن أرأيت إن رجع
عليك بصرك أتؤمن بالذي رده عليك ؟ قال : نعم فدعا الله فرد عليه بصره فآمن الأعمى
فبلغ الملك أمرهم فبعث إليهم فأتى بهم فقال : لأقتلن كل واحد منكم قتلة لا أقتل
بها صاحبه فأمر بالراهب والرجل الذي كان أعمى فوضع المنشار على مفرق أحدهما فقتله
وقتل الآخر بقتلة أخرى ثم أمر بالغلام فقال : انطلقوا به إلى جبل كذا وكذا فألقوه
من رأسه
فانطلقوا به إلى ذلك الجبل فلما انتهوا به إلى ذلك المكان الذي أرادوا أن يلقوه
منه جعلوا يتهافتون من ذلك الجبل وتردون حتى لم يبق منهم إلى الغلام ثم رجع الغلام
فأمر الملك أن ينطلقوا به إلى البحر فيلقوه فيه فانطلق به إلى البحر فغرق الله
الذين كانوا معه وأنجاه الله
فقال الغلام للملك : إنك لا تقتلني إلا أن تصلبني وترميني وتقول : بسم الله رب
الغلام فأمر به فصلب ثم رماه وقال : بسم الله رب الغلام فأمر به فصلب ثم رماه وقال
: بسم الله رب الغلام فوضع الغلام يده على صدغه حين رمي ثم مات
فقال الناس : لقد علم هذا الغلام علما ما علمه أحد فإنا نؤمن برب هذا الغلام فقيل
للملك : أجزعت أن خالفك ثلاثة فهذا
(8/468)
العالم
كلهم قد خالفوك ؟ قال : فخد أخدودا ثم ألقى فيها الحطب والنار ثم جمع الناس فقال :
من رجع عن دينه تركناه ومن لم يرجع ألقيناه في هذه النار
فجعل يلقيهم في تلك الأخدود فقال : يقول الله : قتل أصحاب الأخدود النار ذات
الوقود حتى بلغ العزيز الحميد فأما الغلام فإنه دفن ثم أخرج فيذكر أنه أخرج في زمن
عمر بن الخطاب واصبعه على صدغه كما وضعها حين قتل
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن صهيب أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" كان ملك ممن كان قبلكم وكان له ساحر فلما كبر الساحر قال للملك : إني قد
كبرت سني وحضر أجلي فادفع إلي غلاما أعلمه السحر
فدفع إليه غلاما فكان يعلمه السحر
وكان بين الساحر وبين الملك راهب فأتى الغلام على الراهب فسمع من كلامه فأعجبه
نحوه وكلامه فكان إذا أتى على الساحر ضربه وقال : ماحبسك ؟ فإذا أتى أهله جلس عند
الراهب فيبطئ فإذا أتى أهله ضربوه وقالوا : ماحبسك ؟ فشكا ذلك إلى الراهب فقال :
إذا أراد الساحر أن يضربك فقل : حبسني أهلي وإذا أراد أهلك أن يضربوك فقل : حبسني
الساحر
فبينما هو كذلك إذ أتى ذات يوم على دابة فظيعة عظيمة قد حبست الناس فلا يستطيعون
أن يجوزوا فقال الغلام : اليوم أعلم أمر الراهب أحب إلى الله أم أمر الساحر
فأخذ حجرا فقال : اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك وأرضى لك من أمر الساحر فاقتل
هذه الدابة حتى يجوز الناس
فرماها فقتلها ومضى الناس فأخبر الراهب بذلك فقال : أي بني أنت أفضل مني وإنك
ستبتلى فإن ابتليت فلا تدل علي
وكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص وسائر الأدواء ويشفيهم وكان جليس الملك قد عمي
فسمع به فأتاه بهدايا كثيرة فقال له : اشفني ولك ما ههنا أجمع فقال : ما أشفي أنا
أحدا إنما يشفي الله فإن آمنت بالله دعوت الله فشفاك فآمن فدعا له فشفاه
ثم أتى الملك فجلس منه نحو ما كان يجلس فقال له الملك : يا فلان من رد عليك بصرك ؟
قال : ربي قال : أنا
قال : لا
قال : أولك رب غيري ؟ قال : نعم
فلم يزل به يعذبه حتى دل على الغلام فبعث إليه الملك فقال : أي بني قد بلغ من سحرك
أن تبرئ الأكمه والأبرص وهذه الأدواء ؟ قال : ما أشفي أنا أحدا ما يشفي غير الله
قال : أنا ؟ قال : لا
قال : وإن لك ربا غيري ؟ قال : نعم ربي وربك
(8/469)
الله
فأخذه أيضا بالعذاب فلم يزل به حتى دل على الراهب
فقال له : ارجع عن دينك فأبى فوضع المنشار في مفرقه حتى وقع شقاه على الأرض وقال
للغلام : ارجع عن دينك فأبى فبعث به مع نفر إلى جبل كذا وكذا وقال : إذا بلغتم ذروته
فإن رجع عن دينه وإلا فدهدهوه من فوقه
فذهبوا به فلما علوا به الجبل قال : اللهم اكفنيهم بما شئت
فرجف بهم الجبل فتدهدهوا أجمعين
وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك فقال : ما فعل أصحابك ؟ قال : كفانيهم الله
فبعث به في قرقور مع نفر فقال : إذا لججتم به البحر فإن رجع عن دينه وإلا فأغرقوه
فلجوا به البحر فقال الغلام : اللهم اكفنيهم بما شئت
فغرقوا أجمعين
وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك
فقال : ما فعل أصحابك ؟ قال : كفانيهم الله
ثم قال للملك : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني
وإلا فإنك لن تستطيع قتلي
قال : وما هو ؟ قال : تجمع الناس في صعيد ثم تصلبني على جذع وتأخذ سهما من كنانتي
ثم قل بسم الله رب الغلام فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني
ففعل ووضع السهم في كبد القوس ثم رماه وقال : بسم الله رب الغلام
فوقع السهم في صدغه
فوضع الغلام يده على موضع السهم ومات
فقال الناس : آمنا برب الغلام
فقيل للملك : أرأيت ما كنت تحذر فقد والله نزل بك هذا من آمن ؟ الناس كلهم
فأمر بأفواه السكك فخدت فيها الأخدود وأضرمت فيها النيران وقال : من رجع عن دينه
فدعوه وإلا فاقحموه فيها
فكانوا يتقارعون فيها ويتدافعون فجاءت امرأة بابن لها صغير فكأنها تقاعست أن تقع
في النار فقال الصبي : يا أمه اصبري فإنك علىالحق "
الآية 12 - 22
(8/470)
أخرج
ابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : قسم والسماء ذت البروج إلى قوله :
وشاهد ومشهود قال : هذا قسم على أن بطش ربك لشديد إلى آخرها
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : إن بطش ربك لشديد قال : ههنا القسم أنه هو
يبدئ ويعيد قال : يبدئ الخلق ثم يعيده وهو الغفور الودود قال : يود على طاعته من
أطاعه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس إنه هو يبدئ ويعيد قال : يبدئ العذاب ويعيده
وأخرج عن ابن عباس إنه هو يبدئ ويعيد قال : يبدئ العذاب ويعيده
وأخرج أبو الشيخ عن الحسين بن واقد في قوله : وهو الغفور الودود قال : الغفور
للمؤمنين الودود لأوليائه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله :
الودود قال : الحبيب وفي قوله : ذو العرش المجيد قال : الكريم
وأخرج ابن جرير عن أنس قال : إن اللوح المحفوظ الذي ذكره الله في القرآن في قوله :
بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ في جبهة إسرافيل
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في لوح محفوظ قال : في أم الكتاب
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : في لوح محفوظ قال : أخبرت أن لوح الذكر
لوح واحد فيه الذكر وإن ذلك اللوح من نور وإنه مسيرة ثلاثمائة سنة
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة في قوله : محفوظ قال : محفوظ عند الله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : في لوح محفوظ قال : في صدور
المؤمنين
وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن بريدة في لوح محفوظ قال : لوح عند الله وهو أم
الكتاب
وأخرج أبو الشيخ في العظمة بسند جيد عن ابن عباس قال : خلق الله اللوح المحفوظ
كمسيرة مائة عام فقال للقلم : قبل أن يخلق اكتب علمي في خلقي فجرى بما هو كائن إلى
يوم القيامة
(8/471)
وأخرج
ابن أبي الدنيا في مكارم الأخلاق والبيهقي في الشعب وأبو الشيخ في العظمة وابن
مردويه من طريق حلال القسلي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن لله لوحا من زبرجدة خضراء جعله تحت العرش وكتب فيه : إني أنا الله لا
إله إلا أنا خلقت ثلاثمائة وبضعة عشر خلقا من جاء بخلق منها مع شهادة أن لا إله
إلا الله دخل الجنة "
وأخرج عبد بن حميد في مسنده وأبو يعلى بسند ضعيف عن أبي سعيد الخدري قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن بين يدي الرحمن تبارك وتعالى لوحا فيه
ثلاثمائة وخمس عشرة شريعة يقول الرحمن : وعزتي وجلالي لا يجيئني عبد من عبادي لا
يشرك بي شيئا فيه واحدة منكن إلا أدخلته الجنة "
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن لله لوحا أحد وجهيه ياقوتة والوجه الثاني زبرجدة خضراء قلمه النور فيه
يخلق وفيه يرزق وفيه يحيي وفيه يميت وفيه يعز وفيه يفعل ما يشاء في كل يوم وليلة
"
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " خلق الله لوحا من درة بيضاء دفتاه من زبرجدة خضراء كتابه من نور يلحظ إليه
في كل يوم ثلاثمائة وستين لحظة يحيي ويميت ويخلق ويرزق ويعز ويذل ويفعل ما يشاء
"
(8/472)
بسم
الله الرحمن الرحيم
86
- سورة الطارق
مكية وآياتها سبع عشرة
مقدمة السورة ؟
الآية 1 - 10 أخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال : نزلت
والسماء والطارق بمكة
وأخرج أحمد والبخاري في التاريخ وابن مردويه والطبراني عن خالد العدواني أنه أبصر
رسول الله صلى الله عليه و سلم بسوق ثقيف وهو قائم على قوس أو عصا حين أتاهم يبتغي
النصر عندهم فسمعه يقرأ والسماء والطارق حتى ختمها
قال : فوعيتها في الجاهلية ثم قرأتها في الإسلام
وأخرج النسائي عن جابر قال : صلى معاذ المغرب فقرأ البقرة والنساء فقال النبي صلى
الله عليه و سلم : أفتان أنت يا معاذ أما يكفيك أن تقرأ والسماء والطارق والشمس
وضحاها سورة الشمس الآية 1 ونحو هذا ؟
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : والسماء والطارق قال : أقسم ربك بالطارق
وكل شيء طرقك باليل فهو طارق
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس والسماء
(8/473)
والطارق
فقال : وما أدراك ما الطارق فقلت : فلا أقسم بالخنس التكوير الآية 15 فقال :
الجواري الكنس التكوير الآية 15 فقلت : والمحصنات من النساء النساء الآية 24 فقال
: إلا ما ملكت أيمانكم النساء الآية 24 فقلت : ما هذا ؟ فقال : ما أعلم منها إلا
ما تسمع
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : والسماء والطارق قال : وما
يطرق فيها إن كل نفس لما عليها حافظ قال : كل نفس عليها حفظة من الملائكة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن
ابن عباس في قوله : النجم الثاقب قال : النجم المضيء إن كل نفس لما عليها حافظ قال
: إلا عليها حافظ
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج والسماء والطارق قال : النجم يخفى بالنهار ويبدو
بالليل إن كل نفس لما عليها حافظ قال : حفظ كل نفس عمله وأجله ورزقه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة والسماء والطارق قال : هو
ظهور النجم بالليل يقول : يطرقك بالليل النجم الثاقب قال : المضيء إن كل نفس لما
عليها حافظ قال : ما كل نفس إلا عليها حافظ
قال : وهم حفظة يحفظون عملك ورزقك وأجلك فإذا توفيته يا ابن آدم قبضت إلى ربك
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد النجم الثاقب قال : الذي يتوهج
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : النجم الثاقب الثريا
وأخرج ابن المنذر عن خصيف النجم الثاقب قال : مم يثقب من يسترق السمع
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ إن كل نفس لما عليها حافظ مثقلة منصوبه اللام
أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : فلينظر الإنسان مم خلق قال : هو أبو الأشدين
كان يقوم على الأديم فيقول : يا معشر قريش من أزالني عنه فله كذا
(8/474)
وكذا
ويقول : إن محمدا يزعم أن خزنة جهنم تسعة عشر فأنا أكفيكم وحدي عشرة واكفوني أنتم
تسعة
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : يخرج من بين الصلب
والترائب قال : صلب الرجل وترائب المرأة لا يكون الولد إلا منهما
وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبزي قال : الصلب من الرجل والترائب من المرأة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس يخرج من بين الصلب والترائب قال : ما
بين الجيد والنحر
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : الترائب أسفل من التراقي
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : والترائب قال : تربية المرأة وهو موضع
القلادة
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : عز و جل
يخرج من بين الصلب والترائب قال : الترائب موضع القلادة من المرأة قال : وهل تعرف
العرب ذلك ؟ قال نعم أما سمعت قول الشاعر : والزعفران على ترائبها شرفا به اللبات
والنحر وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أنه سئل عن قوله : يخرج من بين الصلب والترائب
قال : صلب الرجل وترائب المرأة أما سمعت قول الشاعر : نظام ؟ اللؤلؤ على ترائبها
شرفا به اللبات والنحر وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال : الترائب
الصدر
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة وعطية وأبي عياض مثله
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : الترائب أربعة أضلاع من كل جانب من أسفل
الأضلاع
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الأعمش قال : يخلق العظام والعصب من ماء الرجل
ويخلق اللحم والدم من ماء المرأة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : يخرج من بين الصلب
والترائب قال : يخرج من بين صلبه نحره إنه على رجعه لقادر قال : إن الله على بعثه
وإعادته لقادر يوم تبلى السرائر قال : إن هذه السرائر
(8/475)
مختبرة
فأسروا خيرا وأعلنوه فما له من قوة يمتنع بها ولا ناصر ينصره من الله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : إنه على رجعه لقادر قال :
على أن يجعل الشيخ شابا والشاب شيخا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد إنه على رجعه لقادر قال : على
رجع النطفة في الإحليل
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة إنه على رجعه لقادر قال : على أن يرجعه في
صلبه
وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبزي قال : على أن يرده نطفة في صلب أبيه
وأخرج ابن المنذر عن الحسن إنه على رجعه لقادر قال : على إحيائه
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن خيثم يوم تبلى السرائر قال : السرائر التي تخفين
من الناس وهن لله بواد داووهن بدوائهن قيل : وما بدوائهن ؟ قال : أن تتوب ثم لا
تعود
وأخرج ابن المنذر عن عطاء في قوله : تبلى السرائر قال : الصوم والصلاة وغسل
الجنابة
وأخرج ابن المنذر عن يحيى بن أبي كثير مثله
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " ضمن الله خلقه أربعة الصلاة والزكاة وصوم رمضان والغسل من الجنابة
وهن السرائر التي قال الله يوم تبلى السرائر "
الآية 11 - 17 أخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن
جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس في قوله :
والسماء ذات الرجع قال : المطر بعد المطر والأرض ذات الصدع قال : صدعها عن النبات
(8/476)
وأخرج
عبد بن حميد عن سعيد بن جبير وعكرمة وأبي مالك وابن أبزي والربيع بن أنس مثله
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد والسماء ذات الرجع قال : السحاب تمطر ثم ترجع بالمطر
والأرض ذات الصدع قال : المازم غير الأودية والجروف
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء والسماء ذات الرجع قال : ترجع بالمطر كل عام والأرض ذات
الصدع قال : تصدع بالنبات كل عام
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس والأرض ذات الصدع قال : صدع الأودية
وأخرج ابن مندة والديلمي عن معاذ بن أنس مرفوعا والأرض ذات الصدع قال : تصدع بإذن
الله عن الأموال والنبات
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة والسماء ذات الرجع قال : ترجع إلى العباد برزقهم كل
عام لولا ذلك لهلكوا وهلكت مواشيهم والأرض ذات الصدع قال : تصدع عن النبات والثمار
كما رأيتم إنه لقول فصل قال : قول حكم وما هو بالهزل قال : ما هو باللعب فمهل
الكافرين أمهلهم رويدا قال : الرويد القليل
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : عز و جل
وما هو بالهزل قال : القرآن ليس بالباطل واللعب
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قيس بن رفاعة وهو يقول : وما أدري
وسوف أخال أدري أهزل ذا كم أم قول جد وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير وما هو
بالهزل قال : وما هو باللعب
وأخرج ابن مردويه عن علي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "
أتاني جبريل فقال يا محمد : إن أمتك مختلفة بعدك
قلت فأين المخرج يا جبريل ؟ فقال : كتاب الله به يقصم كل جبار من اعتصم به نجا ومن
تركه هلك قول فصل ليس بالهزل "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : أنه لقول فصل قال : حق وما هو
بالهزل قال : بالباطل وفي قوله : أمهلهم رويدا قال : قريبا
(8/477)
وأخرج
ابن المنذر عن السدي في قوله : فمهل الكافرين أمهلهم رويدا قال : أمهلهم حتى آمر
بالقتال
وأخرج ابن أبي شيبة والدارمي والترمذي ومحمد بن نصر وابن الأنباري في المصاحف عن
الحارث الأعور قال : دخلت المسجد فإذا الناس قد وقعوا في الأحاديث فأتيت عليا
فأخبرته فقال : أوقد فعلوها ؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "
إنها ستكون فتنة قلت : فما المخرج منها يا رسول الله ؟ قال : كتاب الله فيه نبأ من
قبلكم وخبر من بعدكم وحكم ما بينكم هو الفصل ليس بالهزل من تركه من جبار قصمه الله
ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله وهو حبل الله المتين وهو الذكر الحكيم وهو
الصراط المستقيم هو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تشبع منه العلماء ولا تلتبس منه
الألسن ولا يخلق من الرد ولا تنقضي عجائبه هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى
قالوا : إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد من قال به صدق ومن حكم به عدل ومن
عمل به أجر ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم "
وأخرج محمد بن نصر والطبراني عن معاذ بن جبل قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه و
سلم يوما الفتن فعظمها وشددها فقال علي بن أبي طالب : يا رسول الله فما المخرج
منها ؟ قال : " كتاب الله فيه المخرج فيه حديث ما قبلكم ونبأ ما بعدكم وفصل
ما بينكم من تركه من جبار يقصمه الله ومن يبتغي الهدى في غيره يضله الله وهو حبل
الله المتين والذكر الحكيم والصراط المستقيم
هو الذي لما سمعته الجن لم تتناه أن قالوا : إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد
هو الذي لا تختلف به الألسن ولا تخلقه كثرة الرد "
(8/478)
87
- سورة الأعلى
مكية وآياتها تسع عشرة بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 19 أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال :
نزلت سورة سبح بمكة
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : أنزلت سورة سبح اسم ربك الأعلى بمكة
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : نزلت سورة سبح اسم ربك بمكة
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة والبخاري عن البراء بن عازب قال : أول من قدم علينا
من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم مصعب بن عمير وابن أم مكتوم فجعلا يقرئاننا
القرآن ثم جاء عمار وبلال وسعد ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين ثم جاء
(8/479)
النبي
صلى الله عليه و سلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به حتى رأيت الولائد
والصبيان يقولون : هذا رسول الله صلى الله عليه و سلم قد جاء فما جاء حتى قرأت سبح
اسم ربك الأعلى في سور مثلها
وأخرج أحمد والبزار وابن مردويه عن علي قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
يحب هذه السورة سبح اسم ربك الأعلى
وأخرج أبو عبيد عن تميم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إني
نسيت أفضل المسبحات فقال أبي بن كعب فلعلها سبح اسم ربك الأعلى قال : نعم "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن النعمان
بن بشير أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة ب سبح اسم
ربك الأعلى و هل أتاك حديث الغاشية سورة الغاشية الآية 1 وإن وافق يوم الجمعة
قرأهما جميعا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجة عن أبي عتبة الخولاني أن النبي صلى الله عليه و سلم
كان يقرأ في الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى و هل أتاك حديث الغاشية
وأخرج ابن ماجة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في العيد بسبح
اسم ربك الأعلى و هل أتاك حديث الغاشية
وأخرج أحمد وابن ماجة والطبراني عن سمرة بن جندب أن النبي صلى الله عليه و سلم كان
يقرأ في العيدين بسبح اسم ربك الأعلى و هل أتاك حديث الغاشية
وأخرج البزار عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في الظهر والعصر ب سبح
اسم ربك الأعلى و هل أتاك حديث الغاشية
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ
في الظهر ب سبح اسم ربك الأعلى
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والبيهقي في سننه عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله
عليه و سلم صلى الظهر فلما سلم قال : " هل قرأ أحد منكم ب سبح اسم ربك الأعلى
فقال رجل : أنا
قال : قد علمت أن بعضكم خالجنيها "
وأخرج أبو داود والنسائي وابن ماجة وابن حبان والدارقطني والحاكم والبيهقي عن أبي
بن كعب قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يوتر ب سبح اسم ربك الأعلى و قل
يا أيها الكافرون سورة الكافرون الآية 1
(8/480)
وأخرج
أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن عاشة قالت : كان
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ في الوتر في الركعة الأولى ب سبح وفي الثانية
قل يا أيها الكافرون وفي الثالثة قل هو الله أحد سورة الأخلاص الآية 1 والمعوذتين
وأخرج البزار عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في الوتر ب سبح
اسم ربك الأعلى و قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد
وأخرج محمد بن نصر عن أنس مثله
وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر بن عبد الله قال : أم معاذ قوما في صلاة المغرب فمر به
غلام من الأنصار وهو يعمل على بعير له فأطال بهم معاذ فلما رأى ذلك الغلام ترك
الصلاة وانطلق في طلب بعيره فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : "
أفتان أنت يا معاذ ألا يقرأ أحدكم في المغرب ب سبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها
"
وأخرج ابن ماجة عن جابر أن معاذ بن جبل صلى بأصحابه العشاء فطول عليهم فقال النبي
صلى الله عليه و سلم : " اقرأ بالشمس وضحاها و سبح اسم ربك الأعلى والليل إذا
يغشى سورة الليل الآية 1 و اقرأ باسم ربك الأعلى "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : " قلنا يا رسول الله كيف نقول في سجودنا
؟ فأنزل الله سبح اسم ربك الأعلى فأمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن نقول في
سجودنا سبحان ربي الأعلى "
وأخرج ابن سعد عن الكلبي قال : " وفد حضرمي بن عامر على النبي صلى الله عليه
و سلم فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : أتقرأ شيئا من القرآن ؟ فقرأ سبح اسم
ربك لأعلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى والذي أمتن على الحبلى فأخرج منها نسمة
تسعى بين شغاف وحشا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا تزيدن فيها فإنها شافية كافية "
أخرج أحمد وأبو داود وابن ماجة وابن المنذر وابن مردويه عن عقبة بن عامر الجهني
قال : لما أنزلت فسبح باسم ربك العظيم سورة الواقعة الآية 74 قال لنا رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " اجعلوها في ركوعكم " فلما نزلت سبح اسم ربك
الأعلى قال : " اجعلوها في سجودكم "
(8/481)
وأخرج
أحمد وأبو داود وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم كان إذا قرأ سبح اسم ربك الأعلى قال : سبحان ربي الأعلى
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس أنه كان إذا
قرأ سبح اسم ربك الأعلى قال : سبحان ربي الأعلى
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : إذا قرأت سبح اسم ربك الأعلى فقل : سبحان ربي
الأعلى
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن الأنباري في المصاحف عن علي بن
أبي طالب أنه قرأ سبح اسم ربك الأعلى فقال : سبحان ربي الأعلى وهو في الصلاة فقيل
له : أتزيد في القرآن قال : لا إنما أمرنا بشيء فقلته
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عنأبي موسى
الأشعري أنه قرأ في الجمعة سبح اسم ربك الأعلى فقال : سبحان ربي الأعلى
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن سعيد بن
جبير قال : سمعت ابن عمر يقرأ سبحان اسم ربك الأعلى فقال : سبحان ربي الأعلى
قال : كذلك هي قراءة أبي بن كعب
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عبد الله بن الزبير أنه قرأ سبح ربك الأعلى
فقال : سبحان ربي الأعلى وهو في الصلاة
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك أنه كان يقرؤها كذلك ويقول : من قرأها فليقل سبحان
ربي الأعلى
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : ذكر أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا قرأها
قال : سبحان ربي الأعلى
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر أنه كان إذا قرأ سبح اسم ربك الأعلى قال : سبحان ربي
الأعلى أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن حاتم عن مجاهد في
قوله : والذي قدر فهدى قال : هدى الإنسن للشقوة والسعادة وهدى الأنعام لمراتعها
(8/482)
وأخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن إبراهيم والذي أخرج المرعى قال : النبات
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فجعله غثاء قال : هشيما أحوى
قال : متغيرا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : فجعله غثاء أحوى
قال : الغثاء الشيء البالي وأحوى قال : أصفر وأخضر وأبيض ثم ييبس حتى يكون يابسا
بعد خضرة
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد فجعله غثاء أحوى قال : غثاء السيل و
أحوى قال : أسود
قوله : تعالى : سنقرئك فلا تنسى الآيات
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : سنقرئك
فلا تنسى قال : كان يتذكر القرآن في نفسه مخافة أن ينسى
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال : " إن النبي صلى الله عليه و
سلم إذا أتاه جبريل بالوحي لم يفرغ جبريل من الوحي حتى يزمل من ثقل الوحي حتى
يتكلم النبي صلى الله عليه و سلم بأوله مخافة أن يغشى عليه فينسى فقال له جبريل :
لم تفعل ذلك ؟ قال مخافة أن أنسى
فأنزل الله سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله فإن النبي صلى الله عليه و سلم نسي
آيات من القرآن ليس بحلال ولا حرام ثم قال له جبريل : إنه لم ينزل على نبي قبلك
إلا نسي وإلا رفع بعضه وذلك أن موسى أهبط الله عليه ثلاثة عشر سفرا فلما ألقى
الألواح انكسرت وكانت من زمرد فذهب أربعة أسفار وبقي تسعة "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يستذكر القرآن
فخافة أن ينساه فقيل له : كفيناك ذلك ونزلت سنقرئك فلا تنسى
وأخرج الحاكم عن سعد بن أبي وقاص نحوه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله يقول
إلا ما شئت أنا فأنسيك
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : سنقرئك فلا تنسى
إلا ما شاء الله قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا ينسى شيئا إلا ما شاء
الله إنه يعلم الجهر وما يخفى قال : الوسوسة
(8/483)
وأخرج
ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير إنه يعلم الجهر وما يخفى قال : ما
أخفيت في نفسك
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ونيسرك لليسرى قال : للخير
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : سيذكر
من يخشى ويتجنبها الأشقى قال : والله ما خشي الله عبد قط إلا ذكره ولا يتنكب عبد
هذا الذكر زهدا فيه وبغضا له ولأهله إلا شقي بين الأشقياء
قوله : تعالى : قد أفلح من تزكى الآية
أخرج البزار وابن مردويه عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم :
" في قوله : قد أفلح من تزكى قال : من شهد أن لا إله إلا الله وخلع الأنداد
وشهد أني رسول الله وذكر اسم ربه فصلى قال : هي الصلوات الخمس والمحافظة عليها
والاهتمام بمواقيتها
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
قد أفلح من تزكى قال : من الشرك وذكر اسم ربه قال : وحد الله فصلى قال : الصلوات
الخمس "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن
عكرمة رضي الله عنه في قوله : قد أفلح من تزكى قال : من قال لا إله إلا الله
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله : قد أفلح من تزكى قال : من قال لا إله إلا الله
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه قال : قد أفلح من تزكى قال
: من آمن
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه قال : قد أفلح من تزكى قال : من أكثر
الاستغفار
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : قد
أفلح من تزكى قال : بعمل صالح
(8/484)
وأخرج
البزار وابن أبي حاتم والحاكم في الكني وابن مردويه والبيهقي في سننه بسند ضعيف عن
كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه
كان يأمر بزكاة الفطر قبل أن يصلي صلاة العيد ويتلو هذه الآية قد أفلح من تزكى
وذكر اسم ربه فصلى وفي لفظ قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن زكاة الفطر
قال : قد أفلح من تزكى فقال : " هي زكاة الفطر "
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ثم يقسم الفطرة قبل أن يغدو
إلى المصلى يوم الفطر
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قد أفلح من تزكى
قال : أعطى صدقة الفطر قبل أن يخرج إلى العيد وذكر اسم ربه فصلى قال : خرج إلى
العيد فصلى
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه في
قوله : قد أفلح من تزكى قال : زكاة الفطر
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه أن عبد الله بن عمر كان يقدم صدقة الفطر
حين يغدو ثم يغدو وهو يتلو قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنه قال : إنما أنزلت هذه
الآية في إخراج صدقة الفطر قبل صلاة العيد قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى
وأخرج الطبراني عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه في قوله : قد أفلح من تزكى الآية
قال : إلقاء القمح قبل الصلاة يوم الفطر في المصلى
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله : قد أفلح من
تزكى وذكر اسم ربه فصلى قال : نزلت في صدقة الفطر تزكي ثم تصلي
وأخرج ابن جرير عن أبي خلدة رضي الله عنه قال : دخلت على أبي العالية فقال لي إذا
غدوت غدا إلى العيد فمر بي
قال : فمررت به فقال : هل طعمت شيئا
قلت : نعم
قال : فأخبرني ما فعلت زكاتك ؟ قلت : قد وجهتها
قال : إنما
(8/485)
أردتك
لهذا ثم قرأ قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى وقال : إن أهل المدينة لا يرون
صدقة أفضل منها ومن سقاية الماء
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه قد أفلح من تزكى قال : أدى زكاة الفطر
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين رضي الله عنه في قوله : قد أفلح من تزكى قال
: أدى صدقة الفطر ثم خرج فصلى بعدما أدى
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه قال : قدم الزكاة ما إستطعت يوم
الفطر ثم قرأ قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه قال : قلت لابن عباس رضي الله عنهما :
أرأيت قوله : قد أفلح من تزكى للفطر ! قال : لم أسمع بذلك ولكن الزكاة كلها ثم
عاودته فيها فقال لي : والصدقات كلها
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قد أفلح من تزكى يعني من ماله
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قد أفلح من تزكى قال : تزكى رجل من ماله
وتزكى رجل من خلقه
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن أبي الأحوص رضي الله
عنه قال : رحم الله امرأ تصدق ثم صلى ثم قرأ قد أفلح من تزكى الآية ولفظ ابن أبي
شيبة من استطاع أن يقدم بين يدي صلاته صدقة فليفعل
فإن الله يقول وذكر الآية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي الأحوص رضي الله عنه قال : لو أن الذي يتصدق
بالصدقة صلى ركعتين ثم قرأ قد أفلح من تزكى الآية
وأخرج زيد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق أبي الأحوص عن ابن
مسعود رضي الله عنه قال : إذا خرج أحدكم يريد الصلاة فلا عليه أن يتصدق بشيء لأن
الله يقول : قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى
(8/486)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن أبي الأحوص رضي الله عنه قد أفلح من تزكى قال : من رضخ
أخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ بل تؤثرون الحياة الدنيا
على الآخرة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن عرفجة الثقفي
قال : استقرأت ابن مسعود سبح اسم ربك الأعلى فلما بلغ بل تؤثرون الحياة الدنيا ترك
القراءة وأقبل على أصحابه فقال : آثرنا الدنيا على الآخرة فسكت القوم
فقال : آثرنا الدنيا لأنا رأينا زينتها ونساءها وطعامها وشرابها وزويت عنا الآخرة
فاخترنا هذا العاجل وتركنا الآجل وقال : " بل يؤثرون " بالياء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة بل يؤثرون الحياة الدنيا قال
: اختار الناس العاجلة إلا من عصم الله والآخرة خير في الخير وأبقى في البقاء
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة بل تؤثرون الحياة الدنيا
قال : يعني هذه الأمة وإنكم ستؤثرون الحياة الدنيا
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " لا إله إلا الله تمنع العباد من سخط الله ما لم يؤثروا صفقة
دنياهم على دينهم فإذا آثروا صفقة دنياهم ثم قالوا : لا إله إلا الله ردت عليها
وقال الله كذبتم "
وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
لا يلقى الله أحد بشهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلا دخل الجنة ما لم
يخلط معها غيرها رددها ثلاثا قال : قائل من قاصية الناس : بأبي أنت وأمي يا رسول
الله : وما يخلط معها غيرها ؟ قال : حب الدنيا وأثرة لها وجمعا لها ورضا بها وعمل
الجبارين "
وأخرج أحمد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " من أحب دنياه أضر بآخرته ومن أحب آخرته أضر بدنياه فآثروا ما يبقى
على ما يفنى "
وأخرج أحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" الدنيا
(8/487)
دار
من لا دار له ومال من لا مال له لها يجمع من لا عقل له "
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن موسى بن يسار رضي الله عنه أنه بلغه أن النبي
صلى الله عليه و سلم قال : " إن الله جل ثناؤه لم يخلق خلقا أبغض إليه من
الدنيا وإنه منذ خلقها لم ينظر إليها
وأخرج البيهقي عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" حب الدنيا رأس كل خطيئة "
أخرج البزار وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال : لما نزلت إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى قال : رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " هي كلها في صحف إبراهيم وموسى "
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله : إن هذا لفي الصحف الأولى قال : نسخت هذه السورة من
صحف إبراهيم وموسى ولفظ سعيد : هذه السورة في صحف إبراهيم وموسى ولفظ ابن مردويه :
وهذه السورة وقوله : وإبراهيم الذي وفى سورة النجم الآية 37 إلى آخر السورة من صحف
إبراهيم وموسى
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي أن هذه السورة في صحف إبراهيم وموسى مثل ما نزلت على
النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه إن هذا لفي الصحف
الأولى يقول : قصة هذه السورة في الصحف الأولى
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه إن هذا لفي الصحف
الأولى قال : تتابعت كتب الله كما تسمعون إن الآخرة خير وأبقى
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه إن هذا لفي الصحف الأولى
الآية قال : في الصحف الأولى إن الآخرة خير من الدنيا
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه إن هذا لفي الصحف
الأولى قال : هو الآيات
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه إن هذا لفي الصحف الأولى قال : في كتب
الله كلها
(8/488)
وأخرج
عبد بن حميد وابن مردويه وابن عساكر عن أبي ذر رضي الله عنه قال : " قلت يا
رسول الله كم أنزل الله من كتاب ؟ قال مائة كتاب وأربعة كتب أنزل على شيث خمسين
صحيفة وعلى إدريس ثلاثين صحيفة وعلى إبراهيم عشر صحائف وعلى موسى قبل التوراة عشر
صحائف وأنزل التوراة والإنجيل والزبور والفرقان
قلت يا رسول الله : فما كانت صحف إبراهيم ؟ قال : أمثال كلها أيها الملك المتسلط
المبتلي المغرور لم أبعثك لتجمع الدنيا بعضها على بعض ولكن بعثتك لترد عني دعوة
المظلوم فإني لا أردها لتجمع الدنيا بعضها على بعض ولكن بعثتك لترد عني دعوة
المظلوم فإني لا أردها ولو كانت من كافر وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله أن
يكون له ثلاث ساعات ساعة يناجي فيها ربه وساعة يحاسب فيها نفسه ويتفكر فيما صنع
وساعة يخلو فيها لحاجته من الحلال فإن في هذه الساعة عونا لتلك الساعات واستجماعا
للقلوب وتفريغا لها وعلى العاقل أن يكون بصيرا بزمانه مقبلا على شأنه حافظا للسانه
فإن من حسب كلامه من عمله أقل الكلام إلا فيما يعنيه وعلىالعاقل أن يكون طالبا
لثلاث مرمة لمعاش أو تزود لمعاد أو تلذذ في غير محرم
قلت يا رسول الله : فما كانت صحف موسى ؟ قال : كانت عبرا كلها عجبت لمن أيقن
بالموت كيف يفرح ولمن أيقن بالموت ثم يضحك ولمن يرى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم
يطمئن إليها ولمن أيقن بالقدر ثم ينصب ولمن أيقن بالحساب ثم لا يعمل
قلت يا رسول الله : هل أنزل عليك شيء مما كان في صحف إبراهيم وموسى ؟ قال : يا أبا
ذر نعم قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى بل تؤثرون الحياة الدنيا والآخرة خير
وأبقى إن هذا لفي الصحف الأولى صحف إبراهيم وموسى "
وأخرج البغوي في معجمه عن عبد الرحمن ابن أبي سبرة رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى
الله عليه و سلم مع أبيه فسأله عن أشياء فقال : يا رسول الله كم توتر ؟ قال :
بثلاث ركعات تقرأ فيها ب سبح اسم ربك الأعلى و قل يا أيها الكافرون سورة الكافرون
الآية 1 و قل هو الله أحد سورة الإخلاص الآية 1 "
وأخرج الطبراني عن عبد الله بن الحارث بن عبد المطلب قال : صلاة صلاها رسول الله
صلى الله عليه و سلم لنا المغرب فقرأ في الركعة الأولى سبح اسم ربك الأعلى وفي
الثانية : ب قل يا أيها الكافرون
(8/489)
بسم
الله الرحمن الرحيم
88
- سورة الغاشية
مكية وآياتها ست وعشرون
مقدمة السورة أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : نزلت سورة الغاشية بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
الآية 1 - 26 وأخرج مالك ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن النعمان بن بشير
أنه سئل بم كان النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ في الجمعة مع سورة الجمعة ؟ قال :
هل أتاك حديث الغاشية
(8/490)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الغاشية
القيامة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في هل أتاك حديث الغاشية قال : الساعة وجوه يومئذ
خاشعة عاملة ناصبة قال : تعمل وتنصب في النار تسقى من عين آنية قال : هي التي قد
طال أنيها ليس لهم طعام إلا من ضريع قال : الشبرق
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة هل
أتاك حديث الغاشية قال : حديث الساعة وجوه يومئذ خاشعة قال : ذليلة في النار عاملة
ناصبة قال : تكبرت في الدنيا عن طاعة الله فأعملها وأنصبها في النار تسقى من عين
آنية قال : إناء طبخها منذ خلق الله السموات الأرض ليس لهم طعام إلا من ضريع قال :
الشبرق شر الطعام وأبشعه وأخبثه
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير وجوه يومئذ قال : يعني في الآخرة وأخرج ابن
أبي حاتم عن ابن عباس وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة قال : يعني اليهود والنصارى
تخشع ولا ينفعها عملها تسقى من عين آنية قال : تدانى غليانه
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر والحاكم عن أبي عمران الجوني قال : مر عمربن الخطاب
رضي الله عنه براهب فوقف ونودي الراهب فقيل له : هذا أمير المؤمنين فاطلع فإذا
إنسان به من الضر والإجتهاد وترك الدنيا فلما رآه عمر بكى فقيل له : إنه نصراني
فقال : قد علمت ولكني رحمته ذكرت قوله الله عاملة ناصبة تصلى نارا حامية فرحمت
نصبه واجتهاده وهو في النار
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : عاملة ناصبة قال : عاملة في
الدنيا بالمعاصي تنصب في النار يوم القيامة إلا من ضريع قال : الشبرق
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : تصلى نارا حامية
قال : حارة تسقى من عين آنية قال : انتهى حرها ليس لهم طعام إلا من ضريع يقول : من
شجر من نار
(8/491)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه من عين آنية قال : قد أنى طبخها
منذ خلق الله السموات والأرض وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : من عين آنية قال : قد بلغت إناها
وحان شربها وفي قوله : إلا من ضريع قال : الشبرق اليابس
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي من عين آنية قال : انتهى حرها فليس فوقه حر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : آنية قال : حاضرة
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس ليس لهم طعام إلا من ضريع قال : الشبرق اليابس
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : الضريع بلغة قريش في الربيع
الشبرق وفي الصيف الضريع
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : الضريع
الشبرق شجرة ذات شوك لاطئة بالأرض
وأخرج ابن شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي الجوزاء قال :
الضريع السلم وهو الشوك وكيف يسمن من كان طعامه الشوك
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير إلا من ضريع قال : من
حجارة
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير إلا من ضريع قال : الزقوم
وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون بالطعام
فيغاثون بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع "
وأخرج ابن مردويه بسند واه عن ابن عباس ليس لهم طعام إلا من ضريع قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " شيء يكون في النار شبه الشوك أمر من الصبر
وأنتن
(8/492)
من
الجيفة وأشد حرا من النار سماه الله الضريع إذا طعمه صاحبه لا يدخل البطن ولا
يرتفع إلى الفم فيبقى بين ذلك ولا يغني من جوع "
أخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير أنه قرأ في سورة الغاشية متكئين فيها ناعمين
فيها
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله : لسعيها راضية قال : رضيت عملها
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ لا تسمع فيها بالتاء ونصب التاء لاغية منصوبة
منونة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : لا يسمع فيها لاغية يقول : لا تسمع أذى ولا
باطلا وفي قوله : فيها سرر موفوعة قال : بعضها فوق بعض ونمارق قال : مجالس
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد لا تسمع فيها لاغية
قال : شتما
وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش لا تسمع فيها لاغية قال : مؤذية
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه لا
تسمع فيها لاغية قال : لا تسمع فيها باطلا ولا مأثما وفي قوله : ونمارق قال :
الوسائد وفي قوله : مبثوثة قال : مبسوطة
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج فيها سرر مرفوعة قال : مرتفعة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : ونمارق قال : الوسائد
وزرابي قال : البسط
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : ونمارق قال :
المرافق
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه وزرابي قال : البسط
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه وزرابي مبثوثة قال : بعضها
على بعض
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن عمار بن محمد قال : صليت خلف
(8/493)
منصور
بن المعتمر فقرأ هل أتاك حديث الغاشية فقرأ فيها وزرابي مبثوثة متكئين فيها ناعمين
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن أبي الهذيل أن موسى أو غيره من الأنبياء قال :
يا رب كيف يكون هذا منك ؟ أولياؤك في الأرض حائفون يقتلون ويطلبون فلا يعطون
وأعداؤك يأكلون ما شاؤوا ويشربون ما شاؤوا ونحو هذا
فقال : انطلقوا بعبدي إلى الجنة فينظر ما لم ير مثله قط إلى أكواب موضوعة ونمارق
مصفوفة وزرابي مبثوثة وإلى الحور العين وإلى الثمار وإلى الخدم كأنهم لؤلؤ مكنون
فقال : ما ضر أوليائي ما أصابهم في الدنيا إذا كان مصيرهم إلى هذا ؟ ثم قال :
انطلقوا بعبدي هذا فانطلق به إلى النار فخرج منها عنق فصعق العبد ثم أفاق فقال :
ما نفع أعدائي ما أعطيتهم في الدنيا إذا كان مصيرهم إلى هذا ؟ قال : لا شيء
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال نبي من الأنبياء : اللهم
العبد من عبيدك يعبدك ويطيعك ويجتنب سخطك تزوي عنه الدنيا وتعرض له البلاء
والعبد يعبد غيرك ويعمل بمعاصيك فتعرض له الدنيا وتزوي عنه البلاء
قال : فأوحى الله إليه أن العباد والبلاد لي كل يسبح بحمدي فأما عبدي المؤمن فتكون
له سيئات فإنما أعرض له البلاء وأزوي عنه الدنيا فتكون كفارة لسيئاته وأجزيه إذا
لقيني وأما عبدي الكافر فتكون له الحسنات فأزوي عنه البلاء وأعرض له الدنيا فيكون
جزاء لحسناته وأجزيه بسيئاته حين يلقاني
والله أعلم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : لما نعت الله ما في
الجنة عجب من ذلك أهل الضلالة فأنزل الله أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وكانت
الإبل عيشا من عيش العرب وخولا من خولهم وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف
نصبت قال : تصعد إلى الجبل الصخور عامة يومك فإذا أفضت إلى أعلاه أفضت إلى عيون
منفجرة وأثمار متهدلة لم تغرسه الأيدي ولم تعمله الناس نعمة من الله إلى أجل وإلى
الأرض كيف سطحت أي بسطت يقول : إن الذي خلق هذا قادر على أن يخلق في الجنة ما أراد
(8/494)
وأخرج
عبد بن حميد عن شريح أنه كان يقول لأصحابه : أخرجوا بنا إلى السوق فنظر إلى الإبل
كيف خلقت
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن
جرير والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن جابر قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا
الله فإذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله ثم قرأ
فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر "
وأخرج الحاكم وصححه عن جابر قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم " لست
عليهم بمصيطر " بالصاد
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : لست
عليهم بمسيطر يقول : بجبار فاعف عنهم وأصفح
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة لست عليهم بمسيطر قال : بقاهر
أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة لست عليهم بمسيطر قال : كل عبادي إلي
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه بمسيطر قال : بمسلط
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد لست عليهم بمسيطر قال : جبار
إلا من تولى وكفر قال : حسابه على الله
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس لست عليهم بمسيطر نسخ ذلك فقال : فاقتلوا
المشركين حيث وجدتموهم سورة التوبة الآية 5
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : إن إلينا إيابهم قال : مرجعهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء مثله
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : عز و جل إن
إلينا إيابهم قال : الإياب المرجع
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أماسمعت عبيد بن الأبرص يقول :
(8/495)
وكل
ذي غيبة يؤوب وغائب الموت لا يؤوب وقال الآخر : فألقت عصاها واستقر بها النوى كما
قر عينا بالإياب المسافر وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي إن إلينا إيابهم قال :
منقلبهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة إن إلينا إيابهم ثم إن علينا حسابهم قال :
إلى الله الإياب وعلى الله الحساب
(8/496)
89
- سورة الفجر
مكية وآياتها ثلاثون بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 13 أخرج ابن الضريس والنحاس في ناسخه وابن مردويه والبيهقي من طرق عن
ابن عباس قال : نزلت والفجر بمكة
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : أنزلت والفجر بمكة
وأخرج النسائي عن جابر قال : أفتان يا معاذ أين أنت من سبح اسم ربك الأعلى سورة
الأعلى الآية 1 والشمس وضحاها سورة الشمس الآية 1 والفجر والليل إذا يغشى سورة
الليل الآية 1
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد الله بن الزبير في قوله : والفجر قال : قسم
أقسم الله به
وأخرج ابن أبي شيبة عن ميمون بن مهران قال : إن الله تعالى يقسم بما يشاء من خلقه
وليس لأحد أن يقسم إلا بالله
(8/497)
وأخرج
الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن
عباس في قوله : والفجر قال : فجر النهار
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : والفجر قال : هو الصبح
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله : والفجر قال : طلوع الفجر غداة جمع
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : والفجر قال : فجر يوم النحر وليس كل فجر
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي مثله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس والفجر قال : يعني صلاة الفجر
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في الشعب وابن عساكر عن ابن عباس في قوله : والفجر
قال : هو المحرم أول فجر السنة
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة والبيهقي عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أفضل الصيام بعد شهر
رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل "
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن النعمان قال : أتى عليا رجل فقال : يا أمير
المؤمنين أخبرني بشهر أصومه بعد رمضان
قال : لقد سألت عن شيء ما سمعت أحدا يسأل عنه بعد رجل سأل عنه رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : " إن كنت صائما شهرا بعد رمضان فصم المحرم فإنه شهر الله
وفيه يوم تاب فيه قوم وتاب فيه على آخرين "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والبيهقي عن ابن عباس قال : " قدم النبي
صلى الله عليه و سلم المدينة واليهود تصوم يوم عاشوراء فقال : ما هذا اليوم الذي
تصومونه ؟ قالوا : هذا يوم عظيم أنجى الله فيه موسى وأغرق فيه آل فرعون فصامه موسى
شكرا لله
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فنحن أحق بموسى منكم فصامه رسول الله صلى
الله عليه و سلم وأمر بصيامه "
وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت : " أرسل
رسول الله صلى الله عليه و سلم غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة من
كان أصبح صائما فليتم صومه ومن كان أصبح مفطرا فليصم بقية يومه "
قالت فكنا بعد
(8/498)
ذلك
نصومه ونصوم صبياننا الصغار ونذهب بهم إلى المسجد ونجعل لهم اللعبة من العهن فإذا
بكى أحدهم على الطعام أعطيناه إياها حتى يكون عند الإفطار
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والبيهقي عن ابن عباس قال : ما علمت أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم كان يتحرى صيام يوم يبتغي فضله على غيره إلا هذا اليوم
يوم عاشوراء أو شهر رمضان
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " ليس ليوم على يوم فضل في الصيام إلا شهر رمضان ويوم عاشوراء "
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الأسود بن يزيد قال : ما رأيت أحدا ممن كان
بالكوفة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر بصوم يوم عاشوراء من علي وأبي
موسى
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والبيهقي عن ابن عباس قال : " حين صام رسول الله
صلى الله عليه و سلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه قالوا : يا رسول الله إنه تعظمه
اليهود فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذا كان العام المقبل إن شاء الله
صمنا يوم التاسع فلم يأت العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم
"
وأخرج ابن عدي والبيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود
صوموا قبله يوما وبعده يوما "
وأخرج البيهقي عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لئن
بقيت لآمرن بصيام يوم قبله أو بعده يوم عاشوراء "
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : خالفوا اليهود وصوموا التاسع والعاشر
وأخرج البيهقي عن أبي جبلة قال : كنت مع ابنشهاب في سفر فصام يوم عاشوراء فقيل له
: تصوم يوم عاشوراء في السفر وأنت تفطر في رمضان ؟ قال : إن رمضان له عدة من أيام
أخر وإن عاشوراء يفوت
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى قال : يوم عاشوراء يوم تعظمه اليهود وتتخذه عيدا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " صوموه أنتم "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" يوم عاشوراء يوم كانت تصومه الأنبياء فصوموه أنتم "
(8/499)
وأخرج
البيهقي عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من وسع على
أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه طول سنته "
وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : " من وسع
على عياله يوم عاشوراء وسع الله عليه في سائر سنته "
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " من وسع على أهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته "
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من
وسع على عياله وأهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته " قال البيهقي :
أسانيدها وإن كانت ضعيفة فهي إذا ضم بعضها إلى بعض أحدثت قوة
وأخرج البيهقي عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر قال : كان يقال : من وسع على عياله
يوم عاشوراء لم يزالوا في سعة من رزقهم سائر سنتهم "
وأخرج البيهقي وضعفه عن عروة عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " من اكتحل بالإثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدا "
أخرج أحمد والنسائي والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والحاكم وصححه
والبيهقي في الشعب عن جابر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : والفجر وليال عشر
والشفع والوتر قال : إن العشر عشر الأضحى والوتر يوم عرفة والشفع يوم النحر "
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
وابن مردويه والبيهقي في الشعب من طرق عن ابن عباس في قوله : وليال عشر قال : عشرة
الأضحى وفي لفظ قال : هي ليال العشر الأول من ذي الحجة
وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد الله بن الزبير في قوله
: وليال عشر قال : أول ذي الحجة إلى يوم النحر
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والبيهقي في الشعب عن مسروق في قوله : وليال عشر قال : هي عشر الأضحى هي أفضل أيام
السنة
(8/500)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد عن مجاهد وليال عشر قال : عشر ذي الحجة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة مثله
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة مثله
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن الضحاك بن مزاحم في قوله : وليال عشر قال : عشر
الأضحى أقسم بهن لفضلهن على سائر الأيام
وأخرج عبد بن حميد عن مسروق وليال عشر قال : عشر الأضحى وهي التي وعد الله موسى
قوله : وأتممناها بعشر سورة الأعراف الآية 142 وأخرج عبد بن حميد عن طلحة بن عبيد
الله أنه دخل على ابن عمر هو وأبو سلمة بن عبد الرحمن فدعاهم ابن عمر إلى الغداء
يوم عرفة فقال أبو سلمة : أليس هذه الليالي العشر التي ذكر الله في القرآن ؟ فقال
ابن عمر : وما يدريك ؟ قال : ما أشك
قال : بلى فاشك
وأخرج ابن مردويه عن عطية في قوله : والفجر قال : هذا الذي تعرفون وليال عشر قال :
عشر الأضحى والشفع قال : يقول الله : وخلقناكم أزواجا سورة النبأ الآية 8 والوتر
قال الله : قيل هل تروي هذا عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال
: نعم عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج البخاري والبيهقي في الشعب عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " ما من أيام فيهن العمل أحب إلى الله عز و جل أفضل من أيام العشر قيل
يا رسول الله : ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل
جاهد في سبيل الله بماله ونفسه فلم يرجع من ذلك بشيء "
وأخرج البيهقي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما من
أيام أفضل عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من أيام العشر فأكثروا فيهن من
التهليل والتكبير والتحميد "
وأخرج البيهقي عن الأوزاعي قال : بلغني أن العمل في اليوم من أيام العشر كقدر
(8/501)
غزوة
في سبيل الله يصام نهارها ويحرس ليلها إلا أن يختص امرؤ بشهادة
قال : الأوزاعي : حدثني بهذا الحديث رجل من بني مخزوم عن النبي صلى الله عليه و
سلم
وأخرج البيهقي من طريق هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه
و سلم أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة
أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر وخميسين
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما
من أيام من أيام الدنيا العمل فيها أحب إلى الله من أن يتعبد له فيها من أيام
العشر يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة بقيام ليلة القدر "
وأخرج البيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما
من أيام أفضل عند الله ولا العمل فيهن أحب إلى الله عز و جل من هذه الأيام العشر
فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير فإنها أياما التهليل والتكبير وذكر الله وإن
صيام يوم منها يعدل بصيام سنة والعمل فيهن يضاعف بسبعمائة ضعف "
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وليال عشر قال : هي العشر
الأواخر من رمضان
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة عن أبي عثمان قال : كانوا يعظمون ثلاث عشرات
العشر الأول من المحرم والعشر الأول من ذي الحجة والعشر الأخير من رمضان
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن
مردويه عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن الشفع والوتر فقال :
هي الصلاة بعضها شفع وبعضها وتر
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن عمران بن حصين والشفع والوتر قال :
الصلاة المكتوبة منها شفع ومنها وتر
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة والشفع والوتر قال : إن من الصلاة شفعا وإن منها وترا
قال : قال الحسن : هوالعدد منه شفع ومنه وتر
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي العالية والشفع والوتر قال : ذلك صلاة
المغرب الشفع الركعتان والوتر الركعة الثالثة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس مثله
(8/502)
وأخرج
عبد بن حميد عن الحسن والشفع والوتر قال : أقسم ربنا بالعدد كله الشفع منه والوتر
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم النخعي قال : الشفع
الزوج والوترالفرد
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس والشفع والوتر قال : كل شيء شفع فهو اثنان والوتر
واحد
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد والشفع والوتر قال : الخلق كله شفع ووتر فأقسم بالخلق
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس والشفع والوتر قال : الله الوتر وأنتم الشفع
وأخرج الفريابي وسعيد بن جبير وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد والشفع والوتر قال : كل خلق الله شفع السماء والأرض والبر والبحر والإنس
والجن والشمس والقمر ونحو هذا شفع والوتر الله وحده
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد والشفع والوتر
قال : الله الوتر وخلقه الشفع الذكر والأنثى
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : الشفع آدم وحواء والوتر الله
وأخرج عبد بن حميد من طريق إسماعيل عن أبي صالح والشفع والوتر قال : خلق الله من
كل زوجين اثنين والله وتر واحد صمد
قال إسماعيل : فذكرت ذلك للشعبي فقال : كان مسروق يقول ذلك
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : من قال في دبر كل صلاة وإذا أخذ مضجعه الله
أكبر عدد الشفع والوتر وعدد كلمات الله التامات الطيبات المباركات ثلاثا ولا إله
إلا الله مثل ذلك كن له في قبره نورا وعلى الجسر نورا وعلى الصراط نورا حتى يدخل
الجنة
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه و سلم
أنه سئل عن الشفع والوتر فقال : " يومان وليلة يوم عرفة ويوم النحر والوتر
ليلة النحر ليلة جمع "
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عطاء والشفع والوتر قال : هي أيام نسك عرفة
والأضحى هما للشفع وليلة الأضحى هي الوتر
(8/503)
وأخرج
ابن جرير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " الشفع اليومان
والوتر اليوم الثالث "
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم عن عبد الله بن الزبير أنه سئل عن الشفع والوتر فقال : الشفع قول
الله : فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه سورة البقرة الآية 203 والوتر اليوم الثالث
وفي لفظ الشفع أوسط التشريق والوتر آخر أيام التشريق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في
شعب الإيمان من طرق عن ابن عباس والشفع والوتر قال : الشفع يوم النحر والوتر يوم
عرفة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : عرفة وتر ويوم النحر
شفع عرفة يوم التاسع والنحر يوم العاشر
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه قال : الشفع يوم النحر والوتر يوم عرفة
أقسم الله بهما لفضلهما على العشر
أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : والليل إذا يسر قال : إذا ذهب
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد الله بن الزبير والليل إذا يسر قال : إذا سار
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد والليل إذا يسر قال
: إذا سار
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة والليل إذا يسر قال
: ليلة جمع
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي أنه قيل له : ما الليل إذا يسر قال :
هذه الإفاضة اسر يا ساري ولا تبيتن إلا بجمع
أخرج ابن المنذر عن ابن مسعود أنه قرأ والفجر إلى قوله : إذا يسر قال : هذا قسم
على أن ربك لبالمرصاد
(8/504)
وأخرج
الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والبيهقي في شعب الإيمان من طرق عن ابن عباس في قوله : قسم لذي حجر قال : لذي حجا
وعقل ونهى
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عكرمة والضحاك مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن لذي حجر قال : لذي حلم
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي مالك لذي حجر قال : ستر من النار
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والإبتداء عن السدي في قوله : لذي حجر قال : لذي لب
قال الحارث بن ثعلبة : وكيف رجائي أن أتوب وإنما يرجى من الفتيان من كان ذا حجر
أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : ألم تركيف فعل ربك بعاد إرم قال : يعني
بالإرم الهالك ألا ترى أنك تقول : إرم بنو فلان ذات العماد يعني طولهم مثل العماد
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : بعاد إرم
قال : القديمة ذات العماد قال : أهل عمود لا يقيمون
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله : إرم قال : أمة ذات العماد قال : كان لها جسم في السماء
وأخرج ابن المنذر عن السدي في قوله : بعماد إرم قال : عاد بن أرم نسبهم إلى أبيهم
الأكبر
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال
: كنا نحدث أن إرم قبيلة من عاد كان يقال لهم ذات العماد كانوا أهل عمود التي لم
يخلق مثلها في البلاد قال : ذكر لنا أنهم كانوا اثني عشر ذراعا طولا في السماء
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن المقدام بن معد يكرب عن النبي صلى الله عليه و
سلم أنه ذكر إرم ذات العماد فقال : " كان الرجل منهم يأتي إلى الصخرة فيحملها
على كاهله فيلقيها على أي حي أرد فيهلكهم "
(8/505)
وأخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : ارم هي دمشق
وأخرج ابن جرير وعبد بن حميد وابن عساكر عن سعيد المقبري مثله
وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن المسيب مثله
وأخرج عبد بن حميد عن خالد الربعي مثله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي قال : إرم هي الإسكندرية
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : الإرم هي الهلاك إلا ترى أنه يقال : "
أرم بنو فلان أي هلكوا
قال ابن حجر : هذا التفسير على قراءة شاذة أرم بفتحتين وتشديد الراء على أنه فعل
ماض وذات بفتح التاء مفعولة أي أهلك الله ذات العماد
وأخرج ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب إرم قال رمهم رما فجعلهم رمما
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك ذات العماد ذات الشدة والقوة
وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير وابن المنذر عن عباس في قوله : جابوا الصخر بالواد
قال : كانوا ينحتون من الجبال بيوتا وفرعون ذي الأوتاد قال : الأوتاد الجنود الذين
يشيدون له أمره
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : جابو الصخر
قال نقبوا الحجارة في الجبال فاتخذوها بيوتا
قال : وهل تعرف ذلك العرب ؟ قال : نعم أما سمعت قول أمية : وشق أبصارنا كيما نعيش
بها وجاب للسمع أصماخا وآذانا وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم عن مجاهد جابوا الصخر قال : حرقوا الجبال فجعلوها بيوتا وفرعون ذي
الأوتاد قال : كان يتد الناس بالأوتاد فصب عليهم ربك سوط عذاب قال : ما عذبوا به
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود في قوله : ذي الأوتاد قال : وتد فرعون لأمرأته
أربعة أوتاد ثم جعل على ظهرها رحى عظيمة حتى ماتت
(8/506)
وأخرج
ابن جرير عن سعيد بن جبير وفرعون ذي الأوتاد قال : كان يجعل رجلا هنا ورجال هنا
ويدا هنا ويدا هنا بالأوتاد
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير
قال : إنما سمي فرعون ذا الأوتاد لأنه كان يبني له المنابر يذبح عليها الناس
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : كان يعذب بالأوتاد
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : كان فرعون إذا أراد أن يقتل أحدا ربطه بأربعة
أوتاد على صخرة ثم أرسل عليه صخرة من فوقه فشدخه وهو ينظر إليها قد ربط بكل يد
منها قائمة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وفرعون ذي الأوتاد قال : ذي
البناء قال : وحدثنا عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كانت له مظال يلعب تحتها وأوتاد
كانت تضرب له
وأخرج ابن المنذر عن السدي في قوله : فأكثروا فيها الفساد قال : بالمعاصي فصب
عليهم ربك سوط عذاب قال : رجع عذاب
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كل شيء عذب الله به فهو سوط عذاب
الآية 14 - 30
(8/507)
أخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قوله
: إن ربك لبالمرصاد قال : يسمع ويرى
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن إن ربك لبالمرصاد
قال : بمرصاد أعمال بني آدم
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود في قوله : والفجر
قال : قسم وفي قوله : إن ربك لبالمرصاد من وراء الصراط جسور : جسر عليه الأمانة
وجسر عليه الرحم وجسر عليه الرب عز و جل
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو نصر السجزي في الإبانة عن الضحاك قال : إذا كان
يوم القيامة يأمر الرب بكرسيه فيوضع على النار فيستوي عليه ثم يقول : أنا الملك
الديان وعزتي وجلالي لا يتجاوز اليوم ذو مظلمة بظلامته ولو ضربة بيد فذلك قوله :
إن ربك لبالمرصاد
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن سلام بن أبي الجعد في قوله : إن ربك
لبالمرصاد قال : إن لجهنم ثلاث قناطر : قنطرة فيها الأمانة وقنطرة فيها الرحم
وقنطرة فيها لرب تبارك وتعالى وهي المرصاد لا ينجو منها إلا ناج فمن نجا من ذلك لم
ينج من هذه
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن قيس قال : بلغني أن على جهنم ثلاث قناطر : قنطرة عليها
الأمانة إذا مروا بها تقول يا رب هذا أمين هذا خائن
وقنطرة عليها الرحم إذا مروا بها تقول يا رب هذا واصل يا رب هذا قاطع
وقنطرة عليها الرب إن ربك لبالمرصاد
وأخرج ابن أبي حاتم عن أيفع بن عبد الكلاعي قال : إن لجهنم سبع قناطر والصراط
عليهن فيحبس الخلائق عند القنطرة الأولى فيقول : قفوهم إنهم مسؤلون فيحاسبون
علىالصلاة ويسألون عنها فيهلك فيها من هلك وينجو من نجا فإذا بلغوا القنطرة
الثانية حوسبوا على الأمانة كيف أدوها وكيف خانوها فيهلك من هلك ينجو من نجا فإذا
بلغوا القنطرة الثالثة سئلوا عن الرحم كيف وصلوها وكيف قطعوها فيهلك من هلك وينجو
من نجا
والرحم يومئذ متدلية إلى الهوى في جهنم تقول : اللهم من وصلني فصله ومن قطعني
فاقطعه
وهي التي يقول الله : إن ربك لبالمرصاد
(8/508)
وأخرج
الطبراني عن أبي أمامة رفعه : " إن في جهنم جسرا له سبع قناطر على أوسطه
القضاء فيجاء بالعبد حتى إذا انتهى إلىالقنطرة الوسطى قيل له : ماذا عليك من
الديون ؟ وتلا هذه الآية ولا يكتمون الله حديثا سورة النساء الآية 42 فيقول : رب
علي كذا وكذا فيقال له : اقض دينك
فيقول : مالي شيء
فيقال : خذوا من حسناته فلا يزال يؤخذ من حسناته حتى ما يبقى له حسنة
فيقال : خذوا من سيئات من يطلبه فركبوا عليه "
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن مقاتل بن سليمان قال : أقسم الله إن ربك
لبالمرصاد يعني الصراط وذلك إن جسر جهنم عليه سبع قناطر على كل قنطرة ملائكة قيام
وجوههم مثل الجمر وأعينهم مثل البرق يسألون الناس في أول قنطرة عن الإيمان وفي
الثانية يسألونهم عن الصلوات الخمس وفي الثالثة يسألونهم عن الزكاة وفي الرابعة
يسألونهم عن شهر رمضان وفي الخامسة يسألونهم على الحج وفي السادسة يسألونهم عن
العمرة وفي السابعة يسألونهم عن المظالم فمن أتى بما سئل عنه كما أمر جاز على
الصراط وإلا حبس فذلك قوله : إن ربك لبالمرصاد
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : فأما الإنسان الآية قال : كلا
اكذبتهما جميعا ما بالغنى أكرمك ولا بالفقر أهانك ثم أخبرك بما يهين بل لا يكرمون
اليتيم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال : ظن كرامة الله في المال وهو أنه في
قلته وكذب إنما يكرم بطاعته ويهين بمعصيته من أهان
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد فقدر عليه رزقه قال : ضيقه عليه
وأخرج ابن مردويه والحاكم وصححه عن عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه و
سلم قرأ بل لا يكرمون اليتيم ولا يحضون بالياء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن ويأكلون التراث قال : الميراث أكلا لما قال
: نصيبه ونصيب صاحبه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : أكلا لما قال : سفا وفي قوله :
حبا جما قال : شديدا
(8/509)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس في قوله : أكلا لما قال : أكلا شديدا
وأخرح الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : حبا جما قال
: كثيرا
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول أمية بن خلف : إن تغفر اللهم تغفر جما وأي عبد لك لا ألما وأخرج ابن
جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة بن عبد الله المزني في قوله : ويأكلون التراث أكلا
لما قال : اللم الإعتداء في الميراث يأكل ميراثه وميراث غيره
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة ويأكلون التراث قال : الميراث
أكلا لما قال : شديدا ويحبون المال حبا جما قال : شديدا
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله
: أكلا لما قال : اللم اللف وفي قوله : حبا جما قال : الجم الكثير
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : أكلا لما قال : من طيب أو خبيث وفي قوله :
حبا جما قال : فاحشا
وأخرج عبد بن حميد بن كعب رضي الله عنه في قوله : ويأكلون التراث الآية قال : يأكل
نصيبي ونصيبك
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : ويأكلون التراث الآية قال :
كانوا لا يورثون النساء ولا يورثون الصغار
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في الآية قال : الأكل اللم الذي يلم
كل شيء يجده لا يسأل عنه يأكل الذي له والذي لصاحبه لا يدري أحلالا أم حراما
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه أنه قال في قوله : ويحبون المال حبا جما
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما منكم من أحد إلا ومال وارثه أحب
إليه من ماله
قالوا يا رسول الله : ما منا أحد إلا وماله أحب إليه من مال وارثه
قال : ليس لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو أعطيت فأمضيت "
(8/510)
وأخرج
عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ كلا بل لا تكرمون اليتيم بالتاء ورفع
التاء ولا تحاضون ممدودة منصوبة التاء بالألف غير مهموزة وتأكلون التراث بالتاء
أكلا لما مثقلة
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم
يقرأ كلا بل لا يكرمون اليتيم ولا يحضون على طعام المسكين ويأكلون التراث أكلا لما
ويحبون المال حبا جما الأربعة بالياء
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم
يقرأ " كلا بل لا يكرمون اليتيم ولا يحضون على طعام المسكين " إلى قوله
: " ويحبون المال " بالياء كلها
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : إذا دكت الأرض
دكا دكا قال : تحريكها
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال : تحمل الأرض والجبال فيدك
بعضها على بعض
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه وجاء ربك والملك
صفا صفا قال : صفوف الملائكة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : والملك صفا صفا قال : جاء أهل السموات كل
سماء صفا
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال : " لما نزلت هذه الآية تغير رسول الله صلى
الله عليه و سلم وعرف في وجهه حتى اشتد على أصحابه ما رأوا من حاله فسأله علي فقال
: جاء جبريل فأقرأني هذه الآية كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا
وجيء يومئذ بجهنم فقيل : وكيف يجاء بها ؟ قال : يجيء بها سبعون ألف ملك يقودونها
بسبعين ألف زمام فتشرد شردة لو تركت لأحرقت أهل الجمع "
وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " هل تدرون ما تفسير هذه الآية كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء
ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم قال : إذا كان يوم القيامة تقاد جهنم
(8/511)
بسبعين
ألف زمام بيد سبعين ألف ملك فتشرد شردة لولا أن الله حبسها لأحرقت السموات والأرض
"
وأخرج ابن وهب في كتاب الأهوال عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال : جاء جبريل إلى
النبي صلى الله عليه و سلم فناجاه ثم قام النبي صلى الله عليه و سلم منكس الطرف
فسأله علي فقال : " أتاني جبريل فقال لي : كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء
ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم وجيء بها تقاد بسبعين ألف زمام كل زمام يقوده
سبعون ألف ملك فبينما هم كذلك إذا شردت عليهم شردة انفلتت من أيديهم فلولا أنهم
أدركوها لأحرقت من في الجمع فأخذوها "
وأخرج مسلم والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يؤتي بجهنم يومئذ لها سبعون
ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن
جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : وجيء يومئذ بجهنم قال : " جيء بها
تقاد بسبعين ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يقودونها "
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : يتذكر الإنسان قال : يريد
التوبة وفي قوله : يا ليتني قدمت لحياتي يقول : عملت في الدنيا لحياتي في الآخرة
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه يومئذ يتذكر الإنسان إلى قوله : لحياتي
قال : علم والله أنه صادق هناك حياة طويلة لا موت فيها أحسن مما عليه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : ياليتني قدمت لحياتي
قال : الآخرة
وأخرج أحمد والبخاري في التاريخ والطبراني عن محمد بن أبي عميرة رضي الله عنه وكان
من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم قال : لو أن عبدا جر على وجهه من يوم ولد إلى
أن يموت هرما في طاعة الله إلى يوم القيامة لود أنه رد إلى الدنيا كيما يزداد من
الأجر والثواب
(8/512)
أخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا
يوثق وثاقه أحد قال : لا يعذب بعذاب الله أحد ولا يوثق وثاق الله أحد
وأخرج أبو نعيم في الحلية من طريق خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه و سلم قرأ فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن مردويه وابن جرير والبغوي والحاكم وصححه
وأبو نعيم عن أبي قلابة عمن أقرأه النبي صلى الله عليه و سلم وفي رواية مالك بن
الحويرث أن النبي صلى الله عليه و سلم أقرأه وفي لفظ أقرأ إياه فيومئذ لا يعذب
عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد منصوبة الذال والثاء
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء في المختارة من طريق سعيد بن جبير عن ابن
عباس في قوله : يا أيتها النفس المطمئنة قال : المؤمنة ارجعي إلىربك يقول : إلى
جسدك
قال : نزلت هذه الآية وأبو بكر جالس فقال : يا رسول الله : ما أحسن هذا ؟ فقال :
أما إنه سيقال لك هذا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن
سعيد بن جبير قال : قرئت عند النبي صلى الله عليه و سلم : يا أيتها النفس المطمئنة
ارجعي إلى ربك راضية مرضية فقال أبو بكر : إن هذا لحسن فقال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " أما إن الملك سيقولها : لك عند الموت "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول من طريق ثابت بن عجلان عن سليم بن أبي عامر
رضي الله عنه قال : سمعت أبا بكر الصديق يقول : فرئت عند رسول الله صلى الله عليه
و سلم هذه الآية يا أيتها النفس المطمئنة راجعي إلى ربك راضية مرضية فقلت : ما
أحسن هذا يا رسول الله فقال : " يا أبا بكر أما إن الملك سيقولها : لك عند
الموت "
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي
صلى الله عليه و سلم قال : " من يشتري بئر رومة نستعذب بها غفر الله له
فاشتراها عثمان فقال النبي صلى الله عليه و سلم : هل لك أن تجعلها شقاية للناس ؟
قال : نعم
فأنزل الله في عثمان يا أيتها النفس المطمئنة الآية
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : يا أيتها النفس
(8/513)
المطمئنة
قال : نزلت في عثمان بن عفان رضي الله عنه
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما يا أيتها النفس المطمئنة قال : هو
النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن بريدة رضي الله عنه في قوله : يا أيتها النفس
المطمئنة قال : يعني نفس حمزة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما يا أيتها النفس المطمئنة
قال : المصدقة
وأخرج سعيد بن منصور والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : يا أيتها النفس المطمئنة قال : التي أيقنت بأن
الله ربها
وأخرج ابن جرير عن أبي الشيخ الهنائي رضي الله عنه قال : في قراءة أبي " يا
أيتها النفس الآمنة المطمئنة فادخلي في عبدي "
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأها " فادخلي في عبدي
علىالتوحيد "
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ارجعي إلى ربك قال : ترد
الأرواح يوم القيامة في الأجساد
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : يسيل واد من أصل العرش
فتنبت فيه كل دابة على وجه الأرض ثم تطير الأرواح فتؤمر أن تدخل الأجساد فهو قوله
: ارجعي إلى ربك راضية مرضية
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ارجعي إلى ربك راضية قال
: بما أعطيت من الثواب مرضية عنها بعملها فادخلي في عبادي المؤمنين
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : يا أيتها النفس المطمئنة
الآية قال : إن الله إذا أراد قبض عبده المؤمن اطمأنت النفس إليه واطمأن إليها
ورضيت عن الله ورضي الله عنها أمر بقبضها فأدخلها الجنة وجعلها من عباده الصالحين
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في
(8/514)
قوله
: ارجعي إلى ربك قال : هذا عند الموت رجوعها إلى ربها خروجها من الدنيا فإذا كان
يوم القيامة قيل لها : فادخلي في عبادي وادخلي جنتي
وأخرج الطبراني وابن عساكر عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم قال لرجل : " قل اللهم إني أسألك نفسا مطمئنة تؤمن بلقائك وترضى بقضائك
وتقنع بعطائك "
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه يا أيتها النفس المطمئنة قال :
المخبتة إلى الله
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة والحسن يا أيتها النفس المطمئنة إلى ما قال
الله المصدقة بما قال
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة يا أيتها النفس المطمئنة قال
: هذا المؤمن اطمأن إلى ما وعد الله فادخلي في عبادي قال : ادخلي في الصالحين
وادخلي جنتي
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه ارجعي إلى ربك قال : إلى جسدك
وأخرج ابن المنذر عنمحمد بن كعب القرظي في الآية قال : إن المؤمن إذا مات رأى
منزله من الجنة فيقول تبارك وتعالى : يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى جسدك الذي
خرجت منه راضية ما رأيت من ثوابي مرضيا عنك حتى يسألك منكر ونكير
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه فادخلي في عبادي قال : مع عبادي
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه يا أيتها النفس
المطمئنة الآية قال : بشرت بالجنة عند الموت وعند البعث ويوم الجمع
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : مات ابن عباس
رضي الله عنهما بالطائف فجاء طير لم تر عين خلقته فدخل نعشه ثم لم ير خارجا منه
فلما دفن تليت هذه الآية على شفير القبر لا يدري من تلاها يا أيتها النفس المطمئنة
ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي
(8/515)
بسم
الله الرحمن الرحيم
90
- سورة البلد
مكية وآياتها عشرون
مقدمة السورة أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : نزلت سورة لا أقسم بهذا البلد بمكة وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير
مثله
الآية 1 - 10 أخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى
: لا أقسم بهذا البلد قال : مكة وأنت حل بهذا البلد يعني بهذا النبي صلى الله عليه
و سلم أحل الله له يوم دخل مكة أن يقتل من شاء ويستحس من شاء فقتل يومئذ ابن خطل
وهو آخذ بأستار الكعبة فلم يحل لأحد من الناس بعد رسول الله صلى الله عليه و سلم
أن يقتل فيها حراما بحرمة الله فأحل الله له ما صنع بأهل مكة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس لا أقسم بهذا البلد قال :
مكة وأنت حل بهذا البلد قال : أنت يا محمد يحل لك أن تقاتل به وأما غيرك فلا
(8/516)
وأخرج
ابن مردويه عن أبي بزرة الأسلمي رضي الله عنه قال : في نزلت هذه الآية لا أقسم
بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد خرجت فوجدت عبد الله بن خطل متعلقا بأستار الكعبة
فضربت عنقه بين الركن والمقام
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لما فتح النبي صلى الله
عليه و سلم الكعبة أخذ أبو برزة الأسلمي وهو سعيد بن حرب عبد الله بن خطل وهو الذي
كانت قريش تسميه ذا القلبين فأنزل الله ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه سورة
الأحزاب الآية4 فقدمه أبو برزة فضربت عنقه وهو متعلق بأستار الكعبة فأنزل الله
فيها لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد وإنما كان ذلك لأنه قال لقريش : أنا
أعلم لكم علم محمد فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله إني أحب أن
تستكتبني قال : فاكتب فكان إذا أملى عليه من القرآن وكان الله عليما حكيما كتب
وكان الله حكيما عليما وإذا أملى عليه وكان الله غفورا رحيما كتب وكان الله رحيما
غفورا
ثم يقول : يا رسول الله اقرأ عليك ما كتبت
فيقول : نعم فإذا قرأ عليه وكان الله عليما حكيما أو رحيما غفورا قال له النبي صلى
الله عليه و سلم : ما هكذا أمليت عليك وإن الله لكذلك إنه لغفور رحيم وإنه لرحيم
غفور
فرجع إلى قريش فقال : ليس آمره بشيء كنت آخذ به فينصرف فلم يؤمنه فكان أحد الأربعة
الذين لم يؤمنهم النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله لا أقسم قال : لا ردا عليهم أقسم
بهذا البلد
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن مجاهد لا أقسم بهذا البلد يعني مكة وأنت حل بهذا
البلد يعني رسول الله
يقول : أنت في حل مما صنعت فيه
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد وأنت حل بهذا البلد
يقول : لا تؤاخذ بما عملت فيه وليس عليك فيه ما على الناس
وأخرج عبد بن حميد عن منصور قال : سأل رجل مجاهدا عن هذه الآية لا أقسم بهذا البلد
وأنت حل بهذا البلد قال : لا أدري ثم فسرها لي فقال :
(8/517)
لا
أقسم بهذا البلد الحرام وأنت حل بهذا البلد الحرام أحل الله له ساعة من النهار قيل
له ما صنعت فيه من شيء فأنت في حل
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سعيد بن جبير لا أقسم بهذا البلد قال : مكة
وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح لا أقسم بهذا البلد قال : مكة وأنت حل بهذا البلد
قال : أحلت له ساعة من نهار
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك مثله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة لا
أقسم بهذا البلد قال : مكة وأنت حل بهذا البلد قال : أنت به غير حرج ولا آثم
وأخرج عبد بن حميد عن عطية لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد قال : أحلت مكة
للنبي صلى الله عليه و سلم ساعة من نهار ثم حرمت إلى يوم القيامة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن وأنت حل بهذا البلد قال : أحلها الله لمحمد صلى الله
عليه و سلم ساعة من نهار يوم الفتح
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك وأنت حل بهذا البلد يعني محمدا صلى الله عليه و سلم
يقول : أنت حل بالحرم فاقتل إن شئت أو دع
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن عطاء لا أقسم بهذا البلد وأنت حل
بهذا البلد قال : إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض فهي حرام إلى أن تقوم
الساعة لم تحل لبشر إلا لرسول الله صلى الله عليه و سلم ساعة من نهار ولا يختلي
خلاها ولا يعضد عضاهها ولا ينفر صيدها ولا تحل لقطتها إلا لمعرف
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد وأنت حل بهذا البلد قال : لم يكن بها أحد حلا غير النبي
صلى الله عليه و سلم كل من كان بها حرام لم يحل لهم أن يقاتلوا فيها ولا يستحلوا
حرمه
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن شرحبيل بن سعد وأنت حل بهذا البلد قال :
يحرمون أن يقتلوا بها الصيد ويعضدوا بها شجرة ويستحلون اخراجك وقتلك
(8/518)
وأخرج
الحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عباس لا أقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد
قال : أحل له أن يصنع فيه ما شاء ووالد وما ولد يعني بالوالد آدم وما ولد ولده
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عكرمة
عن ابن عباس ووالد وما ولد قال : الوالد الذي يلد وما ولد العاقر الذي لا يلد من
الرجال والنساء
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني ووالد وما ولد قال : إبراهيم
وما ولد
وأخرج ابن جرير والطبراني عن ابن عباس في قوله لا أقسم بهذا البلد قال : مكة وأنت
حل بهذا البلد قال : مكة ووالد وما ولد قال : آدم لقد خلقنا الإنسان في كبد قال :
في اعتدال وانتصاب
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : ووالد وما ولد قال :
آدم وما ولد لقد خلقنا الإنسان قال : وقع ههنا القسم في كبد قال : في مشقة يكابد
أمر الدنيا وأمر الآخرة يقول أهلكت مالا لبدا قال : كثيرا
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ووالد
وما ولد قال : الوالد آدم وما ولد ولده لقد خلقنا الإنسان في كبد قال : في شدة
يقول أهلكت مالا لبدا قال : كثيرا أيحسب أن لم يره أحد قال : لم يقدر عليه أحد
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير ووالد وما ولد قال : آدم وما
ولد لقد خلقنا الإنسان في كبد في نصب
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس لقد خلقنا الإنسان في كبد قال : في شدة
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
من طريق عطاء عن ابن عباس لقد خلقنا الإنسان في كبد قال : في شدة خلق في ولادته
ونبت أسنانه ؟ وسوره ومعيشته وختانه
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مقسم عن ابن عباس
(8/519)
لقد
خلقنا الإنسان في كبد قال : خلق الله الإنسان منتصبا وخلق كل شيء يمشي على أربع
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس لقد خلقنا الإنسان في كبد قال : منتصب في بطن أمه
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس في قوله : لقد خلقنا الإنسان في كبد قال :
منتصبا في بطن أمه أنه قد وكل به ملك إذا نامت الأمر أو اضطجعت رفع رأسه لولا ذلك
لغرق في الدم
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : لقد خلقنا
الإنسان في كبد قال : في اعتدال واستقامة
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول لبيد بن ربيعة : يا عين هلا
بكيت اربد إذ قمنا وقام الخصوم في كبد وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر
وابن أبي حاتم عن إبراهيم رضي الله عنه أحسبه عن عبد الله في كبد قال : منتصبا
وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه لقد
خلقنا الإنسان في كبد قال : يكابد مضايق الدنيا شدائد الآخرة
وأخرج ابن المبارك عن الحسن رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية لقد خلقنا الإنسان في
كبد قال : لا أعلم خليقة يكابد من الأمر ما يكابد هذا الإنسان
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه لقد خلقنا الإنسان في كبد
قال : يكابد أمور الدنيا وأمور الآخرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في كبد قال : شدة وطول
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم رضي الله عنه في كبد قال : في السماء خلق آدم
وأخرج أبو يعلى والبغوي وابن مردويه عن رجل من بني عامر رضي الله عنه قال : صليت
خلف النبي صلى الله عليه و سلم فسمعته يقرأ أيحسب أن لن يقدر عليه أحد أيحسب أن لم
يره أحد يعني بفتح السين من يحسب
(8/520)
وأخرج
ابن المنذر عن السدي رضي الله عنه أيحسب أن لين يقدر الآية قال : الكافر يحسب أن
لن يقدر الله عليه ولم يره
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : مالا لبدا قال : كثيرا
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : أهلكت مالا لبدا قال : أنفقت مالا في الصد
عن سبيل الله أيحسب أن لم يره أحد قال : الأحد : الله عز و جل
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله : يقول أهلكت مالا لبدا قال :
أيمن علينا فما فضلناه أفضل ألم نجعل له عينين وكذا وكذا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة ألم نجعل له عينين قال : نعم من الله
متظاهرة يقررنا بها كيما نشكر
وأخرج ابن عساكر عن مكحول رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم :
" يقول الله يا ابن آدم قد أنعمت عليك نعما عظاما لا تحصى عدها ولا تطيق
شكرها وإن مما أنعمت عليك أن جعلت لك عينين تنظر بهما وجعلت لهما غطاء فانظر
بعينيك إلى ما أحللت لك فإن رأيت ما حرمت عليك فأطبق عليهما غطاءهما وجعلت لك لسانا
وجعلت له غلافا فنطق بما أمرتك وأحللت لك فإن عرض لك ما حرمت عليك فأغلق عليك
لسانك وجعلت لك فرجا وجعلت لك سترا فأصب بفرجك ما أحللت لك فإن عرض لك ما حرمت
عليك فأرخ عليك سترك
ابن آدم إنك لا تحمل سخطي ولا تستطيع انتقامي "
أخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : وهديناه النجدين قال
: سبيل الخير والشر
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : وهديناه
النجدين قال : عرفناه سبيل الخير والشر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما وهدينها
النجدين قال : الهدى والضلالة
وأخرج سعيد بن منصور عن محمد بن كعب رضي الله عنه مثله
(8/521)
وأخرج
الفريابي وعبد بن حميد عن علي رضي الله عنه أنه قيل له : إن ناسا يقولون : أن النجدين
الثديين
قال : الخير والشر
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة والضحاك رضي الله عنهما مثله
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سنان بن سعيد عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " هما نجدان فما جعل نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير
"
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه من طرق عن الحسن رضي الله
عنه في قوله وهديناه النجدين قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول
: " أيها الناس إنما هما نجدان نجد الخير ونجد الشر فما جعل نجد الشر أحب
إليكم من نجد الخير "
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" يا أيها الناس إنما هما نجدان نجد خير ونجد شر فماجعل نجد الشر أحب من نجد
الخير "
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : فذكر مثله
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: " إنما هما نجدان نجد الخير ونجد الشر فلا يكن نجد الشر أحب إلى أحدكم من
نجد الخير "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله : وهديناه النجدين قال : الثديين
الآية 11 - 20 أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنه
فلا اقتحم العقبة قال : جبل في جهنم
وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه مثله
(8/522)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : العقبة النار
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : للناس عقبة دون الجنة
واقتحامها فك رقبة الآية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي رجاء رضي الله عنه قال : بلغني أن العقبة
التي ذكر الله في كتابه مطلعها سبعة آلاف سنة ومهبطها سبعة آلاف سنة
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما فلا اقتحم العقبة قال : عقبة بين
الجنة والنار
وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه فلا اقتحم العقبة قال : عقبة بين الجنة
والنار
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن كعب الأحبار قال : العقبة سبعون درجة
في جهنم
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد فلا اقتحم العقبة قال : ألا أسلك الطريق التي فيها
النجاة والخير
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن فلا اقتحم العقبة قال : جهنم وما أدراك ما
العقبة ؟ قال : ذكر لنا أنه ليس من رجل مسلم يعتق رقبة مسلمة إلا كانت فداءه من
النار
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه : وما أدراك ما العقبة ؟ ثم أخبر عن
اقتحامها فقال : فك رقبة ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن الرقاب أيها
أعظم أجرا ؟ قال : أكثر ثمنا
وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : " إن أمامكم عقبة كؤدا لا يجوزها المثقلون فأنا أريد أن أتخفف لتلك
العقبة "
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها قالت :
لما نزلت فلا اقتحم العقبة قيل يا رسول الله : ما عند أحدنا ما يعتق إلا ؟ عند
أحدنا الجارية السوداء تخدمه وتنوء عليه فلو أمرناهن بالزنا فزنين فجئن
(8/523)
بالأولاد
فاعتقناهم
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لأن أمتع بسوط في سبيل الله أحب إلي من أن
آمر بالزنا ثم أعتق الولد
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أنه بلغها قول أبي هريرة رضي الله عنه :
" علاقة سوط في سبيل الله أعظم أجرا من عتق ولد زنية فقالت عائشة رضي الله
عنها : يرحم الله أبا هريرة إنما كان هذا أن الله لما أنزل فلا اقتحم العقبة وما
أدراك ما العقبة فك رقبة قال : بعض المسلمين يا رسول الله : إنه ليس لنا رقبة
نعتقها فإنما يكون لبعضنا الخويدم التي لا بد منها فنأمرهن يبغين فإذا بغين فولدن
أعتقنا أولادهن
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا تأمروهن بالبغاء لعلاقة سوط في
سبيل الله أعظم أجرا من هذا "
وأخرج ابن مردويه عن أبي نجيح السلمي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " من أعتق رقبة فإنه يجزى مكان كل عظم من عظامها عظم من عظامه
من النار "
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " من أعتق نسمة مسلمة أو مؤمنة وقى الله بكل عضو منها عضوا منه
من النار " وأخرج أحمد عن أبي أمامة قال : قلت يا نبي الله : أي الرقاب أفضل
؟ قال : أغلاها ثمنا وأنفسها عند أهلها
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : من أعتق رقبة مؤمنة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه
من النار حتى الفرج بالفرج
وأخرج أحمد وابن حبان وابن مردويه والبيهقي عن البراء أن أعرابيا قال لرسول الله
علمني عملا يدخلني الجنة ؟ قال : أعتق النسمة وفك الرقبة
قال : أوليستا بواحدة ؟ قال : لا إن عتق الرقبة أن تفرد بعتقها وفك الرقبة أن تعين
في عتقها والمنحة الركوب والفيء على ذي الرحم فإن لم تطق ذلك فاطعم الجائع واسق
الظمآن وأمر بالمعروف وانه عن المنكر فإن لم تطق ذلك فكف لسانك إلا من خير
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : يوم ذي مسغبة
قال : مجاعة
(8/524)
وأخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : في يوم
ذي مسغبة قال : مجاعة
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في يوم ذي مسغبة قال
: جوع
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن إبراهيم رضي الله عنه في يوم ذي مسغبة قال :
يوم فيه الطعام عزيز
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وأبي رجاء العطاردي رضي الله عنه أنهما قرآ : "
أو أطعم في يوم ذا مسغبة "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن جابر رضي الله عنه مرفوعا : " من موجبات
المغفرة إطعام المسلم السغبان "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
: ذا مقربة أي ذا قرابة وفي قوله : ذا متربة يعني بعيد التربة أي غريبا من وطنه
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والحاكم عن ابن عباس رضي اله عنهما في قوله : أومسكينا ذا متربة قال : هو المطروح
الذي ليس له بيت وفي لفظ الحاكم : هو الترب الذي لا يقيه من التراب شيء وفي لفظ :
هو اللازق بالتراب من شدة الفقر
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه مثله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما أو مسكينا ذا متربة يقول :
شديد الحاجة
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما أو مسكينا ذا متربة
يقول : مسكين ذو بنين وعيال ليس بينك وبينه قرابة
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن
قوله : ذا متربة قال : ذا جهد وحاجة
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول الشاعر : تربت يداك ثم قل
نوالها وترفعت عنك السماء سحابها
(8/525)
وأخرج
ابن مردويه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم مسكينا ذا متربة قال : "
الذي مأواه المزابل
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ذا متربة قال : كنا نحدث أن المترب ذو
العيال الذي لا شيء له
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك رضي الله عنه : ما عمل الناس بعد الفريضة أحب إلى
الله من إطعام مسكين
وأخرج ابن أبي حاتم عن هشام بن حسان رضي الله عنه في قوله : وتواصوا بالصبر قال :
على ما افترض الله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما وتواصوا بالمرحمة يعني
بذلك رحمة الناس كلهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله :
مؤصدة قال : مغلقة الأبواب
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة مؤصدة قال :
مطبقة
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير من طرق عن ابن عباس مثله
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وعكرمة وعطية والضحاك وسعيد بن جبير والحسن وقتادة
مثله
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله مؤصدة قال :
مطبقة
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول الشاعر : تحن إلى أجبال مكة
ناقتي ومن دوننا أبواب صنعا مؤصدة وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد مؤصدة قال : هي
بلغة قريش أوصد الباب أغلقه
(8/526)
بسم
الله الرحمن الرحيم
91
- سورة الشمس
مكية وآياتها خمس عشرة
مقدمة السورة أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال :
نزلت سورة والشمس وضحاها بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه والنسائي عن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
كان يقرأ في صلاة العشاء بالشمس وضحاها وأشباهها من السور
وأخرج الطبراني عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم أمره أن يقرأ في صلاة
الصبح ب والليل إذا يغشى سورة الليل الآية 1 و الشمس وضحاها
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عقبة بن عامر قال : أمرنا رسول الله صلى الله
عليه و سلم أن نصلي ركعتي الضحى بسورتيهما ب والشمس وضحاها والضحى
وأخرج الطبراني عن النعمان بن بشير قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ
في العيدين سبح اسم ربك الأعلى سورة الأعلى الآية1 والشمس وضحاها
الآية 1 - 15
(8/527)
أخرج
الحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عباس في قوله : والشمس وضحاها قال : ضوءها
والقمر إذا تلاها قال : تبعها والنهار إذا جلاها قال : أضاءها والسماء وما بناها
قال : الله بنى السماء وما طحاها قال : دحاها فألهمها فجورها وتقواها قال : عرفها
شقاءها وسعادتها وقد خاب من دساها قال : أغواها
وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن عباس والقمر إذا تلاها قال : يتلو النهار
والأرض وما طحاها يقول : ما خلق الله فيها فألهمها فجورها وتقواها قال : علمها
الطاعة والمعصية
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس والقمر إذا تلاها قال : تبعها
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن ذي حمامة قال : إذا جاء الليل قال الرب غشي عبادي
في خلقي العظيم ولليل مهابة والذي خلقه أحق أن يهاب
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس والأرض وما طحها قال :
قسمها فألهمها فجورها وتقواها قال : بين الخير والشر
وأخرج الحاكم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس فألهمها قال : علمها فجورها
وتقواها
وأخرج أحمد ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عمران بن حصين : " أن
رجلا قال يا رسول الله : أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه شيء قد قضي عليهم
ومضى عليهم في قدر قد سبق أو فيما يستقبلون ما أتاهم به نبيهم واتخذت عليهم به
الحجة ؟ قال : بل شيء قضي عليهم
قال : فلم يعملون إذا ؟ قال : من كان الله خلقه لواحدة من المنزلتين هيأه لعملها
وتصديق ذلك في كتاب الله ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها "
(8/528)
وأخرج
الطبراني وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال : " كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم إذا تلا هذه الآية ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها وقف ثم
قال : اللهم آت نفسي تقواها أنت وليها ومولاها وخير من زكاها "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ
فألهمها فجورها وتقواها قال : اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت
وليها ومولاها
قال وهو في الصلاة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم والنسائي عن زيد بن أرقم قال : كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : " اللهم آت نفسي تقواها أنت خير من زكاها أنت وليها
ومولاها "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أنس : " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى
بهم الهاجرة فرفع صوته فقرأ والشمس وضحاها والليل إذا يغشى سورة الليل آية1 فقال
له أبي بن كعب : يا رسول الله أمرت في هذه الصلاة بشيء قال : لا ولكني أردت أن أوقت
لكم "
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد والشمس
وضحاها قال : ضوؤها والقمر إذا تلاها قال : تبعها والنهار إذا جلاها قال : أضاء
والليل إذا يغشاها قال : يغشاها الليل والسماء وما بناها قال : الله بني السماء
والأرض وما طحاها قال : دحاها فألهمها فجورها وتقواها قال : عرفها شقاءها قد أفلح
من زكاها قال : أصلحها وقد خاب من دساها قال : أغواها كذبت ثمود بطغواها قال :
بمعصيتها ولا يخاف عقباها قال : الله لا يخاف عقباها
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد والشمس وضحاها
قال : إشراقها والقمر إذا تلاها قال : يتلوها والنهار إذا جلاها قال : حين ينجلي
ونفس وما سواها قال : سوى خلقها ولم ينقص منه شيئا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة والشمس وضحاها
قال : هذا النهار والقمر إذا تلاها قال : يتلو صبيحة الهلال إذا سقطت رؤي عند
سقوطها والنهار إذا جلاها قال : إذا غشيها النهار
(8/529)
والليل
إذا يغشاها قال إذا غشيها الليل والسماء وما بناها قال وما خلقها والأرض وما طحاها
قال : بسطها فألهمها فجورها وتقواها قال : بين لها الفجور من التقوى قد أفلح قال :
وقع القسم ههنا من زكاها قال : من عمل خيرا فزكاها بطاعة الله وقد خاب من دساها
قال : من إثمها وفجرها كذبت ثمود بطغواها قال : بالطغيان إذ انبعث أشقاها قال :
أحيمر ثمود
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم ناقة الله وسقياها قال : يقول الله : خلوا
بينها وبين قسم الله الذي قسم لها من هذا الماء فدمدم عليهم ربهم بذنبهم قال : ذكر
لنا أنه أبى أن يعقرها حتى تابعه صغيرهم وكبيرهم وذكرهم وأنثاهم فلما اشترك القوم
في عقرها فدمدم عليهم ربهم بذنبهم فسواها ولا يخاف عقباها يقول : لا يخاف تبعتها
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية والقمر إذا تلاها قال : إذا تبعها
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة والقمر إذا تلاها قال : إذا تبع الشمس
وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح والأرض وما طحاها قال : بسطها
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك مثله
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ونفس وما سواها قال : سوى خلقها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير فألهمها قال :
ألزمها فجورها وتقواها
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك فألهمها فجورها وتقواها
قال : الطاعة والمعصية
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم فألهمها فجورها وتقواها قال :
الفاجرة ألهمها الفجور والتقية ألهمها التقوى
وأخرج ابن مردويه في قوله : فألهمها فجورها وتقواها يقول : بين للعباد الرشد من
الغي وألهم كل نفس ما خلقها له وكتب عليها
وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي قد أفلح من زكاها الآية قال : أفلح من زكاه الله وخاب
من دساه الله
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في الآية : قد أفلح من زكى نفسه وأصلحها وخاب من
أهلكها وأضلها
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع في الآية يقول : أفلح من زكى نفسه بالعمل
(8/530)
الصالح
وخاب من دس نفسه بالعمل السيء
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة من دساها قال : من خسرها
وأخرج حسين في الاستقامة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
: قد أفلح من زكاها يقول : قد أفلح من زكى الله نفسه وقدخاب من دساها يقول : قد
خاب من دس الله نفسه فأضله ولا يخاف عقباها قال : لا يخاف من أحد تابعه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس وقد خاب من دساها يعني : مكر بها
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والديلمي من طريق جويبر عن الضحاك عن
ابن عباس : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : قد أفلح من زكاها الآية :
" أفلحت نفس زكاها الله وخابت نفس خيبها الله من كل خير "
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : كذبت ثمود بطغواها قال : اسم العذاب الذي
جاءها الطغوى فقال : كذبت ثمود بعذابها
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن
جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عبد الله بن زمعة قال : خطب رسول الله صلى الله
عليه و سلم فذكر الناقة وذكر الذي عقرها فقال : إذا انبعث أشقاها قال : "
انبعث لها رجل عارم عزيز منيع في رهطه مثل أبي زمعة "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبغوي وأبو نعيم في الدلائل عن عمار بن ياسر قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ألا أحدثك بأشقى الناس " ؟ قال
: بلى
قال : " رجلان : أحيمر ثمود الذي عقر الناقة والذي يضربك على هذا يعني ترقوته
حتى تبتل منه هذه يعني لحيته "
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم مثله من حديث صهيب وجابر بن سمرة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن ولا يخاف عقباها
قال : ذاك ربنا لا يخاف منهم تبعة بما صنع بهم
وأخرج ابن جريروابن أبي حاتم عن السدي ولا يخاف عقباها قال : لم يخف الذي عقرها
عاقبة ما صنع
وأخرج ابن جرير عن الضحاك ولا يخاف عقباها قال : لم يخف الذي عقرها عقباها
(8/531)
92
- سورة الليل
مكية وآياتها إحدى وعشرون بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 21 أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال :
نزلت سورة والليل إذا يغشى بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
وأخرج البيهقي في سننه عن جابر بن سمرة قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ
في الظهر والعصر ب والليل إذا يغشى ونحوها
وأخرج ابن أبي حاتم بسند ضعيف عن ابن عباس : " أن رجلا كانت له نخلة فرعها في
دار رجل فقير ذي عيال فكان الرجل إذا جاء فدخل الدار فصعد إلى النخلة ليأخذ منها
الثمرة فربما تقع ثمرة فيأخذها صبيان الفقير فينزل من نخلته
(8/532)
فيأخذ
الثمرة من أيديهم وإن وجدها في فم أحدهم أدخل أصبعه حتى يخرج الثمرة من فيه فشكا
ذلك الرجل إلىالنبي صلى الله عليه و سلم فقال : اذهب ولقي النبي صلى الله عليه و
سلم صاحب النخلة
فقال له : أعطني نخلتك المائلة التي فرعها في دار فلان ولك بها نخلة في الجنة
فقال له الرجل : لقد أعطيت وإن لي لنخلا كثيرا وما فيه نخل أعجب إلي ثمرة منها
ثم ذهب الرجل ولقي رجلا كان يسمع الكلام من رسول الله صلى الله عليه و سلم لصاحب
النخلة فأتى رسول الله : فقال أعطني ما أعطيت الرجل إن أنا أخذتها
قال : نعم فذهب الرجل فلقي صاحب النخلة ولكليهما نخل فقال له صاحب النخلة : أشعرت
أن محمدا أعطاني بنخلتي المائلة إلى دار فلان نخلة في الجنة فقلت : لقد أعطيت ولكن
يعجبني ثمرها ولي نخل كثير ما فيه نخلة أعجب إلي ثمرة منها فقال له الآخر : أتريد
بيعها ؟ فقال : لا إلا أن أعطى بها ما أريد ولا أظن أعطى
قال : فكم تؤمل فيها قال : أربعين نخلة فقال له الرجل : لقد جئت بأمر عظيم تطلب
بنخلتك المائلة أربعين نخلة
ثم سكت عنه فقال : أنا أعطيك أربعين نخلة فقال له : أشهد إن كنت صادقا
فأشهد له بأربعين نخلة بنخلته المائلة فمكث ساعة ثم قال : ليس بيني وبينك بيع لم
نفترق
فقال له الرجل : ولست بأحق حين أعطيتك أربعين نخلة بنخلتك المائلة
فقال له : أعطيك على أن تعطيني كما أريد تعطينها على ساق
فسكت عنه ثم قال : هي لك على ساق
قال : ثم ذهب إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال له : يا رسول الله إن النخلة قد
صارت لي فهي لك
فذهب رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى صاحب الدار فقال : النخلة لك ولعيالك
فأنزل الله والليل إذا يغشى إلى آخر السورة
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : إني لأقول هذه السورة نزلت في السماحة والبخل
والليل إذا يغشى
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس والليل إذا يغشى قال : إذا أظلم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير والليل إذا يغشى قال
: إذا أقبل فغطى كل شيء
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن
جرير وابن المنذر وابن مردويه عن علقمة أنه قدم الشام فجلس إلى أبي الدرداء فقال
له أبو الدرداء ممن أنت ؟ قال : من أهل الكوفة
قال : كيف سمعت
(8/533)
عبد
الله يقرأ والليل إذا يغشى قال : علقمة : " والذكر والأنثى " فقال أبو
الدرداء : أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ هكذا
وهؤلاء يريدوني على أني أقرؤها : " خلق الذكر والأنثى " والله لا
أتابعهم
وأخرج البخاري في تاريخ بغداد من طريق الضحاك عن ابن عباس أنه كان يقرأ القرآن على
قراءة زيد بن ثابت إلا ثمانية عشر حرفا أخذها من قراءة عبد الله بن مسعود وقال ابن
عباس ما يسرني أني تركت هذه الحروف ولو ملئت لي الدنيا ذهبة حمراء منها حرف في
البقرة : " من بقلها وقثائها وثومها "
بالثاء وفي الأعراف : " فلنسألن الذين أرسل إليهم قبلك من رسلنا ولنسألن
المرسلين " وفي براءة " يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا ؟ مع
الصادقين "
وفي إبراهيم : " وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال " وفي الأنبياء :
" وكنا لحكمهم شاهدين " وفيها : " وهم من كل جدث ينسلون " وفي
الحج " يأتون من كل فج سحيق " وفي الشعراء : " فعلتها إذا وأنا من
الجاهلين " وفي النمل : " اعبد رب هذه البلدة التي حرمها " وفي
الصافات : " فلما سلما وتله للجبين " وفي الفتح : " وتعزروه
وتوقروه وتسبحوه " بالتاء وفي النجم : " ولقد جاء من ربكم الهدى "
وفيها : " إن تتبعون إلا الظن " وفي الحديد : " لكي يعلم أهل الكتاب
أن لا يقدرون على شيء " وفي ن : " لولا أن تداركته نعمة من ربه "
على التأنيث وفي إذا الشمس كورت : " وإذا الموءودة سألت بأي ذنب قتلت "
وفيها : " وما هو على الغيب بضنين " وفي الليل : " والذكر والأنثى
" قال : هو قسم فلا تقطعوه
وأخرج ابن جرير عن أبي إسحق قال في قراءة عبد الله : " والليل إذا يغشى
والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن أنه كان يقرؤها وما خلق الذكر والأنثى يقول
: والذي خلق الذكر والأنثى
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : إن سعيكم قال : السعي العمل
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : وقع القسم ههنا إن سعيكم لشتى يقول : مختلف
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن عساكر عن ابن مسعود أن أبا بكر
(8/534)
الصديق
اشترى بلالا من أمية بن خلف وأبي بن خلف ببردة وعشر أواق فأعتقه لله فأنزل الله
والليل إذا يغشى إن سعيكم لشتى سعي أبي بكر وأمية وأبي إلى قوله : وكذب بالحسنى
قال : لا إله إلا الله إلى قوله : فسنيسره للعسرى قال : النار
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن جرير والبيهقي
في شعب الإيمان من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله : فأما من أعطى من الفضل واتقى
قال : اتقى ربه وصدق بالحسنى قال : صدق بالخلف من الله فسنيسره لليسرى قال : الخير
من الله وأما من بخل واستغنى قال : بخل بماله واستغنى عن ربه وكذب بالحسنى قال :
بالخلف من الله فسنيسره للعسرى قال : للشر من الله
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة فأما من أعطى قال : أعطى حق الله عليه
واتقى محارم الله وصدق بالحسنى قال : بموعود الله على نفسه وأما من بخل قال : بحق
الله عليه واستغنى في نفسه عن ربه وكذب بالحسنى قال : بموعود الله الذي وعد
وأخرج ابن جرير من طرق عن ابن عباس وصدق بالحسنى قال : أيقن بالخلف
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس وصدق بالحسنى يقول صدق بلا إله إلا الله وأما من بخل
واستغنى يقول : من أغناه الله فبخل بالزكاة
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي عبد
الرحمن السلمي وصدق بالحسنى قال : بلا إله إلا الله
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد وصدق
بالحسنى قال : بالجنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم فسنيسره لليسرى قال : الجنة
وأخرج ابن جرير وابن عساكر عن عامر بن عبد الله بن الزبير قال : كان أبو بكر يعتق
على الإسلام بمكة فكان يعتق عجائز ونساء إذا أسلمن فقال له أبوه أي بني أراك تعتق
أناسا ضعفاء فلو أنك تعتق رجالا جلدا يقومون معك ويمنعونك ويدفعون عنك
قال : أي أبت إنما أريد ما عند الله
قال : فحدثني بعض أهل
(8/535)
بيتي
أن هذه الآية نزلت فيه فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه وابن عساكر في طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس
في قوله : فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى قال : أبو بكر الصديق
وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى قال : أبو سفيان بن حرب
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة
وابن مردويه وابن جرير عن علي بن أبي طالب قال : " كنا مع رسول الله صلى الله
عليه و سلم في جنازة فقال : ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من الجنة ومقعده من
النار فقالوا يا رسول الله أفلا نتكل ؟ قال : اعملوا فكل ميسر لما خلق له أما من
كان من أهل السعادة فييسر لعمل أهل السعادة وأما من كان من أهل الشقاء فييسر لعمل
أهل الشقاء ثم قرأ فأما من اعطى واتقى إلى قوله : للعسرى "
وأخرج ابن جرير عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : لما نزلت هذه الآية إنا كل شيء
خلقناه بقدر سورة القمر الآية 49 قال رجل : يا رسول الله ففيم العمل أفي شيء
نستأنفه أم في شيء قد فرغ منه ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
اعملوا فكل ميسر نيسره لليسرى ونيسره للعسرى "
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : إذا تردى
قال : إذا تردى ودخل في النار نزلت في أبي جهل
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول عدي بن زيد : خطفته منية فتردى
وهو في الملك يأمل التعميرا وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة إذا تردى قال
: في النار
وأخرج ابن أبي شيبة وما يغني عنه ماله إذا تردى قال : في النار
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
(8/536)
مجاهد
في قوله : إذا تردى قال : إذا مات وفي قوله : نارا تلظى قال : توهج
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن جرير عن قتادة في قوله : إن
علينا للهدى يقول : على الله البيان بيان حلاله وحرامه وطاعته ومعصيته
وأخرج سعيد بن منصور والفراء والبيهقي في سننه بسند صحيح عن عبيد بن عمير أنه قرأ
: " فأنذرتكم نارا تتلظى " بالتاءين
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة قال : لتدخلن الجنة إلا من يأبى
قالوا ومن يأبى أن يدخل الجنة ؟ فقرأ الذي كذب وتولى
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم وابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن أبي
أمامة قال : لا يبقى أحد من هذه الأمة إلا أدخله الله الجنة إلا من شرد على الله
كما يشرد البعير السوء على أهله فمن لم يصدقني فإن الله تعالى يقول : لا يصلاها
إلا الأشقى الذي كذب بما جاء به محمد صلى الله عليه و سلم وتولى عنه
وأخرج أحمد والحاكم عن أبي أمامة الباهلي أنه سئل عن ألين كلمة سمعها من رسول الله
صلى الله عليه و سلم فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "
كلكم يدخل الجنة إلا من شرد على الله شرد البعير على أهله "
وأخرج أحمد والبخاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" كل أمتي تدخل الجنة يوم القيامة إلا من أبى
قالوا : ومن يأبى يا رسول الله ؟ قال : من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى
"
وأخرج أحمد وابن مردويه عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لا يدخل النار إلا شقي
قيل : ومن الشقي ؟ قال : الذي لا يعمل لله بطاعة ولا يترك لله معصية "
وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة أن أبا بكر الصديق أعتق سبعة كلهم يعذب في الله بلال
وعامر بن فهيرة والنهدية وابنتها وزنيرة وأم عيسى وأمة بني المؤمل وفيه نزلت
وسيجنبها الأتقى إلى آخر السورة
وأخرج أحمد ومسلم وابن حبان والطبراني وابن مردويه عن جابر بن عبد الله : "
أن سراقة بن مالك قال : يا رسول الله أفي أي شيء نعمل ؟ أفي شيء
(8/537)
ثبتت
فيه المقادير وجرت فيه الأقلام أم في شيء نستقبل فيه العمل ؟ قال : بل في شيء ثبتت
فيه المقادير وجرت فيه الأقلام "
قال سراقة : ففيم العمل إذن يا رسول الله ؟ قال : اعملوا فكل ميسر لما خلق له وقرأ
رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية فأما من أعطى واتقى إلى قوله : فسنيسره
للعسرى
وأخرج ابن قانع وابن شاهين وعبدان كلهم في الصحابة عن بشير بن كعب الأسلمي أن
سائلا سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم فيم العمل قال : " فيما جفت به
الأقلام وجرت به المقادير فاعملوا فكل ميسر لما خلق له ثم قرأ فأما من أعطى واتقى
وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى "
وأخرج الحاكم وصححه عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال : قال أبو قحافة
لأبي بكر : أراك تعتق رقابا ضعافا فلو أنك إذ فعلت ما فعلت أعتقت رجالا جلدا
يمنعونك ويقومون دونك فقال : يا أبت إنما أريد وجه الله فنزلت هذه الآية فيه :
فأما من أعطى واتقى إلى قوله : وما لأحد عنده من نعمة تجزى إلا ابتغاء وجه ربه
الأعلى ولسوف يرضى
وأخرج البزار وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن عدي وابن مردويه وابن عساكر من
وجه آخر عن عامر بن الزبير عن أبيه قال : نزلت هذه الآية وما لأحد عنده من نعمة
تجزى إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى ولسوف يرضى في أبي بكر الصديق
وأخرج ابن جرير عن سعيد قال : نزلت وما لأحد عنده من نعمة تجزى في أبي بكر أعتق
ناسا لم يلتمس منهم جزاء ولا شكورا ستة أو سبعة منهم بلال وعامر بن فهيرة
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : وسيجنبها الأتقى قال : هو أبو بكر الصديق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : وما لأحد عنده من
نعمة تجزى يقول : ليس به مثابة الناس ولا مجازاتهم إنما عطيته لله
(8/538)
بسم
الله الرحمن الرحيم
93
- سورة الضحى
مكية وآياتها إحدى عشرة
مقدمة السورة
الآية 1 - 11 أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : نزلت سورة الضحى بمكة
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طريق أبي الحسن البزي
المقري قال : سمعت عكرمة بن سليمان يقول : قرأت على إسماعيل بن قسطنطين فلما بلغت
والضحى قال : كبر عند خاتمة كل سورة حتى تختم فإني قرأت على عبد الله بن كثير فلما
بلغت والضحى قال : كبر حتى تختم وأخبره عبد الله بن كثير أنه قرأ على مجاهد فأمره
بذلك وأخبره مجاهد أن ابن عباس رضي الله عنهما أمره بذلك وأخبره ابن عباس أن أبي
بن كعب أمره بذلك وأخبره أن النبي صلى الله عليه و سلم أخبره بذلك
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير والطبراني
والبيهقي وأبو نعيم معا في الدلائل عن جندب البجلي قال : اشتكى النبي صلى الله
عليه و سلم
(8/539)
فلم
يقم ليلتين أو ثلاثا فأتته امرأة فقالت : يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد بركك لم
تره قربك ليلتين أو ثلاثا فأنزل الله والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن
مردويه عن جندب رضي الله عنه قال : أبطأ جبريل على النبي صلى الله عليه و سلم فقال
المشركون : قد ودع محمد فأنزل الله ما ودعك ربك وما قلى
وأخرج الطبراني عن جندب رضي الله عنه قال : احتبس جبريل عن النبي صلى الله عليه و
سلم فقالت بعض بنات عمه : ما أرى صاحبك إلا قد قلاك
فنزلت : والضحى إلى وما قلى
وأخرج الترمذي وصححه وابن أبي حاتم واللفظ له عن جندب قال : رمي رسول الله صلى
الله عليه و سلم بحجر في أصبعه فقال : هل أنت إلا أصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت
فمكث ليلتين أو ثلاثا لايقوم فقالت له امرأة : ما أرى شيطانك إلا قد تركك فنزلت
والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى
وأخرج الحاكم عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : لما نزلت تبت يدا أبي لهب وتب ما
أغنى سورة المسد الآية 1 إلى وامرأته حمالة الحطب سورة المسد الآية 4 فقيل لامرأة
أبي لهب : إن محمدا قد هجاك
فأتت رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو جالس في الملاء فقالت : يا محمد علام
تهوجون ؟ قال : إني والله ما هجوتك ما هجاك إلا الله
فقالت : هل رأيتني أحمل حطبا أو رأيت في جيدي حبلا من مسد ؟ ثم انطلقت
فمكثت رسول الله صلى الله عليه و سلم أياما لا ينزل عليه فأتته فقالت : ما أرى
صاحبك إلا قد ودعك وقلاك فأنزل الله والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه أن خديجة قالت للنبي صلى الله
عليه و سلم : ما أرى ربك إلا قد قلاك فأنزل الله والضحى والليل إذا سجى ما ودعك
ربك وما قلى
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عروة رضي الله عنه قال : أبطأ جبريل عن
(8/540)
النبي
صلى الله عليه و سلم فجزع جزعا شديدا فقالت خديجة : أرى ربك قد قلاك مما يرى من
جزعك فنزلت والضحى إلى آخرها
وأخرج الحاكم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طريق عروة عن خديجة قالت : لما
أبطأ على رسول الله صلى الله عليه و سلم الوحي جزع من ذلك فقلت له مما رأيت من
جزعه : لقد قلاك ربك مما يرى من جزعك فأنزل الله ما ودعك ربك وما قلى
وأخرج ابن جرير وابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما
نزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم القرآن أبطأ عنه جبريل أياما فعير بذلك
فقال المشركون : ودعه ربه وقلاه فأنزل الله والضحى والليل إذا سجى يعني أقبل ما
ودعك ربك وما قلى
وأخرج ابن جرير نحوه من مرسل قتادة والضحاك
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في
قوله : والضحى قال : ساعة من ساعات النهار والليل إذا سجى قال : سكن بالناس
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه والليل إذا سجى قال : إذا استوى
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن رضي الله عنه إذا سجى قال : إذا لبس الناس
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما إذا سجى قال : إذا أقبل
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه والليل
إذا سجى قال : إذا أقبل فغطى كل شيء
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما إذا
سجى قال : إذا ذهب ما ودعك ربك قال : ما تركك وما قلى قال : ما أبغضك
وأخرج ابن أبي شيبة في مسنده والطبراني وابن مردويه عن أم حفص عن أمها وكانت خادم
رسول الله صلى الله عليه و سلم إن جروا دخل بيت النبي صلى الله عليه و سلم فدخل
تحت
(8/541)
السرير
فمات فمكث النبي صلى الله عليه و سلم أربعة أيام لا ينزل عليه الوحي فقال : يا
خولة ما حدث في بيت رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ جبريل لا يأتيني
فقلت يا نبي الله ما أتى علينا يوم خير منا اليوم فأخذ برده فلبسه وخرج فقلت في
نفسي : لو هيأت البيت وكنسته فأهويت بالمكنسة تحت السرير فإذا بشيء ثقيل فلم أزل
حتى بدا لي الجرو ميتا فأخذته بيدي فألقيته خلف الدار فجاء النبي صلى الله عليه و
سلم ترعد لحيته وكان إذا نزل عليه أخذته الرعدة فقال : يا خولة دثريني فأنزل الله
عليه والضحى والليل إذا سجى إلى قوله : فترضى
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " عرض علي ما هو مفتوح لأمتي بعدي فسرني
فأنزل الله وللآخرة خير لك من الأولى
وأخرج ابن أبي حاتم وعبد بن حميد وابن جرير والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي وابن
مردويه وأبو نعيم كلاهما في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : عرض على
رسول الله صلى الله عليه و سلم ما هو مفتوح على أمته من بعده كفرا كفرا فسر بذلك
فأنزل الله ولسوف يعطيك ربك فترضى فأعطاه في الجنة ألف قصر من لؤلؤ ترابه المسك في
كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم
وأخرج ابن جرير من طريق السدي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولسوف يعطيك
ربك فترضى قال : من رضا محمد أن لا يدخل أحد من أهل بيته النار
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله : ولسوف يعطيك ربك فترضى قال : رضاه أن تدخل أمته الجنة كلهم
وأخرج الخطيب في تلخيص المتشابه من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
ولسوف يعطيك ربك فترضى قال : لا يرضى محمد واحد من أمته في النار
وأخرج مسلم عن ابن عمرو رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم تلا قول الله
في إبراهيم فمن تبعني فإنه مني سورة إبراهيم الآية 36 وقول عيسى إن تعذبهم فإنهم
عبادك سورة النساء الآية118 الآية
فرفع
(8/542)
يديه
وقال : اللهم أمتي أمتي وبكى فقال الله : يا جبريل اذهب إلى محمد فقل له : إنا
سنرضيك في أمتك ولا نسوءك
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية من طريق حرب بن شريح رضي الله
عنه قال : قلت لأبي جعفر محمد بن علي بن الحسين : أرأيت هذه الشفاعة التي يتحدث
بها أهل العراق أحق هي ؟ قال : إي والله حدثني عمي محمد بن الحنفيه عن علي أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : " أشفع لأمتي حتى يناديني ربي أرضيت يا محمد
؟ فأقول : نعم يا رب رضيت "
ثم أقبل علي فقال : إنكم تقولون يا معشر أهل العراق إن أرجي آية في كتاب الله يا
عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا
سورة الزمر الآية 53 قلت : إنا لنقول ذلك
قال فكلنا أهل البيت نقول : إن أرجي آية في كتاب الله ولسوف يعطيك ربك فترضى وهي
الشفاعة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه أنه سئل عن قوله : ولسوف يعطيك ربك
فترضى قال : هي الشفاعة
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " إنا أهل بيت اختار الله لنا الآخرة علىالدنيا ولسوف يعطيك ربك فترضى
"
وأخرج العسكري في المواعظ وابن مردويه وابن لال وابن النجار عن جابر بن عبد الله
قال : دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم على فاطمة وهي تطحن بالرحى وعليها كساء
من حملة الإبل فلما نظر إليها قال : يا فاطمة تعجلي فتجرعي مرارة الدنيا لنعيم
الآخرة غدا فأنزل الله ولسوف يعطيك ربك فترضى
وأخرج ابن مردويه عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما نزلت وللآخرة خير لك من الأولى
قال العباس بن عبد المطلب : لا يدع الله نبيه فيكم إلا قليلا لما هو خير له
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ولسوف
يعطيك ربك فترضى قال : ذلك يوم القيامة هي الجنة
(8/543)
وأخرج
ابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل وابن عساكر من طريق موسى بن علي بن رباح عن أبيه
رضي الله عنه قال : كنت عند مسلمة بن مخلد وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص فتمثل
مسلمة ببيت من شعر أبي طالب فقال : لو أن أبا طالب رأى ما نحن فيه اليوم من نعمة
الله وكرامته لعلم أن ابن أخيه سيد قد جاء بخير كثير فقال عبد الله : ويومئذ قد
كان سيدا كريما قد جاء بخير كثير فقال مسلمة : ألم يقل الله ألم يجدك يتيما فآوى
ووجدك ضالا فهدى ووجدك عائلا فأغنى فقال عبد الله : أما اليتيم فقد كان يتيما من
أبويه وأما العيلة فكل ما كان بأيدي العرب إلى القلة
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن شهاب رضي الله عنه قال : بعث عبد المطلب ابنه عبد
الله يمتار له تمرا من يثرب فتوفي عبد الله وولدت آمنة رسول الله صلى الله عليه و
سلم فكان في حجر جده عبد المطلب
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل
وابن مردويه وابن عساكر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
سألت ربي مسألة ووددت أني لم أكن سألته فقلت : قد كانت قبلي الأنبياء منهم من سخرت
له الريح ومنهم من كان يحيي الموتى فقال تعالى : يا محمد ألم أجدك يتيما فآويتك ؟
ألم أجدك ضالا فهديتك ؟ ألم أجدك عائلا فأغنيتك ؟ ألم أشرح لك صدرك ؟ ألم أضع عنك
وزرك ؟ ألم أرفع لك ذكرك ؟ قلت : بلى يا رب "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : سألت ربي شيئا وددت أني لم أكن سألته قلت : يا رب كل الأنبياء فذكر سليمان
بالريح وذكر موسى فأنزل الله ألم يجدك يتيما فآوى
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت والضحى على
رسو ل الله صلى الله عليه و سلم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يمن
علي ربي وأهل أن يمن ربي " والله أعلم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ووجدك ضالا فهدى قال :
وجدك بين ضالين فاستنقذك من ضلالتهم
أخرج ابن جرير عن سفيان ووجدك عائلا قال : فقير وذكر أنها في مصحف ابن مسعود
" ووجدك عديما فآوى "
(8/544)
وأخرج
ابن الأنباري في المصاحب عن الأعمش قال : قراءة ابن مسعود " ووجدك عديما
فأغنى "
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد فأما اليتيم فلا تقهر قال : لا
تحقره وذكر أن في مصحف عبد الله " فلا تكهر " وأخرج ابن أبي حاتم عن
مجاهد فلا تقهر قال : فلا تظلم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة فأما اليتيم فلا
تقهر يقول : لا تظلمه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة فأما اليتيم فلا تقهر قال : كن لليتيم
كأب رحيم وأما السائل فلا تنهر قال : رد السائل برحمة ولين
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان وأما السائل فلا تنهر قال : من جاء يسألك عن أمر دينه
فلا تنهره والله أعلم
أخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد وأما بنعمة ربك فحدث قال :
بالنبوة التي أعطاك ربك
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن ابي حاتم عن مجاهد وأما بنعمة ربك فحدث قال :
بالقرآن
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن مقسم قال : لقيت الحسن بن علي بن أبي طالب
فصافحته فقال : التقابل مصافحة المؤمن
قلت أخبرني عن قوله : وأما بنعمة ربك فحدث قال : الرجل المؤمن يعمل عملا صالحا
فيخبر به أهل بيته
قلت أي الأجلين قضى موسى الأول أوة الآخر ؟ قال : الآخر
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن الحسن بن علي في قوله : وأما بنعمة ربك فحدث قال
: إذا أصبت خيرا فحدث إخوانك
وأخرج ابن جرير عن أبي نضرة قال : كان المسلمون يرون أن من شكر النعمة أن يحدث بها
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد المسند والبيهقي في شعب الإيمان بسند ضعيف عن أنس
بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم على المنبر : " من لم يشكر
القليل لم يشكر الكثير ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله والتحدث بنعمة الله شكر
وتركها كفر والجماعة رحمة "
(8/545)
وأخرج
ابن داود عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من أبلى
بلاء فذكره فقد شكره وإن كتمه فقد كفره ومن تحلى بما لم يعط فإنه كلابس ثوب زور
"
وأخرج أحمد وأبو داود عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من أعطى عطاء فوجده فليخبر به فإن لم يجد فليثن به فمن أثنى به فقد
شكره ومن كتمه فقد كفره "
وأخرج أحمد والطبراني في الأوسط والبيهقي عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " من أولى معروفا فليكافئ به فإن لم يستطع فليذكره فإن من ذكره
فقد شكره "
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من
أولى معروفا فليكافئ به فإن لم يستطع فليذكره فإن من ذكره فقد شكره
وأخرج سعيد بن منصور عن عمر بن عبد العزيز قال : إن ذكر النعمة شكر
وأخرج البيهقي عن الحسن قال : أكثر واذكر هذه النعمة فإن ذكرها شكر
وأخرج البيهقي عن الجريري قال : كان يقال : إن تعداد النعم من الشكر
وأخرج البيهقي عن يحيى بن سعيد قال : كان يقال : تعداد النعم من الشكر
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن قتادة قال : من شكر النعمة إفشاؤها
وأخرج البيهقي عن فضيل بن عياض قال : كان يقال : من شكر النعمة أن يحدث بها
وأخرج البيهقي عن ابن أبي الحواري قال : جلس فضيل بن عياض وسفيان بن عيينة ليلة
إلى الصباح يتذاكران النعم أنعم الله علينا في كذا أنعم الله علينا في كذا
وأخرج الطبراني عنأبي الأسود الدؤلي وزاذان الكندي قالا : قلنا لعلي : حدثنا عن
أصحابك
فذكر مناقبهم
قلنا : فحدثنا عن نفسك
قال : مهلا نهى الله عن التزكية
فقال له رجل : فإن الله يقول وأما بنعمة ربك فحدث قال : فإني أحدث بنعمة ربي كنت
والله إذا سألت أعطيت وإذا سكت ابتدئت
(8/546)
بسم
الله الرحمن الرحيم
94
- سورة الشرح
مكية وأياتها ثمان
مقدمة السورة أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن أبن عباس رضي الله
عنهما قال : نزلت سورة ألم نشرح بمكة
زاد بعضهم : بعد الضحى
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : أنزلت ألم نشرح بمكة
وأخرخ ابن مردويه عن عائشة قالت : نزلت سورة ألم نشرح بمكة
الآية 1 - 8 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : ألم
نشرح لك صدرك قال : شرح الله صدره للإسلام
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن ألم نشرح لك صدرك قال : مليء حلما وعلما
ووضعنا عنك وزرك الذي أنقض ظهرك قال : الذي أثقل الحمل ورفعنا لك ذكرك قال : إذا
ذكرت ذكرت معي
وأخرج البيهقي في الدلائل عن إبراهيم بن طهمان قال : سألت سعدا عن قوله : ألم نشرح
لك صدرك فحدثني به عن قتادة عن أنس قال : شق بطنه من عند
(8/547)
صدره
إلى أسفل بطنه فاستخرج من قلبه فغسل في طست من ذهب ثم ملئ إيمانا وحكمة ثم أعيد
مكانه
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي بن كعب أن أبا هريرة قال : يا رسول
الله ما أول ما رأيت من أمر النبوة ؟ فاستوى رسول الله صلى الله عليه و سلم جالسا
وقال : " لقد سألت أبا هريرة إني لفي صحراء ابن عشرين سنة وأشهرا إذا بكلام
فوق رأسي وإذا رجل يقول لرجل : أهو هو ؟ فاستقبلاني بوجوه لم أرها لخلق قط وأرواح
لم أجدها في خلق قط وثياب لم أجدها على أحد قط فأقبلا إلي يمشيان حتى أخذ كل واحد
منهما بعضدي لا أجد لأخذهما مسا فقال أحدهما لصاحبه : أضجعه
فأضجعني بلا قصر ولا هصر فقال أحدهما : افلق صدره فخوى أحدهما إلى صدري ففلقه فيما
أرى بلا دم ولا وجع فقال له : أخرج الغل والحسد
فأخرج شيئا كهيئة العلقة ثم نبذها فطرحها فقال له : أدخل الرأفة والرحمة فإذا مثل
الذي أخرج شبه الفضة ثم هز إبهام رجلي اليمنى
وقال : اغدوا ؟ ؟ سلم اغد واسلم فرجعت بها أغدو بها رقة على الصغير ورحمة للكبير
"
وأخرج أحمد عن عتبة بن عبد السلمي أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال
: كيف كان أول شأنك يا رسول الله ؟ قال : " كانت حاضنتي بنت سعد بن بكر
"
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ووضعنا
عنك وزرك قال : ذنبك الذي أنقض ظهرك قال : أثقل
وأخرج ابن أبي حاتم عن شريح بن عبيد الحضرمي ووضعنا عنك وزرك قال : وغفرنا لك ذنبك
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : في قراءة عبد الله " وحللنا عنك وقرك
"
أخرج الشافعي في الرسالة وعبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن
جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن مجاهد في قوله : ورفعنا لك
ذكرك قال : لا أذكر إلا ذكرت معي أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول
الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن قتادة ورفعنا
لك ذكرك قال : رفع الله ذكره في الدنيا والأخرة فليس خطيب ولا
(8/548)
متشهد
ولا صاحب صلاة إلا ينادي أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله
وأخرج سعيد بن منصور وابن عساكر وابن المنذر عن محمد بن كعب في الآية قال : إذا
ذكر الله ذكر معه أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك ورفعنا لك ذكرك قال : إذا ذكرت ذكرت معي ولا تجوز
خطبة ولا نكاح إلا بذكرك معي
وأخرج ابن عساكر عن الحسن في قوله : ورفعنا لك ذكرك قال : ألا ترى أن الله لا يذكر
في موضع إلا ذكر معه نبيه
وأخرج البيهقي في سننه عن الحسن ورفعنا لك ذكرك قال : إذا ذكر الله ذكر رسوله
وأخرج أبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه وأبو
نعيم في الدلائل عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" أتاني جبريل فقال : إن ربك يقول : تدري كيف رفعت ذكرك ؟ قلت : الله أعلم
قال : إذا ذكرت ذكرت معي "
وأخرج ابن أبي حاتم عن عدي بن ثابت قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" سألت ربي مسألة وددت أني لم أكن سألته
قلت : أي رب اتخذت إبراهيم خليلا وكلمت موسى تكليما
قال : يا محمد ألم أجدك يتيما فآويت وضالا فهديت وعائلا فأغنيت وشرحت لك صدرك
وحططت عنك وزرك ورفعت لك ذكرك فلا أذكر إلا ذكرت معي واتخذتك خليلا ؟ "
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لما فرغت من أمر السموات والأرض قلت يا رب : إنه لم يكن نبي قبلي إلا وقد
كرمته اتخذت إبراهيم خليلا وموسى كليما وسخرت لداود الجبال ولسليمان الريح
والشياطين وأحييت لعيسى الموتى فما جعلت لي ؟ قال : أوليس قد أعطيتك أفضل من ذلك
كله ؟ أن لا أذكر إلا ذكرت معي وجعلت صدور أمتك أناجيل يقرؤون القرآن ظاهرا ولم
أعطها أمة وأعطيتك كنزا من كنوز عرشي : لا حول ولا قوة إلا بالله "
وأخرج ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ورفعنا
(8/549)
لك
ذكرك قال : لا يذكر الله إلا ذكرت معه
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : فإن مع العسر يسرا قال
: اتبع العسر يسرا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : فإن مع العسر يسرا إن مع العسر
يسرا قال : ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم بشر بهذه الآية أصحابه فقال
: " لن يغلب عسر يسرين "
وأخرج عبد بن حميد وابن جريروابن مردويه عن الحسن قال : لما نزلت هذه الآية إن مع
العسر يسرا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ابشروا أتاكم اليسر لن
يغلب عسر يسرين "
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم
ونحن ثلثمائة أو يزيدون علينا أبو عبيدة بن الجراح ليس معنا من الحمولة إلا ما
نركب فزودنا رسول الله صلى الله عليه و سلم جرابين من تمر فقال بعضنا لبعض : قد
علم رسول الله صلى الله عليه و سلم أين تريدون وقد علمتم ما معكم من الزاد فلو
رجعتم إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فسألتموه أن يزودكم فرجعنا إليه فقال :
إني قد عرفت الذي جئتم له ولو كان عندي غير الذي زودتكم لزودتكموه
فانصرفنا ونزلت فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا فأرسل نبي الله إلى بعضنا
فدعاه فقال : أبشروا فإن الله قد أوحى إلي فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا وإن
يغلب عسر يسيرين "
وأخرج البزار وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والحاكم وابن مردويه والبيهقي في
الشعب عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم جالسا وحياله حجر
فقال : " لو جاء العسر فدخل هذا الحجر لجاء اليسر حتى يدخل عليه فيخرجه فأنزل
الله فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا ولفظ الطبراني : وتلا رسول الله صلى الله
عليه و سلم فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا "
وأخرج ابن النجار من طريق حميد بن حماد عن عائذ عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم كان قاعدا ببقيع الفرقد فنزل إلى حائط فقال : " يا معشر من حضر والله
لو كانت العسر جاءت تدخل الحجر لجاءت اليسر حتى تخرجها فأنزل الله فإن مع العسر
يسرا إن مع العسر يسرا "
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن مسعود قال : قال رسول الله
(8/550)
صلى
الله عليه و سلم : " لوكان العسر في حجر لدخل عليه اليسر حتى يخرجه ثم قرأ
رسول الله صلى الله عليه و سلم إن مع العسر يسرا "
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في الصبر وابن
المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : لو كان العسر في حجر لتبعه
اليسر حتى يدخل عليه ليخرجه ولن يغلب عسر يسرين إن الله يقول : فإن مع العسر يسرا
إن مع العسر يسرا
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير والحاكم والبيهقي عن الحسن قال : خرج النبي صلى الله
عليه و سلم يوما فرحا مسرورا وهو يضحك ويقول : " لن يغلب عسر يسرين فإن مع
العسر يسرا إن مع العسر يسرا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : كانوا يقولون لا يلغب عسر واحد يسرين اثنين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن ابن
عباس في قوله : فإذا فرغت فانصب الآية قال : إذا فرغت من الصلاة فانصب في الدعاء
واسأل الله وارغب إليه
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : فإذا فرغت فانصب الآية قال : قال الله
لرسوله : إذا فرغت من صلاتك وتشهدت فانصب إلى ربك وأسأله حاجتك
وأخرج ابن أبي الدنيا في الذكر عن ابن مسعود فإذا فرغت فانصب إلى الدعاء وإلى ربك
فارغب في المسألة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : كان ابن مسعود يقول : أيما رجل أحدث في آخر
صلاته فقد تمت صلاته وذلك قوله : فإذا فرغت فانصب قال : فراغك من الركوع والسجود
وإلى ربك فارغب قال : في المسألة وأنت جالس
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود فإذا فرغت فانصب قال : إذا فرغت من
الفرائض فانصب في قيام الليل
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد فإذا فرغت فانصب
قال : إذا جلست فاجتهد في الدعاء والمسألة
(8/551)
وأخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن نصر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : فإذا
فرغت فانصب قال : إذا فرغت من أسباب نفسك فصل وإلى ربك فارغب قال : اجعل رغبتك إلى
ربك
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة فإذا فرغت فانصب
قال : إذا فرغت من صلاتك فانصب في الدعاء
وأخرج عبد بن حميد وابن نصر عن الضحاك فإذا فرغت قال : من الصلاة المكتوبة وإلى
ربك فارغب قال : في المسألة والدعاء وأخرج عبد بن حميد عن قتادة فإذا فرغت فانصب
وإلى ربك فارغب قال : أمره إذا فرغ من الصلاة أن يرغب في الدعاء إلى ربه وقال
الحسن : أمره إذا فرغ من غزوة أن يجتهد في العبادة
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم فإذا فرغت فانصب قال : إذا فرغت من الجهاد
فتعبد
(8/552)
95
- سورة التين
مكية وآياتها ثمان اخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال
: أنزلت سورة التين والتين بمكة
بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 8 أخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : أنزلت سورة والتين بمكة
وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة
عن البراء بن عازب قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم في سفر فصلى العشاء فقرأ
في إحدى الركعتين ب والتين والزيتون فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قراءة منه
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد في مسنده والطبراني عن عبد الله بن
يزيد أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ في المغرب ب والتين والزيتون
وأخرج الخطيب عن البراء بن عازب قال : صليت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم
المغرب فقرأ والتين والزيتون
(8/553)
وأخرج
ابن قانع وابن السكن والشيرازي في الألقاب عن زرعة بن خليفة قال : أتيت النبي صلى
الله عليه و سلم من اليمامة فعرض علينا الإسلام فأسلمنا فلما صلينا الغداة قرأ ب
والتين والزيتون وإنا أنزلناه في ليلة القدر
أخرج الخطيب وابن عساكربسند فيه مجهول عن الزهري عن أنس قال : لما نزلت سورة
والتين على رسول الله صلى الله عليه و سلم فرح بها فرحا شديدا حتى تبين لنا شدة
فرحه فسألنا ابن عباس عن تفسيرها فقال : التين بلاد الشام والزيتون بلاد فلسطين
وطور سينين الذي كلم الله موسى عليه وهذا البلد الأمين مكة لقد خلقنا الإنسان في
أحسن تقويم محمد صلى الله عليه و سلم ثم رددناه أسفل سافلين عبدة اللات والعزى إلا
الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي فما
يكذبك بعد بالدين أليس الله بأحكم الحاكمين إذا بعثك فيهم نبيا وجمعك على التقوى
يا محمد
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : والتين قال :
مسجد نوح الذي بني بأعلى الجودي والزيتون قال : بيت المقدس وطور سينين قال : مسجد
الطور وهذا البلد الأمين قال : مكة لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه
أسفل سافلين يقول : يرد إلى أرذل العمر كبر حتى ذهب عقله هم نفر كانوا على عهد
رسول الله صلى الله عليه و سلم فسئل رسول الله صلى الله عليه و سلم حين تسفهت
عقولهم فأنزل الله عذرهم أن لهم أجرهم الذي عملوا قبل أن تذهب عقولهم فما يكذبك
بعد بالدين يقول : بحكم الله
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : والتين والزيتون قال : هما المسجدان مسجد
الحرام ومسجد الأقصى حيث أسري بالنبي صلى الله عليه و سلم وطور سينين الجبل الذي
صعده موسى وهذا البلد الأمين مكة لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم قال : في انتصاب
لم يخلق منكبا على وجهه ثم رددناه أسفل سافلين قال : أرذل العمر
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن عساكر عن قتادة في
قوله : والتين قال : التين الجبل الذي عليه دمشق والزيتون الذي عليه بيت المقدس
وطور سينين قال : جبل بالشام مبارك حسن ذو شجر وهذا البلد الأمين قال : مكة لقد
خلقنا الإنسان في أحسن تقويم قال :
(8/554)
وقع
القسم ههنا ثم رددناه أسفل سافلين قال : جهنم فما يكذبك بعد بالدين يقول : استيقن
فقد جاءك من الله البيان
وأخرج عبد بن حميد عن أبي عبد الله الفارسي قال : التين مسجد دمشق والزيتون بيت
المقدس وطور سينين جبل موسى وهذا البلد الأمين البلد الحرام
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال : التين مسجد أصحاب الكهف
والزيتون مسجد إيليا وطور سينين مسجد الطور وهذا البلد الأمين مكة
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك والتين والزيتون مسجدان بالشام وطور سينين قال :
الطور الجبل وسينين الحسن
وأخرج ابن الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن كعب الأحبار
في قوله : والتين الآية قال : التين دمشق والزيتون بيت المقدس وطور سينين الذي كلم
الله عليه موسى عليه السلام والبلد الأمين مكة
وأخرج سعيد بن منصور عن أبي حبيب الحارث بن محمد قال : أربعة جبال مقدسة بين يدي
الله تعالى : طور زيتا وطور سينا وطور تينا وطور تيما
وهو قول الله : والتين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين فأما طور زيتا فبيت
المقدس وأما طور سينا فالطور وأما طور تينا فدمشق وأما طور تيما فمكة
وأخرج ابن المنذر عن زيد بن ميسرة مثله
وفيه وطور سينا حيث كلم الله موسى
وأخرج ابن عساكر عن الحكم والتين دمشق والزيتون فلسطين وهذا البلد الأمين مكة
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس والتين والزيتون قال : الفاكهة التي
يأكلها الناس وطور سينين
(8/555)
قال
: الطور الجبل وسينين المبارك
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد والتين
والزيتون قال : الفاكهة التي يأكل الناس وطور سينين قال : الطور الجبل وسينين
المبارك وهذا البلد الأمين قال : مكة لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم قال : في
أحسن صورة ثم رددناه أسفل سافلين قال : في النار إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات
قال : إلا من آمن فلهم أجر غير ممنون قال : غير محسوب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : وطور
سينين قال : هو الحسن
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
سينين هو الحسن بلسان الحبشة
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع في قوله : والتين والزيتون وطور سينين قال : الجبل
الذي عليه التين والزيتون
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله أن خزيمة بن ثابت وليس بالأنصاري سأل النبي
صلى الله عليه و سلم عن البلد الأمين فقال : مكة
وأخرج عبد بن حميد وابن الأنباري في المصاحف عن عمرو بن ميمون قال : صليت خلف عمر
بن الخطاب المغرب فقرأ في الركعة الأولى : " والتين والزيتون وطور سينا
" قال : وهكذا هي قراءة عبد الله وقرأ في الركعة الثانية ألم تر كيف فعل ربك
بأصحاب الفيل سورة الفيل الآية1 ولئلاف قريش سورة قريش الآية1 جمع بينهما ورفع صورته
فقدرت أنه رفع صورته تعظيما للبيت
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
مردويه عن ابن عباس لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم قال : في أعدل خلق ثم رددناه
أسفل سافلين يقول : إلى أرذل العمر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير
ممنون غير منقوص
يقول : فإذا بلغ المؤمن أرذل العمر وكان يعمل في شبابه عملا صالحا كتب الله له من
الأجر مثله ما كان يعمل في صحته وشبابه ولم يضره ما عمل في كبره ولم يكتب عليه
الخطايا التي يعمل بعد ما يبلغ أرذل العمر
(8/556)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم قال : خلق كل شيء منكبا على
وجهه إلا الإنسان ثم رددناه أسفل سافلين إلى أرذل العمر إلا الذين آمنوا وعملوا
الصالحات الآية قال : فأيما رجل كان يعمل عملا صالحا وهو قوي شاب فعجز عنه جرى له
أجر ذلك العمل حتى يموت
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة والتين قال : هو
هذا التين والزيتون قال : هو هذا الزيتون وطور سينين قال : الطور الجبل وسينين هو
الحسن بالحبشة وهذا البلد الأمين قال : مكة لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم قال :
شباب وشدة ثم رددناه أسفل سافلين قال : رد إلى أرذل العمر إلا الذين آمنوا وعملوا
الصالحات فلهم أجر غير ممنون قال : يوفيه الله أجره وعمله فلا يؤاخذه إذا رد إلى
أرذل العمر وفي لفظ قال : من رد منهم إلى أرذل العمر جرى له من الأجر مثل ما كان
يعمل في صحته وشبابه فذلك الأجر غير ممنون قال : ولا يمن به عليهم
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن والتين والزيتون قال : تينكم هذا الذي تأكلون وزيتونكم
هذا الذي تعصرون لقد خلقنا الإنسان في أحست تقويم قال : في أحسن صورة ثم رددناه
أسفل سافلين قال : في نار جهنم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله :
لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم يقول : في أحسن صورة ثم رددناه أسفل سافلين قال :
في النار في شر صورة
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن إبراهيم قد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم قال : في
أحسن صورة ثم رددناه أسفل سافلين قال : إلى أرذل العمر فإذا بلغوا ذلك كتب لهم من
العمل مثل ما كانوا يعملون في الصحة
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : عز و جل ثم
رددناه أسفل سافلين قال : هذا الكافر من الشباب إلى الكبر ومن الكبر إلى النار
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت علي بن أبي طالب وهو يقول : فأضحوا
لدى دار الجحيم بمعزل عن الشعث والعدوان في أسفل السفل
(8/557)
وأخرج
عبد بن حميد عن الضحاك ثم رددناه أسفل سافلين قال : إلى أرذل العمر
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : من قرأ القرآن لم
يرد إلى أرذل العمر وذلك قوله : ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا
الصالحات قال : إلا الذين قرؤوا القرآن
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة قال : كان يقال من قرأ القرآن لم يرد إلى
أرذل العمر ثم قرأ لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا
الذين آمنوا وعملوا الصالحات قال : لا يكون حتى لا يعلم من بعد علم شيئا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة ثم رددناه أسفل سافلين قال : الهرم لم
يجعل فيه قوة ما كان لكي لا يعلم بعد علم شيئا سورة الحج الآية 5 قال : ولا ينزل
تلك المنزلة أحد قرأ القرآن وذلك قوله : إلا الذين آمنوا الآية
قال : هم أصحاب القرآن
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ثم رددناه أسفل سافلين يقول : إلى الكبر وضعفه
فإذا ضعف وكبر عن العمل كتب له مثل أجر ما كان يعمل في شبيبته
وأخرج ابن مردويه عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
إذا كان العبد على طريقة من الخير فمرض أو سافر كتب الله له مثل ما كان يعمل ثم
قرأ فلهم أجر غير ممنون "
وأخرج البخاري عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إذا
مرض العبد أو سافر كتب الله له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحا مقيما "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم في
قوله : فلهم أجر غير ممنون قال : " غير ممنون ما يكتب لهم صاحب اليمين فإن
عمل خيرا كتب له صاحب اليمين وإن ضعف عن ذلك له صاحب اليمين وأمسك صاحب الشمال فلم
يكتب سيئة ومن قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا
"
(8/558)
وأخرج
ابن عساكر عن مكحول قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إذا مرض
العبد يقال لصاحب الشمال : ارفع عنه القلم ويقال لصاحب اليمين : اكتب له أحسن ما
كان يعمل فإني أعلم به وأنا قيدته "
وأخرج الطبراني عن شداد بن أوس : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" إذا ابتليت عبدا من عبادي مؤمنا فحمدني على ما ابتليته فإنه يقوم من مضجعه
كيوم ولدته أمه من الخطايا ويقول الرب عز و جل : إني أنا قيدته وابتليته فأجروا له
ما كنتم تجرون له قبل ذلك وهو صحيح "
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن منصور قال : قلت لمجاهد
فما يكذبك بعد بالدين و أرأيت الذي يكذب بالدين سورة الماعون الآية 1 عنى به النبي
صلى الله عليه و سلم ؟ قال : معاذ الله إنما عني به الإنسان
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة أليس الله بأحكم الحاكمين قال : ذكر لنا أن نبي الله
كان يقول : " بلى وأنا على ذلك من الشاهدين "
وأخرج عبد بن حميد عن صالح أبي الخليل قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا
أتى على هذه الآية أليس الله بأحكم الحاكمين يقول : " سبحانك فبلى "
وأخرج الترمذي وان مردويه عن أبي هريرة يرويه : " من قرأ والتين والزيتون
فقرأ أليس الله بأحكم الحاكمين فليقل بلى وأنا على ذلك من الشاهدين "
وأخرج ابن مردويه عن جابر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إذا قرأت
والتين والزيتون فقرأت أليس الله بأحكم الحاكمين فقل بلى "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس أنه كان إذا قرأ " أليس الله بأحكم
الحاكمين قال : سبحانك اللهم فبلى
(8/559)
96
- سورة العلق
مكية وآياتها تسع عشرة بسم الله الرحمن الرحيم
الآية1 - 19 أخرج ابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال : أول ما نزل من القرآن بمكة
اقرأ باسم ربك الذي خلق
وأخرج ابن أبي شيبة وابن الضريس وابن الأنباري في المصاحف والطبراني والحاكم وصححه
وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن أبي موسى الأشعري قال : كانت اقرأ باسم ربك
أول سورة أنزلت على محمد
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن شهاب : حدثني محمد بن عباد بن جعفر المخزومي أنه
سمع بعض علمائهم يقول : كان أول ما أنزل الله على نبيه اقرأ باسم ربك إلى ما لم
يعلم فقالوا : هذا صدرها الذي أنزل يوم حراء ثم أنزل الله آخرها بعد ذلك ما شاء
الله
(8/560)
وأخرج
ابن جرير والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وصححه عن عائشة قالت :
أول ما نزل من القرآن اقرأ باسم ربك الذي خلق
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن الأنباري في
المصاحف وابن مردويه والبيهقي من طريق ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة أم
المؤمنين أنها قالت : " أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه و سلم من
الوحي الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب
إليه الخلاء وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد قبل أن
ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في
غار حراء فجاءه الملك فقال اقرأ قال : قلت : ما أنا بقارئ
قال : فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : اقرأ فقلت : ما أنا بقارئ
قال : فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : اقرأ فقلت : ما
أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال : اقرأ باسم ربك
الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم الآية فرجع بها
رسول الله صلى الله عليه و سلم يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد فقال : زملوني
زملوني
فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال لخديجة وأخبرها الخبر : لقد خشيت على نفسي فقالت
خديجة : كلا والله ما يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وتكسب المعدوم
وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق
فانطلقت به خديجة حتى أتت ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى - ابن عم خديجة - وكان
امرأ قد تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية
ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي فقالت له خديجة : يا ابن عم اسمع من
ابن أخيك
فقال له روقة : يا ابن أخي ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه و سلم خبر
ما رأى فقال له ورقة : هذا الناموس الذي أنزل الله على موسى يا ليتني أكون فيها
جذعا يا ليتني أكون فيها حيا إذا يخرجك قومك
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أو مخرجي هم
؟ قال : نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا
مؤزرا
ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي " قال ابن شهاب : وأخبرني أبو سلمة بن
عبد الرحمن أن جابر بن عبد الله الأنصاري قال وهو يحدث عن فترة الوحي فقال في
حديثه : " بينا أنا أمشي إذ
(8/561)
سمعت
صوتا من السماء فرفعت بصري فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء
والأرض فرعبت منه فرجعت فقلت : زملوني
فأنزل الله يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر سورة
المدثر الآية 1 - 2 - 3 - 4 - 5 فحمي الوحي وتتابع "
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : أول سورة نزلت على محمد اقرأ باسم ربك الذي
خلق
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال : أول ما نزل
من القرآن اقرأ باسم ربك ثم ن والقلم
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال : أول شيء أنزل من القرآن خمس آيات
اقرأ باسم ربك الذي خلق إلى قوله : ما لم يعلم
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبيد بن عمير قال : أول ما نزل من القرآن اقرأ باسم ربك
الذي خلق ثم ن
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن عائشة قالت : كان أول ما نزل عليه بعد اقرأ باسم
ربك ن والقلم و يا أيها المدثر والضحى
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الزهري وعمرو بن دينار أن النبي صلى الله عليه و
سلم كان بحراء إذا أتاه ملك بنمط من ديباج فيه مكتوب اقرأ باسم ربك الذي خلق إلى
ما لم يعلم
وأخرج الحاكم من طريق عمرو بن جابر أن النبي صلى الله عليه و سلم كان بحراء إذا
أتاه ملك بنمط من ديباج فيه مكتوب اقرأ باسم ربك الذي خلق إلى ما لم يعلم
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وأبو نعيم في الدلائل عن عبد الله بن شداد قال : أتى
جبريل محمدا صلى الله عليه و سلم فقال : يا محمد اقرأ
قال : وما أقرأ ؟ فضمه ثم قال يا محمد : اقرأ ؟ قال : وما أقرأ ؟ قال : اقرأ باسم
ربك الذي خلق حتى بلغ ما لم يعلم فجاء إلى خديجة فقال : يا خديجة ما أراه إلا قد
عرض لي
قالت : كلا والله ما كان ربك يفعل ذلك بك وما أتيت فاحشة قط
فأتت خديجة ورقة فأخبرته الخبر
قال : لأن كنت صادقتة إن زوجك لنبي وليقين من أمته شدة ولئن أدركته لأمنن به
قال : ثم أبطأ عليه جبريل فقلت خديجة : ما أرى ربك إلا قد قلاك
فأنزل الله والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى سورة الضحى آية 1
(8/562)
وأخرج
ابن مردويه عن عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم اعتكف هو وخديجة
شهرا فوافق ذلك رمضان فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم وسمع السلام عليكم
قالت : فظننت أنه فجأة الجن
فقال : ابشروا فإن السلام خير ثم رأى يوما آخر جبريل على الشمس له جناح بالمشرق
وجناح بالمغرب
قال : فهبت منه فانطلق يريد أهله فإذا هو بجبريل بينه وبين الباب
قال : فكلمني حتى أنست منه ثم وعدني موعدا فجئت لموعده واحتبس علي جبريل فلما أراد
أن يرجع إذا هو به وبميكائيل فهبط جبريل إلى الأرض وميكائيل بين السماء والأرض
فأخذني جبريل فصلقني لحلاوة القفا وشق عن بطني فأخرج منه ما شاء الله ثم غسله في
طست من ذهب ثم أعاد فيه ثم كفأني كما يكفأ الإناء ثم ختم في ظهري حتى وجدت مس
الخاتم ثم قال لي : اقرأ باسم ربك الذي خلق ولم أقرأ كتابا قط فأخذ بحلقي حتى
أجهشت بالبكاء ثم قال لي : اقرأ باسم ربك الذي خلق إلى قوله : ما لم يعلم قال :
فما نسيت شيئا بعده
ثم وزنني جبريل برجل فوازنته ثم وزنني بأخر فوازنته ثم وزنني بمائة
فقال ميكائيل : تبعته أمته ورب الكعبة
قال : ثم جئت إلى منزلي فلم يلقني حجر ولا شجر إلا قال : السلام عليك يا رسول الله
حتى دخلت على خديجة فقالت : السلام عليك يا رسول الله "
وأخرج الطبراني عن ثوبان قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم اللهم
أعز الإسلام بعمر بن الخطاب وقد ضرب أخته أول الليل هي تقرأ اقرا باسم ربك الذي
خلق حتى ظن أنه قتلها ثم قام من السحر فسمع صوتها تقرأ اقرا باسم ربك الذي خلق
فقال : والله ما هذا بشعر ولا همهمة
فذهب حتى أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم فوجد بلالا علىالباب فدفع الباب
فقال بلال : من هذا ؟ فقال عمر بن الخطاب : فقال : حتى أستأذن لك على رسول الله صلى
الله عليه و سلم
فقال بلال : يا رسول الله عمر بالباب
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن يرد الله بعمر خيرا أدخله في الدين
فقال لبلال : افتح وأخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم بضبعيه فهزه فقال : ما الذي
تريد ؟ وما الذي جئت له ؟ فقال له عمر : اعرض علي الذي تدعو إليه
قال : تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله فأسلم عمر
مكانه وقال : أخرج "
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : الذي علم
(8/563)
بالقلم
قال : القلم نعمة من الله عظيمة لولا القلم لم يقم دين ولم يصلح عيش وفي قوله :
علم الإنسان ما لم يعلم قال : الخط
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : منهومان لا يشبعان
: صاحب علم وصاحب دنيا ولا يستويان فأما صاحب العلم فيزداد رضا الرحمن ثم قرأ إنما
يخشى الله من عباده العلماء سورة فاطر الآية 28 وأما صاحب الدنيا فيتمادى في
الطغيان ثم قرأ إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى والله أعلم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن مردويه وابن المنذر وأبو
نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن عباس قال : قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا
يصلي عند الكعبة لأطأن عنقه
فبلغ النبي صلى الله عليه و سلم فقال : " لو فعل لأخذته الملائكة عيانا
"
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه وابن المنذر وابن جرير والطبراني وابن
مردويه وأبو نعيم والبيهقي عن ابن عباس قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يصلي
فجاء أبو جهل فقال : ألم أنهك عن هذا ؟ ألم أنهك عن هذا ؟ فانصرف النبي صلى الله
عليه و سلم فزبره فقال أبو جهل : إنك لتعلم ما بها رجل أكثر ناديا مني فأنزل الله
فليدع ناديه سندع الزبانية قال ابن عباس : والله لو دعا ناديه لأخذته زبانية الله
وأخرج ابن جرير والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال : قال
أبو جهل : لئن عاد محمد يصلي عند المقام لأقتلنه فأنزل الله اقرأ باسم ربك الذي
خلق حتى بلغ هذه الآية لنسفعن بالناصية ناصية كاذبة خاطئة فليدع ناديه سندع
الزبانية فجاء النبي صلى الله عليه و سلم يصلي فقيل : ما يمنعك ؟ فقال : قد اسود
ما بين وبينه
قال ابن عباس : والله لو تحرك لأخذته الملائكة والناس ينظرون إليه
وأخرج البزار والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي عن العباس
بن عبد المطلب قال : كنت يوما في المسجد فأقبل أبو جهل فقال : إن لله علي إن رأيت
محمدا ساجدا أن أطأ على رقبته
فخرجت على رسول الله صلى الله عليه و سلم
(8/564)
حتى
دخلت عليه فأخبرته بقول أبي جهل
فخرج غضبان حتى جاء المسجد فعجل أن يدخل الباب فاقتحم الحائط
فقلت هذا يوم شر فأتزرت ثم تبعته فدخل رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ اقرا
باسم ربك الذي خلق فلما بلغ شأن أبي جهل كلا إن الإنسان ليطغى قال إنسان لأبي جهل
: يا أبا الحكم هذا محمد
فقال أبو جهل : ألا ترون ما أرى ؟ والله لقد سد أفق السماء علي
فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه و سلم آخر السورة سجد
وأخرج أحمد ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي
عن أبي هريرة قال : قال أبو جهل : هل يعفر محمد وجهه إلا بين أظهركم ؟ قالوا : نعم
فقال : واللات والعزى لئن رأيته يصلي كذلك لأطأن على رقبته ولأعفرن وجهه في التراب
فأتى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يصلي ليطأ على رقبته
قال : فما فجئهم منه إلا وهو ينكص على عقبيه يتقي بيديه فقيل له : مالك ؟ قال : إن
بيني وبينه خندقا من نار وهؤلاء أجنحة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضوا عضوا " قال : وأنزل الله كلا إن
الإنسان ليطغى إلى آخر السورة يعني أبا جهل فليدع ناديه يعني قومه سندع الزبانية
يعني الملائكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى قال أبو جهل
بن هشام : حيث رمى رسول الله بالسلا على ظهره وهو ساجد لله عز و جل
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : أرأيت
الذي ينهى عبدا إذا صلى قال : نزلت في عدو الله أبي جهل وذلك أنه قال : لئن رأيت
محمدا يصلي لأطأن على عنقه فأنزل الله أرأيت الذي ينهى عبدا إذا صلى أرأيت إن كان
على الهدى أو أمر بالتقوى قال : محمدا أرأيت إن كذب وتولى يعني بذلك أبا جهل فليدع
ناديه قال : قومه وحيه سندع الزبانية قال : الزبانية في كلام العرب الشرط
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد أرأيت الذي ينهى
عبدا إذا صلى قال : أبو جهل نهى محمدا إذا صلى فليدع ناديه قال : عشيرته سندع
الزبانية قال : الملائكة
(8/565)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : لنسفعن قال : لنأخذن
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة مثله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن الحرث قال :
الزبانية أرجلهم في الأرض ورؤوسهم في السماء
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم قال واسجد أنت يا محمد واقترب أنت يا أبا جهل
يتوعده
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن المنذر عن مجاهد قال : أقرب ما يكون العبد
من ربه وهو ساجد ألا تسمعونه يقول اسجد واقترب
وأخرج ابن سعد عن عثمان بن أبي العاصي قال : آخر كلام كلمني به رسول الله صلى الله
عليه و سلم إذ استعملني على الطائف أن قال : " خفف الصلاة عن الناس حتى وقت
اقرأ باسم ربك الذي خلق وأشباهها من القرآن "
(8/566)
بسم
الله الرحمن الرحيم
97
- سورة القدر
مكية وآياتها خمس
مقدمة السورة
الآية 1 - 5 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة إنا أنزلناه في ليلة
القدر بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس وعائشة مثله
وأخرج ابن الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه
والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله : إنا أنزلناه في ليلة القدر قال : أنزل
القرآن في ليلة القدر جملة واحدة من الذكر الذي عند رب العزة حتى وضع في بيت العزة
في السماء الدنيا ثم جعل جبريل ينزل على محمد بحراء بجواب كلام العباد وأعمالهم
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس إنا أنزلناه في ليلة القدر قال : أنزل الله
القرآن جملة في ليلة القدر كله ليلة القدر خير من ألف شهر يقول : خير من عمل ألف
شهر
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن
(8/567)
المنذر
وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد إنا أنزلناه في ليلة القدر قال :
ليلة الحكم
وأخرج عبد بن حميد عن أنس قال : العمل في ليلة القدر والصدقة والصلاة والزكاة أفضل
من ألف شهر
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن قيس الملائي في قوله : ليلة القدر خير من ألف شهر قال :
عمل فيها خير من عمل في ألف شهر
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر عن قتادة في
قوله : ليلة القدر خير من ألف شهر قال : خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر وفي
قوله : تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر قال : يقضي فيها ما يكون في
السنة إلى مثلها سلام هي قال : إنما هي بركة كلها وخير حتى مطلع الفجر يقول : إلى
مطلع الفجر
وأخرج مالك في الموطأ والبيهقي في شعب الإيمان عنه أنه بلغه أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم أري أعمال الناس قبله أو ما شاء الله من ذلك فكأنه تقاصر أعمار أمته أن
لا يبلغوا من العمل مثل ما بلغ غيرهم في طول العمر فأعطاه الله ليلة القدر خيرا من
ألف شهر
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : كان في بني إسرائيل رجل يقوم الليل حتى يصبح ثم
يجاهد العدو بالنهار حتى يمسي ففعل ذلك ألف شهر فأنزل الله ليلة القدر خير من ألف
شهر قيام تلك الليلة خير من عمل ذلك الرجل ألف شهر
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن مجاهد أن النبي صلى الله عليه
و سلم ذكر رجلا من بين إسرائيل لبس السلاح في سبيل الله ألف شهر فعجب المسلمون من
ذلك فأنزل الله إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر لية القدر خير
من ألف شهر التي لبس فيها ذلك الرجل السلاح في سبيل الله ألف شهر
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن عروة قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما
أربعة من بني إسرائيل عبدوا الله ثمانين عاما لم يعصوه طرفه عين فذكر أيوب وزكريا
وحزقيل بن العجوز ويوشع بن نون فعجب أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم من ذلك
فأتاه جبريل فقال : يا محمد عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة فقد أنزل
الله خيرا من ذلك فقرأ عليه إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر
ليلة
(8/568)
القدر
خير من ألف شهر هذا أفضل مما عجبت أنت وأمتك فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه و
سلم والناس معه
وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عباس قال : رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم بني
أمية على منبره فساءه ذلك فأوحى الله إليه إنما هو ملك يصيبونه ونزلت إنا أنزلناه
في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر
وأخرج الخطيب عن ابن المسيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
أرأيت بني أمية يصعدون منبري فشق ذلك علي فأنزل الله إنا أنزلناه في ليلة القدر
وأخرج الترمذي وضعفه وابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن يوسف
بن مازن الرؤاسي قال : قام رجل إلى الحسن بن علي بعد ما بايع معاوية فقال : سودت
وجوه المؤمنين فقال : لا تؤنبني رحمك الله فإن النبي صلى الله عليه و سلم رأى بني
أمية يخطبون على منبره فساءه ذلك فنزلت إنا أعطيناك الكوثر سورة الكوثر الآية 1 يا
محمد يعني نهرا في الجنة ونزلت إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أردارك ما ليلة
القدر ليلة القدر خير من ألف شهر يملكها بعدك بنو أمية يا محمد : قال القاسم :
فعددنا فإذا هي ألف شهر لا تزيد يوما ولا تنقص يوما
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن مجاهد في قوله : إنا أنزلناه في ليلة القدر قال :
ليلة الحكم وما أدراك ما ليلة القدر قال : ليلة الحكم
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر ومحمد بن نصر وابن أبي حاتم عن مجاهد ليلة القدر خير
من ألف شهر قال : خير من ألف شهر عملها أو صيامها وقيامها وليس في تلك الشهور ليلة
القدر
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : ما أعلم ليوم فضلا على يوم ولا ليلة إلا ليلة
القدر فإنها خير من ألف شهر
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله : تنزل الملائكة والروح فيها قال : الروح
جبريل من كل أمر سلام قال : لا يحل لكوكب أن يرجم به فيها حتى يصبح
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي
(8/569)
حاتم
والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد في قوله : سلام هي قال : سالمة لا يستطيع
الشيطان أن يعمل فيها سوءا أو يعمل فيها أذى
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه كان يقرأ من كل أمر سلام
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن منصور بن زاذان قال : تنزل الملائكة من حين
تغيب الشمس إلى أن يطلع الفجر يمرون على كل مؤمن يقولون : السلام عليك يا مؤمن
وأخرج ابن المنذر عن الحسن في قوله : سلام قال : إذا كان ليلة القدر لم تزل
الملائكة تخفق بأجنحتها بالسلام من الله والرحمة من لدن صلاة المغرب إلى طلوع
الفجر
وأخرج محمد بن نصر وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : سلام قال : تلك الليلة تصعد
مردة الجن والشياطين وعفاريت الجن وتفتح فيها أبواب السماء كلها ويقبل الله فيها
التوبة لكل تائب فلذا قال : سلام هي حتى مطلع الفجر قال : وذلك من غروب الشمس إلى
أن يطلع الفجر
وأخرج محمد بن نصر عن سعيد بن المسيب أنه سئل عن ليلة القدر أهي شيء كان فذهب أم
هي في كل عام ؟ فقال : بل هي لأمة محمد ما بقي منهم اثنان
وأخرج الديلمي عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن الله وهب
لأمتي ليلة القدر ولم يعطها من كان قبلهم "
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن مكانس مولى معاوية قال : قلت لأبي هريرة : زعموا
أن ليلة القدر قد رفعت قال : كذب من قال ذلك
قلت : هي في كل رمضان أستقبله ؟ قال : نعم
قلت : زعموا أن الساعة التي في الجمعة لا يدعو فيها مسلم إلا استجيب له قد رفعت
قال : كذب من قال ذلك قلت : هي في كل جمعة أستقبلها ؟ قال : نعم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه عن ابن عمر أنه سئل عن ليلة القدر أفي كل
رمضان ؟ ولفظ ابن مردويه : أفي رمضان هي ؟ قال : نعم ألم تسمع إلى قول الله تعالى
: إنا أنزلناه في ليلة القدر وقوله : شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن سورة البقرة
الآية 185
(8/570)
أخرج
أبو داود والطبراني عن ابن عمر قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأنا أسمع عن ليلة القدر فقال : هي في كل رمضان "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " التمسوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير ومحمد بن نصر وابن مردويه " اطلبوا ليلة القدر
في العشر الأواخر "
وأخرج ابن أبي شيبة عن الفلتان بن عاصم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إني رأيت ليلة القدر ثم نسيتها فاطلبوها في العشر الأواخر وترا "
وأخرج ابن جرير من طريق أبي ظبيان عن ابن عباس أنهم كانوا قعودا في المجلس حين
أقبل إليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم سريعا حتى فزعنا لسرعته فلما انتهى
إلينا ثم سلم قال : " جئت إليكم مسرعا لكيما أخبركم بليلة القدر فنسيتها فيما
بيني وبينكم ولكن التمسوها في العشر الأواخر "
وأخرج أحمد وابن جرير ومحمد بن نصر والبيهقي وابن مردويه عن عبادة بن الصامت أنه
سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ليلة القدر فقال : " في رمضان في العشر
الأواخر فإنهما في ليلة وتر في أحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أوخمس وعشرين أو سبع
وعشرين أو تسع وعشرين أو آخر ليلة من رمضان من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما
تقدم من ذنبه ومن أماراتها أنها ليلة بلجة صافية ساكنة ساجية لا حارة ولا باردة
كأن فيها قمرا ساطعا ولا يحل لنجم أن يرمى به تلك الليلة حتى الصباح ومن أماراتها
أن الشمس تطلع صبيحتها لا شعاع لها مستوية كأنها القمر ليلة البدر وحرم الله على
الشيطان أن يخرج معها يومئذ "
وأخرج ابن جرير في تهذيبه وابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال : قال النبي صلى
الله عليه و سلم " إني كنت رأيت هذه الليلة وهي في العشر الأواخر في الوتر
وهي ليلة طلقة بلجة لا حارة ولا باردة كان فيها قمرا لا يخرج شيطانها حتى يضيء
فجرها "
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن
ليلة القدر قال : قد كنت علمتها ثم اختلست مني وإنها في رمضان فاطلبوها في تسع
يبقين
(8/571)
أو
سبع يبقين أو ثلاث يبقين وآية ذك أن الشمس تطلع ليس لها شعاع ومن قام السنة سقط
عليها "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن زنجوية وابن نصر عن أبي عقرب الأسدي قال : أتينا ابن
مسعود في داره فسمعناه يقول : صدق الله ورسوله فسألته فأخبرنا أن ليلة القدر في
السبع من النصف الأخير وذلك أن الشمس تطلع يومئذ بيضاء لا شعاع لها فنظرت إلى
السماء فإذا هي كما حدثت فكبرت
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير من طريق الأسود عن عبد الله قال : تحروا ليلة القدر
ليلة سبع تبقى تحروها لتسع تبقى تحروها لأحدى عشرة تبقى صبيحة بدر فإن الشمس تطلع
كل يوم بين قرني شيطان إلا صبيحة ليلة القدر فإنها تطلع يومئذ بيضاء ليس لها شعاع
وأخرج ابن زنجوية وابن مردويه بسند صحيح عن أبي هريرة قال : " ذكرنا ليلة
القدر عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : كم
بقي من الشهر ؟ قلنا : مضت اثنتان وعشرون وبقي ثمان
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : مضت اثنتان وعشرون وبقيت سبع التمسوها
الليلة الشهر تسع وعشرون "
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك عن نبي الله صلى الله عليه و سلم قال : "
التمسوا ليلة القدر في أول ليلة من رمضان وفي تسعة وفي إحدى عشرة وفي أحدى وعشرين
وفي آخر ليلة من رمضان "
وأخرج أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم في ليلة القدر " إنها
آخر ليلة "
وأخرج محمد بن نصر عن معاوية قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
التمسوا ليلة القدر آخر ليلة من رمضان "
وأخرج محمد بن نصر عن أبي ذر قال : " قلت يا رسول الله : أخبرني عن ليلة
القدر أي شيء تكون في زمان الأنبياء ينزل عليهم فيها الوحي فإذا قبضوا رفعت أم هي
إلى يوم القيامة ؟ قال : بل هي إلى يوم القيامة
قلت يا رسول الله : في أي رمضان هي ؟ قال : التمسوها في العشر الأول وفي العشر
الأواخر
قال : ثم حدث رسول الله صلى الله عليه و سلم وحدث فاهتبلت غفلته فقلت : يا رسول
الله أقسمت عليك تخبرني أو لما أخبرتني في أي العشر هي فغضب علي غضبا ما غضب علي
مثله لا قبله ولا بعده
(8/572)
فقال
: إن الله لو شاء لأطلعكم عليها التمسوها في السبع الأواخر لا تسألني عن شيء بعدها
"
وأخرج البخاري وابن مردويه والبيهقي عن عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان "
وأخرج مالك وابن أبي شيبة والطيالسي وأحمد والبخاري ومسلم وابن ماجة وابن جرير
والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
يعتكف العشر الأوسط من شهر رمضان فاعتكف عاما حتى إذا كان ليلة إحدى وعشرين وهي
الليلة التي يخرج من اعتكافه فقال : من اعتكف معي فليعتكف العشر الأواخر وقد رأيت
هذه الليلة ثم أنسيتها وقد رأيتني أسجد من صبيحتها في ماء وطين فالتمسوها في العشر
الأواخر والتمسوها في كل وتر
قال أبو سعيد : فمطرت السماء من تلك الليلة وكان المسجد على عريش فوكف المسجد
قال أبو سعيد : فأبصرت عيناي رسول الله صلى الله عليه و سلم وعلى جبهته وأنفه أثر
الماء والطين من صبيحة إحدى وعشرين "
وأخرج مالك وابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وابن زنجويه والطحاوي والبيهقي عن
عبد الله بن أنيس أنه سئل عن ليلة القدر فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " التمسوها الليلة وتلك الليلة وليلة ثلاث وعشرين "
وأخرج مالك والبيهقي عن أبي النضر مولى عمر بن عبد الله بن أنس الجهني قال لرسول
الله صلى الله عليه و سلم : يا رسول الله إني رجل شاسع الدار فمرني بليلة أنزلها
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أنزل ليلة ثلاث وعشرين من رمضان
"
وأخرج البيهقي عن الزهري قال : قلت لضمرة بن عبد الله بن أنيس ما قال النبي صلى
الله عليه و سلم لأبيك ليلة القدر ؟ قال : كان أبي صاحب بادية قال : فقلت يا رسول
الله مرني بليلة أنزل فيها ؟ قال : " أنزل ليلة ثلاث وعشرين "
قال : فلما تولى قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اطلبوها في العشر
الأواخر "
وأخرج مالك والبخاري ومسلم والبيهقي عن ابن عمر أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله
عليه و سلم رأوا ليلة القدر في السبع الأواخر فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " إني أرى
(8/573)
رؤياكم
قد توطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري والبيهقي عن عبادة بن الصامت قال
: خرج نبي الله صلى الله عليه و سلم وهو يريد أن يخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان
من المسلمين قال : " خرجت لأخبركم بليلة القدر فتلاحى رجلان من المسلمين فلان
وفلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة "
وأخرج الطيالسي والبيهقي عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج
وهو يريد أن يخبر أصحابه بليلة القدر فتلاحى رجلان فقال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " خرجت وأنا أريد أن أخبركم بليلة القدر فتلاحى رجالن فاختلجت مني
فاطلبوها في العشر الأواخر في تاسعة تبقى أو سابعة تبقى أو خامسة تبقى "
وأخرج البخاري وأبو داود وابن جرير والبيهقي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " التمسوها في العشر الأواخر من رمضان في تاسعة تبقى وفي سابعة
تبقى وفي خامسة تبقى "
وأخرج أحمد عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : التمسوها في العشر الأواخر
في تاسعة وسابعة وخامسة "
وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن
جرير والحاكم وصححه والبيهقي عن عبد الرحمن بن جوشن قال : ذكرت ليلة القدر عند أبي
بكرة فقال : أما أنا فلست بملتمسها إلا في العشر الأواخر بعد حديث سمعته من رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : " التمسوها في العشر الأواخر لتاسعة تبقى أو
سابعة تبقى أو ثالثة تبقى أو آخر ليلة " فكان أبو بكرة رضي الله عنه يصلي في
عشرين من رمضان كما كان يصلي في سائر السنة فإذا دخل العشر اجتهد
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والبيهقي من طريق أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري رضي
الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " التمسوها في العشر
الأواخر من رمضان فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة " قلت يا أبا سعيد
إنكم أعلم بالعدد
(8/574)
منا
قال : أجل قلت : ما التاسعة والسابعة والخامسة ؟ قال : إذا مضت واحدة وعشرون فالتي
تليها التاسعة وإذا مضى الثلاث والعشرون فالتي تليها السابعة وإذا مضى خمس وعشرون
فالتي تليها الخامسة
وأخرج الطيالسي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " ليلة القدر أربع وعشرون "
وأخرج أحمد والطحاوي ومحمد بن نصر وابن جرير والطبراني وأبو داود وابن مردويه عن
بلال رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ليلة القدر
ليلة أربع وعشرين "
وأخرج ابن سعد ومحمد بن نصر وابن جرير عن عبد الرحمن بن عسلة الصنابحي رضي الله
عنه قال : ما فاتني رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا بخمس ليال توفي وأنا
بالجحفة فقدمت على أصحابه متوافرين فسألت بلالا رضي الله عنه عن ليلة القدر فقال :
ليلة ثلاث وعشرين
وأخرج محمد بن نصر عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " التمسوا ليلة القدر في أربع وعشرين "
وأخرج الطيالسي وابن زنجويه وابن حبان والبيهقي عن أبي ذر رضي الله عنه قال : صمنا
مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم يقم بنا شيئا من الشهر حتى إذا كانت ليلة
أربع وعشرين السابع مما يبقى صلى بنا حتى كاد أن يذهب ثلث الليل فلما كانت ليلة
خمس وعشرين لم يصل بنا فلما كانت ليلة ست وعشرين السابع مما بقي صلى بنا حتى كاد
أن يتأطر الليل فقلت يا رسول الله : لو نفلتنا بقية ليلتنا فقال : لا إن الرجل إذا
صلى مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة فلماكانت ليلة سبع وعشرين لم يصل بنا
فلما كانت ليلة ثمان وعشرين جمع رسول الله صلى الله عليه و سلم واجتمع له الناس
فصلى بنا حتى كاد أن يفوتنا الفلاح ثم لم يصل بنا شيئا من الشهر والفلاح السحور
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن زنجويه وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود والترمذي
والنسائي وابن جرير وابن حبان وابن مردويه والبيهقي عن زر بن حبيش
(8/575)
قال
: سألت أبي بن كعب عن ليلة القدر قلت : إن أخاك عبد الله بن مسعود يقول : من يقم
الحول يصب ليلة القدر فحلف لا يستثني أنها ليلة سبع وعشرين
قلت : بم تقول ذلك أبا المنذر ؟ قال : بالآية والعلامة التي قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " إنها تصبح من ذلك اليوم تطلع الشمس ليس لها شعاع "
ولفظ ابن حبان : " بيضاء لا شعاع لها كأنها طست "
وأخرج محمد بن نصر وابن جرير والحاكم وصححه والبيهقي من طريق عاصم عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : كان عمر رضي الله عنه يدعوني مع أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم
ويقول : لا تتكلم حتى يتكلموا فدعاهم فسألهم فقال : أرأيتم قول رسول الله صلى الله
عليه و سلم في ليلة القدر : " التمسوها في العشر الأواخر وترا أي ليلة ترونها
؟ فقال بعضهم : ليلة إحدى وعشرين وقال بعضهم : ليلة ثلاث وقال بعضهم : ليلة خمس
وقال بعضهم : ليلة سبع
فقالوا : وأنا ساكت
فقال : مالك لا تتكلم ؟ فقلت : إنك أمرتني أن لا أتكلم حتى يتكلموا
فقال : ما أرسلت إليك إلا لتكلم فقال : إني سمعت الله يذكر السبع فذكر سبع سموات
ومن الأرض مثلهن وخلق الإنسان من سبع ونبت الأرض سبع
فقال عمر رضي الله عنه : هذا أخبرتني بما أعلم أرأيت ما لا أعلم ؟ فذلك نبت الأرض
سبع
قلت : قال الله عز و جل شققنا الأرض فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا وزيتونا ونخلا
وحدائق غلبا وفاكهة وأبا سورة عبس الآية 26 قال : فالحدائق غلبا الحيطان من النخل
والشجر وفاكهة وأبا فالأب ما أنبتت الأرض مما تأكله الدواب والأنعام ولا تأكله
الناس
فقال عمر رضي الله عنه لأصحابه : أعجزتم أن تقولوا كما قال هذا الغلام الذي لم
يجتمع شؤون رأسه والله إني لأرى القول كما قلت وقد أمرتك أن لا تتكلم معهم
وأخرج عبد الرزاق وابن راهويه ومحمد بن نصر والطبراني والبيهقي من طريق عكرمة عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال : دعا عمر رضي الله عنه أصحاب النبي صلى الله عليه و
سلم فسألهم عن ليلة القدر فاجتمعوا أنها في العشر الأواخر فقلت لعمر : إني لأعلم
(8/576)
وإني
لأظن أي ليلة هي قال : وأي ليلة هي ؟ قال : سابعة تبقى من العشر الأواخر قال عمر
رضي الله عنه : ومن أين علمت ذلك قلت : خلق الله سبع سموات وسبع أرضين وسبع أيام
وإن الدهر يدور في سبع وخلق الإنسان من سبع ويأكل من سبع ويسجد على سبعة أعضاء
والطواف بالبيت سبع والجمار سبع لأشياء ذكرها
فقال عمر رضي الله عنه لقد فطنت لأمر ما فطنا له وكان قتادة يزيد عن ابن عباس رضي
الله عنهما في قوله : ويأكل من سبع
قال : هو قول الله تعالى : فأنبتنا فيها حبا وعنبا وقضبا الآية
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : كان عمر بن الخطاب
رضي الله عنه يدني ابن عباس رضي الله عنهما وكان ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه
و سلم فكانهم وجدوا في أنفسهم فقال : لأريتكم اليوم منه شيئا تعرفون فضله فسألهم
عن هذه السورة إذا جاء نصر الله سورة النصر فقالوا : أمر نبينا صلى الله عليه و
سلم إذا رأى مسارعة الناس في الإسلام ودخولهم فيه أن يحمد الله ويستغفره فقال عمر
بن الخطاب رضي الله عنه : يا ابن عباس مالك لا تتكلم ؟ فقال : أعلمه متى يموت
قال : إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فهي آيتك من
الموت فقال عمر رضي الله عنه : صدق والذي نفس عمر بيده ما أعلم منها إلا ما علمت
قال : وسألهم عن ليلة القدر فأكثروا فيها فقالوا : كنا نرى أنها في العشر الأوسط
ثم بلغنا أنها في العشر الأواخر فأكثروا فيها فقال بعضهم : ليلة إحدى وعشرين وقال
بعضهم : ثلاث وعشرين وقال بعضهم : سبع وعشرين
فقال له عمر رضي الله عنه مالك يا ابن عباس لا تتكلم ؟ قال : الله أعلم
قال : قد نعلم أن الله أعلم ولكني إنما أسألك عن علمك فقال ابن عباس رضي الله
عنهما : إن الله وتر يحب الوتر خلق سبع سموات وجعل عدد الأيام سبعا وجعل الطواف
بالبيت سبعا والسعي بين الصفا والمروة سبعا ورمي الجمار سبعا وخلق الإنسان من سبع
وجعل رزقه من سبع
قال : كيف خلق الإنسان من سبع وجعل رزقه
(8/577)
من
سبع فقد فهمت من هذا شيئا لم أفهمه ؟ قال : قول الله : لقد خلقنا الإنسان من سلالة
من طين إلى قوله : فتبارك الله أحسن الخالقين سورة المؤمنين الآية 14 ثم ذكر رزقه
فقال : إنا صببنا الماء صبا سورة عبس الآية 26 إلى قوله : وفاكهة وأبا فالأب ما
أنبتت الأرض للأنعام والسبعة رزق لبني آدم قال : لا أراها والله أعلم إلا لثلاث
يمضين وسبع يبقين
وأخرج أبو نعيم في الحلية من طريق محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه عن ابن عباس
رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جلس في رهط من أصحاب رسول الله صلى
الله عليه و سلم من المهاجرين فذكروا ليلة القدر فتكلم منهم من سمع فيها بشيء مما
سمع فتراجع القوم فيها الكلام فقال عمر رضي الله عنه مالك يا ابن عباس صامت لا
تتكلم ؟ تكلم ولا يمنعك الحداثة
قال ابن عباس رضي الله عنهما : فقلت يا أمير المؤمنين : إن الله تعالى وتر يحب
الوتر فجعل أيام الدنيا تدور على سبع وخلق الإنسان من سبع وجعل فوقنا سموات سبعا
وخلق تحتنا أرضين سبعا وأعطى من المثاني سبعا ونهى في كتابه عن نكاح الأقربين عن
سبع وقسم الميراث في كتابه على سبع ونقع في السجود من أجسادنا على سبع وطاف رسول
الله صلى الله عليه و سلم بالكعبة سبعا وبين الصفا والمروة سبعا ورمى الجمار سبع
لإقامة ذكر الله في كتابه فأراها في السبع الأواخر من شهر رمضان والله أعلم قال :
فتعب عمر رضي الله عنه وقال : وما وافقني فيها أحد إلا هذا الغلام الذي لم يسر
شؤون رأسه إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " التمسوها في العشر
الأواخر " ثم قال : " يا هؤلاء من يؤدي في هذا كأداء ابن عباس "
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " التمسوا ليلة القدر ليلة سبع وعشرين "
وأخرج ابن أبي شيبة عن زر رضي الله عنه أنه سئل عن ليلة القدر فقال : كان عمر
وحذيفة وناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يشكون أنها ليلة سبع
وعشرين
(8/578)
وأخرج
ابن نصر وابن جرير في تهذيبه عن معاوية قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" التمسوا ليلة القدر في آخر ليلة "
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : أتيت وأنا نائم في رمضان فقيل لي : إن الليلة ليلة القدر فقمت
وأنا ناعس فتعلقت ببعض أطناب فسطاط رسول الله الله صلى الله عليه و سلم فأتيت رسول
الله صلى الله عليه و سلم وهو يصلي فنظرت في الليلة فإذا هي ليلة ثلاث وعشرين قال
: فقال ابن عباس : إن الشيطان يطلع مع الشمس كل يوم إلا ليلة القدر وذلك أنها تطلع
يومئذ بيضاء لا شعاع لها
وأخرج محمد بن نصر والحاكم وصححه عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : قمنا مع
رسول الله صلى الله عليه و سلم في رمضان ليلة ثلاث وعشرين إلى ثلث الليل ثم قمنا
معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف الليل ثم قمنا معه ليلة سبع وعشرين حتى ظننت أنا لا
ندرك الفلاح وأنتم تسمون السحور وأنت تقولون ليلة سابعة ثلاث عشر ونحن نقول ليلة
سابعة سبع وعشرين أفنحن أصوب أم أنتم ؟
وأخرج محمد بن نصر عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
التمسوا ليلة القدر في العشر الباقيات من شهر رمضان في الخامسة والسابعة والتاسعة
"
وأخرج البخاري في تاريخه عن ابن عمر رضي الله عنه : سأل عمر رضي الله عنه أصحاب
النبي صلى الله عليه و سلم عن ليلة القدر فقال ابن عباس رضي الله عنهما : إن ربي
يحب السبع ولقد آتيناك سبعا من المثاني سورة الحجر الآية 87 قال البخاري في إسناده
نظر
وأخرج الطيالسي وأحمد وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال في ليلة القدر : " إنها ليلة سابعة أو تاسعة وعشرين وإن
الملائكة في تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى "
وأخرج محمد بن نصر من طريق أبي ميمون عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
(8/579)
إنها
السابعة وتاسعة والملائكة معها أكثر من عدد نجوم السماء وزعم أنها في قوله : أبي
هريرة رضي الله عنه ليلة أربع وعشرين
وأخرج محمد بن نصر وابن جرير والطبراني والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما ن
رجلا أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا نبي الله إني شيخ كبير يشق علي
القيام فمرني بليلة لعل الله أن يوفقني فيها لليلة القدر قال : " عليك
بالسابعة "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن منيع والبخاري في تاريخه والطبراني وأبو الشيخ والبيهقي
عن حوة العبدي قال : سئل زيد بن أرقم رضي الله عنه عن ليلة القدر فقال : ليلة سبع
عشرة ما تشك ولا تستثن وقال : ليلة نزل القرآن ويوم الفرقان يوم التقى الجمعان
وأخرج الحرث بن أبي أسامة عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال : هي الليلة
التي لقي رسول الله صلى الله عليه و سلم في يومها أهل بدر يقول الله : وما أنزلنا
على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان سورة الأنفال الآية 41 قال جعفر رضي الله
عنه : بلغني أنها ليلة ست عشرة أو سبع عشرة
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة ومحمد بن نصر والطبراني وابن مردويه عن ابن
مسعود رضي الله عنه قال : التمسوا ليلة القدر لسبع عشرة خلت من رمضان فإنها صبيحة
يوم بدر التي قال الله : وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان يوم التقى الجمعان وفي
إحدى وعشرين وفي ثلاث وعشرين فإنها لا تكون إلا في وتر
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال لنا رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " اطلبوها ليلة سبع عشرة من رمضان وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث
وعشرين " ثم سكت
وأخرج الطحاوي عن عبد الله بن أنيس رضي الله عنه أنه سأل النبي صلى الله عليه و
سلم عن ليلة القدر فقال : " تحروها في النصف الأخير " ثم عاد فسأله فقال
: إلى ثلاث وعشرين "
(8/580)
وأخرج
أحمد ومحمد بن نصر عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
سئل عن ليلة القدر فقال : " هي في العشر الأواخر أو في الثالثة أو في الخامسة
"
وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: " اطلبو ليلة القدر في العشر الأواخر في تسع يبقين وسبع يبقين وخمس يبقين
وثلاث يبقين "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن أبي قلابة رضي الله عنه قال : ليلة القدر تنتقل
في العشر الأواخر في كل وتر
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام قال : ليلة القدر
ليلة سبع عشرة ليلة جمعة
وأخرج أبو الشيخ عن عمرو بن حويرث قال : إنما أرى أن ليلة القدر لسبع عشرة ليلة
الفرقان
وأخرج محمد بن نصر والطبراني عن خارجة بن زيد رضي الله عنه بن عن ؟ ثابت عن أبيه
أنه كان يحيي ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان وليلة سبع وعشرين ولا ؟ كإحياء ليلة
سبع عشرة فقيل له : كيف تحيي ليلة سبع عشرة ؟ قال : إن فيها نزل القرآن وفي
صبيحتها فرق بين الحق والباطل
وأخرج محمد بن نصر عن ابن مسعود رضي الله عنه في ليلة القدر : تحروها لإحدى عشرة
يبقين صبيحتها يوم بدر لتسع يبقين ولسبع يبقين فإن الشمس تطلع كل يوم بين قرني
الشيطان إلا صبيحة ليلة القدر فإنها تطلع ليس لها شعاع
وأخرج الطيالسي ومحمد بن نصر والبيهقي وضعفه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال في ليلة القدر : " ليلة سمحة طلقة لا حارة ولا
باردة تصبح شمس صبيحتها ضعيفة حمراء "
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " ليلة القدر ليلة بلجة سمحة تطلع شمسها ليس لها شعاع "
وأخرج ابن جرير في تهذيبه عن أبي قلابة رضي الله عنه قال : ليلة القدر تجول في
ليالي العشر كلها
(8/581)
وأخرج
البخاري ومسلم والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه "
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
إذا دخل الشهر أيقظ أهله ورفع مئزره
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله يجتهد في العشر
اجتهادا لا يجتهد في غيره
وأخرج البيهقي عن علي بن أبي طالب قال : أنا والله حرضت عمر على القيام في شهر
رمضان قيل : وكيف ذلك يا أمير المؤمنين ؟ قال : أخبرته أن في السماء السابعة حظيرة
يقال لها حظيرة القدس فيها ملائكة يقال لهم الروح وفي لفظ الروحانيون فإذا كان
ليلة القدر استأذنوا ربهم في النزول إلى الدنيا فيأذن لهم فلا يمرون على مسجد يصلى
فيه ولا يستقبلون أحدا في طريق إلا دعوا له فأصابه منهم بركة
فقال له عمر : يا أبا الحسن فنحرض الناس على الصلاة حتى تصيبهم البركة فأمر الناس
بالقيام
وأخرج البيهقي عن أنس بن مالك قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : " من
صلى المغرب والعشاء في جماعة حتى ينقضي شهر رمضان فقد أصاب من ليلة القدر بحظ
والفر "
وأخرج ابن خزيمة والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
من صلى العشاء الأخيرة في جماعة في رمضان فقد أدرك ليلة القدر "
وأخرج ابن زنجويه عن ابن عمرو قال : من صلى العشاء الأخيرة في جماعة في رمضان أصاب
ليلة القدر
وأخرج مالك وابن أبي شيبة وابن زنجويه والبيهقي عن سعيد بن المسيب قال : من شهد
العشاء ليلة القدر في جماعة فقد أخذ بحظه منها
وأخرج البيهقي عن علي قال : من صلى العشاء كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ فقد
قامه
وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر قال : يومها كليلتها وليلتها كيومها
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن بن الحر قال : بلغني أن العمل في يوم القدر كالعمل في
ليلتها
(8/582)
وأخرج
أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة ومحمد بن نصر والبيهقي عن عائشة قالت :
" قلت يا رسول الله : إن وافقت ليلة القدر فما أقول ؟ قال : قولي اللهم إنك
عفو تحب العفو فاعف عني "
وأخرج ابن أبي شيبة ومحمد بن نصر والبيهقي عن عائشة قالت : لو عرفت أي ليلة القدر
ما سألت الله فيها إلا العافية
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة قالت : لو علمت أي ليلة القدر كان أكثر دعائي فيها
أسأل الله العفو والعافية
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي يحيى بن أبي مرة قال : طفت ليلة السابع والعشرين من
شهر رمضان فرأيت الملائكة تطوف في الهواجر إلى البيت
وأخرج البيهقي من طريق الأوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة قال : ذقت ماء البحر ليلة
سبع وعشرين من شهر رمضان فإذا هو عذب
وأخرج البيهقي عن أيوب بن خالد قال : كنت في البحر فأجنبت ليلة ثلاثا وعشرين من
شهر رمضان فاغتسلت من ماء البحر فوجدته عذبا فراتا
وأخرج بن زنجويه ومحمد بن نصر عن كعب الأحبار قال : نجد هذه الليلة في الكتب حطوطا
تحط الذنوب يريد ليلة القدر
وأخرج البيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إذا كان
ليلة القدر نزل جبريل في كبكبة من الملائكة يصلون على كل عبد قائم أو قاعد يذكر
الله تعالى فإذا كان يوم عيدهم باهى بهم الملائكة فقال : يا ملائكتي ما جزاء أجير
وفى عمله ؟ قالوا : ربنا جزاؤه أن يؤتى أجره
قال : يا ملائكتي عبيدي وإمائي قضوا فريضتي عليهم ثم خرجوا يعجون إلي بالدعاء
وعزتي وجلالي وكرمي وعلوي وارتفاع مكاني لأجيبنهم فيقول : ارجعوا فقد عفرت لكم
وبدلت سيئاتكم حسنات فيرجعون مغفورا لهم "
وأخرج الزجاجي في أماليه عن علي بن أبي طالب قال : إذا أتى أحدكم الحاجة فليبكر في
طلبها يوم الخميس فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " اللهم بارك لأمتي
في بكورها يوم الخميس "
وليقرأ إذا خرج من منزله آخر سورة آل عمران و إنا
(8/583)
أنزلناه
في ليلة القدر وأم الكتاب فإن فيهن قضاء حوائج الدنيا والآخرة
وأخرج أحمد والترمذي ومحمد بن نصر والطبراني عن علي قال : كان رسول الله صلى الله
عليه و سلم يوتر بتسع سور في ثلاث ركعات ألهاكم التكاثر و إنا أنزلناه في ليلة
القدر و إذا زلزلت الأرض في ركعة وفي الثانية والعصر و إذا جاء نصر الله و إنا
أعطيناك الكوثر وفي الثالثة قل يا أيها الكافرون وتبت يدا أبي لهب وقل هو الله أحد
وأخرج محمد بن نصر عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : من قرأ إنا أنزلناه
في ليلة القدر عدلت بربع القرآن ومن قرأ إذا زلزلت عدلت بنصف القرآن وقل يا أيها
الكافرون تعدل ربع القرآن وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن
بسم الله الرحمن الرحيم
(8/584)
98
- سورة البينة
مدنية وآياتها ثمان
الآية 1 - 7 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة لم يكن بالمدينة
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : نزلت سورة لم يكن بمكة
وأخرج أبو نعيم في المعرفة عن إسماعيل بن أبي حكيم المزني أحد بني فضيل : سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن الله ليسمع قراءة لم يكن فيقول :
أبشر عبدي فوعزتي وجلالي لأمكنن لك في الجنة حتى ترضى "
وأخرج أبو موسى المديني في المعرفة عن إسماعيل بن أبي حكيم عن مطر المزني أو
المدني عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن الله ليسمع قراءة لم يكن
الذين كفروا
(8/585)
فيقول
: أبشر عبدي فوعزتي وجلالي لا أنساك على حال من أحوال الدنيا والآخرة ولأمكنن لك
في الجنة حتى ترضى "
وأخرج أحمد وابن قانع في معجم الصحابة والطبراني وابن مردويه عن أبي حبة البدري
قال : لما نزلت لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب إلى آخرها قال جبريل للنبي صلى
الله عليه و سلم : يا رسول الله إن ربك يأمرك أن تقرئها أبيا فقال النبي صلى الله
عليه و سلم لأبي : إن جبريل أمرني أن أقرئك هذه السورة
قال أبي : وقد ذكرت ثم يا رسول الله ؟ قال : نعم فبكى
وأخرج ابن سعد وأحمد والبخاري ومسلم وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم لأبي بن كعب : " إن الله أمرني أن أقرأ عليك لم يكن الذين
كفروا قال : وسماني لك ؟ قال : نعم فبكى وفي لفظ : لما نزلت لم يكن الذين كفروا
دعا أبي بن كعب فقرأها عليه فقال : " أمرت أن أقرأ عليك "
وأخرج أحمد والترمذي والحاكم وصححه عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : " إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن لم يكن الذين كفروا من أهل
الكتاب فقرأ فيها ولو أن ابن آدم سأل واديا من مال فأعطيته لسأل ثانيا ولو سأل
ثانيا فأعطيته لسأل ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب
وإن ذات الدين عند الله الحنيفيه غير المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يفعل
ذلك فلن يكفره
وأخرج أحمد عن أبي بن كعب قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن
الله أمرني أن أقرأ عليك فقرأ علي لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين
منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة وما تفرق
الذين أوتو الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة إن الدين عند الله الحنيفية غير
المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يفعل خيرا فلن يكفره "
قال شعبة : ثم قرأ آيات بعدها ثم قرأ " لو أن لابن آدم واديا من مال لسأل
واديا ثانيا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب " قال : ثم ختم بما بقي من
السورة
وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " يا
أبي إني
(8/586)
أمرت
أن أقرئك سورة فاقرأنيها لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم
البينة رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة أي ذات اليهودية والنصرانية إن
أقوم الدين الحنيفية مسلمة غير مشركة ومن يعمل صالحا فلن يكفره وما اختلف الذين
أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله
وفارقوا الكتاب لما جاءهم أولئك عند الله شر البرية ما كان الناس إلا أمة واحدة ثم
أرسل الله النبيين مبشرين ومنذرين يأمرون الناس يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة
ويعبدون الله وحده وأولئك عند الله هم خير البرية جزاؤهم عند ربهم جنات عدن تجري
من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه
وأخرج أحمد عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى عمر يسأله فجعل عمر ينظر إلى رأسه مرة
وإلى رجليه أخرى هل يرى عليه من البؤس ثم قال له عمر : كم مالك ؟ قال : أربعون من
الإبل
قال ابن عباس : قلت صدق الله ورسوله لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى الثالث
ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب
فقال عمر : ما هذا ؟ فقلت : هكذا اقرأني أبي
قال : فمر بنا إليه فجاء إلى أبي فقال : ما تقول هذا ؟ قال أبي : هكذا اقرأنيها
رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : إذا أثبتها في المصحف ؟ قال : نعم
وأخرج ابن الضريس عن ابن عباس قال : قلت يا أمير المؤمنين : إن أبيا يزعم أنك تركت
من آيات الله آية لم تكتبها
قال : والله لأسألن أبيا فإن أنكر لتكذبن
فلما صلى صلاة الغداة غدا على أبي فأذن له وطرح له وسادة وقال : يزعم هذا أنك تزعم
أني تركت آية من كتاب الله لم أكتبها
فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " لو أن لابن آدم
واديين من مال لابتغى إليهما واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب
الله على من تاب "
فقال عمر : أفأكتبها ؟ قال : لا أنهاك
قال : فكأن أبيا شك أقول من رسول الله صلى الله عليه و سلم أو قرآن منزل
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : لما نزلت لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب لقي
أبي بن كعب رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا أبي إن الله قد أنزل سورة
(8/587)
وأمرني
أن أقرئكها فقال : آلله أمرك ؟ قال : نعم
قال : فافعل
قال : فأقرأها إياه
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة لم
يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين قال : منتهي عما هم فيه حتى
تأتيهم البينة أي هذا القرآن رسول من الله يتلو صحفا مطهرة قال : يذكر القرآن
بأحسن الذكر ويثني عليه بأحسن الثناء وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين
حنفاء والحنيفيه الختام وتحريم الأمهات والبنات والأخوات والعمات والخالات
والمناسك ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة قال : هو الذي بعث الله به
رسوله وشرعه لنفسه ورضيه
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : منفكين قال : برحين
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد منفكين
قال : منتهين لم يكونوا ليؤمنوا حتى تبين لهم الحق
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : حتى تأتيهم البينة قال : محمد وفي قوله :
وذلك دين القيمة قال : القيم
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة في قوله : من بعد ما جاءتهم البينة قال : محمد
وأخرج ابن أبي حاتم عن عقيل قال : قلت للزهري تزعمون أن الصلاة والزكاة ليس من
الإيمان فقرأ وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة
ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة ترى هذا من الإيمان أم لا ؟
وأخرج ابن المنذر عن عطاء بن أبي رباح أنه قيل له : إن قوما قالوا : إن الصلاة
والزكاة ليسا من الدين فقال : أليس يقول الله وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين
له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة فالصلاة والزكاة من
الدين
وأخرج عبد بن حميد عن المغيرة قال : كان أبو واثل إذا سئل عن شيء من
(8/588)
الإيمان
قرأ لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب إلى قوله : وما أمروا إلا ليعبدوا الله
مخلصين له الدين
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : أتعجبون من منزلة الملائكة من الله ؟ والذي
نفسي بيده لمنزلة العبد المؤمن عند الله يوم القيامة أعظم من منزلة ملك واقراؤا إن
شئتم إن الذين آمنوا وعملو الصالحات أولئك هم خير البرية
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : قلت يا رسول الله : من أكرم الخلق على الله ؟
قال : " يا عائشة أما تقرئين إن الذين آمنوا وعملو الصالحات أولئك هم خير
البرية "
وأخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال كنا عند النبي صلى الله عليه و سلم فأقبل
علي فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " والذي نفسي بيده إن هذا وشيعته لهم
الفائزون يوم القيامة ونزلت إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية
" فكان أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم إذا أقبل علي قالوا : جاء خير البرية
وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن أبي سعيد مرفوعا : علي خير البرية
وأخرج ابن عدي عن ابن عباس قال : لما نزلت إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك
هم خير البرية قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لعلي : هو أنت وشيعتك يوم
القيامة راضين مرضيين "
وأخرج ابن مردويه عن علي قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ألم
تسمع قول الله : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية أنت وشيعتك
وموعدي وموعدكم الحوض إذا جئت الأمم للحساب تدعون غرا محجلين "
(8/589)
99
- سورة الزلزلة
مدنية وآياتها ثمان بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 8 اخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة إذا زلزلت بالمدينة
وأخرج ابن مردويه عن قتادة قال : نزلت بالمدينة إذا زلزلت
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان
عن عبد الله بن عمرو قال : " أتى رجل رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال :
اقرئني يا رسول الله قال له : اقرأ ثلاثا من ذوات الراء فقال له الرجل : كبر سني
واشتد قلبي وغلظ لساني
قال : اقرأ ثلاثا من ذوات حم
فقال مثل مقالته الأولى فقال : اقرأ ثلاثا من المسبحات
فقال مثل مقالته ولكن اقرئني يا رسول الله سورة جامعة فأقرأه إذا زلزلت الأرض
زلزالها حتى فرغ منها
قال الرجل : والذين بعثك بالحق لا أزيد عليها ثم أدبر فقال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : أفلح الرويجل أفلح الرويجل "
(8/590)
وأخرج
الترمذي وان مردويه والبيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من قرأ إذا زلزلت عدلت له بنصف القرآن ومن قرأ قل هو الله أحد سورة الإخلاص
عدلت له بثلث القرآن ومن قرأ قل يا أيها الكافرون سورة الكافرون عدلت له بربع
القرآن "
وأخرج الترمذي وابن الضريس ومحمد بن نصر الحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إذا زلزلت تعدل نصف القرآن و قل هو
الله أحد تعدل ثلث القرآن و قل يا أيها الكافرون تعدل ربع القرآن "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "
من قرأ في ليلة إذا زلزلت كان له عدل نصف القرآن "
وأخرج أبو داود والبيهقي في سننه عن رجل من بني جهينة أنه سمع النبي صلى الله عليه
و سلم يقرأ في الصبح إذا زلزلت الأرض في الركعتين كلتيهما فلا أدري أنس أم قرأ ذلك
عمدا
وأخرج سعيد بن منصور عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى
بأصحابه الفجر فقرأ بهم في الركعة الأولى إذا زلزلت الأرض ثم أعادها في الثانية
وأخرج أحمد ومحمد بن نصر والطبراني والبيهقي في سننه عن أبي أمامة أن النبي صلى
الله عليه و سلم كان يصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس يقرأ فيهما إذا زلزلت و قل يا
أيها الكافرون
وأخرج البيهقي عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلي بعد الوتر ركعتين وهو
جالس يقرأ في الركعة الأولى بأم الكتاب وإذا زلزلت وفي الثانية قل يا أيها
الكافرون
وأخرج الخطيب في تاريخه عن الشعبي قال : من قرأ إذا زلزلت فإنها تعدل سدس القرآن
وأخرج ابن الضريس عن عاصم قال : كان يقال : قل هو الله أحد ثلث القرآن وإذا زلزلت
الأرض نصف القرآن و قل يا أيها الكافرون ربع القرآن
(8/591)
أخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس إذا
زلزلت الأرض زلزالها تحركت من أسفلها وأخرجت الأرض أثقالها قال : الموتى وقال
الإنسان مالها قال : يقول الكافر مالها يومئذ تحدث أخبارها قالها ربك قولي فقالت :
بأن ربك أوحى لها قال : أوحى إليها يومئذ يصدر الناس أشتاتا قال : من كل من ههنا
وههنا
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله : وأخرجت الأرض أثقالها قال : من في القبور يومئذ تحدث أخبارها قال : تخبر
الناس بما عملوا عليها بأن ربك أوحى لها قال : أمرها وألقت ما فيها
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية وأخرجت الأرض أثقالها قال : ما فيها من الكنوز والموتى
وأخرج مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " تقيء
الأرض أفلاذ كبدها أمثال الأسطوان من الذهب والفضة فيجيء القاتل فيقول في هذا قتلت
ويجيء القاطع فيقول في هذا قطعت رحمي ويجيء السارق فيقول في هذا قطعت يدي ثم
يدعونه فلا يأخذون منه شيئا "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر والحاكم
وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال : قرأ رسول الله صلى
الله عليه و سلم هذه الآية يومئذ تحدث أخبارها قال : " أتدرون ما أخبارها ؟
قالوا : الله ورسوله أعلم قال : فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل
على ظهرها تقول : عمل كذا وكذا في يوم كذا وكذا فهذه أخبارها "
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : " إن الأرض لتخبر يوم القيامة بكل ما عمل على ظهرها وقرأ
رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذا زلزلت الأرض زلزالها حتى بلغ يومئذ تحدث
أخبارها قال : أتدرون ما أخبارها جاءني جبريل قال : خبرها إذا كان يوم القيامة
أخبرت بكل عمل عمل على ظهرها "
وأخرج الطبراني عن ربيعة الجرشي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال :
(8/592)
تحفظوا
من الأرض فإنها أمكم وإنه ليس من أحد عامل عليها خيرا أو شرا إلا وهي مخرة به
وأخرج عبد بن حميد عن الحكم رضي الله عنه قال : رأيت أبا أمية صلى في المسجد
الحرام المتوبة ثم تقدم فجعل يصلي ههنا وههنا فلما فرغ قلت له : ما هذا الذي رأيتك
تصنع ؟ قال : قرأت هذه الآية إذا زلزلت الأرض زلزالها إلى قوله : يومئذ تحدث
أخبارها فأردت أن تشهد لي يوم القيامة
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري
في المصاحف عن إسماعيل بن عبد الله قال : سمعت سعيد بن جبير يقرأ بقراءة ابن مسعود
هذه الآية : " يومئذ تنبئ أخبارها " وقرأ مرة يومئذ تحدث أخبارها
وأخرج ابن بي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : يومئذ يصدر الناس أشتاتا قال :
فرقا
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه يومئذ يصدر الناس قال : يتصدعون أشتاتا
فلا يجتمعون بعد ذلك آخر ما عليهم وكان يقال إن هذه السورة الفاذة الجامعة
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والحاكم في تاريخه
وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس رضي الله عنه قال : بينما أبو بكر
الصديق رضي الله عنه يأكل مع النبي صلى الله عليه و سلم : إذا نزلت عليه فمن يعمل
مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره فرفع أبو بكر رضي الله عنه يده
وقال : يا رسول الله إني لراء ما عملت من مثقال ذرة من شر فقال : " يا أبا
بكر أرأيت ما ترى في الدنيا مما تكره فبمثاقيل ذر بشر ويدخل لك مثاقيل ذر الخير
حتى توفاه يوم القيامة "
وأخرج إسحق بن راهويه وعبد بن حميد والحاكم وابن مردويه عن أسماء قالت : بينما أبو
بكر رضي الله عنه يتغدى مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا نزلت هذه الآية فمن
يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره فأمسك أبو بكر رضي الله عنه
وقال : يا رسول الله أكل ما عملناه من سوء رأيناه ؟ فقال : " ما ترون مما
تكرهون فذاك مما تجزون به ويدخر الخير لأهله في الآخرة "
(8/593)
وأخرج
ابن أبي الدنيا في كتاب البكاء وابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب
الإيمان عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال : أنزلت إذا زلزلت الأرض
زلزالها وأبو بكر الصديق رضي الله عنه قاعد فبكى فقال له رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " ما يبكيك يا أبا بكر ؟ " قال : تبكيني هذه السورة
فقال : " لولا أنكم تخطئون وتذنبون فيغفر لكم لخلق الله أمة يخطئون ويذنبون
فيغفر لهم "
وأخرج ابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : بينما رسول الله صلى
الله عليه و سلم وأبو بكر الصديق إذ نزلت عليه هذه الآية فمن يعمل مثقال ذرة خيرا
يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره فأمسك رسول الله صلى الله عليه و سلم يده عن
الطعام ثم قال : " من عمل منكم خيرا فجزاؤه في الآخرة ومن عمل منكم شرا يراه
في الدنيا مصيبات وأمراضا ومن يكن فيه مثقال ذرة من خير دخل الجنة "
وأخرج ابن مردويه عن أبي إدريس الخولاني رضي الله عنه قال : كان أبو بكر الصديق
رضي الله عنه يأكل مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ نزلت عليه هذه الآية فمن
يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره فأمسك أبو بكر يده وقال : يا
رسول الله إنا لراؤون ما عملنا من خير أو شرا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " يا أبا بكر أرأيت ما رأيت مما تكره فهو من مثاقيل الشر ويدخر لك
مثاقيل الخير حتى توفاه يوم القيامة وتصديق ذلك في كتاب الله وما أصابكم من مصيبة
فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير سورة الشورى الآية 30 "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري قال : " لما أنزلت هذه الآية فمن يعمل
مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره قلت : يا رسول الله إني لراء عملي
؟ قال : نعم
قلت : تلك الكبار الكبار ؟ قال : نعم
قلت : الصغار الصغار
قال : نعم
قلت : واثكل أمي
قال : أبشر يا أبا سعيد فإن الحسنة بعشر أمثالها يعني إلى سبعمائة ضعف والله يضاعف
لمن يشاء والسيئة بمثلها أو يعفو الله ولن ينجو أحد منك بعمله
قلت : ولا أنت يا نبي الله ؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدني الله منه بالرحمة
"
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : فمن يعمل مثقال ذرة
خيرا يره الآية قال : لما نزلت ويطعمون الطعام على حبه سورة الإنسان الآية 8 كان
(8/594)
المسلمون
يرون أنهم لا يؤجرون على الشيء القليل إذا أعطوه فيجيء السائل إلى أبوابهم
فيستقلون أن يعطوه التمرة والكسرة فيردونه ويقولون : ما هذا بشيء إنهما نؤجر على
ما نعطي ونحن نحبه وكان آخرون يرون أنهم لا يلامون على الذنب اليسير كالكذبة
والنظرة والغيبة وأشباه ذلك ويقولون : إنما وعد الله النار على الكبائر فرغبهم في
الخير القليل أن يعملوه فإنه يوشك أن يكثر وحذرهم اليسير من الشر فإنه يوشك أن يكثر
فمن يعمل مثقال ذرة يعني وزن أصغر النمل خيرا يره يعني في كتابه ويسره ذلك
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله : فمن يعمل
مثقال ذرة الآية قال : ليس من مؤمن ولا كافر عمل خيرا ولا شرا في الدنيا إلا أره
الله إياه فأما لمؤمن فيريه الله حسناته وسيئاته فيغفر له من سيئاته ويثيبه على
حسناته وأما الكافر فيريه حسناته وسيئاته فيرد حسناته ويعذبه بسيئاته
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن محمد بن كعب في الآية قال
: من يعمل مثقال ذرة من خير من كافر يرى ثوابها في الدنيا في نفسه وأهله وماله
وولده حتى يخر من الدنيا وليس عنده خير ومن يعمل مثقال ذرة شرا من مؤمن يرى عقوبته
في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده حتى يخرج من الدنيا وليس عليه شيء
وأخرج ابن المبارك في الزهد وأحمد وعبد بن حميد والنسائي والطبراني وابن مردويه عن
صعصعة بن معاوية عم الفرزدق أنه أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقرأ عليه فمن يعمل
مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره فقال : حسبي لا أبالي أن لا أسمع
من القرآن غيرها
وأخرج سعيد بن منصور عن المطلب بن عبد الله بن حنطب أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قرأ في مجلس ومعهم أعرابي جالس فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعلم مثقال
ذرة شرا يره فقال الأعرابي : يا رسول الله أمثقال ذرة ؟ قال : نعم
فقال الأعرابي : وأسوأتاه
ثم قال وهو يقولها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لقد دخل قلب
الأعرابي الإيمان "
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد عن زيد بن أسلم رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه و سلم قرأ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره الآية فقام رجل
(8/595)
فجعل
يضع يده على رأسه وهو يقول : وأسوأتاه فقال النبي صلى الله عليه و سلم : "
أما الرجل فقد آمن "
وأخرج ابن المبارك عن زيد بن أسلم رضي الله عنه أن رجلا قال : يا رسول الله ليس
أحد يعمل مثقال ذرة خيرا إلا رآه ولم يعمل مثقال ذرة شرا إلا رآه ؟ قال : نعم
فانطلق الرجل وهو يقول : واسوأتاه فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " آمن
الرجل "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه و سلم دفع رجلا إلى رجل يعلمه فعلمه حتى بلغ فمن يعمل مثقال
ذرة خيرا يره فقال الرجل : حسبي فقال الرجل : يا رسول الله أرأيت الرجل الذي
أمرتني أن أعلمه لما بلغ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره فقال حسبي : فقال النبي صلى
الله عليه و سلم : " دعه فقد فقه "
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن رجلا ذهب مرة يستقرئ
فلما سمع هذه الآية فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره إلى آخرها فقال : حسبي حسبي إن
عملت مثقال ذرة من خيرا رأيته وإن عملت مثقال ذرة من شر رأيته
قال : وذكر أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول : " هي الجامعة الفاذة
"
وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق عن الحسن قال : لما نزلت فمن يعمل مثقال ذرة خيرا
يره الآية قال رجل من المسلمين : حسبي حسبي إن عملت مثقال ذرة من خير أو شر رأيته
انتهت الموعظة
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحارث بن سويد أنه قرأ إذا زلزلت حتى بلغ فمن يعمل مثقال
ذرة خيرا يره قال : إن هذا الإحصاء شديد
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال : هو الكافر يعطي كتابه يوم القيامة
فينظر فيه فيرى فيه كل حسنة عملها في الدنيا فترد عليه حسناته وذلك قول الله تعالى
: وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا سورة الفرقان الآية 23 فأبلس
واسود وجهه وأما المؤمن فإنه يعطى كتابه بيمنيه يوم القيامة فيرى فيها كل خطيئة
عملها في دار الدنيا ثم يغفر له ذلك وذلك قول الله : فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات
سورة الفرقان الآية 70 فابيض وجهه واشتد سروره
وأخرج ابن جرير عن سليمان بن عامر رضي الله عنه أنه قال : " يا رسول الله إن
(8/596)
أبي
كان يصل الرحم ويفي بالذمة ويكرم الضيف
قال : مات قبل الإسلام ؟ قال : نعم
قال : لن ينفعه ذلك ولكنها تكون في عقبه فلن تخزوا أبدا ولن تذلوا أبدا ولن
تفتقروا أبدا "
وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : لولا ثلاث
لأحببت أن لا أبقى في الدنيا وضعي وجهي للسجود لخالقي في اختلاف الليل والنهار
أقدمه لحياتي وظمأ الهواجر ومقاعدة أقوام ينتقون الكلام كما تنتقى الفاكهة وتمام
التقوى أن يتقي الله تعالى البعد حتى يتقيه في مثقال ذرة حتى أن يترك بعض ما يرى
أنه حلال خشية أن يكون حراما حتى يكون حاجزا بينه وبين الحرام إن الله قد بين
للناس الذي هو يصيرهم إليه قال : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة
شرا يره فلا تحقرن شيئا من الشر أن تتقيه ولا شيئا من الشر أن تفعله
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " اعملو أن الجنة والنار أقرب إلى أحدكم من شراك نعله من يعمل مثقال
ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم
يقول : " اتقو النار ولو بشق تمرة "
ثم قرأت فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن عائشة رضي الله عنها
جاءها سائل فسأل فأمرت له بتمرة فقال لها قائل : يا أم المؤمنين إنكم لتصدقون
بالتمرة ؟ قالت : نعم والله إن الخلق كثير ولا يشبعه إلا الله أوليس فيها مثاقيل
ذر كثيرة ؟
وأخرج البيهقي في شبع الإيمان عن عائشة أن سائلا جاءها فقالت لجاريتها : أطعميه
فوجدت تمرة فقالت : أعطيه إياها فإن فيها مثاقيل ذر إن تقبلت
وأخرج مالك وابن سعد وعبد بن حميد من طريق عائشة رضي الله عنها أن سائلا أتاها
وعندها سلة من عنب فأخذت حبة من عنب فأعطته فقيل لها في ذلك فقالت : هذه أثقل من
ذر كثير ثم قرأت فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره
وأخرج عبد بن حميد عن جعفر بن برقان قال : بلغنا أن عمر بن الخطاب أتاه مسكين وفي
يده عنقود من عنب فناوله منه حبة وقال : فيه مثاقيل ذر كثيرة
(8/597)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن سائلا سأل عبد الرحمن بن عوف وبين يديه
طبق وعليه فناوله حبة فكأنهم أنكروا ذلك عليه فقال : في هذه مثاقيل ذر كثير
وأخرج سعد عن عطاء بن فروخ أن سعد بن مالك أتاه سائل وبين يديه طبق عليه تمر
فأعطاه تمرة فقبض السائل يده
فقال سعد : ويحك تقبل الله منا مثقا الذرة والخردلة وكم في هذه من مثاقيل الذر ؟
وأخرج ابن سعد عن شداد بن أوس أنه خطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال : يا أيها
الناس ألا إن الدنيا أجل حاضر يأكل منها البار والفاجر ألا وإن الآخرة أجل مستأخر
يقضي فيها ملك قادر ألا وإن الخير بحذافيره في الجنة ألا وإن الشر بحذافيره في
النار ألا واعلموا أنه فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره
وأخرج الزجاجي في أماليه عن أنس بن مالك أن سائلا أتى النبي صلى الله عليه و سلم
فأعطاه تمرة فقال السائل : نبي من أنبياء يتصدق بتمرة
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " أما علمت أن فيها مثاقيل ذر كثير "
وأخرج هناد عن ابن عباس في قوله : مثقال ذرة إنه أدخل يده في التراب ثم رفعها ثم
نفخ فيها وقال : كل من هؤلاء مثقال ذرة
وأخرج الحسين بن سفيان في مسنده وأبو نعيم في الحلية عن شداد بن أوس قال : سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : أيها الناس إن الدنيا عرض حاضر يأكل منه
البر والفاجر وإن الآخرة وعد صادق يحكم فيها ملك قادر يحق فيها الحق ويبطل الباطل
أيها الناس كونوا من أبناء الآخرة ولا تكونوا من أبناء الدنيا فإن كل أم يتبعها
ولدها
اعملوا وأنتم من الله على حذر واعملوا أنكم معرضون على أعمالكم وأنكم ملاقوا الله
لا بد منه فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره
وأخرج مالك والبخاري وأحمد ومسلم والنسائي وابن ماجة عن أبي هريرة أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : " الخيل لثلاثة : لرجل أجر ولرجل ستر وعلى رجل وزر
" الحديث
قال : وسئل عن الحمر فقال : ما نزل علي فيها إلا هذه الآية الجامعة الفاذة فمن
يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره "
(8/598)
بسم
الله الرحمن الرحيم
100
- سورة العاديات
مكية وآياتها إحدى عشرة
مقدمة السورة
الآية 1 - 11 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت والعاديات بمكة
وأخرج أبو عبيد في فضائله عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إذا زلزلت سورة الزلزال تعدل بنصف القرآن والعاديات تعدل بنصف القرآن
"
وأخرج محمد بن نصر من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : إذا زلزلت تعدل نصف القرآن والعاديات تعدل نصف القرآن و قل هو
الله أحد سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن و قل يا أيها الكافرون سورة الكافرون تعدل
ربع القرآن
وأخرج البزار وابن المنذر وابن أبي حاتم والدارقطني في الإفراد وابن مردويه عن ابن
عباس قال : بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم خيلا فاستمرت شهرا لا يأتيه منها
خبر فنزلت
(8/599)
والعاديات
ضبحا ضحت بأرجلها ولفظ ابن مردويه ضبحت بمناخيرها فالموريات قدحا قدحت بحوافرها
الحجارة فأورت نارا فالمغيرات صبحا صبحت القوم بغارة فأثرن به نقعا أثارت بحوافرها
التراب فوسطن به جمعا صبحت القوم جميعا
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن ابن عباس قال : بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم
سرية إلى العدو فأبطأ خبرها فشق ذلك عليه فأخبره الله خبرهم وما كان من أمرهم فقال
: والعاديات ضبحا قال : هي الخيل والضبح : نخير الخيل حتى تنخر فالموريات قدحا قال
: حين تجري الخيل توري نارا أصابت بسنابكها الحجارة فالمغيرات صبحا قال : هي الخيل
أغارت فصبحت العدو فأثرن به نقعا قال : هي الخيل أثرن بحوافرها يقول تعدو الخيل
والنقع الغبار فوسطن به جمعا قال : الجمع العدو
وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح قال : تقاولت أنا وعكرمة في شأن العاديات فقال :
قال ابن عباس هي الخيل في القتال وضبحها حين ترخي مشافرها إذا أعدت فالموريات قدحا
قال : أرت المشركين مكرهم فالمغيرات صبحا قال : إذا صبحت العدو فوسطن به جمعا قال
: إذا توسطت العدو
قال أبو صالح : فقلت : قال علي : هي الإبل في الحج ومولاي كان أعلم من مولاك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف والحاكم وصححه وابن مردويه
عن ابن عباس قال : بينما أنا في الحجر جالس إذا أتاني رجل فسأل عن العاديات ضبحا
فقلت : الخيل حين تغير في سبيل الله ثم تأوي إلى الليل فيصصنعون طعامهم ويورون
نارهم فانفتل عني فذهب عني إلىعلي بن أبي طالب وهو جالس تحت سقاية زمزم فسأله عن
العاديات ضبحا
فقال : سألت عنها أحدا قبل ؟ قال نعم
سألت عنها ابن عباس
فقال : هي الخيل حين تغير في سبيل الله
فقال : اذهب فادعه لي
فلا وقفت على رأسه قال : تفتي الناس بما لا علم لك والله إن أول غزوة في الإسلام
لبدر وما كان معنا إلا فرسان للزبير وفرس للمقداد بن الأسود فكيف يكون العاديات
ضبحا إنما العاديات ضبحا من عرفة إلى المزدلفة فإذا أدوا إلى المزدلفة أوروا إلى
النيران والمغيرات صبحا من المزدلفة
(8/600)
إلى
منى فذلك جمع وأما قوله : فأثرن به نقعا فهو نقع الأرض حين تطؤه بخفافها وحوافرها
قال ابن عباس فنزعت عن قولي ورجعت إلى الذي قال علي
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق الأعمش عن إبراهيم عن عبد الله
والعاديات ضبحا قال : الإبل قال إبراهيم : وقال علي بن أبي طالب : هي الإبل
وقال ابن عباس : هي الخيل فبلغ عليا قول ابن عباس فقال : ما كانت لنا خيل يوم بدر
قال ابن عباس : إنما كان ذلك في سرية بعثت
وأخرج عبد بن حميد عن عامر قال : تمارى علي وابن عباس في العاديات ضبحا فقال ابن
عباس : هي الخيل وقال علي : كذبت يا ابن فلانة والله ما كان معنا يوم بدر فارس إلا
المقداد وكان على فرس أبلق
قال : وكان علي يقول : هي الإبل
فقال ابن عباس : ألا ترى أنها تثير نقعا فما شيء تثيره إلا بحوافرها
وأخرج عبد بن حميد والحاكم وصححه من طريق مجاهد عن ابن عباس والعاديات ضبحا قال :
الخيل فالموريات قدحا قال : الرجل إذا أورى زنده فالمغيرات صبحا قال : الخيل تصبح
العدو فأثرن به نقعا قال : التراب فوسطن به جمعا قال : العدو إن الإنسان لربه
لكنود قال : لكفور
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد والعاديات ضبحا قال : قال ابن عباس في القتال وقال ابن
مسعود : في الحج
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق
عمرو بن دينار عن عطاء عن ابن عباس والعاديات ضبحا قال : ليس بشيء من الدواب يضبح
إلا كلب أو فرس فالموريات قدحا قال : هو مكر الرجل قدح فأورى فالمغيرات صبحا قال :
غارت الخيل صبحا فأثرن به نقعا قال : غبار وقع سنابك الخيل فوسطن به جمعا قال :
جمع العدو
قال عمرو : وكان عبيد بن عمير يقول : هي الإبل
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس والعاديات ضبحا قال : الخيل ضبحها زجرها
ألم تر أن الفرس إذا عدا قال : أح أح فذاك ضبحها
(8/601)
وأخرج
ابن جرير عن علي قال : الضبح من الخيل الحمحمة ومن الإبل النفس
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة والعاديات ضبحا قال : هي الخيل
تعدو حتى تضبح فالموريات قدحا قال : قدحت النار بحوافرها فالمغيرات صبحا غارت حين
أصبحت فأثرن به نقعا قال : غبار فوسطن به جمعا قال : جمع القوم إن الإنسان لربه
لكنود قال : لكفور
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد والعاديات ضبحا قال : الخيل ألم تر إلى
الفرس إذا أجري كيف يضبح وما ضبح بعير قط فالموريات قدحا قال : المكر تقول العرب
إذا أراد الرجل أن يمكر بصاحبه : أما والله لأقدحن لك ثم لأورين فالمغيرات صبحا
قال : الخيل فأثرن به نقعا قال : التراب مع وقع الخيل فوسطن به جمعا قال : جمع
العدو إن الإنسان لربه لكنود قال : لكفور
وأخرج عبد بن حميد عن عطية والعاديات ضبحا قال : الخيل ألم ترها إذا عدت تزحر يقول
تنحر فالموريات قدحا قال : الكر فالمغيرات صبحا قال : الخيل فأثرن به نقعا قال :
الغبار فوسطن به جمعا قال : جمع المشركين إن الإنسان لربه لكنود قال : لكفور
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس فالموريات قدحا قال : كان مكر المشركين إذا مكروا
قدحوا النار حتى يروا أنهم كثير
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله : عز و جل
فأثرن به نقعا قال : النقع ما يسطع من حوافر الخيل
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت حسان بن ثابت وهو يقول : عدمنا خيلنا إن لم تروها تثير النقع موعدها كداء
قال : فأخبرني عن قوله : إن الإنسان لربه لكنود قال : الكنود الكفور للنعمة وهو
الذي يأكل وحده ويمنع رفده ويجيع عبده
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول : شكرت له يوم
العكاظ نواله ولم أك للمعروف ثم كنودا
(8/602)
وأخرج
ابن جرير عن ابن مسعود والعاديات ضبحا قال : هي الإبل في الحج فالموريات قدحا إذا
استفت الحصى بمناسمها تضرب الحصى بعضه بعضا فيخرج منه النار فالمغيرات صبحا حين
يفيضون من جمع فأثرن به نقعا قال : إذا صرن يثرن التراب
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء والعاديات ضبحا قال : الإبل فالموريات قدحا قال : الخيل
فوسطن به جمعا قال : القوم إن الإنسان لربه لكنود قال : لكفور
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن كعب القرظي والعاديات ضبحا قال : الدفعة من عرفة
فالموريات قدحا قال : النيران تجمع فالمغيرات صبحا قال : الدفعة من جمع فأثرن به
نقعا قال : بطن الوادي فوسطن به جمعا قال : جمع منى وأخرج عبد بن حميد وسعيد بن
منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال :
الكنود بلساننا أهل البلد الكفور
وأخرج ابن عساكر عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله : إن الإنسان
لربه لكنود قال : لكفور
وأخرج عبد بن حميد والبخاري في الأدب والحكيم الترمذي وابن مردويه عن أبي أمامة
قال : الكنود الذي يمنع رفده وينزل وحده ويضرب عبده
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي وابن عساكر بسند
ضعيف عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أتدرون ما
الكنود ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم
قال : هو الكفور الذي يضرب عبده ويمنع رفده ويأكل وحده "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن قتادة والحسن في قوله : إن الإنسان لربه لكنود
قال : الكفور للنعمة البخيل بما أعطى والذي يمنع رفده ويجيع عبده ويأكل وحده ولا
يعطي النائبة تكون في قومه ولا يكون كنودا حتى تكون هذه الخصال فيه
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي
في شعب الإيمان عن الحسن إن الإنسان لربه لكنود قال : لكفور يعدد المصيبات وينسى
نعم ربه عز و جل
(8/603)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما وإنه على ذلك لشهيد قال : الإنسان وإنه لحب
الخير قال : المال
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد وإنه على ذلك لشهيد قال : الله عز و جل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وإنه على ذلك لشهيد قال : هذه من مقاديم
الكلام يقول وإن الله على ذلك لشهيد وإن الإنسان لحب الخير لشديد
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة وإنه لحب الخير قال : هو
المال
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب وإنه على ذلك لشهيد قال : الإنسان شاهد على
نفسه أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور قال : حين يبعثون وحصل ما في الصدور قال :
أخرج ما في الصدور
وأخرج ابن عساكر من طريق البختري بن عبيد عن أبيه عن أبي هريرة قال : " قال
رجل يا رسول الله : ما العاديات ضبحا ؟ فأعرض عنه ثم رجع إليه من الغد فقال : ما
الموريات قدحا ؟ فأعرض عنه ثم رجع إليه لثالثة فقال : ما المغيرات صبحا ؟ فرفع
العمامة والقلنسوة عن رأسه بمخصرته فوجده مقرعا رأسه فقال : لو وجدتك حالقا رأسك
لوضعت الذي فيه عيناك ففزع الملأ من قوله فقالوا يا نبي الله ولم ؟ قال : إنه
سيكون أناس من أمتي يضربون القرآن بعضه ببعض ليبطلوه ويتبعون ما تشابه ويزعمون أن
لهم في أمر ربهم سبيلا ولكل دين مجوس وهم مجوس أمتي وكلاب النار " فكأنه يقول
: هم القدرية
قال الذهبي في الميزان : البختري ضعفه أبو حاتم وأعله غيره وقال أبو نعيم : روي عن
أبيه موضوعات
(8/604)
101
- سورة القارعة
مكية وآياتها إحدى عشرة بسم الله الرحن الرحيم
الآية 1 - 11 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة القارعة
بمكة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : القارعة من أسماء يوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله : يوم تكون الناس
كالفراش المبثوث قال : هذا هو الفراش الذي رأيتم يتهافت في النار وفي قوله : وتكون
الجبال كالعهن المنفوش قال : كالصوف وفي قوله : فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة
راضية قال : هي الجنة وأما من خفت موازينه فأمه هاوية قال : هي النار مأواهم وأمهم
ومصيرهم ومولاهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في
قوله : فأمه هاوية قال : مصيره إلى النار وهي الهاوية
(8/605)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن عباس فأمه هاوية كقولك هويت أمه
وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال : هي كلمة عربية إذا وقع رجل في أمر شديد قالوا :
هويت أمه
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي خالد الوالبي فأمه هاوية قال : أم رأسه
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : أم رأسه هاوية في جهنم
وأخرج ابن جرير عن أبي صالح قال : يهوون في النار على رؤوسهم
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : الهاوية النار هي أمه ومأواه التي يرجع إليها
ويأوي إليها
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن الأشعث بن عبد الله الأعمى قال : إذا مات المؤمن
ذهب بروحه إلى روح المؤمنين فتقول : روحوا لأخيكم فإنه كان في غم الدنيا ويسألونه
ما فعل فلان ؟ فيخبرهم فيقول صالح حتى يسألوه ما فعل فلان فيقول : مات أما جاءكم
فيقولون : لا ذهب به إلى أمه الهاوية
وأخرج الحاكم عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إذا مات العبد تلقى روحه أرواح المؤمنين فيقولون له : ما فعل فلان فإذا قال
مات قالوا ذهب به إلى أمه الهاوية فبئست الأم وبئست المربية
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " إذا مات المؤمن تلقته أرواح المؤمنين يسألونه ما فعل فلان ؟ ما
فعلت فلانة ؟ فإن كان مات ولم يأتهم قالوا خولف به إلى أمه الهاوية بئست الأم
وبئست المربية حتى يقولوا : ما فعل فلان
هلت تزوج ؟ ما فعلت فلانة هل تزوجت فيقولون : دعوه فيستريح فقد خرج من كرب الدنيا
"
وأخرج ابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" إن نفس المؤمن إذا قبضت تقلتها أهل الرحمة من عباد الله كما يلقون البشير
من أهل الدنيا فيقولون : انظروا صاحبكم يستريح فإنه كان في كرب شديد ثم يسألونه ما
فعل فلان وفلانة هل تزوجت ؟ فإذا سألوه عن الرجل قد مات قبله فيقول : هيهات قد مات
ذاك قبلي فيقولون : إنا لله وإنه إليه راجعون ذهب به إلى أمه الهاوية فبئست الأم
وبئست المربية "
وأخرج ابن المبارك عن أبي أيوب الأنصاري قال : إذا قبضت نفس العبد
(8/606)
تلقاها
أهل الرحمة من عباد الله كما يلقون البشير في الدنيا فيقبلون عليه ليسألوه فيقول
بعضهم لبعض : انظروا أخاكم حتى يستريح فإنه كان في كرب فيقبلون عليه يسألونه ما
فعل فلان ما فعلت فلانة هل تزوجت ؟ فإذا سألوه عن الرجل مات قبله قال لهم : إنه قد
هلك فيقولون : إنا لله وإنا إليه راجعون ذهب به إلى أمه الهاوية فبئست الأم وبئست
المربية فيعرض عليهم أعمالهم فإذا رأوا حسنا فرحوا واستبشروا وقالوا : هذه نعمتك
على عبدك فأتمها وإن رأو سوءا قالوا : اللهم راجع عبدك
قال ابن المبارك ورواه سلام الطويل عن ثور فرفعه
وأخرج ابن المبارك عن سعيد بن جبير أنه قيل له : هل يأتي الأموات أخبار الأحياء ؟
قال : نعم ما من أحد له حميم إلا يأتيه أخبار أقاربه فإن كان خيرا سر به وفرح به
وإن كان شرا ابتأس لذلك وحزن حتى إنهم ليسألون عن الرجل قد مات فيقال : ألم يأتكم
؟ فيقولون : لقد خولف به إلى أمه الهاوية
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : مر عيسى عليه السلام
بقرية قد مات أهلها إنسا وجنها وهوامها وأنعامها وطيورها فقام ينظر إليها ساعة ثم
أقبل على أصحابه فقال : مات هؤلاء بعذاب الله ولو ماتوا بغير ذلك ماتوا متفرقين ثم
ناداهم : يا أهل القرية
فأجابه مجيب لبيك يا روح الله
قال : ما كان جنايتكم ؟ قالوا عبادة الطاغوت وحب الدنيا
قال : وما كانت عبادتكم الطاغوت ؟ قال : الطاعة لأهل معاصي الله تعالى
قال : فما كان حبكم الدنيا ؟ قالوا : كحب الصبي لأمه
كنا إذا أقبلت فرحنا وإذا أدبرت حزنا مع أمل بعيد وإدبار عن طاعة الله وإقبال في
سخط الله
قال : وكيف كان شأنكم ؟ قالوا : بنا ليلة في عافية وأصبحنا في الهاوية
فقال عيسى : وما الهاوية ؟ قال : سجين
قال : وما سجين ؟ قال : جمرة من نار مثل أطباق الدنيا كلها دفنت أرواحنا فيها
قال : فما بال أصحابك لا يتكلمون ؟ قال : لا يستطيعون أن يتكلموا ملجمون بلجام من
نار
قال : فكيف كلمتني أنت من بينهم ؟ قال : إني كنت فيهم ولم أكن على حالهم فلما جاء
البلاء عمني معهم فأنا معلق بشعرة في الهاوية لا أدري أكردس في النار أم أنجو
فقال عيسى : بحق أقول لكم لأكل خبز الشعير وشرب ماء القراح والنوم على المزابل مع
الكلاب كثير مع عافية الدنيا والآخرة
(8/607)
وأخرج
أبو يعلى قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا فقد الرجل من إخوانه
ثلاثة أيام سأل عنه فإن كان غائبا دعا له وإن كان شاهدا زاره وإن كان مريضا عاده
ففقد رجلا من الأنصار في اليوم الثالث فسأل عنه فقالوا : تركناه مثل الفرخ لا يدخل
في رأسه شيء إلا خرج من دبره
قال : عودوا أخاكم فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم نعوده فلما دخلنا عليه
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : كيفت تجدك ؟ قال : لا يدخل في رأسي شيء ألا
خرج من دبري
قال : ومم ذاك ؟ قال يا رسول الله : مررت بك وأنت تصلي المغرب فصليت معك وانت تقرأ
هذه السورة القارعة ما القارعة إلى آخرها نار حامية فقلت اللهم ما كان من ذنب أنت
معذبي عليه في الآخرة فعجل لي عقوبته في الدنيا فنزل بي ما ترى
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : بئس ما قلت ألا سألت الله أن يؤتيك في الدنيا
حسنة وفي الآخرة حسنة ويقيك عذاب النار فأمره النبي صلى الله عليه و سلم فدعا بذلك
ودعا له النبي صلى الله عليه و سلم فقام كأنهما نشط من عقال "
(8/608)
بسم
الله الرحمن الرحيم
102
- سورة التكاثر
مكية وآياتها ثمان
مقدمة السورة
الآية 1 - 8 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت بمكة سورة
ألهاكم التكاثر
وأخرج الحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " ألا يستطيع أحدكم أن يقرأ ألف آية في كل يوم ؟
قالوا : ومن يستطيع أن يقرأ ألف آية ؟ قال : أما يستطيع أحدكم أن يقرأ ألهاكم
التكاثر ؟ " وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه قال : كان
أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يسمون ألهاكم التكاثر المغيرة
وأخرج الطيالسي وسعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والترمذي والنسائي وابن جرير
وابن المنذر والطبراني والحاكم وابن مردويه عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه
قال : انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يقرأ ألهاكم التكاثر وفي لفظ
وقد أنزلت عليه ألهاكم التكاثر وهو يقول : " يقول ابن آدم : مالي مالي وهل لك
من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأبقيت "
(8/609)
وأخرج
الطبراني عن مطرف عن أبيه قال : لما أنزلت ألهاكم التكاثر قال : رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " يقول ابن آدم مالي مالي وهل لك من مالك إلا ما أكلت
فأفنيت أولبست فأبلست أو تصدقت فأبقيت أو أعطيت فأمضيت "
وأخرج عبد بن حميد ومسلم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " يقول العبد مالي مالي وإنما له من ماله ثلاثة
ما أكل فأفنى أو لبس فأبلى أو تصدق فأبقى
وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس "
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " يقول ابن آدم مالي مالي وماله من ماله إلا ما أكل فأفنى أو لبس فأبلى أو
أعطى فأمضى "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه عن جرير بن
عبد الله رضي الله عنه قال : " قال لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم إني
قارئ عليكم سورة ألهاكم التكاثر فمن بكى فقد دخل الجنة فقرأها فمنا من بكى ومنا من
لم يبك فقال الذين لم يبكوا : قد جهدنا يا رسول الله أن نبكي فلم نقدر عليه
فقال : إني قارئها عليكم الثانية فمن بكى فله الجنة ومن لم يقدر أن يبكي فليتباك
"
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه قال : أتيت رسول الله صلى
الله عليه و سلم وهو يصلي وهو يقرأ ألهاكم التكاثر حتى ختمها
وأخرج البخاري وابن جرير عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : كنا نرى هذا من القرآن
لو أن لابن آدم واديين من مال لتمنى واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب
ثم يتوب الله على من تاب حتى نزلت سورة ألهاكم التكاثر إلى آخرها
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه ألهاكم التكاثر قال : قالوا : نحن أكثر من بني فلان وبنو فلان أكثر من
بني فلان فألهاهم ذلك حتى ماتوا ضلالا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ألهاكم التكاثر قال : نزلت في
اليهود
وأخرج الترمذي وحنيش بن أصرم في الاستقامة وابن جريروابن المنذر وابن مردويه عن
علي بن أبي طالب قال : نزلت ألهاكم التكاثر في عذاب القبر
(8/610)
وأخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عمر بن عبد العزيز أنه قرأ الهاكم التكاثر حتى زرتم
المقابر ثم قال : ما أرى المقابر إلا زيارة وما للزائر بد من أن يرجع إلى منزله
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ألهاكم التكاثر قال : في
الأموال والأولاد
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ما اخشى عليكم الفقر ولكن أخشى عليكم التكاثر وما أخشى عليكم الخطأ ولكن
أخشى عليكم التعمد "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن زيد بن أسلم عن أبيه قال : قرأ رسول الله صلى
الله عليه و سلم ألهاكم التكاثر يعني عن الطاعة حتى زرتم المقابر قال : يقول : حتى
يأتيكم الموت كل سوف تعلمون يعني لو قد دخلتم قبوركم ثم كل سوف تعلمون يقول : لو
قد خرجتم من قبوركم إلى محشركم كلا لو تعلمون علم اليقين قال : لو قد وقفتم على
أعمالكم بين يدي ربكم لترون الجحيم وذلك أن الصراط يوضع وسط جهنم فناج مسلم ومخدوش
مسلم ومكدوش في نار جهنم ثم لتسألن يومئذ عن النعيم يعني شبع البطون وبارد الشراب
وظلال المساكن واعتدال الخلق ولذة النوم "
وأخرج ابن مردويه عن عياض بن غنم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم تلا قوله
: ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر كل سوف تلمون يقول : " لو دخلتم القبور
" ثم كل سوف تعلمون " وقد خرجتم من قبوركم " كلا لو تعلمون علم
اليقين في يوم محشركم إلى ربكم لترون الجحيم أي في الآخرة حق اليقين كرأي العين ثم
لترونها عين اليقين يوم القيامة ثم لتسألن يومئذ عن النعيم بين يدي ربكم عن بارد
الشراب وظلال المساكن وشبع البطون واعتدال الخلق ولذاذة النوم حتى خطبة أحدكم
المرأة مع خطاب سواه فزوجها ومنعها غيره "
وأخرج ابن جرير عن الضحاك كل سوف تعلمون الكفار ثم كل سوف تعلمون المؤمنين
وكذلك كانوا يقرؤونها
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة كلا لو تعلمون
علم اليقين قال : كنا نحدث أن علم اليقين أن يعلم أن الله باعثه بعد الموت
(8/611)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :
لو تعلمون علم اليقين قال : كنا نحدث أنه الموت وفي قوله : ثم لتسألن يومئذ عن
النعيم قال : إن الله سائل كل ذي نعمة فيما أنعم عليه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في
قوله : ثم لتسألن يومئذ عن النعيم قال : صحة الأبدان والأسماع والأبصار يسأل الله
العباد فيم استعملوها وهو أعلم بذلك منهم وهو قوله : إن السمع والبصر والفؤاد كل
أولئك كان عنه مسؤولا سورة الإسراء الآية 36
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : ثم لتسألن
يومئذ عن النعيم قال : كل شيء من لذة الدنيا
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود عن
النبي صلى الله عليه و سلم في قوله : ثم لتسألن يومئذ عن النعيم قال : الأمن
والصحة
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في شعب
الإيمان عن ابن مسعود في الآية قال النعيم : الأمن والصحة
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب ثم لتسألن يومئذ عن النعيم قال :
النعيم العافية
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي بن أبي طالب أنه
سئل عن قوله : ثم لتسألن يومئذ عن النعيم قال : عن أكل خبز البر وشرب ماء الفرات
مبردا وكان له منزل يسكنه فذاك من النعيم الذي يسأل عنه
وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ثم
لتسألن يومئذ عن النعيم قال : ناس من أمتي يعقدون السمن والعسل بالنقى فيأكلونه
"
وأخرج عبد بن حميد عن حمران بن أبان عن رجل من أهل الكتاب قال : ما الله معط عبدا
فوق ثلاث إلا سائله عنهم يوم القيامة : قدر ما يقيم به صلبه من الخبز وما يكنه من
الظل وما يواري به عورته من الناس
(8/612)
وأخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : لما نزلت هذه الآية لتسألن يومئذ عن
النعيم قال الصحابة : وفي أي نعيم نحن يا رسول الله ؟ وإنما نأكل في أنصاف بطوننا
خبز الشعير فأوحى الله إلى نبيه أن قل لهم : أليس تحتذون النعال وتشربون الماء
البارد ؟ فهذا من النعيم
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وأحمد وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن
محمود بن لبيد قال : لما أنزلت ألهاكم التكاثر فقرأ حتى بلغ ثم لتسألن يومئذ عن
النعيم قالوا يا رسول الله : عن أي نعيم نسأل ؟ وإنما هما الأسودان الماء والتمر
وسيوفنا على رقابنا والعدو حاضر فعن أي نعيم نسأل ؟ قال : أما إن ذلك سيكون "
وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن مردويه عن أبي هريرة قال : لما نزلت هذه الآية ثم
لتسألن يومئذ عن النعيم قال الناس : يا رسول الله عن أي النعيم نسأل وإنما هما الأسودان
والعدو حاضر وسيوفنا على عواتقنا ؟ قال : " أما إن ذلك سيكون "
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن المنذر وابن مردويه عن الزبير بن العوام
قال : لما نزلت ثم لتسألن يومئذ عن النعيم قالوا يا رسول الله : وأي نعيم نسأل عنه
وإنما هما الأسودان التمر والماء ؟ قال : " إن ذلك سيكون "
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن الزبير قال : لما نزلت ثم
لتسألن يومئذ عن النعيم قال الزبير بن العوام : يا رسول الله أي نعيم نسأل عنه ؟
وإنما هما الأسودان الماء والتمر
قال : " أما ذلك سيكون "
وأخرج عبد بن حميد عن صفوان بن سليم قال : لما نزلت ألهاكم التكاثر إلى آخرها ثم
لتسألن يومئذ عن النعيم قال أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم : عن أي نعيم نسأل ؟
إنما هما الأسودان الماء والتمر وسيوفنا على عواتقنا
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " إنه سيكون "
وأخرج أبو يعلى عن الحسن قال : : لما نزلت هذه الآية لتسألن يومئذ عن النعيم قالوا
يا رسول الله : أي نعيم نسأل عنه وسيوفنا على عواتقنا ؟ وذكر الحديث
وأخرج أحمد في زوائد الزهد وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن حبان وابن مردويه
والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
(8/613)
"
إن أول ما يسأل العبد عنه يوم القيامة من النعيم أن يقال له : ألم نصح لك جسمك
ونروك من الماء البارد "
وأخرج هناد وعبد بن حميد والبخاري وابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ
"
وأخرج ابن جرير عن ثابت البناني عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " النعيم
المسؤول عنه يوم القيامة كسرة تقوته وماء يرويه وثوب يواريه "
وأخرج أحمد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان
عن جابر بن عبد الله قال : جاءنا رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو بكر وعمر
فأطعمناهم رطبا وسقيناهم ماء فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " هذا
النعيم الذي تسألون عنه "
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه والبهقي عن جابر بن عبد الله قال : كان ليهودي على
أبي تمر فقتل أبي يوم أحد وترك حديقتين وتمر اليهودي يستوعب ما في الحديقتين
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " هل لك أن تأخذ العام بعضه وتؤخر بعضها
إلى قابل " فأبى اليهودي فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " إذا حضر
الجذاذ فآذاني " فآذنته فجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو بكر وعمر
فجعلنا نجذ ويكال له من أسفل النخل ورسول الله صلى الله عليه و سلم يدعو بالبركة
حتى وفيناه جميع حقه من أصغر الحديقتين ثم أتيتهم برطب وماء فأكلوا وشربوا ثم قال
: " هذا من النعيم الذي تسألون عنه "
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن مردويه عن أبي
هريرة قال : خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم فإذا هو بأبي بكر وعمر
فقال : ما أخرجكما من بيوتكما هذه الساعة ؟ قالا : الجوع يا رسول الله
قال : والذي نفسي بيده لأخرجني الذي أخرجكما فقوموا فقاما معه فأتى رجلا من
الأنصار فإذا هو ليس في بيته فلما رأته المرأة قالت : مرحبا وأهلا فقال النبي صلى
الله عليه و سلم : أين فلان ؟ قالت : انطلق يستعذب لنا الماء إذ جاء الأنصاري فنظر
إلى النبي صلى الله عليه و سلم وصاحبيه فقال : الحمد لله ما أحد اليوم أكرم أضيافا
مني فانطلق فجاء بعذق فيه بسر وتمر فقال : كلوا من هذا وأخذ المدية فقال له رسول
الله صلى الله عليه و سلم : إياك والحلوب فذبح لهم فأكلوا من الشاة ومن ذلك العذق
وشربوا
فلما شبعوا ورووا قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأبي بكر وعمر : " والذي
نفسي بيده لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة "
وأخرج البزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن
(8/614)
عباس
أنه سمع عمر بن الخطاب يقول : " إن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج يوما
عند الظهيرة فوجد أبا بكر في المسجد جالسا فقال : ما أخرجك هذه الساعة ؟ قال :
أخرجني الذي أخرجك يا رسول الله
ثم أن عمر جاء فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا ابن الخطاب ما أخرجك هذه
الساعة ؟ قال : أخرجني الذي أخرجكما فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هل بكما
من قوة فتنطلقان إلى هذا النخل فتصيبان من طعام وشراب ؟ فقلنا : نعم يا رسول الله
فانطلقنا حتى أيتنا منزل مالك بن التيهان أبي الهيثم الأنصاري "
وأخرج ابن حبان وابن مردويه عن ابن عباس قال : " خرج أبو بكر في الهاجرة إلى
المسجد فسمع عمر فخرج فقال لأبي بكر : ما أخرجك هذه الساعة ؟ قال : أخرجني ما أجد
في نفسي من حاق الجوع
قال عمر : والذي نفسي بيده ما أخرجني إلى الجوع فبينما هما كذلك إذ خرج رسول الله
صلى الله عليه و سلم فقال : ما أخرجكما هذه الساعة فقالا : والله ما أخرجنا إلا ما
نجد في بطوننا من حاق الجوع فقال النبي صلى الله عليه و سلم : والذي بعثني بالحق
ما أخرجني غيره فقاموا فانطلقوا إلى منزل أبي أيوب الأنصاري فلما انتهوا إلى داره
قالت امرأته : مرحبا بنبي الله وبمن بعه
قال النبي صلى الله عليه و سلم : أين أبو أيوب ؟ فقالت امرأته : يأتيك يا نبي الله
الساعة
فجاء أبو أيوب فقطع عذقا فقال النبي صلى الله عليه و سلم ما أردت أن تقطع لنا هذا
ألا اجتنيت الثمرة ؟ قال : أحببت يا رسول الله أن تأكلوا من بسره وتمره ورطبه
ثم ذبح جديا فشوى نصفه وطبخ نصفه فلما وضع بين يدي النبي صلى الله عليه و سلم أخذ
من الجدي فجعله في رغيف وقال : يا أبا أيوب أبلغ بهذا فاطمة فإنها لم تصب مثل هذا
منذ أيام فذهب به أبو أيوب إلى فاطمة
فلما أكلوا وشبعوا قال النبي صلى الله عليه و سلم : خبز ولحم وتمر وبسر ورطب ودمعت
عيناه والذي نفسي بيده إن هذا لهو النعيم الذي تسألون عنه
قال الله : ثم لتسألون يومئذ عن النعيم فهذا النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة
فكبر ذلك على أصحابه
فقال : بلى إذا أصبتم هذا فضربتم بأيديكم فقولوا : بسم الله فإذا شيعتم فقولوا :
الحمد لله الذي هو أشبعنا وأنعم علينا وأفضل فإن هذا كفاف لها "
وأخرج أحمد وابن جرير وابن عدي والبغوي في معجمه وابن منده في المعرفة وابن عساكر
وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي عسيب مولى النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " خرج النبي صلى الله عليه و سلم ليلا فمر بي فدعاني فخرجت إليه ثم مر
بأبي بكر
(8/615)
فدعاه
فخرج إليه ثم مر بعمر فدعاه فخرج إليه فانطلق حتى دخل حائطا لبعض الأنصار فقال
لصاحب الحائط : أطعمنا فجاء بعذق فوضعه فأكل النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه ثم
دعا بماء بارد فشرب وقال : لتسألن عن هذا النعيم يوم القيامة فأخذ عمر العذق فضرب
به الأرض حتى تناثر البسر ثم قال يا رسول الله : إنا لمسؤولون عن هذا يوم القيامة
؟ قال : نعم إلا من ثلاث كسرة يسد بها الرجل جوعته أو ثوب يستر به عورته أو حجر
يدخل فيه من الحر والبرد "
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال : " كان النبي صلى الله عليه و سلم على
جدول فأتي برطب وماء بارد فأكل من الرطب وشرب من الماء ثم قال : هذا من النعيم
الذي تسألون عنه "
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه عن أبي بكر الصديق قال : " انطلقت مع النبي صلى
الله عليه و سلم ومعنا عمر إلى رجل يقال له الواقفي فذبح لنا شاة فقال النبي صلى
الله عليه و سلم : إياك وذات الدر فأكلنا ثريدا ولحما وشربنا ماء فقال النبي صلى
الله عليه و سلم : هذا من النعيم الذي تسألون عنه "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج في ساعة لم يكن
يخرج فيها ثم خرج أبو بكر فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما أخرجك يا
أبا بكر ؟ قال : أخرجني من الجوع
قال : وأخرجني الذي أخرجك
ثم خرج عمر فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما أخرجك يا عمر ؟ قال :
أخرجني والذي بعثك بالحق الجوع
ثم جاء أناس من أصحابه فقال : انطلقوا بنا إلى منزل أبي الهيثم فقالت لهم امرأته :
إنه ذهب يستعذب لنا فدوروا إلى الحائط ففتحت لهم باب البستان فدخلوا فجلسوا فجاء
أبو الهيثم فقالت له امرأته : أتدري من عندك ؟ قال : لا قالت له : عندك رسول الله
صلى الله عليه و سلم وأصحابه فدخل عليهم فعلق قربته على نخلة ثم أخذ مخرفان فأتى
عذقا له فاخترف لهم رطبا فأتاهم به فصبه بين أيديهم فأكلوا منه وبرد لهم ذلك الماء
فشربوا منه فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : هذا من النعيم الذي تسألون
عنه "
وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي الهيثم بن التيهان أن أبا بكر الصديق خرج فإذا هو
بعمر جالسا في المسجد فعمد نحوه فوقف فسلم فرد عمر فقال له أبو بكر : ما أخرجك هذه
الساعة ؟ فقال له عمر : بل أنت ما أخرجك هذه الساعة ؟ قال
(8/616)
أبو
بكر : إني سألتك قبل أن تسألني
فقال عمر : أخرجني الجوع
فقال أبو بكر : وأنا أخرجني الذي أخرجك
فلبثا يتحدثان وطلع النبي صلى الله عليه و سلم فعمد نحوهما حتى وقف عليهما فسلم
فردا السلام فقال : ما أخرجكما هذه الساعة ؟ فنظر كل واحد منهما إلى صاحبه ليس
منهما واحد إلا وهو يريد أن يخبره صاحبه فقال أبو بكر : يا رسول الله خرج قبلي
وخرجت بعده فسألته ما أخرجك هذه الساعة فقال : بل أنت ما أخرجك هذه الساعة ؟ فقلت
: إني
سألتك قبل أن تسألني فقال : بل أخرجني الجوع
فقلت له : أخرجني الذي أخرجك
فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : وأنا فأخرجني الذي أخرجكما
فقال لهما النبي صلى الله عليه و سلم : تعلمان من أحد نضيفه ؟ قالا : نعم أبو
الهيثم بن التيهان له أعذق وجدي إن جئناه نجد عنده فضل تمر
فخرج النبي صلى الله عليه و سلم وصاحباه حتى دخلوا الحائط فسلم النبي صلى الله
عليه و سلم فسمعت أم الهيثم تسليمه ففدت بالأب والأم وأخرجت حلسا لها من شعر
فجلسوا عليه فقال النبي صلى الله عليه و سلم : فأين أبو الهيثم فقالت : ذاك ذهب
ليستعذب لنا من الماء
وطلع أبو الهيثم بالقربة على رقبته فلما أن رأى وضح النبي صلى الله عليه و سلم بين
ظهراني النخل أسندها إلى جذع وأقبل يفدي بالأب والأم فلما رآهم عرف الذي بهم فقال
لأم الهيثم : هل أطعمت رسول الله صلى الله عليه و سلم وصاحبيه شيئا ؟ فقالت : إنما
جلس النبي صلى الله عليه و سلم الساعة
قال : فما عندك ؟ قالت : عندي حبات من شعير
قال : كركريها وأعجني واخبزي إذ لم يكونوا يعرفون الخمير
قال : وأخذ الشفرة فرآه النبي صلى الله عليه و سلم موليا فقال : إياك وذات الدر
فقال : يا رسول الله إنما أريد عنيقا في الغنم فذبح ونصب فلم يلبث إذا جاء بذلك
إلى النبي صلى الله عليه و سلم فأكل النبي صلى الله عليه و سلم وصاحباه فشبعوا لا
عهد لهم بمثلها
فما مكث النبي صلى الله عليه و سلم إلا يسيرا حتى أتي بأسير من اليمن فجاءته فاطمة
ابنة النبي صلى الله عليه و سلم تشكو إليه العمل وتريه يديها وتسأله إياه
قال : لا ولكن أعطيه أبا الهيثم فقد رأيته وما لقي هو وامرأته يوم ضفناهم فأرسل
إليه وأعطاه إيها فقال : خذ هذا الغلام يعينك على حائطك واستوص به خيرا : فمكث عند
أبي الهيثم ما شاء الله أن يمكث فقال : لقد كنت مستقلا أنا وصاحبتي بحائطنا اذهب
فلا رب لك إلا الله فخرج ذلك الغلام إلى الشام ورزق فيها "
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود أن أبا بكر خرج لم يخرجه إلا الجوع وخرج عمر لم يخرجه
إلا الجوع وأن النبي صلى الله عليه و سلم خرج عليهما وأنهما أخبراه أنه
(8/617)
لم
يخرجهما إلى الجوع فقال : انطلقوا بنا إلى منزل رجل من الأنصار يقال له أبو الهيثم
بن التيهان فإذا هو ليس في المنزل ذهب يستقي فرحبت المرأة برسول الله صلى الله
عليه و سلم وبصاحبيه وبسطت لهم شيئا فجلسو عليه فسألها النبي صلى الله عليه و سلم
أين انطلق أبو الهيثم ؟ قالت : ذهب يستعذب لنا فلم يلبث أن جاء بقربة فيها ماء
فعلقها وأراد أن يذبح لهم شاة فكان النبي صلى الله عليه و سلم كره ذلك فذبح لهم
عناقا ثم انطلق فجاء بكبائس من النخل فأكلوا من ذلك اللحم والبسر والرطب أو شربوا
من الماء فقال أحدهما : أما أبو بكر وإما عمر : هذا من النعيم الذي نسأل عنه يوم
القيامة ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " المؤمن لا يثرب عليه شيء أصابه
في الدنيا إنما يثرب على الكافر "
وأخرج ابن مردويه عن الكلبي أنه سئل عن تفسير هذه الآية ثم لتسألن يومئذ عن النعيم
قال : إنما هي للكفار وأذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا سورة الأحقاف الآية 20
إنما هي للكفار قال : وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو بكر وعمر كلهم
يقولون أخرجني الجوع فنطلق بهما النبي صلى الله عليه و سلم إلى رجل من الأنصار
يقال له أبو الهيثم فلم يره في منزله ورحبت المرأة برسول الله صلى الله عليه و سلم
وبصاحبيه وأخرجت بساطا فجلسوا عليه فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أين أنطلق
أبو الهيثم ؟ فقالت : انطلق يستعذب لنا فلم يلبثوا أن جاء بقربة ماء فعلقها وكأنه
أراد أن يذبح لهم شاة فكره النبي صلى الله عليه و سلم ذلك فذبح عناقا ثم انطلق
فجاء بكبائس من نخل فأكلوا من اللحم ومن البسر والرطب وشربوا من الماء فقال أحدهما
: إما أبو بكر وإما عمر : هذا من النعيم الذي نسأل عنه ؟ فقال النبي صلى الله عليه
و سلم : " إنما يسأل الكفار وإن المؤمن لا يثرب عليه شيء أصابه في الدنيا
وإنما يثرب على الكافر " قيل له من حدثك ؟ قال : الشعبي عن الحارث عن ابن
مسعود
وأخرج أحمد في الزهد عن عامر قال : أكل النبي صلى الله عليه و سلم وأبو بكر وعمر
لحما وخبزا وشعيرا ورطبا وماء باردا فقال : " هذا وربكما من النعيم "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : لما نزلت هذه الآية ثم لتسألن يومئذ عن
النعيم قالوا يارسول الله : أي نعيم نسأل عنه سيوفنا علىعواتقنا والأرض كلها لنا
حرب يصبح أحدنا بغير غداء ويمسي عشاء ؟ قال : عني بذلك قوم يكونون
(8/618)
من
بعدكم أنتم خير منهم يغذي عليهم بجفنة ويراح عليهم بجفنة ويغدو في حلة ويروح في
حلة ويسترون بيوتهم كما تستر الكعبة ويفشى فيهم السمن "
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك قال : لما نزلت ثم لتسألن يومئذ عن النعيم قام
رجل محتاج فقال يا رسول الله : هل علي من النعمة شيء ؟ قال : " نعم الظل
والنعلان والماء البارد "
وأخرج الخطيب وابن عساكر عن ابن عباس في قوله : لتسألن يومئذ عن النعيم قال : سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " الخصاف والماء والبارد وفلق الكسر
" قال العباس : الخصاف خصف النعلين
وأخرج البزار عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما
فوق الإزار وظل الحائط وخبز يحاسب به العبد يوم القيامة ويسأل عنه "
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " ثلاث لا يحاسب بهن العبد : ظل خص يستظل به وكسرة يشد بها صلبه
وثوب يواري به عورته "
وأخرج أيضا عن سلمان قال : يلغني أن في التوراة مكتوب : ابن آدم كسيرة تكفيك وخرقة
تواريك وحجر يؤيك
وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الله بن عمرو أن رجلا سأله إنسان من فقراء المهاجرين
فقال : ألك امرأة تأوي إليك وتأوي إليها قال : نعم
قال : ألك مسكن تسكنه ؟ قال : نعم
قال : فلست من فقراء المهاجرين
وأخرج أحمد في الزهد عن عثمان بن عفان أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" كل شيء سوى ظل بيت وجلف الخبز وثوب يواري عورته والماء فما فضل عن هذا لابن
آدم فيهن حق "
وأخرج أحمد وابن ماجة والحكيم والترمذي في نوادر الأصول وابن مردويه عن معاذ بن
عبد الله الجهني عن أبيه عن عمه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم
وعليه أثر غسل وهو طيب النفس فظننا أنه ألم بأهله فقلنا يا رسول الله : نراك طيب
النفس فقال : أجل والحمد لله ثم ذكر الغنى فقال : " لا بأس بالغنى لمن اتقى
الله والصحة لمن اتقى خير من الغنى وطيب النفس من النعيم "
(8/619)
وأخرج
عبد بن حميد عن عكرمة قال : مر عمر بن الخطاب برجل مبتلي أجذم أعمى أصم أبكم فقال
لمن معه : هل ترون في هذا من نعم الله شيئا ؟ قالوا : لا قال : بلى ألا ترونه يبول
فلا يعتصر ولا يلتوي يخرج بوله سهلا فهذه نعمة من الله "
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : يا لها من نعمة تأكل لذة وتخرج سرحا لقد كان ملك
من ملوك هذه القرية يرى الغلام من غلمانه يأتي الحش فيكتان ثم يجرجر قائما فيقول :
يا ليتني مثلك ما يشرب حتى يقطع عنقه العطش فإذا شرب كان له في تلك الشربة موتات
يا لها من نعمة تأكل لذة وتخرج سرحا
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : يعرض الناس يوم القيامة على ثلاثة دواوين :
ديوان فيه الحسنات وديوان فيه النعيم وديوان فيه السيئات فيقابل بديوان الحسنات
ديوان النعيم فيستفرغ النعيم الحسنات وتبقى السيئات مشيئتها إلى الله عز و جل إن
شاء عذب وإن شاء غفر
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد عن بكير بن عتيق قال : سقيت سعيد بن جبير شربة من عسل في
قدح فشربها ثم قال : والله لأسألن عن هذا : فقلت لمه ؟ قال : شربته وأنا أستلذه
(8/620)
بسم
الله الرحمن الرحيم
103
- سورة العصر
مكية وآياتها ثلاث
مقدمة السورة
الآية 1 - 3 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة والعصر بمكة
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي مليكة الدارمي وكانت له
صحبة قال : كان الرجلان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا التقيا لم
يتفرقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر سورة والعصر إن الإنسان لفي خسر إلى آخرها ثم
يسلم أحدهما على الآخر
وأخرج ابن سعد عن ميمون قال : شهدت عمر حين طعن فأمنا عبد الرحمن بن عوف فقرأ
بأقصر سورتين في القرآن بالعصر و إذا جاء نصر الله سورة النصر في الفجر
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف
والحاكم عن علي بن أبي طالب أنه كان يقرأ " والعصر ونوائب الدهر إن الإنسان
لفي خسر وإنه لفيه إلى آخر الدهر "
(8/621)
وأخرج
عبد بن حميد عن إسماعيل بن عبد الملك قال : سمعت سعيد بن جبير يقرأ قراءة ابن
مسعود : " والعصر إن الإنسان لفي خسر وإنه لفيه إلى آخر الدهر إلا الذين
آمنوا وعملوا الصالحات "
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم قال : قرأنا : " والعصر إن الإنسان لفي خسر
وإنه لفيه إلى آخر الدهر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا
بالصبر "
ذكر أنها في قراءة عبد الله بن مسعود
وأخرج عبد بن حميد عن حوشب قال : أرسل بشر بن مروان إلى عبد الله بن عتبة بن مسعود
فقال : كيف كان ابن مسعود يقرأ والعصر فقال : " والعصر إن الإنسان لفي خسر
وهو فيه إلى آخر الدهر " فقال له بشر : هو يكفر به
فقال عبد الله لكني أومن به
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس والعصر قال : ساعة من ساعات النهار
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس والعصر قال : هو ما قبل مغيب الشمس من العشي
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : والعصر
قال : ساعة من ساعات النهار وفي قوله : وتواصوا بالحق قال : كتاب الله وتواصوا
بالصبر قال : طاعة الله
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب
القرظي والعصر قال : قسم أقسم به ربنا وتبارك وتعالى إن الإنسان لفي خسر قال :
الناس كلهم ثم استثنى فقال : إلا الذين آمنوا ثم لم يدعهم وذاك حتى قال : وعملوا
الصالحات ثم لم يدعهم وذاك حتى قال : وتواصوا بالحق ثم لم يدعهم وذاك حتى قال :
وتواصوا بالصبر يشترط عليهم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : والعصر إن الإنسان لفي خسر يعني أبا جهل
بن هشام إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات ذكر عليا وسلمان
(8/622)
104
- سورة الهمزة
مكية وآياتها تسع بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 9 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : أنزلت ويل لكل همزة بمكة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه قيل له : نزلت هذه الآية في أصحاب محمد ويل لكل
همزة لمزة قال : ابن عمر : ما عنينا بها ولا عنينا بعشر القرآن
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن إسحاق عن عثمان بن عمر قال : ما زلنا نسمع أن ويل
لكل همزة قال : ليست بحاجبة لأحد نزلت في جميل بن عامر زعم الرقاشي
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي ويل لكل همزة في الأخنس بن شريق
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن راشد بن سعد المقدامي عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لماعرج بي مررت برجال تقطع جلودهم
بمقاريض من نار فقلت : من هؤلاء ؟ قال : الذين يتزينون
قال : ثم مررت بجب
(8/623)
منتن
الريح فسمعت فيه أصواتا شديدة فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟ قال : نساء كن يتزين
بزينة ويعطين ما لا يحل لهن ثم مررت على نساء ورجال معلقين بثديهن فقلت : من هؤلاء
يا جبريل ؟ قال : هؤلاء الهمازون والهمازات ذلك بأن الله قال : ويل لكل همزة لمزة
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم وابن مردويه من طرق عن ابن عباس أنه سئل عن قوله : ويل لكل همزة لمزة قال :
هو المشاء بالنميمة المفرق بين الجمع المغري بين الأخوان
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قي قوله : ويل لكل همزة قال : طعان لمزة قال : مغتاب
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد في الآية قال : الهمزة الطعان في
الناس واللمزة الذي يأكل لحوم الناس
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة ويل لكل همزة لمزة قال : يأكل لحوم الناس
ويطعن عليهم
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية ويل لكل همزة لمزة قال : تهمزه في وجهه وتلمزه
من خلفه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة ويل لكل همزة قال : يهمزه ويلمزه بلسانه
وعينيه ويأكل لحوم الناس ويطعن عليهم
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن جريج قال : الهمز بالعينين والشدق واليد
واللمز باللسان
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : جمع مالا وعدده قال : أحصاه
وأخرج ابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والخطيب في تاريخه عن جابر ابن عبد الله
أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ يحسب أن ماله أخلده بكسر السين
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة يحسب أن ماله أخلده قال : يزيد في عمره
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي كلا لينبذن قال : ليلقين
(8/624)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الحسني بن واقد قال : الحطمة باب من أبواب جهنم
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله : التي تطلع على الأفئدة
قال : تأكل كل شيء منه حتى تنتهي إلى فؤاده فإذا بلغت فؤاده ابتدئ خلقه
وأخرج ابن عساكر عن محمد بن المنكدر في قوله : التي تطلع على الأفئدة قال : تأكله
النار حتى تبلغ فؤاده وهو حي
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : إنها عليهم مؤصدة
قال : مطبقة في عمد ممددة قال : عمد من نار
وأخرج عبد بن حميد عن علي بن أبي طالب أنه قرأ في عمد
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود أنه قرأ : " بعمد ممددة " قال : وهي
الأدهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في عمد قال : الأبواب
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في عمد ممددة قال : أدخلهم في عمد فمدت عليهم في
أعناقهم السلاسل فسدت بها الأبواب
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية في عمد قال : عمد من حديد في النار
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في عمد قال : كنا
نحدث أنها عمد يعذبون بها في النار
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في عمد ممددة قال : القيود الطوال
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : من قرأها في عمد فهو عمد من نار ومن قرأها في عمد
فهو حبل ممدود
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : في النار رجل في شعب من شعابها
ينادي مقدار ألف عام يا حنان يا منان فيقول رب العزة لجبريل : أخرج عبدي من النار
فيأتيها فيجدها مطبقة فيرجع فيقول يا رب إنها عليهم مؤصدة فيقول يا جبريل : فكها وأخرج
عبدي من النار فيفكها ويخرج مثل الفحم فيطرحه على ساحل الجنة حتى ينبت الله له
شعرا ولحما ودما
(8/625)
وأخرج
الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إنما الشفاعة يوم القيامة لمن عمل الكبائر من أمتي ثم ماتوا عليها
فهم في الباب الأول من جهنم لا تسود وجوههم ولا تزرق أعينهم ولا يغلون بالأغلال
ولا يقرنون مع الشياطين ولا يضربون بالمقامع ولا يطرحون في الأدراك
منهم من يمكث فيها ساعة ومنهم من يمكث يوما ثم يخرج ومنهم من يمكث شهرا ثم يخرج
ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج وأطولهم مكثا فيها مثل الدنيا منذ يوم خلقت إلى
يوم أفنيت وذلك سبعة آلاف سنة ثم إن الله عز و جل إذا أراد أن يخرج الموحدين منها
قذف في قلوب أهل الأديان فقالوا لهم كنا نحن وأنتم جميعا في الدنيا فآمنتم وكفرنا
وصدقتم وكذبنا وأقربتم وجحدنا فما أغنى ذلك عنكم نحن وأنتم فيها جميعا سواء تعذبون
وتخلدون كما نخلد فيغضب الله عند ذلك غضبا لم يغضبه من شيء فيما مضى ولا يغضب من
شيء فيما بقي فيخرج أهل التوحيد منها إلى عين بين الجنة والصراط يقال لها نهر
الحياة فيرش عليهم من الماء فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل ما يلي الظل
منها أخضر وما يلي الشمس منها أصفر ثم يدخلون الجنة فيكتب في جباههم عتقاء الله من
النار إلا رجلا واحدا فإنه يمكث فيها بعدهم ألف سنة ثم ينادي يا حنان يا منان
فيبعث الله إليه ملكا ليخرجه فيخوض في النار في طلبه سبعين عاما لا يقدر عليه ثم
يرجع فيقول : يا رب إنك أمرتني أن أخرج عبدك فلانا من النار وإني طلبته في النار
منذ سبعين سنة فلم أقدر عليه فيقول الله عز و جل : انطلق فهو في وادي كذا وكذا تحت
صخرة فأخرجه
فيذهب فيخرجه منها فيدخله الجنة ثم إن الجهنميين يطلبون إلى الله أن يمحى ذلك
الإسم عنهم فيبعث الله إليهم ملكا فيمحو عن جباههم ثم إنه يقال لأهل الجنة ومن
دخلها من الجهنميين اطلعوا إلى أهل النار فيطلعون إليهم فيرى الرجل أباه ويرى أخاه
ويرى جاره ويرى صديقه ويرى العبد مولاه ثم إن الله عز و جل يبعث إليهم ملائكة
بأطباق من نار ومسامير من نار وعمد من نار فيطبق عليهم بتلك الأطباق وتسمر بتلك
المسامير وتمد بتلك العمد ولا يبقى فيها خلل يدخل فيه روح ولا يخرج منه غم وينساهم
الجبار على عرشه ويتشاغل أهل الجنة بنعيمهم ولا يستغيثون بعدها أبدا وينقطع الكلام
فيكون كلامهم زفيرا وشهيقا فذلك قوله : إنها عليهم مؤصدة في عمد ممددة يقول :
مطبقة والله أعلم
(8/626)
105
- سورة الفيل
مكية وآياتها خمس بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 5 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : أنزل ألم تر كيف فعل ربك بمكة
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل عن عثمان بن المغيرة بن الأخنس قال : كان
من حديث أصحاب الفيل أن أبرهة الأشرم الحبشي كان ملك اليمن وأن ابنته أكسوم بن
الصباح الحميري خرج حاجا فلما انصرف من مكة نزل في كنيسة بنجران فغدا عليها ناس من
أهل مكة فأخذوا ما فيها من الحلي وأخذوا متاع أكسوم فانصرف إلى جده مغضبا فبعث
رجلا من أصحابه يقال له شهر بن معقود على عشرين ألفا من خولان والأشعريين فساروا
حتى نزلوا بأرض خثعم فتنحت خثعم عن طريقهم فلما دنا من الطائف خرج إليه ناس من بني
خثعم ونصر وثقيف فقالوا : ما حاجت إلى طائفنا وإنما هي قرية صغيرة ولكنا ندلك على
بيت بمكة يعبد وحرز من لجأ إليه من ملكه تم له ملك العرب فعليك به ودعنا منك فأتاه
حتى إذا بلغ المغمس وجد إبلا لعبد المطلب مائة ناقة مقلدة فأتهبها بين أصحابه فلما
بلغ
(8/627)
ذلك
عبد المطلب جاءه وكان جميلا وكان له صديق من أهل اليمن يقال له ذو عمرو فسأله أن
يرد عليه إبله فقال : إني لا أطيق ذلك ولكن إن شئت أدخلتك على الملك فقال عبد
المطلب افعل
فأدخله عليه فقال له : إن لي إليك حاجة
قال : قضيت كل حاجة تطلبها
قال : أنا في بلد حرام وفي سبيل بين أرض العرب وأرض العجم وكانت مائة ناقة لي
مقلدة ترعى بهذا الوادي بين مكة وتهامة عليها عير أهلها وتخرج إلى تجارتنا وتتحمل
من عدونا عدا عليها جيشك فأخذوها وليس مثلك يظلم من جاوره
فالتفت إلى ذي عمرو ثم ضرب بإحدى يديه على الأخرى عجبا فقال : لو سألني كل شيء
أحوزه أعطيته إياه أما إبلك فقد رددنا إليك ومثلها معها فما يمنعك أن تكلمني في
بنيتكم هذه وبلدكم هذه فقال له عبد المطلب : أما بنيتنا هذه وبلدنا هذه فإن لهما
ربا إن شاء أن يمنعها منعهما ولكني إنما أكلمك في مالي فأمر عند ذلك بالرحيل وقال
: لتهد من الكعبة ولتنهبن مكة فانصرف عبد المطلب وهو يقول : لا هم إن المرء يمنع
رحله فامنع حلالك لا يغلبن صليبهم ومحالهم عدوا محالك فإذا فعلت فربما تحمى فأمر
ما بدالك فإذا فعلت فإنه أمر تتم به فعالك وغدوا غدا بجموعهم والفيل كي يسبوا
عيالك فإذا تركتهم وكعبتا فوا حربا هنالك فلما توجه شهر وأصحاب الفيل وقد أجمعوا
ما أجمعوا طفق كلما وجهوه أناخ وبرك فإذا صرفوه عنها من حيث أتى أسرع السير فلم
يزل كذلك حتى غشيهم الليل وخرجت عليهم طير من البحر لها خراطيم كأنها البلس شبيهة
بالوطواط حمر وسود فلما رأوها أشفقوا منها وسقط في أيديهم فرمتهم بحجارة مدحرجة
كالبنادق تقع على رأس الرجل فتخرج من جوفه فلما أصبحوا من الغد أصبح عبد المطلب
ومن معه على جبالهم فلم يروا أحدا غشيهم فبعث ابنه على فرس له سريع ينظر ما لقوا
فإذا هم مشدخين جميعا فرجع يرفع رأسه كاشفا عن فخذه فلما رأى ذلك أبوه قال : إن
ابن أفرس العرب وما كشف عن فخذه إلا بشيرا أو نذيرا فلما دنا من ناديهم قالوا ؟ ما
وراءك ؟ قال : هلكوا جميعا
فخرج عبد المطلب وأصحابه فأخذوا أموالهم
(8/628)
وقال
عبد المطلب شعرا في المعنى : أنت منعت الجيش والأفيالا وقد رعو بمكة الأفيالا وقد
خشينا منهم القتالا وكل أمر منهم معضالا شكرا وحمدا لك ذا الجلالا فانصرف شهر
هاربا وحده فأول منزل نزله سقطت يده اليمنى ثم نزل منزلا آخر فسقطت رجله اليمنى
فأتى منزله وقومه وهو جسد لا أعضاء له فأخبرهم الخبر ثم فاضت نفسه وهم ينظرون
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن
ابن عباس قال : جاء أصحاب الفيل حتى نزلوا الصفاح فأتاهم عبد المطلب فقال : إن هذا
بيت الله لم يسلط عليه أحد
قالوا : لا نرجع حتى نهدمه وكانوا لا يقدمون فيلهم إلا تأخر فدعا الله الطير
الأبابيل فأعطاها حجارة سودا عليهم الطين فلما حاذتهم رمتهم فما بقي منه أحد إلا
أخذته الحكة فكان لا يحك إنسان منهم جلده إلا تساقط لحمه
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه وأبو نعيم والبيهقي عن ابن عباس قال : أقبل أصحاب
الفيل حتى إذا دنوا من مكة استقبلهم عبد المطلب فقال لملكهم : ما جاء بك إلينا ؟
ألا بعثت فنأتيك بكل شيء أردت ؟ فقال : أخبرت بهذا البيت الذي لا يدخله أحد إلا
أمن فجئت أخيف أهله فقال : إنا نأتيك بكل شيء تريد فارجع فأبى أن يرجع إلا أن
يدخله وانطلق يسير نحوه وتخلف عبد المطلب فقام على جبل فقال : لا أشهد مهلك هذا
البيت وأهله
ثم قال : اللهم إن لكل إله حلالا فامنع حلالك لا يغلبن محالهم أبدا محالك اللهم
فإن فعلت فأمر ما بدا لك فأقبلت مثل السحابة من نحو البحر حتى أظلتهم طيرا أبابيل
التي قال الله ترميهم بحجارة من سجيل فجعل الفيل يعج عجا فجعلهم كعصف مأكول
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله : ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل قال : أقبل
أبرهة الأشرم بالحبشة ومن تبعه من غواة أهل اليمن إلى بيت الله ليهدموه من أجل
بيعة لهم أصابها العرب بأرض اليمن فأقبلوا بفيلهم حتى إذا كانوا بالصفاح فكانوا
إذا وجهوه إلى بيت الله ألقى بجرانه إلى الأرض فإذا وجهوه قبل بلادهم انطلق وله
هرولة حتى إذا كانوا ببجلة اليمانية بعث الله عليهم طيرا أبابيل
(8/629)
بيضا
وهي الكبيرة فجعلت ترميهم بها حتى جعلهم الله كعصف مأكول فنجا أبو يكسوم فجعل كلما
نزل أرضا تساقط بعض لحمه حتى إذا أتى قومه فأخبرهم الخبر ثم هلك
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل قال :
أبو يكسوم جبار من الجبابرة جاء بالفيل يسوقه معه الحبش ليهدم - زعم - بيت الله من
أجل بيعة كانت هدمت باليمن فلما دنا الفيل من الحرم ضرب بجرانه فإذا أرادوا به
الرجعة عن الحرم أسرع الهرولة
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : أقبل أبو يسكوم صاحب الحبشة ومعه الفيل
فلما انتهى إلى الحرم برك الفيل فأبى أن يدخل الحرم فإذا وجه راجعا أسرع راجعا
وإذا ارتد على الحرم أبى فأرسل الله عليهم طيرا صغارا بيضا في أفواهها حجارة أمثال
الحمص لا تقع على أحد إلا هلك
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال : جاء أصحاب الفيل حتى نزلوا الصفاح فأتاهم عبد
المطلب فقال : إن هذا بيت لم يسلط عليه أحد
قالوا : لا نرجع حتى نهدمه وكانوا لا يقدمون فيلهم إلا تأخر فدعا الله الطير
الأبابيل فأعطاها حجارة سودا عليها الطين فلما حاذت بهم صفت عليهم ثم رمتهم فما
بقي منهم أحد إلا أصابته الحكة
وكانوا لا يحك إنسان منهم جلده إلا تساقط جلده
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال
: لما أرسل الله الحجارة على أصحاب الفيل جعل لا يقع منها حجر إلا سقط ؟ وذلك ما
كان الجدري ثم أرسل الله سيلا فذهب بهم فألقاهم في البحر
قيل : فما الأبابيل ؟ قال : الفرق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن
ابن مسعود طيرا أبابيل قال : هي الفرق
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن ابن عباس طيرا أبابيل قال : فوجا بعد فوج كانت
تخرج عليهم من البحر
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في
الدلائل عن ابن عباس في قوله : طيرا أبابيل قال : خضر لها خراطيم كخراطيم الإبل
وأنف كأنف الكلاب
(8/630)
وأخرج
عبد بن حميد عن ابن عباس طيرا أبابيل قال : لها أكف كأكف الرجل وأنياب كأنياب
السباع
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم والبيهقي
معا في الدلائل عن عبيد بن عمير الليثي قال : لما أراد الله أن يهلك أصحاب الفيل
بعث الله عليهم طيرا نشأت من البحر كأنها الخطاطيف بكف كل طير منها ثلاثة أحجر
مجزعة في منقاره حجر وحجران في رجليه ثم جاءت حتى صفت على رؤوسهم ثم صاحت وألقت ما
في أرجلها ومناقيرها فما من حجر وقع منها على رجل إلا خرج من الجانب الآخر إن وقع
على رأسه خرج من دبره وإن وقع على شيء من بدنه خرج من الجانب الآخر وبعث الله ريحا
شديدا فضربت أرجلها فزادها شدة فأهلكوا جميعا
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن
عكرمة طيرا أبابيل قال : طير بيض وفي لفظ : خضر جاءت من قبل البحر كأن وجوهها وجوه
السباع لم تر قبل ذلك ولا بعده فأثرت في جلودهم مثل الجدري فإنه أول ما رؤي الجدري
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل لما أقبل أصحاب
الفيل يريدون مكة ورأسهم أبو يكسوم الحبشي حتى أتوا المغمس أتتهم طيرا في منقار كل
طير حجر وفي رجليه حجران فرمتهم بها فذلك قوله : وأرسل عليهم طيرا بابيل يقول :
يتبع بعضها بعضا ترميهم بحجارة من سجيل يقول من طين
قال : وكانت من جزع أظفار مثل بعر الغنم فرمتهم بها فجعلهم كعصف مأكول وهو ورق الزرع
البالي المأكول : يقول : خرقتهم الحجارة كما يتخرق ورق الزرع البالي المأكول
قال : وكان إقبال هؤلاء إلى مكة قبل أو يولد النبي صلى الله عليه و سلم بثلاث
وعشرين سنة
وأخرج ابن المنذر عن أبي الكنود ترميهم بحجارة من سجيل قال : دون الحمصة وفوق
العدسة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عمران طيرا أبابيل قال : طير كثيرة جاءت بحجارة
كثيرة أكبرها مثل الحمصة وأصغرها مثل العدسة
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله : ترميهم
(8/631)
بحجارة
من سجيل قال : بحجارة مثل البندق وبها نضح حمرة مختمة مع كل طائر ثلاثة أحجار
حجران في رجليه وحجر في منقاره حلقت عليهم من السماء ثم أرسلت تلك الحجارة عليهم
فلم تعد عسكرهم
وأخرج أبو نعيم عن نوفل بن معاوية الديلمي قال : رأيت الحصى التي رمي بها أصحاب
الفيل حصى مثل الحمص وأكبر من العدس حمر مختمة كأنها جزع ظفار
وأخرج أبو نعيم عن حكيم بن حزام قال : كانت في المقدار من الحمصة والعدسة حصى به
نضح أحمر مختمة كالجزع فلولا أنه عذب به قوم أخذت منه ما اتخذه لي مسجدا وهي بمكة
كثير
وأخرج أبو نعيم عن أم كرز الخزاعية قالت : رأيت الحجارة التي رمي بها أصحاب الفيل
حمرا مختمة كأنها جزع ظفار فمن غير ذلك فلم ير منها شيئا ولم يصبهم كلهم وقد أفلت
منهم
وأخرج أبو نعيم عن محمد بن كعب القرظي قال : جاؤوا بفيلين فأما محمود فربض وأما
الآخر فشجع فحصب
وأخرج أبو نعيم عن عطاء بن يسار قال : حدثني من كلم قائد الفيل وسائسه قال لهما :
أخبراني خبر الفيل قالا : أقبلنا به وهو فيل الملك النجاشي الأكبر لم يسر به قط
إلى جمع إلا هزمهم فلما دنا من الحرم جعلنا كلما نوجهه إلى الحرم يربض فتارة نضربه
فيهبط وتاره نضربه حتى نمل ثم نتركه فلما انتهى إلى المغمس ربض فلم يقم فطلع
العذاب فقلنا : نجا غيركما ؟ قالا : نعم
ليس كلهم أصابه العذاب
وولى أبرهة ومن تبعه يريد بلاده كلما دخلوا أرضا وقع منهم عضو حتى انتهوا إلى بلاد
خثعم وليس عليه غير رأسه فمات
وأخرج أبو نعيم من طريق عطاء والضحاك عن ابن عباس أن أبرهة الأشرم قدم من اليمن
يريد هدم الكعبة فأرسل الله عليهم طيرا أبابيل يريد مجتمعة لها خراطيم تحمل حصاة
في منقارها وحصاتين في رجليها ترسل واحدة على رأس الرجل فيسيل لحمه ودمه وتبقى
عظاما خاوية لا لحم عليه ولا جلد ولا دم
وأخرج أبو نعيم عن عثمان بن عفان أنه سأل رجلا من هذيل قال : أخبرني عن يوم الفيل
فقال : بعثت يوم الفيل طليعة على فرس لي أنثى فرأيت طيرا خرجت من الحرم في كل
منقار طير منها حجر وفي رجل كل طير منها حجر وهاجت ريح
(8/632)
وظلمة
حتى قعدت بي فرسي مرتين فمسحتهم مسحة ؟ كلفته كرداك وانجلت الظلمة وسكنت الريح
قال : فنظرت إلى القوم خامدين
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم عن أبي صالح أنه رأى عند أم هانئ بنت أبي طالب من تلك
الحجارة نحوا من قفيز مخططة بحمرة كأنها جزع ظفار مكتوب في الحجر اسمه واسم أبيه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس فجعلهم كعصف يقول :
كالتبن
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس
فجعلهم كعصف مأكول قال : ورق الحنطة
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : العصف المأكول
ورق الحنطة
وأخرج عبد بن حميد عن طاوس كعصف مأكول قال : ورق الحنطة فيها النقب
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة كعصف مأكول قال : إذا أكل فصار أجوف
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس كعصف مأكول قال
: هو الطيور عصافة الزرع
وأخرج ابن إسحق في السيرة والواقدي وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي عن عائشة قالت
: لقد رأيت سائس الفيل وقائده بمكة أعميين مقعدين يستطعمان
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي في الدلائل عن ابن أبزي قال : ولد النبي صلى الله عليه
و سلم عام الفيل
وأخرج ابن إسحق وأبو نعيم والبيهقي عن قيس بن مخرمة قال : ولدت أنا ورسول الله صلى
الله عليه و سلم عام الفيل
وأخرج البيهقي عن محمد بن جبير بن مطعم قال : ولد رسول الله صلى الله عليه و سلم
عام الفيل وكانت عكاظ بعد الفيل بخمس عشرة سنة وبني البيت على رأس خمس وعشرين سنة
من الفيل وتنبأ رسول الله صلى الله عليه و سلم على رأس أربعين من الفيل
(8/633)
بسم
الله الرحمن الرحيم
106
- سورة قريش
مكية وآياتها أربع
مقدمة السورة
الآية 1 - 4 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت لإيلاف قريش بمكة
وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه والطبراني وابن مردويه والبيهقي في
الخلافيات عن أم هانئ بنت أبي طالب أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
فضل الله قريشا بسبع خصال لم يعطها أحدا قبلهم ولا يعطيها أحدا بعدهم : أني فيهم
وفي لفظ النبوة فيهم والخلافة فيهم والحجابة فيهم والسقاية فيهم ونصروا على الفيل
وعبدوا الله سبع سنين وفي لفظ عشر سنين لم يعبده أحد غيرهم ونزلت فيهم سورة من
القرآن لم يذكر فيها أحد غيرهم لإيلاف قريش "
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه وابن عساكر عن الزبير بن العوام قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " فضل الله قريشا بسبع خصال
فضلهم بأنهم عبدوا الله عشر سنين لا يعبده إلا قريش وفضلهم بأنه نصرهم يوم الفيل
وهم مشركون وفضلهم بأنه نزلت فيهم سورة من القرآن لم يدخل فيها أحد من العالمين
غيرهم وهي لإيلاف قريش وفضلهم بأن فيهم النبوة والخلافة والحجابة والسقاية "
(8/634)
وأخرج
الخطيب في تاريخه عن سعيد بن المسيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن الله فضل قريشا بسبع خصال : أنا منهم وأن الله أنزل فيهم سورة كاملة من
كتابه لم يذكر فيها أحدا غيرهم وأنهم عبدوا الله عشر سنين لا يعبده أحد غيرهم وأن
الله نصرهم يوم الفيل وأن الخلافة والسقاية والسدانة فيهم "
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر عن إبراهيم قال : صلى عمر بن
الخطاب بالناس بمكة عند البيت فقرأ لإيلاف قريش قال : فليعبدوا رب هذا البيت وجعل
يومئ بأصبعه إلى الكعبة وهو في الصلاة
وأخرج الفريابي وابن جرير والطبراني والحاكم وابن مردويه عن أسماء بنت يزيد قالت :
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " ويل أمكم يا قريش لإيلاف قريش
إيلافهم رحلة الشتاء والصيف "
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم عن أسماء بنت يزيد قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقول : " لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف ويحكم يا قريش اعبدوا
رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف "
وأخرج ابن جرير عن عكرمة أنه كان يقرأ : " لإيلاف قريش إلفهم رحلة الشتاء
والصيف "
وأخرج ابن جرير عن عكرمة أنه كان يعيب لإيلاف قريش ويقول إنما هي لتألف قريش
وكانوا يرحلون في الشتاء والصيف إلى الروم والشام فأمرهم الله أن يألفوا عبادة ربت
هذا البيت
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس في
قوله : لإيلاف قريش قال : نعمتي على قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف قال : كانوا
يشتون بمكة ويصيفون بالطائف فليعبدوا رب هذا البيت قال : الكعبة الذي أطعمهم من
جوع وآمنهم من خوف قال : الجذام
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد لإيلاف قريش قال :
نعمتي على قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف قال : إيلافهم ذلك فلا يشق عليهم رحلة
شتاء ولا صيف وآمنهم من خوف قال : من كل عدو في حرمهم
(8/635)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : لإيلاف
قريش إيلافهم يقول لزومهم الذي أطعمهم من جوع يعني قريشا أهل مكة بدعوة إبراهيم
حيث قال : وارزقهم من الثمرات وآمنهم من خوف حيث قال إبراهيم : رب اجعل هذا البلد
آمنا وأخرج ابن جرير عن ابن زيد أنه سئل عن قوله : لإيلاف قريش فقرأ ألم تر كيف
فعل ربك بأصحاب الفيل إلى آخر السورة
قال : هذا لإيلاف قريش صنعت هذا بهم لألفة قريش لئلا أفرق إلفهم وجماعتهم إنما جاء
صاحب الفيل يستبد حرمهم فصنع الله ذلك بهم
وأخرج ابن الزبير بن بكار في الموفقيات عن عمر بن عبد العزيز قال : كانت قريش في
الجاهلية تحتفد وكان احتفادها أن أهل البيت منه كانوا إذا سافت يعني هلكت أموالهم
خرجوا إلى براز من الأرض فضربوا على أنفسهم الأخبية ثم تناوبوا فيها حتى يموتوا من
قبل أن يعلم بخلتهم حتى نشأ هاشم بن عبد مناف فلما نبل وعظم قدره في قومه قال : يا
معشر قريش إن العز مع الكثرة وقد أصبحتم أكثر العرب أموالا وأعزهم نفرا وإن هذا
الإحتفاد قد أتى على كثير منكم وقد رأيت رأيا
قالو : رأيك راشد فمرنا نأتمر
قال : رأيت أن أخلط فقراءكم بأغنيائكم فأعمد إلى رجل غني فأضم إليه فقير عياله
بعدد عياله فيكون يوازره في الرحلتين رحلة الصيف وإلى الشام ورحلة الشتاء إلى اليمن
فما كان في مال الغني من فضل عاش الفقير وعياله في ظله وكان ذلك قطعا للإحتفاد
قالوا : نعم ما رأيت فألف بين الناس
فلما كان من أمر الفيل وأصحابه ما كان وأنزل الله ما أنزل وكان ذلك مفتاح النبوة
وأول عز قريش حتى أهابهم الناس كلهم وقالوا أهل الله والله معهم وكان مولد النبي
صلى الله عليه و سلم في ذلك العام فلما بعث الله رسوله صلى الله عليه و سلم كان
فيما معهم وكان مولد النبي صلى الله عليه و سلم في ذلك العام فلما بعث الله رسوله
صلى الله عليه و سلم كان فيما أنزل الله عليه يعرف قومه وما صنع إليهم وما نصرهم
من الفيل وأهله ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل سورة الفيل إلى آخر السورة ثم قال
: ولم فعلت ذلك يا محمد بقومك وهم يومئذ أهل عبادة أوثان فقال لهم : لإيلاف قريش
إلى آخر السورة
(8/636)
أي
لتراحمهم وتواصلهم وكانوا على شرك وكان الذي آمنهم منه من الخوف خوف الفيل وأصحابه
وإطعامهم إياهم من الجوع من جوع الإحتفاد
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : لإيلاف قريش الآية قال : نهاهم
عن الرحلة وأمرهم أن يعبدوا رب هذا البيت وكفاهم المؤنة وكانت رحلتهم في الشتاء
والصيف ولم يكن لهم راحة في شتاء ولا صيف فأطعمهم الله بعد ذلك من جوع وآمنهم من
خوف فألفوا الرحلة وكان ذلك من نعمة الله عليهم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف قال : ألفوا
ذلك فلا يشق عليهم
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : لإيلاف
قريش قال : عادة قريش رحلة الشتاء ورحلة في الصيف وفي قوله : وآمنهم من خوف قال :
كانوا يقولون : نحن من حرم الله فلا يعرض لهم أحد في الجاهلية يأمنون بذلك وكان
غيرهم من قبائل العرب إذا خرج أغير عليهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : لإيلاف قريش قال : كان أهل مكة
يتعاورون البيت شتاء وصيفا تجارا آمنين لا يخافون شيئا لحرمهم وكانت العرب لا
يقدرون على ذلك ولا يستطيعونه من الخوف فذكرهم الله ما كانوا فيه من الأمن حتى إن
كان الرجل منهم ليصاب في الحي من أحياء العرب فيقال حرمي
قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم قال : " من أذل قريشا أذله
الله " وقال : " ارقبوني وقريشا فإن ينصرني الله عليهم فالناس لهم تبع
" فلما فتحت مكة أسرع الناس في الإسلام فبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : " الناس تبع لقريش في الخير والشر كفارهم تبع لكفارهم ومؤمنوهم تبع
لمؤمنهم "
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : لإيلاف قريش الآية قال : أمروا أن يألفوا
عبادة رب هذا البيت كإلفهم رحلة الشتاء والصيف
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر عن أبي صالح قال : علم الله حب قريش الشام
فأمروا أن يألفوا عبادة رب هذا البيت كإيلافهم رحلة الشتاء والصيف
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن أبي مالك في قوله : لإيلاف قريش قال : كانوا
يتجرون في الشتاء والصيف فألفتهم ذلك
(8/637)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : كانت قريش تتجر شتاء وصيفا فتأخذ في الشتاء على طريق
البحر وإيله إلى فلسطين يلتمسون الدفاء وأما الصيف فيأخذون قبل بصرى وأذرعات
يلتمسون البرد فذلك قوله : إيلافهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : كانت لهم رحلتان الصيف إلى الشام
والشتاء إلى اليمن في التجارة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : وآمنهم من خوف قال : لا يخطفون
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش وآمنهم من خوف قال : خوف الحبشة
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك وآمنهم من خوف قال
: من الجذام
وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي ريحانة العامري أن معاوية قال لابن عباس : لم
سميت قريش قريشا ؟ بدابة تكون في البحر أعظم دوابه يقال لها القرش لا تمر بشيء من
الغث والسمين إلا أكلته
قال : فأنشدني في ذلك شيئا فأنشده شعر الجمحي إذ يقول : وقريش هي التي تسكن البحر
بها سميت قريش قريشا تأكل الغث السمين ولا تترك منها لذي الجناحين ريشا هكذا في
البلاد حي قريش يأكلون البلاد أكلا كميشا ولهم آخر الزمان نبي يكثر القتل فيهم
والخموشا وأخرج ابن سعد عن سعيد بن محمد بن جبير بن مطعم أن عبد الملك بن مروان
سأل محمد بن جبير متى سميت قريش قريشا ؟ قال : حين اجتمعت إلى الحرم من تفرقها
فذلك التجمع التقرش فقال عبد الملك ما سمعت هذا ولكن سمعت أن قصيا كان يقال له
القرشي ولم تسم قريش قبله
وأخرج ابن سعد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال : لما نزل قصي الحرم وغلب
عليه فعل أفعالا فقيل له القرشي فهو أول من سمي به
وأخرج أحمد عن قتادة بن النعمان أنه وقع بقريش فكأنه نال منهم فقال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " يا قتادة لا تسبن قريشا فإنه لعلك أن ترى منهم رجالا
تزدري عملك
(8/638)
مع
أعمالهم وفعلك مع أفعالهم وتغبطهم إذا رأيتهم لولا أن تطغى قريش لأخبرتهم بالذي
لهم عند الله
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاوية سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "
الناس تبع لقريش في هذا الأمر خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا
والله لولا أن تبطر قريش لأخبرتها بما لخيارها عند الله " قال : وسمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : " خير نسوة ركبن الإبل صالح نساء قريش أرعاه
على زوج في ذات يده وأحناه على ولد في صغره "
وأخرج أحمد وابن أبي شيبة والنسائي عن أنس قال : كنا في بيت رجل من الأنصار فجاء
رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى وقف فأخذ بعضادتي الباب فقال : " الأئمة
من قريش ولهم عليكم حق ولكم مثل ذلك ما إن استحكموا عدلوا وإن استرحموا رحموا وإذا
عاهدوا أوفوا فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين
"
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن جبير بن مطعم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إن للقرشي مثلي قوة الرجل من غير قريش "
قيل للزهري : ما عني بذلك ؟ قال : نبل الرأي
وأخرج ابن أبي شيبة عن سهل بن أبي حثمة أن رسول صلى الله عليه و سلم قال : "
تعلموا من قريش ولا تعلموها وقدموا قريشا ولا تؤخروها فإن للقرشي قوة الرجلين من
غير قريش "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جعفر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
لا تقدموا قريشا فتضلوا ولا تأخروا عنها فتضلوا خيار قريش خيار الناس وشرار قريش
شرار الناس والذي نفس محمد بيده لولا أن تبطر قريش لأخبرتها ما لها عند الله
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
الناس تبع لقريش في الخير والشر إلى يوم القيامة "
وأخرج ابن أبي شيبة عن إسماعيل بن عبد الله بن رفاعة عن أبيه عن جده قال : جمع
رسول الله صلى الله عليه و سلم قريشا فقال : " هل فيكم من غيركم ؟ قالوا : لا
إلا ابن أختنا ومولانا وحليفتنا فقال : ابن أختكم منكم ومولاكم منكم إن قريشا أهل
صدق وأمانة فمن بغى لهم الغواء أكبه الله على وجهه "
(8/639)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
الناس تبع لقريش في هذا الأمر خيارهم تبع لخيارهم وشرارهم تبع لشرارهم "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى قال : قام رسول الله صلى الله عليه و سلم على باب
فيه نفر من قريش فقال : " إن هذا الأمر في قريش "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لقريش :
" إن هذا الأمر فيكم وأنتم ولاته "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان " وحرك
أصبعيه
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" الملك في قريش والقضاء في الأنصار والأذان في الحبشة "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبيد بن عمير قال : دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم
لقريش فقال : " اللهم كما أذقت أولهم عذابا فأذق آخرهم نوالا "
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعد بن أبي وقاص أن رجلا قتل فقيل للنبي صلى الله عليه و
سلم فقال " أبعده الله أنه كان يبغض قريشا "
وأخرج الترمذي وصححه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اللهم
" أذقت أول قريش نكالا فأذق آخرهم نوالا "
(8/640)
107
- سورة الماعون
مكية وآياتها سبع بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 7 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : أنزلت أرأيت الذي يكذب بمكة
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أرأيت الذي يكذب بالدين قال : الكافر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج أرأيت الذي يكذب بالدين قال : بالحساب
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس أرأيت الذي بالدين قال : يكذب بحكم الله
فذلك الذي يدع اليتيم قال : يدفعه عن حقه
(8/641)
وأخرج
الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : عز و جل فذلك
الذي يدع اليتيم قال : يدفعه عن حقه
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت أبا طالب يقول : يقسم حقا لليتيم
ولم يكن يدع لذي يسارهن الأصاغر وأخرج سعيد بن منصور عن محمد بن كعب يدع اليتيم
قال : يدفعه
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة يدع اليتيم قال : يظلمه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن
ابن عباس فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون قال : هم المنافقون يراؤون الناس
بصلاتهم إذا حضروا ويتركونها إذا غابوا ويمنعونهم العارية بغضا لهم وهي الماعون
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس الذين هم عن صلاتهم ساهون قال : هم
المنافقون يتركون الصلاة في السر ويصلون في العلانية
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد الذين هم عن صلاتهم ساهون قال : هم
المنافقون
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه
والبيهقي في سننه عن مصعب بن سعد قال : قلت لأبي : أرأيت قول الله : الذين هم عن
صلاتهم ساهون أينا لا يسهو وأينا لا يحدث نفسه ؟ قال : إنه ليس ذلك إنه إضاعة
الوقت
وأخرج أبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن
مردويه والبيهقي في سننه عن سعد بن أبي وقاص قال : سألت النبي صلى الله عليه و سلم
عن قوله : الذين هم عن صلاتهم ساهون قال : هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها قال
الحاكم والبيهقي الموقوف أصح
وأخرج ابن جرير وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي برزة الأسلمي قال : لما نزلت هذه
الآية الذين هم عن صلاتهم ساهون قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " الله
أكبر هذه الآية خير لكم من أن يعطي كل رجل منكم جميع الدنيا هو الذي إن صلى لم يرج
خير صلاته وإن تركها لم يخف ربه "
(8/642)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس في قوله : الذين هم عن صلاتهم ساهون قال : الذين يؤخرونها عن
وقتها
وأخرج ابن أبي حاتم عن مسروق عن صلاتهم ساهون قال : تضييع ميقاتها
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن مالك بن دينار قال : سأل رجل أبا العالية عن قوله
: الذين هم عن صلاتهم ساهون ما هو ؟ فقال أبو العالية : هو الذي لا يدري عن كم
انصرف عن شفع أو عن وتر فقال الحسن : مه هو الذي يسهو عن ميقاتها حتى تفوت
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : عن صلاتهم ساهون قال
: لاهون
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف والبيهقي في سننه والخطيب في تالي التلخيص عن ابن
مسعود أنه قرأ : " الذين هم عن صلاتهم لاهون "
وأخرج ابن جرير عن عطاء بن يسار قال : الحمد لله الذي قال هم عن صلاتهم ساهون ولم
يقل في صلاتهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية عن صلاتهم ساهون قال : هو الذي يصلي ويقول :
هكذا وهكذا يعني يلتفت عن يمينه وعن يساره
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم عن صلاتهم ساهون قال : يصلون رياء
وليس الصلاة من شأنهم
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة عن صلاتهم ساهون قال : لا يبالي عنها أصلى أم
لم يصل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن علي بن أبي طالب الذين هم
يراؤون قال : يراؤون بصلاتهم
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأبو داود والنسائي والبزار وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن مردويه والبيهقي في سننه من طرق عن
ابن مسعود قال : كنا نعد الماعون على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم عارية
الدلو والقدر والفأس والميزان وما تتعاطون بينكم
(8/643)
وأخرج
الطبراني عن ابن مسعود قال : كنا أصحاب محمد صلى الله عليه و سلم نتحدث أن الماعون
الدلو والقدر والفأس ولا يستغني عنهن
وأخرج الفريابي والبيهقي عن ابن مسعود في قوله : الماعون قال : الفأس والقدر
والدلو ونحوها
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : كان المسلمون يستعيرون من المنافقين الدلو
والقدر والفأس وشبهه فيمنعونهم فأنزل الله ويمنعون الماعون
وأخرج أبو نعيم والديلمي وابن عساكر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم في
قوله : ويمنعون الماعون قال : ما تعاون الناس بينهم الفأس والقدر والدلو وأشباهه
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن قرة بن دعموص النميري أنهم وفدوا إلى رسول الله
صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا رسول الله ما تعهد إلينا ؟ قال : لاتمنعوا
الماعون
قالوا : وما الماعون ؟ قال : في الحجر وفي الحديدة وفي الماء
قال : فأي الحديدة ؟ قال : قدوركم النحاس وحديد الناس الذي يمتهنون به
قالوا : ما الحجر ؟ قال : قدوركم الحجارة
وأخرج الباوردي عن الحرث بن شريح قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" المسلم أخو المسلم لا يمنعه الماعون قالوا : يا رسول الله ما الماعون ؟ قال
: في الحجر وفي الماء وفي الحديد قالوا أي الحديد ؟ قال : قدر النحاس وحديد الفأس
الذي تمتهنون به
قالوا : فما هذا الحجر ؟ قال : القدر الذي من الحجارة "
وأخرج ابن قانع عن علي ابن أبي طالب سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" المسلم أخو المسلم إذا لقيه حياه بالسلام ويرد عليه ما هو خير منه لا يمنع
الماعون
قلت : يا رسول الله ما الماعون ؟ قال : الحجر والحديد والماء وأشباه ذلك "
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن حفصة بنت سيرين : قالت لنا أم عطية :
أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن لا نمنع الماعون
قلت : وما الماعون ؟ قالت : هو ما يتعاطاه الناس بينهم
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن سعيد بن عياض عن أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم
: الماعون والفأس والقدر والدلو
وأخرج آدم وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم
وصححه والبيهقي والضياء في المختارة من طرق عن ابن عباس في قوله :
(8/644)
ويمنعون
الماعون قال : عارية متاع البيت
وأخرج الفريابي عن سعيد بن جبير قال : الماعون العارية
وأخرج الفريابي وابن المنذر والبيهقي عن عكرمة أنه سئل عن الماعون فقال : هي
العارية فقيل : فمن يمنع متاع بيته فله الويل ؟ قال : لا ولكن إذا جمعهن ثلاثهن
فله الويل إذا سهى عن الصلاة ورايا ومنع الماعون
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والحاكم والبيهقي في سننه عن علي بن أبي طالب قال : الماعون الزكاة المفروضة
يراؤون بصلاتهم ويمنعون زكاتهم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله : ويمنعون الماعون قال :
أولئك المنافقون ظهرت الصلاة فصلوها وخفيت الزكاة فمنعوها
وأخرج البيهقي عن ابن عباس ويمنعون الماعون قال : الزكاة
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن أبي المغيرة
قال : قال ابن عمر : المال الذي لا يعطى حقه
قلت له : إن ابن مسعود قال : هو ما يتعطاه الناس بينهم من الخير
قال : ذلك ما أقول لك
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : رأس الماعون زكاة المال وأدناه المنخل والدلو
والإبرة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال : الماعون بلسان قريش المال
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك وابن الحنفية قالا : الماعون الزكاة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال : الماعون المعروف
وأخرج ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله : ويمنعون الماعون قال :
اختلف الناس في ذلك فمنهم من قال : يمنعون الزكاة ومنهم من قال : يمنعون الطاعة
ومنهم من قال : يمنعون العارية
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس ويمنعون الماعون قال : ما
جاء هؤلاء بعد
(8/645)
بسم
الله الرحمن الرحيم
108
- سورة الكوثر
مكية وآياتها ثلاث
مقدمة السورة
الآية 1 - 3 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة إنا أعطيناك الكوثر بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير وعائشة مثله
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمرو بن ميمون قال : لما طعن عمر وماج الناس تقدم عبد
الرحمن بن عوف فقرأ بأقصر سورتين في القرآن إنا أعطيناك الكوثر و إذا جاء نصر الله
والفتح سورة النصر وأخرج البيهقي عن ابن شبرمة قال : ليس في القرآن سورة أقل من
ثلاث آيات
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى : إنا
أعطيناك الكوثر قال : نهر في بطنان الجنة حافتاه قباب الدر والياقوت فيه أزواجه
وخدمه
قال : وبأي شيء ذكر ذلك ؟ قال : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم دخل من باب
الصفا وخرج من باب المروة فاستقبله العاص بن واثل السهمي فرجع العاص إلى قريش
فقالت له قريش : من استقبلك يا أبا عمرو آنفا ؟ قال : ذلك
(8/646)
الأبتر
يريد به النبي صلى الله عليه و سلم حتى أنزل الله هذه السورة إنا أعطيناك الكوثر
فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر يعني عدوك العاص بن وائل هو الأبتر من الخير لا
أذكر في مكان إلا ذكرت معي يا محمد فمن ذكرني ولم يذكرك ليس له في الجنة نصيب قال
: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت حسان بن ثابت يقول : وحباه الإله
بالكوثر الأكبر فيه النعيم والخيرات وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وأبو داود
والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أنس بن مالك قال
: أغفي رسول الله صلى الله عليه و سلم إغفاءة فرفع رأسه متبسما فقال : " إنه
نزلت علي آنفا سورة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر حتى ختمها قال
: هل تدرون ما الكوثر ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : هو نهر أعطانيه ربي في
الجنة عليه خير كثير ترده أمتي يوم القيامة آنيته عدد الكواكب يختلج العبد منهم
فأقول يا رب إنه من أمتي فيقال : إنك لا تدري ما أحدث بعدك "
وأخرج مسلم البيهقي من وجه آخر بلفظ ثم رفع رأسه فقرأ إلى آخر السورة قال البيهقي
والمشهور فيما بين أهل التفاسير والمغازي أن هذه السورة مكية وهذا اللفظ لا يخالفه
فيشبه أن يكون أولى
وأخرج الطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه و سلم
قرأ هذه الآية إنا أعطيناك الكوثر
وأخرج أحمد وابن المنذر وابن مردويه عن أنس أنه قرأ هذه الآية إنا أعطيناك الكوثر
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أعطيت الكوثر فإذا هو نهر في
الجنة يجري ولم يشق شقا وإذا حافتاه قباب اللؤلؤ فضربت بيدي إلى تربته فإذا هو
مسكة ذفرة وإذا حصاه اللؤلؤ "
وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة
عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " دخلت الجنة فإذا أنا
بنهر حافتاه خيام اللؤلؤ فضربت بيدي إلى ما يجري فيه الماء فإذا مسك اذفر
قلت : ما هذا يا جبريل ؟ قال : هذا الكوثر الذي أعطاكه الله "
وأخرج أحمد والترمذي وابن جرير وابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن أنس :
(8/647)
"
أن رجلا قال يا رسول الله : ما الكوثر ؟ قال : نهر في الجنة أعطانيه ربي لهو أشد
بياضا من اللبن وأحلى من العسل فيه طيور أعناقها كأعناق الجزر
قال عمر : يا رسول الله إنها لناعمة
قال : آكلها أنعم منها يا عمر "
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : دخلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال :
" قد أعطيت الكوثر قلت يا رسول الله : ما الكوثر ؟ قال : نهر في الجنة عرضه
وطوله ما بين المشرق والمغرب لا يشرب منه أحد فيظمأ ولا يتوضأ منه أحد فيتشعث أبدا
لا يشرب منه من أخفر ذمتي ولا من قتل أهل بيتي "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن
مردويه عن عطاء بن السائب قال : قال لي محارب بن دثار ما قال سعيد بن جبير في
الكوثر ؟ قلت : حدثنا عن ابن عباس أنه الخير الكثير
فقال : صدقت والله إنه للخير الكثير ولكن حدثنا ابن عمر قال : نزلت إنا أعطيناك
الكوثر فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " الكوثر نهر في الجنة حافتاه
من ذهب يجري على الدر والياقوت تربته أطيب من المسك وماؤه أشد بياضا من اللبن
وأحلى من العسل "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وابن جرير وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أنها
سئلت عن قوله تعالى : إنا أعطيناك الكوثر قالت : هو نهر أعطيه نبيكم صلى الله عليه
و سلم في بطنان الجنة شاطئاه عليه در مجوف فيه من الآنية والأباريق عدد النجوم
وأخرج ابن جرير وابن مردويه من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله : إنا أعطيناك
الكوثر قال : الخير الكثير
وقال أنس بن مالك : نهر في الجنة وقالت عائشة : هو نهر في الجنة ليس أحد يدخل
أصبعيه في أذنيه إلا سمع خرير ذلك النهر
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
أوتيت الكوثرآنيته عدد النجوم "
وأخرج ابن مردويه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم مثله
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : إنا أعطيناك الكوثر قال :
نهر أعطاه الله محمدا في الجنة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الكوثر نهر في الجنة
(8/648)
حافتاه
من ذهب وفضة يجري على الياقوت والدر وماؤه أبيض من الثلج وأحلى من العسل
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : إنا أعطيناك الكوثر قال :
نهر في الجنة عمقه سبعون ألف فرسخ ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل شاطئاه
الدر والياقوت الزبرجد خص الله به نبيه محمدا صلى الله عليه و سلم دون الأنبياء
وأخرج البخاري وابن جرير والحاكم من طريق أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي
الله عنهما أنه قال : الكوثر الخير الذي أعطاه الله إياه
قال أبو بشر : قلت لسعيد بن جبير : فإن ناسا يزعمون أنه نهر الجنة قال : النهر
الذي في الجنة من الخير الذي أعطاه الله إياه
وأخرج الطبراني في الأوسط عن حذيفة في قوله : إنا أعطيناك الكوثر قال : نهر في
الجنة أجوف فيه آنية من الذهب والفضة لا يعلمها إلا الله
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن أسامة بن زيد : " أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم أتى حمزة بن عبد المطلب يوما فلم يجده فسأل امرأته عنه ؟ فقالت : خرج آنفا
أولا تدخل يا رسول الله ؟ فدخل فقدمت له حيسا فأكل فقالت : هنيئا لك يا رسول الله
ومريئا لقد جئت وأنا أريد أن آتيك فأهنئك وأمريك أخبرني أبو عمارة أنك أعطيت نهرا
في الجنة يدعى الكوثر فقال : أجل وأرضه ياقوت ومرجان وزبرجد ولؤلؤ "
وأخرج ابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : " أن رجلا قال يا رسول
الله : ما الكوثر ؟ قال : نهر من أنهار الجنة أعطانيه الله عرضه ما بين أيلة وعدن
قال : يا رسول الله أله طين أو حال
قال : نعم المسك الأبيض
قال : له رضراض حصى ؟ قال : نعم رضراضه الجوهر وحصباؤه اللؤلؤ
قال : أله شجر ؟ قال : نعم حافتاه قضبان ذهب رطبة شارعة عليه
قال : ألتلك القضبان ثمار ؟ قال : نعم تنبت أصناف الياقوت الأحمر والزبرجد الأخضر
فيه أكواب وآنية وأقداح تسعى إلى من أراد أن يشرب منها منتشرة في وسطه كأنها
الكوكب الدري
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : إنا أعطيناك الكوثر قال : نهر
في الجنة حافتاه قباب الدر فيه أزواج النبي صلى الله عليه و سلم
(8/649)
وأخرج
هناد وابن جرير عن عائشة رضي الله عنها قالت : من أحب أن يسمع خرير الكوثر فليجعل
أصبعيه في أذنيه
وأخرج ابن جرير وابن عساكر عن مجاهد رضي الله عنه قال : الكوثر خير الدنيا والآخرة
وأخرج هناد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن عساكر عن عكرمة رضي الله عنه قال :
الكوثر ما أعطاه الله من النبوة والخير والقرآن
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : الكوثر القرآن
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن علي بن أبي طالب قال
: لما نزلت هذه السورة على النبي صلى الله عليه و سلم إنا أعطيناك الكوثر قال :
النبي صلى الله عليه و سلم لجبريل ما هذه النحيرة التي أمرني بها ربي ؟ قال : إنها
ليست بنحيرة ولكن يأمرك إذا تحرمت للصلاة أن ترفع يديك إذا كبرت وإذا ركعت وإذا
رفعت رأسك من الركوع فإنها صلاتنا وصلاة الملائكة الذين هم في السموات السبع وإن
لكل شيء زينة وزينة الصلاة رفع اليدين عند كل تكبيرة
قال النبي صلى الله عليه و سلم : رفع اليدين من الاستكانة التي قال الله : فما
استكانوا لربهم وما يتضرعون سورة المؤمنون الآية 76 وأخرج ابن جرير عن أبي جعفر في
قوله : فصل لربك قال : الصلاة وانحر قال : يرفع يديه أول ما يكبر في الإفتتاح
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فصل لربك وانحر قال : إن
الله أوحى إلى رسوله أن ارفع يديك حذاء نحرك إذا كبرت للصلاة فذاك النحر
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف والبخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم والدارقطني في الإفراد وأبو الشيخ والحاكم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن
علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله : فصل لربك وانحر قال : وضع يده اليمنى على
وسط ساعده اليسرى ثم وضعها على صدره في الصلاة
وأخرج أبو الشيخ والبيهقي في سننه عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و
سلم مثله
وأخرج ابن أبي حاتم وابن شاهين في السنة وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس
(8/650)
رضي
الله عنهما فصل لربك وانحر قال : وضع اليمنى على الشمال عند التحرم في الصلاة
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء فصل لربك وانحر قال : إذا صليت فرفعت رأسك من الركوع
فاستو قائما
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الأحوص فصل لربك وانحر قال : استقبل القبلة بنحرك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه فصل لربك وانحر قال : صلي
لربك الصلاة المكتوبة واسأل
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه فصل لربك قال : اشكر لربك
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن سعيد بن جبير قال : كانت هذه الآية يوم الحديبية
أتاه جبريل فقال : انحر وارجع فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم فخطب خطبة
الأضحى ثم ركع ركعتين ثم انصرف إلى البدن فنحرها فذلك حين يقول : فصل لربك وانحر
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد وعطاء وعكرمة فصل
لربك وانحر قالوا : صلاة الصبح بجمع ونحر البدن بمنى
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس وانحر قال : الصلاة المكتوبة والذبح يوم
الأضحى
وأخرج ابن جريرعن قتادة فصل لربك وانحر قال : صلاة الأضحى والنحر نحر البدن
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء فصل لربك قال : صلاة العيد
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير وانحر قال : البدن
وأخرج ابن جرير عن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم ينحر قبل أن يصلي فأمر
أن يصلي ثم ينحر
وأخرج البيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله : وانحر قال : يقول فادع يوم النحر
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة قال : لما أوحى الله تعالى
(8/651)
إلى
النبي صلى الله عليه و سلم قالت قريش : بتر محمد منا فنزلت إن شانئك هو الأبتر
وأخرج البزار وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : قدم كعب بن
الأشرف مكة فقالت له قريش : أنت خير أهل المدينة وسيدهم ألا ترى إلى هذا الصابئ
المنبتر من قومه يزعم أنه خير منا ونحن أهل الحجيج وأهل السقاية وأهل السدانة ؟
قال : أنتم خير منه
فنزلت إن شانئك هو الأبتر ونزلت ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب سورة
النساء الآية 15 - 25 إلى قوله : فلن تجد له نصيرا
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي أيوب قال : لما مات إبراهيم بن النبي صلى الله
عليه و سلم مشى المشركون بعضهم إلى بعض فقالوا : إن هذا الصابئ قد بتر الليلة
فأنزل الله إنا أعطيناك الكوثر إلى آخر السورة
وأخرج ابن سعد وابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : كان أكبر
ولد رسول الله صلى الله عليه و سلم القاسم ثم زينب ثم عبد الله ثم أم كلثوم ثم
فاطمة ثم رقية فمات القاسم وهو أول ميت من ولده بمكة ثما مات عبد الله فقال العاصي
بن وائل السهمي : قد انقطع نسله فهو أبتر فأنزل الله إن شانئك هو الأبتر
وأخرج ابن عساكر من طريق ميمون بن مهران عن ابن عباس قال : ولدت خديجة من النبي
صلى الله عليه و سلم عبد الله ثم أبطأ عليه الولد من بعده فبينما رسول الله صلى
الله عليه و سلم يكلم رجلا والعاصي بن وائل ينظر إليه إذ قال له رجل : من هذا ؟
قال : هذا الأبتر يعني النبي صلى الله عليه و سلم فكانت قريش إذا ولد للرجل ثم
أبطأ عليه الولد من بعده قالوا هذا الأبتر فأنزل الله إن شانئك هو الأبتر أي مغضك
هو الأبتر الذي بتر من كل خير
وأخر البيهقي في الدلائل عن محمد بن علي قال : كان القاسم ابن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قد بلغ أن يركب على الدابة ويسير على النجيبة فلما قبضه الله قال عمرو
بن العاصي : لقد أصبح محمد أبتر من ابنه فأنزل الله إنا أعطيناك الكوثر عوضا يا
محمد عن مصيبتك بالقاسم فصل لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر قال البيهقي : هكذا روي
بهذا الإسناد وهو ضعيف والمشهور أنها نزلت في العاصي بن وائل
(8/652)
وأخرج
الزبير بن بكار وابن عساكر عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : توفي القاسم ابن رسول
الله صلى الله عليه و سلم بمكة فمر رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو آت من
جنازته على العاصي بن وائل وابنه عمرو فقال حين رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم
إني لأشنئوه فقال العاصيبن وائل : لا جرم لقد أصبح أبتر فأنزل الله إن شانئك هو
الأبتر
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما إن شانئك هو الأبتر قال :
هو العاصي بن وائل
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : كانت قريش تقول إذا مات ذكور
الرجل : بتر فلان فلما مات ولد النبي صلى الله عليه و سلم قال العاصي بن وائل :
بتر والأبتر الفرد
وأخرج ابن المنذر وابن جرير وعبد الرزاق وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس
رضي الله عنهما إن شانئك يقول : عدوك
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء إن شانئك قال : أبو جهل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن شهر بن عطية عن إبراهيم قال : كان عقبة بن أبي
معيط يقول : إنه لا يبقى للنبي صلى الله عليه و سلم ولد وهو أبتر فأنزل الله فيه
إن شانئك هو الأبتر
(8/653)
بسم
الله الرحمن الرحيم
109
- سورة الكافرون
مكية وآياتها ست
مقدمة السورة
الآية 1 - 6 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة قل يا
أيها الكافرون بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير رضي الله عنه قال : أنزلت بالمدينة قل يا أيها
الكافرون
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما أن قريشا دعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة ويزوجوه ما
أراد من النساء فقالوا : هذا لك يا محمد وكف عن شتم آلهتنا ولا تذكر آلهتنا بسوء
فإن لم تفعل فإنا نعرض عليك خصلة واحدة ولك فيها صلاح
قال : ما هي ؟ قالوا : تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة
قال : حتى أنظر ما يأتيني من ربي فجاء الوحي من عند الله قل يا أيها الكافرون لا
أعبد ما تعبدون الآية
وأنزل الله قال أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون سورة الزمرالآية 46 إلى
قوله : الشاكرين
(8/654)
وأخرج
عبد الرزاق وابن المنذرعن وهب قال : قالت قريش للنبي صلى الله عليه و سلم : إن سرك
أن نتبعك عاما وترجع إلى ديننا عاما فأنزل الله قل يا أيها الكافرون إلىآخر السورة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف عن سعيد بن ميناء مولى أبي
البختري قال : لقي الوليد بن المغيرة والعاصي بن وائل والأسود بن المطلب وأمية بن
خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا محمد هلم فلتعبد ما نعبد ونعبد ما
تعبد ولنشترك نحن وأنت في أمرنا كله فإن كان الذي نحن عليه أصح من الذي أنت عليه
كنت قد أخذت منه حظا وإن كان الذي أنت عليه أصح من الذي نحن عليه كنا قد أخذنا منه
حظا فأنزل الله قل يا أيها الكافرون لا أبعد ما تعبدون حتى انقضت السورة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن قريشا
قالت : لو استلمت آلهتنا لعبدنا إلهك فأنزل الله قل يا أيها الكافرون السورة كلها
وأخرج ابن أبي حاتم عن زرارة بن أوفى قال : كانت هذه السورة تسمى المقشقشة
وأخرج ابن مردويه عن أبي رافع قال : طاف رسول الله صلى الله عليه و سلم بالبيت ثم
جاء مقام إبراهيم فقرأ واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى سورة البقرة الآية 125 ثم صلى
فقرأ بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد الله الصمد فقال كذلك الله : لم يلد ولم يولد
قال : ذاك الله ولم يكن له كفوا أحد قال : كذلك الله ثم ركع وسجد ثم قرأ بفاتحة
الكتاب و قل يا أيها الكافرون لا أبعد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد قال : لا
أعبد إلا الله ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد فقال : لا أعبد إلا
الله لكم دينكم ولي دين ثم ركع وسجد
وأخرج ابن ماجة عن ابن عمر قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ في المغرب قل
يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد
وأخرج ابن ماجة عن ابن مسعود إن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في الركعتين
بعد صلاة المغرب قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد
(8/655)
وأخرج
البيهقي في سننه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه و سلم طاف بالبيت
ثم صلى ركعتين قرأ فيهما قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يوتر بسبح وقل
للذين كفروا والله الواحد الصمد
وأخرج مسلم والبيهقي في سننه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ
في ركعتي الفجر قل يا أيها الكافرون و قل هو الله أحد
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة وابن حبان وابن
مردويه عن ابن عمر قال : رمقت النبي صلى الله عليه و سلم خمسا وعشرين مرة وفي لفظ
شهرا فكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر والركعتين بعد المغرب ب قل يا أيها الكافرون
و قل هو الله أحد
وأخرج ابن الضريس والحاكم في الكني وابن مردويه عن ابن عمر قال : رمقت النبي صلى
الله عليه و سلم أربعين صباحا في غزوة تبوك فسمعته يقرأ في ركعتي الفجر قل يا أيها
الكافرون و قل هو الله أحد ويقول : نعم السورتان تعدل واحدة بربع القرآن والأخرى
بثلث القرآن
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في
الركعتين بعد المغرب والركعتين قبل صلاة الفجر ب قل يا أيها الكافرون و قل هو الله
أحد
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : من قرأ
قل يا أيها الكافرون كانت له عدل ربع القرآن
وأخرج الطبراني في الصغير والبيهقي في شعب الإيمان عن سعيد بن أبي العاص قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : من قرأ قل يا أيها الكافرون فكأنما قرأ ربع
القرآن ومن قرأ قل هو الله أحد فكأنما قرأ ثلث القرآن
وأخرج مسدد عن رجل من الصحابة قال : سمعتها من رسول الله صلى الله عليه و سلم بضعا
وعشرين مرة يقول : " نعم السورتان يقرأ بهما في الركعتين الأحد الصمد و قل يا
أيها الكافرون "
وأخرج أحمد وابن الضريس والبغوي وحميد بن زنجويه في ترغيبه عن شيخ أدرك النبي صلى
الله عليه و سلم قال : " خرجت مع النبي صلى الله عليه و سلم في سفر فمر برجل
يقرأ قل يا
(8/656)
أيها
الكافرون فقال : " أما هذا فقد برئ من الشرك وإذا آخر يقرأ قل هو الله أحد
فقال النبي صلى الله عليه و سلم بها وجبت له الجنة " وفي رواية : " أما
هذا فقد غفر له "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن الأنباري في المصاحف
والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن فروة بن نوفل بن معاوية
الأشجعي عن أبيه أنه قال يا رسول الله علمني ما أقول إذا أويت إلى فراشي قال :
" اقرأ قل يا أيها الكافرون ثم نم على خاتمتها فإنها براءة من الشرك "
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن مردويه عن عبد الرحمن بن نوفل الأشجعي عن
أبيه قال : قلت يا رسول الله : إني حديث عهد بشرك فمرني بآية تبرئني من الشرك فقال
: " اقرأ قل يا أيها الكافرون " قال : فما أخطأها أبي من ويم ولا ليلة
حتى فارق الدنيا
وأخرج ابن مردويه عن البراء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لنوفل بن
معاوية الأشجعي : " إذا أتيت مضجعك للنوم فاقرأ قل يا أيها الكافرون فإنك إذا
قرأتها فقد برئت من الشرك "
وأخرج أحمد والطبراني في الأوسط عن الحارث بن جبلة وقال الطبراني عن جبلة بن حارثة
وهو أخو زيد بن حارثة قال : قلت يا رسول الله : علمني شيئا أقوله : عند منامي قال
: " إذا أخذت مضجعك من الليل فاقرأ قل يا أيها الكافرون حتى تمر بآخرها فإنها
براءة من الشرك "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
لمعاذ : " اقرأ قل يا أيها الكافرون عند منامك فإنها براءة من الشرك "
وأخرج الديلمي عن عبد الله بن جراد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" المنافق لا يصلي الضحى ولا يقرأ قل يا أيها الكافرون "
وأخرج أبو يعلى والطبراني عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ألا أدلكم على كلمة تنجيكم من الإشراك بالله تقرؤون قل يا أيها الكافرون
عند منامكم "
وأخرج البزار والطبراني وابن مردويه عن خباب أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
إذا
(8/657)
أخذت
مضجعك فاقرأ قل يا أيها الكافرون وإن النبي صلى الله عليه و سلم لم يأت فراشه قط
إلا قرأ قل يا أيها الكافرون حتى يختم
وأخرج ابن مردويه عن زيد بن أرقم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من لقي الله بسورتين فلا حساب عليه قل يا أيهاالكافرون و قل هو الله أحد
"
وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن الضريس عن أبي مسعود الأنصاري قال : من قر قل هو
الله أحد و قل يا أيها الكافرون في ليلة فقد أكثر وأطاب
وأخرج الطبراني في الصغير عن علي قال : لدغت النبي صلى الله عليه و سلم عقرب وهو
يصلي فلما فرغ قال : " لعن الله العقربلا تدع مصليا ولا غيره " ثم دعا
بماء وملح وجعل يمسح عليها ويقرأ قل يا أيها الكافرون و قل أعوذ برب الفلق سورة
الفلق و قل أعوذ برب الناس سورة الناس
وأخرج أبو يعلى عن جبير بن مطعم قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" أتحب يا جبير إذا خرجت سفرا أن تكون أمثل أصحابك هيئة وأكثرهم زادا ؟ قلت :
نعم بأبي أنت وأمي
قال : فاقرأ هذه السور الخمس قل يا أيها الكافرون و إذا جاء نصر الله والفتح سورة
النصر و قل هو الله أحد سورة الإخلاص و قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس
وافتتح كل سورة ببسم الله الرحمن الرحيم " قال جبير : وكنت غنيا كثير المال
فكنت أخرج في سفر فأكون من أبذهم هيئة وأقلهم زادا فما زلت منذ علمنيهن رسول الله
صلى الله عليه و سلم وقرأت بهن أكون من أحسنهم هيئة وأكثرهم زادا حتى أرجع من سفري
وأخرج ابن الضريس عن عمرو بن مالك قال : كان أبو الجوزاء يقول : أكثروا من قراءة
قل يا أيها الكافرون وابرأوا منهم
(8/658)
سورة
النصر
مدنية وآياتها ثلاث بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 3 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : أنزل بالمدينة إذا جاء نصر الله
والفتح
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير قال : أنزل إذا جاء نصر الله المدينة
وأخرج ابن جرير عن عطاء بن يسار قال : نزلت إذا جاء نصر الله والفتح كلها بالمدينة
بعد فتح مكة ودخول الناس في الدين ينعى إليه نفسه
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبزار وأبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في
الدلائل عن ابن عمر قال : هذه السورة نزلت على النبي صلى الله عليه و سلم أوسط
أيام التشريق بمنى وهو في حجة الوداع إذا جاء نصر الله والفتح حتى ختمها فعرف رسول
الله صلى الله عليه و سلم أنه الوداع
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن ابن عباس أنه قرأ : " إذا جاء فتح الله والنصر
"
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : إذا جاء نصر الله والفتح قال : فتح
مكة ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك استغفره إنه كان توابا
قال : أعلم أنك ستموت عند ذلك
(8/659)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : أفواجا قال : الزمر من الناس
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله : إذا جاء نصر الله والفتح قال : كانت هذه
السورة آية لموت النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن وابن المنذر عن قتادة في قوله : إذا
جاء نصر الله والفتح قال : ذكر لنا أن ابن عباس قال : هذه السورة علم وحد حده الله
لنبيه ونعى نفسه أي إنك لن تعيش بعدها إلا قليلا
قال قتادة : والله ما عاش بعدها إلا قليلا سنتين ثم توفي
وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال : " لما نزلت
إذا جاء نصر الله والفتح قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : نعيت إلي نفسي إني
مقبوض في تلك السنة "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : " لما نزلت إذا جاء نصر الله والفتح قال
: رسول الله صلى الله عليه و سلم نعيت إلي نفسي وقرب أجلي "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : لما نزلت على النبي صلى الله عليه و سلم إذا
جاء نصر الله والفتح علم أنه نعيت إليه نفسه
وأخرج الطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي
في الدلائل عن أبي سعيد الخدري قال : " لما نزلت هذه السورة إذا جاء نصر الله
والفتح قرأها رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى ختمها ثم قال : أنا وأصحابي خير
والناس خير لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية "
وأخرج النسائي وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم والطبراني وابن
مردويه عن ابن عباس قال : لما نزلت إذا جاء نصر الله والفتح نعيت لرسول الله صلى
الله عليه و سلم نفسه حين أنزلت فأخذني أشد ما يكون اجتهادا في أمر الآخرة
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أم حبيبة قالت : لما نزلت إذا جاء نصر الله
والفتح قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الله لم يبعث نبيا إلا عمر
في أمته شطر ما عمر النبي الماضي قبله وإن عيسى ابن مريم كان أربعين سنة في بني
إسرائيل وهذه لي عشرون سنة وأنا ميت في هذه السنة " فبكت فاطمة فقال النبي
صلى الله عليه و سلم : " أنت أول أهل بيتي لحوقا بي " فتبسمت
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : لما أقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم من
غزوة حنين
(8/660)
أنزل
عليه إذا جاء نصر الله الفتح فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يا علي
بن أبي طالب يا فاطمة بنت محمد جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين
الله أفواجا فسبحان ربي وبحمده واستغفره إنه كان توابا "
وأخرج الخطيب وابن عساكر عن علي قال : " نعى الله لنبيه صلى الله عليه و سلم
نفسه حين أنزل عليه إذا جاء نصر الله والفتح فكان الفتح سنة ثمان بعد ما هاجر رسول
الله صلى الله عليه و سلم فلما طعن في سنة تسع من مهاجره تتابع عليه القبائل تسعى
فلم يدر متى الأجل ليلا أو نهارا فعمل على قدر ذلك فوسع السنن وشدد الفرائض وأظهر
الرخص ونسخ كثيرا من الأحاديث وغزا تبوك وفعل فعل مودع
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : لما أقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم من غزوة
حنين أنزل عليه إذا جاء نصر الله والفتح إلى آخر القصة
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يا علي بن أبي طالب ويا فاطمة بنت
محمد جاء نصر الله والفتح إلى آخر القصة سبحان ربي وبحمده وأستغفره إنه كان توابا
ويا علي إنه يكون بعدي في المؤمنين الجهاد
قال : علام نجاهد المؤمنين الذين يقولون آمنا ؟ قال : على الأحداث في الدين إذا
عملوا بالرأي ولا رأي في الدين إنما الدين من الرب أمره ونهيه " قال علي : يا
رسول الله أرأيت إن عرض علينا أمر لم ينزل فيه قرآن ولم يقض فيه سنة منك
قال : تجعلونه شورى بين العابدين من المؤمنين ولا تقضونه برأي خاصة فلو كنت
مستخلفا أحدا لم يكن أحد أحق منك لقربك في الإسلام وقرابتك من رسول الله صلى الله
عليه و سلم وصهرك وعندك سيدة سناء المؤمنين وقبل ذلك ما كان بلاء أبي طالب إياي
ونزل القرآن وأنا حريص على أن أرعى له في ولده "
وأخرج أحمد والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : لما نزلت
إذا جاء نصر الله والفتح دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم فاطمة فقال : أنه قد
نعيت إلي نفسي "
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد والبخاري وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن
مردويه والبيهقي وأبو نعيم معا في الدلائل عن ابن عباس قال : كان عمر يدخلني
وأشياخ بدر فقال له عبد الرحمن بن عوف : لم تدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء مثله
فقال : إنه ممن قد علمتم فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم وما رأيته دعاني يومئذ إلا
ليريهم مني فقال : ما تقولون في قوله : إذا جاء نصر الله والفتح حتى ختم
(8/661)
السورة
فقال بعضهم : أمرنا الله أن نحمده ونستغفره إذا جاء نصر الله وفتح علينا وقال
بعضهم : لا ندري وبعضهم لم يقل شيئا فقال لي يا ابن عباس : أكذاك تقول ؟ قلت : لا
قال : فما تقول ؟ قلت : هو أجل رسول الله أعلمه الله إذا جاء نصر الله والفتح
ورأيت الناس يدخلون والفتح فتح مكة فذلك علامة أجلك فسبح بحمد ربك واستغفره إنه
كان توابا فقال عمر : ما أعلم منها إلا ما تعلم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن عمر سألهم عن قول الله : إذا جاء نصر الله والفتح
فقالوا : فتح المدائن والقصور قال : فأنت يا ابن عباس ما تقول ؟ قال : قلت مثل ضرب
لمحمد نعيت له نفسه
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في فضائل الصحابة والخطيب في تالي التلخيص عن ابن عباس
قال : لما نزلت إذا جاء نصر الله والفتح جاء العباس إلى علي فقال : انطلق بنا إلى
رسول الله صلى الله عليه و سلم فإن كان هذا الأمر لنا من بعده لم تشاحنا فيه قريش
وإن كان لغيرنا سألناه الوصاة لنا
قال : لا قال العباس : جئت فذكرت ذلك له فقال : إن الله جعل أبا بكر خليفتي على دين
الله ووحيه وهو مستوص فاسمعوا له وأطيعوا تهتدوا وتفلحوا وافتدوا به ترشدوا
قال ابن عباس : فما وافق أبا بكر على رأيه ولا وازره على أمره ولا أعانه على شأنه
إذ خالفه أصحابه في ارتداد العرب إلا العباس
قال : فوالله ما عدل رأيهما وحزمهما رأي أهل الأرض أجمعين
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : إذا جاء نصر الله والفتح قال :
ذاك حين نعى لهم نفسه يقول : إذا رأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا يعني إسلام
الناس يقول فذلك حين حضر أجلك فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا
وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر عن أبي هريرة في قوله : إذا جاء نصر الله
والفتح قال : علم وحد حده الله لنبيه صلى الله عليه و سلم ونعى إليه نفسه أنك لا
تبقى بعد فتح مكة إلا قليلا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عباس قال : آخر سورة نزلت من القرآن جميعا
إذا جاء نصر الله والفتح
(8/662)
وأخرج
البخاري عن سهل بن سعد الساعدي عن أبي بكر أن سورة إذا جاء نصر الله والفتح حين
أنزلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم علم أن نفسه نعيت إليه
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : غزا رسول الله صلى الله عليه و سلم
غزوة الفتح فتح مكة فخرج من المدينة في رمضان ومعه من المسلمين عشرة آلاف وذلك على
رأس ثمان سنين ونصف سنة من مقدمة المدينة وافتتح مكة لثلاث عشرة بقيت من رمضان
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عائشة قالت :
" كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكثر من قول : سبحان الله وبحمده
وأستغفر الله وأتوب إليه فقلت يا رسول الله : أراك تكثر من قول : سبحان الله
وبحمده وأستغفر الله وأتوب إليه فقال : خبرني أني سأرى علامة في أمتي فإذا رأيتها
أكثرت من قول سبحان الله وبحمده وأستغفر الله وأتوب إليه فقد رأيتها إذا جاء نصر الله
والفتح فتح مكة ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا فسبح بحمد ربك وأستغفره إنه
كان توابا "
وأخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة وابن جرير
وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده
" سبحانك الله وبحمدك اللهم اغفر لي " يتأول القرآن يعني إذا جاء نصر
الله والفتح
وأخرج ابن جرير عن عائشة قالت : ما سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم منذ أنزلت
عليه هذه السورة إذا جاء نصر الله والفتح إلا يقول مثلهما : " سبحانك اللهم
ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي "
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن أم سلمة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
في آخر عمر لا يقوم ولا يقعد ولا يذهب ولا يجيء إلا قال : " سبحانك اللهم
وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك " فقلت له : قال : " إني أمرت بها "
وقرأ إذا جاء نصر الله إلى آخر السورة
وأخرج عبد الرزاق ومحمد بن نصر وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود
قال : لما نزلت إذا جاء نصر الله والفتح كان النبي صلى الله عليه و سلم يكثر أن
يقول : " سبحانك اللهم وبحمدك اغفر لي إنك أنت التواب الغفور "
(8/663)
وأخرج
الحاكم وابن مردويه عن ابن مسعود قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يكثر أن
يقول : " سبحانك ربنا وبحمدك " فلما نزلت إذا جاء نصر الله والفتح قال :
" سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي إنك أنت التواب الرحيم "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : لما نزلت إذا جاء نصر الله والفتح قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " جاء أهل اليمن هم أرق قلوبا الإيمان يمان
والفقه يمان والحكمة يمانيه "
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ورأيت
الناس يدخلون في دين الله أفواجا فقال : " ليخرجن منه أفواجا كما دخلوا فيه
أفواجا "
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن الفضيل بن عياض قال : لما نزلت
إذا جاء نصر الله والفتح إلى آخر السورة قال محمد صلى الله عليه و سلم : " يا
جبريل نعيت إلي نفسي " قال جبريل : الآخرة خير لك من الأولى
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
: " إن الناس دخلوا في دير الله أفواجا وسيخرجون منه أفواجا "
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إذا
جاء نصر الله والفتح وجاء أهل اليمن رقيقة أفئدتهم وطباعهم سجية قلوبهم عظيمة
حسنتهم دخلوا في دين الله أفواجا "
(8/664)
111
- سورة المسد
مكية وآياتها خمس بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 5 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : أنزلت تبت يدا أبي لهب بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير وعائشة مثله
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس قال : ما كان أبو لهب إلا من كفار قريش ما
هو حتى خرج من الشعب حين تمالات قريش حتى حصرونا في الشعب وظاهرهم فلما خرج أبو
لهب من الشعب وظاهرهم فلما خرج أبو لهب من الشعب لقي هندا بنت عتبة بن ربيعة حين
فارق قومه فقال : يا ابنة عتبة هل نصرت اللات والعزى ؟ قالت : نعم فجزاك الله خيرا
يا أبا عتبة
قال : إن محمدا يعدنا أشياء لا نراها كائنة يزعم أنها كائنة بعد الموت فما ذاك
وصنع في يدي ثم نفخ في يديه ثم قال : تبا لكما ما أرى فيكما شيئا مما يقول محمد
فنزلت تبت يدا أبي لهب قال ابن عباس : فحصرنا في الشعب ثلاث سنين وقطعوا عنا
الميرة حتى إن الرجل ليخرج منا بالنفقة فما يبايع حتى يرجع حتى هلك فينا من هلك
(8/665)
وأخرج
سعيد بن منصور والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه
وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : لما نزلت وأنذر عشيرتك الأقربين
ورهطك منهم المخلصين سورة الشعراء 214 خرج النبي صلى الله عليه و سلم حتى صعد
الصفا فهتف : يا صباحاه فاجتمعوا إليه فقال : " أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا
تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي ؟ قالوا : ما جربنا عليك كذبا
قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد
فقال أبو لهب : تبا لك إنما جمعتنا لهذا ؟ ثم قام فنزلت هذه السورة تبت يدا أبي
لهب وتب
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن ابن عمر في قوله : تبت يدا أبي لهب قال : خسرت
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في تبت يدا أبي لهب قال : خسرت وتب
قال : خسر
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة تبت يدا أبي لهب وتب قال : خسرت
يدا أبي لهب وخسر
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : إنما سمي أبا لهب من حسنه
وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وان ابنه من
كسبه ثم قرأت ما أغنى عنه ماله وما كسب قالت : وما كسب ولده
وأخرج عبد الرزاق عن عطاء قال : كان يقال : ما أإنى عنه ماله وما كسب وولده كسبه
ومجاهد وعائشة قالاه
وأخرج الطبراني عن قتادة قال : كانت رقيه بنت النبي صلى الله عليه و سلم عند عتبة
بن أبي لهب فلما أنزل الله تبت يدا أبي لهب سأل النبي صلى الله عليه و سلم طلاق
رقية فطلقها فتزوجها عثمان
وأخرج الطبراني عن قتادة قال : تزوج أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم
عتيبة بن أبي لهب كانت رقية عند أخيه عتبة بن أبي لهب فلما أنزل الله تبتن يدا أبي
لهب قال أبو لهب لابنيه عتيبة وعتبة : رأسي من رأسكما حرام إن لم تطلقا بنتي
(8/666)
محمد
وقالت أمهما بنت حرب بن أميه وهي حمالة الحطب : طلقاهما فإنهما قد صبتا فطلقاهما
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد أن امرأة أبي لهب كانت تلقي من طريق النبي صلى الله
عليه و سلم الشوك فنزلت تبت يدا أبي لهب وامرأته حمالة الحطب فلما نزلت بلغ امرأة
أبي لهب أن النبي يهجوك قالت : علام يهجوني ؟ هل رأيتموني كما قال محمد أحمل حطبا
في جيدي حبل من مسد ؟ فمكثت ثم أتته فقالت : إن ربك قلاك وودعك فأنزل الله والضحى
سورة الضحى الآية 1 - 2 إلى وما قلى
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد وامرأته حمالة الحطب قال : كانت تأتي
بأغصان الشوك تطرحها بالليل في طريق رسول الله
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
وامرأته حمالة الحطب قال : كانت تمشي بالنميمة في جيدها حبل من مسد من نار
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة وامرأته حمالة الحطب قال : كانت تنقل
الأحاديث من بعض الناس إلى بعض في جيدها حبل قال : عنقها
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن حمالة الحطب قال : كانت تحمل النميمة فتأتي بها بطون
قريش
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف عن عروة بن الزبير في
جيدها حبل من مسد قال : سلسلة من حديد من نار ذرعها سبعون ذراعا
وأخرج ابن ألانباري عن قتادة رضي الله عنه في جيدها حبل من مسد قال : من الودع
وأخرج ابن جرير والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله : وامرأته حمالة الحطب قال : كانت تحمل الشوك فتطرحه على طريق النبي صلى الله
عليه و سلم ليعقره وأصحابه ويقال حمالة الحطب نقالة الحديث حبل من مسد
(8/667)
قال
: هي حبال تكون بمكة ويقال المسد العصا التي تكون في البكرة ويقال : المسد قلادة
لها من ودع
وأخرج ابن عساكر بسند فيه الكديمي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " بعثت ولي أربع عمومة فأما العباس فيكنى بأبي
الفضل ولولده الفضل إلى يوم القيامة وأما حمزة فيكنى بأبي يعلى فأعلى الله قدره في
في الدنيا والآخرة وأما عبد العزى فيكنى بأبي لهب فأدخله الله النار وألهبها عليه
وأما عبد مناف فيكنى بأبي طالب فله ولولده المطاولة والرفعة إلى يوم القيامة
"
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن عساكر عن جعفر بن محمد عن أبيه رضي الله عنه قال : مرت
درة ابنة أبي لهب برجل فقال : هذه ابنة عدو الله أبي لهب فأقبلت عليه فقالت ذكر
الله أبي لنسابته وشرفه وترك أباك لجهالته ثم ذكرت للنبي صلى الله عليه و سلم فخطب
الناس فقال : " لا يؤذين مسلم بكافر "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر وأبي هريرة وعمار بن ياسر رضي الله عنهم قالوا : قدمت
درة بنت أبي لهب مهاجرة فقال لها نسوة : أنت درة بنت أبي لهب الذي يقول الله : تبت
يدا أبي لهب فذكرت لك للنبي صلى الله عليه و سلم فخطب فقال : " يا أيها الناس
مالي أوذي في أهلي فوالله إن شفاعتي لتنال بقرابتي حتى إن حكما وحاء وصدا وسلهبا
تنالها يوم القيامة بقرابتي "
(8/668)
بسم
الله الرحمن الرحيم
111
- سورة الإخلاص
مكية وآياتها أربع
مقدمة السورة
الآية 1 - 4 أخرج أحمد والبخاري في تاريخه والترمذي وابن جرير وابن خزيمة وابن أبي
حاتم في السنة والبغوي في معجمه وابن المنذر في العظمة والحاكم وصححه والبيهقي في
الأسماء والصفات عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن المشركين قالوا للنبي صلى الله
عليه و سلم : يا محمد أنسب لنا ربك فأنزل الله قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد
ولم يولد لأنه ليس يولد شيء إلا سيموت وليس شيء يموت إلا سيورث وإن الله لا يموت
ولا يورث ولم يكن له كفوا أحد ليس له شيبة ولا عدل وليس كمثله شيء
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه أن المشركين قالوا يا رسول الله : أخبرنا عن
ربك صف لنا ربك ما هو ؟ ومن أي شيء هو ؟ فأنزل الله قل هو الله أحد الله الصمد لم
يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد
وأخرج ابن الضريس وابن جرير عن أبي العالية رضي الله عنه قال قالوا : انسب لنا ربك
فأتاه جبريل بهذه السورة قل هو الله أحد الله الصمد
وأخرج أبو يعلى وابن جرير وابن المنذر والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الحلية
والبيهقي بسند حسن عن جابر رضي الله عنه قال : جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه
و سلم فقال : أنسب لنا ربك فأنزل الله قل هو الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد
ولم يكن له كفوا أحد
(8/669)
وأخرج
الطبراني وأبو الشيخ في العظمة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قالت قريش يارسول
الله : أنسب لنا ربك فأنزل الله قل هو الله أحد
وأخرج أبو الشيخ في العظمة وأبو بكر السمرقندي في فضائل قل هو الله أحد عن أنس رضي
الله عنه قال : جاءت يهود خيبر إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا أبا
القاسم خلق الله الملائكة من نور الحجاب وآدم من حمأ مسنون وإبليس من لهب النار
والسماء من دخان والأرض من زبد الماء فأخبرنا عن ربك فلم يجبهم النبي صلى الله
عليه و سلم فأتاه جبريل بهذه السورة قل هو الله أحد ليس له عروق تتشعب الله الصمد
ليس بالأجوف لا يأكل ولا يشرب لم يلد ولم يولد ليس له والد ولا ولد ينسب إليه ولم
يكن له كفوا أحد ليس من خلقه شيء يعدل مكانه يمسك السموات إن زالتا هذه السورة ليس
فيها ذكر جنة ولا نار ولا دنيا ولا آخرة ولا حلال ولا حرام انتسب الله إليها فهي
له خالصة من قرأها ثلاث مرات عدل بقراءة الوحي كله ومن قرأها ثلاثين مرة لم يفضله
أحد من أهل الدنيا يومئذ إلا من زاد على ما قال ومن قرأها مائتي مرة أسكن من
الفودوس سكنا يرضاه ومن قرأها حين يدخل منزله ثلاث مرات نفت عن الفقر ونفعت الجار
وكان رجل يقرأها في كل صلاة فكأنهم هزئوا به وعابوا ذلك عليه فقالوا لرسول الله
صلى الله عليه و سلم فقال : وما حملك على ذلك ؟ قال يا رسول الله : إني أحبها قال
: حبها أدخلك الجنة
قال : وبات رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرؤها ويرددها حتى أصبح
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وأبو نعيم في الحلية من طريق محمد بن حمزة بن يوسف
بن عبد الله بن سلام أن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال لأحبار اليهود : إني
أردت أن أحدث بمسجد أبينا إبراهيم عهدا فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
وهو بمكة فوافاه بمنى والناس حوله فقام مع الناس فلما نظر إليه رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال له : أنت عبد الله بن سلام ؟ قال : نعم قال : أدن فدنا منه فقال :
أنشدك بالله أما تجدني في التوراة رسول الله ؟ فقال له : أنعت لنا ربك فجاء جبريل
فقال قل هو الله أحد إلى آخر السورة
فقرأها رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال ابن سلام : أشهد أن لا إله إلا الله
واشهد أنك رسول الله ثم انصرف إلى المدينة وكتم إسلامه
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عدي والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله
عنهما أن اليهود جاءت إلى النبي صلى الله عليه و سلم منهم كعب بن الأشرف وحي بن
(8/670)
أخطب
فقالوا يا محمد : صف لنا ربك الذي بعثك فأنزل الله قل هو الله أحد الله الصمد لم
يلد فيخرج منه الولد ولم يولد فيخرج من شيء
وأخرج الطبراني في السنة عن الضحاك قال : قالت اليهود يا محمد صف لنا ربك فأنزل
الله قل هو الله أحد الله الصمد فقالوا : أما الأحد فقد عرفناه فما الصمد ؟ قال :
الذي لا جوف له
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : أتى رهط من اليهود النبي صلى
الله عليه و سلم فقالوا له : يا محمد هذا الله خلق الخلق فمن خلقه ؟ فغضب النبي
صلى الله عليه و سلم حتى انتقع لونه ثم ساورهم غضبا لربه فجاءه جبريل فسكنه وقال :
اخفض عليك جناحك وجاءه من الله جواب ما سألوه عنه قل هو الله أحد الله الصمد لم
يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فلما تلاها عليهم قالوا : صف لنا ربك كيف خلقه وكيف
عضده وكيف ذراعه فغضب النبي صلى الله عليه و سلم أشد من غضبه الأول وساورهم غضبا
فأتاه جبريل فقال له مثل مقالته وأتاه جواب ما سألوه عنه وما قدرو الله حق قدره
والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون
سورة الزمر الآية 67
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : جاء ناس من
اليهود إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : أنسب لنا ربك وفي لفظ : صف لنا ربك
فلم يدر ما يرد عليهم فنزلت قل هو الله أحد حتى ختم السورة
وأخرج أبو عبيد وأحمد في فضائله والنسائي في اليوم والليلة وابن منيع ومحمد بن نصر
وابن مردويه والضياء في المختارة عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " من قرأ قل هو الله أحد فكأنهما قرأ ثلث القرآن
"
وأخرج ابن الضريس والبزار وسمويه في قوائده والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس أن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من قرأ قل هو الله احد مائتي مرة غفر له
ذنوب مائتي سنة "
وأخرج أحمد والترمذي وابن الضريس والبيهقي في سننه عن أنس رضي الله عنه قال :
(8/671)
جاء
رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : إني أحب هذه السورة قل هو الله أحد
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " حبك إياها أدخلك الجنة "
وأخرج ابن الضريس وأبو يعلى وابن الأنباري في المصاحف عن أنس رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " أما يستطيع أحدكم أن يقرأ قل هو
الله أحد ثلاث مرات في ليلة فإنهما تعدل ثلث القرآن "
وأخرج أبو يعلى ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من قرأ قل هو الله أحد خمسين مرة غفر له ذنوب خمسين سنة "
وأخرج الترمذي وأبو يعلى ومحمد بن نصر وابن عدي والبيهقي في الشعب واللفظ له عن
أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من قرأ كل يوم
مائتي مرة قل هو الله أحد كتب الله له ألفا وخمسمائة حسنة ومحا عنه ذنوب خمسين سنة
إلا أن يكون عليه دين "
وأخرج الترمذي وابن عدي والبيهقي في الشعب عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " من أراد أن ينام على فراشه من الليل نام على
يمينه فقرأ قل هو الله أحد مائة مرة فإذا كان يوم القيامة يقول له الرب : يا عبدي
ادخل على يمينك الجنة "
وأخرج ابن سعد وابن الضريس وأبو يعلى والبيهقي في الدلائل عن أنس رضي الله عنه قال
: كان النبي صلى الله عليه و سلم بالشام فهبط عليه جبريل فقال : يا محمد إن معاوية
بن معاوية المزني هلك أفتحب أن تصلي عليه ؟ قال : نعم فضرب بجناحه الأرض فتضعضع له
كل شيء ولزق بالأرض ورفع له سريره فصلى عليه فقال النبي صلى الله عليه و سلم من أي
شيء أتى معاوية هذا الفضل ؟ صلى عليه صفان من الملائكة في كل صف ستمائة ألف ملك
قال : بقراءة قل هو الله أحد كان يقرؤها قائما وقاعدا وجالسا وذاهبا ونائما
وأخرج ابن سعد وابن الضريس والبيهقي في الدلائل والشعب من وجه آخر عن أنس رضي الله
عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم بتبوك فطلعت الشمس ذات يوم بضياء
وشعاع ونور لم نرها قبل ذلك فيما مضى فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يعجب من
ضيائها ونورها إذ أتاه جبريل فسأل جبريل : ما للشمس طلعت لها نور وضياء وشعاع لم
أرها طلعت فيما مضى ؟ قال : ذاك أن معاوية بن معاوية الليثي مات
(8/672)
بالمدينة
اليوم فبعث الله إليه سبعين ألف ملك يصلون عليه
قال : بم ذاك يا جبريل ؟ قال : كان يكثر قل هو الله أحد قائما وقاعدا وماشيا وآناء
الليل والنهار استكثر منها فإنها نسبة ربكم ومن قرأها خمسين مرة رفع الله له خمسين
ألف درجة وحط عنه خمسين ألف سيئة وكتب له خمسين ألف حسنة ومن زاد زاد الله له
قال جبريل : فهل لك أن أقبض الأرض فتصلي عليه ! قال : نعم فصلى عليه
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الشعب عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم قال : " من قرأ قل هو الله أحد مائتي مرة غفر له خطيئة خمسين سنة إذا
اجتنبت أربع خصال : الدماء والأموال والفروج والأشربة "
وأخرج ابن عدي والبيهقي في الشعب عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " من قرأ قل هو الله أحد على طهارة مائة مرة كطهارة الصلاة يبدأ
بفاتحة الكتاب كتب الله له بكل حرف عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر
درجات وبنى له مائة قصر في الجنة وكأنما قرأ القرآن ثلاثا وثلاثين مرة وهي براءة
من الشرك ومحضرة للملائكة ومنفرة للشياطين ولها دوي حول العرش تذكر بصاحبها حتى
ينظر الله إليه وإذا نظر إليه لم يعذبه أبدا "
وأخرج أبو يعلى عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ثلاث من جاء بهن مع الإيمان دخل من أي أبواب الجنة شاء وزوج من الحور العين
حيث شاء : من عفا عن قاتله وأدى دينا خفيا وقرأ في دبر كل صلاة مكتوبة عشر مرات قل
هو الله أحد فقال أبو بكر : أو إحداهن يا رسول الله ؟ قال : " أو إحداهن
"
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند فيه مجهول عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " من قرأ قل هو الله أحد في كل يوم خمسين مرة نودي يوم
القيامة من قبره : قم مادح الله فأدخل الجنة "
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من نسي أن يسمي على طعامه فليقرأ قل هو الله أحد إذا فرغ "
وأخرج الطبراني عن جرير البجلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
من قرأ قل هو الله أحد حين يدخل منزله نفت الفقر من أهل ذلك المنزل والجيران
"
(8/673)
وأخرج
البزار والطبراني في الصغير عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " من قرأ قل هو الله أحد فكأنما قرأ ثلث القرآن ومن قرأ قل يا أيها
الكافرون سورة الكافرون فكأنما قرأ ربع القرآن "
وأخرج الطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الحلية بسند ضعيف عن عبد الله بن الشتخير
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من قرأ قل هو الله أحد في مرضه
الذي يموت فيه لم يفتن في قبره وأمن من فتنه القبر وحملته الملائكة يوم القيامة
بأكفها حتى تجيزه الصراط إلى الجنة "
وأخرج أبو عبيد في فضائله عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " قل هو الله أحد ثلث القرآن "
وأخرج ابن الضريس والطبراني في الأوسط وابن مردويه عن ابن عمر قال : " صلى
بنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم في سفر فقرأ في الركعة الأولى قل هو
الله أحد وفي الثانية قل يا أيها الكافرون فلما سلم قال : قرأت بكم ثلث القرآن
وربعه "
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال : أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم جبريل وهو
بتبوك فقال : يا محمد أشهد جنازة معاوية بن معاوية المزني فخرج رسول الله صلى الله
عليه و سلم ونزل جبريل في سبعين ألفا من الملائكة فوضع جناحه الأيمن على الجبال
فتواضعت ووضع جناحه الأيسر على الأرضين فتواضعت حتى نظر إلى مكة والمدينة فصلى
عليه رسول الله صلى الله عليه و سلم وجبريل والملائكة فلما فرغ قال يا جبريل : ما
بلغ معاوية بن معاوية المزني هذه المنزلة ؟ قال : بقرائته قل هو الله أحد قائما
وقاعدا وراكبا وماشيا
وأخرج ابن الضريس عن سعيد بن المسيب قال : كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقال له معاوية فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم في غزوة تبوك وهو
مريض ثقيل فسار رسول الله صلى الله عليه و سلم عشرة أيام ثم لقيه جبريل فقال : إن
معاوية بن معاوية توفي فحزن رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : أيسرك أن أريك
قبره ؟ قال : نعم فضرب بجناحه الأرض فلم يبع جبل إلا انخفض حتى أبدى الله قبره
فكبر رسول الله صلى
(8/674)
الله
عليه وسلم وجبريل عن يمينه وصفوف الملائكة سبعين ألفا حتى إذا فرغ من صلاته قال :
يا جبريل بم نزل معاوية بن معاوية من الله بهذه المنزلة ؟ قال : ب قل هو الله أحد
كان يقرأها قائما وقاعدا وماشيا ونائما ولقد كنت أخاف على أمتك حتى نزلت هذه
السورة فيها
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من
قرأ آية الكرسي و قل هو الله أحد دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنة إلا
الموت "
وأخرج ابن النجار في تاريخ بغداد من طريق مجاشع بن عمرو أحد الكذابين عن يزيد
الرقاشي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " جاءني جبريل في أحسن
صورة ضاحكا مستبشرا فقال : يا محمد العلي الأعلى يقرؤك السلام ويقول : إن لكل شيء
نسبا ونسبتي قل هو الله أحد فمن أتاني من أمتك قارئا ب قل هو الله أحد ألف مرة من
دهره ألزمه داري ؟ وإقامه عرشي وشفعته في سبعين ممن وجبت عقوبته ولولا أني آليت
على نفسي كل نفس ذائقة الموت لما قبضت روحه "
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن علي عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
من أراد سفرا فأخذ بعضادتي منزله فقرأ إحدى عشرة مرة قل هو الله أحد كان الله له
حارسا حتى يرجع "
وأخرج ابن النجار عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من صلى
بعد المغرب ركعتين قبل أن ينطق مع أحد يقرأ في الأولى بالحمد و قل يا أيها
الكافرون وفي الركعة الثانية بالحمد و قل هو الله أحد خرج من ذنوبه كما تخرج الحية
من سلخها "
وأخرج ابن السني فيعمل اليوم الليلة عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " من قرأ بعد صلاة الجمعة قل هو الله أحد و قل أعوذ برب الفلق سورة
الفلق و قل أعوذ برب الناس سورة الناس سبع مرات أعاذه الله بها من السوء إلى
الجمعة الأخرى "
وأخرج الحافظ أبو محمد الحسن بن أحمد السمرقندي في فضائل قل هو الله
(8/675)
أحد
عن إسحق بن عبد الله بن أبي فروة قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " من قرأ قل هو الله أحد فكأنما قرأ ثلث القرآن ومن قرأها عشر مرات بنى
الله له قصرا في الجنة " فقال أبو بكر إذن نستكثر يا رسول الله فقال : "
الله أكثر وأطيب " رددها مرتين
وأخرج أيضا عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من قرأ
قل هو الله أحد فكأنما قرأ ثلث القرآن ومن قرأ قل هو الله أحد مرتين فكأنما قرأ
ثلثي القرآن ومن قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرات فكأنما قرأ جميع ما أنزل الله
"
وأخرج أيضا عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من قرأ قل هو
الله أحد مرة بورك عليه ومن قرأها مرتين بورك عليه وعلى أهل بيته ومن قرأها ثلاث
مرات بورك عليه وعلى أهل بيته وجيرانه ومن قرأها اثنتي عشرة مرة بنى الله له في
الجنة اثني عشر قصرا
ومن قرأها عشرين مرة كان مع النبيين هكذا وضم الوسطى والتي تليها الإبهام ومن
قرأها عشرين مرة كان مع النبيين هكذا وضم الوسطى والتي تليها الإبهام ومن قرأها
مائة مرة غفر الله له ذنوب خمس وعشرين سنة إلا الدين والدم ومن قرأها مائتي مرة
غفرت له ذنوب خمسين سنة ومن قرأها أربعمائة مرة كان له أجر أربعمائة شهيد كل عقر
جواده وأهريق دمه ومن قرأها ألف مرة لم يمت حتى يرى مقعده من الجنة أو يرى له
"
وأخرج أيضا عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
من قرأ قل هو الله أحد مرة فكأنما قرأ ثلث القرآن ومن قرأها مرتين فكأنما قرأ ثلثي
القرآن ومن قرأها ثلاثا فكأنما قرأ القرآن ارتجالا "
وأخرج أيضا عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من قرأ قل هو الله
أحد ألف مرة كانت أحب إلى الله من ألف ملجمة مسرجة في سبيل الله "
وأخرج أيضا عن كعب الأحبار قال : ثلاثة ينزلون من الجنة حيث شاؤوا الشهيد ورجل قرأ
في كل يوم قل هو الله أحد مائتي مرة
وأخرج أيضا عن كعب الأحبار قال : من واظب على قراءة قل هو الله أحد وآية الكرسي
عشر مرات من ليل أو نهار استوجب رضوان الله الأكبر وكان مع أنبيائه وعصم من
الشيطان
وأخرج أيضا من طريق دينار عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
من قرأ قل هو الله أحد ألف مرة فقد اشترى نفسه من الله وهو من خاصة الله "
(8/676)
وأخرج
أيضا من طريق نعيم عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من قرأ قل هو
الله أحد ثلاثين مرة كتب الله له براءة من النار وأمانا من العذاب والأمان يوم
الفزع الأكبر "
وأخرج أيضا عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من أتى
منزله فقرأ الحمد لله سورة الفاتحة و قل هو الله أحد نفى الله عنه الفقر وكثر خير
بيته حتى يفيض على جيرانه "
وأخرج الطبراني أيضا من طريق أبي بكر البردعي : حدثنا أبو زرعة وأبو حاتم قالا : حدثنا
عيسى بن أبي فاطمة رازى ثقة قال : سمعت أنس بن مالك يقول : إذا نقر في الناقور
اشتد غضب الرحمن فتنزل الملائكة فيأخذون بأقطار الأرض فلا يزالون يقرؤون قل هو
الله أحد حتى يسكن غضبه
وأخرج إبراهيم بن محمد الخيارجي في فوائده عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " من قرأ قل هو الله أحد ألف مرة فقد اشترى نفسه من الله "
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن كعب بن عجرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من قرأ في ليلة أو يوم قل هو الله أحد ثلاث مرات كان مقدار القرآن
"
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من
قرأ قل هو الله أحد إحدى عشرة مرة بنى الله له قصرا في الجنة " فقال عمر :
والله يا رسول الله إذن نستكثر من القصور فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" فالله أمن وأفضل " أو قال : " أمن وأوسع "
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة أن النبي صلى
الله عليه و سلم بعث رجلا على سرية فكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم فيختم : ب قل هو
الله أحد فلما رجعوا ذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : " سلوه
لأي شيء يصنع ذلك ؟ " فسألوه فقال : لأنها صفة الرحمن فأنا أحب أن أقرأها
فأتوا النبي صلى الله عليه و سلم فأخبروه فقال : " أخبروه أن الله تعالى يحبه
"
وأخرج ابن الضريس عن الربيع بن خيثم قال : سورة من كتاب الله يراها الناس قصيرة
وأراها عظيمة طويلة يحب الله محبها ليس لها خلط فأيكم قرأها فلا يجمعن
(8/677)
إليها
شيئا استقلالا بها فإنها تجزئه
وأخرج ابن الضريس عن أنس قال : قال رجل لرسول الله صلى الله عليه و سلم : إن لي
أخا قد حبب إليه قراءة قل هو الله أحد فقال : " بشر أخاك بالجنة "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن ماجة وابن الضريس عن بريدة قال : دخلت مع
رسول الله صلى الله عليه و سلم المسجد ويدي في يده فإذا رجل يصلي يقول : اللهم إني
أسألك بأنك أنت الله لا إله إلا نت الواحد الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم
يكن له كفوا أحد فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لقد دعا الله باسمه
الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب "
وأخرج ابن الضريس عن الحسن قال : من قرأ قل هو الله أحد مائتي مرة كان له من الأجر
عبادة خمسمائة سنة
وأخرج الدارقطني في الأفراد والخطيب في تاريخه عن أنس أن النبي صلى الله عليه و
سلم كان إذا اشتكى قرأ على نفسه ب قل هو الله أحد
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " من قرأ قل هو الله أحد دبر كل صلاة مكتوبة عشر مرات أوجب الله له رضوانه
ومغفرته
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي غالب مولى خالد بن عبد الله قال : قال عمر ذات
ليلة قبيل الصبح يا أبا غالب ألا تقوم فتصلي ولو تقرأ بثلث القرآن فقلت : قد دنا
الصبح فكيف اقرأ بثلث القرآن فقال : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إن
سورة الإخلاص قل هوالله أحد تعدل ثلث القرآن "
وأخرج العقيلي عن رجاء الغنوي قال : قال : رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
من قرأ قل هو الله أحد ثلاث مرار فكأنما قرأ القرآن أجمع "
وأخرج ابن عساكر عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من صلى
صلاة الغداة ثم لم يتكلم حتى قرأ قل هو الله أحد عشر مرات لم يدركه ذلك اليوم ذنب
وأجير من الشيطان "
وأخرج الديلمي بسند واه عن البراء بن عازب مرفوعا : " من قرأ قل هو الله أحد
مائة بعد صلاة الغداة قبل أن يكلم أحدا رفع له ذلك اليوم عمل خمسين صديقا "
(8/678)
وأخرج
ابن عساكر عن علي أن النبي صلى الله عليه و سلم حين زوجه فاطمة دعا بماء فمجه ثم
أدخله معه فرشه في جيبه وبين كتفيه وعوذه ب قل هو الله أحد والمعوذتين
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : من صلى ركعتين فقرأ فيهما قل هو الله
أحد ثلاثين مرة بنى الله له ألف قصر من ذهب في الجنة ومن قرأها في غير صلاة بنى
الله له مائة قصر في الجنة ومن قرأها في صلاة كان أفضل من ذلك ومن قرأها إذا دخل
إلى أهله أصاب أهله وجيرانه منها خير
وأخرج أحمد عن عبد الله بن عمرو أن أبا أيوب كان في مجلس وهو يقول : ألا يستطيع
أحدكم أن يقوم بثلث القرآن كل ليلة ؟ قالوا : وهل يستطيع ذلك أحد ؟ قال : فإن قل
هو الله أحد ثلث القرأن فجاء النبي صلى الله عليه و سلم وهو يسمع أبا أيوب فقال :
صدق أبو أيوب
وأخرج ابن الضريس والبزار ومحمد بن نصر والطبراني بسند صحيح عن ابن مسعود قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أيعجز أحدكم أن يقرأ كل ليلة ثلث
القرآن ؟ قالوا : ومن يطيق ذلك ؟ قال : بلى قل هو الله أحد تعدل بثلث القرآن
"
وأخرج أحمد والطبراني وابن السني بسند ضعيف عن معاذ بن أنس الجهني عن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : " من قرأ قل هو الله أحد حتى يختمها عشر مرات بنى
الله له قصر في الجنة " فقال له عمر : إذا نستكثر يا رسول الله
قال : " الله أكثر وأطيب "
وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن معاذ بن جبل قال : " غزونا مع رسول الله
صلى الله عليه و سلم تبوك فلما كان ببعض المنازل صلى بنا صلاة الفجر فقرأ في أول
ركعة بفاتحة الكتاب و قل هو الله أحد وفي الثانية ب قل أعوذ برب الفلق فلما سلم
قال : ما قرأ رجل في صلاة بسورتين أبلغ منهما ولا أفضل "
وأخرج محمد بن نصر والطبراني بسند جيد عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " قل هو الله أحد تعدل بثلث القرآن "
وأخرج أبو عبيد وأحمد والبخاري في التاريخ والترمذي وحسنه والنسائي وابن الضريس
والبيهقي في الشعب عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
(8/679)
"
أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة ؟ فلما رأى أنه قد شق عليهم قال : من قرأ
قل هو الله أحد الله الصمد في ليلة فقد قرأ ليلتئذ ثلث القرآن "
وأخرج أحمد والطبراني عن أبي أمامة قال : " مر رسول الله صلى الله عليه و سلم
برجل يقرأ قل هو الله أحد فقال : أوجب لهذا الجنة "
وأخرج أبو عبيد وأحمد ومسلم وابن الضريس والنسائي عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : " أيعجز أحدكم أن يقرأ كل يوم ثلث القرآن ؟ قالوا :
نحن أضعف من ذاك
وأعجز قال : فإن الله جزأ القرآن ثلاثة أجزاء فقال : قل هو الله أحد ثلث القرآن
"
وأخرج مالك وأحمد والبخاري وأبو داود والنسائي وابن الضريس والبيهقي في سننه عن
أبي سعيد الخدري أنه سمع رجلا يقرأ قل هو الله أحد يرددها فلما أصبح جاء إلى النبي
صلى الله عليه و سلم فذكر ذلك له فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
والذي نفسي بيده إنها لتعدل ثلث القرآن "
وأخرج أحمد والبخاري وابن الضريس عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم لأصحابه : " أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة فشق ذلك
عليهم وقالوا : أينا يطيق ذلك ؟ فقال : الله الواحد الصمد ثلث القرآن "
وأخرج أحمد عن أبي سعيد الخدري قال : بات قتادة بن النعمان يقرأ الليل كله ب قل هو
الله أحد فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال : " والذي نفسي بيده إنها
لتعدل نصف القرآن أو ثلثه "
وأخرج البيهقي في سننه من طريق أبي سعيد الخدري قال : أخبرني قتادة بن النعمان أن
رجلا قام في زمن النبي صلى الله عليه و سلم فقرأ قل هو الله أحد السورة كلها
يرددها لا يزيد عليها فلما أصبحنا أخبر رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال :
" إنها لتعدل ثلث القرآن "
وأخرج أحمد وأبو عبيد والنسائي وابن ماجة وابن الضريس عن ابن مسعود قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن "
وأخرج الطبراني في الصغير والبيهقي في الشعب بسند ضعيف عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من قرأ قل هو الله أحد بعد صلاة الصبح اثني
عشرة مرة فكأنما قرأ القرآن أربع مرات وكان أفضل أهل الأرض يومئذ إذا اتقى "
(8/680)
وأخرج
أحمد وابن الضريس والنسائي والطبراني في الأوسط والبيهقي في الشعب بسند صحيح عن أم
كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط : " أن رسول الله سئل عن قل هو الله أحد قال :
ثلث القرآن أو تعدله "
وأخرج سعيد بن منصور عن محمد بن المنكدر قال : " سمع رسول الله صلى الله عليه
و سلم رجلا يقرأ قل هو الله أحد ويرتل فقال له : سل تعط "
وأخرج سعيد بن منصور وابن الضريس عن علي قال : من قرأ قل هو الله أحد عشر مرارا
بعد الفجر وفي لفظ في دبر الغداة لم يلحق به ذلك اليوم ذنب وإن جهد الشيطان
وأخرج سعيد بن منصور وابن الضريس عن ابن عباس قال : من صلى ركعتين بعد العشاء فقرأ
في كل ركعة بفاتحة الكتاب وخمس عشرة مرة قل هو الله أحد بنى الله له قصرين في
الجنة يتراآهما أهل الجنة
وأخرج ابن الضريس عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
من صلى ركعتين بعد عشاء الآخرة يقرأ في كل ركعة بفاتحة الكتاب وعشرين مرة قل هو
الله أحد بنى الله له قصرين في الجنة يتراآهما أهل الجنة "
وأخرج سعيد بن منصور وابن الضريس عن ابن عباس قال : من قرأ قل هو الله أحد مائتي
مرة في أربع ركعات في كل ركعة خمسين مرة غفر الله له ذنوب مائة سنة خمسين مستقبلة
وخمسين مستأخرة
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عائشة أن
النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا أوى إلى فراشه كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما
فقرأ فيهما قل هو الله أحد و قل أعوذ برب الفلق سورة الفلق و قل أعوذ برب الناس
سورة الناس ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده
يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وصححه والنسائي وعبد الله بن أحمد
في زوائد الزهد والطبراني عن عبد الله بن حبيب أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
له : " اقرأ قل هوالله أحد والمعوذتين حين تصبح وحين تمسي ثلاثا يكفيك من كل
شيء "
(8/681)
وأخرج
أحمد عن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " يا عقبة بن عامر
ألا أعلمك خير ثلاث سور أنزلت في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان العظيم ؟ قلت
بلى جعلني الله فداءك قال : فأقرأني قل هو الله أحد و قل أعوذ برب الفلق و قل أعود
برب الناس قم قال : يا عقبة لا تنساهن ولا تبت ليلة حتى تقرأهن "
وأخرج النسائي وابن مردويه والبزار بسند صحيح عن عبد الله بن أنيس الأسلمي أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم وضع يده على صدره ثم قال له : " قل فلم أدر ما أقول
ثم قال : قل هو الله أحد ثم قال لي : قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق حتى فرغت
منها ثم قال لي : قل أعوذ برب الناس حتى فرغت منها فقال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : هكذا فتعوذ فما تعوذ المتعوذون بمثلهن قط "
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الشعب عن علي قال : بينا رسول الله صلى الله عليه و
سلم ذات ليلة يصلي فوضع يده على الأرض لدغته عقرب فتناولها رسول الله صلى الله
عليه و سلم بنعله فقتلها فلما انصرف قال : لعن الله العقرب ما تدع مصليا ولا غيره
أو نبيا أو غيره " ثم دعا بملح وماء بجعله في إناء ثم جعل يصبه على إصبعه حيث
لدغته ويمسحها ويعوذها بالمعوذتين وفي لفظ فجعل يمسح عليها ويقرأ قل هو اله أحد و
قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات
من طريق علي عن ابن عباس قال : الصمد السيد الذي قد كمل في سؤدده والشريف الذي قد
كمل في شرفه والعظيم الذي قد كمل في عظمته والحليم الذي قد كمل في حلمه والغني
الذي قد كمل في غناه والجبار الذي قد كمل في جبروته والعالم الذي قد كمل علمه
والحكيم الذي قد كمل في حكمته وهو الذي قد كمل في أنواع الشرف والسؤدد وهو الله
سبحانه هذه صفته لا تنبغي إلا له ليس كفو وليس كمثله شيء
وأخرج ابن الضريس وأبو الشيخ في العظمة وابن جرير عن كعب قال : إن الله تعالى ذكره
أسس السموات السبع والأرضين السبع على هذه السورة قل هو الله أحد الله الصمد لم
يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد وإن الله لم يكافئه أحد من خلفه
(8/682)
بسم
الله الرحمن الرحيم
113
- سورة الفلق
مكية وآياتها خمس
مقدمة السورة
الآية 1 - 5 أخرج أحمد والبزار والطبراني وابن مردويه من طرق صحيحة عن ابن عباس
وابن مسعود أنه كان يحك المعوذتين من المصحف ويقول : لا تخلطوا القرآن بما ليس منه
إنهما ليستا من كتاب الله إنما أمر النبي صلى الله عليه و سلم أن يتعوذ بهما وكان
ابن مسعود لا يقرأ بهما
قال البزار : لم يتابع ابن مسعود أحد من الصحابة وقد صح عن النبي صلى الله عليه و
سلم أنه قرأ بهما في الصلاة وأثبتتا في المصحف
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود : " أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل عن هاتين
السورتين فقال : قيل لي فقلت فقولوا كما قلت "
وأخرج أحمد والبخاري والنسائي وابن الضريس وابن الأنباري وابن حبان وابن مردويه عن
زر بن حبيش قال : أتيت المدينة فلقيت أبي بن كعب فقلت : يا أبا المنذر إني رأيت
ابن مسعود لا يكتب المعوذتين في مصحفه فقال : أما والذي بعث محمدا بالحق قد سألت
رسول الله صلى الله عليه و سلم عنهما وما سألني عنهما أحد منذ سألته غيرك
قال : قيل لي قل فقلت فقولوا فنحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
(8/683)
وأخرج
مسدد وابن مردويه عن حنظلة السدوسي قال : لعكرمة : إني أصلي بقوم فأقرأ ب قل أعوذ
برب الفلق و قل أعوذ برب الناس فقال : اقرأبهما فإنهما من القرآن
وأخرج أحمد وابن الضريس بسند صحيح عن أبي العلاء يزيد بن عبد الله بن الشخير قال :
" قال رجل : كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في سفر والناس يعتقبون وفي
الظهر قلة فجاءت نزلة رسول الله صلى الله عليه و سلم ونزلتي فلحقني فضرب منكبي
فقال : قل أعوذ برب الفلق فقلت أعوذ برب الفلق فقرأها رسول الله صلى الله عليه و
سلم وقرأتها معه ثم قال : قل أعوذ برب الناس فقرأها رسول الله صلى الله عليه و سلم
وقرأتها معه
قال : إذا أنت صليت فاقرأ بهما "
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
: " لقد أنزل علي آيات لم ينزل علي مثلهن المعوذتين "
وأخرج مسلم والترمذي والنسائي وابن الضريس وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه
عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أنزلت علي
الليلة آيات لم أر مثلهن قط قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس "
وأخرج ابن الضريس وابن الأنباري والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن
عقبة بن عامر قال : بينا أنا أسير مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما بين
الجحفة والأبواء إذا غشينا ريح وظلمة شديدة فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم
يعوذ ب أعوذ برب الفلق و أعوذ برب الناس ويقول : " يا عقبة تعوذ بهما فما
تعوذ متعوذ بمثلهما " قال : وسمعته يؤمنا بهما في الصلاة
وأخرج ابن سعد والنسائي والبغوي والبيهقي عن أبي حابس الجهني أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال له : " يا أبا حابس ألا أخبرك بأفضل ما تعوذ به
المتعوذون ؟ قال : بلى يا رسول الله
قال : قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس هما المعوذتان "
وأخرج الترمذي وحسنه والنسائي وابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : كان
رسول الله صلى الله عليه و سلم يتعوذ من عين الجان ومن عين الإنس فلما نزلت سورة
المعوذتين أخذ بهما وترك ما سوى ذلك
وأخرج أبو داود والنسائي والحاكم وصححه عن ابن مسعود أن نبي الله صلى الله عليه و
سلم
(8/684)
كان
يكره عشر خصال : الصفرة يعني الخلوق وتغيير الشيب وجر الإزار والتختم بالذهب وعقد
التمائم والرقي إلا بالمعوذات والضرب بالكعاب والتبرج بالزينة لغير بعلها وعزل
الماء ؟ لغير حله وفساد الصبي غير محرمه
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم يكره الرقي إلا بالمعوذات
وأخرج ابن مردويه عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم اقرؤوا
بالمعوذات في دبر كل صلاة
وأخرج ابن أ بي شيبة وابن مردويه عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " ما سأل سائل ولا استعاذ مستعيذ بمثلهما يعني المعوذتين "
وأخرج ابن مردويه عن عقبة بن عامر قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" يا عقبة اقرأ ب قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس فإنك لن تقرأ أبلغ
منهما "
وأخرج ابن مردويه عن أم سلمة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
من أحب السور إلى الله قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس "
وأخرج ابن مردويه عن معاذ بن جبل قال : " كنت مع رسول الله صلى الله عليه و
سلم في سفر فصلى الغذاة فقرأ فيها بالمعوذتين ثم قال : يا معاذ هل سمعت ؟ قلت :
نعم
قال : ما قرأ الناس بمثلهن "
وأخرج النسائي وابن الضريس وابن الأنباري وابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال :
" أخذ منكبي رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : اقرأ قلت : ما أقرأ ؟ بأبي
أنت وأمي قال : قل أعوذ برب الفلق ثم قال : اقرأ قلت : بأبي أنت وأمي ما أقرأ :
قال : قل أعوذ برب الناس ولن تقرأ بمثلها "
وأخرج ابن سعد عن يوسف بن محمد بن ثابت بن قيس بن شماس أن ثابت بن قيس اشتكى فأتاه
رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو مريض فرقاه بالمعوذات ونفث عليه وقال : "
اللهم رب الناس اكشف الباس عن ثابت بن قيس بن شماس " ثم أخذ ترابا من واديهم
ذلك يعني بطحان فألقاه في ماء فسقاه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن الضريس عن عقبة بن عامر الجهني قال : كنت مع رسول الله
صلى الله عليه و سلم في سفر فلما طلع الفجر أذن وأقام ثم أقامني عن يمينه ثم قرأ
(8/685)
بالمعوذتين
فلما انصرف قال : " كيف رأيت ؟ قلت : قد رأيت يا رسول الله
قال : " فاقرأ بهما كلما نمت وكلما قمت "
وأخرج ابن الأنباري عن قتادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لعقبة بن
عامر : " اقرأ ب قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس فإنهما من أحب القرآن
إلى الله "
وأخرج الحاكم عن عقبة بن عامر قال : " كنت أقود برسول الله صلى الله عليه و
سلم راحلته في السفر فقال : يا عقبة ألا أعلمك خير سورتين قرئتهما ؟ قلت : بلى
قال : قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب الناس فلما نزل صلى بهما صلاة الغداة ثم
قال له : كيف ترى يا عقبة "
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه و سلم ركب بغلة فحادت به
فحبسها وأمر رجلا أن يقرأ عليها قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق فسكنت ومضت
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : " أهدى النجاشي إلى رسول الله صلى الله
عليه و سلم بغلة شهباء فكان فيها صعوبة فقال للزبير : اركبها وذللها فكأنها الزبير
اتقى فقال له : أركبها واقرأ القرآن
قال : ما أقرأ ؟ قال : اقرأ قل أعوذ برب الفلق فوالذي نفسي بيده ما قمت تصلي
بمثلها "
وأخرج ابن الأنباري عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا اشتكى قرأ
على نفسه المعوذتين وتفل أو نفث
وأخرج ابن الأنباري عن ابن عمر قال : إذا قرأت قل أعوذ برب الفلق فقل أعوذ برب
الفلق وإذا قرأ ب قل أعوذ برب الناس فقل : أعوذ برب الناس
وأخرج محمد بن نصر عن أبي ضمرة عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه و سلم كان
يقرأ في الركعة الثانية التي يوتر بها ب قل هو الله أحد والمعوذتين
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود أنه رأى في عنق امرأة من أهله سيرا فيه تمائم فقطعه
وقال : إن آل عبد الله أغنياء عن الشرك ثم قال : التولة والتمائم والرقي من الشرك
فقالت امرأة : إن إحدانا لتشتكي رأسها فتسترقي فإذا استرقت ظنت إن ذلك قد نفعها
فقال عبد الله إن الشيطان يأتي أحداكن فينخس في رأسها فإذا
(8/686)
استرقت
حبس فإذا لم تسترق نحر فلو أن إحداكن تدعو بماء فتنضحه على رأسها ووجهها ثم تقول :
بسم الله الرحمن الرحيم ثم تقرأ قل هو الله أحد و قل أعوذ برب الفلق و قل أعوذ برب
الناس نفعها ذلك إن شاء الله
وأخرج عبد بن حميد في مسنده عن زيد بن أسلم قال : سحر النبي صلى الله عليه و سلم
رجل من اليهود فاشتكى فأتاه جبريل فنزل عليه بالمعوذتين وقال : إن رجلا من اليهود
سحرك والسحر في بئر فلان فأرسل عليا فجاء به فأمره أن يحل العقد ويقرأ آية فجعل
يقرأ ويحل حتى قام النبي صلى الله عليه و سلم كأنما نشط من عقال
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عائشة قالت : كان لرسول الله صلى الله
عليه و سلم غلام يهودي يخدمه يقال له لبيد بن أعصم فلم تزل به يهود حتى سحر النبي
صلى الله عليه و سلم وكان النبي صلى الله عليه و سلم يذوب ولا يدري ما وجعه فبينا
رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات ليلة نائم إذا أتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه
والآخر عند رجليه فقال الذي عند رأسه للذي عند رجليه : ما وجعه ؟ قال : مطبوب
قال : من طبه ؟ قال : لبيد بن أصم
قال : بم طبه ؟ قال : بمشط ومشاطة وجف طلعة ذكر بذي أروان وهي تحت راعوفة البئر
فلما أصبح رسول الله صلى الله عليه و سلم غدا ومعه أصحابه إلى البئر فنزل رجل
فاستخرج جف طلعة من تحب الراعوفة فإذا فيها مشط رسول الله صلى الله عليه و سلم ومن
مشاطة رأسه وإذا تمثال من شمع تمثال رسول الله صلى الله عليه و سلم وإذا فيها أبر
مغروزة وإذا وتر فيه إحدى عشرة عقدة فأتاه جبريل بالمعوذتين فقال : يا محمد قل
أعوذ برب الفلق وحل عقدة من شر ما خلق وحل عقده حتى فرغ منها وحل العقد كلها وجعل
لا ينزع إبرة إلا يجد لها ألما ثم يجد بعد ذلك راحة فقيل : يا رسول الله لو قتلت
اليهودي فقال : قد عافاني الله وما وراءه من عذاب الله أشد فأخرجه
وأخرج ابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن لبيد بن الأعصم
اليهودي سحر النبي صلى الله عليه و سلم وجعل فيه تمثالا فيه إحدى عشرة عقدة فأصابه
من ذلك وجع شديد فأتاه جبريل وميكائيل يعودانه فقال ميكائيل يا جبريل إن صاحبك شاك
قال أجل
قال : أصابه لبيد بن الأعصم اليهودي وهو في بئر ميمون في كدية تحت صخرة الماء
قال : فما وراء ذلك ؟ قال : تنزح البئر ثم تقلب الصخرة فتأخذ الكدية فيها تمثال
فيه إحدى عشرة عقدة فتحرق فإنه يبرأ بإذن الله فأرسل إلى رهط فيهم عمار بن ياسر
فنزح الماء فوجدوه قد صار كأنه ماء
(8/687)
الحناء
ثم قلبت الصخرة إذا كدية فيها صخرة فيها تمثال فيها إحدى عشرة عقدة فأنزل الله يا
محمد قل أعوذ برب الفلق الصبح فانحلت عقدة من شر ما خلق من الجن والإنس فانحلت
عقدة ومن شر غاسق إذا وقب الليل وما يجيء به الليل ومن شر النفاثات في العقد
السحارت المؤذيات فانحلت ومن شر حاسد إذا حسد
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : صنعت اليهود بالنبي صلى الله
عليه و سلم شيئا فأصابه منه وجع شديد فدخل عليه أصحابه فخرجوا من عنده وهم يرون
أنه ألم به فأتاه جبريل بالمعوذتين فعوذه بهما قم قال : بسم الله أرقيك من كل شر
يؤذيك ومن كل عين ونفس حاسد الله يشفيك باسم الله أرقيك "
أخرج ابن مردويه عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال : صلى بنا رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقرأ قل أعوذ برب الفلق فقال : " يا ابن عبسه أتدري ما الفلق ؟
قلت الله ورسوله أعلم
قال : بئر في جهنم إذا سعرت جهنم فمنه تسعر وإنها لتتأذى به كما يتأذى بنو آدم من
جهنم "
وأخرج ابن مردويه عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " أقرأ قل أعوذ بر الفلق هل تدري ما الفلق ؟ باب في النار إذا
فتح سعرت جهنم "
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن عبد الله بن عمرو بن العاصي رضي الله عنه قال :
" سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قول الله : قل أعوذ برب الفلق قال :
هو سجن في جهنم يحبس فيه الجبارون والمتكبرون وإن جهنم لتعوذ بالله منه "
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" الفلق جب في جهنم مغطى "
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن علي عن آبائه قال : الفلق جب في قعر جهنم عليه غطاء
فإذا كشف عنه خرجت منه نار تصيح منه جهنم من شدة حر ما يخرج منه
وأخرج ابن جريرعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الفلق الصبح
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله تعالى : قل أعوذ برب الفلق قال : أعوذ برب الصبح إذا انفلق
(8/688)
عن
ظلمة الليل
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت زهير بن أبي سلمى يقول : الفارج
الهم مسدولا عساكره كما يفرج غم الظلمة الفلق وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الفلق الخلق
وأخرج أحمد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه
وابن مردويه عن عائشة قالت : " نظر رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما إلى
القمر لما طلع فقال يا عائشة استعيذي بالله من شر هذا فإن هذا الغاسق إذا وقب
"
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم
في قوله : ومن شر غاسق إذا وقب قال : النجم هو الغاسق وهو الثريا
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ عن ابن زيد في قوله : ومن شرغاسق إذا وقب قال : كانت
العرب تقول الغاسق سقوط الثريا وكانت الأسقام والطواعين تكثر عند وقوعها وترتفع
عند طلوعها
وأخرج أبو الشيخ عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذا
ارتفعت النجوم رفعت العاهة عن كل بلد "
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية ومن شر غاسق إذا وقب قال : الليل إذا ذهب
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب رضي الله عنه قال : الغاسق سقوط الثريا والغاسق
إذا وقب الشمس إذا غربت
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما ومن شر غاسق إذا وقب قال :
الليل إذا أقبل
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : عز و جل
ومن شر غاسق إذا وقب قال : الغاسق الظلمة والوقب شدة سواده إذا دخل في كل شيء قال
: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت زهيرا يقول : ظلت تجوب يداها وهي لاهية
حتى إذا جنح الإظلام والغسق وقال في الوقب :
(8/689)
وقب
العذاب عليهم فكأنهم لحقتهم نار السماء فأخمدوا وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن
مجاهد رضي الله عنه غاسق إذا وقب قال : الليل إذا دخل
أخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما ومن شر النفاثات قال : الساحرات
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما النفاثات في العقد قال : ما خالط السحر
من الرقي
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه النفاثات قال : السواحر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه النفاثات في العقد قال :
الرقي في عقد الخيط
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر ومن سحر فقد أشرك "
وأخرج الحاكم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله
عليه و سلم جاءه يعوده فقال : ألا أرقيك برقية رقاني بها جبريل ؟ قلت بلى بأبي أنت
وأمي
قال : بسم الله أرقيك والله يشفيك من كل داء فيك من شر النفاثات في العقد ومن شر
حاسد إذا حسد فرقي بها ثلاث مرات "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه و سلم
وجد وجعا في رأسه فأبطأ على أصحابه ثم خرج إليهم فقال له عمر : ماالذي بطأ بك عنا
؟ فقال : وجع وجدته في رأس فهبط علي جبريل فوضع يده على رأسي ثم قال : بسم الله
أرقيك من كل شيء يؤذيك أو يصيبك ومن شر كل ذي شر معلن أو مسر ومن شر الجن والإنس
ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد قال : فبرأت "
أخرج ابن عدي في الكامل والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن في قوله : ومن شر حاسد
إذا حسد قال : هو أول ذنب كان في السماء
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه ومن شر حاسد إذا حسد يعني اليهود هم
حسدة الإسلام
(8/690)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما ومن شر حاسد إذا حسد قال : نفس ابن آدم
وعينه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه ومن شر حاسد قال : من شر عينه
ونفسه
وأخرج ابن مردويه عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و
سلم أن جبريل أتاه وهو يوعك فقال : بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من حسد حاسد
وكل عين اسم الله يشفيك
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله أو عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه و سلم اشتكى فأتاه جبريل فقال : بسم الله أرقيك من كل شيء
يؤذيك من كل كاهن وحاسد والله يشفيك
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب "
وأخرج ابن مردويه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " لا يحل الدرجات العلى اللعان ولا منان ولا بخيل ولا باغ ولا حسود
"
وأخرج البيهقي في الشعب عن أنس رضي الله عنه قال : " كنا عند النبي صلى الله
عليه و سلم جلوسا فقال : يطلع عليكم الآن من هذا الفج رجل من أهل الجنة فطلع رجل
من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد علق نعليه في يده الشمال فسلم فلما كان من الغد
قال النبي صلى الله عليه و سلم مثل فطلع الرجل مثل مرته الأولى فلما كان اليوم
الثالث قال النبي صلى الله عليه و سلم مثل مقالته أيضا فطلع ذلك الرجل على مثل
حاله الأول فلما قام النبي صلى الله عليه و سلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص
رضي الله عنه فقال : إني لاحيت أبي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا فإن رأيت أن
تأويني إليك حتى تمضي الثلاث فعلت قال : نعم
قال أنس : فكان عبد الله يحدث أنه بات معه ثلاث ليلا فلم يره يقوم إلا لصلاة الفجر
وإذا تقلب على فراشه ذكر الله وكبره ولا يقول إلا خيرا
فلما مضى الثلاث ليال وكدت احتقر عمله قلت يا عبد الله : لم يكن بيني وبين والدي
غضب ولا هجرة ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : يطلع الآن عليكم
رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث مرات فأردت أن آوي إليك فأنظر ما عملك فلم أرك
تعمل كثير عمل فلما وليت دعاني فقال : ما هو إلا ما
(8/691)
رأيت
غير أني لا أجد في نفسي غشا على أحد من المسلمين ولا أحسده على خير أعطاه الله
إياه
قال عبد الله : فهذه التي بلغت بك وهي التي لا تطاق
وأخرج البيهقي عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : الصلاة
نور والصيام جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار والحسد يأكل الحسنات
كما تأكل النار الحطب "
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " كاد الفقر أن يكون كفرا وكاد الحسد أن يغلب القدر "
وأخرج البيهقي في الشعب عن الأصمعي رضي الله عنه قال : بلغني أن الله عز و جل يقول
: الحاسد عدو نعمتي متسخط لقضائي غير راض بقسمتي التي قسمت بين عبادي
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " إن الحسد ليأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب "
(8/692)
114
- سورة الناس
مكية وآياتها ست بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 6 أخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال : أنزل
بالمدينة قل أعوذ برب الناس
وأخرج ابن مردويه عن الحكم بن عمير الثمالي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " الحذر أيها الناس وإياكم والوسواس الخناس فإنما يبلوكم أيكم أحسن
عملا "
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه قال : أول ما يبدأ الوسواس من
الوضوء
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مغفل قال : البول في المغتسل يأخذ منه الوسواس
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مرة رضي الله عنه قال : ما وسوسة بأولع ممن
يراها تعمل فيه
وأخرج أبو بكر بن أبي داود في كتاب ذم الوسوسة عن معاوية بن أبي طلحة قال : كان من
دعاء النبي صلى الله عليه و سلم اللهم : " اعمر قلبي من وسواس ذكرك واطرد عني
وسواس الشيطان "
(8/693)
أخرج
ابن أبي داود في كتاب ذم الوسوسة عن معاوية في قوله : الوسواس الخناس قال : مثل
الشيطان كمثل ابن عرس واضع فمه على فم القلب فيوسوس إليه فإذا ذكر الله خنس وإن
سكت عاد إليه فهو الوسواس الخناس
وأخرج ابن أبي الدنيا عن مكايد الشيطان وأبو يعلى وابن شاهين في الترغيب في الذكر
والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس عن النبي قال : " إن الشيطان واضع خطمه على
قلب ابن آدم فإن ذكر الله خنس وإن نسي التقم قلبه فذلك الوسواس الخناس "
وأخرج ابن شاهين عن أنس : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن
للوسواس خطما كخطم الطائر فإذا غفل ابن آدم وضع ذلك المنقار في أذن القلب يوسوس
فإن ابن آم ذكر الله نكص وخنس فلذلك سمي الوسواس الخناس "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : الوسواس الخناس
قال : الشيطان جاثم على قلب ابن آدم فإن سها وغفل وسوس وإذا ذكر الله خنس
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي
والضياء في المختارة عن ابن عباس قال : ما من مولود يولد إلا على قلبه الوسواس
فإذا ذكر الله خنس وإذا غفل وسوس فلذلك قوله : الوسواس الخناس
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد قال : الخناس الذي يوسوس مرة ويخنس مرة من الجن والإنس
وكان يقال شيطان الإنس أشد على الناس من شيطان الجن شيطان الجن يوسوس ولا تراه وهذا
يعاينك معاينة
وأخرج ابن أبي الدنيا عن يحيى بن أبي كثير قال : إن الوسواس له باب في صدر ابن آدم
يوسوس منه
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي الدنيا وابن المنذر عن عروة بن رويم أن عيسى ابن
مريم عليهما السلام دعا ربه أن يريه موضع الشيطان من ابن آدم فجلى له فإذا رأسه
مثل رأس الحية واضعا رأسه على ثمرة القلب فإذا ذكر الله خنس وإذا لم يذكره وضع
رأسه على ثمرة قلبه فحدثه
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة قال : الوسواس محله على فؤاد الإنسان وفي عينه
(8/694)
وفي
ذكره ومحله من المرأة في عينها وفي فرجها إذا أقبلت وفي دبرها إذا أدبرت هذه
مجالسه
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : من الجنة والناس قال : هما وسواسان فوسواس
من الجنة وهو الجن ووسواس نفس الإنسان فهو قوله : والناس
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة في قوله : من الجنة والناس قال : إن من
الناس شياطين فنعوذ بالله من شياطين الإنس والجن
ذكر ما ورد في سورة الخلع وسورة الحفد قال ابن الضريس في فضائله : أخبرنا موسى بن
إسماعيل أنبانا حماد قال : قرأنا في مصحف أبي بن كعب : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك
ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك قال حماد : هذه الآن سورة وأحسبه
قال : اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نخشى عذابك ونرجو رحمتك إن
عذابك بالكفار ملحق
وأخرج ابن الضريس عن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه قال : صليت خلف عمر بن الخطاب
فلما فرغ من السورة الثانية قال : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثنين عليك الخير
كله ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك الله إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى
ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق
وفي مصحف ابن عباس قراءة أبي وأبي موسى : بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا
نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك
وفي مصحف حجر : اللهم إنا نستعينك وفي مصحف ابن عباس قراءة أبي وأبي موسى : اللهم
إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نخشى عذابك ونرجو رحمتك إن عذابك
بالكفار ملحق
وأخرج أبو الحسن القطان في المطولات عن أبان بن أبي عياش قال : سألت أنس بن مالك
عن الكلام في القنوت فقال : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا
نكفرك ونؤمن بك ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد
نرجو رحمتك ونخشى عذابك الجد إن عذابك بالكفار ملحق
قال أنس : والله إن أنزلتا إلا من السماء
(8/695)
وأخرج
محمد بن نصر والطحاوي عن ابن عباس إن عمر بن الخطاب كان يقنت بالسورتين : اللهم
إياك نعبد واللهم إنا نستعينك
وأخرج محمد بن نصر عن عبد الرحمن بن أبزي قال : قنت عمر رضي الله عنه بالسورتين
وأخرج محمد بن نصر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عمر قنت بهاتين السورتين الله إنا
نستعينك واللهم إياك نعبد
وأخرج البيهقي عن خالد بن أبي عمران قال : بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم
يدعو على مضر إذ جاءه جبريل فأومأ إليه أن اسكت فسكت فقال يا محمد إن الله لم
يبعثك سبابا ولا لعانا وإنما بعثك رحمة للعالمين ولم يبعثك عذابا ليس لك من الأمر
شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون ثم علمه هذا القنوت : اللهم إنا نستعينك
ونستغفرك ونؤمن بك ونخضع لك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد
إليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف ومحمد بن نصر والبيهقي في سننه عن عبيد بن عمير أن
عمر بن الخطاب قنت بعد الركوع فقال : بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك
ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك بسم الله الرحمن الرحيم اللهم
إياك نعبد ولك نصلي ونسجد ولك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار
ملحق
وزعم عبيد أنه بلغه أنهما سورتان من القرآن في مصحف ابن مسعود
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الملك بن سويد الكاهلي أن عليا قنت في الفجر بهاتين
السورتين : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك
اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك
بالكفار ملحق
وأخرج ابن أبي شيبة ومحمد بن نصر عن ميمون بن مهران قال : في قراءة أبي بن كعب :
الله إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك الله إياك
نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار
ملحق
(8/696)
وأخرج
محمد بن نصر عن ابن إسحق قال : قرأت في مصحف أبي بن كعب بالكتاب الأول العتيق :
بسم الله الرحمن الرحيم قل هو الله أحد إلى آخرها بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ
برب الفلق إلى آخرها بسم الله الرحمن الرحيم قل أعوذ برب الناس إلى آخرها بسم الله
الرحمن الرحيم : اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونخلع
ونترك من يفجرك
بسم الله الرحمن الرحيم : اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو
رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك بالكفار ملحق بسم الله الرحمن الرحيم : اللهم لا تنزع
ما تعطي ولا ينفع ذا الجد منك الجد سبحانك وغفرانك وحنانيك إله الحق
وأخرج محمد بن نصر عن يزيد بن أبي حبيب قال : بعث عبد العزيز بن مروان إلى عبد
الله بن رزين الغافقي فقال له : والله إني لأراك جافيا ما أراك تقرأ القرآن ؟ قال
: بلى والله إني لأقرأ القرآن وأقرأ منه مالا تقرأ به
فقال له عبد العزيز : وما الذي لا أقرأ به من القرآن ؟ قال : القنوت
حدثني علي بن أبي طالب أنه من القرآن
وأخرج محمد بن نصر عن عطاء بن السائب قال : كان أبو عبد الرحمن يقرئنا : اللهم إنا
نستعينك ونستغفرك ونثني عليك الخير ولا نكفرك ونؤمن بك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم
إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك الجد إن عذابك
بالكفار ملحق
وزعم أبو عبد الرحمن أن ابن مسعود كان يقرئهم إياها ويزعم أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم كان يقرئهم إياها
وأخرج محمد بن نصر عن الشعبي قال : قرأت أو حدثني من قرأ في بعض مصاحف أبي بن كعب
هاتين السورتين : اللهم إنا نستعينك
والأخرى بينهما بسم الله الرحمن الرحيم قبلهما سورتان من المفصل وبعدهما سور من
المفصل
وأخرج محمد بم نصر عن سفيان قال : كانوا يستحبون أن يجعلوا في قنوت الوتر هاتين
السورتين : اللهم إنا نستعينك واللهم إياك نعبد
وأخرج محمد بن نصر عن إبراهيم قال : يقرأ في الوتر السورتين اللهم إياك نعبد اللهم
إنا نستعينك ونستغفرك
(8/697)
وأخرج
محمد بن نصر عن خصيف قال : سألت عطاء بن أبي رباح أي شيء أقول في القنوت قال :
هاتين السورتين اللتين في قراءة أبي : اللهم إنا نستعينك واللهم إياك نعبد
وأخرج محمد بن نصر عن الحسن قال : نبدأ في القنوت بالسورتين ثم ندعو على الكفار ثم
ندعو للمؤمنين والمؤمنات
وأخرج البخاري في تاريخه عن الحارث بن معاقب أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
في صلاة من الصلوات : " بسم الله الرحمن الرحيم غفار غفر الله لها وأسمل
سالمها الله وشيء من جهينة وشيء من مزينة وعصية عصت الله ورسوله ورعل وذكوان ما
أنا قلته الله قاله "
قال الحارث فاختصم ناس من أسلم وغفار فقال الأسلميون بدأ بأسلم وقال غفار بدأ
بغفار قال الحارث : فسألت أبا هريرة فقال بدأ بغفار
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن خفاف بن إيماء بن رحضة الغفاري قال : صلى بنا رسول
الله صلى الله عليه و سلم الفجر فلما رفع رأسه من الركعة الآخرة قال : " لعن
الله لحيانا ورعلا وذكوان وعصية عصت الله ورسوله أسلم سالمها الله غفار غفر الله
لها ثم خر ساجدا
فلما قضى الصلاة أقبل على الناس بوجهه فقال : أيها الناس إني لست قلت هذا ولكن
الله قاله "
ذكر دعاء ختم القرآن أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : كان النبي صلى الله عليه
و سلم إذا ختم القرآن دعا قائما
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : " من
قرأ القرآن وحمد الرب وصلى على النبي صلى الله عليه و سلم واستغفر ربه فقد طلب
الخير مكانه "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي جعفر قال : كان علي بن حسين يذكر عن النبي
صلى الله عليه و سلم أنه كان إذا ختم القرآن حمد الله بمحامده وهو قائم ثم يقول :
" الحمد لله رب العالمين الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وجعل الظلمات
والنور ثم الذي كفروا بربهم يعدلون لا إله إلا الله وكذب العادلون بالله وضلوا
ضلالا بعيدا لا إله إلا الله وكذب المشركون بالله من العرب والمجوس واليهود
والنصارى والصابئين ومن دعا لله ولدا أو صاحبة أو ندا أو شبيها أو مثلا أو سميا أو
عدلا فأنت ربنا أعظم من أن تتخذ شريكا فيما خلقت والحمد لله الذي لم
(8/698)
يتخذ
صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا
الله الله الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا والحمد لله
الذي أنزل على عبده الكتاب إلى قوله : إلا كذبا
الحمد الله الذي له ما في السموات وما في الأرض الآيتين : الحمد لله فاطر السموات
والأرض الآيتين الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أما يشركون بل
الله خير وأبقى وأحكم وأكرم وأعظم مما يشركون فالحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون صدق
الله وبلغت رسله وأنا على ذلك من الشاهدين اللهم صل على جميع الملائكة والمرسلين
وارحم عبادك المؤمنين من أهل السموات والأرضين واختم لنا بخير وافتح لنا بخير
وبارك لنا في القرآن العظيم وانفعنا بالآيات والذكر الحكيم
ربنا تقبل من إنك أنت السميع العليم "
وأخرج ابن الضريس عن عبد الله بن مسعود قال : من ختم القرآن فله دعوى مستجابة
وأخرج ابن مردويه عن عطاء الخراساني عن ابن عباس قال : جميع سور القرآن مائة وثلاث
عشرة سورة المكية خمس وثمانون سورة والمدنية ثمانية وعشرون سورة وجميع آي القرآن
ستى آلاف آية ومائتا آية وست عشرة آية وجميع حروف القرآن ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة
وعشرون ألف حرف وتسمائة حرف وأحد وسبعون حرفا
وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف فمن قرأه صابرا محتسبا فله بكل
حرف زوجة من الحور العين "
قال بعض العلماء هذا العدد باعتبار ما كان قرآنا ونسخ رسمه وإلا فالموجود الآن لا
يبلغ هذه العدة
قال الحافظ حجر رضي الله عنه في أول كتابه أسباب النزول وسماه العجاب في بيان
الأسباب : الذين اعتنوا بجمع التفسير المسند من طبقة الأئمة الستة أبو جعفر محمد
بن جرير الطبري ويليه أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النياسبوري وأبو محمد عبد
الرحمن بن أبي حاتم بن إدريس الرازي ومن طبقة شيوخهم عبد بن حميد بن نصر الكشي
فهذه التفاسير الأربعة قل أن يشذ عنها شيء من التفسير المرفوع والموقوف على
الصحابة والمقطوع عن التابعين وقد أضاف الطبري إلى النقل المستوعب أشياء لم
يشاركوه فيها كاستيعاب
(8/699)
القراءات
والإعراب والكلام في أكثر الآيات على المعاني والتصدي لترجيح بعض الأقوال على بعض
وكل من صنف بعده لم يجتمع له ما اجتمع فيه لأنه في هذه الأمور في مرتبة متقاربة
وغيره يغلب عليه فن من الفنون فيمتاز فيه ويقصر في غيره والذين اشتهر عنهم القول
في ذلك من التابعين أصحاب ابن عباس رضي الله عنهما وفيهم ثقات وضعفاء
فمن الثقات مجاهد وابن جبير ويروى التفسير عنه من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد رضي
الله عنه والطريق إلى ابن أبي نجيح قوية ومنهم عكرمة ويروي التفسير عنه من طريق
الحسن بن واقد عن يزيد النحوي عنه ومن طريق محمد بن إسحق عن محمد بن أبي محمد مولى
زيد بن ثابت عن عكرمة أو سعيد بن جبير هكذا بالشك ولا يضر لكونه عن ثقة ومن طريق
معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وعلي صدوق ولم يلق ابن عباس لكنه
إنما جمل عن ثقات أصحابه فلذلك كان البخاري وأبو حاتم وغيرهما يعتمدون على هذه
النسخة ومن طريق ابن جريج رضي الله عنه عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس لكن فيما
يتعلق بالبقرة وآل عمران وما عدا ذلك يكون عطاء رضي الله عنه هو الخراساني وهو لم
يسمع من ابن عباس رضي الله عنهما فيكون منقطعا إلا إن صرح ابن جريج بأنه عطاء بن
أبي رباح
ومن روايات الضعفاء عن ابن عباس رضي الله عنهما التفسير المنسوب لأبي النصر محمد
بن السائب الكلبي فإنه يرويه عن أبي صالح وهو مولى أم هانئ عن ابن عباس والكلبي
اتهموه بالكذب وقد مرض فقال لأصحابه في مرضه : كل شيء حدثتكم عن أبي صالح كذب ومع
ضعف الكلبي قد روي عنه تفسير مثله أو أشد ضعفا وهو محمد بن مروان السدي الصغير
ورواه عن محمد بن مروان مثله أو أشد ضعفا وهو صالح بن محمد الترمذي وممن روى
التفسير عن الكلبي من الثقات سفيان الثوري ومحمد بن فضيل بن غزوان
ومن الضعفاء من قبل الحفظ جبان بكسر المهملة وتثقيل الموحدة وهو ابن علي العنزي
بفتح المهملة والنون بعدها زاي منقوطة ومنهم جويبر بن سعيد وهو واه روى التفسير عن
الضحاك بن مزاحم وهو صدوق عن ابن عباس رضي الله عنهما ولم يسمع منه شيئا
وممن روى التفسير عن الضحاك : علي بن الحكم وهو ثقة وعلي بن سليمان وهو صدوق وأبو
روق عطية بن الحرث وهو لا بأس به
ومنهم عثمان بن عطاء الخراساني رضي الله عنه يروي التفسير عن أبيه عن
(8/700)
ابن
عباس
ولم يسمع أبوه من ابن عباس
ومنهم إسماعيل بن عبدالرحمن السدي بضم المهملة وتشديد الدال وهو كوفي صدوق ولكنه
جمع التفسير من طرق منها عن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة بن شراحيل عن ابن مسعود
وعن ناس من الصحابة رضي الله عنهم وغيرهم وخلط روايات الجميع فلم تتميز روايات
الثقة من الضعيف
ولم يلق السدي من الصحابة إلا أنس بن مالك وربما التبس بالسدي الصغير الذي تقدم
ذكره
ومنهم إبراهيم بن الحكم بن أبان العدني وهو ضعيف يروي التفسير عن أبيه عن عكرمة
وإنما ضعفوه لأنه وصل كثيرا من الأحاديث بذكر ابن عباس وقد روى عنه تفسيره عبد بن
حميد
ومنهم إسماعيل بن أبي زياد الشامي وهو ضعيف جمع تفسيرا كثيرا فيه الصحيح والسقيم
وهو في عصر أتباع التابعين
ومنهم عطاء بن دينار رضي الله عنه وفي وفيه ؟ لين يروي التفسير عن سعيد بن جبير عن
ابن عباس رضي الله عنهما ؟ تفسير رواه عنه ابن لهيعة وهو ضعيف
ومن تفاسير التابعين ما يروى عن قتادة رضي الله عنه وهو من طرق منها رواية عبد
الرزاق عن معمر عنه ورواية آدم بن أبي إياس وغيره عن شيبان عنه ورواية يزيد بن
زريع عن سعيد بن أبي عروبة ومن تفاسيرهم تفسير الربيع بن أنس عن أبي العالية واسمه
رفيع بالتصغير الرياحي بالمثناة التحتية والحاء المهملة وبعضه لا يسمى الربيع فوقه
أحد وهو يروي من طرق منها رواية أبي عبيد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عنه
ومنها تفاسير مقاتل بن حيان من طريق محمد بن مزاحم بن بكير بن معروف عنه ومقاتل
هذا صدوق وهو غير مقاتل بن سليمان الآتي ذكره
ومن تفاسير ضعفاء التابعين فمن بعدهم تفسير زيد بن أسلم من رواية ابنه عبد الرحمن
عنه وهي نسخة كبيرة يرويها ابن وهب وغيره عن عبد الرحمن عن أبيه وعن غير أبيه وفيه
أشياء كثيرة لا يسندها لأحد وعبد الرحمن من الضعفاء وأبوه من الثقات ومنها تفسير
مقاتل بن سليمان وقد نسبوه إلى الكذب
وقال الشافعي رضي الله عنه : مقاتل قاتله الله تعالى
وإنما قال الشافعي رضي الله عنه فيه ذلك لأنه اشتهر عنه القول بالتجسيم وروى تفسير
مقاتل هذا عنه أبو عصمة نوح بن أبي مريم الجامع وقد نسبوه إلى الكذب ورواه أيضا عن
مقاتل الحكم بن هذيل وهو ضعيف لكنه أصلح حالا من أبي عصمة ومنها تفسير يحيى بن
سلام المغربي وهو كبير في نحو ستة أسفار أكثر فيه النقل عن التابعين وغيرهم وهو
لين الحديث وفيما يرويه مناكير كثيرة وشيوخه مثل
(8/701)
سعيد
بن أبي عروبة ومالك والثوري ويقرب منه تفسير سنيد بمهملة ونون مصغر واسمه الحسني
بن داود وهو من طبقة شيوخ الأئمة الستة يروي عن ججاج بن محمد المصيصي كثيرا وعن
أنظاره وفيه لين وتفسيره نحو تفسير يحيى بن سلاموقد أكثر ابن جريج التخريج منه
ومن التفاسير الواهية لوهاء رواتها التفسير الذي جمعه موسى بن عبد الرحمن الثقفي
الصنعاني وهو قدر مجلدين يسنده إلى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما
وقد نسب ابن حبان موسى هذا إلى وضع الحديث ورواه عن موسى عبد الغني بن سعيد الثقفي
وهو ضعيف وقد يوجد كثير من أسباب النزول في كتب المغازي فما كان منها من رواية
معتمر بن سليمان عن أبيه أو من رواية إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن عمه موسى بن
عقبة فهو أصلح مما فيها من كتاب محمد بن إسحق وما كان من رواية ابن إسحاق أمثل مما
فيها من رواية الواقدي انتهى
قال مؤلفه رضي الله عنه وتقبل الله منه صنيعه : فرغت من تبييضه يوم عيد الفطر سنة
ثمان وتسعين وثمانمائة والحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم
تسليما كثيرا إلى يوم الدين وحسبنا الله ونعم الوكيل ولا حول ولا قوة إلا بالله
العلي العظيم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق