ج3.
الدر المنثور لعبد الرحمن بن الكمال جلال الدين السيوطي
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وجعلنا الليل والنهار
آيتين قال : كان القمر يضيء كما تضيء الشمس والقمر آية الليل والشمس آية النهار
فمحونا آية الليل قال : السواد الذي في القمر
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال : كتب هرقل إلى
معاوية يسأله عن ثلاثة أشياء : أي مكان إذا صليت فيه ظننت أنك لم تصل إلى قبلة ؟
وأي مكان طلعت فيه الشمس مرة لم تطلع فيه قبل ولا بعد ؟ وعن السواد الذي في القمر
؟ فسأل ابن عباس رضي الله عنهما ؟ فكتب إليه أما المكان الأول : فهو ظهر الكعبة
وأما الثاني : فالبحر حين فرقه الله لموسى عليه السلام
وأما السواد الذي في القمر : فهو المحو
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال : خلق الله نور
الشمس سبعين جزءا أو نور القمر سبعين جزءا فمحا من نور القمر تسعة وستين جزءا
فجعله مع نور الشمس فالشمس على مائة وتسعة وثلاثين جزءا والقمر على جزء واحد
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه في الآية قال : كانت شمس
بالليل وشمس بالنهار فمحا الله شمس الليل فهو المحو الذي في القمر
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير في قوله : فمحونا آية الليل قال : انظر إلى
الهلال ليلة ثلاث عشرة أو أربع عشرة فإنك ترى فيه كهيئة الرجل آخذا برأس رجل
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : فمحونا آية الليل وجعلنا آية
النهار مبصرة قال : ظلمة الليل وسدف النهار لتبتغوا فضلا من ربكم قال : جعل لكم
سبحا طويلا المزمل آية 7
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فصلناه يقول
: بيناه
(5/248)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن عطاء بن السائب رضي الله عنه قال : أخبرني غير واحد أن قاضيا من
قضاة الشام أتى عمر رضي الله عنه فقال : يا أمير المؤمنين رأيت رؤيا أفظعتني
قال : وما رأيت ؟ قال : رأيت الشمس والقمر يقتتلان والنجوم معهما نصفين
قال : فمع أيهما كنت ؟ قال : مع القمر على الشمس
قال عمر رضي الله عنه : وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية
النهار مبصرة فانطلق فوالله لا تعمل لي عملا أبدا
قال عطاء رضي الله عنه : فبلغني أنه قتل مع معاوية يوم صفين
وأخرج ابن عساكر عن علي بن زيد رضي الله عنه قال : سأل ابن الكواء عليا رضي الله
عنه عن السواد الذي في القمر ؟ قال : هو قول الله تعالى : فمحونا آية الليل
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن جرير بسند حسن عن جابر رضي الله عنه سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : " طائر كل إنسان في عنقه "
وأخرج ابن مردويه عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " إن النطفة التي يخلق منها النسمة تطير في المرأة أربعين يوما
وأربعين ليلة فلا يبقى منها شعر ولا بشر ولا عرق ولا عظم إلا دخله حتى أنها لتدخل
بين الظفر واللحم فإذا مضى لها أربعون ليلة وأربعون يوما أهبطه الله إلى الرحم
فكان علقة أربعين يوما وأربعين ليلة ثم يكون مضغة أربعين يوما وأربعين ليلة فإذا
تمت لها أربعة أشهر بعث الله إليها ملك الأرحام فيخلق على يده لحمها ودمها وشعرها
وبشرها ثم يقول : صور
فيقول : يا رب ما أصور أزائد أم ناقص أذكر أم أنثى أجميل أم ذميم أجعد أم سبط
أقصير أم طويل أبيض أم آدم أسوي أم غير سوي ؟ فيكتب من ذلك ما يأمر به
ثم يقول الملك : يا رب أشقي أم سعيد ؟ فإن كان سعيدا نفخ فيه بالسعادة في آخر أجله
وإن كان شقيا : نفخ فيه الشقاوة في آخر أجله
ثم يقول : اكتب أثرها ورزقها ومصيبتها وعملها بالطاعة والمعصية فيكتب من ذلك ما
يأمره الله به ثم يقول الملك : يا رب ما أصنع بهذا الكتاب ؟ فيقول : علقه في عنقه
إلى قضائي عليه
فذلك قوله : وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في
(5/249)
قوله
: ألزمناه طائره في عنقه قال : سعادته وشقاوته وما قدره الله له وعليه فهو لازمه
أينما كان
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جوبير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : طائره في عنقه
قال : قال عبد الله رضي الله عنه الشقاء والسعادة والرزق والأجل
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن أنس رضي الله عنه في قوله : طائره في عنقه قال
: كتابه
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : وكل إنسان ألزمناه
طائره في عنقه أي عمله
وأخرج ابو داود في كتاب القدر وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله : وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه قال : ما من مولود يولد إلا
وفي عنقه ورقة مكتوب فيها شقي أو سعيد
وأخرج ابن جرير وابن ابي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ألزمناه طائره
قال : عمله ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا قال : هو عمله الذي عمل أحصي
عليه فأخرج له يوم القيامة ما كتب عليه من العمل فقرأه منشورا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في الآية قال : الكافر يخرج له يوم
القيامة كتاب فيقول : رب إنك قد قضيت
إنك لست بظلام للعبيد فاجعلني أحاسب نفسي
فيقال له : اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هرون قال : في قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه وكل
إنسان ألزمناه طائره في عنقه يقرؤه يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه أنه قرأ " ويخرج له يوم القيامة كتابا
" بفتح الياء يعني يخرج الطائر كتابا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : اقرأ كتابك قال :
سيقرأ يومئذ من لم يكن قارئا في الدنيا
(5/250)
وأخرج
ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه قال : يا ابن آدم بسطت لك صحيفة ووكل بك ملكان
كريمان أحدهما عن يمينك والآخر عن يسارك حتى إذا مت طويت صحيفتك فجعلت في عنقك معك
في قبرك حتى تخرج يوم القيامة
فعند ذلك يقول : وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه حتى بلغ عليك حسيبا
وأخرج ابن عبد البر في التمهيد بسند ضعيف عن عائشة رضي الله عنها قال : سالت خديجة
رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أولاد المشركين ؟ فقال : " هم مع آبائهم
" ثم سألته بعد ذلك ؟ فقال : " الله أعلم بما كانوا عاملين " ثم
سألته بعد ما استحكم الإسلام ؟ ! فنزلت ولا تز وازرة وزر أخرى فقال : " هم
على الفطرة " أو قال : في الجنة
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي
والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : حدثني الصعب بن جثامة رضي
الله عنه قال : قلت يا رسول الله إني قضيت في البنات من ذراري المشركين ؟ قال :
" هم منهم "
وأخرج ابن سعد وقاسم بن أصبغ وابن عبد البر عن خنساء بنت معاوية الضمرية عن عمها
قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " النبي في الجنة والشهيد
في الجنة والمولود في الجنة والوئيد "
وأخرج قاسم بن أصبغ وابن عبد البر عن أنس رضي الله عنه قال : سألنا رسول الله صلى
الله عليه و سلم عن أولاد المشركين ؟ قال : " هم خدم أهل الجنة "
وأخرج عن سلمان رضي الله عنه قال : أطفال المشركين خدم أهل الجنة
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن عبد البر وضعفه عن عائشة رضي الله عنها
قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أولاد المسلمين أين هم ؟ قال :
" في الجنة " وسألته عن ولدان المشركين أين هم ؟ قال : " في النار قلت
: يا رسول الله لم يدركوا الأعمال ولم تجر عليهم القلام ! قال : " ربك أعلم
بما كانوا عاملين والذي نفسي بيده لئن شئت أسمعتك تضاغيهم في النار "
وأخرج قاسم بن أصبغ وابن عبد البر عن ابن عباس رضي الله عنهما
(5/251)
قال
: كنت أقول في أطفال المشركين هم مع آبائهم حتى حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله
عليه و سلم عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه سئل عنهم ؟ فقال : " ربهم أعلم
بهم وبما كانوا عاملين " فأمسكت عن قولي
وأخرج قاسم بن أصبغ وابن عبد البر عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم سئل عن أولاد المشركين ؟ فقال : " الله أعلم بما كانوا
عاملين والله أعلم "
الآية 15 - 17 أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال : إذا كان يوم القيامة جمع الله أهل الفترة : المعتوه والأصم
والأبكم والشيوخ الذين لم يدركوا الإسلام ثم أرسل إليهم رسولا أن ادخلوا النار
فيقولون كيف ؟ ولم تأتنا رسل ! قال : وأيم الله لو دخلوها لكانت عليهم بردا وسلاما
ثم يرسل إليهم فيطيعه من كان يريد أن يطيعه
قال أبو هريرة رضي الله عنه : اقرأوا إن شئتم وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا
وأخرج إسحق بن راهويه وأحمد وابن حبان وأبو نعيم في المعرفة والطبراني وابن مردويه
والبيهقي في كتاب الإعتقاد عن الأسود بن سريع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
و سلم : " أربعة يحتجون يوم القيامة : رجل أصم لا يسمع شيئا ورجل أحمق ورجل
هرم ورجل مات في الفطرة فأما الأصم فيقول : رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئا وأما
الأحمق فيقول : رب جاء الإسلام والصبيان يحذفونني بالبعر وأما الهرم فيقول : رب
لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئا وأما الذي مات في الفطرة فيقول : رب ما آتاني لك
رسول
فيأخذ مواثيقهم ويرسل إليهم رسولا أن ادخلوا النار
قال : فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها كانت عليهم بردا وسلاما ومن لم يدخلها سحب
إليها "
(5/252)
وأخرج
ابن راهويه وأحمد وابن مردويه والبيهقي أبي هريرة رضي الله عنه مثله غير أنه قال
في آخره : فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما ومن لم يدخلها سحب إليها
وأخرج قاسم بن أصبغ والبزار وأبو يعلى وابن عبد البر في التمهيد عن أنس رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يؤتى يوم القيامة بأربعة :
بالمولود والمعتوه ومن مات في الفترة والشيخ الهرم الفاني كلهم يتكلم بحجته فيقول
الرب تبارك وتعالى : لعنق من جهنم أبرزي ويقول لكم : غني كنت أبعث إلى عبادي رسلا
من أنفسهم وإني رسول نفسي إليكم
فيقول لهم : ادخلوا هذه فيقول : من كتب عليه الشقاء يا رب ؟ أندخلها ومنها كنا نفر
؟ ! قال : وأما من كتب له السعادة فيمضي فيها فيقول الرب : قد عاينتموني فعصيتموني
فأنتم لرسلي أشد تكذيبا ومعصية فيدخل هؤلاء الجنة وهؤلاء النار
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والطبراني وأبو نعيم عن معاذ بن جبل رضي
الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " يؤتى يوم القيامة
بالممسوخ عقلا وبالهالك في الفترة وبالهالك صغيرا فيقول الممسوخ عقلا : يا رب لو
آتيتني عقلا ما كان من آتيته عقلا بأسعد بعقله مني ويقول الهالك في الفترة رب لو
أتاني منك عهد ما كان من أتاه منك عهد بأسعد بعهدك مني ويقول الهالك صغيرا : يا رب
لو آتيتني عمرا ما كان من أتيته عمرا بأسعد بعمره مني فيقول الرب تبارك وتعالى :
فإني آمركم بأمر تطيعوني ؟ فيقولون : نعم وعزتك فيقول لهم : اذهبوا فادخلوا جهنم
ولو دخلوها ما ضرتهم شيئا فخرج عليهم قوابص من نار يظنون أنها قد أهلكت ما خلق
الله من شيء فيرجعون سراعا ويقولون : يا ربنا خرجنا وعزتك نريد دخولها فخرجت علينا
قوابص من نار ظننا أن قد أهلكت ما خلق الله من شيء ثم يأمرهم ثانية فيرجعون كذلك
ويقولون : كذلك فيقول الرب : خلقتكم على علمي وإلى علمي تصيرون ضميهم فتأخذهم
النار "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح رضي الله عنه قال : يحاسب يوم القيامة الذين أرسل
إليهم الرسل فيدخل الله الجنة من أطاعه ويدخل النار من عصاه ويبقى قوم من الولدان
والذين هلكوا في الفترة فيقول : وإني آمركم أن
(5/253)
تدخلوا
هذه النار فيخرج لهم عنق منها فمن دخلها كانت نجاته ومن نكص فلم يدخلها كانت هلكته
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه : أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم أتاه رجل فسأله عن ذراري المشركين الذين هلكوا صغارا ؟
فوضع رأسه ساعة ثم قال : أين السائل ؟ فقال : ها أنا يا رسول الله فقال : "
إن الله تبارك وتعالى إذا قضى بين أهل الجنة والنار لم يبق غيرهم عجوا فقالوا :
اللهم ربنا لم تأتنا رسلك ولم نعلم شيئا فأرسل إليهم ملكا والله أعلم بما كانوا
عاملين فقال : إني رسول ربكم إليكم فانطلقوا فاتبعوا حتى أتوا النار فقال : إن
الله يأمركم أن تقتحوا فيها فاقتحمت طائفة منهم ثم أخرجوا من حيث لا يشعر أصحابهم
فجعلوا في السابقين المقربين ثم جاءهم الرسول فقال : إن الله يأمركم أن تقتحموا في
النار فاقتحمت طائفة أخرى ثم خرجوا من حيث لا يشعرون فجعلوا في أصحاب اليمين ثم
جاء الرسول فقال : إن الله يأمركم أن تقتحموا في النار فقالوا : ربنا لا طاقة لنا
بعذابك فأمر بهم فجمعت نواصيهم وأقدامهم ثم ألقوا في النار والله أعلم "
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : أمرنا
مترفيها قال أمروا بالطاعة فعصوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب رضي الله عنه قال : سمعت ابن عباس رضي الله
عنهما يقول في قوله : وإذا أردنا أن نهلك قرية الآية
قال : أمرنا مترفيها بحق فخالفوه فحق عليهم بذلك التدمير
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله : وإذا أردنا أن نهلك قرية امرنا مترفيها قال : سلطنا
شرارها فعصوا فيها فإذا فعلوا ذلك أهلكناهم بالعذاب
وهو قوله : وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها الأنعام آية 123
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله وجل : أمر مترفيها قال : سلطنا عليهم الجبابرة فساموهم
(5/254)
سوء
العذاب
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول : إن يعطبوا يبرموا وإن أمروا يوما يصيروا للهلك
والفقد وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه كان
يقرأ أمرنا مترفيها مثقلة
يقول : أمرنا عليهم أمراء
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قرأ " آمرنا مترفيها
" يعني بالمد
قال : أكثرنا فساقها
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أنه قرأ أمرنا
مترفيها قال : أكثرناهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء رضي الله عنه أمرنا مترفيها قال : أكثرنا
وأخرج البخاري وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كنا نقول للحي إذا
كثروا في الجاهلية قد أمروا بني فلان
الآية 18 - 21 أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : من كان يريد
العاجلة قال : من كان يريد بعمله الدنيا عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد ذاك به
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : من كان يريد
العاجلة قال : من كانت همه ورغبته وطلبته ونيته عجل الله له فيها ما يشاء ثم اضطره
إلى جهنم يصلاها مذموما في نقمة الله مدحورا في
(5/255)
عذاب
الله
وفي قوله : ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك سعيهم مشكورا قال :
شكر الله له اليسير وتجاوز عنه الكثير
وفي قوله : كلا نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك أي : أن الله قسم الدنيا بين البر
والفاجر والآخرة : خصوصا عند ربك للمتقين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن الحسن رضي الله عنه في قوله
: كلا نمد الآية
قال : كلا نرزق في الدنيا البر والفاجر
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : كلا نمد هؤلاء وهؤلاء يقول :
نمد الكفار والمؤمنين من عطاء ربك يقول : من الرزق
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : كلا نمد الآية
قال : نرزق من أراد الدنيا ونرزق من أراد الآخرة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : كلا نمد هؤلاء
وهؤلاء قال : هؤلاء أصحاب الدنيا وهؤلاء أصحاب الآخرة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : كلا نمد هؤلاء
وهؤلاء هؤلاء أهل الدنيا وهؤلاء أهل الآخرة وما كان عطاء ربك محظورا قال ممنوعا
واخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : محظورا قال ممنوعا
وأخرج ابن جرير وأبن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : انظر كيف فضلنا
بعضهم على بعض أي في الدنيا : وللآخرة أكبر درجات وأكبر تفضيلا وإن للمؤمنين في
الجنة منازل وإن لهم فضائل بأعمالهم
وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم قال : " بين أعلى أهل الجنة
وأسفلهم درجة كالنجم يرى في مشارق الأرض ومغاربها "
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : وللآخرة أكبر
درجات وأكبر تفضيلا قال : إن أهل الجنة بعضهم فوق بعض درجات الأعلى يرى فضله على
من هو أسفل منه والأسفل لا يرى أن فوقه أحدا
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن سلمان رضي الله
(5/256)
عنه
- عن النبي صلى الله عليه و سلم - قال : " ما من عبد يريد أن يرتفع في الدنيا
درجة فارتفع إلا وضعه الله في الآخرة درجة أكبر منها وأطول " ثم قرأ وللآخرة
أكبر درجات وأكبر تفضيلا
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وهناد وابن أبي الدنيا في صفة
الجنة والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لا يصيب عبد من
الدنيا شيئا إلا نقص من درجاته عند الله وإن كان على الله كريما
الآية 22 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : مذموما
يقول ملوما
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : فتقعد مذموما يقول
: في نقمة الله مخذولا في عذاب الله
الآية 23 - 25 أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن الأنباري
في المصاحف من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وقضى ربك
أن لا تعبدوا إلا إياه قال : التزقت الواو بالصاد وأنتم تقرؤونها وقضى ربك
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما وأخرج أبو عبيد
وابن منيع وابن المنذر وابن مردويه من طريق ميمون بن
(5/257)
مهران
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزل الله هذا الحرف على لسان نبيكم صلى الله
عليه و سلم " ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه " فالتصقت إحدى الواوين
بالصاد فقرأ الناس وقضى ربك ولو نزلت على القضاء ما أشرك به أحد
وأخرج الطبراني عن الأعمش قال : كان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقرأ "
ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه "
وأخرج ابن جرير عن حبيب بن أبي ثابت رضي الله عنه قال : أعطاني ابن عباس رضي الله
عنهما مصحفا فقال : هذا على قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه فرأيت فيه " ووصى
ربك "
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة قال : في حرف ابن مسعود رضي الله عنه
" ووصى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه "
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر عن الضحاك بن مزاحم رضي الله عنه أنه قرأها
" ووصى ربك " قال : إنهم ألصقوا إحدى الواوين بالصاد فصارت قافا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله : وقضى ربك قال : أمر
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : وقضى ربك أن لا تعبدوا إلا إياه
قال : عهد ربك أن لا تعبدوا إلا إياه
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : وبالوالدين إحسانا يقول : برا
وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : إما
يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف فيما تميط عنهما من الأذى
الخلاء والبول كما كانا لا يقولانه فيما كانا يميطان عنك من الخلاء والبول
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في الآية قال : لا تقل لهما أف فما سواه
وأخرج الديلمي عن الحسن بن علي - رضي الله عنهما - مرفوعا لو علم الله شيئا من
العقوق أدنى من أف لحرمه
(5/258)
وأخرج
سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عروة رضي الله عنه في
قوله : وقل لهما قولا كريما قال : لا تمنعهما شيئا أرادا
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن الحسن رضي الله عنه أنه سئل ما بر الوالدين ؟ قال :
أن تبذل لهما ما ملكت وأن تطيعهما فيما أمراك به إلا أن يكون معصية
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه أنه قيل له : إلام ينتهي العقوق ؟ قال :
أن يحرمهما ويهجرهما ويحد النظر إلى وجههما
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنهما في قوله : وقل لهما قولا كريما قال :
يقول : يا أبت يا أمه ولا يسميهما بأسمائهما
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : أتى رجل رسول الله صلى الله عليه
و سلم ومعه شيخ فقال : " من هذا معك ؟ " قال : أبي
قال : " لا تمشين أمامه ولا تقعدن قبله ولا تدعه باسمه ولا تستب له "
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد رضي الله عنه في قوله : وقل لهما قولا كريما
قال : إذا دعواك فقل لهما لبيكما وسعديكما
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : وقل لهما قولا
كريما قال : قولا لينا سهلا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي الهداج التجيبي قال : قلت لسعيد
بن المسيب رضي الله عنه كل ما ذكر الله في القرآن من بر الوالدين فقد عرفته إلا
قوله : وقل لهما قولا كريما ما هذا القول الكريم ؟ قال ابن المسيب : قول العبد
المذنب للسيد الفظ
وأخرج البخاري في الأدب المفرد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عروة في
قوله : واخفض لهما جناح الذل من الرحمة قال : تلين لهما حتى لا يمتنعا من شيء
أحباه
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : واخفض لهما جناح الذل
من الرحمة يقول اخضع لوالديك كما يخضع العبد للسيد الفظ الغليظ
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي رباح رضي
(5/259)
الله
عنهما في قوله : واخفض لهما جناح الذل من الرحمة قال : لا ترفع يديك عليهما إذا
كلمتهما
وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة رضي الله عنه في قوله : واخفض لهما جناح الذل من
الرحمة قال : إن أغضباك فلا تنظر إليهما شزرا فإنه أول ما يعرف غضب المرء بشدة
نظره إلى من غضب عليه
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " ما بر أباه من حد إليه الطرف "
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد - رضي الله عنه - في قوله : واخفض لهما جناح
الذل من الرحمة قال : إن سباك أو لعناك فقل رحمكما الله غفر الله لكما
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه قرأ واخفض لهما جناح الذل بكسر
الذال
وأخرج عن عاصم الجحدري رضي الله عنه مثله
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي مرة مولى عقيل : أن أبا هريرة - رضي الله
عنه - كانت أمه في بيت وهو في آخر فكان يقف على بابها ويقول : السلام عليك يا
أمتاه ورحمة الله وبركاته فتقول : وعليك يا بني فيقول : رحمك الله كما ربيتني
صغيرا فتقول : رحمك الله كما بررتني كبيرا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ثم أنزل الله بعد هذا ما كان للنبي والذين آمنوا
أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى التوبة آية 113
وأخرج البخاري في الأدب المفرد وأبو داود وابن جرير وابن المنذر من طرق عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله : وإما يبلغن عندك الكبر إلى قوله : كما ربياني صغيرا
قد نسختها الآية التي في براءة ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين التوبة
آية 113 الآية
وأخرج ابن المنذر والنحاس وابن الأنباري في المصاحف عن قتادة رضي الله
(5/260)
عنه
قال : نسخ من هذه الآية حرف واحد لا ينبغي لأحد من المسلمين أن يستغفر لوالديه إذا
كانوا مشركين ولم يقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ولكن ليخفض لهما جناح الذي من
الرحمة وليقل لهما قولا معروفا
قال الله تعالى : ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله :
ربكم أعلم بما في نفوسكم قال : تكون البادرة من الولد إلى الوالد فقال الله : إن
تكونوا صالحين أي تكون النية صادقة ببرهما فإنه كان للأوابين غفورا للبادرة التي
بدرت منه
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في
قوله : إنه كان للأوابين قال : الرجاعين من الذنب إلى التوبة ومن السيئات إلى
الحسنات
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : للأوابين قال
: للمطيعين المحسنين
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله : للأوابين قال : للتوابين
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : الأواب
التواب
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن مردويه عن ابن
مسعود رضي الله عنه قال : سألت النبي صلى الله عليه و سلم أي العمل أحب إلى الله ؟
قال : " الصلاة على وقتها " قلت : ثم أي ؟ قال : " ثم بر الوالدين
" قلت : ثم أي ؟ قال : " ثم الجهاد في سبيل الله "
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : رضا الله
في رضا الوالد وسخط الله في سخط الوالد
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد وأبو داود والترمذي وحسنه والحاكم وصححه
والبيهقي في شعب الإيمان عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال :
(5/261)
قلت
يا رسول الله من أبر ؟ قال : " أمك
قلت : من أبر ؟ قال : أمك
قلت : من أبر ؟ قال : أمك
قلت : من أبر ؟ قال : أباك ثم الأقرب فالأقرب "
وأخرج البخاري في الأدب المفرد والبيهقي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه أتاه
رجل فقال : إني خطبت امرأة فأبت أن تنكحني وخطبها غيري فأحبت أن تنكحه فغرت عليها
فقتلتها فهل لي من توبة ؟ قال : أمك حية ؟ قال : لا
قال : تب إلى الله وتقرب إليه ما استطعت
فذهبت فسألت ابن عباس - رضي الله عنهما - لم سألت عن حياة أمه ؟ فقال : إني لا
أعلم عملا أقرب إلى الله من بر الوالدة
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن ماجة والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال : أتى رجل نبي الله صلى الله عليه و سلم قال : ما تأمرني ؟ قال : " بر
أمك ثم عاد فقال : بر أمك ثم عاد فقال : بر أمك ثم عاد الرابعة فقال : بر أباك
" وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما من
مسلم له والدان يصبح إليهما محسنا إلا فتح الله له بابين - يعني من الجنة - وإن
كان واحد فواحد وإن أغضب أحدهما لم يرض الله عنه حتى يرضى عنه
قيل : وإن ظلماه ؟ قال : وإن ظلماه
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب المفرد ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة
وابن المنذر والبيهقي عن ابي هريرة رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه و سلم -
قال : " لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه قيعتقه "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبخاري في الأدب والحاكم وصححه والبيهقي عن عبد الله
بن عمر - رضي الله عنهما - قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم يبايعه
على الهجرة وترك أبويه يبكيان قال : " فارجع إليهما وأضحكهما كما أبكيتهما
"
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم يريد الجهاد فقال : " ألك
والدان ؟ قال : نعم
قال : ففيهما فجاهد "
وأخرج البخاري في الأدب ومسلم والبيهقي عن أبي هريرة - رضي الله
(5/262)
عنه
- عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " رغم أنفه رغم أنفه رغم أنفه قالوا يا
رسول الله : من ؟ قال : من أدرك والديه عند الكبر أو أحدهما فدخل النار "
وأخرج البخاري في الأدب والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن معاذ بن أنس رضي الله
عنه قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم " من بر والديه طوبى له زاد الله في
عمره "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبخاري في الأدب والبيهقي عن أبي هريرة - رضي الله
عنه - أنه أبصر رجلين فقال : لأحدهما ما هذا منك ؟ فقال أبي فقا : لا تسمه
وفي لفظ لا تدعه باسمه ولا تمش أمامه ولا تجلس قبله حتى يجلس ولا تستب له
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط
الوالدين "
وأخرج سعيد وابن أبي شيبة وأحمد والنسائي وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن
معاوية بن جابر عن أبيه قال : أتيت النبي صلى الله عليه و سلم أستشيره في الجهاد
فقال : " ألك والدة ؟ قال نعم
قال : اذهب فالزمها فإن الجنة قد عند رجليها "
وأخرج عبد الرزاق عن طلحة رضي الله عنه أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم
فقال : يا رسول الله إني أريد الغزو وقد جئت إليك أستشيرك ؟ فقال : " هل لك
من أم ؟ قال : نعم
قال : فالزمها فإن الجنة عند رجليها ثم الثانية ثم الثالثة " كمثل ذلك
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أنس - رضي الله عنه - أتى رجل رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقال : إني أشتهي الجهاد ولا أقدر عليه فقال : " هل بقي أحد من
والديك ؟ قال : أمي قال : فتق الله فيها فإذا فعلت ذلك فأنت حاج ومعتمر ومجاهد
فإذا دعتك أمك فاتق الله وبرها "
وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" لنومك على السرير بين والديك تضحكهما ويضحكانك أفضل من جهادك بالسيف في
سبيل الله "
(5/263)
وأخرج
ابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي عن خداش بن سلامة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم أوصي امرأ بأمه ثلاث مرار وأوصي امرأ بأبيه مرتين وأوصي امرأ بمولاه
الذي يليه وإن كان عليه منه أذى يؤذيه
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " الوالد وسط أبواب الجنة فاحفظ
ذلك الباب أو ضيعه "
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " إني أراني في الجنة فبينا أنا فيها إذ سمعت صوت رجل بالقرآن فقلت : من
هذا ؟ قالوا : حارثة بن النعمان كذلك البر كذلك البر "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " نمت فرأيتني في الجنة فسمعت قارئا يقرأ فقلت من هذا ؟
" قالوا : حارثة بن النعمان فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
كذلك البر كذلك البر كذلك البر " قال : وكان أبر الناس بأمه
وأخرج البيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : مر رجل له جسم - يعني خلقا -
فقالوا : لو كان هذا في سبيل الله ! فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " لعله
يكد على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله
لعله يكد على صبية صغار فهو في سبيل الله
لعله يكد على نفسه ليغنيها عن الناس فهو في سبيل الله "
وأخرج البيهقي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من أحب أن يمد الله في عمره ويزيد في رزقه فليبر والديه وليصل رحمه "
وأخرج البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه و سلم -
قال : " ما من ولد بار ينظر إلى والديه نظرة رحمة إلا كتب الله له بكل نظرة
حجة مبرورة " قالوا : وإن نظر كل يوم مائة مرة ؟ قال : نعم
الله أكبر وأطيب "
وأخرج البيهقي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " إذا نظر الولد إلى والده - يعني - فسر به كان للولد عتق نسمة "
قيل : يا رسول الله وإن نظر ثلاثمائة وستين نظرة ؟ قال : " الله أكبر من ذلك
"
وأخرج البيهقي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : النظر إلى الوالد عبادة
(5/264)
والنظر
إلى الكعبة عبادة والنظر إلى المصحف عبادة والنظر إلى أخيك حبا له في الله عبادة
وأخرج البيهقي وضعفه عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال : " من قبل بين عيني أمه كان له سترا من النار "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي
صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله إني أذنبت ذنبا عظيما فهل لي من توبة ؟
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ألك والدان قال : لا
قال : ألك خالة ؟ قال : نعم
قال : فبرها إذن "
وأخرج البيهقي عن أم أيمن رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم أوصى بعض
أهل بيته فقال : لا تشرك بالله وإن عذبت وإن حرقت وأطع ربك ووالديك وإن أمراك أن
تخرج من كل شيء فاخرج ولا تترك الصلاة متعمدا فإنه من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت
منه ذمة الله إياك والخمر فإنها مفتاح كل شر وإياك والمعصية فإنها تسخط الله لا
تنازعن الأمر أهله وإن رأيت أنه لك لا تفر من الزحف وإن أصاب الناس موت وأنت فيهم
فاثبت أنفق على أهلك من طولك ولا ترفع عصاك عنهم وأخفهم في الله عز و جل "
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب وأبو داود وابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي
أسيد رضي الله عنه قال : كنا عند النبي صلى الله عليه و سلم فقال رجل : يا رسول
الله هل بقي علي من بر أبوي شيء بعد موتهما أبرهما به ؟ قال : " نعم
خصال أربع : الدعاء لهما والاستغفار لهما وإنفاذ عهدهما وإكرام صديقهما وصلة الرحم
التي لا رحم لك إلا من قبلهما "
وأخرج البخاري في الأدب ومسلم وأبو داود والترمذي وابن حبان والبيهقي عن ابن عمر
رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن أبر البر أن يصل
الرجل أهل ود أبيه بعد أن يولي الأب "
وأخرج البخاري في الأدب عن عبد الله بن سلام - رضي الله عنه - قال : والذي بعث
محمد بالحق إنه لفي كتاب الله لا تقطع من كان يصل أباك فتطفئ بذلك نورك
وأخرج الحاكم والبيهقي من طريق محمد بن طلحة عن عبد الرحمن بن أبي
(5/265)
بكر
الصديق : أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال لرجل من العرب كان يصحبه - يقال له
عفير - يا عفير كيف سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول في الود ؟ قال سمعته يقول
: " الود يتوارث والعداوة كذلك "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه :
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " لا يدخل الجنة عاق ولا ولد زنا
ولا مدمن خمر ولا منان "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والنسائي والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لا يدخل الجنة عاق والديه ولا منان ولا
ولد زنية ولا مدمن خمر ولا قاطع رحم ولا من أتى ذات رحم "
وأخرج البيهقي وضعفه عن طلق بن علي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
: " لو أدركت والدي أو أحدهما وأنا في صلاة العشاء وقد قرأت فيها بفاتحة
الكتاب فنادى يا محمد لأجبتهما لبيك "
وأخرج البيهقي وضعفه من طريق الليث بن سعد حدثني يزيد بن حوشب الفهري عن أبيه :
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " لو كان جريج الراهب فقيها عالما
لعلم أن إجابته أمه أفضل من عبادته ربه "
وأخرج البيهقي عن مكحول قال : إذا دعتك والدتك وأنت في الصلاة فأجبها وإذا دعاك
أبوك فلا تجبه حتى تفرغ من صلاتك
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن المنكدر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إذا دعتك أمك في الصلاة فأجبها وإذا دعاك أبوك فلا تجبه
"
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" من أدرك والديه أو أحدهما ثم دخل النار من بعد ذلك فأبعده الله وأسحقه
"
وأخرج أحمد والبيهقي عن سهل بن معاذ عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: " من العباد عباد لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم
ولا يطهرهم " قيل : من أولئك يا رسول الله ؟ قال : " المتبرئ من والديه
رغبة عنهما والمتبرئ من ولده ورجل أنعم عليه قوم فكفر نعمتهم وتبرأ منهم "
وأخرج البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إن
(5/266)
أشد
الناس عذابا يوم القيامة من قتل نبيا أو قتله نبي أو قتل أحد والديه والمصورون
وعالم لم ينتفع بعلمه "
وأخرج الحاكم وصححه وتعقبه الذهبي والبيهقي والطبراني والخرائطي في مساوئ الأخلاق
من طريق بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه عن جده أبي بكرة عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : " كل الذنوب يؤخر الله منها ما شاء إلى يوم القيامة
إلا عقوق الوالدين فإنه يعجله لصاحبه في الحياة قبل الممات ومن رايا رايا الله به
ومن سمع سمع الله به "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي عن طاوس رضي الله عنه قال : إن من السنة أن
توقر أربعة : العالم وذو الشيبة والسلطان والوالد
قال : ويقال أن من الجفاء : أن يدعو الرجل والده باسمه
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن كعب رضي الله عنه أنه سئل عن العقوق ما تجدونه في
كتاب الله عقوق الوالدين ؟ قال : إذا أقسم عليه لم يبره وإذا سأله لم يعطه وإذا
ائتمنه خان فذلك العقوق
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " ثلاث دعوات مستجابات : دعاء الوالد على ولده ودعوة المظلوم ودعوة المسافر
"
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن محمد بن النعمان يرفع الحديث إلى النبي صلى الله
عليه و سلم قال : " من زار قبر أبويه أو أحدهما في كل جمعة غفر له وكتب برا
"
وأخرج البيهقي عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إن الرجل ليموت والداه وهو عاق لهما فيدعو لهما من بعدهما فيكتبه
الله من البارين "
وأخرج البيهقي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن العبد يموت والداه أو أحدهما وإنه لهما عاق فلا يزال يدعو لهما ويستغفر
لهما حتى يكتبه الله بارا "
وأخرج البيهقي عن الأوزاعي رضي الله عنه قال : بلغني أن من عق والديه في حياتهما
ثم قضى دينا إن كان عليهما و استغفر لهما ولم يستسب لهما كتب بارا ومن بر والديه
في حياتهما ثم لم يقض دينا إن كان عليهما ولم يستغفر لهما واستسب لهما كتب عاقا
"
(5/267)
وأخرج
ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " من أصبح مطيعا لله في والديه أصبح له بابان مفتوحان من الجنة
وإن كان واحدا فواحدا ومن أمسى عاصيا لله في والديه أصبح له بابان مفتوحان من
النار وإن كان واحدا فواحدا " فقال رجل : وإن ظلماه ؟ قال : " وإن ظلماه
وإن ظلماه وإن ظلماه "
وأخرج البيهقي عن المنكدر بن محمد بن المنكدر رضي الله عنه قال : كان أبي يبيت على
السطح يروح على أمه وعمي يصلي إلى الصباح فقال له أبي ما يسرني أن ليلتي بليلتك
وأخرج ابن سعد وأحمد في الزهد والبيهقي عن عبد الله بن المبارك قال : قال محمد بن
المنكدر بات عمر أخي يصلي وبت أغمز رجل أمي وما أحب أن ليلتي بليلته
وأخرج ابن سعد عن محمد بن المنكدر : أنه كان يضع خده على الأرض ثم يقول لأمه : يا
أمه قومي فضعي قدمك على خدي
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي عن طاوس قال : كان رجل له أربعة بنين فمرض
فقال أحدهم : إما أن تمرضوه وليس لكم من ميراثه شيء وأما أن أمرضه وليس لي من
ميراثه شيء قالوا : بل مرضه وليس لك من ميراثه شيء فمرضه فمات ولم يأخذ من ماله
شيئا فأتي في النوم فقيل له : ائت مكان كذا وكذا فخذ منه مائة دينار فقال في نومه
أفيها بركة ؟ قالوا : لا
فأصبح فذكر ذلك لامرأته فقالت له خذها فإن من بركتها : أن تكتسي منها وتعيش بها
فأبى فلما أمسى أتي في النوم فقيل له : ائت مكان كذا وكذا فخذ منه عشرة دنانير
فقال : فيها بركة ؟ قالوا : لا فأصبح فذكر ذلك لامرأته فقالت له مثل ذلك فأبى أن
يأخذها فأتي في النوم في الليلة الثالثة : أن ائت مكان كذا وكذا فخذ منه دينارا
فقال : أفيه بركة ؟ قالوا : نعم
فذهب فأخذ الدينار ثم خرج به إلى السوق فإذا هو برجل يحمل حوتين فقال بكم هذان
فقال بدينار فأخذهما منه بالدينار ثم انطلق فلما دخل بيته شق الحوتين فوجد في بطن
كل واحد منهما درة لم ير الناس مثلها فبعث الملك بدرة ليشتريها فلم توجد إلا عنده
فباعها بوقر ثلاثين بغلا ذهبا فلما رآها الملك قال : ما تصلح هذه إلا
(5/268)
بأخت
فاطلبوا مثلها وإن أضعفتم
قال : فجاؤوا فقالوا : عندك أختها نعطيك ضعف ما أعطيناك ؟ قال : أو تفعلون ؟ قالوا
: نعم
فأعطاهم أختها بضعف ما أخذوا الأولى
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي عن يحيى بن أبي كثير رضي الله عنه قال : لما
قدم أبو موسى وأبو عامر على رسول الله صلى الله عليه و سلم فبايعوه وأسلموا
قال : " ما فعلت امرأة منكم تدعى كذا وكذا ؟ قالوا تركناها في أهلها
قال : فإنها قد غفر لها
قالوا : بم يا رسول الله ؟ قال : ببرها والدتها " قال : كانت لها أم عجوز
كبيرة فجاءهم النذير : إن العدو يريد أن يغير عليكم الليلة فارتحلوا ليلحقوا بعظيم
قومهم ولم يكن معها ما تحتمل عليه فعمدت إلى أمها فجعلت تحملها على ظهرها فإذا
أعيت وضعتها ثم ألصقت بطنها ببطن أمها وجعلت رجليها تحت رجلي أمها من الرمضاء حتى
نجت "
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : بينما نحن مع رسول الله صلى الله
عليه و سلم إذ طلع شاب فقلنا : لو كان هذا الشاب جعل شبابه ونشاطه وقوته في سبيل
الله فسمع النبي صلى الله عليه و سلم مقالتنا
فقال : " وما في سبيل الله إلا من قتل ومن سعى على والديه فهو في سبيل الله
ومن سعى على عياله فهو في سبيل الله ومن سعى على نفسه يغنيها فهو في سبيل الله
تعالى "
وأخرج الحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت يا رسول الله أي الناس أعظم حقا
على المرأة
قال : " زوجها
قلت : فأي الناس أعظم حقا على الرجل
قال : أمه "
وأخرج الحاكم عن علي رضي الله عنه : سمعت رسول الله يقول : لعن الله من ذبح لغير
الله ثم تولى غير مولاه ولعن الله العاق لوالديه ولعن الله من نقض منار الأرض
"
وأخرج الحاكم وصححه وضعفه الذهبي عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعا " عفوا عن
نساء الناس تعف نساؤكم وبروا آبائكم تبركم أبناؤكم ومن أتاه أخوه متنصلا فليقبل
ذلك منه محقا كان أو مبطلا فإن لم يفعل لم يرد على الحوض "
وأخرج الحاكم عن جابر رضي الله عنه مرفوعا " بروا آباءكم "
(5/269)
وأخرج
أحمد والحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : إن رجلا هاجر إلى رسول الله
صلى الله عليه و سلم من اليمن فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : " قد
هاجرت من الشرك - ولكنه الجهاد - هل لك أحد باليمن ؟ قال : أبواي قال : أذنا لك ؟
قال : لا
قال : فارجع فاستأذنهما فإن أذنا لك مجاهد وإلا فبرهما "
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب بن منبه رضي الله عنه أن موسى عليه الصلاة و السلام سأل
ربه عز و جل فقال : يا رب بم تأمرني ؟ قال : " بأن لا تشرك بي شيئا "
قال : وبم ؟ قال : " وتبر والدتك " قال : وبم ؟ قال : " وبوالدتك
قال : وبم ؟ قال : " وبوالدتك " قال وهب بن منبه رضي الله عنه : إن البر
بالوالدين يزيد في العمر والبر بالوالدة ينبت الأصل
وأخرج أحمد في الزهد عن عمرو بن ميمون رضي الله عنه قال : رأى موسى عليه السلام
رجلا عند العرش فغبطه بمكانه فسأل عنه فقالوا : نخبرك بعمله لا يحسد الناس على ما
آتاهم الله من فضله ولا يمشي بالنميمة ولا يعق والديه
قال : " أي رب ومن يعق والديه " ؟ قال : " يستسب لهما حتى يسبا
"
وأخرج أحمد والترمذي وصححه وابن ماجة عن أبي الدرداء رضي الله عنه : أن رجلا أتاه
فقال : إن إمرأتي بنت عمي وإني أحبها وإن والدتي تأمرني أن أطلقها فقال : لا آمرك
أن تطلقها ولا آمرك أن تعصي والدتك ولكن أحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله
عليه و سلم سمعته يقول : " إن الوالدة أوسط باب من أبواب الجنة " فإن
شئت فأمسك وإن شئت فدع
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه قال : للأم ثلثا البر وللأب الثلث
وأخرج أحمد وابن ماجة عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " لا يدخل الجنة عاق ولا مدمن خمر ولا مكذب بقدر "
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " بر الوالدين يجزئ من الجهاد "
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أنه قيل له : ما حق الوالد على
الولد ؟ قال : لو خرجت من أهلك ومالك ما أديت حقهما
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد عن علي بن أبي طالب قال : إذا مالت
(5/270)
الأفياء
وراحت الأرواح فاطلبوا الحوائج إلى الله فإنها ساعة الأوابين وقرأ فإنه كان
للأوابين غفورا
وأخرج هناد عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه في قوله : فإنه كان للأوابين غفورا قال
: الأواب الذي يذنب ثم يستغفر ثم يذنب ثم يستغفر ثم يذنب ثم يستغفر
وأخرج هناد عن عبيد بن عمير رضي الله عنه في قوله : فإنه كان للأوابين غفورا قال :
الأواب الذي يتذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر منها
الآية 26 - 28 أخرج البخاري في تاريخه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي
الله عنهما في قوله : وآت ذا القربى حقه قال : أمره بأحق الحقوق وعلمه كيف يصنع
إذا كان عنده وكيف يصنع إذا لم يكن فقال : وإما تعرضن عنهم إبتغاء رحمة من ربك قال
: إذا سألوك وليس عندك شيء انتظرت رزقا من الله فقل لهم قولا ميسورا يقول : إن شاء
الله يكون شبه العدة
قال : سفيان رحمه الله والعدة من النبي صلىالله عليه وسلم دين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وآت ذا القربى
حقه الآية
قال : هو أن تصل ذا القرابة وتطعم المسكين وتحسن إلى ابن السبيل
وأخرج ابن جرير عن علي بن الحسين رضي الله عنه أنه قال لرجل من أهل الشام : أقرأت
القرآن ؟ قال : نعم
قال : أفما قرأت في بني إسرائيل ؟ وآت ذا القربى حقه قال : وإنكم للقرابة الذي أمر
الله أن يؤتى حقه ؟ قال : نعم
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في الآية
قال : كان ناس من بني عبد المطلب يأتون النبي صلىالله عليه وسلم يسألونه فإذا
صادفوا عنده شيئا أعطاهم
(5/271)
وإن
لم يصادفوا عنده شيئا سكت لم يقل لهم نعم ولا لا
والقربى قربى بني عبد المطلب
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : وآت ذي القربى
حقه والمسكين وابن السبيل قال : هو أن وتوفيهم حقهم إن كان يسيرا وإن لم يكن عندك
فقل لهم قولا ميسورا وقل لهم الخير
وأخرج البخاري في الأدب المفرد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
: وآت ذى القربى حقه الآية
قال : بدأ فأمره بأوجب الحقوق ودله على أفضل الأعمال إذا كان عنده شيء
فقال : وآت ذي القربى حقه والمسكين وابن السبيل وعلمه إذا لم يكن عنده شيء كيف
يقول
فقال : وإما تعرضن عنهم إبتغاء رحمة من ربك ترجوها فقل لهم قولا ميسورا عدة حسنة
كأته قد كان ولعله أن يكون إن شاء الله ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك لا تعطي شيئا
ولا تبسطها كل البسط تعطي ما عندك فتقعد ملوما يلومك من يأتيك بعد ولا يجد عندك
شيئا محسورا قال : قد حسرك من قد أعطيته
وأخرج البخاري في الأدب عن كليب بن منفعة رضي الله عنه قال : قال جدي يا رسول الله
من أبر ؟ قال : " أمك وأباك وأختك وأخاك ومولاك الذي يلي ذاك حق واجب ورحم
موصولة "
وأخرج أحمد والبخاري والبخاري في الأدب وابن ماجة والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان
عن المقدام بن معد يكرب - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله صلىالله عليه وسلم
يقول : " إن الله يوصيكم بأمهاتكم ثم يوصيكم بآبائكم ثم يوصيكم بالأقرب
فالأقرب "
وأخرج البخاري في الأدب عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : ما أنفق الرجل نفقة على
نفسه وأهله يحتسبها إلا آجره الله فيها وابدأ بمن تعول فإن كان فضل فالأقرب الأقرب
وإن كان فضل فناول
وأخرج البخاري في الأدب والبيهقي في شعب الإيمان واللفظ له عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : قال رسول الله صلىالله عليه وسلم : " احفظوا أنسابكم تصلوا
أرحامكم فإنه لا بعد للرحم إذا قربت وإن كانت بعيدة ولا قرب لها إذا بعدت وإن كانت
(5/272)
قريبة
وكل رحم آتية يوم القيامة أمام صاحبها تشهد له بصلته إن كان وصلها وعليه بقطيعته
إن كان قطعها "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه أن أعرابيا قال : يا رسول
الله إني رجل موسر وإن لي أما وأبا وأختا وأخا وعما وعمة وخالا وخالة فأيهم أولى
بصلتي ؟ قال رسول الله صلىالله عليه وسلم : " أمك وأباك وأختك وأخاك وأدناك
أدناك "
وأخرج أحمد والحاكم والبيهقي عن أبي رمثة التيمي تيم الرباب قال : أتيت النبي صلى
الله عليه و سلم وهو يخطب ويقول : " يد المعطي العليا أمك وأباك وأختك وأخاك
ثم أدناك أدناك "
وأخرج الطبراني والحاكم والشيرازي في الألقاب والبيهقي عن ابن عباس قال : قال رسول
الله صلىالله عليه وسلم : " إن الله عز و جل ليعمر للقوم الديار ويكثر لهم
الأموال وما نظر إليهم منذ خلقهم بغضا " قيل يا رسول الله وبم ذلك : قال :
" بصلتهم أرحامهم "
وأخرج البيهقي وابن عدي وابن لال في مكارم الأخلاق وابن عساكر عن ابن عباس رضي
الله عنهما أن رسول الله صلىالله عليه وسلم قال : " إن أهل البيت إذا تواصلوا
أجرى الله عليهم الرزق وكانوا في كنف الرحمن عز و جل "
وأخرج البيهقي وابن جرير والخرائطي في مكارم الأخلاق من طريق أبي سلمة بن عبد
الرحمن عن أبيه : أن النبي صلىالله عليه وسلم قال : " إن أعجل الطاعة ثوابا
صلة الرحم حتى إن أهل البيت ليكونون فجارا فتنمو أموالهم ويكثر عددهم إذا وصلوا
الرحم وإن أعجل المعصية عقابا البغي واليمين الفاجرة تذهب المال وتعقم الرحم وتدع
الديار بلاقع "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ثعلبة بن زهدم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىالله
عليه وسلم - وهو يخطب - " يد المعطي العليا ويد السائل السفلى وابدأ بمن تعول
أمك وأباك وأختك وأخاك وأدناك فأدناك "
وأخرج البزار وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله
عنه قال : لما نزلت هذه الآية وآت ذي القربى حقه دعا رسول الله صلىالله عليه وسلم
فاطمة فأعطاها فدك
(5/273)
وأخرج
ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت وآت ذي القربى حقه أقطع
رسول الله فاطمة فدكا
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أمر رسول الله صلى الله عليه و
سلم من يعطي وكيف يعطي وبمن يبدأ فأنزل الله وآت ذي القربى حقه والمسكين وابن
السبيل فأمر الله أن يبدأ بذي القربى ثم بالمسكين وابن السبيل ومن بعدهم
قال : ولا تبذر تبذيرا يقول الله عز و جل : ولا تعط مالك كله فتقعد بغير شيء
قال : ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك فتمنع ما عندك فلا تعطي أحدا ولا تبسطها كل
البسط فنهاه أن يعطي إلا ما بين له
وقال له : وأما تعرضن عنهم يقول : تمسك عن عطائهم فقل لهم قولا ميسورا يعني قولا
معروفا لعله أن يكون عسى أن يكون
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن أنس أن رجلا قال : يا رسول الله إني ذو مال كثير وذو
أهل وولد وحاضرة فأخبرني كيف أنفق وكيف أصنع ؟ قال : " تخرج الزكاة المفروضة
فإنها مطهرة تطهرك وتصل أقاربك وتعرف حق السائل والجار المسكين " فقال : يا
رسول الله أقلل لي ؟ قال : فآت ذي القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر
تبذيرا قال : حسبي رسول الله
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبخاري في الأدب وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن
مسعود رضي الله عنه في قوله : ولا تبذر تبذيرا قال : التبذير إنفاق المال في غير
حقه
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كنا أصحاب محمد نتحدث أن التبذير
النفقة في غير حقه
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في الأدب وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب
الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : إن المبذرين قال : هم الذين ينفقون
المال في غير حقه
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : ولا تبذر تبذيرا يقول : لا
تعط مالك كله
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : من السرف
(5/274)
أن
يكتسي الإنسان ويأكل ويشرب مما ليس عنده وما جاوز الكفاف فهو لتبذير
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : ما أنفقت على
نفسك وأهل بيتك في غير سرف ولا تبذير وما تصدقت فلك وما أنفقت رياء وسمعة فذلك حظ
الشيطان
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن عطاء الخراساني رضي الله عنه قال : جاء ناس من
مزينة يستحملون رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : " لا أجد ما أحملكم
عليه " تولوا وأعينهم تفيض من الدمع التوبة آية 92 حزنا ظنوا ذلك من غضب رسول
الله صلى الله عليه و سلم فأنزل الله وإما تعرضن عنهم إبتغاء رحمة من ربك الآية
قال : الرحمة الفيء
وأخرج ابن جرير من طريق عطاء الخراساني عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
إبتغاء رحمة قال : رزق
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : وإما تعرضن عنهم
إبتغاء رحمة من ربك ترجوها قال : إنتظار رزق الله
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : وإما تعرضن عنهم يقول : لا تجد
شيئا تعطيهم إبتغاء رحمة من ربك يقول : إنتظار رزق الله من ربك نزلت فيمن كان يسأل
النبي صلىالله عليه وسلم من المساكين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : فقل لهم قولا
ميسورا قال : لينا سهلا سيكون إن شاء الله تعالى فأفعل سنصيب إن شاء الله فأفعل
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : فقل لهم قولا ميسورا يقول :
قل لهم نعم وكرامة وليس عندنا اليوم فإن يأتنا شيء نعرف حقكم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : قولا ميسورا قال
: قولا جميلا رزقنا الله وإياك بارك الله فيك
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
(5/275)
فقل
لهم قولا ميسورا قال : العدة
قال سفيان : والعدة من رسول الله دين والله أعلم
الآية 29 - 30 أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن يسار بن الحكم رضي الله عنه قال
: أتى رسول الله بزمن العراق وكان معطاء كريما فقسمه بين الناس فبلغ ذلك قوما من
العرب فقالوا : أنأتي النبي صلى الله عليه و سلم فنسأله ؟ فوجدوه قد فرغ منه فأنزل
الله ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك قال : محبوسة ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما
يلومك الناس محسورا ليس بيدك شيء
وأخرج ابن أبي حاتم عن المنهال بن عمر وقال : بعثت امرأة إلى النبي صلى الله عليه
و سلم بابنها فقالت : قل له اكسني ثوبا فقال : ما عندي شيء فقال : ارجع إليه فقل
له اكسني قميصك فرجع إليه فنزع قميصه فأعطاه إياه
فنزلت ولا تجعل يدك مغلولة الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : جاء غلام إلى النبي صلى الله عليه
و سلم فقال : إن أمي تسألك كذا وكذا ؟ فقال : " ما عندنا اليوم شيء "
قال : فتقول لك اكسني قميصك فخلع قميصه فدفع إليه فجلس في البيت حاسرا
فأنزل الله ولا تجعل يدك مغلولة الآية
وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
لعائشة : وضرب بيده " أنفقي ما ظهر ؟ كفى " قالت : إذا لا يبقى شيء
قال ذلك : ثلاث مرات فأنزل الله تعالى : ولا تجعل يدك مغلولة الآية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ولا تجعل يدك مغلولة قال
: يعني بذلك البخل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولا
(5/276)
تجعل
يدك مغلولة إلى عنقك قال : هذا في النفقة
يقول : لا تجعلها مغلولة لا تبسطها بخير ولا تبسطها كل البسط يعني التبذير فتقعد
ملوما يلوم نفسه على ما فاته من ماله
محسورا ذهب ماله كله
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك
ولا تبسطها كل البسط قال نهاه عن السرف والبخل
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فتقعد ملوما محسورا قال :
ملوما عند الناس محسورا من المال
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله : ملوما محسورا قال مستحيا خجلا قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر : ما فاد من مني يموت جوادهم إلا تركت جوادهم محسورا وأخرج
البيهقي في شعب الإيمان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " الرفق في المعيشة خير من نض التجارة "
وأخرج ابن عدي والبيهقي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه
و سلم قال : " من فقه الرجل أن يصلح معيشته " قال : " وليس من حبك
الدنيا طلب ما يصلحك "
وأخرج ابن عدي والبيهقي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " من فقهك رفقك في معيشتك "
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " الإقتصاد في التفقه نصف المعيشة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبيهقي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله
عليه وسلم : ما عال من اقتصد "
وأخرج ابن عدي والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " ما عال مقتصد قط "
وأخرج البيهقي عن عبد الله بن شبيب رضي الله عنه قال : يقال حسن التدبير مع العفاف
خير من الغنى مع الإسراف
وأخرج البيهقي عن مطرف رضي الله عنه قال : خير الأمور أوسطها
(5/277)
وأخرج
الديلمي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
التدبير نصف المعيشة والتودد نصف العقل والهم نصف الهرم وقلة العيال أحد اليسارين
"
وأخرج أحمد في الزهد عن يونس بن عبيد رضي الله عنه قال : كان يقال : التودد إلى
الناس نصف العقل وحسن المسألة نصف العلم والإقتصاد في المعيشة يلقي عنك نصف المؤنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال : ثم أخبرنا كيف يصنع بنا فقال :
إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر ثم أخبر عباده أنه لا يرزؤه ولا يؤدوه أن لو بسط
الرزق عليهم ولكن نظرا لهم منه فقال تبارك وتعالى ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا
في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء إنه بعباده خبير بصير قال : والعرب إذا كان الخصب
وبسط عليهم أسروا وقتل بعضهم بعضا ! وجاء الفساد وإذا كان السنة شغلوا عن ذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء
ويقدر قال : ينظر له فإن كان الغنى خيرا له أغناه وإن كان الفقر خيرا له أفقره
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء
ويقدر قال : يبسط لهذا مكرا به ويقدر لهذا نظرا له
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد قال : كل شيء في القرآن يقدر فمعناه يقلل
الآية 31 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ولا تقتلوا
أولادكم خشية إملاق أي خشية الفاقة
وكان أهل الجاهلية يقتلون البنات خشية الفاقة فوعظهم الله في ذلك وأخبرهم أن رزقهم
ورزق أولادهم على الله فقال : نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطأ كبيرا أي إثما
كبيرا
(5/278)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : خشية
إملاق قال : مخافة الفاقة والفقر
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله : خشية إملاق قال : مخافة الفقر
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت الشاعر وهو يقول : وإني على الإملاق يا قوم ماجد أعد لأضيافي الشواء
المطهيا وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : خطأ قال :
خطيئة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه أنه قرأ خطأ كبيرا مهموزة من قبل الخطا
والصواب
وأخرج أحمد وأبو يعلى عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " من كانت له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات اتقى الله وقام عليهن كان معي في
الجنة هكذا وأشار بأصابعه الأربع "
وأخرج أحمد وابن منيع عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " من كن له ثلاث بنات يمونهن ويرحمهن ويكفلهن وجبت له الجنة ألبتة "
قيل : يا رسول الله فإن كن اثنتين ؟ قال : وإن كن اثنتين
وأخرج أحمد والترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " لا يكون لأحد ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان
فيتقي الله فيهن ويحسن إليهن إلا دخل الجنة "
وأخرج أحمد والطبراني والحاكم عن سراقة بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال له : " يا سراقة ألا أدلك على أعظم الصدقة ؟ " قال
: بلى يا رسول الله
قال : " إن ابنتك مردودة إليك ليس لها كاسب غيرك "
الآية 32 أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : ولا تقربوا الزنا قال
: يوم نزلت هذه الاية لم تكن حدود فجاءت بعد ذلك الحدود في سورة النور
(5/279)
وأخرج
أبو يعلى وابن مردويه عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قرأ " ولا تقربوا الزنا
إنه كان فاحشة ومقتا وساء سبيلا إلا من تاب فإن الله كان غفارا رحيما " فذكر
لعمر رضي الله عنه فأتاه فسأله فقال : أخذتها من رسول الله صلى الله عليه و سلم
وليس لك عمل إلا الصفق بالبقيع
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ولا تقربوا الزنا إنه كان
فاحشة قال قتادة عن الحسن رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقول
: " لا يزني العبد حين يزني وهو مؤمن ولا ينتهب حين ينتهب وهو مؤمن ولا يسرق
حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يغل حين يغل وهو مؤمن
" قيل : يا رسول الله والله إن كنا لنرى أنه يأتي ذلك وهو مؤمن فقال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " إذا فعل شيئا من ذلك نزع الإيمان من قلبه فإن
تاب تاب الله عليه "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق
حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا ينتهب نهبة ذات شرف
يرفع المؤمنون إليه فيها أبصارهم وهو مؤمن "
وأخرج أبو داود والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه : " إذا زنى المؤمن خرج منه الإيمان فكان عليه
كالظلة فإذا انقلع منها رجع إليه الإيمان "
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : الإيمان نور فمن زنى
فارقه الإيمان فمن لام نفسه فراجع راجعه الإيمان
وأخرج البيهقي وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " إن الإيمان سربال يسربله الله من يشاء فإذا زنى العبد
نزع منه سربال الإيمان فإن تاب رد عليه "
وأخرج البيهقي عن أبي صالح رضي الله عنه عن أبي هريرة رضي الله عنه وسأله عن قول
رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن "
فأين يكون الإيمان منه ؟ قال أبو هريرة رضي الله عنه : يكون هكذا عليه وقال : بكفه
فوق رأسه فإن تاب ونزع رجع إليه
(5/280)
وأخرج
ابن سعد وابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يسمي عبيده
بأسماء العرب : عكرمة وسميع وكريب وقال لهم : تزوجوا فإن العبد إذا زنى نزع منه
نور الإيمان رد الله عليه بعد أو أمسكه
وأخرج البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " يا شباب قريش احفظوا فروجكم لا تزنوا ألا من حفظ الله له فرجه دخل
الجنة "
وأخرج الطبراني والحاكم والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " إذا ظهر الزنا والربا في قرية فقد أحلوا بأنفسهم
كتاب الله "
وأخرج الطبراني والحاكم وابن عدي والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : " الزنا يورث الفقر "
وأخرج الحاكم وصححه عن بريدة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " ما نقض قوم العهد إلا كان القتل بينهم ولا ظهرت فاحشة في قوم قط إلا
سلط الله عليهم الموت ولا منع قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر "
وأخرج أحمد وابن أبي الدنيا عن الهيثم بن مالك الطائي رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : " ما من ذنب بعد الشرك أعظم عند الله من نطفة وضعها
رجل في رحم لا يحل له "
وأخرج أحمد عن ابن عمرو بن العاص رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " ما من قوم يظهر فيهم الزنا إلا أخذوا بالسنة وما من قوم يظهر
فيهم الرشا إلا أخذوا بالرعب "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لم يزن
عبد قط إلا نزع الله نور الإيمان منه : إن شاء رده وإن شاء منعه
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق
وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشرب وهو مؤمن ولا يقتل وهو مؤمن فإذا فعل ذلك نزع
منه نور الإيمان كما ينزع منه قميصه فإن تاب تاب الله عليه "
وأخرج أحمد ومسلم والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا
يزكيهم ولا ينظر إليهم ولهم عذاب أليم : شيخ زان وملك كذاب وعائل مستكبر "
(5/281)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن عائشة رضي الله عنها : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا
يشرب حين يشرب وهو مؤمن "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أسامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " ما تركت على أمتي بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لم يكن كفر من مضى إلا من
قبل النساء وهو كائن كفر من بقي من قبل النساء
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبان بن عثمان رضي الله عنه قال : تعرف الزناة بنتن فروجهن
يوم القيامة
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي صالح رضي الله عنه قال : بلغني أن أكثر ذنوب أهل النار
النساء
الآية 33 - 34 أخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : ولا
تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق الآية
قال : كان هذا بمكة والنبي صلى الله عليه و سلم بها وهو أول شيء نزل من القرآن في
شأن القتل
كان المشركين من أهل مكة يغتالون أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فقال : "
من قتلكم من المشركين فلا يحملنكم قتله غياكم على أن تقتلوا له أبا أو وأخا وأحدا
من عشيرته وإن كانوا مشركين فلا تقتلوا إلا قاتلكم " وهذا قبل أن تنزل براءة
وقبل أن يؤمروا بقتال المشركين
فذلك قوله : فلا يسرف في القتل يقول : لا تقتل غير قاتلك وهي اليوم على ذلك الموضع
من المسلمين لا يحل لهم أن يقتلوا إلا قاتلهم
وأخرج البيهقي في سننه عن زيد بن أسلم رضي الله عنه : أن الناس في الجاهلية كانوا
إذا قتل الرجل من القوم رجلا لم يرضوا حتى يقتلوا به رجلا شريفا إذا كان
(5/282)
قاتلهم
غير شريف لم يقتلوا قاتلهم وقتلوا غيره فوعظوا في ذلك بقول الله : ولا تقتلوا
النفس إلى قوله فلا يسرف في القتل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
: ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا قال : بينة من الله أنزلها يطلبها ولي
المقتول القود أو العقل وذلك السلطان
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما فلا يسرف في القتل
قال : لا يكثر من القتل
وأخرج ابن المنذر من طريق أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فلا يسرف
في القتل قال : لا يقتل إلا قاتل رحمه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن طلق
بن حبيب في قوله : فلا يسرف في القتل قال : لا يقتل غير قاتله ولا يمثل به
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن
جبير رضي الله عنه في قوله : فلا يسرف في القتل قال : لا يقتل اثنين بواحد
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : فلا يسرف في القتل قال : لا
يقتل غير قاتله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه فلا يسرف في القتل قال : من
قتل بحديدة قتل بحديدة ومن قتل بخشبة قتل بخشبة ومن قتل بحجر قتل بحجر ولا يقتل
غير قاتله
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة عن شداد بن أوس
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الله كتب
الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود وابن ماجة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " أعق الناس قتلة أهل الإيمان "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود عن سمرة بن جندب وعمران بن حصين قالا : نهى رسول
الله صلى الله عليه و سلم عن المثلة
(5/283)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن يعلى بن مرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلىالله عليه وسلم
قال : قال الله : " لا تمثلوا بعبادي "
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فلا يسرف في
القتل إنه كان منصورا يقول : ينصره السلطان حتى ينصفه من ظالمه
ومن انتصر لنفسه دون السلطان فهو عاص مسرف قد عمل بحمية أهل الجاهلية ولم يرض بحكم
الله تعالى
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : إنه
كان منصورا قال : إن المقتول كان منصورا
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن الكسائي قال : هي قراءة أبي بن كعب " فلا
تسرفوا في القتل إن وليه كان منصورا "
وأخرج الطبراني وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إنه لما كان من أمر
هذا الرجل ما كان يعني عثمان قلت لعلي رضي الله عنه اعتزل فلو كنت جحر طلبت حتى
تستخرج فعصاني وأيم الله ليتأمرن عليكم معاوية وذكر أن الله تعالى يقول : ومن قتل
مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي
هي أحسن قال : كانوا لا يخالطونهم في مال ولا مأكل ولا مركب حتى نزلت وإن تخالطوهم
فإخوانكم البقرة آية 220
الآية 35 أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : وأوفوا بالعهد إن العهد
كان مسؤولا قال : يوم أنزلت هذه كان إنما يسأل عنه ثم يدخل الجنة فنزلت إن الذين
يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة آل عمران آية
77
(5/284)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : إن العهد كان مسؤولا قال : يسأل
الله ناقض العهد عن نقضه
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : إن العهد كان مسؤولا قال :
لا يسأل عهده من أعطاه إياه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران رضي الله عنه قال : ثلاث تؤدى إلى البر
والفاجر العهد يوفى إلى البر والفاجر وقرأ وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار رضي الله عنه قال : من نكث بيعة كانت سترا بينه
وبين الجنة
قال : وإنما تهلك هذه الأمة بنكثها عهودها
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : وأوفوا الكيل إذا كلتم
يعني لغيركم وزنوا بالقسطاس المستقيم يعني الميزان
وبلغة الروم الميزان القسطاس ذلك خير يعني وفاء الكيل والميزان خير من النقصان
وأحسن تأويلا عاقبة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله : ذلك خير وأحسن تأويلا أي خير ثوابا وعاقبة
وأخبرنا أن ابن عباس رضي الله عنهما كان يقول : يا معشر الموالي إنكم وليتم أمرين
: بهما هلك الناس قبلكم هذا المكيال وهذا الميزان
قال : وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول : " لا يقدر رجل على
حرام ثم يدعه ليس به إلا مخافة الله إلا أبدله الله في عاجل الدنيا قبل الآخرة ما
هو خير له من ذلك "
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد رضي الله عنه قال : القسطاس العدل بالرومية
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة وزنوا بالقسطاس قال : العدل
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه وزنوا بالقسطاس قال : القبان
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه وزنوا بالقسطاس قال : بالحديد والله
أعلم
الآية 36
(5/285)
أخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولا تقف قال : لا
تقل
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : ولا تقف ما ليس لك به علم يقول : لا ترم
أحدا بما ليس لك به علم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن الحنفية رضي الله عنه في قوله :
ولا تقف ما ليس لك به علم قال : شهادة الزور
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : ولا تقف ما ليس لك به علم قال
: هذا في الفرية
يوم نزلت الآية لم يكن فيها حد إنما كان يسأل عنه يوم القيامة ثم يغفر له حتى نزلت
هذه الآية آية الفرية جلد ثمانين
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : إن السمع والبصر والفؤاد كل
أولئك كان عنه مسؤولا يقول : سمعه وبصره يشهد عليه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ولا تقف ما ليس لك به
علم قال : لا تقل سمعت ولم تسمع ولا تقل : رأيت ولم تر فإن الله سائلك عن ذلك كله
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن قيس رضي الله عنه في قوله : كل أولئك كان عنه
مسؤولا قال : يقال للأذن يوم القيامة هل سمعت ؟ ويقال للعين : هل رأيت ؟ ويقال
للفؤاد : مثل ذلك
وأخرج الفريابي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : كل أولئك كان عنه مسؤولا قال
: يوم القيامة يقال أكذاك كان أم لا ؟
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " أيما رجل شاع على رجل مسلم بكلمة وهو منها بريء كان حقا على الله أن
يذيبه يوم القيامة في النار حتى يأتي بنفاذ ما قال "
وأخرج أبو داود وابن أبي الدنيا في الصمت عن معاذ بن أنس رضي الله
(5/286)
عنه
عن النبي صلى الله عليه و سلم : " من حمى مؤمنا من منافق بعث الله ملكا يحمي
لحمه يوم القيامة من نار جهنم ومن قفا مؤمنا بشيء يريد شينه حبسه الله على جسر
جهنم حتى يخرج مما قال "
الآية 37 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ولا تمش في
الآرض مرحا قال : لا تمش فخرا وكبرا فإن ذلك لا يبلغ بك الجبال ولا أن تخرق الأرض
بفخرك وكبرك
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التواضع عن ؟ محبس قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إذا مشيت أمتي المطيطا وخدمتهم فارس والروم سلط بعضهم على بعض
"
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رأى رجلا يخطر في مشيه فقال :
إن للشيطان إخوانا
وأخرج ابن أبي الدنيا عن خالد بن معدان رضي الله عنه قال : إياكم والخطر فإن الرجل
قد تنافق يده من دون سائر جسده
الآية 38 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن كثير رضي الله عنه أنه كان
يقرأ " كل ذلك كان سيئة عند ربك مكروها " على واحد يقول : هذه الأشياء
التي نهيت عنها كل سيئة
الآية 39 أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن التوراة كلها في خمس
عشرة آية من بني إسرائيل ثم تلا ولا تجعل مع الله إلها آخر
(5/287)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي رضي الله عنه عن ابن عباس رضي
الله عنه في قوله : مدحورا قال مطرودا
الآية 40 - 48 أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه في قوله : واتخذ من الملائكة إناثا قالت اليهود : الملائكة بنات الحق !
وفي قوله : قل لو كان معه آلهة الآية
يقول : لو كان معه آلهة إذا لعرفوا فضله ومزيته عليهم فابتغوا ما يقربهم إليه إنهم
ليس كما يقولون
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : إذا لابتغوا إلى ذي
العرش سبيلا قال : على أين ينزلوا ملكه
قوله تعالى : تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم والطبراني وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في
الأسماء والصفات عن عبد الرحمن بن قرط رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم ليلة
(5/288)
أسري
به إلى المسجد الأقصى كان جبريل عليه السلام عن يمينه ومكائيل عليه السلام عن
يساره فطارا به حتى بلغ السموات العلى فلما رجع قال : " سمعت تسبيحا في
السموات العلى مع تسبيح كثير سبحت السموات العلى من ذي المهابة مشفقات لذي العلو
بما علا سبحان العلي الأعلى سبحانه وتعالى "
وأخرج ابن أبي حاتم عن لوط بن أبي لوط قال : بلغني أن تسبيح سماء الدنيا سبحان
ربنا الأعلى والثانية سبحانه وتعالى والثالثة سبحانه وبحمده والرابعة سبحانه لا
حول ولا قوة إلا به والخامسة سبحان محيي الموتى وهو على كل شيء قدير والسادسة
سبحان الملك القدوس والسابعة سبحان الذي ملأ السموات السبع والأرضين السبع عزة
ووقارا
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : وهو
جالس مع أصحابه إذ سمع هزة فقال : " أطت السماء وحق لها أن تئط " قالوا
: وما الأطيط ؟ قال : " تناقضت السماء ويحقها أن تنقض والذي نفس محمد بيده ما
فيها موضع شبر إلا فيه جبهة ملك ساجد يسبح الله بحمده "
وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ
تسبح له السموات السبع والأرض بالتاء
قوله تعالى : وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم أخرج ابن جرير
وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " ألا أخبركم بشيء أمر به نوح ابنه إن نوحا
قال لابنه يا بني
آمرك أن تقول : سبحان الله فإنها صلاة الخلق وتسبيح الخلق وبها يرزق الخلق "
قال الله تعالى : وإن من شيء إلا يسبح بحمده
وأخرج أحمد وابن مردويه عن ابن عمر رضي اله عنهما : أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " إن نوحا لما حضرته الوفاة قال لابنيه : آمركما بسبحان الله وبحمده
فإنها صلاة كل شيء وبها يرزق كل شيء "
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في فضائل الذكر عن عائشة رضي الله عنه : أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : " صوت الديك صلاته وضربه بجناحيه سجوده وركوعه
" ثم تلا هذه الآية : وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ينادي مناد من
(5/289)
السماء
اذكروا الله يذكركم فلا يسمعها أول من الديك فيصيح فذلك تسبيحه
وأخرج أبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا تضربوا وجوه الدواب فإن كل شيء يسبح
بحمده "
وأخرج أبو الشيخ عن عمر رضي الله عنه قال : لا تلطموا وجوه الدواب فإن كل شيء يسبح
بحمده
وأخرج أحمد عن معاذ بن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه مر
على قوم وهم وقوف على دواب لهم ورواحل فقال لهم : " اركبوها سالمة ودوعها
سالمة ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق فرب مركوبة خير من راكبها
وأكثر ذكرا لله منه "
وأخرج ابن مردويه عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " ما تستقل الشمس فيبقي من خلق الله تعالى إلا سبح الله بحمده إلا ما
كان من الشيطان وأغنياء بني آدم "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : ما من عبد يسبح الله تسبيحة
إلا سبح ما خلق الله من شيء
قال الله تعالى : وإن من شيء إلا يسبح بحمده
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: " إن النمل يسبحن "
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه عن
أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " قرصت
نملة نبيا من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأحرقت فأوحى الله إليه من أجل نملة واحدة
أحرقت أمة من الأمم تسبح "
وأخرج النسائي وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : نهى رسول
الله صلى الله عليه و سلم عن قتل الضفدع وقال : نعيقها تسبيح
وأخرج أبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وإن
من شيء إلا يسبح بحمده قال : الزرع يسبح بحمده وأجره لصاحبه والثوب يسبح
ويقول الوسخ : إن كنت مؤمنا فاغسلني إذا
(5/290)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أبي قبيل رضي الله عنه قال : الزرع يسبح وثوابه للذي زرع
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كل شيء يسبح بحمده إلا الحمار
والكلب
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : وإن من شيء إلا يسبح بحمده قال : الأسطوانة
تسبح والشجرة تسبح
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : لا
يعيبن أحدكم دابته ولا ثوبه فإن كل شيء يسبح بحمده
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والخطيب عن أبي صالح رضي الله عنه قال
: ذكر لنا أن صرير الباب تسبيحه
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي غالب الشيباني رضي الله عنه قال : صوت البحر تسبيحه
وأمواجه صلاته
وأخرج ابن أبي حاتم عن النخعي رضي الله عنه قال : الطعام تسبيح
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وأبو الشيخ عن ميمون بن مهران رضي الله عنه قال
: أتي أبو بكر الصديق رضي الله عنه بغراب وافر الجناحين فجعل ينشر جناحه ويقول :
ما صيد من صيد ولا عضدت من شجرة إلا بما ضيعت من التسبيح
وأخرج ابن راهويه في مسنده من طريق الزهري رضي الله عنه قال : أتي أبو بكر الصديق
رضي الله عنه بغراب وافر الجناحين فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه سلم يقول :
" ما صيد من صيد ولا عضدت عضاة ولا قطعت وشيجة إلا بقلة التسبيح "
وأخرج أبو نعيم في الحلية وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " ما صيد من صيد ولا وشج من وشج إلا بتضييعه
التسبيح "
وأخرج عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ما صيد من طير في السماء ولا سمك في الماء حتى يدع ما افترض الله عليه من
التسبيح "
وأخرج أبو الشيخ عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " ما أخذ طائر ولا حوت إلا بتضييع التسبيح "
(5/291)
وأخرج
أبو الشيخ عن مرثد بن أبي مرثد عن النبي صلى الله عليه و سلم : " لا يصطاد
شيء من الطير والحيتان إلا بما يضيع من تسبيح الله "
وأخرج ابن عساكر من طريق يزيد بن مرثد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
ما اصطيد طير في بر ولا بحر إلا بتضييعه التسبيح "
وأخرج العقيلي في الضعفاء وأبو الشيخ والديلمي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " آجال البهائم كلها وخشاش الأرض والنمل
والبراغيث والجراد والخيل والبغال والدواب كلها وغير ذلك آجالها في التسبيح فإذا
انقضى تسبيحها قبض الله أرواحها وليس إلى ملك الموت منها شيء "
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وإن من
شيء إلا يسبح بحمده قال : ما من شيء في أصله الأول لن يموت إلا وهو يسبح بحمده
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : وإن من شيء إلا يسبح بحمده قال : ما من شيء
في أصله الأول لن يموت إلا وهو يسبح بحمده
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شوذب قال : جلس الحسن مع أصحابه على مائدة فقال بعضهم :
هذه المائدة تسبح الآن فقال الحسن : كلا إنما ذاك كل شيء على أصله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن إبراهيم قال الطعام تسبيح
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لا تقتلوا
الضفادع فإن أصواتها تسبيح
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس بن
مالك رضي الله عنه قال : ظن داود عليه السلام أن أحدا لم يمدح خالقه أفضل مما مدحه
وأن ملكا نزل وهو قاعد في المحراب والبركة إلى جانبه فقال : يا داود افهم إلى ما
تصوت به الضفدع فأنصت داود عليه السلام فإذا الضفدع يمدحه بمدحة لم يمدحه بها داود
عليه السلام فقال له الملك : كيف تراه يا داود ؟ قال : أفهمت ما قالت ؟ قال : نعم
قال : ماذا قالت ؟ قال : قالت : سبحانك وبحمدك منهتى علملك يا رب
قال داود عليه السلام : والذي جعلني نبيه إني لم أمدحه بهذا
(5/292)
وأخرج
البيهقي في شعب الإيمان عن صدقة بن يسار رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام
في محرابه فأبصر درة صغيرة ففكر في خلقها وقال : ما يعبأ الله بخلق هذه ؟ فأنطقها
الله فقالت : يا داود أتعجبك نفسك ؟ لأنا على قدر ما آتاني الله أذكر لله وأشكر له
منك على ما آتاك الله
قال الله : وإن من شيء إلا يسبح بحمده
وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال : هذه الآية في التوراة كقدر ألف آية
وإن من شيء إلا يسبح بحمده قال في التوراة : تسبح له الجبال ويسبح له الشجر ويسبح
له كذا ويسبح له كذا
وأخرج أحمد في الزهد وأبو الشيخ عن شهر بن حوشب رضي الله عنه قال : كان داود عليه
السلام يسمى النواح في كتاب الله عز و جل وأنه انطلق حتى أتى البحر فقال : أيها
البحر إني هارب
قال : من الطالب الذي لا ينأى طلبه
قال : فاجعلني قطرة من مائك أو دابة مما فيك أو تربة من تربتك أو صخرة من صخرك
قال : أيها العبد الهارب الفار من الطالب الذي لا ينأى طلبه ارجع من حيث جئت فإنه
ليس مني شيء إلا بارز ينظر الله عز و جل إليه قد أحصاه وعده عدا فلست أستطيع ذلك
ثم انطلق حتى أتى الجبل فقال : أيها الجبل اجعلني حجر من حجارتك أو تربة من تربتك
أو صخرة من صخرك أو شيئا مما في جوفك
فقال : أيها العبد الهارب الفار من الطالب الذي لا ينأى طلبه إنه ليس مني شيء إلا
يراه الله وينظر إليه وقد أحصاه وعده عدا فلست أستطيع ذلك
ثم انطلق حتى أتى على الأرض يعني الرمل فقال : أيها الرمل اجعلني تربة من تربك أو
صخرة من صخرك أو شيئا مما في جوفك
فأوحى الله إليه أجبه
فقال : أيها العبد الفار من الطالب الذي لا ينأى طلبه ارجع من حيث جئت فاجعل عملك
لقمسين : لرغبة أو لرهبة فعلى أيهما أخذك ربك لم تبال وخرج فأتى البحر في ساعة
فصلى فيه فنادته ضفدعة فقالت : يا داود إنك حدثت نفسك أنك قد سبحت في ساعة ليس
يذكر الله فيها غيرك وإني في سبعين ألف ضفدعة كلها قائمة على رجل تسبح الله تعالى
وتقدسه
وأخرج أحمد وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : صلى داود عليه السلام
ليلة حتى أصبح فلما أن أصبح وجد في نفسه غرورا فنادته ضفدعة
(5/293)
يا
داود كنت أدأب منك قد أغفيت إغفاءة
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال : بلغني أنه
ليس شيء أكثر تسبيحا من هذه الدودة الحمراء
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال : التراب يسبح فإذا بني فيه الحائط سبح
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه قال : إذا سمعت تغيضا من البيت أو من الخشب
والجدر فهو تسبيح
وأخرج أبو الشيخ عن خيثمة رضي الله عنه قال : كان أبو الدرداء يطبخ قدرا فوقعت على
وجهها فعلت تسبح
وأخرج أبو الشيخ عن سليمان بن المغيرة قال : كان مطرف رضي الله عنه إذا دخل بيته
فسبح سبحت معه آنية بيته
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه قال : لولا ما غمي عليكم من تسبيح ما معكم
في البيوت ما تقاررتم
وأخرج أبو الشيخ عن مسعر رضي الله عنه قال : لولا ما غمي عليكم من تسبيح خلقه ما
تقاررتم
وأخرج أبو الشيخ عن الحسن رضي الله عنه في قوله : وإن من شيء إلا يسبح بحمده قال :
كل شيء فيه الروح يسبح
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه وإن من شيء إلا يسبح بحمده قال : صلاة
الخلق تسبيحهم سبحان الله وبحمده
وأخرج النسائي وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كنا أصحاب محمد صلى
الله عليه و سلم نعد الآيات بركة وأنتم تعدونها تخويا بينما نحن مع رسول الله صلى
الله عليه و سلم ليس معنا ماء فقال لنا : " اطلبوا من معه فضل ماء "
فأتي بماء فوضعه في إناء ثم وضع يده فيه فجعل الماء يخرج من بين أصابعه
ثم قال : " حي على الطهور المبارك والبركة من الله " فشربنا منه
قال عبد الله : كنا نسمع صوت الماء وتسبيحه وهو يشرب
وأخرج أبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن ابن مسعود قال : كنا نأكل مع النبي صلى
الله عليه و سلم فنسمع تسبيح الطعام وهو يؤكل
(5/294)
وأخرج
أبو الشيخ عن أنس قال : أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم بطعام ثريد فقال :
" إن هذا الطعام يسبح " قالوا : يا رسول الله وتفقه تسبيحه ؟ " قال
: نعم
ثم قال لرجل : " ادن هذه القصعة من هذا الرجل " فأدناها منه فقال : نعم
يا رسول الله هذا الطعام يسبح ! فقال : " ادنها من آخر " وأدناها منه
فقال : هذا الطعام يسبح
ثم قال : ردها فقال رجل : يا رسول الله لو أمرت على القوم جميعا فقال : لا "
إنها لو سكتت عند رجل لقالوا من ذنب ردها فردها "
وأخرج أبو الشيخ وأبو نعيم في الحلية عن أبي حمزة الثمالي قال : قال محمد بن علي
بن الحسين رضي الله عنه وسمع عصافير يصحن قال : تدري ما يقلن ؟ قلت : لا
قال : يسبحن ربهن عز و جل ويسألن قوت يومهن
وأخرج الخطيب عن أبي حمزة قال : كنا مع علي بن الحسين رضي الله عنه فمر بنا عصافير
يصحن فقال : أتدرون ما تقول هذه العصافير ؟ فقلنا : لا
قال : أما أني ما أقول إنا نعلم الغيب ولكني سمعت أبي يقول : سمعت علي بن أبي طالب
أمير المؤمنين رضي الله عنه يقول : إن الطير إذا أصبحت سبحت ربها وسألته قوت يومها
وإن هذه تسبح ربها وتسأله قوت يومها
وأخرج الخطيب في تاريخه عن عائشة قالت : دخل علي رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقال لي : " يا عائشة اغسلي هذين البردين " فقلت : يا رسول الله بالأمس
غسلتهما فقال لي : " أما علمت أن الثوب يسبح فإذا اتسخ انقطع تسبيحه "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : إنه كان حليما
غفورا قال : حليما عن خلقه فلا يعجل كعجلة بعضهم على بعض غفورا لهم إذا ثابوا
وأخرج أبو يعلى وابن أبي حاتم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في
الدلائل عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : لما نزلت تبت يدا أبي لهب
المسد آية 1 أقبلت العوراء أم جميل ولها ولولة وفي يدها فهر وهي تقول : مذمما
أبينا ودينه قلينا وأمره عصينا
(5/295)
ورسول
الله صلى الله عليه و سلم جالس وأبو بكر رضي الله عنه إلى جنبه فقال أبو بكر : لقد
أقبلت هذه وأنا أخاف أن تراك فقال : " إنها لن تراني " وقرأ قرآنا اعتصم
به
كما قال تعالى : وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا
مستورا فجاءت حتى قامت على أبي بكر رضي الله عنه : فلم تر النبي صلى الله عليه و
سلم فقالت : يا أبا بكر بلغني أن صاحبك هجاني ؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه : لا
ورب هذا البيت ما هجاك فانصرفت وهي تقول : قد علمت قريش أني بنت سيدها
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في الدلائل من وجه آخر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله
عنهما : أن أم جميل دخلت على أبي بكر وعنده رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت :
يا ابن أبي قحافة ما شأن صاحبك ينشد في الشعر ؟ فقال : والله ما صاحبي بشاعر وما
يدري ما الشعر
فقالت : أليس قد قال : في جيدها حبل من مسد المسد آية 5 فما يدريه ما في جيدي ؟
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : قل لها : " هل ترين عندي أحدا ؟ فإنها لن
تراني جعل بيني وبينها حجاب " فقال لها أبو بكر رضي الله عنه : فقالت : أتهزأ
بي ؟ والله ما أرى عندك أحدا
وأخرج ابن مردويه عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : كنت جالسا عند المقام
ورسول الله صلى الله عليه و سلم في ظل الكعبة بين يدي إذ جاءت أم جميل بنت حرب بن
أمية زوجة أبي لهب ومعها فهران فقالت : أين الذي هجاني وهجا زوجي ؟ والله لئن
رأيته لأرضن أنثييه بهذين الفهرين
وذلك عند نزول تبت يدا أبي لهب قال أبو بكر رضي الله عنه : فقلت له : يا أم جميل
ما هجاك ولا هجا زوجك
قالت : والله ما أنت بكذاب وإن الناس ليقولون ذلك ثم ولت ذاهبة
فقلت : يا رسول الله إنها لم ترك ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " حال
بيني وبينها جبريل "
وأخرج ابن أبي شيبة والدارقطني في الأفراد وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : لما نزلت تبت يدا أبي لهب جاءت امرأة أبي لهب فقال أبو بكر رضي
الله عنه : يا رسول الله لو تنحيت عنها فإنها امرأة بذية فقال : " إنه سيحال
بيني وبينها فلا تراني " فقال : يا أبا بكر هجانا صاحبك ؟
(5/296)
قال
: والله ما ينطق بالشعر ولا يقوله
فقال : إنك لمصدق فاندفعت راجعة
فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله ما رأتك ؟ قال : " كان بيني وبينها
ملك يسترني بجناحه حتى ذهبت "
وأخرج ابن إسحق وابن المنذر عن ابن شهاب رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم إذا تلا القرآن على مشركي قريش ودعاهم إلى الله قالوا : يهزؤون به
قلوبنا في أكنة بما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب السجدة آية 5
فأنزل الله في ذلك من قولهم وإذا قرأت القرآن الآيات
وأخرج ابن عساكر وولده القاسم في كتاب آيات الحرز عن العباس بن محمد المنقري رضي
الله عنه قال : قدم حسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
المدينة حاجا فاحتجنا إلى أن نوجه رسولا وكان في الخوف فأبى الرسول أن يخرج وخاف
على نفسه من الطريق فقال الحسين رضي الله عنه : أنا أكتب لك رقعة فيها حرز لن يضرك
شيء إن شاء الله تعالى فكتب له رقعة وجعلها الرسول في صورته فذهب الرسول فلم يلبث
أن جاء سالما فقال : مررت بالأعراب يمينا وشمالا فما هيجني منهم أحد والحرز عن
جعفر بن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب وإن هذا الحرز
كان الأنبياء يتحرزون به من الفراعنة : بسم الله الرحمن الرحيم قال اخسؤوا فيها
ولا تكلمون المؤمنون آية 109 إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا مريم آية 18 أخذت
بسمع الله وبصره وقوته على أسماعكم وأبصاركم وقوتكم يا معشر الجن والإنس والشياطين
والأعراب والسباع والهوام واللصوص مما يخاف ويحذر فلان بن فلان سترت بينه وبينكم
بستر النبوة التي استتروا بها من سطوات الفراعنة جبريل عن أيمانكم وميكائيل عن
شمائاكم ومحمد صلى الله عليه و سلم أمامكم والله سبحانه وتعالى من فوقكم يمنعكم من
فلان بن فلان في نفسه وولده وأهله وشعره وبشره وماله وما عليه وما معه وما تحته
وما فوقه
وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون
(5/297)
بالآخرة
حجابا مستورا وجعلنا على قلوبهم أكنة إلى قوله نفورا وصلى الله على سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : وإذا قرأت القرآن
جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجابا مستورا قال : الحجاب المستور أكنة
على قلوبهم أن يفقهوه وأن ينتفعوا به أطاعوا الشيطان فاستحوذ عليهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد وإذا قرأت القرآن الآية قال : ذاك رسول الله
صلى الله عليه و سلم إذا قرأ القرآن على المشركين بمكة سمعوا صوته ولا يرونه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : وإذا ذكرت ربك في
القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا قال : بغضا لما تتكلم به لئلا يسمعوه كما كان
قوم نوح يجعلون أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوا ما يأمرهم به من الاستغفار والتوبة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله : وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا قال : الشياطين
وأخرج البخاري في تاريخه عن أبي جعفر محمد بن علي علي أنه قال : لم كتمتم بسم الله
الرحمن الرحيم فنعم الاسم والله كتموا ! فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان
إذا دخل منزله اجتمعت عليه قريش فيجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ويرفع صوته بها
فتولي قريش فرارا فأنزل الله وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : إذ يستمعون إليك قال :
عتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن المغيرة والعاص بن وائل
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله : إذ يستمعون إليك قال : هي في مثل الوليد بن المغيرة ومن معه في دار الندوة
وفي قوله : فلا يستطيعون سبيلا قال : مخرجا يخرجهم من الأمثال التي ضربوا لك
الوليد بن المغيرة وأصحابه
وأخرج ابن إسحق والبيهقي في الدلائل عن الزهري رضي الله عنه قال :
(5/298)
حدثت
أن أبا جهل وأبا سفيان والأخنس بن شريق خرجوا ليلة يستمعون من رسول الله صلى الله
عليه و سلم وهو يصلي بالليل في بيته فأخذ كل رجل منهم مجلسا يستمع فيه وكل لا يعلم
بمكان صاحبه فباتوا يستمعون له حتى إذا طلع الفجر تفرقوا فجمعتهم الطريق فتلاوموا
فقال بعضهم لبعض : لا تعودوا فلو رآكم بعض سفائكم لأوقعتم في نفسه شيئا ثم انصرفوا
حتى إذا كان الليلة الثانية عاد كل رجل منهم إلى مجلسه فباتوا يستمعون له حتى طلع
الفجر تفرقوا فجمعتهم الطريق فقال بعضهم لبعض : مثل ما قالوا أول مرة ثم انصرفوا
حتى إذا كانت الليلة الثالثة أخذ كل واحد منهم مجلسه فباتوا يستمعون له حتى إذا
طلع الفجر تفرقوا فجمعتهم الطريق فقال بعضهم لبعض : لا نبرح حتى نتعاهد لا نعود
فتعاهدوا على ذلك ثم تفرقوا فلما أصبح الأخنس أتى أبا سفيان في بيته فقال : أخبرني
عن رأيك فيما سمعت من محمد
قال : والله لقد سمعت أشياء أعرفها وأعرف ما يراد بها وسمعت أشياء ما عرفت معناها
ولا ما يراد بها
قال الأخنس : وأنا والذي حلفت به
ثم خرج من عنده حتى أتى أبا جهل فقال : ما رأيك فيما سمعت من محمد ؟ قال : ماذا
سمعت ! تنازعنا نحن وبنو عبد مناف في الشرف أطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا وأعطوا
فأعطينا حتى إذا تجاثينا على الركب وكنا كفرسي رهان
قالوا : منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك هذه والله لا نؤمن به أبدا ولا
نصدقه فقام عنه الأخنس وتركه والله أعلم
الآية 49 - 51 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله : ورفاتا قال غبارا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
(5/299)
الله
عنه في قوله : ورفاتا قال : ترابا
وفي قوله : قل كونوا حجارة أو حديدا قال : ما شئتم فكونوا فسيعيدكم الله كما أنتم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله : أو خلقا مما يكبر في صدروكم قال :
الموت
قال : لو كنتم موتى لأحييتكم
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير والحاكم عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله : أو خلقا مما يكبر في صدروكم قال : الموت
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الحسن رضي الله عنه مثله
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي
الله عنه في قوله : أو خلقا مما يكبر في صدروكم قال : هو الموت ليس شيء أكبر في
نفس ابن آدم من الموت فكونوا الموت إن استطعتم فإن الموت سيموت
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
فسينغضون إليك رؤوسهم قال : يحركون رؤوسهم استهزاء برسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله تعالى : فسينغضون إليك رؤوسهم قال : يحركون رؤوسهم استهزاء برسول الله صلى
الله عليه و سلم
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر وهو يقول : أتنغض لي بوم الفخار وقد ترى خيولا عليها كالأسود
ضواريا وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : ويقولون متى هو قال :
الإعادة والله تعالى أعلم
الآية 53 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله : فتستجيبون بحمده قال بأمره
(5/300)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله :
فتستجيبون بحمده قال : يخرجون من قبورهم وهم يقولون : سبحانك اللهم وبحمدك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : يوم يدعوكم
فتستجيبون بحمده أي بمعرفته وطاعته وتظنون إن لبثتم إلا قليلا أي في الدنيا تحاقرت
الأعمار في أنفسهم وقلت حين عاينوا يوم القيامة
وأخرج الحكيم الترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وأبو يعلى
والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم ولا في منشرهم
وكأني بأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون الحمد لله الذي أذهب
عنا عنا الحزن "
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة عند الموت ولا في القبور ولا في
الحشر كأني بأهل لا إله إلا الله قد خرجوا من قبورهم ينفضون رؤوسهم من التراب
يقولون الحمد الله الذي أذهب عنا الحزن "
وأخرج الخطيب في التاريخ عن موسى بن هرون الحمال قال حدثنا محمد بن أحمد بن
إبراهيم الموصلي رضي الله عنه قال : رأيت النبي صلى الله عليه و سلم في النوم فقلت
: يا رسول الله إن يحيى الحماني حدثنا عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن
ابن عمر عنك صلى الله عليك أنك قلت ليس على أهل لا إله إلا الله وحشة في قبورهم
ولا في منشرهم وكأني بلأهل لا إله إلا الله ينفضون التراب عن رؤوسهم ويقولون الحمد
لله الذي أذهب عنا الحزن
فقال : صدق الحماني
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن سيرين رضي الله عنه في قوله : وقل لعبادي يقولوا التي
هي أحسن قال : لا إله إلا الله
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : وقل لعبادي يقولوا التي هي
أحسن قال : يعفوا عن السيئة
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله : وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن قال : لا يقول
له مثل ما يقول بل يقول له : يرحمك الله يغفر الله لك
(5/301)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : نزغ الشيطان تحريشه
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " لا يشيرن أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان
ينزغ في يده فيقع في حفرة من نار "
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا قال :
عادوه فإنه يحق على كل مسلم عداوته وعداوته أن تعاديه بطاعة الله
الآية 54 أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله : ربكم أعلم بكم إن يشأ
يرحمكم قال : فتؤمنوا وإن يشأ يعذبكم فتموتوا على الشرك كما أنتم
الآية 55 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ولقد فضلنا بعض النبيين
على بعض قال : اتخذ الله إبراهيم خليلا وكلم موسى تكليما وجعل عيسى كمثل آدم خلقه
من تراب ثم قال له كن فكان وهو عبد الله ورسوله من كلمة الله وروحه وآتى سليمان
ملكا عظيما لا ينبغي لأحد من بعده وآتى داود زبورا وغفر لمحمد صلى الله عليه و سلم
ما تقدم من ذنبه وما تأخر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : ولقد فضلنا بعض
النبيين على بعض قال : كلم الله موسى وأرسل محمدا إلى الناس كافة
(5/302)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : وآتينا داود زبورا قال :
كنا نحدث أنه دعاء علمه داود وتحميد أو تمجيد الله عز و جل ليس فيه حلال ولا حرام
ولا فرائض ولا حدود
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال : الزبور ثناء على الله
ودعاء وتسبيح
وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الرحمن بن مردويه قال : في زبور آل داود ثلاثة أحرف :
طوبى لرجل لا يسلك سبيل الخطائين وطوبى لمن لم يأتمر بأمر الظالمين وطوبى من لم
يجالس البطالين
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : في أول شيء من مزامير داود
عليه السلام : طوبى لرجل لا يسلك طريق الخطائين ولم يجالس البطالين ويستقيم على
عبادة ربه عز و جل فمثله كمثل شجرة نابتة على ساقية لا يزال فيها الماء يفضل ثمرها
في زمان الثمار ولا تزال خضراء في غير زمان الثمار
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال : قرأت في بعض زبور داود عليه
السلام تساقطت القرى وأبطل ذكرهم وأنا دائم الدهر مقعد كرسي للقضاء
وأخرج أحمد عن وهب رضي الله عنه قال : وجدت في كتاب داود عليه السلام أن الله
تبارك وتعالى يقول : " بعزتي وجلالي إنه من أهان لي وليا فقد بارزني
بالمحاربة وما ترددت عن شيء أريد ترددي عن موت المؤمن قد علمت أنه يكره الموت ولا
بد له منه وأنا أكره أن أسوءه " قال : وقرأت في كتاب آخر : إن الله تبارك
وتعالى يقول : " كفاني لعبدي مالا إذا كان عبدي في طاعتي أعطيته قبل أن
يسألني واستجبت له من قبل أن يدعوني فإني أعلم بحاجته التي ترفق به من نفسه "
قال : وقرأت في كتاب آخر : إن الله عز و جل يقول : " بعزتي إنه من اعتصم بي
وإن كادته السموات بمن فيهن والأرضون بمن فيهن فإني أجعل له من بين ذلك مخرجا ومن
لم يعتصمني بي فإني أقطع يديه من أسباب السماء وأخسف به من تحت قدميه الأرض فأجعله
في الهواء ثم أكله إلى نفسه "
وأخرج أحمد عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : في حكمة آل داود وحق على العاقل أن
لا يشتغل عن أربع ساعات : ساعة يناجي ربه وساعة يحاسب
(5/303)
فيها
نفسه وساعة يفضي فيها إلى إخوانه الذين يخبرونه بعيوبه ويصدقونه عن نفسه وساعة
يخلي بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل فإنه هذه الساعات : عون على هذه الساعات
وإجماع للقلوب وحق على العاقل أن يكون عارفا بزمانه حافظا للسانه مقبلا على شأنه
وحق على العاقل أن لا يظعن إلا في إحدى ثلاث : زاد لمعاد أو مرمة لمعاش أو لذة في
غير محرم
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن خالد الربعي رضي الله عنه قال : وجدت فاتحة الزبور
الذي يقال له : زبور داود عليه السلام أن رأس الحكمة خشية الله تعالى
وأخرج أحمد عن أيوب الفلسطيني رضي الله عنه قال : مكتوب في مزامير داود - عليه
السلام - " أتدري لمن أغفر قال : لمن يا رب ؟ قال : للذي إذا أذنب ذنبا
ارتعدت لذلك مفاصله فذلك الذي آمر ملائكتي أن لا يكتبوا عليه ذلك الذنب "
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال : مكتوب في الزبور بطلت الأمانة
والرجل مع صاحبه بشفتين مختلفتين يهلك الله عز و جل كل ذي شفين مختلفتين
قال : ومكتوب في الزبور بنار المنافق تحترق المدينة
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال : مكتوب في الزبور - وهو أول الزبور
- " طوبى لمن لم يسلك سبيل الأئمة ولم يجالس الخطائين ولم يفيء في هم
المستهزئين ولكن همه سنة الله عز و جل وإياها يتعلم بالليل والنهار مثله مثل شجرة
تنبت على شط تؤتي ثمرتها في حينها ولا يتناثر من ورقها شيء وكل عمل بأمري ليس ذلك
مثل عمل المنافقين "
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال : قرأت في الزبور بكبر المنافق
يحترق المسكين
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : قرأت في
آخر زبور داود - عليه الصلاة و السلام - ثلاثين سطرا " يا داود هل تدري أي
المؤمنين أحب إلي أن أطيل حياته ؟ الذي قال لا إله إلا الله أقشعر جلده وإني أكره
لذلك الموت كما تكره الوالدة لولدها ولا بد له منه إني أريد
(5/304)
أن
أسره في دار سوى هذه الدار فإن نعيمها بلاء ورخاءها شدة فيها عدو لا يألوهم خبالا
يجري منه مجرى الدم من أجل ذلك عجلت أوليائي إلى الجنة
وأخرج ابن أبي شيبة عن مالك بن المغول قال : في زبور داود مكتوب " إني أنا
الله لا إله إلا أنا ملك الملوك قلوب الملوك بيدي فأيما قوم كانوا على طاعة جعلت
الملوك عليهم رحمة وأيما قوم كانوا على معصية جعلت الملوك عليهم نقمة لا تشغلوا
أنفسكم بسبب الملوك ولا تتوبوا إليهم توبوا إلي أعطف قلوبكم عليكم "
الآية 56 - 57 أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبخاري
والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن مردويه وأبو
نعيم في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : قل ادعوا الذين زعمتم من
دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلا قال : كان نفر من الإنس يعبدون نفرا من
الجن فأسلم النفر من الجن وتمسك الإنسيون بعبادتهم فأنزل الله أولئك الذين يدعون
يبتغون إلى ربهم الوسيلة كلاهما بالياء
وأخرج ابن جرير وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن ابن مسعود رضي
الله عنه قال : نزلت هذه الآية في نفر من العرب كانوا يعبدون نفرا من الجن فأسلم
الجنيون والنفر من العرب لا يشعرون بذلك
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كانت قبائل من العرب يعبدون صنفا
من الملائكة يقال لهم الجن ويقولون هم بنات الله فأنزل الله أولئك الذين يدعون
الآية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية
قال : كان أهل الشرك يعبدون الملائكة والمسيح وعزيرا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن
(5/305)
ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله : فلا يملكون كشف الضر عنكم قال : عيسى وأمه وعزير
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
أولئك الذين يدعون قال : هم عيسى وعزير والشمس والقمر
وأخرج الترمذي وابن مردويه واللفظ له عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " سلوا الله لي الوسيلة " قالوا : وما
الوسيلة ؟ قال : " القرب من الله " ثم قرأ يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم
أقرب
الآية 58 أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله
: وإن من قرية إلا نحن مهلكوها قبل يوم القيامة قال : مبيدوها أو معذبوها
قال : بالقتل والبلاء كل قرية في الأرض سيصيبها بعض هذا
وأخرج ابن جرير من طريق سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله رضي الله عنه قال :
إذا ظهر الزنا والربا في قرية أذن الله في هلاكها
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي في قوله : كان ذلك في كتاب مسطورا قال : في
اللوح المحفوظ
الآية 59 - 60 أخرج أحمد والنسائي والبزار وابن جرير وابن المنذر والطبراني
والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل والضياء في المختارة عن ابن عباس
رضي الله
(5/306)
عنهما
قال : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه و سلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا وأن ينحي
عنهم الجبال فيزرعون فقيل له : " إن شئت أن تتأنى بهم وإن شئت أن نؤتيهم الذي
سألوا فإن كفروا أهلكوا كما أهلكت من قبلهم من الأمم "
قال لا : " بل أستأني بهم " فأنزل الله وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا
أن كذب بها الأولون
وأخرج أحمد والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قالت قريش للنبي صلى الله
عليه و سلم ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبا ونؤمن لك
قال : " وتفعلون " قالوا : نعم
فدعا فأتاه جبريل عليه السلام فقال : " إن ربك يقرئك السلام ويقول لك إن شئت
أصبح الصفا لهم ذهبا فمن كفر منهم بعد ذلك عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين
وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة " قال : " باب التوبة والرحمة
"
وأخرج البيهقي في الدلائل عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال : قال الناس لرسول
الله صلى الله عليه و سلم : لو جئتنا بآية كما جاء بها صالح والنبيون
فقال : رسول الله صلى الله عليه و سلم إن شئتم دعوت الله فأنزلها عليكم وإن عصيتم
هلكتم فقالوا : لا نريدها
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : قال أهل مكة للنبي صلى الله عليه و سلم : إن كان ما
تقول حقا ويسرك أن نؤمن فحول لنا الصفا ذهبا فأتاه جبريل فقال : " إن شئت كان
الذي سألك قومك ولكنه إن كان ثم لم يؤمنوا لم ينظروا وإن شئت استأنيت بقومك "
قال : " بل أستأني بقومي " فأنزل الله : وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا
أن كذب بها الأولون وأنزل الله وما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون
الأنبياء آية 6
وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله : وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن
كذب بها الأولون قال : رحمة لكم أيتها الأمة
قال : إنا لو أرسلنا بالآيات فكذبتم بها أصابكم ما أصاب من قبلكم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : لم تؤت قرية
بآية فكذبوا بها إلا عذبوا وفي قوله : وآتينا ثمود الناقة مبصرة قال : آية
(5/307)
وأخرج
ابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وما نرسل
بالآيات إلا تخويفا قال : الموت
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد في الزهد وابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن جرير وابن
المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : وما نرسل بالآيات إلا تخويفا قال : الموت
الذريع
واخرج أبو داود في البعث عن قتادة رضي الله عنه في قوله : وما نرسل بالآيات إلا
تخويفا قال : الموت من ذلك
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله : وما نرسل بالآيات إلا تخويفا قال
: إن الله يخوف الناس بما شاء من آياته لعلهم يعتبون أو يذكرون أو يرجعون
ذكر لنا أن الكوفة رجفت على عهد ابن مسعود رضي الله عنه فقال : يا أيها الناس إن
ربكم يستعتبكم فاعتبوه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في
قوله : وإذ قلنا لك إن ربك أحاط بالناس قال : عصمك من الناس
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : إن ربك أحاط بالناس
قال : فهم في قبضته
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله : إن ربك أحاط بالناس قال : أحاط بهم فهو مانعك منهم وعاصمك حتى تبلغ رسالته
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وأحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس قال :
هي رؤيا عين أريها رسول الله صلى الله عليه و سلم ليلة أسري به إلى بيت المقدس
وليست برؤيا منام والشجرة الملعونة في القرآن قال : هي شجرة الزقوم
(5/308)
وأخرج
سعيد بن منصور عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك
قال : ما أري في طريقه إلى بيت المقدس
وأخرج ابن سعد وأبو يعلى وابن عساكر عن أم هانئ رضي الله عنها أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم لما أسري به أصبح يحدث نفرا من قريش وهم يستهزئون به فطلبوا منه
آية فوصف لهم بيت المقدس وذكر لهم قصة العير
فقال الوليد بن المغيرة : هذا ساحر فأنزل الله تعالى : وما جعلنا الرؤيا التي
أريناك إلا فتنة للناس
وأخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم أصبح يحدث بذلك فكذب به أناس فأنزل الله فيمن ارتد : وما جعلنا
الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : هو ما رأى
في بيت المقدس ليلة أسري به
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة
للناس يقول : أراه من الآيات والعبر في مسيره إلى بيت المقدس
ذكر لنا أن ناسا ارتدوا بعد إسلامهم حين حدثهم رسول الله صلى الله عليه و سلم
بمسيره أنكروا ذلك وكذبوا به وعجبوا منه وقالوا أتحدثنا أنك سرت مسيرة شهرين في
ليلة واحدة !
وأخرج ابن جرير عن سهل بن سعد رضي الله عنه - قال : رأى رسول الله صلى الله عليه و
سلم بني فلان ينزون على منبره نزو القردة فساءه ذلك فما استجمع ضاحكا حتى كات
وأنزل الله وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنهما - أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
: رأيت ولد الحكم بن أبي العاص على المنابر كأنهم القردة وأنزل الله في ذلك وما
جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس والشجرة المعلونة يعني الحكم وولده
وأخرج ابن أبي حاتم عن يعلى بن مرة عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " أريت بني أمية على منابر الأرض وسيتملكونكم فتجدونهم
أرباب سوء " واهتم رسول الله صلى الله عليه و سلم لذلك : فأنزل الله وما
جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس
(5/309)
وأخرج
ابن مردويه عن الحسين بن علي رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه و سلم -
أصبح وهو مهموم فقيل : مالك يا رسول الله ؟ فقال : " إني رأيت في المنام كأن
بني أمية يتعاورون منبري هذا " فقيل : يا رسول الله لا تهتهم فإنها دنيا
تنالهم
فأنزل الله : وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن سعيد بن المسيب
رضي الله عنه قال : رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم بني أمية على المنابر فساءه
ذلك فأوحى الله إليه : " إنما هي دنيا أعطوها " فقرت عينه وهي قوله :
وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس يعني بلاء للناس
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لمروان بن الحكم : سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : لأبيك وجدك " إنكم الشجرة الملعونة في
القرآن "
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وما جعلنا
الرؤيا التي أريناك الآية
قال : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم أري أنه دخل مكة هو وأصحابه وهو يومئذ
بالمدينة فسار إلى مكة قبل الأجل فرده المشركون فقال أناس قد رد وكان حدثنا أنه
سيدخلها فكانت رجعته فتنتهم
وأخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : قال أبو جهل لما ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم - شجرة الزقوم
تخويفا لهم يا معشر قريش هل تدرون ما شجرة الزقوم التي يخوفكم بها محمد ؟ قالوا :
لا
قال : عجوة يثرب بالزبد - والله لئن استمكنا منها لنتزقمها تزقما
فأنزل الله : إن شجرة الزقوم طعام الأثيم الدخانالآيتان 43 44 وأنزل الله والشجرة
المعلونة في القرآن الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : والشجرة
المعلونة في القرآن قال : هي شجرة الزقوم خوفوا بها
قال أبو جهل : أيخوفني ابن أبي كبشة بشجرة الزقوم ؟ ثم دعا بتمر وزبد فجعل يقول :
زقموني
فأنزل الله تعالى : طلعها كأنه رؤوس الشياطين الصافات آية 65 وأنزل الله ونخوفهم
فما يزيدهم إلا طغيانا كبيرا
(5/310)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : والشجرة المعلونة قال : ملعونة
لأن طلعها كأنه رؤوس الشياطين الصافات آية 65 وهم ملعونون
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :
ونخوفهم قال : أبو جهل بشجرة الزقوم فما يزيدهم قال : ما يزيد أبا جهل إلا طغيانا
كبيرا
الآية 61 - 65 أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : حسد إبليس آدم عليه
السلام على ما أعطاه الله من كرامة وقال : أنا ناري وهذا طيني فكان بدء الذنوب
الكبر
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال إبليس : إن آدم خلق من
تراب ومن طين خلق ضعيفا وإني خلقت من نار والنار تحرق كل شيء لأحتنكن ذريته إلا
قليلا فصدق ظنه عليهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
لأحتنكن قال : لأستولين
(5/311)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : لأحتنكن ذريته قال :
لأحتوينهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : لأحتنكن ذريته
قال : لأضلنهم
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله : جزاء موفورا قال : وافرا
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : فإن جهنم جزاؤكم جزاء
موفورا يقول : يوفر عذابها للكافر فلا يدخر عنهم منها شيء
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
واستفزز من استطعت منهم بصوتك قال : صوته كل داع دعا إلى معصية الله وأجلب عليهم
بخيلك قال : كل راكب في معصية الله وشاركهم في الأموال قال : كل مال في معصية الله
والأولاد قال : ما قتلوا من أولادهم وأتوا فيهم الحرام
وأخرج الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله : وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد قال : كل خيل تسير
في معصية الله وكل رجل يمشي في معصية الله وكل مال أخذ بغير حقه وكل ولد زنا
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : واستفزز من استطعت منهم بصوتك قال :
استنزل من استطعت منهم بالغناء والمزامير واللهو والباطل وأجلب عليهم بخيلك ورجلك
قال كل راكب وماش في معاصي الله وشاركهم في الأموال والأولاد قال : كل مال أخذ
بغير طاعة الله تعالى وأنفق في غير حقه والأولاد أولاد الزنا
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وشاركهم في
الأموال والأولاد قال : الأموال ما كانوا يحرمون من أنعامهم والأولاد أولاد الزنا
(5/312)
وأخرج
ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : مشاركته في الأموال أن جعلوا
البحيرة والسائبة والوصيلة لغير الله ومشاركته إياهم في الأولاد سمو عبد الحارث
وعبد شمس
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه رفعه قال : قال إبليس يا رب إنك لعنتني
وأخرجتني من الجنة من أجل آدم وإني لا أستطيعه إلا بك
قال : فأنت المسلط
قال : أي رب زدني قال : وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر عن ثابت رضي الله عنه قال : بلغنا أن
إبليس قال : يا رب إنك خلقت آدم وجعلت بيني وبينه عداوة فسلطني قال : صدورهم مساكن
لك
قال : رب زدني
قال : لا يولد لآدم ولد إلا ولد لك عشرة
قال : رب زدني
قال : تجري منهم مجرى الدم
قال : رب زدني
قال : أجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد فشكا آدم - عليه السلام
- إبليس إلى ربه
قال : يا رب إنك خلقت إبليس وجعلت بيني وبينه عداوة و بغضا وسلطته علي وأنا لا
أطيقه إلا بك
قال : لا يولد لك ولد إلا وكلت به ملكين يحفظانه من قرناء السوء
قال : رب زدني
قال : الحسنة بعشرة أمثالها قال : رب زدني
قال : لا أحجب عن أحد من ولدك التوبة ما لم يغرغر
والله أعلم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : إن عبادي ليس لك عليهم سلطان
قال : عبادي الذين قضيت لهم بالجنة ليس لك عليهم أن يذنبوا ذنبا إلا أغفر لهم
الآية 66 - 69
(5/313)
أخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : يزجي
قال : يجري
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني رضي الله
عنه في قوله : يزجي لكم الفلك قال : يسيرها في البحر
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني رضي الله عنه في قوله : الفلك قال : السفن
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأوزاعي رضي الله عنه في قوله : إنه كان بكم رحيما قال :
نزلت في المشركين
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : أو يرسل عليكم حاصبا قال :
مطر الحجارة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنهما في قوله : أو يرسل عليكم
حاصبا قال : حجارة من السماء ثم لا تجدوا لكم وكيلا أي منعة ولا ناصرا أم أمنتم أن
يعيدكم فيه تارة أخرى أي مرة أخرى في البحر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فيرسل عليكم
قاصفا من الريح قال : التي تغرق
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : القاصف والعاصف
في البحر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
قاصفا قال : عاصفا
وفي قوله : ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا قال : نصيرا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : تبيعا قال : ثائرا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ثم لا
تجدوا لكم علينا به تبيعا قال : لا يتبعنا أحد بشيء من ذلك
(5/314)
الآية
70 - 72 أخرج الطبراني والبيهقي في شعب الإيمان والخطيب في تاريخه عن عبد الله بن
عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما من شيء
أكرم على الله من بني آدم يوم القيامة
قيل : يا رسول الله ولا الملائكة المقربون ؟ !
قال : ولا الملائكة
الملائكة مجبورون بمنزلة الشمس والقمر "
وأخرجه البيهقي من وجه آخر عن ابن عمر رضي الله عنهما موقوفا وقال : هو الصحيح
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : المؤمن أكرم على
الله من ملائكته
وأخرج الطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" إن الملائكة قالت : يا رب أعطيت بني آدم الدنيا يأكلون فيها ويشربون
ويلبسون ونحن نسبح بحمدك ولا نأكل ولا نشرب ولا نلهو فكما جعلت لهم الدنيا فاجعل
لنا الآخرة
قال : لا أجعل صالح ذرية من خلقت بيدي كمن قلت له كن فكان "
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم مثله
وأخرج ابن عساكر من طريق عروة بن رويم قال : حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه عن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن الملائكة قالوا : ربنا خلقتنا
وخلقت بني آدم
فجعلتهم يأكلون الطعام ويشربون الشراب ويلبسون الثياب ويأتون النساء ويركبون
الدواب وينامون ويستريحون ولم تجعل لنا من ذلك شيئا
فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة
فقال الله : لا أجعل من خلقته بيدي ونفخت فيه من روحي كمن قلت له كن فكان "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عروة بن رويم مرسلا
(5/315)
وأخرج
البيهقي في الأسماء والصفات من طريق عروة بن رويم الأنصاري أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : " لما خلق الله آدم وذريته قالت الملائكة : يا رب خلقتهم
يأكلون ويشربون وينكحون ويركبون فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة فقال الله تعالى :
لا أجعل من خلقته بيدي ونفخت فيه من روحي كمن قلت له كن فكان
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات من وجه آخر عن عروة بن رويم اللخمي عن جابر بن
عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكر نحوه إلا أنه
قال : " ويركبون الخيل " ولم يذكر ونفخت فيه من روحي
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طرق عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولقد كرمنا بني آدم قال : جعلناهم يأكلون
بأيديهم وسائر الخلق يأكلون بأفواههم
وأخرج الحاكم في التاريخ والديلمي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله : ولقد كرمنا بني آدم قال : " الكرامة
الأكل بالأصابع "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر رضي الله عنه قال : ما من رجل يرى مبتلى فيقول : الحمد
لله الذي عافاني مما ابتلاك به وفضلني عليك وعلى كثير من خلقه تفضيلا إلا عافاه
الله من ذلك البلاء كائنا ما كان
وأخرج أبو نعيم والبيهقي في الدلائل عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : " إن الله خلق السموات سبعا فاختار العليا منها فأسكنها ما
شاء من خلقه ثم خلق الخلق فاختار من الخلق بني آدم واختار من بني آدم العرب واختار
من العرب مضر واختار من مضر قريشا واختار من قريش بني هاشم واختارني من بني هاشم
فأنا من خيار الأخيار "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله : يوم ندعو كل إناس بإمامهم قال : إمام هدى وإمام ضلالة
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والخطيب في تاريخه عن أنس رضي الله عنه في قوله :
يوم ندعو كل إناس بإمامهم قال : بنبيهم
(5/316)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه مثله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : يوم ندعو كل إناس بإمامهم
قال : بكتاب أعمالهم
وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" يوم ندعو كل إناس بإمامهم قال : يدعى كل قوم بإمام زمانهم وكتاب ربهم وسنة
نبيهم "
وأخرج الترمذي وحسنه والبزار وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه
عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله : يوم ندعو
كل إناس بإمامهم قال : " يدعى أحدهم فيعطى كتابه بيمينه ويمد له في جسمه ستين
ذراعا ويبيض وجهه ويجعل على رأسه تاج من نور يتلألأ فينطلق إلى أصحابه فيرونه من
بعيد فيقولون : اللهم ائتنا بهذا وبارك لنا في هذا حتى يأتيهم فيقول : أبشروا
لكل رجل منكم مثل هذا
وأما الكافر فيسود له وجهه ويمد له في جسمه ستين ذراعا على صورة آدم ويلبس تاجا من
نارا فيراه أصحابه فيقولون : نعوذ بالله من شر هذا
اللهم لا تأتنا بهذا
قال فيأتيهم
فيقول : ربنا أخره فيقول : ابعدكم الله فإن لكل رجل منكم مثل هذا "
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : جاء نفر من أهل اليمن إلى ابن عباس
فسأله رجل : أرأيت قوله تعالى : ومن كان في هذه أعمى
فهو في الآخرة أعمى فقال ابن عباس رضي الله عنهما : لم تصب المسألة اقرأ ما قبلها
ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر حتى بلغ وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا
فقال ابن عباس رضي الله عنهما : فمن كان أعمى عن هذا النعيم الذي قد رأى وعاين فهو
في أمر الآخرة التي لم تر ولم تعاين أعمى وأضل سبيلا
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما ومن كان في
الدنيا أعمى عما يرى من قدرتي من خلق السماء والأرض والجبال والبحار والناس
والدواب وأشباه هذا فهو عما وصفت له في الآخرة ولم يره أعمى وأضل سبيلا يقول :
أبعد حجة
(5/317)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس : من عمي عن قدرة الله في الدنيا فهو في الآخرة
أعمى
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن قتادة في الآية قال : من عمي عما يراه من الشمس
والقمر والليل والنهار وما يرى من الآيات ولم يصدق بها فهو عما غاب عنه من آيات
الله أعمى وأضل سبيلا
الآية 73 - 75 أخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : إن أمية
بن خلف وأبا جهل بن هشام ورجالا من قريش أتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقالوا : تعال فاستلم آلهتنا وندخل معك في دينك وكان رسول الله صلى الله عليه و
سلم يشتد عليه فراق قومه ويحب إسلامهم فرق لهم فأنزل الله وإن كادوا ليفتنونك
إلى قوله نصيرا
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن باذان عن جابر بن عبد الله مثله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : " كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم يستلم الحجر فقالوا : لا ندعك تستلمه حتى تستلم آلهتنا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : وما علي لو فعلت والله يعلم مني خلافه ؟
فأنزل الله وإن كادوا ليفتنونك
إلى قوله نصيرا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا طاف
يقول له المشركون : استلم آلهتنا كي لا تضرك فكاد يفعل فأنزل الله وإن كادوا
ليفتنونك
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن جبير بن نفير رضي الله عنه أن قريشا أتوا النبي صلى الله
عليه و سلم فقالوا له : إن كنت أرست إلينا فاطرد الذين اتبعوك من سقاط الناس
ومواليهم
(5/318)
لنكون
نحن أصحابك فركن إليهم فأوحى الله إليه وإن كادوا ليفتنونك
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : أنزل الله والنجم
إذا هوى النجم آية 1 فقرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية أفرأيتم
اللات والعزى النجم آية 19 فألقى عليه الشيطان كلمتين تلك الغرانيق العلى وإن
شفاعتهن لترتجى
فقرأ النبي صلى الله عليه و سلم ما بقي من السورة وسجد فأنزل الله وإن كادوا
ليفتنونك عن الذي أوحينا إليك
الآية
فما زال مغموما مهموما حتى أنزل الله تعالى وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي
الحج آية 52 الآية
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن ثقيفا قالوا للنبي صلى
الله عليه و سلم : أجلنا سنة حتى نهدي لآلهتنا فإذا قبضنا الذي يهدى للآلهة
أحرزناه ثم أسلمنا وكسرنا الآلهة
فهم أن يؤجلهم فنزلت وإن كادوا ليفتنونك
الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ضعف الحياة وضعف الممات يعني
ضعف عذاب الدنيا والآخرة
وأخرج البيهقي في كتاب عذاب القبر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : ضعف الحياة قال
: هو عذاب القبر
وأخرج البيهقي عن عطاء رضي الله عنه في قوله : وضعف الممات قال : عذاب القبر
الآية 76 - 79
(5/319)
أخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : قال المشركون للنبي صلى الله
عليه و سلم : كانت الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يسكنون الشام فمالك والمدينة ؟
فهم أن يشخص فأنزل الله تعالى وإن كادوا ليستفزونك من الأرض الآية
وأخرج ابن جرير عن حضرمي رضي الله عنه أنه بلغ أن بعض اليهود قال للنبي صلى الله
عليه و سلم : إن أرض الأنبياء أرض الشام وإن هذه ليست بأرض الأنبياء
فأنزل الله تعالى وإن كادوا ليستفزونك
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن عبد الرحمن بن غنم رضي الله
عنه : أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : " إن كنت نبيا
فالحق بالشام فإن الشام أرض المحشر وأرض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
فصدق رسول الله صلى الله عليه و سلم ما قالوا فغزا تبوك لا يريد إلا الشام فلما
بلغ تبوك أنزل الله عليه آيات من سورة بني إسرائيل بعد ما ختمت السورة وإن كادوا
ليستفزونك من الأرض
الآية
إلى قوله : تحويلا فأمره بالرجوع إلى المدينة وقال : فيها محياك وفيها مماتك وفيها
تبعث
وقال له جبريل عليه السلام : سل ربك
فإن لكل نبي مسألة
فقال : ما تأمرني أن أسأل ؟ قال : قل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل
لي من لدنك سلطانا نصيرا فهؤلاء نزلن عليه في رجعته من تبوك
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله : وإن كادوا ليستفزونك من الأرض قال : هم أهل مكة بإخراج النبي صلى الله عليه
و سلم من مكة وقد فعلوا بعد ذلك فأهلكهم الله تعإلى يوم بدر ولم يلبثوا بعده إلا
قليلا حتى أهلكهم الله يوم بدر وكذلك كانت سنة الله تعالى في الرسل عليهم الصلاة
والسلام إذا فعل بهم قومهم مثل ذلك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وإذا لا
يلبثون خلافك إلا قليلا قال : يعني بالقليل يوم أخذهم ببدر فكان ذلك هو القليل الذي
كان كثيرا بعده
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : القليل ثمانية عشر شهرا
(5/320)
وأخرج
عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه من طرق عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : دلوك
الشمس : غروبها
تقول العرب : إذا غربت الشمس : دلكت الشمس
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه قال : دلوكها
غروبها
وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم في
قوله : أقم الصلاة لدلوك الشمس قال : لزوال الشمس
وأخرج البزار وأبو الشيخ وابن مردويه والديلمي بسند ضعيف عن ابن عمر رضي الله
عنهما قال : دلوك الشمس زوالها
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : دلوك الشمس زياغها بعد نصف
النهار
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : دلوكها زوالها
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : دلوك الشمس
قال : إذا فاء الفيء
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلىالله عليه وسلم
: " أتاني جبريل عليه السلام لدلوك الشمس حين زالت فصلى بي الظهر "
وأخرج ابن جرير عن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله
عليه و سلم يصلي الظهر إذا زالت الشمس ثم تلا أقم الصلاة لدلوك الشمس
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وابن مردويه عن مجاهد رضي الله عنه قال : كنت أقود
مولاي قيس بن السائب فيقول لي : أدلكت الشمس ؟ فإذا قلت نعم صلى الظهر
أخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يصلي
الظهر عند دلوك الشمس
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : إلى غسق الليل قال : العشاء
الآخرة
(5/321)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : غسق الليل اجتماع الليل وظلمته
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : غسق الليل بدو الليل
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له
: أخبرني عن قوله : إلى غسق الليل قال : ما الغسق ؟ قال : دخول الليل بظلمته
قال فيه زهير بن أبي سلمى : ظلتا تجوب يداها وهي لاهبة حتى إذا جنح الإظلام في
الغسق
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال : دلوك الشمس حين تزيغ
و غسق الليل غروب الشمس
وأخرج عبد الرزاق عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : دلوك الشمس إذا زالت عن بطن
السماء و غسق الليل غروب الشمس
والله سبحانه أعلم
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وقرآن الفجر قال : صلاة
الصبح
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه وقرآن الفجر قال
: صلاة الفجر
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله : إن قرآن الفجر كان
مشهودا قال : تشهده الملائكة والجن
وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله
عنه في قوله : وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا قال : تشهده ملائكة الليل
وملائكة النهار تجتمع فيها
وأخرج عبد الرزاق والبخاري ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي
هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " تجتمع ملائكة الليل
وملائكة النهار في صلاة الفجر " ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه : اقرؤوا إن
شئتم وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا
(5/322)
وأخرج
سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :
يتدارك الحرسان من ملائكة الله تعالى حارس الليل وحارس النهار عند صلاة الصبح
اقرؤوا إن شئتم وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا ثم قال : تنزل ملائكة الليل
وملائكة النهار
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن أبي
الدرداء رضي الله عنه قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن قرآن
الفجر كان مشهودا قال : يشهده الله وملائكة الليل وملائكة النهار "
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه إن قرآن الفجر كان مشهودا قال : تشهده
ملائكة الليل وملائكة النهار
وأخرج ابن أبي شيبة عن القاسم عن أبيه قال : دخل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
المسجد لصلاة الفجر فإذا قوم قد أسندوا ظهورهم إلى القبلة فقال : نحوا عن القبلة
لا تحولوا بين الملائكة وصلاتها فإن هاتين الركعتين صلاة الملائكة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة عن علقمة والأسود رضي
الله عنهما قال : التهجد بعد نومة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : نسخ قيام الليل إلا عن النبي صلى الله عليه و
سلم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
نافلة لك يعني خاصة للنبي صلى الله عليه و سلم أمر بقيام الليل وكتب عليه
وأخرج الطبراني في الأوسط والبيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : " ثلاث هن علي فرائض وهن لكم سنة : الوتر والسواك
وقيام الليل "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر ومحمد بن نصر والبيهقي في الدلائل عن مجاهد رضي الله
عنه في قوله : نافة لك قال : لم تكن النافلة لأحد إلا للنبي صلى الله عليه و سلم
خاصة من أجل أنه قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فما عمل من عمل مع المكتوب
فهو نافلة له سوى المكتوب من أجل أنه لا يعمل ذلك في كفارة الذنوب
(5/323)
فهي
نواقل له وزيادة والناس يعملون ما سوى المكتوب في كفارة ذنوبهم فليس للناس نوافل
إنما هي للنبي صلى الله عليه و سلم خاصة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه مثله
وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه مثله
وأخرج محمد بن نصر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : ومن الليل فتهجد به نافلة لك
قال : لا تكون نافلة الليل إلا للنبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم ومحمد بن نصر عن قتادة رضي
الله عنه نافلة لك قال : تطوعا وفضيلة لك
وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أبي أمامة رضي الله
عنه في قوله : نافلة لك قال : كانت للنبي صلى الله عليه و سلم نافلة ولكم فضيلة
وفي لفظ إنما كانت النافلة خاصة لرسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج الطيالسي وابن نصر والطبراني ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان والخطيب في
تاريخه عن أبي أمامة رضي الله عنه أنه قال : إذا توضأ الرجل المسلم فأحسن الوضوء
فإن قعد - قعد مغفورا له وإن قام يصلي كانت له فضيلة
قيل له : نافلة ؟ قال : إنما النافلة للنبي صلى الله عليه و سلم كيف يكون له نافلة
وهو يسعى في الخطايا والذنوب ! ؟ ولكن فضيلة
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري وابن جرير وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما
قال : إن الناس يصيرون يوم القيامة جثاء كل أمة تتبع نبيها يقولون : يا فلان اشفع
لنا
حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه و سلم فذلك يوم يبعثه الله المقام
المحمود
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في
الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله : عسى أن
يبعثك ربك مقاما محمودا وسئل عنه قال : هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي
وأخرج ابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : " المقام المحمود الشفاعة "
وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
: عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال : مقام الشفاعة
(5/324)
وأخرج
ابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و
سلم عن المقام المحمود فقال : " هو الشفاعة "
وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه عن كعب
بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " يبعث الناس
يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على تل ويكسوني ربي حلة خضراء ثم يؤذن لي أن أقول ما
شاء الله أن أقول فذلك المقام المحمود "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه
والبيهقي في شعب الإيمان من طريق علي بن حسين قال : أخبرني رجل من أهل العلم أن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " تمد الأرض يوم القيامة مد الأديم ولا يكون
لبشر من بني آدم فيها إلا موضع قدمه ثم أدعى أول الناس فأخر ساجدا ثم يؤذن لي
فأقول : يا رب أخبرني هذا لجبريل وجبريل عن يمين الرحمن والله ما رآه جبريل قط
قبلها أنك أرسلته إلي
وجبريل عليه السلام ساكت لا يتكلم حتى يقول الرب : صدقت
ثم يؤذن لي في الشفاعة فأقول : أي رب عبادك عبدوك في أطراف الأرض
فذلك المقام المحمود "
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه والبيهقي في البعث والخطيب في المتفق والمفترق عن
حذيفة رضي الله عنه قال : يجمع الناس في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر
حفاة عراة كما خلقوا قياما لا تكلم نفس إلا بإذنه ينادي : يا محمد فيقول : لبيك
وسعديك والخير في يديك والشر ليس إليك والمهدي من هديت وعبدك بين يديك وبك وإليك
لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك تباركت وتعاليت سبحانك رب البيت
فهذا المقام المحمود "
وأخرج البخاري وابن جرير وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن الشمس لتدنو حتى يبلغ العرق نصف الأذن
فبينما هم كذلك استغاثوا بآدم عليه السلام فيقول : لست بصاحب ذلك ثم موسى عليه
السلام فيقول : كذلك ثم محمد صلى الله عليه و سلم فيشفع فيقضي الله بين الخلائق
فيمشي حتى يأخذ بحلقة باب الجنة " فيومئذ يبعثه الله مقاما محمودا يحمده أهل
الجمع كلهم
(5/325)
وأخرج
أحمد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إني لأقوم المقام المحمود
قيل : وما المقام المحمود ؟ قال : ذلك إذا جيء بكم حفاة عراة غرلا فيكون أول من
يكسى إبراهيم عليه السلام فيقول : اكسوا خليلي
فيؤتى بريطتين بيضاوين فيلبسهما ثم يقعد مستقبل العرش
ثم أوتى بكسوة فألبسها فأقوم عن يمينه مقاما لا يقومه أحد فيغبطني به الأولون
والآخرون ثم يفتح نهر من الكوثر إلى الحوض "
وأخرج ابن مردويه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم سئل : " ما المقام المحمود الذي ذكر لك ربك ؟ قال : يحشر الله الناس
يوم القيامة عراة غرلا كهيئتكم يوم ولدتم
هالهم الفزع الأكبر وكظمهم الكرب العظيم وبلغ الرشح أفواههم وبلغ بهم الجهد والشدة
فأكون أول مدعى وأول معطى ثم يدعى إبراهيم عليه السلام قد كسي ثوبين أبيضين من
ثياب الجنة ثم يؤمر فيجلس في قبل الكرسي
ثم أقوم عن يمين العرش
فما من الخلائق قائم غيري فأتكلم فيسمعون وأشهد فيصدقون "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ عسى
أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال : " يجلسه على السرير "
وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر
وبيدي لواء الحمد ولا فخر وما من نبي يومئذ - آدم فمن سواه - إلا تحت لوائي وأنا
أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر
فيفزع الناس ثلاث فزعات فيأتون آدم عليه السلام فيقولون : أنت أبونا فاشفع لنا إلى
ربك
فيقول : إني أذنبت ذنبا أهبطت منه إلى الأرض ولكن ائتوا نوحا
فيأتون نوحا فيقول : إني دعوت على أهل الأرض دعوة فأهلكوا ولكن اذهبوا إلى إبراهيم
فيأتون إبراهيم فيقول : ائتوا موسى
فيأتون موسى عليه الصلاة و السلام فيقول : إني قتلت نفسا ولكن ائتوا عيسى
فيأتون عيسى عليه السلام فيقول : إني عبدت من دون الله ولكن ائتوا محمدا صلى الله
عليه و سلم
فيأتوني فأنطلق معهم فآخذ بحلقة باب الجنة فأقعقعها فيقال : من هذا ؟ فأقول : محمد
فيفتحون لي ويقولون : مرحبا
فأخر ساجدا فيلهمني الله عز و جل من الثناء والحمد والمجد فيقال : ارفع رأسك
سل تعط واشفع تشفع
(5/326)
وقل
يسمع لقولك
فهو المقام المحمود الذي قال الله : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا "
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه في قوله : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا
قال : يخرج الله قوما من النار من أهل الإيمان والقبلة بشفاعة محمد صلى الله عليه
و سلم فذلك المقام المحمود
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه ذكر حديث الجهنميين فقيل
له : ما هذا الذي تحدث والله تعالى يقول : إنك من تدخل النار فقد أخزيته آل عمران
آية 192 وكلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها السجدة آية 20 فقال : هل تقرأ
القرآن ؟ قال : نعم
قال : فهل سمعت فيه بالمقام المحمود ؟ قال : نعم
قال : فإنه مقام محمد صلى الله عليه و سلم الذي يخرج الله به من يخرج
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه
قال : يأذن الله تعالى في الشفاعة فيقوم روح القدس جبريل عليه السلام ثم يقوم
إبراهيم خليل الله عليه الصلاة و السلام ثم يقوم عيسى أو موسى عليهما السلام ثم
يقوم نبيكم صلى الله عليه و سلم واقفا ليشفع لا يشفع أحد بعده أكثر مما شفع وهو
المقام المحمود الذي قال الله : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إذا سألتم الله فاسألوه أن يبعثني المقام المحمود الذي وعدني "
وأخرج البخاري عن جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" من قال حين يسمع النداء : الله رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت
محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان رضي الله عنه قال : يقال له : سل تعطه - يعني النبي
صلى الله عليه و سلم - واشفع تشفع وادع تجب
فيرفع رأسه فيقول : أمتي
مرتين أو ثلاثا فقال سلمان رضي الله عنه : يشفع في كل من في قلبه مثقال حبة حنطة
من إيمان أو مثقال شعيرة من إيمان أو مثقال حبة خردل من إيمان
قال سلمان رضي الله عنه : فذلكم المقام المحمود "
(5/327)
وأخرج
الديلمي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : " قيل : يا رسول الله ما المقام
المحمود ؟ قال : ذلك يوم ينزل الله تعالى عن عرشه فيئط كما يئط الرحل الجديد من
تضايقه "
أخرج الطبراني عن ابن عباس رضي اله عنهما في قوله : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا
قال : يجلسه بينه وبين جبريل عليه السلام ويشفع لأمته
فذلك المقام المحمود
وأخرج الديلمي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا قال : يجلسني معه على السرير "
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا
قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم خير بين أن يكون عبدا نبيا أو ملكا
نبيا فأومأ إليه جبريل عليه السلام أن تواضع فاختار أن يكون عبدا نبيا
فأعطي به النبي صلى الله عليه و سلم ثنتين : أنه أول من تنشق عنه الأرض وأول شافع
فكان أهل العلم يرون أنه المقام المحمود
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا
قال : يجلسه معه على عرشه
الآية 80 أخرج أحمد والترمذي وصحه وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه
وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل والضياء في المختارة عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم بمكة ثم أمر بالهجرة فأنزل
الله تعالى قل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن قتادة رضي الله عنه في قوله : وقل رب
أدخلني مدخل صدق
الآية
قال : أخرجه الله من مكة مخرج صدق وأدخله المدينة مدخل صدق قال : وعلم نبي الله
صلى الله عليه و سلم أنه لا طاقة له
(5/328)
بهذا
الأمر إلا بسلطان فسأل سلطانا نصيرا لكتاب الله تعالى وحدوده وفرائضه وإقامة كتاب
الله تعالى فإن السلطان عزة من الله تعالى جعلها بين عباده ولولا ذلك لغار بعضهم
على بعض وأكل شديدهم ضعيفهم
وأخرج الخطيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : والله لما يزع الله بالسلطان
أعظم مما يزع بالقرآن
وأخرج الزبير بن بكار في أخبار المدينة عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في الآية قال
: جعل الله مدخل صدق المدينة ومخرج صدق مكة و سلطانا نصيرا الأنصار
وأخرج الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ " أدخلني مدخل صدق وأخرجني
مخرج صدق " بفتح الميم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : أدخلني مدخل
صدق يعني الموت
وأخرجني مخرج صدق يعني الحياة بعد الموت
الآية 81 - 82 وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير
وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : دخل النبي صلى الله عليه
و سلم مكة وحول البيت ستون وثلثمائة نصب فجعل يطعنها بعود في يده ويقول : جاء الحق
وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا وجاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد سبأ 49
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو يعلى وابن المنذر عن جابر رضي الله عنه قال : "
دخلنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم مكة وحول البيت ثلثمائة وستون صنما فأمر
بها رسول الله صلى الله عليه و سلم فأكبت لوجهها وقال : جاء الحق وزهق الباطل إن
الباطل كان زهوقا "
وأخرج الطبراني في الصغير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : " دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم مكة يوم الفتح وعلى الكعبة
ثلثمائة وستون
(5/329)
صنما
فشد لهم إبليس أقدامها بالرصاص فجاء معه وقضيب فجعل يهوي به إلى كل صنم منها فيخر
لوجهه فيقول : جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا حتى مر عليها كلها "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
إن الباطل كان زهوقا قال : ذاهبا
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله وقل جاء الحق قال : القرآن وزهق الباطل قال : هلك وهو الشيطان
وفي قوله : وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة قال الله تعالى جعل هذا القرآن شفاء
ورحمة للمؤمنين إذا سمعه المؤمن انتفع به وحفظه ووعاه ولا يزيد الظالمين إلا خسارا
لا ينتفع به ولا يحفظه ولا يعيه
وأخرج ابن عساكر عن أويس القرني رضي الله عنه قال : لم يجالس هذا القرآن أحد إلا
قام عنه بزيادة أو نقصان قضاء من الله الذي قضى شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد
الظالمين إلا خسارا
الآية 83 - 84 أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله : ونأى بجانبه قال : تباعد منا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
كان يؤوسا قال : قنوطا
وفي قوله : قل كل يعمل على شاكلته قال : على ناحيته
وأخرج هناد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : على شاكلته قال : على
نيته
(5/330)
الآية
85 أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه
في قوله : ويسألونك عن الروح قال : يهود يسألونه
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن حبان
وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في معا في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه قال
: كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه و سلم في خرب المدينة وهو متكئ على عسيب فمر
بقوم من اليهود فقال بعضهم لبعض : سلوه عن الروح
وقال بعضهم : لا تسألوه
فسألوه فقالوا : يا محمد ما الروح ؟ فما زال يتوكأ على العسيب وظننت أنه يوحى إليه
فأنزل الله ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن المنذر وابن حبان وأبو الشيخ في العظمة
والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : قالت قريش لليهود : أعطونا شيئا نسأل هذا الرجل فقالوا : سلوه عن
الروح فسألوه فنزلت ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم
إلا قليلا قالوا : أوتينا علما كثيرا : أوتينا التوراة ومن أوتي التوراة فقد أوتي
خيرا كثيرا
فأنزل الله تعالى قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات
ربي ولو جئنا بمثله مددا الكهف آية 109
وأخرج ابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن اليهود قالوا
للنبي صلى الله عليه و سلم : " أخبرنا ما الروح ؟ وكيف تعذب الروح التي في
الجسد ؟ وإنما الروح من الله ولم يكن نزل عليه فيه شيء فلم يجر إليهم شيئا فأتاه
جبريل عليه السلام فقال له : قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
فأخبرهم النبي صلى الله عليه و سلم بذلك فقالوا : من جاءك بهذا ؟ قال : جبريل
قالوا : والله ما قاله لك إلا عدو لنا
فأنزل الله تعالى قل من كان عدوا لجبريل
البقرة آية 97 الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في كتاب الأضداد وأبو
الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في
قوله : ويسألونك عن الروح قال : هو ملك من الملائكة له سبعون
(5/331)
ألف
وجه لكل وجه منها سبعون ألف لسان
لكل لسان منها سبعون ألف لغة يسبح الله تعالى بتلك اللغات يخلق الله تعالى من كل
تسبيحة ملكا يطير مع الملائكة إلى يوم القيامة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق عطاء عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله : ويسألونك عن الروح قال : هو ملك واحد له عشرة آلاف جناح جناحان
منهما ما بين المشرق والمغرب له ألف وجه لكل وجه لسان وعينان وشفتان يسبحان الله
تعالى إلى يوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الروح أمر من أمر
الله وخلق من خلق الله وصورهم على صور بني آدم وما ينزل من السماء من ملك إلا ومعه
واحد من الروح
ثم تلا يوم يقوم الروح والملائكة صفا النبأ آية 38
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عكرمة رضي الله عنه قال : سئل ابن عباس رضي
الله عنهما في قوله : ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي لا تنال هذه المنزلة
فلا تزيدوا عليها
قولوا كما قال الله وعلم نبيه صلى الله عليه و سلم وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد الله بن بريدة رضي الله عنه قال : لقد قبض
النبي صلى الله عليه و سلم وما يعلم الروح
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن زياد أنه بلغه أن رجلين اختلفا في هذه الآية وما
أوتيتم من العلم إلا قليلا فقال أحدهما : إنما أريد بها أهل الكتاب وقال الآخر :
بل إنه محمد صلى الله عليه و سلم
فانطلق أحدهما إلى ابن مسعود رضي الله عنه فسأله فقال : ألست تقرأ سورة البقرة ؟
فقال : بلى
فقال : وأي العلم ليس في سورة البقرة ؟ إنما أريد بها أهل الكتاب
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ويسألونك
عن الروح قال : الروح ملك
وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أم الحكم الثقفي رضي الله عنه قال :
بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم في بعض سكك المدينة إذ عرض له اليهود فقالوا
: يا محمد
(5/332)
ما
الروح ؟ وبيده عسيب نخل فاعتمد عليه - ورفع راسه إلى السماء ثم قال : ويسألونك عن
الروح
إلى قوله : قليلا قال ابن عساكر : عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أم الحكم الثقفي
قيل إن له صحبة
وأخرج ابن الأنباري في كتاب الأضداد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الروح خلق مع
الملائكة لا يراهم الملائكة كما لا ترون أنتم الملائكة
و الروح حرف استأثر الله تعالى بعلمه ولم يطلع عليه أحدا من خلقه
وهو قوله تعالى : ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي
وأخرج أبو الشيخ عن سلمان رضي الله عنه قال : الإنس والجن عشرة أجزاء : فالإنس جزء
والجن تسعة أجزاء
والملائكة والجن عشرة أجزاء : فالجن من ذلك جزء والملائكة تسعة
والملائكة والروح عشرة أجزاء : فالملائكة من ذلك جزء والروح تسعة أجزاء
والروح والكروبيون عشرة أجزاء : فالروح من ذلك جزء والكروبيون تسعة أجزاء
وأخرج ابن إسحق وابن جرير عن عطاء بن يسار قال : نزلت بمكة وما أوتيتم من العلم
إلا قليلا فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم إلى
المدينة أتاه أحبار اليهود فقالوا : " يا محمد ألم يبلغنا أنك تقول : وما
أوتيتم من العلم إلا قليلا أفعنيتنا أم قومك ؟ قال : كلا قد عنيت
قالوا : فإنك تتلو أنا أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء فقال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : هي في علم الله قليل وقد آتاكم الله ما عملتم به انتفعتم
فأنزل الله ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام
إلى قوله : إن الله سميع بصير لقمان آية 27 - 28
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جرير في قوله : وما أوتيتم من العلم قال : يا
محمد والناس أجمعون
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله : وما أوتيتم من العلم إلا قليلا يعني اليهود
الآية 86 - 87
(5/333)
أخرج
الحكيم الترمذي عن ابن عباس قال : لما قدم وفد اليمن على رسول الله صلى الله عليه
و سلم صلى الله عليه و سلم فقالوا : " أبيت اللعن : فقال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : سبحان الله
إنما يقال هذا للملك ولست ملكا
أنا محمد بن عبد الله
فقالوا : إنا لا ندعوك باسمك
قال : فأنا أبو القاسم
فقالوا : يا أبا القاسم إنا قد خبأنا لك خبيئا
فقال : سبحان الله
! إنما يفعل هذا بالكاهن والكاهن والمتكهن والكهانة في النار
فقال له أحدهم : فمن يشهد لك أنك رسول الله ؟ فضرب بيده إلى حفنة حصا فأخذها فقال
: هذا يشهد أني رسول الله صلى الله عليه و سلم فسبحن في يده فقلن : نشهد أنك رسول
الله
فقالوا له : أسمعنا بعض ما أنزل عليك
فقرأ والصافات صفا حتى انتهى إلى قوله : فأتبعه شهاب ثاقب الصافات الآية 1 - 10
فإنه لساكن ما ينبض منه عرق وإن دموعه لتسبقه إلى لحيته فقالوا له : إنا نراك تبكي
! أمن خوف الذي بعثك تبكي ! ؟ قال : بل من خوف الذي بعثني ابكي إنه بعثني على طريق
مثل حد السيف إن زغت عنه هلكت
ثم قرأ ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك ثم لا تجد لك به علينا وكيلا
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني
والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود قال : إن هذا
القرآن سيرفع
قيل : كيف يرفع وقد أثبته الله في قلوبنا وأثبتناه في المصاحف
! ؟ قال : يسرى عليه في ليلة واحدة فلا يترك منه آية في قلب ولا مصحف إلا رفعت
فتصبحون وليس فيكم منه شيء
ثم قرأ ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ليسرين على القرآن
في ليلة فلا يترك آية في مصحف أحد إلا رفعت
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يسر ى على القرآن ليلا فيذهب به
من أجواف الرجال فلا يبقى في الأرض منه شيء
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : اقرؤوا القرآن قبل
أن يرفع فإنه لا تقوم الساعة حتى يرفع
قالوا : هذه المصاحف ترفع
(5/334)
فكيف
بما في صدور الناس
! ؟ قال : يعدى ليلا فيرفع من صدورهم فيصبحون فيقولون : لكأنا كنا نعلم شيئا ثم
يقعون في الشعر
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " يدرس الإسلام كما يدرس وشي الثوب حتى لا يدرى ما صيام ولا
صدقة ولا نسك
ويسرى على كتاب الله في ليلة فلا يبقى في الأرض منه آية ويبقى الشيخ الكبير
والعجوز يقولون : أدركنا آبائنا على هذه الكلمة " لا إله إلا الله "
فنحن نقولها "
وأخرج الخطيب في تاريخه عن حذيفة رضي الله عنه قال : يوشك أن يدرس الإسلام كما
يدرس وشي الثوب ويقرأ الناس القرآن لا يجدون له حلاوة فيبيتون ليلة فيصبحون وقد
أسري بالقرآن وما قبله من كتاب حتى ينتزع من قلب شيخ كبير وعجوز كبير فلا يعرفون
وقت صلاة ولا صيام ولا نسك
حتى يقول القائل منهم : إنا سمعنا الناس يقولون : لا إله إلا الله فنحن نقول لا
إله إلا الله
وأخرج ابن أبي داود وابن أبي حاتم عن شمر بن عطية رضي الله عنه قال : يسرى على
القران في ليلة فيقوم المتهجدون في ساعاتهم فلا يقدرون على شيء فيفزعون إلى
مصاحفهم فلا يقدرون عليها فيخرج بعضهم إلى بعض فيلتقون فيخبر بعضهم بعضا بما قد
لقوا
وأخرج ابن عدي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" يأتي الناس زمان يرسل إلى القرآن ويرفع من الأرض "
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال
: لا تقوم الساعة حتى يرفع القرآن من حيث نزل له دوي حول العرش كدوي النحل يقول :
أتلى ولا يعمل بي
وأخرج محمد بن نصر عن الليث بن سعد رضي الله عنه قال : إنما يرفع القرآن حين يقبل
الناس على الكتب ويكبون عليها ويتركون القرآن
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقال : " أطيعوني ما دمت بين أظهركم فإن ذهبت
فعليكم بكتاب الله
أحلوا حلاله وحرموا حرامه فإنه سيأتي على الناس زمان يسرى على القرآن في ليلة
فينسخ من القلوب والمصاحف "
(5/335)
وأخرج
ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابي هريرة رضي الله عنه قال : يسرى على كتاب الله
فيرفع إلى السماء فلا يبقى على الأرض من القرآن ولا من التوراة والإنجيل والزبور
فينزع من قلوب الرجال فيصبحون في الصلاة لا يدرون ما هم فيه
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه والديلمي عن حذيفة وأبي هريرة رضي الله عنهما قالا :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يسرى على كتاب الله ليلا فيصبح الناس
ليس في الأرض ولا في جوف مسلم منه آية "
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " لا تقوم الساعة حتى يرفع الذكر والقرآن "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس وابن عمر رضي الله عنها قالا : خطب رسول الله صلى
الله عليه و سلم فقال : " يا أيها الناس ما هذه الكتب التي بلغني أنكم
تكتبونها مع كتاب الله ؟ يوشك أن يغضب الله لكتابه فيسرى عليه ليلا لا يترك في قلب
ولا ورق منه حرفا إلا ذهب به
فقيل : يا رسول الله فكيف بالمؤمنين والمؤمنات ؟ قال : من أراد الله به خيرا أبقى
في قلبه لا إله إلا الله "
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده قال : يسرى على
القرآن في جوف الليل يجيء جبريل عليه السلام فيذهب به ثم قرأ ولئن شئنا لنذهبن
الآية
الآية 88 - 89 أخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم محمود بن سيحان ونعيمان بن
أصي ومجزئ بن عمر وسلام بن مشكم فقالوا : يا محمد هذا الذي جئت به حق من عند الله
؟ فإنا لا نراه متناسقا كما تتناسق التوراة
فقال لهم : أما والله إنكم لتعرفون أنه من عند الله
(5/336)
قالوا
: إنا نجيئك بمثل ما أتي به
فأنزل الله قل لئن اجتمعت الإنس والجن الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : قل لئن اجتمعت الإنس والجن
الآية
قال : يقول : لو برزت الجن وأعانهم الإنس فتظاهروا لم يأتوا هذا القرآن
الآية 90 - 96 أخرج ابن جرير وابن إسحق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي
الله عنهما أن عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبا سفيان بن حرب ورجلا من بني عبد الدار
وأبا البختري - أخا بني أسد - والأسود بن المطلب وزمعة بن الأسود والوليد بن
المغيرة وأبا جهل بن هشام وعبد الله بن أبي أمية وأمية بن خلف والعاص بن وائل
ونبيها ومنبها ابني الحجاج السهميين اجتمعوا بعد غروب الشمس عند ظهر الكعبة فقال
بعضهم لبعض : ابعثوا إلى محمد وكلموه وخاصموه حتى تعذروا فيه
فبعثوا إليه أن أشراف قومك قد اجتمعوا إليك ليكلموك فجاءهم رسول الله صلى الله
عليه و سلم سريعا وهو يظن أنهم قد بدا لهم في أمره بدء وكان عليهم حريصا يحب رشدهم
ويعز عليه عنتهم حتى جلس إليهم فقالوا : " يا محمد إنا قد بعثنا إليك لنعذرك
وإنا
(5/337)
والله
ما نعلم رجلا من العرب أدخل على قومه ما أدخلت على قومك لقد شتمت الآباء وعبت
الدين وسفهت الأحلام وشتمت الآلهة وفرقت الجماعة فما بقي من قبيح إلا وقد جئته
فيما بيننا وبينك
فإن كنت إنما جئت بهذا الحديث تطلب مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا
وإن كنت إنما تطلب الشرف فينا سودناك علينا وإن كنت تريد ملكا ملكناك علينا وإن
كان هذا الذي يأتيك بما يأتيك رئيا تراه قد غلب عليك - وكانوا يسمون التابع من
الجن الرئي - فربما كان ذلك بذلنا أموالنا في طلب الطب حتى نبرئك منه أو نعذر في
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما بي ما تقولون
ما جئتكم بما جئتكم به أطلب أموالكم ولا فيئكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثني
إليكم رسولا وأنزل علي كتابا وأمرني أن أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالة ربي
ونصحت لكم
فإن تقبلوا مني ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر
الله حتى يحكم الله بيني وبينكم
فقالوا : يا محمد فإن كنت غير قابل منا ما عرضنا عليك فقد علمت أنه ليس أحد من
الناس أضيق بلادا ولا أقل مالا ولا أشد عيشا منا فاسأل ربك الذي بعثك بما بعثك به
فليسير عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا وليبسط لنا بلادنا وليجر فيها أنهارا
كأنهار الشام والعراق وليبعث لنا من قد مضى من آبائنا وليكن فيمن يبعث لنا منهم
قصي بن كلاب فإنه كان شيخا صدوقا فنسألهم عما تقول حق هو أم باطل ؟ فإن صنعت ما
سألناك وصدقوك صدقناك وعرفنا به منزلتك من عند الله وإنه بعثك رسولا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما بهذا بعثت إنما جئتكم من عند الله بما
بعثني به فقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم
فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم
الله بيني وبينكم
قالوا : فإن لم تفعل لنا فخر لنفسك فاسأل ربك أن يبعث ملكا يصدقك بما تقول
ويراجعنا عنك وتسأله أن يجعل لك جنانا وكنوزا وقصورا من ذهب وفضة ويغنيك عما نراك
تبتغي - فإنك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمسه - حتى نعرف منزلتك من ربك إن
كنت رسولا كما تزعم
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما أنا بفاعل
ما أنا بالذي يسأل ربه هذا
وما بعثت إليكم بهذا ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا فإن تقبلوا ما جئتكم به فهو
حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم
قالوا :
(5/338)
فأسقط
السماء كما زعمت أن ربك إن شاء فعل فإنا لن نؤمن لك إلا أن تفعل
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ذلك إلى الله إن شاء فعل بكم ذلك
قالوا : يا محمد قد علم ربك أنا سنجلس معك ونسألك عما سألناك ونطلب منك ما نطلب
فيتقدم إليك ويعلمك ما تراجعنا به ويخبرك بما صانع في ذلك بنا إذا لم نقبل منك ما
جئتنا به فقد بلغنا أنه إنما يعلمك هذا رجل باليمامة يقال له الرحمن وإنا والله لا
نؤمن بالرحمن أبدا فقد أعذرنا إليك يا محمد أما والله لا نتركك وما فعلت بنا حتى
نهلكك أو تهلكنا
وقال قائلهم : لن نؤمن لك حتى تأتي بالله والملائكة قبيلا
فلما قالوا ذلك قام رسول الله صلى الله عليه و سلم عنهم وقام معه عبد الله بن أبي
أمية فقال : يا محمد عرض عليك قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم ثم سألوك لأنفسهم
أمورا ليعرفوا بها منزلتك عند الله فلم تفعل ذلك ثم سألوك أن تعجل ما تخوفهم به من
العذاب
فوالله ما أؤمن لك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما ثم ترقى فيه وأنا أنظر حتى
تأتيها وتأتي معك بنسخة منشورة معك أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول وأيم
الله لو فعلت ذلك لظننت أني لا أصدقك
ثم انصرف عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وانصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم
إلى أهله حزينا أسفا لما فاته مما كان طمع فيه من قومه حين دعوه ولما رأى من
متابعتهم إياه
وأنزل عليه فيما قال له عبد الله بن أبي أمية : وقالوا لن نؤمن لك
إلى قوله : بشرا رسولا وأنزل عليه في قولهم لن نؤمن بالرحمن كذلك أرسناك في أمة قد
خلت
الرعد آية 30 الآية
وأنزل عليه فيما سأله قومه لأنفسهم من تسيير الجبال وتقطيع الجبال وبعث من مضى من
آبائهم الموتى ولو أن قرآنا سيرت به الجبال
الرعد آية 31 الآية
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن بن جبير رضي
الله عنه في قوله : وقالوا لن نؤمن لك قال : نزلت في أخي أم سلمة عبد الله بن أبي
أمية
وأخرح ابن جرير عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه أنه قرأ حتى تفجر لنا خفيفة
(5/339)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : حتى تفجر لنا من الأرض
ينبوعا أي ببلدنا هذا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : ينبوعا
قال : عيونا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : الينبوع هو الذي يجري من العين
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : أو تكون لك جنة من نخيل
وعنب يقول : ضيعة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : أو تسقط السماء كما زعمت
علينا كسفا قال : قطعا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : أو تأتي بالله والملائكة
قبيلا قال : عيانا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : أو يكون لك بيت من زخرف قال
: من ذهب
وأخرج أبو عبيد في فضائله وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
الأنباري في المصاحف وأبو نعيم في الحلية عن مجاهد رضي الله عنه قال : لم أكن أحسن
ما الزخرف حتى سمعتها في قراءة عبد الله أو يكون لك بيت من زخرف قال : من ذهب
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال : الزخرف الذهب
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : حتى
تنزل علينا كتابا نقرؤه قال : من عند رب العالمين إلى فلان بن فلان يصبح عند كل
رجل منا صحيفة عند رأسه موضوعة يقرؤها
الآية 97 - 99
(5/340)
أخرج
أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وأبو نعيم في
المعرفة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس رضي الله عنه قال :
" قيل : يا رسول الله كيف يحشر الناس على وجوههم ؟ قال : الذي أمشاهم على
أرجلهم قادر أن يمشيهم على وجوههم "
واخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم
هذه الآية الذين يحشرون على وجوههم الفرقان آية 34 الآية
فقالوا : يا نبي الله وكيق يمشون على وجوههم ؟ قال : أرأيت الذي أمشاهم على
أقدامهم ؟ أليس قادرا على أن يمشيهم على وجوههم ؟ ؟
"
وأخرج أبو داود والترمذي وحسنه وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يحشر الناس
يوم القيامة على ثلاثة أصناف : صنف مشاة وصنف ركبان وصنف على وجوههم
قيل : يا رسول الله وكيف يمشون على وجوههم ؟ قال : إن الذي أمشاهم على أقدامهم
قادر أن يمشيهم على وجوههم
أما إنهم يتقون بوجوههم كل حدب وشوك "
وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي ذر رضي
الله عنه أنه تلا هذه الاية ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما فقال
: حدثني الصادق المصدوق صلى الله عليه و سلم : " أن الناس يحشرون يوم القيامة
على ثلاة أفواج : فوج طاعمين كاسين راكبين وقوج يمشون ويسعون وفوج تسحبهم الملائكة
على وجوههم "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه والنسائي وابن مردويه والحاكم عن معاوية
بن حيدة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنكم
تحشرون رجالا وركبانا وتجرون على وجوهكم ههنا ونحى بيده نحو الشام "
(5/341)
وأخرج
ابن جرير وابن ابي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : عميا قال : لا يرون
شيئا يسرهم بكما قال : لا ينطقون بحجة وصما قال : لا يسمعون شيئا يسرهم
وأخرج البخاري في تاريخه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي
الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا تغبطن فاجرا بنعمة
فإن من ورائه طالبا حثيثا "
وقرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا
وأخر البيهقي في الشعب عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " الدنيا خضرة حلوة
من اكتسب فيها مالا من غير حله وأنفقه في غير حله أحله دار الهوان
ورب متخوض في مال الله ورسوله له النار يوم القيامة
يقول الله : كلما خبت زدناهم سعيرا "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : مأواهم جهنم
يعني أنهم وقودها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله : كلما خبت قال : سكنت
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله : كلما خبت زدناهم سعيرا
قال : كلما طفئت أسعرت وأوقدت
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباربي في كتاب الأضداد عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله : كلما خبت زدناهم سعيرا
قال : كلما أحرقتهم سعر بهم حطبا فإذا أحرقتهم فلم يبق منهم شيء صارت حمراء تتوهج
فذلك خبؤها فإذا بدلوا خلقا جديدا عاوتهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري عن قتادة رضي الله عنه في قوله : كلما
خبت زدناهم سعيرا
يقول : كلما احترقت جلودهم بدلوا جلودا غيرها ليذوقا العذاب
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله : كلما خبت قال : الخبء الذي يطفأ مرة ويشعل أخرى
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول : وتخبو النار عن
أدنى أذاهم وأضرمها إذا ابتردوا سعيرا
(5/342)
وأخرج
ابن الأنباري عن أبي صالح في قوله : كلما خبت قال : معناه كلما حميت
الآية 100 أخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله : خزائن رحمة ربي قال : الرزق
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : إذا لأمسكتم خشية الإنفاق قال
: إذن ما أطعمتم أحدا شيئا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : خشية الإنفاق
قال : الفقر وفي قوله : وكان الإنسان قتورا قال : بخيلا
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : خشية
الإنفاق قال : خشية الفاقة وكان الإنسان قتورا قال : بخيلا ممسكا
الآية 101 - 105 أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات
قال : اليد والعصا والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والسنين ونقص من
الثمرات
(5/343)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : تسع آيات بينات قال
: يده وعصاه ولسانه والبحر والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم
وأخرج الطيالسي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن
ماجة وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن قانع والحاكم
وصححه وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل عن صفوان بن عسال : "
أن يهوديين قال أحدهما لصاحبه : انطلق بنا إلى هذا النبي نسأله فأتياه فسألاه عن
قول الله : ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
لا تشركوا بالله شيئا ولا تنزنوا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا
تسرقوا ولا تسحروا ولا تمشوا ببريء إلى ذي سلطان فيقتله ولا تأكلوا الربا ولا
تقذفوا محصنة
أو قال : ولا تفروا من الزحف شك شعبة وعليكم يا يهود خاصة أن لا تعتدوا في السبت
فقبلا يديه وقالا : نشهد أنك نبي
قال : فما يمنعكما أن تسلما ؟ !
قالا : إن داود دعا أن لا يزال في ذريته نبي وإنا نخاف إن أسلمنا أن تقتلنا اليهود
"
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الغضب عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه سئل عن قول
الله تعالى : وإني لأظنك يا فرعون مثبورا قال : مخالفا
وقال : الأنبياء أكرم من أن تلعن أو تسب
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ فاسأل بني إسرائيل يقول : سأل
موسى فرعون بني إسرائيل أن أرسلهم معي
قال مالك بن دينار : وإنما كتبوا " فسل " بلا ألف كما كتبوا قال :
" قل "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه أنه كان يقرأ
لقد علمت يعني بالرفع
قال علي : والله ما علم عدو الله ولكن موسى هو الذي علم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ لقد
علمت بالنصب - يعني فرعون - ثم تلا وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم النمل آية 14
(5/344)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما مثبورا قال
: ملعونا
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما مثله
وأخرج الشيرازي في الألقاب وابن مردويه من طريق ميمون بن مهران عن ابن عباس رضي
الله عنهما مثبورا قال : قليل العقل
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : مثبورا قال
: ملعونا محبوسا عن الخير
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت عبد الله بن الزبعرى يقول : إذ أتاني
الشيطان في سنة النو م ومن مال ميلة مثبورا وأخرج ابن جرير من طريق العوفي عن ابن
عباس رضي الله عنهما لفيفا قال : جميعا
الآية 106 - 109 أخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه
والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن قرأ وقرآنا فرقناه مثقلة
قال : نزل القرآن إلى سماء الدنيا في ليلة القدر من رمضان جملة واحدة فكان
المشركون إذا أحدثوا شيئا أحدث الله لهم جوابا
ففرقه الله في عشرين سنة
وأخرج ابن أبي حاتم ومحمد بن نصر وابن الأنباري في المصاحف من طريق الضحاك عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال : نزل القرآن جملة واحد من عند الله من اللوح المحفوظ إلى
السفرة الكرام الكاتبين في السماء الدنيا فنجمته السفرة على جبريل عشرين ليلة
ونجمه جبريل على النبي صلى الله عليه و سلم عشرين سنة
فقال المشركون : لولا نزل عليه القرآن جملة واحد
فقال الله كذلك لنثبت به
(5/345)
فؤادك
الفرقان آية 32 أي نزلناه عليك متفرقا ليكون عندك جواب ما يسألونك عنه ولو أنزلناه
عليك جملة واحدة ثم سألوك لم يكن عندك جواب ما يسألون عنه
وأخرج البزار والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزل القرآن جملة واحدة
حتى وضع في بيت العزة في السماء الدنيا ونزله جبريل على محمد صلى الله عليه و سلم
بجواب كلام العباد وأعمالهم
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر من طريق أبي العالية عن ابن عباس أنه
قرأها مثقلة يقول : أنزل آية آية
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عمر رضي الله عنه قال : تعلموا القرآن خمس آيات
خمس آيات فإن جبريل كان ينزل بالقرآن على النبي صلى الله عليه و سلم خمسا خمسا
وأخرج ابن عساكر من طريق أبي نضرة قال : كان أبو سعيد الخدري رضي الله عنه يعلمنا
القرآن خمس آيات بالغداة وخمس آيات بالعشي ويخبر أن جبريل نزل بالقرآن خمس آيات
خمس آيات
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قرأ
وقرآنا فرقناه مخففا يعني بيناه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما وقرآنا فرقناه قال :
فصلناه على مكث بأمد يخرون للأذقان يقول : للوجوه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد على مكث في ترسل
وأخرج ابن الضريس عن قتادة في قوله : وقرآنا فرقناه الآية
قال : لم ينزل في ليلة ولا ليلتين ولا شهر ولا شهرين ولا سنة ولا سنتين وكان بين
أوله وآخره عشرون سنة أو ما شاء الله من ذلك
وأخرج ابن الضريس من طريق قتادة عن الحسن رضي الله عنه قال : كان يقال : أنزل
القرآن على نبي الله صلى الله عليه و سلم ثمان سنين بمكة وعشرا بعدما هاجر
وكان قتادة يقول : عشر بمكة وعشر بالمدينة
(5/346)
وأخرج
ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه إن الذين أوتوا العلم من قبله هم ناس من أهل
الكتاب حين سمعوا ما أنزل الله على محمد
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : من قبله من قبل
النبي صلى الله عليه و سلم إذا يتلى ما أنزل عليهم من عند الله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد إذا يتلى عليهم قال : كتابهم
وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد
الأعلى التيمي قال : إن من أوتي من العلم ما لا يبكيه لخليق أن قد أوتي من العلم
ما لا ينفعه لأن الله نعت أهل العلم فقال : ويخرون للأذقان يبكون
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجراح عن أبي حازم : " أن النبي صلى الله عليه و
سلم نزل عليه جبريل وعنده رجل يبكي فقال : من هذا ؟ قال : فلان
قال جبريل : إنا نزن أعمال بني آدم كلها إلا البكاء فإن الله يطفئ بالدمعة نهورا
من نيران جهنم "
وأخرج الحكيم الترمذي عن النضر بن سعد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لو أن عبدا بكى في أمة من الأمم لأنجى الله تلك الأمة من النار ببكاء ذلك
العبد
وما من عمل إلا له وزن وثواب إلا الدمعة فإنها تطفئ بحورا من النار
وما اغرورقت عين بمائها من خشية الله إلا حرم الله جسدها على النار وإن فاضت على
خده لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة "
وأخرج ابن ابي شيبة عن الجعد أبي عثمان قال : بلغنا أن داود عليه السلام قال :
" إلهي
ما جزاء من فاضت عيناه من خشيتك ؟
قال : جزاؤه أن أؤمنه يوم الفزع الأكبر "
الآية 110 أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قال : " كان
رسول الله صلى الله عليه و سلم يجهر بالدعاء فجعل يقول : يا الله
يا رحمن
فسمعه أهل مكة فأقبلوا عليه فأنزل الله قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن
الآية "
(5/347)
وأخرج
ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " صلى رسول الله صلى
الله عليه و سلم بمكة ذات يوم فدعا ربه فقال في دعائه : يا الله
يا رحمن
فقال المشركون : انظروا إلى هذا الضابئ ينهانا أن ندعو إلهين وهو يدعو إلهين
فأنزل الله قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن الآية "
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
ذات يوم في حرث في يده جريدة فسأله اليهود عن الرحمن - وكان لهم كاهن باليمامة
يسمونه الرحمن - فأنزلت قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن
الآية
وأخرج ابن جرير عن مكحول : " أن النبي كان يتهجد بمكة ذات ليلة يقول في سجوده
: يا رحمن
يا رحيم
فسمعه رجل من المشركين فلما أصبح قال لأصحابه : انظروا ما قال ابن أبي كبشة يزعم
الليلة الرحمن الذي باليمن - وكان باليمن رجل يقال له رحمن - فنزلت قل ادعوا الله
أو ادعوا الرحمن
الآية "
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق نهشل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قول الله : قل ادعوا الله أو
ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى
إلى آخر الآية
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " هو أمان من السرق "
وإن رجلا من الهاجرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم تلاها حيث أخذ مضجعه
فدخل عليه سارق فجمع ما في البيت وحمله - والرجل ليس بنائم - حتى انتهى إلى الباب
فوجد الباب مردودا فوضع الكارة ففعل ذلك ثلاث مرات فضحك صاحب البيت ثم قال : إني
أحصنت بيتي
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد أيا ما تدعوا قال : باسم من
أسمائه والله أعلم
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن أبي
حاتم وابن حبان وابن مردويه والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله : ولا تجهر بصلاتك
الآية
قال : نزلت ورسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة متوار فكان إذا صلى بأصحابه رفع
صوته بالقرآن فإذا سمع ذلك المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله
لنبيه صلى الله عليه و سلم ولا تجهر
(5/348)
بصلاتك
أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبوا القرآن ولا تخافت بها عن أصحابك فلا تسمعهم
القرآن حتى يأخذوه عنك واتبغ بين ذلك سبيلا يقول : بين الجهر والمخافتة
وأخرج ابن إسحق وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا جهر بالقرآن وهو يصلي تفرقوا عنه وأبوا أن
يستمعوا منه فكان الرجل إذا أراد أن يسمع من رسول الله صلى الله عليه و سلم بعض ما
يتلو وهو يصلي استرق السمع دونهم فرقا منهم فإن رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع ذهب
خشية أذاهم فلم يستمع
فإن خفض رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يستمع الذين يستمعون من قراءته شيئا
فأنزل الله ولا تجهر بصلاتك فيتفرقوا عنك ولا تخافت بها فلا تسمع من أراد أن
يسمعها ممن يسترق ذلك لعله يرعوي إلى بعض ما يستمع فينتفع به وابتغ بين ذلك سبيلا
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم
يجهر بالقراءة بمكة فيؤذى فأنزل الله ولا تجهر بصلاتك
وأخرج ابن أبي شيبة في الصنف عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى الله
عليه و سلم إذا صلى عند البيت جهر بقراءته فكان المشركون يؤذونه فنزلت ولا تجهر
بصلاتك
الآية
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول
الله صلى الله عليه و سلم إذا صلى يجهر بصلاته فآذى ذلك المشركين فأخفى صلاته هو
وأصحابه
فلذك قال الله : ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وقال : في الأعراف واذكر ربك في
نفسك الأعراف آية 205 الآية
وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولا تجهر
بصلاتمك ولا تخافت بها قال : كان الرجل إذا دعا في الصلاة رفع صوته
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان مسيلمة الكذاب
قد تسمى الرحمن فكان النبي صلى الله عليه و سلم إذا صلى فجهر ببسم الله الرحمن
الرحمن قال المشركون : يذكر إله اليمامة
فأنزل الله ولا تجهر بصلاتك
(5/349)
وأخرج
ابن أبي شيبة في المصنف عن سعيد رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم يرفع صوته ببسم الله الرحمن الرحيم
وكان مسيلمة قد تسمى الرحمن فكان المشركون إذا سمعوا ذلك من النبي صلى الله عليه و
سلم قالوا : قد ذكر مسيلمة إله اليمامة ثم عارضوه بالمكاء والتصدية والصفير
فأنزل الله ولا تجهر بصلاتك
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان النبي صلى
الله عليه و سلم إذا جهر بالقرآن شق ذلك على المشركين فيؤذون النبي صلى الله عليه
و سلم بالشتم - وذلك بمكة - فأنزل الله : يا محمد ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها
لا تخفض صوتك حتى لا تسمع أذنيك وابتغ بين ذلك سبيلا يقول : اطلب الإعلان والجهر
وبين التخافت والجهر طريقا
لا جهرا شديدا ولا خفضا حتى لا تسمع أذنيك
فلما هاجر النبي صلى الله عليه و سلم إلى المدينة ترك هذا كله
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن محمد بن
سيرين قال : نبئت أن أبا بكر رضي الله عنه كان إذا قرأ خفض
وكان عمر رضي الله عنه إذا قرأ جهر
فقيل لأبي بكر رضي الله عنه : لم تصنع هذا ؟ قال : أناجي ربي وقد علم حاجتي
وقيل لعمر رضي الله عنه : لم تصنع هذا ؟ قال : أطرد الشيطان وأوقظ الوسنان
فلما نزلت ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها قيل لأبي بكر رضي الله عنه : ارفع شيئا
وقيل لعمر رضي الله عنه : اخفض شيئا
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال : كان أبو بكر رضي الله عنه
إذا صلى من الليل خفض صوته جدا وكان عمر رضي الله عنه إذا صلى رفع صوته جدا
فقال عمر رضي الله عنه : يا أبا بكر لو رفعت من صوتك شيئا
وقال أبو بكر رضي الله عنه : يا عمر لو خفضت من صوتك شيئا
فأتيا رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبراه بأمرهما فأنزل الله ولا تجهر بصلاتك
ولا تخافت بها
الآية
فأرسل النبي صلى الله عليه و سلم إليهما فقال : " يا أبا بكر ارفع من صوتك
شيئا
وقال لعمر رضي الله عنه : اخفض من صوتك شيئا "
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة في المصنف والبخاري ومسلم وأبو داود في الناسخ
والبزار والنحاس وابن نصر وابن مردويه والبيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها
قالت : إنما نزلت هذه الآية ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها في الدعاء
(5/350)
وأخرج
ابن جرير والحاكم وعن عائشة رضي الله عنها قالت : نزلت هذه الآية في التشهد ولا
تجهر بصلاتك ولا تخافت بها
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها في
قوله : ولا تجهر بصلاتك قال : نزلت في المسألة والدعاء
وأخرج محمد بن نصر وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم إذا صلى عند البيت رفع صوته بالدعاء وآذاه المشركون فنزل ولا تجهر
بصلاتك ولا تخافت بها
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في تاريخه وابن المنذر وابن مردويه عن دراج أبي
السمح : أن شيخا من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم حدثه أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها إنما نزلت
في الدعاء لا ترفع صوتك في دعائك فتذكر ذنوبك فتسمع منك فتعير بها "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن منيع وابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن مردويه عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولا تجهر بصلاتك قال : نزلت في الدعاء كانوا
يجهرون بالدعاء : اللهم ارحمني
فلما نزلت أمروا أنى لا يخافتوا ولا يجهروا
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن المنذر عن عبد الله بن شداد رضي الله
عنه قال : كان أعراب من بني تميم إذا سلم النبي صلى الله عليه و سلم قالوا : اللهم
ارزقنا إبلا وولدا
فنزلت هذه الآية ولا تجهر بصلاتك
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : ولا تجهر بصلاتك قال : ذلك في
الدعاء والمسألة
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولا تجهر
بصلاتك ولا تصل مراياة الناس ولا تخافت بها قال : لا تدعها مخافة الناس
وأخرج ابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها
قال : لا تصلها رياء ولا تدعها حياء
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولا تجهر بصلاتك لا
تجعلها كلها جهرا ولا تخافت بها قال : لا تجعل كلها سرا
(5/351)
وأخرج
ابن أبي داود في المصاحف عن أبي رزين رضي الله عنه قال : في قراءة عبد الله بن عمر
ولا تخافت بصوتك ولا تعال به
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن ابن مسعود قال : لم يخافت من أسمع أذنيه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن أبي حاتم عن مطرف بن عبد الله بن الشخير قال :
العلم خير من العمل وخير الأمور أوسطها والحسنة بين تلك السيئتين وذلك لأن الله
تعالى يقول : ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي قلابة قال : خير الأمور أوسطها
الآية 111 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال :
إن اليهود والنصارى قالوا اتخذا الله ولدا البقرة آية 116 وقالت العرب : لبيك لا
شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك
وقال الصابئون والمجوس : لولا أولياء الله لذل فأنزل الله هذه الآية وقل الحمد لله
الذي لم يتخذ ولدا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله : ولم يكن له ولي من الذل قال : لم يخف أحدا ولم يبتغ نصر أحد
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله : وكبره تكبيرا قال : كبره أنت يا محمد
على ما يقولون تكبيرا
وأخرج أحمد والطبراني عن معاذ بن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " آية العز : وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا
" الآية كلها
وأخرج أبو يعلى وابن السني عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " خرجت أنا ورسول
الله صلى الله عليه و سلم ويدي في يده فأتى على رجل رث الهيئة فقال : أي فلان ما
بلغ بك ما أرى ؟ قال : السقم والضر
قال : ألا أعلمك كلمات تذهب عنك السقم والضر ؟
قل : توكلت على الحي الذي لا يموت و الحمد لله الذي لم يتخذ
(5/352)
ولدا
ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا فأتى عليه رسول
الله صلى الله عليه و سلم وقد حسنت حالته فقال : مهيم ؟ فقال : لم أزل أقول
الكلمات التي علمتني "
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الفرج والبيهقي في الأسماء والصفات عن إسماعيل بن
أبي فديك رضي اله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما كربني
أمر إلا تمثل لي جبريل عليه السلام فقال : يا محمد قل توكلت على الحي الذي لا يموت
و الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك
الآية "
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و
سلم كان يعلم أهله هذه الآية الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا إلى آخرها
الصغير من أهله والكبير
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عبد الكريم بن أبي أمية قال : كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم يعلم الغلام من بني هاشم إذا أفصح سبع سنوات الحمد لله الذي لم
يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق عبد الكريم عن عمرو بن شعيب رضي الله عنه قال : كان
الغلام إذا أفصح من بني عبد المطلب علمه النبي صلى الله عليه و سلم هذه الآية سبع
مرات الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا الآية
وأخرجه ابن السني في عمل اليوم والليلة من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
وأخرج ابن السني والديلمي عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و سلم رضي الله
عنها : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لها : " إذا أخذت مضجعك فقولي :
الحمد لله الكافي
سبحان الله الأعلى
حسبي الله وكفى ما شاء الله
قضى سمع الله لمن دعا ليس من الله ملجأ ولا وراء الله ملتجأ
توكلت على ربي وربكم
ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها
إن ربي على صراط مستقيم الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم
يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا من يقولها عند منامه ثم ينام وسط الشياطين
والهوام فلا تضره "
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن الوراة كلها في خمس عشرة آية
من بني إسرائيل ثم تلا ولا تجعل مع الله إلها آخر والله أعلم
(5/353)
18
- سورة الكهف
مكية وآياتها عشر ومائة
مقدمة سورة الكهف أخرج النحاس في ناسخه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال : نزلت سور الكهف بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير رضي الله عنه قال : نزلت سورة الكهف بمكة
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن الضريس وابن حبان والحاكم
والبيهقي في سننه وابن مردويه عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من فتنة الدجال "
وأخرج أحمد ومسلم والنسائي وأبو عبيد في فضائله عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف
عصم من فتنة الدجال "
وأخرج أبو عبيد وابن مردويه عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" من حفظ عشرة آيات من أول سورة الكهف ثم أدركه الدجال لم يضره
ومن حفظ خواتيم سورة الكهف كانت له نورا يوم القيامة "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن الضريس والنسائي وابن أبي حاتم وابن حبان وابن
مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي العالية قال : قرأ رجل سورة الكهف وفي الدار
دابة فجعلت تنفر
فينظر فإذا ضبابة أو سحابة قد غشيته فذكر للنبي صلى الله عليه و سلم قال : "
أقرا فلان فإنها السكينة نزلت للقرآن "
(5/354)
وأخرج
الطبراني عن أسيد بن حضير أنه أتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : " يا
رسول الله إني كنت أقرأ البارحة سورة الكهف فجاء شيء حتى غطى فمي
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : مه
تلك السكينة جاءت حين تلوت القرآن "
وأخرج الترمذي وصححه عن أبي االدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من قرأ ثلاث آيات من أول الكهف عصم من فتنة الدجال "
وأخرج ابن الضريس والنسائي وأبو يعلى والروياني عن ثوبان عن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : " من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف فإنه عصمة له من
الدجال "
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من قرأ من سورة الكهف عشر آيات عند منامه عصم من فتنة الدجال ومن قرأ
خاتمتها عند رقاده كان له نورا من لدن قرنه إلى قدمه يوم القيامة "
وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من قرأ الكهف يوم الجمعة فهو معصوم إلى ثمانية أيام من كل فتنة تكون
وإن خرج الدجال عصم منه "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في السنن والطبراني في الأوسط وابن مردويه والضياء عن
أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من قرأ سورة
الكهف كانت له نورا من مقامه إلى مكة ومن قرأ عشر آيات من آخرها ثم خرج الدجال لم
يضره "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي سعيد لأن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: " من قرأ سورة الكهف كما أنزلت كانت له نورا يوم القيامة "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في السنن عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين
"
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور والدارمي وابن الضريس والحاكم والبيهقي في شعب
الإيمان عن أبي سعيد الخدري قال : من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من
النور ما بينه وبين البيت العتيق
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
من قرأ سورة الكهف كما أنزلت ثم خرج الدجال لم يسلط ولم يكن له عليه سبيل "
(5/355)
وأخرج
أحمد والطبراني وابن مردويه عن معاذ بن أنس عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: " من قرأها كلها كانت له نورا ما بين الأرض إلى السماء "
وأخرج ابن مردويه عن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة سطع له نور من تحت قدمه إلى عنان السماء
يضيء له يوم القيامة وغفر له ما بين الجمعتين "
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ألا
أخبركم بسورة ملأ عظمتها ما بين السماء والأرض ولكاتبها من الأجر مثل ذلك ؟ ومن
قرأها يوم الجمعة غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام ومن قرأ
العشر الأواخر منها عند نومه بعثه الله أي الليل شاء ؟ قالوا : بلى يا رسول الله
قال : سورة أصحاب الكهف "
وأخرج سعيد بن منصور عن خالد بن معدان قال : من قرأ سورة الكهف في كل يوم جمعة قبل
أن يخرج الإمام كانت له كفارة ما بينه وبين الجمعة وبلغ نورها البيت العتيق
وأخرج ابن الضريس عن أبي المهلب قال : من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة كانت له
كفارة إلى الجمعة الأخرى
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" سورة الكهف تدعى في التوراة الحائلة تحول بين قارئها وبين النار "
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مغفل قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" البيت الذي تقرأ فيه سورة الكهف لا يدخله شيطان تلك الليلة "
وأخرج أبو عبيد والبيهقي في شعب الإيمان عن أم موسى قالت : كان الحسن بن علي يقرأ
سورة الكهف كل ليلة وكانت مكتوبة له في لوح يدار بلوحه حيثما دار في نسائه في كل
ليلة
وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن وهب أن عمر رضي الله عنه قرأ في الفجر بالكهف
وأخرج ابن سعد عن صفية بنت أبي عبيد أنها سمعت عمر بن الخطاب يقرأ في صلاة الفجر
بسورة أصحاب الكهف
(5/356)
وأخرج
الديلمي في مسند الفردوس عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " نزلت
سورة الكهف جملة معها سبعون ألفا من الملائكة "
وأخرج ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن
ابن عباس قال : " بعثت قريش النضر بن الحارث وعقبة بن أبي معيط إلى أحبار
يهود بالمدينة فقالوا : سلوهم عن محمد وصفوا لهم صفته وأخبروهم بقوله فإنهم أهل
الكتاب الأول وعندهم علم ما ليس عندنا من علم الأنبياء فخرجا حتى أتيا المدينة
فسألا أحبار يهود عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ووصفا لهم أمره وبعض قوله
وقالا : إنكم أهل التوراة وقد جئناكم لتخبرونا عن صاحبنا هذا
فقالوا لهما : سلوه عن ثلاث فإن أخبركم بهن فهو نبي مرسل وإن لم يفعل فالرجل متقول
فروا فيه رأيكم
سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ما كان من أمرهم فإنه قد كان لهم حديث عجيب
وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الأرض ومغاربها ما كان نبؤه وسلوه عن الروح ما هو فإن
أخبركم بذلك فإنه نبي فاتبعوه وإلا فهو متقول
فأقبل النضر وعقبة حتى قدما قريش فقالا : يا معشر قريش قد جئناكم بفصل ما بينكم
وبين محمد قد أمرنا أحبار يهود أن نسأله عن أمور - فأخبراهم بها - فجاؤوا رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا محمد أخبرنا - فسألوه عما أمروهم به - فقال
لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : أخبركم غدا بما سألتم عنه - ولم يستثن -
فانصرفوا عنه ومكث رسول الله صلى الله عليه و سلم خمس عشرة ليلة لا يحدث الله إليه
في ذلك وحيا ولا يأتيه جبريل حتى أرجف أهل مكة وأحزن رسول الله صلى الله عليه و
سلم مكث الوحي عنه وشق عليه ما يتكلم به أهل مكة ثم جاء جبريل من الله عز و جل
بسورة أصحاب الكهف فيها معاتبته إياه على حزنه عليهم وخبر ما سألوه عنه من أمر
الفتية والرجل الطواف وقول الله : ويسألونك عن الروح
الإسراء الآية 85 الآية "
وأخرج أبو نعيم في الدلائل من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن
عباس : " أن قريشا بعثوا خمسة رهط - منهم عقبة بن أبي معيط والنضر بن الحارث
- يسألون اليهود عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ووصفوا لهم صفته فقالوا لهم :
نجد نعته وصفته ومبعثه في التوراة فإن كان كما وصفتم لنا فهو نبي مرسل وأمره حق
فاتبعه ولكن سلوه عن ثلاث خصال فإنه يخبركم
(5/357)
بخصلتين
ولا يخبركم بالثالثة
إن كان نبيا فإنا قد سألنا مسيلمة الكذاب عن هؤلاء الثلاث فلم يدر ما هي
فرجعت الرسل إلى قريش بهذا الخبر من اليهود فأتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقالوا : يا محمد أخبرنا عن ذي القرنين الذي بلغ المشرق والمغرب وأخبرنا عن الروح
وأخبرنا عن أصحاب الكهف
فقال : أخبركم بذلك غدا
ولم يقل إن شاء الله
فأبطأ عليه جبريل خمسة عشر يوما فلم يأته لترك الاستثناء فشق ذلك على رسول الله
صلى الله عليه و سلم ثم أتاه جبريل عليه السلام بما سألوه فقال : يا جبريل أبطأت
علي
فقال : بتركك الاستثناء ألا تقول : إن شاء الله ؟ قال : ولا تقولن لشيء إني فاعل
ذلك غدا إلا أن يشاء الله الكهف آية 23 ثم أخبره عن حديث ذي القرنين وخبر الروح
وأصحاب الكهف ثم أرسل إلى قريش فأتوه فأخبرهم عن حديث ذي القرنين وقال لهم : الروح
من أمر ربي يقول : من علم ربي لا علم لي به فلما وافق قول اليهود أنه لا يخبركم
بالثالث قالوا : سحران تظاهرا القصص آية 48 تعاونا - يعني التوراة والفرقان -
وقالوا : إنا بكل كافرون القصص آية 48 وحدثهم بحديث أصحاب الكهف "
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما فكان
أكثر خطبته ذكر الدجال فكان فيما قال لنا يومئذ : " إن الله عز و جل لم يبعث
نبيا إلا حذر أمته وإني آخر الأنبياء وأنتم آخر الأمم وهو خارج فيكم لا محالة فإن
يخرج وأنا بين أظهركم فأنا ; حجيج كل مسلم وإن يخرج فيكم بعدي فلكل إمرئ حجيج نفسه
والله خليفتي على كل مسلم وإن يخرج من خلة بين العراق والشام وعاث يمينا وعاث
شمالا
يا عباد الله اثبتوا فإنع يبدأ يقول : أنا نبي ولا نبي بعدي وإنه مكتوب بين عينيه
" كافر " يقرؤه كل مؤمن فمن لقيه منكم فليتفل في وجهه وليقرأ بقوارع
سورة أصحاب الكهف وإنه يسلط على نفس من بني آدم فيقتلها ثم يحييها وإنه لا يعدو
ذلك ولا يسلط على نفس غيرها وإن من فتنته : أن معه جنة ونارا فناره جنة وجنته نارا
فمن ابتلى بناره فليغمض عينيه وليستعن بالله تكون عليه بردا وسلاما كما كانت النار
بردا وسلاما على إبراهيم وإن أيامه أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة
ويوم كالأيام وآخر أيامه كالسراب يصبح الرجل
(5/358)
عند
باب المدينة فيمسي قبل أن يبلغ بابها الآخر
قالوا : وكيف نصلي يا رسول الله في تلك الأيام القصار
! ؟ قال : تقدرون فيها كما تقدرون في الأيام الطوال والله وأعلم "
بسم الله الرحمن الرحيم
الآية 1 - 5 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق علي عن
ابن عباس في قوله : الحمد لله الذي أنزل الكتاب على عبده ولم يجعل له عوجا قيما
قال : أنزل الكتاب عدلا قيما ولم يجل له عوجا ملتبسا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : أنزل الكتاب على عبده ولم يجعل
له عوجا قال : هذا من التقديم والتأخير أنزل على عبده الكتاب قيما ولم يجعل له
عوجا
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله : قيما قال : مستقيما
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : لينذر باسا شديدا قال : عذابا شديدا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : من لدنه أي من عنده
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن
لهم أجرا حسنا يعني الجنة
وفي قوله : وينذر الذين قالوا اتخذ الله ولدا قال : هم اليهود والنصارى
الآية 6
(5/359)
أخرج
ابن مردويه عن ابن عباس قال : اجتمع عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وأبو جهل بن
هشام والنضر بن الحارث وأمية بن خلف والعاص بن وائل والأسود بن المطلب وأبو
البختري في نفر من قريش وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد كبر عليه ما يرى من
خلاف قومه إياه وإنكارهم ما جاء به من النصيحة فأحزنه حزنا شديدا
فأنزل الله فلعلك باخع نفسك الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : فلعلك باخع نفسك قال : قاتل
نفسك
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : فلعلك باخع نفسك قال : قاتل نفسك
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : فلعلك باخع نفسك قال : قاتل نفسك إن لم
يؤمنوا بهذا الحديث قال : القرآن : أسفا قال : حزنا إن لم يؤمنوا
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : أسفا قال : جزعا
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فلعلك باخع نفسك
على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفا قال : حزنا عليهم نهى الله نبيه أن يأسف
على الناس في ذنوبهم
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله : فلعلك باخع نفسك ما الباخع ؟ فقال : يقول : قاتل نفسك
قال فيه لبيد بن ربيعة : لعلك يوما إن فقدت مزارها على بعده يوما لنفسك باخع
الآية 7 - 8 أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله : إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها قال : ما عليها من شيء
(5/360)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : إن جعلنا ما على الأرض زينة لها قال :
الرجال
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله : إن جعلنا
ما على الأرض زينة لها قال : الرجال
وأخرج أبو نصر السجزي في الإبانة عن ابن عباس في قوله : إن جعلنا ما على الأرض
زينة لها قال : العلماء زينة الأرض
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : إن جعلنا ما على الأرض زينة لها قال : هم
الرجال العباد العمال لله بالطاعة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم في التاريخ عن بن عمر قال : تلا
رسول الله صلى الله علية وسلم هذه الآية لنبلوهم أيهم أحسن عملا فقلت : ما معنى
ذلك يا رسول الله ؟ قال : " ليبلوكم أيكم أحسن عقلا وأورع عن محارم الله
وأسرعكم في طاعة الله "
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : لنبلوهم قال : لنختبرهم أيهم أحسن عملا قال
: أيهم أتم عقلا
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : لنبلوهم أيهم أحسن عملا قال : أشدهم للدنيا
تركا
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري في قوله : لنبلوهم أيهم أحسن عملا قال :
أزهدهم في الدنيا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا جزرا قال :
يهلك كل شيء عليها ويبيد
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : صعيدا جزرا قال
: الصعيد التراب
والجزر التي ليس فيها فروع
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : جزرا قال : يعني بالجزر الخراب
والله أعلم
الآية 10 - 12
(5/361)
أخرج
ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : الكهف هو غار في الوادي
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس قال : الرقيم الكتاب
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال : الرقيم واد دون
فلسطين قريب من أيلة
وأخرج ابن جرير من طريق ابن جريج عن ابن عباس قال : والله ما أدري ما الرقيم لكتاب
أم بنيان ؟ وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد قال : الرقيم منهم من يقول
كتاب قصصهم ومنهم من يقول الوادي
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن أبي صالح قال : الرقيم لوح مكتوب
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : الرقيم لوح
من حجارة كتبوا فيه قصة أصحاب الكهف وأمرهم ثم وضع على باب الكهف
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : الرقيم حين رقمت أسماؤهم في الصخرة كتب الملك
فيها أسماؤهم وكتب أنهم هلكوا في زمان كذا وكذا في ملك ريبوس ثم ضربها في سور
المدينة على الباب فكان من دخل أو خرج قرأها
فذلك قوله : أصحاب الكهف والرقيم
وأخرج سعيد بن منصور وعبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم والزجاجي في
أماليه وابن مردويه عن ابن عباس قال : لا أدري ما الرقيم وسألت كعبا فقال : اسم
القرية التي خرجوا منها
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس قال : كل القرآن أعلمه إلا أربعا : غسلين وحنانا
والأواه والرقيم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس بن مالك قال : الرقيم الكلب
(5/362)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم كانوا من
آياتنا يقول : الذي آتيتك من العلم والسنة والكتاب أفضل من شأن أصحاب الكهف
والرقيم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم
كانوا من آياتنا عجبا كانوا بقولهم أعجب آياتنا ليسوا بأعجب آياتنا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : أم حسبت أن أصحاب الكهف
والرقيم كانوا من آياتنا عجبا قال : ليسوا بأعجب آياتنا كانوا من أبناء الملوك
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جعفر قال : كان أصحاب الكهف صيارفة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن النعمان بن
بشير أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يحدث عن أصحاب الرقيم : " إن
ثلاثة نفر دخلوا إلى الكهف فوقع من الجبل حجر على الكهف فأوصد عليهم فقال قائل منهم
: تذكروا أيكم عمل حسنة لعل الله أن يرحمنا
فقال أحدهم : نعم قد عملت حسنة مرة
إنه كان لي عمال استأجرتهم في عمل لي كل رجل منهم بأجر معلوم
فجاءني رجل ذات يوم وذلك في شطر النهار فاستأجرته بقدر ما بقي من النهار بشطر
أصحابه الذين يعملون بقية نهارهم ذلك كل رجل منهم نهاره كله
فرأيت من الحق أن لا أنقصه شيئا مما استأجرت عليه أصحابه
فقال رجل منهم : يعطي هذا مثل ما يعطيني ولم يعمل إلا نصف نهاره
فقلت له : إني لا أبخسك شيئا من شرطك وإنما هو مالي أحكم فيه بما شئت
فغضب وترك أجره فلما رأيت ذلك عزلت حقه في جانب البيت ما شاء الله ثم مر بي بعد
ذلك بقر فاشتريت له فصيلا من البقر حتى بلغ ما شاء الله ثم مر بي الرجل بعد حين
وهو شيخ ضعيف وأنا لا أعرفه فقال لي : إن لي عندك حقا
فلم أذكره حتى عرفني ذلك فقلت له : نعم
إياك أبغي
فعرضت عليه ما قد أخرج الله له من ذلك الفصيل من البقر فقلت له : هذا حقك من البقر
فقال لي : يا عبد الله لا تسخر بي
إن لا تتصدق علي أعطني حقي
فقلت : والله ما أسخر منك : إن هذا لحقك
فدفعته إليه اللهم فإن كنت تعلم أني قد كنت صادقا وأني فعلت ذلك لوجهك فأفرج عنا
(5/363)
هذا
الحجر
فانصدع حتى رأوا الضوؤ وأبصروا
وقال الآخر : قد عملت حسنة مرة وذلك أنه كان عندي فضل فأصاب الناس شدة فجاءتني
امرأة فطلبت مني معروفا فقلت : لا والله ما هو دون نفسك
فأبت علي ثم رجعت فذكرتني بالله فأبيت عليها وقلت : لا والله ما هو دون نفسك
فأبت علي ثم رجعت فذكرتني بالله فأبيت عليها وقلت : لا والله ما هو دون نفسك
فأبت علي فذكرت ذلك لزوجها فقال : أعطيه نفسك وأغني عيالك
فلما رأيت ذلك سمحت بنفسها فلما هممت بها قالت : إني أخاف الله رب العالمين
فقلت لها : تخافين الله في الشدة ولم أخفه في الرخاء ؟ فأعطيتها ما استغنت هي
وعيالها
اللهم فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك لوجهك فأفرج عنا هذا الحجر فانصدع الحجر حتى رأوا
الضوء وأيقنوا الفرج
ثم قال الثالث : قد عملت حسنة مرة كان لي أبوان شيخان كبيران قد بلغما الكبر وكانت
لي غنم فكنت أرعاها
وأختلف فيما بين غنمي وبين أبوي أطعمهما وأشبعهما وأرجع إلى غنمي فلما كان ذات يوم
أصابني غيث شديد فحبسني فلم أرجع إلا مؤخرا فأتيت أهلي فلم أدخل منزلي حتى حلبت
غنمي ثم مضيت إلى أبوي أسقيهما فوجدتهما قد ناما فشق علي أن أوقظهما وشق علي علي
أن أترك غنمي فلم أبرح جالسا ومحلبي على يدي حتى أيقظهما الصبح فسقيتهما الله إن
كنت تعلم أني فعلت ذلك لوجهك فأفرج عنا هذا الحجر
ففرج الله عنهم وخرجوا إلى أهليهم راجعين "
وأخرج أحمد وابن المنذر عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم : " أن ثلاثة
نفر فيما سلف من الناس انطلقوا يرتادون لأهليهم فأخذتهم السماء فدخلوا غارا فسقط
عليهم حجر فجاف حتى ما يرون منه خصاصة
فقال بعضهم لبعض : قد وقع الحجر وعفا الأثر ولا يعلم مكانكم إلا الله فادعوا الله
عز و جل بأوثق أعمالكم
فقال رجل منهم : اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي والدان فكنت أحلب لهما في إنائهما
فآتيهما فإذا وجدتهما راقدين قمت على رأسيهما كراهة أن أرد سنتهما في رأسيهما حتى
يستيقظا متى استيقظا اللهم إن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك ومخافة عذابك
ففرج عنا
فزال ثلث الحجر
(5/364)
وقال
الثاني : اللهم إن كنت تعلم أني استأجرت أجيرا على عمل يعمله فأتاني يطلب أجره
وأنا غضبان فزبرته فانطلق وترك أجره فجمعته وثمرته حتى كان منه كل المال فأتاني
يطلب أجره فدفعت إليه ذلك كله ولو شئت لم أعطه إلا أجره الأول اللهم إن كنت تعلم
أني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك ومخافة عذابك فأفرج عنا
فزال ثلث الحجر
وقال الثالث : اللهم إن كنت تعلم أنه أعجبته امرأة فجعل لها جعلا فلما قدر عليها
وفر لها نفسها وسلم لها جعلها
اللهم إن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك ومخافة عذابك ففرج عنا
فزال الحجر وخرجوا معاتيق يمشون "
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن المنذر عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم قال : " بينما ثلاثة نفر ممن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم مطر فأووا إلى
غار فانطبق عليهم فقال بعضهم لبعض : إنه والله يا هؤلاء لا ينجيكم إلا الصدق فليدع
كل رجل منكم بما يعلم أنه قد صدق فيه
فقال واحد منهم : اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير يعلم على فرق من أرز فذهب
وتركه وإني عمدت إلى ذلك الفرق فزرعته فصار من أمره أني اشتريت منه بقرا وأنه
أتاني يطلب أجره فقلت له : اعمد إلى تلك البقر فسقها فقال لي : إنما لي عندك فرق
من أرز
فقلت له : اعمد إلى تلك البقر فإنها من ذلك الفرق فساقها فإن كنت تعلم أني فعلت
ذلك من خشيتك ففرج عنا
فانساخت عنهم الصخرة
فقال الآخر : اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت آتيهما كل لية
بلبن غنم لي فأبطأت عليهما ليلة فجئت وقد رقدا وعيالي يتضاغون من الجوع فكنت لا
أسقيهم حتى يشرب أبوي فكرهت أن أوقظهما وكرهت أن أدعهما فيستكنا بشربتهما فلم أزل
أنتظر حتى طلع الفجر فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا
فانساخت عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء
فقال الآخر : اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي ابنة عم من أحب الناس إلي وإني راودتها
عن نفسها فأبت إلا أن آتيها بمائة دينار فطلبتها حتى قدرت فأتيتها بها فدفعتها
إليها فأمكنتني من نفسها فلما قعدت بين رجليها قال : اتق الله ولا تفض الخاتم إلا
بحقه
فقمت وتركت المائة دينار فإن كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا
ففرج الله عنهم فخرجوا "
(5/365)
وأخرج
البخاري في تاريخه من حديث ابن عباس مثله
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : غزونا مع معاوية
غزوة المضيق نحو الروم فمررنا بالكهف الذي فيه أصحاب الكهف الذي ذكر الله في
القرآن
فقال معاوية : لو كشف لنا عن هؤلاء فنظرنا إليهم ! فقال له ابن عباس : ليس ذلك لك
قد منع الله ذلك عمن هو خير منك فقال : لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت
منهم رعبا فقال معاوية : لا انتهي حتى أعلم علمهم
فبعث رجالا فقال : اذهبوا فادخلوا الكهف فانظروا
فذهبوا فلما دخلوا الكهف بعث الله عليهم ريحا فأخرجتهم
فبلغ ذلك ابن عباس فأنشأ يحدث عنهم فقال : إنهم كانوا في مملكة ملك من الجبابرة
يعبد الأوثان وقد أجبر الناس على عبادتها وكان وهؤلاء الفتية في المدينة فلما رأوا
ذلك خرجوا من تلك المدينة فجمعهم الله على غير ميعاد فجعل بعضهم يقول لبعض : أين
تريدون
؟ أين تذهبون
! ؟ فجعل بعضهم يخفي على بعض لأنه لا يدري هذا على ما خرج هذا ولا يدري هذا
فأخذوا العهود والمواثيق أن يخبر بعضهم بعضا فإن اجتمعوا على شيء وإلا كتم بعضهم
بعضا
فاجتمعوا على كلمة واحدة فقالوا ربنا رب السموات والأرض
إلى قوله : مرفقا قال : فقعدوا فجاء أهلهم يطلبونهم لا يدرون أين ذهبوا فرفع أمرهم
إلى الملك فقال : ليكونن لهؤلاء القوم بعد اليوم شأن
ناس خرجوا لا يدرى أين ذهبوا في غير خيانة ولا شيء يعرف
فدعا بلوح من رصاص فكتب فيه أسماؤهم ثم طرح في خزانته
فذلك قول الله : أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم والرقيم هو اللوح الذي كتبوا
فانطلقوا حتى دخلوا الكهف فضرب الله على آذانهم فقاموا
فلو أن الشمس تطلع عليهم لأحرقتهم ولولا أنهم يقلبون لأكلتهم الأرض
ذلك قول الله : وترى الشمس
الآية
قال : ثم إن ذلك الملك ذهب وجاء ملك آخر فعبد الله وترك تلك الأوثان وعدل بين
الناس فبعثهم الله لما يريد وقال قائل منهم كم لبثتم فقال بعضهم : يوما
وقال بعضهم يومين
وقال بعضهم أكثر من ذلك
فقال كبيرهم : لا تختلفوا فإنه لم
(5/366)
يختلف
قوم قط إلا هلكوا فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة
فرأى شارة أنكرها ورأى بنيانا أنكره ثم دنا إلى خباز فرمى إليه بدرهم وكانت
دراهمهم كخفاف الربع - يعني ولد الناقة - فأنكر الخباز الدرهم فقال : من أين لك
الدرهم ؟ لقد وجدت كنزا لتدلني عليه أو لأرفعنك إلى الأمير
فقال : أو تخوفني بالأمير ؟ وأتى الدهقان الأمير قال : من أبوك ؟ قال : فلان
فلم يعرفه
قال : فمن الملك ؟ قال : فلان
فلم يعرفه فاجتمع عليهم الناس فرفع إلى عالمهم فسأله فأخبره فقال : علي باللوح
فجيء به فسمى أصحابه فلانا وفلانا
وهم مكتوبون في اللوح فقال للناس : إن الله قد دلكم على إخوانكم
وانطلقوا وركبوا حتى أتوا إلى الكهف فلما دنوا من الكهف قال الفتى : مكانكم أنتم
حتى أدخل أنا على أصحابي ولا تهجموا فيفزعون منكم وهم لا يعلمون أن الله قد أقبل
بكم وتاب عليكم
فقالوا لتخرجن علينا فقال : نعم إن شاء الله
فدخل فلم يدروا أين ذهب وعمي عليهم فطلبوا وحرضوا فلم يقدروا على الدخول عليهم
فقالوا لنتخذن عليهم مسجدا فاتخذوا عليهم مسجدا يصلون عليهم ويستغفرون لهم
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان أصحاب الكهف
أبناء ملوك رزقهم الله الإسلام فتعوذوا بدينهم واعتزلوا قومهم حتى انتهوا إلى
الكهف فضرب الله على صماخاتهم فلبثوا دهرا طويلا حتى هلكت أمتهم وجاءت أمة مسلمة
وكان ملكهم مسلما واختلفوا في الروح والجسد فقال قائل : يبعث الروح والجسد جميعا
وقال قائل : يبعث الروح وأما الجسد فتأكله الأرض فلا يكون شيئا فشق على ملكهم
إختلافهم فانطلق فلبس المسوح وجلس على الرماد ثم دعا الله فقال : أي رب قد ترى
إختلاف هؤلاء فابعث لهم آية تبين لهم فبعث الله أصحاب الكهف فبعثوا أحدهم ليشتري
لهم طعاما فدخل السوق فلما نظر جعل ينكر الوجوه ويعرف الطرق ورأى الإيمان ظاهرا
بالمدينة
فانطلق وهو مستخف حتى أتى رجلا يشتري منه طعاما فلما نظر الرجل إلى الورق أنكرها
حسبت أنه قال : كأنها أخفاف الربيع - يعني الإبل الصغار - فقال الفتى : أليس ملككم
فلان ؟ قال الرجل : بل ملكنا فلان
فلم يزل ذلك بينهما حتى رفعه إلى الملك فنادى في الناس فجمعهم فقال : إنكم اختلفتم
في الروح والجسد وإن الله قد بعث لكم آية فهذا رجل من قوم فلان - يعني ملكهم الذي
(5/367)
قبله
- فقال الفتى : انطلق بي إلى أصحابي
فركب الملك وركب معه الناس حتى انتهى إلى الكهف فقال الفتى : دعوني أدخل إلى
أصحابي
فلما أبصروه وأبصرهم ضرب على آذانهم فلما استبطؤوه دخل الملك ودخل الناس معه فإذا
أجساد لا يبلى منها شيء غير أنها لا أرواح فيها
فقال الملك : هذه آية بعثها الله لكم فغزا ابن عباس مع حبيب بن مسلمة فمروا بالكهف
فإذا فيه عظام فقال رجل : هذه عظام أهل الكهف
فقال ابن عباس : ذهبت عظامهم أكثر من ثلثمائة سنة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : كان أصحاب الكهف
أبناء عظماء أهل مدينتهم وأهل شرفهم خرجوا فاجتمعوا وراء المدينة على غير ميعاد
فقال رجل منهم - هو أشبههم - : إني لأجد في نفسي شيئا ما أظن أحدا يجده
قالوا : ما تجد ؟ قال : أجد في نفسي أن ربي رب السموات والأرض
فقاموا جميعا فقالوا : ربنا رب السموات والأرض لن ندعو من دونه إلها لقد قلنا إذا
شططا وكان مع ذلك من حديثهم وأمرهم ما قد ذكر الله في القرآن فأجمعوا أن يدخلوا
الكهف وعلى مدينتهم إذ ذاك جبار يقال له دقيوس فلبثوا في الكهف ما شاء الله رقودا
ثم بعثهم الله فبعثوا أحدهم ليبتاع لهم طعاما فلما خرج إذا هم بحظيرة على باب
الكهف فقال : ما كانت هذه ههنا عشية أمس
فسمع كلاما من كلام المسلمين بذكر الله - وكان الناس قد أسلموا بعدهم وملك عليهم
رجل صالح - فظن أنه أخطأ الطريق فجعل ينظر إلى مدينته التي خرج منها وإلى مدينتين
وجاهها أسماؤهن : اقسوس وايديوس وشاموس
فيقول : ما أخطأت الطريق - هذه اقسوس وايديوس وشاموس
!
فعمد إلى مدينته التي خرج منها ثم عمد حتى جاء السوق فوضع ورقة في يد رجل فنظر
فإذا ورق ليست بورق الناس فانطلق به إلى الملك وهو خائف فسأله وقال : لعل هذا من
الفتية الذين خرجوا على عهد دقيوس فإني قد كنت أدعو الله أن يرينيهم وأن يعلمني
مكانهم
ودعا مشيخة أهل القرية - وكان رجل منهم قد كان عنده أسماؤهم وأنسابهم - فسألهم
فأخبروه فسأل الفتى فقال : صدق
وانطلق الملك وأهل المدينة معه لأن يدلهم على أصحابه حتى إذا دنوا من الكهف سمع
الفتية حس الناس فقالوا : أتيتم
ظهر على صاحبكم فاعتنق بعضهم بعضا وجعل يوصي بعضهم بعضا بدينهم فلما دنا الفتى
منهم أرسلوه فلما قدم إلى أصحابه ماتوا عند
(5/368)
ذلك
ميتة الحق
فلما نظر إليهم الملك شق عليه أن لم يقدر عليهم أحياء وقال : لا أدفنهم إذا
فائتوني بصندوق من ذهب
فأتاه آت منهم في المنام فقال : أردت أن تجعلنا في صندوق من ذهب فلا تفعل ودعنا في
كهفنا فمن التراب خلقنا وإليه نعود
فتركهم في كهفهم وبنى على كهفهم مسجدا
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : جاء رجل من
حواريي عيسى عليه السلام إلى مدينة أصحاب الكهف فأراد أن يدخلها فقيل : على بابها
صنم لا يدخلها أحد إلا سجد له فكره أن يدخل فأتى حماما فكان فيه قريبا من تلك
المدينة وكان يعمل فيه يؤاجر نفسه من صاحب الحمام ورأى صاحب الحمام في حمامه
البركة والرزق وجعل يسترسل إليه وعلقه فتية من أهل المدينة فجعل يخبرهم عن خبر
السماء والأرض وخبر الآخرة حتى آمنوا به وصدقوه وكانوا على مثل حاله في حسن الهيئة
وكان يشترط على صاحب الحمام : أن الليل لي ولا تحول بيني وبين الصلاة إذا حضرت حتى
أتى ابن الملك بامرأة يدخل بها الحمام فعيره الحواري فقال : أنت ابن الملك وتدخل
مع هذه الكداء ؟ !
فاستحيا فذهب فرجع مرة أخرى فسبه وانتهره فلم يلتفت حتى دخل - ودخلت معه المرأة
فباتا في الحمام جميعا فماتا فيه
فأتى الملك فقيل له : قتل ابنك صاحب الحمام
فالتمس فلم يقدر عليه وهرب من كان يصحبه فسموا الفتية
فالتمسوا فخرجوا من المدينة فمروا بصاحب لهم في زرع له وهو على مثل أمرهم فذكروا
له أنهم التمسوا فانطلق معه ومعه كلب حتى آواهم الليل إلى الكهف فدخلوا فيه فقالوا
: نبيت ههنا الليلة حتى نصبح إن شاء الله ثم تروا رأيكم
فضرب على آذانهم فخرج الملك لأصحابه يبتغونهم حتى وجدوهم قد دخلوا الكهف فكلما
أراد الرجل منهم أن يدخل أرعب فلم يطق أحد أن يدخله فقال له قائل : ألست قلت : لو
قدرت عليهم قتلتهم ؟ قال : بلى
قال : فابن عليهم باب الكهف ودعهم يموتوا عطشا وجوعا
ففعل
ثم صبروا زمانا ثم إن راعي غنم أدركه المطر عند الكهف فقال : لو فتحت هذا الكهف
وأدخلت غنمي من المطر فلم يزل يعالجه حتى فتح لغنمه فأدخلها فيه ورد الله أرواحهم
في أجسادهم من الغد حين أصبحوا فبعثوا أحدهم بورق ليشتري لهم طعاما فكلما أتى باب
مدينتهم لا يرى أحد من ورقهم شيئا إلا استنكرها حتى جاء رجلا فقال : بعني
(5/369)
بهذه
الدراهم طعاما
فقال : ومن أين لك هذه الدراهم ؟ قال : إني رحت وأصحابي أمس فأتى الليل ثم أصبحنا
فأرسلوني
قال : فهذه الدراهم كانت على عهد ملك فلان !
فأنى لك هذه الدراهم ؟
فرفعه إلى الملك0 وكان رجلا صالحا - فقال : ومن أين لك هذا الورق ؟ قال : خرجت أنا
وأصحابي أمس حتى إذا أدركنا الليل في كهف كذا وكذا ثم أمروني أن أشتري لهم طعاما
قال : وأين أصحابك ؟ قال : في الكهف
فانطلق معه حتى أتوا باب الكهف فقال : دعوني أدخل على أصحابي قبلكم
فلما رأوه ودنا منهم ضرب على أذنه وآذانهم فأرادوا أن يدخلوا فجعل كلما دخل رجل
منهم رعب فلم يقدروا أن يدخلوا إليهم فبنوا عندهم مسجدا يصلون فيه
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
أصحاب الكهف أعوان المهدي "
وأخرج الزجاجي في أماليه عن ابن عباس في قوله : أم حسبت أن أصحاب الكهف والرقيم
قال : إن الفتية لما هربوا من أهليهم خوفا على دينهم
فقدوهم فخبروا الملك خبرهم فأمر بلوح من رصاص فكتب فيه أسماءهم وألقاه في خزانته
وقال : إنه سيكون لهم شأن وذلك اللوح هو الرقيم والله أعلم
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : فضربنا على آذانهم يقول : أرقدناهم ثم
بعثناهم لنعلم أي الحزبين من قوم الفتية أهل الهدى وأهل الضلالة أحصى لما لبثوا
أنهم كتبوا اليوم الذي خرجوا فيه والشهر والسنة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : أي
الحزبين قال : من قوم الفتية أحصى لما لبثوا أمدا قال : عددا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : لنعلم أي الحزبين أحصى لما
لبثوا أمدا يقول : ما كان لواحد من الفريقين علم لا لكفارهم ولا لمؤمنيهم
الآية 13 - 15
(5/370)
أخرج
سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن
ابن عباس رضي الله عنهما : ما بعث الله نبيا إلا وهو شاب ولا أوتي العلم عالما إلا
وهو شاب
وقرأ : قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم وإذا قال موسى لفتاه و إنهم فتية
آمنوا بربهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله : وزدناهم هدى قال : إخلاصا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وربطنا على قلوبهم قال : بالإيمان
وفي قوله : لقد قلنا إذا شططا قال : كذبا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : لقد قلنا إذا شططا قال : جورا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : الشطط الخطأ من القول
الآية 16 أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله
: وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله قال : كان قوم الفتية يعبدون الله ويعبدون
معه آلهة شتى فاعتزلت الفتية عبادة تلك الآلهة ولم تعتزل عبادة الله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون
إلا الله قال : هي في مصحف ابن مسعود : وما يعبدون من دون الله فهذا تفسيرها
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : فأؤوا إلى الكهف قال : كان كهفهم بين جبلين
(5/371)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : ويهيء لكم من أمركم مرفقا يقول : عذاء
الآيه 17 - 20 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :
تزاور قال : تميل
وفي قوله : تقرضهم قال : تذرهم
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : تقرضهم قال :
تتركهم وهم في فجوة منه قال : المكان الداخل
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : وهم في غجوة منه قال : يعني بالفجوة
الخلوة من الأرض
ويعني بالخلوة الناحية من الأرض
وأخرج ابن المنذر عن ابي مالك في قوله : وهم في فجوة منه قال : في ناحية
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة وتحسبهم يا محمد أيقاظا وهم رقود
(5/372)
يقول
: في رقدتهم الأولى ونقلبهم ذات اليمين وذات الشمال قال : وهذا التقليب في رقدتهم
الأولى كانوا يقلبون في كل عام مرة
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : ونقلبهم ذات اليمين وذات
الشمال قال : ستة أشهر على ذي الجنب وستة أشهر على ذي الجنب
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عياض في قوله : ونقلبهم ذات
اليمين وذات الشمال قال : في كل عام مرتين
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : ونقلبهم قال : في التسع سنين
ليس فيما سواه
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله : ونقلبهم ذات اليمين
وذات الشمال قال : كي لا تأكل الأرض لحومهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : وكلبهم قال : اسم كلبهم قطمور
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : اسم كلب أصحاب الكهف قطمير
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : قلت لرجل من أهل العلم : زعموا أن كلبهم كان
أسدا قال : لعمر الله ما كان أسدا ولكنه كان كلبا أحمر خرجوا به من بيوتهم يقال له
قطمور
وأخرج ابن أبي حاتم عن كثير النواء قال : كان كلب أصحاب الكهف أصفر
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان قال : قال رجل بالكوفة يقال له : عبيد وكان لا
يتهم بكذب قال : رأيت كلب أصحاب الكهف أحمر كأنه كساء انبجاني
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق جويبر عن عبيد السواق قال : رأيت كلب أصحاب الكهف
صغيرا باسطا ذراعيه بفناء باب الكهف وهو يقول : هكذا يضرب بأذنيه
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن حميد المكي في قوله : وكلبهم باسط ذراعيه
بالوصيد قال : جعل رزقه في لحس ذراعيه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله : بالوصيد قال : بالفناء
(5/373)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : بالوصيد قال : بالباب
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية في قوله : بالوصيد قال : بفناء باب الكهف
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : بالوصيد قال : بالصعيد
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : وكلبهم باسط ذراعيه بالوصيد قال : ممسك
عليهم باب الكهف
وأخرج ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب رضي الله عنه قال : كان لي صاحب شديد النفس فمر
بجانب كهفهم فقال : لا أنتهي حتى أنظر إليهم فقيل له : لا تفعل
أما تقرأ لو اطلعت عليهم لوليت منهم فرارا ولملئت منهم رعبا فأبى إلا أن ينظر
فأشرف عليهم فابيضت عيناه وتغير شعره وكان يخبر الناس بعد يقول : عدتهم سبعة
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : أزكى طعاما
قال : أحل ذبيحة وكانوا يذبحون للطواغيت
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : أزكى طعاما يعني أطهر لأنهم
كانوا يذبحون الخنازير
الآية 21 أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وكذلك أعثرنا عليهم قال :
أطلعنا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : دعا الملك شيوخا من قومه فسألهم عن أمرهم
فقالوا : كان ملك يدعى دقيوس وإن فتية فقدوا في زمانه وأنه كتب أسماءهم في
(5/374)
الصخرة
التي كانت عند باب بالمدينة
فدعا بالصخرة فقرأها فإذا فيها أسماءهم ففرح الملك فرحا شديدا وقال : هؤلاء قوم
كانوا قد ماتوا فبعثوا ففشا فيهم أن الله يبعث الموتى
فذلك قوله : وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها
فقال الملك : لأتخذن عند هؤلاء القوم الصالحين مسجدا فلأعبدن الله فيه حتى أموت
فذلك قوله : قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : قال الذين غلبوا على أمرهم قال
: هم الأمراء أو قال : السلاطين
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : بنى عليهم الملك بيعة فكتب في أعلاها
أبناء الأراكنة أبناء الدهاقين
الآية 22 أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : سيقولون ثلاثة قال : اليهود
ويقولون خمسة قال : النصارى
وأخرج ابن أبي حاتم وعبد الرزاق عن قتادة في قوله : رجما بالغيب قال : قذفا بالظن
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مسعود رضي الله عنه في قوله ما يعلمهم إلا قليل قال :
إنا من القليل كانوا سبعة
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن سعد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق
عن ابن عباس في
(5/375)
قوله
: ما يعلمهم إلا قليل قال : إنا من القليل كانوا سبعة
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ما
يعلمهم إلا قليل قال : أنا من القليل مكسلمينا وتمليخا وهو المبعوث بالورق إلى
المدينة ومرطوس ونينونس ودردوتس وكفاشطهواس ومنطفواسيسوس وهو الراعي
والكلب اسمه قطمير دون الكردي وفوق القبطي الألطم فوق القبطي
قال أبو عبد الرحمن : بلغني أن من كتب هذه الأسماء في شيء وطرحه في حريق سكن
الحريق
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : كل شي في القرآن قليل وإلا قليل فهو دون
العشرة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : فلا تمار فيهم يقول : حسبك ما قصصت عليك
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا قال : يقول :
إلا ما أظهرنا لك من أمرهم ولا تستفت فيهم منهم أحدا قال : يقول لا تسأل اليهود عن
أصحاب الكهف إلا ما قد أخبرناك من أمرهم
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فلا تمار فيهم
الآية
قال : حسبك ما قصصنا عليك
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن
ابن عباس في قوله : ولا تستفت فيهم منهم أحدا قال : اليهود
والله أعلم
الآية 23 - 24 أخرج ابن المنذرعن مجاهد أن قريشا اجتمعت فقالوا : " يا محمد
قد رغبت عن ديننا ودين آبائنا فما هذا الدين الذي جئت به ؟ قال : هذا دين جئت به
من الرحمن
فقالوا : إنا لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة - يعنون مسيلمة الكذاب - ثم كاتبوا
اليهود فقالوا : قد نبغ فينا رجل يزعم أنه نبي وقد رغب عن ديننا ودين آبائنا ويزعم
أن الذي جاء به من الرحمن
قلنا : لا نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة وهو أمين لا يخون
وفي لا يغدر
صدوق لا يكذب وهو في
(5/376)
حسب
وثروة من قومه فاكتبوا إلينا بأشياء نسأله عنها
فاجتمعت يهود فقالوا : إن هذا لوصفه وزمانه الذي يخرج فيه
فكتبوا إلى قريش : أن سلوه عن أمر أصحاب الكهف وعن ذي القرنين وعن الروح فإن يكن
الذي أتاكم به من الرحمن فإن الرحمن هو الله عز و جل وإن يكن من رحمن اليمامة
فينقطع
فلما أتى ذلك قريشا أتى الظفر في أنفسها فقالوا : يا محمد قد رغبت عن ديننا ودين
آبائنا
فحدثنا عن أمر أصحاب الكهف وذي القرنين والروح
قال : ائتوني غدا
ولم يستثن فمكث جبريل عنه ما شاء الله لا يأتيه ثم أتاه فقال : سألوني عن أشياء لم
يكن عندي بها علم فأجيب حتى شق ذلك علي
قال : ألم ترنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة ؟ - وكان في البيت جرو كلب - ونزلت
ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واذكر ربك إذا نسيت وقل عسى أن
يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا من علم الذي سألتموني عنه أن يأتي قبل غد ؟ ونزل ما
ذكر من أصحاب الكهف ونزل ويسألونك عن الروح
الإسراء 85 الآية "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم حلف على يمين فمضى له
أربعون ليلة فأنزل الله ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله واستثنى
النبي صلى الله عليه و سلم بعد أربعين ليلة
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وابن
مردويه عن ابن عباس أنه كان يرى الاستثناء ولو بعد سنة ثم قرأ واذكر ربك إذا نسيت
قال : إذا ذكرت
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن عباس في هذه الآية قال : إذا نسيت
أن تقول لشيء
إني أفعله فنسيت أن تقول إن شاء الله فقل إذا ذكرت : إن شاء الله
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن أبي العالية في قوله : واذكر ربك إذا نسيت قال
: تستثني إذا ذكرت
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في رجل حلف ونسي أن يستثني قال له : ثنياه إلى شهر
وقرأ واذكر ربك إذا نسيت
(5/377)
وأخرج
ابن أبي حاتم من طريق عمرو بن دينار عن عطاء أنه قال : من حلف على يمين فله الثنيا
حلب ناقة
وكان طاوس يقول : ما دام في مجلسه
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم قال : يستثني " مادام " في كلامه
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : واذكر ربك إذا
نسيت قال : إذا نسيت الاستثناء فاستثن إذا ذكرت
قال : هي خاصة لرسول الله صلى الله عليه و سلم وليس لأحدنا أن يستثني إلا في صلة
يمينه
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عمر قال : كل استثناء موصول فلا حنث على صاحبه وإذا
كان غير موصول فهو حانث
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من حلف فقال : إن شاء الله
فإن شاء مضى وإن شاء رجع غير حانث "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " قال سليمان بن داود عليهما السلام :
لأطوقن الليلة على تسعين امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما يقاتل في سبيل الله
فقال له الملك : قل إن شاء الله فلم يقل
فطاف فلم تلد منهن إلا امرأة واحدة نصف إنسأن
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : والذي نفسي بيده لو قال إن شاء الله لم يحنث
وكان دركا لحاجته "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن عكرمة
في قوله : واذكر ربك إذا نسيت قال : إذا غضبت
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن الحسن في قوله : واذكر ربك إذا نسيت قال :
إذا لم تقل إن شاء الله
وأخرج البيهقي من طريق المعتمر بن سليمان قال : سمعت أبا الحارث عن رجل من أهل
الكوفة كان يقرأ القرآن في الآية قال : إذا نسي الإنسان أن يقول إن شاء الله
فتوبته من ذلك أن يقول : عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا
(5/378)
الآية
25 - 26 أخرج الخطيب في تاريخه عن حكيم بن عقال قال : سمعت عثمان بن عفان يقرأ :
ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين منونة
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : إن الرجل ليفسر الآية يرى أنها
كذلك فيهوي أبعد ما بين السماء والأرض ثم تلا ولبثوا في كهفهم
الآية
ثم قال : كم لبث القوم ؟ قالوا : ثلاثمائة وتسع سنين
قال : لو كانوا لبثوا كذلك لم يقل الله : قل الله أعلم بما لبثوا ولكنه حكى مقالة
القوم فقال : سيقولون ثلاثة إلى قوله : رجما بالغيب وأخبر أنهم لا يعلمون قال :
سيقولون ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في حرف ابن مسعود
" وقالوا لبثوا في كهفهم " الآية
يعني إنما قاله الناس
ألا ترى أنه قال : قل الله أعلم بما لبثوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ولبثوا في كهفهم ثلاثمائة
سنين وازدادوا تسعا قال : هذا قول أهل الكتاب فرد الله عليهم قل الله أعلم بما
لبثوا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك قال : لما نزلت
هذه الآية في كهفهم ثلاثمائة قيل : يا رسول الله أياما أم شهورا أم سنين ؟ فأنزل
الله سنين وازدادوا تسعا
وأخرج ابن مردويه من وجه آخر عن الضحاك عن ابن عباس موصولا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : ثلثمائة سنين وازدادوا تسعا
يقول : عدد ما لبثوا
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : أبصر به وأسمع قال : الله يقوله
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : أبصر به وأسمع قال : لا أحد أبصر من الله
ولا أسمع تبارك وتعالى
والله أعلم بالصواب والحمد لله وحده
(5/379)
الآية
27 - 29 أخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : ملتحدا
قال : ملجأ
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله : ولن تجد من دونه ملتحدا ما الملتحد ؟ قال : المدخل في الأرض قال فيه خصيب
الضمري : يا لهف نفسي ولهف غير محدثه علي وما عن قضاء الله ملتحد وأخرج ابن مردويه
وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان عن سلمان قال : جاءت المؤلفة قلوبهم
إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم : عيينة بن بدر والأقرع بن حابس فقالوا : يا
رسول الله لو جلست في صدر المجلس وتغيبت عن هؤلاء وأرواح جبابهم - يعنون سلمان
وأبا ذر وفقراء المسلمين وكانت عليهم جباب الصفوف - جالسناك أو حادثناك وأخذنا عنك
فأنزل الله واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك إلى قوله : أعتدنا للظالمين نارا يهددهم
بالنار
وأخرج أبو الشيخ عن سلمان قال : قام رسول الله صلى الله عليه و سلم يلتمسهم حتى
أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله فقال : " الحمد لله الذي لم يمتني حتى
أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي معكم المحيا والممات "
وأخرج عبد بن حميد عن سلمان قال : نزلت هذه الآية في وفي رجل دخل على النبي صلى
الله عليه و سلم - ومعي شن خوص - فوضع مرفقه في صدري فقال : تنح
حتى ألقاني على البساط ثم قال : يا محمد إنا ليمنعنا كثيرا من أمرك هذا وضرباؤه أن
ترى
(5/380)
لي
قدما وسوادا فلو نحيتهم إذا دخلنا عليك فإذا خرجنا أذنت لهم إذا شئت
فلما خرج أنزل الله واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم إلى قوله : وكان أمره فرطا
وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه عن عبد الرحمن بن سهل بن حنيف قال : نزلت
على رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو في بعض أبياته واصبر نفسك مع الذين يدعون
ربهم بالغداة والعشي فخرج يلتمسهم فوجد قوما يذكرون الله فيهم ثائر الرأس وجاف
الجلد وذو الثوب الواحد فلما رآهم جلس معهم وقال : " الحمد لله الذي جعل في
أمتي من أمري أن أصبر نفسي معهم "
وأخرج البزار عن بي هريرة وأبي سعيد قالا : جاء رسول الله صلى الله عليه و سلم رجل
يقرأ سورة الحجر وسورة الكهف فسكت فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
هذا المجلس الذي أمرت أن أصبر نفسي معهم "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر من طريق عمر بن ذر عن أبيه : " أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم انتهى إلى نفر من أصحابه - منهم عبد الله بن رواحة - يذكرهم
بالله فلما رآه عبد الله سكت فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : ذكر أصحابك
فقال : يا رسول الله أنت أحق
فقال : أما إنكم الملأ الذين أمرني أن أصبر نفسي معهم ثم تلا واصبر نفسك الآية
"
وأخرج الطبراني في الصغير وابن مردويه من طريق عمر بن ذر : حدثني مجاهد عن ابن
عباس قال : مر النبي صلى الله عليه و سلم بعبد الله بن رواحة وهو يذكر أصحابه فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أما إنكم للملأ الذين أمرني الله أن أصبر
نفسي معهم
ثم تلا واصبر نفسك الآية
قال : إنه ما جلس عدتكم إلا جلس معه عدتهم جليسهم من الملائكة إن سبحوا الله سبحوه
وإن حمدوا الله حمدوه وإن كبروا الله كبروه
يصعدون إلى الرب وهو أعلم فيقولون : ربنا إن عبادك سبحوك فسبحنا وكبروك فكبرنا
وحمدوك فحمدنا
فيقول ربنا : يا ملائكتي أشهدكم أني قد غفرت لهم
فيقولون : فيهم فلان الخطاء
فيقول : هم القوم لا يشقى بهم جليسهم "
وأخرج أحمد عن أبي أمامة قال : " خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم على قاص
يقص
(5/381)
فأمسك
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : قص فلأن أقعد غدوة إلى أن تشرق الشمس أحب
إلي من أن أعتق أربع رقاب "
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وأبو نصر السجزي في الإبانة عن
أبي سعيد قال : أتى علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم ونحن ناس من ضعفة
المسلمين ورجل يقرأ علينا القرآن ويدعو لنا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم ثم قال : بشر فقراء
المسلمين بالنور التام يوم القيامة يدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم مقدار
خمسمائة عام
هؤلاء في الجنة ينتعمون وهؤلاء يحاسبون "
وأخرج أحمد في الزهد عن ثابت قال : " كان سلمان في عصابة يذكرون الله فمر
النبي فكفوا فقال : ما كنتم تقولون ؟ قلنا : نذكر الله
قال : فإني رأيت الرحمة تنزل عليكم فأحببت أن أشارككم فيها
ثم قال الحمد لله الذي جعل في أمتي من أمرت أن أصبر نفسي معهم "
وأخرج أحمد عن أنس عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ما من قوم
اجتمعوا يذكرون الله لا يريدون بذلك إلا وجهه إلا ناداهم مناد من السماء أن :
قوموا مغفورا لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن نافع قال : أخبرني عبد
الله بن عمر في هذه الآية واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم أنهم الذين يشهدون
الصلوات المكتوبة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس مثله
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده في قوله :
واصبر نفسك الآية
قال : نزلت في صلاة الصبح وصلاة العصر
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد الله بن عدي بن الخيار في هذه الآية قال : هم الذين
يقرأون القرآن
وأخرج ابن مردويه من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله : ولا تطع من
أغفلنا قلبه عن ذكرنا قال : نزلت في أمية بن خلف وذلك أنه دعا النبي صلى الله عليه
و سلم إلى أمر كرهه الله من طرد الفقراء عنه وتقريب صناديد أهل مكة
(5/382)
فأنزل
الله ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا يعني من ختمنا على قلبه يعني التوحيد واتبع
هواه يعني الشرك وكان أمره فرطا يعني فرطا في أمر الله وجهالة بالله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن بريدة قال : دخل عيينة بن حصن على النبي صلى الله عليه
و سلم في يوم حار وعنده سلمان عليه جبة من صوف فثار منه ريح العرق في الصوف فقال
عيينة : يا محمد إذا نحن أتيناك فأخرج هذا وضرباءه من عندك لا يؤذونا فإذا خرجنا
فأنت وهم أعلم
فأنزل الله ولا تطع من أغفلنا قلبه الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع قال : حدثنا أن النبي صلى الله عليه و سلم تصدى
لأمية بن خلف وهو ساه غافل عما يقال له فأنزل الله ولا تطع من أغفلنا قلبه الآية
فرجع إلى اصحابه وخلى عن أمية فوجد سلمان يذكرهم فقال : " الحمد لله الذي لم
أفارق الدنيا حتى أراني أقواما من أمتي أمرني أن أصبر نفسي معهم "
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مغيرة عن إبراهيم في قوله : واصبر نفسك مع الذين يدعون
ربهم بالغداة والعشي قال : هم أهل الذكر
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر من طريق منصور عن إبراهيم في قوله : واصبر نفسك
الآية
قال : لا تطردهم عن الذكر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي جعفر في الآية قال : أمر أن يصبر نفسه مع
أصحابه يعلمهم القرآن
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : مع الذين يدعون ربهم قال : يعبدون ربهم
قوله : ولا تعد عيناك عنهم يقول : لا تتعداهم إلى غيرهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هاشم في الآية قال : كانوا يتفاضلون في الحلال والحرام
وأخرج الحكيم الترمذي عن سعيد بن جبير في قوله : واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم
بالغداة والعشي قال : المفاضلة في الحلال والحرام
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن إبراهيم ومجاهد واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم
بالغداة والعشي قال : الصلوات الخمس
(5/383)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج قال : نزلت ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا في عيينة بن
حصن
قال للنبي صلى الله عليه و سلم : لقد آذاني ريح سلمان الفارسي فاجعل لنا مجلسا معك
لا يجامعنا فيه واجعل لهم مجلسا منك لا نجامعهم فيه
فنزلت
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وكان أمره فرطا
قال : ضياعا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وقل الحق من ربكم قال : الحق هو القرآن
وأخرج حنيش في الاستقامة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه
والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله : فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر
يقول : من شاء الله له الإيمان آمن ومن شاء الله له الكفر كفر وهو قوله : وما
تشاؤون إلا أن يشاء الله رب العالمين التكوير آية 29
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر قال :
هذا تهديد ووعيد
وأخرج ابن أبي حاتم عن رباح بن زياد قال : سألت عمر بن حبيب عن قوله : فمن شاء
فليؤمن ومن شاء فليكفر قال : حدثني داود بن نافع أن مجاهدا كان يقول : فليس بمعجزي
وعيد من الله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : أحاط بهم سرادقها قال : حائط من نار
وأخرج أحمد والترمذي وابن أبي الدنيا في صفة النار وابن جرير وأبو يعلى وابن أبي
حاتم وابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري عن النبي
صلى الله عليه و سلم قال : " السرادق النار أربعة جدر كافة كل جدار منها
أربعون سنة "
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن أبي حاتم
(5/384)
والحاكم
وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن يعلى بن أمية قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " إن البحر من جهنم " ثم تلا نارا أحاط بهم سرادقها
"
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن قتادة أن الأحنف بن قيس كان لا ينام في السرادق
ويقول : لم يذكر السرادق إلا لأهل النار
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان
والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى
الله عليه و سلم في قوله : بماء كالمهل قال : كعكر الزيت فإذا أقرب إليه سقطت فروة
وجهه فيه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : كالمهل يقول : أسود كعكر
الزيت
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطية قال : سئل
ابن عباس عن المهل قال : ماء غليظ كدردي الزيت
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله : كالمهل قال : كدردي
الزيت
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : المهل دردي الزيت
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك في قوله : كالمهل قال : المهل دردي الزيت
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن
مسعود أنه سئل عن المهل فدعا بهذب وفضة فإذا به قلما ذاب
قال : هذا أشبه شيء بالمهل الذي هو شراب أهل النار ولونه لون السماء غير أن شراب
أهل النار أشدا حرا من هذا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : كالمهل قال :
القيح والدم أسود كعكر الزيت
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : كالمهل قال : أسود وهي سوداء وأهلها سود
(5/385)
وأخرج
ابن المنذر عن خصيف قال : المهل النحاس إذا أذيب فهو أشد حرا من النار
وأخرج عبد بن حميد عن الحكم في قوله : كالمهل قال : مثل الفضة إذا أذيبت
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير في قوله : كالمهل قال : أشد ما يكون حرا
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : هل تدرون ما المهل ؟ مهل الزيت : يعني آخره
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : وساءت مرتفقا قال : مجتمعا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وساءت مرتفقا قال : منزلا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : وساءت مرتفقا قال : عليها مرتفقون على
الحميم حين يشربون والإرتفاق هو المتكأ
الآية 31 أخرج ابن المبارك وابن أبي حاتم عن المقبري قال : بلغني أن عيسى ابن مريم
كان يقول : يا ابن آدم إذا عملت الحسنة فاله عنها فإنها عند من لا يضيعها
ثم تل ا إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا وإذا عملت سيئة فاجعلها نصب عينيك
وأخرج ابن مردويه عن سعد عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لو أن رجلا من
أهل الجنة اطلع فبدت أساوره لطمس ضوءه ضوء الشمس كما يطمس ضوء النجوم "
(5/386)
وأخرج
الطبراني في الأوسط والبيهقي في البعث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : " لو أن أدنى أهل الجنة حلية عدلت حليته بحلية أهل
الدنيا جميعا لكان ما يحليه الله به في الآخرة أفضل من حلية أهل الدنيا جميعا
"
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن كعب الأحبار قال :
" إن لله ملكا - وفي لفظ - : في الجنة ملك لو شئت أن أسميه لسميته يصوغ حلى
أهل الجنة من يوم خلق إلى أن تقوم الساعة ولو أن حليا منها أخرج لرد شعاع الشمس
وإن لأهل الجنة أكاليل من در لو أن إكليلا منها دلي من السماء الدنيا لذهب بضوء
الشمس كما تذهب الشمس بضوء القمر "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال : إن أهل الجنة يحلون أسورة من ذهب ولؤلؤ
وفضة هي أخف عليهم من كل شيء إنما هي نور
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : أساور من ذهب قال : الأساور المسك
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
: " تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء "
وأخرج النسائي والحاكم عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يمنع
أهله الحلية والحرير ويقول : " إن كنتم تحبون حلية الجنة وحريرها فلا
تلبسوهما في الدنيا "
وأخرج الطيالسي والبخاري في تاريخه والنسائي والبزار وابن مردويه والبيهقي في
البعث عن ابن عمرو قال : قال رجل : " يا رسول الله أخبرنا عن ثياب أهل الجنة
أخلقا تخلق أم نسجا تنسج ؟ قال : بل يشقق عنها ثمر الجنة "
وأخرج ابن مردويه من حديث جابر نحوه
وأخرج البيهقي عن أبي الخير مرثد بن عبد الله قال : في الجنة شجرة تنبت السندس منه
يكون ثياب أهل الجنة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن الضحاك قال : الاستبرق الديباج الغليظ وهو
بلغة العجم استبره
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن عكرمة قال : الاستبرق الديباج الغليظ
(5/387)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : الاستبرق الغليظ من الديباج
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن سابط قال : يبعث الله إلى العبد من أهل الجنة
بالكسوة فتعجبه فيقول : لقد رأيت الجنان فما رأيت مثل هذه الكسوة قط ! فيقول
الرسول الذي جاء بالكسوة : إن ربك يأمر أن تهيئ لهذا العبد مثل هذه الكسوة ما شاء
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال : لو أن ثوبا من ثياب أهل الجنة نشر اليوم في
الدنيا لصعق من ينظر إليه وما حملته أبصارهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن سليم بن عامر قال : إن الرجل من أهل الجنة يلبس الحلة من
حلل أهل الجنة فيضعها بين أصبعيه فما يرى منها شيء وإنه يلبسها فيتعفر حتى تغطي
قدميه يكسى في الساعة الواحدة سبعين ثوبا
إن أدناها مثل شقيق النعمان وإنه يلبس سبعين ثوبا يكاد أن يتوارى وما يستطيع أحد
في الدنيا أن يلبس سبعة أثواب ما يسعه عنقه
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي رافع قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
من كفن ميتا كساه الله من سندس واستبرق الجنة "
وأخرج ابن أبي حاتم عن الهيثم بن مالك الطائي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " إن الرجل ليتكئ المتكأ مقدار أربعين سنة ما يتحول عنه ولا يمله يأتيه
ما اشتهت نفسه ولذت عينه "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ثابت قال : بلغنا أن الرجل يتكئ في الجنة سبعين سنة عنده من
أزواجه وخدمه وما أعطاه الله من الكرامة والنعيم فإذا حانت منه نظرة فإذا أزواج له
لم يكن يراهن من قبل ذلك فيقلن : قد آن لك أن تجعل لنا منك نصيبا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال : الأرائك السرر في جوف الحجال
عليها الفرش منضود في السماء فرسخ
وأخرج البيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا تكون أريكة
(5/388)
حتى
يكون السرير في الحجلة فإن كان بغير حجلة لم يكن أريكة وإن كانت حجلة بغير سرير لم
تكن أريكة فإذا اجتمعتا كانت أريكة
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :
على الأرائك قال : السرر عليها الحجال
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن مجاهد رضي الله عنه قال : الأرائك من لؤلؤ وياقوت
وأخرج عبد بن حميد وابن الأنباري في الوقف والابتداء عن الحسن رضي الله عنه قال :
لم نكن ندري ما الأرائك حتى لقينا رجلا من أهل اليمن فأخبرنا أن الأريكة عندهم
الحجلة إذا كان فيها سرير
وأخرج عبد بن حميد عن أبي رجاء قال : سئل الحسن رضي الله عنه عن الأرائك فقال : هي
الحجال أهل اليمن يقولون أريكة فلان
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه أن سئل عن الأرائك فقال : هي
الحجال على السرر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : الأرائك الحجال فيها
السرر
الآية 32 - 37
(5/389)
أخرج
ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب قال :
إن الجنة هي البستان فكان له بستان واحد وجدار واحد وكان بينهما نهر وذلك كان
جنتين فلذلك سماه جنة من قبل الجدار الذي يليها
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني قال : نهر أبي فرطس نهر الجنتين
قال ابن أبي حاتم : وهو نهر مشهور بالرملة
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : آتت أكلها
ولم تظلم منه شيئا قال : لم تنقص كل شجر الجنة أطعم
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : وفجرنا خلالهما نهرا يقول :
وسطهما
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وكان له ثمر
يقول : مال
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال :
قرأها ابن عباس وكان له ثمر بالضم يعني أنواع المال
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :
وكان له ثمر قال : ذهب وفضة
وأخرج ابن أبي حاتم عن بشير بن عبيد أنه كان قرأ وكان له ثمر برفع الثاء وقال :
الثمر المال والولدان والرقيق
والثمر : الفاكهة
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي يزيد المدني أنه كان يقرؤها وكان له ثمر قال : الأصل
والثمر الثمرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ودخل جنته وهو ظالم لنفسه
يقول كفور لنعمة ربه
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : قال ما أظن أن تبيد هذه أبدا
يقول : تهلك وما أظن الساعة قائمة ولئن كانت قائمة ثم رددت إلى ربي لأجدن خيرا
منها منقلبا
الآية 38 - 39
(5/390)
أخرج
ابن أبي حاتم عن أسماء بنت عميس قالت : علمني رسول الله صلى الله عليه و سلم كلمات
أقولهن عند الكرب : " الله الله ربي لا أشرك به شيئا "
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن عروة أنه كان إذا
رأى من ماله شيئا يعجبه أو دخل حائطا من حيطانه قال : ما شاء الله لا قوة إلا
بالله ويتأول قول الله : ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن زياد بن سعد قال : كان ابن شهاب إذا دخل أمواله
قال : ما شاء الله لا قوة إلا بالله ويتأول قوله : ولولا إذ دخلت جنتك الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطرف قال : كان مالك إذا دخل بيته قال : ما شاء الله قلت
لمالك لم تقول هذا ؟ قال : ألا تسمع الله يقول : ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء
الله
وأخرج ابن أبي حاتم حفص بن ميسرة قال : رأيت على باب وهب بن منبه مكتوبا ما شاء
الله وذلك قول الله : ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن مرة قال : إن من أفضل الدعاء قول الرجل : ما شاء
الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم بن أدهم قال : ما سأل رجل مسألة أنجح من أن يقول :
ما شاء الله
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن يحيى بن سليم الطائفي عمن ذكره قال :
طلب موسى عليه السلام من ربه حاجة فأبطأت عليه فقال : ما شاء الله فإذا حاجته بين
يديه فقال : يا رب أنا أطلب حاجتي منذ كذا وكذا أعطيتنيها الآن ؟ فأوحى الله إليه
يا موسى أما علمت أن قولك : ما شاء الله أنجح ما طلبت به الحوائج
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والنسائي عن معاذ بن جبل : أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " ألا أدلك على باب من أبواب الجنة ؟ قال : ما هو ؟ قال : لا حول ولا
قوة إلا بالله "
(5/391)
وأخرج
ابن سعد وأحمد والترمذي وصححه والنسائي عن قيس بن سعد بن عبادة أن أباه دفعه إلى
النبي صلى الله عليه و سلم يخدمه قال : فخرج علي النبي صلى الله عليه و سلم - وقد
صليت ركعتين واضطجعت فضربني برجله وقال : " ألا أدلك على باب من أبواب الجنة
؟ قلت : بلى
قال : لا حول ولا قوة إلا بالله "
وأخرج أحمد عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لأبي ذر : يا أبا
ذر ألا أعلمك كلمة من كنز الجنة ؟ قال : بلى
قال : " قل لا حول ولا قوة إلا بالله "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة ؟ لا حول ولا قوة إلا بالله "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي أيوب الأنصاري قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه و
سلم أن أكثر من قول " لا حول ولا قوة إلا بالله " فإنه كنز من كنوز
الجنة
وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن ثابت : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقول :
" ألا أدلكم على كنز من كنوز الجنة ؟ تكثرون من لا حول ولا قوة إلا بالله
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لا
حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة "
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أنس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " ما أنعم الله على عبد نعمة في أهل أو مال أو ولد فيقول
ما شاء الله لا قوة إلا بالله إلا دفع الله عنه كل آفة حتى تأتيه منيته "
وقرأ ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله "
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن أنس رضي الله عنه قال : من رأى شيئا من ماله
فأعجبه فقال : " ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يصب ذلك المال آفة أبدا
وقرأ ولولا إذ دخلت جنتك الآية
وأخرجه البيهقي في الشعب عن أنس رضي الله عنه مرفوعا
وأخرج ابن مردويه عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من أنعم الله عليه نعمة فأراد بقاءها فليكثر من لا حول ولا قوة إلا بالله
" ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله
لا قوة إلا بالله
وأخرج أحمد عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ألا
أدلك على كنز من كنوز الجنة تحت العرش ؟ قلت : نعم
قال : أن تقول : لا قوة إلا بالله
(5/392)
"
قال عمرو بن ميمون : قلت لأبي هريرة - رضي الله عنه - " لا حول ولا قوة إلا
بالله " فقال : لا إنها في سورة الكهف ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا
قوة إلا بالله
وأخرج ابن منده في الصحابة من طريق حماد بن سلمة عن سماك عن جرير قال : خرجت إلى
فارس فقلت : ما شاء الله لا قوة إلا بالله فسمعني رجل فقال : ما هذا الكلام الذي
لم أسمعه من أحد منذ سمعته من السماء ؟ فقلت : ما أنت وخبر السماء ؟ قال : إني كنت
مع كسرى فأرسلني في بعض أموره فخرجت ثم قدمت فإذا شيطان خلفني في أهلي عي صورتي
فبدأ لي فقال : شارطني على أن يكون لي يوم ولك يوم وإلا أهلكتك فرضيت بذلك فصار
جليسي يحادثني وأحادثه فقال لي ذات يوم : إني مما يسترق السمع والليلة نوبتي قلت :
فهل لك أن أختبئ معك ؟ قال : نعم
فتهيأ ثم أتاني فقال : خذ بمعرفتي وإياك أن تتركها فتهلك فأخذت بمعرفته فعرج بي
حتى لمست السماء فإذا قائل يقول : " ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله
" فسقطوا على وجوههم وسقطت فرجعت إلى أهلي فإذا أنا به يدخل بعد أيام فجعلت
أقول : " ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله " قال : فيذوب لذلك حتى
يصير مثل الذباب
ثم قال لي : قد حفظته فانقطع عنا
وأخرج أحمد في الزهد عن يحيى بن سليم الثقفي عن شيخ له قال : الكلمة التي تزجر بها
الملائكة الشياطين حتى يسترقون السمع ما شاء الله
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن صفوان بن سليم قال : ما نهض ملك من الأرض حتى يقول :
" لا حول ولا قوة إلا بالله "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " لا حول ولا قوة إلا بالله دواء من تسعة وتسعين داء أيسرها الهم
"
وأخرج ابن مردويه والخطيب والديلمي من طرق عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه و سلم صلى الله عليه و سلم قال : " أخبرني جبريل أن تفسير لا حول
ولا قوة إلا بالله أنه لا حول عن معصية الله إلا بقوة الله ولا قوة على طاعة الله
إلا بعون الله "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنها في " لا حول ولا قوة إلا بالله
" قال : لا حول بنا على العمل بالطاعة إلا بالله ولا قوة لنا على ترك المعصية
إلا بالله
(5/393)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد أنه سئل عن تفسير لا حول ولا قوة إلا بالله قال : لا
تأخذ ما تحب إلا بالله ولا تمتنع مما تكره إلا بعون الله
الآية 40 - 45 أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الحسبان العذاب
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله : حسبانا من السماء قال : نارا
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت حسان بن ثابت وهو يقول : بقية معشر صبت عليهم شآبيب من الحسبان شهب وأخرج
ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : حسبانا من السماء قال : نارا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فتصبح صعيدا
زلقا قال : مثل الجزر
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله :
حسبانا من السماء قال : عذابا فتصبح صعيد زلقا أي قد حصد ما فيها فلم يترك فيها
شيء أو يصبح ماؤها غورا أي ذاهبا قد غار في الأرض
(5/394)
وأحيط
بثمره فأصبح يقلب كفيه قال يصفق على ما أنفق فيها متلهفا على ما فاته
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : صعيدا زلقا قال : الصعيد
الأملس والزلق التي ليس فيها نبات أحيط بثمره قال : بثمر الجنتين فأهلكت فأصبح
يقلب كفيه يقول : ندامة عليها وهي خاوية على عروشها قال : قلب أسفلها أعلاها
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله : أحيط بثمره قال : أحاط به أمر الله فهلك
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : ولم تكن له فئة قال : عشيرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ولم تكن له فئة قال : عشيرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ولم تكن له فئة أي جند يعينونه من دون الله
وما كان منتصرا أي ممتنعا
وأخرج ابن أبي حاتم عن مبشر بن عبيد قال : الولاية الدين والولاية ما أتولى
وأخرج الحاكم وصححه عن صهيب أن النبي صلى الله عليه و سلم لم ير قرية يريد دخولها
إلا قال حين يراها : " اللهم رب السموات السبع وما أظللن ورب الأرضين السبع
وما أقللن ورب الشياطين وما أضللن ورب الرياح وما ذرين فإنا نسألك خير هذه القرية
وخير أهلها ونعوذ بك من شرها وشر ما فيها "
الآية 46 - 48
(5/395)
أخرج
ابن أبي حاتم والخطيب عن سفيان الثوري قال : كان يقال إنما سمي المال لأنه يميل
بالناس وإنما سميت الدنيا لأنها دنت
وأخرج ابن أبي حاتم عن عياض بن عقبة أنه مات له ابن يقال له يحيى فلما نزل في قبره
قال له رجل : والله إن كان لسيد الجيش فأحتسبه
فقال : وما يمنعني أن أحتسبه ؟ وكان أمس من زينة الدنيا وهو اليوم من الباقيات
الصالحات
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال : المال والبنون حرث الدنيا والعمل
الصالح حرث الآخرة وقد يجمعهما الله لأقوام
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : والباقيات
الصالحات قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم
وصححه وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" استكثروا من الباقيات الصالحات " قيل : وما هن يا رسول الله ؟ قال :
" التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد ولا حول ولا قوة إلا بالله "
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وابن مردويه عن النعمان بن بشير : أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : " ألا وإن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر من الباقيات الصالحات "
وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني في الصغير والحاكم وصححه وابن
مردويه والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
خذوا جنتكم " قيل : يا رسول الله أمن عدو قد حضر قال : لا
" بل جنتكم من النار قول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله
أكبر فإنهن يأتين يوم القيامة مقدمات معقبات محسنات وهن الباقيات الصالحات "
وأخرج الطبراني وابن شاهين في الترغيب في الذكر وابن مردويه عن أبي الدرداء قال :
" قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " سبحان الله والحمد لله ولا إله
إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله هن الباقيات الصالحات وهن يحططن
الخطايا كما تحط الشجرة ورقها وهن من كنوز الجنة "
(5/396)
وأخرج
ابن مردويه عن أنس بن مالك قال : مر رسول الله صلى الله عليه و سلم بشجرة يابسة
فتناول عودا من أعوادها فتناثر كل ورق عليها فقال : " والذي نفسي بيده إن
قائلا يقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لتتناثر الذنوب
عن قائلها كما يتناثر الورق عن هذه الشجرة " قال الله في كتابه : هن الباقيات
الصالحات
وأخرج أحمد عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن سبحان الله
والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها
"
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي والبيهقي في الأسماء والصفات عن سمرة بن جندب :
ما من الكلام شيء أحب إلى الله من الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله
أكبر هن أربع فلا تكثر علي لا يضرك بأيهن بدأت
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
إن عجزتم عن الليل أن تكابدوه والعدو أن تجاهدوه فلا تعجزوا عن قول : سبحان الله
والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنهن الباقيات الصالحات "
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " خذوا
جنتكم من النار قولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول
ولا قوة إلا بالله فإنهن المقدمات وإنهن المؤخرات وهن المنجيات وهن الباقيات
الصالحات "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن مردويه عن عائشة : أن النبي صلى الله عليه و
سلم قال ذات يوم لأصحابه " خذوا جنتكم " مرتين أو ثلاثا قالوا : من عدو
حضر ؟ قال : " بل من النار
قولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا
بالله فإنهن يجئن يوم القيامة مقدمات ومحسنات ومعقبات وهن الباقيات الصالحات
"
وأخرج ابن مردويه عن علي : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
الباقيات الصالحات من قال : لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله
ولا حول ولا قوة إلا بالله "
وأخرج ابن مردويه من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " إن يثبطكم الليل فلم تقوموه وعجزتم عن النهار فلم
تصوموه وبخلتم بالمال فلم تعطوه وجبنتم عن العدو فلم تقاتلوه
فأكثروا من سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإنهن الباقيات
الصالحات "
(5/397)
وأخرج
الطبراني عن سعد بن جنادة قال : أتيت النبي صلى الله عليه و سلم فأسلمت وعلمني قل
هو الله أحد و وإذا زلزلت و قل يا أيها الكافرون وعلمني هؤلاء الكلمات : سبحان
الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
وقال : " هن الباقيات الصالحات "
وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر عن عثمان بن عفان أنه سئل عن الباقيات الصالحات
قال : هي لا إله إلا الله وسبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا
بالله
وأخرج البخاري في تاريخه وابن جرير عن ابن عمر أنه سئل عن الباقيات الصالحات قال :
لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله ولا حول ولا قوة إلا بالله
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : والباقيات الصالحات
قال : هي ذكر الله لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله وتبارك الله
ولا حول ولا قوة إلا بالله وأستغفر الله وصلى الله على محمد رسول الله صلى الله
عليه و سلم والصلاة والصيام والحج والصدقة والعتق والجهاد والصلة وجميع أعمال
الحسنات وهن الباقيات الصالحات التي تبقى لأهلها في الجنة
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن سعيد بن المسيب قال : كنا عند سعد بن أبي
وقاص فسكت سكتة فقال : لقد قلت في سكتتي هذه خيرا مما سقى النيل والفرات
قلنا له : وما قلت ؟ قال : قلت : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله
أكبر
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس والباقيات الصالحات قال : الكلام الطيب
وأخرج ابن أبي شيبة عن النعمان بن بشير قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" الذين يذكرون من جلال الله من تسبيحه وتحميده وتكبيره وتهليله يتعاطفن حول
العرش لهن دوي كدوي النحل يذكرن بصاحبهن أو لا يحب أحدكم أن لا يزال عند الرحمن
شيء يذكر به "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن أبي أوفى قال : أتى رجل النبي صلى الله عليه و
سلم فذكر أنه لا يستطيع أن يأخذ من القرآن شيئا وسأله شيئا يجزئ من القرآن ؟ فقال
له : " قل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا
قوة إلا بالله "
(5/398)
وأخرج
ابن أبي شيبة ومسلم عن موسى بن طلحة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" كلمات إذا قالهن العبد وضعهن ملك في ناحيه ثم عرج بهن فلا يمر على ملأ من
الملائكة إلا صلوا عليهن وعلى قائلهن حتى يوضعن بين يدي الرحمن سبحان الله والحمد
لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله وسبحان الله أبرئه عن
السوء "
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن البصري قال : رأى رجل في المنام أن مناديا نادى في
السماء أيها الناس خذوا سلاح فزعكم فعمد الناس وأخذوا السلاح حتى أن الرجل وما معه
عصا فنادى مناد من السماء ليس هذا سلاح فزعكم فقال رجل من الأرض ما سلاح فزعنا ؟
فقال : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي من
أتصدق بعددها دنانير "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا
إله إلا الله والله أكبر أحب إلي من أن أحمل على عدتها من خيل بأرسانها
وأخرج عبد الرحمن بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي هريرة قال : من قال من قبل نفسه
الحمد لله رب العالمين كتب الله له ثلاثين حسنة ومحا عنه ثلاثين سيئة ومن قال :
الله أكبر كتب الله له بها عشرين حسنة ومحا عنه بها عشرين سيئة ومن قال : لا إله
إلا الله كتب الله له عشرين حسنة ومحا عنه بها عشرين سيئة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال : في قوله : والباقيات
الصالحات الحسنات يذهبن السيئات الصلوات الخمس
وأخرج ابن المنذر وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : والباقيات
الصالحات قال : كل شيء من طاعة الله فهو من الباقيات الصالحات
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن قتادة أنه سئل عن الباقيات الصالحات فقال : كل
ما أريد به وجه الله
(5/399)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : خير عند ربك ثوابا قال : خير جزاء من جزاء
المشركين
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وخير أملا قال : إن لكل عامل أملا يؤمله
وإن المؤمن من خير الناس أملا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : وترى الأرض بارزة قال : لا
عمران فيها ولا علامة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وترى الأرض بارزة قال : ليس عليها بناء ولا
شجرة
وأخرج ابن منده في التوحيد عن معاذ بن جبل : أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" إن الله ينادي يوم القيامة يا عبادي أنا الله لا إله إلا أنا أرحم الراحمين
وأحكم الحاكمين وأسرع الحاسبين أحضروا حجتكم ويسروا جوابا فإنكم مسؤولون محاسبون
يا ملائكتي أقيموا عبادي صفوفا على أطراف أنامل أقدامهم للحساب "
الآية 49 أخرج البزار عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " يخرج لابن
آدم يوم القيامة ثلاثة دواوين : ديوان العمل الصالح وديوان فيه ذنوبه وديوان فيه
النعم من الله عليه "
وأخرج الطبراني عن سعد بن جنادة قال : لما فرغ رسول الله صلى الله عليه و سلم من
غزو حنين نزلنا قفرا من الأرض ليس فيه شيء فقال النبي صلى الله عليه و سلم :
" اجمعوا من وجد عودا فليأت ومن وجد عظما أو شيئا فليأت به " قال : فما
كان إلا ساعة حتى جعلناه ركاما
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " أترون هذا ؟ فكذلك تجتمع الذنوب على
الرجل منكم كما جمعتم هذا فليتق الله رجل لا يذنب صغيرة ولا كبيرة فإنها محصاة
عليه "
(5/400)
وأخرج
ابن مردويه عن عائشة : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إياك ومحقرات
الذنوب فإن لها من الله طالبا "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : لا يغادر صغيرة ولا كبيرة قال : الصغيرة
التبسم والكبيرة الضحك
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة وابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال :
الصغيرة التبسم بالاستهزاء بالمؤمنين والكبيرة القهقهة بذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ويقولون يا ويلتنا الآية
قال : يشتكي القوم كما تسمعون
الاحصاء ولم يشتك أحد ظلما فإياكم والمحقرات من الذنوب فإنها تجتمع على صاحبها حتى
تهلكه
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري في الآية
قال : سئلوا حتى عن التبسم فقيل فيم تبسمت يوم كذا وكذا ؟ !
الآية 50 أخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في شعب الإيمان
عن ابن عباس قال : إن من الملائكة قبيلة يقال لهم الجن فكان إبليس منهم وكان يوسوس
ما بين السماء والأرض فعصى فسخط الله عليه فمسخه الله شيطانا رجيما
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : إلا إبليس كان من الجن قال : كان خازن
الجنان فسمي بالجن
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن الضحاك قال : اختلف ابن عباس
وابن مسعود في إبليس فقال أحدهما : كان من سبط من الملائكة يقال لهم الجن
(5/401)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال : إن إبليس كان من أشرف الملائكة وأكرمهم
قبيلة وكان خازنا على الجنان وكان له سلطان السماء الدنيا وكان له مجمع البحرين
بحر الروم وفارس أحدهما قبل المشرق والآخر قبل المغرب وسلطان الأرض وكان مما سولت
نفسه مع قضاء الله أنه يرى أن له بذلك عظمة وشرفا على أهل السماء فوقع في نفسه من
ذلك كبر لم يعلم ذلك أحد إلا الله فلما كان السجود لآدم حين أمره الله أن يسجد
لآدم استخرج الله كبره عند السجود فلعنه إلى يوم القيامة وكان من الجن قال ابن
عباس : إنما سمي بالجنان لأنه كان خازنا عليها
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : إلا إبليس كان من
الجن قال : كان من قبيل من الملائكة يقال لهم الجن وكان ابن عباس يقول : لو لم يكن
من الملائكة لم يؤمر بالسجود وكان على خزانة السماء الدنيا
وأخرج ابن جرير وابن الأنباري في كتاب الأضداد وأبو الشيخ في العظمة عن الحسن قال
: ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين وإنه لأصل الجن كما أن آدم أصل الإنس
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال : قاتل الله أقواما يزعمون أن إبليس
كان من ملائكة الله والله تعالى يقول : كان من الجن
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير في قوله : كان من الجن
قال : من خزنة الجنان
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن الأنباري في الأضداد من وجه آخر عن سعيد بن
جبير في قوله : كان من الجن قال : هم حي من الملائكة لم يزالوا يصوغون حلي أهل
الجنة حتى تقوم الساعة
وأخرج البيهقي في الشعب عن سعيد بن جبير في قوله : كان من الجن قال : من الجنانين
الذين يعملون في الجنة
وأخرج ابن أبي حاتم وابو الشيخ في العظمة عن ابن شهاب في قوله : إلا إبليس كان من
الجن قال : إبليس أبو الجن كما أن آدم أبو الإنس وآدم من
(5/402)
الإنس
وهو أبوهم
وإبليس من الجن وهو أبوهم وقد تبين للناس ذلك حين قال الله : أفتتخذونه وذريته
أولياء من دوني
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : كان إبليس رئيسا من
الملائكة في سماء الدنيا
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن منصور قال : كانت الملائكة تقاتل الجن فسبي إبليس وكان
صغيرا فكان مع الملائكة فتعبد معها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب قال : كان إبليس من الجن الذين
طردتهم الملائكة فأسره بعض الملائكة فذهب به إلى السماء
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن قتادة في قوله : إلا إبليس كان من الجن قال : أجن من
طاعة الله
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير قال : لما لعن إبليس تغيرت صورته عن صورة
الملائكة فجزع لذلك فرن رنة فكل رنة في الدنيا إلى يوم القيامة من رنته
وأخرج أبو الشيخ عن نوف قال كان إبليس رئيس سماء الدنيا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : ففسق عن أمر ربه
قال : في السجود لآدم
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي أنه سئل عن إبليس هل له زوجة ؟ فقال : إن ذلك العرس ما
سمعت به
وأخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : أفتتخذونه
وذريته قال : ولد إبليس خمسة : ثبر والأعور وزلنبور ومسوط وداسم فمسوط صاحب الصخب
والأعور وداسم لا أدري ما يفعلان والثبر صاحب المصائب وزلنبور الذي يفرق بين الناس
ويبصر الرجل عيوب أهله
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : أفتتخذونه وذريته قال : باض
إبليس خمس بيضات : زلنبور وداسم وثبر ومسوط والأعور فأما الأعور فصاحب الزنا وأما
ثبر فصاحب المصائب وأما مسوط فصاحب أخبار الكذب يلقيها على أفواه الناس ولا يجدون
لها أصلا وأما داسم فهو صاحب البيوت إذا دخل بيته ولم يسلم دخل معه وإذا أكل معه
ويريه من
(5/403)
متاع
البيت ما لا يحصى موضعه وأما زلنبور فهو صاحب الأسواق ويضع راسه في كل سوق بين
السماء والأرض
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله : أفتتخذونه وذريته قال : هم
أولاده يتوالدون كما يتوالد بنو آدم وهم أكثر عددا
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان قال : باض إبليس خمس بيضات : وذريته من ذلك
قال : وبلغني أنه يجتمع على مؤمن واحد أكثر من ربيعة ومضر
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وبئس للظالمين بدلا قال بئسما استبدلوا
بعبادة ربهم إذ أطاعوا إبليس لعنه الله تعالى
الآية 51 - 52 أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : ما أشهدتهم خلق السموات
والأرض ولا خلق أنفسهم قال : يقول ما أشهدت الشياطين الذين اتخذتم معي هذا وما كنت
متخذ المضلين قال : الشياطين عضدا قال : ولا اتخذتهم عضدا على شيء عضدوني عليه
فأعانوني
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وما كنت متخذ
المضلين عضدا قال : أعوانا
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : وما كنت متخذ المضلين عضدا قال : أعوانا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله : وجعلنا بينهم
موبقا يقول : مهلكا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد في قوله : موبقا يقول : مهلكا
(5/404)
وأخرج
ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد في قوله : موبقا قال : واد في جهنم
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والبيهقي في البعث عن أنس في قوله : وجعلنا بينهم موبقا قال : واد في جهنم من قيح
ودم
وأخرج أحمد في الزهد وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عمر في قوله :
وجعلنا بينهم موبقا قال : هو واد عميق في النار فرق الله به يوم القيامة بين أهل
الهدى والضلالة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عمرو البكالي قال : الموبق الذي ذكر الله واد
في النار بعيد القعر يفرق به يوم القيامة بين أهل الإسلام وبين من سواهم من الناس
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : موبقا قال : هو نهر في النار يسيل نارا على
حافتيه حيات أمثال البغال الدهم فإذا ثارت إليهم لتأخذهم استغاثوا بالإقتحام في
النار منها
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال : إن في النار أربعة أودية يعذب الله بها أهلها :
غليظ وموبق وأثام وغي
الآية 53 - 54 أخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله :
فظنوا أنهم مواقعوها قال : علموا
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن جرير وابن حبان والحاكم وصلىالله عليه وسلمححه وابن
مردويه عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلىالله عليه وسلم قال : " ينصب
الكافر يوم القيامة مقدار خمسين ألف سنة كما لم يعمل في الدنيا وإن الكافر ليرى
جهنم ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة والله أعلم "
(5/405)
وأخرج
البخاري ومسلم وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه : أن النبي صلىالله
عليه وسلم طرقه وفاطمة ليلا فقال : " ألا تصليان " فقلت : يا رسول الله
إنما أنفسنا بيد الله إن شاء أن يبعثنا بعثنا
وانصرف حين قلت ذلك ولم يرجع إلي شيئا ثم سمعته بضرب فخذه ويقول : وكان الإنسان
أكثر شيء جدلا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : وكان الإنسان أكثر شيء جدلا قال : الجدل
الخصومة خصومة القوم لآنبيائهم وردهم عليهم ما جاؤوا به وكل شيء في القرآن من ذكر
الجدل فهو من ذلك الوجه فيما يخاصمونهم من دينهم يردون عليهم ما جاؤوا به والله
أعلم
الآية 55 - 59 أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : إلا أن تأتيهم سنة الأولين
قال : عقوبة الأولين
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد أنه قرأ أو يأتيهم العذاب قبلا قال :
قبائل
(5/406)
وأخرج
ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : أو يأتيهم العذاب قبلا
قال : فجأة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة أنه قرأ أو يأتيهم العذاب قبلا أي عيانا
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش في قوله : قبلا قال : جهارا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : أو يأتيهم العذاب قبلا قال : مقابلهم
فينظرون إليه
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ونسي ما قدمت يداه أي نسي ما سلف من الذنوب
الكثيرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : بما كسبوا يقول : بما علموا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : بل لهم موعد قال : الموعد يوم القيامة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس في قوله : لن يجدوا من
دونه موئلا قال : ملجأ
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : لن يجدوا من
دونه موئلا قال : مجوزا
وفي قوله : وجعلنا لمهلكهم موعدا قال : أجلا
وأخرج ابن أبي حاتم عن العباس بن عزوان أسنده في قوله : وتلك القرى أهلكناهم لما
ظلموا وجعلنا لمهلكهم موعدا قال : قضى الله العقوبة حين عصي ثم أخرها حتى جاء
أجلها ثم أرسلها
(5/407)
الآية 60 - 82
(5/408)
أخرج
ابن عساكر من طريق ابن سمعان عن مجاهد قال : كان ابن عباس يقول في هذه الآية وإذ
قال موسى لفتاه لا أبرح يقول : لا أنفك ولا أزال حتى أبلغ مجمع البحرين يقول :
ملتقى البحرين أو أمضي حقبا يقول : أو أمضي سبعين خريفا فلما بلغ مجمع بينهما يقول
: بين البحرين نسيا حوتهما يقول : ذهب منهما وأخطأهما وكان حوتا مليحا معهما
يحملانه فوثب من المكتل إلى الماء فكان سبيله في البحر سربا فأنسى الشيطان فتى
موسى أن يذكره وكان فتى موسى يوشع بن نون واتخذ سبيله في البحر عجبا يقول : موسى
عجب من أثر الحوت ودوراته التي غار فيها قال ذلك ما كنا نبغي قول موسى : فذاك حيث
أخبرت أني أجد الخضر حيث يفارقني الحوت فارتدا على آثارهما قصصا يقول : اتبع موسى
ويوشع أثر الحوت في البحر وهم راجعان على ساحل البحر فوجدا عبدا من عبادنا يقول :
فوجدا خضرا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما قال الله تعالى : وفوق كل
ذي علم عليم يوسف آية 76 فصحب موسى الخضر وكان من شأنهما ما قص الله في كتابه
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات من طريق سعيد بن جبير قال : قلت لابن عباس أن
نوفا البكالي يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس موسى صاحب بني إسرائيل : قال ابن عباس :
كذب عدو الله !
حدثنا أبي بن كعب أنه سمع رسول الله صلىالله عليه وسلم يقول : إن موسى قام خطيبا
في بني إسرائيل فسئل : أي الناس أعلم ؟ فقال : أنا
فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إليه فأوحى الله إليه : أن لي عبدا بمجمع البحرين
وهو أعلم منك
قال موسى : يا رب كيف لي به ؟ قال : تأخذ معك حوتا تجعله في مكتل فحيثما فقدت
الحوت فهو ثم
فأخذ حوتا فجعله في مكتل ثم انطلق وانطلق معه فتاه يوشع بن نون حتى إذا أتيا
الصخرة وضعا رأسيهما فناما واضطرب الحوت في المكتل فخرج منه فسقط في البحر فاتخذ
سبيه في البحر سربا وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق فلما
استيقظ نسي صاحبه أن يخبرهه بالحوت فانطلقا بقية يومهما وليلتهما حتى إذا كان من
الغد
(5/409)
قال
موسى لفتاه آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال : ولم يجد موسى النصب حتى
جاوز المكان الذي أمره الله به فقال له فتاه : أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني
نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا قال :
فكان للحوت سربا ولموسى ولفتاه عجبا
فقال موسى ذلك ما كنا نبغي فارتدا على آثارهما قصصا قال سفيان : يزعم ناس أن تلك
الصخرة عندها عين الحياة ولا يصيب ماؤها ميتا إلا عاش
قال : وكان الحوت قد أكل منه فلما قطر عليه الماء عاش
قال : فرجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة فإذا رجل مسجى بثوب فسلم عليه
موسى فقال الخضر : وأنى بأرضك السلام ؟ قال : أنا موسى
قال : موسى بني إسرائيل ؟ قال : نعم أتيتك لتعلمني مما علمت رشدا قال إنك لن
تستطيع معي صبرا يا موسى إني على علم من علم الله علمنيه لا تعلمه أنت وأنت على
علم من علم الله علمك الله لا أعلمه
فقال موسى ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا فقال له الخضر فإن اتبعتني
فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا فانطلقا يمشيان على ساحل البحر فمرت بهم
سفينة فكلموهم أن يحملوهم فعرفوا الخضر فحملوه بغير نول فلما ركبوا في السفينة فلم
يفجأه إلا والخضر قد قلع لوحا من ألواح السفينة بالقدوم فقال له موسى : قوم حملونا
بغير نول عمدت إلى سفينتهم فخرقتها لتغرق أهلها ؟
لقد جئت شيئا إمرأ فقال : ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا تؤاخدني بما نسيت
ولا ترهقني من أمري عسرا
قال رسول الله صلىالله عليه وسلم : كانت الأولى من موسى نسيانا قال : وجاء عصفور
فوقع على حرف السفينة فنقر في البحر نقرة فقال له الخضر : ما علمني وما علمك من
علم الله إلا مثل ما نقص هذا العصفور من هذا البحر ثم خرجا من السفينة فبينما هما
يمشيان على الساحل إذ أبصر الخضر غلاما يلعب مع الغلمان فأخذ الخضر رأسه بيده
فاقتلعه فقتله فقال له موسى : أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال :
ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال : وهذه أشد من الأولى قال إن سألتك عن شيء
بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما
أهلها فابوا أن يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض قال : مائل فأخذ الخضر
بيده هكذا فأقامه فقال موسى : قوم
(5/410)
أتيناهم
فلم يطعمونا ولم يضيفونا لو شئت لاتخذت عليه أجرا فقال : هذا فراق بيني وبينك
سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا
فقال رسول الله صلىالله عليه وسلم : وددنا أن موسى كان صبر حتى يقص الله علينا من
خبرهما
قال سعيد بن جبير : وكان ابن عباس يقرأ " وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة
غصبا " وكان يقرأ " وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين "
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
مردويه من طريق آخر عن سعيد بن جبير قال : إنا لعند ابن عباس في بيته إذ قال :
سلوني
قلت : أي أبا عباس جعلني الله فداءك بالكوفة رجل قاص يقال له نوف يزعم أنه ؟ ليس
بموسى بني إسرائيل
قال : كذب عدو الله حدثني أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلىالله عليه وسلم :
" إن موسى عليه السلام ذكر الناس يوما حتى إذا فاضت العيون ورقت القلوب ولى
فأدركه رجل فقال : أي رسول الله هل في الأرض أحد أعلم منك ؟ قال : لا
فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إلى الله تعالى
قيل : بلى
قال : أي رب فأين ؟ قال : بمجمع البحرين
قال : أي رب اجعل لي علما أعلم به ذلك
قال : خذ حوتا ميتا حيث ينفخ فيه الروح
فأخذ حوتا فجعله في مكتل فقال لفتاه : لا أكلفك إلا أن تخبرني بحيث يفارقك الحوت
قال : ما كلفت كثيرا
قال : فبينا هو في ظل صخرة في مكان سريان ؟ أن تضرب الحوت وموسى نائم فقال فتاه :
لا أوقظه
حتى إذا استيقظ نسي أن يخبره
وتضرب الحوت حتى دخل البحر فأمسك الله عنه جرية البحر حتى كان أثره في حجر
قال موسى لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال : قد قطع الله عنك النصب فرجعا فوجدا
خضرا على طنفسة خضراء على كبد البحر مسجى ثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت
رأسه فسلم عليه موسى فكسف عن وجهه وقال : هل بأرض من سلام
! ؟ من أنت ؟ قال : أنا موسى
قال : موسى بني إسرائيل ؟ قال : نعم
قال : فما شأنك ؟ قال : جئت لتعلمني مما علمت رشدا
قال : أما يكفيك أن التوراة بيديك وأن الوحي يأتيك يا موسى ؟ إن لي علما لا ينبغي
أن تعلمه وإن لك علما لا ينبغي لي أعلمه
فأخذ طائر بمنقاره من البحر فقال : والله ما علمي وعلمك في جنب علم الله إلا كما
أخذ الطير منقاره من
(5/411)
البحر
حتى إذا ركبا في السفينة وجدا معابر صغارا تحمل أهل الساحل إلى أهل هذا الساحل
الآخر فعرفوه فقالوا : عبد الله الصالح لا نحمله بأجر فخرقها ووتد فيها وتدا
قال موسى أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي
صبرا كانت الأولى نسيانا والوسطة والثالثة عمدا لا تؤاخدني بما نسيت ولا ترهقني من
أمري عسرا فانطلقا حتى إذا لقيا غلاما فقتله ووجد غلمانا يلعبون فأخذ غلاما كافرا
ظريفا فأضجعه ثم ذبحه بالسكين فقال : أقتلت نفسا زكية لم تعمل الحنث
قال ابن عباس قرأها : زكية زاكية مسلمة كقولك : غلاما زكيا
فانطلقا فوجدا جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال : بيده هكذا ورفع يده فاستقام قال لو
شئت لاتخذت عليه أجرا قال : أجر تأكله وكان وراءهم ملك قرأها ابن عباس " وكان
أمامهم ملك " يزعمون مدد بن ندد والغلام المقتول اسمه يزعمون جيسور ملك يأخذ
كل سفينة صالحة غصبا فأردت إذا هي مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها
فانتفعوا بها ومنهم من يقول سدوها بالقار فكان أبواه مؤمنين وكان كافرا فخشينا أن
يرهقهما طغيانا وكفرا أي يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه فأردنا أن يبدلهما
ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما هما به أرحم منهما بالأول الذي قتله خضر
" وزعم غير سعيد أنهما أبدلا جارية
وأخرج عبد بن حميد ومسلم وابن مردويه من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وكنا
عنده فقال القوم : إن نوفا الشامي يزعم أن الذي ذهب يطلب العلم ليس بموسى بني
إسرائيل فكان ابن عباس متكئا فاستوى جالسا فقال : كذب نوف حدثني أبي بن كعب أنه
سمع النبي صلىالله عليه وسلم يقول : " رحمة الله علينا وعلى موسى لولا أنه
عجل واستحيا وأخذته دمامة من صاحبه فقال له : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني
لرأى من صاحبه عجبا "
قال : وكان النبي صلىالله عليه وسلم إذا ذكر نبيا من الأنبياء بدأ بنفسه فقال :
" رحمة الله علينا وعلى صالح ورحمة الله علينا وعلى أخي عاد ثم قال : إن موسى
بينا هو يخطب قومه ذات يوم إذ قال لهم : ما في الأرض أحد أعلم مني
فأوحى الله إليه : أن في الأرض من هو أعلم منك وآية ذلك أن تزود حوتا مالحا فإذا
فقدته فهو حيت تفقده
فتزود حوتا مالحا فانطلق هو وفتاه حتى إذا بلغا المكان الذي أمروا به
(5/412)
فلما
انتهوا إلى الصخرة انطلق موسى يطلب ووضع فتاه الحوت على الصخرة فاضطرب فاتخذ سبيله
في البحر سربا قال فتاه : إذا جاء نبي الله حدثته
فأنساه الشيطان فانطلقا فأصابه ما يصيب المسافر من النصب والكلال حين جاوز ما أمر
به فقال موسى : لفتاه آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال فتاه : يا نبي
الله أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت أن أحدثك وما أنسانيه إلا الشيطان
فاتخذ سبيله في البحر سربا قال ذلك ما كنا نبغي نبغ ؟ فرجعا على آثارهما قصصا
يقصان الأثر حتى انتهيا إلى الصخرة فأطاف فإذا هو برجل مسجى بثوب فسلم عليه فرفع
رأسه فقال له : من أنت ؟ قال : موسى
قال : من موسى ؟ قال : موسى بني إسرائيل
قال : فما لك ؟ قال : أخبرت أن عندك علما فأردت أن أصحبك قال إنك لن تستطيع معي
صبرا قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا قال : كيف تصبر على ما لم تحط
به خبرا قال : قد أمرت أن أفعله قال : فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك
منه ذكرا فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة فخرج من كان فيها وتخلف ليخرقها فقال له
موسى : تخرقها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا
قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا فانطلقا حتى إذا أتوا على غلمان
يلعبون على ساحل البحر وفيهم غلام ليس في الغلمان أحسن ولا ألطف منه فأخذه فقتله
فنفر موسى عند ذلك وقال أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل
لك إنك لن تستطيع معي صبرا قال : فأخذته دمامة من صاحبه واستحيا فقال إن سألتك عن
شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا حتى أتيا أهل قرية وقد أصاب
موسى جهد شديد فلم يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه قال له موسى مما
نزل به من الجهد : لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل
ما لم تستطع عليه صبرا فأخذ موسى بطرف ثوبه فقال حدثني أما السفينة فكانت لمساكين
يعملون في البحر وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا فإذا مر عليها فرآها منخرقة
تركها ورقعها أهلها بقطعة من خشب فانتفعوا بها
(5/413)
وأما
الغلام فإنه كان طبع يوم طبع كافرا وكان قد ألقي عليه محبة من أبويه ولو عصياه
شيئا لأرهقهما طغيانا وكفرا فأراد ربك أن يبدلهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما فوقع
أبوه على أمه فعلقت خيرا منه زكاة وأقرب رحما
وأخرج من وجه آخر عن سعيد بن جبير قال : جلست عند ابن عباس - وعنده نفر من أهل
الكتاب - فقال بعضهم : إن نوفا يزعم عن أبي بن كعب أن موسى النبي الذي طلب العلم
إنما هو موسى بن ميشا فقال ابن عباس : كذب نوف
حدثني أبي بن كعب عن رسول الله صلىالله عليه وسلم : " أن موسى بني إسرائيل
سأل ربه فقال : أي رب إن كان في عبادك أحد أعلم مني فدلني
قال : نعم في عبادي من هو أعلم منك فنعت له مكانه فأذن له في لقيه فخرج موسى ومعه
فتاه ومعه حوت مليح قد قيل : إذا حيي هذا الحوت في مكان فصاحبك هنالك وقد أدركت
حاجتك
فخرج موسى ومعه فتاه ومعه ذلك الحوت يحملانه فسار حتى جهده السير وانتهى إلى
الصخرة وإلى ذلك الماء ماء الحياة من شرب منه خلد ولا يقاربه شيء ميت إلا حيي
فلما نزلا ومس الحوت الماء حيي فاتخذ سبيله في البحر سربا فانطلقا فلما جاوزا قال
موسى لفتاه آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال الفتى وذكر أرأيت إذ
أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله
في البحر عجبا قال ابن عباس : فظهر موسى على الصخرة حين انتهيا إليها فإذا رجل
ملتف في كسائه فسلم موسىعليه فرد عليه ثم قال له : ما جاء بك ؟ إن كان لك في قومك
لشغل ؟ قال له موسى : جئتك لتعلمني مما علمت رشدا
قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكان رجلا يعلم علم الغيب قد علم ذلك فقال موسى : بلى
قال : وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا أي أن ما تعرف ظاهرا ما ترى من العدل ولم
تحط من علم الغيب بما أعلم ؟ قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا وإن
رأيت ما يخالفني قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا فانطلقا
يمشيان على ساحل البحر يتعرضان الناس يلتمسان من يحملهما حتى مرت بهما سفينة جديدة
وثيقة لم يمر بهما من السفن شيء أحسن منها ولا أجمل ولا أوثق منها فسألا أهلها أن
يحملوهما فحملوهما فلما اطمأنا فيها ولجت بهما مع أهلها أخرج منقارا له ومطرقة ثم
عمد إلى ناحية منها فضرب فيها بالمنقار حتى
(5/414)
خرقها
ثم أخذ لوحا فطبقه عليها ثم جلس عليها يرقعها فقال له موسى - ورأى أمرا أفظع به -
أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا قال لا
تؤاخذني بما نسيت أي بما تركت من عهدك ولا ترهقني من أمري عسرا ثم خرجا من السفينة
فانطلقا حتى أتيا قرية فإذا غلمان يلعبون
فيهم غلام ليس في الغلمان غلام أظرف منه ولا أوضأ منه فأخذ بيده وأخذ حجرا فضرب به
رأسه حتى دمغه فقتله فرآى موسى عليه السلام أمرا فظيعا لا صبر عليه صبي صغير قتله
لا ذنب له
! ؟ قال أقتلت نفسا زكية بغير نفس أي صغيرة لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك
لن تستطيع معي صبرا قال : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا
أي قد عذرت في شأني فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن
يضيفوهما فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فهدمه ثم قعد يبنيه فضجر موسى مما يراه
يصنع من التكليف وما ليس عليه صبر فقال لو شئت لاتخذت عليه أجرا أي قد استطعمناهم
فلم يطعمونا واستضفناهم فلم يضيفوهما ثم قعدت تعمل في غير صنيعة ؟ ولو شئت لأعطيت
عليه أجرا في عملك
قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا أما السفينة فكانت
لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان من وراءهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا
- في قراءة أبي بن كعب " كل سفينة صالحة " وإنما عيبها لطرده عنها فسلمت
منه حين رأى العيب الذي صنعت بها وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما
طغيانا وكفرا
فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما
وأما لجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحتهما كنزا لهما وكان أبوهما
صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري
أي ما فعلته عن نفسي ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا فكان ابن عباس يقول : ما كان
الكنز إلا علما "
وأخرج ابن عساكر من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : قام موسى خطيبا
لنبي إسرائيل فأبلغ في الخطبة وعرض في نفسه أن أحدا لم يؤت من العلم ما أوتي وعلم
الله الذي حدث نفسه من ذلك فقال له : " يا موسى إن من عبادي من قد آتيته من
العلم ما لم أوتك
قال : فادللني عليه
(5/415)
حتى
أتعلم منه
قال : يدلك عليه بعض زادك "
فقال لفتاه يوشع لا أبرح حتى أبلغ محمع البحرين أو أمضي حقبا قال : فكان فيما
تزوداه حوت مملوح وكانا يصيبان منه عند العشاء والغداء فلما انتهيا إلى الصخرة على
ساحل البحر وضع فتاه المكتل على ساحل البحر فأصاب الحوت ندى الماء فتحرك في المكتل
فقلب المكتل وأسرب في البحر فلما جاوز أحضر الغداء فقال : آتنا غدائنا لقد لقينا
من سفرنا هذا نصبا فذكر الفتى قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما
أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا فذكر موسى ما كان عهد
إليه إنه يدلك عليه بعض زادك
قال ذلك ما كنا نبغي أي هذه حاجتنا فارتدا على آثارهما قصصا يقصان آثارهما حتى
انتهيا إلى الصخرة التي فعل فيها الحوت ما فعل فأبصر موسى أثر الحوت فأخذا أثر
الحوت يمشيان على الماء حتى انتهيا إلى جزيرة من جزائر العرب فوجد عبدا من عبادنا
آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما قال له موسى هل أتبعك على أن تعلمني
مما علمت رشدا فأقر له بالعلم قال إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط
به خبرا قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا قال فإن اتبعتني فلا
تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا يقول : حتى أكون أنا أحدث ذلك لك فانطلقا حتى
إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها إلى قوله : فانطلقا حتى إذا
لقيا غلاما على ساحل البحر في غلمان يلعبون فعهد إلى أجودهم وأصبحهم فقتله قال
أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي
صبرا
قال ابن عباس : فقال رسول الله صلىالله عليه وسلم : " فاستحى نبي الله موسى
عند ذلك فقال : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا
حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها إلى قوله : سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه
صبرا أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان من وراءهم
ملك يأخذ كل سفينة غصبا قال : وهي في قراءة أبي بن كعب " يأخذ كل سفينة صالحة
غصبا " فأردت أن أعيبها حتى لا يأخذها الملك فإذا جاوزوا الملك رقعوها
فانتفعوا بها وبقيت لهم وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين إلى قوله : ذلك تأويل ما لم
تسطع عليه صبرا قال : فجاء طائر هذه الحمرة فبلغ فجعل بغمس منقاره في
(5/416)
البحر
فقال له : يا موسى ما يوق هذا الطائر ؟ قال : لا أدري
قال : هذا يقول : ما علمكما الذي تعلمان في علم الله إلا كما أنقص بمنقاري من جميع
ما في هذا البحر "
وأخرج الروياني وابن عساكر من وجه آخر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : بينما
موسى عليه السلام يذكر بني إسرائيل إذ حدث نفسه أنه ليس أحد من الناس أعلم منه
فأوحى الله إليه : " أني قد علمت ما حدثت به نفسك فإن من عبادي رجلا أعلم منك
يكون على ساحل البحر فأته فتعلم منه واعلم أن الآية الدالة لك على مكانه زادك الذي
تزود به فأينما فقدته فهناك مكانه "
ثم خرج موسى وفتاه قد حملا حوتا مالحا في مكتل وخرجا يمشيان لا يجدان لغوبا ولا
عنتا حتى انتهيا إلى العين التي كان يشرب منها الخضر فمضى موسى وجلس فتاه فشرب
منها فوثب الحوت من المكتل حتى وقع في الطين ثم جرى حتى وقع في البحر
فذلك قوله تعالى : فاتخذ سبيله في البحر سربا فانطلق حتى لحق موسى فلما لحقه أدركه
العياء فجلس وقال لفتاه آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا قال : ففقد الحوت
فقال : إني نسيت الحوت الآية
يعني فتى موسى اتخذ سبيله في البحر عجبا قال ذلك ما كنا نبغي إلى قصصا فانتهيا إلى
الصخرة فأطاف بها موسى فلم ير شيئا ثم صعد فإذا على ظهرها رجل متلفف بكسائه نائم
فسلم عليه موسى فرفع رأسه فقال : أنى السلام بهذا المكان
! ؟ من أنت ؟ قال : موسى بني إسرائيل
قال : فما كان لك في قومك شغل عني ؟ قال : أني أمرت بك
فقال الخضر : إنك لن تستطيع معي صبرا قال ستجدني إن شاء الله صبرا الآية
قال فإن اتبعتني فلا تسأني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا فخرجا يمشيان حتى انتهيا
إلى ساحل البحر فإذا قوم قد ركبوا في سفينة يريدون أن يقطعوا البحر ركبوا معهم
فلما كانوا في ناحية البحر أخذ الخضر حديدة كانت معه فخرق بها السفينة قال أخرقتها
لتغرق أهلها الآية
قال ألم أقل الآية
قال لا تؤاخذني الآية
فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية فوجدا صبيانا يلعبون يريدون القرية فأخذ الخضر
غلاما منهم وهو أحسنهم وألطفهم فقتله قال له موسى : أقتلت نفسا زكية الآية
قال ألم أقل لك الآية
قال إن سألتك الآية
فانطلقا حتى انتهيا إلى قرية لئام
(5/417)
وبهما
جهد فاستطعموهم فلم يطعموهم فرأى الجدار مائلا فمسحه الخضر بيده فاستوى فقال : لو
شئت لاتخذت عليه أجرا قال له موسى : قد ترى جهدنا وحاجتنا لو سألتهم عليه أجرا
أعطوك فنتعشى به قال هذا فراق بيني وبينك
قال : فأخذ موسى بثوبه فقال : أنشدك الصحبة إلا أخبرتني عن تأويل ما رأيت ؟ قال :
أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر الآية
خرقتها لأعيبها فلم تؤخذ فأصلحها أهلها فامتنعوا بها وأما الغلام فإن الله جعله
كافرا وكان أبواه مؤمنين فلو عاش لأرهقهما طغيانا وكفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما
خيرا منه زكاة وأقرب رحما وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة الآية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس قال : لما ظهر موسى وقومه
على مصر أنزل قومه بمصر فلما استقرت بهم الدار أنزل الله وذكرهم بأيام الله
إبراهيم آية 5 فخطب قومه فذكر ما آتاهم الله من الخير والنعيم وذكرهم إذ نجاهم
الله من آل فرعون وذكرهم هلاك عدوهم وما استخلفهم الله في الأرض وقال كلم الله
موسى نبيكم تكليما واصطفاني لنفسه وأنزل علي محبة منه وآتاكم من كل شيء سألتموه
فنبيكم أفضل أهل الأرض وأنتم تقرون اليوم
فلم يترك نعمة أنعمها الله عليهم إلا عرفهم إياها فقال له رجل من بني إسرائيل :
فهل على الأرض أعلم منك يا نبي الله ؟ قال : لا
فبعث الله جبريل إلى موسى فقال : إن الله يقول : " وما يدريك أين أضع علمي ؟
بلى على ساحل البحر رجل أعلم "
قال ابن عباس : هو الخضر
فسأل موسى ربه أن يريه إياه فأوحى الله إليه : أن ائت البحر فإنك تجد على ساحل
البحر حوتا ميتا فخذه فادفعه إلى فتاك ثم الزم شط البحر فإذا نسيت الحوت وذهب منك
فثم تجد العبد الصالح الذي تطلب
فلما طال صعود موسى ونصب فيه سأل فتاه عن الحوت : قال أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة
فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره لك
قال الفتى
لقد رأيت الحوت حين اتخذ سبيله في البحر سربا فأعجب ذلك فرجع حتى أتى الصخرة فوجد
الحوت فجعل الحوت يضرب في البحر ويتبعه موسى يقدم
(5/418)
عصاه
يفرج بها عنه الماء ويتبع الحوت وجعل الحوت لا يمس شيئا من البحر إلا يبس حتى يكون
صخرة فجعل نبي الله يعجب من ذلك حتى انتهى الحوت إلى جزيرة من جزائر البحر فلقي
الخضر بها فسلم عليه فقال الخضر : وعليك السلام
وأنى يكون هذا السلام بهذا الأرض
! ؟ ومن أنت ؟ قال : أنا موسى
فقال له الخضر : أصاحب بني إسرائيل ؟ فرحب به وقال : ما جاء بك ؟ قال : جئتك على
أن تعلمني مما علمت رشدا قال إنك لن تستطيع معي صبرا يقول : لا تطيق ذلك
قال موسى : ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرأ فانطلق به وقال له : لا
تسألني عن شيء أصنعه حتى أبين لك شأنه
فذلك قوله : حتى أحدث لك منه ذكرا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والخطيب وابن عساكر من طريق هرون بن
عنترة عن أبيه عن ابن عباس قال : سأل موسى ربه فقال : " رب أي عبادك أحب إليك
؟ قال : الذي يذكرني ولا ينساني
قال : فأي عبادك أقضى ؟ قال : الذي يقضي بالحق ولا يتبع الهوى
قال : فأي عبادك أعلم ؟ قال : الذي يبتغي علم الناس إلى علمه عسى أن يصيب كلمة
تهديه إلى هدى أو ترده عن ردى
قال : وقد كان حدث موسى نفسه أنه ليس أحد أعلم منه
قال : رب فهل أحد أعلم مني ؟ قال : نعم
قال : فأين هو ؟ قيل له : عند الصخرة التي عندها العين "
فخرج موسى يطلبه حتى كان ما ذكر الله وانتهى موسى إليه عند الصخرة فسلم كل واحد
منهما على صاحبه فقال له موسى : إني أريد أن تصحبني
قال : إنك لن تطيق صحبتي
قال : بلى
قال : فإن صحبتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا فسار به في البحر حتى
انتهى إلى محمع البحرين وليس في البحر مكان أكثر ماء منه
قال : وبعث الله الخطاف فجعل يستقي منه بمنقاره فقال لموسى : كم ترى هذا الخطاف
رزأ بمنقاره من الماء ؟ قال : ما أقل ما رزأ
قال : فإن علمي وعلمك في علم الله كقدر ما استقى هذا الخطاف من هذا الماء
وذكر تمام الحديث في خرق السفينة وقتل الغلام وإصلاح الجدار فكان قول موسى في
الجدار لنفسه شيئا من الدنيا وكان قوله في السفينة وفي الغلام لله عز و جل
وأخرج الدارقطني في الأفراد وابن عساكر من طريق مقاتل بن سليمان عن
(5/419)
الضحاك
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الخضر ابن آدم لصلبه ونسئ له في أجله حتى يكذب
الدجال
وأخرج البخاري وأحمد والترمذي وابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه و سلم قال : " إنما سمي الخضر لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي
تهتز من خلفه خضراء "
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" إنما سمي الخضر خضرا لأنه صلى على فروة بيضاء فاهتزت خضراء "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن مجاهد قال : إنما
سمي الخضر لأنه إذا صلى اخضر ما حوله
وأخرج ابن عساكر عن ابن إسحق قال : حدثنا أصحابنا أن آدم عليه السلام لما حضره
الموت جمع بنيه فقال : يا بني إن الله سينزل على أهل الأرض عذابا فليكن جسدي معكم
في المغارة حتى إذا هبطتم فابعثوني وادفنوني بأرض الشام
فكان جسده معهم فلما بعث الله نوحا ضم ذلك الجسد وأرسل الله الطوفان على الأرض
فغرقت الأرض زمانا فجاء نوح حتى نزل بابل وأوصى بنيه الثلاثة - وهم سام وحام ويافث
- أن يذهبوا بجسده إلى الغار الذي أمرهم أن يدفنوه به
فقالوا : الأرض وحشية لا أنيس بها ولا نهتدي لطريق ولكن كف حتى يعظم الناس ويكثروا
فقال لهم نوح : إن آدم قد دعا الله أن يطيل عمر الذي يدفنه إلى يوم القيامة
فلم يزل جسد آدم حتى جاء الخضر عليه السلام هو الذي تولى دفنه فأنجز الله له ما
وعده فهو يحيا ما شاء الله أن يحيا
وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن المسيب : " أن الخضر عليه السلام أمه رومية وأبوه
فارسي "
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لما لقي
موسى الخضر جاء طير فألقى منقاره في الماء فقال الخضر لموسى : تدري ما يقول هذا
الطائر ؟ قال : وما يقول قال : يقول : ما علمك وعلم موسى في علم الله إلا كما أخذ
منقاري من الماء "
وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي والبزار وحسنه وابن المنذر وابن أبي حاتم
والطبراني وابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي الدرداء في قوله : وكان تحته
(5/420)
كنز
لهما قال : أحلت لهم الكنوز وحرمت عليهم الغنائم وأحلت لنا الغنائم وحرمت علينا
الكنوز
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبزار عن أبي ذر رفعه قال : إن الكنز الذي ذكره
الله في كتابه لوح من ذهب مضمن عجبت لمن أيقن بالقدر ثم نصب وعجبت لمن ذكر النار
ثم ضحك وعجبت لمن ذكر الموت ثم غفل
لا إله إلا الله
محمد رسول الله
وأخرج الشيرازي في الألقاب عن عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس قال : كان اللوح الذي
ذكر الله تعالى في كتابه وكان تحته كنز لهما حجر منقورا فيه : بسم الله الرحمن
الرحيم عجبا لمن يعلم أن القدر حق كيف يحزن ؟ !
وعجبا لمن يعلم أن الموت حق كيف يفرح ؟ !
وعجبا لمن يرى الدنيا وغرورها وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها ؟ ! لا إله إلا الله
محمد رسول الله
وأخرج الخرائطي في قمع الحرص وابن عساكر من طريق أبي حازم عن ابن عباس في قوله
تعالى : وكان تحته كنز لهما قال : لوح من ذهب مكتوب فيه : بسم الله الرحمن الرحيم
عجبا لمن يعرف الموت كيف يفرح
! ؟ وعجبا لمن يعرف النار كيف يضحك
! ؟ وعجبا لمن يعرف الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها
؟ ! وعجبا لمن أيقن بالقضاء والقدر كيف ينصب في طلب الرزق
! ؟ وعجبا لمن يؤمن بالحساب كيف يعمل الخطايا
! ؟ لا إله إلا الله محمد رسول الله
وأخرج ابن مردويه عن علي عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله : وكان تحته كنز
لهما قال : " لوح من ذهب مكتوب فيه : شهدت أن لا إله إلا الله شهدت أن محمدا
رسول الله عجبت لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن
! ؟ عجبت لمن يؤمن بالموت كيف يفرح
! ؟ عجبت لمن تفكر في تقلب الليل والنهار ويأمن فجأتهما حالا فحالا "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس وكان تحته كنز لهما قال :
ما كان ذهبا ولا فضة كان صحفا عليها
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب في قول الله عز و جل : وكان تحته
كنز لهما قال : كان لوح من ذهب مكتوب فيه : لا إله الله إلا الله محمد رسول الله
عجبا لمن يذكر الموت حق كيف يفرح
! وعجبا لمن يذكر أن
(5/421)
النار
حق كيف يضحك
! وعجبا لمن يذكر أن القدر حق كيف يحزن
! وعجبا لمن يرى الدنيا وتصرفها بأهلها حالا بعد حال كيف يطمئن إليها
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : وكان أبوهما صالحا قال : كان يؤدي
الأمانات والودائع إلى أهلها
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور وأحمد في الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم
والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : وكان أبوهما صالحا قال : حفظ الصلاح لأبيهما
وما ذكر عنهما صلاحا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إن الله يصلح بصلاح الرجل ولده وولد ولده
ويحفظه في ذريته والدويرات حوله فما يزالون في ستر من الله وعافية
وأخرج ابن مردويه عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله يصلح
بصلاح الرجل الصالح ولده وولد ولده وأهل دويرات حوله فما يزالون في حفظ الله ما
دام فيهم "
وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة عن محمد بن المنكدر موقوفا
وأخرج أحمد في الزهد عن كعب قال : إن الله يخلف العبد المؤمن في ولده ثمانين عاما
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس قال : بينما موسى يخاطب الخضر يقول
: ألست نبي بني إسرائيل ؟ فقد أوتيت من العلم ما تكتفي به وموسى يقول له : إني قد
أمرت باتباعك
والخضر يقول : إنك لن تستطيع معي صبرا فبينما هو يخاطبه إذ جاء عصفور فوقع على
شاطئ البحر
فنقر منه نقرة ثم طار فذهب فقال الخضر لموسى : يا موسى هل رأيت الطير أصاب من
البحر ؟ قال : نعم
قال : ما أصبت أنا وأنت من العلم في علم الله إلا بمنزلة ما أصاب هذا الطير من هذا
البحر
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : لا أبرح حتى أبلغ مجمع البحرين قال : حتى
أنتهي
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : مجمع البحرين قال
: بحر فارس والروم هما بحر المشرق والمغرب
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس مثله
(5/422)
وأخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي بن كعب في قوله : مجمع البحرين قال : أفريقية
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله : مجمع البحرين قال : طنجة
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : مجمع البحرين قال : الكر والرس حيث يصبان
في البحر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : أو أمضي حقبا قال : دهرا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : أو أمضي حقبا
قال : سبعين خريفا
وفي قوله : فلما بلغا مجمع بينهما قال : بين البحرين نسيا حوتهما قال : أضلاه في
البحر فاتخذ سبيله في البحر عجبا قال : موسى يعجب من أثر الحوت ودوراته التي غاب
فيها فارتدا على آثارهما قصصا قال : اتباع موسى وفتاه أثر الحوت حيث يشق البحر
راجعين
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : نسيا
حوتهما قال : كان مملوحا مشقوق البطن
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله : فاتخذ سبيله في البحر سربا قال : أثره
يابس في البحر كأنه حجر
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي بن كعب قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " ما أنجاب ماء منذ كان الناس غير بيت ماء الحوت دخل منه صار منجابا
كالكرة حتى رجع إليه موسى فرأى أمساكه قال : ذلك ما كنا نبغي فارتدا على آثارهما
قصصا أي يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى مدخل البحر
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فاتخذ سبيله في البحر سربا قال : جاء
فرأى جناحيه في الطين حين وقع في الماء
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : فاتخذ سبيله في البحر سربا قال : دخل
الحوت في البطحاء بعد موته حين أحياه الله ثم اتخذ فيها سربا حتى وصل إلى البحر
والسرب طريق حتى وصل إلى الماء وهي بطحاء يابسة في البر بعدما أكل منه دهرا طويلا
وهو زاده ثم أحياه الله
(5/423)
وأخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أن موسى عليه السلام شق الحوت وملحه وتغدى
منه وتعشى فلما كان من الغد قال لفتاه آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال في قراءة أبي " وما أنسانيه إلا الشيطان أن
أذكر له "
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : أتى الحوت على عين في البحر يقال لها عين
الحياة فلما أصاب تلك العين رد الله إليه روحه
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فارتدا على آثارهما قصصا قال : عودهما على
بدئهما
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فوجدا عبدا من عبادنا قال : لقيا رجلا
عالما يقال له خضر
وأخرج ابن عساكر عن أبي بن كعب : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" شممت ليلة أسري بي رائحة طيبة فقلت : يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة ؟ قال
: ريح قبر الماشطة وابنيها وزوجها وكان بدء ذلك أن الخضر كان من أشراف بني إسرائيل
وكان ممره براهب في صومعته فيطلع عليه الراهب فيعلمه الإسلام وأخذ عليه أن لا
يعلمه أحدا
ثم إن أباه زوجه امرأة فعلمها الإسلام وأخذ عليها أن لا تعلمه أحدا وكان لا يقرب
النساء ثم زوجه أخرى فعلمها الإسلام وأخذ عليها أن لا تعلمه أحدا ثم طلقها فأفشت
عليه إحداهما وكتمت الأخرى فخرج هاربا حتى أتى جزيرة في البحر فرآه رجلان فأفشى
عليه أحدهما وكتم الآخر
فقيل له : ومن رآه معك ؟ قال : فلان
وكان في دينهم أن من كذب قتل فسئل فكتم فقتل الذي أفشى عليه ثم تزوج الكاتم عليه
المرأة الماشطة فبينما هي تمشط ابنة فرعون إذ سقط المشط من يدها فقالت : تعس فرعون
فأخبرت الجارية أباها فأرسل إلى المرأة وابنيها وزوجها فأرادهم أن يرجعوا عن دينهم
فأبوا فقال : إني قاتلكم
قال : أحببنا منك إن أنت قتلتنا أن تجعلنا في قبر واحد
فقتلهم وجعلهم في قبر واحد
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما شممت رائحة أطيب منها وقد دخلت الجنة
"
(5/424)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : إنما سمي الخضر لأنه كان إذا جلس في مكان اخضر ما
حوله وكانت ثيابه خضرا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : آتيناه رحمة من عندنا قال : أعطيناه
الهدى والنبوة
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : إنما سمي الخضر لأنه إذا قام في مكان نبت العشب
تحت رجليه حتى يغطي قدميه
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : ركبا السفينة قال : إنما كانت معبرا في ماء
الكر فرسخ في فرسخ
وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ "
ليغرق أهلها " بالياء
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : لقد جئت شيئا إمرأ يقول :
منكرا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : شيئا إمرا يقول : منكرا
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : شيئا
إمرا قال : عجبا
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر في قوله : شيئا إمرا قال : عظيما
وأخرج ابن جرير عن أبي بن كعب في قوله : لا تؤاخذني بما نسيت قال : لم ينس ولكنها
من معاريض الكلام
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية ومن طريق حماد بن يزيد عن شعيب بن
الحجاب قالا : كان الخضر عبدا لا تراه الأعين إلا من أراد الله أن يريه إياه فلم
يريه من القوم إلا موسى ولو رآه القوم لحالوا بينه وبين خرق السفينة وبين قتل
الغلام
قال حماد : وكانوا يرون أن موت الفجأة من ذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن عبد العزيز في قوله : لقيا غلاما قال : كان غلاما
ابن عشرين سنة
وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب قال : لما قتل الخضر الغلام ذعر موسى ذعرة منكرة
(5/425)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس في قوله : نفسا زكية قال : تائبة
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان يقرأ قتلت نفسا زكية
قال سعيد : زكية مسلمة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : نفسا
زكية قال : لم تبلغ الخطايا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية أنه كان يقرأ زكية يقول : تائبة
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الحسن في قوله : نفسا زكية قال : تائبة
يعني صبيا لم يبلغ
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : لقد جئت
شيئا نكرا قال : النكر أنكر من العجب
وأخرج أحمد عن عطاء قال : كتب نجدة الحروري إلى ابن عباس يسأله عن قتل الصبيان
فكتب إليه : إن كنت الخضر تعرف الكافر من المؤمن فاقتلهم
وأخرج ابن أبي شيبة عن يزيد بن جرير قال : كتب نجدة إلى ابن عباس يسأله عن قتل
الولدان ويقول في كتابه : إن العالم صاحب موسى قد قتل الوليد
قال يزيد : أنا كتبت كتاب ابن عباس بيدي إلى نجدة أنك كتبت تسأل عن قتل الولدان
وتقول في كتابك أن العالم صاحب موسى قد قتل الوليد ولو كنت تعلم من الولدان ما علم
ذلك العالم من ذلك الوليد قتلته ولكنك لا تعلم
قد نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قتلهم فاعتزلهم
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن ابن أبي مليكة قال : سئل ابن عباس عن الولدان في
الجنة قال : حسبك ما اختصم فيه موسى والخضر
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وابن مردويه عن
أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " الغلام الذي قتله الخضر طبع
يوم طبع كافرا ولو أدرك لأرهق أبويه طغيانا وكفرا "
وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا "
وأخرج أبو داود عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
الغلام الذي قتله الخضر طبع كافرا ولو عاش لأرهق أبويه طغيانا وكفرا "
(5/426)
وأخرج
ابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ إن
سألتك عن شيء بعدها مهموزتين
وأخرج أبو داود والترمذي وعبد الله بن أحمد والبزار وابن جرير وابن المنذر
والطبراني وابن مردويه عن أبي أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ من لدني عذرا
مثقلة
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن السدي في قوله : أتيا أهل قرية قال : كانت
القرية تسمى باجروان كان أهلها لئاما
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين قال : أتيا الإبلة وهي أبعد أرض الله من
السماء
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق قتادة عن ابن عباس في قوله : أتيا أهل قرية : قال : هي
أبرة
قال : وحدثني رجل أنها أنطاكية
وأخرج ابن أبي حاتم عن أيوب بن موسى قال : بلغني أن المسألة للمحتاج حسنة ألا تسمع
أن موسى وصاحبه استطعما أهلها ؟ وأخرج النسائي وابن مردويه عن أبي عن النبي صلى
الله عليه و سلم قرأ فأبوا أن يضيفوهما مشددة
وأخرج الديلمي عن أبي بن كعب رفعه في قوله : فأبوا أن يضيفوهما قال : كانوا أهل
قرية لئاما
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : يريد أن ينقض قال : يسقط
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن أبي بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه و سلم :
أنه قرأ فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فهدمه ثم قعد يبنيه
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : فأقامه قال :
رفع الجدار بيده فاستقام
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هرون قال : في حروف عبد الله " لو شئت لتخذت
عليه أجرا "
وأخرج البغوي في معجمه وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي أن النبي صلى
الله عليه و سلم قرأ " لو شئت لتخذت عليه أجرا " مخففة
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق محمد بن كعب القرظي قال : قال عمر بن
(5/427)
الخطاب
ورسول الله يحدثهم بهذا الحديث حتى فرغ من القصة : " يرحم الله موسى وددنا
أنه لو صبر حتى يقص علينا من حديثهما "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم وصححه وابن مردويه أن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " رحمة الله علينا وعلى موسى - فبدأ بنفسه -
لو كان صبر لقص علينا من خبره ولكن قال : إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : فأردت أن أعيبها
قال : أخرقها
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن
عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ : " وكان أمامهم ملك يأخذ كل
سفينة صالحة غصبا "
وأخرج ابن الأنباري عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه قرأ " يأخذ كل سفينة
صالحة غصبا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كانت تقرأ في الحرف الأول " كل سفينة
صالحة غصبا " قال : وكان لا يأخذ إلا خيار السفن
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن أبي الزاهرية قال : كتب عثمان " وكان وراءهم
ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال : كان اسم الغلام الذي قتله الخضر جيسور
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري عن ابن
عباس أنه كان يقرأ " وأما الغلام فكان كافرا وكان أبواه مؤمنين "
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة قال : في حرف أبي " وأما الغلام فكان
كافرا وكان أبواه مؤمنين "
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : فخشينا قال : فأشفقنا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : هي في مصحف عبد الله " فخاف ربك
أن يرهقهما طغيانا وكفرا "
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : فخشينا أن يرهقهما
طغيانا وكفرا قال : خشينا أن يحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه
(5/428)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مطر في الآية قال : لو بقي كان فيه بوارهما واستئصالهما
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن قتادة قال : قال مطرف بن الشخير : إنا
لنعلم أنهما قد فرحا به يوم ولد وحزنا عليه يوم قتل ولو عاش لكان فيه هلاكهما
فرضي رجل بما قسم الله له فإن قضاء الله للمؤمن خير من قضائه لنفسه وقضاء الله لك
فيما تكره خير من قضائه لك فيما تحب
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن ابن جريج في قوله : خيرا منه زكاة قال : إسلاما
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطية في قوله : خيرا منه زكاة
قال : دينا وأقرب رحما قال : مودة
فأبدلا جارية ولدت نبيا
وأخرج ابن المنذر من طريق بسطام بن جميل عن عمر بن يوسف في الآية قال : أبدلهما
جارية مكان الغلام ولدت نبيين
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وكان تحته كنز
لهما قال : كان الكنز لمن قبلنا وحرم علينا وحرمت الغنيمة على ما كان قبلنا وأحلت
لنا فلا تعجبن للرجل يقول : ما شأن الكنز أحل لمن قبلنا وحرم علينا ؟ فإن الله يحل
من أمره ما يشاء ويحرم ما يشاء وهي السنن والفرائض
تحل لأمة وتحرم على أخرى
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن أبي حاتم عن خيثمة قال : قال عيسى ابن
مريم عليه السلام : طوبى لذرية مؤمن ثم طوبى لهم كيف يحفظون من بعده
وتلا خيثمة وكان أبوهما صالحا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن وهب قال : إن الله يصلح بالعبد الصالح القبيل من
الناس
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق شيبة عن سليمان بن سليم بن سلمة قال : مكتوب في
التوراة " إن الله ليحفظ القرن إلى القرن إلى سبعة قرون وإن الله يهلك القرن
إلى القرن إلى سبعة قرون "
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب قال : إن الرب تبارك وتعالى قال في بعض ما
(5/429)
يقول
لنبي إسرائيل : " إني إذا أطعت رضيت وإذا رضيت باركت وليس لبركتي ناهية وإذا
عصيت غضبت ولعنت ولعنتي تبلغ السابع من الولد "
وأخرج أحمد عن وهب قال : يقول الله : " اتقوا غضبي فإن غضبي يدرك إلى ثلاثة
آباء وأحبوا رضاي فإن رضاي يدرك في الأمة "
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وما فعلته عن أمري قال : كان عبدا مأمورا
مضى لأمر الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال : قال موسى لفتاه يوشع بن نون لا أبرح
حتى أبلغ مجمع البحرين فاصطادا حوتا فاتخذاه زادا وسارا حتى انتهيا إلى الصخرة
التي أرادها فهاجت ريح فاشتبه عليه المكان ونسيا عليه الحوت ثم ذهبا فسارا حتى
اشتهيا الطعام فقال لفتاه : آتنا غدائنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا يعني جهدا في
السير
فقال الفتى لموسى : أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا
الشيطان أن أذكره
قال : فسمعنا عن ابن عباس أنه حدث عن رجال من علماء أهل الكتاب أن موسى دعا ربه
على أثره ومعه ماء عذب في سقاء فصب من ذلك الماء في البحر وانصب على أثره فصار
حجرا أبيض أجوف فأخذ فيه حتى انتهى إلى الصخرة التي أراد فصعدها وهو متشوف : هل
يرى ذلك الرجل ؟ حتى كاد يسيء الظن ثم رآه فقال : السلام عليك يا خضر
قال : عليك السلام يا موسى
قال : من حدثك أني أنا موسى
! ؟ قال : حدثني الذي حدثك أني أنا الخضر
قال : إني أريد أن أصحبك على أن تعلمني مما علمت رشدا وأنه تقدم إليه فنصحه فقال :
إنك لن تستطيع معي صبرا وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا وذلك بأن أحدهم لو رأى
شيئا لم يكن رآه قط ولم يكن شهده ما كان يصبر حتى يسأل ما هذا فلما أبى عليه موسى
إلا أن يصحبه قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا إن عجلت علي
في ثلاث فذلك حين أفارقك
فهم قيام ينظرون إذ مرت سفينة ذاهبة إلى أبلة فناداهم خضر : يا أصحاب السفينة هلم
إلينا فاحملونا في سفينتكم وإن أصحاب السفينة قالوا لصاحبهم : إنا نرى رجالا في
مكان مخوف إنما يكون هؤلاء لصوصا فلا تحملهم
فقال صاحب السفينة : إني أرى رجالا على وجوههم النور لأحملنهم
فقال الخضر : بكم
(5/430)
حملت
هؤلاء ؟ كل رجل حملت في سفينتك فلك لكل رجل منا الضعف
فحملهم فساروا حتى إذا شارفوا على الأرض - وقد أمر صاحب القرية : إن أبصرتم كل
سفينة صالحة ليس فيها عيب فائتوني بها - وإن الخضر أمر أن يجعل فيها عيبا لكي لا
يسخروها فخرقها فنبع فيها الماء وإن موسى امتلأ غضبا قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد
جئت شيئا إمرا وإن موسى عليه السلام شد عليه ثيابه وأراد أن يقذف الخضر في البحر
فقال : أردت هلاكهم فتعلم أنك أول هالك : فجعل موسى كلما ازداد غضبا استقر البحر
وكلما سكن كان البحر كالدهر وإن يوشع بن نون قال لموسى عليه السلام : ألا تذكر
العهد والميثاق الذي جعلت على نفسك ؟ وإن الخضر أقبل عليه قال ألم أقل إنك لن
تستطيع معي صبرا وإن موسى أدركه عند ذلك الحلم فقال : لا تؤاخذني بما نسيت ولا
ترهقني من أمري عسرا فلما انتهوا إلى القرية قال خضر : ما خلصوا إليكم حتى خشوا
الغرق وإن الخضر أقبل على صاحب السفينة فقال : إنما أردت الذي هو خير لك فحمدوا
رأيه في آخر الحديث وأصلحها الله كما كانت
ثم إنهم خرجوا حتى انتهوا إلى غلام شاب عهد إلى الخضر أن أقتله فقتله قال أقتلت
نفسا زكية بغير نفس إلى قوله : قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا وإن خضرا أقبل عليه
فقال : قد وفيت لك بما جعلت على نفسي هذا فراق بيني وبينك وأما الغلام فكان أبواه
مؤمنين فكان لا يغضب أحدا إلا دعا عليه وعلى أبويه فطهر الله أبويه أن يدعو عليهما
أحد وأيد لهما مكان الغلام آخر خيرا منه وأبر بوالديه وأقرب رحما
وأما الجدار فكان لغلاميين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما فسمعنا أن ذلك
الكنز كان علما فورثا ذلك العلم
وأخرج ابن جرير من طريق الحسن بن عمارة عن أبيه قال : قيل لابن عباس : لم نسمع -
يعني موسى - يذكر من حديث فتاه وقد كان معه
فقال ابن عباس : فيما يذكر من حديث الفتى قال : شرب الفتى من الماء فخلد فأخذه العالم
فطابق به سفينة ثم أرسله في البحر فإنها لتموج به إلى يوم القيامة
وذلك أنه لم يكن له أن يشرب منه
قال ابن كثير الحسن متروك وأبوه غير معروف
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر عن يوسف بن أسباط قال : بلغني أن الخضر
(5/431)
قال
لموسى لما أراد أن يفارقه : يا موسى تعلم العلم لتعمل به ولا تعلمه لتحدث به
وبلغني أن موسى قال للخضر : ادع لي
فقال الخضر : يسر الله عليك طاعته
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب قال : قال الخضر لموسى حين لقيه : يا موسى انزع عن
اللجاجة ولا تمش في غير حاجة ولا تضحك من غير عجب والزم بيتك وابك على خطيئتك
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر عن أبي عبد الله - أظنه
الملطي - قال : أراد موسى أن يفارق الخضر فقال له موسى : أوصني
قال : كن نفاعا ولا تكن ضرارا كن بشاشا ولا تكن غضبانا ارجع عن اللجاجة ولا تمش في
غير حاجة ولا تعير امرأ بخطيئته وابك على خطيئتك يا ابن عمران
وأخرج ابن عساكر عن وهب أن الخضر قال لموسى : يا موسى إن الناس يعذبون في الدنيا
على قدر همومهم بها
وأخرج العقيلي عن كعب قال : الخضر على منبر بين البحر الأعلى والبحر الأسفل وقد
أمرت دواب البحر أن تسمع له وتطيع وتعرض عليه الأرواح غدوة وعشية
وأخرج ابن شاهين عن خصيف قال : أربعة من الأنبياء أحياء : اثنان في السماء عيسى
وإدريس
وإثنان في الأرض الخضر وإلياس
فأما الخضر فإنه في البحر
وأما صاحبه فإنه في البر
وأخرج الخطيب وابن عساكر عن علي بن أبي طالب قال : بينا أنا أطوف إذا أنا برجل
متعلق بأستار الكعبة وهو يقول : يا من لا يشغله سمع عن سمع ويا من لا تغلطه
المسائل ويا من لا يتبرم بإلحاح الملحين أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك قلت : يا عبد
الله أعد الكلام
قال : وسمعته ؟ قلت : نعم
قال : والذي نفس الخضر بيده : - وكان هو الخضر - لا يقولهن عبد دبر الصلاة
المكتوبة إلا غفرت ذنوبه وإن كانت مثل رمل عالج وعدد المطر وورق الشجر
وأخرج أبو الشيخ في العظمة وأبو نعيم في الحلية عن كعب الأحبار قال : إن الخضر بن
عاميل ركب في نفر من أصحابه حتى بلغ الهند - وهو بحر الصين
(5/432)
فقال
لأصحابه : يا أصحابي أدلوني
فدلوه في البحر أياما وليالي ثم صعد فقالوا له : يا خضر ما رأيت ؟ فلقد أكرمك الله
وحفظ لك نفسك في لجة هذا البحر
فقال : استقبلني ملك من الملائكة فقال لي : أيها الآدمي الخطاء إلى أين ؟ ومن أين
؟ فقلت : إني أردت أن أنظر عمق هذا البحر
فقال لي : كيف وقد أهوى رجل من زمان داود عليه السلام لم يبلغ ثلث قعره حتى الساعة
وذلك منذ ثلثمائة سنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن بقية قال : حدثني أبو سعيد قال : سمعت أن آخر كلمة أوصى بها
الخضر موسى حين فارقه : إياك أن تعير مسيئا بإساءته فتبتلى
أخرج الطبراني وابن عساكر عن أبي أسامة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
لأصحابه : " ألا أحدثكم عن الخضر ؟ قالوا : بلى يا رسول الله
قال : بينما هو ذات يوم يمشي في سوق بني إسرائيل أبصره رجل مكاتب فقال : تصدق علي
بارك الله فيك
فقال الخضر : آمنت بالله ما شاء الله من أمر يكون ما عندي شيء أعطيكه
فقال المسكين : أسألك بوجه الله لما تصدقت علي فإني نظرت السماحة في وجهك ووجدت
البركة عندك
فقال الخضر : آمنت بالله ما عندي شيء أعطيكه إلا أن تأخذني فتبيعني
فقال المسكين : وهل يستقيم هذا ؟ ! قال : نعم
الحق أقول لقد سألتني بأمر عظيم : أما أني لا أخيبك بوجه ربي تعالى
فقدمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم فمكث عند المشتري زمانا لا يستعمله في شيء
فقال له : إنك إنما ابتعتني التماس خير عندي فأوصني أعمل بعمل
قال : أكره أن أشق عليك إنك شيخ كبير ضعيف
قال : ليس يشق علي قال : فقم فانقل هذه الحجارة
وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم فخرج الرجل لبعض حاجته ثم انصرف وقد نقل
الحجارة في ساعة فقال : أحسنت وأجملت وأطقت ما لم أرك تطيقه ثم عرض للرجل سفرة
فقال : إني احتسبتك أمينا فاخلفني في أهلي خلافة حسنة
قال : فأوصني بعمل
قال : إني أكره أن أشق عليك
قال : ليس يشق علي قال : فاضرب من اللبن لنبني حتى أقدم عليك فمر الرجل لسفره فرجع
وقد شيد بناؤه فقال : أسألك بوجه الله ما سبيلك وما أمرك ؟ فقال : سألتني بوجه
الله ووجه الله أوقعني في العبودية أنا الخضر الذي سمعت به
سألني مسكين صدقة ولم يكن عندي شيء أعطيه فسألني بوجه الله فأمكنته من نفسي فباعني
فأخبرك
(5/433)
أنه
من سئل بوجه الله فرد سائله وهو يقدر وقف يوم القيامة جلدة ولا لحم له ولا عظم
ليتقصع
فقال الرجل : آمنت بالله !
شققت عليك يا نبي الله ولم أعلم
فقال : لا بأس أحسنت وأتقنت
فقال الرجل : بأبي أنت وأمي يا نبي الله احكم في أهلي ومالي بما أراك الله أو
أخيرك فأخلي سبيلك
فقال : أحب أن تخلي سبيلي أعبد ربي
فخلى سبيله فقال الخضر : الحمد لله الذي أوقعني في العبودية ثم نجاني منها "
وأخرج البيهقي في الشعب عن الحجاج بن فرافصة أن رجلين كانا يتبايعان عند عبد الله
بن عمر فكان أحدهما يكثر الحلف فبينما هو كذلك إذ مر عليهما رجل فقام عليهما فقال
للذي يكثر الحلف : مه يا عبد الله اتق الله ولا تكثر الحلف فإنه لا يزيد في رزقك
ولا ينقص من رزقك إن لم تحلف
قال : امض لما يعنيك
قال : ذا مما يعنيني - قالها ثلاث مرات ورد عليه قوله - فلما أراد أن ينصرف قال :
اعلم أن من آية الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك ولا يكن في
قولك فضل على فضلك
ثم انصرف فقال عبد الله بن عمر : الحقه فاستكتبه هذه الكلمات
فقال : يا عبد الله اكتبني هذه الكلمات يرحمك الله
فقال الرجل : ما يقدر الله من أمر يكن فأعادهن عليه حتى حفظهن ثم شهده حتى وضع
إحدى رجليه في المسجد فما أدري أرض لفظته أو سماء اقتلعته قال : كأنهم يرونه الخضر
أو إلياس عليه السلام
وأخرج الحارث بن أبي أسامة في مسنده بسند واه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إن الخضر في البحر وإليسع في البر يجتمعان كل ليلة عند الردم
الذي بناه ذو القرنين بين الناس وبين يأجوج ومأجوج ويحجان ويعتمران كل عام ويشربان
من زمزم شربة تكفيهما إلى قابل "
وأخرج ابن عساكر عن ابن أبي رواد قال : إلياس والخضر يصومان شهر رمضان في بيت
المقدس ويحجان في كل سنة ويشربان من زمزم شربة تكفيهما إلى مثلها من قابل
وأخرج العقيلي والدارقطني في الأفراد وابن عساكر عن ابن عباس عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : " يلتقي الخضر وإلياس كل عام في الموسم فيحلق كل واحد منهما
رأس صاحبه ويتفرقان عن هؤلاك ؟ ؟ الكلمات : بسم الله ما شاء الله لا يسوق الخير
إلا الله
(5/434)
ما
شاء الله لا يصرف السوء إلا الله ما شاء الله ما كان من نعمة فمن الله ما شاء الله
لا حول ولا قوة إلا بالله "
قال ابن عباس : من قالهن حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات أمنه الله من الغرق والحرق
والسرق ومن الشياطين والسلطان والحية والعقرب
الآية 83 أخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : قالت اليهود للنبي صلى الله عليه و سلم
: " يا محمد إنما تذكر إبراهيم وموسى وعيسى والنبيين أنك سمعت ذكرهم منا
فأخبرنا عن نبي لم يذكره الله في التوراة إلا في مكان واحد
قال : ومن هو ؟ قالوا : ذو القرنين
قال : ما بلغني عنه شيء
فخرجوا فرحين وقد غلبوا في أنفسهم فلم يبلغوا باب البيت حتى نزل جبريل بهؤلاء
الآيات ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر مولى غفرة قال : دخل بعض أهل الكتاب على رسول الله صلى
الله عليه و سلم فسألوه فقالوا : " يا أبا القاسم كيف تقول في رجل كان يسيح
في الأرض ؟ قال : لا علم لي به
فبينما هم على ذلك إذ سمعوا نقيضا فب السقف ووجد رسول الله صلى الله عليه و سلم
غمة الوحي ثم سري عنه فتلا ويسألونك عن ذي القرنين الآية
فلما ذكر السد قالوا : أتاك خبره يا أبا القاسم حسبك "
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي
هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما أدري أتبع كان لعينا
أم لا وما أدري أذو القرنين كان نبيا أم لا وما أدري الحدود كفارات لأهلها أم لا
"
وأخرج ابن مردويه عن سالم بن أبي الجعد قال : سئل علي عن ذي القرنين : أنبي هو ؟
فقال : سمعت نبيكم صلى الله عليه و سلم يقول : " هو عبد ناصح الله فنصحه
"
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في
المصاحف وابن مردويه من طريق أبي الطفيل أن ابن الكواء سأل علي بن أبي طالب عن ذي
القرنين : أنبيا كان أم ملكا ؟ قال : لم يكن نبيا ولا ملكا ولكن
(5/435)
كان
عبدا صالحا أحب الله فأحبه ونصح لله فنصحه
بعثه الله إلى قومه فضربوه على قرنه فمات ثم أحياه الله لجهادهم
ثم بعثه إلى قومه فضربوه على قرنه الآخر فمات فأحياه الله لجهادهم
فلذلك سمي ذا القرنين وإن فيكم مثله
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : ذو القرنين نبي
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأحوص بن حكيم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه و سلم : سئل
عن ذي القرنين فقال : " هو ملك مسح الأرض بالإحسان "
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة
عن خالد بن معدان الكلاعي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن ذي القرنين
فقال : " ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب "
وأخرج ابن عبد الحكم وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في كتاب الأضداد
وأبو الشيخ عن عمر أنه سمع رجلا ينادي بمنى : يا ذا القرنين فقال له عمر رضي الله
عنه : ها أنتم قد سميتم بأسماء الأنبياء فما بالكم وأسماء الملائكة ؟ وأخرج ابن
أبي حاتم عن جبير بن نفير أن ذا القرنين ملك من الملائكة أهبطه الله إلى الأرض
وآتاه من كل شيء سببا
وأخرج الشيرازي في الألقاب عن جبير بن نفير أن أحبارا من اليهود قالوا للنبي صلى
الله عليه و سلم : " حدثنا عن ذي القرنين إن كنت نبيا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هو ملك مسح الأرض بالأسباب "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : كان نذير واحد بلغ ما بين المشرق والمغرب ذو
القرنين بلغ السدين وكان نذيرا ولم أسمع بحق أنه كان نبيا
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي الورقاء قال : قلت لعلي بن أبي طالب : ذو
القرنين ما كان قرناه ؟ قال : لعلك تحسب أن قرنيه ذهب أو فضة كان نبيا فبعثه الله
إلى أناس فدعاهم إلى الله تعالى فقام رجل فضرب قرنه الأيسر فمات ثم بعثه الله
فأحياه ثم بعثه إلى ناس فقام رجل فضرب قرنه الأيمن فمات فسماه الله ذا القرنين
وأخرج أبو الشيخ عن إبراهيم بن علي بن عبد الله بن جعفر قال : إنما سمي ذو القرنين
ذا القرنين لشجتين شجهما على قرنيه في الله وكان أسود
وأخرج أبو الشيخ عن وهب بن منبه أن ذا القرنين أول من لبس العمامة
(5/436)
وذاك
أنه كان في رأسه قرنان كالظلفين متحركان فلبس العمامة من أجل ذلك وأنه دخل الحمام
ودخل كاتبه معه فوضع ذو القرنين العمامة فقال لكاتبه : هذا أمر لم يطلع عليه خلق
غيرك فإن سمعت به من أحد قتلتك
فخرج الكاتب من الحمام فأخذه كهيئة الموت فأتى الصحراء فوضع فمه بالأرض ثم نادى :
ألا إن للملك قرنين
فأنبت الله من كلمته قصبتين فمر بهما راع فأعجب بهما فقطعهما واتخذهما مزمارا فكان
إذا زمر خرج من القصبتين : ألا إن للملك قرنين
فانتشر ذلك في المدينة فأرسل ذو القرنين إلى الكاتب فقال : لتصدقني أو لأقتلنك
فقص عليه الكاتب القصة فقال ذو القرنين : هذا أمر أرد الله أن يبديه
فوضع العمامة عن رأسه
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والبيهقي في الدلائل عن
عقبة بن عامر الجهني قال : " كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه و سلم فخرجت
ذات يوم فإذا أنا برجال من أهل الكتاب بالباب معهم مصاحف فقالوا : من يستأذن لنا
على النبي صلى الله عليه و سلم ؟ فدخلت على النبي صلى الله عليه و سلم فأخبرته
فقال : ما لي ولهم سألوني عما لا أدري ؟ إنما أنا عبد لا أعلم إلا ما أعلمني ربي
عز و جل
ثم قال : ابغني وضوءا فأتيته بوضوء فتوضأ ثم صلى ركعتين ثم انصرف فقال - وأنا أرى
السرور والبشر في وجهه - أدخل القوم علي ومن كان من أصحابي فأدخله أيضا علي فأذنت
لهم فدخلوا فقال : إن شئتم أخبرتكم بما جئتم تسألوني عنه من قبل أن تكلموا وإن
شئتم فتكلموا قبل أن أقول
قالوا : بل فأخبرنا
قال : جئتم تسألوني عن ذي القرنين إن أول أمره أنه كان غلاما من الروم أعطي ملكا
فسار حتى أتى ساحل أرض مصر فابتنى مدينة يقال لها " اسكندرية " فلما فرغ
من شأنها بعث الله عز و جل إليه ملكا فعرج به فاستعلى بين السماء ثم قال له : انظر
ما تحتك
فقال : أرى مدينتي وأرى مدائن معها ثم عرج به فقال : انظر
فقال : قد اختلطت مع المدائن فلا أعرفها ثم زاد فقال انظر : قال : أرى مدينتي
وحدها ولا أرى غيرها
قال له الملك : إنها تلك الأرض كلها والذي ترى يحيط بها هو البحر وإنما أراد ربك
أن يريك الأرض وقد جعل لك سلطانا فيها فسر فيها فعلم الجاهل وثبت العالم فسار حتى
بلغ مغرب الشمس ثم سار حتى بلغ مطلع الشمس ثم أتى السدين وهما جبلان لينان يزلق
عنهما كل شيء فبنى السد ثم اجتاز يأجوج ومأجوج فوجد قوما وجوههم وجوه الكلاب يقاتلون
يأجوج
(5/437)
ومأجوج
ثم قطعهم فوجد أمة قصارا يقاتلون القوم الذين وجوههم وجوه الكلاب ووجد أمة من
الغرانيق يقاتلون القوم القصار ثم مضى فوجد أمة من الحيات تلتقم الحية منها الصخرة
العظيمة ثم مضى إلى البحر الدائر بالأرض فقالوا : نشهد أن أمره هكذا كما ذكرت وإنا
نجده هكذا في كتابنا "
وأخرج ابن عساكر عن سليمان بن الأشج صاحب كعب الأحبار أن ذا القرنين كان رجلا
طوافا صالحا فلما وقف على جبل آدم الذي هبط عليه ونظر إلى أثره هاله فقال له الخضر
: - وكان صاحب لوائه الأكبر - مالك أيها الملك ؟ قال : هذا أثر الآدميين
أرى موضع الكفين والقدمين وهذه القرحة وأرى هذه الأشجار حوله قائمة يابسة يسيل
منها ماء أحمر إن لها لشأنا
فقال له الخضر : - وكان قد أعطي العلم والفهم - أيها الملك ألا ترى الورقة المعلقة
من النخلة الكبيرة قال : بلى
قال : فهي تخبرك بشأن هذا الموضع
- وكان الخضر يقرأ كل كتاب - فقال : أيها الملك أرى كتابا فيه : بسم الله الرحمن
الرحيم هذا كتاب من آدم أبي البشر أوصيكم ذريتي وبناتي أن تحذروا عدوي وعدوكم
إبليس الذي كان يلين كلامه وفجور أمنيته أنزلني من الفردوس إلى تربة الدنيا وألقيت
على موضعي هذا لا يلتفت إلي مائتي سنة بخطيئة واحدة حتى درست في الأرض وهذا أثري
وهذه الأشجار من دموع عيني فعلي في هذه التربة أنزلت التوبة فتوبوا من قبل أن
تندموا وباردوا من قبل أن يبادر بكم وقدموا من قبل أن يقدم بكم
فنزل ذو القرنين فمسح موضع جلوس آدم فإذا هو ثمانون ومائة ميل ثم أحصى الأشجار
فإذا هي تسعمائة شجرة كلها من دموع آدم نبتت فلما قتل قابيل هابيل تحولت يابسة وهي
تبكي دما أحمر فقال ذو القرنين للخضر : ارجع بنا فلا طلبت الدنيا بعدها
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن السدي قال : كان أنف الإسكندر ثلاثة أذرع
وأخرج ابن عبد الحكم عن الحسن قال : كان أنف الإسكندر ثلاثة أذرع
وأخرج ابن عبد الحكم وابن أبي حاتم والشيرازي في الألقاب عن عبيد بن يعلى قال :
إنما سمي ذا القرنين لأنه كان له قرنان صغيران تواريهما العمامة
وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن
(5/438)
وهب
بن منبه أنه سئل عن ذي القرنين فقال : لم يوح إليه وكان ملكا
قيل : فلم سمي ذا القرنين ؟ فقال : اختلف فيه أهل الكتاب فقال بعضهم : ملك الروم
وفارس وقال بعضهم : إنه كان في رأسه شبه القرنين
وأخرج ابن أبي حاتم عن بكر بن مضر أن هشام بن عبد الملك سأله عن ذي القرنين : أكان
نبيا ؟ فقال : لا ولكنه إنما أعطي ما أعطي بأربع خصال كان فيه : كان إذا قدر عفا
وإذا وعد وفى وإذا حدث صدق ولا يجمع اليوم لغد
وأخرج ابن عبد الحكم عن يونس بن عبيد قال : إنما سمي ذا القرنين لأنه كان له
غديرتان من رأسه من شعر يطأ فيهما
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي العالية قال : إنما سمي ذا القرنين لأنه قرن
ما بين مطلع الشمس ومغربها
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن ابن شهاب قال : إنما سمي ذا القرنين لأنه بلغ
قرن الشمس من مغربها وقرن الشمس من مطلعها
وأخرج عن قتادة قال : الإسكندر هو ذو القرنين
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق ابن إسحق عمن يسوق أحاديث
الأعاجم من أهل الكتاب ممن قد أسلم فيما توارثوا من علمه أن ذا القرنين كان رجلا
صالحا من أهل مصر اسمه مرزيا بن مرزية اليوناني من ولد يونن بن يافث بن نوح
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن عبيد بن عمير أن ذا القرنين حج ماشيا فسمع به
إبراهيم فتلقاه
وأخرج الشيرازي في الألقاب عن قتادة قال : إنما سمي ذا القرنين لأنه كان له
عقيصتان
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة أن ذا القرنين كان من سواس الروم يسوس أمرهم فخير بين
ذلال السحاب وصعابها فاختار ذلالها فكان يركب عليها
وأخرج ابن إسحق وابن المنذر وابن أبي حاتم والشيرازي في الألقاب وأبو الشيخ عن وهب
بن منبه اليماني - وكان له علم الأحاديث الأولى - أنه كان يقول : كان ذو القرنين
رجلا من الروم ابن عجوز من عجائزهم ليس لها ولد غيره وكان اسمه الإسكندر وإنما سمي
ذا القرنين لأن صفحتي رأسه كانتا من نحاس فلما
(5/439)
بلغ
وكان عبدا صالحا قال الله له : " يا ذا القرنين إني باعثك إلى أمم الأرض منهم
أمتان بينهما طول الأرض كلها ومنهم أمتان بينهما عرض الأرض كلها في وسط الأرض منهم
الإنس والجن ويأجوج ومأجوج فأما اللتان بينهما طول الأرض فأمة عند مغرب الشمس يقال
لها ناسك وأما الأخرى
فعند مطلعها يقال لها منسك وأما اللتان بينهما عرض الأرض فأمة في قطر الأرض الأيمن
يقال لها هاويل وأما الأخرى التي في قطر الأرض الأيسر فأمة يقال لها تاويل
فلما قال الله له ذلك قال له ذو القرنين : يا إلهي أنت قد ندبتني لأمر عظيم لا
يقدر قدره إلا أنت فأخبرني عن هذه الأمم التي تبعثني إليها بأي قوة أكابرهم وبأي
جمع أكاثرهم وبأي حيلة أكايدهم وبأي لسان أناطقهم ؟ ؟ وكيف لي بأن أحاربهم وبأي
سمع أعي قولهم وبأي بصر أنفذهم وبأي حجة أخاصمهم وبأي قلب أعقل عنهم وبأي حكمة
أدبر أمرهم وبأي قسط أعدل بينهم وبأي حلم أصابرهم وبأي معرفة أفصل بينهم وبأي علم
أتقن أمرهم وبأي يد اسطو عليهم وبأي رجل أطؤهم وبأي طاقة أخصمهم وبأي جند أقاتلهم
وبأي رفق أستألفهم
؟ ؟ وإنه ليس عندي يا إلهي شيء مما ذكرت يقرن لهم ولا يقوى عليهم ولا يطيقهم وأنت
الرب الرحيم الذي لا يكلف نفسا ولا يحملها إلا طاقتها ولا يعنتها ولا يفدحها بل
يرأفها ويرحمها
فقال له الله عز و جل : إني سأطوقك ما حملتك أشرح لك صدرك فيتسع لكل شيء وأشرح لك
فهمك فتفقه كل شيء وأبسط لك لسانك فتنطق بكل شيء وأفتح لك سمعك فتعي كل شيء وأمد
لك بصرك فتنفذ كل شيء وأدبر لك أمرك فتتقن كل شيء وأحصر لك فلا يفوتك شيء وأحفظ
عليك فلا يغرب عنك شيء وأشد ظهرك فلا يهدك شيء وأشد لك ركبك فلا يغلبك شيء وأشد لك
قلبك فلا يروعك شيء وأشد لك عقلك فلا يهولك شيء وأبسط لك يديك فيسطوان فوق كل شيء
وألبسك الهيبة فلا يروعك شيء
وأسخر لك النور والظلمة فأجعلهما جندا من جنودك يهديك النور من أمامك وتحوطك
الظلمة من ورائك
فلما قيل له ذلك انطلق يؤم الأمة التي عند مغرب الشمس فلما بلغهم وجد جمعا وعددا
لا يحصيه إلا الله تعالى وقوة وبأسا لا يطيقه إلا الله وألسنة مختلفة وأمورا
مشتبهة وأهواء مشتتة وقلوبا متفرقة فلما رأى ذلك كابرهم بالظلمة وضرب
(5/440)
حولهم
ثلاثة عساكر منها وأحاطت بهم من كل جانب وحاشدهم حتى جمعهم في مكان واحد ثم دخل
عليهم بالنور فدعاهم إلى الله وعبادته
فمنهم من آمن ومنهم من صد عنه فعمد إلى الذين تولوا عنه فأدخل عليهم الظلمة فدخلت
في أفواههم وأنوفهم وآذانهم وأجوافهم ودخلت في بيوتهم ودورهم وغشيتهم من فوقهم ومن
تحتهم ومن كل جانب منهم فماجوا فيها وتحيروا فلما أشفقوا أن يهلكوا فيها عجوا إليه
بصوت واحد فكشف عنهم وأخذهم عنوة فدخلوا في دعوته فجند من أهل المغرب أمما عظيمة
فجعلهم جندا واحدا ثم انطلق بهم يقودهم والظلمة تسوقهم من خلفهم وتحرسهم من حولهم
والنور من أمامه يقوده ويدله وهو يسير في ناحية الأرض اليمنى وهو يريد الأمة التي
في قطر الأرض الأيمن التي يقال لها هاويل
وسخر الله يده وقلبه ورأيه ونظره وائتماره فلا يخطئ إذا ائتمر وإذا عمل عملا أتقنه
فانطلق يقود تلك الأمم وهي تتبعه
فإذا انتهى إلى بحر أو مخاضة بنى سفنا من ألواح صغار أمثال البغال فنظمها في ساعة
واحدة ثم حمل فيها جميع من معه من تلك الأمم وتلك الجنود فإذا قطع الأنهار والبحار
فتقها ثم دفع إلى كل إنسان لوحا فلا يكربه حمله فلم يزل ذلك دأبه حتى انتهى إلى
هاويل فعمل فيهم كعمله في ناسك فلما فرغ منهم مضى على وجهه في ناحية الأرض اليمنى
حتى انتهى إلى منسك عند مطلع الشمس فعمل فيها وجند منها جنودا كفعله في الأمتين
اللتين قبلهما ثم كر مقبلا في ناحية الأرض اليسرى وهو يريد تاويل - وهي الأمة
اللتي بحيال هاويل وهما متقابلتان بينهما عرض الأرض كلها - فلما بلغها عمل فيها
وجند منها كفعله فيما قبلها فلما فرغ منها عطف منها إلى الأمم التي في وسط الأرض
من الجن وسائر الإنس ويأجوج ومأجوج
فلما كان في بعض الطريق مما يلي منقطع أرض الترك نحو المشرق قال له أمة من الإنس
صالحة : يا ذا القرنين إن بين هذين الجبلين خلقا من خلق الله
كثيرا فيهم مشابهة من الأنس وهم أشباه البهائم وهم يأكلون العشب ويفترسون الدواب
والوحش كما يفترسها السباع ويأكلون خشاش الأرض كلها من الحيات والعقارب وكل ذي روح
مما خلق الله في الأرض وليس لله خلق ينمو نماءهم في العام الواحد ولا يزداد
كزيادتهم ولا يكثر ككثرتهم فإن كانت لهم كثرة على ما يرى من نمائهم وزيادتهم فلا
شك أنهم سيملأون الأرض ويجلون أهلها ويظهرون عليها فيفسدون فيها وليست تمر بنا سنة
منذ جاورناهم ورأيناهم إلا ونحن
(5/441)
نتوقعهم
وننظر أن يطلع علينا أوائلهم من هذين الجبلين
فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا ؟ قال : ما مكني فيه ربي خير
فأعينوني بقوة أجعل بينكم وبينهم ردما اغدو إلى الصخور والحديد والنحاس حتى أرتاد
بلادهم وأعلم علمهم وأقيس ما بين جبليهم
ثم انطلق يؤمهم حتى دفع إليهم وتوسط بلادهم فإذا هم على مقدار واحد
أنثاهم وذكرهم مبلغ طول الواحد منهم مثل نصف الرجل المربوع منا لهم مخاليب في
مواضع الأظفار من أيدينا ولهم أنياب وأضراس كأضراس السباع وأنيابها وأحناك كأحناك
الإبل قوة يسمع له حركة إذا أكل كحركة الجرة من الإبل أو كقضم الفحل المسن أو
الفرس القوي وهم صلب عليهم من الشعر في أجسادهم ما يواريهم وما يتقون به من الحر
والبرد إذا أصابهم ولكل واحد منهم أذنان عظيمتان إحداهما وبرة ظهرها وبطنها
والأخرى زغبة ظهرها وبطنها
تسعانه إذا لبسهما يلبس إحداهما ويفترش الأخرى ويصيف في إحداهما ويشتو في الأخرى
وليس منهم ذكر ولا أنثى إلا وقد عرف أجله الذي يموت فيه ومنقطع عمره وذلك أنه لا
يموت ميت من ذكورهم حتى يخرج من صلبه ألف ولد ولا تموت الأنثى حتى يخرج من رحمها
ألف ولد فإذا كان ذلك أيقن بالموت وتهيأ له
وهم يرزقون التنين في زمان الربيع ويستمطرونه إذا تحينوه كما يستمطر الغيث لحينه
فيقذفون منه كل سنة بواحد فيأكلونه عامهم كله إلى مثلها من قابل فيعينهم على
كثرتهم وما هم فيه فإذا أمطروا أخصبوا وعاشوا وسهئوا ورؤي أثره عليهم فدرت عليهم
الإناث وشبقت منهم الذكور وإذا أخطأهم هزلوا وأحدثوا وجفلت منهم الذكور وأحالت
الإناث وتبين أثر ذلك عليهم وهم يتداعون تداعي الحمام ويعوون عوي الذئاب ويتسافدون
حيثما التقوا تسافد البهائم
ثم لما عاين ذلك منهم ذو القرنين انصرف إلى ما بين الصدفين فقاس ما بينهما - وهي
في منقطع أرض الترك مما يلي الشمس - فوجد بعد ما بينهما مائة فرسخ فلما أنشأ في
عمله حفر له أساسا حتى بلغ الماء ثم جعل عرضه خمسين فرسخا وجعل حشوه الصخور وطينه
النحاس يذاب ثم يصب عليه فصار كأنه عرق من جبل تحت الأرض ثم علا وشرفه بزبر الحديد
والنحاس المذاب وجعل خلاله عرقا من نحاس أصفر فصار كأنه محبر من صفرة النحاس
وحمرته وسواد
(5/442)
الحديد
فلما فرغ منه وأحكم انطلق عامدا إلى جماعة الإنس والجن فبينما هو يسير إذ رفع إلى
أمة صالحة يهدون بالحق وبه يعدلون فوجد أمة مقسطة يقتسمون بالسوية ويحكمون بالعدل
ويتأسون ويتراحمون
حالهم واحدة وكلمتهم واحدة وأخلاقهم مشتبهة وطريقتهم مستقيمة وقلوبهم مؤتلفة
وسيرتهم مستوية وقبورهم بأبواب بيوتهم وليس على بيوتهم أبواب وليس عليهم أمراء
وليس بينهم قضاة وليس فيهم أغنياء ولا ملوك ولا أشراف ولا يتفاوتون ولا يتفاضلون
ولا يتنازعون ولا يستبون ولا يقتتلون ولا يقحطون ولا يحردون ولا تصيبهم الآفات
التي تصيب الناس وهم أطول الناس أعمارا وليس فيهم مسكين ولا فقير ولا فظ ولا غليظ
فلما رأى ذلك ذو القرنين من أمرهم أعجب منهم وقال لهم : أخبروني أيها القوم خبركم
فإني قد أحصيت الأرض كلها
برها وبحرها وشرقها وغربها ونورها وظلمتها
فلم أجد فيها أحدا مثلكم
! فأخبروني خبركم
قالوا : نعم سلنا عما تريد
قال : أخبروني ما بال قبوركم على أبواب بيوتكم ؟ قال : عمدا فعلنا ذلك لئلا ننسى
الموت ولا يخرج ذكره من قلوبنا
قال : فما بال بيوتكم ليس عليها أبواب ؟ قالوا : ليس فينا متهم وليس فينا إلا أمين
مؤتمن
قال : فما بالكم ليس عليكم أمراء ؟ قالوا : ليس فينا مظالم
قال : فما بالكم ليس بينكم حكام ؟ قالوا : لا نختصم
قال : فما بالكم ليس فيكم أغنياء ؟ قال : لا نتكاثر
قال : فما بالكم ليس فيكم أشراف ؟ قالوا : لا نتنافس
قال : فما بالكم لا تتفاوتون ولا تتفاضلون ؟ قالوا : من قبل أنا متواصلون متراحمون
قال : فما بالكم لا تتنازعون ولا تختلفون ؟ قالوا : من قبل ألفة قلوبنا وصلاح ذات
بيننا
قال : فما بالكم لا تقتتلون ولا تستبون ؟ قالوا : من قبل أنا غلبنا طبائعنا بالعزم
وسسنا أنفسنا بالحلم
قال : فما بال كلمتكم واحدة وطريقتكم مستقيمة ؟ قالوا : من قبل أنا لا نتكاذب ولا
نتخادع فلا يغتاب بعضنا بعضا
قال : فأخبروني من أيي ؟ تشابهت قلوبكم واعتدلت سيرتكم ؟ قالوا : صحت صدورنا فنزع
الله بذلك الغل والحسد من قلوبنا
قال : فما بالكم ليس فيكم مسكين ولا فقير ؟ قالوا : من قبل أنا نقسم بالسوية
قال : فما بالكم ليس فيكم فظ ولا غليظ ؟ قالوا : من قبل الذل والتواضع
قال : فما بالكم جعلتم أطول الناس أعمارا ؟ قالوا : من قبل أنا نتعاطى الحق ونحكم
بالعدل
قال : فما بالكم لا تقحطون ؟ قالوا : لا نغفل عن الاستغفار
(5/443)
قال
: فما بالكم لا تحردون ؟ قالوا : من قبل أنا وطنا أنفسنا للبلاء منذ كنا وأحببناه
وحرصنا عليه فعرينا منه
قال : فما بالكم لا تصيبكم الآفات كما تصيب الناس ؟ قالوا : لا نتوكل على غير الله
ولا نعمل بأنواء النجوم
قال : حدثوني
أهكذا وجدتم آبائكم يفعلون ؟ قالوا : نعم وجدنا آبائنا يرحمون مساكينهم ويواسون
فقراءهم ويعفون عمن ظلمهم ويحسنون إلى من أساء إليهم ويحلمون على من جهل عليهم
ويستغفرون لم سبهم ويصلون أرحامهم ويردون أماناتهم ويحفظون وقتهم لصلاتهم ويوفون
بعهودهم ويصدقون في مواعيدهم ولا يرغبون عن أكفائهم ولا يستنكفون عن أقاربهم فأصلح
الله بذلك أمرهم وحفظهم به ما كانوا أحياء وكان حقا عليه أن يخلفهم في تركتهم
فقال لهم ذو القرنين : لو كنت مقيما لأقمت فيكم ولكني لم أؤمر بالإقامة
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي
طالب قال : كان لذي القرنين صديق من الملائكة يقال له زرافيل وكان لا يزال يتعاهده
بالسلام فقال له ذو القرنين : يا زرافيل هل تعلم شيئا يزيد في طول العمر لنزداد
شكرا وعبادة ؟ قال : ما لي بذلك علم ولكن سأسأل لك عن ذلك في السماء
فعرج زرافيل إلى السماء فلبث ما شاء الله أن يلبث ثم هبط فقال : إني سألت عما
سألتني عنه فأخبرت أن لله عينا في ظلمة هي أشد بياضا من اللبن وأحلى من الشهد من
شرب منها شربة لم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله الموت
قال : فجمع ذو القرنين علماء الأرض إليه فقال : هل تعلمون أن لله عينا في ظلمة ؟
فقالوا : ما نعلم ذلك
فقام إليه رجل شاب فقال : وما حاجتك إليها أيها الملك ؟ قال : لي بها حاجة
قال : فإني أعلم مكانها
قال : ومن أين علمت مكانها ؟ قال : قرأت وصية آدم عليه السلام فوجدت فيها : إن لله
عينا خلف مطلع الشمس في ظلمة ماؤها أشد بياضا من اللبن وأحلى من الشهد من شرب منها
شربة لم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله الموت
فسار ذو القرنين من موضعه الذي كان فيه اثنتي عشرة سنة حتى انتهى إلى مطلع الشمس
عسكر وجمع العلماء فقال : إني أريد أن أسلك هذه الظلمة بكم فقالوا : إنا نعيذك
بالله أن تسلك مسلكا لم يسلكه أحدا من بني آدم قط قبلك
قال : لا بد أن أسلكها
قالوا : إنا نعيذك أن تسلك بنا هذه الظلمة فإنا لا
(5/444)
نأمن
أن ينفتق علينا بها أمر يكون فيه فساد الأرض
قال : لا بد أن أسلكها
قالوا : فشأنك
فسألهم أي الدواب أبصر ؟ قالوا : الخيل
قال : فأي الخيل أبصر ؟ قالوا : الإناث
قال : فأي الإناث أبصر ؟ قالوا : الأبكار
فانتقى ستة آلاف فرس أنثى بكر ثم انتخب من عسكره ستى آلاف رجل فدفع إلى كل رجل
منهم فرسا وولى الخضر منها على ألفي فارس ثم جعله على مقدمته ثم قال : سر أمامي
فقال له الخضر : أيها الملك إني لست آمن هذه الأمة الضلال فيتفرق الناس مني فدفع
إليه خرزة حمراء فقال : إذا تفرق الناس فارم هذه الخرزة فإنها ستضيء لك وتصوت حتى
تجمع إليك أهل الضلال واستخلف على الناس خليفة وأمره أن يقيم في عسكره اثنتي عشرة
سنة فإن هو رجع إلى ذلك وإلا أمر الناس أن يتفرقوا في بلدانهم
ثم أمر الخضر فسار أمامه فكان الخضر إذا أتاه ذو القرنين رحل من منزله ونزل ذو
القرنين في منزل الخضر الذي كان فيه فبينا الخضر يسير في تلك الظلمة إذ تفرق الناس
عنه فطرح الخرزة من يده فإذا هي على شفير العين والعين في واد فأضاء له ما حول
البئر فنزل الخضر ونزع ثيابه ودخل العين فشرب منها واغتسل ثم خرج فجمع عليه ثيابه
ثم أخذ الخرزة وركب وخالفه ذو القرنين في غير الطريق الذي أخذ فيه الخضرز فساروا
في تلك الظلمة في مقدار ست ليال وأيامهن ولم تكن ظلمة كظلمة الليل إنما كانت ظلمة
كهيئة ضباب حتى خرجوا إلى أرض ذات نور ليس فيها شمس ولا قمر ولا نجم فعسكر ثم نزل
الناس ثم ركب ذو القرنين وحده فسار حتى انتهى إلى قصر طوله فرسخ في فرسخ فدخل
القصر فإذا هو بعمود على حافتي القصر وإذا طائر مذموم
بأنفه سلسلة معلقة في ذلك العود شبه الخطاف أو قريب من الخطاف فقال له الطير : من
أنت ؟ قال أنا ذو القرنين
قال له الطير : يا ذا القرنين أما كفاك ما وراءك حتى تناولت الظلمة ؟ انبئني يا ذا
القرنين
قال : سل
قال : هل كثر بنيان من الجص والآجر في الناس ؟ قال : نعم
فانتفخ الطير حتى سد ثلث ما بين الحائطين ثم قال : يا ذا القرنين أنبئني
قال : سل
قال : هل كثرت المعازف في الناس ؟ قال : نعم
فانتفخ حتى سد ثلثي ما بين الحائطين ثم قال : يا ذا القرنين أنبئني
قال : سل
قال : هل كثرت شهادة الزور في الناس ؟ قال : نعم
فانتفخ حتى سد ما بين الحائطين واجث ذو القرنين منه فرقا قال له الطير : يا ذا
القرنين لا تخف
أنبئني
قال : سل
(5/445)
قال
: هل ترك الناس شهادة أن لا إله إلا الله ؟ قال : لا
قال : هل ترك الناس الغسل من الجنابة ؟ قال : لا
قال : فانضم ثلثاه
قال : يا ذا القرنين أنبئني
قال : سل
قال : هل ترك الناس المكتوبة ؟ قال : لا
فانضم الطير حتى عاد كما كان ثم قال : يا ذا القرنين انطلق إلى تلك الدرجة فاصعدها
فإنك ستلقى من تسأله ويخبرك
فسار حتى انتهى إلى درجة مدرجة فصعد عليها فإذا هو بسطح ممدود لا يرى طرفاه وإذا
رجل شاب قائم شاخص ببصره إلى السماء واضع يده على فمه قد قدم رجلا وأخر أخرى فسلم
عليه ذو القرنين فرد عليه السلام ثم قال له : من أنت ؟ قال : أنا ذو القرنين
قال : يا ذا القرنين أما كفاك ما وراءك حتى قطعت الظلمة ووصلت إلي ؟ قال : ومن أنت
؟ قال : أنا صاحب الصور قد قدمت رجلا وأخرت أخرى ووضعت الصور على فمي وأنا شاخص
ببصري إلى السماء أنتظر أمر ربي ثم تناول حجرا فدفعه فقال : انصرف فإن هذا الحجر
سيخبرك بتأويل ما أردت
فتصرف فانصرف ؟ ذو القرنين حتى أتى عسكره فنزل وجمع إله العلماء فحدثهم بحديث
القصر وحديث العمود والطير وما قال له وما رد عليه حديث صاحب الصور وأنه قد دفع
إليه هذا الحجر وقال : إنه سيخبرني بتأويل ما جئت به فأخبروني عن هذا الحجر ما هو
وأي شيء أراد بهذا ؟ قال : فدعوا بميزان ووضع حجر صاحب الصور في أحدى الكفتين ووضع
حجر مثله في الكفة الأخرى فرجح به ثم وضع معه حجر آخر رجح به ثم وضع مائة حجر فرجح
بها حتى وضع ألف حجر فرجح بها فقال ذو القرنين : هل عند أحد منكم في هذا الحجر من
علم ؟ قال - والخضر قاعد بحاله لا يتكلم - فقال له : يا خضر هل عندك في هذا الحجر
من علم ؟ قال : نعم
قال : وما هو ؟ قال الخضر : أيها الملك إن الله ابتلى العالم بالعالم وابتلى الناس
بعضهم ببعض وإن الله ابتلاك بي وابتلاني بك
فقال له ذو القرنين : ما أراك إلا قد ظفرت بالأمر الذي جئت أطلبه
قال له الخضر : قد كان ذلك
قال : فائتني
فأخذ الميزان ووضع حجر صاحب الصور في إحدى الكفتين ووضع في الكفة الأخرى حجرا وأخذ
قبضة من تراب فوضعها مع الحجر ثم رفع الميزان فرجح الحجر الذي معه التراب على حجر
صاحب الصور فقالت العلماء : سبحان الله ربنا
! وضعنا مع ألف حجر فمال لها ووضع الخضر معه حجرا واحدا وقبضة من تراب فمال له
فقال له ذو القرنين :
(5/446)
أخبرني
بتأويل هذا
قال : أخبرك
إنك مكنت من مشرق الأرض ومغربها فلم يكفك ذلك حتى تناولت الظلمة حتى وصلت إلى صاحب
الصور وإنه لا يملأ عينك إلا التراب
قال : صدقت
ورحل ذو القرنين فرجع في الظلمة راجعا فجعلوا يسمعون خشخشة تحت سنابك خيلهم فقالوا
: أيها الملك ما هذه الخشخشة التي نسمع تحت سنابك خيلنا ؟ قال : من أخذ منه ندم
ومن تركه ندم فأخذت منه طائفة وتركت طائفة فلما برزوا به إلى الضوء نظروا فإذا هو
بالزبرجد فندم الآخذ أن لا يكون ازداد وندم التارك أن لا يكون أخذ
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " رحم الله أخي ذا القرنين دخل الظلمة وخرج
منها زاهدا
أما إنه لو خرج منها راغبا لما ترك منها حجرا إلا أخرجه "
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " فأقام بدومة الجندل فعبد الله فيها
حتى مات "
ولفظ أبي الشيخ : قال أبو جعفر : إن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
رحم الله أخي ذا القرنين لو ظفر بالزبرجد في مبداه ما ترك منه شيئا حتى يخرجه إلى
الناس لأنه كان راغبا في الدنيا ولكنه ظفر به وهو زاهد في الدنيا لا حاجة له فيها
"
وأخرج ابن إسحق والفريابي وابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت وابن المنذر
وابن أبي حاتم من طرق عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن سئل عن ذي القرنين فقال
: كان عبدا أحب الله فأحبه وناصح الله فناصحه فبعثه إلى قوم يدعوهم إلى الله
فدعاهم إلى الله وإلى الإسلام فضربوه على قرنه الأيمن فمات فأمسكه الله ما شاء ثم
بعثه
فأرسله إلى أمة أخرى يدعوهم إلى الله وإلى الإسلام فضربوه على قرنه الأيسر فمات
فأمسكه الله ما شاء ثم بعثه فسخر له السحاب وخيره فيه فاختار صعبه على ذلوله -
وصعبه الذي لا يمطر - وبسط له النور ومد له الأسباب وجعل الليل والنهار عليه سواء
فبذلك بلغ مشارق الأرض ومغاربها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أن ذا القرنين لما بلغ الجبل
الذي يقال له قاف ناداه ملك من الجبل : أيها الخاطئ ابن الخاطئ جئت حيث لم يجئ أحد
من قبلك ولا يجيء أحد بعدك
فأجابه ذو القرنين : وأين أنا ؟ قال له الملك : أنت في الأرض السابعة
فقال ذو القرنين : ما ينجيني ؟ فقال : ينجيك اليقين
فقال ذو القرنين : اللهم ارزقني يقينا
فأنجاه الله
قال له الملك : إنه ستأتي إلى قوم فتبني لهم سدا فإذا أنت بنيته وفرغت منه فلا
تحدث نفسك أنك
(5/447)
بنيته
بحول منك أو قوة فيسلط الله على بنيانك أضعف خلقه فيهدمه
ثم قال له ذو القرنين : ما هذا الجبل ؟ قال : هذا الجبل الذي يقال له قاف وهو أخضر
والسماء بيضاء وإنما خضرتها من هذا الجبل وهذا الجبل أم الجبال والجبال كلها من
عروقه فإذا أراد الله أن يزلزل قرية حرك منه عرقا
ثم إن الملك ناوله عنقودا من عنب وقال له : حبة ترويك وحبة تشبعك وكلما أخذت منه
حبة عادت مكانها حبة
ثم خرج من عنده فجاء البنيان الذي أراد الله فقالوا اه : يا ذا القرنين إن يأجوج
ومأجوج مفسدون في الأرض إلى قوله : اجعل بينكم وبيهنم ردما
قال عكرمة رضي الله عنه : هم منسك وناسك وتاويل وراحيل
وقال أبو سعيد رضي الله عنه : هم خمسة وعشرون قبيلة من وراء يأجوج ومأجوج
وأخرج الحاكم عن معاوية رضي الله عنه قال : ملك الأرض أربعة : سليمان وذو القرنين
ورجل من أهل حلوان ورجل آخر
فقيل له : الخضر ؟ قال : لا
وأخرج ابن ابي حاتم وابن عساكر عن مجاهد رضي الله عنه قال : إن ذا القرنين ملك
الأرض كلها إلا بلقيس صاحبة مأرب فإذا ذا القرنين كلن يلبس ثياب المساكين ثم يدخل
المدائن فينظر من عورتها قبل أن يقتل أهلها فأخبرت بذلك بلقيس فبعثت رسولا ينظر
إليه فيصور لها صورته في ملكه حين يقعد وصورته في ثياب المساكين
ثم جعلت كل يوم تطعم المساكين وتجمعهم فجاءها رسولها في صورته فجعلت إحدى صورتيه
تليها والأخرى على باب الاسطوانة فكانت تطعم المساكين كل يوم فإذا فرغوا عرضتهم
واحدا واحدا فيخرجون حتى جاء ذو القرنين في ثياب المساكين فدخل مدينتها ثم جلس مع
المساكين إلى طعامها فقربت إليهم الطعام فلما فرغوا أخرجتهم واحدا واحدا وهي تنظر
إلى صورته في ثياب المساكين حتى مر ذو القرنين فنظرت إلى صورته فقالت : أجلسوا هذا
وأخرجوا من بقي من المساكين فقال لها : لم أجلستني وإنما أنا مسكين
! ؟ قالت : لا
أنت ذو القرنين هذه صورتك في ثياب المساكين والله لا تفارقني حتى تكتب لي أمانا
بملكي أو أضرب عنقك
فلما رأى ذلك كتب لها أمانا فلم ينج أحد منه غيرها
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : ملك ذو القرنين اثنتي عشرة
سنة
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخفي العظمة عن عبيد الله بن أبي جعفر
(5/448)
رضي
الله عنه قال : كان ذو القرنين في بعض مسيره فمر بقوم قبورهم على أبواب بيوتهم
وإذا ثيابهم لون واحد وإذا هم رجال كلهم ليس فيهم امرأة فتوسم رجلا منهم فقال له :
لقد رأيت شيئا ما رأيت في شيء من مسري
! قال : وما هو ؟ فوصف له ما رأى منهم
قالوا : أما هذه القبور على أبوابنا فإنا جعلناها موعظة لقلوبنا تخطر على قلب
أحدنا فيخرج فيرى القبور ويرجع إلى نفسه فيقول : إلى هذا المصير وإليها صار من كان
قبلي
وأما هذه الثياب فإنه لا يكاد الرجل منا يلبس ثيابا أحسن من صاحبه إلا رأى له بذلك
فضلا على جليسه
وأما قولك : رجال كلكم ليس معكم نساء فلعمري لقد خلقنا من ذكر وأنثى ولكن هذا
القلب لا يشغل بشيء إلا شغل به فجعلنا نسائنا وذريتنا في قرية قريبة وإذا أراد
الرجل من أهله ما يريد الرجل أتاها فكان معها الليلة والليلتين ثم يرجع إلى ما ههنا
لأنا خلونا ههنا للعبادة
فقال : ما كنت لأعظكم بشيء أفضل مما وعظتم به أنفسكم سلني ما شئت
قال : من أنت ؟ قال أنا ذو القرنين
قال : ما أسألك وأنت لا تملك لي شيئا ؟ قال : وكيف وقد آتاني الله من كل شيء سببا
؟ قال : أتقدر على أن تأتيني بما لم يقدر لي ولا تصرف عني ما قدر لي ؟ وأخرج
البيهقي في شعب الإيمان عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : لما بلغ ذو القرنين
مطلع الشمس قال له ملكها : يا ذا القرنين صف لي الناس
قال : إن محادثتك من لا يعقل بمنزلة من يضع الموائد لأهل القبور ومحادثتك من يعقل
بمنزلة من يبل الصخرة حتى تبتل أو يطبخ الحديد يلتمس أدمه ونقل الحجارة من رؤوس
الجبال أيسر من محادثتك من لا يعقل
الآية 84 - 85 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
: وآتيناه من كل شيء سببا قال : علما
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فأتبع سببا
قال : المنزل
(5/449)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : وآتيناه من كل شيء سببا قال :
علما
من ذلك تعليم الألسنة كان لا يعرف قوما إلا كلمهم بلسانهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه أن معاوية بن أبي سفيان قال
لكعب الأحبار : تقول أن ذا القرنين كان يربط خيله بالثنايا ؟ قال له كعب رضي الله
عنه : إن كنت قلت ذاك فإن الله قال : وآتيناه من كل شيء سببا
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله :
وآتيناه من كل شيء سببا قال : منازل الأرض وأعلامها
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : فأتبع سببا قال :
منزلا وطرفا من المشرق إلى المغرب
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : فأتبع سببا قال : هذه لأن
الطريق كما قال فرعون لهامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب غافر آية 36 أسباب
السموات طريق السموات
قال : والشيء يكون اسمه واحدا وهو متفرق في المعنى
وقرأ وتقطعت بهم الأسباب البقرة آية 166 قال : أسباب الأعمال
الآية 86 أخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من
طريق عثمان بن أبي حاضر أن ابن عباس رضي الله عنهما ذكر له أن معاوية بن أبي سفيان
قرأ الآية في سورة الكهف " تغرب في عين حامية " قال ابن عباس رضي الله
عنهما : فقلت لمعاوية رضي الله عنه : ما نقرؤها إلا حمئة فسأل معاوية عبد الله بن
عمرو : كيف تقرؤها ؟ فقال عبد الله : كما قرأتها
قال ابن عباس رضي الله عنهما : فقلت لمعاوية : في بيتي نزل القرآن فأرسل إلى كعب
فقال له :
(5/450)
أين
تجد الشمس تغرب في التوراة ؟ فقال له كعب رضي الله عنه : سل أهل العربية فإنهم
أعلم بها وأما أنا فإني أجد الشمس تغرب في التوراة في ماء وطين - وأشار بيده إلى
المغرب -
قال ابن أبي حاضر رضي الله عنه : لو أني عندكما أيدتك بكلام وتزداد به بصيرة في
حمئة
قال ابن عباس : وما هو ؟ قلت : فيما نأثر قول تبع فيما ذكر به ذا القرنين في كلفه
بالعلم وإتباعه إياه : قد كان ذو القرنين عمرو مسلما ملكا تدين له الملوك وتحسد
فأتى المشارق والمغارب يبتغي أسباب ملك من حكيم مرشد فرأى مغيب الشمس عند غروبها
في عين ذي خلب وثاط حرمد فقال ابن عباس : ما الخلب ؟ قلت : الطين بكلامهم
قال : فما الثاط ؟ قلت : الحمأة
قال : فما الحرمد ؟ قلت : الأسود
فدعا ابن عباس رضي الله عنهما غلاما فقال له : اكتب ما يقول هذا الرجل
وأخرج الترمذي وابن جرير وابن مردويه عن أبي كعب رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه و سلم قرأ في عين حمئة
وأخرج الحاكم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله
عليه و سلم كان يقرأ في عين حمئة
وأخرج الحافظ عبد الغني بن سعيد رضي الله عنه في إيضاح الأشكال من طريق مصداع بن
يحيى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أقرأنيه أبي بن كعب رضي الله عنه كما أقرأه
رسول الله صلى الله عليه و سلم تغرب في عين حمئة مخففة
وأخرج ابن جرير من طريق الأعوج قال : كان ابن عباس رضي الله عنهما يقرؤها في عين
حمئة ثم قرأها ذات حمئة
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس
رضي الله عنهما أنه كان يقرأ في عين حمئة قال كعب رضي الله عنه : ما سمعت أحدا
يقرؤها كما هي في كتاب الله غير ابن عباس فإنا نجدها في التوراة " تغرب في
حمئة سوداء "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
خالفت عمرو بن العاص عند معاوية في حمئة وحامية قرأتها
(5/451)
في
عين حمئة فقال عمرو : " حامية " فسألنا كعبا فقال : إنها في كتاب الله
المنزل " تغرب في طينة سوداء "
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق ابن حاضر عن ابن
عباس قال : كنا عند معاوية فقرأ " تغرب في عين حامية " فقلت له : ما
نقرؤها إلا في عين حمئة فأرسل معاوية إلى كعب فقال : أين تجد الشمس في التوراة
تغرب ؟ قال : أما العربية فلا علم لي بها وأما أنا فأجد الشمس في التوراة تغرب في
ماء وطين
وأخرج سعيد بن منصور عن طلحة بن عبيد الله أنه كان يقرأ " في عين حامية
"
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس " في عين حامية " يقول :
حارة
وأخرج أحمد وابن أبي شيبة وابن منيع وابو يعلى وابن جرير وابن مردويه عن عبد الله
بن عمرو قال : نظر رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى الشمس حين غابت فقال :
" نار الله الحامية لو ما يزعها من أمر الله لأحرقت ما على الأرض "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن مردويه والحاكم وصححه عن أبي ذر قال : "
كنت ردف رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو على حمار فرأى الشمس حين غربت فقال :
أتدري أين تغرب ؟ قلت : الله ورسوله أعلم
قال : فإنها تغرب في عين " حامية " غير مهموزة
وأخرج سعيد بن منصور عن أبي العالية قال : بلغني أن الشمس تغرب في عين تقذفها
العين إلى المشرق
وأخرج أبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن
ابن جريج في قوله : ووجد عندها قوما قال : مدينة لها اثنا عشر ألفا باب لولا أصوات
أهلها لسمع الناس دوي الشمس حين تجب
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعد بن أبي صالح قال : كان يقال : لولا لغط أهل الرومية سمع
الناس وجبة الشمس حين تقع
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن المسيب قال : لولا أصوات الصنافر لسمع وجبة الشمس حين
تقع عند غروبها
(5/452)
الآية
87 - 100 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله : قال أما من ظلم قال : من أشرك
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فسوف نعذبه قال :
القتل
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : كان عذابه أن يجعلهم في بقر من صفر ثم توقد
تحتهم النار حتى يتقطعوا فيها
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وابن المنذر عن مسروق رضي الله عنه في قوله : فله
جزاء الحسنى قال : الحسنى له جزاء
(5/453)
وأخرج
ابن ابي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : وسنقول له من أمرنا
يسرا قال : معروفا
والله تعالى أعلم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن جريج في قوله : حتى
إذا بلغ مطلع الشمس الآية
قال : حدثت عن الحسن عن سمرة بن جندب
قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : لم نجعل لهم من دونها سترا أنها لم يبن
فيها بناء قط كانوا إذا طلعت الشمس دخلوا أسرابا لهم حتى تزول الشمس
وأخرج الطيالسي والبزار في أماليه وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الحسن
في قوله : تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا قال : أرضهم لا تحتمل البناء
فإذا طلعت الشمس تغور في المياه فإذا غابت خرجوا يتراعون كما ترعى البهائم
ثم قال الحسن : هذا حديث سمرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : ذكر لنا أنهم بأرض لا يثبت لهم فيها
شيء فهم إذا طلعت دخلوا في أسراب حتى إذا زالت الشمس خرجوا إلى حروثهم ومعايشهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن سلمة بن كهيل في الآية قال : ليست لهم أكناف إذا طلعت الشمس
طلعت عليهم لأحدهم أذنان يفترش واحدة ويلبس الأخرى
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وجدها تطلع على قوم الآية
قال : يقال لهم الزنج
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : تطلع على قوم حمر قصار مساكنهم
الغيران فيلقى لهم سمك أكثر معيشتهم
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : بما لديه خبرا
قال : علما
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : حتى إذا بلغ بين السدين قال : الجبلين
أرمينية وأذربيجان
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : قوما لا يكادون يفقهون قولا قال : الترك
(5/454)
وأخرج
سعيد بن منصور عن تميم بن جذيم أنه كان يقرأ لا يكادون يفقهون قولا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال : أتينا نبي الله صلى الله عليه و
سلم يوما وهو في قبة آدم له فخرج إلينا فحمد الله ثم قال : " أبشركم أنكم ربع
أهل الجنة
فقلنا : نعم يا رسول الله ؟ فقال : أبشركم أنكم ثلث أهل الجنة
فقلنا : نعم يا نبي الله ؟ قال : والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل
الجنة إن مثلكم في سائر الأمم كمثل شعرة بيضاء في جنب ثور أسود أو شعرة سوداء في
جنب ثور أبيض إن بعدكم يأجوج ومأجوج إن الرجل منهم ليترك بعده من الذرية ألفا فما
زاد وإن وراءكم ثلاث أمم : " منسك وتاويل وتاريس لا يعلم عدتهم إلا الله
"
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق
البكالي عن عبد الله بن عمر قال : إن الله جزأ الملائكة والإنس والجن عشرة أجزاء
تسعة أجزاء منهم الملائكة وجزء واحد الجن والإنس
وجزأ الملائكة عشرة أجزاء تسعة منهم الكروبيون الذي يسبحون الليل والنهار لا
يفترون وجزء واحد لرسالاته ولخزائنه وما يشاء من أمره
وجزأ الإنس والجن عشرة أجزاء فتسعة منهم الجن والإنس جزء واحد فلا يولد من الإنس
ولد إلا ولد من الجن تسعة
وجزأ الإنس عشرة أجزاء تسعة منهم يأجوج ومأجوج وجزء سائر الناس والسماء ذات الحبك
قال : السماء السابعة والحرم بحيالة العرش
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية أن يأجوج ومأجوج يزيدون على الإنس الضعفين وإن
الجن يزيدون على الإنس الضعفين وإن يأجوج ومأجوج رجلان اسمها يأجوج ومأجوج
وأخرج عبد الرزاق ابن أبي حاتم عن قتادة قال : إن الله جزأ الإنس عشرة أجزاء تسعة
منهم يأجوج ومأجوج وجزء سائر الناس
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : صورت
الدنيا على خمس صور على صورة الطير برأسه والصدر والجناحين والذنب فالمدينة ومكة
واليمن الرأس والصدر مصر والعراق والجناح الأيمن العراق وخلف العراق أمة يقال لها
واق وخلف واق أمة يقال وقواق وخلف
(5/455)
ذلك
من الأمم ما لا يعلمه إلا الله تعالى
والجناح الأيسر السند وخلف السند الهند وخلف الهند أمة يقال لها ناسك وخلف ذلك أمة
يقال لها منسك وخلف ذلك من الأمم ما لا يعلمه إلا الله تعالى
والذنب من ذات الحمام إلى مغرب الشمس وشر ما في الطير الذنب
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن عبدة بن أبي لبابة أن الدنيا سبعة أقاليم : فيأجوج
ومأجوج في ستة أقاليم وسائر الناس في إقليم واحد
وأخرج ابن جرير عن وهب بن جابر الحيواني قال : سألت عبد الله بن عمرو عن يأجوج
ومأجوج : أمن آدم هم ؟ قال : نعم ومن بعدهم ثلاث أمم لا يعلم عددهم إلا الله تاويل
وتاريس ومنسك
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن عمرو قال : يأجوج ومأجوج لهم أنهار يلقون ما شاؤوا
ونساء يجامعون ما شاؤوا وشجر يلقحون ما شاؤوا ولا يموت رجل إلا ترك من ذريته ألفا
فصاعدا
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن حسان بن عطية قال : يأجوج ومأجوج أمتان في كل أمة
أربعمائة أمة لا تشبه واحدة منهم الأخرى ولا يموت الرجل منهم حتى ينظر في مائة عين
من ولده
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن كعب قال : خلق يأجوج ومأجوج ثلاث أصناف صنف
أجسامهم كالأرز وصنف أربعة أذرع طول وأربعة أذرع عرض وضنف يفترشون آذانهم ويلتحفون
بالأخرى يأكلون مشائم نسائهم
وأخرج ابن المنذر عن خالد الأشج قال : إن بني آدم وبني إبليس ثلاثة أثلاث : فثلثان
بنو إبليس وثلث بنو آدم وبنو آدم ثلاثة أثلاث : ثلثان يأجوج ومأجوج وثلث سائر
الناس
والناس بعد ثلاث أثلاث : ثلث الأندلس وثلث الحبشة وثلث سائر الناس العرب والعجم
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : يأجوج ومأجوج ثنتان وعشرون قبيلة فسد ذو
القرنين على إحدى وعشرين قبيلة وترك قبيلة وهم الأتراك
وأخرج ابن المنذر عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن الترك فقال : هم سيارة ليس لهم
أصل هم من يأجوج ومأجوج لكنهم خرجوا يغيرون على الناس فجاء ذو القرنين فسد بينهم
وبين قومهم فذهبوا سيارة في الأرض
(5/456)
وأخرج
ابن المنذر عن حسان بن عطية قال : إن يأجوج ومأجوج خمس وعشرون أمة ليس منها أمة
تشبه الأخرى
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي المثنى الأملوكي قال : إن الله ذرأ لجهنم يأجوج ومأجوج
لم يكن فيهم صديق قط ولا يكون أبدا
وأخرج ابن جرير وابن أبي شيبة عن عبد الله بن سلام قال : ما مات رجل من يأجوج
ومأجوج إلا ترك ألف ذرية لصلبه فصاعدا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : إن يأجوج ومأجوج شبر وشبران وأطوالهم ثلاثة أشبار وهم من ولد آدم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والطبراني والبيهقي في البعث وابن مردويه وابن
عساكر عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن يأجوج ومأجوج من
ولد آدم ولو أرسلوا لأفسدوا على الناس معايشهم ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته
ألفا فصاعدا وإن من وراءهم ثلاث أمم : تاويل وتاريس ومنسك "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عمر قال : الجن والإنس عشرة أجزاء فتسعة
أجزاء يأجوج ومأجوج وجزء واحد سائر الناس
وأخرج النسائي وابن مردويه من طريق عمرو بن أوس عن أبيه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " إن يأجوج ومأجوج لهم نساء يجامعون ما شاؤوا وشجر يلقحون
ما شاؤوا ولا يموت رجل منهم إلا ترك من ذريته ألفا فصاعدا "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عدي وابن عساكر وابن النجار عن حذيفة قال :
" سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن يأجوج ومأجوج فقال : يأجوج أمة
ومأجوج أمة كل أمة بأربعمائة أمة
لا يموت أحدهم حتى ينظر إلى ألف رجل من صلبه كل قد حمل السلاح
قلت : يا رسول الله صفهم لنا
قال : هم ثلاثة أصناف صنف منهم أمثال الأرز
قلت : وما الأرز ؟ قال : شجر بالشام طول الشجرة عشرون ومائة ذراع في السماء
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هؤلاء الذين لا يقوم لهم ولا حديد وصنف منهم
(5/457)
يفترش
إحدى أذنيه ويلتحف بالأخرى لا يمرون بفيل ولا وحش ولا جمل ولا خنزير إلا أكلوه ومن
مات منهم أكلوه مقدمتهم بالشام وساقتهم يشربون أنهار المشرق وبحيرة طبرية "
وأخرج نعيم بن حماد في الفتن وابن مردويه بسند واه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " بعثني الله ليلة أسري بي إلى يأجوج
ومأجوج فدعوتهم إلى دين الله وعبادته فأبوا أن يجيبوني فهم في النار مع من عصى من
ولد آدم وولد إبليس "
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن أبي بكر النسفي أن رجلا قال : " يا رسول الله
قد رأيت سد يأجوج ومأجوج
قال : انعته لي
قال : كالبرد المحبر طريقة سوداء وطريقة سوداء
قال : قد رأيته "
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه
والبيهقي في البعث عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن
يأجوج ومأجوج يحفرون السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم :
ارجعوا فستفتحونه غدا ولا يستثني
فإذا أصبحوا وجدوه قد رجع كما كان فإذا أراد الله بخروجهم على الناس قال الذي
عليهم : ارجعوا فستفتحونه إن شاء الله - ويستثني - فيعودون إليه وهو كهيئته حين
تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس فيستقون المياه ويتحصن الناس منهم في حصونهم
فيرمون بسهامهم إلى السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : قهرنا من في الأرض
وعلونا من السماء قسوة وعلوا
فيبعث الله عليهم نغفا في أعناقهم فيهلكون
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فوالذي نفس محمد بيده إن دواب الأرض لتسمن
وتبطر وتشكر شكرا من لحومهم "
وأخرج البخاري ومسلم عن زينب بنت جحش قالت : استيقظ رسول الله صلى الله عليه و سلم
من نومه وهو محمر وجهه وهو يقول : " لا إله إلا الله
ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه - وحلق - قلت :
يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون ؟ قال : نعم إذا كثر الخبث "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " فتح
اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه - وعقد بيده تسعين "
(5/458)
وأخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن حبيب الأرجاني في قوله : إن يأجوج ومأجوج مفسدون في
الأرض قال : كان فسادهم أنهم كانوا يأكلون الناس
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : فهل نجعل لك
خرجا قال : أجرا عظيما
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : ما صنع الله فهو السد وما صنع السد الناس فهو
السد
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ما مكني فيه ربي خير قال : الذي أعطاني ربي
هو خير من الذي تبذلون لي من الخراج
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أجعل بينكم وبينهم ردما قال : هو كأشد
الحجاب
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله زبر الحديد قال : قطع الحديد
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال : أخبرني عن قوله
زبر الحديد قال : قطع الحديد
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت كعب بن مالك رضي الله عنه وهو يقول
: تلظى عليهم حين شد حميمها بزبر الحديد والحجارة شاجر وأخرج ابن المنذر وابن أبي
حاتم عن ابن عباس في قوله : بين الصدفين قال : الجبلين
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي أنه كان يقرأ بين الصدفين بفتحتين قال :
يعني بين الجبلين
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن أنه كان يقرأ بين الصدفين بضمتين
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : بين الصدفين قال
: رأس الجبلين
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : قطرا قال :
النحاس
(5/459)
وأخرج
ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد في قوله : قطرا قال : نحاسا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : آتوني أفرغ عليه قطرا قال : نحاسا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : آتوني أفرغ عليه قطرا قال : نحاسا ليلزم
بعضه بعضا
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فما اسطاعوا أن يظهروه قال :
ما استطاعوا أن يرتقوه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله : فما اسطاعوا أن يظهروه يقول
: أن يعلوه وما استطاعوا له نقبا قال : من أسفله
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فما اسطاعوا أن يظهروه قال : من فوقه وما
استطاعوا له نقبا قال : من أسفله
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء قال : جعله
طريقا كما كان
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فإذا جاء وعد ربي جعله دكاء قال : لا أدري
الجبلين يعني به أم ما بينهما
وأخرج سعيد بن منصور عن الربيع بن خيثم أنه كان يقرأ جعله دكاء ممدوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : قال علي بن أبي طالب إن يأجوج ومأجوج خلف السد
لا يموت الرجل منهم حتى يولد له ألف لصلبه وهم يغدون كل يوم على السد فيلحسونه وقد
جعلوه مثل قشر البيض فيقولون : نرجع غدا ونفتحه فيصبحون وقد عاد إلى ما كان عليه
قبل أن يلحس فلا يزالون كذلك حتى يولد فيهم مولود مسلم فإذا غدوا يلحسون قال لهم :
قولوا بسم الله فإذا قالوا بسم الله فأرادوا أن يرجعوا حين يمسون فيقولون : نرجع
غدا فنفتحه
فيصبحون وقد عاد إلى ما كان عليه فيقول : قولوا إن شاء الله
فيقولون : إن شاء الله
فيصبحون وهو مثل قشر البيض فينقبونه فيخرجون منه على الناس فيخرج أول من
(5/460)
يخرج
منهم سبعون ألفا عليهم التيجان ثم يخرجون من بعد ذلك أفواجا فيأتون على النهر مثل
نهركم هذا - يعني الفرات - فيشربونه حتى لا يبقى منه شيء ثم يجيء الفوج منهم حتى
ينتهوا إليه فيقولون : لقد كان ههنا ماء مرة وذلك قول الله : فإذا جاء وعد ربي
جعله دكاء والدك التراب وكان وعد ربي حقا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن كعب قال : إن يأجوج
ومأجوج ينقرون السد بمناقرهم حتى إذا كادوا أن يخرقوه قالوا : نرجع إليه غدا فنفرغ
منه فيرجعون إليه وقد عاد كما كان فيرجعون فهم كذلك وإذا بلغ الأمر ألقي على بعض
ألسنتهم يقولون : نأتي إن شاء الله غدا فنفرغ منه فيأتونه وهو كما هو فيخرقونه
فيخرجون فيأتي أولهم على البحيرة فيشربون ما كان فيها من ماء ويأتي أوسطهم عليها
فيلحسون ما كان فيها من الطين ويأتي آخرهم عليها فيقولون : قد كان ههنا مرة ماء
فيرمون بسهامهم نحو السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : قهرنا من في الأرض
وظهرنا على من في السماء فيدعو عليهم عيسى ابن مريم فيقول : اللهم لا طاقة لنا بهم
ولا يد فاكفناهم بما شئت فاكفناهم بما شئت
فيبعث الله عليهم دودا يقال له النغف فيأخذهم في أقفائهم فيقتلهم حتى تنتن الأرض
من ريحهم ثم يبعث الله عليهم طيرا فتنقل أبدانهم إلى البحر ويرسل الله إليهم
السماء أربعين يوما فينبت الأرض حتى أن الرمانة لتشبع أهل البيت
وأخرج ابن المنذر عن كعب قال : عرض أسكفة يأجوج ومأجوج التي تفتح لهم أربعة وعشرون
ذراعا تحفيها حوافر خيلهم والعليا اثنا عشر ذراعا تحفيها أسنة رماحهم
وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن عمرو قال : إذا خرج يأجوج ومأجوج كان عيسى ابن
مريم في ثلثمائة من المسلمين في قصر بالشام يشتد عليهم أمرهم فيدعون الله أن
يهلكهم فيسلط عليهم النغف فتنتن الأرض منهم فيدعون الله أن يطهر الأرض منهم فيرسل
الله مطرا فيسيل منهم إلى البحر ثم يخصب الناس حتى أن العنقود يشبع منه أهل البيت
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال : يأجوج ومأجوج يمر أولهم
بنهر مثل دجلة ويمر آخرهم فيقول : قد كان في هذا النهر مرة
(5/461)
ماء
ولا يموت رجل إلا ترك ألفا من ذريته فصاعدا ومن بعدهم ثلاثة أمم ما يعلم عدتهم إلا
الله : تاريس وتاويل وناسك أو منسك
وأخرج أبو يعلى والحاكم وصححه وابن عساكر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و
سلم في السد قال : " يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يخرقونه قال الذي عليهم :
ارجعوا
فستخرقونه غدا
قال : فيعيده الله كأشد ما كان حتى إذا بلغوا مدتهم وأراد الله قال الذي عليهم :
ارجعوا فستخرقونه غدا إن شاء الله - واستثنى - فيرجعون وهو كهيئته حين تركوه
فيخرقونه ويخرجون على الناس فيسقون المياه وينفر الناس منهم فيرمون سهامهم في
السماء فترجع مخضبة بالدماء فيقولون : قهرنا أهل الأرض وغلبنا في السماء قسوة
وعلوا فيبعث الله عليهم نغفا في أقفائهم فيهلكهم
قال : والذي نفسي بيده إن دواب الأرض لتسمن وتبطر وتشكر شكرا من لحومهم "
وأخرج الحاكم وصحه عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أنا
أعلم بما مع الدجال منه معه نهران أحدهما نار تأجج في عين من رآه والآخر ماء أبيض
فإن أدركه أحد منكم فليغمض ويشرب من الذي يراه نارا فإنه ماء بارد وإياكم والآخر
فإنه الفتنة واعلموا أنه مكتوب بين عينيه " كافر " يقرؤه من يكتب ومن لا
يكتب وإن إحدى عينيه ممسوحة عليها ظفرة إنه يطلع من آخر أمره على بطن الأردن على
ثنية أفيق وكل أحد يؤمن بالله واليوم الآخر ببطن الأردن وأنه يقتل من المسلمين
ثلثا ويهزم ثلثا ويبقى ثلث ويجن عليهم الليل فيقول بعض المؤمنين لبعض : ما تنتظرون
أن تلحقوا إخوانكم في مرضاة ربكم ؟ من كان عنده فضل طعام فليغد به على أخيه وصلوا
حتى ينفجر الفجر وعجلوا الصلاة ثم أقبلوا على عدوكم
فلما قاموا يصلون نزل عيسى ابن مريم أمامهم فصلى بهم فلما انصرف قال : هكذا فرجوا
بيني وبين عدو الله فيذوب وسلط الله عليهم من المسلمين فيقتلونهم حتى أن الشجر
والحجر لينادي : يا عبد الله يا عبد الرحمن
يا مسلم هذا يهودي فاقتله
فيقتلهم الله وينصر المسلمون فيكسرون الصليب ويقتلون الخنزير ويضعون الجزية فبينما
هم كذلك أخرج الله يأجوج ومأجوج فيشرب أولهم البحيرة ويجيء آخرهم وقد انتشفوه ولم
يدعوا فيه قطرة فيقولون : ظهرنا على
(5/462)
أعدائنا
قد كان ههنا أثر ماء
فيجيء نبي الله وأصحابه وراءه حتى يدخلوا مدينة من مدائن فلسطين يقال لها "
لد " فيقولون : ظهرنا على من في الأرض فتعالوا نقاتل من في السماء فيدعو الله
نبيه عند ذلك فيبعث الله عليهم قرحة في حلوقهم فلا يبقى منهم بشر فيؤذي ريحهم
المسلمين فيدعو عيسى فيرسل الله عليهم ريحا فتقذفهم في البحر أجمعين "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الزاهرية قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" مقفل المسلمين من الملاحم دمشق ومقفلهم من الدجال بيت المقدس ومقفلهم من
يأجوج ومأجوج بيت الطور والله أعلم "
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض قال : ذلك
حين يخرجون على الناس
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض قال :
هذا أول يوم القيامة ثم ينفخ في الصور على أثر ذلك
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق هارون بن عنترة عن ابن عباس
رضي الله عنهما في قوله : وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض قال : الجن والإنس يموج
بعضهم في بعض
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن هرون بن عنترة عن شيخ من بني فزارة في قوله :
وتركنا بعضهم يومئذ يموج في بعض قال : إذا ماج الجن والإنس بعضهم في بعض قال إبليس
: أنا أعلم لكم علم هذا الأمر فيظعن إلى المشرق فيجد الملائكة قد نطقوا الأرض ثم
يظعن إلى المغرب فيجد الملائكة قد نطقوا الأرض ثم يظعن يمينا وشمالا حتى ينتهي إلى
أقصى الأرض فيجد الملائكة قد نطقوا الأرض فيقول : ما من محيص فبينما هو كذلك إذ
عرض له طريق كأنه شواظ فأخذ عليه هو وذريته
فبينما هو كذلك إذ هجم على النار فخرج إليه خازن من خزان النار فقال : يا إبليس
ألم تكن لك المنزلة عند ربك ؟ ألم تكن في الجنان ؟ فيقول : ليس هذا يوم عتاب لو أن
الله افترض علي عبادة لعبدته عبادة لم يعبده أحد من خلقه
فيقول : إن الله قد فرض عليك فريضة
فيقول : ما هي ؟
(5/463)
فيقول
: يأمرك أن تدخل النار
فيتلكأ عليه فيقول به وبذريته بجناحه فيقذفهم في النار فتزفر جهنم زفرة لا يبقى
ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا جثا لركبتيه
الآية 101 أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : الذين كانت أعينهم في غطاء عن
ذكري وكانوا لا يستطيعون سمعا قال : كانوا عميا عن الحق فلا يبصرونه صما عنه فلا
يسمعونه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : لا يستطيعون
سمعا قال : لا يعقلون سمعا
والله أعلم
الآية 102 أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : أفحسب الذين كفروا أن يتخذوا
عبادي من دوني أوليائي قال : ظن كفرة بني آدم أن يتخذوا الملائكة من دونه أولياء
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن المنذر عن علي بن أبي طالب أنه قرأ أفحسب
الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أوليائي قال أبو عبيد : بجزم السين وضم الباء
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة أنه قرأ أفحسب الذين كفروا
يقول : أفحسبهم ذلك
الآية 103 - 108
(5/464)
أخرج
عبد الرزاق والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وابن
مردويه من طريق مصعب بن سعد قال : سألت أبي قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا أهم
الحرورية ؟ قال : لا هم اليهود والنصارى
أما اليهود فكذبوا محمدا صلى الله عليه و سلم
وأما النصارى فكذبوا بالجنة وقالوا : لا طعام فيها ولا شراب
والحرورية الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه
وكان سعد يسميهم الفاسقين
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم
وصححه وابن مردويه عن مصعب قال : قلت لأبي قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا الحرورية
هم ؟ قال : لا ولكن أصحاب الصوامع والحرورية قوم زاغوا فأزاغ الله قلوبهم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي خميصة عبد الله بن قيس قال : سمعت علي بن
أبي طالب يقول في هذه الآية قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا إنهم الرهبان الذين
حبسوا أنفسهم في السواري
وأخرج ابن مردويه عن أبي الطفيل قال : سمعت علي بن أبي طالب وسأله ابن الكواء فقال
: من هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ؟ قال : فجرة قريش
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق عن علي
أنه سئل عن هذه الآية قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا قال : لا أظن إلا أن الخوارج
منهم
وأخرج البخاري ومسلم وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : " إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن
عند الله جناح بعوضة "
وقال : " اقرأوا إن شئتم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا "
(5/465)
وأخرج
ابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " ليؤتين يوم القيامة بالعظيم الطويل الأكول الشروب فلا يزن عند الله
تبارك تعالى جناح بعوضة اقرؤوا إن شئتم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن الضريس عن كعب قال : يمثل القرآن لمن كان يعمل به في
الدنيا يوم القيامة كأحسن صورة رآها وجها أحسنه وأطيبه ريحا فيقوم بجنب صاحبه
فكلما جاءه روع هدأ روعه وسكنه وبسط له أمله فيقول له : جزاك الله خيرا من صاحب
فما أحسن صورتك
! وأطيب ريحك ! فيقول له : أما تعرفني ؟ تعال فاركبني فطالما ركبتك في الدنيا أنا
عملك
إن عملك كان حسنا فترى صورتي حسنة وكان طيبا فترى ريحي طيبة
فيحمله فيوافي به الرب تبارك وتعالى فيقول : يا رب هذا فلان - وهو أعرف به منه -
قد شغلته في أيام حياته في الدنيا طالما اظمأت نهاره وأسهرت ليله فشفعني فيه
فيوضع تاج الملك على رأسه ويكسى حلة الملك فيقول : يا رب قد كنت أرغب له عن هذا
وأرجو له منك أفضل من هذا
فيعطى الخلد بيمينه والنعمة بشماله فيقول : يا رب إن كل تاجر قد دخل على أهله من
تجارته
فيشفع في أقاربه
وإذا كان كافرا مثل له عمله في أقبح صورة رآها وأنتنه فكلما جاءه روع زاده روعا
فيقول : قبحك الله من صاحب فما أقبح صورتك وما أنتن ريحك
! فيقول : من أنت ؟ قال : أما تعرفني ؟ أنا عملك إن عملك كان قبيحا فترى صورتي
قبيحة وكان منتنا فترى ريحي منتنة
فيقول : تعال حتى أركبك فطالما ركبتني في الدنيا
فيركبه فيوافي به الله فلا يقيم له وزنا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عمير قال : يؤتى بالرجل العظيم الطويل يوم
القيامة فيوضع في الميزان فلا يزن عند الله جناح بعوضة ثم تلا فلا نقيم لهم يوم
القيامة وزنا
وأخرج هناد عن كعب بن عجرة في قوله : فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا
قال : يجاء بالرجل يوم القيامة فيوزن فلا يزن حبة حنطة ثم يوزن فلا يزن شعيرة ثم
يوزن فلا يزن جناح بعوضة
ثم قرأ فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا يقول : ليس لهم وزن
(5/466)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والحاكم
وصححه عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " سلوا الله
الفردوس فإنها سرة الجنة وإن أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش "
وأخرج البخاري ومسلم وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة
وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة "
وأخرج أحمد وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والترمذي وابن جرير والحاكم والبيهقي في
البعث وابن مردويه عن عبادة بن الصامت أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
إن في الجنة مائة درجة بين كل درجتين كما بين السماء والأرض والفردوس أعلاها درجة
ومن فوقها يكون العرش ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة فإذا سألتم الله فاسألوه
الفردوس "
وأخرج أحمد والترمذي وابن ماجة وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في البعث عن معاذ
بن جبل : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن الجنة مائة درجة كل
منها ما بين السماء والأرض وأعلاها الفردوس وعليها يكون العرش وهي أوسط شيء في
الجنة ومنها تفجر أنهار الجنة فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن سمرة بن جندب قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " جنة الفردوس هي ربوة الجنة العليا التي هي أوسطها
وأحسنها "
وأخرج البزار عن العرباض بن سارية : إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه أعلى
الجنة
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم : " الفردوس
أعلى درجة في الجنة وفيها يكون عرش الرحمن ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة
وجنة عدن قصبة الجنة وفيها مقصورة الرحمن ومنها يسمع أطيط العرش فإذا سألتم الله
فاسألوه الفردوس "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " الفردوس مقصورة الرحمن فيها خيار الأنهار والأثمار "
(5/467)
وأخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : الفردوس بستان بالرومية
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : الفردوس هو الكرم بالنبطية وأصله فرداسا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عبد الله بن الحارث أن ابن عباس سأل كعبا عن
الفردوس قال : هي جنات الأعناب بالسريانية
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير : الفردوس يعني الجنة
قال : والجنة بلسان الرومية الفردوس
وأخرج النجاد في جزء التزاحم عن أبي عبيدة بن الجراح قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض
والفردوس أعلى الجنة فإذا سألتم الله عز و جل فسلوه الفردوس "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : لا يبغون عنها
حولا قال : متحولا
الآية 109 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : قل لو كان البحر
مدادا لكلمات ربي يقول : علم ربي
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد
البحر قبل أن تنفد كلمات ربي يقول : ينفد ماء البحر قبل أن ينفد كلام الله وحكمته
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي البختري قال : صحب سلمان رجل ليتعلم منه فانتهى إلى
دجلة وهي تطفح فقال له سلمان : انزل فاشرب
فشرب قال له : ازدد فازداد
قال : كم نقصت منها ؟ قال : ما عسى أن أنقص من هذه ؟ قال سلمان : فكذلك العلم تأخذ
منه ولا تنقصه
(5/468)
الآية
110 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن
عباس في قوله : فمن كان يرجو لقاء ربه الآية
قال : نزلت في المشركين الذين عبدوا مع الله إلها غيره وليست هذه في المؤمنين
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي الدنيا في الإخلاص وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم عن
طاوس قال : قال رجل : يا نبي الله إني أقف مواقف أبتغي وجه الله وأحب أن يرى موطني
فلم يرد عليه شيئا حتى نزلت هذه الآية فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا
ولا يشرك بعبادة ربه أحدا
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي موصولا عن طاوس عن ابن عباس
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كان من المسلمين من يقاتل وهو يحب أن يرى مكانه
فأنزل الله فمن كان يرجو لقاء ربه الآية
وأخرج ابن منده وأبو نعيم في الصحابة وابن عساكر من طريق السدي الصغير عن الكلبي
عن أبي صالح عن ابن عباس قال : كان جندب بن زهير إذا صلى أو صام أو تصدق فذكر بخير
ارتاح فزاد في ذلك لمقالة الناس فلامه الله فنزل في ذلك فمن كان يرجو لقاء ربه
فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا
وأخرج هناد في الزهد عن مجاهد قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال :
يا رسول الله أتصدق بالصدقة وألتمس بها ما عند الله وأحب أن يقال لي خيرا : فنزلت
فمن كان يرجو لقاء ربه الآية
وأخرج هناد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن سعيد في قوله : فمن كان يرجو
لقاء ربه قال : ثواب ربه
فليعمل عملا صالحا ولا يشرك قال : لا يرائي بعبادة ربه أحدا
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن سعيد بن جبير في قوله : فمن كان يرجو لقاء ربه
قال : من كان يخشى البعث في الآخرة فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا من
خلقه
(5/469)
قال
النبي صلى الله عليه و سلم : " إن ربكم يقول : أنا خير شريك فمن أشرك معي في
عمله أحدا من خلقي تركت العمل كله له ولم أقبل إلا ما كان لي خالصا
ثم قرأ النبي صلى الله عليه و سلم فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا
يشرك بعبادة ربه أحدا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن كثير بن زياد قال : قلت للحسن قول الله : فمن كان يرجو لقاء
ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا قال : في المؤمن نزلت
قلت : أشرك بالله ؟ قال : لا ولكن أشرك بذلك العمل عملا يريد الله به والناس فذلك
يرد عليه
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الواحد بن زيد قال : قلت للحسن : أخبرني عن الرياء ؟
أشرك هو ؟ قال : نعم يا بني وما تقرأ فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا
؟ وأخرج الطبراني عن شداد بن أوس قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : "
إذا جمع الله الأولين والآخريين ببقيع واحد ينفدهم البصر ويسمعهم الداعي قال : أنا
خير شريك كل عمل عمل لي في دار الدنيا كان لي فيه شريك فأنا أدعه اليوم ولا أقبل
اليوم إلا خالصا
ثم قرأ إلا عباد الله المخلصين الصافات آية 40 فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا
صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا
وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي وابن ماجة والبيهقي عن أبي سعد بن أبي فضالة
الأنصاري - وكان من الصحابة - : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : "
إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه نادى مناد : من كان أشرك في عمل
عمله لله أحدا فليطلب ثوابه من عند غير الله فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك
"
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن أبي هريرة أن رجلا قال : " يا رسول الله
الرجل يجاهد في سبيل الله وهو يبتغي عرضا من الدنيا ؟ قال : لا أجر له
فأعظم الناس هذه فعاد الرجل فقال : لا أجر له "
وأخرج ابن أبي الدنيا في الإخلاص وابن مردويه والحالكم وصححه والبيهقي عن شداد بن
أوس قال : كنا نعد الرياء على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم الشرك الأصغر
(5/470)
وأخرج
أحمد وابن أبي الدنيا وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي عن شداد بن أوس : سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي
فقد أشرك ومن تصدق يرائي فقد أشرك
ثم قرأ فمن كان يرجو لقاء ربه الآية "
وأخرج الطيالسي وأحمد وابن مردويه عن شداد بن أوس رضي الله عنه : سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : " أنا خير قسيم لمن أشرك بي من أشرك بي شيئا فإن
عمله قليله وكثيره لشريكه الذي أشرك به أنا عنه غني "
وأخرج البزار وابن منده والبيهقي وابن عساكر عن عبد الرحمن بن غنم أنه قيل له :
" أسمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : من صام رياء فقد أشرك ومن صلى
رياء فقد أشرك ومن تصدق رياء فقد أشرك ؟ فقال : بلى ولكن رسول الله صلى الله عليه
و سلم تلا هذه الآية فمن كان يرجو لقاء ربه فشق ذلك على القوم واشتد عليهم فقال :
ألا أفرجها عنكم ؟ قالوا : بلى يا رسول الله فقال : هي مثل الآية في الروم وما
آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله الروم آية 39 فمن عمل رياء
لم يكتب لا له ولا عليه "
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي عن أبي سعيد قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " الشرك الخفي أن يقوم الرجل يصلي لمكان رجل
"
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي عن شداد بن أوس : سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " أخاف على أمتي الشرك والشهوة الخفية
قلت : أتشرك أمتك من بعدك ؟ قال : نعم أما إنهم لا يعبدون شمسا ولا قمرا ولا حجر
ولا وثنا ولكن يراؤون الناس بأعمالهم
قلت : يا رسول الله فالشهوة الخفية ؟ قال : يصبح أحدهم صائما فتعرض له شهوة من
شهواته فيترك صومه ويواقع شهوته "
وأخرج أحمد ومسلم وابن أبي حاتم وابن مدرويه والبيهقي عن أبي هريرة عن النبي صلى
الله عليه و سلم يرويه عن ربه قال : " أنا خير الشركاء فمن عمل عملا أشرك فيه
غيري فأنا بريء منه وهو الذي أشرك "
(5/471)
وأخرج
أحمد والبيهقي عن محمود بن لبيد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن
أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر
قالوا : وما الشرك الأصغر يا رسول الله ؟ قال : الرياء يقول الله يوم القيامة :
إذا جزي الناس بأعمالهم : اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا فانظروا هل
تجدون عندهم جزاء "
وأخرج البزار والبيهقي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
تعرض أعمال بني آدم بين يدي الله عز و جل يوم القيامة في صحف مختتمة فيقول الله :
ألقوا هذا واقبلوا هذا
فتقول الملائكة : يا رب والله ما رأينا منه إلا خيرا
فيقول : إن عمله كان لغير وجهي ولا أقبل اليوم من العمل إلا ما أريد به وجهي
"
وأخرج البزار وابن مردويه والبيهقي بسند لا بأس به عن الضحاك بن قيس قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يقول الله : أنا خير شريك فمن أشرك معي
أحدا فهو لشريكي
يا أيها الناس أخلصوا الأعمال لله فإن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما خلص له ولا
تقولوا هذا لله وللرحم فإنه للرحم وليس لله منه شيء "
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو أنه قال : " يا رسول الله أخبرني عن
الجهاد والغزو قال : يا عبد الله : إن قاتلت صابرا محتسبا بعثك الله صابرا محتسبا
وإن قاتلت مرائيا مكاثرا على أي حال قاتلت أو قتلت بعثك الله على تلك الحال "
وأخرج أحمد والدارمي والنسائي والروياني وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه عن
يحيى بن الوليد بن عبادة عن جده أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من غزا
وهو لا ينوي في غزاته إلا عقالا فله ما نوى "
وأخرج الحاكم عن يعلى بن منبه قال : " كان النبي صلى الله عليه و سلم يبعثني
في سراياه فبعثني ذات يوم وكان رجل يركب فقلت له : إرحل
قال : ما أنا بخارج معك
قلت : لم ؟ قال : حتى تجعل لي ثلاثة دنانير
قلت : الآن حين ودعت النبي صلى الله عليه و سلم ما أنا براجع إليه إرحل ولك ثلاثة
دنانير
فلما رجعت من غزاتي ذكرت ذلك للنبي فقال : أعطها إياه فإنها حظه من غزاته "
وأخرج أبو داود والنسائي والطبراني بسند جيد عن أبي أمامة قال : " جاء رجل
إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : أرأيت رجلا غزا يلتمس الأجر والذكر ما
له ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا شيء له
فأعادها ثلاث مرات يقول رسول الله صلى الله عليه و سلم :
(5/472)
لا
شيء له
ثم قال : إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا وابتغي به وجهه "
وأخرج الطبراني بسند لا بأس به عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ما ابتغي به وجه الله عز و جل "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وابن ماجة والبيهقي في الأسماء والصفات
عن جندب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من يسمع يسمع الله به
ومن يرائي يرائي الله به "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عبد الله بن عمر : وسمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " من قام بخطبة لا يلتمس بها إلا رياء وسمعة أوقفه الله عز و جل
يوم القيامة في موقف رياء وسمعة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" من يرائي يرائي الله به ومن يسمع يسمع الله به "
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمود بن لبيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إياكم وشرك السرائر
قالوا : وما شرك السرائر ؟ قال : أن يقوم أحدكم يريد صلاته جاهدا لينظر الناس إليه
فذلك شرك السرائر "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : من صلى صلاة والناس يرونه فليصل إذا خلا
مثلها وإلا فإنما هي استهانة يستهين بها ربه
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة مثله
وأخرج البيهقي عن عمرو بن عبسة قال : إذا كان يوم القيامة جيء بالدنيا فيميز منها
ما كان لله وما كان لغير الله رمي به في نار جهنم
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي موسى الأشعري قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه و
سلم ذات يوم فقال : " أيها الناس اتقوا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل
فقالوا : وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله ! قال : قولوا : اللهم
إنا نعوذ بك أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفر لما لا نعلم "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن عبادة بن الصامت قال :
يجاء بالدنيا يوم القيامة فيقال : ميزوا ما كان لله فيميز ثم يقول : ألقوا سائرها
في النار
(5/473)
وأخرج
الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن معاذ بن جبل : سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : " إن يسيرا من الرياء شرك وإن من عادى أولياء الله فقد
بارز الله بالمحاربة وإن الله يحب الأبرار الأخفياء الأتقياء الذين إن غابوا لم
يفتقدوا وإن حضروا لم يدعوا ولم يعرفوا قلوبهم مصابيح الدجى يخرجون من كل غبراء
مظلمة "
وأخرج البيهقي وضعفه عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" إن الاتقاء على العمل أشد من العمل إن الرجل ليعمل فيكتب له عمل صالح معمول
به في السر يضعف أجره سبعين ضعفا فلا يزال به الشيطان حتى يذكره للناس فيكتب
علانية ويمحى تضعيف أجره كله ثم لا يزال به الشيطان حتى يذكره للناس ثانية ويحب أن
يذكر ويحمد عليه فيمحى من العلانية ويكتب رياء فاتقى الله امرؤ صان دينه فإن
الرياء شرك "
وأخرج أحمد والبيهقي عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن
أحسن أوليائي عندي منزلة رجل ذو حظ من صلاة
أحسن عبادة ربه في السر وكان غامضا في الناس لا يشار إليه بالأصابع عجلت منيته وقل
تراثه وقلت بواكيه "
وأخرج ابن سعد وأحمد والبيهقي عن أبي هند الداري : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " من قام مقام رياء أو سمعة رايا الله به يوم القيامة وسمع به
"
وأخرج البيهقي عن عمر بن النضر قال : بلغني أن في جهنم واديا تعوذ منه جهنم كل يوم
أربعمائة مرة أعد ذلك للمرائين من القراء
وأخرج البيهقي عن أبي هريرة قال : خرج النبي صلى الله عليه و سلم فقال : "
تعوذ بالله من جب الحزن قيل من يسكنه ؟ قال : المراؤون بأعمالهم "
وأخرج البيهقي عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يقول
الله عز و جل : كل من عمل عملا أراد به غيري فأنا منه بريء "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
اتقوا الشرك الأصغر قالوا : وما الشرك الأصغر ؟ قال : الرياء يوم يجازي الله
العباد بأعمالهم يقول : اذهبوا إلى الذين كنتم تراؤون في الدنيا انظروا
هل تصيبون عندهم جزاء ؟ "
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن محمد بن الحنفية قال : كل ما لا يبتغى به وجه الله
يضمحل
(5/474)
وأخرج
ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي العالية قال : قال لي أصحاب محمد صلى الله
عليه و سلم : يا أبا العالية لا تعمل لغير الله فيكلك الله عز و جل إلى عملت له
وأخرج ابن أبي شيبة عن ربيع بن خثيم قال : ما لم يرد به وجه الله عز و جل يضمحل
وأخرج ابن الضريس في فضائل القرآن عن إسماعيل بن أبي رافع قال : بلغنا أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : " ألا أخبركم بسورة ملأ عظمتها ما بين السماء
والأرض شيعها سبعون ألف ملك ؟ سورة الكهف من قرأها يوم الجمعة غفر الله له بها إلى
الجمعة الأخرى وزيادة ثلاثة أيام من بعدها وأعطي نورا يبلغ السماء ووقي من فتنة
الدجال
ومن قرأ الخمس آيات من خاتمتها حين يأخذ مضجعه من فراشه حفظ وبعث من أي الليل شاء
"
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن معاوية بن أبي سفيان أنه تلا هذه الآية فمن كان
يرجو لقاء ربه الآية
قال : إنها آخر آية نزلت من القرآن
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي حكيم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " لو لم ينزل على أمتي إلا خاتمة سورة الكهف لكفتهم "
وأخرج ابن راهويه والبزار وابن مردويه والحاكم وصححه والشيرازي في الألقاب عن عمر
بن الخطاب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من قرأ في ليلة فمن
كان يرجو لقاء ربه الآية كان له نور من عدن أبين إلى مكة حشوه الملائكة "
وأخرج ابن الضريس عن أبي الدرداء قال : من حفظ خاتمة الكهف كان له نور يوم القيامة
من لدن قرنه إلى قدمه
والله أعلم بالصواب
(5/475)
بسم
الله الرحمن الرحيم
19 -
سورة مريم
مكية وآياتها ثمان وتسعون
مقدمة سورة مريم أخرج النحاس وابن مردويه عن ابن الزبير قال : نزلت سورة مريم بمكة
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : نزلت سورة مريم بمكة
وأخرج الطبراني وأبو نعيم والديلمي من طريق أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم
الغساني عن أبيه عن جده قال : " أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت :
ولدت لي الليلة جارية
فقال : والليلة أنزلت علي سورة مريم سمها مريم "
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن أم سلمة : أن النجاشي قال لجعفر
بن أبي طالب : هل معك مما جاء به - يعني رسول الله - من الله من شيء ؟ قال : نعم
فقرأ عليه صدرا من كهيعص فبكى النجاشي حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى أخضلوا
مصاحفهم حين سمعوا ما تلي عليهم ثم قال النجاشي : إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج
من مشكاة واحدة
وأخرج ابن أبي شيبة عن مورق العجلي قال : صليت خلف ابن عمر الظهر فقرأ بسورة مريم
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : سمعت عبد الله بن عمر يقرأ في الظهر بكهيعص
وأخرج ابن سعد عن هاشم بن عاصم الأسلمي عن أبيه قال : لما هاجر رسول الله صلى الله
عليه و سلم من مكة إلى المدينة فانتهى إلى الغميم أتاه بريدة بن الخصيب فأسلم
(5/476)
قال
هاشم : فحدثني المنذر بن جهضم قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد علم
بريدة ليلتئذ صدرا من سورة مريم
وأخرج ابن سعد عن أبي هريرة قال : قدمت المدينة ورسول الله صلى الله عليه و سلم
بخيبر فوجدت رجلا من غفار يؤم الناس في صلاة الفجر فسمعته يقرأ في الركعة الأولى
سورة مريم وفي الثانية ويل للمطففين
الآية 1 - 11 أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات
عن ابن عباس في قوله : كهيعص قال : كبير هاد أمين عزيز صادق
وفي لفظ : كاف بدل كبير
(5/477)
وأخرج
عبد الرزاق وآدم بن أبي إياس وعثمان بن سعيد الدارمي في التوحيد وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن
ابن عباس كهيعص قال : كاف من كريم وهاء من هاد وياء من حكيم وعين من عليم وصاد من
صادق
وأخرج ابن ابي حاتم عن ابن مسعود وناس من الصحابة كهيعص هو الهجاء المقطع الكاف من
الملك والهاء من الله والياء والعين من العزيز والصاد من المصور
وأخرج ابن مردويه عن الكلبي أنه سئل عن كهيعص فحدث عن أبي صالح عن أم هانئ عن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : " كاف هاد عالم صادق "
وأخرج عثمان بن سعيد الدارمي وابن ماجة وابن جرير عن فاطمة بنت علي قالت : كان ابن
عباس يقول في كهيعص و حم و يس وأشباه هذا هو اسم الله الأعظم
وأخرج ابن ابي حاتم عن ابن عباس في قوله : كهيعص قسم أقسم الله به وهو من أسماء
الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : كهيعص قال : يقول : أنا الكبير الهادي علي
أمين صادق
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله : كهيعص قال : الكاف من الملك والهاء
من الله والعين من العزيز والصاد من الصمد
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس في قوله : كهيعص قال : الكاف مفتاح اسمه كافي
والهاء مفتاح اسمه هادي والعين مفتاح اسمه عالم والصاد مفتاح اسمه صادق
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله : كهيعص قال : يا من يجير ولا يجار
عليه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : كهيعص قال : اسم من أسماء
القرآن
والله أعلم
(5/478)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن يحيى بن يعمر أنه كان يقرأ ذكر رحمة ربك عبده زكريا بنقل يقول :
لما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في
الشتاء
فقال : ذكر رحمة ربك
وأخرج أحمد وأبو يعلى والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : " كان زكريا نجارا "
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس قال : إن زكريا بن دان أبا يحيى كان من
أبناء الأنبياء الذين كانوا يكتبون الوحي ببيت المقدس
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : إذ نادى ربه نداء خفيا قال : لا يريد رياء
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : إذ نادى ربه نداء خفيا أي بقلبه سرا
قال قتادة : إن الله يحب الصوت الخفي والقلب النقي
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : كان آخر أنبياء بني إسرائيل زكريا بن إدريس
من ذرية يعقوب دعا ربه سرا قال : رب إني وهن العظم مني إلى قوله : خفت الموالي من
ورائي وهم العصبة يرثني ويرث نبوة آل يعقوب فنادته الملائكة وهو جبريل إن الله يبشرك
بغلام اسمه يحيى فلما سمع النداء جاءه الشيطان فقال : يا زكريا إن الصوت الذي سمعت
ليس من الله إنما هو من الشيطان يسخر بك فشك وقال : أنى يكون لي غلام يقول : من
أين يكون ؟ وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر ! قال الله : قد خلقتك من قبل ولم تك
شيئا
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : وهن العظم مني يقول : ضعف
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : وهن العظم مني قال : نحول
العظم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ولم أكن بدعائك
رب شقيا قال : قد كنت تعودني الإجابة فيما مضى
(5/479)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عيينة في قوله : ولم أكن بدعائك رب شقيا يقول : سعدت بدعائك
وإن لم تعطني
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن العاص قال : أملى علي عثمان
بن عفان من فيه وإني خفت الموالي بنقلها يعني بنصب الخاء والفاء وكسر التاء يقول
قلت : الموالي
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وإني خفت الموالي من ورائي قال : الورثة
وهم عصبة الرجل
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :
وإني خفت الموالي من ورائي قال : العصبة من آل يعقوب وكان من ورائه غلام وكان
زكريا من ذرية يعقوب وفي لفظ : أيوب
وأخرج الفريابي عن ابن عباس قال : كان زكريا لا يولد له فسأل ربه ؟ فقال : رب هب
لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب قال : يرثني مالي ويرث من آل يعقوب النبوة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : يرثني
ويرث من آل يعقوب قال : نبوته وعلمه
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يرحم الله أخي زكريا ما كان عليه من
ورثة ويرحم الله لوطا إن كان ليأوي إلى ركن شديد "
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : يرثني ويرث من آل يعقوب فيقول : يرث نبوتي
ونبوة آل يعقوب
وأخرج ابن أبي حاتم عن صالح في قوله : ويرث من آل يعقوب قال : السنة والعلم
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن يحيى بن يعمر أنه قرأها : وإني خفت الموالي
من ورائي مشددة بنصب الخاء وكسر التاء وقرأها : يرثني ويرث من آل يعقوب
(5/480)
وأخرج
عبد بن حميد عن ابن عباس أنه كان يقرأ يرثني ويرث من آل يعقوب
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ يرثني مثقل مرفوع
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال : قال داود عليه السلام : " يا رب هب
لي ابنا " فولد له ابن خرج عليه فبعث إليه داود جيشا فقال : " إن
أخذتموه سليما فابعثوا إلي رجلا أعرف السرور في وجهه وإن قتلتموه فابعثوا إلي رجلا
أعرف الشر في وجهه " فقتلوه فبعثوا إليه رجلا أسود فلما رآه علم أنه قتل فقال
: رب سألت أن تهب لي ابنا فخرج علي ؟ ! فقال : إنك لم تستثن
قال محمد بن كعب : لم يقل كما قال زكريا : واجعله رب رضيا
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : لما دعا زكريا ربه أن يهب له غلاما هبط جبريل
عليه السلام - فبشره بيحيى
فقال زكريا عندها : أنى يكون لي غلام وأخبر بكبر سنه وعلة زوجته فأخذ جبريل عودا
يابسا فجعله بين كفي زكريا فقال : ادرجه بين كفيك ففعل فإذا في رأسه عود بين
ورقتين يقطر منهما الماء
فقال جبريل : إن الذي أخرج هذا الورق من هذا العمود قادر أن يخرج من صلبك ومن
امرأتك العاقر غلاما
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم
وصححه عن ابن عباس في قوله : لم نجعل له من قبل سميا قال : لم يسم أحد يحيى قبله
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : لم نجعل له من
قبل سميا قال : لم يسم أحد يحيى قبله
وأخرج أحمد في الزهد عن عكرمة مثله
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : لم نجعل له من قبل سميا قال
: لم تلد العواقر مثله ولدا
وأخرج أحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :
لم نجعل له من قبل سميا قال : مثلا
(5/481)
وأخرج
أحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله :
لم نجعل له من قبل سميا قال : شبيها
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء مثله
وأخرج البخاري في تاريخه عن يحيى بن خلاد الزرقي أنه لما ولد أتي به النبي صلى
الله عليه و سلم فحنكه وقال : لأسمينه اسما لم يسم بعد يحيى بن زكريا فسماه يحيى
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود وابن جرير والحاكم وصححه وابن
مردويه عن ابن عباس قال : لا أدري كيف كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ هذا
الحرف عتيا أو عييا
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والابتداء والحاكم عن ميمون بن مهران : أن نافع بن
الأزرق سأل ابن عباس ؟ فقال : أخبرني عن قول الله : وقد بلغت من الكبر عتيا ما
العتي ؟ قال : البؤس من الكبر قال الشاعر : إنما يعذر الوليد ولا يعذر من كان في
الزمان عتيا وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : وقد
بلغت من الكبر عتيا قال : نحول العظم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وقد
بلغت من الكبر عتيا يقول : هرما
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد وقد بلغت من الكبر عتيا قال : العتي الذي عتا من
الولد فيما يرى في نفسه لا ولادة فيه
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن الثوري قال : بلغني أن زكريا كان ابن سبعين سنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن المبارك وقد بلغت من الكبر عتيا قال : ستين سنة
وأخرج الرامهرمزي في الإسناد عن وهب بن منبه وقد بلغت من الكبر عتيا قال : هذه
المقالة وهو ابن ستين أو خمس وستين
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ عتيا برفع العين
وأخرج عبد بن حميد عن يحيى بن وثاب أنه قرأها عتيا وصليا بكسر العين والصاد
(5/482)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عقيل أنه قرأ " وقد بلغت من الكبر عسيا "
بالسين ورفع العين
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والحاكم عن نوف في قوله : قال : رب اجعل لي آية قال
: أعطني آية أنك قد استجبت لي
فقال : آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا قال ختم على لسانه وهو صحيح سوي ليس
به من مرض فلم يتكلم ثلاثة أيام
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : أن لا تكلم الناس ثلاث ليال سويا قال :
اعتقل لسانه من غير مرض
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ثلاث ليال سويا قال : من
غير خرس
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة والضحاك مثله
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : ثلاث ليال سويا قال : صحيحا لا يمنعك الكلام
مرض
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : حبس لسانه فكان لا يستطيع أن يكلم
أحدا وهو في ذلك يسبح ويقرأ التوراة فإذا أراد كلام الناس لم يستطع أن يكلمهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : فخرج على قومه من المحراب قال : المحراب
مصلاه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فأوحى إليهم قال : كتب لهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الحكم فأوحى إليهم قال : كتب لهم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد فأوحى إليهم
قال فأشار زكريا
أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب فأوحى إليهم أن
سبحوا قال : أشار إليهم إشارة
(5/483)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير فأوحى إليهم قال : أومأ إليهم
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : فأوحى إليهم أن سبحوا قال
: صلوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله : بكرة وعشيا قال : أمرهم بالصلاة بكرة
وعشيا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة فأوحى إليهم أن سبحوا بكرة وعشيا قال :
البكرة صلاة الفجر وعشيا صلاة العصر
الآية 12 - 15 أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله : يا يحيى خذ الكتاب بقوة قال : بجد وآتيناه الحكم صبيا قال : الفهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : خذ الكتاب بقوة يقول : اعمل بما فيه
من فرائضه
وأخرج ابن المنذر عن مالك بن دينار قال : سألنا عكرمة عن قوله : وآتيناه الحكم
صبيا قال : اللب
وأخرج أبو نعيم وابن مردويه والديلمي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم في
قوله : وآتيناه الحكم صبيا قال : أعطي الفهم والعبادة وهو ابن سبع سنين
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وآتيناه
الحكم صبيا قال : وهو ابن ثلاث سنين
وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم والخرائطي وابن عساكر عن معمر بن
راشد في قوله : وآتيناه الحكم صبيا قال : بلغني أن الصبيان قالوا
(5/484)
ليحيى
بن زكريا : اذهب بنا نلعب قال : ما للعب خلقت
فهو قوله : وآتيناه الحكم صبيا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد من طريق معمر عن قتادة قال : جاء الغلمان إلى يحيى
بن زكريا فقال : ما للعب خلقت
قال : فأنزل الله وآتيناه الحكم صبيا
وأخرجه ابن عساكر عن معاذ بن جبل مرفوعا
وأخرج الحاكم في تاريخه من طريق سهل بن سعيد عن الضحاك عن ابن عباس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم - قال الغلمان ليحيى بن زكريا : اذهب بنا نلعب فقال يحيى
: ما للعب خلقنا ! اذهبوا نصلي
فهو قول الله : وآتيناه الحكم صبيا
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " من قرأ القرآن قبل أن يحتلم فقد أوتي الحكم صبيا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس موقوفا
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم والزجاجي في أماليه والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات من
طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله : وحنانا قال : لا أدري ما هو إلا أني أظنه تعطف
الله على خلقه بالرحمة
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : سألت ابن عباس عن قوله : وحنانا فلم يجر
فيها شيئا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله :
وحنانا من لدنا قال : رحمة من عندنا
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له أخبرني عن قوله : وحنانا من
لدنا قال : رحمة من عندنا
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت طرفة بن العبد البكري وهو يقول : أبا منذر أفنيت فاستبق بعضنا حنانيك بعض
لشر أهون من بعض وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وحنانا من لدنا قال : تعطفا من ربه
عليه
(5/485)
وأخرج
عبد بن حميد عن الحسن وحنانا من لدنا قال : الرحمة
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع وحنانا من لدنا قال : رحمة من عندنا لا يملك عطاءها
أحد غيرنا
وأخرج الحكيم الترمذي عن سعيد الجهني في قوله : وحنانا من لدنا قال : الحنان المحبب
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة وحنانا من لدنا قال : رحمة من عندنا وزكاة
قال صدقة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وزكاة قال : بركة
وفي قوله : وكان تقيا قال : طهر فلم يعمل بذنب
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة أنه سئل عن قوله : وكان تقيا قال : لم يعصه
ولم يهم بها
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة
في قوله : ولم يكن جبارا عصيا قال : كان سعيد بن المسيب يقول : قال النبي صلى الله
عليه و سلم " ما من أحد يلقى الله يوم القيامة إلا ذا ذنب إلا يحيى بن زكريا
" قال قتادة : وقال الحسن : قال النبي صلى الله عليه و سلم " ما أذنب
يحيى بن زكريا قط ولا هم بامرأة "
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس في قوله : ذكر رحمة ربك عبده زكريا قال
: ذكره الله برحمته منه حيث دعاه إذ نادى ربه نداء خفيا يعني دعا ربه دعاء خفيا في
الليل لا يسمع أحدا أو يسمع أذنيه
فقال : رب إني وهن العظم مني يعني ضعف العظم مني واشتعل الرأس شيبا يعني غلب
البياض السواد ولم أكن بدعائك رب شقيا أي لم أدعك قط فخيبتني فيما مضى فتخيبني
فيما بقي فكما لم اشق بدعائي فيما مضى فكذلك لا أشقى فيما بقي عودتني الإجابة من
نفسك
وإني خفت الموالي من ورائي فلم يبق لي وارث وخفت العصبة أن ترثني فهب لي من لدنك
وليا يعني من عندك وليا يرثني يعني يرث محرابي وعصاي وبرنس العربان وقلمي الذي
أكتب به الوحي ويرث من آل يعقوب النبوة واجعله رب رضيا يعني مرضيا عندك زاكيا
بالعمل فاستجاب الله له فكان قد دخل في
(5/486)
السن
هو وامرأته
فبينا هو قائم يصلي في المحراب حيث يذبح القربان إذا هو برجل عليه البياض حياله
وهو جبريل فقال : يا زكريا إن الله يبشرك بغلام اسمه يحيى هو اسم من اسماء الله
اشتق من حي سماه الله فوق عرشه لم نجعل له من قبل سميا لم يجعل لزكريا من قبل يحيى
ولد له هل تعلم له سميا يعني هل تعلم له ولدا ولم يكن لزكريا قبله ولد ولم يكن قبل
يحيى أحد يسمى يحيى قال : وكان اسمه حيا فلما وهب الله لسارة إسحق فكان اسمها
يسارة ويسارة من النساء التي لا تلد وسارة من النساء : الطالقة الرحم التي تلد
فسماها الله سارة وحول الياء من سارة إلى حي فسماه يحيى فقال : رب أنى يكون لي
غلام وكانت امرأتي عاقرا خاف أنها لا تلد
قال : كذلك قال ربك يا زكريا هو علي هين وقد خلقتك من قبل أن أهب لك يحيى ولم تك
شيئا وكذلك أقدر على أن أخلق من الكبير والعاقر
وذلك أن إبليس أتاه فقال : يا زكريا دعاؤك كان خفيا فأجبت بصوت رفيع وبشرت بصوت
عال ذلك صوت من الشيطان ليس من جبريل ولا من ربك
قال رب اجعل لي آية حتى أعرف أن هذه البشرى منك
قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاث ليال يعني صحيحا من غير خرس
فحاضت زوجته فلما طهرت طاف عليها فاستحملت فأصبح لا يتكلم وكان إذا أراد التسبيح
والصلاة أطلق الله لسانه فإذا أراد أن يكلم الناس أعتقل لسانه فلا يستطيع أن يتكلم
وكانت عقوبة له لأنه بشر بالولد فقال : أنى يكون لي غلام فخاف أن يكون الصوت من
غير الله فخرج على قومه من المحراب يعني من مصلاه الذي كان يصلي فيه
فأوحى إليهم بكتاب كتبه بيده أن سبحوا بكرة عشيا يعني صلوا صلاة الغداة والعصر
فولد له يحيى على ما بشره الله نبيا تقيا صالحا يا يحيى خذ الكتاب بقوة يعني بجد
وطاعة واجتهاد وشكر وبالعمل بما فيه وآتيناه الحكم يعني الفهم صبيا صغيرا وذلك أنه
مر على صبية أتراب له يلعبون على شاطئ نهر بطين وبماء فقالوا : يا يحيى تعال حتى
نلعب فقال : سبحان الله ! أو للعب خلقنا ؟ ! وحنانا يعني ورحمة منا وعطفا وزكاة
يعني وصدقة على زكريا وكان تقيا يعني مطهرا مطيعا لله وبرا بوالديه كان لا يعصيهما
ولم يكن جبارا يعني قتال النفس التي حرم الله قتلها عصيا يعني عاصيا لربه
وسلام عليه يعني حين سلم الله عليه يوم ولد
(5/487)
ويوم
يموت ويوم يبعث حيا
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عبد الرحمن بن القاسم قال : قال مالك : بلغني أن عيسى
ابن مريم ويحيى بن زكريا عليهما السلام ابنا خالة وكان حملهما جميعا معا فبلغني أن
أم يحيى قالت لمريم : إني أرى ما في بطني يسجد لما في بطنك
قال مالك : أرى ذلك لتفضيل الله عيسى لأن الله جعله يحيي الموتى ويبرئ الأكمه
والأبرص ولم يكن ليحيى إلا عشب الأرض وإن كان ليبكي من خشية الله حتى لو كان على
خذه القار لأذابه ولقد كان الدمع اتخذ في وجهه مجرى
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن خزيمة والدارقطني في الأفراد
وأبو نصر السجزي في الإبانة والطبراني عن ابن عباس قال : كنا في حلقة في مسجد
النبي صلى الله عليه و سلم نتذاكر فضائل الأنبياء فذكرنا نوحا وطول عبادته وذكرنا
إبراهيم وموسى وعيسى فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : " ما
تذاكرون بينكم " فذكرنا له فقال : أما إنه لا ينبغي أن يكون أحد خيرا من يحيى
بن زكريا أما سمعتم الله كيف وصفه في القرآن يا يحيى خذ الكتاب بقوة إلى قوله :
وكان تقيا لم يعمل سيئة قط ولم يهم بها
وأخرج ابن عساكر عن ابن شهاب : أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج على أصحابه يوما
وهم يتذاكرون فضل الأنبياء فقال قائل : موسى كلمه الله تكليما وقال قائل : عيسى
روح الله وكلمته وقال قائل : إبراهيم خليل الله فقال النبي صلى الله عليه و سلم :
" وأين الشهيد ابن الشهيد يلبس الوبر ويأكل الشجر مخافة الذنب يحيى بن زكريا
"
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول والحاكم وابن مردويه عن ابن عباس أن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ما من أحد من ولد آدم إلا وقد أخطأ أو هم
بخطيئة إلا يحيى بن زكريا لم يهم بخطيئة ولم يعملها "
وأخرج ابن إسحق وابن أبي حاتم والحاكم عن عمرو بن العاص قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " كل بني آدم يأتي يوم القيامة وله ذنب إلا ما كان من يحيى
بن زكريا "
وأخرج أحمد في الزهد وابن عساكر عن يحيى بن جعدة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " لا ينبغي لأحد أن يقول : أنا خير من يحيى بن زكريا ما هم
بخطيئة ولا حاكت في صدره امرأة "
(5/488)
وأخرج
ابن عساكر عن ضمرة بن حبيب قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : " ما بعلت
النساء عن ولد ينبغي له أن يقول : أنا أفضل من يحيى بن زكريا لم يحك في صدره خطيئة
ولم يهم بها "
وأخرج ابن عساكر عن علي بن أبي طلحة رفعه قال : ما ارتكض في النساء من جنين ينبغي
له أن يقول : أنا أفضل من يحيى بن زكريا لأنه لم يحك في صدره خطيئة ولم يهم بها
"
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن
قال : إن عيسى ويحيى التقيا فقال يحيى لعيسى : استغفر لي أنت خير مني فقال له عيسى
: بل أنت خير مني سلم الله عليك وسلمت أنا على نفسي فعرف والله فضلها
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن حبان والطبراني والحاكم والضياء عن أبي سعيد قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة - إلا
ابني الخالة - عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا "
وأخرج الحاكم من طريق سمرة عن كعب قال : كان يحيى لا يقرب النساء ولا يشتهين وكان
شابا حسن الوجه لين الجناح قليل الشعر قصير الأصابع طويل الأنف أقرن الحاجبين رقيق
الصوت كثير العبادة قويا في الطاعة
وأخرج البيهقي في الشعب وضعفه وابن عساكر عن أبي بن كعب : سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : " إن من هوان الدنيا على الله أن يحيى بن زكريا قتلته
امرأة "
وأخرج الحاكم عن عبد الله بن الزبير قال : من أنكر البلاء فإني لا أنكره لقد ذكر
لي أنما قتل يحيى بن زكريا في زانية
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طريقه : أنا يعقوب الكوفي عن عمرو بن ميمون عن
أبيه عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ليلة أسري به رأى زكريا في
السماء فسلم عليه فقال له : " يا أبا يحيى خبرني عن قتلك كيف كان ؟ ولم قتلك
بنو إسرائيل ؟ قال : يا محمد إن يحيى كان خير أهل زمانه وأجملهم وأصبحهم وجها وكان
كما قال الله : سيدا وحصورا وكان لا يحتاج إلى النساء فهويته امرأة ملك بني
إسرائيل وكانت بغية فأرسلت إليه وعصمه الله وامتنع يحيى وأبى عليها وأجمعت على قتل
يحيى ولهم عيد يجتمعون في كل عام وكانت
(5/489)
سنة
الملك أن يوعد ولا يخلف ولا يكذب فخرج الملك للعيد فقامت امرأته فشيعته وكان بها
معجبا ولم تكن تسأله فيما مضى فلما أن شيعته قال الملك : سليني فما تسأليني شيئا
إلا أعطيتك قالت : أريد دم يحيى بن زكريا
قال لها : سليني غيره
قالت : هو ذاك
قال : هو لك فبعث جلاوزتها إلى يحيى وهو في محرابه يصلي وأنا إلى جانبه أصلي فذبح
في طست وحمل رأسه ودمه إليها
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : فما بلغ من صبرك ؟ قال : ما انفتلت من صلاتي
فلما حمل رأسه إليها ووضع بين يديها - فلما أمسوا - خسف الله بالملك وأهل بيته
وحشمه فلما أصبحوا قالت بنو إسرائيل : لقد غضب إله زكريا لزكريا فتعالوا حتى نغضب
لملكنا فنقتل زكريا فخرجوا في طلبي ليقتلوني فجاءني النذير فهربت منهم وإبليس
أمامهم يدلهم علي : فلما أن تخوفت أن لا أعجزهم عرضت لي شجرة فنادتني فقالت : إلي
إلي وانصدعت لي فدخلت فيها وجاء إبليس حتى أخذ بطرف ردائي والتأمت الشجرة وبقي طرف
ردائي خارجا من الشجرة وجاء بنو إسرائيل فقال إبليس : أما رأيتموه دخل هذه الشجرة
! هذا طرف ردائه دخل به الشجرة فقالوا : نحرق هذه الشجرة فقال إبليس : شقوه
بالمنشار شقا
قال : فشققت مع الشجرة بالمنشار
فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : يا زكريا هل وجدت له مسا أو وجعا ؟ قال : لا
إنما وجدت تلك الشجرة جعل الله روحي فيها "
وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه أن زكريا هرب ودخل جوف شجرة فوضع على الشجرة المنشار
وقطع بنصفين فلما وقع المنشار على ظهره أن فأوحى الله " يا زكريا إما أن تكف
عن أنينك أو أقلب الأرض ومن عليها " فسكت حتى قطع نصفين
وأخرج أحمد في الزهد وابن عساكر عن يزيد بن ميسرة قال : كان طعام يحيى بن زكريا
الجراد وقلوب الشجر وكان يقول : من أنعم منك يا يحيى ؟ طعامك الجراد وقلوب الشجر
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن عساكر عن أبي إدريس الخولاني وابن المبارك
وأحمد في الزهد وأبو نعيم عن مجاهد قال : كان طعم يحيى بن زكريا العشب وإن كان
ليبكي من خشية الله حتى لو كان القار على عينه لأحرقه ! ولقد كانت الدموع اتخذت
مجرى في وجهه
(5/490)
وأخرج
ابن عساكر عن يونس بن ميسرة قال : مر يحيى بن زكريا على دينار فقال : قبح هذا
الوجه يا دينار يا عبد العبيد ومعبد الأحرار
وأخرج البيهقي في سننه عن مجاهد قال : سأل يحيى بن زكريا ربه ؟ قال : رب اجعلني
أسلم على ألسنة الناس ولا يقولون في إلا خيرا
فأوحى الله إليه : " يا يحيى لم أجعل هذا لي فكيف أجعله لك ؟ "
وأخرج أحمد والبيهقي في الشعب وابن عساكر عن ثابت البناني قال : بلغنا أن إبليس
ظهر ليحيى بن زكريا فرأى عليه معاليق من كل شيء فقال له يحيى : ما هذه ؟ ! قال :
هذه الشهوات التي أصيب بها بنو آدم
قال له يحيى : هل لي فيها شيء ؟ قال : لا
قال : فهل تصيب مني شيئا ؟ قال : ربما شبعت فثقلناك عن الصلاة والذكر
قال : هل غيره ؟ قال : لا
قال : لا جرم لا أشبع أبدا
وأخرج ابن عساكر من طريق علي بن زيد بن جدعان عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي
قال : كان ملك مات وترك امرأته وابنته فورث ملكه أخوه فأراد أن يتزوج امرأة أخيه
فاستشار يحيى بن زكريا في ذلك وكانت الملوك في ذلك الزمان يعلمون بأمر الأنبياء
فقال له : لا تتزوجها فإنها بغي فبلغ المرأة ذلك فقالت : ليقتلن يحيى أو ليخرجن من
ملكه
فعمدت إلى ابنتها فصيغتها ثم قالت اذهبي إلى عمك عند الملأ فإنه إذا رآك سيدعوك
ويجلسك في حجره ويقول : سليني ما شئت فإنك لن تسأليني شيئا إلا أعطيتك فإذا قال لك
قولي : فقولي لا أسألك شيئا إلا رأس يحيى وكانت الملوك إذا تكلم أحدهم بشيء على
رؤوس الملأ ثم لم يمض له نزع من ملكه
ففعلت ذلك فجعل يأتيه الموت من قتله يحيى وجعل يأتيه الموت من خروجه من ملكه
فاختار ملكه فقتله فساخت بأمها الأرض
قال ابن جدعان : فحدثت بهذا الحديث ابن المسيب فقال : أما أخبرك كيف كان قتل زكريا
؟ قلت : لا
قال : إن زكريا حيث قتل ابنه انطلق هاربا منهم واتبعوه حتى أتى على شجرة ذات ساق
فدعته إليها فانطوت عليه وبقيت من ثوبه هدبة تلعبها الريح فانطلقوا إلى الشجرة فلم
يجدوا أثره عندها فنظروا تلك الهدبة فدعوا المنشار فقطعوا الشجرة فقطعوه فيها
وأخرج ابن عساكر عن ابن عمرو قال : التي قتلت يحيى بن زكريا امرأة
(5/491)
ورثت
الملك عن آبائها فأتيت برأس يحيى وهي على سريرها فقال للأرض خذيها فأخذتها وسريرها
فذهب بها
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن عبد الله بن الزبير : أن ملكا أراد أن يتزوج ابنة
أخيه فاستفتى يحيى بن زكريا ؟ قال : لا تحل لك
فسألت قتله ؟ فبعث إليه - وهو في محرابه يصلي - فذبحوه ثم حزوا رأسه وأتوا به
الملك فجعل الرأس يقول : لا يحل لك ما تريد
وأخرج ابن عساكر عن ابن شوذب قال : قال يحيى بن زكريا للذي جاء يحز رأسه : أما
تعلم أني نبي ؟ قال : بلى ولكني مأمور
وأخرج الحاكم وابن عساكر عن ابن عباس قال : أوحى الله إلى محمد صلى الله عليه و
سلم أني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفا وإني قاتل بابن ابنتك سبيعن ألفا وسبعين
ألفا
وأخرج ابن عساكر عن شمر بن عطية قال : قتل على الصخرة التي في بيت المقدس سبعون
نبيا منهم يحيى بن زكريا
وأخرج ابن عساكر عن قرة قال : ما بكت السماء على أحد إلا على يحيى بن زكريا
والحسين بن علي وحمرتها بكاؤها
وأخرج أحمد في الزهد عن خالد بن ثابت الربعي قال : لما قتل فجرة بني إسرائيل -
يحيى بن زكريا أوحى الله إلى نبي من أنبيائهم : أن قل لبني إسرائيل " إلى متى
تجترئون على أن تعصوا أمري وتقتلوا رسلي ؟ وحتى متى أضمكم في كنفي ؟ كما تضم
الدجاجة أولادها في كنفها فتجترئون علي ! اتقوا لا أؤخذاكم بكل دم كان بين ابني
آدم ويحيى بن زكريا واتقوا أن أصرف عنكم وجهي فإني إن صرفت عنكم وجهي لا أقبل
عليكم إلى يوم القيامة "
وأخرج أحمد عن سعيد بن جبير قال : لما قتل يحيى عليه السلام قال : بعض أصحابه
لصاحب له : ابعث إلي بقميص نبي الله يحيى أشمه فبعث به إليه فإذا سداه ولحمته ليف
!
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن يونس بن عبيد قال : بلغنا أنه كان رجل
يجور على مملكته ويعدي عليهم فائتمروا بقتله فقالوا : نبي الله زكريا بين أظهرنا فلو
أتيناه فأتوا منزله فإذا فتاة جميلة رائعة قد أشرق لها البيت حسنا
(5/492)
فقالوا
: من أنت ؟ قالت : امرأة زكريا
فقالوا فيما بينهم : كنا نرى نبي الله لا يريد الدنيا فإذا هو عنده امرأة من أجمل
النساء ثم إنهم رأوه في عمل عند قوم ويعمل لهم حتى إذا حضر غداؤه قرب رغيفين فأكل
ولم يدعهم ثم قام فعمل بقية عمله ثم علق خفيه على عنقه والمسحاة والكساء قال : ما
حاجتكم ؟ قالوا : قد جئنا لأمر ولقد كاد يغلبنا ما رأينا على ما جئنا له
قال : فهاتوا ؟ قالوا : أتينا منزلك فإذا امرأة جميلة رائعة ! وكنا نرى نبي الله
لا يريد الدنيا فقال : إني إنما تزوجت امرأة جميلة رائعة لأكف بها بصري وأحفظ بها
فرجي فخرج نبي الله مما قالوا
قالوا : ورأيناك قدمت رغيفين فأكلت ولم تدعنا ؟ ! قال : إن القوم استأجروني على
عمل فخشيت أن أضعف عن عملهم ولو أكلتم معي لم يكفني ولم يكفكم فخرج نبي الله مما
قالوا
قالوا : ورأيناك وضعت خفيك على عنقك والمسحاة والكساء
فقال : إن هذه الأرض جديدة وكرهت أن أنقل تراب هذه في هذه فخرج نبي الله مما قالوا
قالوا : إن هذا الملك يجور علينا ويظلمنا وقد ائتمرنا لقتاله
قال : أي قوم لا تفعلوا فإن إزالة جبل من أصله أهون من إزالة ملك مؤجل
والله أعلم
الآية 16 - 24
(5/493)
أخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : إذا انتبذت
أي انفردت من أهلها مكانا شرقيا قال : قبل المشرق شاسعا متنحيا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : انتذبت من أهلها مكانا شرقيا قال :
مكانا أظلتها الشمس أن يراها أحد منهم
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن ابن عباس قال : إنما اتخذت النصارى المشرق قبلة لأن مريم اتخذت من أهلها مكانا
شرقيا فاتخذا ميلاده قبلة وإنما سجدت اليهود على حرف حين نتق فوقهم الجبل فجعلوا
يتخوفون وهم ينظرون إليه يتخوفون أن يقع عليهم فسجدوا سجدة رضيها الله فاتخذوها
سنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : إن أهل الكتاب كتب عليهم الصلاة إلى البيت
والحج إليه وما صرفهم عنه إلا قول ربك : فانتبذت من أهلها مكانا شرقيا قال : خرجت
منهم مكانا شرقيا فصلوا قبل مطلع الشمس
وأخرج ابن عساكر من طريق داود بن أبي هند عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : لما
بلغت مريم فإذا هي في بيتها منفصلة إذ دخل عليها رجل بغير إذن فخشيت أن يكون دخل
عليها ليغتالها فقالت : إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا قال : إنما أنا رسول ربك
لأهب لك غلاما زكيا قالت : أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر ولم أك بغيا قال :
كذلك قال ربك فجعل جبريل يردد ذلك عليها وتقول : أنى يكون لي غلام وتغفلها جبريل
فنفخ في جيب درعها ونهض عنها واستمر بها حملها فقالت : إن خرجت نحو المغرب فالقوم
يصلون نحو المغرب ولكن أخرج نحو المشرق حيث لا يراني أحد فخرجت نحو المشرق فبينما
هي تمشي إذ جاءها المخاض فنظرت هل تجد شيئا تستر به ؟ فلم تر إلا جذع النخلة فقال
: أستتر بهذا الجذع من الناس
وكان تحت الجذع نهر يجري فانضمت إلى النخلة فلما وضعته خر كل شيء يعبد من دون الله
في مشارق الأرض ومغاربها ساجدا لوجهه
وفزع إبليس فخرج فصعد فلم ير شيئا ينكره وأتى المشرق فلم ير شيئا ينكره وجعل لا
يصبر فأتى المغرب لينظر فلم ير شيئا ينكره
فبينا هو يطوف إذ مر بالنخلة فإذا هو بامرأة معها
(5/494)
غلام
قد ولدته وإذا بالملائكة قد أحدقوا بها وبابنها وبالنخلة فقال : ههنا حدث الأمر
فمال إليهم فقال : أي شيء هذا الذي حدث ؟ فكلمته الملائكة فقالوا : نبي ولد بغير
ذكر
قال : أما والله لأضلن به أكثر العالمين
أضل اليهود فكفروا به وأضل النصارى فقالوا : هو ابن الله
قال : وناداها ملك من تحتها قد جعل ربك تحتك سريا قال إبليس : ما حملت أنثى إلا
بعلمي ولا وضعته إلا على كفي ليس هذا الغلام ! لم أعلم به حين حملته أمه ولم أعلم
به حين وضعته
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات وابن عساكر من طريق السدي عن أبي
مالك عن ابن عباس وعن مرة بن مسعود - رضي الله عنهما - قالا : خرجت مريم إلى جانب
المحراب لحيض أصابها فلما طهرت إذ هي برجل معها فتمثل لها بشرا ففزعت وقال : إني
أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا فخرجت وعليها جلبابها فأخذ بكمها فنفخ في جيب درعها
- وكان مشقوقا من قدامها - فدخلت النفخة صدرها فحملت فأتتها أختها امرأة ليلة
تزورها فلما فتحت لها الباب التزمتها فقالت امرأة زكريا : يا مريم أشعرت أني حبلى
قالت مريم : اشعرت أيضا أني حبلى فقالت امرأة زكريا : فإني وجدت ما في بطني يسجد
للذي في بطنك
فذاك قوله : مصدقا بكلمة من الله فولدت امرأة زكريا يحيى
ولما بلغ أن تضع مريم خرجت إلى جانب المحراب فأجاءها المخاض إلى جذع النخلة قالت
يا ليتني مت قبل هذا الآية فناداها جبريل من تحتها أن لا تحزني فلما ولدته ذهب
الشيطان فأخبر بني إسرائيل : إن مريم ولدت فلما أرادوها على الكلام أشارت إلى عيسى
فتكلم فقال : إني عبد الله آتاني الكتاب الآيات
فلما ولد لم يبق في الأرض صنم إلا خر لوجهه
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك رضي الله عنه عن ابن عباس
رضي الله عنهما في قوله : واذكر في الكتاب مريم يقول : قص ذكرها على اليهود
والنصارى ومشركي العرب إذا انتبذت يعني خرجت من أهلها مكانا شرقيا قال : كانت خرجت
من بيت المقدس مما يلي المشرق فاتخذت من دونهم حجابا وذلك أن الله لما أراد أن
يبتدئها بالكرامة
(5/495)
ويبشرها
بعيسى وكانت قد اغتسلت من المحيض فتشرفت وجعلت بينها وبين قومها حجابا يعني جبلا
فكان الجبل بين مجلسها وبين بيت المقدس فأرسلنا إليها روحنا يعني جبريل فتمثل لها
بشرا في صورة الآدميين سويا يعني معتدلا شابا أبيض الوجه جعدا قططا حين اخضر شاربه
فلما نظرت إليه قائما بين يديها
قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا وذلك أنها شبهته بشاب كان يراها ويمشي معها
يقال له يوسف من بني إسرائيل وكان من خدم بيت المقدس فخافت أن يكون الشيطان قد
استزه فمن ثم قالت : إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا يعني إن كنت تخاف الله
قال جبريل : وتبسم إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا يعني لله مطيعا من غير
بشر
قالت : أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر يعني زوجا ولم أك بغيا أي مومسة
قال جبريل : كذلك يعني هكذا قال ربك هو علي هين يعني خلقه من غير بشر
ولنجعله آية للناس يعني عبرة والناس هنا للمؤمنين خاصة ورحمة لكمن صدق بأنه رسول
الله
وكان أمرا مقضيا يعني كائنا أن يكون من غير بشر
فدنا جبريل فنفخ في جيبها فدخلت النفخة جوفها فاحتملت كما تحمل النساء في الرحم
والمشيمة ووضعته كما تضع النساء فأصابها العطش فأجرى الله لها جدولا من الأردن
فذلك قوله : قد جعل ربك من تحتك سريا والسري الجدول
وحمل الجذع من ساعته رطبا جنيا فناداها من تحتها جبريل هزي إليك بجذع النخلة لم
يكن على رأسها سقف وكانت قد يبست منذ دهر طويل فأحياها الله لها وحملت فذلك قوله :
تساقط عليك رطبا جنيا يعني طريا بغباره فكلي من الرطب واشربي من الجدول وقري عينا
بولدك
فقال : فكيف بي إذا سألوني من أين هذا ؟
قال لها جبريل : فإما ترين يعني فإذا رأيت من البشر أحدا فأعنتك في أمرك فقولي إني
نذرت للرحمن صوما يعني صمتا في أمر عيسى فلن أكلم اليوم إنسيا في أمره
حتى يكون هو الذي يعبر عني وعن نفسه
قال : ففقدوا مريم من محرابها فسألوا يوسف فقال : لا علم لي بها وإن مفتاح محرابها
مع زكريا
فطلبوا زكريا وفتحوا الباب وليست فيه فاتهموه فأخذوه ووبخوه فقال رجل : إني رأيتها
في موضع كذا فخرجوا في طلبها فسمعوا صوت عقيق في رأس الجذع الذي مريم من تحته
فانطلقوا إليه فذلك قول
(5/496)
الله
: فأتت به قومها تحمله قال ابن عباس : لما رأت بأن قومها قد اقبلوا إليها احتملت
الولد إليهم حتى تلقتهم به فذلك قوله : فأتت به قومها تحمله أي لا تخاف ريبة ولا
تهمة فلما نظروا إليها شق أبوها مدرعته وجعل التراب على رأسه وأخوتها وآل زكريا
فقالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا يعني عظيما يا أخت هرون ما كان أبوك امرأ سوء
وما كانت أمك بغيا يعني زانية
فأنى أتيت هذا الأمر مع هذا الأخ الصالح والأب الصالح والأم الصالح ؟ ! فأشارت
إليه تقول لهم : أن كلموه فإنه سيخبركم فإني نذرت للرحمن صوما أن لا أكلمكم في
أمره فإنه سيعبر عني فيكون لكم آية وعبرة قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا
يعني من هو في الخرق طفلا لا ينطق فأنطقه الله فعبر عن أمه وكان عبرة لهم فقال :
إني عبد الله فلما أن قالها ابتدأ يحيى وهو ابن ثلاث سنين فكان أول من صدق به فقال
: إني أشهد أنك عبد الله ورسوله
لتصديق قول الله : ومصدقا بكلمة من الله فقال عيسى : آتاني الكتاب وجعلني نبيا
إليكم وجعلني مباركا أينما كنت قال ابن عباس رضي الله عنهما : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " البركة التي جعلها الله لعيسى أنه كان معلما مؤدبا حيثما
توجه " وأوصاني بالصلاة والزكاة يعني وأمرني وبرا بوالدتي فلا أعقها
قال ابن عباس حين قال : وبرا بوالدتي قال : زكريا : الله أكبر ! فأخذه فضمه إلى
صدره فعلموا أنه خلق من غير بشر ولم يجعلني جبارا شقيا يعني متعظما سفاكا للدم
والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا يقول الله : ذلك عيسى ابن مريم قول
الحق الذي فيه يمترون يعني يشكون بقوله لليهود ثم أمسك عيسى عن الكلام حتى بلغ
مبلغ الناس
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي حاتم وأبو نعيم عن مجاهد رضي الله عنه قال : قالت مريم
: كنت إذا خلوت حدثني عيسى وكلمني وهو في بطني وإذا كنت مع الناس سبح في بطني وكبر
وأنا أسمع
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : حين حملت وضعت
وأخرج ابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه قال : بلغني أن مريم حملت لسبع أو تسع
ساعات ووضعته من يومها
(5/497)
وأخرج
ابن عساكر من طريق عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس قال : وضعت مريم لثمانية أشهر
ولذلك لا يولد مولود لثمانية أشهر إلا مات لئلا تسب مريم بعيسى
وأخرج الحاكم عن زيد العمى قال : ولد عيسى يوما عاشوراء
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن نوف قال : كانت مريم عليها السلام فتاة
بتولا وكان زكريا زوج أختها كفلها فكانت معه فكان يدخل عليه يسلم عليها فتقرب إليه
فاكهة الشتاء في الصيف وفاكهة الصيف في الشتاء فدخل عليها زكريا مرة فقربت إليه
بعض ما كانت تقرب قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من
يشاء بغير حساب هنالك دعا زكريا ربه آل عمران آية 38 - 39 إلى قوله : آيتك أن لا
تكلم الناس ثلاثة أيام إلا زمرا آل عمران آية 42 سويا صحيحا
فخرج على قومه من المحراب فأوحى إليهم كتب لهم أن سبحوا بكرة وعشيا قال : فبينما
هي جالسة في منزلها إذا رجل قائم بين يديها قد هتك الحجب فلما أن رأته قالت : إني
أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا قال فلما ذكرت الرحمن فزع جبريل عليه السلام قال :
إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا إلى قوله : وكان أمر مقضيا فنفخ في جيبها
جبريل فحملت حتى إذا أثقلت وجعت ما يجع النساء وكانت في بيت النبوة فاستحيت وهربت
حياء من قومها فأخذت نحو المشرق وأخذ قومها في طلبها فجعلوا يسألون رأيتم فتاة كذا
وكذا ؟ فلا يخبرهم أحد
وأخذها المخاض إلى جذع النخلة فتساندت إلى النخلة قالت : يا ليتني مت قبل هذا وكنت
نسيا منسيا قال : حيضة من حيضة فناداها من تحتها قال : جبريل من أقصى الوادي أن لا
تحزني قد جعل ربك تحتك سريا قال : جدولا وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا
جنيا فلما قال لها جبريل : اشتد ظهرها وطابت نفسها فقطعت سرته ولفته في خرقة
وحملته فلقي قومها راعي بقر وهم في طلبها
قالوا : يا راعي هل رأيت فتاة كذا وكذا ؟ قال : لا وكن رأيت الليلة من بقري شيئا
لم أره منها قط فيما خلا ! قال : رأيتها باتت سجدا نحو هذا الوادي فانطلقوا حيث
(5/498)
وصف
لهم فلما رأتهم مريم جلست وجعلت ترضع عيسى فجاؤوا حتى وقفوا عليها فقالوا : يا
مريم لقد جئت شيئا فريا قال : أمرا عظيما : فأشارت إليه أن كلموه فعجبوا منها :
قالوا : كيف نكلم من كان في المهد صبيا قال أنا عبد الله آتاني الكتاب والمهد
حجرها فلما قالوا ذلك : ترك عيسى ثديها واتكأ على يساره ثم تكلم قال إني عبد الله
آتاني الكتاب وجعلني نبيا وجعلني مباركا أينما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت
حيا وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث
حيا قال : واختلف الناس فيه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لعمر بن الخطاب لم أستحب
النصارى الحجب على مذابحهم ؟ قال : إنما يستحب النصارى الحجب على مذابحهم ومناسكهم
لقول الله سبحانه وتعالى : فاتخذت من دونهم حجابا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله :
فأرسلنا إليها روحنا قال : بعث الله إليها ملكا فنفخ في جيبها فدخل في الفرج
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : فأرسلنا إليها روحنا قال :
جبريل
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله : فأرسلنا إليها روحنا
الآية قال : نفخ جبريل في درعها فبلغت حيث شاء الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن يسار : إن جبريل أتاها في صورة رجل فكشف الحجاب
فلما رأته تعوذت منه فنفخ في جيب درعها فبلغت فذكر ذلك في المدينة فهجر زكريا وترك
وكان قبل ذلك يستفتى ويأتيه الناس حتى إن كان ليسلم على الرجل فما يكلمه
وأخرج ابن أبي حاتم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي بن كعب في قوله :
فتمثل لها بشرا سويا قال : تمثل لها روح عيسى في صورة بشر فحملته
قال : حملت الذي خاطبها دخل في فيها
(5/499)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي وائل في قوله : قالت إني أعوذ
بالرحمن منك إن كنت تقيا قال : لقد علمت مريم أن التقي ذو نهية
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا قال :
إنما خشيت أن يكون إنما يريدها عن نفسه
قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاما زكيا زعموا أنه نفخ في جيب درعها وكمها
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ لأهب لك مهموزة بالألف وفي قراءة عبد الله
" ليهب لك " بالياء
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : غلاما
زكيا قال : صالحا
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : ولم أك بغيا قال زانية
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : مكانا قصيا قال نائيا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله : مكانا قصيا قال : قاصيا وفي قوله : فأجاءها المخاض قال : ألجأها
وأخرج الطستي عن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز و جل :
فأجاءها المخاض قال : ألجأها قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت حسان بن ثابت وهو يقول : إذا شددنا شدة صادقة فأجأناكم إلى سفح الجبل
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فأجاءها المخاض قال : اضطرها
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : فأجاءها المخاض
قال فأداها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فأجاءها المخاض إلى جذع
النخلة قال : كان جذعا يابسا
وأخرج عبد بن حميد من طريق هلال بن خباب عن أبي عبيد الله
(5/500)
فأجاءها
المخاض إلى جذع نخلة يابسة قد جيء به ليبنى به بيت يقال له بيت لحم فحركته فإذا هو
نخلة
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي قدامة قال : أنبت لمريم نخلة تعلق بها كما تعلق المرأة
بالمرأة عند الولادة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : وكنت نسيا منسيا قال : لم أخلق
ولم أك شيئا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله :
وكنت نسيا منسيا قال : حيضة ملقاة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : وكنت نسيا منسيا قال : حيضة
وأخرج عبد بن حميد عن نوف البكالي عن الضحاك في قوله : وكنت نسيا منسيا قال حيضة
ملقاة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وكنت
نسيا منسيا قال : تقول لا أعرف ولا أدري من أنا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله : وكنت
نسيا منسيا قال : هو السقط والله تعالى أعلم بالصواب
وأخرج أبو عبيد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علقمة أنه قرأ "
فخاطبها من تحتها "
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : فناداها من
تحتها قال : جبريل ولم يتكلم عيسى حتى أتت به قومها
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال الذي ناداها هو جبريل
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك وعمرو بن ميمون مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن البراء فناداها من تحتها قال : ملك
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : فناداها من تحتها قال : جبريل من
أسفل الوادي
(5/501)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : فناداها من تحتها قال :
عيسى
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن فناداها من
تحتها قال : هو عيسى
واخرج ابن المنذر عن أبي بن كعب قال الذي خاطبها : هو الذي حملته في جوفها دخل من
فيها
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن زر بن حبيش أنه قرأ فناداها من تحتها
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة فناداها من تحتها أي الملك
من تحت النخلة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : من قرأ من تحتها فهو جبريل ومن قرأ من تحتها
فهو عيسى
وأخرج عبد بن حميد عن أبي بكر بن عياش قال : قرأ عاصم بن أبي النجود فناداها من
تحتها بالنصب قال : وقال عاصم : من قرأ بالنصب فهو عيسى ومن قرأها بالخفض فهو
جبريل
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : جعل ربك تحتك سريا قال : نبيا وهو عيسى
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن جرير بن حازم قال : سألني محمد
بن عباد بن جعفر ما يقول أصحابكم في قوله ؟ قد جعل ربك تحتك سريا قال : فقلت له :
سمعت قتادة يقول : الجدول
قال : فأخبر قتادة عني فإنما نزل القرآن بلغتنا إنه الرجل السري
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : قد جعل ربك تحتك سريا يريد نفسه أي سرى
أسرى منه قيل فالذين يقولون السري البحر قال : ليس كذلك لو كان كذلك لكان يكون إلى
جنبها ولا يكون النهر تحتها
وأخرج الطبراني وابن مردويه وابن النجار عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : إن السري الذي قال الله لمريم : قد جعل ربك تحتك سريا نهر أخرجه
الله لها لتشرب منه
وأخرج الطبراني في الصغير وابن مردويه عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه و
سلم
(5/502)
في
قوله : قد جعل ربك تحتك سريا قال : النهر
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي
حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن البراء في قوله : قد جعل ربك تحتك سريا قال :
هو الجدول وهو النهر الصغير
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : قد جعل ربك تحتك سريا قال :
نهر عيسى
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عثمان بن محصن قال : سئل ابن
عباس عن قوله : سريا قال : الجدول
أما سمعت قول الشاعر وهو يقول : سلم تر الدالي منه أزورا إذا يعج في السري هرهرا
وأخرج ابن الأنباري في الوقف والطستي عن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق قال له :
أخبرني عن قوله عز و جل : تحتك سريا قال : السري النهر الصغير وهو الجدول
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول الشاعر : سهل الخليقة ماجد ذو
نائل مثل السري تمده الأنهار وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله : سريا قال :
الجدول
وأخرج عبد بن حميد عن عمرو بن ميمون وإبراهيم النخعي مثله
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة أن الحسن تلا هذه الآية وإلى جنبه حميد بن عبد الرحمن
الحميري قد جعل ربك تحتك سريا قال : إن كان لسريا وإن كان لكريما فقال حميد : يا
أبا سعيد إنه الجدول فقال له : لم تزل تعجبنا مجالستك ولكن غلبتنا عليك الأمراء
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : السري الماء
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : سريا قال : نهرا بالسريانية
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : سريا قال نهرا بالقبطية
وأخرج ابن عساكر عن سفيان بن حسين في قوله : قد جعل ربك تحتك سريا قال : تلاها
الحسن فقال : كان والله سريا يعني عيسى عليه
(5/503)
السلام
فقال له خالد بن صفوان : يا أبا سعيد إن العرب تسمي الجدول السري فقال : صدقت
الآية 25 أخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : وهزي إليك بجذع النخلة قال :
حركيها
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف عن مجاهد
وهزي إليك بجذع النخلة قال : كانت عجوة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن البراء أنه قرأ " يساقط عليك " بالياء
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه قرأ " يساقط عليك " بالياء يعني الجذع
وأخرج عبد بن حميد عن مسروق أنه قرأ تساقط عليك رطبا جنيا بالتاء
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ تساقط مثقلة بالتاء
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن طلحة الإيابي أنه قرأ تساقط عليك رطبا
مثقلة
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نهيك أنه قرأ " تسقط عليك رطبا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : رطبا جنيا قال : طريا
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن ابن عباس في قوله : تساقط عليك رطبا جنيا قال :
بغباره
وأخرج ابن الأنباري والخطيب عن أبي حباب مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي روق قال : انتهت مريم إلى جذع ليس له رأس فأنبت الله له
رأسا وأنبت فيه رطبا وبسرا ومدببا وموزا فلما هزت النخلة سقط عليها من جميع ما
فيها
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي قدام قال : أنبتت لمريم نخلة تعلق
بها كما تعلق المرأة عند الولادة
وأخرج أبو يعلى وابن أبي حاتم وابن السني وأبو نعيم معا في الطب النبوي والعقيلي
وابن عدي وابن مردويه وابن عساكر عن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " أكرموا
(5/504)
عمتكم
النخلة فإنها خلقت من الطين الذي خلق منه آدم عليه السلام وليس من الشجر شجرة تلقح
غيرها
وقال صلى الله عليه و سلم : " أطعموا نساءكم الولد الرطب فإن لم يكن رطب فتمر
فليس من الشجر شجرة أكرم من شجرة نزلت تحتها مريم بنت عمران "
وأخرج ابن عساكر عن أبي سعيد الخدري قال : سألنا رسول الله صلى الله عليه و سلم
مماذا خلقت النخلة ؟ قال : " خلقت النخلة والرمان والعنب من فضل طينة آدم
عليه السلام "
وأخرج ابن عساكر عن سلمة بن قيس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
أطعموا نساءكم في نفاسهن التمر فإنه من كان طعامها في نفاسها التمر : خرج ولدها
ولدا حليما فإنه كان طعام مريم حيث ولدت عيسى ولو علم الله طعاما هو خير لها من
التمر لأطعمها إياه "
وأخرج عبد بن حميد عن شقيق قال : لو علم الله أن شيئا للنفساء خير من الرطب لأمر
مريم به
وأخرج عبد بن حميد عن عمرو بن ميمون قال ليس للنفساء خير من الرطب أو التمر وقال :
إن الله قال : وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن الربيع بن خيثم قال : ليس
للنفساء عندي دواء مثل الرطب ولا للمريض مثل العسل
وأخرج ابن عساكر عن الشعبي قال : كتب قيصر إلى عمر بن الخطاب أن رسلا أتتني من
قبلك فزعمت أن قبلكم شجرة ليست بخليقة لشيء من الخير ! تخرج مثل أذان الحمير ثم
تشقق عن مثل اللؤلؤ الأبيض ثم تصير مثل الزمرد الأخضر ثم تصير مثل الياقوت الأحمر
ثم تينع وتنضج فتكون كأطيب فالوذج أكل ثم تيبس فتكون عصمة للمقيم وزادا للمسافر
فإن لم تكن رسلي صدقتني فلا أرى هذه الشجرة إلا من شجر الجنة فكتب إليه عمر أن
رسلك قد صدقتك هذه الشجرة عندنا : وهي التي أنبتها الله على مريم حين نفست بعيسى
الآية 26
(5/505)
أخرج
ابن مردويه وابن المنذر وابن عساكر عن ابن عباس في قوله : إني نذرت للرحمن صوما
قال : صمتا
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي مثله
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف
وابن مردويه عن أنس بن مالك أنه كان يقرأ إني نذرت للرحمن صوما صمتا
وأخرج عبد بن حميد وابن الأنباري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأها إني نذرت
للرحمن صوما صمتا وقال : ليس إلا أن حملت فوضعت
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : إني نذرت للرحمن صوما قال : كان من بني
إسرائيل من إذا اجتهد صام من الكلام كما يصوم من الطعام إلا من ذكر الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن حارثة بن مضرب قال : كنت عند ابن مسعود فجاء رجلان فسلم
أحدهما ولم يسلم الآخر ثم جلسا
فقال القوم : ما لصاحبك لم يسلم ؟ قال : إنه نذر صوما لا يكلم اليوم إنسيا
فقال عبد الله : بئس ما قلت ! إنما كانت تلك المرأة فقالت ذلك ليكون عذرا لها إذا
سئلت ؟ - وكانوا ينكرون أن يكون ولد من غير زوج إلا زنا - فتكلم وأمر بالمعروف
وإنه عن المنكر فإنه خير لك
وأخرج ابن الأنباري عن الشعبي قال : في قراءة أبي بن كعب إني نذرت للرحمن صوما
صمتا
الآية 27 - 28 أخرج سعيد ين منصور وابن عساكر عن ابن عباس في قوله : فأتت به قومها
تحمله قال : بعد أربعين يوما بعد ما تعافت من نفاسها
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :
لقد جئت شيئا فريا قال : عظيما
(5/506)
وأخرج
عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن قتادة في قوله : لقد جئت شيئا فريا قال :
عظيما
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن عبد العزيز قال : كان في زمان بني إسرائيل في بيت
المقدس عند عين سلوان عين فكانت المرأة إذا قارفت أتوها بها فشربت منها فإن كانت
بريئة لم تضرها وإلا ماتت
فلما حملت مريم أتوها بها على بغلة فعثرت بها فدعت الله أن يعقم رحمها فعقم من
يومئذ فلما أتتها شربت منها فلم تزدد إلا خيرا ثم دعت الله أن لا يفضح بها امرأة
مؤمنة فغارت العين
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن
أبي حاتم وابن حبان والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن المغيرة بن شعبة
قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى أهل نجران فقالوا : أرأيت ما
تقرأون ؟ يا أخت هارون وموسى قبل عيسى بكذا وكذا : قال : فرجعت فذكرت ذلك لرسول
الله صلى الله عليه و سلم
فقال : " ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم "
وأخرج الخطيب وابن عساكر عن مجاهد في قوله : يا أخت هارون الآية قال : كانت من أهل
بيت يعرفون بالصلاح ولا يعرفون بالفساد في الناس وفي الناس من يعرف بالصلاح
ويتوالدون به وآخرون يعرفون بالفساد ويتوالدون به وكان هارون مصلحا محببا في
عشيرته وليس بهرون أخي موسى ولكن هرون آخر
ذكر لنا أنه تبع جنازته يوم مات أربعون ألفا من بني إسرائيل كلهم يسمون هرون
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله : يا أخت هرون قال : سمعنا أنه اسم وافق اسما
واخرج ابن أبي حاتم عن ابن سيرين قال : نبئت أن كعبا قال : إن قوله : يا أخت هرون
ليس بهرون أخي موسى فقالت له عائشة : كذبت
فقال : يا أم المؤمنين إن كان النبي صلى الله عليه و سلم قاله : فهو أعلم وأخبر
وإلا فإني أجد بينهما ستمائة سنة فسكتت
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طلحة في قوله : يا أخت هرون
(5/507)
قال
: نسبت إلى هرون بن عمران لأنها كانت من سبطه كقولك يا أخا الأنصار
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : كانت من سبط هرون فقيل لها : يا أخت هرون فدعيت
إلى سبطه كالرجل يقول للرجل : يا أخا بني ليث يا أخا بني فلان
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : يا أخت هرون قال : كان هرون من قوم
سوء زناة فنسبوها إليهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر بن عيش قال : في قراءة أبي قالوا : يا ذا المهد
الآية 29 أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : فأشارت إليه أن كلموه
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فأشارت إليه قال : أمرتهم بكلامه
وفي قوله : في المهد قال في الحجر
وأخرج عبد بن حميد عن عمرو بن ميمون قال : إن مريم لما ولدت أتت به قومها فأخذوا
لها الحجارة ليرموها فأشارت إليه فتكلم فتركوه
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : المهد المرباة
قال إبراهيم : المرباة المرجحة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن هلال بن يساف قال : لم يتكلم في المهد إلا
ثلاثة : صاحب جريج وعيسى وصاحب الحبشية
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال : تكلم في المهد أربعة عيسى وصاحب يوسف
وصاحب جريج وابن ماشطة ابنة فرعون
الآية 30 - 33
(5/508)
أخرج
عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في
قوله : قال إني عبد الله آتاني الكتاب الآية
قال : قضى فيما قضى أن أكون كذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس قال : كان عيسى قد درس الإنجيل وأحكمه في بطن أمه
فذلك قوله : إني عبد الله آتاني الكتاب
وأخرج الإسماعيلي في معجمه وأبو نعيم في الحلية وابن لال في مكارم الأخلاق وابن
مردويه وابن النجار في تاريخه عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم :
" قول عيسى عليه السلام وجعلني مباركا أينما كنت قال : جعلني نفاعا للناس أين
اتجهت "
وأخرج ابن عدي وابن عساكر عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم وجعلني
مباركا أينما كنت قال : معلما ومؤدبا
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله : وجعلني مباركا أينما كنت قال : معلما للخير
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : الذي يعلم الناس الخير يستغفر له كل دابة حتى
الحوت في البحر
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وجعلني مباركا قال : هاديا مهديا
وأخرج البيهقي في الشعب وابن عساكر عن مجاهد وجعلني مباركا قال : نفاعا للناس
وأخرج ابن أبي حاتم عن نوف وبرا بوالدتي أي ليس لي أب
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ولم يجعلني جبارا شقيا يقول : عصيا
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان قال : الجبار الشقي الذي يقبل على الغضب
وأخرج ابن أبي حاتم عن العوام بن حوشب قال : إنك لا تكاد تجد عاقا إلا تجده جبارا
ثم قرأ وبرا بوالدتي ولم يجعلني جبارا شقيا
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال : فقرات ابن آدم ثلاث : يوم ولد ويوم يموت ويوم
يبعث وهي التي ذكر عيسى في قوله : والسلام علي الآية
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم وابن عساكر من طريق مجاهد عن ابن
(5/509)
عباس
قال : ما تكلم عيسى بعد الآيات التي تكلم بها حتى بلغ مبلغ الصبيان
وأخرج ابن عساكر عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة أن الله أطلق لسان عيسى مرة أخرى
في صباه فتكلم ثلاث مرات حتى بلغ ما بلغ الصبيان يتكلمون فتكلم محمدا بتحميد لم
تسمع الآذان مثله حيث أنطقه طفلا فقال : اللهم أنت القريب في علوك المتعالي في
دنوك الرفيع على كل شيء من خلقك أنت الذي نفذ بصرك في خلقك وحارت الأبصار دون
النظر إليك أنت الذي أشرقت بضوء نورك دجى الظلام وتلألأت بعظمتك أركان العرش نورا
فلم يبلغ أحد بصفته صفتك فتباركت اللهم خالق الخلق بعزتك مقدر الأمور بحكمتك مبتدئ
الخلق بعظمتك ثم أمسك الله لسانه حتى بلغ
الآية 34 - 37 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : ذلك عيسى ابن
مريم قول الحق قال : الله عز و جل الحق
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : الذي فيه يمترون قال : اجتمع
بنو إسرائيل فأخرجوا منهم أربعة نفر أخرج من كل قوم عالمهم فتشاوروا في عيسى حين
رفع فقال أحدهم : هو الله هبط إلى الأرض فأحيى من أحيى وأمات من أمات ثم صعد إلى
السماء وهم اليعقوبية فقالت الثلاثة : كذبت
ثم قال اثنان منهم للثالث : قل فيه
فقال : هو ابن الله وهم النسطورية
فقال اثنان : كذبت
ثم قال أحد الاثنين للآخر : قل فيه
قال : هو ثالث ثلاثة : الله إله وعيسى إله وأمه إله
وهم الإسرائيلية وهم ملوك النصارى
فقال الرابع : كذبت
هو عبد الله ورسوله وروحه من كلمته وهم المسلمون فكان لكل رجل منهم أتباع على ما
قال فاقتتلوا فظهر على المسلمين
فذلك قول الله :
(5/510)
ويقتلون
الذين يأمرون بالقسط بين الناس آل عمران آية 21 قال قتادة : وهم الذين قال الله :
فاختلف الأحزاب من بينهم قال : اختلفوا فيه فصاروا أحزابا فاختلف القوم فقال المر
يسلم : أنشدكم
هل تعلمون أن عيسى كان يطعم الطعام وأن الله لا يطعم الطعام ؟ قالوا : اللهم نعم
قال : فهل تعلمون أن عيسى كان ينام وأن الله لا ينام ؟ قالوا : اللهم نعم
فخصمهم المسلمون فانسل القوم فذكر لنا أن اليعقوبية ظهرت يومئذ وأصيب المسلمون
فأنزل الله في ذلك القرآن فويل للذين كفروا من مشهد يوم عظيم آل عمران آية 21
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : فاختلف الأحزاب من بينهم قال
: هم أهل الكتاب
الآية 38 - 40 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أسمع بهم وأبصر يقول
الكفار يومئذ : أسمع شيء وأبصره وهم اليوم لا يسمعون ولا يبصرون
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة في قوله : أسمع بهم وأبصر قال : أسمع قوم
وأبصر قوم يوم يأتوننا قال : ذلك والله يوم القيامة
وأخرج ابن أبي حاتم في قوله : أسمع بهم وأبصر يوم يأتوننا قال : والله ذلك يوم
القيامة سمعوا حين لم ينفعهم السمع وأبصروا حين لم ينفعهم البصر
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو
يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل
(5/511)
النار
النار يجاء بالموت كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار فيقال : يا أهل الجنة هل
تعرفون هذا ؟ فيشرفون وينظرون ويقولون : نعم هذا الموت وكلهم قد رآه ثم يقال : يا
أهل النار هل تعرفون هذا ؟ فيشرفون وينظرون ويقولون : نعم هذا الموت وكلهم قد رآه
فيؤمر به فيذبح فيقال : يا أهل الجنة خلود بلا موت ويا أهل النار خلود بلا موت
" ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم : وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر
وهم في غفلة وأشار بيده وقال : " أهل الدنيا في غفلة "
وأخرج النسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه و سلم في قوله : وأنذرهم يوم الحسرة قال : ينادى يا أهل الجنة فيشرفون
وينادى يا أهل النار فيشرفون وينظرون فيقال : ما تعرفون هذا ؟ فيقولون : نعم فيجاء
بالموت في صورة كبش أملح فيقال : هذا الموت فيقرب ويذبح ثم يقال : يا أهل الجنة
خلود لا موت ويا أهل النار خلود ولا موت ثم قرأ وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وأنذرهم يوم الحسرة قال :
يصور الله الموت في صورة كبش أملح فيذبح فييأس أهل النار من الموت فيما يرجونه
فتأخذهم الحسرة من أجل الخلود في النار
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : وأنذرهم يوم
الحسرة إذ قضي الأمر قال : إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار يأتي الموت
بصورة كبش أملح حتى يوقف بين الجنة والنار ثم ينادي مناد يا أهل الجنة هذا الموت
الذي كان يميت الناس في الدنيا ولا يبقى أحد في عليين ولا في أسفل درجة من الجنة
إلا نظر إليه ثم ينادي يا أهل النار هذا الموت الذي كان يميت الناس في الدنيا فلا
يبقى أحد في ضحضاح من النار ولا أسفل درك من جهنم إلا نظر إليه ثم يذبح بين الجنة
والنار ثم ينادي يا أهل الجنة هو الخلود أبد الآبدين
ويا أهل النار هو الخلود أبد الآبدين فيفرح أهل الجنة فرحة لو كان أحد ميتا من
فرحة ماتوا ويشهق أهل النار شهقة لو كان أحدا ميتا من شهقة ماتوا فذلك قوله :
وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر يقول : إذا ذبح الموت
وأخرج ابن جرير من طريق علي عن ابن عباس يوم الحسرة هو من أسماء
(5/512)
يوم
القيامة
وقرأ أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله الزمر آية 56
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن عبد العزيز : أنه كتب إلى عامله بالكوفة أما بعد :
فإن الله كتب على خلقه حين خلقهم الموت فجعل مصيرهم إليه فقال : فيما أنزل في
كتابه الصادق الذي أنزله بعلمه وأشهد ملائكته على خلقه أنه يرث الأرض ومن عليها
وإليه يرجعون
الآية 41 - 50 أخرج أبو نعيم والديلمي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " حق الوالد على ولده أن لا يسميه إلا بما سمى إبراهيم أباه يا أبت ولا
يسميه باسمه "
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : لأرجمنك قال : لأشتمنك
واهجرني مليا قال : حينا
(5/513)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : واهجرني مليا قال :
اجتنبني سالما قبل أن يصيبك مني عقوبة
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة مثله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : واهجرني مليا قال : سالما
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن مثله
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد واهجرني مليا قال : حينا
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله : واهجرني مليا ما الملي ؟ قال : طويلا قال فيه المهلهل : وتصدعت شم الجبال
لموته وبكت عليه المرملات مليا وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله : إنه كان بي حفيا قال : لطفيا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : إنه كان بي حفيا قال : عوده
الإجابة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ووهبنا له إسحق ويعقوب قال : يقول وهبنا
له إسحق ولدا ويعقوب ابن ابنه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وجعلنا لهم لسان
صدق عليا قال الثناء الحسن
الآية 51 - 53 أخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ إنه كان مخلصا بنصب اللام
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : وكان رسولا نبيا
قال : النبي وحده الذي تكلم وينزل عليه ولا يرسل ولفظ ابن
(5/514)
أبي
حاتم الأنبياء الذين ليسوا برسل يوحى إلى أحدهم ولا يرسل إلى أحدهم والرسل
الأنبياء الذين يوحى إليهم ويرسلون
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : جانب الطور الأيمن
قال : جانب الجبل الأيمن وقربناه نجيا قال : نجا بصدقه
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية في قوله : وقربناه نجيا قال : قربه حتى سمع صرير
القلم
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وابن المنذر عن ميسرة وقربناه نجيا قال :
أدني حتى سمع صرير القلم في الألواح وهو يكتب التوراة
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير وقربناه نجيا قال
: أردفه جبريل حتى سمع صرير القلم والتوراة تكتب له
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي وقربناه نجيا قال : ادخل في السماء فكلم
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات عن مجاهد في
قوله : وقربناه نجيا قال بين السماء السابعة وبين العرش سبعون ألف حجاب حجاب نور
وحجاب ظلمة حجاب نور وحجاب ظلمة حجاب نور وحجاب ظلمة فما زال موسى يقرب حتى كان
بينه وبينه حجاب فلما رأى مكانه وسمع صريف القلم قال : رب أرني أنظر إليك الأعراف
الآية 143
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة في المصنف وهناد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس وقربناه نجيا حتى سمع صريف
القلم يكتب في اللوح
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن معد يكرب قال : لما قرب الله موسى نجيا بطور سينا
قال : يا موسى إذا خلقت لك قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا وزوجة تعين على الخير فلم أخزن
عنك من الخير شيئا ومن أخزن عنه هذا فلم أفتح له من الخير شيئا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ووهبنا له من رحمتنا أخاه
هرون نبيا قال : كان هرون أكبر من موسى ولكن إنما وهب له نبوته
(5/515)
الآية
54 - 55 أخرج الحاكم من طريق سمرة عن كعب قال : كان إسماعيل نبي الله الذي سماه
صادق الوعد وكان رجلا فيه حدة مجاهدا أعداء الله ويعطيه الله النصر عليهم والظفر
وكان شديد الحرب على الكفار لا يخاف في الله لومة لائم صغير الرأس غليظ العنق طويل
اليدين والرجلين يضرب بيديه ركبتيه وهو قائم صغير العينين طويل الأنف عريض الكتف
طويل الأصابع بارز الخلق قوي شديد عنيف على الكفار وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة
وكانت زكاته القربات إلى الله من أموالهم وكان لا يعد أحدا شيئا إلا أنجزه فسماه
الله صادق الوعد
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج إنه كان صادق الوعد قال : لم يعد ربه عدة قط إلا
أنفذها
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري قال : بلغني أن إسماعيل وصاحبا له أتيا قرية
فقال له صاحبه : إما أن أجلس وتدخل فتشتري طعاما زادنا وإما أن أدخل فأكفيك ذلك
فقال له إسماعيل : بل ادخل أنت وأنا أجلس أنتظرك فدخل ثم نسي فخرج فأقام مكانه حتى
كان الحول من ذلك اليوم فمر به الرجل فقال له : أنت ههنا حتى الساعة ؟ قال : قلت
لك لا أبرح حتى تجيء فقال تعالى : واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد
وأخرج ابن جرير عن سهل بن سعد قال : أن إسماعيل عليه السلام وعد رجلا أن يأتيه
فجاء ونسي الرجل فظل به إسماعيل وبات حتى جاء الرجل من الغد فقال : ما برحت من
ههنا ؟ قال : لا قال : إني نسيت قال : لم أكن لأبرح حتى تأتيني
ولذلك كان صادق الوعد
وأخرج مسلم عن واثلة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن الله اصطفى
من ولد إبراهيم إسماعيل واصطفى من ولد إسماعيل كنانة "
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " أنا سيد الخلائق يوم القيامة في اثني عشر نبيا منهم إبراهيم وإسماعيل
وإسحق ويعقوب "
(5/516)
وأخرج
الحاكم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : أول من نطق بالعربية ووضع الكتاب على
لفظه ومنطقه ثم جعله كتابا واحدا - مثل بسم الله الرحمن الرحيم - الوصول - حتى فرق
بينه ولده إسماعيل
واخرج ابن سعد عن عقبة بن بشير أنه سأل محمد بن علي من أول من تكلم بالعربية ؟ قال
: إسماعيل بن إبراهيم وهو ابن ثلاث عشرة سنة
قلت : فما كان كلام الناس قبل ذلك ؟ قال العبرانية
وأخرج ابن سعد عن الواقدي عن غير واحد من أهل العلم أن إسماعيل ألهم من يوم ولد
لسان العرب وولد إبراهيم أجمعون على لسان إبراهيم
وأخرج ابن سعد عن علي بن رباح اللخمي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" كل العرب من ولد إسماعيل "
وأخرج ابن سعد عن إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة قال : قبر أم إسماعيل تحت الميزاب
بين الركن والبيت
الآية 57 - 56 أخرج الحكم عن سمرة قال : كان إدريس أبيض طويلا ضخم البطن عريض
الصدر قليل شعر الجسد كثير شعر الرأس وكانت إحدى عينيه أعظم من الأخرى وكانت في
صدره نكتة بيضاء من غير برص فلما رأى الله من أهل الأرض ما رأى من جورهم وإعتدائهم
في أمر الله رفعه الله إلى السماء السادسة فهو حيث يقول ورفعناه مكانا عليا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو بن العاص : أن إدريس أقدم من نوح بعثه
الله إلى قومه فأمرهم الله أن يقولوا لا إله إلا الله ويعملوا بما شاء فأبوا
فأهلكهم الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ورفعناه مكانا عليا قال : كان إدريس
خياطا
وكان لا يغرز إلا قال : سبحان الله
فكان يمسي حين يمسي وليس في الأرض أحد أفضل منه عملا فاستأذن ملك من الملائكة ربه
فقال يا رب ائذن لي فأهبط إلى إدريس
فأذن له فأتى إدريس فسلم عليه وقال : إني جئتك لأحدثك فقال : كيف تحدثني وأنت ملك
وأنا إنسان ثم قال إدريس
(5/517)
هل
بينك وبين ملك الموت شيء ؟ قال الملك : ذاك أخي من الملائكة فقال : هل يستطيع أن
ينسئني عند الموت ؟ قال : أما أن يؤخر شيئا أو يقدمه فلا ولكن سأكلمه لك فيرفق بك
عند الموت فقال : اركب على جناحي فركب إدريس فصعد إلى السماء العليا فلقي ملك
الموت إدريس بين جناحيه فقال له الملك إن لي إليك حاجة قال : علمت حاجتك تكلمني في
إدريس وقد محي اسمه من الصحيفة ولم يبق من أجله إلا نصف طرفة عين فمات إدريس بين
جناحي الملك
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : سألت كعبا عن رفع
إدريس مكانا عليا فقال : كان عبدا تقيا رفع له من العمل الصالح ما رفع لأهل الأرض
في زمانه فعجب الملك الذي كان يصعد عليه عمله فاستأذن ربه قال : رب ائذن لي آتي
عبدك هذا فأزوره فأذن له فنزل قال : يا إدريس أبشر فإنه رفع لك من العمل الصالح ما
لا رفع لأهل الأرض قال : وما علمك ؟ ! قال إني ملك
قال : وإن كنت ملكا ؟ قال : فإني على الباب الذي يصعد عليه عملك
قال : أفلا تشفع إلى ملك الموت فيؤخر من أجلي لأزداد شكرا وعبادة ؟ قال الملك : لن
يؤخر الله نفسا غذا جاء أجلها المنافقون آية 11 قال : قد علمت ولكنه أطيب لنفسي
فحمله الملك على جناحيه فصعد به إلى السماء فقال : يا ملك الموت هذا عبد تقي نبي
رفع له من العمل الصالح ما لا يرفع لأهل الأرض وإني أعجبني ذلك فاستأذنت ربي عليه
فلما بشرته بذلك سألني لأشفع له إليك لتؤخر له من أجله ليزداد شكرا وعبادة
قال : ومن هذا ؟ قال : إدريس فنظر في كتاب معه حتى مر باسمه فقال : والله ما بقي
من أجل إدريس شيء فمحاه فمات مكانه
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : ورفعناه مكانا عليا قال :
رفع إلى السماء السادسة فمات فيها
وأخرج الترمذي وصححه وابن المنذر وابن مردويه عن قتادة في قوله : ورفعناه مكانا
عليا قال : حدثنا أنس بن مالك أن نبي الله صلى الله عليه و سلم قال : " لما
عرج بي رأيت إدريس في السماء الرابعة "
(5/518)
وأخرج
ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه و سلم
ورفعناه مكانا عليا قال : في السماء الرابعة
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه والربيع مثله
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال
: رفع إدريس كما رفع عيسى ولم يمت
وأخرج ابن أبي حاتم بسند حسن عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إدريس هو إلياس
وأخرج ابن المنذر عن عمر مولى غفرة يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه و سلم قال
: " إن إدريس كان نبيا تقيا زكيا وكان يقسم دهره على نصفين : ثلاثة ايام يعلم
الناس الخير وأربعة أيام يسيح في الأرض ويعبد الله مجتهدا
وكان يصعد من عمله وحده إلى السماء من الخير مثل ما يصعد من جميع أعمال بني آدم
وإن ملك الموت أحبه في الله فأتاه حين خرج للسياحة فقال له : يا نبي الله إني أريد
أن تأذن لي في صحبتك
فقال له إدريس - وهو لا يعرفه - : إنك لن تقوى على صحبتي
قال : بلى إني أرجو أن يقويني الله على ذلك
فخرج معه يومه ذلك حتى إذا كان من آخر النهار مر براعي غنم فقال ملك الموت لإدريس
: يا نبي الله إنا لا ندري حيث نمسي فلو أخذنا جفرة من هذه الغنم فأفطرنا عليها ؟
فقال له إدريس : لا تعد إلى مثل هذا تدعوني إلى أخذ ما ليس لنا من حيث نمسي يأتي
الله برزق ! فلما أمسى أتاه الله بالرزق الذي كان يأتيه فقال لملك الموت : تقدم
فكل
فقال ملك الموت : لا والذي أكرمك بالنبوة ما أشتهي
فأكل ادريس وقاما جميعا إلى الصلاة ففتر إدريس وكل ومل ونعس وملك الموت لا يفتر
ولا يمل ولا ينعس فعجب منه وقال : قد كنت أظن أني أقوى الناس على العبادة فهذا
أقوى مني ! فصغرت عنده عبادته عندما رأى منه
ثم أصبحا فساحا فلما كان آخر النهار مرا بحديقة عنب فقال ملك الموت لإدريس : يا
نبي الله لو أخذنا قطفا من هذا العنب لأنا لا ندري حيث نمسي
فقال إدريس : ألم أنهك عن هذا ؟ وأنت حيث تمسي يأتينا الله برزق ! فلما أمسى أتاه
الله الرزق الذي كان يأتيه فأكل إدريس فقال لملك الموت هلم فكل
فقال : لا والذي أكرمك بالنبوة يا نبي الله لا أشتهي
فعجب ! ثم قاما إلى الصلاة ففتر
(5/519)
إدريس
أيضا وكل ومل وملك الموت لا يكل ولا يفتر ولا ينعس
فقال له عند ذلك إدريس : لا والذي نفسي بيده ما أنت من بني آدم ! فقال له ملك
الموت عنده ذلك : أجل لست من بني آدم
فقال له إدريس : فمن أنت ؟ قال : أنا ملك الموت
فقال له إدريس : أمرت في بأمر ؟ فقال له : لو أمرت فيك بأمر ما ناظرتك نظرتك ؟
ولكني أحبك في الله وصحبتك له
فقال له إدريس : يا ملك الموت إنك معي ثلاثة أيام بلياليها لم تقبض روح أحد من
الخلق ؟ قال : بلى والذي أكرمك بالنبوة يا نبي الله إني معك من حين رأيت وإني أقبض
نفس من أمرت بقبض نفسه في مشارق الأرض ومغاربها وما الدنيا عندي إلا بمنزلة
المائدة بين يدي الرجل يمد يده ليتناول منها ما شاء
فقال له إدريس : يا ملك الموت أسألك بالذي أحببتني له وفيه ألا إلا ؟ قضيت لي حاجة
أسألكها ؟ فقال له ملك الموت : سلني ما أحببت يا نبي الله
فقال : أحب أن تذيقني الموت وتفرق بين روحي وجسدي حتى أجد طعم الموت ثم ترد إلي
روحي
فقال له ملك الموت - عليه السلام - : ما أقدر على ذلك إلا أن استأذن فيه ربي
فقال له إدريس عليه السلام : فاستأذنه في ذلك
فعرج ملك الموت إلى ربه فأذن له فقبض نفسه وفرق بين روحه وجسده فلما سقط إدريس
عليه السلام ميتا رد إليه روحه وطفق يمسح وجهه وهو يقول : يا نبي الله ما كنت أريد
أن يكون هذا حظك من صحبتي ! فلما أفاق قال له ملك الموت : يا نبي الله كيف وجدت ؟
قال : يا ملك الموت قد كنت أحدث وأسمع فإذا هو أعظم مما كنت أحدث وأسمع ! ثم قال :
يا ملك الموت أريد منك حاجة أخرى قال : وما هي ؟ قال : تريني النار حتى أنظر إلى
لمحة منها
فقال له ملك الموت : وما لك والنار ؟ إني لأرجو أن لا تراها ولا تكون من أهلها !
قال : بلى أريد ذلك ليكون أشد لرهبتني وخوفي منها ! فانطلق إلى باب من أبواب جهنم
فنادى بعض خزنتها فأجابوه وقالوا : من هذا ؟ قال : أنا ملك الموت
فارتعدت فرائصهم - قالوا : أمرت فينا بأمر ؟ فقال : لو أمرت فيكم بأمر ما ناظرتكم
ولكن نبي الله إدريس - عليه السلام - سألني أن تروه لمحة من النار
ففتحوا له قدر ثقب المخيط فأصابه من حرها ولهبها وزفيرها ما صعق ! ه ؟ فقال ملك
الموت : أغلقوا ! فأغلقوا فمسح ملك الموت وجهه وهو يقول : يا نبي الله ما كنت أحب
أن يكون هذا حظك من صحبتي
فلما أفاق
(5/520)
قال
له ملك الموت : يا نبي الله كيف رأيت ؟ قال : يا ملك الموت كنت أحدث وأسمع فإذا هو
أعظم مما كنت أحدث وأسمع ! فقال له : يا ملك الموت قد بقيت لي حاجة أخرى لم يبق
غيرها
قال : وما هي ؟ قال : تريني لمحة من الجنة
قال له ملك الموت - عليه السلام : يا نبي الله أبشر ! فإنك إن شاء الله من خيار
أهلها وإنها إن شاء الله مقيلك ومصيرك
فقال : يا ملك الموت إني أحب أن أنظر إليها ولعل ذلك أن يكون أشد لشوقي وحرصي
وطلبي ! فذهب به إلى باب من أبواب الجنة فنادى بعض خزنتها فأجابوه فقالوا : من هذا
؟ قال : ملك الموت
فارتعدت فرائصهم وقالوا : أمرت فينا بشيء ؟ فقال : لو أمرت فيكم بشيء ما ناظرتكم
ولكن نبي الله إدريس - عليه السلام - سأل أن ينظر إلى لمحة من الجنة فافتحوا
فلما فتح أصابه من بردها وطيبها وريحانها ما أخذ بقلبه فقال : يا ملك الموت إني
أحب أن أدخل الجنة فآكل أكلة من ثمارها وأشرب شربة من مائها فلعل ذلك أن يكون أشد
لطلبتي ورغبتي وحرصي
فقال : ادخل
فدخل فأكل من ثمارها وشرب من مائها
فقال له ملك الموت : اخرج يا نبي الله قد أصبت حاجتك حتى يردك الله مع الأنبياء
يوم القيامة
فاحتضن بساق شجرة من شجر الجنة وقال : ما أنا بخارج منها وإن شئت أن أخاصمك خاصمتك
فأوحى الله إلى ملك الموت : قاضه الخصومة
فقال له ملك الموت : ما الذي تخاصمني به يا نبي الله ؟ فقال إدريس : قال الله
تعالى كل نفس ذائقة الموت آل عمران الآية 185 فقد ذقت الموت الذي كتبه الله على
خلقه مرة واحدة
وقال الله : وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا مريم آية 76 وقد وردتها
أفأردها مرة بعد مرة وإنما كتب الله ورودها على خلقه مرة واحدة ؟ وقال لأهل الجنة
: وما هم منها بمخرجين الحجر آية 48 أفأخرج من شيء ساقه الله إلي ؟ فأوحى الله إلى
ملك الموت : خصمك عبدي إدريس وعزتي وجلالي : إن في سابق علمي قبل أن أخلقه أنه لا
موت عليه إلا الموتة التي ماتها وإنه لا يرى جهنم غلا خلا ؟ الورد الذي وردها وأنه
يدخل الجنة في الساعة التي دخلها وأنه ليس بخارج منها فدعه يا ملك الموت
(5/521)
فقد
خصمك وإنه احتج عليك بحجة قوية
فلما قر قرار إدريس في الجنة وألزمه الله دخولها قبل الخلائق عجت الملائكة إلى
ربهم فقالوا : ربنا خلقت خلقتنا قبل ؟ إدريس بكذا وكذا ألف سنة - ولم نعصك طرفة
عين وإنما خلقت إدريس منذ أيام قلائل فأدخلته الجنة قبلنا ؟ فأوحى الله إليهم : يا
ملائكتي إنما خلقتكم لعبادتي وتسبيحي وذكري وجعلت فيها لذتكم ولم أجعل لكم لذة في
مطعم ولا مشرب ولا في شيء سواها وقويتكم عليها وجعلت في الأرض الزينة والشهوات
واللذات والمعاصي والمحارم وإنه اجتنب ذلك كله من أجلي وآثر هواي على هواه ورضاي
ومحبتي على رضاه ومحبته فمن أراد منكم أن يدخل مدخل إدريس فليهبط إلى الأرض
فليعبدني بعبادة إدريس ويعمل بعمل إدريس فإن عمل مثل إدريس أدخله مدخل إدريس وإن
غير أو بدل استوجب مدخل الظالمين
فقالت الملائكة : ربنا لا نطلب ثوابا ولا تصيبنا بعقاب رضينا بمكاننا منك يا رب
وفضيلتك إيانا
وانتدب ثلاثة من الملائكة : هاروت وماروت وملك آخر رضوا به فأوحى الله إليهم :
" أما إذا اجتمعتم على هذا فاحذروا إن نفعكم الحذر فإني أنذركم اعلموا أن
أكبر الكبائر عندي أربع : - فما عملتم سواها غفرته لكم وإن عملتموها لم أغفر لكم
"
قالوا وما هي ؟ قال : أن لا تعبدوا صنما ولا تسفكوا دما ولا تشربوا خمرا ولا تطؤوا
محرما
فهبطوا إلى الأرض على ذلك فكانوا في الأرض على مثل ما كان عليه إدريس : يقيمون
أربعة ايام في سياحتهم وثلاثة أيام يعلمون الناس الخير ويدعونهم إلى عبادة الله
تعالى وطاعته
حتى ابتلاهم الله بالزهرة وكانت من أجمل النساء فلما نظروا إليها افتتنوا بها -
لما ؟ أراد الله ولما سبق عليهم في علمه مع خذلان الله إياهم - فنسوا ما تقدم
إليهم فسألوها نفسها
قالت لهم : نعم ولكن لي زوج لا أقدر على ما تريدون مني إلا أن تقتلوه وأكون لكم
فقال بعضهم لبعض : إنا قد أمرنا أن لا نسفك دما ولا نطأ محرما ولكن نفعل هذا مع
هذا ثم نتوب من هذا كله
فلما أحس الثالث بالفتنة عصمه الله من ذلك كله بالسماء فدخلها فنجا وأقام هاروت
وماروت لما كتب عليهما فنشدا على زوجها فقتلاه
فلما أراداها قال قالت ؟ : لي صنم أعبده وأنا أكره معصيته وخلافه فإن أردتما
فاسجدا له سجدة واحدة
فدعتهما الفتنة إلى ذلك فقال أحدهما لصاحبه : إنا قد أمرنا أن لا نسفك دما ولا نطأ
حرما ولكنا نفعله ثم نتوب من
(5/522)
جميعه
فسجدوا لذلك الصنم
فلما أراداها قالت لهما : قد بقيت لي حاجة أخرى
قالا : وما هي ؟ قالت : لي شراب لا يطيب لي من العيش إلا به
قالا : وما هو ؟ قالت : الخمر
فدعتهما الفتنة إلى ذلك فقال أحدهما لصاحبه : إنا قد أمرنا أن لا نشرب خمرا ! فقال
الآخر : إنا قد أمرنا أن لا نسفك دما ولا نطأ محرما ولكنا نفعله ثم نتوب من جميعه
فشربا الخمر
فلما أراداها قالت : قد بقيت لي حاجة أخرى
قالا : وما هي ؟ قالت : تعلماني الكلام الذي تعرجان به إلى السماء
فعلماها إياه فلما تكلمت به عرجت إلى السماء فلما انتهت إلى السماء مسخت نجما فلما
ابتليا بما ابتليا به عرجا إلى السماء فغلقت أبواب السماء دونهما وقيل لهما أن
السماء لا يدخلها خطاء ! فلما منعا من دخول السماء وعلما أنهما قد افتتنا وابتليا
عجا إلى الله بالدعاء والتضرع والإبتهال فأوحى الله إليهما : حل عليكما سخطي ووجبت
فيما تعرضتما واستوجبتما وقد كنتما مع ملائكتي في طاعتي وعبادتي حتى عصيتما فصرتما
بذلك إلى ما صرتما إليه من معصيتي وخلاف أمري فاختارا إن شئتما عذاب الدنيا وإن
شئتما عذاب الآخرة
فعلما أن عذاب الدنيا وإن طال فمصيره إلى زوال وأن عذاب الآخرة ليس له زوال ولا
إنقطاع فاختارا عذاب الدنيا فهما ببابل معلقين منكوسين مقرنين إلى يوم القيامة
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق داود بن أبي هند عن بعض أصحابه قال : كان ملك الموت
صديقا لإدريس عليه السلام فقال له إدريس يوما : يا ملك الموت قال : لبيك
قال : أمتني فأرني كيف الموت ؟ قال له ملك الموت : سبحان الله يا إدريس ! إنما يفر
أهل السموات والأرض من الموت وتسألني أن أريك كيف الموت ؟ قال : إني أحب أن أراه
فلما ألح عليه قال له : يا إدريس أنا عبد مملوك مثلك وليس إلي من الأمر شيء
قال : فصعد ملك الموت فقال : رب إن عبدك سألني أن أريه الموت كيف هو ؟ قال الله له
: فأمته
فقال له ملك الموت : يا إدريس إنما يفر الخلق من الموت قال : فأرني
فلما مات بقي ملك الموت لا يستطيع أن يرد نفسه إليه فقال : يا رب قد ترى ما إدريس
فيه ؟ فرد الله إليه روحه فمكث ما شاء حيا ثم قال يا ملك الموت : أدخلني الجنة
فأنظر إليها ؟ قال له : يا إدريس إنما أنا عبد مملوك مثلك ليس إلي من الأمر شيء
فألح عليه فقال ملك الموت : يا رب إن عبد إدريس قد ألح علي فسألني أن
(5/523)
أدخله
الجنة فيراها ؟ وقد قلت له : إنما أنا عبد مثلك وليس إلي من الأمر شيء
قال الله : فأدخله الجنة قال : إن الله علم من إدريس ما لا أعلم أنا فاحتمله ملك
الموت فأدخله الجنة فكان فيها ما شاء الله فقال له ملك الموت : اخرج بنا
قال : لا
قال الله : أفما نحن بميتين إلا موتنا الأولى الصافات آية 58 وقال الله : وما هم
منها بمخرجين الحجرات آية 48 وما أنا بخارج منها قال ملك الموت : يا رب قد تسمع ما
يقول عبدك إدريس
قال الله له : صدق عبدي هو أعلم منك فاخرج منها ودعه فيها
فقال الله : ورفعناه مكانا عليا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صديقا نبيا
ورفعناه مكانا عليا مريم آية 57 - 58 قال : كان إدريس أول نبي بعثه الله في الأرض
وإنه كان يعمل فيرفع عمله مثل نصف أعمال الناس ثم إن ملكا من الملائكة أحبه فسأل
الله أن يأذن له فيأتيه فأذن له فأتاه فحدثته بكرامته على الله فقال : يا أيها
الملك أخبرني كم بقي من أجلي لعلي أجتهد لله في العمل
قال : يا إدريس لا يعلم هذا إلا الله
قال : فهل تستطيع أن تصعد بي إلى السماء ؟ فأنظر في ملك الله فأجتهد لله في العمل
قال : لا إلا أن تشفع
فتشفع فأمر به
فحمله تحت جناحيه فصعد به حتى إذا بلغ السماء السادسة استقبل ملك الموت نازلا من
عند الله فقال : يا ملك الموت أين تريد ؟ قال : أقبض نفس إدريس
قال : وأين أمرت أن تقبض نفسه ؟ قال : في السماء السادسة
فذهب الملك ينظر إلى إدريس فإذا هو برجليه يخفقان قد مات فوضعه في السماء السادسة
الآية 58
(5/524)
أخرج
ابن أبي حتم عن السدي في قوله : أولئك الين أنعم الله عليهم من النبيين قال : هذه
تسمية الأنبياء الذين ذكرهم
أما من ذرية آدم : فإدريس ونوح وأما من حمل مع نوح : فإبراهيم - وأما ذرية إبراهيم
: فإسماعيل وإسحق ويعقوب
وأما بني اسرئيل : فموسى هارون وزكريا ويحيى وعيسى
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : واحتبينا قال خلصنا
وأخرج عبد بن حميد عن قيس بن سعد قال : جاء ابن عباس حتى قام على عبيد بن عمير وهو
يقص فقال : واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا مريم آية 42 واذكر في
الكتاب إسماعيل مريم آية 54 واذكر في الكتاب إدريس الآية
حتى بلغ أولئك الذين أنعم الله عليهم من النبيين قال ابن عباس : ذكرهم بأيام الله
إبراهيم آية 6 وأثن على من أثنى الله عليه
وأخرج ابن أبي الدنيا في البكاء وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان
عن عمر بن الخطاب : أنه قرأ سورة مريم فسجد ثم قال : هذا السجود فأين البكاء ؟
الآية 59 - 65
(5/525)
أخرج
ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : فخلف من بعدهم خلف قال : هم اليهود والنصارى
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد فخلف من بعدهم خلف قال : من هذه الأمة يتراكبون في
الطرق كما تراكب الأنعام لا يستحيون من الناس ولا يخافون من الله في السماء
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة قال : عند
قيام الساعة - ذهاب صالح أمة محمد - ينزو بعضهم إلى بعض في الآزقة زناة
وأخرج ابن ابي حاتم عن محمد بن كعب القرظي في قوله : أضاعوا الصلاة يقول : تركوا
الصلاة
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود في قوله : فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة قال :
ليس إضاعتها تركها قد يضيع الإنسان الشيء ولا يتركه ولكن إضاعتها إذا لم يصلها
لوقتها
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم في قوله : أضاعوا الصلاة قال : صلوها لغير وقتها
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن القاسم بن مخيمرة في قوله : أضاعوا الصلاة قال
: أخروا الصلاة عن ميقاتها ولو تركوها كفروا
وأخرج ابن أبي حاتم والخطيب في المتفق والمفترق عن عمر بن عبد العزيز في قوله :
أضاعوا الصلاة قال : لم يكن إضاعتها تركها ولكن أضاعوا المواقيت
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال : والله إني لأجد صفة المنافقين في التوراة :
شرابين للقهوات : تباعين للشهوات لعانين للكعبات رقادين عن العتمات مفرطين في
الغدوات تراكين للصلوات تراكين للجمعات ثم تلا هذه الآية فخلف من بعدهم خلف أضاعوا
الصلاة واتبعوا الشهوات
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن الأشعث قال : أوحى الله إلى داود عليه السلام : أن
القلوب المعلقة بشهوات الدنيا عني محجوبة
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : اغتسلت أنا وآخر
فرآنا عمر بن الخطاب وأحدنا ينظر إلى صاحبه فقال : إني لأخشى
(5/526)
أن
تكونا من الخلف الذين قال الله فيهم : فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا
الشهوات فسوف يلقون غيا
وأخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه
والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي سعيد الخدري : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
وتلا هذه الآية فخلف من بعدهم خلف فقال : يكون خلف من عبد ستين سنة أضاعوا الصلاة
واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا ثم يكون خلف : يقرؤون القرآن لا يعدو تراقيهم
ويقرأ القرآن ثلاثة : مؤمن ومنافق وفاجر
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن عقبة بن عامر سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : " سيهلك من أمتي أهل الكتاب وأهل اللين " قلت يا رسول الله : ما
أهل الكتاب ؟ قال : " قوم يتعلمون الكتاب يجادلون به الذين آمنوا " فقلت
: ما أهل اللين ؟ قال : قوم يتبعون الشهوات ويضيعون الصلوات
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والحكم وصححه عن عائشة أنها كانت ترسل بالصدقة لأهل
الصدقة وتقول : لا تعطوا منها بربريا ولا بربرية فإني سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : هم الخلف الذين قال الله : فخلف من بعدهم خلف
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
يكون في أمتي من يقتل على الغضب ويرتشي في الحكم ويضيع الصلوات ويتبع الشهوات ولا
ترد له راية " قيل : يا رسول الله أمؤمنون هم ؟ قال : بالإيمان يقرؤون
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فسوف يلقون غيا قال : خسرا
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في البعث من طرق عن ابن مسعود في قوله :
فسوف يلقون غيا قال : الغي نهر أو واد من جهنم من قيح بعيد القعر خبيث الطعم يقذف
فيه الذين يتبعون الشهوات
وأخرج ابن المنذر والبيهقي في البعث عن البراء بن عازب في الآية قال : الغي واد في
جهنم بعيد القعر منتن الريح
وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي أمامة
(5/527)
قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لو أن صخرة زنة عشرة أواق قذف بها
من شفير جهنم ما بلغت قعرها سبعين خريفا ثم تنتهي إلى غي وأثام قلت : ما غي وأثام
؟ قال : نهران في أسفل جهنم يسيل فيها صديد أهل النار وهم اللذان ذكر الله في
كتابه فسوف يلقون غيا ومن يفعل ذلك يلقى أثاما الفرقان آية 68
وأخرج ابن مردويه من طريق نهشل عن الضحاك عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " الغي واد في جهنم "
وأخرج البخاري في تاريخه عن عائشة في قوله : غيا قالت : نهر في جهنم
وأخرج ابن المنذر عن شقي بن ماتع قال : إن في جهنم واديا يسمى غيا يسيل دما وقيحا
فهو لمن خلق له
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : يلقون غيا قال : سوءا إلا من تاب قال : من
ذنبه وآمن قال : بربه وعمل صالحا قال : بينه وبين الله
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : لا يسمعون فيها لغوا قال
باطلا
وأخرج عبد بن حميد وهناد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : لايسمعون
فيها لغوا قال : لا يستبون
وفي قوله : لهم رزقهم فيها بكرة وعشيا قال : ليس فيها بكرة ولا عشي يؤتون به على
النحو الذي يحبون من البكرة والعشي
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
: ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا قال : يؤتون به في الآخرة على مقدار ما كانوا يؤتون
به في الدنيا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الوليد بن مسلم قال : سألت زهير بن
محمد عن قوله : ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا قال : ليس في الجنة ليل ولا شمس ولا
قمر هم في نور أبدا ولهم مقدار الليل والنهار يعرفون مقدار
(5/528)
الليل
بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول من طريق أبان عن الحسن وأبي قلابة قالا :
قال رجل : يا رسول الله هل في الجنة من ليل ؟ قال : وما هيجك على هذا ؟ ! قال :
سمعت الله يذكر في الكتاب ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا فقلت الليل من البكرة والعشي
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ليس هناك ليل وإنما هو ضوء نور يرد
الغدو على الرواح والرواح على الغدو وتأتيهم طرف الهدايا من الله لمواقيت الصلوات
التي كانوا يصلون فيها في الدنيا وتسلم عليهم الملائكة "
وأخرج ابن المنذر عن يحيى بن أبي كثير قال : كانت العرب في زمانها إنما لها أكلة
واحدة فمن أصاب اثنتين سمي فلانا الناعم
فأنزل الله تعالى يرغب عباده فيما عنده ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : كانوا يعدون النعيم أن يتغدى الرجل ثم يتعشى
قال الله لأهل الجنة : ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ما من
غداة من غدوات الجنة كل الجنة غدوات إلا أن يزف إلى ولي الله تعالى فيها زوجة من
الحور العين أدناهن التي خلقت من زعفران "
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ تلك الجنة التي نورث بالنون مخففة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شودب في قوله : وتلك الجنة التي نورث من عبادنا قال :
ليس من أحد إلا وله في الجنة منزل وأزواج فإذا كان يوم القيامة ورث الله المؤمن
كذا وكذا منزلا من منازل الكفار
فذلك قوله : من عبادنا
وأخرج ابن ابي حاتم عن داود بن أبي هند في قوله : من كان تقيا قال : موحدا
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وعبد بن حميد والترمذي والنسائي وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس
(5/529)
قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لجبريل : " ما يمنعك أن تزورنا أكثر مما
تزورنا " فنزات : وما نتنزل إلا بأمر ربك إلى آخر الآية
زاد ابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم فكان ذلك الجواب لمحمد
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : سئل النبي صلى الله عليه و سلم - أي البقاع أحب إلى
الله وأيها أبغضها إلى الله ؟ قال : ما أدري حتى أسأل جبريل وكان قد أبطأ عليه
فقال : لقد أبطأت علي حتى ظننت أن بربي علي موجدة !
فقال : وما نتنزل إلا بأمر ربك
وأخرج عبد بن حميد وابن ابي حاتم عن عكرمة قال : أبطأ جبريل على النبي صلى الله
عليه و سلم أربعين يوما ثم نزل فقال له النبي صلى الله عليهه وسلم : " ما
نزلت حتى اشتقت إليك " فقال له جبريل : " أنا كنت إليك أشوق ولكني مأمور
" فأوحى الله إلى جبريل أن قل له : وما نتنزل إلا بأمر ربك
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : احتبس جبريل عن النبي صلى الله عليه و سلم بمكة
حتى حزن واشتد عليه فشكا إلى خديجة فقالت خديجة : لعل ربك قد ودعك أو قلاك فنزل
جبريل بهذه الآية : ما ودعك ربك وما قلى الضحى آية 2 قال : يا جبريل احتبست عني
حتى ساء ظني فقال جبريل : وما نتنزل إلا بأمر ربك
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : لبث جبريل عن النبي صلى الله عليه و سلم اثنتي عشرة
ليلة فلما جاءه قال : " لقد رثت حتى ظن المشركون كل ظن " فنزلت الآية
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : أبطأت
الرسل على رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم أتاه جبريل فقال : " ما حبسك عني
؟ " قال : كيف نأتيكم وأنتم لا تقصون أظفاركم ولا تنقون براجمكم ولا تأخذون
شواربكم ولا تستاكون وقرأ وما نتنزل إلا بأمر ربك
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : احتبس جبريل عن النبي صلى الله
عليه و سلم فوجد رسول الله صلى الله عليه و سلم من ذلك وحزن فأتاه جبريل وقال : يا
محمد : وما نتنزل إلا بأمر ربك له ما بين أيدينا يعني من الدنيا وما خلفنا يعني من
الآخرة
(5/530)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عكرمة له ما بين أيدينا قال : الدنيا وما خلفنا قال : الآخرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه له ما بين أيدينا قال : من أمر
الآخرة وما خلفنا من أمر الدنيا وما بين ذلك ما بين الدنيا والآخرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه وما بين ذلك قال : ما بين النفختين
وأخرج هناد وابن المنذر عن أبي العالية وما بين ذلك قال : ما بين النفختين
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي وما كان ربك نسيا قال : وما كان ربك لينساك يا محمد
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبزار والطبراني وابن مردويه والبيهقي في سننه
والحاكم وصححه عن أبي الدرداء رفع الحديث قال : ما أحل الله في كتابه فهو حلال وما
حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عافية فأقبلوا من الله عافيته فإن الله لم يكن لينسى
شيئا
ثم تلا وما كان ربك نسيا
وأخرج ابن مردويه من حديث جابر مثله
وأخرج الحاكم عن سلمان سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن السمن والجبن ؟
والفراء فقال : " الحلال ما أحل الله في كتابه والحرام ما حرم الله في كتابه
وما سكت عنه فهو مما عفا عنه "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
هل تعلم له سميا قال : هل تعلم للرب مثلا أو شبها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب
الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما هل تعلم له سميا قال : ليس أحد يسمى الرحمن
غيره
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : هل تعلم له سميا يا محمد هل
تعلم لإلهك من ولد ؟
(5/531)
وأخرج
الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله :
هل تعلم له سميا قال : هل تعلم له ولد ؟ قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت الشاعر وهو يقول : أما السمي فأنت منه مكثر والمال مال يغتدي ويروح
الآية 66 - 79 أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : ويقول الإنسان الآية قال :
قالها العاصي بن وائل
(5/532)
وأخرج
عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ لسوف أخرج برفع الألف أولا يذكر الإنسان خفيفة بنصب
الياء ورفع الكاف
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : جثيا قال : قعودا
وفي قوله عتيا قال : معصية
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : عتيا قال : عصيا
وأخرج الحاكم عن ابن عباس قال : لا أدري كيف قرأ النبي صلى الله عليه و سلم عتيا
أو جثيا فإنهما جميعا بالضم
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد والبيهقي في البعث عن عبد الله بن باباه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " كأني أراكم بالكوم دون جهنم
جاثين "
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ جثيا برفع الجيم وعتيا برفع العين وصليا برفع
الصاد
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : حول جنم جثيا قال : قياما
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ثم لننزعن قال لنبدأن
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ثم لننزعن الآية : قال : لننزعن من كل أهل
دين قادتهم ورؤوسهم في الشر
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : أيهم أشد على الرحمن عتيا قال : في الدنيا
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي الأحوص ثم لننزعن من كل
شيعة الآية
قال : يبدأ بالأكابر فالأكابر جرما
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن مسعود قال : يحشر الأول على الآخر
حتى إذا تكاملت العدة أثارهم جميعا ثم بدأ بالأكابر فالأكابر جرما ثم قرأ فوربك
لنحشرنهم إلى قوله : عتيا
وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن مجاهد في قوله
: لننزعن من كل شيعة قال : من كل أمة أشد على الرحمن عتيا قال : كفرا
(5/533)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : ثم لنحن أعلم بالذين هم أولى بها صليا يقول :
إنهم أولى بالخلود في جهنم
وأخرج الحرث بن أبي أسامة وابن جرير بسند حسن عن ابن عباس قال : إذا كان يوم
القيامة مدت الأرض مد الأديم وزيد في سعتها كذا وكذا وجمع الخلائق بصعيد واحد جنهم
وإنسهم فإذا كان ذلك اليوم قيضت هذه السماء الدنيا عن أهلها على وجه الأرض ولأهل
السماء وحدهم أكثر من أهل الأرض جنهم وإنسهم بضعف فإذا نثروا على وجه الأرض فزعوا
إليهم فيقولون : أفيكم ربنا ؟ فيفزعون من قولهم ويقولون : سبحان ربنا ! ليس فينا
وهو آت
ثم تقاض السماء الثانية ولأهل السماء الثانية وحدهم أكثر من أهل السماء الدنيا ومن
جميع أهل الأرض بضعف جنهم وإنسهم فإذا نثروا على وجه الأرض فزع إليهم أهل الأرض
فيقولون : أفيكم ربنا ؟ فيفزعون من قولهم ويقولون : سبحان ربنا ! ليس فينا وهو آت
ثم تقاض السموات : سماء سماء كلما قيضت سماء عن أهلها كانت أكثر من أهل السموات
التي تحتها ومن جميع أهل الأرض بضعف فإذا نثروا على أهل الأرض يفزع إليهم أهل
الأرض فيقولون لهم مثل ذلك فيرجعون إليهم مثل ذلك حتى تقاض السماء السابعة فلأهل
السماء السابعة أكثر من أهل ست سموات ومن جميع أهل الأرض بضعف فيجيء الله فيهم
والأمم جثي صفوف فينادي مناد : ستعلمون اليوم من أصحاب الكرم ليقم الحمادون لله
على كل حال فيقومون فيسرحون إلى الجنة ثم ينادي الثانية : ستعلمون اليوم من أصحاب
الكرم أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما
رزقناهم ينفقون السجدة آية 16 فيقومون فيسرحون إلى الجنة ثم ينادي الثالثة ستعلمون
اليوم من أصحاب الكرم ؟ أين الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام
الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار النور آية 37 فيقومون
فيسرحون إلى الجنة
فإذا أخذ كل من هؤلاء ثلاثة خرج عنق من النار فأشرف
(5/534)
على
الخلائق له عينان تبصران ولسان فصيح فيقول : إني وكلت منكم بثلاثة : بكل جبار عنيد
فتلتقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم فتحبس بهم في جهنم ثم تخرج ثانية فتقول :
إني وكلت منكم بمن آذى الله تعالى ورسوله فتلتقطهم من الصفوف لقط الطير حب السمسم
فتحبس بهم في جهنم ثم تخرج ثالثة فتقول : إني وكلت بأصحاب التصاوير فتلقطهم من
الصفوف لقط الطير حب السمسم فتحبس بهم في جهنم فإذا أخذ من هؤلاء ثلاثة ومن هؤلاء
ثلاثة : نشرت الصحف ووضعت الموازين ودعي الخلائق للحساب
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سمية قال : اختلفنا في الورود فقال بعضنا :
لا يدخلها مؤمن وقال بعضهم : يدخلونها جميعا ثم ينجي الله الذين اتقوا فلقيت جابر
بن عبد الله فذكرت له فقال : وأهوى بأصبعيه إلى أذنيه صمتا إن لم أكن سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : " لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها فتكون على
المؤمن بردا وسلاما كما كانت على إبراهيم حتى أن للنار ضجيجا من بردهم ثم ينجي
الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيا
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم والبيهقي في البعث عن مجاهد قال : خاصم نافع بن الأزرق ابن عباس فقال ابن
عباس : الورود الدخول : وقال نافع : لا
فقرأ ابن عباس إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون الأنبياء آية
98 وقال : وردوا أم لا وقرأ يقدم قومه يوم القيامة فأوردهم النار هود آية 98
أوردوا أم لا أما أنا وأنت فسندخلها فانظر هل نخرج منها أم لا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وإن منكم إلا واردها قال :
يردها البر والفاجر
ألم تسمع قوله : فأوردهم النار وبئس الورد المورود هود آية 98 وقوله : ونسوق
المجرمين إلى جهنم وردا مريم آية 86
(5/535)
وأخرج
ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس : أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه و
سلم كانوا يطلبون العاص بن وائل بدين فأتوه يقايضونه فقال : ألستم تزعمون أن في
الجنة ذهبا وفضة وحريرا ومن كل الثمرات ؟ قالوا : بلى
قال : فإن موعدكم الآخرة
والله لأوتين مالا وولدا ولأوتين مثل كتابكم الذي جئتم به
فقال الله : أفرأيت الذي كفر بآياتنا الآيات
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن قال : كان لرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم
دين على رجل من المشركين فأتاه يتقاضاه فقال ألست مع هذا الرجل ؟ قال : نعم
قال أليس يزعم أن لكم جنة ونارا وأموالا وبنين ؟ قال : بلى
قال : اذهب فلست بقاضيك إلا ثمة
فأنزلت أفرأيت الذي كفر بآياتنا إلى قوله : ويأتينا فردا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي اله عنه في قوله : أطلع المغيب يقول : أطلعه الله
الغيب ؟ يقول : ماله فيه أم اتخذ عند الرحمن عهدا بعمل صالح قدمه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أم اتخذ عند الرحمن عهدا قال : لا
إله إلا الله يرجو بها
والله أعلم
الآية 80 - 82 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
: ونرثه ما يقول قال : ماله وولده
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :
ونرثه ما يقول قال : ماله وولده وذاك الذي قال العاص بن وائل
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله :
ونرثه ما يقول قال : ما عنده
وهو قوله : لأوتين مالا وولدا في حرف ابن مسعود ونرثه ما عنده ويأتينا فردا لا مال
له ولا ولد
(5/536)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أبي نهيك أنه قرأ كلا سيكفرون بعبادتهم برفع الكاف
قال : يعني الآلهة كلها إنهم سيكفرون بعبادتهم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ويكونون عليهم ضدا قال :
أعوانا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :
ويكونون عليهم ضدا قال : أوثانهم يوم القيامة في النار تكون عليهم عونا يعني
أوثانهم تخاصمهم وتكذبهم يوم القيامة في النار
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ويكونون عليهم ضدا قال :
حسرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة مثله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ويكونون عليهم
ضدا قال : قرناء في النار يلعن بعضهم بعضا ويتبرأ بعضهم من بعض
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : ويكونون عليهم ضدا قال :
أعداء
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ويكونون عليهم
ضدا ما الضد ؟ قال : قال فيه حمزة بن عبد المطلب : وإن تكونوا لهم ضدا نكن لكم ضدا
بغلباء مثل الليل مكتوم
الآية 83 - 87 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : إنا أرسلنا
الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا قال : تغويهم إغواء
(5/537)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وتؤزهم قال : تحرض المشركين
على محمد وأصحابه
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : وتؤزهم أزا تشليهم أشلاء
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
في قوله : تؤزهم أزا قال : تزعجهم إزعاجا إلى معاصي الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين
تؤزهم أزا قال : كقوله : ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا الزخرف آية 36
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله : تؤزهم أزا قال : توقدهم وقودا
قال فيه الشاعر : حكيم أمين لا يبالي بخلبة إذا أزه الأقوام لم يترمرم وأخرج ابن
المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : إنما نعد لهم عدا يقول : أنفاسهم التي
يتنفسون في الدنيا فهي معدودة كسنهم وآجالهم
وأخرج عبد بن حميد عن أبي جعفر محمد بن علي في قوله : إنما نعد لهم عدا قال : كل
شيء حتى النفس
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله
: يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا قال : ركبانا
وأخرج ابن جرير وابن أبي شيبة وابن المنذر عن أبي هريرة يوم نحشر المتقين إلى
الرحمن وفدا قال : على الإبل
وأخرج عبد بن حميد عن أبي سعيد رضي الله عنه يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا قال
: على نجائب رواحلها من زمرد وياقوت ومن أي لون شاء
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : يوم نحشر المتقين
إلى الرحمن وفدا قال : إلى الجنة
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا قال : يفدون إلى
ربهم فيكرمون ويعطون ويحيون ويشفعون
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال
(5/538)
رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " يحشر الناس يوم القيامة على ثلاث طرائق :
راغبين وراهبين وإثنان على بعير وثلاثة على بعير وأربعة على بعير وعشرة على بعير
وتحشر بقيتهم النار تقيل معهم حيث قالوا وتبيت معهم حيث باتوا "
وأخرج ابن مردويه عن علي عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله : يوم نحشر المتقين
إلى الرحمن وفدا قال : أما والله ما يحشرون على أقدامهم ولا يساقون سوقا ولكنهم
يؤتون من الجنة لم تنظر الخلائق إلى مثلها : رحالها الذهب وأزمتها الزبرجد فيقعدون
عليها حتى يقرعوا باب الجنة
وأخرج ابن ابي شيبة وعبد الله بن أحمد وفي زوائد المسند وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن علي رضي الله عنه
أنه قرأ هذه الآية يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفددا فقال : أما والله ما يحشر
الوفد على أرجلهم ولا يساقون سوقا ولكنهم يؤتون بنوق من نوق الجنة لم تنظر الخلائق
إلى مثلها عليها رحال الذهب وأزمتها الزبرجد فيركبون عليها حتى يطرقوا باب الجنة
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن علي قال :
سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن هذه الاية يوم نحشر المتقين إلى الرحمن
وفدا قلت : يا رسول الله هل الوفد إلا الركب ؟ قال النبي صلى الله عليه و سلم :
" والذي نفسي بيده إنهم إذا خرجوا من قبورهم استقبلوا بنوق بيض لها أجنحة
وعليها رحال الذهب شرك نعالهم نور يتلألأ كل خطوة منها مثل مد البصر وينتهون إلى
باب الجنة فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على صفائح الذهب وإذا شجرة على باب الجنة
ينبع من أصلها عينان فإذا شربوا من إحدى العينين فتغسل ما في بطونهم من دنس
ويغتسلون من الأخرى فلا تشعث أبشارهم ولا أشعراهم بعدها أبدا فيضربون بالحلقة على
الصفيحة فلو سمعت طنين الحلقة يا علي فيبلغ كل حوراء أن زوجها قد أقبل فتستخفها
العجلة فتبعث قيمها فيفتح له الباب فإذا رآه خر له ساجدا فيقول : ارفع راسك فإنما
أنا قيمك وكلت بأمرك
فيتبعه ويقفو أثره فتستخف الحوراء العجلة فتخرج من خيام الدر والياقوت حتى تعتنقه
ثم تقول : أنت حبي وأنا حبك وأنا الراضية فلا أسخط أبدا وأنا الناعمة فلا أبأس
أبدا وأنا الخالدة فلا أموت أبدا وأنا المقيمة فلا أظعن أبدا فيدخل بيتا
(5/539)
من
أساسه إلى سقفه مائة ألف ذراع بني على جندل اللؤلؤ والياقوت طرائق حمر وطرائق خضر
وطرائق صفر ما منها طريقة تشاكل صاحبتها
وفي البيت سبعون سريرا على كل سرير سبعون فراشا عليها سبعون زوجة على كل زوجة
سبعون حلة يرى مخ ساقها من وراء الحلل يقضى جماعهن في مقدار ليلة من لياليكم هذه
تجري من تحتهم الأنهار أنهار مطردة أنهار من ماء غير آسن محمد آية 15 صاف ليس فيه
كدور وأنهار من لبن لم يتغير طعمه محمد آية 15 ولم يخرج من ضروع الماشية
وأنهار من خمر لذة للشاربين محمد آية 15 لم يعصرها الرجال بأقدامها
وأنهار من عسل مصفى محمد آية 15 لم يخرج من بطون النحل فيستحلي الثمار فإن شاء أكل
قائما وإن شاء أكل قاعدا وإن شاء أكل متكئا فيشتهي الطعام فيأتيه طير بيض أجنحتها
فيأكل من جنوبها أي لون شاء ثم تطير فتذهب فيدخل الملك فيقول : سلام عليكم الزمر
آية 73 تلكم الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون الأعراف آية 43
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مسلم بن جعفر البجلي قال : سمعت أبا معاذ البصري : أن
عليا قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : " والذي نفسي بيده إنهم إذا
خرجوا من قبورهم يستقبلون بنوق لها أجنحة عليها رحال الذهب شرك نعالهم نور تلألأ
كل خطوة منها مد البصر فينتهون إلى شجرة ينبع من أصلها عينان فيشربون من أحداهما
فيغسل ما في بطونهم من دنس ويغتسلون من الأخرى فلا تشعث أبشارهم ولا أشعارهم بعدها
أبدا وتحري عليهم نضرة النعيم فيأتون باب الجنة فإذا حلقة من ياقوتة حمراء على
صفائح الذهب فيضربون بالحلقة على الصفحة فيسمع لها طنين فيبلغ كل حوراء : أن زوجها
قد اقبل فتبعث قيمها فيفتح له فإذا رآه خر له ساجدا فيقول : ارفع رأسك إنما أنا
قيمك وكلت بأمرك فيتبعه ويقفو أثره فتستخف الحوراء العجلة فتخرج من خيام الدر
والياقوت حتى تعتنقه ثم تقول : أنت حبي وأنا حبك وأنا الخالدة التي لا أموت وأنا
الناعمة التي لا أبأس وأنا الراضية التي لا أسخط وأنا المقيمة التي لا أظعن فيدخل
بيتا من أسه إلى سقفه مائة ألف ذراع بناؤه على جندل اللؤلؤ طرائق : أصفر وأحمر
(5/540)
وأخضر
ليس منها طريقة تشاكل صاحبتها في البيت سبعون سريرا على كل سرير سبعون حشية على كل
حشية سبعون زوجة على كل زوجة سبعون حلة يرى مخ ساقها من باطن الحلل يقضي جماعها في
مقدار ليلة من لياليكم هذه الأنهار من تحتهم تطرد : أنهار من ماء غير آسن محمد آية
15 قال : صاف لا كدر فيه وأنهار من لبن لم يتغير طعمه محمد آية 15 قال : لم يخرج
من ضروع الماشية وأنهار من خمر لذة للشاربين محمد آية 15 قال : لم تعصرها الرجال
بأقدامها وأنهار من عسل مصفى محمد آية 15 قال : لم يخرج من بطون النحل فيستحلي
الثمار فإن شاء أكل قائما وإن شاء أكل قاعدا وإن شاء أكل متكئا
ثم تلا ودانية عليهم ظلالها محمد آية 15 الآية
فيشتهي الطعام فيأتيه طير أبيض وربما قال : أخضر فترفع أجنحتها فيأكل من جنوبها أي
الألوان شاء ثم يطير فيذهب فيدخل الملك فيقول : سلام عليكم تلكم الجنة التي
أورثتموها بما كنتم تعملون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس في قوله
: ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا قال : عطاشا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا
قال : ظماء إلى النار
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد : ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا قال : متقطعة أعناقهم
من العطش
وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة : ونسوق المجرمين إلى جهنم وردا قال : عطاشا
وأخرج هناد عن الحسن مثله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن
عباس في قوله : إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا قال : شهادة أن لا إله إلا الله وتبرأ
من الحول والقوة ولا يرجو إلا الله
(5/541)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا قال : المؤمنون
يومئذ بعضهم لبعض شفعاء
وأخرج ابن أبي شيبة عن مقاتل بن حيان إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا قال : العهد
الصلاح
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا قال : من مات
لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
من أدخل على مؤمن سرورا فقد سرني ومن سرني فقد اتخذ عند الرحمن عهدا ومن اتخذ عند
الرحمن عهدا فلا تمسه النار
إن الله لا يخلف الميعاد "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن
مسعود أنه قرأ إلا من اتخذ عند الرحمن عهدا قال : إن الله يقول يوم القيامة :
" من كان له عندي عهد فليقم فلا يقوم إلا من قال هذا في الدنيا
قولوا اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك في هذه الحياة
الدنيا أنك إن تكلني إلى نفسي تقربني
(5/542)
من
الشر وتباعدني من الخير وإني لا أثق إلا برحمتك فاجعله لي عندك عهدا تؤديه إلي يوم
القيامة إنكى لا تخلف الميعاد "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من جاء بالصلوات الخمس يوم القيامة - قد حافظ على وضوئها ومواقيتها وركوعها
وسجودها لم ينقص منها شيئا - جاء له عند الله عهد أن لا يعذبه ومن جاء قد انتقص
منهن شيئا فليس له عند الله عهد إن شاء رحمه وإن شاء عذبه "
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " من قال في دبر كل صلاة - بعدما سلم - هؤلاء الكلمات : كتبه ملك في رق
فختم بخاتم ثم دفعها إلي يوم القيامة فإذا بعث الله العبد من قبره جاءه الملك ومعه
الكتاب ينادي : أين أهل العهود ؟ حتى تدفع إليهم والكلمات أن تقول : اللهم فاطر
السموات والأرض عالم الغيب والشهادة الرحمن الرحيم - إني أعهد إليك في هذه الحياة
الدنيا بأنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك
فلا تكلني إلى نفسي فإنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير وإني
لا أثق إلا برحمتك فاجعل رحمتك لي عهدا عندك تؤديه إلي يوم القيامة : إنك لا تخلف
الميعاد " وعن طاوس : أنه أمر بهذه الكلمات فكتبت في كفنه
الآية 88 - 97 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : لقد
جئتم شيئا إدا قال : قولا عظيما
وفي قوله : تكاد السموات يتفطرن منه الآية
قال : إن الشرك فزعت منه السموات والأرض والجبال وجميع الخلائق إلا الثقلين وكادت
تزول منه لعظمة الله : وكما لا ينفع مع الشرك إحسان المشرك كذلك نرجو أن يغفر الله
ذنوب الموحدين
وفي قوله : تخر الجبال هدا قال : هدما
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وابن أبي حاتم
وأبو الشيخ في العظمة والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان من طريق عون عن ابن مسعود
قال : إن الجبل لينادي الجبل باسمه يا فلان هل مر بك اليوم أحد ذكر الله ؟ فإذا
قال نعم استبشر
قال عون : أفيسمعن الزور إذا قيل ولا يسمعن الخير ؟ ! هي للخير أسمع
وقرأ وقالوا اتخذ الرحمن ولدا الآيات
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن محمد بن المنكدر قال : بلغني أن الجبلين إذا
(5/543)
أصبحا
نادى أحدهما صاحبه يناديه باسمه فيقول : أي فلان هل مر بك ذاكر لله ؟ فيقول : نعم
فيقول : لقد أقر الله عينك ولكن ما مر بي ذاكر لله عز و جل اليوم
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي أمامة : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ "
تكاد السموات ينفطرن " بالياء والنون وتخر الجبال بالتاء
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله : يتفطرن منه قال : الإنقطار الإنشقاق
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك في قوله : تكاد السموات يتفطرن منه قال : يتشققن من
عظمة الله
وأخرج ابن المنذر عن هرون قال : في قراءة ابن مسعود تكاد السموات ينفطرن بالياء
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عبد الله بن عوف : أنه لما هاجر إلى
المدينة - وجد في نفسه على فراق أصحابه بمكة منهم : شيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة
وأمية بن خلف فأنزل الله إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن البراء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
لعلي : " قل : اللهم اجعل لي عندك عهدا واجعل لي عندك ودا واجعل لي في صدور
المؤمنين مودة فأنزل الله إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا
قال : فنزلت في علي
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت في علي بن أبي طالب إن الذين
آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا قال : محبة في قلوب المؤمنين
وأخرج الحكيم الترمذي وابن مردويه عن علي قال : سألت رسول الله صلى الله عليه و
سلم عن قوله : سيجعل لهم الرحمن ودا ما هو ؟ قال : المحبة في قلوب المؤمنين
والملائكة المقربين
يا علي إن الله أعطى المؤمن ثلاثا
المنة والمحبة والحلاوة والمهابة في صدور الصالحين
(5/544)
وأخرج
عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس في قوله : سيجعل لهم
الرحمن ودا قال : محبة في الناس في الدنيا
وأخرج هناد عن الضحاك سيجعل لهم الرحمن ودا قال : محبة في صدور المؤمنين
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وهناد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس
سيجعل لهم الرحمن ودا قال : يحبهم ويحبونه
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه
والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: إذا أحب الله عبدا نادى جبريل : أني قد أحببت فلانا فأحبه
فينادي في السماء ثم تنزل له المحبة في أهل الأرض فذلك قول الله : إن الذين آمنوا
وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا وإذا أبغض الله عبدا نادى جبريل : إني قد
أبغضت فلانا فينادي في أهل السماء ثم تنزل له البغضاء في أهل الأرض
وأخرج ابن مردويه عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن العبد
ليلتمس مرضاة الله فلا يزال كذلك فيقول الله لجبريل : إن عبدي فلانا يلتمس أن
يرضيني فرضائي عليه فيقول جبريل : رحمة الله على فلان ويقوله حملة العرش ويقوله
الذين يلونهم حتى يقوله أهل السموات السبع ثم يهبط إلى الأرض " قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم وهي الآية التي أنزل الله في كتابه إن الذين آمنوا وعملوا
الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا " وإن العبد ليلتمس سخط الله فيقول الله : يا
جبريل إن فلانا يسخطني ألا وإن غضبي عليه فيقول جبريل : غضب الله على فلان ويقوله
حملة العرش ويقوله من دونهم حتى يقوله أهل السموات السبع ثم يهبد إلى الأرض "
وأخرج عبد بن حميد عن كعب قال : أجد في التوراة : أنه لم تكن محبة لأحد من أهل
الأرض حتى تكون بدؤها من الله تعالى - ينزلها على أهل الأرض ثم قرأت القرآن فوجدت
فيه إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا
وأخرج الحيكم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس بسند ضعيف : أن
(5/545)
رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن الله أعطى المؤمن ثلاثة : المقة
والملاحة والمودة والمحبة في صدور المؤمنين " ثم تلا رسول الله صلى الله عليه
و سلم إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : كتب أبو
الدرداء إلى مسلمة بن مخلد سلام عليك أما بعد : فإن العبد إذا عمل بطاعة الله أحبه
الله فإذا أحبه الله حببه إلى عباده وإن العبد إذا عمل بمعصية الله أبغضه الله
فإذا أبغضه الله بغضه إلى عباده
وأخرج الحيكم الترمذي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لكل عبد صيت فإن كان صالحا وضع في الأرض وإن كان شيئا وضع في الأرض "
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " إن المقة من الله والصيت من السماء فإذا أحب الله عبدا قال لجبريل : إني
أحب فلانا فينادي جبريل : إن ربكم يحب فلانا فأحبوه فتنزل له المحبة في الأرض وإذا
أبغض عبدا قال لجبريل : إني أبغض فلانا فأبغضه فينادي جبريل : إن ربكم يبغض فلانا
فأبغضوه فيجري له البغض في الأرض
وأخرح ابن جرير عن ابن عباس في قوله : وتنذر به قوما لدا قال : فجارا
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله :
لدا قال : صما
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : لدا قال : خصماء
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : قوما لدا قال : جدلا بالباطل
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قوما لدا قال : هم قريش
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد لدا قال : لا يستقيمون
الآية 98
(5/546)
أخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : هل تحس منهم من أحد قال : هل ترى منهم من
أحد
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ هل تحس منهم برفع التاء وكسر الحاء ورفع السين
ولا يدغمها
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله تعالى : هل تحس منهم من أحدا أو
تسمع لهم ركزا قال : هل ترى عينا أو تسمع صوتا
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في الآية قال : ذهب القوم فلا صوت ولا عين
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ركزا قال : صوتا
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : ركزا فقال :
حسا
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر : وقد توجس ركزا متفقد ندس بنية الصوت ما في سمعه كذب
(5/547)
بسم
الله الرحمن الرحيم
20
- سورة طه
مكية وآياتها خمس وثلاثون ومائة
مقدمة سورة طه أخرج النحاس وابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة طه بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير قال : نزلت سورة طه بمكة
وأخرج الدارمي وابن خزيمة في التوحيد والعقيلي في الضعفاء والطبراني في الأوسط
وابن عدي وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " إن الله تبارك وتعالى قرأ طه ويس قبل أن يخلق السموات
والأرض بألفي عام " فلما سمعت الملائكة القرآن قالت : طوبى لأمة ينزل عليها
هذا وطوبى لأجواف تحمل هذا وطوبى لألسنة تتكلم بهذا
وأخرج الديلمي عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم نحوه
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
أعطيت السورة التي ذكرت فيها الأنعام من الذكر الأول وأعطيت طه والطواسيم من ألواح
موسى وأعطيت فواتح القرآن وخواتيم البقرة من تحت العرش وأعطيت المفصل نافلة "
وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " كل قرآن
يوضع على أهل الجنة فلا يقرؤون منه شيئا إلا طه ويس فإنهم يقرؤون بهما في الجنة
"
الآية 1 - 11
(5/548)
أخرج
ابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس : أن النبي صلى الله
عليه و سلم أول ما أنزل عليه الوحي كان يقوم على صدور قدميه إذا صلى فأنزل الله :
طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى
وأخرج ابن مردويه وابن جرير عن ابن عباس قال : قالوا لقد شقي هذا الرجل بربه فأنزل
الله : طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قام من
الليل يربط نفسه بحبل كي لا ينام فأنزل الله عليه طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يربط نفسه ويضع
إحدى رجليه على الأخرى فنزلت : طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى
وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال : لما نزل على النبي صلى الله عليه و
سلم يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا سورة المزمل آية 1 قام الليل كله حتى تورمت
قدماه فجعل يرفع رجلا ويضع رجلا فهبط عليه جبريل فقال : طه يعني : الأرض بقدميك يا
محمد ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى وأنزل فاقرؤوا ما تيسر من القرآن
وأخرج البزار بسند حسن عن علي قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يراوح بين
قدميه يقوم على كل رجل حتى نزلت ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الربيع بن أنس قال : كان النبي صلى الله عليه و
سلم
(5/549)
إذا
صلى قام على رجل ورفع الأخرى فأنزل الله طه يعني طأ الأرض يا محمد ما أنزلنا عليك
القرآن لتشقى
وأخرج ابن مردويه عن بان عباس في قوله : طه قال : إن رسول الله صلى الله عليه و
سلم ربما قرأ القرآن إذا صلى قام على رجل واحدة فأنزل الله طه برجليك ما أنزلنا
عليك القرآن لتشقى
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : لما أنزل الله القرآن على النبي صلى الله عليه
و سلم قام به وأصحابه فقال له كفار قريش : ما أنزل الله هذا القرآن على محمد إلا
ليشقى به
فأنزل الله طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس في قوله : طه قال : يا رجل
وأخرج الحارث بن أبي أسامة وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : طه بالنبطية أي طا
يا رجل
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : طه بالنبطية أي طا يا رجل
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : طه قال : هو كقولك يا رجل
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة قال : طه يا رجل بالنبطية
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال : طه بالنبطية يا رجل
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك قال : طه يا رجل بالنبطية
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال : طه يا رجل بالسريانية
وأخرج الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : طه قال : هو كقولك يا محمد
بلسان الحبش
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله :
طه قال : هو كقولك يا رجل : بلسان الحبشة
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله : طه قال : كلمة عربت
وأخرج عن مجاهد قال : طه فواتح السور
(5/550)
وأخرج
عن محمد بن كعب طه قال : الطاء من ذي الطول
وأخرج ابن مردويه عن أبي الطفيل قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إن لي
عشرة أسماء عند ربي قال أبو الطفيل : حفظت منها ثمانية : محمد وأحمد وأبو القاسم
والفاتح والخاتم والماحي والعاقب والحاشر وزعم سيف أن أبا جعفر قال : الإسمان
الباقيان طه ويس
وأخرج ابن مردويه والحاكم وصححه عن زر قال : قرأ رجل على ابن مسعود طه مفتوحة
فأخذها عليه عبد الله طه مكسورة فقال له الرجل : إنها بمعنى ضع رجلك
فقال عبد الله : هكذا قرأها النبي صلى الله عليه و سلم وهكذا أنزلها جبريل
وأخرج ابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها قال : أول سورة تعلمتها من القرآن طه وكنت
إذا قرأت طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى قال النبي صلى الله عليه و سلم : "
لا شقيت يا عائش "
وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله : طه ما أنزلنا عليك
القرآن لتشقى وكان يقوم الليل على رجليه فهي بلغة لعك إن قلت لعكي يا رجل لم يلتفت
وإذا قلت طه التفت إليك
وأخرج عبد بن حميد عن عروة بن خالد رضي الله عنه قال : سمعت الضحاك وقال رجل من
بني مازن بن مالك : ما يخفى علي شيء من القرآن وكان قارئا للقرآن شاعرا فقال له
الضحاك : أنت تقول ذلك ؟ أخبرني ما طه ؟ قال : هي من أسماء الله الحسنى
نحو : طسم وحم فقال الضحاك : إنما هي بالنبطية يا رجل
وأخرج ابن المنذر وابن مسعود عن ابن عباس قال : طه قسم أقسمه الله وهو من أسماء
الله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : ما
أنزلنا عليك القرآن لتشقى يقول : في الصلاة هي مثل قوله : فاقرؤوا ما تيسر منه
المزمل آية 20 قال : وكانوا يعلقون الحبال بصدروهم في الصلاة
(5/551)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن قتادة ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى يا رجل ما أنزلنا عليك القرآن
لتشقى لا والله ما جعله الله شقيا ولكن جعله الله رحمة ونورا ودليلا إلى الجنة إلا
تذكرة لمن يخشى قال : إن الله أنزل كتابه وبعث رسله رحمة رحم بها العباد ليذكر
ذاكر وينتفع رجل بما سمع من كتاب الله وهو ذكر أنزله الله فيه حلاله وحرمه
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب وما تحت الثرى ما تحت سبع أرضين
وأخرج ابن أبي حاتم عن ثتادة قال : الثرى كل شيء مبتل
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي : وما تحت الثرى قال : هي الصخرة التي تحت الأرض
السابعة وهي صخرة خضراء وهو سجين الذي فيه كتاب الكفار
واخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : الثرى ما حفر من التراب مبتلا
وأخرج أبو يعلى عن جابر بن عبد الله : أن النبي صلى الله عليه و سلم سئل ما تحت
هذه الأرض ؟ قال : الماء
قيل : فما تحت الماء ؟ قال : ظلمة
قيل : فما تحت الظلمة ؟ قال : الهواء
قيل : فما تحت الهواء ؟ قال : الثرى
قيل : فما تحت الثرى ؟ قال : انقطع علم المخلوقين عند علم الخالق
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد اللله قال : كنت مع رسول الله صلى الله عليه و
سلم في غزوة تبوك إذ عارضنا رجل مترجب - يعني طويلا فدنا من النبي صلى الله عليه و
سلم فأخذ بخطام راحلته فقال : أنت محمد ؟ قال : نعم
قال : إني أريد أن أسألك عن خصال لا يعلمها أحد من أهل الأرض إلا رجل أو رجلان ؟
فقال : سل عما شئت
قال : يا محمد ما تحت هذه ؟ - يعني الأرض - قال : خلق
قال : فما تحتهم ؟ قال : أرض
قال : فما تحتها ؟ قال : خلق ؟ قال : فما تحتهم ؟ قال : أرض حتى انتهى إلى السابعة
قال : فما تحت السابعة ؟ قال : صخرة
قال : فما تحت الصخرة ؟ قال : الحوت
قال : فما تحت الحوت ؟ قال : الماء
قال : فما تحت الماء ؟ قال : الظلمة
قال : فما تحت الظلمة ؟ قال : الهواء
قال : فما تحت الهواء ؟ قال : الثرى
قال : فما تحت الثرى ؟ ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه و سلم بالبكاء ؟ فقال :
انقطع علم المخلوقين
(5/552)
عند
علم الخالق أيها السائل ما المسؤول بأعلم من السائل
قال : صدقت أشهد أنك رسول الله يا محمد أما إنك لو ادعيت تحت الثرى شيئا لعلمت أنك
ساحر كذاب أشهد أنك رسول الله ثم ولى الرجل
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يا أيها الناس هل تدرون ما هذا ؟
قالوا : الله ورسوله أعلم
قال : هذا جبريل "
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله : يعلم السر وأخفى قال : السر ما أسره ابن آدم في نفسه وأخفى ما خفي
ابن آدم مما هو فاعله قبل أن يعلمه فإنه يعلم ذلك كله فعلمه فيما مضى من ذلك وما
بقي علم واحد وجميع الخلائق عنده في ذلك كنفس واحدة وهو كقوله : ما خلقكم ولا
بعثكم إلا كنفس واحدة لقمان آية 28
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله : يعلم السر وأخفى قال : السر ما علمته
أنت وأخفى ما قذف الله في قلبك مما لم تعلمه
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي بلفظ : يعلم
ما تسر في نفسك ويعلم ما تعمل غدا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله : يعلم السر وأخفى قال : أخفى من
السر ما حدثت به نفسك وما لم تحدث به نفسك أيضا مما هو كائن
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : يعلم السر وأخفى
قال : الوسوسة والسر العمل الذي تسرون من الناس
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن قال : السر ما أسر الرجل إلى غيره وأخفى
من ذلك ما أسر في نفسه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير في الآية
قال : السر ما تسر في نفسك وأخفى من السر ما لم يكن بعد وهو كائن
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في الآية
قال : السر ما حدث به الرجل أهله وأخفى ما تكلمت به في نفسك
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله : يعلم السر وأخفى قال : السر ما أسررت في
نفسك وأخفى ما لم تحدث به نفسك
(5/553)
وأخرج
أبو الشيخ في العظمة عن زيد بن أسلم في قوله : يعلم السر وأخفى قال : يعلم أسرار
العباد وأخفى سره فلا نعلمه والله أعلم
وأخرح عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : إني آنست نارا أي
أحسست نارا
أو أجد على النار هدى قال : من يهديني
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله : أو أجد على النار
هدى قال : من يهديني إلى الطريق وكانوا شاتين فضلوا الطريق
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : أو أجد على النار هدى يقول : من يدل على
الطريق
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : أو أجد على النار
هدى قال : يهديه الطريق
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله : أو أجد على النار هدى قال : هاد يهديني إلى
الماء
وأخرج أحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال :
لما رأى موسى النار انطلق يسير حتى وقف منها قريبا فإذا هو بنار عظيمة : تفور من
ورق الشجر خضراء شديدة الخضرة يقال لها العليق لا تزداد النار فيما يرى إلا عظما
وتضرما ولا تزداد الشجرة على شدة الحريق إلا خضرة وحسنا ! فوقف ينظر لا يدري ما
يصنع إلا أنه قد ظن أنها شجرة تحترق وأوقد إليها موقد فنالها فاحترقت وإنه إنما
يمنع النار شدة خضرتها وكثرة مائها وكثافة ورقها وعظم جذعها فوضع أمرها على هذا
فوقف وهو يطمع أن يسقط منها شيء فيقتبسه فلما طال عليه ذلك أهوى إليها بضغث في يده
وهو يريد أن يقتبس من لهبها فلما فعل ذلك موسى مالت نحوه كأنها تريده فاستأخر عنها
وهاب ثم عاد فطاف بها ولم تزل تطمعه ويطمع بها ثم لم يكن شيء بأوشك من خمودها فاشتد
عند ذلك عجبه وفكر موسى في أمرها فقال : هي نار ممتنعة لا يقتبس منها ولكنها تتضرم
في جوف شجرة فلا تحرقها ثم خمودها على قدر عظمها في أوشك من طرفة عين
فلما رأى ذلك موسى قال : إن لهذه شأنا
ثم وضع أمرها على أنها مأمورة أو مصنوعة لا يدري من أمرها ولا بما أمرت ولا من
صنعها ولا لم صنعت فوقف متحيرا لا يدري أيرجع أم يقيم ؟ فبينا هو على ذلك
(5/554)
إذ
رمى بطرفه نحو فرعها فإذا هو أشد مما كان خضرة ساطعة في السماء ينظر إليها يغشى
الظلام ثم لم تزل الخضرة تنور وتصفر وتبيض حتى صارت نورا ساطعا عمودا بين السماء
والأرض عليه مثل شعاع الشمس تكل دونه الأبصار كلما نظر إليه يكاد يخطف بصره فعند
ذلك اشتد خوفه وحزنه فرد يده على عينيه ولصق بالأرض وسمع الحنين والوجس
إلا أنه سمع حينئذ شيئا لم يسمع السامعون بمثله عظما ! فلما بلغ موسى الكرب واشتد
عليه الهول نودي من الشجرة فقيل : يا موسى فأجاب سريعا وما يدري من دعاه ؟ وما كان
سرعة إجابته إلا استئناسا بالإنس فقال لبيك مرارا إني لأسمع صوتك وأحس حسك ولا أرى
مكانك فأين أنت ؟ قال : أنا فوقك ومعك وخلفك وأقرب إليك من نفسك
فلما سمع هذا موسى علم أنه لا ينبغي هذا إلا لربه فأيقن به فقال : كذلك أنت يا
إلهي فكلامك أسمع أم رسولك ؟ قال : بل أنا الذي أكلمك فادن مني فجمع موسى يديه في
العصا ثم تحامل حتى استقل قائما فرعدت فرائصه حتى اختلفت واضطربت رجلاه وانقطع
لسانه وانكسر قلبه ولم يبق منه عظم يحمل آخر فهو بمنزلة الميت إلا أن روح الحياة
تجري فيه ثم زحف على ذلك وهو مرعوب حتى وقف قريبا من الشجرة التي نودي منها
فقال له الرب تبارك وتعالى : ما تلك بيمينك يا موسى قال : هي عصاي
قال : ما تصنع بها ؟ - ولا أحد أعلم منه بذلك - قال موسى : أتوكأ عليها وأهش بها
على غنمي ولي فيها مآرب أخرى قد علمتها وكان لموسى في العصا مآرب كان لها شعبتان
ومحجن تحت الشعبتين فإذا طال الغصن حناه بالمحجن وإذا أراد كسره لواه بالشعبتين
وكان يتوكأ عليها ويهش بها وكان إذا شاء ألقاها على عاتقه فعلق بها قوسه وكنانته
ومرجامه ومخلاته وثوبه وزادا إن كان معه وكان إذا ارتع في البرية حيث لا ظل له ركزها
ثم عرض بالوتد بين شعبتيها وألقى فوقها كساءه فاستظل بها ما كان مرتعا وكان إذا
ورد ماء يقصر عنه رشاؤه وصل بها وكان يقاتل بها السباع عن غنمه
قال له الرب ألقها يا موسى فظن موسى أنه يقول : ارفضها
فألقاها على وجه الرفض ثم حانت منه نظرة فإذا بأعظم ثعبان نظر إليه الناظرون يرى !
يلتمس كأنه يبتغي شيئا يريد أخذه يمر بالصخرة مثل الخلفة من الإبل فيلتقمها ويطعن
بالناب من أنيابه في أصل الشجرة العظيمة فيجتثها عينان توقدان نارا وقد عاد المحجن
عرقا فيه
(5/555)
شعر
مثل النيازك وعاد الشعبتان فهما مثل القليب الواسع فيه أضراس وأنياب لها صريف فلما
عاين ذلك موسى ولى مدبرا ولم يعقل النمل آية 10 فذهب حتى أمعن ورأى أنه قد أعجز
الحية ثم ذكر ربه فوقف استحياء منه ثم نودي يا موسى أن ارجع حيث كنت فرجع وهو شديد
الخوف فقال : خذها بيمينك ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى
قال : وكان على موسى حينئذ مدرعة فجعلها في يده فقال له ملك : أرأيت يا موسى لو
أذن الله بما تحاذر ؟ أكانت المدرعة تغني عنك شيئا قال : لا
ولكني ضعيف ومن ضعف خلقت
فكشف عن يده ثم وضعها على فم الحية ثم سمع حس الأضراس والأنياب ثم قبض فإذا هي
عصاه التي عهدها وإذا يده في موضعها الذي كان يضعها إذا تؤكأ بين الشعبتين
قال له ربه : " ادن "
فلم يزل يدينه - حتى شد ظهره بجذع الشجرة
فاستقر وذهبت عنه الرعدة وجمع يديه في العصا وخضع برأسه وعنقه ثم قال له : إني قد
أقمتك اليوم في مقام لا ينبغي لبشر بعدك أن يقوم مقامك
إذ أدنيتك وقربتك حتى سمعت كلامي وكنت بأقرب الأمكنة مني فانطلق برسالتي فإنك
بعيني وسمعي وإن معك يدي وبصري وإني قد ألبستك جبة من سلطاني لتكمل بها القوة في
أمري فأنت جند عظيم من جنودي بعثتك إلى خلق ضعيف من خلقي بطر من نعمتي وأمن مكري
وغرته الدنيا حتى جحد حقي وأنكر ربوبيتي وعد من دوني وزعم أنه لا يعرفني وإني
لأقسم بعزتي : لولا العذر والحجة التي وضعت بيني وبين خلقي
لبطشت به بطشة جبار - يغضب لغضبه السموات والأرض والجبال والبحار - فإن أمرت
السماء حصبته وإن أمرت الأرض ابتلعته وإن أمرت البحار غرقته وإن أمرت الجبال دمرته
ولكنه هان علي وسقط من عيني وسعه حلمي واستغنيت بما عندي وحق لي أني أنا الغني لا
غني غيري فبلغه رسالتي وادعه إلى عبادتي وتوحيدي وإخلاص اسمي وذكره بآياتي وحذره
نقمتي وبأسي وأخبره أنه لا يقوم شيء لغضبي وقل له فيما بين ذلك : قولا لينا لعله
يتذكر أو يخشى وأخبره أني أنا العفو والمغفرة أسرع مني إلى الغضب والعقوبة ولا
يروعنك ما ألبسته من لباس الدنيا فإن ناصيته بيدي ليس يطرف ولا ينطق ولا يتنفس إلا
بإذني
(5/556)
وقل
له : أجب ربك فإنه واسع المغفرة فإنه قد أمهلك أربعمائة سنة - في كلها أنت مبارزه
بالمحاربة تتشبه وتتمثل به وتصد عباده عن سبيله وهو يمطر عليك السماء وينبت لك
الأرض لم تسقم ولم تهرم ولم تفتقر ولم تغلب ولو شاء أن يجعل لك ذلك أو يسلبكه فعل
ولكنه ذو أناة وحلم عظيم وجاهده بنفسك وأخيك وأنتما محتسبان بجهاده فإني لو شئت أن
آتيه بجنود لا قبل له بها فعلت ولكن ليعلم هذا العبد الضعيف الذي قد أعجبته نفسه
وجموعه : أن الفئة القليلة ولا قليل مني تغلب الفئة الكبيرة بإذني ولا يعجبنكما
زينته ولا ما متع به ولا تمدا إلى ذلك أعينكما فإنها زهرة الحياة الدنيا وزينة
المترفين وإني لو شئت أن أزينكما من الدنيا بزينة يعلم فرعون - حين ينظر إليها -
أن مقدرته تعجز عن مثل ما أوتيتما فعلت ولكن أرغب بكما عن ذلك وأزويه عنكما وكذلك
أفعل بأوليائي وقد نما ما حويت لهم من ذلك فإني لأذودهم عن نعيمها ورخائها كما
يذود الراعي الشفيق غنمه من مواقع الهلكة وإني لأجنبهم شكوها وغنمها كما يجنب
الراعي الشفيق إبله عن مبارك الغرة وما ذاك لهوانهم علي ولكن ليستكملوا نصيبهم من
كرامتي سالما موفرا لم تكلمه الدنيا ولم يطغه الهوى واعلم أنه لم يتزين إلي العباد
بزينة
هي أبلغ فيما عندي من الزهد في الدنيا فإنه زينة المتقين عليهم منه : لباس يعرفون
به من السكينة والخشوع سيماهم في وجوههم من أثر السجود الفتح آية 29 " أولئك
هم أوليائي حقا فإذا لقيتهم فاخفض لهم جناحك وذلل لهم قلبك ولسانك واعلم أنه من
أهان لي وليا أو أخافه فقد بارزني بالمحاربة وبادأني وعرض لي نفسه ودعاني إليها
وأنا أسرع شيء إلى نصرة أوليائي فيظن الذي يحاربني أو يعاديني أن يعجزني أو يظن
الذي يبارزني أن يسبقني أو يفوتني وكيف وأنا الثائر لهم في الدنيا والآخرة ؟ ! لا
أكل نصرتهم إلى غيري " قال : فأقبل موسى إلى فرعون في مدينة قد جعل حولها
الأسد في غيضة قد غرسها والأسد فيها مع ساستها إذا أرسلها على أحد أكلته وللمدينة
أربعة أبواب في الغيضة فأقبل موسى من الطريق الأعظم الذي يراه فرعون فلما رأته
الأسد صاحت صياح الثعالب فأنكر ذلك الساسة وفرقوا من فرعون فأقبل موسى حتى انتهى
إلى الباب الذي فيه فرعون فقرعه بعصاه وعليه جبة من صوف وسراويل فلما رآه البواب
عجب من جراءته فتركه ولم يأذن له فقال :
(5/557)
هل
تدري باب من أنت تضرب ؟ ! إنما أنت تضرب باب سيدك
قال : أنت وأنا وفرعون عبيد لربي فأنا ناصره فأخبر البواب الذي يليه من البوابين
حتى بلغ ذلك أدناهم ودونه سبعون حجابا كل حاجب منهم تحت يده من الجنود ما شاء الله
حتى خلص الخبر إلى فرعون فقال : أدخلوه علي فأدخل فلما أتاه قال له فرعون : أعرفك
؟ قال : نعم
قال : ألم نربك فينا وليدا الشعراء آية 18 قال : فرد إليه موسى الذي رد
قال : فرعون خذوه
فبادر موسى فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين الشعراء آية 32 فحملت على الناس
فانهزموا منها فمات منهم خمسة وعشرون ألفا قتل بعضهم بعضا وقام فرعون منهزما حتى
دخل البيت فقال لموسى : اجعل بيننا وبينك موعدا ننظر فيه
قال : موسى : لم أؤمر بذلك إنما أمرت بمناجزتك وإن أنت لم تخرج إلي دخلت عليك
فأوحى الله إلى موسى : أن اجعل بينك وبينه أجلا وقل له : أن يجعله هو
قال فرعون : اجعله إلى أربعين يوما ففعل
قال : وكان فرعون لا يأتي الخلاء إلا في كل أربعين يوما مرة فاختلف ذلك اليوم
أربعين مرة
قال : وخرج موسى من المدينة فلما مر بالأسد خضعت له بأذنابها وسارت مع موسى تشعيه
ولا تهيجه ولا أحدا من بني إسرائيل
الآية 12 - 14 أخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن علي رضي
الله عنه في قوله : فاخلع نعليك قال : كانتا من جلد حمار ميت فقيل له اخعلهما
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال : ما بال خلع النعلين في الصلاة ؟
إنما أمر موسى بخلع نعليه إنهما كانتا من جلد حمار ميت
(5/558)
وأخرج
عبد بن حميد عن كعب رضي الله عنه في قوله : فاخلع نعليك قال : كان نعلا موسى من
جلد حمار ميت فأراد ربك أن يمسه القدس كله
وأخرج ابن أبي حاتم الزهري في قوله : فاخلع نعليك قال : كانتا من جلد حمار أهلي
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : كانت نعلا موسى التي قيل له
اخعلهما : من جلد خنزير
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : فاخلع نعليك قال
كي تمس راحة قدميك الأرض الطيبة
وأخرج الطبراني عن علقمة أن ابن مسعود أتى أبا موسى الأشعري منزله فحضرت الصلاة
فقال أبو موسى رضي الله عنه : - تقدم يا أبا عبد الرحمن فإنك أقدم سنا وأعلم
قال : لا
بل تقدم أنت فإنما أتيناك في منزلك فتقدم أبو موسى رضي الله عنه فخلع نعليه فلما
صلى قال له ابن مسعود رضي الله عنه : - لم خلعت نعليك ؟ أبالواد المقدس أنت ؟ لقد
رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي في الخفين والنعلين
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : إنك بالواد
المقدس قال : المبارك طوى قال : اسم الوادي
(5/559)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عكرمة - رضي الله عنه - في قوله : بالواد المقدس قال : الطاهر
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : بالواد المقدس قال : واد
بلفلسطين قدس مرتين
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله : بالواد المقدس طوى
يعني الأرض المقدسى وذلك أنه مر بواديها ليلا فطوي
يقال : طويت وادي كذا وكذا والطاوي من الليل وارتفع إلى أعلى الوادي وذلك نبي الله
موسى عليه السلام
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : إنك
بالواد المقدس قال : المبارك : طوى قال : اسم الوادي
وأخرج ابن أبي حاتم عن مبشر بن عبيد طوى بغير نون واد بإيلة زعم أنه طوي بالبركة
مرتين
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : طوى قال : طا الوادي
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن أبي نجيح رضي الله عنه في
قوله : طوى قال طا الأرض حافيا كما تدخل الكعبة حافيا
يقول : من بركة الوادي هذا قول سعيد بن جبير
قال : وكان مجاهد رضي الله عنه يقول : طوى اسم الوادي
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : بالواد المقدس طوى قال : واد
قدس مرتين واسمه طوى
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ طوى برفع الطاء وبنون فيها
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس - رضي الله عنهما : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " مكتوب على باب الجنة : إنني أنا الله لا إله إلا أنا لا أعذب من
قالها "
وأخرج ابن سعد وأبو يعلى والحاكم والبيهقي في الدلائل عن أنس رضي الله عنه قال :
خرج عمر متقلدا بالسيف فاقيه رجل من بني زهرة فقال له : أين تغدو يا عمر قال :
أريد أن أقتل محمدا
قال : وكيف تأمن بني هاشم وبني زهرة ؟ فقال له عمر : ما أراك إلا قد صبأت وتركت
دينك ! قال : أفلا أدلك على العجب ؟ ! إن أختك وختنك قد صبآ وتركا دينك فمشى عمرا
زائرا حتى أتاهما وعندهما خباب فلما سمع خباب بحس عمر توارى في البيت فدخل عليهما
فقال : ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم وكانوا يقرأون طه فقالا : ما عدا حديثا
تحدثنا به
قال : فلعلكما قد صبأتما
فقال له خنته : يا عمر إن كان الحق في غير دينك ؟ فوثب عمر على خنته فوطئه وطأ
شديدا : فجاءت أخته لتدفعه عن زوجها فنفخها نفخة بيده فدمى وجهها
فقال عمر : أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فأقرأه فقالت أخته : إنك رجس وإنه لا يمسه
إلا المطهرون الواقعة آية 79 فقم فتوضأ فقام فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ طه حتى
انتهى إلى أنني أنا الله لا
(5/560)
إله
إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري فقال عمر : دلوني على محمد فلما سمع خباب قول
عمر خرج من البيت فقال : أبشر يا عمر فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله
عليه و سلم لك - ليلة الخميس - " اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب أو بعمر
بن هشام " فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : حدثنا رسول الله
صلى الله عليه و سلم عن جبريل عليه السلام قال : قال الله عز و جل أني أنا الله لا
إله إلا أنا فاعبدني " من جاءني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله بالإخلاص دخل
حصني ومن دخل حصني أمن عذابي "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه
في قوله : وأقم الصلاة لذكري قال : إذا صلى عبد ذكر ربه
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم في قوله : وأقم الصلاة لذكري قال : حين تذكر
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود وابن مردويه عن أنس : أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : " إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها
فليصلها إذا ذكرها فإن الله قال أقم الصلاة لذكري "
وأخرج الترمذي وابن ماجة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال : لما قفل رسول الله صلى الله عليه و سلم من خيبر أسري
ليلة حتى أدركه الكرى أناخ فعرس ثم قال : " يا بلال أكلأنا الليلة " قال
: فصلى بلال ثم تساند إلى راحلته مستقبل الفجر فغلبته عيناه فنام فلم يستيقظ أحد
منهم حتى ضربتهم الشمس وكان أولهم استيقاظا النبي صلى الله عليه و سلم فقال :
" أي بلال " فقال بلال : بأبي أنت يا رسول الله أخذ بنفسي الذي أخذ
بنفسك فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اقتادوا " ثم أناخ فتوضأ
وأقام الصلاة ثم صلى مثل صلاته للوقت في تمكث ثم قال : " من نسي صلاة فليصلها
إذا ذكرها فإن الله قال : أقم الصلاة لذكري وكان ابن شهاب يقرؤها " للذكرى
"
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن عبادة بن الصامت قال : سئل رسول الله صلى الله عليه
و سلم عن رجل غفل عن الصلاة حتى طلعت الشمس أو غربت ما
(5/561)
كفارتها
؟ قال : " يتقرب إلى الله ويحسن وضوءه ويصلي الصلاة ويستغفر الله فلا كفارة
لها إلا ذلك " إن الله يقول : أقم الصلاة لذكري
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سمرة بن يحيى قال : نسيت صلاة العتمة حتى
أصبحت فغدوت إلى ابن عباس فأخبرته فقال : قم فصلها ثم قرأ أقم الصلاة لذكري
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إذا نسيت صلاة فاقضها متى
ذكرت
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي وإبراهيم في قوله : أقم الصلاة لذكري
قالا : صلها إذا ذكرتها وقد نسيتها
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : من نام عن صلاة أو نسيها يصلي متى ذكرها عند
طلوع الشمس وعند غروبها ثم قرأ أقم الصلاة لذكري قال : إذا ذكرتها فصلها في أي
ساعة كنت
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : أقبلنا مع رسول الله
صلى الله عليه و سلم من الحديبية فنزلنا دهاسا من الأرض - والدهاس الرمل - فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : من يكلؤنا ؟ قال بلال : أنا فناموا حتى طلعت
عليهم الشمس فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " افعلوا كما كنتم تفعلون
" كذلك لمن نام أو نسي
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جحيفة قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم في سفره
الذي ناموا فيه حتى طلعت الشمس ثم قال : " إنكم كنتم أمواتا فرد الله إليكم
أرواحكم فمن نام عن الصلاة أو نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها وإذا استيقظ "
الآية 15 - 24
(5/562)
أخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : إن الساعة آتية أكاد أخفيها
يقول : لا أظهر عليها أحدا غيري
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن ابن عباس رضي
الله عنهما في قوله : إن الساعة آتية أكاد أخفيها قال : أكاد أخفيها من نفسي
وأخرج عبد بن حميد وابن الأنباري في المصاحف عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : أكاد
أخفيها قال : من نفسي
وأخرج ابن أبي حاتم وابن الأنباري عن ابن عباس رضي الله عنهما : أنه قرأ "
أكاد أخفيها من نفسي "
يقول : لأنها لا تخفى من نفس الله أبدا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : ليس من أهل السموات والأرض أحد
إلا وقد أخفى الله عنه علم الساعة وهي في قراءة ابن مسعود " أكاد أخفيها عن
نفسي "
يقول : أكتمها من الخلائق حتى لو استطعت أن أكتمها من نفسي فعلت
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : في بعض
القراءة " أكاد أخفيها عن نفسي "
قال : لعمري لقد أخفاها الله من الملائكة المقربين ومن الأنبياء والمرسلين
وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح في قوله : أكاد أخفيها قال : يخفيها من نفسه
وأخرج ابن أبي حاتم وابن الأنباري عن ورقاء قال : أقرأنيها سعيد بن جبير أكاد
أخفيها يعني بنصب الألف وخفض الفاء
يقول : أظهرها
ثم قال أما سمعت قول الشاعر : دأت شهرين ثم شهرا دميكا ما دميكين يخفيان عميرا
(5/563)
وأخرج
ابن الأنباري عن الفراء قال : في قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه " أكاد
أخفيها من نفسي فكيف أطلعكم عليها "
وأخرج عبد بن جميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : لتجزى كل نفس بما
تسعى قال : لتعطى ثواب ما تعمل
أخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه وابن شبرمة قال : إنما سمي هوى لأنه
يهوي بصاحبه إلى النار
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس : عصا موسى - قال - : أعطاه إياها ملك من الملائكة
إذ توجه إلى مدين فكانت تضيء له بالليل ويضرب بها الأرض فيخرج له النبات ويهش بها
على غنمه ورق الشجر
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : هي عصاي أتوكأ عليها قال : إذا مشى مع
غنمه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله :
وأهش بها على غنمي قال : أضرب بها الشجر فيتساقط منه الورق على غنمي
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن ميمون في قوله : وأهش بها على غنمي قال : الهش أن
يخبط الرجل بعصاه الشجر فيتساقط الورق
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن ميمون قال : الهش العصا بين الشعبتين ثم يحركها حتى
يسقط الورق والخبط أن يخبط حتى يسقط الورق
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن أنس قال : الهش أن يضع الرجل المحجن في الغصن ثم
يحركه حتى يسقط ورقه وثمره ولا يكسر العود فهذا الهش ولا يخبط
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : وأهش بها على غنمي
قال : أخبط بها الشجر
ولي فيها مآرب أخرى قال : حاجات أخرى
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولي فيها
مآرب أخرى قال : حوائج
(5/564)
وأخرج
ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله : مآرب أخرى قال : حاجات ومنافع
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : مآرب أخرى يقول : حوائج أخرى
أحمل عليها المزود والسقاء
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ولي فيها مآرب أخرى قال : كانت تضيء له
بالليل وكانت عصا آدم عليه السلام
وأخلاج ابن أبي حاتم عن ابن عباس : فألقاها فإذا هي حية تسعى ولم تكن قبل ذلك حية
فمرت بشجرة فأكلتها ومرت بصخرة فابتلعتها فجعل موسى يسمع وقع الصخرة في جوفها ف
ولى مدبرا النمل آية 10 والقصص 31 فنودي أن يا موسى خذها فلم يأخذها ثم نودي
الثانية أن خذها ولا تخف فقيل له في الثالثة : إنك من الآمنين القصص آية 31 فأخذها
واخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما سنعيدها سيرتها الأولى
قال : حالتها الأولى
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : سنعيدها سيرتها
الأولى قال : هيئتها الأولى : واضمم يدك إلى جناحك قال : أدخل كفك تحت عضدك تخرج
بيضاء من غير سوء قال : من غير برص
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : من غير سوء قال
: من غير برص
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : أخرجها كأنها مصباح فعلم موسى أنه
قد لقي ربه ولهذا قال تعالى : ولنريك من آياتنا الكبرى
(5/565)
الآية
25 - 47 أخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر عن أسماء بنت عميس قال : رأيت رسول
الله صلى الله عليه و سلم بإزاء ثبير وهو يقول : " أشرق ثبير أشرق ثبير اللهم
إني أسألك بما سألك أخي موسى أن تشرح لي صدري وأن تيسر لي أمري وأن تحل عقدة من
لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هرون أخي أشدد به أزري وأشركه في أمري
كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا
وأخرج السلفي في الطيوريات بسند واه عن أبي حعفر محمد بن علي قال : لما نزلت واجعل
لي وزيرا من أهلي هرون أخي أشدد به أزري كان رسول الله صلى الله عليه و سلم على
جبل ثم دعا ربه وقال " اللهم اشدد أزري بأخي علي " فأجابه إلى ذلك
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله
(5/566)
عنه
في قوله : واحلل عقدة من لساني قال : عجمة بجمرة نار أدخلها في فيه عن أمر امرأة
فرعون تدرأ به عنه عقوبة فرعون حين أخذ موسى بلحيته وهو لا يعقل
قال : هذا عدو لي فقالت امرأته : إنه لا يعقل
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : واجعل لي وزيرا من أهلي هرون أخي قال :
كان أكبر من موسى
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطية في قوله : أشدد به أزري قال ظهري
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : أشدد به أزري يقول : أشدد به أمري وقوني
به فإن لي به قوة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وأشركه في أمري قال : نبئ هرون ساعتئذ
حين نبئ موسى عليهما السلام
وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة أن عائشة سمعت رجلا يقول : إني لأدري أي أخ في الدنيا
كان أنفع لأخيه : موسى حين سأل لأخيه النبوة
فقالت : صدق والله
وأخرج الحاكم عن وهب قال : كان هرون فصيحا بين النطق يتكلم في تؤدة ويقول بعلم
وحلم وكان أطول من موسى طولا وأكبرهما في السن وأكثرهما لحما وأبيضهما جسما
وأعظمهما ألواحا وكان موسى جعدا آدم طوالا كأنه من رجال شنؤاة ولم يبعث الله نبيا
إلا وقد كانت عليه شامة النبوة في يده اليمنى إلا أن يكون نبينا صلى الله عليه و
سلم فإن شامة النبوة كانت بين كتفيه
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم بن أبي النجود أنه قرأ كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك
كنت بنا بصيرا بنصب الكاف الأولى في كلهن
وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش : أنه كان يجزم هذه الكافات كلها
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : فاقذفيه في اليم قال هو النيل
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وألقيت عليك محبة مني قال
: كان كل من رآه ألقيت عليه منه محبة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سلمة بن كهيل - رضي الله عنه - في قوله :
وألقيت عليك محبة مني قال : حببتك إلى عبادي
(5/567)
وأخرج
عبد بن حميد عن عكرمة في قوله : وألقيت عليك محبة مني قال : حيث نظرت آسية وجه
موسى فرأت حسنا وملاحة فعندها قالت لفرعون : قرة عين لي ولك لا تقتلوه القصص آية 9
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي رجاء في قوله : وألقيت عليك محبة مني قال : الملاحة
والحلاوة
وأخرج ابن عساكر عن قتادة في قوله : وألقيت عليك محبة مني قال : حلاوة في عيني
موسى لم ينظر إليه خلق إلا أحبه
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - قال : كنت مع عبد الله بن عمر - رضي
الله عنه - فتلقاه الناس يسلمون عليه ويحيونه ويثنون عليه ويدعون له - فيضحك ابن
عمر - فإذا انصرفوا عنه أقبل علي فقال : إن الناس ليجيئون حتى لو كنت أعطيهم الذهب
والفضة ما زادوا عليه ثم تلا هذه الآية وألقيت عليك محبة مني
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نهيك - رضي الله عنه - في قوله : ولتصنع على عيني قال :
ولتعمل على عيني
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه في قوله :
ولتصنع على عيني قال : تربى بعين الله
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ولتصنع على عيني
قال : ولتغذى على عيني
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في الآية يقول : أنت بعيني إذ جعلتك أمك في التابوت
ثم في البحر إذ تمشي أختك
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والخطيب عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقول : إنما قتل موسى الذي قتل من آل فرعون خطأ
يقول الله : وقتلت نفسا فنجيناك من الغم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :
فنجيناك من الغم قال : من قتل النفس وفتناك فتونا قال : أخلصناك إخلاصا
(5/568)
وأخرج
سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله :
وفتناك فتونا قال : أبتليناك إبتلاء
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وفتناك فتونا قال : إبتليناك ببلاء نعمة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وفتناك فتونا قال :
اختبرناك إختبارا
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : وفتناك فتونا قال : بلاء إلقاؤه في التابوت
ثم في اليم ثم إلتقاط آل فرعون إياه ثم خروجه خائفا يترقب
وأخرج ابن أبي عمر العدني في مسنده وعبد بن حميد والنسائي وأبو يعلى وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : سألت
ابن عباس عن قول الله تعالى لموسى عليه السلام : وفتناك فتونا فسألت عن الفتون ما
هو ؟ فقال : استأنف النهار يا ابن جبير فإن لها حديثا طويلا فلما أصبحت غدوت على
ابن عباس لأتنجز ما وعدني من حديث الفتون فقال : تذاكر فرعون وجلساؤه ما كان الله
عز و جل - وعد إبراهيم عليه السلام - من أن يجعل في ذريته أنبياء وملوكا
فقال بعضهم : إن بني إسرائيل ينتظرون ذلك ما يشكون فيه ولقد كانوا يظنون أنه يوسف
بن يعقوب فلما هلك قالوا : ليس هذا كان وعد الله إبراهيم
قال فرعون : فكيف ترون ؟ فائتمروا وأجمعوا أمرهم على أن يبعث رجالا - معه الشفار -
يطوفون في بني إسرائيل : فلا يجدون مولودا إلا ذبحوه ففعلوا فلما رأوا أن الكبار
يموتون بآجالهم وأن الصغار يذبحون قالوا : يوشك أن يفني بنو إسرائيل فتصيروا
تباشروا الأعمال والخدمة التي كانوا يكفونكم فاقتلوا عاما كل مولود ذكر فتقل
أبناؤهم
ودعوا عاما لا تقتلوا منهم أحدا فيشب الصغار مكان من يموت من الكبار فإنهم لن
يكثروا فتخافون مكاثرتهم إياكم ولن يفنوا بمن تقتلون فتحتاجون إليهم فأجمعوا أمرهم
على ذلك فحملت أم موسى بهرون في العام الذي لا يذبح فيه الغلمان فولدت علانية آمنة
حتى إذا كان في قابل حملت بموسى فوقع في قلبها الهم والحزن فذلك من الفتون يا ابن
جبير لما دخل عليه في بطن أمه ما يراد به فأوحى الله إليها أن : لا تخافي ولا
تحزني إنا
(5/569)
رادوه
إليك وجاعلوه من المرسلين القصص آية 7 وأمرها إذا ولدته أن تجعله في تابوت ثم
تلقيه في اليم فلما ولدت فعلت ما أمرت به حتى إذا توارى عنها ابنها - أتاها
الشيطان - وقالت في نفسها : ما فعلت بابني ؟ ! لو ذبح عندي فواريته وكفنته كان أحب
إلي من أن ألقيه إلى دواب البحر وحيتانه
فانطلق به الماء حتى أوفى به عند مستقى جواري امرأة فرعون فرأينه فأخذنه فهممن أن
يفتحن الباب فقال بعضهن لبعض : إن في هذا لمالا وإنا إن فتحناه لم تصدقنا امرأة
الملك بما وجدنا فيه فحملنه بهيئته لم يحركن منه شيئا حتى دفعنه إليها فلما فتحته
رأت فيه الغلام فألقي عليها محبة لم تلق منها على أحد من البشر قط وأصبح فؤاد أم
موسى فارغا القصص آية 10 من ذكر كل شيء إلا من ذكر موسى
فلما سمع الذباحون بأمره أقبلوا إلى امرأة فرعون بشفارهم يريدون أن يذبحوه وذلك من
الفتون يا ابن جبير فقالت للذباحين : إن هذا الواحد لا يزيد في بني إسرائيل وإني
آتي فرعون فأستوهبه منه فإن وهبه لي فقد أحسنتم وأجملتم وإن أمر بذبحه لم ألمكم
فلما أتت به فرعون قالت : قرة عين لي ولك لا تقتلوه القصص آية 9 قال فرعون : يكون
لك وأما لي فلا حاجة لي فيه
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : والذي يحلف به لو أقر فرعون بأن يكون قرة عين
له كما قالت امرأته لهداه الله به كما هدى به امرأته ولكن الله عز و جل - حرمه ذلك
فأرسلت إلى من حولها من كل امرأة لها لبن لتختار له ظئرا فكلما أخذته امرأة منهن
لترضعه لم يقبل ثديها حتى أشفقت امرأة فرعون أن يمنتع من اللبن فيموت فأحزنها ذلك
فأمرت به فأخرج إلى السوق ومجمع الناس ترجو أن تجد له ظئرا يأخذ منها فلم يفعل
وأصبحت أم موسى والها فقالت لأخته : قصي أثره واطلبيه هل تسمعين له ذكرا ؟ أحي أم
قد أكلته الدواب ؟ ونسيت الذي كان وعد الله
فبصرت به أخته عن جنب وهم لا يشعرون والجنب أن يسمو بصر الإنسان إلى شيء بعيد وهو
إلى جنبه وهو لا يشعر به فقالت - من الفرح حين أعياهم الظوائر - هل أدلكم على أهل
بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون فأخذوها فقالوا : وما يدريك ما نصحهم له ؟ هل
يعرفونه
(5/570)
حتى
شكوا في ذلك ؟ وذلك من الفتون يا ابن جبير
فقالت : نصحهم له وشفقتهم عليه رغبتهم في جانب الملك رجاء شفقته
فتركوها فانطلقت إلى أمه فأخبرتها الخبر فجاءت فلما وضعته في حجرها نزا إلى ثديها
فمصه حتى امتلأ جنباه ريا وانطلق البشرى إلى امرأة فرعون يبشرونها : إنا قد وجدنا
لابنك ظئرا
فأرسلت إليها فأتيت بها وبه فلما رأت ما يصنع قالت لها : امكثي عندي أرضعني أرضعي
؟ ابني هذا - فإني لم أحب حب شيئا قط - قالت : لا أستطيع أن أدع بيتي وولدي فيضيع
فإن طابت نفسك أن تعطينيه فأذهب به إلى بيتي فيكون معي لا آلوه خيرا فعلت وإلا
فإني غير تاركة بيتي وولدي
فذكرت أم موسى ما كان الله عز و جل وعدها فتعاسرت على امرأة فرعون لذلك وأيقنت أن
الله عز و جل منجز وعده
فرجعت بابنها من يومها فأنبته الله نباتا حسنا وحفظه لما قد قضى فيه فلم يزل بنو
إسرائيل - وهم يجتمعون في ناحية القرية - يمتنعون به من الظلم والسخرة منذ كان
فيهم فلما ترعرع قالت امرأة فرعون لأم موسى : أريد أن تريني ابني فوعدتها يوما
تزورها فيه به
فقالت لخزانها وجواريها وقهارمتها : لا يبقى منكم اليوم واحد إلا استقبل ابني
بهدية وكرامة أرى ذلك فيه وأنا باعثة أمينا يحضر ما صنع كل إنسان منكم فلم تزل
الهدايا والنحل والكرامة تستقبله من حين خرج من بيت أمه إلى أن دخل عليها فلما دخل
عليها أكرمته ونحلته وفرحت به وأعجبها ونحلت أمه لحسن أثرها عليه ثم قالت لأنطلقن
به إلى فرعون فلينحله وليكرمنه
فلما دخلت به عليه وجعلته في حجره فتناول موسى لحية فرعون فمدها إلى الأرض فقالت
له الغواة - من أعداء الله - : ألا ترى إلى ما وعد الله إبراهيم ؟ إنه يرثك ويصرعك
ويعلوك
فأرسل إلى الذباحين ليذبحوه
وذلك من الفتون يا ابن جبير بعد كل بلاء ابتلي به وأريد به فتونا
فجاءت امرأة فرعون تسعى إلى فرعون فقالت : ما بدا لك في هذا الصبي الذي وهبته لي ؟
قال : ألا ترينه يزعم أنه سيصرعني ويعلوني ! ؟ قالت له : اجعل بيني وبينك أمرا
تعرف فيه الحق ائت بجمرتين ولؤلؤتين فقربهن إليه فإن بطش بالؤلؤتين واجتنب
الجمرتين علمت أن يعقل وإن هو تناول الجمرتين ولم يرد اللؤلؤتين فاعلم أن أحد لا
يؤثر الجمرتين على اللؤلؤتين وهو يعقل
فلما قرب إليه الجمرتين واللؤلؤتين أخذ الجمرتين فانتزعهما منه مخافة أن يحرقا
بدنه
فقال للمرأة : لا يذبح
وصرفه الله عنه بعد أن كان هم به وكان الله بالغ أمره
(5/571)
فيه
فلما بلغ أشده - وكان من الرجال - لم يكن أحد من آل فرعون يخلص إلى أحد من بني
إسرائيل معه بظلم ولا بسخرة حتى امتنعوا كل الإمتناع
فبينما هو يمشي في ناحية المدينة إذا هو برجلين يقتتلان - أحدهما من بني إسرائيل
والآخر من آل فرعون - فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني فغضب موسى واشتد غضبه لأنه
تناوله وهو يعلم منزلة موسى من بني إسرائيل وحفظه لهم : لا يعلم إلا أن ذلك من
الرضاع من أم موسى إلا أن يكون الله تعالى أطلع موسى من ذلك على ما لم يطلع غيره
عليه فوكز موسى الفرعوني فقتله وليس يراهما أحد إلا الله وموسى والإسرائيلي
فقال موسى : حين قتل الرجل هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين القصص آية 15 ثم
قال ربي إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له وأصبح في المدينة خائفا يترقب القصص آية
17 الأخبار فأتى فرعون فقيل له : إن بني إسرئيل قتلوا رجلا من آل فرعون فخذ لنا
بحقنا ولا ترخص لهم
فقال ائتوني به ومن شهد عليه فإن الملك - وإن كان صفوه مع قومه لا يستقيم له أن
يقيد بغير بينة ولا ثبت فاطلبوا علم ذلك آخذ لكم بحقكمز فبينما هم يطوفون فلا
يجدون بينة ولا ثبتا إذا موسى من الغد قد رأى ذلك الإسرائيلي يقاتل فرعونيا آخر
فاستغاثه الإسرائيلي على الفرعوني فصادف موسى قد ندم على ما كان من وكزه الذي رأى
فغضب من الإسرائيلي لما فعل بالأمس واليوم وقال : إنك لغوي مبين القصص آية 18 فنظر
الإسرائيلي إلى موسى حين قال له ما قال - فإذا هو غضبان كغضبه بالأمس - فخاف بعدما
قال له : إنك لغوي مبين أن يكون إياه أراد وإنما أراد الفرعوني فقال : يا موسى
أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس القصص آية 19 وإنما قال ذلك مخافة أن يكون
إياه أراد موسى ليقتله فيتداركا فانطلق الفرعوني إلى قومه فأخبرهم بما سمع من
الإسرائيلي حين يقول : أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس القصص آية 19 فأرسل
فرعون الذباحين ليقتلوا موسى فأخذ رسل فرعون في الطريق الأعظم يمشون على هينتهم
يطلبون موسى وهم لا يخافون أن يفوتهم وجاء رجل من شيعة موسى من أقصى المدينة القصص
آية 20 فاختصر طريقا قريبا حتى سبقهم إلى موسى فأخبره الخبر
وذلك من الفتون يا ابن جبير
(5/572)
فخرج
موسى متوجها نحو مدين لم يلق بلاء مثل ذلك وليس له بالطريق علم الأحسن ظنه بربه
فإنه قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل القصص آية 22 ولما ورد ماء مدين وجد عليه
أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان القصص آية 23 يعني فلم تسقيا
غنمهما قال : ما خطبكما القصص آية 23 معتزلتين لا تسقيان مع الناس ؟ قالتا : ليست
لنا قوة نزاحم القوم وإنما ننتظر فضول حياضهم فسقى لهما القصص آية 24 فجعل يغرف في
الدلو ماء كثيرا حتى كانتا أول الرعاة فراغا - فانصرفتا إلى أبيهما بغنمهما وانصرف
موسى إلى شجرة فاستظل بها فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ز فاستنكر أبو
الجاريتين سرعة صدورهما بغنمهما حفلا بطانا وقال : إن لكما اليوم لشأنا : فحدثتاه
بما صنع موسى
فأمر إحداهما أن تدعوه له فأتته فدعته
فلما كلمه قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين القصص آية 25 ليس لفرعون ولا لقومه
علينا سلطانا ولسنا في مملكته
قالت ابنته : يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين القصص آية 26 فحملته
الغيرة أن قال : وما يدريك ما قوته ؟ وما أمانته ؟ قالت : أما قوته : فما رأيت منه
حين سقى لنا لم أر رجلا قط أقوى في ذلك السقي منه حين سقى لنا : وأمانته : فإنه
نظر حين أقبلت إليه وشخصت له فلما علم أني امرأة صوب رأسه ولم يرفعه ولم ينظر إلي
حين أقبلت إليه حتى بلغته رسالتك
فقال لي : امشي خلفي وانعتي لي الطريق فلم يقل هذا إلا وهو أمين
فسري عن أبيها وصدقها وظن به الذي قالت
فقال : هل لك أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت عشرا
فمن عندك وما أريد أن أشق عليك القصص آية 27 ففعل وكانت على موسى ثماني حجج واجبة
وكانت سنتان عدة منه فقضى الله عدته فأتمها عشرا
قال سعيد : فسألني رجل من أهل النصرانية من علمائهم : هل تدري أي الأجلين قضى موسى
؟ قلت : لا
وأنا يومئذ لا أعلم
فلقيت ابن عباس فذكرت له الذي قال النصراني فقال : أما كنت تعلم أن ثمانيا واجبة ؟
لم يكن موسى لينتقص منها وتعلم أن الله تعالى كان قاضيا عن موسى عدته
(5/573)
التي
وعد ؟ فإنه قضى عشرا فأخبرت النصراني فقال : الذي أخبرك بهذا هو أعلم منك
قلت : أجل وأولى ! سار موسى بأهله ورأى من أمر النار ما قص الله عليك في القرآن
وأمر العصا ويده فشكا إلى ربه ما يتخوف من آل فرعون في القتيل وعقدة لسانه - فإنه
كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير من الكلام - فسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون ليكون
له ردءا ويتكلم عنه بكثير مما لا يفصح به فأتاه الله سؤله فحل عقدة من لسانه وأوحى
إلى هارون وأمره أن يلقى موسى
فاندفع موسى بالعصا ولقي هارون فانطلقا جميعا إلى فرعون فأقاما ببابه حينا لا يؤذن
لهما ثم أذن لهما بعد حجاب شديد فقالا : إنا رسولا ربك فقال : ومن ربكما يا موسى
فأخبراه بالذي قص الله في القرآن
قال : فما تريدان ؟ وذكره بالقتيل فاعتذر بما قد سمعت قال : أريد أن تؤمن بالله
وترسل معي بني إسرائيل
فأبى عليه ذلك وقال : ائت بآية إن كنت من الصادقين فألقى بعصاه فتحولت حية عظيمة
فاغرة فاها مسرعة إلى فرعون - فلما رأى فرعون أنها قاصدة إليه - خافها فاقتحم عن
سريره واستغاث بموسى : أن يكفها عنه ففعل وأخرج يده من جيبه بيضاء من غير سوء يعني
برص ثم أعادها إلى كمه فصارت إلى لونها الأول
فاستشار الملأ فيما رأى فقالوا له : هذان ساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم
بسحرهما ويذهبا بطريقتكم المثلى يعنون ملكهم الذي هم فيه والعيش فأبوا على موسى أن
يعطوه شيئا مما طلب
وقالوا له : اجمع لهم السحرة - فإنهم بأرضنا كثير - حتى تغلب بسحرهم سحرهما فأرسل
فرعون في المدائن حاشرين الشعراء آية 54 فحشر له كل ساحر متعالم فلما أتوا فرعون
قالوا : بم يعمل هذا الساحر
قالوا : يعمل بالحيات والحبال
قال : فلا والله ما في الأرض قوم يعملون بالحيات والحبال والعصي بالسحر ما نعمل به
! فما أجرنا إن غلبناه ؟ قال لهم : أنتم أقاربي وخاصتي وأنا صانع بكم كل شيء
أحببتم فتواعدوا ليوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى قال سعيد : فحدثني ابن عباس : إن
يوم الزينة - اليوم الذي أظهر الله فيه موسى على فرعون والسحرة - وهو يوم عاشوراء
فلما اجتمعوا في صعيد واحد
قال الناس لبعضهم لبعض : اذهبوا بنا فلنحضر هذا الأمر و نتبع السحرة
(5/574)
إن
كانوا هم الغالبين الشعراء آية 40 - يعنون بذلك موسى وهارون استهزاء بهما - فقالوا
: يا موسى - لقدرتهم بسحرهم - إما أن تلقي وإما أن نكون نحن الملقين الأعراف آية
115 قال : ألقوا فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون
الأعراف آية 44 فرأى موسى من سحرهم ما أوجس منه خيفة
فأوحى الله إليه أن ألق عصاك القصص آية 31 فلما ألقاها صارت ثعبانا عظيما فاغرة
فاها فجعل العصا بدعوة موسى تلتبس بالحبال حتى صارت ؟ جردا إلى الثعبان حتى تدخل
فيه حتى ما أبقت عصا ولا حبلا إلا ابتلعته فلما عاين السحرة ذلك قالوا : لو كان
هذا سحرا لم تبتلع من سحرنا كل هذا ! ولكن هذا من أمر الله عز و جل
فآمنا بالله وبما جاء به موسى ونتوب إلى الله عز و جل مما كنا فيه فكسر الله ظهر
فرعون في ذلك الموطن وأشياعه فظهر الحق وبطل ما كانوا يعملون فغلبوا هنالك
وانقلبوا صاغرين الأعراف الآية 119 وامرأة فرعون بارزة مبتذلة - تدعو الله بالنصر
لموسى على فرعون - فمن رآها - من آل فرعون ظن أنها تبذلت شفقة على فرعون وأشياعه
وإنما كان حزنها وهمها لموسى
فلما طال مكث موسى لمواعد فرعون الكاذبة كلما جاء بآية وعد عندها أن يرسل معه بني
إسرائيل فإذا كشف ذلك عنه نكث عهده واختلف وعده حتى أمر موسى بقومه فخرج بهم ليلا
فلما أصبح فرعون ورأى أنهم قد مضوا بعث في المدينة وحولها حاشرين فتبعتهم جنود
عظيمة كثيرة وأوحى الله إلى البحر : إذا ضربك عبدي موسى فانفرق له اثني عشر فرقا حتى
يجوز موسى ومن معه ثم التق بعد على من بقي من قوم فرعون وأشياعه
فنسي موسى أن يضرب بعصاه فدفع إلى البحر وله قصيف مخافة أن يضربه بعصاه وهو غافل
فيصير عاصيا فلما تراءى الجمعان وتقاربا قال أصحاب موسى إنا لمدركون الشعراء الآية
61 فافعل ما أمرك به ربك فإنك لم تكذب ولم تكذب
قال : وعدني ربي إذا انتهيت إلى البحر أن ينفرق لي حتى أجوز ثم ذكر بعد ذلك العصا
فضرب البحر - حين دنا أوائل جند فرعون - من أواخر جند موسى فانفرق البحر - كما
أمره الله وكما وعد موسى فلما جاز أصحاب موسى كلهم ودخل أصحاب فرعون كلهم التقى
البحر عليهم كما
(5/575)
أمره
الله عز و جل فما أن جاوز البحر قال أصحاب موسى : إنا لمدركون الشعراء الآية 61
إنا نخاف أن لا يكون فرعون غرق ولا نأمن هلاكه ! فدعا ربه فأخرجه له ببدنه من
البحر حتى استيقنوا
ثم مروا بعد ذلك على قوم يعكفون على أصنام لهم قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما
لهم آلهة
قال إنكم قوم تجهلون إن هؤلاء متبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون الأعراف آية
138 قد رأيتم من العبر ما يكفيكم وسمعتم به فمضى حتى أنزلهم منزلا ثم قال لهم :
أطيعوا هارون فإني قد استخلفته عليكم وإني ذاهب إلى ربي وأجلهم ثلاثين يوما أن
يرجع إليهم فيها فلما أتى ربه وأراد أن يكلمه في ثلاثين يوما - فصامهن ليلهن
ونهارهن - كره أن يكلم ربه وريح فمه ريح فم الصائم فتناول موسى من نبات الأرض شيئا
فمضغه
فقال له ربه : - حين أتاه - لم أفطرت ؟ وهو أعلم بالذي كان
قال : يا رب إني كرهت أن أكلمك إلا فمي طيب الريح
قال : وما علمت يا موسى أن ريح فم الصائم أطيب عندي من ريح المسك ! ارجع حتى تصوم
عشرة أيام ثم ائتني
ففعل موسى الذي أمره الله به فلما رأى قوم موسى أنه لم يأتهم للأجل ساءهم ذلك وقد
كان هارون خطبهم وقال لهم : إنكم خرجتم من مصر وعندكم ودائع لقوم فرعون وعوار ولكم
فيهم مثل ذلك وأنا أرى أن تحتسبوا ما كان لكم عندهم ولا أحل لكم وديعة استودعتموها
أو عارية ولسنا نرى أداء شيء من ذلك إليهم ولا ممسكيه
فحفر حفرة وأمر كل قوم عندهم شيء من ذلك من متاع أو حلية بأن يدفنوه في الحفرة ثم
أوقد عليه النار فأحرقه وقال : لا يكون لنا ولا لهم
وكان السامري رجلا من قوم يعبدون البقر ليس من بني إسرائيل جار لهم فاحتمل مع بني
إسرئيل حين احتملوا فقضى له أن رأى أثر الفرس فقبض منه قبضة فمر بهارون فقال له
هارون : يا سامري
ألا تلقي ما في يديك ؟ - وهو قابض عليه لا يراه أحد ؟ طوال ذلك - فقال : هذه بضة
قبضة ؟ من أثر الرسول الذي جاوز بكم البحر فلا ألقيها لشيء إلا أن تدعو الله إذا
ألقيتها أن يكون ما أريد
قال : فألقاها ودعا له هارون
قال : أريد أن يكون عجلا فاجتمع ما كان في الحفرة من متاع : نحاس أو حديد أو حلى
فصار عجلا أجوف ليس فيه روح له خوار
فقال ابن عباس :
(5/576)
والله
ما كان له صوت ولكن الريح كانت تدخل في دبره وتخرج من فيه فكان ذلك الصوت من ذلك
فتفرق بنو إسرائيل فقالت فرقة : يا سامري ما هذا فإنك أنت أعلم به ؟ فقال : هذا
ربكم ولكن موسى أخطأ الطريق
فقالوا : لا نكذب بهذا حتى يرجع إلينا موسى طه آية 91 فإن يك ربنا لم يكن ضيعنا
وعجزنا حين رأيناه وإن لم يكن ربنا فإننا نتبع قول موسى
وقال فرقة : هذا من عمل الشيطان وليس ربنا ولا نصدق به ولا نؤمن به
وأشرب فرقة في قلوبهم التصديق بما قال السامري في العجل : وأعلنوا التكذيب و قال
لهم هارون يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن وليس بهكذا
قالوا : فما بال موسى وعدنا ثلاثين ليلة ثم أخلفنا فهذه أربعون ليلة : فقال
سفهاؤهم : أخطأ ربه فهو يطلبه ويتبعه
فلما كلم الله موسى وقال ما قال له وأخبره بما لقي قومه من بعده فرجع موسى إلى
قومه غضبان أسفا فقال لهم ما سمعتم في القرآن وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه يجره
إليه الأعراف آية 150 من الغضب غير أنه عذر أخاه واستغفر ربه ثم انصرف إلى السامري
فقال له : ما حملك على ما صنعت ؟ فقال : قبضت قبضة من أثر الرسول وفطنت وعميت
عليكم فقذفتها وكذلك سولت لي نفسي قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس إلى
قوله : في اليم نسفا ولو كان إلها لم يخلص إلى ذلك ! فاستيقن بنو إسرائيل بالفتنة
واغتبط الذين كان رأيهم رأي هارون فقالوا : يا موسى سل ربك أن يفتح لنا باب توبة
نعملها ونكفر عنا ما عملنا فاختار موسى من قومه سبعين رجلا الأعراف آية 155 لذلك
لا يألوا لخير خيار بني إسرائيل ومن لم يشرك في العجل فانطلق بهم ليسأل ربهم
التوبة فرجفت الأرض بهم فاستحيا موسى عليه السلام من قومه ووفده حين فعل بهم ذلك
فقال : رب لو شئت أهلكتهم من قبل وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء الأعراف آية 155
الآية
ومنهم من قد اطلع الله منه على ما أشرب قلبه العجل والإيمان به فلذلك رجفت بهم
الأرض
فقال : رحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون إلى قوله : والإنجيل الأعراف آية
156 فقال : رب سألتك التوبة لقومي فقلت : إن رحمت رحمتك ؟ كتبتها لقوم غير قومي
فليتك أخرتني حتى أخرج في أمة ذلك الرجل المرحومة
قال الله عز
(5/577)
وجل
: فإن توبتهم أن يقتل كل رجل منهم كل من لقي من والد أو ولد فيقتله بالسيف ولا
يبالي من قبل ذلك الموطن
فتاب أولئك الذين كان خفي على موسى وهارون وما طلع الله عابهم من ذنوبهم فاعترفوا
بها
وفعلوا ما أمروا به فغفر الله للقاتل والمقتول
ثم سار بهم موسى متوجها نحو الأرض المقدسة فأخذ الألواح بعد ما سكت عنه الغضب
وأمرهم بالذي أمره الله أن يبلغهم من الوظائف فثقلت عليهم وأبوا أن يقروا بها حتى
نتق الله عليهم الجبل كأنه ظلة ودنا منهم حتى خافوا أن يقع عليهم فأخذوا الكتاب
بأيمانهم وهم مصغون ينظرون الأرض والكتاب الذي أخذوه بأيديهم وهم ينظرون إلى الجبل
مخافة أن يقع عليهم
ثم مضوا حتى أتوا الأرض المقدسة فوجدوا فيها مدينة جبارين خلقهم خلق منكر وذكروا
من ثمارهم أمرا عجيبا من عظمها ! فقالوا : يا موسى إن فيها قوم جبارين المائدة آية
22 لا طاقة لنا اليوم بهم ولا ندخلها ما داموا فيها فإن يخرجوا منها فإنا داخلون
قال رجلان من الجبارين : آمنا بموسى فخرجا إليه فقالا : نحن أعلم بقومنا إن كنتم
تخافون ما رأيتم من أجسامهم وعددهم فإنهم ليس لهم قلوب ولا منعة عندهم فادخلوا
عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون المائدة آية 23 ويقول أناس إنهما من قوم
موسى وزعم سعيد أنهما من الجبارين آمنا بموسى
يقول : من الذين يخافون أنعم الله عليهما المائدة آية 33 وإنما يعني بذلك الذين
يخافهم بنو إسرائيل
فقالوا : يا موسى إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا
ههنا قاعدون المائدة آية 24 فأغضبوا موسى فدعا عليهم فسماهم فاسقين ولم يدع عليهم
قبل ذلك لما رأى فيهم من المعصية وإساءتهم - حتى كان يومئذ - فدعا عليهم فاستجاب
الله له وسماهم كما سماهم موسى فاسقين فحرمها عليهم أربعين يتيهون في الأرض المائدة
آية 26 يصبحون كل يوم فيسيرون ليس لهم قرار
ثم ظلل عليهم في التيه بالغمام وأنزل عليهم المن والسلوى وجعل لهم ثيابا لا تبلى
ولا تتسخ وجعل بين ظهرانيهم حجرا مربعا وأمر موسى فضربه بعصاه فانفجرت منه اثنتا
عشرة عينا البقرة آية 60 في كل ناحية ثلاث عيون وأعلم كل سبط عينهم التي يشربون
منها لا
(5/578)
يرتحلون
بها من مرحلة إلا وجدوا ذلك الحجر منهم بالمكان الذي كان منهم بالمنزل الأول
رفع الحديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم - وصدق ذلك عندي : أن معاوية بن
أبي سفيان سمع من ابن عباس هذا الحديث فأنكر عليه أن يكون الفرعوني هو الذي أفشى
على موسى أمر القتيل وقال : إنما أفشى عليه الإسرائيلي
فأخذ ابن عباس بيده فانطلق إلى سعد بن مالك الزهري فقال : أرأيت يوم حدثنا النبي
صلى الله عليه و سلم - عن قتيل موسى من آل فرعون من أفشى عليه ؟ الإسرائيلي أو
الفرعوني ؟ قال : أفشى عليه الفرعوني بما سمع من الإسرائيلي الذي شهد ذلك وحضره
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله :
فلبثت سنين في أهل مدين قال : عشر سنين ثم جئت على قدر يا موسى طه آية 40 قال على
موعد
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : ثم
جئت على قدر قال : الميقات
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : ثم
جئت على قدر قال : على موعد
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله :
ولا تنيا في ذكري قال لا تضعفا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه - مثله
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه - مثله
وأخرج الطستي عن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله - عز و جل
- ولا تنيا عن ذكري قال : ولا تضعفا عن أمري
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت الشاعر وهو يقول : إني وجدك مل ونيت وإنني أبغي الفكاك له بكل سبيل وأخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : ولا تنيا قال : لا
تبطئا
(5/579)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه في قوله : فقولا له قولا لينا قال : كنه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : فقولا له قولا لينا قال :
كنياه
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سفيان الثوري : فقولا له قولا لينا
قال : كنياه يا أبا مرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن فقولا له قولا لينا قال اعذرا إليه وقولا له : إن لك
ربا ولك معادا وإن بين يديك جنة ونارا
وأخرج ابن أبي حاتم عن الفضل بن عيسى الرقاشي أنه تلا هذه الآية فقولا له قولا
لينا فقال : يا من يتحبب إلى من يعاديه فكيف بمن يتولى ويناديه ؟
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : لعله يتذكر قال : هل يتذكر
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : إنا نخاف أن يفرط علينا قال : يعجل أو
أن يطغى قال : يعتدي
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : إنا
نخاف أن يفرط علينا أو أن يطغى قال : عقوبة منه
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : قال لا تخافا إنني معكما أسمع وأرى قال :
أسمع ما يقول وأرى ما يجاوبكما فأوحي إليكما فتجاوباه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم بسند جيد عن ابن مسعود قال : لما بعث الله موسى
إلى فرعون قال : رب أي شيء أقول ؟ قال : قل أهيا شرا هيا
قال الأعمش : تفسير ذلك الحي قبل كل شيء والحي بعد كل شيء
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن عباس قال : لما بعث الله موسى إلى فرعون قال : "
لا يغرنكما لباسه الذي ألبسته فإن ناصيته بيدي فلا ينطق ولا يطرف إلا بإذني ولا
يغرنكما ما متع به من زهرة الدنيا وزينة المترفين فلو شئت أن أزينكما من زينة
الدنيا بشيء يعرف فرعون أن قدرته تعجز عن ذلك لفعلت وليس ذلك لهوانكما علي ولكني
ألبستكما نصيبكما من الكرامة علي : أن لا تنقصكما الدنيا
(5/580)
شيئا
وإني لأذود أوليائي عن الدنيا كما يذود الراعي إبله عن مبارك 7 الغيرة وإني
لأجنبهم كما يجنب الراعي إبله عن مراتع الهلكة أريد أن أنور بذلك صدورهم وأطهر
بذلك قلوبهم في سيماهم الذين يعرفون وأمرهم الذي يفتخرون به وأعلم : إنه من أخاف
لي وليا فقد بارزني وأنا الثائر لأوليائي يوم القيامة "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبخاري ومسلم وابن مردويه من طريق ابن عباس عن أبي
سفيان بن حرب أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كتب إلى هرقل " من محمد رسول
الله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي في الشعب عن قتادة قال : التسليم على أهل الكتاب
إذا دخلت عليهم بيوتهم أن تقول : السلام على من اتبع الهدى
الآية 48 - 52 أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : إنا قد أوحي إلينا أن العذاب
على من كذب وتولى قال : من كذب بكتاب الله وتولى عن طاعة الله
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله
: الذي أعطى كل شيء خلقه قال : خلق لكل شيء روحه ثم هدى قال : هداه لمنكحه ومطعمه
ومشربه ومسكنه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : أعطى كل شيء خلقه يقول : مثله أعطى
الإنسان إنسانة والحمار حمارة والشاة شاته : ثم هدى إلى الجماع
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن في قوله :
أعطى كل شيء خلقه ثم هدى قال : أعطى كل شيء ما يصلحه ثم هداه له
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله
(5/581)
عنه
- في قوله : أعطى كل شيء خلقه ثم هدى قال : سوى خلق كل دابة ثم هداها لما يصلحها
وعلمها إياه لم يجعل خلق الناس كخلق البهائم ولا خلق البهائم كخلق الناس ولكن خلق
كل شيء فقدره تقديرا الفرقان آية 2
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : أعطى كل شيء خلقه قال
: أعطى كل ذي خلق ما يصلحه ولم يجعل الإنسان في خلق الدابة ولا الدابة في خلق
الكلب ولا الكلب في خلق الشاة وأعطى كل شيء ما ينبغي له من النكاح وهيأ كل شيء على
ذلك ليس منها شيء يملك شيئا في فعاله في الخلق والرزق والنكاح ثم هدى قال : هدى كل
شيء إلى رزقه وإلى زوجته
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : أعطي كل شيء خلقه قال : أعطى
كل شيء صورته ثم هدى قال : لمعيشته
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله :
أعطى كل شيء خلقه ثم هدى قال : ألم تر إلى البعير كيف يقوم لصاحبه ينتظره ! حتى
يجيء هذا منه !
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : ثم هدى
قال : كيف يأتي الذكر الأنثى
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن سابط قال : ما أبهت البهائم فلم تبهم عن أربع : تعلم أن
الله ربها ويأتي الذكر الأنثى وتهتدي لمعايشها وتخاف الموت
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : قال فما بال القرون الأولى
يقول : فما حال القرون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
لا يضل ربي قال : لا يخطئ
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله : لا يضل ربي ولا ينسى قال : هما شيء واحد
(5/582)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ولا يضل ربي ولا ينسى قال : لا يضل
ربي الكتاب ولا ينسى ما فيه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي المليح قال : الناس يعيبون علينا الكتاب
وقال الله تعالى : علمها عند ربي في كتاب
وأخرج ابن سعد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هلال قال : كنا عند قتادة فذكروا
الكتاب وسألوه عن ذلك ؟ فقال : وما بأس بذلك
أليس الله الخبير يخبر ؟ قال : فما بال القرون الأولى قال علمها عند ربي في كتاب
الآية 53 - 54 أخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : فأخرجنا به أزواجا
يقول : أصنافا فكل صنف من نبات الأرض أزواج
النخل زوج صنف والأعناب زوج صنف وكل شيء تنبته الأرض أزواج
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
من نبات شتى قال : مختلف وفي قوله : لأولي النهى قال : لأولي التقى
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : لأولي النهى قال : لذوي
الحجا والعقول
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : لأولي النهى قال : لأولي
الورع
وأخرج ابن المنذر عن سفيان رضي الله عنه في قوله : لأولي النهى قال : الذين ينتهون
عما نهوا عنه
الآية 55 - 58
(5/583)
أخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن عطاء الخراساني قال : إن الملك ينطلق فيأخذ من تراب
المكان الذي يدفن فيه فيذره على النطفة فيخلق من التراب ومن النطفة وذلك قوله منها
خلقناكم وفيها نعيدكم
وأخرج أحمد والحاكم عن أبي أمامة قال : لما وضعت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله
عليه و سلم في القبر قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : منها خلقناكم وفيها
نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى " بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله
"
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : تارة أخرى قال
مرة أخرى
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم ن مجاهد رضي الله عنه في قوله :
مكانا سوى قال : منصفا بينهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : مكانا سوى قال :
نصفا بيني وبينك
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : مكانا سوى قال : عدلا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : مكانا سوى قال : مكانا
مستويا يتبين الناس سواء فيه لا يكون صوت ولا شيء يتغيب بعض ذلك عن بعض مستو حين
يرى
الآية 59 - 60 أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله : موعدكم يوم الزينة قال : يوم عاشوراء
وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من
(5/584)
صام
يوم الزينة أدرك ما فاته من صيام تلك السنة ومن تصدق يومئذ بصدقة أدرك ما فاته من
صدقة تلك السنة " يعني يوم عاشوراء
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : قال موعدكم يوم
الزينة قال : هو يوم عيد كان لهم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : قال موعدكم يوم الزينة قال :
هو عيدهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال :
موعدكم يوم الزينة قال : يوم السوق
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال : موعدكم يوم الزينة قال : يوم
العيد يوم يتفرغ الناس من الأعمال ويشهدون ويحضرون ويرون
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : وأن يحشر الناس ضحى قال :
يجتمعون لذلك الميعاد الذي واعدوه
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نهيك أنه قرأ " وأن تحشر الناس ضحى " بالتاء
وأن تشحر الناس أنت قال : فرعون يحشر قومه
الآية 61 - 71
(5/585)
أخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : ويذهبا بطريقتكم المثلى
قال : أولو العقل والشرف والأسنان
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم ووكيع في الغرور عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله
: ويذهبا بطريقتكم المثلى قال بأشرافكم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : ويذهبا بطريقتكم المثلى قال
: يذهبا بالذي أنتم عليه
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : وقد أفلح اليوم من استعلى قال
: من غلب
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : تلقف ما صنعوا قال
: ألقاها موسى فتحولت حية تأكل حبالهم وما صنعوا
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن جندب بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إذا أخذتم الساحر فاقتلوه " ثم
قرأ ولا يفلح الساحر حيث أتى قال : لا يأمن حيث وجد
الآية 72 - 76 أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة : أن سحرة
فرعون كانوا تسعمائة فقالوا لفرعون : إن يكونا هذان ساحران فإنا نغلبهم فإنه لا
(5/586)
أسحر
منا وإن كان من رب العالمين فلما كان من أمرهم أن خروا سجدا أراهم الله في سجودهم
منازلهم التي إليها يصيرون فعندها قالوا : لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات إلى
قوله : والله خير وأبقى
وأخرج ابن أبي حاتم عن القاسم بن أبي بزة قال : لما وقعوا سجدا رأوا أهل النار
وأهل الجنة وثواب أهليهما فقالوا : لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وما أكرهتنا عليه من السحر قال : أخذ
فرعون أربعين غلاما من بني إسرائيل فأمر أن يعلموا السحر بالعوماء وقال : علموهم
تعليما لا يغلبهم أحد في الأرض
قال ابن عباس : فهم من الذين قالوا : إنا آمنا برنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا
عليه من السحر
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي في قوله : والله خير وابقى
قال : خير منك أن أطيع وأبقى منك عذابا إن عصي
وأخرج مسلم وأحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري : أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم خطب فأتى على هذه الآية إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا
يموت فيها ولا يحيا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أما أهلها الذين
هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون وأما الذين ليسوا بأهلها فإن النار
تميتهم إماتة ثم يقوم الشفعاء فيشفعون فيؤتى بهم ضبائر على نهر يقال له الحياة أو
الحيوان فينبتون كما ينبت القثاء في حميل السيل والله أعلم "
وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ثلاث من
كن فيه لم ينل الدرجات العلى : من تكهن أو استقسم أو رده من سفره طيرة "
وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أبي الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : " من كان وصلة لأخيه إلى سلطان في مبلغ بر أو مدفع مكروه رفعه الله في
الدرجات "
وأخرج ابن المبارك في الزهد وأبو نعيم في الحلية عن عون بن عبد الله قال : إن الله
ليدخل خلقا الجنة فيعطيهم حتى يملوا وفوقهم ناس في الردجات العلى فإذا نظروا إليهم
عرفوهم فيقول : يا ربنا إخواننا كنا معهم فبم فضلتهم علينا ؟ فيقال : هيهات
! إنهم كانوا يجوعون حين تشبعون ويظمؤون حين تروون ويقومون حين تنامون ويستحصون
حين تختصون
(5/587)
فيه
قال : يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوي وأطيعوا أمري قالوا لن نبرح
عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى فأقام هرون فيمن معه من المسلمين مخافة أن يقول
له موسى : فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي وكان له سامعا مطيعا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن هرون مر بالسامري وهو
يتنحت العجب فقال له : ما تصنع ؟ قال : اصنع ما لا يضر ولا ينفع ! فقال هرون :
اللهم أعطه ما سأل على نفسه ومضى هرون فقال السامري : اللهم إني أسألك أن يخور
فخار
فكان إذا خار سجدوا له وإذا خار رفعوا رؤوسهم
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن بني إسرائيل
استعاروا حليا من القبط فخرجوا به معهم فقال لهم هارون : قد ذهب موسى إلى السماء
اجمعوا هذه الحلي حتى يجيء موسى فيقضي فيه ما قضى فجمع ثم أذيب فلما ألقى السامري
القبضة تحول عجلا جسدا له خوار فقال : هذا إلهكم وإله موسى فنسي قال : إن موسى ذهب
يطلب ربه فضل فلم يعلم مكانه وهو هذا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن علي رضي الله عنه قال : إن جبريل
لما نزل فصعد بموسى إلى السماء بصر به السامري من بين الناس فقبض قبضة من أثر
الفرس وحمل جبريل موسى خلفه حتى إذا دنا من باب السماء صعد وكتب الله الألواح وهو
يسمع صرير الأقلام في الألواح فلما أخبره أن قومه قد فتنوا من بعده نزل موسى فأخذ
العجل فأحرقه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان السامري من أهل كرمان
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال انطلق موسى إلى ربه فكلمه فلما كلمه
قال له : ما أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى قال
: فإنا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامري فلما خبره خبرهم قال : يا رب هذا
السامري أمرهم أن يتخذوا العجل
أرأيت الروح من نفخها فيه ؟ قال الرب : أنا
قال : يا رب
فأنت إذا أضللتهم
ثم رجع موسى إلى قومه غضبان أسفا قال : حزينا قال : يا قوم ألم
(5/588)
وأخرج
أحمد في الزهد عن ابن عمير قال : إن الرجل وعبده يدخلان الجنة فيكون عبده أرفع
درجة منه فيقول : يا رب هذا كان عبدي في الدنيا ؟ ! فيقال : إنه كان أكثر ذكرا لله
تعالى منك
وأخرج أبو داود وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما ترون الكوكب الذري في
أفق السماء وأن أبا بكر وعمر منهم وأنعما "
الآية 77 - 97
(5/589)
أخرج
سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله : فاضرب لهم
طريقا في البحر يبسا قال : يابسا ليس فيه ماء ولا طين
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : طريقا في البحر
يبسا قال : يابسا
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : قال أصحاب موسى : هذا فرعون قد أدركنا وهذا
البحر قد عمنا
فأنزل الله ولا تخاف دركا ولا تخشى من البحر غرقا ولا وحلا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ولا تخاف دركا قال : من آل
فرعون ولا تخشى من البحر غرقا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : فغشيهم من اليم قال البحر
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ولا تطغوا فيه قال :
الطغيان فيه أن يأخذه بغير حله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم في قوله : فيحل عليكم غضبي قال :
فينزل عليكم غضبي
(5/590)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الأعمش أنه قرأ من يحلل عليه غضبي بكسر اللام على تفسير من يجب
عليه غضبي
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مجلز في قوله : ومن يحلل عليه غضبي قال : إن غضبه خلق
من خلقه يدعوه فيكلمه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فقد هوى قال : شقي
وأخرج ابن أبي حاتم عن سقي بن ماتع : أن في جهنم قصرا يرمى الكافر من أعلاه فيهوي
في جهنم أربعين قبل أن يبلغ الصلصال فذلك قوله : ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس وإني لغفار لمن تاب قال : من الشرك
آمن
قال : وحد الله وعمل صالحا قال : أدى الفرائض ثم اهتدى قال : لم يشك
وأخرج سعيد بن منصور والفريابي عن ابن عباس في قوله : وإني لغفار الآية
قال : تاب من الذنب وآمن من الشرك
وعملا صالحا فيما بينه وبين ربه ثم اهتدى علم أن لعمله ثوابا يجزى عليه
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : ثم اهتدى قال : ثم استقام لفرقة
السنة والجماعة
وأخرج ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور والبيهقي في الشعب من طريق عمرو بن ميمون عن
رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم قال : فعجل موسى إلى ربه فقال الله : وما
أعجلك عن قومك يا موسى قال هم أولاء على أثري وعجلت إليك رب لترضى قال : فرأى في
ظل العرش رجلا فعجب له
فقال : من هذا يا رب ؟ قال : لا أحدثك حديثه لكن سأحدثك بثلاث فيه : كان لا يسحد
الناس على ما آتاهم الله من فضله ولا يعق والديه ولا يمشي بالنميمة
وأخرج ابن مردويه عن وهب بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" إن الله لما وعد موسى أن يكلمه خرج للوقت الذي وعده فبينما هو يناجي ربه إذ
سمع خلفه صوتا فقال إلهي إني أسمع خلفي صوتا قال : لعل قومك ضلوا قال : إلهي من
أضلهم ؟ قال : السامري
قال : كيف أضلهم ؟ قال :
(5/591)
صاغ
لهم عجلا جسد له خوار قال : إلهي هذا السامري صاغ لهم العجل : فمن نفخ فيه الروح
حتى صار له خوار ؟ قال : أنا يا موسى قال : فبعزتك ما أضل قومي أحد غيرك
قال : صدقت
قال : يا حكيم الحكماء لا ينبغي حكيم أن يكون أحكم منك "
وأخرج ابن جرير في تهذيبه عن راشد بن سعد قال : إن موسى لما قدم على ربه - واعد
قومه أربعين ليلة - قال : يا موسى إن قومك قد افتتنوا من بعدك
قال : يا رب كيف يفتنون ؟ وقد نجيتهم من فرعون ونجيتهم من البحر وأنعمت عليهم
وفعلت بهم ؟ ! قال : يا موسى إنهم اتخذوا من بعدك عجلا له خوار قال : يا رب فمن
جعل فيه الروح ؟ قال : أنا
قال : فأنت يا رب أضللتهم
قال : يا موسى يا رأس النبيين ويا أبا الحكام إني رأيت ذلك في قلوبهم فيسرته لهم
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن علي رضي
الله عنه قال : لما تعجل موسى إلى ربه عمد السامري فجمع ما قدر عليه من حلى بني
إسرائيل فضربه عجلا ثم ألقى القبضة في جوفه فإذا هو عجل جسد له خوار فقال لهم
السامري : هذا إلهكم وإله موسى فقال لهم هرون : يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا
فلما أن رجع موسى أخذ رأسه أخيه فقال له هرون ما قال فقال موسى للسامري : ما خطبك
فقال : قبضت قبضة من أثر الرسول فنبذتها وكذلك سولت لي نفسي فعمد موسى إلى العجل
فوضع عليه المبارد فبرده وهو على شطر نهر فما شرب أحد من ذلك الماء - ممن كان يعبد
ذلك العجل - إلا اصفر وجهه مثل الذهب ! فقالوا : يا موسى ما توبتنا ؟ قال : يقتل
بعضكم بعضا فأخذوا السكاكين فجعل الرجل يقتل أباه وأخاه وابنه لا يبالي من قتل حتى
قتل منهم سبعون ألفا ! فأوحى الله إلى موسى : مرهم فليرفعوا أيديهم فقد غفرت لمن
قتل وتبت على من بقي
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : لما هجم فرعون على البحر
وأصحابه - وكان فرعون على فرس أدهم حصان هاب الحصان أن يقتحم البحر فمثل له جبريل
على فرس لأنثى فلما رآها الحصان هجم خلفها
(5/592)
وعرف
السامري جبريل - لأن أمه حين خافت أن يذبح خلفته في غار وأطبقت عليه - فكان جبريل
يأتيه فيغذوه بأصابعه في واحدة لبنا وفي الأخرى عسلا وفي الأخرى سمنا فلم يزل
يغذوه حتى نشأ فلما عاينه في البحر عرفه فقبض قبضة من أثر فرسه
قال أخذ من تحت الحافر قبضة وألقى في روع السامري : إنك لا تلقيها على شيء فتقول :
كن كذا إلا كان فلم تزل القبضة معه في يده حتى جاوز البحر فلما جاوز موسى وبنو
إسرائيل البحر أغرق الله آل فرعون
قال موسى لأخيه هرون اخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين ومضى موسى لموعد
ربه وكان مع بني إسرائيل حلي من حلي آل فرعون فكأنهم تأثموا منه فأخرجوه لتنزل
النار فتأكله فلما جمعوه قال السامري : بالقبضة هكذا فقذفها فيه وقال : كن عجلا
جسدا له خوار فصار عجلا جسدا له خوار فكان يدخل الريح من دبره ويخرج من فيه يسمع
له صوت ! فقال هذا إلهكم وإله موسى فعكفوا على العجل يعبدونه
فقال هارون : يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري قالوا
لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى
وأخرج ابن إسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : كان
السامري رجلا من أهل ماجرما وكان من قوم يعبدون البقر فكان يحب عبادة البقر في
نفسه وكان قد أظهر الإسلام في بني إسرائيل فلما فصل موسى إلى ربه قال لهم هرون :
إنكم قد حملتم أوزارا من زينة القوم آل فرعون ومتاعا وحليا فتطهروا منها فإنها رجس
وأوقد لهم نارا فقال : اقذفوا ما معكم من ذلك فيها فجعلوا يأتون بما معهم فيقذفون
فيها ورأى السامري أثر فرس جبريل فأخذ ترابا من أثر حافره ثم أقبل إلى النار فقال
لهرون يا نبي الله ألقي ما في يدي ؟ قال : نعم
ولا يظن هرون إلا أنه كبعض ما جاء به غيره من ذلك الحلي والأمتعة فقذفه فيها فقال
: كن عجلا جسدا له خوار فكان للبلاء والفتنة
فقال : هذا إلهكم وإله موسى فعكفوا عليه وأحبوه حبا لم يحبوا مثله شيئا قط : يقول
الله : فنسي أي ترك ما كان عليه من الإسلام يعني السامري أفلا يرون أن لا يرجع
إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا وكان اسم السامري : موسى بن ظفروقع في أرض
مصر فدخل في بني إسرائيل فلما رأى هرون ما وقعوا
(5/593)
يعدكم
ربكم وعدا حسنا إلى قوله : ما أخلفنا موعدك بملكنا يقول : بطاقتنا ولكن حملنا
أوزارا من زينة القوم يقول : من حلي القبط : فقذفناها فكذلك ألقى السامري فأخرج
لهم عجلا جسدا خوار فعكفوا عليه يعبدونه وكان يخور ويمشي
فقال لهم هرون : يا قوم إنما فتنتم به يقول ابتليتم بالعجل
قال : فما خطبك يا سامري ما بالك
إلى قوله : وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليك عاكفا لتحرقنه قال : فأخذه فذبحه ثم خرقه
بالمبرد
يعني سحكه ثم ذراه في اليم
فلم يبق نهر يجري يومئذ إلا وقع فيه منه شيء ثم قال لهم موسى : اشربوا منه فشربوا
فمن كان يحبه خرج على شاربيه الذهب فذلك حين يقول : وأشربوا في قلوبهم العجل
بكفرهم
قال : فلما سقط في أيدي بني إسرائيل حين جاء موسى ورأوا أنهم قد ضلوا قالوا : لئن
لم يرحمنا ربنا ويغفر لنا لنكونن من الخاسرين فأبى الله أن يقبل توبة بني إسرائيل
إلا بالحال التي كرهوا أنهم كرهوا أن يقاتلوهم حين عبدوا العجل فقال موسى يا قوم
إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم فاجتلد الذين
عبدوه والذين لم يعبدوا بالسيوف فكان من قتل من الفريقين شهيدا حتى كثر القتل حتى
كادوا أن يهلكوا حتى قتل منهم سبعون ألفا وحتى دعا موسى وهرون : ربنا هلكت بنو
إسرائيل ربنا البقية
البقية
فأمرهم أن يضعوا السلاح وتاب عليهم فكان من قتل منهم كان شهيدا ومن بقي كان مكفرا
عنه فذلك قوله تعالى : فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم
ثم إن الله تعالى أمر موسى أن يأتيه في ناس من بني اسرائيل يعتذرون إليه من عبادة
العجل فوعدهم موعدا فاختار موسى سبعين رجلا ثم ذهب ليعتذروا من عبادة العجل فلما
أتوا ذلك قالوا : لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فإنك قد كلمته فأرناه فأخذتهم
الصاعقة فماتوا فقام موسى يبكي ويدعو الله ويقول : رب
ماذا أقول لنبي إسرائيل إذا أتيتهم وقد أهلكت خيارهم ؟ رب لو شئت أهلكتهم من قبل
وإياي أتهلكنا بما فعل السفهاء منا فأوحى الله إلى موسى أن هؤلاء السبعين ممن
اتخذوا العجل
فذلك حين يقول موسى : إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :
أفطال عليكم العهد يقول : الوعد وفي قوله : فأخلفتم موعدي
(5/594)
يقول
: عهدي وفي قوله : ما أخلفنا موعدك بملكنا بأمر ملكنا ولكنا حملنا أوزارا قال :
أثقالا من زينة القوم وهي الحلي الذي استعاروه من آل فرعون فقذفناها قال :
فألقيناها فكذلك ألقى السامري قال : كذلك صنع فأخرج لهم عجلا جسدا له خوار قال :
حفيف الريح فيه
فهو خواره والعجل ولد البقرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : بملكنا قال : بأمرنا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ما
أخلفنا موعدك بملكنا قال : بطاقتنا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : بملكنا قال : بسلطاننا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن يحيى أنه قرأ بملكنا وملكنا واحد
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله : هذا إلهكم وإله
موسى فنسي قال : نسي موسى أن يذكر لكم : أن هذا إلهه ! وأخرج عبد بن حميد وابن
المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه فنسي قال هم يقولونه قومه : أخطأ الرب
العجل أفلا يرون أن لا ترجع إليهم قولا قال : العجل ولا يملك لهم ضرا قال : ضلالة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : قال : يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا
أن لا تتبعني قال : تدعهم
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في الآية قال : أمره موسى أن يصلح ولا يتبع سبيل
المفسدين فكان من إصلاحه أن ينكر العجل
فذلك قوله : أن لا تتبعني أفعصيت أمري كذلك أيضا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل
قال : خشيت أن يتبعني بعضهم ويتخلف بعضهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي اله عنه في قوله : إني خشيت أن تقول فرقت بين بني
إسرائيل قال : قد كره الصالحون الفرقة قبلكم
(5/595)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : ولم ترقب قولي قال : لم تنتظر قولي وما أنا صانع
وقائل
قال : وقال ابن عباس رضي الله عنهما لم ترقب قولي لم تحفظ قولي
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : قال فما خطبك يا سامري قال :
لم يكن اسمه ولكنه كان من قرية اسمها سامرة قال بصرت بما لم يبصروا به يعني فرس
جبريل
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ بما لم يبصروا به بالياء ورفع الصاد
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :
فقبضت قبضة من أثر الرسول قال : من تحت حافر فرس جبريل فنبذتها قال : نبذ السامري
على حلية بني إسرائيل فانقلبت عجلا
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : فقبضت قبضة من أثر الرسول قال
: قبض السامري قبضة من أثر الفرس فصره في ثوبه
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن أنه كان
يقرؤها " فقنصت " بالصاد
قال : والقبص بأطراف الأصابع
وأخرج عبد بن حميد عن أبي الأشهب قال : كان الحسن يقرؤها " فقبصت قبصة "
بالصاد يعني بأطراف أصابعه وكان أبو رجاء يقرؤها " فقبصت قبصة " بالصاد
هكذا بجميع كفيه
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : القبضة ملء الكف والقبصة بأطراف الأصابع
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ فقبضت قبضة بالضاد على معنى القبض
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فإن لك في الحياة
أن تقول لا مساس قال : عقوبة له وإن لك موعدا لن تخلفه قال : لن تغيب عنه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وانظر إلى إلهك
(5/596)
الذي
ظلت عليه عاكفا قال : أقمت لنحرقنه قال : بالنار ثم لننسفنه في اليم نسفا قال :
لنذرينه في البحر
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه كان يقرأ لنحرقنه خفيفة
يقول : إن الذهب والفضة لا يحرقان بالنار يسحل بالمبرد ثم يلقى على النار فيصير
رمادا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : في بعض القراءة " لنذبحنه ثم لنحرقنه
" خفيفة
قال قتادة : وكان له لحم ودم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي نهيك الأزدي أنه قرأ لنحرقنه بنصب النون وخفض الراء
وخففها
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : اليم البحر
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي قال : اليم النهر
الآية 98 - 110 أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وسع كل شيء علما يقول : ملأ
(5/597)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أبي زيد في قوله : وقد آتيناك من لدنا ذكرا قال : القرآن
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : يحمل يوم القيامة
وزرا قال : إثما
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وساء لهم يوم القيامة حملا
يقول : بئس ما حملوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : وساء لهم يوم القيامة حملا قال : ليس هي
وسألهم موصولة ينبغي أن يقطع فإنك إن وصلت لم تفهم وليس بها خفاء ساءلهم حملا
خالدين فيه وساءلهم يوم القيامة حملا قال : حمل السوء وبوئ صاحبه النار
قال : وإنما هي وساء لهم مقطوعة وساء بعدها لهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أن رجلا أتاه فقال : أرأيت قوله : ونحشر المجرمين
يومئذ زرقا وأخرى عميا
قال : إن يوم القيامة فيه حالات : يكونون في حال زرقا وفي حال عميا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : يتخافتون بينهم قال :
يتسارون
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في
قوله : إذ يقول أمثلهم طريقة قال : أعلمهم في نفسه
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : إذ يقول أمثلهم طريقة قال : " أعدلهم
من الكفار إن لبثتم أي في الدنيا إلا يوما لما تقاصرت في أنفسهم
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : قالت قريش : يا محمد كيف يفعل ربك بهذه الجبال
يوم القيامة ؟ فنزلت ويسألونك عن الجبال الآية
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فيذرها قاعا قال : مستويا
صفصفا قال : لا نبات فيه لا ترى فيها عوجا قال : واديا ولا أمتا قال : رابية
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عزوجل :
فيذرها قاعا صفصفا قال : القاع الأملس
والصفصف المستوي
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول :
(5/598)
ملمومة
شهباء لو قذفوا بها شماريخ من رضوى إذا عاد صفصفا وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر
وابن أبي حاتم عن عكرمة أنه سئل عن قوله : قاعا صفصفا لا ترى فيها عوجا ولا أمتا
قال : كان ابن عباس يقول : هي الأرض الملساء التي ليس فيها رابية مرتفعة ولا
انخفاض
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله : قاعا صفصفا قال : مستويا لا ترى فيها عوجا
قال : خفضا ولا أمتا قال : إرتفاعا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله : صفصفا قال : القاع
: الأرض والصفصف : المستوية لا ترى فيها عوجا قال : صدعا
ولا أمتا قال : أكمة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : لا ترى فيها عوجا قال : ميلا ولا أمتا
قال : الأمت الأثر مثل الشراك
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال : العوج الإرتفاع والأمت
المبسوط
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال : يعني بالأمت حفرا
وأخرج ابن الأنباري في الوقف عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله تعالى : لا ترى فيها عوجا ولا أمتا ما الأمت ؟ قال : الشي الشاخص من الأرض
قال فيه كعب بن زهير : فأبصرت لمحة من رأس عكرشة في كافر ما به أمت ولا شرف وأخرج
ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : يحشر الله الناس يوم القيامة في ظلمة
تطوى السماء وتتناثر النجوم وتذهب الشمس والقمر وينادي مناد فيسمع الناس الصوت
يأتونه
فذلك قول الله : يومئذ يتبعون الداعي لا عوج له
وأخرج ابن ابي حاتم عن أبي صالح في قوله : يتبعون الداعي لا عوج له قال : لا عوج
عنه
وأخرج ابن ابي حاتم عن قتادة في قوله : لا عوج له لا يميلون عنه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : لا تسمع إلا همسا قال :
الصوت الخفي
(5/599)
وأخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فلا تسمع إلا همسا قال : صوت وطء
الأقدام
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله : فلا تسمع إلا همسا قال : أصوات أقدامهم
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة وسعيد في قوله : فلا تسمع إلا همسا قال : وطء الأقدام
وأخرج عبد بن حميد عن حصين بن عبد الرحمن قال : كنت قاعدا عند الشعبي فمرت علينا
إبل قد كان عليها جص فطرحته فسمعت صوت أخفافها فقال : هذا الهمس
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : فلا تسمع إلا همسا
قال : هو خفض الصوت بالكلام يحرك لسانه وشفتيه ولا يسمع
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله : إلا همسا قال : سر
الحديث وصوت الأقدام
والله أعلم
الآية 111 - 114 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله : وعنت الوجوه قال : ذلت
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :
وعنت الوجوه قال : خشعت
(5/600)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : وعنت الوجوه قال : استأسرت صاروا
أسارى كلهم
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية وعنت الوجوه قال : خضعت
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز و جل :
وعنت الوجوه للحي القيوم قال : استسلمت وخضعت يوم القيامة
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول : ليبك عليك كل
عان بكربه وآل قصي من مقل وذي وفر وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي
اله عنهما في قوله : وعنت الوجوه قال : الركوع والسجود
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن طلق بن حبيب رضي
الله عنه في قوله : وعنت الوجوه للحي القيوم قال : هو وضعك جبهتك وكفيك وركبتيك
وأطراف قدميك في السجود
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : وقد خاب من حمل ظلما قال :
شركا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قول : قد خاب من حمل ظلما
قال : شركا
وفي قوله : فلا يخاف ظلما ولا هضما قال : ظلما أن يزاد في سيئاته
ولا هضما قال : لا ينقص من حسناته
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : فلا يخاف ظلما
ولا هضما قال : لا يخاف أن يظلم فيزاد في سيئاته ولا يهضم من حسناته
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : فلا
يخاف ظلما قال : أن يزاد عليه أكثر من ذنوبه ولا هضما قال : أن ينتقص من حسناته
شيئا
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
ولا هضما قال : غصبا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
في قوله : أو يحدث لهم ذكرا قال : القرآن ذكرا قال : جدا وورعا
(5/601)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا أنزل
عليه جبريل بالقرآن أتعب نفسه في حفظه حتى يشق على نفسه يتخوف أن يصعد جبريل ولم
يحفظه فينسى ما علمه
فقال الله : ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقال : لا تحرك به لسانك
لتعجل به القيامة آية 16
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولا تعجل بالقرآن من قبل
أن يقضى إليك وحيه يقول : لا تعجل حتى نبينه لك
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن الحسن قال :
لطم رجل امرأته فجاءت إلى النبي صلى الله عليه و سلم تطلب قصاصا فجعل النبي صلى
الله عليه و سلم بينهما القصاص فأنزل الله ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك
وحيه وقل رب زدني علما فوقف النبي صلى الله عليه و سلم حتى نزلت الرجال قوامون على
النساء النساء آية 34 الآية
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن الحسن أنه قرأ من قبل أن يقضى إليك وحيه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : ولا
تعجل بالقرآن قال : لا تمله على أحد حتى نتمه لك
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله : من قبل أن يقضى
إليك وحيه قال : تبيانه
وأخرج الترمذي وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : " اللهم انفعني بما علمتني وعلمني ما ينفعني وزدني علما
والحمد لله على كل حال "
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن ابن مسعود : أنه كان يدعو : اللهم زدني
إيمانا وفقها ويقينا وعلما
الآية 115
(5/602)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الصغير
وابن منده في التوحيد والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إنما سمي
الإنسان : لأنه عهد إليه فنسي
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن عساكر عن أبي أمامة الباهلي قال :
لو أن أحلام بني آدم جمعت منذ يوم خلق آدم إلى أن تقوم الساعة فوضعت في كفة وحلم
آدم في كفة لرجح حلمه بأحلامهم
ثم قال الله : ولم نجد له عزما قال : حفظا
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الحسن قال : كان عقل آدم مثل عقل جميع ولده
قال الله : فنسي ولم نجد له عزما
وأخرج عبد الغني بن سعيد في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما ولقد عهدنا إلى آدم
قال : أن لا يقرب الشجرة
وأخرج ابن جرير وابن منده عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ولم نجد له عزما
قال : حفظا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
فنسي قال : فترك ولم نجد له عزما يقول : لم نجعل له عزما
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سألت عمر بن
الخطاب رضي الله عنه عن قول الله : يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء أن تبد
لكم تسؤكم المائدة آية 101 قال : كان رجال من المهاجرين في أنسابهم شيء فقالوا
يوما : والله لوددنا أن الله أنزل قرآنا في نسبنا
فأنزل الله ما قرأت ثم قال لي : إن صاحبكم هذا - يعني علي بن أبي طالب - إن ولي
زهد ولكني أخشى عجب نفسه أن يذهب به
قلت : يا أمير المؤمنين إن صاحبنا من قد علمت
والله ما نقول أنه غير ولا عدل ولا أسخط رسول الله صلى الله عليه و سلم أيام صحبته
فقال : ولا في بنت أبي جهل
وهو يريد أن يخطبها على فاطمة قلت : قال الله في معصية آدم عليه السلام ولم نجد له
عزما وصاحبنا لم يعزم على إسخاط رسول الله صلى الله عليه و سلم ولكن الخواطر التي
لم يقدر على دفعها عن نفسه
وربما كانت من
(5/603)
الفقيه
في دين الله العالم بأمر الله فإذا نبه عليها رجع وأناب
فقال : يا ابن عباس من ظن أنه يرد بحوركم فيغوص فيها حتى يبلغ قعرها فقد ظن عجزا
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس أنه قال لعمر بن الخطاب : يا
أمير المؤمنين لم يذكر الرجل ولم ينس ؟ فقال : إن على القلب طخاة كطخاة القمر فإذا
تغشت القلب نسي ابن آدم ما كان يذكر فإذا انجلت ذكر ما نسي
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنه قال : لا تأكلوا بشمائلكم ولا تشربوا
بشمائلكم فإن آدم أكل بشماله فنسي فأورث ذلك النسيان
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطية ولم نجد له
عزما قال : حفظا لما أمر به
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ولم
نجد له عزما قال : صبرا
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب قال : لو وزن حلم آدم بحلم العالمين لوزنه
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير قال : لم يكن آدم من أولي العزم
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : فنسي قال : ترك ما قدم إليه
ولو كان منه نسيان ما كان عليه شيء لأن الله قد وضع عن المؤمنين النسيان والخطأ
ولكن آدم ترك ما قدم إليه من أكل الشجرة
الآية 116 - 122
(5/604)
أخرج
ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله : فلا
يخرجنكما من الجنة فتشقى قال : عنى به شقاء الدنيا فلا تلقى ابن آدم إلا شقيا
ناصبا
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن عينية قال : لم يقل فتشقيان لأنها دخلت معه فوقع
المعنى عليهما جميعا وعلى أولادهما كقوله : يا أيها النبي إذا طلقتم الطلاق آية 1
و يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم التحريم آية
1 فدخلوا في المعنى معه وإنما كلم النبي صلى الله عليه و سلم وحده
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن
سعيد بن جبير رضي الله عنهما قال : إن آدم عليه السلام لما أهبط إلى الأرض استقبله
ثور أبلق فقيل له : اعمل عليه
فجعل يمسح العرق عن جبينه ويقول : هذا ما وعدني ربي فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى
ثم نادى حواء : أحواء أنت عملت في هذا ؟ فليس أحد من بني آدم يعمل على ثور إلا قال
: حواء دخلت عليهم من قبل آدم عليه السلام
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
وأنك لا تظمأ فيها ولا تضحى قال : لا يصيبك فيها عطش ولا حر
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله : لا تظمأ قال : لا تعطش ولا
تضحى قال : لا يصيبك فيها حر
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : وأنك لا
تظمأ فيها ولا تضحى قال : لا تعرق فيها من شدة الشمس
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت الشاعر يقول : رأت رجلا أما إذا الشمس عارضت فيضحى وأما بالعشي فيخضر
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه
في قوله : ولا تضحى قال : لا يصيبك حر الشمس
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم
(5/605)
قال
" إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها وهي شجرة الخلد
"
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : لما أسكن الله
آدم الجنة وزوجته ونهاه عن الشجرة رأى غصونها متشعبة بعضها على بعض وكان لها ثمر
تأكله الملائكة لخلدهم وهي الثمرة التي نهى الله آدم عنها وزوجته فلما أراد إبليس
أن يستزلهما دخل الحية وكانت الحية لها أربع قوائم كأنها بختية من أحسن دابة خلقها
الله فلما دخلت الحية الجنة خرج من جوفها إبليس فأخذ من الشجرة التي نهى الله آدم
وزوجته عنها فجاء بها إلى حواء فقال : انظري إلى هذه الشجرة ما أطيب ريحها ! وأطيب
طعمها وأحسن لونها ! فأخذتها حواء فأكلتها ثم ذهبت بها إلى آدم فقالت : انظر إلى هذه
الشجرة ما أطيب ريحها وأطيب طعمها وأحسن لونها !
فأكل منها آدم فبدت لهما سوآتهما فدخل آدم في جوف الشجرة فناداه ربه : أين أنت ؟
قال : ها أناذا يا رب
قال : ألا تخرج ؟ قال : أستحي منك يا رب
قال : اهبط إلى الأرض
ثم قال : يا حواء غررت عبدي ؟ فإنك لا تحملين حملا إلا كرها فإذا أردت أن تضعي ما
في بطنك أشرفت على الموت مرارا
وقال للحية : أنت التي دخل الملعون في جوفك حتى غر عبدي
أنت ملعونة لعنة تتحول قوائمك في بطنك ولا يكون لك رزق إلا التراب أنت عدو بني آدم
وهم أعداؤك أينما لقيت أحد منهم أخذت بعقبيه وحيث ما لقيك أحد منهم شرخ رأسك
قيل لوهب : وهل كانت الملائكة تأكل ؟ قال : يفعل الله ما يشاء
وأخرج الحكيم الترمذي عن علقمة قال : اقتلوا الحيات كلها إلى الجان الذي كأنه ميل
فإنه جنها ولا يضر أحدكم كافرا قتل أو مسلما
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي عبد الله المغربي قال : تفكر إبراهيم عليه
السلام في شأن آدم قال : يا رب خلقته بيدك ونفخت فيه من روحك وأسجدت له ملائكتك ثم
بذنب واحد ملأت أفواه الناس حتى يقولوا : وعصى آدم ربه فغوى فأوحى اله إليه : يا
إبراهيم أما علمت أن مخالفة الحبيب على الحبيب شديدة ؟
(5/606)
الآية
123 - 126 أخرج الطبراني والخطيب في المتفق والمفترق وابن مردويه عن أبي الطفيل أن
النبي صلى الله عليه و سلم قرأ : فمن اتبع هداي
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه عن ابن عباس قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من اتبع كتاب الله هداه الله من
الضلالة في الدنيا ووقاه سوء الحساب يوم القيامة "
وذلك أن الله يقول : فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد ومحمد بن نصر وابن
المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان من طرق عن ابن عباس
قال : أجار الله تابع القرآن من أن يضل في الدنيا أو يشقى في الآخرة
ثم قرأ : فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى قال : لا يضل في الدنيا ولا يشقى في
الآخرة
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور ومسدد في مسنده وعبد بن حميد وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في كتاب عذاب القبر عن
أبي سعيد الخدري مرفوعا في قوله : معيشة ضنكا قال : عذاب القبر
وفي لفظ عبد الرزاق قال : يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه
وفي لفظ ابن أبي حاتم عن ضمة القبر
وأخرج البيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : إن المعيشة الضنك : أن يسلط عليه تسعة
وتسعون تنينا تنهشه في القبر
وأخرج البزار وابن أبي حاتم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله :
فإن له معيشة ضنكا قال : المعيشة الضنك التي قال الله : أنه يسلط عليه تسعة وتسعون
حية تنهش لحمه حتى تقوم الساعة "
(5/607)
وأخرج
ابن أبي شيبة والبزار وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم من وجه آخر
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله : فإن له معيشة ضنكا قال :
" عذاب القبر "
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت والحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه
و سلم قال : " المؤمن في قبره في روضة خضراءويرحب له قبره سبعين
ذراعاويضيءحتى يكون كالقمر ليلة البدر
هل تدرون فيما أنزلت فإن له معيشة ضنكا ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم
قال : عذاب الكافر في قبره يسلط عليه تسعة وتسعون تنينا
هل تدرون ما التنين ؟ تسعة وتسعون حية لكل حية سبعة رؤوس يخدشونه ويلسعونه وينفخون
في جمسه إلى يوم يبعثون "
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في كتاب عذاب القبر عن ابن مسعود قال : إذا
حدثتكم بحديث أنبأتكم بتصديق ذلك من كتاب الله إن المؤمن إذا وضع في قبره أجلس فيه
فيقال له : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيثبته الله فيقول : ربي الله وديني
الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه و سلم
فيوسع له في قبره ويروح له فيه
ثم قرأ عبد الله يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة
فإذا مات الكافر أجلس في قبره فيقال له : من ربك ؟ وما دينك ؟ ومن نبيك ؟ فيقول :
لا أدري
قال : فيضيق عليه قبره ويعذب فيه
ثم قرأ : ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : معيشة ضنكا قال : الشقاء
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : معيشة ضنكا قال : شدة عليه في النار
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : معيشة ضنكا
قال : الضنك الشديد من كل وجه
قال : وهل تعرف العرب ذلك
قال : نعم أما سمعت الشاعر وهو يقول : والخيل قد لحق بنا في مارق ضنك نواحيه شديد
المقدم
(5/608)
وأخرج
هناد وعبد بن حميد وابن المنذر والطبراني والبيهقي عن ابن مسعود في قوله : فإن له
معيشة ضنكا قال : عذاب القبر
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن ابن مسعود مثله
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن أبي صالح والربيع مثله
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن الحسن قال : المعيشة الضنك خصم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : معيشة ضنكا قال : يقول : كل مال أعطيته
عبدا من عبادي قل أو كثر لا يطيعني فيه فلا خير فيه وهو الضنك في المعيشة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : معيشة ضنكا قال : ضيقة
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : معيشة ضنكا قال : الضنك من المعيشة إذا وسع
الله على عبده أن يجعل معيشته من الحرام فيجعله الله عليه ضيقا في نار جهنم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن دينار في قوله : معيشة ضنكا قال : يحول الله رزقه
في الحرام فلا يطعمه إلا رانا حتى يموت فيعذبه عليه
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : معيشة ضنكا قال : العمل
السيء والرزق الخبيث
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : معيشة ضنكا قال : في النار شوك وزقوم وغسلين
والضريع وليس في القبر ولا في الدنيا معيشة ما المعيشة والحياة إلا في الآخرة
وأخرج البيهقي عن مجاهد معيشة ضنكا ضيقة يضيق عليه قبره
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : فإن له معيشة
ضنكا قال : رزقا ونحشره يوم القيامة أعمى قال : عن الحجة قال رب لم حشرتني أعمى
وقد كنت بصيرا قال : في الدنيا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى قال
: تترك في النار
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله : ونحشره يوم القيامة أعمى قال : ليس له
حجة
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله :
(5/609)
ونحشره
يوم القيامة أعمى قال : عمي عليه كل شيء إلا جهنم
وفي لفظ قال : لا يبصر إلا النار
وأخرج هناد عن مجاهد في قوله : لم حشرتني أعمى قال : لا حجة له
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : أتتك آياتنا فنسيتها يقول : تركتها أن تعمل
بها
وكذلك اليوم تنسى قال : في النار
والله أعلم
الآية 127 - 131 أخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله : وكذلك نجزي من أسرف قال :
من أشرك
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : أفلم يهد لهم قال : ألم
نبين لهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : أفلم يهد لهم قال : أفلم نبين لهم كم
أهلكنا قبلهم من القرون يمشزن في مساكنهم نحو عاد وثمود ومن أهلك من الأمم
وفي قوله : ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما وأجل مسمى قال : هذا من مقاديم
الكلام يقول : لولا كلمة من ربك وأجل مسمى لكان لزاما
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : ولولا كلمة سبقت من ربك لكان لزاما قال :
لكان أخذا ولكنا أخرناهم إلى يوم بدر وهو اللزوم وتفسيرها ولولا كلمة سبقت من ربك
لكان لزاما وأجل مسمى لكان لزاما ولكنه تقديم وتأخير في الكلام
(5/610)
وأخرج
ابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : الأجل المسمى الكلمة التي سبقت من ربك لكان
لزاما وأجل مسمى قال : أجل مسمى الدنيا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : لكان لزاما قال :
موتا
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس
في قوله : وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها قال : هي الصلاة المكتوبة
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وسبح
بحمد ربك قبل طلوع الشمس قال : هي صلاة الفجر وقبل غروبها قال : صلاة العصر ومت
آناء الليل قال : صلاة المغرب والعشاء وأطراف النهار قال : صلاة الظهر
وأخرج الطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن جرير عن النبي صلى الله عليه و سلم في
قوله : وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها قال : " قبل طلوع الشمس
صلاة الصبح وقبل غروبها صلاة العصر "
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها
قال : كان هذا قبل أن تفرض الصلاة
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن خزيمة وابن
حبان وابن مردويه عن جرير قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنكم
سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون في رؤيته فإن استطعتم أن لا تغلبوا على
صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا "
ثم قرأ : وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي عن عمارة بن رومية : سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : " لن يلج النار أحد صلى قبل طلوع الشمس وقبل
غروبها "
وأخرج الحاكم عن فضالة بن وهب الليثي أن النبي صلى الله عليه و سلم قال له :
" حافظ على العصرين
قلت : وما العصران ؟ قال : صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها "
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله : ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار قال :
بعد الصبح وعند غروب الشمس
(5/611)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : لعلك ترضى قال : الثواب فيما يزيدك الله على
ذلك
وأخرج عبد بن حميد عن أبي عبد الرحمن أنه قرأ لعلك ترضى برفع التاء
وأخرج ابن أبي شيبة وابن زاهويه والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم وابن مردويه والخرائطي في مكارم الأخلاق وأبو نعيم في المعرفة عن أبي رافع
قال : " أضاف النبي صلى الله عليه و سلم ضيفا ولم يكن عند النبي صلى الله
عليه و سلم ما يصلحه فأرسلني إلى رجل من اليهود أن بعنا أو أسلفنا دقيقا إلى هلال
رجب
فقال : لإ إلا برهن
فأتيت النبي صلى الله عليه و سلم فأخبرته فقال : أما والله إني لأمين في السماء
أمين في الأرض ولو أسلفني أو باعني لأديت إليه اذهب بدرعي الحديد فلما أخرج من
عنده حتى نزلت هذه الآية ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم كأنه يعزيه
عن الدنيا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله : ولا تمدن عينيك الآية
قال : تعزية لرسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن
ما أخوف ما أخاف عليكم ما يفتح الله لكم من زهرة الدنيا
قالوا : وما زهرة الدنيا يا رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال : بركات الأرض
"
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : زهرة الحياة الدنيا قال : زينة الحياة
الدنيا لنفتنهم فيه قال : لنبتليهم فيه ورزق ربك خير وأبقى قال : مما متع به هؤلاء
من زهرة الدنيا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : ورزق ربك خير وأبقى يقول : رزق الجنة
وأخرج المرهبي في فضل العلم عن زياد الصدعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من طلب العلم تكفل الله برزقه "
وأخرج المرهبي عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من غدا في طلب العلم أظلت عليه الملائكة وبورك له في معيشته ولم ينقص من
رزقه وكان عليه مباركا "
(5/612)
الآية
132 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : وأمر أهلك بالصلاة
قال : قومك
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري في قوله : لا نسألك رزقا قال : لا نكلفك
بالطلب
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عروة أنه كان إذا دخل على أهل الدنيا فرأى من
دنياهم طرفا فإذا رجع إلى أهله فدخل الدار قرأ ولا تمدن عينيك إلى قوله : نحن
نرزقك ثم يقول : الصلاة
الصلاة رحمكم الله
وأخرج ابن مردويه وابن عساكر وابن النجار عن أبي سعيد الخدري قال : لما نزلت وأمر
أهلك بالصلاة كان النبي صلى الله عليه و سلم يجيء إلى باب علي صلاة الغداة ثمانية
أشهر يقول : الصلاة رحمكم الله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا الأحزاب آية 33 "
وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن ثابت قال : "
كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا أصابت أهله خصاصة نادى أهله بالصلاة : صلوا
صلوا
" قال ثابت : وكانت الأنبياء إذا نزل بهم أمر فزعوا إلى الصلاة
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد عن معمر عن رجل من قريش قال : " كان
النبي صلى الله عليه و سلم إذا دخل على أهله بعض الضيق في الرزق أمر أهله بالصلاة
ثم قرأ وأمر أهلك بالصلاة
الآية "
وأخرج أبو عبيد وسعيد بن منصور وابن المنذر والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في
الحلية والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح عن عبد الله بن سلام قال : " كان
النبي صلى الله عليه و سلم إذا نزلت بأهله شدة أو ضيق أمرهم بالصلاة وتلا وأمر
أهلك بالصلاة
الآية "
وأخرج مالك والبيهقي عن أسلم قال : كان عمر بن الخطاب يصلي من الليل ما
(5/613)
شاء
الله أن يصلي حتى إذا كان آخر الليل أيقظ أهله للصلاة ويقول لهم : الصلاة
الصلاة
ويتلو هذه الآية : وأمر أهلك بالصلاة
وأخرج ابن أبي شيبة عن هشام بن عروة قال : قال لنا أبي : إذا رأى أحدكم شيئا من
زينة الدنيا وزهرتها فليأت أهله وليأمر أهله بالصلاة وليصطبر عليها فإن الله قال
لنبيه : ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم
وقرأ إلى آخر الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في وله والعاقبة للتقوى قال : هي الجنة
والله أعلم
الآية 133 - 135 أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
مجاهد في قوله : أو لم تأتيهم بينة ما في الصحف الأولى قال : التوراة والإنجيل
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية قال : الهالك في الفترة والمعتوه والمولود يقول : رب
لم يأتني كتاب ولا رسول
وقرأ هذه الآية ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا
رسولا
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : أصحاب الصراط السوي قال : العدل
(5/614)
بسم
الله الرحمن الرحيم
21
- سورة الأنبياء
مكية وآياتها اثنتا عشرة ومائة
مقدمة سورة الأنبياء أخرج النحاس في ناسخه وابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت
سورة الأنبياء بمكة
وأخر البخاري وابن مردويه عن ابن الزبير قال : نزلت سورة الأنبياء بمكة
وأخرج البخاري وابن الضريس عن ابن مسعود قال : بنو إسرائيل والكهف ومريم وطه
والأنبياء هن من العتاق الأول وهن من تلادي
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر عن عامر بن ربيعة أنه نزل به رجل
من العرب وأكرم عامر مثواه وكلم فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم فجاء الرجل
فقال : إني استقطعت رسول الله صلى الله عليه و سلم واديا ما في العرب أفضل منه وقد
أردت أن أقطع لك منه قطعة تكون لك ولعقبك
فقال عامر : لا حاجة لي في قطيعتك نزلت اليوم سورة أذهلتنا عن الدنيا اقترب للناس
حسابهم وهم في غفلة معرضون
الآية 1 - 15
(5/615)
أخرج
ابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله : اقترب للناس
حسابهم وهم في غفلة معرضون قال : " من أمر الدنيا "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله : اقترب للناس حسابهم قال :
ما يوعدون
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ما يأتيهم من ذكر من ربهم يقول
: ما ينزل عليهم شيء من القرآن
وفي قوله : لاهية قلوبهم قال : غافلة
وفي قوله : وأسروا النجوى الذين ظلموا يقول : أسروا الذين ظلموا النجوى
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : وأسروا النجوى قال : أسروا نجواهم بينهم هل
هذا إلا بشر مثلكم يعنون محمد صلى الله عليه و سلم أفتأتون السحر يقولون : إن
متابعة محمد صلى الله عليه و سلم متابعة السحر
وفي قوله : قال ربي يعلم القول قال : الغيب وفي قوله : بل قالوا أضغاث أحلام قال :
أباطيل أحلام
وأخرج ابن منده وأبو نعيم في المعرفة والبيهقي في سننه وابن عدي عن جندب البجلي
أنه قتل ساحرا كان عند الوليد بن عقبة ثم قال : أفتأتون السحر وأنتم تبصرون
(5/616)
وأخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : بل قالوا أضغاث أحلام أي فعل الأحلام
إنما هي رؤيا رآها بل افتراه بل هو شاعر كل هذا قد كان منه فليأتنا بآية كما أرسل
الأولون كما جاء موسى وعيسى بالبينات والرسل ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أي أن
الرسل كانوا إذا جاؤوا قومهم بالآيات فلم يؤمنوا لم ينظروا
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : " قال أهل مكة للنبي صلى الله عليه و سلم : إن
كان ما تقول حقا ويسرك أن نؤمن فحول لنا الصفا ذهبا
فأتاه جبريل فقال : إن شئت كان الذي سألك قومك ولكنه إن كان ثم لم يؤمنوا لم
ينظروا وإن شئت استأنيت بقومك
قال : بل أستأني بقومي "
فأنزل الله ما آمنت قبلهم من قرية أهلكناها أفهم يؤمنون
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : أفهم يؤمنون قال : يصدقون بذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وكا جعلناهم جسدا لا يأكلون الطعام يقول
: لم نجعلهم جسدا ليس يأكلون الطعام إنما جعلناهم جسدا يأكلون الطعام
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وما كانوا خالدين قال : لا بد
لهم من الموت أن يموتوا
وفي قوله : ثم صدقناهم الوعد إلى قوله : وأهلكنا المسرفين قال : هم المشركون
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس
في قوله : لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم قال : فيه شرفكم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :
كتابا فيه ذكركم قال : فيه حديثكم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله :
كتابا فيه ذكركم قال : فيه دينكم أمسك عليكم دينكم بكتابكم
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : كتابا فيه ذكركم يقول : فيه ذكر ما تعنون
به وأمر آخرتكم ودنياكم
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن ابن عباس قال : بعث الله نبيا من
(5/617)
حمير
يقال له شعيب فوثب إليه عبد بعصا فسار إليهم بختنصر فقاتلهم فقتلهم حتى لم يبق
منهم شيء وفيهم أنزل الله وكم أهلكنا من قرية كانت ظالمة إلى قوله : خامدين
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن الكلبي وكم قصمنا من قرية قال : هي
حصون بني أزد
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :
وكم قصمنا من قرية قال : أهلكناها
وفي قوله : لا تركضوا قال : لا تفروا
وفي قوله : لعلكم تسألون قال : تتفهمون
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع في الآية قال : كانوا إذا أحسوا بالعذاب وذهبت عنهم
الرسل من بعد ما أنذروهم فكذبوهم فلما فقدوا الرسل وأحسوا بالعذاب أرادوا الرجعة
إلى الإيمان وركضوا هاربين من العذاب فقيل لهم : لا تركضوا
فعرفوا أنه لا محيص لهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : إذا هم منها يركضون قال : يفرون
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وارجعوا إلى ما
أترفتم فيه يقول : ارجعوا إلى دنياكم التي أترفتم فيها لعلكم تسألون من دنياكم
شيئا استهزاء بهم
وفي قوله : فما زالت تلك دعواهم قال : لما رأوا العذاب وعاينوه لم يكن لهم هجيري
إلا قولهم : إنا كنا ظالمين حتى دمر الله عليهم وأهلكهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : وارجعوا إلى ما أترفتم فيه قال :
ارجعوا إلى دوركم وأموالكم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد فما زالت تلك دعواهم قال : هم أهل حصون كانوا قتلوا
نبيهم فأرسل الله عليهم بختنصر فقتلهم
وفي قوله : حتى جعلناهم حصيدا خامدين قال : بالسيف ضربت الملائكة وجوههم حتى رجعوا
إلى مساكنهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب قال : حدثني رجل من المحررين قال : كان باليمن قريتان
يقال لإحداهما حضور والأخرى فلانة فبطروا وأترفوا حتى كانوا
(5/618)
يغلقون
أبوابهم فلما أترفوا بعث الله إليهم نبيا فدعاهم فقتلوه فألقى الله في قلب بختنصر
أن يغزوهم فجهز إليهم جيشا فقاتلوهم فهزموا جيشه ثم رجعوا منهزمين إليه فجهز إليهم
جيشا آخر أكثف من الأول فهزموهم أيضا فلما رأى بختنصر ذلك غزاهم هو بنفسه فقاتلوه
فهزمهم حتى خرجوا منها يركضون فسمعوا مناديا يقول : لا تركضوا وارجعوا إلى ما
أترفتم فيه ومساكنكم فرجعوا فسمعوا مناديا يقول : يا لثارات النبي فقتلوا بالسيف
فهي التي قال الله : وكم قصمنا من قرية إلى قوله : خامدين
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : حتى جعلناهم حصيدا قال : الحصاد خامدين
قال : كخمود النار إذا طفئت
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : خامدين قال
: ميتين
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول : خلوا
ثيابهن على عوراتهم فهم بأفنية البيوت خمود
الآية 16 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وما خلقنا السماء
والأرض وما بينهما لاعبين يقول : ما خلقناهما عبثا ولا باطلا
الآية 17 - 20 أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله : لو
أردنا أن نتخذ لهوا قال : اللهو الولد
(5/619)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : لو أردنا أن نتخذا لهوا الآية
يقول : لو أردت أن أتخذ ولدا لأتخذت من الملائكة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن في قوله : لو أردنا أن نتخذا لهوا قال :
النساء
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : اللهو بلسان اليمن المرأة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : لو أردنا أن نتخذا لهوا قال :
اللهو بلغة أهل اليمن المرأة
وفي قوله : إن كنا فاعلين أي إن ذلك لا يكون ولا ينبغي
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي في قوله : لو أردنا أن نتخذا لهوا قال :
نساء لأتخذنا من لدنا قال : من الحور العين
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : لو أردنا أن نتخذا لهوا قال : لعبا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : لأتخذنا من لدنا
قال : من عندنا إن كنا فاعلين أي ما كنا فاعلين
يقول : وما خلقنا جنة ولا نارا ولا موتا ولا بعثا ولا حسابا وكل شيء في القرآن إن
فهو إنكار
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
في قوله : بل نقذف بالحق قال : القرآن على الباطل قال : اللبس فإذا هو زاهق قال :
هالك
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن
الحسن رضي الله عنه في قوله : ولكم الويل مما تصفون قال : هي والله لكل واصف كذب
إلى يوم القيامة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ومن عنده قال : الملائكة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي اله عنهما في قوله : ولا يستحسرون يقول : لا
يرجعون
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قول : ولا
يستحسرون قال : لا يحسرون
(5/620)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : ولا يستحسرون قال : لا يعيون
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : ولا يستحسرون قال : لا ينقطعون من العبادة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الشعب عن عبد
الله بن الحارث بن نوفل رضي الله عنه أنه سأل كعبا عن قوله : يسبحون الليل والنهار
لا يفترون أما شغلهم رسالة ؟ أما شغلهم عمل ؟ فقال : جعل لهم التسبيح كما جعل لكم
النفس ألست تأكل وتشرب وتجيء وتذهب وتتكلم وأنت تتنفس ؟ فكذلك جعل لهم التسبيح
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الحسن رضي الله عنه في قوله : يسبحون الليل والنهار
لا يفترون قال : جعلت أنفاسهم تسبيحا
وأخرج أبو الشيخ عن يحيى بن ابي كثير قال : خلق الله الملائكة صمدا ليس لهم أجواف
الآية 21 - 23 أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن المنذر عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله : أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون قال : يحيون
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : أم اتخذوا آلهة من الأرض هم ينشرون قيقول :
ينشرون الموتى من الأرض يقول : يحيونهم من قبورهم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : أم اتخذوا آلهة من الأرض يعني
مما اتخذوا من الحجارة والخشب
وفي قوله : لو كان فيهما آلهة إلا الله قال : لو كان معهما آلهة إلا الله لفسدتا
فسبحان الله رب العرش يسبح نفسه تبارك وتعالى إذا قيل عليه البهتان
(5/621)
وأخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : لا يسأل عما يفعل قال :
بعباده وهم يسألون قال : عن أعمالهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : لا يسأل عما يفعل وهم يسألون قال : لا
يسأل الخالق عما يقضي في خلقه والخلق مسؤولون عن أعمالهم
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن عباس قال : ما في الأرض قوم أبغض إلي من
القدرية وما ذلك إلا لأنهم لا يعلمون قدرة الله تعالى
قال الله : لا يسأل عما يفعل وهم يسألون
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن في بعض ما أنزل الله في الكتب : إني أنا الله لا إله إلا أنا قدرت الخير
والشر فطوبى لمن قدرت على يده الخير ويسرته له وويل لمن قدرت على يده الشر ويسرته
له
إني أنا الله لا إله إلا أنا لا أسأل عما أفعل وهم يسألون فويل لمن قال وكيف
"
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ميمون بن مهران قال : لما بعث
الله موى وكلمه وأنزل عليه التوراة قال : اللهم إنك رب عظيم لو شئت أن تطاع لأطعت
ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى ! فكيف يا رب ؟
فأوحى الله إليه : " إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون "
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن نوف البكالي قال : قال عزير فيما يناجي ربه :
" يا رب تخلق خلقا تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء الأعراف آية 155 فقال له :
يا عزير أعرض عن هذا
فأعاد فقيل له : لتعرضن عن هذا وإلا محوتك من النبوة إني لا أسأل عما أفعل وهم
يسألون "
وأخرج البيهقي عن داود بن أبي هند أن عزيرا سأل ربه عن القدر فقال : سألتني عن
علمي عقوبتك أن لا أسميك في الأنبياء
وأخرج الطبراني من طريق ميمون بن مهران عن ابن عباس قال : لما بعث الله موسى عليه
السلام وأنزل عليه التوراة قال : اللهم إنك رب عظيم ولو شئت أن تطاع لأطعت ولو شئت
أن لا تعصى ما عصيت وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك
(5/622)
تعصى
فكيف يا رب ! ؟ فأوحى الله إليه : إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون
فانتهى موسى
فلما بعث الله عزيرا وأنزل عليه التوراة بعد ما كان رفعها عن بني إسرائيل حتى قال
: من قال : إنه ابن الله ؟ قال : اللهم إنك رب عظيم ولو شئت أن تطاع لأطعت ولو شئت
أن لا تعصى ما عصيت وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى فكيف يا رب ! ؟ فأوحى الله
إليه أني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون
فأبت نفسه حتى سأل أيضا فقال : أتستطيع أن تصر صرة من الشمس ؟ قال : لا
قال : أفتستطيع أن تجيء بمكيال من ريح ؟ قال : لا
قال : أفتستطيع أن تجيء بمكيال من ريح ؟ قال : لا
قال : أفتستطيع أن تجيء بمثقال من نور ؟ قال : لا
قال : أفتستطيع أن تجيء بقيراط من نور ؟ قال : لا
قال : فهكذا إن لا تقدر على الذي سألت إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون أما إني لا
أجعل عقوبتك إلا أن أمحو اسمك من الأنبياء فلا تذكر فيهم
فمحي اسمه من الأنبياء فليس يذكر فيهم وهو نبي
فلما بعث الله عيسى ورأى منزلته من ربه وعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل
ويبرئ الأكمه والأبرص ويحيي الموتى قال : اللهم إنك رب عظيم لو شئت أن تطاع لأطعت
ولو شئت أن لا تعصى ما عصيت وأنت تحب أن تطاع وأنت في ذلك تعصى ! فكيف يا رب ؟
فأوحى الله إليه : إني لا أسأل عما أفعل وهم يسألون وأنت عبدي ورسولي وكلمتي
ألقيتك إلى مريم وروح مني خلقتك من تراب ثم قلت لك كن فكنت لئن لم تنته لأفعلن بك
كما فعلت بصاحبك بين يديك
إني لا أسال عما أفعل وهم يسألون
فجمع عيسى من تيعه وقال : القدر سر الله فلا تكلفوه
الآية 24 - 25 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : أم
اتخذوا من دونه آلهة قل هاتوا برهانكم يقول : هاتوا بينتكم على ما تقولون هذا ذكر
من
(5/623)
معي
يقول : هذا القرآن فيه ذكر الحلال والحرام وذكر من قبلي يقول : فيه ذكر أعمال
الأمم السالفة وما صنع الله بهم وإلى ما صاروا بل أكثرهم لا يعلمون الحق فهم
معرضون عن كتاب الله وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا
فاعبدون قال : أرسلت الرسل بالإخلاص والتوحيد لله لا يقبل منهم حتى يقولوه ويقروا
به والشرائع تختلف في التوراة شريعة وفي الإنجيل شريعة وفي القرآن شريعة حلال
وحرام فهذا كله في الإخلاص لله وتوحيد الله
الآية 27 - 30 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : قالت
اليهود : إن الله عز و جل صاهر الجن فكانت بينهم الملائكة
فقال الله تكذيبا لهم بل عباد مكرمون أي الملائكة ليس كا قالوا بل هم عباد أكرمهم
الله بعبادته لا يسبقونه بالقول يثني عليهم ولا يشفعون قال : لا تشفع الملائكة يوم
القيامة إلا لمن ارتضى قال : لأهل التوحيد
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : إلا
لمن ارتضى قال : لمن رضي عنه
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في قوله : إلا لمن ارتضى قال : قول لا
إله إلا الله
واخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله : إلا لمن ارتضى قال : الذين ارتضاهم لشهادة أن لا إله إلا الله
(5/624)
وأخرج
الحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن جابر رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم تلا قول الله ولا يشفعون إلا لمن ارتضى فقال : " إن شفاعتي لأهل
الكبائر من أمتي "
وأخرج ابن أبي حاتم عن جابر رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم :
" ليلة أسري بي مررت بجبريل وهو باملأ الأعلى ملقى كالحلس البالي من خشية
الله "
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : ومن يقل منهم يعني من
الملائكة أني إله من دونه قال : ولم يقل ذلك أحد من الملائكة إلا إبليس دعا إلى
عبادة نفسه وشرع الكفر
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ومن يقل منهم أني
إله من دونه
الآية
قال : إنما كانت هذه خاصة لإبليس
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله : كانتا رتقا ففتقناهما قال : فتقت السماء بالغيث
وفتقت الأرض بالنبات
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : كانتا رتقا قال : لا
يخرج منها شيء ففتقناهما قال : فتقت السماء بالمطر وفتقت الأرض بالنبات
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية من طريق عبد الله بن دينار عن
ابن عمر رضي الله عنهما : أن رجلا أتاه فسأله عن السموات والأرض كانتا رتقا
ففتقناهما قال : اذهب إلى ذلك الشيخ فاسأله ثم تعال فأخبرني ما قال
فذهب إلى ابن عباس فسأله قال : نعم كانت السماء رتقاء لا تمطر وكانت الأرض رتقاء
لا تنبت فلما خلق الله الأرض فتق هذه بالمطر وفتق هذه بالنبات
فرجع الرجل على ابن عمر فأخبره فقال ابن عمر : الآن علمت أن ابن عباس قد أوتي في
القرآن علما صدق ابن عباس هكذا كانت
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : كانتا رتقا قال : ملتصقتين
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد حميد وابن المنذر وأبو الشيخ عن عكرمة قال : سئل
ابن عباس عن الليل كان قبل أم النهار ؟ قال : الليل
ثم قرأ
(5/625)
إن
السموات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما فهل تعلمون كان بينهما إلا ظلمة
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة
عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : كانتا رتقا ففتقناهما قال : فتق من الأرض ست
أرضين معها فتلك سبع أرضين بعضهن تحت بعض ومن السماء سبع سموات منها معها فتلك سبع
سموات بعضهن فوق بعض ولم تكن الأرض والسماء مماستين
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن أبي صالح
رضي الله عنه في قوله : كانتا رتقا ففتقناهما قال : كانت السماء واحدة ففتق منها سبع
سموات وكانت الأرض واحدة ففتق منها سبع أرضين
وأخرج ابن المنذر وابن ابي حاتم عن الحسن وقتادة في قوله : كانتا رتقا ففتقناهما
قال : كانتا جمعا ففصل الله بينهما بهذا الهواء
وأخرج أبو الشيخ عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : كانت السموات والأرضون
ملتزقتين فلما رفع الله السماء وابتزها من الأرض فكان فتقها الذي ذكر الله
وأخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في
الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " قلت : يا رسول الله إني
إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني فأنبئني عن كل شيء قال : كل شيء خلق من الماء
"
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي
العالية رضي الله عنه في قوله : وجعلنا من الماء كل شيء حي قال : نطفة الرجل
وأخرج ابن ابي حاتم عن الحسن رضي اله عنه في قوله : وجعلنا من الماء كل شيء حي قال
: خلق كل شيء من الماء وهو حياة كل شيء
الآية 31 - 33
(5/626)
أخرج
ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وجعلنا فيها فجاجا
سبلا قال : بين الجبال
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : فجاجا أي أعلاما
سبلا أي طرقا
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله : وجعلنا السماء سقفا محفوظا قال :
مرفوعا وهم عن آياتها معرضون قال : الشمس والقمر والنجوم من آيات السماء
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة " أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه و سلم ما
يوم الجمعة ؟ قال : خلق الله في ساعتين منه الليل والنهار "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
كل في فلك قال : دوران يسبحون قال : يجرون
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله : كل في فلك قال : فلكة كفلكة المغزل يسبحون قال : يدورون في أبواب السماء ما
تدور الفلكة في المغزل
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله : كل في فلك قال : هو فلك السماء
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن حسان بن عطية قال : الشمس والقمر والنجوم مسخرة
في فلك بين السماء والأرض
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : كل في فلك قال :
الفلك الذي بين السماء والأرض من مجاري النجوم والشمس والقمر
وفي قوله : يسبحون قال : يجرون
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الكلبي رضي الله عنه قال : كل شيء يدور فهو فلك
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : كل في
(5/627)
فلك
يسبحون النجوم والشمس والقمر
قال : كفلكة المغزل قال : هو مثل حسبان قال : فلا يدور الغزل إلا بالفلكة ولا تدور
الفلكة إلا بالمغزل ولا يدور الرحى إلا بالحسبان ولا يدور الحسبان إلا بالرحى كذلك
النجوم والشمس والقمر لا يدرن إلا به ولا يدور إلا بهن قال : والحسبان والفلك
يصيران إلى شيء واحد غير أن الحسبان في الرحى كالفلكة في المغزل
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله : كل في فلك قال : الفلك كهيئة حديدة الرحى
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة كل في فلك يسبحون قال : يجرون
في فلك السماء كما رأيت
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه كل في فلك يسبحون قال : هو الدوران
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه كل في فلك يسبحون قال : المغزل قال كما
تدور الفلكة في المغزل
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه كل في فلك يسبحون قال : وكان عبد الله
يقرأ " كل في فلك يعملون "
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : كل في فلك يسبحون قال : يجرون
الآية 34 أخرج ابن المنذر عن جريج قال : لما نعى جبريل للنبي صلى الله عليه و سلم
نفسه قال : يا رب فمن لأمتي فنزلت وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد
الآية
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنه قال : لما قبض رسول الله صلى الله
عليه و سلم كان أبو بكر رضي الله عنه في ناحية المدينة فجاء فدخل على رسول الله
صلى الله عليه و سلم وهو مسجى فوضع فاه على جبين رسول الله صلى الله عليه و سلم
وجعل يقبله ويبكي ويقول : بأبي وأمي طبت حيا وطبت ميتا فلما خرج مر بعمر بن الخطاب
رضي الله عنه وهو
(5/628)
يقول
: ما مات رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا يموت حتى يقتل الله المنافقين وحتى
يخزي الله المنافقين
قال : وكانوا قد استبشروا بموت النبي صلى الله عليه و سلم فرفعوا رؤوسهم فقال :
أيها الرجل اربع على نفسك فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد مات
ألم تسمع الله يقول : إنك ميت وإنهم ميتون الزمر آية 30 وقال : وما جعلنا لبشر من
قبلك الخلد أفإن مت فهم الخالدون قال : ثم أتى المنبر فصعده فحمد الله وأثنى عليه
ثم قال : أيها الناس إن كان محمد صلى الله عليه و سلم إلهكم الذي تعبدون فإن محمدا
قد مات وإن كان إلهكم الذي في السماء فإن إلهكم لم يمت ثم تلا وما محمد إلا رسول
قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم آل عمران آية 144 حتى
ختم الآية
ثم نزل وقد استبشر المسلمون بذلك واشتد فرحهم وأخذت المنافقين الكآبة
قال عبد الله بن عمر : فوالذي نفسي بيده لكأنما كانت على وجوهنا أغطية فكشفت
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عائشة قالت : دخل أبو بكر
على النبي صلى الله عليه و سلم وقد مات فقبله وقال : وانبياه !
واخليلاه !
واصفياه !
ثم تلا وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد الآية
وقوله : إنك ميت وإنهم ميتون
الآية 35 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم واللالكائي في السنة عن ابن
عباس في قوله : ونبلوكم بالشر والخير فتنة قال : نبتليكم بالشدة والرخاء والصحة
والسقم والغنى والفقر والحلال والحرام والطاعة والمعصية والهدى والضلالة
والله أعلم
الآية 36
(5/629)
أخرج
ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : " مر النبي صلى الله عليه و سلم
على أبي سفيان وأبي جهل وهما يتحدثان فلما رآه أبو جهل ضحك وقال لأبي سفيان : هذا
نبي بني عبد مناف
فغضب أبو سفيان فقال : ما تنكرون أن يكون لبني عبد مناف نبي
فسمعها النبي صلى الله عليه و سلم فرجع إلى أبي جهل فوقع به وخوفه وقال : ما أراك
منتهيا حتى يصيبك ما أصاب عمك
وقال لأبي سفيان : أما إنك لم تقل ما قلت إلا حمية " فنزلت هذه الآية وإذا رآك
الذين كفروا إن يتخذونك إلا هزوا الآية
الآية 37 - 38 أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال : لما
نفخ في آدم الروح ماد في رأسه فعطس فقال : الحمد لله
فقالت الملائكة : يرحمك الله فذهب لينهض قبل أن تمور في رجليه فوقع فقال الله :
خلق الإنسان من عجل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : أول ما نفخ فيه
الروح نفخ في رأسه ثم في ركبتيه فذهب ليقوم قال : خلق الإنسان من عجل
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ
في العظمة عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : خلق الإنسان من عجل قال : آدم حين خلق
بعد كل شيء آخر النهار من يوم خلق الخلق فلما أجرى الروح في عينيه ولسانه ورأسه
ولم يبغ أسفله قال : يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : نفخ الرب تبارك وتعالى الروح في نافوخ آدم
فأبصر ولم يعقل حتى إذا بلغ الروح قلبه ونظر فرأى الجنة ففعرف أنه إن قام دخلها
ولم يبلغ الروح أسفله فتحرك فذلك قوله تعالى : خلق الإنسان من عجل
(5/630)
وأخرج
عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : خلق الإنسان من
عجل قال : خلق عجولا
والله أعلم
الآية 39 - 41 أخرج البخاري ومسلم عن عدي بن حاتم أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " ما منكم أحد إلا سيكلمه الله يوم القيامة ليس بينه وبينه حجاب يحجبه
ولا ترجمان يترجم له فيقول : ألم أوتك مالا ؟ فيقول : بلى
فيقول : ألم أرسل إليك رسولا ؟ فيقول : بلى
فينظر عن يمينه فلا يرى إلا النار وينظر عن يساره فلا يرى إلا النار وينظر بين
يديه فلا يرى إلا النار فليتق أحدكم النار ولو بشق تمرة فإن لم يجد فبكلمة طيبة
"
الآية 42 - 46 أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : قل من يكلؤكم قال
: يحرسكم
وفي قوله : ولا هم منا يصحبون قال : لا ينصرون
(5/631)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ولا هم منا يصحبون قال : لا ينصرون
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : فل من يكلؤكم قال : يحفظكم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ولا هم منا يصحبون قال : لا
يجارون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : ولا هم منا يصحبون قال : لا
يمنعون
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا لا
يستطيعون نصر أنفسهم يعني الآلهة ولا هم منا يصحبون يقول : لا يصحبون من الله بخير
وفي قوله : أفلا يرون أنا نأتي الأرض ننقصها من أطرافها قال : كان الحسن يقول :
ظهور النبي صلى الله عليه و سلم على من قاتله أرضا أرضا وقوما وقوما وقوله : أفهم
الغالبون أي ليسوا بغالبين ولكن الرسول هو الغالب
وفي قوله : قل إنما أنذركم بالوحي أي بهذا القرآن ولا يسمع الصم الدعاء إذا ما
ينذرون يقول : إن الكافر أصم عن كتاب الله لا يسمعه ولا ينتفع به ولا يعقله كما
يسمعه أهل الإيمان
وفي قوله : ولئن مستهم نفحة يقول : لئن أصابتهم عقوبة
الآية 47 أخرج أحمد والترمذي وابن جرير في تهذيبه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة أن رجلا قال : " يا رسول الله إن لي
مملوكين يكذبونني ويخونونني ويعصونني وأضربهم وأشتمهم فكيف أنا منهم ؟ فقال له
رسول الله صلى الله عليه و سلم : يحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك وعقابك إياهم فإن كان
عقابك إياهم دون ذنوبهم كان فضلا لك وإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافا لا
لك ولا عليك وإن عقابك إياك فوق ذنوبهم اقتص لهم منك
(5/632)
الفضل
فجعل الرجل يبكي ويهتف فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أما تقرأ كتاب الله
ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل
أتينا بها وكفى بنا حاسبين فقال الرجل : يا رسول الله ما أجد لي ولهم شيئا خيرا من
مفارقتهم
أشهدك أنهم أحرار "
وأخرج الحكيم الترمذي ي نوادر الأصول وابن أبي حاتم عن رفاعة بن رافع الزرقي قال :
" قال رجل : يا رسول الله كيف ترى في رقيقنا نضربهم ؟ فقال : توزن ذنوبهم
وعقوبتكم إياهم فإن كانت عقوبتكم أكثر من ذنوبهم أخذوا منكم
قال : أفرأيت سبنا إياهم ؟ قال : توزن ذنوبهم وأذاكم إياهم فإن كان أذاكم إياهم
أكثر أعطوا منكم
قال : أرأيت يا رسول الله ولدي أضربهم ؟ قال : إنك لا تتهم في ولدك ولا تطيب نفسك
تشبع ويجوعون وتكسى ويعرون "
وأخرج الحكيم عن زيد بن أسلم قال : " قال رجل : يا رسول الله ما تقول في ضرب
المماليك ؟ قال : إن كان ذلك في كنهه وإلا أقيد منكم يوم القيامة
قيل : يا رسول الله ما تقول في سبهم ؟ قال : مثل ذلك
قال : يا رسول الله فإنا نعاقب أولادنا ونسبهم ! قال : إنهم ليسوا أولادكم ; لأنكم
لا تتهمون على أولادكم "
وأخرج الحكيم عن زياد بن أبي زياد قال : " قال رجل : يا رسول الله صلى الله
عليه و سلم إن لي مالا وإن لي خدما وإني أغضب فأعرم وأشتم وأضرب
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : توزن ذنوبه بعقوبتك فإن كانت سواء فلا لك
ولا عليك وإن كانت العقوبة أكثر فإنما هو شيء يؤخذ من حسناتك يوم القيامة
فقال الرجل : أوه
أوه !
يؤخذ من حسناتي ؟ ! أشهدك يا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن مماليكي أحرار أنا
لا أمسك شيئا يؤخذ من حسناتي له
قال : فحسبت ماذا ؟ ألم تسمع إلى قوله تعالى : ونضع الموازين القسط الآية "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والبيهقي في البعث عن ابن مسعود قال : يجاء
بالناس يوم القيامة إلى الميزان فيتجادلون عنده أشد الجدال
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : ونضع الموازين القسط
الآية
قال : هو كقوله : والوزن يومئذ الحق الأعراف آية 8
(5/633)
وأخرج
سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد أنه كان يقرأ "
وإن كان مثقال حبة من خردل آتينا بها " بمد الألف
قال : جازينا بها
وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم بن أبي النجود أنه كان يقرأ وإن كان مثقال حبة من خردل
أتينا بها على معنى جئنا بها لا يمد أتينا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : وإن كان مثقال حبة قال : وزن حبة
وفي قوله : وكفى بنا حاسبين قال : محصين
الآية 48 - 50 أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن عباس أنه كان يقرأ ولقد
آتينا موسى وهرون الفرقان وضياء ويقول : خذوا هذه الواو واجعلوها ههنا والذين قال
لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم
الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ولقد آتينا
موسى وهارون الفرقان وضياء قال : انزعوا هذه الواو واجعلوها في الذين يحملون العرش
من حوله غافر آية 7
وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان قال : التوراة
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله : ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان قال : الفرقان
التوراة حلالها وحرامها مما فرق الله بين الحق والباطل
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان قال :
الفرقان الحق آتاه الله موسى وهارون فرق بينهما وبين فرعون فصل بينهم بالحق
وقرأ وما أنزلنا على عبدنا يوم الفرقان الأنفال آية 41 قال : يوم بدر
(5/634)
وأخرج
الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن الحسن عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" قال الله تبارك وتعالى : وعزتي لأجمع على عبدي خوفين ولا أجمع له أمنين فمن
خافني في الدنيا أمنته في الآخرة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وهذا ذكر مبارك
أنزلناه أي هذا القرآن
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران قال : خصلتان فيهما البركة :
القرآن والمطر
وتلا وأنزلنا من السماء ماء وهذا ذكر مبارك والله أعلم
الآية 51 - 56 أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم عن مجاهد في قوله : ولقد آتينا إبراهيم رشده قال : هديناه صغيرا
وفي قوله : ما هذه التماثيل قال : الأصنام
وأخرج ابن جرير عن قتادة في قوله : ولقد آتينا إبراهيم رشده يقول : آتيناه هداه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : التي أنتم لها عاكفون قال :
عابدون
وفي قوله : قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين أي على دين وإنا متبعوهم على ذلك
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي وابن المنذر وابن
أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن علي بن أبي طالب أنه مر على قوم
(5/635)
يلعبون
بالشطرنج فقال : ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون ؟ لأن يمس أحدكم جمرا حتى
يطفأ خير له من أن يمسها
وأخرج ابن عساكر عن علي قال : لا يسلم على أصحاب النردشير والشطرنج
الآية 57 - 67 وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : لما خرج قوم إبراهيم إلى
عيدهم مروا عليه فقالوا : يا إبراهيم ألا تخرج معنا ؟ قال : إني سقيم وقد كان
بالأمس قال : تالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين فسمعه ناس منهم فلما خرجوا
انطلق إلى أهله فأخذ طعاما ثم انطلق إلى آلهتهم فقربه إليهم فقال : ألا تأكلون ؟
فكسرها إلا كبيرهم ثم ربط في يده الذي كسر به آلهتهم فلما رجع القوم من عيدهم
دخلوا فإذا هم بآلهتهم قد كسرت وإذا كبيرهم في يده الذي كسر به الأصنام قالوا : من
فعل هذا بآلهتنا ؟ فقال الذين سمعوا إبراهيم قال : تالله لأكيدن أصنامكم سمعنا فتى
يذكرهم
فجادلهم عند ذاك إبراهيم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : تالله
لأكيدن أصنامكم قال : قول إبراهيم حين استتبعه قومه إلى عيدهم فأبى وقال : إني
سقيم فسمع منه وعيده أصنامهم رجل منهم استأخر وهو الذي
(5/636)
قال
: سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم وجعل إبراهيم الفأس التي أهلك بها أصنامهم
مسندة إلى صدر كبيرهم الذي ترك
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة أن أبا إبراهيم خليل الرحمن كان يعمل هذه
الأصنام ثم يشكها في حبل ويحمل إبراهيم على عنقه ويدفع إليه المشكوك يدرو يبيعها
فجاء رجل يشتري فقال له إبراهيم : ما تصنع بهذا حين تشتريه ؟ قال : اسجد له
قال له إبراهيم : أنت شيخ تسجد لهذا الصغير ! إنما ينبغي للصغير أن يسجد للكبير
فعندها قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : تالله لأكيدن
أصنامكم قال : ترى أنه قال ذلك من حيث لا يسمعون فجعلهم جذاذا قال : قطعا إلا
كبيرا لهم يقول : إلا كبير آلهتهم وأنفسها وأعظمها في أنفسهم
لعلهم إليه يرجعون قال : كايدهم بذلك لعلهم يتذكرون أو يبصرون
وفي قوله : قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون قال : كرهوا أن يأخذوه
بغير بينة
وفي قوله : أنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم
إلى قوله : أنتم الظالمون قال : وهذه هي الخصلة التي كايدهم بها ثم نكسوا على
رؤوسهم قال : أدركت القوم غيرة سوء فقالوا : لقد علمت ما هؤلاء ينطقون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : جذاذا قال :
حطاما
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : جذاذا قال : فتاتا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : بل فعله كبيرهم هذا قال : عظيم
آلهتهم
وأخرج أبو داود والترمذي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " لم يكذب إبراهيم في شيء قط إلا في ثلاث كلهن في
الله : قوله إني سقيم ولم يكن سقيما وقوله لسارة أختي وقوله : بل فعله كبيرهم هذا
"
وأخرج أبو يعلى عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " يأتي الناس
إبراهيم فيقولون له : اشفع لنا إلى ربك
فيقول : إني كذبت ثلاث كذبات
فقال النبي
(5/637)
صلى
الله عليه و سلم : ما منها كذبة إلا ما حل بها عن دين الله قوله : إني سقيم
الصافات آية 89 وقوله : بل فعله كبيرهم هذا وقوله لسارة أنها أختي "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله : فرجعوا إلى أنفسهم قال : نظر
بعضهم إلى بعض
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد ثم نكسوا على رؤوسهم قال : في الرأي
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله : أف يعني الرديء من الكلام
الآية 68 - 73 أخرج ابن جرير عن مجاهد قال : تلوت هذه الآية على عبد الله بن عمر
فقال : أتدري يا مجاهد من الذي أشار بتحريق إبراهيم بالنار ؟ قلت : لا
قال : رجل من أعراب فارس يعني الأكراد
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما جمع لإبراهيم عليه السلام ما جمع وألقي
في النار جعل خازن المطر يقول : متى أومر بالمطر فأرسله ؟ فكان أمر الله أسرع قال
الله : كوني بردا وسلاما فلم يبق في الأرض نار إلا طفئت
وأخرج أحمد والطبراني وأبو يعلى وابن أبي حاتم عن عائشة أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : " إن إبراهيم حين ألقي في النار لم تكن في الأرض دابة إلا
تطفئ عنه النار غير الوزغ فإنه كان ينفخ على إبراهيم " فأمر رسول الله صلى
الله عليه و سلم بقتله
(5/638)
وأخرج
ابن مردويه عن أم شريك أن النبي صلى الله عليه و سلم أمر بقتل الأوزاغ وقال :
" كانت تنفخ على إبراهيم صلى الله عليه و سلم "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف أخبرنا معمر عن قتادة عن بعضهم عن النبي صلى الله عليه
و سلم قال : " كانت الضفدع تطفئ النار عن إبراهيم وكانت الوزغ تنفخ عليه ونهى
عن قتل هذا وأمر بقتل هذا "
وأخرجه ابن المنذر فقال : أخبرنا أبو سعيد الشامي عن أبان عن أنس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " لا تسبوا الضفدع فإنه صوته تسبيح وتقديس وتكبير
إن البهائم استأذنت ربها في أن تطفئ النار عن إبراهيم فأذن للضفادع فتراكبت عليه
فأبدلها الله بحر النار برد الماء "
وأخرج أبو يعلى وأبو نعيم وابن مردويه والخطيب عن أبي هريرة قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " لما ألقي إبراهيم في النار قال : اللهم إنك في
السماء واحد وأنا في الأرض واحد أعبدك "
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن المنذر عن ابن عمرو قال : أول كلمة قالها
إبراهيم حين ألقي في النار حسبنا الله ونعم الوكيل
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن كعب قال : ما أحرقت النار من إبراهيم
إلا وثاقه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن المنهال بن عمرو قال : أخبرت أن إبراهيم ألقي في
النار فكان فيها إما خمسين وإما أربعين قال : ما كنت أياما وليالي قط أطيب عيشا إذ
كنت فيها وددت أن عيشي وحياتي كلها مثل عيشي إذ كنت فيها
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : لما ألقي إبراهيم خليل الرحمن في النار قال
الملك خازن المطر : يا رب إن خليلك إبراهيم رجا أن يؤذن له فيرسل المطر فكان أمر
الله أسرع من ذلك فقال : يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم فلم يبق في الأرض
نار إلا طفئت
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال : الذي قال حرقوه هبون
فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله : قلنا يا نار قال : كان جبريل هو
الذي قالها
(5/639)
وأخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لو لم يتبع
بردها سلاما لمات إبراهيم من بردها فلم يبق في الأرض يومئذ نار إلا طفئت ظننت أنها
هي تعنى
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر عن علي في
قوله : قلنا يا نار كوني بردا وسلاما قال : لولا أنه قال : وسلاما لقتله بردها
وأخرج ابن أبي حاتم عن شمر بن عطية قال : لما أرادوا أن يلقوا إبراهيم في النار
نادى الملك الذي يرسل المطر : رب خليلك رجا أن يؤذن له فيرسل المطر فقال الله : يا
نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم فلم يبق في الأرض يومئذ نار إلا بردت
وأخرج أحمد في الزهد وعبد بن حميد من طريق أبي هلال عن بكر بن عبد الله المزني قال
: لما أرادوا أن يلقوا إبراهيم في النار جاءت عامة الخليقة فقالت : " يا رب
خليلك يلقى في النار فائذن لنا نطفئ عنه
قال : هو خليلي ليس لي في الأرض خليل غيره وأنا آلهه ليس له إله غيري فإن استغاثكم
فأغيثوه وإلا فدعوه " قال : وجاء ملك القطر قال : " يا رب خليلك يلقى في
النار فائذن لي أن أطفئ عنه بالقطر
قال : هو خليلي ليس لي في الأرض خليل غيره وأنا آلهه ليس له إله غيري فإن استعان
بك فأعنه وإلا فدعه "
قال : فلما ألقي في النار دعا بدعاء نسيه أبو هلال فقال الله عز و جل : يا نار
كوني بردا وسلاما على إبراهيم قال : فبردت في المشرق والمغرب فما أنضجت يومئذ
كراعا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : قال كعب : ما انتفع أحد
من أهل الأرض يومئذ بنار ولا أحرقت النار يومئذ شيئا إلا وثاق إبراهيم
وقال قتادة : لم تأت دابة يومئذ إلا أطفأت عنه النار إلا الوزغ
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : يذكرون أن جبريل كان مع إبراهيم في النار يمسح
عنه العرق
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية قال : لما ألقي إبراهيم في النار قعد فيها
(5/640)
فأرسلوا
إلى ملكهم فجاء ينظر متعجبا
! فطارت منه شرارة فوقعت على إبهام رجله فاشتعل كما تشتعل الصوفة
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : خرج إبراهيم من النار يعرق لم تحرق النار إلا
وثاقه فأخذوا شيخا منهم فجعلوه على نار كذلك فاحترق
وأخرج عبد بن حميد عن سليمان بن صرد
وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه و سلم أن إبراهيم لما أرادوا أن يلقوه في النار
جعلوا يجمعون له الحطب فجعلت المرأة العجوز تحمل على ظهرها فيقال لها : أين تريدين
؟ فتقول : أذهب إلى هذا الذي يذكر آلهتنا
فلما ذهب به ليطرح في النار قال : إني ذاهب إلى ربي سيهدين الصافات آية 99 فلما
طرح في النار قال : حسبي الله ونعم الوكيل
فقال الله : يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم فقال أبو لوط - وكان عمه - إن
النار لم تحرقه من أجل قرابته مني
فأرسل الله عنقا من النار فأحرقته
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير عن علي بن أبي طالب في قوله : قلنا يا نار
كوني بردا قال : بردت عليه حتى كانت تؤذيه حتى قيل : وسلاما قال : لا تؤذيه
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لو لم يقل : وسلاما لقتله البرد
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : إن أحسن شيء قاله أبو إبراهيم
لما رفع عنه الطبق وهو في النار وجده يرشح جبينه فقال عند ذلك : نعم الرب ربك يا
إبراهيم
وأخرج ابن جرير عن شعيب الجبائي قال : ألقي إبراهيم في النار وهو ابن ست عشرة سنة
وذبح إسحق وهو ابن سبع سنين
وأخرج ابن جرير عن معتمر بن سليمان التيمي عن بعض أصحابه قال : جاء جبريل إلى
إبراهيم وهو يوثق ليلقى في النار قال : يا إبراهيم ألك حاجة ؟ قال : أما إليك فلا
وأخرج ابن جرير عن أرقم أن إبراهيم عليه السلام قال : حين جعلوا يوثقونه
(5/641)
ليلقوه
في النار : " لا إله إلا أنت سبحانك رب العالمين لك الحمد ولك الملك لا شريك
لك "
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله : قلنا يا نار كوني بردا وسلاما قال :
السلام لا يؤذيه بردها ولولا أنه قال : سلاما لكان البرد أشد عليه من الحر
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله : فأرداوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين قال :
ألقوا شيخا في النار منهم لأن يصيبوا نجاته كما نجا إبراهيم فاحترق
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي مالك في قوله : إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين
قال : الشام
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بن كعب في قوله : إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين
قال : الشام
وما من ماء عذب إلا يخرج من تلك الصخرة التي ببيت المقدس يهبط من السماء إلى
الصخرة ثم يتفرق في الأرض
وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام قال : بالشام من قبور الأنبياء ألفا قبر
وسبعمائة قبر وإن دمشق معقل الناس في آخر الزمان من الملاحم
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال لوط : كان ابن أخي إبراهيم عليهما السلام
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال : لما هرب إبراهيم من كوثي وخرج من النار ولسانه
يومئذ سرياني فلما عبر الفرات من حران غير الله لسانه فقلب عبرانيا حيث عبر الفرات
وبعث ثمرود في نحو أثره وقال : لا تدعوا أحدا يتكلم بالسريانية إلا جئتموني به
فلقوا إبراهيم يتكلم بالعبرانية فتركوه ولم يعرفوا لغته
وأخرج ابن عساكر عن حسان بن عطية قال : أغار ملك نبط على لوط عليه السلام فسباه
وأهله فبلغ ذلك إبراهيم فأقبل في طلبه في عدة أهل بدر ثلاثمائة وثلاثة عشر فالتقى
هو وتلك النبط في صحراء معفور فعبى إبراهيم ميمنة وميسرة وقلبا وكان أول من عبى
الحرب هكذا فاقتتلوا فهزمهم إبراهيم واستنقذ لوطا وأهله
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية ونجيناه يعني إبراهيم ولوطا إلى
(5/642)
الأرض
التي باركنا فيها للعالمين قال : هي الأرض المقدسة التي بارك الله فيها للعالمين
لأن كل ماء عذب في الأرض منها يخرج يعني من أصل الصخرة التي في بيت المقدس يهبط من
السماء إلى الصخرة ثم يتفرق في الأرض
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن قتادة رضي الله عنه
ونجيناه ولوطا قال : كانا بأرض العراق فانجيا إلى أرض الشام
وكان يقال : الشام عماد دار الهجرة وما نقص من الأرض زيد في الشام وما نقص من
الشام زيد في فلسطين
وكان يقال : هي أرض المحشر والمنشر وفيها ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام وبها
يهلك الله شيخ الضلالة الدجال
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : إلى الأرض التي باركنا فيها قال
: الشام
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب رضي الله عنه في قوله : إلى الأرض التي باركنا فيها قال
: إلى حران
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما ووهبنا له إسحق قال : ولدا ويعقوب
نافلة قال : ابن ابن
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه ووهبنا له إسحق قال : أعطاه ويعقوب نافلة قال : عطية
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الكلبي في الآية قال : دعا بالحق فاستجيب له وزيد
يعقوب
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحكم قال : النافلة ابن الابن
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله :
وجعلناهم أئمة يهدون الآية
قال : جعلهم الله أئمة يقتدى بهم في أمر الله
الآية 74 - 77
(5/643)
أخرج
ابن عساكر عن أبي أمامة الباهلي قال : كان في قوم لوط عشر خصال يعرفون بها : لعب
الحمام ورمي البندق والمكاء والخذف في الأنداء وتسبيط الشعر وفرقعة العلك وإسبال
الإزار وحبس الأقبية وإتيان الرجال والمنادمة على الشراب وستزيد هذه الأمة عليها
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي وابن عساكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
قال : ستة من أخلاق قوم لوط في هذه الأمة : الجلاهق والصفر والبندق والخذف وحل
إزار القباء ومضغ العلك
وأخرج إسحق بن بشر والخطيب وابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " عشر خصال عملتها قوم لوط بها أهلكوا وتزيدها أمتي
بخلة : إتيان الرجال بعضهم بعضا ورميهم بالجلاهق ولعبهم الحمام وضرب الدفوف وشرب
الخمور وقص اللحية وطول الشارب والصفر والتصفيق ولباس الحرير وتزيدها أمتي بخلة :
إتيان النساء بعضهن بعضا "
وأخرج ابن عساكر عن الزبير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " كل سنن قوم لوط قد فقدت إلا ثلاثا : جر نعال السيوف وقصف الأظفار وكشف
العورة "
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله : وأدخلناه في رحمتنا قال : في
الإسلام
الآية 78 - 82
(5/644)
أخرج
الحاكم عن وهب قال : داود بن إيشا بن عويد بن عابر من ولد يهوذا بن يعقوب وكان
قصيرا أزرق قليل الشعر طاهر القلب
وأخرج ابن جرير عن مرة رضي الله عنه في قوله : إذ يحكمان في الحرث قال : كان الحرث
نبتا فنفشت فيه ليلا فاختصموا فيه إلى داود فقضى بالغنم لأصحاب الحرث فمروا على
سليمان فذكروا ذلك له فقال : لا تدفع الغنم
فيصيبون منها ويقوم هؤلاء على حرثهم فإذا عاد كما كان ردوا عليهم فنزلت ففهمناها
سليمان
وأخرج ابن جرير وابن مردويه والحاكم و البيهقي في سننه عن ابن مسعود رضي الله عنه
في قوله : وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم قال : كرم قد
أنبتت عناقيده فأفسدته الغنم فقضى داود بالغنم لصاحب الكرم فقال سليمان : أغير هذا
يا نبي الله ؟ قال : وما ذاك ؟ قال : تدفع الكرم إلى صاحب الغنم فيقوم عليه حتى
يعود كما كان وتدفع الغنم إلى صاحب الكرم فيصيب منها حتى إذا عاد الكرم كما كان
دفعت الكرم لصاحبه ودفعت الغنم إلى صاحبها
فذلك قوله : ففهمناها سليمان
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مسروق قال : الحرث
الذي نفشت فيه غنم القوم إنما كان كرما نفشت فيه غنم القوم فلم تدع فيه ورقة ولا
عنقودا من عنب إلا أكلته فأتوا داود فأعطاهم رقابها فقال سليمان : إن صاحب الكرم
قد بقي له أصل كرمه وأصل أرضه بل تؤخذ الغنم فيعطاها أهل الكرم فيكون لهم لبنها
وصوفها ونفعها ويعطى أهل الغنم الكرم فيعمرونه ويصلحونه حتى يعود كالذي كان ليلة
نفشت فيه الغنم ثم يعطى أهل الغنم غنمهم وأهل الكرم كرمهم
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وداود وسليمان إلى
(5/645)
قوله
: وكنا لحكمهم شاهدين يقول : كنا لما حكما شاهدين وذلك أن رجلين دخلا على داود :
أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم فقال صاحب الحرث : إن هذا أرسل غنمه في حرثي فلم
تبق من حرثي شيئا
فقال له داود : اذهب فإن الغنم كلها لك
فقضى بذلك داود ومر صاحب الغنم بسليمان فأخبره بالذي قضى به داود فدخل سليمان على
داود فقال : يا نبي الله إن القضاء سوى الذي قضيت
فقال : كيف ؟ قال سليمان : إن الحرث لا يخفى على صاحبه ما يخرج منه في كل عام فله
من صاحب الغنم أن ينتفع من أولادها وأصوافها وأشعارها حتى يستوفي ثمن الحرث فإن
الغنم لها نسل كل عام
فقال داود : قد أصبت القضاء كما قضيت
ففهمها الله سليمان
وأخرج ابن جرير وعبد الرزاق عن مجاهد في الآية قال : أعطاهم داود رقاب الغنم
بالحرث وحكم سليمان بجزة الغنم وألبانها لأهل الحرث وعليهم رعاؤها ويحرث لهم أهل
الغنم حتى يكون الحرث كهيئته يوم أكل ثم يدفعونه إلى أهله ويأخذون غنمهم
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : النفش بالليل والهمل بالنهار
ذكر لنا أن غنم القوم وقعت في زرع ليلا فرفع ذلك إلى داود فقضى بالغنم لأصحاب
الزرع فقال سليمان : ليس كذلك ولكن له نسلها ورسلها وعوارضها وجزازها حتى إذا كان
من العام المقبل كهيئته يوم أكل دفعت الغنم إلى أربابها وقبض صاحب الزرع زرعه
قال الله : ففهمناها سليمان
وأخرج ابن جرير عن قتادة والزهري في الآية قال : نفشت غنم في حرث قوم فقضى داود أن
يأخذوا الغنم ففهمها الله سليمان فلما أخبر بقضاء داود قال : لا ولكن خذوا الغنم
ولكم ما خرج من رسلها وأولادها وأصوافها إلى الحول
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : كانت امرأة عابدة من بني إسرائيل وكانت تبتلت المرأة وكان لها
جاريتان جميلتان وقد تبتلت المرأة لا تريد الرجال فقالت إحدى الجاريتين للأخرى :
قد طال علينا هذا البلاء أما هذه فلا تريد الرجال ولا نزال بشر ما كنا لها فلو أنا
فضحناها فرجمت فصرنا إلى الرجال
فأتيا ماء البيض فأتياها وهي ساجدة فكشفتا عن ثوبها ونضحتا في دبرها ماء البيض
وصرختا : إنها قد
(5/646)
بغت
وكان من زنى فيهم حده الرجم فرفعت إلى داود وماء البيض في ثيابها فأراد رجمها فقال
سليمان : ائتوا بنار فإنه إن كان ماء الرجال تفرق وإن كان ماء البيض اجتمع
فأتي بنار فوضعها عليه فاجتمع فدرأ عنها الرجم فعطف داود على سليمان فأحبه
ثم كان بعد ذلك أصحاب الحرث وأصحاب الشياه فقضى داود عليه السلام بالغنم لأصحاب الحرث
فخرجوا وخرجت الرعاة معهم الكلاب فقال سليمان : كيف قضى بينكم ؟ فأخبروه فقال : لو
وليت أمرهم لقضيت بغير هذا القضاء
فقيل لداود عليه السلام : إن سليمان يقول كذا وكذا
فدعاه فقال : كيف تقضي بينهم ؟ فقال : أدفع الغنم إلى أصحاب الحرث هذا العام فيكون
لهم أولادها وسلالها وألبانها ومنافعها ويذر أصحاب الحرث الحرث هذا العام فإذا بلغ
الحرث الذي كان عليه أخذ هؤلاء الحرث ودفعوا إلى هؤلاء الغنم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس نفشت قال : رعت
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله : نفشت قال :
النفش الرعي بالليل
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول لبيد : بدلن بعد النفش الوجيفا
وبعد ول الحزن الصريفا وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي شيبة وأحمد وسعيد بن
منصور وعبد بن حميد وأبو داود وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن
حرام بن محيصة أن ناقة البراء بن عازب دخلت حائطا فأفسدت فيه فقضى فيه رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " على أن على أهل الحوائط حفظها بالنهار وإن ما أفسدت
المواشي بالليل ضامن على أهلها "
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن ناقة البراء بن عازب رضي الله عنه
دخلت حائطا لقوم فأفسدت عليهم فأتوا النبي صلى الله عليه و سلم فقال : على أهل
الحائط حفظ حائطهم بالنهار وعلى أهل المواشي حفظ مواشيهم بالليل ثم تلا هذه الآية
وداود وسليمان الآية
ثم قال : نفشت ليلا "
(5/647)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه أنه قرأ " فأفهمناها سليمان "
وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه قال : كان الحكم بما قضى به سليمان ولم يعب
داود في حكمه
وأخرج عبد الرزاق عن عكرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن
أهون أهل النار عذابا رجل يطأ جمرة يغلي منها دماغه
فقال أبو بكر الصديق رضي الله عنه : وما جرمه يا رسول الله قال : كانت له ماشية
يغشى بها الزرع ويؤذيه وحرم الله الرزع وما حوله غلوة سهم فاحذروا أن لا ؟ يستحب
الرجل ما له في الدنيا ويهلك نفسه في الآخرة "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " بينما إمرأتان معهما ابنان لهما جاء الذئب فأخذ
أحد الابنين فتحاكما إلى داود فقضى له للكبرى فخرجتا فدعاهما سليمان فقال : هاتوا
السكين أشقه بينهما
فقالت الصغرى : يرحمك الله هو ابنها لا تشقه
فقضى به للصغرى
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن امرأة حسناء من بني إسرائيل
راودها عن نفسها أربعة من رؤسائهم فامتنعت على كل واحد منهم فاتفقوا فيما بينهم
عليها فشهدوا عليها عند داود أنها مكنت من نفسها كلبا لها قد عودته ذلك منها فأمر
برجمها
فلما كان عشية ذلك اليوم جلس سليمان واجتمع معه ولدان مثله فانتصب حاكما وتزيا
أربعة منهم بزي أولئك وآخر بزي المرأة وشهدوا عليها بأنها مكنت من نفسها كلبها
فقال سليمان : فرقوا بينهم
فسأل أولهم : ما كان لون الكلب ؟ فقال : أسود
فعزله واستدعى الآخر فسأله عن لونه فقال : أحمر وقال الآخر أغبش وقال الآخر أبيض
فأمر عند ذلك بقتلهم فحكي ذلك لداود فاستدعى من فوره أولئك الأربعة فسألهم متفرقين
عن لون ذلك الكلب فاختلفوا فيه فأمر بقتلهم
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن أبي نجيح قال : قال سليمان عليه السلام : أوتينا ما
أوتي الناس ولم يؤتوا وعلمنا ما علم الناس ولم يعلموا
فلم يجد شيئا أفضل من ثلاث كلمات : الحلم في الغضب والرضا والقصد في الفقر والغنى
وخشية الله في السر والعلانية
(5/648)
وأخرج
أحمد عن يحيى بن أبي كثير قال : قال سليمان عليه السلام لابنه : يا بني إياك وغضب
الملك الظلوم فإن غضبه كغضب ملك الموت
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن خيثمة قال : قال سليمان عليه السلام : جربنا العيش
لينه وشديده فوجدناه يكفي منه أدناه
وأخرج ابن أبي شيبة وأمد عن يحيى بن أبي كثير قال : قال سليمان لابنه : يا بني لا
تكثر الغيرة على أهلك فترمى بالسوء من أجلك وإن كانت بريئة
يا بني إن من الحياء صمتا ومنه وقارا يا بني إن أحببت أن تغيظ عدوك فلا ترفع العصا
عن ابنك
يا بني كما يدخل الوتد بين الحجرين وكما تدخل الحية بين الحجرين كذلك تدخل الخطيئة
بين البيعين
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال : بلغنا أن سليمان قال لابنه : امش وراء الأسد
ولا تمش وراء امرأة
وأخرج أحمد عن يحيى بن أبي كثير قال : قال سليمان لابنه : يا بني إن من سوء العيش
نقلا من بيت إلى بيت
وقال لابنه : عليك بخشية الله فإنها غلبت كل شيء
وأخرج أحمد عن بكر بن عبد الله أن داود عليه السلام قال لابنه سليمان : أي شيء
أبرد وأي شيء أحلى وأي شيء أقرب وأي شيء أقل وأي شيء أكثر وأي شيء آنس وأي شيء
أوحش ؟ قال : أحلى شيء روح الله من عباده وأبرد شيء عفو الله عن عباده وعفو العباد
بعضهم عن بعض
وآنس شيء الروح تكون في الجسد وأوحش شيء الجسد تنزع منه الروح وأقل شيء اليقين
وأكثر شيء الشك وأقرب شيء الآخرة من الدنيا وأبعد شيء الدنيا من الآخرة
وأخرج أحمد عن يحيى بن أبي كثير قال : قال سليمان لابنه : لا تقطعن أمرا حتى تؤامر
مرشدا فإذا فعلت ذلك فلا تحزن عليه
وقال : يا بني ما أقبح الخطيئة مع المسكنة ! وأقبح الضلالة بعد الهدى ! وأقبح من
ذلك رجل كان عابدا فترك عبادة ربه
وأخرج أحمد عن قتادة قال : قال سليمان عليه السلام : عجبا للتاجر : كيف يخلص يحلف
بالنهار وينام بالليل ؟
(5/649)
وأخرج
أحمد عن يحيى بن أبي كثير قال : قال سليمان لابنه : يا بني إياك والنميمة فإنها
كحد السيف
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر من طريق حماد بن سلمة عن حميد الطويل :
أن إياس بن معاوية لما استقضى آتاه الحسن فرآه حزينا فبكى إياس فقال : ما يبكيك ؟
! فقال : يا أبا سعيد بلغني أن القضاة ثلاثة : رجل اجتهد فأخطأ فهو في النار ورجل
مال به الهوى فهو في النار ورجل اجتهد فأصاب فهو في الجنة
فقال الحسن : إن فيما قص الله من نبأ داود ما يرد ذلك
ثم قرأ وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث حتى بلغ وكلا آتينا حكما وعلما فأثنى على
سليمان ولم يذم داود
ثم قال : أخذ الله على الحكام ثلاثة : أن لا يشتروا بآياته ثمنا قليلا ولا يتبعوا
الهوى ولا يخشوا الناس
ثم تلا هذه الآية يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض ص آية 26 الآية وقال فلا
تخشوا الناس واخشون المائدة آية 44 وقال ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا المائدة آية
44
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في
العظمة عن قتادة في قوله : وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير قال : يصلين مع
داود إذا صلى وعلمناه صنعة لبوس لكم قال : كانت صفائح فأول من مدها وحلقها داود
عليه السلام
وأخرج السدي في قوله : وعلمناه صنعة لبوس لكم قال : هي دروع الحديد لتحصنكم من
بأسكم قال : من رتع السلاح فيكم
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ " لنحصنكم " بالنون
وأخرج الفريابي عن سليمان بن حيان قال : كان داود إذا وجد فترة أمر الجبال فسبحت
حتى يشتاق
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " كان
عمر آدم ألف سنة وكان عمر داود ستين سنة
فقال آدم : أي رب زده من عمري أربعين سنة
فأكمل لآدم ألف سنة وأكمل لداود مائة سنة "
(5/650)
وأخرج
ابن أبي شيبة في المصنف وابن أبي الدنيا في ذكر الموت والحاكم وصححه عن ابن عباس
قال : مات داود عليه السلام يوم الست فجأة فعكفت الطير عليه تظله
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : كان سليمان عليه السلام يوضع
له ستمائة ألف كرسي ثم يجيء أشراف الناس فيجلسون مما يليه ثم يجيء أشراف الجن
فيجلسون مما يلي أشراف الإنس ثم يدعو الطير فتظلهم ثم يدعو الريح فتحملهم فيسير
مسيرة شهر في الغداة الواحدة
وأخرج الحاكم عن محمد بن كعب قال : بلغنا أن سليمان عليه السلام كان عسكره مائة
فرسخ خمسة وعشرون منها للإنس وخمسة وعشرون للجن وخمسة وعشرون للوحش وخمسة وعشرون
للطير وكان له ألف بيت من قوارير على الخشب فيها ثلثمائة حرة وسبعمائة سرية فأمر
الريح العاصف فرفعته فأمر الريح فسارت به فأوحى الله إليه " أني أزيد في ملكك
أن لا يتكلم أحد بشيء إلا جاءت الريح فأخبرتك "
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : كان سليمان يأمر الريح
فتجتمع كالطود العظيم ثم يأمر بفراشه فيوضع على أعلى مكان منها ثم يدعو بفرس من
ذوات الأجنحة فترتفع حتى تصعد على فراشه ثم يأمر الريح فترتفع به كل شرف دون
السماء فهو يطأطئ رأسه ما يلتفت يمينا ولا شمالا تعظيما لله وشكرا لما يعلم من صغر
ما هو فيه في ملك الله يضعه الريح حيث يشاء أن يضعه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : كان لسليمان مركب من خشب وكان فيه ألف ركن في
كل ركن ألف بيت يركب معه فيه الجن والإنس تحت كل ركن ألف شيطان يرفعون ذلك المركب
فإذا ارتفع جاءت الريح الرخاء فسارت به وساروا معه فلا يدري القوم إلا قد أظلهم من
الجيوش والجنود
وأخرج ابن عساكر عن السدي في قوله : ولسليمان الريح عاصفة قال : الريح الشديدة
تجري بأمره إلى الأرض التي باركنا فيها قال : أرض الشام
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ولسليمان الريح
الآية
قال : ورث الله لسليمان داود فورثه نبوته وملكه وزاده على ذلك أنه سخر له الرياح والشياطين
(5/651)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه قرأ ولسليمان الريح يقول : سخرنا له الريح
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : ومن الشياطين من يغوصون له قال : يغوصون في
الماء
وأخرج الطبراني والديلمي عن ابن مسعود قال : " ذكر عند النبي صلى الله عليه و
سلم رقية الحية فقال : اعرضها علي
فعرضها عليه بسم الله شجنية قرنية ملحة بحر قفطا
فقال : هذه مواثيق أخذها سليمان على الهوام ولا أرى بها باسا "
وأخرج الحاكم عن الشعبي قال : أرخ بنو إسحق من مبعث موسى إلى ملك سليمان
الآية 83 - 86 أخرج الحاكم من طريق سمرة عن كعب قال : كان أيوب بن أموص نبي الله
الصابر طويلا جعد الشعر واسع العينين حسن الخلق وكان على جبينه مكتوب : المبتلى
الصابر وكان قصير العنق عريض الصدر غليظ الساقين والساعدين كان يعطي الأرامل
ويكسوهم جاهدا ناصحا لله
وأخرج الحاكم عن وهب قال : أيوب بن أموص بن رزاح بن عيص بن إسحق بن إبراهيم الخليل
وأخرج ابن سعد عن الكلبي قال : أول نبي بعث إدريس ثم نوح ثم إبراهيم ثم إسماعيل
وإسحق ثم يعقوب ثم يوسف ثم لوط ثم هود ثم صالح ثم شعيب ثم موسى وهارون ثم إلياس ثم
اليسع ثم يونس ثم أيوب
وأخرج ابن عساكر عن وهب قال : كان أيوب أعبد أهل زمانه وأكثرهم مالا
(5/652)
فكان
لا يشبع حتى يشبع الجائع وكان لا يكتسي حتى يكسي العاري وكان إبليس قد أعياه أمر
أيوب لقوته فلا يقدر عليه وكان عبدا معصوما
وأخرج أحمد في الزهد وابن عساكر عن وهب أنه سئل : ما كانت شريعة قوم أيوب ؟ قال :
التوحيد وإصلاح ذات البين
وإذا كانت لأحد منهم حاجة خر لله ساجدا ثم طلب حاجته
قيل : فما كان ماله ؟ قال : كان له ثلاثة آلاف فدان مع كل فدان عبد مع كل عبد
وليدة ومع كل وليد أتان وأربعة عشرة ألف شاة ولم يبت ليلة له إلا وضيف وراء بابه
ولم يأكل طعامه إلا ومعه مسكين
وأخرج البيهقي في الشعب عن سفيان الثوري قال : ما أصاب إبليس من أيوب في مرضه إلا
الأنين
وأخرج ابن عساكر عن عقبة بن عامر قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم
" قال الله لأيوب : تدري ما جرمك إلي حتى ابتليتك ؟ فقال : لا يا رب
قال : لأنك دخلت على فرعون فداهنت عنده في كلمتين "
وأخرج ابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : إنما كان ذنب أيوب أنه
استعان به مسكين على ظلم يدرؤه عنه فلم يعنه ولم يأمر بمعروف وينه الظالم عن ظلمه
المسكين فابتلاه الله
وأخرج ابن عساكر عن الليث بن سعد قال : كان السبب الذي ابتلي فيه أيوب أنه دخل أهل
قريته على ملكهم - وهو جبار من الجبابرة - وذكر بعض ما كان ظلمه الناس فكلموه
فأبلغوا في كلامه ورفق أيوب في كلامه له مخافة منه لزرعه فقال الله : " اتقيت
عبدا من عبادي من أجل زرعك ؟ " فأنزل الله به ما أنزل من البلاء
وأخرج ابن عساكر عن أبي إدريس الخولاني قال : أجدب الشام فكتب فرعون إلى أيوب : أن
هلم إلينا فإن لك عندنا سعة
فأقبل بخيله وماشيته وبنيه فأقطعهم فدخل شعيب فقال فرعون : أما تخاف أن يغضب غضبة
فيغضب لغضبه أهل السموات والأرض والجبال والبحار ؟ فسكت أيوب فلما خرجا من عنده
أوحى الله إلى أيوب : أوسكت عن فرعون لذهابك إلى أرضه ؟ استعد للبلاء
قال : فديني ؟ قال : أسلمه لك
قال : لا أبالي
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم وابن عساكر عن يزيد بن ميسرة قال : لما
(5/653)
ابتلى
الله أيوب بذهاب المال والأهل والولد فلم يبق له شيء أحسن الذكر والحمد لله رب العالمين
ثم قال : أحمدك رب الذي أحسنت إلي
قد أعطيتني المال والولد لم يبق من قلبي شعبة إلا قد دخلها ذلك فأخذت ذلك كله مني
وفزعت قلبي فليس يحول بيني وبينك شيء لا يعلم عدوي إبليس الذي وصفت إلا حسدني فلقي
إبليس من ذها شيئا منكرا
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم وأبو نعيم في الحلية عن عبد الله بن عبيد بن عمير قال : كان لأيوب أخوان
فجاءا يوما فلم يستطيعا أن يدنوا منه من ريحه فقاما من بعيد فقال أحدهما للآخر :
لو كان الله علم من أيوب خيرا ما ابتلاه بهذا فجزع أيوب من قولهما جزعا لم يجزع من
شيء قط مثله قال : اللهم إن كنت تعلم أني لم أبت ليلة قط شبعا وأنا أعلم مكان جائع
فصدقني
فصدق من في السماء وهما يسمعان ثم خر ساجدا وقال : اللهم بعزتك لا أرفع رأسي حتى
تكشف عني
فما رفع رأسه حتى كشف الله عنه
وأخرح ابن عساكر عن الحسن قال : ضرب أيوب بالبلاء ثم بالبلاء بعد البلاء بذهاب
الأهل والمال ثم ابتلي في بدنه ثم ابتلي حتى قذف في بعض مزابل بني إسرائيل فما
يعلم أيوب دعا الله يوما أن يكشف ما به ليس إلا صبرا وإحتسابا حتى مر به رجلان
فقال أحدهما لصاحبه : لو كان لله في هذا حاجة ما بلغ به هذا كله
فسمع أيوب فشق عليه فقال : رب مسني الضر ثم رد ذلك إلى ربه فقال : وأنت أرحم
الراحمين فاستجبنا له فكشفنا ما به من ضر وآتيناه أهله ومثلهم معهم قال : وآتيناه
أهله في الدنيا ومثلهم معهم في الآخرة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :
وآتيناه أهله ومثلهم معهم قال : قيل له : يا أيوب إن أهلك لك في الجنة فإن شئت
آتيناك بهم وإن شئت تركناهم لك في الجنة وعوضناك مثلهم
قال : لا بل اتركهم لي في الجنة فتركوا له في الجنة وعوض مثلهم في الدنيا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن نوف البكالي في قوله : وآتيناه أهله ومثلهم
معهم قال : إني أدخرهم في الآخرة وأعطي مثلهم في الدنيا
فحدث بذلك مطرف فقال : ما عرفت وجهها قبل اليوم
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن الضحاك قال : بلغ
(5/654)
ابن
مسعود أن مروان قال في هذه الآية : وآتيناه أهله ومثلهم معهم قال : أوتي بأهل غير
أهله فقال ابن مسعود : بل أوتي بأعيانهم ومثلهم معهم
وأخرج ابن المنذر عن الحسن في قوله : وآتيناه أهله ومثلهم معهم قال : لم يكونوا
ماتوا ولكنعم غيبوا عنه فأتاه أهله ومثلهم معهم في الآخرة
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله : وآتيناه أهله ومثلهم معهم قال : أحياهم
بأعيانهم وزاد إليهم مثلهم
وأخرج ابن جرير عن الحسن وقتادة في قوله : وآتيناه أهله ومثلهم معهم قال : أحيا
الله له أهله بأعيانهم وزاده الله مثلهم
وأخرج ابن جرير عن الحسن ومثلهم معهم قال : من نسلهم
وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن قال : ما كان بقي من أيوب عليه السلام إلا عيناه
وقلبه ولسانه فكانت الدواب تختلف في جسده ومكث في الكناسة سبع سنين وأياما
وأخرج أحمد عن نوف البكالي قال : مر نفر من بني إسرائيل بأيوب فقالوا : ما أصابه
ما أصابه إلا بذنب عظيم أصابه
فسمعها أيوب فعند ذلك قال : مسني الضر وأنت أرحم الراحيمن وكان قبل ذلك لا يدعو
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : لقد مكث أيوب مطروحا على كناسة سبع سنين وأشهرا ما
يسأل الله أن يكشف ما به وما على وجه الأرض خلق أكرم من أيوب فيزعمون أن بعض الناس
قال : لو كان لرب هذا فيه حاجة ما صنع به هذا
فعند ذلك دعا
وأخرج ابن جريرعن وهب بن منبه قال : لم يكن بأيوب الأكلة إنما يخرج منه مثل ثدي
النساء ثم يتفقأ
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين قال : إنه
لما مسه الضر أنساه الله الدعاء أن يدعوه فيكشف ما به من ضر غير أنه كان يذكر الله
كثيرا ولا يزيده البلاء في الله إلا رغبة وحسن إيقان فلما انتهى الأجل وقضى الله
أنه كاشف ما به من ضر أذن له في الدعاء ويسره له كان قبل ذلك يقول تبارك وتعالى :
" لا ينبغي لعبدي أيوب أن يدعوني ثم لا أستجيب له "
فلما دعا
(5/655)
استجاب
له وأبدله بكل شيء ذهب له ضعفين رد أهله ومثلهم معهم وأثنى عليه فقال : إنا وجدناه
صابرا نعم العبد إنه أواب
وأخرج ابن جرير عن ليث قال : أرسل مجاهد رجلا يقال له قاسم إلى عكرمة يسأله عن قول
الله لأيوب وآتيناه أهله ومثلهم معهم فقال : قيل له : إن أهلك لك في الآخرة فإن
شئت عجلناهم لك في الدنيا وإن شئت كانوا لك في الآخرة وآتيناك مثلهم في الدنيا
فقال : يكونون في الآخرة وأوتى مثلهم في الدنيا
فرجع إلى مجاهد فقال : أصاب
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي في قوله : رحمة من عندنا وذكرى للعابدين
وقوله : رحمة منا وذكرى لأولي الألباب ص آية 43 قال : إنما هو من أصابه بلاء فذكر
ما أصاب أيوب فليقل : إنه قد أصاب من هو خير مني نبي من الأنبياء
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : بقي أيوب على كناسة لنبي إسرائيل سبع سنين وأشهرا
تختلف فيه الدواب
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : إن أيوب آتاه الله تعالى مالا وولدا وأوسع عليه فله
من الشياه والبقر والغنم والإبل
وإن عدو الله إبليس قيل له : " هل تقدر أن تفتن أيوب ؟ " قال : رب إن
أيوب أصبح في دنيا من مال وولد فلا يستطيع إلا شكرك فسلطني على ماله وولده فسترى
كيف يطيعني ويعصيك
فسلط على ماله وولده فكان يأتي الماشية من ماله من الغنم فيحرقها بالنيران ثم يأتي
أيوب وهو يصلي متشبها براعي الغنم فيقول : يا أيوب تصلي لرب ؟ ما ترك الله لك من
ماشيتك شيئا من الغنم إلا أحرقها بالنيران
وكنت ناحية فجئت لأخبرك
فيقول أيوب : اللهم أنت أعطيت وأنت أخذت مهما يبق شيء أحمدك على حسن بلائك
فلا يقدر منه على شيء مما يريد ثم يأتي ماشيته من البقر فيحرقها بالنيران
ثم يأتي أيوب فيقول له ذلك ويرد عليه أيوب مثل ذلك
وكذلك فعل بالإبل حتى ما ترك له ماشية حتى هدم البيت على ولده فقال : يا أيوب أرسل
الله على ولدك من هدم عليهم البيوت حتى يهلكوا ! فيقول أيوب مثل ذلك
وقال : رب هذا حين أحسنت إلي الإحسان كله قد كنت قبل اليوم يشغلني حب المال
بالنهار ويشغلني حب الولد بالليل
(5/656)
شفقة
عليهم فالآن أفرغ سمعي لك وبصري وليلي ونهاري بالذكر والحمد والتقديس والتهليل
فينصرف عدو الله من عنده ولم يصب منه شيئا مما يريد
ثم إن الله تعالى قال : كيف رأيت أيوب ؟ قال إبليس : إن أيوب قد علم أنك سترد عليه
ماله وولده ولكن سلطني على جسده فإن أصابه الضر فيه أطاعني وعصاك
فسلط على جسده فأتاه فنفخ فيه نفخة أقرح من لدن قرنه إلى قدمه فأصابه البلاء بعد
البلاء حتى حمل فوضع على مزبلة كناسة لبني إسرائيل فلم يبق له مال ولا ولد ولا
صديق ولا أحد يقربه غير رحمة صبرت عليه تصدق عليه وتأتيه بطعام وتحمد الله معه إذا
حمده وأيوب على ذلك لا يفر من ذكر الله والتحميد والثناء على الله والصبر على ما
ابتلاه الله
فصرخ إبليس صرخة جمع فيها جنوده من أقطاء الأرضين جزعا من صبر أيوب فاجتمعوا إليه
وقالوا له : اجتمعنا إليك ما أحزنك ؟ ! ما أعياك ؟ قال : أعياني هذا العبد الذي
سألت ربي أن يسلطني على ماله وولده فلم أدع له مالا ولا ولدا فلم يزدد بذلك إلا
صبرا وثناء على الله تعالى وتحميدا له ثم سلطت على جسده فتركته قرحة ملقاة على
كناسة بني إسرائيل لا تقربه إلا امرأته فقد أفتضحت بربي فاستعنت بكم لتعينوني عليه
فقالوا له : أين مكرك ؟ أين علمك الذي أهلكت به من مضى ؟ قال : بطل ذلك كله في
أيوب فأشيروا علي
قالوا : نشير عليك أرأيت آدم حين أخرجته من الجنة ؟ من ؟ أتيته ؟ قال : من قبل
امرأته
قالوا : فشأنك بأيوب من قبل امرأته فإنه لا يستطيع أن يعصيها وليس أحد يقربه غيرها
قال : أصبتم
فانطلق حتى أتى امرأته وهي تصدق فتمثل لها في صورة رجل فقال : أين بعلك يا أمة
الله ؟ قالت : ها هو ذاك يحك قروه ويتردد الدود في جسده
فلما سمعها طمع أن تكون كلمة جزع فوضع في صدرها فوسوس إليها فذكرها ما كانت فيه من
النعم والمال والدواب وذكرها جمال أيوب وشبابه وما هو فيه من الضر وأن ذلك لا
ينقطع عنهم أبدا
فصرخت فلما صرخت علم أن قد جزعت فأتاه بسخلة فقال : ليذبح هذا إلى أيوب ويبرأ
فجاءت تصرخ : يا أيوب يا أيوب
حتى متى يعذبك ربك ؟ ألا يرحمك ؟ أين المال ؟ أين الشباب ؟ أين الولد ؟ أين الصديق
؟ أين لونك الحسن الذي بلي وتلدد فيه الدواب
؟ اذبح هذه السخلة واسترح
قال : أيوب : أتاك عدو الله فنفخ فيك فوجد فيك رفقا فأجبته ويلك أرأيت ما تبكين
عليه مما تذكرين مما كنا فيه من
(5/657)
المال
والولد والصحة والشباب من أعطانيه ؟ قال قالت ؟ : الله
قال : فكم متعنا ؟ قال قالت ؟ : ثمانين سنة
قال : فمذ كم ابتلانا الله بهذا البلاء الذي ابتلانا به ؟ قالت : سبع سنين وأشهرا
قال : ويلك
والله ما عدلت ولا أنصفت ربك ألا صبرت حتى نكون في هذا البلاء الذي ابتلانا ربنا
ثمانين سنة كما كنا في الرخاء ثمانين سنة ! والله لئن شفاني الله لأجلدنك مائة
جلدة حيت أمرتني أن أذبح لغير الله
طعامك وشرابك الذي أتيتني به علي حرام أن أذوق شيئا مما تأتي به بعد إذ قلت لي هذا
فاغربي عني فلا أراك
فطردت فذهبت فقال الشيطان : هذا قد وطن نفسه ثمانين سنة على هذا البلاء الذي هو
فيه فباء بالغلبة ورفضه
ونظر إلى أيوب قد طرد امرأته وليس عنده طعام ولا شراب ولا صديق ومر به رجلان وهو
على تلك الحال ولا والله ما على ظهر الأرض يومئذ أكرم على الله من أيوب فقال أحد
الرجلين لصاحبه : لو كان لله في هذا حاجة ما بلغ به هذا
فلم يسمع أيوب شيئا كان أشد عليه من هذه الكلمة فقال : رب مسني الضر ثم رد ذلك إلى
الله فقال : وأنت أرحم الراحمين فقيل له : اركض برجلك هذا مغتسل بارد ص آية 42
فركض برجله فنبعت عين ماء فاغتسل منها فلم يبق من دائه شيء ظاهر إلا سقط فأذهب
الله عنه كل ألم وكل سقم وعاد إليه شبابه وجماله أحسن ما كان ثم ضرب برجله فنبعت
عين أخرى فشرب منها فلم يبق في جوفه داء إلا خرج
فقام صحيحا وكسي حلة فجعل يلتفت فلا يرى شيئا مما كان له من أهل ومال إلا وقد
أضعفه الله له حتى ذكر لنا أن الماء الذي اغتسل به تطاير على صدره جراد من ذهب
فجعل يضمه بيده فأوحى الله إليه : " يا أيوب ألم أغنك عن هذا ؟ " قال :
بلى ولكنها بركتك فمن يشبع منها
فخرج حتى جلس على مكان مشرف ثم إن امرأته قالت : أرأيت إن كان طردي إلى من أكله ؟
أدعه يموت جوعا أو يضيع فتأكله السباع ؟ لأرجعن إليه
فرجعت فلا كناسة ترى ولا تلك الحال التي كانت وإذا الأمور قد تغيرت فجعلت تطوف حيث
الكناسة وتبكي وذلك بعين أيوب وهابت صاحب الحلة أن تأتيه فتسأل عنه
فأرسل إليها أيوب فدعاها فقال : ما تريدين يا أمة الله ؟ فبكت وقالت : أريد ذلك
المبتلى الذي كان ملقى على الكناسة لا أدري أضاع أم ما فعل ! قال له لها ؟ أيوب :
ما كان منك ؟ فبكت وقال : بعلي فهل
(5/658)
رأيته
؟ فقال : وهل تعرفيته إذا رأيته ؟ قالت : وهل يخفى على أحد رآه ؟ ثم جعلت تنظر
إليه ويعرفها به ثم قالت : أما إنه كان أشبه خلق الله بك إذ كان صحيحا
قال : فإني أيوب الذي أمرتني أن أذبح للشيطان وإني أطعت الله وعصيت الشيطان ودعوت
الله فرد علي ما ترين
ثم إن الله رحمها لصبرها معه على البلاء فأمره تخفيفا عنها أن يأخذ جماعة من الشجر
فيضربها ضربة واحدة تخفيفا عنها بصبرها معه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن وهب قال :
لم يكن الذي أصاب أيوب الجذام ولكنه أصابه أشد من ذلك كان يخرج في جسده مثل ثدي
المرأة ثم يتفقأ
وأخرج أبو نعيم وابن عساكر عن الحسن قال : إن كانت الدودة لتقع من جسد أيوب
فيأخذها إلى مكانها ويقول : كلي من رزق الله
وأخرج الحلكم والبيهقي في الشعب وابن عساكر عن ابن عباس أن امرأة أيوب قالت له :
والله قد نزل بي من الجهد والفاقة ما إن بعت قرني برغيف فأطعمتك وإنك رجل مجاب
الدعوة فادع الله أن يشفيك
فقال : ويحك
كنا في النعماء سبعين سنة فنحن في البلاء سبع سنين
وأخرج ابن أبي الدنيا وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن عساكر عن طلحة بن
مطرف قال : قال إبليس : ما أصبت من أيوب شيئا قط أفرح به إلا أني كنت إذا سمعت
أنينه علمت أني أوجعته
وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن مجاهد قال : أن أول من أصابه الجدري أيوب عليه
السلام
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان والحاكم وصححه
وابن مردويه عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن أيوب لبث به
بلاؤه ثماني عشرة سنة فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه كانا من أخص
إخوانه كانا يغدوان إليه ويروحان فقال أحدهما لصاحبه ذات يوم : تعلم والله لقد
أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد
قال : وما ذاك ؟ قال : منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله فيكشف عنه ما به
فلما جاء إلى أيوب لم يصبر الرجل حتى ذكر له ذلك فقال أيوب : لا أدري ما تقول غير
أن الله يعلم أني
(5/659)
كنت
أمر بالرجلين يتباعدان يذكران الله فأرجع إلى بيتي فأولف بينهما كراهة أن يذكر
الله لا في حق
وكان يخرج لحاجته فإذا قضى حاجته أمسكت امرأته بيده حتى يبلغ فلما كان ذات يوم
أبطأ عليها فأوحى الله إلى أيوب في مكانه أن اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب ص
آية 42 فاستبطأته فأتته فأقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء وهو أحسن ما كان
فلما رأته قالت : أي بارك الله فيك هل رأيت نبي الله المبتلى ؟ والله على ذاك ما
رأيت رجلا أشبه به منك إذ كان صحيحا
قال : فإني أنا هو
قال : وكان له أندران الأندر هو البيدر كما في النهاية أندر للقمح وأندر للشعير
فبعث الله سحابتين فلما كانت إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض
وأفرغت الأخرى في أندر الشعير الورق حتى فاض
وأخرج ابن مردويه وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : سألت
النبي صلى الله عليه و سلم عن قوله : ووهبنا له أهله ومثاهم معهم قال : رد الله
امرأته وزاد في شبابها حتى ولدت له ستة وعشرين ذكرا وأهبط الله إليه ملكا فقال :
يا أيوب ربك يقرئك السلام بصبرك على البلاء فاخرج إلى أندرك الأندر هو البيدر كما
في النهاية
فبعث الله سحابة حمراء فهبطت عليه بجراد الذهب والملك قائم يجمعه فكانت الجراد
تذهب فيتبعها حتى يردها في أندره
قال الملك : يا أيوب أو ما تشبع من الداخل حتى تتبع الخارج ؟ فقال : إن هذه بركة
من بركات ربي ولست أشبع منها
وأخرج أحمد والبخاري والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : " بينا ايوب يغتسل عريانا خر عليه جراد من ذهب فجعل أيوب
يحثي في ثوبه فناداه ربه : " يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى ؟ قال : بلى
وعزتك ولكن لا غنى لي عن بركتك "
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : لما عافى الله أيوب أمطر عليه جرادا من ذهب فجعل يأخذه بيده
ويجعله في ثوبه فقيل له : يا أيوب أما تشبع ؟ قال : ومن يشبع من فضلك ورحمتك ؟
"
(5/660)
وأخرج
إسحق بن بشر وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أن أيوب عاش بعد ذلك
سبعين سنة بأرض الروم على دين الحنيفية وعلى ذلك مات وتغيروا بعد ذلك وغيروا دين
إبراهيم كما غيره من كان قبلهم
وأخرج الحاكم عن وهب قال : عاش أيوب ثلاثا وتسعين سنة وأوصى عند موته إلى ابنه
حرمل وقد بعث الله بعده بشر بن أيوب نبيا وسماه ذا الكفل وكان مقيما بالشام عمره
حتى مات ابن خمس وسبعين سنة وأن بشرا أوصى إلى ابنه عبدان ثم بعث الله بعدهم شعيبا
وأخرج ابن عساكر عن أبي عبد الله الجدلي قال : كان أيوب عليه السلام يقول : "
اللهم إني أعوذ بك من جار عينه تراني وقلبه يرعاني إن رأى حسنة أطفأها وإن رأى
سيئة أذاعها "
وأخرج أحمد في الزهد والبيهقي في الشعب عن مجاهد قال : يؤتى بثلاثة يوم القيامة :
بالغني والمريض والعبد المملوك فيقال للغني : ما منعك من عبادتي ؟ فيقول : يا رب
أكثرت لي من المال فطغيت
فيؤتى بسليمان عليه السلام في ملكه فيقول : أنت كنت أشد شغلا من هذا ؟ فيقول : لا
بل هذا
قال : فإن هذا لم يمنعه ذلك أن عبدني
ثم يؤتى بالمريض فيقول : ما منعك من عبادتي ؟ فيقول : شغلت على جسدي فيؤتى بأيوب
في ضره فيقول : أنت كنت أشدا ضرا من هذا ؟ قال : لا بل هذا
قال : فإن هذا لم يمنعه ذلك أن عبدني
ثم يؤتى بالمملوك فيقول : ما منعك من عبادتي ؟ فيقول : يا رب جعلت علي أربابا
يملكونني
فيؤتى بيوسف في عبوديته فيقول : أنت كنت أشد عبودية أم هذا ؟ قال : لا بل هذا قال
: فإن هذا لم يمنعه أن عبدني
والله أعلم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله : وذا الكفل قال : رجل صالح غير نبي تكفل لنبي قومه أن يكفيه أمر قومه
ويقيمهم له ويقضي بينهم بالعدل ففعل ذلك فسمي ذا الكفل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : لما كبر اليسع قال : لو أني استخلفت
رجلا على الناس يعمل عليهم في حياتي حتى أنظر كيف يعمل فجمع
(5/661)
الناس
فقال : من يتكفل لي بثلاث : أستخلفه يصوم النهار ويقوم الليل ولا يغضب ؟ قال :
فقام رجل تزدريه العين فقال : أنا
فقال : أنت تصوم النهار وتقوم الليل ولا تغضب ؟ قال : نعم
قال : فرده من ذلك اليوم وقال مثلها في اليوم الآخر فسكت الناس وقام ذلك الرجل
فقال : أنا
فاستخلفه
قال : فجعل إبليس يقول للشياطين : عليكم بفلان فأعياهم ذلك فقال : دعوني وإياه
فأتاه في صورة شيخ كبير فقير فأتاه حين أخذ مضجعه للقائلة - وكان لا ينام من الليل
والنهار إلا تلك النومة - فدق الباب فقال : من هذا ؟ قال : شيخ كبير مظلزم
قال : فقام ففتح الباب فجعل يكثر عليه فقال : إن بيني وبين قومي خصومة وإنهم
ظلموني وفعلوا بي وفعلوا
وجعل يطول عليه حتى حضره وقت الرواح وذهبت القائلة وقال : إذا رحت فائتني آخذ لك
بحقك
فانطلق وراح وكان في مجلسه فجعل ينظر هل يرى الشيخ الكبير المظلوم فلم يره فقام
يبغيه فلما كان الغد جعل يقضي بين الناس فينتظره فلا يراه فلما راح إلى بيته جاء
فدق عليه الباب فقال : من هذا ؟ قال : الشيخ الكبير المظلوم ففتح له فقال : ألم
أقل لك إذا قعدت فائتني ؟ قال : إنهم أخبث قوم
قال : إذا رحت فائتني ففاتته القائلة فراح فجعل ينظر ولا يراه وشق عليه النعاس
فلما كان تلك الساعة جاء فقال له الرجل : ما وراءك ؟ قال : إني قد أتيته أمس فذكرت
له أمري
فقال : لا والله لقد أمرنا أن لا يدع أحدا يقربه
فلما أعياه نظر فرأى كوة في البيت فتسور منها فإذا هو في البيت فإذا هو يدق الباب
من داخل فاستيقظ الرجل فقال : يا فلان ألم آمرك ؟ قال : من قبلي والله لم تؤت
فانظر من أين أتيت
فقام إلى الباب فإذا هو مغلق كما أغلقه وإذا برجل معه في البيت فعرفه فقال له :
عدو الله ؟ ! قال : نعم أعييتني في كل شيء ففعلت ما ترى لأغضبك
فسماه الله ذا الكفل لأنه تكفل بأمر فوفى به
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان قاض في بني إسرائيل فحضره الموت فقال :
من يقوم مقامي على أن لا يغضب ؟ فقال رجل : أنا
فسمي ذا الكفل فكان ليله جميعا يصلي ثم يصبح صائما فيقضي بين الناس وله ساعة
يقيلها فكان بذلك فأتاه الشيطان عند نومته فقال له أصحابه : ما لك ؟ قال : إنسان
مسكين له على رجل حق قد غلبني عليه
فقالوا : كما أنت حتى يستيقظ
(5/662)
قال
وهو فوق نائم : فجعل يصيح عمدا حتى يغضبه
فسمع فقال : ما لك ؟ قال : إنسان مسكين لي على رجل حق
قال : اذهب فقل له يعطيك
قال : قد أبى
قال : اذهب أنت إليه
فذهب ثم جاء من الغد فقال : ما لك ؟ قال : ذهبت إليه فلم يرفع بكلامك رأسا
قال : اذهب أنت إليه
فذهب ثم جاء من الغد حين قال فقال له أصحابه : اخرج فعل الله بك تجيء كل يوم حين
ينام لا تدعه ينام ؟ فجعل يصيح : من أجل أني إنسان مسكين ؟ لو كنت غنيا
فسمع أيضا قال : ما لك ؟ قال : ذهبت إليه فضربني
قال : امش حتى أجيء معك فهو ممسك بيده فلما رآه ذهب معه نثر يده منه فذهب ففر
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في ذم الغضب وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم عن عبد الله بن الحارث قال : قال نبي من الأنبياء لمن معه : أيكم يكفل لي أن
يصوم النهار ويقوم الليل ولا يغضب ويكون معي في درجتي ويكون بعدي في مقامي ؟ قال
شاب من القوم : أنا
ثم أعاد فقال الشاب : أنا ثم أعاد فقال الشاب أنا ثم أعاد فقال الشاب أنا فلما مات
قام بعده في مقامه فأتاه إبليس بعدما قال ليغضبه يستعديه فقال لرجل : اذهب معه
فجاء فأخبره أنه لم ير شيئا ثم أتاه فأرسل معه آخر فجاءه فأخبره أنه لم ير شيئا ثم
أتاه فقام معه فأخذ بيده فانفلت منه فسمي ذا الكفل لأنه كفل أن لا يغضب
وأخرج ابن سعيد النقاش في كتاب القضاة عن ابن عباس قال : كان نبي جمع أمته فقال :
أيكم يتكفل لي بالقضاء بين أمتي على أن لا يغضب ؟ فقام فتى فقال : أنا يا رسول
الله ثم عاد فقال الفتى أنا ثم قال لهم الثالثة أيكم يتكفل لي بالقضاء بين الناس
على أن لا يغضب ؟ فقال الفتى أنا فاستخلفه فأتاه الشيطان بعد حين وكان يقضي حتى
إذا انتصف النهار ثم رجع ثم راح الناس فأتاه الشيطان نصف النهار وهو نائم فناداه
حتى أيقظه فاستعداه فقال : إن كتابك رده ولم يرفع به رأسا ثنتين وثلاثا فأخذ الرجل
بيده ثم مشى معه ساعة فلما رأى الشيطان ذلك نزع يده من يده ثم فر فسمي ذا الكفل
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن حجيرة الأكبر أنه بلغه أنه كان ملك من ملوك بني إسرائيل
عتى في ملكه فلما حضرته الوفاة أتاه رؤوسهم فقالوا : استخلف علينا ملكا نفزع إليه
فجمع إليه رؤوسهم فقال : من رجل تكفل لي بثلاث وأوليه
(5/663)
ملكي
؟ فلم يتكلم إلا فتى من القوم قال أنا
قال : اجلس
ثم قالها ثانية فلم يتكلم أحد إلا الفتى قال : تكفل لي بثلاث وأوليك ملكي ؟ قال :
نعم
قال : تقوم الليل فلا ترقد وتصوم النهار فلا تفطر وتحكم فلا تغضب
قال : نعم
قال : قد وليتك ملكي فلما أن كان مكانه قام الليل وصام النهار وحكم فلا يعجل ولا
يغضب يغدو فيجلس لهم فتمثل له الشيطان في صورة رجل فأتاه وقد تحين مقيله فقال :
اعدني على رجل ظلمني
فأرسل معه رسولا فجعل يطوف به وذو الكفل ينظره حتى فاتته رقدته ثم انسل من وسط
الناس فأتاه رسول فأخبره فراح للناس فجلس لهم فقال الشيطان : لعله يرقد الليل ولم
يصم النهار فلما أمسى صلى صلاته التي كان يصلي ثم أتاه الغد وقد تحين مقيله فقال :
اعدني على صاحبي
فأرسل معه وانتظره وتبطأ حتى فات ذو الكفل رقدته ثم أتاه الرسول فأخبره فراح ولم
ينم فقال الشيطان : الليلة يرقد
فأمسى يصلي صلاته كما كان يصلي
ثم أتاه فقال : قد صنعت به ما صنعت لعله يغضب
قال : اعدني على صاحبي
فقال : ألم أرسل معك رسولا ؟ قال : بلى
ولكن لم أجده
فقال له ذو الكفل : انطلق فأنا ذاهب معك
فانطلق فطاف به ثم قال له : أتدري من أنا ؟ قال : لا
قال : أنا الشيطان كنت تكفلت لصاحبك بأمر فأردت أن تدع بعضه وإن الله قد عصمك
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي موسى
الأشعري رضي الله عنه قال : ما كان ذو الكفل بنبي ولكن كان في بني إسرائيل رجل
صالح يصلي كل يوم مائة صلاة فتوفي فتكل له ذو الكفل من بعده
فكان يصلي كل يوم مائة صلاة فسمي ذا الكفل
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وحسنه وابن المنذر وابن حبان والطبراني والحاكم
وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طريق سعيد مولى طلحة عن ابن عمر عن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : " كان ذو الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من
ذنب عمله فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارا على أن يطأها فلما قعد منها مقعد الرجل
من امرأته أرعدت وبكت
فقال : ما يبكيك ؟ أكرهتك ؟
قالت : لا ولكنه عمل ما عملته قط وما حملني عليه إلا الحاجة
فقال : تفعلين أنت هذا وما فعلته اذهبي فهي لك
وقال : والله لا أعصي الله بعدها أبدا
فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه : إن الله قد غفر لذي الكفل "
(5/664)
وأخرجه
ابن مردويه من طريق نافع عن ابن عمرو : قال فيه ذو الكفل
الآية 87 - 88 أخرج ابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس في قوله :
وذا النون إذ ذهب مغاضبا يقول : غضب على قومه فظن أن لن نقدر عليه يقول : أن لن
نقضي عليه عقوبة ولا بلاء فيما صنع بقومه في غضبه عليهم وفراره
قال : وعقوبته أخذ النون إياه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : وذا
النون إذ ذهب مغاضبا قال : مغاضبا لقومه
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن قيس قال : كانت تكون أنبياء جميعا يكون عليهم واحد
فكان يوحى إلى ذلك النبي صلى الله عليه و سلم : أرسل فلان إلى بني فلان فقال الله
: إذ ذهب مغاضبا قال : مغاضبا لذلك النبي
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله : فظن أن لن نقدر عليه قال : ظن أن لن يأخذه العذاب
الذي أصابه
وأخرج أحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : إذ
ذهب مغاضبا قال : انطلق آبقا فظن أن لن نقدر عليه فكان له سلف من عمل صالح فلم
يدعه الله فبه أدركه
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء
والصفات عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : فظن أن لن نقدر عليه قال : ظن أن لن
نعاقبه بذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية في قوله : فظن أن لن نقدر عليه قال : أن لن نقضي عليه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : فظن أن لن نقدر
(5/665)
عليه
يقول : ظن أن الله لن يقضي عليه عقوبة ولا بلاء في غضبه الذي غضب على قومه فراقه
إياهم
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن الحارث قال : لما التقم الحوت يونس نبذ به إلى
قرار الأرض فسمع تسبيح الأرض فذاك الذي حاجه فناداه
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن الحسن رضي الله عنه في قوله : فظن أن لن نقدر
عليه قال : ظن أن لن نعاقبه فنادى في الظلمات قال : ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة
بطن الحوت أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين قال الملائكة : صوت معروف
في أرض غريبة
وأخرج ابن جرير عن قتادة والكلبي فظن أن لن نقدر عليه قالا : ظن أن لن نقضي عليه
العقوبة
وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما فنادى في الظلمات
قال : ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب وعمرو بن ميمون وقتادة مثله
وأخرج أحمد في الزهد عن سعيد بن جبير مثله
وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي الدنيا في كتاب الفرج بعد الشدة وابن أبي حاتم
والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه فنادى في الظلمات قال : ظلمة الليل وظلمة
بطن الحوت وظلمة البحر
وأخرج ابن جرير عن سالم بن أبي الجعد قال : أوحى الله تعالى إلى الحوت أن : "
لا تضر له لحما ولا عظما " ثم ابتلع الحوت حوت آخر قال : فنادى في الظلمات
قال : ظلمة الحوت ثم حوت ثم ظلمة البحر
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك قال : كل تسبيح في القرآن صلاة إلا قوله : سبحانك إني
كنت من الظالمين
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي
الله عنهما أن معاوية قال له يوما : إني قد ضربتني أمواج القرآن البارحة في آيتين
لم أعرف تأويلهما ففزعت إليك
قال : وما هما ؟ قال : قول الله : وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه
وأنه يفوته إن أراده وقول الله :
(5/666)
حتى
إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا يوسف آية 110 كيف هذا يظنون أنه قد كذبهم ما
وعدهم ؟ فقال ابن عباس : أما يونس فظن أن لن تبلغ خطيئته أن يقدر الله عليه فيها
العقاب ولم يشك أن الله إن أراده قدر عليه
وأما الآية الأخرى فإن الرسل استيأسوا من إيمان قومهم وظنوا أن من عصاهم لرضا في
العلانية قد كذبهم في السر وذلك لطول البلاء ولم تستيئس الرسل من نصر الله ولم
يظنوا أنهم كذبهم ما وعدهم
فقال معاوية : فرجت عني با ابن عباس فرج الله عنك
وأخرج ابن أبي حاتم ن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما دعا يونس قومه أوحى الله
إليه أن العذاب يصبحهم فقال لهم فقالوا : ما كذب يونس وليصبحنا العذاب فتعالوا حتى
نخرج سخال كل شيء فنجعلها من أولادنا لعل الله أن يرحمهم
فأخرجوا النساء مع الولدان وأخرجوا الإبل مع فصلانها وأخرجوا البقر مع عجاجيلها
وأخرجوا الغنم مع سخالها فجعلوه أمامهم وأقبل العذاب
فلما رأوه جأروا إلى الله ودعوا وبكى النساء والولدان ورغت الإبل وفصلانها وخارت
البقر وعجاجيلها وثغت الغنم وسخالها فرحمهم الله فصرف ذلك العذاب عنهم وغضب يونس
فقال : كذبت فهو قوله : إذ ذهب مغاضبا فمضى إلى البحر وقوم رست سفينتهم فقال :
احملوني معكم فحملوه فأخرج الجعل فأبوا أن يقبلوه منه فقال : إذا أخرج عنكم
فقبلوه فلما لجت السفينة في البحر أخذهم البحر والأمواج فقال لهم يونس : اطرحوني
تنجوا
قالوا : بل نمسكك ننجو
قال : فساهموني - يعني قارعوني - فساهموه ثلاثا فوقعت عليه القرعة فأوحى إلى سمكة
يقال لها النجم من البحر الأخضر أن " شقي البحار حتى تأخذي يونس فليس يونس لك
رزقا ولكن بطنك له سجن فلا تخدشي له جلدا ولا تكسري له عظما " فجاءت حتى
استقبلت السفينة فقارعوه الثالثة فوقعت عليه فاقتحم الماء فالتقمته السمكة فشقت به
البحار حتى انتهت به إلى البحر الأخضر
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما التقم
الحوت يونس ذهب به حتى أوقفه بالأرض السابعة فسمع تسبيح الأرض
(5/667)
فهيجه
على التسبيح فقال : لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فأخرجته حتى ألقته
على الأرض بلا شعر ولا ظفر مثل الصبي المنفوس فأنبتت عليه شجرة تظله ويأكل من
تحتها من حشرات الأرض فبينا هو نائم تحتها إذ تساقط ورقها قد يبست
فشكا ذلك إلى ربه فقال : تحزن على شجرة يبست ولا تحزن على مائة ألف أو يزيدون يعذبون
؟ وأخرج ابن أبي حاتم وابن أبي الدنيا في الفرج وابن مردويه عن أنس رفعه : أن يونس
حين بدا له أن يدعو الله بالكلمات حين ناداه في بطن الحوت قال : اللهم لا إله إلا
أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فأقبلت الدعوة تحف بالعرش فقالت الملائكة : هذا
صوت ضعيف معروف في بلاد غريبة ! فقال : أما تعرفون ذلك ؟ قال : يا رب وما هو ؟ قال
: ذاك عبدي يونس
قالوا : عبدك يونس الذي لم يزل يرفع له عمل متقبل ودعوة مجابة ؟ ! قال : نعم
قالوا : يا رب أفلا ترحم ما كان يصنع في الرخاء فتنجيه من البلاء ؟ قال : بلى
فأمر الحوت فطرحه بالعراء فأنبت الله عليه اليقطينة "
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن مردويه وابن عساكر عن علي رضي
الله عنه مرفوعا : ليس لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى سبح الله في الظلمات
وأخرج أحمد والترمذي والنسائي والحكيم في نوادر الأصول والحاكم وصححه وابن جرير
وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت لا إله
إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له
"
وأخرج ابن جرير عن سعد رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" اسم الله الذي دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى دعوة يونس بن متى
قلت : يا رسول الله هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين ؟ قال : هي ليونس خاصة
وللمؤمنين إذا دعوا بها ألم تسمع قول الله : وكذلك ننجي المؤمنين فهو شرط من الله
لمن دعاه "
وأخرج ابن مردويه والدبلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و
سلم
(5/668)
قال
: " هذه الآية مفزع للأنبياء لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين نادى
بها يونس في ظلمة بطن الحوت "
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به
أجاب وإذا سئل به أعطى لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
وأخرج الحاكم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" هل أدلكم على اسم الله الأعظم ؟ دعاء يونس لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت
من الظالمين فأيما مسلم دعا ربه به في مرضه أربعين مرة فمات في مرضه ذلك أعطي أجر
شهيد
وإن برأ برأ مغفورا له "
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" من قال أنا خير من يونس بن متى فقد كذب "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما : " أن النبي صلى الله عليه و
سلم مر على ثنية فقال : ما هذه ؟ قالوا : ثنية كذا وكذا
قال : كأني أنظر إلى يونس على ناقة خطامها ليف وعليه جبة من صوف وهو يقول : لبيك
اللهم لبيك !
"
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود وابن مردويه عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا ينبغي لأحد
أن يقول أنا خير من يونس بن متى - نسبة إلى أبيه - أصاب ذنبا ثم اجتباه ربه "
وأخرج عبد بن حميد والبخاري والنسائي وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا يقولن أحدكم أنا خير من يونس بن
متى "
وأخرج البخاري ومسلم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " لا ينبغي لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى
"
والله أعلم
الآية 89 - 90
(5/669)
وأخرج
الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وأصلحنا له زوجه قال : كان في
لسان امرأة زكريا طول فأصلحه الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والخرائطي في مساوئ
الأخلاق وابن عساكر عن عطاء بن أبي رباح في قوله : وأصلحنا له زوجه قال : كان في
خلقها سوء وفي لسانها طول - وهو البذاء - فأصلح الله ذلك منها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن عساكر عن محمد بن كعب القرظي في قوله : وأصلحنا
له زوجه قال : كان في خلقها شيء
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن عساكر عن سعيد بن جبير في قوله :
وأصلحنا له زوجه قال : كانت لا تلد
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وأصلحنا له زوجه قال : كانت
لا تلد
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وأصلحنا له زوجه قال : وهبنا
له ولدا منها
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : وأصلحنا له زوجه قال
: كانت عاقرا فجعلها الله ولودا ووهب له منها يحيى
وفي قوله : وكانوا لنا خاشعين قال : أذلاء
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج في قوله : ويدعوننا رغبا
ورهبا قال : رغبا طمعا وخوفا وليس ينبغي لأحدهما أن يفارق الآخر
وأخرج ابن المبارك عن الحسن في قوله : ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين قال
: الخوف الدائم في القلب
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله : ويدعوننا رغبا ورهبا قال : ما دام خوفهم
ربهم فلم يفارق خوفه قلوبهم إن نزلت بهم رغبة خافوا أن يكون ذلك استدراجا من الله
لهم وإن نزلت بهم رهبة خافوا أن يكون الله عز و جل قد أمر بأخذهم لبعض ما سلف منهم
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال : " سئل رسول الله صلى الله عليه و
سلم عن قول
(5/670)
الله
عز و جل : ويدعوننا رغبا ورهبا قال : رهبا هكذا وبسط كفيه "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية والحاكم وصححه
والبيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن حكيم قال : خطبنا أبو بكر الصديق رضي الله
عنه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد فإني أوصيكم بتقوى الله وأن تثنوا عليه
بما هو له أهل وأن تخلطوا الرغبة بالرهبة فإن الله أثنى على زكريا وأهل بيته فقال
: إنهم يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله :
وكانوا لنا خاشعين قال : متواضعين
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك وكانوا لنا خاشعين قال : الذلة لله
الآية 91 أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كتب قيصر إلى معاوية : سلام عليك
أما بعد
فأنبئني بأكرم عباد الله عليه وأكرم إمائه عليه
فكتب إليه : أما بعد
كتبت إلي تسألني فقلت : أما أكرم عباده عليه فآدم خلقه بيده وعلمه الأسماء كلها
وأما أكرم إمائه عليه فمريم بنت عمران التي أحصنت فرجها
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فنفخنا فيها من روحنا قال :
نفخ في جيبها
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال : نفخ في فرجها
الآية 92 - 95
(5/671)
أخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : إن هذه أمتكم أمة واحدة قال : إن
هذا دينكم دينا واحدا
وأخرج ابن جرير عن مجاهد مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة إن هذه أمتكم أمة واحدة أي
دينكم دين واحد وربكم واحد والشريعة مختلفة
وأخرج عبد بن حميدعن الكلبي إن هذه أمتكم أمة واحدة قال : لسانكم لسان واحد
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : وتقطعوا أمرهم بينهم قال : تقطعوا اختلفوا في
الدين
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس أنه قرأ " وحرام على قرية "
وأخرج عبد بن حميد عن ابن الزبير قال : إن صبيانا ههنا يقرؤون " وحرم على
قرية " وإنما هي وحرام على قرية
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه كان يقرأ وحرام على قرية بالألف
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في قوله : وحرام على
قرية أهلكناها قال : وجب إهلاكها
قال : دمرناها إنهم لا يرجعون قال : إلى الدنيا
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن
عباس أنه كان يقرأ " وحرم على قرية " قال : وجب على قرية أهلكناها أنهم
لا يرجعون كما قال : ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون يس
آية 31
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة وسعيد بن جبير مثله
وأخرج ابن جرير من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه كان يقرأ هذا الحرف "
وحرم على قرية " فقيل لسعيد : أي شيء حرم ؟ قال : يحرم
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة " وحرم " قال : وجب على قرية أهلكناها قال :
كتبنا عليها الهلاك في دينها أنهم لا يرجعون عما هم عليه
(5/672)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عكرمة " وحرم " قال : وجب بالحبشية
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة وحرام على قرية أي وجب عليها أنها إذا
أهلكت لا ترجع إلى دنياها
الآية 96 - 97 أخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ حتى إذا فتحت خفيفة يأجوج ومأجوج
مهموزة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله : وهم من كل حدب ينسلون قال : جميع
الناس من كان مكان جاؤوا منه يوم القيامة فهو حدب
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : من كل حدب ينسلون قال
: من كل أكمة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : من كل حدب قال :
شرف ينسلون قال : يقبلون
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله قال له : أخبرني عن قوله : ومن
كل حدب ينسلون قال : ينشرون من جوف الأرض من كل ناحية
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت طرفة وهو يقول : فأما يومهم فيوم
سوء تخطفهن بالحدب الصقور وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : حتى إذا فتحت يأجوج
ومأجوج قال : هذا مبتدأ يوم القيامة
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود أنه قرأ " من كل جدث " بالجيم والثاء مثل
قوله : فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون يس آية 51 وهي القبور
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن حبان والحاكم وصححه
وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري : سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول :
(5/673)
"
يفتح يأجوج ومأجوج فيخرجون على الناس كما قال الله : من كل حدب ينسلون فيغشون
الناس وينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم ويضمون إليهم مواشيهم ويشربون
مياه الأرض حتى يتركوه يبسا حتى أن بعضهم ليمر بذلك النهر فيقول : قد كان ههنا مرة
ماء
حتى إذا لم يبق من الناس أحد إلا أخذ في حصن أو مدينة قال قائلهم : هؤلاء أهل
الأرض قد فرغنا منهم وبقي أهل السماء
قال : يهز أحدهم حربته ثم يرمي بها إلى السماء فترجع إليه مخضبة دما للبلاء
والفتنة فبينما هم على ذلك إذ بعث الله دودا في أعناقهم كنغف الجراد يخرج في
أعناقه فيصبحون موتى لا يسمع لهم حس فيقول المسلمون : ألا رجل يشري لنا نفسه فينظر
ما فعل هؤلاء العدو ؟ فيتجرد رجل منهم محتسبا نفسه قد أوطنها على أنه مقتول فينزل
فيجدهم موتى بعضهم على بعض ! فينادي معشر المسلمين أبشروا إن الله قد كفاكم عدوكم
فيخرجون من مدائنهم وحصونهم ويسرحون مواشيهم فما يكون لها مرعى إلا لحومهم فتشكر
عنه أحسن ما شكرت عن شيء من النبات أصابته قط "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن
مردويه والبيهقي في البعث عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
لقيت ليلة أسري بي إبراهيم وموسى وعيسى فتذاكروا أمر الساعة فردوا أمرهم إلى
إبراهيم فقال : لا علم لي بها فردوا أمرهم إلى موسى فقال : لا علم لي بها فردوا
أمرهم إلى عيسى فقال : أما وجبتها فلا يعلم بها أحد إلا الله وفيما عهد إلي ربي أن
الدجال خارج ومعي قضيبان فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص فيهلكه الله إذا رآني حتى
أن الحجر والشجر يقول : يا مسلم إن تحتي كافرا فتعال فاقتله
فيهلكهم الله ثم يرجع الناس إلى بلادهم لا يأتون على شيء إلا أهلكوه ولا يمرون على
ماء إلا شربوه ثم يرجع الناس يشكونهم فأدعو الله عليهم فيهلكهم ويميتهم حتى تجري
الأرض من نتن ريحهم وينزل الله المطر فيجترف أجسادهم حتى يقذفهم في البحر
وفيما عهد إلي ربي إذا كان ذلك أن الساعة كالحامل المتم لا يدري أهلها متى تفجأهم
بولادتها ليلا أو نهارا "
قال ابن مسعود : فوجدت تصديق ذلك في كتاب الله : حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من
كل حدب ينسلون واقترب الوعد الحق الآية
قال :
(5/674)
جميع
الناس من مكان كانوا جاؤوا منه يوم القيامة فهو حدب
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق خالد بن عبد الله بن حرملة عن حذيفة
قال : " خطب رسول الله صلى عليه وسلم وهو عاصب أصبعه من لدغة عقرب فقال :
إنكم تقولون لا عدو لكم وإنكم لا تزالون تقاتلون عدوا حتى يأتي يأجوج ومأجوج عراض
الوجوه صغار العيون صهب الشفار من كل حدب ينسلون
كأن وجوههم المجان المطرقة "
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن أبي يزيد قال : رأى ابن عباس صبيانا ينزو بعضهم على
بعض يلعبون فقال ابن عباس : هكذا يخرج يأجوج ومأجوج
وأخرج أحمد ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر
والبيهقي في البعث عن النواس بن سمعان قال : " ذكر رسول الله صلى عليه وسلم
الدجال ذات غداة فخفض فيه رفع حتى ظننا أنه في ناحية النخل فقال : غير الدجال أخوفني
عليكم فإن خرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فكل إمرئ حجيج نفسه
والله خليفتي على كل مسلم
إنه شاب جعد قطط عينه طافئة وإنه تخرج خيله بين الشام والعراق فعاث يمينا وشمالا
يا عباد الله اثبتوا : قلنا : يا رسول الله ما لبثه في الأرض ؟ قال : أربعون يوما
يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر الأيام كأيامكم
قلنا : يا رسول الله فذلك اليوم الذي هو كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم وليلة ؟ قال :
لا
أقدروا له قدره
قلنا : يا رسول الله ما أسرعه في الأرض ؟ قال : كالغيث يشتد به الريح فيمر بالحي
فيدعوهم فيستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت وتروح عليهم سارحتهم وهي
أطول ما كان درا وأمده خواصر وأشبعه ضروعا ويمر بالحي فيدعوهم فيردون عليه قوله
فتتبعه أموالهم فيصبحون ممحلين ليس لهم من أموالهم شيء ويمر بالخربة فيقول لها :
أخرجي كنوزك
فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ويأمر برجل فيقتل فيضربه ضربة بالسيف فيقطعه جزلتين
رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل إليه
فبينما هم على ذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي
دمشق بين مهرودتين واضعا يده على أجنحة ملكين فيتبعه فيدركه فيقتله عند باب لد
الشرقي فبينما هم كذلك أوحى الله إلى عيسى ابن مريم : أني قد أخرجت عبادا
(5/675)
من
عبادي لا يدان لك بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور
فيبعث الله يأجوج ومأجوج كما قال الله : وهم من حدب ينسلون فيرغب عيسى وأصحابه إلى
الله فيرسل عليهم نغفا في رقابهم فيصبحون موتى كموت نفس واحدة فيهبط عيسى وأصحابه
إلى الأرض فيجدون نتن ريحهم فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله فيرسل الله عليهم طيرا
كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله ويرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر
ولا بر أربعين يوما فتغسل الأرض حتى تتركها زلفة ويقال للأرض : أنبتي ثمرتك فيومئذ
يأكل النفر من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل
لتكفي الفئام من الناس واللقحة من البقر تكفي الفخذ والشاة من الغنم تكفي البيت
فبينما هم على ذلك إذ بعث الله ريحا طيبة تحت آباطهم فتقبض روح كل مسلم ويبقى شرار
الناس يتهارجون تهارج الحمر وعليهم تقوم الساعة "
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" لو نتجت فرس عند خروجهم ما ركب فلوها حتى تقوم الساعة "
وأخرج ابن جرير عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" أول الآيات : الدجال ونزول عيسى ونار تخرج من قعر عدن تسوق الناس إلى
المحشر تقيل معهم إذا قالوا وتبيت معهم إذا باتوا والدخان والدابة ويأجوج ومأجوج
قال حذيفة : قلت : يا رسول الله ما يأجوج ومأجوج ؟ قال : يأجوج ومأجوج أمم كل أمة
أربعمائة ألف أمة
لا يموت الرجل منهم حتى يرى ألف عين تطوف بين يديه من صلبه وهم ولد آدم فيسيرون
إلى خراب الدنيا ويكون مقدمتهم بالشام وساقتهم بالعراق فيمرون بأنهار الدنيا
فيشربون الفرات ودجلة وبحيرة طبرية حتى يأتون بيت المقدس فيقولون : قد قتلنا أهل
الدنيا فقاتلوا من في السماء فيرمون بالنشاب إلى السماء فترجع نشابتهم مخضبة بالدم
فيقولون : قد قتلنا من في السماء
وعيسى والمسلمون بجبل طور سينين فيوحي الله إلى عيسى : أن أحرز عبادي بالطور وما
يلي أيلة ثم إن عيسى يرفع يديه إلى السماء ويؤمن المسلمون فيبعث الله عليهم دابة
يقال لها النغف
تدخل في مناخرهم فيصبحون موتى من حاق الشام إلى حاق المشرق حتى تنتن الأرض من
جيفهم ويأمر الله السماء فتمطر كأفواه القرب فتغسل الأرض من جيفهم ونتنهم فعند ذلك
طلوع الشمس من مغربها "
(5/676)
وأخرج
ابن جرير عن ابن مسعود قال : يخرج يأجوج ومأجوج فيموجون في الأرض فيفسدون فيها
ثم قرأ ابن مسعود وهم من كل حدب ينسلون قال : ثم يبعث الله عليهم دابة مثل النغف
فتلج في أسماعهم ومناخرهم فيموتون منها فتنتن الأرض منهم فيرسل الله ماء فيطهر
الأرض منهم
وأخرج ابن جرير من طريق عطية قال : قال أبو سعيد : يخرج يأجوج ومأجوج فلا يتركون
أحدا إلا قتلوه إلا أهل الحصون فيمرون على البحيرة فيشربونها فيمر المار فيقول :
كأنه كان ههنا ماء ! فيبعث الله عليهم النغف حتى يكسر أعناقهم فيصيروا خبالا فيقول
أهل الحصون : لقد هلك أعداء الله
فيرسلون رجلا لينظر ويشرط عليهم إن وجدهم أحياء أن يرفعوه فيجدهم قد هلكوا
فينزل الله ماء من السماء فيقذف بهم في البحر فتطهر الأرض منهم ويغرس الناس بعدهم
الشجر والنخل وتخرج الأرض ثمرها كما كانت تخرج في زمن يأجوج ومأجوج
وأخرج ابن جرير عن كعب قال : إذا كان عند خروج يأجوج ومأجوج حفروا حتى يسمع الذي
يلونهم قرع فؤوسهم فإذا كان الليل قالوا : نجي غدا نخرج
فيعيده الله كما كان فيجيئون غدا فيحفرون حتى يسمع الذين يلونهم قرع فؤوسهم فإذا
كان الليل قالوا : نجي فنخرج فيجيئون من الغد فيجدونه قد أعاده الله تعالى كما كان
فيحفرونه حتى يسمع الذين يلونهم قرع فؤوسهم فإذا كان الليل ألقى الله على لسان رجل
منهم يقول : نجيء غدا فنخرج إن شاء الله
فيجيئون من الغد فيجدونه كما تركوه فيخرقون ثم يخرجون فتمر الزمرة الأولى بالبحيرة
فيشربون ماءها ثم تمر الزمرة الثانية فيلحسون طينها ثم تمر الزمرة الثالثة فيقولون
: كان ههنا مرة ماء
ويفر الناس منهم ولا يقوم لهم شيء ويرمون بسهامهم إلى السماء فترجع مخضبة بالدماء
فيقولون : غلبنا أهل الأرض وأهل السماء فيدعو عليهم عيسى عليه السلام فيقول :
اللهم لا طاقة ولا يد لنا بهم فاكفناهم بما شئت
فيرسل الله عليهم دودا يقال له : " النغف " فتقرس رقابهم ويبعث الله
عليهم طيرا فتأخذهم بمناقيرها فتلقيهم في البحر ويبعث الله تعالى عينا يقال لها
الحياة تطهر الأرض منهم وينبتها حتى أن الرمانة ليشبع منها السكن قيل : وما السكن
يا كعب ؟ قال : أهل البيت
قال : فبينا الناس كذلك إذ أتاهم الصراخ أن ذا السويقتين أتى البيت يريده
فيبعث عيسى طليعة سبعمائة أو بين السبعمائة والثمانمائة حتى إذا كانوا ببعض الطريق
(5/677)
يبعث
الله ريحا يمانية طيبة فيقبض فيها روح كل مؤمن ثم يبقى محاح من الناس فيتسافدون
كما تتسافد البهائم فمثل الساعة كمثل رجل يطيف حول فرسه ينظرها متى تضع
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : ما كان منذ كانت الدنيا
رأس مائة سنة إلا كان عند رأس المائة أمر
قال : فتحت يأجوج ومأجوج
وهم كما قال الله : من كل حدب ينسلون فيأتي أولهم على نهر عجاج فيشربونه كله حتى
ما يبقى منه قطرة ويأتي آخرهم فيمر فيقول : قد كان ههنا مرة ماء فيفسدون في الأرض
ويحاصرون المؤمنين في مدينة إليا فيقولن : لم يبق في الأرض أحد إلا قد ذبحناه
هلموا نرمي من في السماء
فيرمون في السماء فترجع إليهم سهامهم في نصلها الدم فيقولون : ما بقي في الأرض ولا
في السماء أحد إلا وقد قتلناه
فيقول المؤمنون : يا روح الله ادع الله عليهم
فيدعو عليهم فيبعث الله في آذانهم النغف فيقتلهم جميعا في ليلة واحدة حتى تنتن
الأرض من جيقهم فيقول المؤمنون : يا روح الله ادع الله فإنا نخشى أن نموت من نتن
جيفهم
فيدعو الله فيرسل عليهم وابلا من السماء فيجعلهم سيلا فيقذفهم في البحر
وأخرج ابن جرير عن حذيفة رضي الله عنه قال : لو أن رجلا اقتنى فلوا بعد خروج يأجوج
ومأجوج لم يركبه حتى تقوم الساعة
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري وأبو يعلى وابن المنذر عن أبي سعيد رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ليحجن هذا البيت وليعتمرن
بعد خروج يأجوج ومأجوج "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد واقترب الوعد الحق قال : اقترب يوم القيامة
وأخرج عن الربيع واقترب الوعد الحق قال : قامت عليهم الساعة
الآية 98 - 104
(5/678)
أخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه وأبو داود
في ناسخه والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت إنكم
وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون قال المشركون : فالملائكة وعيسى
وعزير يعبدون من دون الله
فنزلت إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون عيسى وعزير والملائكة
وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء عبد
الله بن الزبعرى إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : تزعم أن الله أنزل عليك هذه
الآية إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون قال ابن الزبعرى : قد
عبدت الشمس والقمر والملائكة وعزير وعيسى ابن مريم كل هؤلاء في النار مع آلهتنا
فنزلت ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون وقالوا أالهتنا خير أم هو ما
ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون الزخرف آية 57 ثم نزلت إن الذين سبقت لهم منا
الحسنى أولئك عنها مبعدون
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن المنذر وابن مردويه والطبراني من وجه آخر عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم
لها واردون شق ذلك على أهل مكة
وقالوا : شتم الآلهة
فقال ابن الزبعرى : أنا أخصم لكم محمدا ادعوه لي فدعي
فقال : يا محمد هذا شيء لآلهتنا خاصة ؟ أم لكل عبد من دون الله ؟ قال : بل لكل من
عبد من دون الله
فقال ابن الزبعرى : خصمت
ورب هذه البنية يعني الكعبة ألست تزعم يا محمد أن عيسى عبد صالح وأن عزيرا عبد
صالح وأن الملائكة صالحون ؟
(5/679)
قال
: بلى
قال : فهذه النصارى تعبد عيسى
وهذه اليهود
تعبد عزيرا وهذه بنو مليح تعبد الملائكة فضج أهل مكة وفرحوا ! فنزلت إن الذين سبقت
لهم منا الحسنى عزير وعيسى والملائكة أولئك عنها مبعدون ونزلت ولما ضرب ابن مريم
مثلا إذا قومك منه يصدون الزخرف آية 57 قال : هو الصحيح
وأخرج البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه الآية إنكم وما تعبدون من
دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون ثم نسختها إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك
عنها مبعدون يعني عيسى ومن كان معه
وأخرج ابن جرير عن الضحاك إنكم وما تعبدون من دون الله يعني الآلهة ومن يعبدها
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : حصب جهنم قال : وقودها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما حصب جهنم قال : شجر جهنم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : حصب جهنم
قال : حطب جهنم بالزنجية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه في قوله : حصب جهنم قال : حطب
جهنم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه مثله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه حصب
جهنم قال : يقذفون فيها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : حصب جهنم قال : حطبها
قال بعض القراء " حطب جهنم " من قراءة عائشة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك حصب جهنم يقول : إن جهنم تحصب بهم وهو
الرمي : يقول : يرمي بهم فيها
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله : " حضب جهنم " بالضاد
(5/680)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن أبي الدنيا في صفة النار والطبراني
البيهقي في البعث عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إذا بقي في النار من يخلد فيها
جعلوا في توابيت من حديد النار فيها مسامير من حديد نار ثم جعلت تلك التوابيت في
توابيت من حديد ثم قذفوا في أسف الجحيم فما يرى أحدهم أنه يعذب في النار غيره
ثم قرأ ابن مسعود رضي الله عنه لهم فيها زفير وهم فيها لا يسمعون
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم في
قوله : إن الذين سبقت لهم منا الحسنى قال : عيسى والملائكة وعزير
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : أولئك عنها مبعدون قال : عيسى
وعزير والملائكة
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أصبغ عن علي في قوله : إن الذين سبقت لهم منا الحسنى
الآية
قال : كل شيء يعبد من دون الله في النار إلا الشمس والقمر وعيسى
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما إن الذين سبقت لهم منا الحسنى قال
: أولئك أولياء الله يمرون على الصراط مرا هو أسرع من البرق فلا تصيبهم و يسمعون
حسيسها ويبقى الكفار فيها حبيسا
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عدي وابن مردويه عن النعمان بن بشير : أن عليا قرأ إن
الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون فقال : أنا منهم وعمر منهم وعثمان
منهم والزبير منهم وطلحة منهم وسعد وعبد الرحمن منهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي عثمان النهدي في قوله : لا
يسمعون حسيسها قال : حيات على الصراط تلسعهم فإذا لسعتهم قالوا : حس
حس
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله : لا يسمعون
حسيسها قال : حيات على الصراط تقول : حس حس
وأخرج ابن مردويه وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد إن الذين سبقت لهم منا
الحسنى قال : السعادة
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن محمد بن حاطب قال :
(5/681)
سئل
علي عن هذه الآية إن الذين سبقت لهم منا الحسنى قال : هو عثمان وأصحابه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : لا يسمعون حسيسها يقول : لا
يسمع أهل الجنة حسيس أهل النار إذا نزلوا منازلهم من الجنة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سفيان لا يسمعون حسيسها قال :
صوتها
وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن البصري قالا : قال في سورة الأنبياء إنكم وما
تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون إلى قوله : وهم فيها لا يسمعون ثم
استثنى فقال : إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون فقد عبدت الملائكة
من دون الله وعزير وعيسى
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : يقول ناس من الناس : إن الله قال : إن الذين سبقت
لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون يعني من الناس أجمعين وليس كذلك إنما يعني من
يعبد الله تعالى وهو لله مطيع مثل عيسى وأمه وعزير والملائكة
واستثنى الله تعالى هؤلاء من الآلهة المعبودة التي هي مع من يعبدها في النار
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن ابن عباس في قوله : لا يحزنهم الفزع الأكبر
قال : أذا أطبقت جهنم على أهلها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : لا يحزنهم الفزع الأكبر يعني
النفخة الآخرة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله :
لا يحزنهم الفزع الأكبر قال : النار إذا أطبقت على أهلها
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن الحسن لا يحزنهم الفزع الأكبر قال : إذا أطبقت
النار عليهم يعني على الكفار
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن لا يحزنهم الفزع الأكبر قال : إنصراف العبد
حين يؤمر به إلى النار
وأخرج ابن جرير في قوله : لا يحزنهم الفزع الأكبر قال : حين تطبق جهنم
وقال : حين ذبح الموت
(5/682)
وأخرج
البزار وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن للمهاجرين منابر من ذهب يجلسون عليها يوم القيامة قد أمنوا من الفزع
"
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة أن رسول الله صلى عليه وسلم قال : " بشر
المدلجين في الظلم بمنابر من نور يوم القيامة يفزع الناس ولا يفزعون "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي الدرداء قال : سمعت رسول الله صلى عليه وسلم يقول
: " المتحابون في الله في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله على منابر من نور يفزع
الناس ولا يفزعون "
وأخرج أحمد والترمذي وحسنه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ثلاثة على كثبان المسك لا يهولهم الفزع الأكبر يوم القيامة : رجل أم قوما
وهم به راضون ورجل كان يؤذن في كل يوم وليلة وعبد أدى حق الله وحق مواليه "
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : وتتلقاهم الملائكة قال : تتلقاهم الملائكة
الذين كانوا قرناءهم في الدنيا يوم القيامة فيقولون : نحن أولياؤكم في الحياة
الدنيا وفي الآخرة لا نفارقكم حتى تدخلوا الجنة
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : هذا يومكم الذي كنتم توعدون قال : هذا قبل أن
يدخلوا الجنة
وأخرج عبد بن حميد عن علي في قوله : كطي السجل قال : ملك
وأخرج عبد بن حميد عن عطية قال : السجل اسم ملك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر في قوله : يوم نطوي السماء كطي السجل قال
: السجل ملك فإذا صد بالاستغفار قال : اكتبوها نورا
وأخرج ابن ابي حاتم وابن عساكر عن أبي جعفر الباقر قال : السجل ملك وكان هاروت
وماروت من أعوانه وكان له كل يوم ثلاث لمحات ينظرهن في أم الكتاب فنظر نظرة لم تكن
له فأبصر فيها خلق آدم وما فيه من الأمور فأسر ذلك إلى هاروت وماروت فلما قال
تعالى : إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها البقرة آية 30 قال
: ذلك استطالة على الملائكة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : السجل ملك موكل بالصحف فإذا مات دفع
كتابه إلى السجل فطواه ورفعه إلى يوم القيامة
(5/683)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في الآية قال : السجل الصحيفة
وأخرج أبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن منده
في المعرفة وابن مردويه والبيهقي في سننه وصححه عن ابن عباس قال : السجل كاتب
للنبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن المنذر وابن عدي وابن عساكر عن ابن عباس قال : كان لرسول الله صلى عليه
وسلم كاتب يسمى السجل وهو قوله : يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب
وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس قال :
السجل هو الرجل زاد ابن مردويه بلغة الحبشة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : كطي السجل للكتب قال : كطي
الصحيفة على الكتاب
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : كما بدأنا أول خلق نعبده يقول : نهلك كل شيء
كما كان أول مرة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : كما
بدأنا أول خلق نعيده قال : عراة حفاة غرلا
وأخرج ابن جرير عن عائشة قالت : " دخل علي رسول الله صلى عليه وسلم وعندي
عجوز من بني عامر فقال : من هذه العجوز يا عائشة ؟ فقلت : إحدى خالاتي
فقالت : ادع الله أن يدخلني الجنة
فقال : إن الجنة لا يدخلها العجوز
فأخذ العجوز ما أخذها فقال : إن الله تعالى ينشهنه خلقا غير خلقهن ثم قال : تحشرون
حفاة عراة غلفا
فقالت : حاشا لله من ذلك
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : بلى
إن الله تعالى قال : كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين فأول من
يكسى إبراهيم خليل الرحمن "
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : يبعثهم الله يوم القيامة على قامة آدم وجسمه
ولسانه السريانية عراة حفاة غرلا كما ولدوا
الآية 105 - 108
(5/684)
أخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر القرآن أن
الأرض قال : أرض الجنة
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله : ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر قال
: يعني بالذكر كتبنا في القرآن من بعد التوراة و الأرض أرض الجنة
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله : ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر يعني
بالذكر التوراة ويعني بالزبور الكتب من بعد التوراة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ولقد كتبنا في الزبور قال : الكتب
من بعد الذكر قال : التوراة
وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن ابن عباس في الآية قال : الزبور التوراة
والإنجيل والقرآن والذكر الأصل الذي نسخت منه هذه الكتب الذي في السماء والأرض أرض
الجنة
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن جريرعن سعيد بن جبير في قوله : ولقد كتبنا في الزبور
قال : الزبور التوراة والإنجيل والقرآن من بعد الذكر قال : الذكر الذي في السماء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في الآية قال : الزبور الكتب والذكر أم
الكتاب عند الله والأرض الجنة
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في الآية قال : الزبور الكتب التي أنزلت على الأنبياء
والذكر أم الكتاب الذي يكتب فيه الأشياء قبل ذلك
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : أن الأرض يرثها
عبادي الصالحون قال : أرض الجنة
(5/685)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : ولقد كتبنا في الزبور
الآية
قال : أخبر الله سبحانه في التوراة والزبور وسابق علمه قبل أن تكون السموات والأرض
أن يورث أمة محمد الأرض ويدخلهم الجنة وهم الصالحون وفي قوله : لبلاغا لقوم عابدين
قال : عالمين
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس في قوله : ولقد كتبنا في الزبور من بعد
الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون قال : أرض الجنة يرثها الذين يصلون الصلوات
الخمس في الجماعات
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن
الشعبي في قوله : ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر قال : في زبور داود من بعد
ذكر موسى التوراة أن الأرض يرثها قال : الجنة
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : كتب الله في زبور داود بعد التوراة
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية في قوله : أن الأرض يرثها قال : الجنة
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : أن الأرض يرثها عبادي الصالحون قال : الجنة
وقرأ وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاء
الزمر آية 74 قال : فالجنة مبتدؤها في الأرض ثم تذهب درجا علوا
والنار مبتدؤها في الأرض وبينهما حجاب سور ما يدري أحد ما ذاك السور
وقرأ باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب الحديد آية 13 قال : ودرجها تذهب
سفالا في الأرض ودرج الجنة تذهب علوا في السماء
وأخرج ابن جرير عن صفوان قال : سألت عامر بن عبد الله أبا اليمان هل لأنفس
المؤمنين مجتمع ؟ فقال : يقول الله : ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض
يرثها عبادي الصالحون قال : هي الأرض التي تجمع إليها أرواح المؤمنين حتى يكون
البعث
(5/686)
وأخرج
البخاري في تاريخه وابن أبي حاتم عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " قال الله تعالى : أن الأرض يرثها عبادي الصالحون فنحن
الصالحون "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله : إن في هذا لبلاغا قال : كل ذلك
يقال : إن في هذه السورة وفي هذا القرآن لبلاغا
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين قال : إن في
هذا لمنفعة وعلما لقوم عابدين ذلك البلاغ
وأخرج ابن جرير عن كعب الأحبار إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين قال : لأمة محمد صلى
الله عليه و سلم
وأخرج ابن جرير عن كعب في قوله : إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين قال : صوم شهر
رمضان والصلوات الخمس
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن أبي هريرة إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين قال :
في الصلوات الخمس شغلا للعبادة
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ هذه الآية
لبلاغا لقوم عابدين قال : هي الصلوات الخمس في المسجد الحرام جماعة
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن محمد بن كعب إن في هذا لبلاغا لقوم عابدين قال :
الصلوات الخمس
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه لقوم عابدين قال : الذين يحافظون على
الصلوات الخمس في الجماعة
وأخرج عن قتادة رضي الله عنه لقوم عابدين قال : عاملين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والطبراني والبيهقي في الدلائل عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله : وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين قال : من آمن تمت له
الرحمة في الدنيا والآخرة ومن لم يؤمن عوفي مما كان يصيب الأمم في عاجل الدنيا من
العذاب من المسخ والخسف والقذف
وأخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قيل يا رسول الله ادع على المشركين
قال : " إني لم أبعث لعانا وإنما بعثت رحمة "
(5/687)
وأخرج
أبو نعيم في الدلائل عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " إن الله بعثني رحمة للعالمين وهدى للمتقين "
وأخرج أحمد وأبو داود والطبراني عن سلمان : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" أيما رجل من أمتي سببته سبة في غضبي أو لعنته لعنة فإنما أنا رجل من ولد
آدم أغضب كما تغضبون وإنما بعثني رحمة للعالمين وأجعلها عليه صلاة يوم القيامة
"
وأخرج البيهقي في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إنما أنا رحمة مهداة "
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : قيل يا رسول الله ألا تلعن قريشا
بما أتوا إليك ؟ فقال : " لم أبعث لعانا إنما بعثت رحمة " يقول الله :
وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين
الآية 109 - 110 أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله : على سواء قال
: على مهل
الآية 111 - 112 أخرج ابن أبي شيبة وابن عساكر عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال
: لما أسري بالنبي صلى الله عليه و سلم فأنزل الله وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع
إلى حين يقول : هذا الملك
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة والبيهقي في الدلائل عن الشعبي قال : لما سلم الحسن
بن علي - رضي الله عنه - الأمر إلى معاوية قال له معاوية : قم فتكلم فحمد الله
وأثنى عليه ثم قال : إن هذا الأمر تركته لمعاوية
إرادة إصلاح المسلمين وحقن دمائهم وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ثم استغفر
ونزل
وأخرج البيهقي عن الزهري قال : خطب الحسن رضي الله عنه فقال : أما بعد :
(5/688)
أيها
الناس إن الله هداكم بأولنا وحقن دمائكم بآخرنا وإن لهذا الأمر مدة والدنيا دول
وإن الله تعالى قال لنبيه : وإن أدري أقريب أم بعيد ما توعدون إلى قوله : ومتاع
إلى حين الدهر كله
وقوله : هل أتى على الإنسان حين من الدهر الإنسان آية 1 الدهر : الدهر كله
وقوله : تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها إبراهيم آية 25 قال : هي النخلة من حين تثمر
إلى أن تصرم
وقوله : ليسجننه حتى حين يوسف آية 35
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس وأن أدري لعله فتنة لكم يقول : ما
أخبركم به من العذاب والساعة أن يؤخر عنكم لمدتكم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله : قل رب احكم بالحق قال : لا يحكم
الله إلا بالحق ولكن إنما يستعجل بذلك في الدنيا يسأل ربه على قومه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة : أن النبي - صلى
الله عليه و سلم - كان إذا شهد قتالا قال : رب احكم بالحق
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كانت الأنبياء تقول : ربنا افتح بيننا وبين
قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين الأعراف آية 89 فأمر الله نبيه أن يقول : رب احكم
بالحق أي اقض بالحق
وكان رسول الله - صلى عليه وسلم - يعلم أنه على الحق وأن عدوه على الباطل وكان إذا
لقي العدو قال : رب احكم بالحق والله أعلم
6
(5/689)
بسم
الله الرحمن الرحيم 22
سورة الحج
مدينة وآياتها ثمان وسبعون
مقدمة سورة الحج أخرج ابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : نزلت سورة
الحج بالمدينة
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : نزلت بالمدينة سورة الحج
وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال : نزل بالمدينة من القرآن الحج غير أربع آيات مكيات
وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي الحج من الآية 52 - 55 إلى عذاب يوم عقيم الحج
من الآية 52 - 55
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم والبيهقي في سننه وابن مردويه عن عقبة بن
عامر قال : قلت يا رسول الله أفضلت سورة الحج على سائر القرآن بسجدتين ؟ قال :
" نعم
فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما "
وأخرج أبو داود في المراسيل والبيهقي عن خالد بن معدان : أن رسول الله - صلى الله
عليه و سلم - قال : فضلت سورة الحج على القرآن بسجدتين
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والإسماعيلي وابن مردوية والبيهقي عن عمر أنه :
كان يسجد سجدتين في الحج
قال : أن هذه السورة فضلت على سائر السور بسجدتين
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي وأبي الدرداء : انهما سجدا في الحج سجدتين
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق أبي العالية عن ابن عباس قال : في سورة الحج سجدتان
(6/3)
وأخرج
ابن شيبة من طريق أبي العريان المجاشعي عن ابن عباس قال : في الحج سجدة واحدة
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : ليس في الحج إلا سجدة واحدة ; وهي الأولى
والله أعلم
- ياأيها الناس إتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما
أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وماهم بسكارى ولكن عذاب الله شديد
أخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه من طرق عن الحسن وغيره عن عمران
بن حصين قال : لما نزلت يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم إلى
قوله : ولكن عذاب الله شديد أنزلت عليه هذه وهو في سفر فقال : " أتدرون أي
يوم ذلك " ؟ قالوا الله ورسوله أعلم ! قال : " ذلك يوم يقول الله لآدم :
ابعث بعث النار
قال : يا رب وما بعث النار ؟ قال : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار
وواحدا إلى الجنة فانشأ المسلمون يبكون
فقال رسول الله : - صلى الله عليه و سلم - " قاربوا وسددوا فإنها لم تكن نبوة
قط إلا كان بين يديها جاهلية فتؤخذ العدة من الجاهلية فان تمت والا أكملت من
المنافقين وما مثلكم : إلا كمثل الرقمة في ذراع الدابة أو كالشامة في جنب البعير
" ثم قال : " اني لأرجو أن تكونوا ربع أهل الجنة " فكبروا ! ثم قال
: " اني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة " فكبروا ! ثم قال : " اني
لأرجوا أن تكونوا نصف أهل الجنة " فكبروا ! قال : فلا أدري قال الثلثين أم لا
وأخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن مردويه عن عمران بن حصين قال : كنا مع رسول
الله صلى الله عليه و سلم في سفر فتفاوت بين اصحابه في السير فرفع رسول الله - صلى
الله عليه و سلم - صوته بهاتين الآيتين يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة
(6/4)
شيء
عظيم إلى قوله ان عذاب الله شديد فلما سمع ذلك اصحابه حثوا المطي وعرفوا أنه عند
قول يقوله فقال : " هل تدرون أي يوم ذلك ؟ " قالوا : الله ورسوله أعلم
قال : " ذلك يوم ينادي الله تعالى فيه آدم عليه السلام فيقول : يا آدم ابعث
بعث النار فيقول أي رب وما بعث النار ؟ فيقول من كل ألف تسعمائه وتسعة وتسعون إلى
النار وواحد في الجنة " فتعبس القوم حتى ما أبدوا بضاحكة ! فلما رأى رسول
الله - صلى الله عليه و سلم - الذي بأصحابه قال : " اعملوا وابشروا فو الذي
نفس محمد بيده أنكم لمع خليقتين ما كانتا مع شيء إلا أكثرتاه ; يأجوج ومأجوج ومن
مات من بني آدم ومن بني إبليس " فسري عن القوم بعض الذي يجدون قال "
اعملوا وابشروا فوالذي نفس محمد بيده ما أنتم في الناس إلا كالشامة في جنب البعير
أو كالرقمة في ذراع الدابة "
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لما قفل عن
غزوة العسرة ومعه أصحابه بعد ما شارف المدينة قرأ يا أيها الناس اتقوا ربكم إن
زلزلة الساعه شيء عظيم فذكر نحوه إلا أنه زاد فيه : " لم يكن رسولان إلا أن
كان بينهما فترة من الجاهلية فهم أهل النار وإنكم بين ظهراني خليقتين لا يعادهما
أحد من أهل الأرض إلا كثرتاه وهم يأجوج ومأجوج وهم أهل النار وتكمل العدة من
المنافقين "
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان
والحاكم وصححه وابن مردويه عن أنس قال : نزلت يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة
الساعة شيء عظيم إلى قوله ولكن عذاب الله شديد على النبي صلى الله عليه و سلم وهو
في مسير له فرفع بها صوته حتى ثاب إليه أصحابه فقال : أتدرون أي يوم هذا ؟ هذا يوم
يقول الله لآدم : " يا آدم قم فابعث بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعة
وتسعين فكبر ذلك على المسلمين فقال النبي صلى الله عليه و سلم سددوا وقاربوا
وابشروا فوالذي نفس محمد بيده ما أنتم في النار إلا كالشامة في جنب البعير أو
كالرقمة في ذراع الدابة وإن معكم لخليقتين ما كانتا في شيء قط إلا أكثرتاه : يأجوج
ومأجوج ومن هلك من كفرة الإنس والجن "
وأخرج البزار وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية - وأصحابه
(6/5)
عنده
- يا أيها الناس اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شيء عظيم فقال : " هل تدرون أي
يوم ذاك ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم
قال : ذاك يوم يقول الله يا آدم قم فابعث بعث النار
فيقول : يارب من كم ؟ فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحدا
إلى الجنة
فشق ذلك على القوم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إني لأرجو أن تكونوا شطر
أهل الجنة ثم قال : اعملوا وأبشروا فإنكم بين خليقتين لم تكونا مع أحد إلا أكثرتاه
: يأجوج ومأجوج وانما أنتم في الأمم كالشامة في جنب البعير أو كالرقمة في ذراع
الدابة وإنما أمتي جزء من ألف جزء "
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : " بينا رسول
الله صلى الله عليه و سلم في مسيرة في غزوة بني المصطلق إذ أنزل الله يا أيها
الناس اتقوا ربكم إلى قوله ولكن عذاب الله شديد فلما أنزلت عليه وقف على ناقته ثم
رفع بها صوته فتلاها على أصحابه ثم قال لهم : أتدرون أي يوم ذاك ؟ قالوا : الله
ورسوله أعلم
قال : ذاك يوم يقول الله لآدم : يا آدم ابعث بعث النار من ولدك
فيقول : يارب من كل كم ؟ فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحدا
إلى الجنة
فبكى المسلمون بكاء شديدا ودخل عليهم أمر شديد
فقال : والذي نفس محمد بيده ما أنتم في الأمم إلا كالشعرة البيضاء في الشاة
السوداء واني لأرجوا أن تكونوا نصف أهل الجنة بل أرجو أن تكونوا ثلثي أهل الجنة
"
وأخرج ابن مردويه عن أبي موسى قال : بينما رسول الله صلى الله عليه و سلم في مسير
له
فذكر نحوه
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في
الأسماء والصفات عن أبي سعيد الخدري قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم "
يقول الله يوم القيامة : يا آدم ابعث بعث النار
فيقول : يا رب وما بعث النار ؟ فيقول : من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون فعند ذلك
يشيب الوليد وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله
شديد قال : فشق ذلك على الناس فقالوا : يا رسول الله من كل ألف تسعمائة وتسعة
وتسعون ويبقى الواحد ! فأينا ذلك الواحد ؟ فقال : من يأجوج ومأجوج ألف ومنكم
(6/6)
واحد
وهل أنتم في الأمم كالشعرة السوداء في الثور الأبيض ؟ أو كالشعرة البيضاء في الثور
الأسود ؟ "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علقمة في
قوله ان زلزلة الساعة شيء عظيم قال : الزلزلة قبل الساعة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الشعبي أنه قرأ يا أيها الناس اتقوا ربكم إلى قوله
ولكن عذاب الله شديد قال : هذا في الدنيا من آيات الساعة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عبيد بن عمير في الآية
قال : هذه الأشياء تكون في الدنيا قبل يوم القيامة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زلزلتها شرطها
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله ان زلزلة الساعة شيء عظيم قال : هذا بدء يوم
القيامة
وفي قوله يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت قال : تترك ولدها للكرب الذي نزل بها
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله يوم ترونها تذهل قال : تغفل
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله تذهل كل مرضعة عما أرضعت قال : ذهلت عن أولادها
لغير فطام وتضع كل ذات حمل حملها قال : ألقت الحوامل ما في بطونها لغير تمام وترى
الناس سكارى قال : من الخوف وما هم بسكارى قال : من الشراب
وأخرج الطبراني والحاكم وابن مردويه وأبو الحسن أحمد بن يزيد الحلواني في كتاب
الحروب عن عمران بن حصين أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ وترى الناس سكارى
وما هم بسكارى
وأخرج ابن مردويه وأبو الحسن الحلواني والحافظ عبد الغني بن سعيد في إيضاح الاشكال
عن أبي سعيد قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم وترى الناس سكارى وما هم
بسكارى قال الاعمش : وهي قراءتنا
وأخرج سعيد بن منصور عن حذيفة أنه كان يقرأ وترى الناس سكارى وما هم بسكارى
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن مسعود أنه كان يقرأ كذلك
(6/7)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أبي نهيك أنه قرأ وترى الناس يعني تحسب الناس
قال : لو كانت منصوبة كانوا سكارى ولكنها ترى تحسب
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الربيع وترى الناس سكارى قال :
ذلك عند الساعة يسكر الكبير ويشيب الصغير وتضع الحوامل ما في بطونها
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج وما هم بسكارى قال : من الشراب
والله أعلم بالصواب
- قوله تعالى : ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد كتب عليه
أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله ومن الناس من يجادل في الله بغير علم قال :
نزلت في النضر بن الحارث
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جرير مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ويتبع كل شيطان مريد قال : تمرد على معاصي
الله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله كتب عليه قال : كتب على الشيطان
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله كتب عليه قال : على الشيطان أنه من تولاه قال : اتبعه
- قوله تعالى : ياأيها الناس إن كنتم في ريب من البعث فإنا خلقناكم من تراب ثم من
نطفه ثم من علقه ثم من مضغه مخلقة وغير مخلقة لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء
إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفلا
(6/8)
ثم
لتبلغوا أشدكم ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم
شيئا وترى الأرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج
- أخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن المنذر
وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن عبد الله بن مسعود قال : حدثنا رسول
الله صلى الله عليه و سلم وهو الصادق المصدوق : " ان أحدكم يجمع خلقه في بطن
أمه أربعين يوما نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل اليه
الملك فينفح فينفح الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد
فوالذي لا إله إلا غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها
إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها وان أحدكم ليعمل بعمل
أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل
الجنة فيدخلها "
وأخرج أحمد وابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ان النطفة تكون في الرحم أربعين يوم على حالها لا تتغير فإذا مضت الأربعون
صارت علقة ثم مضغة كذلك ثم عظاما كذلك فإذا أراد أن يسوي خلقه بعث إليه ملكا فيقول
: يا رب أذكر أم أنثى ؟ أشقي أم سعيد ؟ أقصير أم طويل ؟ أناقص أم زائد ؟ قوته أجله
أصحيح أم سقيم ؟ فيكتب ذلك كله "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاصول وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : النطفة
إذا استقرت في الرحم أخذها ملك من الأرحام بكفه فقال : يا رب مخلقة أم غير مخلقة ؟
فان قيل غير مخلقة لم تكن نسمة وقذفتها الرحم دما ; وإن قيل مخلقة قال : يارب أذكر
أم أنثى ؟ أشقي أم سعيد ؟ ما الأجل وما الأثر وما الرزق ؟ وبأي أرض تموت ؟ فيقال
للنطفة : من ربك ؟ فتقول : الله
فيقال : من رازقك ؟ فتقول : الله
فيقال له : اذهب إلى أم الكتاب فإنك ستجد فيه قصة هذه النطفة
قال : فتخلق فتعيش في أجلها وتأكل في رزقها وتطأ في أثرها حتى إذا جاء أجلها ماتت
فدفنت في ذلك المكان "
(6/9)
وأخرج
ابن جرير عن ابن مسعود قال : إذا وقعت النطفة في الرحم بعث الله ملكا فقال : يا رب
مخلقة أو غير مخلقه ؟ فان قال غير مخلقة مجها الرحم دما ; وإن قال مخلقة قال : يا
رب فما صفة هذه النطفة
أذكر أم أنثى ؟ وما رزقها ؟ وما أجلها ؟ أشقي أم سعيد ؟ فيقال له : انطلق إلى أم
الكتاب فاستنسخ منه صفة هذه النطفة
فينطلق فينسخها فلا يزال معه حتى يأتي على آخر صفتها
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والبيهقي في الاسماء والصفات عن أنس عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : " ان الله تبارك وتعالى وكل بالرحم ملكا قال : أي رب نطفة
أي رب علقة أي رب مضغة ؟ فإذا قضى الله تعالى خلقها قال : أي رب شقى أو سعيد ؟ ذكر
أو أنثى ؟ فما الرزق ؟ فما الاجل ؟ فيكتب كذلك في بطن أمه "
وأخرج أحمد ومسلم والبيهقي في الاسماء والصفات عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم بأذني هاتين يقول : " ان النطفة تقع في
الرحم أربعين ليلة " وفي لفظ : " إذا مر بالنطفة إثنتان وأربعون ليلة
بعث الله إليها ملكا فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظمها ثم قال : يا
رب أذكر أم أنثى ؟ فيقضي ربك ما يشاء ويكتب الملك ثم يقول : يا رب أجله ؟ فيقول
ربك ما شاء ويكتب الملك ثم يقول : يا رب رزقه ؟ ويقضي ربك ما يشاء ويكتب الملك ثم
يخرج الملك بالصحيفة في يده فلا يزيد على أمره ولا ينقص "
وفي لفظ : " يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو خمس
وأربعين ليلة فيقول : يا رب أشقي أو سعيد ؟ فيكتبان فيقول : أي رب أذكر أو أنثى ؟
فيكتبان
فيكتب عمله وأثره وأجله ورزقه ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص "
وأخرج ابن أبي حاتم وصححه عن ابن عباس في قوله مخلقة وغير مخلقة قال : المخلقة ما
كان حيا وغير مخلقة ما كان من سقط
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : العلقة الدم والمضغة
اللحم والمخلقة التي تم خلقها وغير مخلقة السقط
(6/10)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة مخلقة وغير مخلقة قال : تامة وغير
تامة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي العالية قال غير مخلقة السقط
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الشعبي قال : إذا دخل في الخلق الرابع كانت نسمة
مخلقة وإذا قدم فيها قبل ذلك فهي غير مخلقة
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم عن مجاهد مخلقة وغير مخلقة قال : السقط مخلوق وغير مخلوق ونقر في الارحام ما
نشاء إلى أجل مسمى قال : التمام
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله ونقر في الارحام ما نشاء إلى أجل
مسمى قال : إقامته في الرحم حتى يخرج
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي ونقر في الارحام ما نشاء إلى أجل مسمى قال : هذا ما
كان من ولد يولد تاما ليس بسقط
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله لنبين لكم قال : إنكم كنتم في
بطون أمهاتكم كذلك
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله وترى الأرض هامدة قال : لا نبات فيها
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله وترى الأرض هامدة أي غبراء متهشمة فاذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت يقول :
نفرق الغيث في سبختها وربوها وأنبتت من كل زوج بهيج أي حسن
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله زوج بهيج قال : حسن
- قوله تعالى : ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير وأن
الساعة آتية لاريب فيها وأن الله يبعث من في القبور
أخرج عبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن معاذ بن جبل قال : من علم
أن الله عز و جل حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور دخل
الجنة
(6/11)
وأخرج
الخطيب وابن عساكر عن عائشة عن أبي بكر : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
: " اذا صلى الصبح مرحبا بالنهار الجديد والكاتب والشهيد اكتبا : بسم الله
الرحمن الرحيم
أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله وأشهد أن الدين كما وصف والكتاب
كما أنزل وأشهد أن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور "
وأخرج الحاكم في تاريخه عن أنس رفعه : " من قال في كل يوم أربع مرات : أشهد
أن الله هو الحق المبين وأنه يحيي ويميت وأنه على كل شيء قدير وان الساعة آتية لا
ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور صرف الله عنه السوء "
- قوله تعالى : ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثاني
عطفه ليضل عن سبيل الله له في الدنيا خزي ونذيقه يوم القيامه عذاب الحريق ذلك بما
قدمت يداك وأن الله ليس بظلام للعبيد
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير
قال : يضاعف الشيء وهو واحد
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
في قوله ثاني عطفه قال : هو المعرض من العظمة إنما ينظر في جانب واحد
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ثاني عطفه قال :
لاوي رأسه معرضا موليا لا يريد أن يسمع ما قيل له
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن قتادة رضي الله عنه في قوله ثاني عطفه قال : لاوي عنقه
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ثاني عطفه قال : يعرض عن الحق له
في الدنيا خزي قال : قتل يوم بدر
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ثاني عطفه أنزلت في النضر بن
الحارث
(6/12)
وأخرج
ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ثاني عطفه قال : هو رجل من بني عبد
الدار
قلت : شيبة ؟ قال : لا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ثاني عطفه يقول : يعرض
عن ذكري
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما ثاني عطفه
قال : متكبرا في نفسه
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : بلغني أن أحدهم يحرق في اليوم سبعين
ألف مرة
- قوله تعالى : ومن الناس من يعبد الله على حرف فإن أصابه خير اطمأن به وإن أصابته
فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والآخره ذلك هو الخسران المبين يدعو من دون الله
ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس
المولى ولبئس العشير إن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها
الأنهار إن الله يفعل ما يريد
أخرج البخاري وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ومن الناس من
يعبد الله على حرف قال : كان الرجل يقدم المدينة فإن ولدت امرأته غلاما ونتجت خيله
قال : هذا دين صالح ; وان لم تلد امرأته ولم تنتج خيله قال : هذا دين سوء
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه بسند صحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان
ناس من الأعراب يأتون النبي صلى الله عليه و سلم فيسلمون فإذا رجعوا إلى بلادهم
فإن وجدوا عام غيث وعام خصب وعام ولاد حسن قالوا : إن ديننا هذا صالح فتمسكوا به ;
وان وجدوا عام جدب وعام ولاد سوء وعام قحط قالوا : ما في ديننا هذا خير
فأنزل الله ومن الناس من يعبد الله على حرف
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية
قال : كان أحدهم إذا قدم المدينة - وهي أرض وبيئة - فإن صح بها
(6/13)
جسمه
ونتجبت فرسه مهرا حسنا وولدت امرأته غلاما رضي به واطمأن اليه وقال : ما أصبت منذ
كنت على ديني هذا إلا خيرا ; وإن رجع المدينة وولدت امرأته جارية وتأخرت عنه
الصدقة أتاه الشيطان فقال : والله ما أصبت منذ كنت على دينك هذا إلا شرا
وذلك الفتنة
وأخرج ابن مردويه من طريق عطية عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : أسلم رجل من اليهود
فذهب بصره وماله وولده فتشاءم بالإسلام فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فقال :
" أقلني
فقال : إن الإسلام لا يقال
فقال : لم أصب في ديني هذا خيرا
ذهب بصري ومالي ومات ولدي
! فقال : يا يهودي الإسلام يسبك الرجال كما تسبك النار خبث الحديد والذهب والفضة
"
ونزلت : ومن الناس من يعبد الله على حرف
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ومن الناس من يعبد الله على حرف قال : على شك
وفي قوله فان أصابه خير قال : رخاء وعافية اطمأن به قال : استقر وان أصابته فتنة
قال : عذاب ومصيبة انقلب على وجهه قال : ارتد على وجهه كافرا
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في قوله ومن الناس من يعبد الله على حرف
قال : كان الرجل يأتي المدينة مهاجرا فإن صح جسمه وتتابعت عليه الصدقة وولدت
امرأته غلاما وأنتجت فرسه مهرا قال : والله لنعم الدين وجدت دين محمد صلى الله
عليه و سلم هذا ما زلت أعرف الزيادة في جسدي وولدي ; وإن سقم بها جسمه واحتبست عليه
الصدقة وأزلقت فرسه وأصابته الحاجة وولدت امرأته الجارية قال : والله لبئس الدين
دين محمد هذا والله ما زلت أعرف النقصان في جسدي وأهلي وولدي ومالي
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله ومن الناس من يعبد الله على حرف قال : على شك فان أصابه خير اطمأن به وإن
أصابته فتنة انقلب على وجهه يقول : إن أصاب خصبا وسلوة من عيش وما يشتهي اطمأن
اليه وقال : أنا على حق وأنا أعرف الذي أنا عليه وان أصابته فتنة أي بلاء انقلب
على وجهه يقول : ترك ما كان عليه من الحق
(6/14)
فأنكر
معرفته خسر الدنيا والآخرة
يقول : خسر دنياه التي كان لها يحزن وبها يفرح ولها يسخط ولها يرضى وهي همه وسدمه
وطلبته ونيته ثم أفضى إلى الآخرة وليس له حسنة يعطى بها خيرا فذلك هو الخسران
المبين
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله يدعو من دون الله ما لا يضره إن عصاه في
الدنيا وما لا ينفعه ان أطاعه وهو الصنم يدعو لمن ضره أقرب من نفعه يقول : ضره في
الآخرة من أجل عبادته إياه في الدنيا لبئس المولى يقول : الصنم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد لبئس المولى
ولبئس العشير قال : الصاحب
- قوله تعالى : من كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخره فليمدد بسبب إلى
السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده مايغيظ وكذلك أنزلناه آيات بينات وأن الله
يهدي من يريد
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله من كان يظن أن لن ينصره الله قال
: من كان يظن أن لن ينصر الله محمدا في الدنيا والآخرة فليمدد بسبب قال : فليربط
حبلا إلى السماء قال : إلى سماء بيته السقف ثم ليقطع قال : ثم يختنق به حتى يموت
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله من كان يظن
أن لن ينصره الله يقول : أن لن يرزقه الله فليمدد بسبب إلى السماء فليأخذ حبلا
فليربطه في سماء بيته فليختنق به فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ قال : فلينظر هل
ينفعه ذلك أو يأتيه برزق ؟ وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي
الله عنه من كان يظن ان لن ينصره الله قال : ان لن يرزقه الله فليمدد بسبب إلى
السماء قال : بحبل بيته ثم ليقطع ثم ليختنق فلينظر هل يذهبن كيده ذلك ما يغيظ قال
: ذلك خيفة أن لا يرزق
(6/15)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في الآية قال : من كان يظن أن لن ينصر الله
نبيه ويكابد هذا الأمر ليقطعه عنه فليقطع ذلك من أصله من حيث يأتيه فان أصله في
السماء ثم ليقطع أي عن النبي الوحي الذي يأتيه من الله إن قدر
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في الآية قال : من كان يظن
ان لن ينصر الله محمدا فليجعل حبلا في سماء بيته فليختنق به فلينظر هل يغيظ ذلك
إلا نفسه ؟
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله من كان
يظن أن لن ينصره الله يقول : من كان يظن أن الله غير ناصر دينه فليمدد بحبل إلى
السماء سماء البيت فليختنق فلينظر ما يرد ذلك في يده
- قوله تعالى : إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين
أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامه إن الله على كل شيء شهيد
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله ان الذين آمنوا الآية
قال : الصائبون قوم يعبدون الملائكة ويصلون القبلة ويقرأون الزبور والمجوس عبدة
الشمس والقمر والنيران وأما الذين أشركوا فهم عبدة الأوثان ان الله يفصل بينهم يوم
القيامة قال : الأديان ستة : فخمسة للشيطان ودين لله عز و جل
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ان الله يفصل بينهم قال : فصل قضاءه بينهم
فجعل الجنة مشتركة وجعل هذه الأمة واحدة
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : قالت اليهود : عزير ابن الله
وقالت النصارى : المسيح ابن الله
وقالت الصابئه : نحن نعبد الملائكة من دون الله
وقالت المجوس : نحن نعبد الشمس والقمر من دون الله
وقالت المشركون : نحن نعبد الأوثان من دون الله
فأوحى الله إلى نبيه ليكذب قولهم : قل
(6/16)
هو
الله أحد سورة الصمد الآية1 إلى آخرها وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا الإسراء
آية 111 وأنزل الله ان الذي آمنوا والذين هادوا والصائبين والنصارى والمجوس
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه الآية قال : الذين هادوا
اليهود والصائبون ليس لهم كتاب المجوس أصحاب الأصنام والمشركون نصارى العرب
- قوله تعالى : ألم ترى أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر
والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله
فما له من مكرم إن الله يفعل ما يشاء هذان خصمان اختصموا في ربهم فالذين كفروا
قطعت لهم ثياب من نار يصب من فوق رؤسهم الحميم يصهر به مافي بطونهم والجلود ولهم
مقامع من حديد كلما أرادوا أن يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها وذوقوا عذاب الحريق
أن الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار يحلون فيها
من أساور من ذهب ولؤلؤ ولباسهم فيها حرير
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : ألم تر
أن الله يسجد له من في السموات الآية
قال : سجود ظل هذا كله وكثير من الناس قال : المؤمنون وكثير حق عليه العذاب قال :
هذا الكافر سجود ظله وهو كاره
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : سجود كل شيء فيئه وسجود
الجبال فيئها
(6/17)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : الثوب يسجد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي العالية رضي الله عنه قال : ما في
السماء من شمس ولا قمر ولا نجم إلا يقع ساجدا حتى يغيب ثم لا ينصرف حتى يؤذن له
فيأخذ ذات اليمين حتى يرجع إلى معلمه
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال : إذا فاء الفيء لم يبق شيء من
دابة ولا طائر إلا خر لله ساجدا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن دينار رضي الله عنه قال : سمعت رجلا يطوف بالبيت
ويبكي فإذا هو طاوس ! فقال : عجبت من بكائي ؟ قلت : نعم
قال : ورب هذه البنية إن هذا القمر ليبكي من خشية الله ولا ذنب له
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن أبي مليكة رضي الله عنه قال : مر رجل على عبد الله بن
عمرو وهو ساجد في الحجر وهو يبكي فقال : أتعجب أن أبكي من خشية الله وهذا القمر
يبكي من خشية الله
؟ وأخرج ابن أبي حاتم عن طاوس رضي الله عنه في الآية قال : لم يستثن من هؤلاء أحدا
حتى إذا جاء ابن آدم استثناه فقال وكثير من الناس قال : والذي أحق بالشكر هو
أكثرهم
وأخرج ابن أبي حاتم واللالكائي في السنة والخلعي في فوائده عن علي أنه قيل له : ان
ههنا رجلا يتكلم في المشيئة
فقال له علي : يا عبد الله خلقك الله لما يشاء أو لما شئت ؟ قال : بل لما يشاء
قال : فيمرضك إذا شاء أو اذا شئت ؟ قال : بل إذا شاء
قال : فيشفيك إذا شاء أو إذا شئت ؟ قال : بل إذا شاء
قال : فيدخلك الجنة حيث شاء أو حيث شئت ؟ قال : بل حيث شاء
قال : والله لو قلت غير ذلك لضربت الذي فيه عيناك بالسيف
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن
ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي
ذر رضي الله عنه أنه كان يقسم قسما إن هذه الآية هذان خصمان اختصموا في ربهم
إلى قوله ان الله يفعل ما يريد نزلت في الثلاثة والثلاثة الذين تبارزوا يوم بدر
وهم : حمزة بن عبد المطلب وعبيدة بن الحارث
(6/18)
وعلي
بن أبي طالب وعتبة وشيبة ابنا ربيعة والوليد بن عتبة
قال علي رضي الله عنه : أنا أول من يجثو في الخصومة على ركبتيه بين يدي الله يوم
القيامة
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري والنسائي وابن جرير والبيهقي من طريق قيس بن عبادة عن
علي رضي الله عنه قال : أنا أول من يجثو بين يدي الرحمن للخصومة يوم القيامة
قال قيس : فيهم نزلت هذان خصمان اختصموا في ربهم قال : هم الذين بارزوا يوم بدر :
علي وحمزة وعبيدة وشيبة بن ربيعة وعتبة بن ربيعة والوليد ابن عتبة
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : لما بارز علي وحمزة وعبيدة وعتبة وشيبة
والوليد قالوا لهم : تكلموا نعرفكم
قال : أنا علي وهذا حمزة وهذا عبيدة
فقالوا : أكفاء كرام ! فقال علي : أدعوكم إلى الله وإلى رسوله
فقال عتبة : هلم للمبارزة
فبارز علي شيبة فلم يلبث أن قتله وبارز حمزة عتبة فقتله وبارز عبيدة الوليد فصعب
عليه فأتى علي فقتله
فأنزل الله هذان خصمان
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : لما التقوا يوم بدر قال لهم عتبة بن
ربيعة : لا تقتلوا هذا الرجل فانه إن يكن صادقا فأنتم أسعد الناس بصدقة وان يكن
كاذبا فأنتم أحق من حقن دمه
فقا أبو جهل بن هشام : لقد امتلأت رعبا
فقال عتبة : ستعلم أينا الجبان المفسد لقومه
قال : فبرز عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة فنادوا النبي صلى الله
عليه و سلم وأصحابه فقالوا : " ابعث الينا أكفاءنا نقاتلهم
فوثب غلمة من الأنصار من بني الخزرج فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم
اجلسوا
قوموا يا بني هاشم
فقام حمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب وعبيدة بن الحارث فبرزوا لهم فقال عتبة
: تكلموا نعرفكم ان تكونوا أكفاءنا قاتلناكم
قال حمزة : أنا حمزة بن عبد المطلب
أنا أسد الله وأسد رسوله
فقال عتبة : كفء كريم ! فقال علي : أنا علي بن أبي كالب
فقال : كفء كريم ! فقال عبيدة
أنا عبيدة بن الحارث
فقال عتبة : كفء كريم ! فأخذ حمزة شيبة بن ربيعة وأخذ علي بن أبي طالب عتبة بن
ربيعة وأخذ عبيدة الوليد
فأما حمزة فأجاز على شيبة وأما علي فاختلفا ضربتين ؟ فأقام فأجاز على عتبة وأما
عبيدة فأصيبت رجله
قال : فرجع هؤلاء وقتل هؤلاء فنادى أبو
(6/19)
جهل
وأصحابه : لنا العزى ولا عزى لكم فنادى منادي للنبي صلى الله عليه و سلم قتلانا في
الجنة وقتلاكم في النار
فأنزل الله هذان خصمان اختصموا في ربهم
وأخرج عبد بن حميد عن لاحق بن حميد قال : نزلت هذه الآية يوم بدر هذان خصمان
اختصموا في ربهم فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار في عتبة ابن ربيعة وشيبة بن
ربيعة والوليد بن عتبة
ونزلت ان الله يدخل الذين آمنوا وعملوا الصالحات إلى قوله وهدوا إلى صراط الحميد
في علي بن أبي طالب وحمزة وعبيدة بن الحارث
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله هذا
خصمان اختصموا في ربهم قال : مثل المؤمن والكافر اختصامها في البعث
وأخرج ابن جرير عن مجاهد وعطاء بن أبي رباح والحسن قال : هم الكافرون والمؤمنون
اختصموا في ربهم
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله هذان خصمان اخصتموا في ربهم قال :
هم أهل الكتاب قالوا للمؤمنين نحن أولى بالله وأقدم منكم كتابا ونبينا قبل نبيكم
وقال المؤمنون : نحن أحق بالله آمنا بمحمد وآمنا بنبيكم وبما أنزل الله من كتاب
وأنتم تعرفون كتابنا ونبينا ثم تركتموه وكفرتم به حسدا فكان ذلك خصومتهم في ربهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : اختصم المسلمون وأهل
الكتاب فقال أهل الكتاب : نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم ونحن أولى بالله
منكم وقال المسلمون : إن كتابنا يقضي على الكتب كلها ونبينا خاتم الأنبياء فنحن
أولى بالله منكم فأفلج الله أهل الإسلام على من ناوأهم فأنزل الله هذان خصمان
اختصموا في ربهم
إلى قوله عذاب الحريق
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله هذان خصمان اختصموا في ربهم قال : هما الجنة
والنار اختصمتا فقالت النار : خلقني الله لعقوبته
وقالت الجنة : خلقني الله لرحمته
وأخرج ابن جرير عن جاهد فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار قال : الكافر قطعت له
ثياب من نار والمؤمن يدخله الله جنات تجري من تحتها الانهار
(6/20)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله قطعت لهم ثياب من
نار من نحاس وليس من الآنية شيء إذا حمي اشتد بأحر منه
وفي قوله يصب من فوق رؤوسهم الحميم قال : النحاس يذاب على رؤوسهم
وفي قوله يصهر به ما في بطونهم قال : تسيل أمعاؤهم والجلود قال : تتناثر جلودهم
حتى يقوم كل عضو بحياله
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي أنه قرأ قوله قطعت لهم ثياب من نار قال :
سبحان من قطع من النار ثيابا
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن وهب بن منبه قال : كسي أهل النار والعري كان خيرا لهم
وأعطوا الحياة والموت كان خيرا لهم
وأخرج عبد بن حميد والترمذي وصححه وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير
وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وأبو نعيم في الحلية وابن مردويه عن أبي هريرة أنه
تلا هذه الآية فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " ان الحميم
ليصب على رؤوسهم فينفذ الجمجمة حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من
قدمه وهو الصهر ثم يعاد كما كان "
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : يأتيه الملك يحمل الاناء بكليتين من حرارته
فاذا ادناه من وجهه يكرهه فيرفع مقمعة معه فيضرب بها رأسه فيفذغ دماغه ثم يفرغ
الإناء من دماغه فيصل إلى جوفه من دماغه
فذلك قوله يصهر به ما في بطونهم والجلود
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن سعيد ابن جبير
قال : إذا جاء أهل النار في النار استغاثوا بشجرة الزقوم فأكلوا منها فاختنست جلود
وجوههم فلو أن مارا يمر بهم يعرفهم لعرف جلود وجوههم بها ثم يصب عليهم العطش
فيستغيثون فيغاثون بماء كالمهل وهو الذي قد سقطت عنه الجلود و يصهر به ما في
بطونهم يمشون وأمعاؤهم تساقط وجلودهم ثم يضربون
بمقامع من حديد فيسقط كل عضو على حياله يدعون بالويل والثبور
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله يصهر به ما في بطونهم والجلود قال : يمشون
وأمعاؤهم تساقط وجلودهم
وفي قوله ولهم مقامع من حديد قال : يضربون بها فيقع كل عضو على حياله
(6/21)
وأخرج
ابن الانباري والطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الازرق سأله عن قوله يصهر
قال : يذاب ما في بطونهم إذا شربوا الحميم
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول الشاعر : سخنت صهارته فظل
عثانه في شيطل كعب به تتردد وظل مرتثيا للشمس تصهره حتى اذا لشمس قامت جانبا عدلا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله يصهر به ما في بطونهم والجلود قال : يسقون ماء
إذا دخل بطونهم أذابها والجلود مع البطون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله يصهر به
ما في بطونهم قال : يذاب إذابة
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك مثله
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة يصهر به قال : يذاب
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله يصهر به قال : يذاب كما يذاب الشحم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله ولهم مقامع قال
: مطارق
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : كان عمر يقول : أكثروا ذكر النار فان حرها شديد
وإن قعرها بعيد وإن مقامعها حديد
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في البعث
عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لو أن مقمعا من
حديد وضع في الأرض فاجتمع الثقلان ما أقلوه في الأرض ولو ضرب الجبل بمقمع من حديد
لتفتت ثم عاد كما كان "
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن سلمان قال : النار سوداء مظلمة لا
يضيء لهبا ولا جمرها
ثم قرأ كلما أرادوا ان يخرجوا منها من غم أعيدوا فيها
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جعفر القاري أنه قرأ هذه الآية كلما أرادوا
(6/22)
ان
يخرجوا منها من غم فبكى وقال : أخبرني زيد بن أسلم في هذه الآية ان أهل النار في
النار لا يتنفسون
وأخرج ابن أبي حاتم عن الفضيل بن عياض في الآية قال : والله ما طمعوا في الخروج ;
لأن الأرجل مقيدة والأيدي موثقة ولكن يرفعهم لهبا وتردهم مقامعها
وأخرج البخاري ومسلم عن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم " من لبس
الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة "
وأخرج النسائي والحاكم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من
لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة ومن شرب الخمر في الدنيا لم يشربه في
الآخرة ومن شرب في آنية الذهب والفضة لم يشرب في الآخرة "
ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لباس أهل الجنة وشراب أهل الجنة وآنية أهل
الجنة
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن الزبير قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة
"
قال ابن الزبير من قبل نفسه : ومن لم يلبسه في الآخرة لم يدخل الجنة ; لأن الله
تعالى قال : ولباسهم فيها حرير
وأخرج النسائي والحاكم وابن حبان عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة وان دخل الجنة لبسه
أهل الجنة ولم يلبسه "
- قوله تعالى : وهدوا إلى الطيب من القول وهدوا إلى صراط الحميد إن الذين كفروا
ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد ومن
يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم وإذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت أن لا تشرك
بي شيئا وطهر بيتي للطائفين والقائمين والركع السجود وأذن في الناس بالحج يأتوك
رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع
(6/23)
لهم
ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام فكلوا منها
وأطعموا البائس الفقير
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وهدوا إلى الطيب قال
: ألهموا
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله وهدوا إلى الطيب من القول قال : في
الخصومة إذ قالوا : الله مولانا ولا مولى لكم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن إسماعيل بن أبي خالد وهدوا إلى الطيب من القول
قال : القرآن وهدوا إلى صراط الحميد قال : الإسلام
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك وهدوا إلى الطيب من القول
قال : الإخلاص وهدوا إلى صراط الحميد قال : الإسلام
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله وهدوا إلى الطيب من القول قال : لا إله إلا
الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله الذي قال اليه يصعد الكلم الطيب
وأخرج عبد حميد عن ابن عباس قال : الحرم كله هو المسجد الحرام
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله سواء العاكف فيه والباد قال : خلق الله فيه
سواء
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله سواء يعني شرعا واحدا العاكف فيه قال :
أهل مكة في مكة أيام الحج والباد قال : من كان في غير أهلها من يعتكف به من الآفاق
قال : هم في منازل مكة سواء فينبغي لأهل مكة أن يوسعوا لهم حتى يقضوا مناسكهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال البادي وأهل مكة سواء في المنزل
والحرم
(6/24)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد وعطاء سواء العاكف فيه والباد قال : سواء في تعظيم
البلد وتحريمه
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي في شعب الايمان عن قتادة في الآية قال : سواء في جواره
وأمنه وحرمته العاكف فيه أهل مكة والباد من يعتكفه من أهل الآفاق
وأخرج عبد بن حميد عن ابن حصين قال : سألت سعيد بن جبير : أعتكف بمكة ؟ قال : لا
أنت معتكف ما أقمت
قال الله سواء العاكف فيه والباد
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن مجاهد في الآية قال : الناس بمكة سواء ليس أحد
أحق بالمنازل من أحد
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عبد الله بن عمرو قال : من أخذ من أجور بيوت
مكة إنما يأكل في بطنه نارا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عطاء أنه كان يكره أن تباع بيوت مكة أو تكرى
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم أنه كان يكره اجارة بيوت مكة
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عمر أن عمر نهى أن تغلق أبواب دور مكة فان الناس كانوا
ينزلون منها حيث وجدوا حتى كانوا يضربون فساطيطهم في الدور
وأخرج ابن سعد عن عمر بن الخطاب أن رجلا قال له عند المروة : يا أمير المؤمنين
أقطعني مكانا لي ولعقبي
فأعرض عنه عمر وقال : هو حرم الله سواء العاكف فيه والباد
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : بيوت مكة لا تحل إجارتها
وأخرج ابن أبي شية عن ابن جريج قال : أنا قرأت كتاب عمر بن عبد العزيز على الناس
بمكة فنهاهم عن كراء بيوت مكة ودورها
وأخرج ابن أبي شيبة عن القاسم قال : من أكل شيئا من كراء مكة فإنما يأكل نارا
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : كان عمر يمنع أهل مكة أن يجعلوا لها أبوابا حتى
ينزل الحاج في عرصات الدور
(6/25)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن جعفر عن أبيه قال : لم يكن للدور بمكة أبواب كان أهل مصر وأهل
العراق يأتون فيدخلون دور مكة
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سابط في قوله سواء العاكف فيه والباد قال : البادي الذي
يجيء من الحج والمقيمون سواء في المنازل ينزلون حيث شاؤوا ولا يخرج رجل من بيته
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند صحيح عن ابن عباس قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم في قول الله تعالى سواء العاكف فيه والباد قال : "
سواء المقيم والذي يرحل "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله سواء العاكف فيه
والباد قال : ينزل أهل مكة وغيرهم في المسجد الحرام
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " مكة مباحة
لا تؤجر بيوتها ولا تباع رباعها "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجة عن علقمة بن نضلة قال : توفي رسول الله صلى الله
عليه و سلم وأبو بكر وعمر وما تدعى رباع مكة إلا السوائب من احتاج سكن ومن استغنى
أسكن
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عمر أنه قال : يا أهل مكة لا تتخذوا لدوركم
أبوابا لينزل البادي حيث شاء
وأخرج الدار قطني عن ابن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " من
أكل كراء بيوت مكة أكل نارا "
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن راهويه وأحمد وعبد بن حميد والبزار وأبو يعلى
وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن
مسعود رفعه في قوله ومن يرد فيه بالحاد بظلم قال : لو أن رجلا هم فيه بإلحاد وهو
بعدن أبين لأذاقه الله تعالى عذابا أليما
وأخرج سعيد بن منصور والطبراني عن ابن مسعود في قوله ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه
من عذاب أليم قال : من هم بخطيئة فلم يعملها في سوى البيت لم تكتب عليه حتى يعملها
ومن هم بخطيئة في البيت لم يمته الله من الدنيا حتى يذيقه من عذاب أليم
(6/26)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية في عبد الله بن أنيس أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم بعثه مع رجلين : أحدهما مهاجري والآخر من الأنصار فافتخروا في
الأنساب فغضب عبد الله بن أنيس فقتل الأنصاري ثم ارتد عن الإسلام وهرب إلى مكة
فنزلت فيه ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من عذاب أليم يعني من لجأ إلى الحرم
بإلحاد يعني بميل عن الإسلام
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير والبيهقي في شعب الايمان عن قتادة في قوله ومن يرد فيه
بإلحاد
قال : من لجأ إلى الحرم ليشرك فيه عذبه الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ومن
يرد فيه بإلحاد بظلم قال : بشرك
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله ومن يرد فيه بإلحاد بظلم قال : هو أن يعبد فيه
غير الله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ومن يرد فيه بإلحاد بظلم يعني أن تستحل من الحرام ما
حرم الله عليك من لسان أو قتل فتظلم من لا يظلمك وتقتل من لا يقتلك
فإذا فعل ذلك فقد وجب له عذاب أليم
وأخرج ابن جرير عن حبيب بن أبي ثابت في قوله ومن يرد فيه بإلحاد بظلم قال : هم
المحتكرون الطعام بمكة
وأخرج البخاري في تاريخه وعبد بن حميد وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
مردويه عن يعلى بن أمية عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " احتكار
الطعام في الحرم إلحاد فيه "
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في تاريخه وابن المنذر عن عمر بن الخطاب قال :
احتكار الطعام بمكة إلحاد بظلم
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : بيع الطعام بمكة إلحاد
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن ابن عمر : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : " احتكار الطعام بمكة إلحاد "
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن منيع وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم وابن مردويه عن مجاهد قال : كان لعبد الله بن عمرو
(6/27)
فسطاطان
: أحدهما في الحل والآخر في الحرم فإذا أراد أن يصلي صلى في الذي في الحرم واذا
أراد أن يعاتب أهله عاتبهم في الذي في الحل
فقيل له فقال : كنا نحدث أن من الالحاد فيه أن يقول الرجل : كلا والله وبلى والله
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآيه قال : شتم الخادم في الحرم ظلم فما
فوقه
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال :
تجارة الأمير بمكة إلحاد
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : أقبل تبع بريد الكعبة حتى إذا كان بكراع
الغميم بعث الله تعالى عليه ريحا لا يكاد القائم يقوم إلا بمشقة
ويذهب القائم يقعد فيصرع وقامت عليه ولقوا منها عناء ودعا تبع حبريه فسألهما : ما
هذا الذي بعث علي ؟ قالا : أوتؤمنا ؟ قال : أنتم آمنون
قالا : فإنك تريد بيتا يمنعه الله ممن أراده ! قال : فما يذهب هذا عني ؟ قالا :
تجرد في ثوبين ثم تقول : لبيك اللهم لبيك ثم تدخل فتطوف به فلا تهيج أحدا من أهله
قال : فان اجمعت على هذا ذهبت هذه الريح عني ؟ قالا نعم
فتجرد ثم لبى فأدبرت الريح كقطع الليل المظلم
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله ومن يرد فيه بإلحاد بظلم نذقه من
عذاب أليم قال : حدثنا شيخ من عقب المهاجرين والانصار أنهم أخبروه أن ايما أحد
أراد به ما أراد أصحاب الفيل عجل لهم العقوبة في الدنيا وقال : إنما يؤتي استحلاله
من قبل أهله
فأخبرني عنهم أنه وجد سطران بمكة مكتوبان في المقام : أما أحدهما فكان كتابته :
بسم الله والبركة وضعت بيتي بمكة طعام أهله اللحم والسمن والتمر ومن دخله كان آمنا
لا يحله إلا أهله
قال : لولا أن أهله هم الذين فعلوا به ما قد علمت لعجل لهم في الدنيا العذاب
قال : ثم أخبرني أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : قبل أن يستحل منه الذي يستحل
قال : أجد مكتوبا في الكتاب الأول : عبد الله يستحل به الحرم وعنده عبد الله بن
عمرو بن الخطاب وعبد الله بن الزبير
فقال : عبد الله بن عمرو بن العاص وعبد الله بن عمر بن الخطاب قال كل واحد منهما :
لست قارا به إلا حاجا أو معتمرا أو حاجة لا بد منها
وسكت عبد الله بن الزبير فلم يقل شيئا فاستحل من بعد ذلك
(6/28)
وأخرج
ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال
: من هم بسيئة لم تكتب عليه حتى يعملها
ولو أن رجلا كان بعدن أبين حدث نفسه بأن يلحد في البيت والالحاد فيه : أن يستحل
فيه ما حرم الله عليه فمات قبل أن يصل إلى ذلك أذاقه الله من عذاب أليم
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن الضحاك في قوله ومن يرد فيه بإلحاد
قال : ان الرجل ليهم بالخطيئة بمكة وهو بأرض أخرى فتكتب عليه وما عملها
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال : تضاعف
السيئات بمكة كما تضاعف الحسنات
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عطاء بن أبي رباح ومن يرد فيه
بإلحاد بظلم قال : القتل والشرك
وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي مليكة أنه سئل عن قوله ومن يرد فيه بإلحاد بظلم قال
: ما كنا نشك أنها الذنوب حتى جاء اعلاج من أهل البصرة إلى أعلاج من أهل الكوفة
فزعموا أنها الشرك
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : ما من عبد يهم بذنب فيؤاخذه الله بشيء حتى يعمله
إلا من هم بالبيت العتيق شراء فإنه من هم به شرا عجل الله له
وأخرج عبد بن حميد عن أبي الحجاج في الآية قال : إن الرجل يحدث نفسه أن يعمل ذنبا
بمكة فيكتبه الله عليه ذنبا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن مجاهد قال : رأيت عبد الله بن عمرو بعرفة ومنزله
في الحل ومسجده في الحرم فقلت له : لم تفعل هذا ؟ قال : لأن العمل فيه أفضل
والخطيئة فيه أعظم
والله أعلم
وأخرج أبو الشيخ وابن عدي وابن مردويه والديلمي بسند ضعيف عن عائشة قالت : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " دثر مكان البيت فلم يحجه هود ولا صالح حتى
بوأه الله لابراهيم "
وأخرج ابن جرير والحاكم وصححه من طريق حارثه بن مضرب عن علي بن أبي طالب قال : لما
أمر إبراهيم ببناء البيت خرج معه إسماعيل وهاجر فلما قدم مكة رأى على رأسه في موضع
البيت مثل الغمامة فيه مثل الرأس فكلمه فقال : يا
(6/29)
إبراهيم
ابن على ظلي أو على قدري ولا تزد ولا تنقص
فلما بنى خرج وخلف إسماعيل وهاجر
وذلك حين يقول الله واذ بوأنا لابراهيم مكان البيت
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر عن عطاء بن أبي رياح قال :
لما أهبط الله آدم كان رجلاه في الأرض ورأسه في السماء فيسمع كلام أهل السماء
ودعاءهم فيأنس إليهم فهابت الملائكة منه حتى شكت إلى الله في دعائها وفي صلاتها
فأخفضه الله إلى الأرض فلما فقد ما كان يسمع منهم استوحش حتى شكا إلى الله في
دعائه وفي صلاته فوجه إلى مكة فكان موضع قدمه قرية وخطوه مفازة حتى انتهى إلى مكة
فأنزل الله ياقوته من ياقوت الجنة فكانت على موضع البيت الآن فلم يزل يطاف به حتى
أنزل الله الطوفان فرفعت تلك الياقوته حتى بعث الله إبراهيم فبناه
فذلك قول الله واذ بوأنا لابراهيم مكان البيت
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق معمر عن قتادة قال
: وضع الله البيت مع آدم حين أهبط الله آدم إلى الأرض وكان مهبطه بأرض الهند وكان
رأسه في السماء ورجلاه في الأرض وكانت الملائكة تهابه فنقص إلى ستين ذراعا فحزن
آدم إذ فقد أصوات الملائكة وتسبيحهم فشكا ذلك إلى الله فقال الله : " يا آدم
إني قد أهبطت لك بيتا يطاف به كما يطاف حول عرشي ويصلى عنده كما يصلى عند عرشي
فاخرج إليه "
فخرج اليه آدم ومد له في خطوه فكان بين كل خطوتين مفازة
فلم تزل تلك المفاوز بعد على ذلك
وأتى آدم فطاف به ومن بعده من الأنبياء
قال معمر : وأخبرني أبان أن البيت أهبط ياقوته واحدة أو درة واحدة
قال معمر : وبلغني أن سفينة نوح طافت بالبيت سبعا حتى اذا أغرق الله قوم نوح فقدوا
بقي أساسه فبوأه الله لإبراهيم فبناه بعد ذلك
فذلك قول الله واذ بوأنا لإبراهيم مكان البيت
قال معمر : قال ابن جريج : قال ناس : أرسل الله سبحانه سحابه فيها رأس فقال الرأس
: يا ابرهيم إن ربك يأمرك أن تأخذ قدر هذه السحابة
فجعل ينظر إليها ويخط قدرها
قال الرأس : قد فعلت ؟ قال : نعم
ثم ارتفعت فحفر فأبرز عن أساس ثابت في الأرض
قال ابن جريج : قال مجاهد : أقبل الملك والصرد والسكينة مع إبراهيم من الشام فقالت
السكينة :
(6/30)
يا
إبراهيم ريض على البيت
قال : فلذلك لا يطوف البيت أعرابي ولا ملك من هذه الملوك إلا رأيت عليه السكينة
والوقار
قال ابن جريج : وقال ابن المسيب : قال علي بن أبي طالب : وكان الله استودع الركن
أبا قبيس فلما بنى إبراهيم ناداه أبو قبيس فقال : يا إبراهيم هذا الركن في فخده
فحفر عنه فوضعه فلما فرغ إبراهيم من بنائه قال : قد فعلت يا رب فأرنا مناسكنا
أبرزها لنا وعلمناها
فبعث الله جبريل فحج به حتى إذا رأى عرفة قال : قد عرفت
وكان أتاها قبل ذلك مرة
قال : فلذلك سميت عرفة حتى اذا كان يوم النحر عرض له الشيطان فقال : احصب
فحصبه بسبع حصيات
ثم اليوم الثاني فالثالث فسد ما بين الجبلين - يعني إبليس - فلذلك كان رمي الجمار
قال : اعل على ثبير
فعلاه فنادى : يا عباد الله أجيبوا الله
يا عباد الله أطيعوا الله
فسمع دعوته من بين الابحر السبع ممن كان في قلبه مثقال ذرة من الإيمان
فهي التي أعطى الله إبراهيم في المناسك قوله : لبيك اللهم لبيك ولم يزل على وجه
الأرض سبعة مسلمون فصاعدا فلولا ذلك هلكت الأرض ومن عليها
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار قال : كان البيت غثاة - وهي الماء - قبل أن
يخلق الله الأرض بأربعين عاما ومنه دحيت الأرض
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن السدي قال : إن الله عز و جل
أمر إبراهيم أن يبني البيت هو وإسماعيل فانطلق إبراهيم حتى أتى مكة فقام هو
وإسماعيل وأخذ المعاول لا يدريان أين البيت فبعث الله ريحا يقال لها ريح الخجوج
لها جناحان ورأس في صورة حية فكنست لهما ما حول الكعبة من البيت الأول واتبعاها
بالمعاول يحفران حتى وضعا الأساس
فذلك حين يقول الله واذ بوأنا لابراهيم مكان البيت فلما بنيا القواعد فبلغ مكان
الركن قال إبراهيم لإسماعيل : اطلب لي حجرا حسنا أضعه ههنا
قال : يا أبت اني كسلان لغب
قال : علي ذلك
فانطلق يطلب له حجرا فأتاه بحجر فلم يرضه فقال : ائتني بحجر أحسن من هذا
فانطلق يطلب له حجرا فجاءه جبريل بالحجر الأسود من الجنة وكان أبيض ياقوته بيضاء
مثل الثغامة وكان آدم هبط به من الجنة فاسود من خطايا الناس فجاءه إسماعيل بحجر
فوجد عنده الركن فقال : يا أبت من
(6/31)
جاءك
بهذا ؟ قال : جاءني به من هو أنشط منك
فبينما هما يدعوان بالكلمات التي ابتلى بها إبراهيم ربه فلما فرغا من البنيان أمره
الله أن ينادي
فقال أذن في الناس بالحج
وأخرج ابن أبي حاتم عن حوشب بن عقيل قال : سألت محمد بن عباد بن جعفر : متى كان
البيت ؟ قال : خلقت الأشهر له
قلت : كم كان طول بناء إبراهيم ؟ قال : ثمانية عشر ذراعا
قلت : كم هو اليوم ؟ قال : ستة وعشرون ذراعا : قلت : هل بقي من حجارة بناء إبراهيم
شيء ؟ قال : حشي به البيت إلا حجرين مما يليا الحجر
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قال الله لنبيه وطهر بيتي للطائفين
والقائمين والركع السجود قال : طواف قبل الصلاة
وقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " الطواف بالبيت بمنزلة الصلاة إلا أن
الله قد أحل فيه المنطق فمن نطق فلا ينطق إلا بخير "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء في قوله للطائفين
قال : الذين يطوفون به والقائمين قال : المصلين عنده
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة قال : القائمون المصلون
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن منيع وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال : لما فرغ إبراهيم من بناء البيت
قال : رب قد فرغت
فقال أذن في الناس بالحج قال : رب وما يبلغ صوتي ؟ قال : أذن وعلي البلاغ
قال : رب كيف أقول ؟ قال : يا أيها الناس كتب عليكم الحج إلى البيت العتيق
فسمعه من بين السماء والأرض ألا ترى أنهم يجيئون من أقصى الأرض يلبون
؟ وأخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال : لما بنى إبراهيم
البيت أوحى الله اليه أن أذن في الناس بالحج
فقال : ألا إن ربكم قد اتخذ بيتا وأمركم أن تحجوه
فاستجاب له ماسمعه من حجر أو شجر أو أكمة أو تراب أو شيء
فقالوا : لبيك اللهم لبيك
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما أمر الله إبراهيم أن ينادي في الناس
بالحج صعد أبا قبيس فوضع أصبعيه في أذنيه ثم نادى : إن الله كتب
(6/32)
عليكم
الحج فأجيبوا ربكم
فأجابوه بالتلبية في أصلاب الرجال وأرحام النساء وأول من أجابه أهل اليمن
فليس حاج من يومئذ إلى أن تقوم الساعة إلا من كان أجاب إبراهيم يومئذ
وأخرج الديلمي بسند واه عن علي رفعه : لما نادى إبراهيم بالحج لبى الخلق فمن لبى
تلبية واحدة حج واحدة ومن لبى مرتين حج حجتين ومن زاد فبحساب ذلك
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله وأذن في الناس بالحج قال : قام إبراهيم عليه
السلام على الحجر فنادى : يا أيها الناس كتب عليكم الحج
فأسمع من في أصلاب الرجال وأرحام النساء فأجاب من آمن ممن سبق في علم الله أن يحج
إلى يوم القيامة : لبيك اللهم لبيك
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير وأذن في الناس بالحج قال : وقرت في كل ذكر وأنثى
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير قال : لما فرغ إبراهيم من بناء البيت أوحى الله
إليه أن اذن في الناس بالحج فخرج فنادى في الناس : يا أيها الناس ان ربكم قد اتخذ
بيتا فحجوه
فلم يسمعه حينئذ من إنس ولا جن ولا شجرة ولا أكمة ولا تراب ولا جبل ولا ماء ولا
شيء إلا قال : لبيك اللهم لبيك
وأخرج أبو الشيخ في كتاب الأذان عن عبد الله بن الزبير قال : أخذ الأذان من أذان
إبراهيم في الحج وأذن في الناس بالحج قال : فأذن رسول الله صلى الله عليه و سلم
للصلاة
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير قال : لما أمر إبراهيم عليه السلام بدعاء
الناس إلى الله استقبل المشرق فدعا ثم استقبل المغرب فدعا ثم استقبل الشام فدعا ثم
استقبل اليمن فدعا فأجيب : لبيك لبيك
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن أبي طلحة أن الله أوحى إلى إبراهيم عليه السلام أن
أذن في الناس بالحج فقام على الحجر فقال : يا أيها الناس إن الله يأمركم بالحج
فأجابه من كان مخلوقا في الأرض يومئذ ومن كان في أرحام النساء ومن كان في أصلاب
الرجال ومن كان في البحور فقالوا : لبيك اللهم لبيك
(6/33)
وأخرج
عبد بن حميد عن مجاهد قال : قال جبريل لإبراهيم وأذن في الناس بالحج قال : كيف
أؤذن ؟ قال : قل يا أيها الناس أجيبوا إلى ربكم
ثلاث مرات
فأجاب العباد فقالوا : لبيك اللهم ربنا لبيك لبيك اللهم ربنا لبيك
فمن أجاب إبراهيم يومئذ من الخلق فهو حاج
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : لما فرغ إبراهيم وإسماعيل من بناء البيت أمر
إبراهيم أن يؤذن بالحج فقام على الصفا فنادى بصوت سمعه ما بين المشرق والمغرب يا
أيها الناس أجيبوا إلى ربكم
فأجابوه وهم في أصلاب آبائهم فقالوا : لبيك
قال : فإنما يحج البيت اليوم من أجاب إبراهيم يومئذ
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : لما أذن إبراهيم بالحج قال : يا أيها الناس
أجيبوا ربكم
فلبى كل رطب ويابس
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن مجاهد قال :
لما أمر إبراهيم أن يؤذن في الناس بالحج قام على المقام فنادى بصوت أسمع من بين
المشرق والمغرب : يا أيها الناس أجيبوا ربكم
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن مجاهد قال :
قال إبراهيم : كيف أقول ؟ قال : قل يا أيها الناس أجيبوا ربكم
فما خلق الله من جبل ولا شجر ولاشيء من المطيعين له إلا ينادي : لبيك اللهم لبيك
فصارت التلبيه
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن مجاهد قال : قال
إبراهيم : كيف أقول ؟ قال : قل يا أيها الناس أجيبوا ربكم
فما خلق الله من جبل ولا شجر ولا شيء من المطيعين له إلا ينادي : لبيك اللهم لبيك
فصارت التلبية
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : تطاول به المقام حتى كان كأطول جبل
في الأرض فأذن فيهم بالحج فأسمع من تحت البحور السبع وقالوا : لبيك أطعنا
لبيك أجبنا
فكل من حج إلى يوم القيامة ممن استجاب له يومئذ
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : قيل لإبراهيم أذن في الناس بالحج قال : يا رب
كيف أقول ؟ قال : قل لبيك اللهم لبيك
فكان إبراهيم أول من لبى
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال : لما أمر إبراهيم بالحج قام على
المقام فنادى نداء سمعه جميع أهل الأرض : ألا إن ربكم قد وضع بيتا وأمركم أن تحجوه
فجعل الله في أثر قدميه آية في الصخرة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عطاء قال : صعد إبراهيم على الصفا
(6/34)
فقال
: يا أيها الناس أجيبوا ربكم
فأسمع من كان حيا في أصلاب الرجال
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال : أجاب إبراهيم كل جني وإنسي وكل شجر وحجر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس قال
: لما أمر إبراهيم أن يؤذن في الناس تواضعت له الجبال ورفعت له الأرض فقام فقال :
يا أيها الناس اجيبوا ربكم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : صعد إبراهيم أبا قبيس فقال : الله أكبر الله
أكبر أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن إبراهيم رسول الله
أيها الناس إن الله أمرني أن أنادي في الناس بالحج
أيها الناس أجيبوا ربكم
فأجابه من أخذ الله مثاقه بالحج إلى يوم القيامة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله : وأذن في الناس بالحج يعني بالناس أهل القبلة
ألم تسمع أنه قال ان أول بيت وضع للناس
إلى قوله ومن دخله كان آمنا آل عمران آية 96 يقول : ومن دخله من الناس الذين أمر
أن يؤذن فيهم وكتب عليهم الحج
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس يأتوك رجالا قال : مشاة وعلى كل ضامر قال : الإبل
يأتين من كل فج عميق قال : بعيد
وأخرج الخطيب في تاريخه عن محمد بن كعب القرظي قال : سمعت ابن عباس يقول : ما آسي
على شيء إلا أني لم أكن حججت راجلا ; لأني سمعت الله يقول يأتوك رجالا وعلى كل
ضامر وهكذا كان يقرأوها
وأخرج ابن أبي شيبة وابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما آسي على شيء فاتني إلا أني لم أحج
ماشيا حتى أدركني الكبر أسمع الله تعالى يقول يأتوك رجالا وعلى كل ضامر فبدأ
بالرجال قبل الركبان
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن مجاهد أن إبراهيم وإسماعيل حجا وهما ماشيان
(6/35)
وأخرج
ابن خزيمة والحاكم وصححه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما : سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : " من حج من مكة ماشيا حتى يرجع إلى مكة كتب الله
له بكل خطوة سبعمائة حسنة من حسنات الحرم
قيل : وما حسنات الحرم ؟ قال : بكل حسنة مائة ألف حسنة "
وأخرج ابن سعد وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما : سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " ان للحاج الراكب بكل خطوة تخطوها
راحلته سبعين حسنة وللماشي بكل قدم سبعمائة حسنة من حسنات الحرم
قيل : يا رسول الله وما حسنات الحرم ! ؟ قال : الحسنة مائة ألف حسنة "
وأخرج البيهقي وضعفه عن عائشة رضي الله عنها قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم طان الملائكة لتصافح ركاب الحجاج وتعتنق المشاة "
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله يأتوك رجالا قال : على أرجلهم
وعلى كل ضامر قال : الإبل يأتون من كل فج عميق يعني مكان بعيد
وأخرج ابن جرير وعبد الرزاق عن مجاهد رضي الله عنه قال : كانوا يحجون ولا يتزودون
فأنزل الله وتزودوا البقرة آية 197
وكانوا يحجون ولا يركبون فأنزل الله يأتوك رجالا وعلى كل ضامر فأمرهم بالزاد ورخص
لهم في الركوب والمتجر
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الازرق سأله عن قوله من كل فج عميق
قال : طريق بعيد قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول الشاعر :
فساروا العناء وسدوا الفجاج بأجساد عادلها آيدات وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي
الله عنهما في قوله يأتوك رجالا وعلى كل ضامر قال : هم المشاة والركبان
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله وعلى كل ضامر قال
: ما تبلغه المطي حتى تضمر
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله من كل
فج عميق قال : طريق بعيد
(6/36)
وأخرج
عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه مثله
وأخرج ابن المنذر عن أبي العالية رضي الله عنه من كل فج عميق قال : مكان بعيد
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه مثله
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عبيد بن عمير قال : لقي عمر بن الخطاب رضي الله عنه
ركبا يريدون البيت فقال : من أنتم ؟ فأجابه أحدثهم سنا فقال : عباد الله المسلمون
فقال : من أين جئتم ؟ قال : من الفج العميق
قال : أين تريدون ؟ قال : البيت العتيق
فقال عمر رضي الله عنه : تأولها لعمر الله
فقال عمر رضي الله عنه : من أميركم ؟ فأشار إلى شيخ منهم فقال عمر : بل أنت أميرهم
لأحدثهم سنا الذي أجابه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ليشهدوا
منافع لهم قال : أسواقا كانت لهم
ما ذكر الله منافع إلا الدنيا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ليشهدوا منافع لهم قال :
منافع في الدنيا ومنافع في الآخرة
فأما منافع الآخرة فرضوان الله عز و جل
وأما منافع الدنيا فما يصيبون من لحوم البدن في ذلك اليوم والذبائح والتجارات
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه ليشهدوا منافع لهم قال : الأجر
في الآخرة والتجارة في الدنيا
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه في قوله ويذكروا اسم الله قال : فيما
ينحرون من البدن
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ويذكروا اسم الله قال :
كان يقال : إذا ذبحت نسيكتك فقل بسم الله والله أكبر اللهم هذا منك ولك عن فلان ثم
كل وأطعم كما أمرك الله : الجار والأقرب فالأقرب
وأخرج أبو بكر المروزي في كتاب العيدين وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال : الأيام المعلومات أيام العشر
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
الأيام المعلومات : يوم النحر وثلاثة أيام بعده
(6/37)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في أيام معلومات يعني أيام التشريق
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في أيام معلومات يعني أيام التشريق على ما
رزقهم من بهيمة الأنعام يعني البدن
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنه قال : الأيام المعلومات
والمعدودات هن جميعهن أربعة أيام
فالمعلومات يوم النحر ويومان بعده
والمعدودات ثلاثة أيام بعد يوم النحر
وأخرج ابن المنذر عن علي رضي الله عنه قال : الأيام المعلومات يوم النحر وثلاثة
أيام بعده
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله في أيام معلومات
قال : قبل يوم التروية بيوم ويوم التروية ويوم عرفة
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء ومجاهد رضي الله عنه قال : الأيام المعلومات أيام العشر
وأخرج عن سعيد بن جبير والحسن رضي الله عنه مثله
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
إبراهيم رضي الله عنه قال : كان المشركون لا يأكلون من ذبائح نسائكم فأنزل الله
فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير فرخص للمسلمين فمن شاء أكل ومن شاء لم يأكل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه عن مجاهد في الآية قال
: هي رخصة إن شاء أكل وإن شاء لم يأكل
بمنزلة قوله : واذ حللتم فاصطادوا ؟
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء فكلوا منها وأطعموا قال : إذا ذبحتم فاهدوا وكلوا
وأطعموا وأقلوا لحوم الأضاحي عندكم
وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح الحنفي رضي الله عنه فكلوا منها وأطعموا البائس
الفقير قال : هي في الأضاحي
(6/38)
وأخرج
عبد بن حميد عن عطاء رضي الله عنه قال : إن شاء أكل من الهدي والأضحية ; وإن شاء
لم يأكل
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله فكلوا منها ان ابن مسعود كان
يقول للذي يبعث : بهدية معه كل ثلثا وتصدق بالثلث واهد لآل عتبة ثلثا
وأخرج ابن أبي حاتم عن جابر بن عبد الله قال : نحر رسول الله صلى الله عليه و سلم
من كل جزور بضعة فجعلت في قدر فأكل رسول الله صلى الله عليه و سلم وعلي من اللحم
وحسوا من المرق
قال سفيان : لأن الله يقول فكلوا منها
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله وأطعموا البائس قال : الزمن
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قول الله وأطعموا
البائس الفقير قال : البائس الذي لم يجد شيئا من شدة الحاجة
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت طرفة وهو يقول : يغشاهم البائس
المدقع والضيف وجار مجاور جنب وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ومجاهد قالا البائس الذي
يمد كفيه إلى الناس يسأل
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : البائس المضطر الذي
عليه البؤس و الفقير الضعيف
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله البائس الفقير قال : هما سواء
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال : البائس الفقير الذي به زمانه وهو
فقير
- قوله تعالى : ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق
أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عمر رضي الله عنه
قال : التفث المناسك كلها
(6/39)
وأخرج
ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : التفث قضاء النسك كله
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن
عباس رضي الله عنهما أنه قال في التفث : حلق الرأس والأخذ من العارضين ونتف الابط
وحلق العانة والوقوف بعرفة والسعي بين الصفا والمروة ورمي الجمار وقص الأظفار وقص
الشارب والذبح
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ثم
ليقضوا تفثهم قال : يعني بالتفث : وضع إحرامهم من حلق الرأس ولبس الثياب وقص
الأظفار
ونحو ذلك وليوفوا نذورهم قال : يعني نحر ما نذروا من البدن
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه ثم ليقضوا تفثهم قال : التفث كل شيء
أحرموا منه وليوفوا نذورهم قال : هو الحج
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه قال : ليقضوا تفثهم قال : حلق الرأس والعانة ونتف الابط وقص الشارب
والأظافر ورمي الجمار وقص اللحية : وليوفوا نذورهم قال : نذر الحج
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن كعب قال : التفث حلق العانة ونتف الابط وأخذ من
الشارب وتقليم الأظافر
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ وليوفوا نذورهم مثقله بجزم اللام
وليطوفوا بجزم اللام مثقلة
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وليطوفوا قال : هو
الطواف الواجب يوم النحر
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه في قوله وليطوفوا قال :
هو الطواف الواجب يوم النحر
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه في قوله وليطوفوا قال :
طواف الزيارة
(6/40)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما وليطوفوا قال : يعني زيارة البيت
ولفظ ابن جرير : هو طواف الزيارة يوم النحر
وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي وحسنه وابن جرير والطبراني والحاكم وصححه وابن
مردويه والبيهقي في الدلائل عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " انما سمى الله البيت العتيق ; لأن الله أعتقه من
الجبابرة فلم يظهر عليه جبار قط "
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : البيت العتيق
لأنه أعتق من الجبابرة
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه قال : إنما سمي البيت العتيق ; لأنه أعتق من الجبابرة لم يدعه جبار
قط
وفي لفظ : فليس في الأرض جبار يدعي أنه له
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : إنما سمي البيت
العتيق ; لأنه لم يرده أحد بسوء إلا هلك
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : إنما سمي
البيت العتيق ; لأنه أعتق من الغرق في زمان نوح
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : إنما سمي العتيق ; لأنه أول بيت
وضع
وأخرج ابن مردويه عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" انما جعل الطواف بالبيت ملاذا ; لأن الله لما خلق آدم أمر إبليس بالسجود له
فأبى فغضب الرحمن فلاذت الملائكة بالبيت حتى سكن غضبه "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت هذه
الآية وليطوفوا بالبيت العتيق طاف رسول الله صلى الله عليه و سلم من ورائه
وأخرج سفيان بن عيينة والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن ابن عباس قال :
الحجر من البيت ; لأن رسول الله صلى الله عليه و سلم طاف بالبيت من ورائه وقال
الله وليطوفوا بالبيت العتيق
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : طواف الوداع واجب وهو قول الله وليطوفوا
بالبيت العتيق
(6/41)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أبي جمرة قال : قال لي ابن عباس : أتقرأ سورة الحج ؟ يقول الله
وليطوفوا بالبيت العتيق قال : فان آخر المناسك الطواف بالبيت
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : كانوا ينفرون من منى إلى وجوههم فأمرهم رسول
الله صلى الله عليه و سلم أن يكون آخر عهدهم بالبيت ورخص للحائض
وأخرج البيهقي في الشعب عن أبي سعيد الخدري قال : من طاف بهذا البيت سبعا لا يتكلم
فيه إلا بتكبير أو تهليل كان عدل رقبة
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمر قال : من طاف بالبيت أسبوعا وصلى ركعتين
كان مثل يوم ولدته أمه
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن عمرو قال : من طاف بالبيت كان عدل رقبة
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عمر قال : سمعت رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول : " من طاف بالبيت سبعا يحصيه كتب الله له بكل
خطوة حسنة ومحيت عنه سيئة ورفعت له درجة وكان له عدل رقبة "
وأخرج ابن عدي والبيهقي عن أبي عقال قال : طفت مع أنس في مطرة فقال لنا : استأنفوا
العمل فقد غفر لكم طفت من نبيكم صلى الله عليه و سلم في مثل هذا اليوم فقال :
" استأنفوا العمل فقد غفر لكم "
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن محمد بن المنكدر عن أبيه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " من طاف حول البيت أسبوعا لا يلغو فيه كان عدل رقبة يعتقها
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : من طاف بالبيت خمسين أسبوعا خرج من الذنوب
كيوم ولدته أمه
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه عن جبير بن مطعم ان النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " يابني عبد مناف لا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء من
ليل أو نهار "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء أنه طاف بالبيت بعد العصر وصلى ركعتين فقيل له
فقال : انها ليست كسائر البلدان
(6/42)
وأخرج
الحاكم وصححه عن ابن عمر أن نبي الله صلى الله عليه و سلم كان إذا طاف بالبيت
استلم الحجر والركن في كل طواف
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس قال : رأيت عمر بن الخطاب قبل الحجر وسجد عليه ثم
قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل الركن اليماني ووضع خده عليه
وأخرج الحاكم وصححه عن سعيد بن جبير قال : كان ابن عباس يقول : احفظوا هذا الحديث
وكان يرفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم ويدعو به بين الركنين : " رب قنعني
بما رزقتني وبارك لي فيه واخلف علي كل غائبة بخير "
وأخرج الترمذي والحاكم وصححه عن ابن عباس يرفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم قال
: " ان الطواف بالبيت مثلا الصلاة إلا أنكم تتكلمون فمن تكلم فلا يتكلم إلا
بخير "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم شرب ماء في الطواف
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن عبد الأعلى التيمي قال : قالت خديجة
رضي الله عنها : " يا رسول الله ما أقول وأنا أطوف بالبيت ؟ قال : قولي :
اللهم اغفر ذنوبي وخطئي وعمدي وإسرافي في أمري انك إن لا تغفر لي تهلكني "
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن ابن جريج قال : قلت لعطاء : أسمعت ابن عباس ؟ قال :
إنما أمرتم بالطواف به ولم تؤمروا بدخوله
قال : لم يكن نهانا عن دخوله ولكن سمعته يقول : أخبرني أسامة بن زيد أن النبي صلى
الله عليه و سلم دخل البيت فلما خرج ركع ركعتين في قبل البيت
وقال : هذه القبلة
وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت : " خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم من
عندي وهو قرير العين طيب النفس ثم رجع وهو حزين فقلت : يا رسول الله خرجت من عندي
وأنت كذا وكذا
! قال : إني دخلت الكعبة
وددت أني لم أكن فعلته إني أخاف أن أكون أتعبت أمتي من بعدي "
وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة أنها كانت تقول : عجبا للمرء المسلم ! إذا دخل الكعبة
حين يرفع بصره قبل السقف يدع ذلك إجلالا لله وإعظاما دخل رسول الله صلى الله عليه
و سلم الكعبة ما خلف بصره موضع سجوده حتى خرج منها
(6/43)
-
قوله تعالى : ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلا
ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين
به ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان
سحيق
أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله ذلك ومن يعظم حرمات الله قال : الحرمة الحج والعمرة وما نهى الله عنه من
معاصيه كلها
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء وعكرمة ذلك ومن يعظم حرمات الله قالا : المعاصي
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله ومن يعظم حرمات الله قال : الحرمات المشعر
الحرام والبيت الحرام والمسجد الحرام والبلد الحرام
وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجة وابن أبي حاتم عن عياش بن أبي ربيعة المخزومي عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لن تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه
الحرمة حق تعظيمها - يعني مكة - فإذا ضيعوا ذلك هلكوا "
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله فاجتنبوا الرجس من الاوثان يقول : اجتنبوا
طاعة الشيطان في عبادة الاوثان واجتنبوا قول الزور يعني الافتراء على الله
والتكذيب به
وأخرج أحمد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن أيمن بن خريم قال : قام
رسول الله صلى الله عليه و سلم خطيبا فقال : يا أيها الناس عدلت شهادة الزور
إشراكا بالله ثلاثا ثم قرأ فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن داود وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن خريم بن فاتك الاسدي قال : " صلى
رسول الله صلى الله عليه و سلم صلاة الصبح فلما انصرف قائما قال : عدلت شهادة
(6/44)
الزور
الإشراك بالله ثلاثا ثم تلا هذه الآية واجتنبوا قول الزور حنفاء لله غير مشركين به
"
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي عن أبي بكرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ قلنا : بلى يا رسول الله
قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين - وكان متكئا فجلس - فقال : ألا وقول الزور !
إلا وشهادة الزور
فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت "
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
والطبراني والخرائطي في مكارم الاخلاق والبيهقي عن ابن مسعود قال : شهادة الزور
تعدل بالشرل بالله
ثم قرأ فاجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
واجتنبوا قول الزور قال : الكذب
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل واجتنبوا قول الزور يعني الشرك بالكلام
وذلك أنهم كانوا يطوفون بالبيت فيقولون في تلبيتهم : لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو
لك تملكه وما ملك
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله حنفاء لله غير مشركين به قال
: حجاجا لله غير مشركين به
وذلك أن الجاهلية كانوا يحجون مشركين فلما أظهر الله الإسلام قال الله للمسلمين :
حجوا الآن غير مشركين بالله
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر الصديق قال : كان الناس يحجون وهم مشركون فكانوا
يسمونهم حنفاء الحجاج فنزلت حنفاء لله غير مشركين به
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن القاسم مولى أبي بكر الصديق قال : كان ناس من
مضر وغيرهم يحجون البيت وهم مشركون وكان من لا يحج البيت من المشركين يقولون :
قولوا حنفاء
فقال الله حنفاء لله غير مشركين به يقول : حجاجا غير مشركين به
وأخرج ابن المنذر عن السدي قال : ما كان في القرآن من حنفاء قال : مسلمين
وما كان حنفاء مسلمين فهم حجاج
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد حنفاء قال : حجاجا
(6/45)
وأخرج
عن الضحاك مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد حنفاء قال : متبعين
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ومن يشرك بالله فكأنما
خر من السماء
قال : هذا مثل ضربه الله لمن أشرك بالله في بعده من الهدى وهلاكه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله في مكان
سحيق قال : بعيد
- قوله تعالى : ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب لكم فيها منافع إلى
أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق ولكل أمة جعلنا منسكا ليذكروا اسم الله على ما
رزقهم من بهيمة الأنعام فإلهكم إله واحد فله أسلموا وبشر المخبتين
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ذلك ومن يعظم شعائر الله قال : البدن
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ذلك
ومن يعظم شعائر الله قال : الاستسمان والاستحسان والاستعظام
وفي قوله لكم فيها منافع إلى أجل مسمى قال : إلى أن تسمى بدنا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد ذلك ومن يعظم
شعائر الله قال : استعظام البدن واستسمانها واستحسانها لكم فيها منافع إلى أجل
مسمى قال : ظهورها وأوبارها واشعارها وأصوافها إلى أن تسمى هديا
فإذا سميت هديا ذهبت المنافع ثم محلها يقول : حين يسمى إلى البيت العتيق
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك وعطاء في
الأية قال : المنافع فيها الركوب عليها إذا احتاج وفي أوبارها
(6/46)
وألبانها
والأجل المسمى : إلى أن تقلد فتصير بدنا ثم محلها إلى البيت العتيق قالا : إلى يوم
النحر تنحر بمنى
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في قوله ثم محلها إلى البيت العتيق قال :
إذا دخلت الحرم فقد بلغت محلها
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن
موسى في قوله ذلك ومن يعظم شعائر الله قال : الوقوف بعرفة من شعائر الله وبجمع من
شعائر الله والبدن من شعائر الله ورمي الجمار من شعائر الله والحلق من شعائر الله
فمن يعظمها فإنها من تقوى القلوب لكم فيها منافع إلى أجل مسمى قال : لكم في كل
مشعر منها منافع إلى أن تخرجوا منه إلى غيره ثم محلها إلى البيت العتيق قال : محل
هذه الشعائر كلها الطواف بالبيت العتيق
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء أنه سئل عن شعائر الله قال : حرمات الله اجتناب سخط
الله واتباع طاعته
فذلك شعائر الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ولكل أمة جعلنا منسكا قال : عيدا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله ولكل أمة جعلنا منسكا قال : إهراق الدماء
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة ولكل أمة جعلنا منسكا قال : ذبحا
وأخرج أبو داود والنسائي والحاكم وصححه عن عبد الله بن عمر : " أن رجلا أتى
رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم أمرت بعيد
الأضحى جعله الله لهذه الأمة
قال الرجل : فان لم نجد إلا ذبيحة أنثى أو شاة أعلي اذبحها ؟ قال : لا ولكن قلم
أظفارك وقص شاربك واحلق عانتك فذلك تمام أضحيتك عند الله "
وأخرج الحاكم وصححه وضعفه الذهبي عن أبي هريرة قال : " نزل جبريل فقال النبي
صلى الله عليه و سلم كيف رأيت عيدنا ؟ فقال : لقد تباهى به أهل السماء !
اعلم يا محمد ان الجذع من الضأن خير من السيد من المعز وان الجذع من الضأن خير من
السيد من البقر وإن الجذع من الضأن خير من السيد من المعز وان الجذع من الضأن خير
من السيد من البقر وإن الجذع من الضأن خير من السيد من الابل
ولو علم الله خيرا منه فدى بها إبراهيم "
(6/47)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم أنه قال : في هذه الآية ولكل أمة جعلنا منسكا أنه مكة
لم يجعل الله لأمة قط منسكا غيرها
أخرج أحمد وأبو داود والترمذي وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن جابر بن عبد الله :
" أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى للناس يوم النحر فلما فرغ من خطبته
وصلاته دعا بكبش فذبحه هو بنفسه وقال : بسم الله والله أكبر
اللهم هذا عني وعمن لم يضح من أمتي "
وأخرج أحمد وأبو داود وابن ماجة وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي
في الشعب عن جابر قال : " ضحى رسول الله صلى الله عليه و سلم بكبشين في يوم
عيد فقال حين وجههما : وجهت وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلما وما أنا من
المشركين ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت
وأنا أول المسلمين
اللهم منك ولك وعن محمد وأمته
ثم سمى الله وكبر وذبح "
وأخرج ابن أبي الدنيا في الاضاحي والبيهقي في الشعب عن علي أنه قال حين ذبح : وجهت
وجهي للذي فطر السموات والارض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين ان صلاتي ونسكي
ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم ضحى بكبشين أملحين أقرنين فسمى وكبر
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا ذبح قال : بسم الله
والله أكبر اللهم منك ولك اللهم تقبل مني
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل فله أسلموا يقول : فله أخلصوا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد في قوله وبشر المخبتين قال : المطمئنين
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا في ذم الغضب وابن
المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن عمرو بن أوس وبشروا المخبتين قال
: المخبتون الذين لا يظلمون الناس واذا ظلموا لم ينتصروا
(6/48)
وأخرج
ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه وبشر المخبتين قال
: المتواضعين
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه وبشر المخبتين قال : الوجلين
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه كان اذا رأى
الربيع بن خثيم قال : وبشر المخبتين وقال له : ما رأيتك إلا ذكرت المخبتين
- قوله تعالى : الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي
الصلاة ومما رزقناهم ينفقون والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير
فاذكروا اسم الله عليها صواف فإذا وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر
كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى
منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين
أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم عند ما يخوفون
والصابرين على ما أصابهم من البلاء والمصيبات والمقيمي الصلاة يعني إقامتها بأداء
ما استحفظهم الله فيها
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ والبدن خفيفة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : لا نعلم
البدن إلا من الابل والبقر
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنه قال : البدنة ذات الخف
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنه قال :
البدنة ذات البدن من الابل والبقر
(6/49)
وأخرج
ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : ليس البدن
إلا من الإبل
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الكريم قال :
اختلف عطاء والحكم فقال عطاء البدن من الابل والبقر
وقال الحكم : من الابل
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال : البدن البعير والبقرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : البدن من البقر
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن يعقوب الرياحي عن أبيه قال أوصى الي رجل وأوصى
ببدنة فأتيت ابن عباس - رضي الله عنهما - فقلت له : ان رجلا أوصى الي وأوصى الي
ببدنة فهل تجزىء عني بقرة ؟ قال : نعم
ثم قال : ممن صاحبكم ؟ فقلت : من بني رياح
قال : ومتى تقتني
اقتنى بنو رياح البقر إلى الإبل ؟ وهو صاحبكم وانما البقر للاسد وعبد القيس
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه
قال : انما سميت البدن ; من قبل السمانة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم في قوله لكم فيها خير قال
: هي البدنة
ان احتاج إلى ظهر ركب أو إلى لبن شرب
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله لكم فيها خير قال : لكم أجر ومنافع للبدن
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن ماجة والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن
زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : قلنا يارسول الله ما هذه الضاحي ؟ قال : "
سنة أبيكم إبراهيم " قال : فما لنا فيها يا رسول الله ؟ قال : " بكل
شعرة حسنة " قالوا : فالصوف ؟ قال : " بكل شعرة من الصوف حسنة "
وأخرج ابن عدي والدار قطني والطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما أنفقت الورق في شيء
أفضل من نحيرة في يوم عيد "
وأخرج الترمذي وحسنة وابن ماجة والحاكم وصححه عن عائشة - رضي الله
(6/50)
عنها
- ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ما عمل ابن آدم يوم النحر عملا
أحب إلى الله من هراقه دم وانها لتأتي يوم القيامة بقرونها واظلافها وأشعارها وان
الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع على الأرض فطيبوا بها نفسا "
وأخرج ابن ماجة والحاكم وصححه والبيهقي عن أب هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " من وجد سعة لان يصحي فلم يضح فلا يقربن مصلانا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن أنس قال : حج سعيد بن المسيب وحج معه ابن حرملة
فاشترى سعيد كبشا فضحى به واشترى ابن حرملة بدنة بستة دنانير فنحرها
فقال له سعيد : اما كان لك فينا أسوة ؟ فقال : اني سمعت الله يقول : والبدن
جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير فاحببت ان آخذ الخير من حيث دلني الله
عليه فاعجب ذلك ابن المسيب منه ! وجعل يحدث بها عنه
وأخرج أبو نعيم الحلية عن ابن عيينة قال : حج صفوان بن سليم ومعه سبعة دنانير
فاشترى بها بدنة فقيل له : ليس معك إلا سبعة دنانير تشتري بها بدنة ! فقال : اني
سمعت الله يقول : لكم فيها خير
وأخرج قاسم بن أصبغ وابن عبد البر في التمهيد عن عائشة رضي الله عنها قالت : يا
أيها الناس ضحوا وطيبوا بها نفسا فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" ما من عبد يوجه بأضحيته إلى القبلة ; إلا كان دمها وقرنها وصوفها حسنات محضرات
في ميزانه يوم القيامة فان الدم ان وقع في التراب فانما يقع في حرز الله حتى يوفيه
صاحبه يوم القيامة " وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم - " اعملوا
قليلا تجزوا كثيرا "
وأخرج أحمد عن أبي الاشد السملي عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " ان أفضل الضحايا أغلاها وأسمنها "
وأخرج ابن أبي شيبة عن طاوس قال : " ما أنفق الناس من نفقة أعظم أجرا من دم
يهراق يوم النحر ; إلا رحما محتاجة يصلها "
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد في قوله لكم فيها خير قال : ان احتاج إلى اللبن شرب
وان احتاج إلى الركوب ركب وان احتاج إلى الصوف أخذ
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة قال : قال رجل لابن عباس أيركب الرجل البدنة على غير
مثقل ؟ قال : ويحلبها على غير مجهد
(6/51)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه قال : يركب الرجل بدنته بالمعروف
وأخرج ابن أبي شيبة عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
اركبوا الهدي بالمعروف حتى تجدوا ظهرا "
وأخرج ابن أبي شيبة عطاء رضي الله عنه : ان النبي صلى الله عليه و سلم - رخص لهم
أن يركبوها اذا احتاجوا اليها
وأخرج مالك وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي عن أبي هريرة : أن
النبي صلى الله عليه و سلم رأى رجلا يسوق بدنة فقال : " اركبها " قال :
انها بدنة
قال : " اركبها ويلك أو يحك "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس : أن النبي - صلى الله عليه و سلم - رأى رجلا يسوق بدنة
أو هدية فقال : " اركبها " فقال : انها بدنة - أو هدية
قال : " وان كانت "
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في الاضاحي وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
والبيهقي في سننه عن أبي ظبيان قال : سألت ابن عباس عن قوله فاذكروا اسم الله
عليها صواف قال : اذا أردت أن تنحر البدنة فاقمها على ثلاث قوائم معقولة ثم قل :
بسم الله والله أكبر اللهم منك ولك
وأخرج الفريابي وأبو عبيد وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر
وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله صواف قال : قياما معقولة
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عمر : أنه نحر بدنة وهي قائمة
معقولة احدى يديها
وقال : صواف كما قال الله عز و جل
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما : ان رجلا أناخ
بدنته وهو ينحرها فقال : ابعثها قيام مقيد ; سنة محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سابط : أن النبي - صلى الله عليه و سلم - وأصحابه كانوا
يعقلون من البدنة اليسرى وينحروها قائمة على ما هي من قوائمها
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر رضي الله عنه - أنه كان ينحرها وهي معقولة يدها
اليمنى
(6/52)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن الحسن في الدنة كيف تنحر ؟ قال : تعقل يدها اليسرى وينحرها من قبل
يدها اليمنى
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد أنه كان يعقل يدها اليسرى اذا أراد أن ينحرها
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء قال : اعقل أي اليدين شئت
وأخرج ابن الانباري في المصاحف والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما :
إنه كان يقرأ فاذكروا اسم الله عليها صوافن
وأخرج ابن الانباري عن مجاهد في قوله صوافن قال : معقولة على ثلاثة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن الانباري عن قتادة قال : كان عبد الله بن
مسعود يقرأ فاذكروا اسم الله عليها صوافن أي معقولة قياما
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه : أنه كان يقرأها صوافن قال :
رأيت ابن عمر ينحر بدنته وهي على ثلاثة قوائم قياما معقولة
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي
في سننه عن مجاهد قال : من قرأها صوافن قال : معقولة
ومن قرأها صواف قال : يصف بين يديها
ولفظ عبد بن حميد من قرأها صواف فهي قائمة مضمومة يديها
ومن قرأها صوافن قياما معقولة ولفظ ابن أبي شيبة الصواف على أربع والصوافن على
ثلاثة
وأخرج عبد الرزاق وأبو عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن الأنباري في المصاحف
وابن أبي حاتم عن الحسن أنه كان يقرأها صواف قال : خاصلة
لله تعالى قال : كانوا يذبحونها لاصنامهم
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم أنه قرأ فاذكروا اسم
الله عليها صوافي بالياء منتصبة
وقال : خالصة لله من الشرك لانهم كانوا يشركون في الجاهلية اذا نحروها
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس فاذا وجبت قال : سقطت على جنبها
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس فاذا وجبت قال نحرت
(6/53)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد فاذا وجبت جنوبها قال : اذا سقطت إلى الأرض
وأخرج أبو داود والنسائي والحاكم وصححه وأبو نعيم في الدلائل عن عبد الله ابن قرط
قال : قدم إلى النبي - صلى الله عليه و سلم - بدنات خمس أو ست فطفقن يزدلفن اليه
بأيتهن يبدأ فلما وجبت جنوبها قال : من شاء اقتطع
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر انه : كان يطعم من بدنه قبل أن يأكل منها ويقول :
فكلوا منها وأطعموا هما سواء
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : كانوا لا يأكلون من شيء جعلوه لله ثم رخص لهم
أن يأكلوا من الهدي والاضاحي وأشباهه
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي قال : لا يؤكل من النذر ولا من جزاء الصيد ولا مما جعل
للمساكين
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : لا يؤكل من النذر ولا من الكفارة ولا
مما جعل للمساكين
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ قال : أمرنا رسول الله - صلى الله عليه و سلم - ان
نطعم من الضحايا الجار والسائل والمتعفف
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر : انه كان بمنى فتلا هذه الآية فكلوا منها وأطعموا
القانع والمعتر وقال : لغلام معه هذه القانع الذي يقنع بما آتيته
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : القانع المتعفف والمعتر السائل
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس القانع الذي يقنع بما أوتي والمعتر الذي يعترض
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : القانع الذي يجلس في بيته
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس : ان نافع بن الازرق قال له : اخبرني عن قوله
القانع والمعتر قال : القانع الذي يقنع بما عطي والمعتر الذي يعتر من الابواب
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر وهو يقول : على مكثريهم حق من يعتريهم وعند المقلين السماحة
والبذل وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن عباس انه سئل عن
(6/54)
هذه
الآية ؟ قال : أما القانع ; فالقانع بما أرسلت اليه في بيته
والمعتر الذي يعتريك
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد مثله
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : القانع الذي يسأل والمعتر الذي يعترض لولا
يسأل
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال : القانع السائل الذي يسأل
ثم أنشد قول الشاعر : لمال المرء يصلحه فيبقى معاقره أعف من القنوع وأخرج ابن أبي
شيبة وعبد بن حميد عن الحسن قال : القانع الذي يقنع اليك بما في يديك والمعتر الذي
يتصدى اليك لتطعمه
ولفظ ابن أبي شيبة والمعتر الذي يعتريك ويريك نفسه ولا يسألك
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبيهقي في سننه عن مجاهد قال : القانع الطامع بما
قبلك ولا يسألك والمعتر الذي يعتريك ولا يسألك
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال : القانع الذي يسأل فيعطى في يديه والمعتر
الذي يعتر فيطوف
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : القانع أهل مكة
والمعتر سائر الناس
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد مثله
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : القانع السائل والمعتر معتر البدن
وأخرج البيهقي في سننه عن مجاهد قال : البائس الذي يسأل بيده اذا سأل والقانع
الطامع الذي يطمع في ذبيحتك من جيرانك
والمعتر الذي يعتريك بنفسه ولا يسألك يتعرض لك
وأخرج عبد بن حميد عن القاسم بن أبي بزة أنه سئل عن هذه الآية ما الذي آكل وما
الذي أعطي القانع والمعتر ؟ قال : اقسمها ثلاثة أجزاء
قيل : ما القانع ؟ قال : من كان حولك
قيل : وان ذبح ؟ قال : وان ذبح
والمعتر : الذي يأتيك ويسألك
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال : كان المشركون اذا ذبحوا
(6/55)
استقبلوا
الكعبة بالدماء فينضحون بها نحو الكعبة
فأراد المسلمون أن يفعلوا ذلك فأنزل الله لن ينال الله لحومها ولا دماؤها
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج قال : كان أهل الجاهلية ينضحون البيت بلحوم الإبل
ودمائها
فقال : أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فنحن أحق أن ننضح
فأنزل الله لن ينال الله لحومها
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : النصب ليست بأصنام الصنم يصور وينقش
وهذه حجارة تنصب ثلثمائة وستون حجرا فكانوا اذا ذبحوا نضحوا الدم على ما أقبل من
البيت وشرحوا اللحم وجعلوه على الحجارة
فقال المسلمون : يا رسول الله كان أهل الجاهلية يعظمون البيت بالدم فنحن أحق أن
نعظمه
فكأن النبي صلى الله عليه و سلم - لم يكره ما قالوا
فنزلت لن ينال الله لحومها ولا دماؤها
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان لن ينال الله قال : لن يرفع إلى الله لحومها
ولا دماؤها ولكن نحر البدن من تقوى الله وطاعته
يقول : يرفع إلى الله منكم : الأعمال الصالحة والتقوى
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم ولكن يناله التقوى منكم
قال : ما التمس به وجه الله تعالى
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه ولكن يناله التقوى منكم يقول : ان كانت
من طيب وكنتم طيبين وصل الي أعمالكم وتقبلتها
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : ولتكبروا الله على ما هداكم قال : على
ذبحها في تلك الأيام
وأخرج الحاكم وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن الحسن قال : أمرنا رسول الله - صلى
الله عليه و سلم - ان نلبس أجود ما نجد وان نتطيب بأجود ما نجد وان نضحي بأسمن ما
نجد والبقرة عن سبعة والجزور عن سبعة وان نظهر التكبير وعلينا السكينة والوقار
والله أعلم
- قوله تعالى : إن الله يدافع عن الذين آمنوا إن الله لا يحب كل خوان كفور
أخرج عبد بن حميد عز عاصم أنه قرأ ان الله يدافع بالألف ورفع الياء
(6/56)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ان الله يدافع عن الذين آمنوا قال :
والله ما يضيع الله رجلا قط حفظ له دينه
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله : ان الله لا يحب
قال : لا يقرب
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كل شيء في القرآن كفور يعني به الكفار
- قوله تعالى : أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير
أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة والبزار
وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن حبان والطبراني والحاكم وصححه وابن
مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : لما خرج النبي - صلى الله عليه و
سلم - من مكة قال أبو بكر : أخرجوا نبيهم إنا لله وإنا إليه راجعون ليهلكن القوم !
فنزلت أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا الآية
وكان ابن عباس يقرأها أذن قال أبو بكر : فعملت أنه سيكون قتال
قال ابن عباس : وهي أول آية نزلت في القتال
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل
عن مجاهد قال : خرج ناس مؤمنون مهاجرين من مكة إلى المدينة فاتبعهم كفار قريش فأذن
لهم في قتالهم فأنزل الله أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا الآية
فقاتلوهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير أن أول آية أنزلت في القتال حين ابتلى
المسلمون بمكة وسطت بهم عشائرهم ليفتنوهم عن الإسلام وأخرجوهم من ديارهم وتظاهروا
عليهم فأنزل الله أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا الآية
وذلك حين أذن الله لرسوله بالخروج وأذن لهم بالقتال
(6/57)
وأخرج
عبد الرزاق وابن المنذر عن أبي هريرة قال : كانت أول آية نزلت في القتال أذن للذين
يقاتلون
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله أذن للذين يقاتلون قال : أذن لهم في قتالهم
بعدما عفى عنهم عشر سنين
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله أذن للذين يقاتلون قال النبي : صلى
الله عليه و سلم - وأصحابه بأنهم ظلموا يعني ظلمهم أهل مكة حين أخرجوهم من ديارهم
وأخرج ابن أبي شيبة عن محمد بن سيرين قال : أشرف عليهم عثمان من القصر فقال :
ائتوني برجل قارىء كتاب الله فأتوه بصعصعة بن صوحان فتكلم بكلام فقال : أذن للذين
يقاتلون بأنهم ظلموا وان الله على نصرهم لقدير فقال له عثمان : كذبت ! ليست لك ولا
لأصحابك ولكنها لي ولأصحابي
- قوله تعالى : الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله ولولا دفع
الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن
الله من ينصره إن الله لقوي عزيز الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا
الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور وإن يكذبوك فقد كذبت
قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وقوم لوط وأصحاب مدين وكذب موسى فأمليت
للكافرين ثم أخذتهم فكيف كان نكير
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس الذين أخرجوا من ديارهم أي من مكة إلى
المدينة بغير حق يعني محمدا - صلى الله عليه و سلم - وأصحابه
(6/58)
وأخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عثمان بن عفان قال : فينا نزلت هذه
الآية الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق والآية بعدها أخرجنا من ديارنا بغير حق ثم
مكنا في الأرض فأقمنا الصلاة وآتينا الزكاة وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر فهي
لي ولأصحابي
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ثابت بن عوسجة الخضيري
قال : حدثني سبعة وعشرون من أصحاب علي وعبد الله منهم لاحق بن الاقمر والعيزار بن
جرول وعطية القرظي أن عليا قال : إنما نزلت هذه الآية في أصحاب محمد ولولا دفع
الله الناس قال : لولا دفع الله بأصحاب محمد عن التابعين لهدمت صوامع
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ولولا دفع الله الناس بغير الألف
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد ولولا دفع الله الناس
قال : لولا القتال والجهاد
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في الآية
قال : دفع المشركون بالمسلمين
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال
: منع بعضهم ببعض في الشهادة وفي الحق وفيما يكون مثل هذا يقول : لولا هذا لهلكت
هذه الصوامع وما ذكر معها
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله لهدمت صوامع
قال : الصوامع التي تكون فيها الرهبان والبيع مساجد اليهود وصلوات كنائس النصارى
والمساجد مساجد المسلمين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس قال : البيع بيع النصارى وصلوات كنائس
اليهود
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : صلوات كنائس اليهود يسمون الكنيسة صلاة
وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم الجحدري أنه قرأ وصلوات قال : الصلوات دون الصوامع
قال : وكيف تهدم الصلاة ! وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية قال : البيع بيع
النصارى والصلوات : بيع صغار للنصارى
(6/59)
وأخرج
ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية قال : صوامع
الرهبان وبيع النصارى وصلوات مساجد الصابئين : يسمونها بصلوات
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله صوامع قال : هي
للصابئين وبيع للنصارى وصلوات كنائس اليهود ومساجد للمسلمين
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية
قال : الصوامع صوامع الرهبان وبيع كنائس وصلوات ومساجد لأهل الكتاب ولأهل الإسلام
بالطرق
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : وصلوات أهل الإسلام تنقطع اذا دخل عليهم
العدو
تنقطع العبادة من المساجد
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله : يذكر فيها اسم الله كثيرا يعني في كل مما
ذكر من الصوامع
والصلوات والمساجد يقول : في كل هذا يذكر اسم الله ولم يخص المساجد
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله الذين ان مكناهم في الأرض قال : أصحاب
محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب الذين ان مكناهم في الأرض قال : هم الولاة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله : الذين إن
مكناهم في الأرض قال : أرض المدينة أقاموا الصلاة قال : المكتوبة
وآتوا الزكاة قال : المفروضة وأمروا بالمعروف بلا اله إلا الله ونهوا عن المنكر
قال : الشرك بالله ولله عاقبة الأمور قال : وعند الله ثواب ما صنعوا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية في الآية
قال : كان أمرهم بالمعروف أنهم دعوا إلى الله وحده وعبادته لا شريك له وكان نهيهم
أنهم نهوا عن عبادة الشيطان
وعبادة الأوثان
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : الذين إن مكناهم في الأرض قال : هذا شرط الله
على هذه الأمة والله أعلم
(6/60)
-
قوله تعالى : فكأين من قرية أهلكناها وهي ظالمه فهي خاويه على عروشها وبئر معطلة
وقصر مشيد
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة فهي خاوية على عروشها قال :
خربة ليس فها أحد وبئر معطلة قال : عطلها أهلها وتركوها وقصر مشيد قال شيدوه
وحصنوه فهلكوا وتركوه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما وبئر معطلة قال : التي
تركت لا أهل لها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما وقصر
مشيد قال : هو المجصص
وأخرج الطستي عن ابن عباس : أن نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله : وقصر
مشيد قال : شيد بالجص والآجر
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت عدي بن زيد وهو يقول : شاده مرمرا وجلله كلسا فللطير في ذراه وكور وأخرج
عبد بن حميد عن مجاهد وقصر مشيد قال : بالقصة
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق عن عطاء وقصر مشيد قال : مجصص
- قوله تعالى : أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أوآذان يسمعون بها
فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور
أخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التفكر عن ابن دينار قال : أوحى الله إلى موسى عليه
السلام أن اتخذ نعلين من حديد وعصا ثم سح في الأرض فاطلب الآثار والعبر حتى تحفوا
النعلان وتنكسر العصا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : فانها لا تعمى الأبصار قال : ما هذه
الأبصار التي في الرؤوس ؟ فانها جعلها الله منفعة وبلغة وأما البصر النافع فهو في
القلب
ذكر لنا أنها نزلت في عبد الله بن زائدة يعني ابن أم مكتوم
(6/61)
وأخرج
الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وأبو نصر السجزي في الإبانة في شعب الايمان
والديلمي في مسند الفردوس عن عبد الله بن جراد قال : قال رسول الله - صلى الله
عليه و سلم - ليس الأعمى من يعمى بصره ولكن الأعمى من تعمى بصيرته
- قوله تعالى : ويستعجلونك بالعذاب ولن يخلف الله وعده وإن يوما عند ربك كألف سنة
مما تعدون وكأين من قرية أمليت لها وهي ظالمه ثم أخذتها وإلي المصير
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : ويستعجلونك بالعذاب قال : قال ناس
من جهلة هذه الأمة اللهم ان كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء
أو ائتنا بعذاب أليم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : وان
يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون قال : من الأيام الستة التي خلق الله فيها
السموات والأرض
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة وان يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون قال : يوم القيامة
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم قال : ما طول ذلك اليوم على المؤمن إلا كما بين
الأولى والعصر
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الدنيا جمعة من جمع الآخرة سبعة الآف سنة
فقد مضى منها ستة آلاف
وأخرج ابن أبي الدنيا في الأمل عن سعيد بن جبير قال : انما الدنيا جمعة من جمع
الآخرة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين عن رجل من أهل
الكتاب أسلم قال : ان الله خلق السموات والأرض في ستة أيام وإن يوما عند ربك كألف
سنة مما تعدون وجعل أجل الدنيا ستة أيام وجعل
(6/62)
الساعة
في اليوم السابع فقد مضت الستة الأيام وأنتم في اليوم السابع فمثل ذلك مثل الحامل
اذا دخلت في شهرها ففي أية ساعة ولدت كان تماما
وأخرج ابن أبي حاتم عن صفوان بن سلم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" فقراء المسلمين يدخلون الجنة قبل الاغنياء من المسلمين بنصف يوم
قيل : وما نصف اليوم ؟ قال خمسمائة عام " وتلا وان يوما عند ربك كألف سنة مما
تعدون
وأخرج ابن جرير وابن مردويه من طريق ضمير بن نهار قال : قال أبو هريرة يدخل فقراء
المسلمين الجنة قبل الاغنياء بنصف يوم
قلت : وما مقدار نصف يوم ؟ قال : أو ما تقرأ القرآن وان يوما عند ربك كألف سنة مما
تعدون
وأخرج أحمد في الزهد عن ضمير بن نهار عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : " يدخل فقراء أمتي الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم " وتلا وان يوما
عند ربك كألف سنة مما تعدون
وأخرج البيهقي في الشعب عن ابن عباس : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" من صلى على جنازة فانصرف قبل أن يفرغ منها كان له قيراط فان انتظر حتى يفرغ
منها كان له قيراطان ; والقيراط مثل أحد في ميزانه يوم القيامة " ثم قال ابن
عباس : حق لعظمة ربنا أن يكون قيراطه مثل أحد ويومه كألف سنة
وأخرج ابن عدي والديلمي عن أنس قال : قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم -
" الدنيا كلها سبعة أيام من أيام الآخرة " وذلك قول الله وان يوما عند
ربك كألف سنة مما تعدون
- قوله تعالى : قل ياأيها الناس إنما أنا لكم نذير مبين فالذين آمنوا وعملوا
الصالحات لهم مغفرة ورزق كريم والذين سعوا في آياتنا معاجزين أولئك أصحاب الجحيم
أخرج بن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : اذا سمعت الله يقول رزق كريم فهي
الجنة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ معاجزين في كل القرآن ; يعني
بألف وقال : مشاقين
(6/63)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : معاجزين قال مراغمين
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن الزبير أنه كان يقرأ والذين سعوا في آياتنا
معجزين يعني مثبطين
وأخرج بن أبي حاتم عن عروة بن الزبير : أنه كان يعجب من الذين يقرأون هذه الآية
والذين سعوا في آياتنا معاجزين قال : ليس معاجزين من كلام العرب إنما هي معجزين
يعني مثبطين
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه
في آياتنا معاجزين قال : مبطئين يبطئون الناس عن اتباع النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه والذين سعوا في
آياتنا معاجزين قال : كذبوا بآيات الله وظنوا أنهم يعجزون الله ولن يعجزوه
- قوله تعالى : وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في
أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته والله عليم حكيم ليجعل ما
يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق
بعيد وليعلم الذين أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخيت له قلوبهم وإن
الله لهاد الذين آمنوا إلى صراط مستقيم ولا يزال الذين كفروا في مرية منه حتى
تأتيهم الساعة بغتة أو يأتيهم عذاب يوم عقيم الملك يومئذ لله يحكم بينهم فالذين
آمنوا وعملوا الصالحات في جنات النعيم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا فأولئك لهم
عذاب مهين
(6/64)
أخرج
عبد بن حميد وابن الانباري في المصاحف عن عمرو بن دينار قال : كان ابن عباس رضي
الله عنه يقرأ وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال : ان فيما أنزل
الله وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ولا محدث فنسخت محدث والمحدثون : صاحب يس
ولقمان وهو من آل فرعون وصاحب موسى
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : النبي وحده الذي يكلم
وينزل عليه ولا يرسل
وأخرج عبد بن حميد من طريق السدي عن أبي صالح قال : قام رسول الله صلى الله عليه و
سلم - فقال المشركون : ان ذكر آلهتنا بخير ذكرنا آلهته بخير ف ألقى الشيطان في
أمنيته أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى النجم آية 19 إنهن لفي الغرانيق
العلى وان شفاعتهن لترتجى
قال : فأنزل الله وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا اذا تمنى ألقى الشيطان
في أمنيته
فقال ابن عباس : ان أمنيته أن يسلم قومه
وأخرج البزار والطبراني وابن مردويه والضياء في المختارة بسند رجاله ثقات من طريق
سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ أفرأيتم
اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى ففرح
المشركون بذلك وقالوا : قد ذكر آلهتنا فجاءه جبريل فقال : اقرأ علي ما جئتك به
فقرأ أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن
لترتجى
فقال : ما أتيتك بهذا ! هذا من الشيطان
فأنزل الله وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا اذا تمنى إلى آخر الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند صحيح عن سعيد بن جبير
قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم بمكة النجم فلما بلغ هذا الموضع أفرأيتم
اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألقى الشيطان على لسانه تلك الغرانيق العلى وإن
شفاعتهن لترتجى
قالوا : ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم فسجد وسجدوا
(6/65)
ثم
جاءه جبريل بعد ذلك قال : اعرض علي ما جئتك به
فلما بلغ : تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى
قال له جبريل : لم آتك بهذا ; هذا من الشيطان فأنزل الله وما أرسلنا من قبلك من
رسول ولا نبي
وأخرج ابن جرير وابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس : أن النبي - صلى الله
عليه و سلم - بينما هو يصلي اذ نزلت عليه قصة آلهة العرب فجعل يتلوها فسمعه
المشركون فقالوا : إنا نسمعه يذكر آلهتنا بخير فدنوا منه فبينما هو يتلوها وهو
يقول : أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى القى الشيطان : ان تلك الغرانيق
العلى منها الشفاعة ترتجى
فعلق يتلوها فنزل جبريل فنسخها ثم قال : وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلى
قوله حكيم
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ومن طريق أبي بكر الهذلي
وأيوب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه ومن طريق سليمان التيمي عمن حدثه عن ابن
عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ سورة النجم وهو بمكة فأتى على هذه
الآية أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى فألقى الشيطان على لسانه : إنهن
الغرانيق العلى
فأنزل الله وما أرسلنا من قبلك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طريق يونس عن ابن شهاب حدثني أبو بكر بن عبد
الرحمن بن الحارث : ان رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو بمكة قرأ سورة النجم
فلما بلغ أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى قال : ان شفاعتهن ترتجى وسها
رسول الله صلى الله عليه و سلم - ففرح المشركون بذلك فقال : " إلا إنما كان
ذلك من الشيطان " فأنزل الله وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي إلا اذا
تمنى ألقى الشيطان في أمنيته حتى بلغ عذاب يوم عقيم مرسل صحيح الإسناد
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق موسى بن عقبة عن ابن شهاب قال : لما أنزلت سورة النجم
وكان المشركون يقولون : لو كان هذا الرجل يذكر آلهتنا بخير أقرنناه وأصحابه ولكن
لا يذكر من خالف دينه من اليهود والنصارى بمثل الذي يذكر آلهتنا من الشتم والشر
وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد اشتد عليه ما ناله وأصحابه من أذاهم
وتكذيبهم وأحزنته ضلالتهم فكان يتمنى كف أذاهم فلما أنزل الله سورة النجم قال :
أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى القى الشيطان
(6/66)
عندها
كلمات حين ذكر الطواغيت فقال : وانهن لهن الغرانيق العلى وان شفاعتهن لهي التي
ترتجى
فكان ذلك من سجع الشيطان وفتنه فوقعت هاتان الكلمتان في قلب مشرك بمكة وذلقت بها
ألسنتهم وتباشروا بها وقالوا : ان محمد قد رجع إلى دينه الأول ودين قومه
فلما بلغ رسول الله - صلى الله عليه و سلم - آخر النجم سجد وسجد كل من حضر من مسلم
ومشرك ففشت تلك الكلمة في الناس وأظهرها الشيطان حتى بلغت أرض الحبشة
فأنزل الله وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي
فلما بين الله قضاءه وبرأه من سجع الشيطان انقلب المشركون بضلالتهم وعداوتهم
للمسلمين واشتدوا عليه
وأخرجه البيهقي في الدلائل عن موسى بن عقبة ولم يذكر ابن شهاب
وأخرج الطبراني عن عروة مثله سواء
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن محمد بن كعب القرظي ومحمد بن قيس قالا : جلس
رسول الله - صلى الله عليه و سلم - في ناد من أندية قريش كثير أهله فتمنى يومئذ أن
لا يأتيه من الله شيء ; فيتفرقون عنه
فأنزل الله عليه والنجم اذا هوى النجم آية 1 فقرأها رسول الله - صلى الله عليه و
سلم - حتى بلغ أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى النجم آية 19
ألقى الشيطان كلمتين : تلك الغرانيق العلى وان شفاعتهن لترتجى
فتكلم بها ثم مضى فقرأ السورة كلها ثم سجد في آخر السورة وسجد القوم جميعا معه
ورضوا بما تكلم به فلما أمسى أتاه جبريل فعرض عليه السورة فلما بلغ الكلمتين
اللتين ألقى الشيطان عليه قال : ما جئتك بهاتين الكلمتين
فقال رسول الله : - صلى الله عليه و سلم - افتريت على الله وقلت ما لم يقل
فأوحى الله إليه وان كادوا ليفتنونك إلى قوله نصيرا الإسراء آية 73 - 75 فما زال
مغموما مهموما من شأن الكلمتين حتى نزلت وما أرسلنا من قبلك
فسري عنه وطابت نفسه
وأخرج ابن جرير عن الضحاك : ان النبي - صلى الله عليه و سلم - وهو بمكة أنزل عليه
في آلهة العرب فجعل يتلو اللات والعزى ويكثر ترديدها فسمعه أهل مكة وهو يذكر
آلهتهم ففرحوا بذلك ودنوا يسمعون فألقى الشيطان في تلاوته : تلك الغرانيق
(6/67)
العلى
منها الشفاعة ترتجى فقرأها النبي - صلى الله عليه و سلم - كذلك فأنزل الله وما
أرسلنا من قبلك إلى قوله حكيم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم بسند صحيح عن أبي العالية قال : قال
المشركون لرسول الله - صلى الله عليه و سلم - : لو ذكرت آلهتنا في قولك قعدنا معك
فانه ليس معك إلا أراذل الناس وضعفاؤهم فكانوا اذا رأونا عندك تحدث الناس بذلك
فأتوك
فقام يصلي فقرأ والنجم حتى بلغ أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى تلك الغرانيق
العلى وشفاعتهن ترتجى ومثلهن لا ينسى فلما فرغ من ختم السورة سجد وسجد المسلمون
والمشركون
فبلغ الحبشة : ان الناس قد أسلموا فشق ذلك على النبي - صلى الله عليه و سلم -
فأنزل الله وما أرسلنا من قبلك إلى قوله عذاب يوم عقيم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : نزلت سورة النجم
بمكة فقالت قريش : يا محمد إنه يجالسك الفقراء والمساكين ويأتيك الناس من أقطار
الأرض فان ذكرت آلهتنا بخير جالسناك فقرأ رسول الله - صلى الله عليه و سلم - سورة
النجم فلما أتى على هذه الآية أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى النجم
آية 19 ألقى الشيطان على لسانه : وهي الغرانيق العلى شفاعتهن ترتجى
فلما فرغ من السورة سجد وسجد المسلمون والمشركون إلا أبا احيحة ؟ سعيد بن العاص ;
فانه أخذ كفا من تراب فسجد عليها وقال : قد آن لابن أبي كبشة أن يذكر آلهتنا بخير
فبلغ ذلك المسلمين الذين كانوا بالحبشة : ان قريشا قد أسلمت فأرادوا أن يقبلوا
واشتد على رسول الله - صلى الله عليه و سلم - وعلى أصحابه ما ألقى الشيطان على
لسانه فأنزل الله وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : بينما رسول الله - صلى الله عليه و سلم - يصلي
عند المقام اذ نعس فألقى الشيطان على لسانه كلمة فتكلم بها وتعلق بها المشركون
عليه فقال أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى فألقى الشيطان على لسانه
ونعس وان شفاعتهم لترتجى وإنها لمع الغرانيق العلى فحفظها المشركون وأخبرهم
الشيطان : ان نبي الله - صلى الله عليه و سلم - قد قرأها فذلت بها ألسنتهم فأنزل
الله وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي
فدحر الله الشيطان ولقن نبيه حجته
(6/68)
وأخرج
عبد بن حميد عن مجاهد : ان رسول الله - صلى الله عليه و سلم قرأ النجم فألقى
الشيطان على فيه أحكم آياته
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : قرأ رسول الله - صلى الله عليه و سلم - ذات يوم
أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ألكم الذكر وله الأنثى تلك اذا قسمة
ضيزى النجم آية 19 - 23 فألقى الشيطان على لسان رسول الله - صلى الله عليه و سلم -
تلك إذن في الغرانيق العلى تلك إذن شفاعة ترتجى ففزع رسول الله - صلى الله عليه و
سلم - وجزع ! فأوحى الله إليه وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئا النجم
آية 26 ثم أوحى اليه ففرج عنه وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي ألا اذا تمنى
ألقى الشيطان في أمنيته إلى قوله حكيم
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : خرج النبي - صلى الله عليه و سلم - إلى المسجد
ليصلي فبينما هو يقرأ اذ قال : أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى فألقى
الشيطان على لسانه فقال : تلك الغرانقة العلى وان شفاعتهن ترتجى حتى اذا بلغ آخر
السورة سجد وسجد أصحابه وسجد المشركون لذكره آلهتهم فلما رفع رأسه حملوه فاشتدوا
به بين قطري مكة يقولون : نبي بني عبد مناف حتى اذا جاءه جبريل عرض عليه فقرأ ذينك
الحرفين فقال جبريل معاذ الله أن أكون أقرأتك هذا ! فاشتد عليه فأنزل الله يطيب
نفسه وما أرسلنا من قبلك
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس اذا تمنى ألقى الشيطان في
أمنيته يقول : اذا حدث ألقى الشيطان في حديثه
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله اذا تمنى يعني بالتمني التلاوة والقراءة
ألقى الشيطان في أمنيته في تلاوة النبي فينسخ الله ينسخ جبريل بأمر الله ما ألقى
الشيطان على لسان النبي - صلى الله عليه و سلم -
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد اذا اتمنى قال : تكلم في أمنيته قال :
كلامه
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ليجعل مايلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض قال
: المنافقون والقاسية قلوبهم يعني المشركين وليعلم الذين
(6/69)
أوتوا
العلم أنه الحق قال : القرآن ولا يزال الذين كفروا في مرية منه قال : من القرآن
عذاب يوم عقيم قال : ليس معه ليلة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في مرية منه قال : مما جاء به الخبيث إبليس لا يخرج
من قلوبهم زادهم ضلالة
وأخرج ابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس في قوله : عذاب يوم عقيم قال :
يوم بدر
وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب قال : أربع كن يوم بدر أو يأخذهم عذاب يوم عقيم
ذاك يوم بدر فسوف يكون لزاما الفرقان آية 77 ذاك يوم بدر يوم نبطش البطشة الكبرى
الدخان آية 16 ذاك يوم بدر ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر السجدة
آية 21 ذاك يوم بدر
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير عذاب يوم عقيم قال :
يوم بدر
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد عذاب يوم عقيم قال : يوم القيامة لا ليلة له
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك مثله
- قوله تعالى : والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا
حسنا وإن الله لهو خير الرازقين ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن سلمان الفارسي : سمعت رسول الله - صلى الله عليه
و سلم - يقول : " من مات مرابطا أجرى الله عليه مثل ذلك الأجر وأجرى عليه
الرزق
(6/70)
وأمن
الفتانين وأقرأوا ان شئتم " والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا
إلى قوله : حليم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن فضالة بن عبيد الأنصاري الصحابي : -
انه كان برودس - فمروا بجنازتين : أحدهما قتيل والآخر متوفى
فمال الناس على القتيل فقال فضالة : ما لي أرى الناس مالوا مع هذا وتركوا هذا ؟
فقالوا : هذا لقتيل في سبيل الله فقال : والله ما ابالي من أي حفرتيهما بعثت
اسمعوا كتاب الله والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : مدخلا يرضونه قال : الجنة
- قوله تعالى : ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب به ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله
لعفو غفور ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع
بصير ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي
الكبير ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير له
ما في السموات وما في الأرض وإن الله لهو الغني الحميد
أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله : ذلك ومن عاقب الآية
قال : ان النبي - صلى الله عليه و سلم - بعث سرية في ليلتين بقيتا من المحرم فلقوا
المشركين فقال المشركون بعضهم لبعض : قاتلوا أصحاب محمد فانهم يحرمون القتال في
الشهر الحرام وان أصحاب محمد : ناشدوهم وذكروهم بالله أن يعرضوا لقتالهم ; فانهم
لا يستحلون القتال في الشهر الحرام إلا من بادئهم وان المشركين بدأوا وقاتلوهم
فاستحل الصحابة قتالهم عند ذلك فقاتلوهم ونصرهم الله عليهم
(6/71)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : ذلك ومن عاقب
قال : تعاون المشركون على النبي - صلى الله عليه و سلم - وأصحابه فأخرجوه فوعد
الله ان ينصره وهو في القصاص أيضا
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وان ما يدعون من دونه هو الباطل قال :
الشيطان
- قوله تعالى : ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره
ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم وهو الذي
أحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم إن الإنسان لكفور
أخرج الطبراني عن ابن عباس قال : اذا أتيت سلطانا مهيبا تخاف ان يسطو بك فقل :
الله أكبر الله أكبر من خلقه جميعا الله أعز ممن أخاف وأحذر أعوذ بالله الذي لا
اله إلا هو الممسك السموات السبع ان يقعن على الأرض إلا بإذنه من شر عبدك فلان
وجنوده وأشياعه من الجن والانس إلهي كن لي جارا من شرهم جل شأنك وعز جارك وتبارك
إسمك ولا اله غيرك ثلاث مرات
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله : ان الإنسان لكفور قال : يعد المصيبات وينسى
النعم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كل شيء في القرآن ان الإنسان لكفور يعني به
الكفار والله أعلم !
- قوله تعالى : لكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه فلا ينازعنك في الأمر وادع إلى ربك
إنك لعلى هدى مستقيم وإن جادلوك فقل الله أعلم بما تعملون الله يحكم بينكم يوم
القيامه فيما كنتم فيه تختلفون
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي المليح قال : الأمة ما بين الاربعين إلى المائة فصاعدا
(6/72)
وأخرج
أحمد والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الايمان عن علي بن الحسين لكل أمة جعلنا منسكا
هم ناسكوه قال : ذبحا هم ذابحوه
حدثني أبو رافع أن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - كان اذا ضحى : اشترى كبشين
سمينين أملحين أقرنين فاذا خطب وصلى ذبح احدهما ثم يقول : " اللهم هذا عن
أمتي جميعا من شهد لك بالتوحيد ولي بالبلاغ " ثم أتى بالآخر فذبحه وقال :
" اللهم هذا عن محمد وآل محمد " ثم يطعمهما المساكين ويأكل هو وأهله
منهما
فمكثنا سنتين قد كفانا الله الغرم والمؤنة ليس أحد من بني هاشم يضحي
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : هم ناسكوه يعني هم
ذابحوه فلا ينازعنك في الامر يعني في أمر الذبائح
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه ولكل أمة جعلنا منسكا هم ناسكوه قال ذبحا
هم ذابحوه
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه
منسكا هم ناسكوه قال : اهراقه دم الهدي
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه لكل أمة جعلنا منسكا قال : ذبحا وحجا
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه فلا ينازعنك في الأمر قول أهل الشرك
أما ما ذبح الله بيمينه فلا تأكلون وأما ما ذبحتم بأيديكم فهو حلال
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه وادع إلى ربك قال : إلى دين ربك انك
لعلى هدى قال : دين مستقيم وان جادلوك يعني في الذبائح
وأخرج ابن المنذر عن جريج وان جادلوك فقل : الله أعلم بما تعلمون لنا أعمالنا ولكم
أعمالكم
- قوله تعالى : ألم تعلم أن الله يعلم ما في السماء والأرض إن ذلك في كتاب إن ذلك
على الله يسير ويعبدون من دون الله ما لم ينزل به سلطانا وما ليس لهم به علم وما
للظالمين من نصير
(6/73)
أخرج
ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خلق الله اللوح
المحفوظ لمسيرة مائة عام وقال : للقلم - قبل ان يخلق الخلق وهو على العرش - اكتب
قال : ما أكتب ؟ قال : علمي في خلقي إلى يوم تقوم الساعة فجرى القلم بما هو كائن
في علم الله إلى يوم القيامة فذلك قوله للنبي - صلى الله عليه و سلم - الم تعلم ان
الله يعلم ما في السماء والأرض يعني ما في السموات السبع والأرضين السبع ان ذلك
العلم في كتاب يعني في اللوح المحفوظ مكتوب قبل ان يخلق السموات والارضين ان ذلك
على الله يسير يعني هين
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه : ان رسول الله - صلى الله عليه و سلم - قال
: " سيفتح الله على أمتي بابا من القدر في آخر الزمان لا يسده شيء ويكفيكم من
ذلك أن تقولوا : ألم تعلم ان الله يعلم ما في السماء والأرض ان ذلك في كتاب ان ذلك
على الله يسير "
وأخرج اللالكائي في السنة من طريق آخر عن سليمان بن جعفر القرشي مرفوعا مثله مرسلا
- قوله تعالى : وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات تعرف في وجوه الذين كفروا المنكر
يكادون يسطون بالذين يتلون عليهم آياتنا قل أفأنبئكم بشر من ذلكم النار وعدها الله
الذين كفروا وبئس المصير
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله : يكادون يسطون قال : يبطشون
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه يكادون يسطون
قال : يبطشون
كفار قريش والله أعلم
- قوله تعالى : ياأيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن
يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب
والمطلوب ماقدروا الله حق قدره إن الله لقوي عزيز
(6/74)
أخرج
ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا
له قال : نزلت في صنم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنه ضعف الطالب آلهتكم والمطلوب
الذباب
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله : لن يخلقوا ذبابا يعني الصنم
لا يخلق ذبابا وان يسلبهم الذباب شيئا يقول : يجعل للاصنام طعام فيقع عليه الذباب
فيأكل منه فلا يستطيع ان يستنقذه منه ثم رجع إلى الناس والى الاصنام ضعف الطالب
الذي يطلب إلى هذا الصنم الذي لا يخلق ذبابا ولا يستطيع ان يستنقذ ما سلب منه و
ضعف المطلوب اليه
الذي لا يخلق ذبابا ولا يستنقذ ما سلب منه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله ان الذين تدعون من
دون الله إلى قوله : لا يستنقذوه منه قال : الأصنام
ذلك الشيء من الذباب
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه - في قوله : ما قدروا الله حق قدره
قال : حين يعبدون مع الله ما لا ينتصف من الذباب
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والبيهقي في شعب الايمان عن طارق بن شهاب رضي
الله عنه قال : قال سلمان دخل رجل الجنة في ذباب ودخل رجل النار في ذباب
قالوا : وما الذباب ؟ فرأى ذبابا على ثوب انسان فقال : هذا الذباب
قالوا : وكيف ذلك ؟ قال : مر رجلان مسلمان على قوم يعكفون على صنم لهم لا يجاوزه
أحد حتى يقرب له شيئا فقالوا لهما : قربا لصنمنا قربانا
قالاك لا نشرك بالله شيئا
قالوا : قربا ما شئتما ولو ذبابا
فقال أحدهما لصاحبه : ما ترى قال أحدهما : لا أشرك بالله شيئا
فقتل فدخل الجنة
فقال الآخر : بيده على وجهه فاخذ ذبابا فالقاه على الصنم فخلوا سبيله فدخل النار
- قوله تعالى : الله يصطفي من الملائكه رسلا ومن الناس إن الله سميع بصير يعلم ما
بين أيديهم وما خلفهم وإلى الله ترجع الأمور ياأيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا
واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون
(6/75)
أخرج
ابن أبي حاتم عن السدي رصي الله عنه في الآية قال : الذي يصطفى من الناس هم
الانبياء عليهم الصلاة والسلام
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله - صلى الله
عليه و سلم - : " ان الله اصطفى موسى بالكلام وابراهيم بالخلة "
وأخرج الحاكم وصححه عن أنس رضي الله عنه ان النبي - صلى الله عليه و سلم - قال :
" موسى بن عمران صفي الله "
وأخرج البغوي في معجمه والباوردي وابن قانع والطبراني وابن عساكر عن زيد بن أبي
أوفى رضي الله عنه قال : دخلت على رسول الله - صلى الله عليه و سلم - في مسجد
المدينة فجعل يقول : " اين فلان ؟ أين فلان ؟ " فلم يزل يتفقدهم وينصب
اليهم حتى اجتمعوا عنده فقال : اني محدثكم بحديث فاحفظوه وعوه وحدثوا به من بعدكم
ان الله اصطفى من خلقه خلقا " ثم تلا هذه الآية الله يصطفي من الملائكة رسلا
ومن الناس خلقا يدخلهم الجنة " واني مصطف منكم من أحب أن اصطفيه ومؤاخ بينكم
كما آخى الله بين الملائكة قم يا أبا بكر
فقام فجثا بين يديه
فقال : ان لك عندي يدا ان الله يجزيك بها فلو كنت متخذا خليلا لاتخذتك خليلا فأنت
مني بمنزلة قميصي من جسدي وحرك قميصه بيده
ثم قال : ادن يا عمر فدنا ثم قال : ادن يا عمر فدنا ثم قال : كنت شديد الثغب علينا
ابا حفص فدعوت الله ان يعز الدين بك أو بأبي جهل ففعل الله ذلك لك وكنت أحبهما الي
فانت معي في الجنة ثالث ثلاثة من هذه الأمة
ثم تنحى وآخى بينه وبين أبي بكر ثم دعا عثمان بن عفان فقال : ادن يا عثمان ادن يا
عثمان فلم يزل يدنو منه حتى ألصق ركبته بركبة رسول الله - صلى الله عليه و سلم -
ثم نظر اليه ثم نظر إلى السماء فقال : سبحان الله العظيم ثلاث مرات ثم نظر إلى
عثمان فاذا ازراره محلولة فزرها رسول الله - صلى الله عليه و سلم - بيده ثم قالك
اجمع عطفي ردائك على نحرك فان لك شأنا في أهل السماء أنت ممن يرد علي الحوض
وأوداجه تشخب دما فاقول من فعل هذا بك ؟ فتقول فلان
وذلك كلام جبريل وذلك اذا هتف من السماء : إلا ان عثمان أمير على كل خاذل
ثم دعا عبد الرحمن بن عوف فقال : ادن ياأمين الله والامين في السماء يسلط الله على
مالك بالحق أما ان لك عندي دعوة وقد أخرتها
قالك خر لي يا رسول الله
قال : حملتني يا عبد الرحمن أمانة أكثر
(6/76)
الله
مالك
وجعل يحرك يده ثم تنحى وآخى بينه وبين عثمان ثم دخل طلحة والزبير فقال : ادنوا مني
فدنوا منه فقال : أنتما حواري كحواري عيسى بن مريم
ثم آخى بينهما ثم دعا سعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر فقال : يا عمار تقتلك الفئة
الباغية
ثم آخى بينهما ثم دعا أبا الدرداء وسلمان الفارسي فقال : يا سلمان أنت منا أهل
البيت وقد آتاك الله العلم الاول والعلم الإخر والكتاب الاول والكتاب الآخر
ثم قال إلا أنشدك يا أبا الدرداء ؟ قال : بلى يا رسول الله
قال : ان تنقدهم ينقدوك وان تتركهم لا يتركوك وان تهرب منهم يدركوك فاقرضهم عرضك
ليوم فقرك
فآخى بينهما ثم نظر في وجوه أصحابه فقال : " ابشروا وقروا عينا فانتم أول من
يرد علي الحوض وأنتم في أعلى الغرف "
ثم نظر إلى عبد الله بن عمر فقال : الحمد لله الذي يهدي من الضلالة فقال علي : يا
رسول الله ذهب روحي وانقطع ظهري حين رأيتك فعلت ما فعلت باصحابك غيري ! فان كان من
سخط علي فلك العتبى والكرامة
فقال : " والذي بعثني بالحق وما أخرتك إلا لنفسي فانت عندي بمنزلة هرون من
موسى ووارثي
فقال : يا رسول الله ما أرث منك ؟ قال : ما ورثت الانبياء
قال : وما ورثت الانبياء قبلك ؟ قال : كتاب الله وسنة نبيهم وأنت معي في قصري في
الجنة مع فاطمة ابنتي وأنت أخي ورفيقي ثم تلا رسول الله - صلى الله عليه و سلم -
هذه
الآية اخوانا على سرر متقابلين
الاخلاء في الله ينظر بعضهم إلى بعض
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله : يا أيها الذين آمنوا
اركعوا
قال انما هي أدب وموعظة
- قوله تعالى : وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من
حرج ملة أبيكم إبراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم
وتكونوا شهداء على الناس فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واعتصموا بالله هو مولاكم
فنعم المولى ونعم النصير
(6/77)
أخرج
ابن مردويه عن عبد الرحمن بن عوف قال : قال لي عمر ألسنا كنا نقرأ فيما نقرأ
وجاهدوا في الله حق جهاده في آخر الزمان كما جاهدتم في أوله قلت : بلى
فمتى هذا يا أمير المؤمنين ؟ قال : اذا كانت بنو أمية الأمراء وبنو المغيرة
الوزراء
وأخرجه البيهقي في الدلائل عن المسور بن مخرمة
قال : قال عمر لعبد الرحمن بن عوف فذكره
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله : وجاهدوا في الله حق جهاده
قال : جاهدوا عدو محمد حتى يدخلوا في الإسلام
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه وجاهدوا في
الله حق جهاده قال : ان الرجل ليجاهد في الله حق جهاده وما ضرب بسيف
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه وجاهدوا في الله حق جهاده يعني العمل أن
يجتهدوا فيه
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه وجاهدوا في الله حق جهاده قال : يطاع
فلا يعصى
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج - رضي الله عنه - وجاهدوا في الله حق جهاده قال : لا
تخافوا في الله لومة لائم هو اجتباكم قال : استخلصكم
وأخرج ابن مردويه عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله
عليه و سلم - " المجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله "
وأخرج ابن جرير وابن مردويه والحاكم وصححه عن عائشة - رضي الله عنها - انها سألت
النبي - صلى الله عليه و سلم - عن هذه الإية وما جعل عليكم في الدين من حرج قال :
من ضيق
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد قال : قال أبو هريرة لابن عباس أما علينا في الدين من
حرج ; في أن نسرق أو نزني قال : بلى
قال : فما جعل عليكم في الدين من حرج قال : الاصر الذي كان على بني اسرائيل وضع
عنكم
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن شهاب ان ابن عباس كان يقول : في
(6/78)
قوله
: ما جعل عليكم في الدين من حرج توسعة الإسلام ; ما جعل الله من التوبة ومن
الكفارات
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عثمان بن بشار عن
ابن عباس ما جعل عليكم في الدين من حرج قال : هذا في هلال رمضان ; اذا شك فيه
الناس وفي الحج اذا شكوا في الهلال وفي الأضحى وفي الفطر وفي أشباهه
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير أن ابن عباس
سئل عن الحرج ؟ فقال : ادعوا لي رجلا من هذيل فجاءه فقال : ما الحرج فيكم ؟ فقال :
الحرجة من الشجر التي ليس لها مخرج
فقال ابن عباس : هذا الحرج الذي ليس له مخرج
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي في سننه من طريق عبيد الله بن أبي يزيد
ان ابن عباس سئل عن الحرج ؟ فقال : ههنا احد من هذيل ؟ فقال رجل : أنا
فقال : ما تعدون الحرجة فيكم ؟ قال : الشيء الضيق
قال : هو ذاك
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : الحرج الضيق لم يجعله ضيقا ولكنه جعله واسعا
أحل لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع وما ملكت ايمانكم وحرم عليكم ولحم الخنزير
وأخرج محمد بن يحيى الذهلي في الزهريات وابن عساكر عن ابن شهاب قال : سأل عبد
الملك بن مروان علي بن عبد الله عن هذه الآية ؟ وما جعل عليكم في الدين من حرج
فقال علي بن عبد الله : الحرج الضيق ; جعل الله الكفارات مخرجا من ذلك
سمعت ابن عباس يقول ذلك
وأخرج البيهقي في سننه عن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر قال : قرأ عمر بن الخطاب
هذه الآية ما جعل عليكم في الدين من حرج ثم قال : ادعوا لي رجلا من بني مدلج
قال عمر : ما الحرج فيكم ؟ قال : الضيق
وأخرج أحمد عن حذيفة بن اليمان قال : غاب عنا رسول الله - صلى الله عليه و سلم -
يوما فلم يخرج حتى ظننا أن لن يخرج فلما خرج سجد سجدة فظننا أن نفسه قد قبضت !
فلما رفع رأسه قال : " ان ربي عز و جل إستشارني في أمتي ماذا أفعل بهم ؟
(6/79)
فقلت
: ما شئت أي رب ; هم خلقك وعبادك فاستشارني الثانية ؟ فقلت له كذلك فقال : لا
أخزيك في أمتك يا محمد وبشرني : ان أول من يدخل الجنة من أمتي معي سبعون ألفا مع
كل ألف سبعون ألفا ليس عليهم حساب
ثم أرسل الي ادع تجب وسل تعط فقلت لرسوله : أو معطي ربي سؤلي ؟ قال : ما أرسلني
إليك إلا ليعطيك
ولقد أعطاني ربي عز و جل ولا فخر وغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخروأنا أمشي حياء
وأعطاني أن لا تجوع أمتي ولا تغلبوأعطاني الكوثر فهو نهر في الجنة يسيل في حوضي
وأعطاني العز والنصر والرعب يسعى بين يدي أمتي شهرا وأعطاني : أني أول الانبياء
أدخل الجنة وطيب لي ولأمتي الغنيمة وأحل لنا كثيرا ممن شدد على من قبلنا ولم يجعل
علينا من حرج فلم أجد لي شكرا إلا هذه السجدة "
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله : وما جعل عليكم في الدين من حرج
يقول : لم يضيق الدين عليكم ولكن جعله واسعا لمن دخله وذلك أنه ليس مما فرض عليهم
فيه إلا ساق اليهم عند الاضطرار رخصة ; والرخصة في الدنيا فيها وسع عليهم رحمة منه
اذا فرض عليهم الصلاة في المقام أربع ركعات وجعلها في السفر ركعتين وعند الخوف من
العدو ركعة ثم جعل في وجهة رخصة ; ان يوميء إيماء ان لم يستطيع السجود في أي نحو
كان وجهه لمن تجاوز عن السيئات منه والخطأ وجعل في الوضوء والغسل رخصة اذا لم يجد
الماء ان يتيمموا الصعيد وجعل الصيام على المقيم واجبا ورخص فيه للمريض والمسافر
عدة من أيام أخر فمن لم يطق فإطعام مسكين مكان كل يوم وجعل في الحج رخصة ; ان لم
يجد زادا أو حملانا أو حبس دونه وجعل في الجهاد رخصة ; ان لم يجد حملانا أو نفقة
وجعل عند الجهد والاضطرار من الجوع : ان رخص في الميتة والدم ولحم الخنزير قدر ما
يرد نفسه ; لا يموت جوعا في أشباه هذا في القرآن وسعة الله على هذه الأمة رخصة منه
ساقها إليهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله : ملة أبيكم إبراهيم قال : دين أبيكم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس في قوله هو سماكم
المسلمين من قبل قال الله عز و جل سماكم
(6/80)
وأخرج
ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله : هو سماكم
المسلمين قال الله عز و جل سماكم من قبل قال الكتب كلها وفي الذكر وفي هذا قال :
القرآن
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله : هو سماكم قال الله
سماكم المسلمين من قبل وفي هذا أي في كتابكم : ليكون الرسول شهيدا عليكم أنه قد
بلغكم وتكونوا شهداء على الناس ان رسلهم قد بلغتهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سفيان في قوله : هو سماكم المسلمين قال الله عز
و جل من قبل قال : في التوراة والإنجيل وفي هذا قال : القرآن ليكون الرسول شهيدا
عليكم قال : بأعمالكم وتكونوا شهداء على الناس قال : على الأمم بأن الرسل قد
بلغتهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : لم يذكر الله بالإسلام والإيمان غير
هذه الأمة ذكرت بهما جميعا ولم يسمع بأمة ذكرت بالإسلام والإيمان غيرها
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله : هو سماكم المسلمين قال إبراهيم : ألا ترى
إلى قوله ربنا واجعلنا مسلمين لك الآية : كلها
وأخرج الطيالسي وأحمد وابن حبان والبخاري في تاريخه والترمذي وصححه والنسائي
والموصلي وابن خزيمة وابن حبان والباوردي وابن قانع والطبراني والحاكم وابن مردويه
والبيهقي في الشعب عن الحارث الاشعري عن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - قال :
" من دعا بدعوى الجاهلية فانه من جثاء جهنم " قال رجل : يا رسول الله
وان صام وصلى ؟ قال : نعم
" فادعوا بدعوة الله التي سماكم بها المسلمين والمؤمنين عباد الله "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن يزيد الأنصاري قال : تسموا باسمائكم التي سماكم
الله بها : بالحنيفية والإسلام والايمان
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وإسحق بن راهوية في مسنده عن مكحول : ان النبي - صلى
الله عليه و سلم - قال : تسمى الله بأسمين سمى بهما أمتي : هو السلام وسمى أمتي
المسلمين وهو المؤمن وسمى أمتي المؤمنين والله تعالى أعلم
(6/81)
بسم
الله الرحمن الرحيم
سورة المؤمنون
مكية وآياتها ثماني عشرة ومائة
مقدمة سورة المؤمنون أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت بمكة سورة المؤمنين
وأخرج عبد الرزاق والشافعي وسعيد بن منصور وابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري
في تاريخه ومسلم وأبو داود وابن ماجة وابن خزيمة والطحاوي وابن حبان والبيهقي في
سننه عن عبد الله بن ثابت قال صلى النبي - صلى الله عليه و سلم - : بمكة الصبح
فاستفتح سورة المؤمنين حتى اذا جاء ذكر موسى وهارون أو ذكر عيسى أخذته سعلة فركع
- قد أفلح المؤمنون
أخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والترمذي والنسائي وابن المنذر والعقيلي
والحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل والضياء في المختارة عن عمر بن الخطاب قال :
" كان اذا انزل على رسول الله - صلى الله عليه و سلم - الوحي يسمع عند وجهه
كدوي النحل فأنزل عليه يوما فمكثنا ساعة فسري عنه فاستقبل القبلة فرفع يديه فقال :
اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا
وأرض عنا وأرضنا ثم قال : لقد أنزلت علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ثم قرأ قد
أفلح المؤمنون حتى ختم العشر "
وأخرج البخاري في الادب المفرد والنسائي وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه
والبيهقي في الدلائل عن يزيد بن بابنوس قال : قلنا لعائشة كيف كان خلق رسول الله -
صلى الله عليه و سلم - ؟ قال : كان خلقه القرآن
ثم قالت : تقرأ سورة المؤمنون قد أفلح المؤمنون فقرأ حتى بلغ العشر فقالت : هكذا
كان خلق رسول الله - صلى الله عليه و سلم - "
وأخرج ابن عدي والحاكم والبيهقي في الاسماء والصفات عن أنس قال : قال رسول الله -
صلى الله عليه و سلم - " خلق الله جنة عدن وغرس أشجارها بيده وقال لها :
تكلمي
فقالت قد أفلح المؤمنون "
وأخرج الطبراني في السنة وابن مردويه من حديث ابن عباس مثله
(6/82)
وأخرج
عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في قوله قد أفلح المؤمنون قال : قال كعب : لم يخلق
الله بيده إلا ثلاثة
خلق آدم بيده والتوراة بيده وغرس جنة عدن بيده ثم قال : تكلمي
فقالت : قد أفلح المؤمنون لما علمت فيها من الكرامة
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : لما غرس الله الجنة نظر اليها فقال : قد أفلح
المؤمنون
وأخرج ابن جرير عن أبي العالية قال : لما خلق الله الجنة قال قد أفلح المؤمنون
وأنزل الله به قرآنا
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله قد أفلح المؤمنون يعني : سعد المصدقون
بتوحيد الله
وأخرج عبد بن حميد عن طلحة بن مصرف أنه كان يقرأ قد أفلح المؤمنون برفع أفلح
وأخرج عن عاصم أنه قرأ بنصب أفلح
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس أن نافع بن الازرق سأله عن قوله قد أفلح
المؤمنون قال : فازوا وسعدوا
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول لبيد
فاعقلي ان كنت ما تعقلي ولقد أفلح من كان عقل
- قوله تعالى : الذين هم في صلاتهم خاشعون
أخرج سعيد بن منصور وابن جرير والبيهقي في سننه عن محمد ابن سيرين قال : نبئت أن
رسول الله - صلى الله عليه و سلم - كان اذا صلى يرفع بصره إلى السماء فنزلت الذين
هم في صلاتهم خاشعون
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في مراسيله وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في
سننه من وجه آخر عن ابن سيرين قال : " كان النبي - صلى الله عليه و سلم - اذا
قام في الصلاة نظر هكذا وهكذا يمينا وشمالا فنزلت الذين هم في صلاتهم خاشعون فحنى
رأسه "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد ابن سيرين قال :
" كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه و سلم - يرفعون أبصارهم إلى السماء في
الصلاة ويلتفتون يمينا وشمالا فأنزل الله قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم
خاشعون فقالوا برؤوسهم فلم يرفعوا أبصارهم بعد ذلك في الصلاة ولم يلتفتوا يمينا
ولا شمالا "
(6/83)
وأخرج
عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال " كان رسول الله - صلى الله عليه
و سلم - ربما ينظر إلى الشيء في الصلاة فرفع بصره حتى نزلت آية ان لم تكن هذه فلا
أدري ما هي الذين هم في صلاتهم خاشعون فوضع رأسه "
وأخرج ابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة
أن النبي - صلى الله عليه و سلم - " كان أذا صلى رفع بصره إلى السماء فنزلت
الذين هم في صلاتهم خاشعون فطأطأ رأسه "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر في قوله الذين هم في صلاتهم خاشعون قال : كانوا اذا
قاموا في الصلاة اقبلوا على صلاتهم وخفضوا أبصارهم إلى موضع سجودهم وعلموا ان الله
يقبل عليهم فلا يلتفتون يمينا لولا شمالا
وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن علي أنه سئل عن قوله
الذين هم في صلاتهم خاشعون قال : الخشوع في القلب وان تلين كنفك للمرء المسلم وان
لا تلتفت في صلاتك
وأخرج ابن جرير وان المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله الذين هم في صلاتهم
خاشعون قال : خائفون ساكنون
وأخرج الحكيم الترمذي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول
الله - صلى الله عليه و سلم - " تعوذوا بالله من خشوع النفاق
قالوا يا رسول الله وما خشوع النفاق ؟ قال : خشوع البدن ونفاق القلب "
وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال : استعيذوا
بالله من خشوع النفاق
قيل له : وما خشوع النفاق ؟ قال : ان ترى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال : الخشوع في القلب هو الخوف
وغض البصر في الصلاة
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير عن إبراهيم الذين هم في صلاتهم خاشعون
قال : الخشوع في القلب
وقال : ساكتون
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله الذين هم في صلاتهم خاشعون قال :
كان خشوعهم في قلوبهم فغضوا بذلك أبصارهم وخفضوا لذلك الجناح
(6/84)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الزهري الذين هم في صلاتهم
خاشعون قال : هو سكون المرء في صلاته
وأخرج ابن المبارك وعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في
الآية قال : الخشوع في الصلاة السكوت فيها
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن مجاهد عن عبد الله بن الزبير
أنه كان يقوم للصلاة كأنه عود وكان أبو بكر رضي الله عنه يفعل ذلك
وقال مجاهد : هو الخشوع في الصلاة
وأخرج الحكيم الترمذي من طريق القاسم بن محمد عن أسماء بنت أبي بكر عن أم رومان
والدة عائشة قالت : رآني أبو بكر الصديق رضي الله عنه أتميل في صلاتي فزجرني زجرة
كدت أنصرف من صلاتي قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه و سلم - يقول " اذا
قام أحدكم في الصلاة فليسكن أطرافه لا يتميل اليهود فان سكون الاطراف في الصلاة من
تمام الصلاة "
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - "
أنه رأى رجلا يعبث بحليته في صلاته فقال : لو خشع قلب هذا خشعت جوارحه "
وأخرج ابن سعد عن أبي قلابة قال : سألت مسلم بن يسار عن الخشوع في الصلاة فقال :
تضع بصرك حيث تسجد
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والنسائي عن عائشة قالت : " سألت رسول
الله - صلى الله عليه و سلم - عن الالتفات في الصلاة فقال : هو اختلاس يختلسه
الشيطان من صلاة العبد "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة أنه قال في مرضه اقعدوني اقعدوني فان عندي وديعة
أودعتها رسول الله - صلى الله عليه و سلم - قال : لا يلتفت أحدكم في صلاته فان كان
لا بد فاعلا ففي غير ما افترض الله عليه "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة من طريق عطاء قال " سمعت أبا هريرة يقول :
اذا صليت فان ربك امامك وأنت مناجيه فلا تلتفت
قال عطاء : وبلغني ان الرب يقول : يا ابن آدم إلى من تلتفت ؟ أنا خير لك ممن تلتفت
إليه "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي الدرداء قال : اياكم والالتفاف في الصلاة فانه لا صلاة
للمتلفت واذا غلبتم على تطوع فلا تغلبوا على المكتوبة
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : ان الله لا يزال مقبلا على العبد
(6/85)
ما
دام في صلاته ما لم يحدث أو يلتفت
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن منقذ قال : اذا قام الرجل إلى الصلاة أقبل الله
عليه بوجهه فاذا التفت أعرض عنه
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : اذا قام الرجل في الصلاة أقبل الله عليه بوجهه ما
لم يلتفت
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحكم قال : ان من تمام الصلاة ان لا تعرف من عن يمينك ولا
من عن شمالك
وأخرج الحاكم وصححه من طريق جبير بن نفير بن عوف بن مالك أن رسول الله - صلى الله
عليه و سلم - " نظر إلى السماء يوما فقال : هذا أوان ما يرفع العلم فقال له
رجل من الأنصار يقال له ابن لبيد : يا رسول الله كيف يرفع وقد أثبت في الكتب ووعته
القلوب ؟ فقال : ان كنت لا حسبك من أفقه أهل المدينة ثم ذكر ضلالة اليهود والنصارى
على ما في أيديهم من كتاب الله قال : فلقيت شداد بن أوس فحدثته فقال : صدق عوف إلا
أخبرك بأول ذلك
قلت : بلى قال : الخشوع حتى لا ترى خاشعا "
وأخرج الحاكم وصححه من طريق جبير بن نفير عن أبي الدرداء قال " كنا مع رسول
الله - صلى الله عليه و سلم - فشخص ببصره إلى السماء ثم قال : هذا أوان يختلس
العلم من الناس حتى لا يقدروا منه على شيء فقال زياد بن لبيد : يا رسول الله وكيف
يختلس العلم منا وقد قرأنا القرآن ؟ فو الله لنقرأنه ولنقرئنه نساءنا وابناءنا
فقال : ثكلتك أمك يا زياد ان كنت لا عدك من فقهاء أهل المدينة هذا التوراة
والانجيل عند اليهود والنصارى فماذا يغني عنهم فلقيت عبادة بن الصامت فقلت له :
ألا تسمع ما يقول أخوك أبو الدرداء ؟ وأخبرته
فقال صدق وان شئت لأحدثنك بأول علم يرفع من الناس الخشوع
يوشك أن تدخل المسجد فلا ترى فيه رجلا خاشعا "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والحاكم وصححه عن حذيفة قال : أول ما تفقدون من
دينكم الخشوع وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة
ولتنقضن عرا الإسلام عروة عروة وليصلين النساء وهن حيض ولتسلكن طريق من كان قبلكم
حذو القذة بالقذة وحذو النعل بالنعل لا تخطو طريقهم ولا تخطىء بكم حتى تبقى فرقتان
من فرق كثيرة تقول احداهما : ما بال الصلاة الخمس لقد ضل من كان قبلنا إنما قال
الله أقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل هود
الآية 114 لا تصلوا إلا ثلاثا
وتقول الأخرى : إنما المؤمنون بالله
(6/86)
كإيمان
الملائكة لا فينا كافر ولا منافق حق على الله أن يحشرها مع الدجال
وأخرج أحمد عن أبي اليسر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " منكم من
يصلي الصلاة كاملة ومنكم من يصلي النصف والثلث والربع حتى بلغ العشر "
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وابن ماجة عن جابر بن سمرة قال : " قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : لينتهين قوم يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لا
ترجع إليهم "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن أنس بن مالك ان
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء
في صلاتهم " فاشتد في ذلك حتى قال : " لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء
في الصلاة أو لا ترجع إليهم
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال : أما يخشى أحدكم اذا رفع بصره إلى السماء أن لا
يرجع إليه بصره يعني وهو في الصلاة
- قوله تعالى : والذين هم عن اللغو معرضون والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم
لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى
وراء ذلك فأولئك هم العادون والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون والذين هم على
صلواتهم يحافظون
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله والذين هم عن اللغو
معرضون قال : الباطل
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن الحسن في قوله والذين هم عن اللغو قال
: عن المعاصي
وأخرج ابن المبارك عن قتادة في قوله والذين هم عن اللغو معرضون قال : أتاهم والله
من أمر الله ما وقذهم عن الباطل
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله والذين هم للزكاة فاعلون يعني :
الأموال والذين هم لفروجهم حافظون يعني : الفواحش إلا على أزواجهم أو ما ملكت
أيمانهم يعني
ولا ئدهم فانهم غير ملومين قال :
(6/87)
لا
يلومون على جماع أزواجهم وولائدهم فمن ابتغى وراء ذلك يعني
فمن طلب الفواحش بعد الازواج والولائد طلب ما لم يحل فاولئك هم العادون يعني :
المعتدين في دينهم والذين هم لاماناتهم يعني
بهذا ما ائتمنوا عليه فيما بينهم وبين الناس وعهدهم قال : يوفون العهد راعون قال :
حافظون
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله إلا على أزواجهم يعني
إلا من امرأته أو ما ملكت أيمانهم قال : أمته
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال : كل فرج عليك حرام إلا فرجين
قال الله إلا على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله فمن ابتغى وراء ذلك
فأولئك هم العادون يقول : من تعدى الحلال أصابه الحرام
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الرحمن في قوله فمن ابتغى وراء ذلك فاولئك هم العادون
قال : الزنا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن أبي مليكة قال : سئلت عائشة
عن متعة النساء فقالت : بيني وبينكم كتاب الله وقرأت والذين هم لفروجهم حافظون إلا
على ازواجهم أو ما ملكت أيمانهم فمن ابتغى وراء ما زوجه الله أو ملكه فقد عدا
وأخرج عبد الرزاق عن وأبو داود في ناسخه عن القاسم بن محمدأنه سئل عن المتعة فقال
: اني لا أرى تحريمها في القرآن ثم تلا والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم
أو ما ملكت أيمانهم
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة قال : تسرت امرأة غلاما لها فذكرت لعمر رضي الله عنه
فسألها : ما حملك على هذا ؟ فقالت : كنت أرى أنه يحل لي ما يحل للرجل من ملك
اليمين
فاستشار عمر رضي الله عنه فيها أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : تأولت
كتاب الله على غير تأويله
فقال عمر : لا جرم والله لا أحلك لحر بعده أبدا
كأنه عاقبها بذلك ودرأ الحد عنها وأمر العبد أن لا يقربها
وأخرج عبد الرزاق عن أبي بكر بن عبد الله أنه سمع أباه يقول : حضرت عمر ابن عبد
العزيز جاءته امرأة من العرب بغلام لها رومي فقال : إني استسريته فمنعني بنو عمي
وإنما أنا يمنزلة الرجل تكون له الوليدة فيطؤها فأبى علي بنو عمي فقال لها عمر :
أتزوجت قبله ؟ قالت : نعم
قال : أما والله لولا منزلتك من الجهالة
(6/88)
لرجمتك
بالحجارة
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة عن ابن عمر أنه سئل عن امرأة أحلت جاريتها لزوجها
فقال : لا يحل لك أن تطأ فرجا إلا فرجا ان شئت بعت وان شئت وهبت وان شئت أعتقت
وأخرج عبد الرزاق عن سعيد بن وهب قال : جاء رجل إلى ابن عمر فقال : ان أمي كانت
لها جارية وانه أحلتها ألي أطوف عليها
فقال : لا تحل لك ألا أن تشتريها أو تهبها لك
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس قال : اذا أحلت امرأة الرجل أو ابنته أو أخته له
جاريتها فليصبها وهي لها
وأخرج عبد الرزاق عن طاوس أنه قال : هو أحل من الطعام فان ولدت فولدها للذي أحلت
له وهي لسيدها الأول
وأخرج عبد الرزاق عن عطاء قال : كان يفعل يحل الرجل وليدته لغلامه وابنه وأخيه
وأبيه والمرأة لزوجها ولقد بلغني أن الرجل يرسل وليدته إلى ضيفه
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين قال : الفرج لا يعار
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : لا يعار الفرج
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله والذين هم على
صلواتهم يحافظون قال : أي على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن مسروق قال : ماكان في القرآن يحافظون فهو
على مواقيت الصلاة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والطبراني عن ابن مسعود
أنه قيل له : ان الله يكثر ذكر الصلاة في القرآن الذين هم على صلاتهم دائمون
المعارج الآية 23 والذين هم على صلواتهم يحافظو قال : ذاك على مواقيتها
قالوا ما كنا نرى ذلك إلا على تركها
قال : تركها الكفر
وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح في قوله والذين هم على صلواتهم يحافظون قال :
المكتوبة
والذي في سأل التطوع
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله والذين هم على صلاتهم يحافظون قال : على
المكتوبة
(6/89)
-
قوله تعالى : أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه عن أبي هريرة في قوله
الوارثون قال : يرثون مساكنهم ومساكن إخوانهم التي أعدت لهم لو أطاعوا الله
وأخرج سعيد بن منصور وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر أبي حاتم وابن مردويه
والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
ما منكم من أحد إلا وله منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار
فاذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله فذلك قوله أولئك هم الوارثون
" وأخرج عبد بن حميد عن أنس أن الربيع بنت النضر أتت رسول الله صلى الله عليه
و سلم وكان ابنها الحارث بن سراقة أصيب يوم بدر أصابه سهم غرب فقالت : اخبرني عن
حارثة فان كان أصاب الجنة احتسبت وصبرت وان كان لم يصب الجنة اجتهدت في الدعاء ؟
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " يا أم حارثة انها جنان في جنة وان ابنك
أصاب الفردوس الاعلى والفردوس ربوة الجنة وأوسطها وأفضلها "
- قوله تعالى : ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين
ثم خلقنا النطفه علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما
ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم
يوم القيامة تبعثون
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ولقد خلقنا الانسان من سلالة من
طين قال بدء آدم خلق من طين ثم جعلناه نطفة قال : ذرية آدم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ولقد خلقنا الانسان من
سلالة من طين قال : هو الطين اذا قبضت عليه خرج ماؤه من بين أصابعك
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة ولقد خلقنا
(6/90)
الانسان
من سلالة قال : استل استلالا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله من سلالة قال :
السلالة صفو الماء الرقيق الذي يكون منه الولد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله من سلالة قال : من مني آدم
وأخرج ابن أبي حاتم عن خالد بن معدان قال : الانسان خلق من طين وإنما تلين القلوب
في الشتاء
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة في الآية قال : استل آدم من طين وخلقت ذريته
من ماء مهين
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : ان النطفة اذا وقعت في الرحم طارت في كل
شعر وظفر فتمكث أربعين يوما ثم تنحدر في الرحم فتكون علقة
وأخرج الديلمي بسند واه عن ابن عباس مرفوعا " النطفة التي يخلق منها الولد
ترعد لها الاعضاء والعروق كلها اذا خرجت وقعت في الرحم "
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : سألنا ابن عباس عن
العزل فقال : اذهبوا فاسألوا الناس ثم ائتوني واخبروني فسألوا ثم اخبروه أنهم
قالوا أنها المؤودة الصغرى وتلا هذه الآية ولق خلقنا الانسان من سلالة حتى فرغ
منها ثم قال : كيف تكون من الموؤدة حتى تمر على هذه الخلق ؟
وأخرج عبد الرزاق عن علي بن أبي طالب أنه سئل عن عزل النساء فقال : ذلك الوأد
الخفي
وأخرج عبد الرزاق عن ابن مسعود قال في العزل : هي الموؤدة الخفيه
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس أن أنه كان يقرأ فخلقنا
المضغة عظاما
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن قتادة أنه كان يقرأ فخلقنا المضغة عظاما فكسونا
العظام لحما
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ فخلقنا المضغة عظما بغير ألف فكسونا العظام على
واحده
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ثم أنشأناه خلقا آخر قال : نفخ فيه الروح
(6/91)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن أبي العالية ثم أنشأناه خلقا آخر قال : جعل فيه الروح
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد وعكرمة مثله
وأخرج عبد حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ثم أنشأناه خلقا آخر قال : حين
استوى به الشباب
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك ثم أنشأناه خلقا آخر قال : الاسنان والشعر قيل أليس
قد يولد وعلى رأسه الشعر ؟ قال : فأين العانة والابط ؟
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن صالح أبي الخليل قال : نزلت هذه
الآية على النبي صلى الله عليه و سلم ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين إلى قوله
ثم أنشأناه خلقا آخر قال عمر فتبارك الله أحسن الخالقين فقال " والذي نفسي
بيده إنها ختمت بالذي تكلمت يا عمر "
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : قال عزير : يا رب أمرت الماء فجمد في وسط
الهواء فجعلت منه سبعا وسميتها السموات ثم أمرت الماء ينفتق على التراب وأمرت
التراب أن يتميز من الماء فكان كذلك فسميت ذلك جميع الارضين وجميع الماء البحار ثم
خلقت من الماء أعمى عين بصرته ومنها أصم آذان أسمعته ومنها ميت أنفس أحييته خلقت
ذلك بكلمة واحدة منها ما عيشه الماء ومنها ما لا صبر له على الماء خلقا مختلفا في
الاجسام والألوان جنسته أجناسا وزوجته أزواجا وخلقت أصنافا والهمته الذي خلقته ثم
خلقت من التراب والماء دواب الأرض وما شيتها وسباعها فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم
من يمشي على رجلين ومنهم من يمشي على أربع النور الآية 45 ومنهم العظم الصغير ثم
وعظته بكتابك وحكمتك ثم قضيت عليه الموت لا محالة
ثم أنت تعيده كما بدأته وقال عزير : اللهم بكلمتك خلقت جميع خلقك فأتى على مشيئتك
ثم زرعت في أرضك كل نبات فيها بكلمة واحدة وتراب واحد تسقى بماء واحد فجاء على
مشيئتك مختلفا أكله ولونه وريحه وطعمه ومنه الحلو ومنه الحامض والمر والطيب ريحه
والمنتن والقبيح والحسن وقال عزير : يا رب انما نحن خلقك وعمل يديك خلقت أجسادنا
في أرحام أمهاتنا وصورتنا كيف تشاء بقدرتك
جعلت لنا أركانا وجعلت فيها عظاما وفتقت لنا أسماعا وأبصارا ثم جعلت لنا في تلك
الظلمة نورا وفي ذلك الضيق سعة وفي ذلك الفم روحا ثم هيأت لنا من فضلك رزقا
متفاوتا على مشيئتك لم
(6/92)
تأن
في ذلك مؤنة ولم تعي منه نصبا كان عرشك على الماء والظلمة على الهواء والملائكة
يحملون عرشك ويسبحون بحمدك والخلق مطيع لك خاشع من خوفك لا يرى فيه نور إلا نورك
ولايسمع فيه صوت إلا سمعك ثم فتحت خزانة النور وطريق الظلمة فكانا ليلا ونهارا
يختلفنا بأمرك
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن وهب بن منبه قال : خلق الله آدم كما
شاء ومما شاء فكان كذلك فتبارك الله أحسن الخالقين خلق من التراب والماء فمنه شعره
ولحمه ودمه وعظامه وجسده فذلك بدء الخلق الذي خلق الله منه ابن آدم ثم جعلت فيه
النفس فيها يقوم ويقعد ويسمع ويبصر ويعلم ما تعلم الدواب ويتقي ما تتقي ثم جعلت
فيه الروح فبه عرف الحق من الباطل والرشد من الغي وبه حذر وتقدم واستتر وتعلم ودبر
الامور كلها فمن التراب يبوسته ومن الماء رطوبته فهذا بدء الخلق الذي خلق الله منه
ابن آدم كما أحب أن يكون ثم جعلت فيه من هذه الفطر الأربع أنواعا من الخلق أربعة
في جسد ابن آدم فهي قوام جسده وملاكه باذن الله وهي : المرة السوداء والمرة
الصفراء والدم والبلغم فيبوسته وحرارته من النفس ومسكنها في الدم وبرودته من قبل
الروح ومسكنه في البلغم فاذا اعتدلت هذه الفطر في الجسد فكان من كل واحد ربع كان
جسدا كاملا وجسما صحيحا او ان كثر واحد منها على صاحبه قهرها وعلاها وأدخل عليها
السقم من ناحيته وان قل عنها وأخذ عنها غلبت عليه وقهرته ومالت به وضعفت عن قوتها
وعجزت عن طاقتها وأدخل عليها السقم من ناحيته فالطبيب العالم بالداء يعلم من الجسد
حيث أتى سقمه أمن نقصان أم من زيادة
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي قال : اذا نمت النطفة أربعة أشهر بعث إليها ملك فنفخ
فيها الروح في الظلمات الثلاث فذلك قوله ثم أنشأناه خلقا آخر يعني نفخ الروح فيه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله ثم أنشأناه خلقا آخر يقول : خرج من بطن أمه
بعد ما خلق فكان من بدء خلقه الآخر ان استهل ثم كان من خلقه ان دله على ثدي أمه ثم
كان من خلقه أن علم كيف يبسط رجليه إلى أن قعد إلى أن حبا إلى أن قام على رجليه
إلى أن مشى إلى أن فطم تعلم كيف يشرب ويأكل من الطعام إلى أن بلغ الحلم إلى أن بلغ
أن يتقلب في البلاد
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة ثم أنشأناه خلقا آخر قال : يقول
(6/93)
بعضهم
هو نبات الشعر وبعضهم يقول : هو نفخ الروح
وأخرج ابن جرير عن مجاهد فتبارك الله أحسن الخالقين قال : يصنعون ويصنع الله والله
خير الصانعين
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج فتبارك الله أحسن الخالقين قال : عيسى بن مريم يخلق
وأخرج الطيالسي وابن أبي حاتم وان مردويه وابن عساكر عن أنس قال : قال عمر : وافقت
ربي في أربع
قلت : يا رسول الله لو صليت خلف المقام
فانزل الله واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى البقرة الآية 125 وقلت : يا رسول الله لو
اتخذت على نسائك حجابا فانه يدخل عليك البر والفاجر
فأنزل الله واذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب الأحزاب الآية 53 وقلت :
لازواج النبي صلى الله عليه و سلم : لتنتهن أو ليبدلنه الله أزواجا خيرا منكن
فأنزلت عسى ربه ان طلقكن التحريم الآية 5
ونزلت ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين
إلى قوله ثم أنشأناه خلقا آخر فقلت أنا : فتبارك الله أحسن الخالقين فنزلت فتبارك
الله أحسن الخالقين
وأخرج ابن راهويه وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن مردويه عن
زيد بن ثابت قال : أملى علي رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية ولقد خلقنا
الانسان من سلالة من طين إلى قوله خلقا آخر فقال معاذ بن جبل فتبارك الله أحسن
الخالقين فضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له معاذ : ما اضحكك يا رسول
الله ؟ قال : انها ختمت فتبارك الله أحسن الخالقين
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال : لما نزلت ولقد خلقنا الانسان من
سلالة من طين قال عمر : فتبارك الله أحسن الخالقين فنزلت فتبارك الله أحسن
الخالقين
- قوله تعالى : ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله ولقد
خلقنا فوقكم سبع طرائق قال : السموات السبع
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وما كنا عن الخلق غافلين قال : لو كان الله
مغفلا شيئا أغفل ما تسفي الرياح من هذه الآثار يعني الخطا
(6/94)
-
قوله تعالى : وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به
لقادرون فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون
أخرج ابن مردويه والخطيب بسند ضعيف عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : " أنزل الله من الجنة إلى الأرض خمسة أنهار
سيحون وهو نهر الهند وجيحون وهو نهر بلخ ودجلة والفرات وهما نهرا العراق والنيل
وهو نهر مصر
أنزلها الله من عين واحدة من عيون الجنة من أسفل درجة من درجاتها على جناحي جبريل
فاستودعها الجبال وأجراها في الأرض وجعلها منافع للناس في أصناف معايشهم
فذلك قوله وأنزلنا من السماء ماء بقدر فاسكناه في الأرض فاذا كان عند خروج ياجوج
وماجوج أرسل الله جبريل فيرفع من الأرض القرآن والعلم كله والحجر من ركن البيت
ومقام إبراهيم وتابوت موسى بما فيه وهذه الانهار الخمسة فيرفع كل ذلك إلى السماء
فذلك قوله وأنا على ذهاب به لقادرون فاذا رفعت هذه الأشياء من الأرض فقد أهلها خير
الدنيا والآخرة
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عطاف قال : ان الله أنزل أربعة أنهار دجلة والفرات
وسيحون وجيجون وهو الماء الذي قال الله وأنزلنا من السماء ماء بقدر الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه فانشأنا لكم به جنات قال : هي البساتين
- قوله تعالى : وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله من طور سيناء قال :
هو الجبل الذي نودي منه موسى
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه في قوله وشجرة تخرج قال : " هي الزيتون من طور سيناء " قال :
جبل حسن تنبت بالدهن وصبغ للآكلين قال : جعل الله فيها دهنا وأدما
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه
من طور سيناء قال : المبارك تنبت بالدهن قال : تثمر الزيت
(6/95)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس وشجرة تخرج من طور سيناء قال : هي الزيتون
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه وشجرة قال : هي شجرة الزيتون تنبت
بالزيت فهو دهن يدهن به وهو صبغ للآكلين يأكله الناس
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية العوفي رضي الله عنه قال : سيناء اسم الأرض
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الطور الجبل وسينا الحجارة وفي لفظ
وسينا الشجر
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الكلبي طور سيناء قال : جبل ذو شجر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
تنبت بالدهن قال : هو الزيت يؤكل ويدهن به
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله تنبت بالدهن وصبغ
للآكلين قال : يتادمون به ويصبغون به
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه انه قرأ من طور سيناء بنصب السين ممدودة
مهموزة الألف تنبت بنصب التاء ورفع الباء
وأخرج عبد بن حميد عن سليمان بن عبد الملك أنه كان يقرأ تنبت بالدهن بنصب التاء
ورفع الباء
- قوله تعالى : وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع
كثيرة ومنها تأكلون وعليها وعلى الفلك تحملون ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فقال يا
قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون فقال الملؤ الذين كفروا من قومه ما
هذا إلا بشر مثلكم يريد أن يتفضل عليكم ولو شاء الله لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا
في آبائنا الأولين إن هو إلا رجل به جنة فتربصوا به حتى حين قال رب انصرني بما
كذبون
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه وأن لكم في الانعام قال : الابل والبقر
والضأن والمعز ولكم فيها منافع قال : ما تنتج ومنها مركب ولبن ولحم
(6/96)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله وعلى الفلك قال : السفن
- قوله تعالى : فأوحينا إليه أن اصنع الفلك بأعيننا ووحينا فإذا جاء أمرنا وفار
التنور فاسلك فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول منهم ولا
تخاطبني في الذين ظلموا إنهم مغرقون فإذا استويت أنت ومن معك على الفلك فقل الحمد
لله الذي نجانا من القوم الظالمين
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله فاسلك فيها الآية
يقول : اجعل معك في السفينة من كل زوجين إثنين
- قوله تعالى : وقل رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين
أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه وقل رب أنزلني منزلا مباركا قال لنوح حين أنزل من السفينة
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ أنزلني منزلا بنصب الميم وخفض
الزاي
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه وقل رب انزلني
منزلا مباركا وأنت خير المنزلين قال : يعلمكم كيف تقولون اذا ركبتم وكيف تقولون
اذا نزلتم اما عند الركوب فسبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وانا إلى
ربنا لمنقلبون الزخرف الآية 13 وبسم الله مجراها ومرساها ان ربي لغفور رحيم هود
الآية 41 وعند النزول رب أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين
- قوله تعالى : إن في ذلك لآيات وإن كنا لمبتلين
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ان في ذلك
لآيات وان كنا لمبتلين قال : أي ابتلى الناس قبلكم
(6/97)
-
قوله تعالى : ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا
الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء
الآخرة وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه
ويشرب مما تشربون ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون أيعدكم أنكم إذا متم
وكنتم ترابا وعظاما إنكم مخرجون
أخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله قرنا قال : أمة
- قوله تعالى : هيهات هيهات لما توعدون إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحياوما نحن
بمبعوثين إن هو إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين قال رب انصرني بما
كذبون قال عما قليل ليصبحن نادمين
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله هيهات هيهات قال :
بعيد بعيد
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة
هيهات لما توعدون قال : تباعد ذلك في أنفسهم يعني
البعث بعد الموت
- قوله تعالى : فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين ثم
أنشأنا من بعدهم قرونا آخرين ما تسبق من أمة أجلها وما يستأخرون
أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله فجعلناهم غثاء قال : جعلوا
كالشيء الميت البالي من الشجر
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة فجعلناهم غثاء قال : هو الشيء
البالي
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه
فجعلناهم غثاء قال : كالرميم الهامد الذي يحتمل السيل ثمود احتملوا كذلك
(6/98)
-
قوله تعالى : ثم أرسلنا رسلنا تترى كل ما جاء أمة رسولها كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا
وجعلناهم أحاديث فبعدا لقوم لا يؤمنون ثم أرسلنا موسى وأخاه هارون بآياتنا وسلطان
مبين
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ثم
أرسلنا رسلنا تترى قال : يتبع بعضهم بعضا
وفي لفظ قال : بعضهم على أثر بعض
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد وقتادة رضي الله
عنه مثله والله أعلم
- قوله تعالى : إلى فرعون وملإئه فاستكبروا وكانوا قوما عالين فقالوا أنؤمن لبشرين
مثلنا وقومهما لنا عابدون فكذبوهما فكانوا من المهلكين ولقد آتينا موسى الكتاب
لعلهم يهتدون
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله وكانوا قوما عالين
قال : علوا على رسلهم وعصوا رسلهم ذلك علوهم
وقرأ تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا القصص
الآية 83
- قوله تعالى : وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه وجعلنا ابن مريم وأمة آية قال : ولدته مريم من غير أب هو له
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله وجعلنا ابن مريم وأمة
آية قال : عبرة
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه وآويناهما قال
: عيسى وأمه
(6/99)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه وآويناهما قال : عيسى وأمه حين أويا إلى
الغوطة وما حولها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما وآويناهما إلى ربوة
الآية
قال : الربوة المستوى والمعين الماء الجاري وهو النهر الذي قال الله قد جعل ربك
تحتك سريا مريم الآية 24
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما
وآويناهما إلى ربوة قال : هي المكان المرتفع من الأرض وهي أحسن ما يكون فيه النبات
ذات قرار ذات خصب ومعين ماء ظاهر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه إلى ربوة قال :
مستوية ذات قرار معين قال : ماء جار
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن عساكر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه
في الآية قال الربوة المكان المرتفع وهو لبيت المقدس والمعين الماء الظاهر
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن جرير وابن عساكر عن قتادة رضي الله عنه
وآويناهما إلى ربوة قال : كنا نحدث ان الربوة بيت المقدس ذات قرار ذات ثمر كثير
ومعين ماء جار
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن عساكر عن وهب بن منبه رضي الله عنه وآويناهما
إلى ربوة قال : هي مصر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد وآويناهما إلى ربوة قال : وليس الربى إلا
بمصر
والماء حين يرسل يكون الربى عليها القرى لولا الربى لغرقت تلك القرى
وأخرج ابن عساكر عن زيد بن أسلم رضي الله عنه وآويناهما إلى ربوة قال : هي
الاسكندرية
وأخرج ابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس أن عيسى بن مريم أمسك عن الكلام
بعد أن كلمهم طفلا حتى بلغ ما يبلغ الغلمان ثم أنطقه الله بعد ذلك بالحكمة والبيان
فلما بلغ سبع سنين أسلمته أمه إلى رجل يعلمه كما يعلم الغلمان فلا يعلمه شيئا إلا
بدره عيسى إلى علمه قبل أن يعلمه إياه فعلمه أبا جاد فقال
(6/100)
عيسى
: ما أبو جاد ؟ قال المعلم : لا أدري
فقال عيسى : كيف تعلمني ما لا تدري فقال المعلم : إذن فعلمني
فقال له عيسى : فقم من مجلسك فقام
فجلس عيسى مجلسه فقال : سلني ؟ فقال المعلم : ما أبو جاد ؟ فقال عيسى : ألف آلاء
الله باء بهاء الله جيم بهجة الله وجماله فعجب المعلم فكان أول من فسر أبا جاد
عيسى عليه السلام وكان عيسى يرى العجائب في صباه الهاما من الله ففشا ذلك في
اليهود وترعرع عيسى فهمت به بنو اسرائيل فخافت أمه عليه فأوحى الله إليها : أن
تنطلق به إلى أرض مصر فذلك قوله وجعلنا ابن مريم وأمه آية فسئل ابن عباس : ألا قال
آيتنان وهما آيتان : فقال ابن عباس : انما قال آية لأن عيسى من آدم ولم يكن من أب
لم يشاركها في عيسى أحد فصار آية
واحدة وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين قال : يعني أرض مصر
وأخرج وكيع والفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وتمام
الرازي في فضائل النبوة وابن عساكر بسند صحيح عن ابن عباس في قوله إلى ربوة قال :
أنبئنا بانها دمشق
وأخرج ابن عساكر عن عبد الله بن سلام في قوله : وآويناهما إلى ربوة قال : هي دمشق
وأخرج ابن عساكر عن يزيد بن سخبرة الصحابي قال : دمشق هي الربوة المباركة
وأخرج ابن عساكر بسند ضعيف عن أبي امامة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه تلا هذه
الآية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين " قال : أتدرون أين هي ؟ قالوا :
الله ورسوله أعلم
قال : هي بالشام بأرض يقال لها الغوطة مدينة يقال لها دمشق هي خير مدن الشام
"
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني
عن سعيد بن المسيب وآويناهما إلى ربوة قال : هي دمشق
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن مردويه وابن عساكر عن مرة
البهزي " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : الرملة الربوة "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو نعيم وابن عساكر عن
أبي هريرة في قوله وآويناهما إلى ربوة قال : هي الرملة في فلسطين وأخرجه ابن
مردويه من حديثه مرفوعا
(6/101)
وأخرج
الطبراني وابن السكن وابن منده وأبو نعيم وابن عساكر من طرق عن الاقرع بن شفي
العكي رضي الله عنه قال " دخل علي النبي صلى الله عليه و سلم في مرض يعودني
فقلت : لا أحسب إلا أني ميت من مرضي
قال : كلا لتبقين ولتهاجرن منها إلى أرض الشام وتموت وتدفن بالربوة من أرض فلسطين
فمات في خلافة عمر رضي الله عنه ودفن بالرملة "
وأخرج ابن عساكر عن قتادة عن الحسن في قوله وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين قال
: هي أرض ذات أشجار وأنهار يعني أرض دمشق
وفي لفظ قال : ذات ثمار وكثرة ماء هي دمشق
- قوله تعالى : ياأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم
وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون
أخرج أحمد ومسلم والترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " يا أيها الناس ان الله طيب لا يقبل إلا طيبا
واعملوا صالحا اني بما تعملون عليم وقال يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما
رزقناكم ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام
وغذي من الحرام يمد يديث إلى السماء يارب يارب فاني يستجاب لذلك "
وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه عن أم عبد الله أخت
شداد بن أوس أنها بعثت إلى النبي صلى الله عليه و سلم بقدح لبن عند فطره وهو صائم
" فرد اليها رسولها اني لك هذا اللبن ؟ قال : من شاة لي
فرد اليها رسولها انى لك الشاة ؟ فقالت : اشتريتها من مالي
فشرب منه
فلما كان من الغد أتته أم عبد الله فقالت : يا رسول الله بعثت اليك بلبن فرددت إلى
الرسول فيه فقال لها : بذلك أمرت الرسل قبلي ان لا تأكل إلا طيبا ولا تعمل إلا
صالحا "
وأخرج عبدان في الصحابة عن حفص بن أبي جبلة " عن النبي صلى الله عليه و سلم
في قوله تعالى يا أيها الرسل كلوا من الطيبات الآية
قال : ذاك عيسى بن مريم يأكل من غزل أمه " مرسل حفص تابعي
وأخرج سعيد بن منصور عن حفص الفزاري مثله موقوفا عليه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن
أبي ميسرة عن عمر بن شرحبيل في قوله يا أيها الرسل كلوا من الطيبات قال :
(6/102)
كان
عيسى بن مريم عليه السلام يأكل من غزل أمه
وأخرج البيهقي في الشعب عن جعفر بن سليمان عن ثابت بن عبد الوهاب بن أبي حفص قال :
امسى داود عليه السلام صائما فلما كان عند افطاره أتي بشربة لبن فقال : من أين لكم
هذا اللبن ؟ قالوا : من شاتنا
قال : ومن أين ثمنها ؟ قالوا : يا نبي الله من أين تسأل ؟ قال : انا معاشر الرسل
أمرنا أن نأكل من الطيبات ونعمل صالحا
وأخرج الحكيم الترمذي عن حنظلة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما
جاءني جبريل ألا أمرني بهاتين الدعوتين
اللهم ارزقني طيبا واستعملني صالحا "
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله يا ايها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا
قال : هذه للرسل ثم قال للناس عامة و ان هذه أمتكم أمة واحدة الأنبياء الآية 92
يعني
دينكم دين واحد
- قوله تعالى : فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا كل حزب بما لديهم فرحون فذرهم في غمرتهم
حتى حين
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة
فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا قال : وقال الحسن : تقطعوا كتاب الله بينهم فحرفوه
وبدلوه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد فتقطعوا أمرهم
بينهم زبرا قال : كتب الله حيث فرقوها قطعا كل حزب يعني : كل قطعة وهؤلاء أهل
الكتاب
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد فتقطعوا أمرهم بينهم زبرا قال : هذا ما
اختلفوا فيه من الأديان كل حزب كل قوم بما لديهم فرحون معجبون برأيهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
فذرهم في غمرتهم قال : في ضلالتهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد فذرهم في غمرتهم
قال : في ضلالتهم حتى حين قال : الموت
(6/103)
وأخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مقاتل فذرهم في غمرتهم حتى حين قال : يوم بدر
- قوله تعالى : أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا
يشعرون
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله أيحسبون
قال : قريش
إنما نمدهم به قال : نعطيهم من مال وبنين نسارع لهم في الخيرات نزيد لهم في الخير
بل نملي لهم في الخير ولكن لا يشعرون
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة أيحسبون إنما نمدهم به من
مال وبنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون قال : مكر والله بالقوم في أموالهم
وأولادهم فلا تعتبروا الناس بأموالهم وأولادهم ولكن اعتبروهم بالإيمان والعمل
الصالح
وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن أبي بكرة انه قرأ نسارع لهم في الخيرات
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في سننه عن الحسن
ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه أتي بفروة كسرى فوضعت بين يديه وفي القوم سراقة بن
مالك فأخذ عمر سواريه فرمى بهما إلى سراقة فأخذهما فجعلهما في يديه فبلغتا منكبيه
فقال : الحمد لله سوارا كسرى بن هرمز في يدي سراقة بن مالك بن جعشم اعرابي من بني
مدلج
ثم قال : اللهم اني قد علمت ان رسولك قد كان حريصا على أن يصيب مالا ينفقه في
سبيلك وعلى عبادك فزويت عنه ذلك نظرا منك وخيارا اللهم أني أعوذ بك ان يكون هذا
مكرا منك بعمر ثم تلا أيحسبون إنما نمدهم به من مال وبنينن نسارع لهم في الخيرات
بل لا يشعرون
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن ميسرة قال : أجد فيما أنزل الله على موسى أيفرح
عبدي المؤمن أن ابسط له الدنيا وهو أبعد له مني أو يجزع عبدي المؤمن أن اقبض عنه
الدنيا وهو أقرب له مني ثم تلا أيحسبون إنما نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم في
الخيرات بل لا يشعرون
(6/104)
-
قوله تعالى : إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون والذين هم بآيات ربهم يؤمنون والذين
هم بربهم لا يشركون والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك
يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق
بالحق وهم لا يظلمون
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن قال : ان المؤمن جمع احسانا وشفقة وان
المنافق جمع اساءة وأمنا ثم تلا ان الذين هم من خشية ربهم مشفقون إلى قوله انهم
إلى ربهم راجعون وقال المنافق إنما أوتيته على علم عندي القصص الآية 71
وأخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وابن ماجة وابن أبي الدنيا في نعت
الخائفين وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي
في شعب الايمان عن عائشة قالت : قلت : " يا رسول الله
قول الله والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أهو الرجل يسرق ويزني ويشرب الخمر وهو
مع ذلك يخاف الله ؟ قال : لا ولكن الرجل يصوم ويتصدق ويصلي وهو مع ذلك يخاف الله
ان لا يتقبل منه "
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير وابن الانباري في المصاحف وابن مردويه عن أبي
هريرة قال : قالت عائشة رضي الله عنها : " يا رسول الله والذين يؤتون ما آتوا
وقلوبهم وجلة أهم الذين يخطئون ويعملون بالمعاصي ؟ وفي لفظ : هو الذي يذنب الذنب
وهو وجل منه ؟ قال : لا ولكن هم الذين يصلون ويصومون ويتصدقون وقلوبهم وجلة "
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عباس في قوله والذين يؤتون ما آتوا قال : يعطون ما أعطوا
وأخرج ابن ابي حاتم عن ابن عباس في قوله والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة قال :
يعطون ما أعطوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة قال :
يعملون خائفين
(6/105)
وأخرج
الفريابي وابن جرير عن ابن عمر في قوله والذين يؤتون ما آتوا قال : الزكاة
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عائشة والذين يؤتون ما آتوا قالت
: هم الذين يخشون الله ويطيعونه
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير والذين يؤتون ما آتوا قال :
يعطون ما أعطوا وقلوبهم وجلة قال : مما يخافون مما بين أيديهم من الموقف وسوء
الحساب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد والذين يؤتون ما آتوا قال : يعطون ما أعطوا
وقلوبهم وجلة قال : المؤمن ينفق ماله وقلبه وجل
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن الحسن وقتادة انهما كانا يقرأان يؤتون
ما آتوا قال : يعملون ما عملوا من الخيرات ويعطون ما أعطوا على خوف من الله عز و
جل
وأخرج ابن المبارك في الزهد بن حميد وابن جرير عن الحسن والذين يؤتون ما آتوا
وقلوبهم وجلة قال : كانوا يعملون ما يعملون من أعمال البر ويخافون أن لا ينجيهم
ذلك من عذاب الله
وأخرج عبد بن حميد عن ابن أبي مليكة قال : قالت عائشة رضي الله عنها : لأن تكون
هذه الآية كما اقرأ أحب إلي من حمر النعم
فقال لها ابن عباس : ما هي ؟ قالت : والذين يؤتون ما آتوا
وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قرأ
والذين يؤتون ما أتوا مقصور من المجيء
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في تاريخه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن اشته
وابن الانباري معا في المصاحف والدار قطني في الافراد والحاكم وصححه وابن مردويه
عن عبيد بن عمير أنه سأل عائشة " كيف كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ
هذه الآية والذين يؤتون ما أتوا أو الذين يؤتون ما آتوا ؟ فقال : أيتهما أحب اليك
؟ قلت : والذي نفسي بيده لأحدهما أحب إلي من الدنيا جميعا
قالت : أيهما ؟ قلت والذين يؤتون ما آتوا فقالت : أشهد أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم كذلك كان يقرأها وكذلك أنزلت ولكن الهجاء حرف "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أولئك
(6/106)
يسارعون
في الخيرات وهم لها سابقون قال : سبقت لهم السعادة من الله
- قوله تعالى : بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله بل قلوبهم في
غمرة من هذا قال : يعني بالغمرة الكفر والشك ولهم أعمال من دون ذلك يقول : أعمال
سيئة دون الشرك هم لها عاملون قال : لا بد لهم من أن يعملوها
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد بل
قلوبهم في غمرة من هذا قال : في عمى من هذا القرآن ولهم أعمال قال : خطايا من دون
ذلك هم لها عاملون قال : لا بد لهم أن يعملوها
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله بل قلوبهم في غمرة من هذا قال : في غفلة من أعمال المؤمنين ولهم أعمال من دون
ذلك قال : هي شر من أعمال المؤمنين ذكر الله الذين هم من خشية ربهم مشفقون
المؤمنون الآية 57 والذين والذين ثم قال للكافرين بل قلوبهم في غمرة من هذا ولهم
أعمال من دون الأعمال التي سمى الذين والذين والذين
- قوله تعالى : حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب إذ هم يجأرون لا تجأروا اليوم إنكم
منا لا تنصرون قد كانت آياتي تتلى عليكم فكنتم على أعقابكم تنكصون مسيكبرين به
سامرا تهجرون
أخرج النسائي عن ابن عباس في قوله حتى اذا أخذنا مترفيهم بالعذاب الآية
قال : هم أهل بدر
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة حتى اذا أخذنا مترفيهم
بالعذاب قال : ذكر لنا انها نزلت في الذي قتل الله يوم بدر
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
حتى اذا أخذنا مترفيهم بالعذاب قال : بالسيوف يوم بدر اذا هم يجأرون قال : الذين
بمكة
(6/107)
وأخرج
عبد بن حميد عن سعيد بن جبير حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب قال : بالسيف يوم بدر
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس في قوله حتى إذا أخذنا مترفيهم قال :
مستكبريهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله اذا هم يجارون قال
: يستغيثون
وفي قوله : فكنتم على أعقابكم تنكصون قال : تدبرون
وفي قوله سامرا تهجرون قال : تسمرون حول البيت وتقولون هجرا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله تنكصون قال : تستأخرون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة مستكبرين به قال : بالبيت
والحرام سامرا قال : كان سامرهم لا يخاف مما اعطوا من الأمن وكانت العرب تخاف
سامرهم ويغزو بعضهم بعضا وكان أهل مكة لا يخافون ذلك بما أعطوا من الأمن تهجرون
قال : يتكلمون بالشرك والبهتان في حرم الله وعند بيته قال : وكان الحسن يقول سامرا
تهجرون كتاب الله ونبي الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن مستكبرين به قال
: بحرمي سامرا تهجرون قال : القرآن وذكري ورسولي
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس مستكبرين به قال : مستكبرين بحرمي سامرا
فيه مما لا ينبغي من القول
واخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد مستكبرين به قال : بمكة
بالبلد سامرا قال : مجالسا تهجرون بالقول السيء في القرآن
وأخرج عبد ابن حميد وابن أبي حاتم عن أبي صالح مستكبرين به قال : بالقرآن
وأخرج الطستي عن ابن عباس ان نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز و جل
سامرا تهجرون قال : كانوا يهجرون على اللهو والباطل قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟
قال : نعم
أما سمعت الشاعر يقول : وباتوا بشعب لهم سامرا اذا خب نيرانهم أوقدوا
(6/108)
وأخرج
سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : كانت قريش تسمر حول البيت ولا
تطوف به ويفتخرون به فأنزل الله مستكبرين به سامرا تهجرون
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله سامرا تهجرون
قال : كانت قريش يستحلقون حلقا يتحدثون حول البيت
وأخرج أبن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والحاكم
وصححه عن ابن عباس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقرأ مستكبرين به
سامرا تهجرون قال : كان المشركون يهجرون رسول الله صلى الله عليه و سلم في القول
في سمرهم "
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ سامرا تهجرون بنصب التار ورفع الجيم
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة انه قرأ سامرا تهجرون وكانوا اذا سمروا هجروا في القول
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله سامرا تهجرون قال : تهجرون الحق
وأخرج النسائي وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس قال : إنما
كره السمر حين نزلت هذه الآية مستكبرين به سامرا تهجرون قال : مستكبرين بالبيت
تقولون : نحن أهله تهجرون قال : كانوا يهجرونه ولا يعمرونه
- قوله تعالى : أفلم يدبروا القول أم جاءهم ما لم يأت آباءهم الأولين أم لم يعرفوا
رسولهم فهم له منكرون أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون ولو
اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض ومن فيهن بل آتيناهم بذكرهم فهم عن ذكرهم
معرضون أم تسألهم خرجا فخراج ربك خير وهو خير الرازقين وإنك لتدعوهم إلى صراط
مستقيم وإن الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم
من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون
(6/109)
أخرج
ابن أبي حاتم عن قتادة أفلم يدبروا القول قال : اذا والله كانوا يجدون في القرآن
زاجرا عن معصية الله لو تدبره القوم وعقلوه
ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في
قوله أم لم يعرفوا رسولهم قال : عرفوه ولكن حسدوه وفي قوله ولو اتبع الحق أهواءهم
قال : الحق الله عز و جل
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله بل أتيناهم بذكرهم
قال : بينا لهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله بل
أتيناهم بذكرهم قال : هذا القرآن وفي قوله أم تسألهم أجرا يقول : أم تسألهم على ما
أتيناهم به جعلا
أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله خرجا قال :
أجرا
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : الخرج وما قبلها من القصه لكفار قريش
وأخرج عبد بن الحميد عن عاصم انه قرأ أم تسألهم خرجا بغير ألف فخراج ربك بالالف
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن الحسن أنه قرأ أم تسألهم خراجا فخراج ربك خير
وأخرج عبد بن الحميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وانك لتدعوهم إلى صراط مستقيم
قال : ما فيه : عوج
ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم لقي رجلا فقال له " أسلم
فتصعب له ذلك وكبر عليه
فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : أرأيت لو كنت في طريق وعر وعث فلقيت رجلا
تعرف وجهه وتعرف نسبه فدعاك إلى طريق واسع سهل أكنت تتبعه ؟ قال : نعم
قال : فوالذي نفس محمد بيده انك لفي أوعر من ذلك الطريق لو كنت فيه
واني لادعوك إلى أسهل من ذلك الطريق لو دعيت إليه "
وذكر لنا أن النبي صلى الله عليه و سلم " لقي رجلا فقال له : أسلم
فصعده ذلك فقال له نبي صلى الله عليه و سلم : أرأيت فتييك أحدهما ان حدث صدقك وان
امنته أدى اليك ؟ والآخر إن حدث كذبك وان ائتمنته خانك ؟ قال : بلى
فتاي الذي اذا حدثني صدقني واذا أمنته أدى الي
قال نبي الله صلى الله عليه و سلم : كذاكم أنتم عند ربكم "
(6/110)
وأخرج
عبد بن الحميد عن مجاهد في قوله وان الذين لا يؤمنون بالآخرة عن الصراط لناكبون
قال : عن الحق عادلون
وأخرج ابن جرير في قوله ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر قال : الجوع
- قوله تعالى : ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون حتى إذا
فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد إذا هم فيه مبلسون وهو الذي أنشألكم السمع والأبصار
والأفئدة قليلا ما تشكرون وهو الذي ذرأكم في الأرض وإليه تحشرون وهو الذي يحيي
ويميت وله أختلاف الليل والنهار أفلا تعقلون بل قالوا مثل ما قال الأولون قالوا
أإذا متنا وكنا ترابا وعظاما أإنا لمبعوثون لقد وعدنا نحن وآباؤنا هذا من قبل إن
هذا إلا أساطير الأولين
أخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه
والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : " جاء أبو سفيان إلى النبي صلى الله
عليه و سلم فقال : يا محمد أنشدك الله والرحم فقد أكلنا العلهز - يعني الوبر -
بالدم
فأنزل الله ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون "
وأخرج ابن جرير وأبو نعيم في المعرفة والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس
أن ثمامة بن أنال الحنفي لما أتى النبي صلى الله عليه و سلم فأسلم وهو أسير فخلى
سبيله لحق باليمامة فحال بين أهل مكة وبين الميرة من اليمامة حتى أكلت قريش العلهز
فجاء أبو سفيان إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : أليس تزعم أنك بعثت رحمة
للعالمين ؟ قال : بلى
قال : فقد قتلت الآباء بالسيف والابناء بالجوع
فأنزل الله ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله ولقد أخذناهم بالعذاب قال : بالسنة والجوع
وأخرج العسكري في المواعظ عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله فما
(6/111)
استكانوا
لربهم وما يتضرعون أي : لم يتواضعوا في الدعاء ولم يخضعوا ولو خضعوا لله لاستجاب
لهم
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : اذا أصاب الناس من قبل السلطان بلاء فإنما هي نقمة
فلا تستقبلوا نقمة الله بالحمية ولكن استقبلوها بالاستغفار واستكينوا وتضرعوا إلى
الله وقرأ هذه الآية ولقد أخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله حتى اذا فتحنا
عليهم بابا ذا عذاب شديد قال : قد مضى كان يوم بدر
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج حتى اذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد قال : يوم بدر
وأخرج ابن جرير عن مجاهد حتى اذا فتحنا عليهم بابا ذا عذاب شديد قال : لكفار قريش
الجوع وما قبلها من القصة لهم أيضا
- قوله تعالى : قل لمن الأرض ومن فيها إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل أفلا تذكرون
قل من رب السموات السبع ورب العرش العظيم سيقولون لله قل أفلا تتقون قل من بيده
ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون سيقولون لله قل فأنى تسحرون
بل آتيناهم بالحق وإنهم لكاذبون ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب
كل إله بما خلق ولعلى بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون عالم الغيب والشهادة
فتعالى الله عما يشركون قل رب إما تريني ما يوعدون رب فلا تجعلني في القوم
الظالمين وإنا على أن نريك ما نعدهم لقادرون
أخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هرون قال : في مصحف أبي بن كعب سيقولون لله كلهن
بغير ألف
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن عاصم الجحدري قال : في الإمام مصحف عثمان بن عفان
قال : الذي كتب للناس لله لله كلهن بغير ألف
(6/112)
وأخرج
ابن أبي داود في المصاحف عن أسيد بن زيد قال : في مصحف عثمان بن عفان سيقولون لله
ثلاثتهن بغير ألف
وأخرج عبد بن الحميد عن يحيى بن عتيق قال : رأيت في مصحف الحسن لله لله بغير ألف
في ثلاثة مواضع
وأخرج عبد بن الحميد عن عاصم أنه قرأ لله بغير ألف كلهن
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله قل بيده ملكوت كل شيء قال : خزائن كل شيء
- قوله تعالى : ادفع بالتي هي أحسن السيئه نحن أعلم بما يصفون
أخرج عبد بن الحميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد ادفع بالتي هي أحسن السيئة
يقول : اعرض عن أذاهم إياك
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء ادفع بالتي هي أحسن السيئة
قال : بالسلام
وأخرج عبد بن الحميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال :
نعمت والله الجرعة تتجرعها وأنت مظلوم فمن استطاع أن يغلب الشر بالخير فليفعل ولا
قوة إلا بالله
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أنس في قوله ادفع بالتي هي أحسن السيئة
قال : قول الرجل لأخيه ما ليس فيه يقول ان كنت كاذبا فأنا أسأل الله أن يغفر لك
وان كنت صادقا فانا أسأل الله أن يغفر لي
وأخرج البخاري في الأدب عن أبي هريرة قال : أتى رجل النبي صلى الله عليه و سلم
فقال : " يا رسول الله أن لي قرابة أصلهم ويقطعون وأحسن اليهم ويسيئون الي
ويجهلون علي واحلم عنهم
قال : لئن كان كما تقول كأنما تسفهم الملل ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت
على ذلك "
- قوله تعالى : وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين وأعوذ بك رب أن يحضرون
(6/113)
أخرج
ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي والبيهقي في الاسماء
والصفات عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : " كان رسول الله صلى الله عليه
و سلم يعلمنا كلمات نقولهن عند النوم من الفزع
بسم الله أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين
وأن يحضرون "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله وأعوذ بك رب أن يحضرون قال : يحضرون في شيء
من أمري
وأخرج أحمد عن خالد بن الوليد أنه قال " يا رسول الله اني أجد وحشة ؟ قال :
اذا أخذت مضجعك فقل : أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات
الشياطين وأن يحضرون فإنه لا يضرك وبالحري أن لا يضرك "
- قوله تعالى : حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب أرجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت
كلا إنها كلمة هو قائلها ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون
أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : اذا وضع
الكافر في قبره مقعده من النار قال : رب ارجعون حتى أتوب أعمل صالحا فيقال : قد
عمرت ما كنت معمرا
فيضيق عليه قبره فهو كالمنهوش ينام ويفزع تهوى اليه هوام الأرض
حياتها وعقاربها
وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : ويل لأهل المعاصي من أهل القبور يدخل عليهم في
قبورهم حيات سود حية عند رأسه وحية عند رجليه يضربانه حتى يلتقيان في وسطه
فذلك العذاب في البرزخ الذي قال الله ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله قال رب ارجعون قال : هذا حين
يعاين قبل أن يذوق الموت
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : زعموا ان النبي صلى الله عليه و سلم
قال لعائشة " ان المؤمن اذا عاين الملائكة قالوا : نرجعك إلى الدنيا ؟ فيقول
: إلى دار الهموم والأحزان ؟ بل قدما إلى الله
وأما الكافر فيقولون له : نرجعك ؟ فيقول :
(6/114)
رب
ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت "
وأخرج الديلمي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" اذ حضر الانسان الوفاة يجمع له كل شيء يمنعه عن الحق فيحول بين عينيه فعند
ذلك يقول رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت "
وأخرج عبد بن الحميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله لعلي أعمل صالحا
فيما تركت قال : لعلي أقول لا إله إلا الله
وأخرج البيهقي في الاسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس في قوله لعلي أعمل
صالحا قال : أقول لا إله إلا الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن حسين في قوله ومن ورائهم برزخ قال : أمامهم
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن الحميد وابن جرير وابن المنذر وأبو نعيم في
الحلية عن مجاهد في قوله ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون قال : هو ما بين الموت
إلى البعث
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : البرزخ الحاجز ما بين الدنيا والآخرة
وأخرج عبد بن الحميد وابن جرير عن مجاهد ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون قال :
حاجز بين الميت والرجوع إلى الدنيا
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : البرزخ ما بين الدنيا والآخرة
ليس مع أهل الدنيا يأكلون ويشربون ولا مع أهل الآخرة يجازون باعمالهم
وأخرج عبد بن الحميد عن الحسن في الآية قال : البرزخ بين الدنيا والآخرة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن الحميد وابن جرير عن قتادة قال : البرزخ بقية الدنيا
وأخرج عبد بن الحميد عن قتادة ومن ورائهم برزخ قال : أهل القبور في برزخ ما بين
الدنيا والآخرة هم فيه إلى يوم يبعثون
وأخرج عبد بن الحميد عن الربيع قال : البرزخ القبور
(6/115)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أبي صخر قال : البرزخ المقابر
لا هم في الدنيا ولا هم في الآخرة فهم مقيمون إلى يوم يبعثون
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وسمويه في فوائده عن أبي
أمامة انه شهد جنازة فلما دفن الميت قال : هذا برزخ إلى يوم يبعثون
وأخرج هناد عن أبي محلم قال : قيل للشعبي مات فلان قال : ليس هو في الدنيا ولا في
الآخرة
هو في البرزخ
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله ومن ورائهم برزخ قال : ما بعد الموت
- قوله تعالى : فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون فمن ثقلت
موازينه فأولئك هم المفلحون ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم
خالدون
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فلا أنساب بينهم
يومئذ ولا يتساءلون قال : حين ينفخ في الصور فلا يبقى حي إلا الله عز و جل
وأخرج عبد بن الحميد وابن جرير عن السدي فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون قال :
في النفخة الأولى
وأخرج عبد بن الحميد عن قتادة في الآية قال : ليس أحد من الناس يسأل أحدا بنسبه ولا
بقرابته شيئا
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في الآية قال : لا يسأل أحد يومئذ بنسب شيئا ولا ينمي
اليه برحم
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن الحميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس انه
سئل عن قوله فلا أنساب بينهم ولا يتساءلون وقوله وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون
الصافات الآية 27 فقال : انها مواقف الذي لا أنساب بينهم ولا يتساءلون عند الصعقة
الاولى لا أنساب بينهم فيها اذا صعقوا فاذا كانت النفخة الآخرة فاذا هم قيام
يتساءلون
(6/116)
وأخرج
ابن جرير والحاكم وصححه من وجه آخر عن ابن عباس انه سئل عن الآيتين فقال : اما
قوله ولا يتساءلون فهذا في النفخة الأولى حين لا يبقى على الأرض شيء
وأما قوله فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون الصافات الآية 27 فانهم لما دخلوا الجنة
أقبل بعضهم على بعض يتساءلون
وأخرج ابن المبارك في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية
وابن عساكر عن ابن مسعود قال : اذا كان يوم القيامة جمع الله الاولين والآخرين -
وفي لفظ : يؤخذ بيد العبد أو الأمة يوم القيامة على رؤوس الأولين والآخرين - ثم
ينادي مناد إلا أن هذا فلان بن فلان فمن كان له حق قبله فليأت إلى حقه - وفي لفظ :
من كان له مظلمة فليجىء فليأخذ حقه - فيفرح - والله - المرء أن يكون له الحق على
والده أو ولده أو زوجته وان كان صغيرا
ومصداق ذلك في كتاب الله فاذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : ليس شيء أبغض إلى الانسان يوم القيامة من أن يرى من
يعرفه مخافة أن يدور له عليه شيء ثم قرأ يوم يفر المرء من أخيه عيسى الآية 34
وأخرج أحمد والطبراني والحاكم والبيهقي في سننه عن المسور بن مخرمة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " ان الانساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي
وصهري "
وأخرج البزار والطبراني والحاكم والبيهقي والضياء في المختارة عن عمر بن الخطاب
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة
إلا سببي ونسبي "
وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " كل
نسب وصهر ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وصهري "
- قوله تعالى : تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم
بها تكذبون
أخرج ابن جرير عن ابن عباس تلفح وجوههم النار قال تنقح
وأخرج ابن مردويه والضياء في صفة النار عن أبي الدرداء قال " قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم في قوله تلفح وجوههم النار قال : تلفحهم لفحة فتسيل لحومهم
على أعصابهم "
(6/117)
وأخرج
ابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة
عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ان جهنم لما سيق اليها أهلها تلقتهم
بعنق فلفحتهم لفحة فلم تدع لحما على عظم إلا القته على العرقوب "
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن مسعود في قوله تلفح وجوههم النار قال : لفحتهم
لفحة فما أبقت لحما على عظم إلا ألقته على أعقابهم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد عن أبي الهذيل
مثله
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن أبي الدنيا في صفة النار وأبو يعلى
وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن أبي
سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله تلفح وجوههم النار وهم فيها
كالحون قال " تشويه النار فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته
السفلى حتى تضرب سرته "
وأخرج ابن أبي شيبة عن مغيث بن سمى قال : اذا جيء بالرجل إلى النار قيل انتظر حتى
تنحفك فيؤتى بكأس من سم الأفاعي والاساود اذا أدناها من فيه نثرت اللحم على حدة
والعظم على حدة
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وهناد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود في قوله وهم فيها كالحون قال : كلوح
الرأس النضيج بدت أسنانهم وتقلصت شفاههم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله كالحون قال :
عابسون
- قوله تعالى : قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها
فإن عدنا فإنا ظالمون
وأخرج عبد بن الحميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قالوا ربنا غلبت علينا
شقوتنا قال : شقوتهم التي كتبت عليهم
وأخرج عبد بن الحميد عن الحسن
انه كان يقرأ غلبت علينا شقاوتنا
وأخرج عبد بن الحميد عن اسحق قال : في قراءة عبد الله شقاوتنا
- قوله تعالى : قال اخسؤا فيها ولا تكلمون إنه كان فريق من عبادي يقولون ربنا آمنا
فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين
(6/118)
أخرج
ابن أبي شيبة والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه
والبيهقي في البعث عن أبي الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
يلقى على أهل النار الجوع حتى يعدل ما هم فيه من العذاب فيستغيثون بالطعام فيغاثون
بطعام من ضريع لا يسمن ولا يغنى من جوع فيستغيثون بالطعام فيغاثون بطعام ذي غصة فيذكرون
أنهم كانوا يجيزون الغصص في الدنيا بالشراب فيستغيثون بالشراب فيرفع اليهم الحميم
بكلاليب الحديد فاذا دنت من وجوههم شوت وجوههم واذا دخلت بطونهم قطعت ما في بطونهم
فيقولون : ادعوا خزنة جهنم فيدعون خزنة جهنم ان ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من
العذاب غافر الآية 49 فيقولون أو لم تك تأتيكم رسلكم بالبينات قالوا بلى قالوا
فادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال غافر الآيه 50 فيقولون ادعوا مالكا فيدعون
مالكا فيقولون يا مالك ليقض علينا ربك الزخرف الآيه 77 فيجيبهم انكم ماكثون
فيقولون ادعوا ربكم فلا أحد خير من ربكم فيقولون ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما
ضالين ربنا أخرجنا منها فان عدنا فانا ظالمون المؤمنون الآيتان 106 - 107 فيجيبهم
اخسئوا فيها ولا تكلمون فعند ذلك يئوا من كل خير وعند ذلك أخذوا في الزفير والحسرة
والويل "
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن أبي حاتم بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر وابن
أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن عبد الله بن عمرو بن العاص
قال : ان أهل جهنم ينادون مالكا يا مالك ليقض علينا ربك فيذرهم أربعين عاما لا
يجيبهم ثم يجيبهم انكم ماكثون ثم ينادون ربهم ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فانا ظالمون
فيذرهم مثلي الدنيا لا يجيبهم ثم يجيبهم اخسئوا فيها ولا تكلمون قال : فيئس القوم
بعدها وما هو إلا الزفير والشهيق
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الشعب عن محمد بن كعب قال
: لأهل النار خمس دعوات يجيبهم الله في أربعة فاذا كانت الخامسة لم يتكلموا بعدها
أبدا يقولون ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى
(6/119)
خروج
من سبيل غافر الآية 11 فيجيبهم الله ذلكم بأنه اذا دعى الله وحده كفرتم وان يشرك
به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير غافر الآية 12 ثم يقولون ربنا أبصرنا وسمعنا
فارجعنا نعمل صالحا انا موقنون السجدة الآية 12 فيجيبهم الله فذوقوا بما نسيتم
لقاء يومكم هذا انا نسيناكم وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون السجدة الاية 14 ثم
يقولون ربنا أخرنا إلى أجل قريب نجب دعوتك ونتبع الرسل إبراهيم الآية 44 فيجيبهم
الله أو لم تكونوا أقسمتم من قبل ما لكم من زوال ثم يقولون ربنا أخرجنا نعمل صالحا
غير الذي كنا نعمل فاطر الآية 37 فيجيبهم الله أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر
وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير ثم يقولون ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا
قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فانا ظالمون المؤمنون الآية 106 فيجيبهم
الله اخسئوا فيها ولا تكلمون فلا يتكلمون بعدها أبدا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : بلغنا أن أهل النار نادوا خزنة جهنم
أن ادعوا ربكم يخفف عنا يوما من العذاب غافر الآية 49 فلم يجيبوهم ما شاء الله
فلما أجابوهم بعد حين قالوا لهم ادعوا وما دعاء الكافرين إلا في ضلال غافر الآية
50 ثم نادوا يا مالك لخازن النار ليقض علينا ربك الزخرف الآية 77 فسكت عنهم مالك
مقدار أربعين سنة ثم أجابهم فقال انكم ماكثون ثم نادى الأشقياء ربهم فقالوا ربنا
أخرجنا منها فان عدنا فانا ظالمون فسكت عنهم
مقدار الدنيا ثم أجابهم بعد ذلك اخسئوا فيها ولا تكلمون
وأخرج عبد بن الحميد عن الحسن في الآية قال : تكلموا قبل ذلك وخاصموا فلما كان آخر
ذلك قال اخسئوا فيها ولا تكلمون قال : منعوا الكلام آخر ما عليهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن الحميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن زياد بن سعد الخرساني
في قوله اخسئوا فيها ولا تكلمون قال : فتنطبق عليهم فلا يسمع منها إلا مثل طنين
الطست
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله اخسئوا قال : اصغروا
(6/120)
وأخرج
ابن جرير والبيهقي في الاسماء والصفات عن ابن عباس اخسئوا فيها ولا تكلمون قال :
هذا قول الرب عز و جل حين انقطع كلامهم منه
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن حذيفة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" ان الله اذا قال لأهل النار اخسئوا فيها ولا تكلمون عادت وجوههم قطعة لحم
ليس فيها أفوه ولا مناخير تردد النفس في أجوافهم "
وأخرج هناد عن ابن مسعود قال : ليس بعد الآية خروج اخسئوا فيها ولا تكلمون
- قوله تعالى : فاتخذتموهم سخريا حتى أنسوكم ذكري وكنتم منهم تضحكون إني جزيتهم
اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله فاتخذتموهم سخريا قال : هما
مختلفان
سخريا يقول الله ليتخذ بعضهم بعضا سخريا الزخرف الآية 32 قال : يسخرونهم والآخرون
الذين يستهزؤن سخريا
- قوله تعالى : قل كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فاسأل
العادين قل إن لبثتم إلا قليلا لو أنكم كنتم تعلمون
أخرج ابن أبي حاتم عن أيفع بن عبد الكلاعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " ان الله اذا أدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار قال لأهل الجنة كم
لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم قال : لنعم ما اتجرتم في يوم
أو بعض يوم رحمتي ورضواني وجنتي اسكنوا فيها خالدين مخلدين ثم يقول : يا أهل النار
كم لبثتم في الأرض عدد سنين قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فيقول : بئس ما اتجرتم في
يوم أو بعض يوم
ناري وسخطي امكثوا فيها خالدين
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن الحميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله فاسأل العادين قال : الحساب
(6/121)
وأخرج
ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد فاسأل
العادين قال : الملائكة
- قوله تعالى : أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون فتعالى الله
الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم
أخرج الحكيم الترمذي وأبو يعلى وابن أبي حاتم وابن السنى في عمل يوم وليلة وأبو
نعيم في الحلية وابن مردويه عن ابن مسعود أنه قرأ في أذن مصاب افحسبتم انما
خلقناكم عبثا حتى ختم السورة فبرأ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ماذا قرأت
في أذنه ؟ فاخبره
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " والذي نفسي بيده لو أن رجلا موقنا
قرأها على جبل لزال "
وأخرج ابن السنى وابن منده وأبو نعيم في المعرفة بسند من طريق محمد بن إبراهيم بن
الحارث التيمي عن أبيه قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم في سرية وأمرنا
أن نقول اذا نحن أمسينا وأصبحنا أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم الينا لا ترجعون
فقرأناها فغنمنا وسلمنا والله أعلم
- قوله تعالى : ومن يدعو مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه
لا يفلح الكافرون
أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله لا برهان له قال : لا بينة له
وأخرج عبد بن الحميد عن قتادة لا برهان له قال : لا بينة له
وأخرج ابن جرير عن مجاهد لا برهان له قال : لا حجة
وأخرج عبد بن الحميد عن عاصم انه قرأ انه لا يفلح الكافرون بكسر الألف في إنه
وأخرج عبد بن الحميد عن الحسن أنه قرأ انه لا يفلح الكافرون بنصب الألف في انه
(6/122)
وأخرج
عبد بن الحميد وابن أبي حاتم عن قتادة فإنما حسابه عند ربه انه لا يفلح الكافرون
قال : ذاك حساب الكافر عند الله انه لا يفلح
- قوله تعالى : وقل رب اغفر وارحم وأنت خير الراحمين
أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة
وابن أبي حاتم وابن حبان والبيهقي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال : يا
رسول الله علمني دعاء ادعو به في صلاتي قال : قل " اللهم اني ظلمت نفسي ظلما
كثيرا وانه لا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني انك أنت الغفور
الرحيم "
(6/123)
بسم
الله الرحمن الرحيم
سورة النور
مدنية وآياتها أربع وستون
مقدمة سورة النور أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : أنزلت سورة النور بالمدينة
وأخرج عن ابن الزبير مثله
وأخرج الحاكم والبيهقي في شعب الايمان وابن مردويه عن عائشة مرفوعا " لا
تنزلوهن الغرف ولا تعلموهن الكتابة يعني النساء وعلموهن الغزل وسورة النور "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " علموا رجالكم سورة المائدة وعلموا نسائكم سورة النور "
وأخرج أبو عبيد في فضائله عن حارثة بن مضرب قال : كتب الينا عمر بن الخطاب
ان تعلموا سورة النساء والاحزاب والنور
وأخرج الحاكم عن أبي وائل قال : حججت أنا وصاحب لي وابن عباس على الحجن فجعل يقرأ
سورة النور ويفسرها فقال صاحبي : سبحان الله
! ماذا يخرج من رأس هذا الرجل ؟ لو سمعت هذا الترك لأسلمت
- سورة أنزلناها وفرضناها وأنزلنا فيها آيات بينات لعلكم تذكرون
أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حارثة عن ابن عباس في قوله سورة
أنزلناها وفرضناها قال : بيناها
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله وفرضناها قال : وفسرناها الأمر بالحلال والنهي عن الحرام
وأخرج عبد بن الحميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة وفرضناها قال : فرض الله
فيها فرائضه وأحل حلاله وحرم حرامه وحد حدوده وأمر بطاعته ونهى عن معصيته
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن انه قرأ وفرضناها خفيفة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج وأنزلنا فيها آيات بينات قال : الحلال
والحرام والحدود
(6/124)
-
قوله تعالى : الزانية والزاني فأجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما
رأفة في دين الله إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر وليشهد عذابهما طائفة من
المؤمنين
أخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن الحميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم عن عطاء ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله قال : في الحد أن يقام عليهم ولا
يعطل
أما انه ليس بشدة الجلد
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن الحميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد ولا تأخذكم بهما
رأفة قال : في اقامة الحد
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك ولا تأخذكم بهما رأفة قال : في تعطيل الحد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عمران بن حدير قال : قلت لأبي مجلز
ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله قال : انا لنرجم الرجل أو يجلد أو يقطع قال :
ليس كذاك إنما اذا رفع للسلطان فليس له أن يدعهم رحمة لهم حتى يقيم عليهم الحد
وأخرج عبد بن الحميد وابن جرير عن الحسن ولا تأخذكم بهما رأفة قال : الجلد الشديد
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم وعامر ولا تأخذكم بهما رأفة قالا : شدة الجلد في
الزنا ويعطى كل عضو منه حقه
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد وابن جرير عن شعبة قال : قلت لحماد الزاني يضرب
ضربا شديدا ؟ قال : نعم ويخلع عنه ثيابه قال الله ولا تأخذكم بهما رأفة في دين
الله قلت له : إنما ذلك في الحكم قال : في الحكم والجلد
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عمرو بن شعيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " قد قضى الله ورسوله ان شهد أربعة على بكرين جلدا كما قال الله مائة
جلدة وغربا سنة غير الأرض التي كانا بها وتغريبهما سنتي "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عبيد
الله بن عبد الله بن عمر
ان جارية لابن عمر زنت فضرب رجليها
(6/125)
وظهرها
فقلت ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله فقال : ان الله لم يأمرني أن أقتلها
ولا أن أجلد رأسها وقد أوجعت حيث ضربت
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي برزة
الأسلمي أنه أتي بأمة لبعض أهله قد زنت وعنده نفر نحو عشرة فأمر بها فاجلست في
ناحية ثم أمر بثوب فطرح عليها ثم اعطى السوط رجلا فقال : اجلد خمسين جلدة ليس
باليسير ولا بالخضفة فقام فجلدها وجعل يفرق عليها الضرب ثم قرأ وليشهد عذابهما
طائفة من المؤمنين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس وليشهد
عذابهما طائفة من المؤمنين قال الطائفة الرجل فما فوقه
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين قال : الطائفة عشرة
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في الآية قال : الطائفة واحد إلى الألف
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : امر الله أن
يشهد عذابهما طائفة من المؤمنين ليكون ذلك عبرة وموعظة ونكالا لهم
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في الآية قال : ليحضر رجلان فصاعدا
وأخرج ابن جرير عن الزهري قال : الطائفة الثلاثة فصاعدا
وأخرج عن ابن زيد في الآية قال : الطائفة أربعة
وأخرج ابن أبي حاتم عن نصر بن علقمة في قوله وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين قال
: ليس ذلك للفضيحة إنما ذاك ليدعو الله لهما بالتوبة والرحمة
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشيباني قال : قلت لابن أبي أوفى رجم رسول الله صلى الله
عليه و سلم ؟ قال : نعم
قلت : بعدما أنزلت سورة النور أو قبلها ؟ قال : لا أدري
- قوله تعالى : الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو
مشرك وحرم ذلك على المؤمنين
أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن الحميد وابن أبي شيبة
(6/126)
وابن
المنذر وابن أبي حاتم وأبو داود في ناسخه والبيهقي في سننه والضياء المقدسي في
المختارة من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله الزاني لا ينكح إلا زانية قال
: ليس هذا بالنكاح ولكن الجماع لا يزني بها حين يزني إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على
المؤمنين يعني الزنا
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل : لما قدم المهاجرون المدينة قدموها وهم بجهد إلا
قليل منهم والمدينة غالية السعر شديدة الجهد وفي السوق زوان متعالنات من أهل
الكتاب واما الأنصار منهن أمية وليدة عبد الله بن أبي ونيسكة بنت أمية لرجل من
الأنصار في بغايا من ولائد الانصار قد رفعت كل امرأة منهن علامة على بابها ليعرف
انها زانية وكن من أخصب أهل المدينة وأكثره خيرا فرغب أناس من مهاجري المسلمين
فيما يكتسبن للذي هم فيه من الجهد فاشار بعضهم على بعض لو تزوجنا بعض هؤلاء
الزواني فنصيب من فضول أطعامهن فقال بعضهم : نستأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم
فأتوه فقالوا : يا رسول الله قد شق علينا الجهد ولا نجد ما نأكل وفي السوق بغايا
نساء أهل الكتاب وولائدهن وولائد الأنصار يكتسبن لأنفسهن فيصلح لنا أن نتزوج منهن
فنصيب من فضول ما يكتسبن فاذا وجدنا عنهن غني تركناهن ؟ فأنزل الله الزاني لا ينكح
فحرم على المؤمنين ان يتزوجوا الزواني المسافحات العالنات زناهن
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير في قوله الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة
قال : كن نساء في الجاهلية بغيات فكانت منهن امرأة جميلة تدعى أم مهزول فكان الرجل
من فقراء المسلمين يتزوج احداهن فتنفق عليه من كسبها فنهى الله ان يتزوجهن أحد من
المسلمين
وأخرج عبد بن حميد عن سليمان بن يسار في قوله الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة
قال : كن نساء في الجاهلية بغيات فنهى الله المسلمين عن نكاحهن
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عطاء قال : كانت بغايا في الجاهليه بغايا آل فلان
وبغايا آل فلان فقال الله الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانيه لا ينكحها
إلا زان أو مشرك فأحكم الله ذلك من أمر الجاهليه بالإسلام
قيل له : أعن ابن عباس ؟ قال : نعم
(6/127)
وأخرج
ابن أبي شيبة وابن جرير وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله الزاني لا ينكح إلا زانية
أو مشركة قال : رجال كانوا يريدون الزنا بنساء زوان بغايا متعالنات كن كذلك في
الجاهلية
قيل لهم هذا حرام فارادوا نكاحهن فحرم الله عليهم نكاحهن
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : كان في بدء الإسلام قوم يزنون قالوا : أفلا
نتزوج النساء التي كنا نفجر بهن
فانزل الله الزاني لا ينكح إلا زانية
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن الضحاك الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك قال
إنما عني بذلك الزنا ولم يعن به التزويج
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة
قال : لا يزني حين يزني إلا بزانية مثله أو مشركة
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة مثله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في هذه الآية قال
: الزاني من أهل القبلة لا يزني إلا بزانية مثله من أهل القبلة أو مشركة من غير
أهل القبلة والزانية من أهل القبلة لا تزني إلا بزان مثلها من أهل القبلة أو مشرك
من غير أهل القبلة وحرم الزنا على المؤمنين
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال : لما حرم الله الزنا فكان زوان عندهن جمال ومال
فقال الناس حين حرم الزنا : لتطلقن فلنتزوجهن
فانزل الله في ذلك الزاني لا ينكح إلا زانية
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والنسائي والحاكم وصححه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه وأبو داود في ناسخه عن عبد الله بن عمر قال :
كانت امرأة يقال لها أم مهزول وكانت تسافح الرجال وتشرط أن تنفق عليه فأراد رجل من
أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم أن يتزوجها فأنزل الله الزانية لا ينكحها إلا زان
أو مشرك
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي عن عمرو بن
(6/128)
شعيب
عن أبيه عن جده قال : كان رجل يقال له مرثد يحمل الاسارى من مكة حتى يأتي بهم
المدينة وكانت امرأة بمكة يقال لها عناق وكانت صديقة له وأنه وجد رجلا من أسارى
مكة يحمله قال : فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة فجاءت
عناق فابصرت سواد ظل تحت الحائط فلما انتهت الي عرفتني فقالت : مرثد
! فقلت : مرثد
فقالت : مرحبا وأهلا هلم فبت عندنا الليلة قلت : يا عناق حرم الله الزنا قالت : يا
أهل الخيام هذا الرجل يحمل أسراكم قال : فتبعني ثمانية وسلكت الخندمة فانتهيت إلى
غار أو كهف فدخلت فجاؤا حتى قاموا على رأسي فبالوا وظل بولهم على رأسي ونحاهم الله
عني ثم رجعوا ورجعت إلى صاحبي فحملته حتى قدمت المدينة فأتيت رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقلت : يا رسول الله أنكح عناقا ؟ فأمسك فلم يرد علي شيئا حتى نزلت
الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك
على المؤمنين فلا تنكحها
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن عمر في قوله الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة قال
: كان نساء معلومات فكان الرجل من فقراء المسلمين يتزوج المرأة منهن لتنفق عليه
فنهاهم الله عن ذلك
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن مردويه وابن جرير والبيهقي عن ابن عباس
أنها نزلت في بغايا معلنات كن في الجاهلية وكن زوان مشركات فحرم الله نكاحهن على
المؤمنين
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه
من طريق سعيد مولى ابن عباس قال : كنت مع ابن عباس فأتاه رجل فقال : اني كنت أتبع
امرأة فاصبت منها ما حرم الله علي وقد رزقني الله منها توبة فاردت أن أتزوجها فقال
الناس الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة فقال ابن عباس : ليس هذا موضع هذه الآية
إنما كن نساء بغايا متعالنات يجعلن على أبوابهن رايات يأتيهن الناس يعرفن بذلك
فأنزل الله هذه الآية
تزوجها فما كان فيها من إثم فعلي
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير
(6/129)
قال
: كن نساء بغايا في الجاهلية كان الرجل ينكح المرأة في الإسلام فيصيب منها فحرم
ذلك في الإسلام فأنزل الله الزانية لا ينكحها إلا زان
وأخرج أبو داود وابن المنذر وابن عدي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا ينكح الزاني المحدود إلا مثله
"
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن الحسن الزاني لا ينكح إلا زانية قال : المحدود
لا يتزوج إلا محدودة مثله
وأخرج ابن أبي شيبة وسعيد منصور وابن المنذر عن علي ان رجلا تزوج امرأة ثم انه زنى
فأقيم عليه الحد فجاؤا به إلى علي ففرق بينه وبين زوجته وقال له : لا تتزوج إلا
مجلودة مثلك
وأخرج أحمد والنسائي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
ثلاثة لا يدخلون الجنة ولا ينظر اليهم يوم القيامة
العاق لوالديه والمرأة المترجلة والديوث "
وأخرج ابن ماجة عن أنس سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " من أراد
أن يلقى الله طاهرا مطهرا فليتزوج الحرائر "
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو داود وأبو عبيد معا في
التاريخ وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن سعيد بن المسيب في هذه
الآية الزاني لا ينكح إلا زانية قال : يرون ان هذه الآية التي بعدها نسختها
وانكحوا الايامى منكم فهن من أيامى المسلمين
- قوله تعالى : والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين
جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك
وأصلحوا فإن الله غفور رحيم
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة
شهداء فاجلدوهم يعني الحكام اذا رفع اليهم جلدوا القاذف ثمانين جلدة ولا تقبلوا
لهم شهادة أبدا يعني بعد الجلد ما دام حيا وأولئك هم الفاسقون العاصون فيما قالوه
من الكذب
(6/130)
وأخرج
ابو داود في ناسخه وابن المنذر عن ابن عباس والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا
بأربعة شهداء ثم استثنى فقال إلا الذين تابوا من بعد ذلك واصلحوا فتاب الله عليهم
من الفسوق وأما الشهادة فلا تجوز
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس والذين يرمون المحصنات إلى رحيم فأنزل الله الجلد
والتوبة تقبل والشهادة ترد
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه انه قال لأبي بكرة :
إن تبت قبلت شهادتك
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم إلا الذين تابوا من بعد
ذلك وأصلحوا قال : " توبتهم اكذابهم أنفسهم فان كذبوا أنفسهم قبلت شهادتهم
"
وأخرج أبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال : في سورة النور والذين يرمون المحصنات
ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم واستثنى من ذلك فقال والذين يرمون أزواجهم ولم
يكن لهم شهداء إلا أنفسهم ؟ ؟ فاذا حلفا فرق بينهما وان لم يحلفا أقيم الحد
الجلد أو الرجم
وأخرج ابن المنذر وابن جرير والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله ولا تقبلوا لهم
شهادة أبدا ثم قال إلا الذين تابوا قال : فمن تاب وأصلح فشهادته في كتاب الله تقبل
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن المسيب قال شهد على المغيرة
بن شعبة ثلاثة بالزنا ونكل زياد فحد عمر الثلاثة وقال لهم : توبوا تقبل شهادتكم
فتاب رجلان ولم يتب أبو بكرة فكان لا تقبل شهادته وكان أبو بكرة أخا زياد لأمه
فلما كان من أمر زياد ما كان حلف أبو بكرة أن لا يكلمه أبدا فلم يكلمه حتى مات
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن عطاء في الآية قال : اذا تاب القاذف
وأكذب نفسه قبلت شهادته
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي والزهري وطاوس ومسروق قالوا : إذا تاب القاذف قبلت
شهادته
وتوبته ان يكذب نفسه
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب والحسن قالا : القاذف اذا تاب
(6/131)
فتوبته
فيما بينه وبين الله ولا تجوز شهادته
وأخرج عبد بن حميد عن مكحول في القاذف اذا تاب لم تقبل شهادته
وأخرج عبد بن حميد عن ممد بن سيرين قال : القاذف إذا تاب فإنما توبته فيما بينه
وبين الله فأما شهادته فلا تجوز أبدا
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : لا شهادة له
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : توبته فيما
بينه وبين ربه من العذاب العظيم
ولا تقبل شهادته
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله ولا تقبلوا
لهم شهادة أبدا قال : كان الحسن يقول : لا تقبل شهادة القاذف أبدا
توبته فيما بينه وبين الله
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : كل صاحب
حد تجوز شهادته إلا القاذف فإن توبته فيما بينه وبين ربه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم قال : لا
تقبل للقاذف شهادة
توبته بينه وبين ربه
وأخرج عبد بن حميد عن عيسى بن عاصم قال : كان أبو بكرة اذا جاءه رجل يشهده قال :
أشهد غيري فإن المسلمين قد فسقوني
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب قال : شهدت عمر بن الخطاب حين جلد قذفة
المغيرة وابن شعبة منهم أبو بكرة وماتع وشبل ثم دعا أبا بكرة فقال : ان تكذب نفسك
تجز شهادتك فأبى أن يكذب نفسه
ولم يكن عمر يجيز شهادتهما حتى هلكا فذلك قوله إلا الذين تابوا وتوبتهم اكذابهم
أنفسهم
وأخرج عبد الرزاق عن عمرو بن شعيب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
قضى الله ورسوله أن لا تقبل شهادة ثلاثة ولا اثنين ولا واحد على الزنا ويجلدون
ثمانين ثمانين ولا تقبل لهم شهادة أبدا حتى يتبين للمسلمين منهم توبة نصوح واصلاح
"
وأخرج عبد بن حميد عن جعفر بن يرقان قال : سألت ميمون بن مهران عن هذه الآية
والذين يرمون المحصنات إلى قوله إلا الذين تابوا فجعل الله فيها توبته
وقال في آية أخرى ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا
(6/132)
الدنيا
والآخرة ولهم عذاب عظيم فقال : أما الأولى فعسى أن تكون قارفت وأما الأخرى فهي
التي لم تقارف شيئا من ذلك
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : لما كان زمن العهد الذي كان بين رسول الله صلى الله
عليه و سلم وبين أهل مكة جعلت المرأة تخرج من أهل مكة إلى رسول الله صلى الله عليه
و سلم مهاجرة في طلب الإسلام فقال المشركون : إنما انطلقت في طلب الرجال فأنزل
الله والذين يرمون المحصنات
إلى آخر الآية
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن قال : الزنا أشد من القذف والقذف أشد من الشرب
وأخرج عبد الرزاق عن عطاء قال : جلد الزاني أشد من جلد الفرية والخمر وجلد الفرية
والخمر فوق الحد والله تعالى أعلم
- قوله تعالى : والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم
أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من
الكاذبين ويدرؤا عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة
أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب
حكيم
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عاصم بن عدي قال : لما نزلت والذين يرمون
المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء قلت : يا رسول الله إلى أن يأتي الرجل بأربعة
شهداء قد خرج الرجل ؟ فلم ألبث إلا أياما فاذا ابن عم لي معه امرأته ومعها ابن وهي
تقول : منك
وهو يقول : ليس مني
فنزلت آية اللعان قال عاصم : فانا أول من تكلم وأول من ابتلى به
وأخرج أحمد وعبد الرزاق والطيالسي وعبد بن حميد وأبو داود وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " لما نزلت
والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء
الآية قال سعد بن عبادة وهو
(6/133)
سيد
الانصار : أهكذا أنزلت يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا
معشر الانصار ألا تسمعون ما يقول سيدكم فقالوا : يا رسول الله لا تلمه فانه رجل
غيور
والله ما تزوج امرأة قط إلا بكرا وما طلق امرأة قط فاجترأ رجل منا على أن يتزوجها
من شدة غيرته فقال سعد : يا رسول الله اني لأعلم انها حق وانها من الله ولكني
تعجبت اني لو وجدت لكاعا قد تفخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه حتى أتي
بأربعة شهداء - فوالله - لا آتي بهم حتى يقضي حاجته قال : فما لبثوا إلا يسيرا حتى
جاء هلال بن أمية
وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم فجاء من أرضه عشاء فدخل على امرأته فوجد عندها
رجلا فرأى بعينه وسمع بأذنيه فلم يهجه حتى أصبح فغدا على رسول الله صلى الله عليه
و سلم فقال : يا رسول الله اني جئت أهلي عشاء فوجدت عندها رجلا فرأيت بعيني وسمعت
بأذني فكره رسول الله صلى الله عليه و سلم ما جاء به واشتد به واجتمعت الانصار
فقالوا : قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة الآن
فضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم هلال بن أمية وأبطل شهادته في المسلمين فقال
هلال : والله اني لارجو أن يجعل الله لي منها مخرجا فقال : يا رسول الله اني قد
أرى ما اشتد عليك مما جئت به والله يعلم اين لصادق وان رسول الله صلى الله عليه و
سلم يريد أن يأمر بضربه اذ نزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم الوحي وكان اذا
نزل عليه الوحي عرفوا ذلك في تربد جلده فامسكوا عنه حتى فرغ من الوحي فنزلت والذين
يرمون أزواجهن ولم يكن لهم فسرى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم الوحي فقال :
ابشر يا هلال قد جعل الله لك فرجا ومخرجا فقال هلال : قد كنت أرجو ذلك من ربي فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : ارسلوا إليها فجاءت فتلاها رسول الله صلى الله
عليه و سلم عليهما وذكرهما وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا فقال هلال
: والله يا رسول الله لقد صدقت عليها فقالت : كذب
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لاعنوا بينهما فقيل لهلال اشهد
فشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين فلما كان في الخامسة قيل لهلال : فان
عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة وان هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب فقال :
والله لا يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها
فشهد في الخامسة ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين
ثم قيل لها اشهدي
فشهدت أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين
فلما كانت في الخامسة قيل لها : اتقي الله فان عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة
وان هذه
(6/134)
الموجبة
التي توجب عليك العذاب فتلكأت ساعة فقالت : والله لا أفضح قومي فشهدت في الخامسة
أن غضب الله عليها أن كان من الصادقين
ففرق رسول الله صلى الله عليه و سلم بينهما وقضى أنه لا يدعى لاب ولا يرمي ولدها
من أجل الشهادات الخمس وقضى رسول الله صلى الله عليه و سلم انه ليس لها قوت ولا
سكنى ولا عدة من أجل انها تفرقا من غير طلاق ولا متوفي عنها "
وأخرج البخاري والترمذي وابن ماجة عن ابن عباس : ان هلال بن أمية قذف امرأته عن
النبي صلى الله عليه و سلم بشريك بن سحماء فقال النبي صلى الله عليه و سلم :
" البينة أوحد في ظهرك
فقال : يا رسول الله اذا رأى أحدنا على امرأته رجلا ينطلق يلتمس البينة ! فجعل
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : البينة وإلا حد في ظهرك
فقال هلال : والذي بعثك بالحق اني لصادق ولينزلن الله ما يبرىء ظهري من الحد فنزل
جبريل فأنزل الله عليه والذين يرمون أزواجهم حتى بلغ ان كان من الصادقين فانصرف
النبي صلى الله عليه و سلم فأرسل اليهما فجاء هلال يشهد والنبي صلى الله عليه و
سلم يقول : الله يعلم ان أحدكما كاذب فهل منكما تائب ؟ ثم قامت فشهدت فلما كانت عند
الخامسة وقفوها وقالوا : انها موجبة
فتلكأت ونكصت حتى ظننا انها ترجع ثم قالت : لا أفضح قومي سائر اليوم فمضت فقال
النبي صلى الله عليه و سلم : أبصروها فان جاءت به أكحل العينين سابغ الاليتين خدلج
الساقين فهو لشريك بن سحماء
فجاءت به كذلك فقال النبي صلى الله عليه و سلم : لولا ما مضى من كتاب الله لكان لي
ولها شأن "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس قال : " جاء رجل إلى
النبي صلى الله عليه و سلم فرمى امرأته برجل
فكره ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم فلم يزل يردده حتى أنزل الله والذين يرمون
أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا انفسهم حتى فرغ من الآيتين فأرسل اليهما فدعاهما
فقال : ان الله قد أنزل فيكما
فدعا الرجل فقرأ عليه
فشهد أربع شهادات بالله انه لمن الصادقين ثم أمر به فأمسك على فيه فوعظه فقال له :
كل شيء أهون عليك من لعنة الله
ثم أرسله فقال : لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين ثم دعا بها فقرأ عليها
فشهدت أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبينن ثم أمر بها فأمسك على فيها فوعظها وقال
: ويحك ! كل شيء أهون عليك من غضب الله ثم أرسلت فقالت : غضب الله عليها ان كان من
الصادقين "
(6/135)
وأخرج
البخاري ومسلم وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : " جاء رجل
إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : ان امرأتي زنت
وسكت رسول الله صلى الله عليه و سلم كأنه منكس في الأرض ثم رفع رأسه فقال : قد
أنزل الله فيك وفي صاحبتك فائت بها
فجاءت فقال : قم فاشهد أربع شهادات فقام فشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين
فقال له : ويلك أو ويحك ! انها موجبة
فشهد الخامسة ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين
ثم قامت امرأته فشهدت أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين
ثم قال ويلك أو يحك ! انها موجبة
فشهدت الخامسة ان غضب الله عليها ان كان من الصادقين
ثم قال له : اذهب فلا سبيل لك عليها فقال : يا رسول الله مالي
؟ قال : لا مال لك ان كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها وان كنت كذبت عليها
فذاك أبعد لك منها "
وأخرج أحمد وعبد بن الحميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن مردويه عن سعيد
بن جبير قال : سألت عن المتلاعنين أيفرق بينهما ؟ فقال : " سبحان الله ! نعم
ان أول من سأل عن ذلك فلان بن فلان قال : يا رسول الله أرأيت الرجل يرى امرأته على
فاحشة فان تكلم تكلم بأمر عظيم وان سكت سكت على مثل ذلك ؟ فسكت فلم يجبه فلما كان
بعد ذلك أتاه فقال : ان الذين سألتك عنه قد ابتليت به فأنزل الله هذه الآية في
سورة النور والذين يرمون أزواجهم حتى بلغ ان غضب الله عليها ان كان من الصادقين
فبدأ بالرجل فوعظه وذكره وأخبره ان عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فقال : والذي
بعثك بالحق ما كذبتك
ثم ثنى بالمرأة فوعظها وذكرها وأخبرها ان عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة فقالت :
والذي بعثك بالحق أنه لكاذب
فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه
ان كان من الكاذبين
ثم ثنى بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله أنه لمن الكاذبين والخامسة ان غضب الله
عليها ان كان من الصادقين "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم وعبد بن حميد وأبو داود وابن ماجة وابن حبان وابن
جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عمر قال : كنا جلوسا عشية الجمعة في المسجد
فجاء رجل من الانصار فقال : أحدنا اذا رأى مع امرأته رجلا فقتله
(6/136)
قتلتموه
وان تكلم جلدتموه وان سكت سكت على غيظ والله لئن أصبحت صالحا لا سألن رسول الله
صلى الله عليه و سلم
فسأله فقال : يا رسول الله أحدنا اذا رأى مع امرأته رجلا فقتله قتلتموه وان تكلم
جلدتموه وان سكت سكت على غيظ
اللهم احكم
فنزلت آية اللعان فكان ذلك الرجل أول من ابتلى به
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة
وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن سهل بن سعد قال : " جاء عويمر إلى عاصم
بن عدي فقال : سل رسول الله صلى الله عليه و سلم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا
فقتله أيقتل به ؟ أم كيف يصنع : فسأل عاصم رسول الله صلى الله عليه و سلم فعاب
رسول الله صلى الله عليه و سلم المسائل فلقيه عويمر فقال : والله لآتين رسول الله
صلى الله عليه و سلم ولا سألنه فاتاه فوجده قد أنزل عليه
فدعا بهما فلا عن بينهما قال عويمر : أن انطلق بها يا رسول الله لقد كذبت عليها
ففارقها قبل أن يخبره رسول الله صلى الله عليه و سلم فصارت سنة المتلاعنين فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : أبصروها فان جاءت به أسحم أدعج العينين عظيم
الاليتين فلا أراه إلا قد صدق
وان جاءت به أحمر كأنه وحرة فلا أراه إلا كاذبا
فجاءت به على النعت المكروه "
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه عن أنس قال : " لاول لعان كان في الإسلام ان شريك
بن سحماء رماه هلال بن أمية بامرأته فرفعته إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أربعة شهود والا فحد في ظهرك
فقال : يا رسول الله ان الله ليعلم اني لصادق ولينزلن الله ما يبرىء ظهري من الجلد
فأنزل الله آية اللعان والذين يرموان أزواجهن
إلى آخر الآية فدعاه النبي صلى الله عليه و سلم فقال : اشهد بالله انك لمن
الصادقين فيما رميتها به من الزنا
فشهد بذلك أربع شهادات بالله ثم قال له في الخامسة : لعنة الله عليك أن كنت من
الكاذبين فيما رميتها به من الزنا
ففعل
ثم دعاها رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : قومي فاشهدي بالله أنه لمن
الكاذبين فيما رماك به من الزنا
فشهدت بذلك أربع شهادات ثم قال لها في الخامسة وغضب الله عليك ان كان من الصادقين
فيما رماك به من الزنا
قال : فلما كان في الرابعة أو الخامسة سكتت سكتة حتى ظنوا انها ستعترف
ثم قالت لا أفضح قومي سائر اليوم فمضت على القول
(6/137)
ففرق
رسول الله صلى الله عليه و سلم بينهما وقال : انظروا فان جاءت به جعدا أخمش
الساقين فهو لشريك بن سحماء وان جاءت به أبيض سبطا قصير العينين فهو لهلال بن أمية
فجاءت به آدم جعدا أخمش الساقين فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لولا ما نزل
فيهما من كتاب الله لكان لي ولها شأن "
وأخرج النسائي وابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده " ان رجلا من
الأنصار من بني زريق قذف امرأته فأتى النبي صلى الله عليه و سلم فرد ذلك عليه أربع
مرات
فأنزل الله آية الملاعنة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أين السائل قد نزل
من الله أمر عظيم ؟ فأبى الرجل إلا أن يلاعنها وأبت إلا تدرأ عن نفسها العذاب
فتلاعنا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اما تجيء به أصفر أخمش مفتول العظام
فهو للملاعن واما تجيء به اسود كالجمل الاورق فهو لغيره فجاءت به أسود كالجمل
الاورق فدعا به رسول الله صلى الله عليه و سلم فجعله لعصبة أمه وقال : لولا الآيات
التي مضت لكان فيه كذا وكذا "
وأخرج البزار عن حذيفة بن اليمان قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأبي
بكر " لو رأيت مع أم رومان رجلا ما كنت فاعلا به ؟ قال : كنت - والله - فاعلا
به شرا قال : فأنت يا عمر ؟ قال : كنت - والله - قاتله فنزلت والذين يرمون أزواجهم
قلت : رجال إسناده ثقات إلا أن البزار كان يحدث من حفظه فيخطىء
وقد أخرجه ابن مردويه والديلمي من هذا الطريق وزاد بعد قوله كنت قاتله قال : فأنت
يا سهيل بن بيضاء قال : كنت أقول لعن الله الأبعد فهو خبيث ولعن الله البعدى فهي
خبيثة ولعن الله أو الثلاثة أخبر بهذا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : تأولت القرآن
(6/138)
يا
ابن بيضاء والذين يرمون أزواجهم وهذا أصح من قول البزار فنزلت "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن زيد بن نفيع " أن النبي صلى الله عليه و
سلم قال لأبي بكر : أرأيت لو وجدت مع أهلك رجلا كيف كنت صانعا ؟ قال : اذا لقتلته
ثم قال لعمر
فقال مثل ذلك
فتتابع القوم على قول أبي بكر وعمر
ثم قال لسهيل بن البيضاء
قال : كنت أقول لعنك الله فأنت خبيثة ولعنك الله فأنت خبيث ولعن الله أول الثلاثة
منا يخرج هذا الحديث
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : تأولت القرآن يا ابن البيضاء لو قتله به ولو
قذفه جلد ولو قذفها لاعنها "
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله والذين يرمون أزواجهم قال : هو الرجل
يرمي زوجته بالزنا ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم يعني ليس للرجل شهداء غيره ان
امرأته قد زنت فرفع ذلك إلى الحكام فشهادة أحدهم - يعني الزوج - يقوم بعد الصلاة
في المسجد فيحلف أربع شهادات بالله يقول : أشهد بالله الذي لا إله إلا هو أن فلانة
- يعني امرأته - زانية
والخامسة ان لعنة الله عليه - يعني على نفسه - ان كان من الكاذبين في قوله
ويدرأ يدفع الحكام عن المرأة العذاب - يعني الحد - ان تشهد أربع شهادات بالله أنه
- يعني زوجها - لمن الكاذبين
فتقوم المرأة مقام زوجها فتقول أربع مرات أشهد بالله الذي لا إله إلا هو أني لست
بزانية وان زوجي لمن الكاذبين
والخامسة ان غضب الله عليها - يعني على نفسها - ان كان زوجها من الصادقين
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة والخامسة ان لعنة الله عليه ان كان من الكاذبين قال :
فان هي اعترفت رجمت وان هي أبت يدرأ عنها العذاب قال : عذاب الدنيا أن تشهد أربع
شهادات بالله أنه لمن الكاذبين والخامسة ان غضب الله عليها ان كان من الصادقين
ثم يفرق بينهما وتعتد عدة المطلقة
وأخرج عبد الرزاق عن عمر بن الخطاب قال : لا يجتمع المتلاعنان أبدا
وأخرج عبد الرزاق عن علي وابن مسعود
مثله
وأخرج عبد الرزاق عن الشعبي قال : اللعان أعظم من الرجم
وأخرج عبد الرزاق عن سعيد بن المسيب قال : وجبت اللعنة على أكذبهما
وأخرج البزار عن جابر قال : ما نزلت آية التلاعن إلا لكثرة السؤال
وأخرج الخرائطي في مكارم الاخلاق عن أبي هريرة قال : لما نزلت هذه الآية قال سعد
بن عبادة : اني لو رأيت أهلي ومعها رجل انتظر حتى أتي بأربعة ؟ قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : نعم
قال : والذي بعثك بالحق لو رأيته لعاجلته بالسيف فقال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " يا معشر الانصار اسمعوا ما يقول سيدكم ان سعدا لغيور وأنا أغير منه
والله أغير مني "
وأخرج ابن ماجة وابن حبان والحاكم وابن مردويه عن أبي هريرة أنه سمع
(6/139)
رسول
الله صلى الله عليه و سلم يقول حين نزلت آية الملاعنة " أيما امرأة أدخلت على
قوم ما ليس منهم فليست من الله في شيء ولن يدخلها الله جنته
وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب الله منه يوم القيامة وفضحه على رؤوس
الاولين والآخرين "
- قوله تعالى : إن الذين جاؤا بالإفك عصبة منكم لاتحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم
لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم
أخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري وعبد بن الحميد ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله
عليه و سلم اذا أراد أن يخرج إلى سفر أقرع بين أزواجه فايتهن خرج سهمها خرج بها
رسول الله صلى الله عليه و سلم معه
قالت عائشة : فأقرع بيننا في غزوة غزاها فخرج سهمي فخرجت مع رسول الله صلى الله
عليه و سلم بعد ما نزل الحجاب وانا أحمل في هودجي وأنزل فيه فسرنا حتى اذا فرغ
رسول الله صلى الله عليه و سلم من غزوته تلك وقفل فدنونا من المدينة قافلين
آذن ليلة بالرحيل فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش فلما قضيت شأني
أقبلت إلى رحلي فاذا عقد لي من جزع ظفار قد انقطع فالتمست عقدي وحبسني ابتغاؤه
وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلون بي فاحتملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب
وهم يحسبون أني فيه وكان النساء اذ ذاك خفافا لم يثقلهن اللحم انما تأكل المرأة
العلقة من الطعام فلم يستنكر القوم خفة الهودج حين رفعوه وكنت جارية حديثة السن
فبعثوا الجمل فساروا فوجدت عقدي بعدما استمر الجيش فجئت منازلهم وليس بها داع ولا
مجيب فيممت منزلي الذي كنت به فظنت أنهم سيفقدوني فيرجعون الي
فبينا أنا جالسة في منزلي غلبتني فنمت
وكان صفوان بن المعطل السلمي ثم الذكواني من وراء الجيش فادلج فأصبح عند منزلي
فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني وكان يراني قبل الحجاب فاستيقظت
باسترجاعه حين
(6/140)
عرفني
فخمرت وجهي بجلبابي والله ما كلمني كلمة واحدة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى
أناخ راحلته فوطىء على يديها فركبتها فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعد
أن نزلوا موغرين في نحر الظهيرة فهلك في من هلك
وكان الذي تولى الافك عبد الله بن أبي ابن سلول
فقدمنا المدينة فاشتكيت حين قدمت شهرا والناس يفيضون في قول أصحاب الافك لا أشعر
بشيء من ذلك وهو يريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه و سلم
اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكى انما يدخل علي فيسلم ثم يقولك كيف تيكم ؟ ثم
ينصرف
فذاك الذي يريبني ولا أشعر بالشر حتى خرجت بعدما نقهت وخرجت معي أم مسطح قبل
المناصع وهي متبرزنا وكنا لا نخرج إلا ليلا إلى ليل وذلك قبل أن نتخذ الكنف قريبا
من بيوتنا وأمرنا أمر العرب الأول في التبرز قبل الغائط
فكنا نتاذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا فانطلقت انا وأم مسطح فأقبلت أنا وأم مسطح
قبل بيتي قد أشرعنا من ثيابنا فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت : تعس مسطح فقلت لها :
بئس ما قلت اتسبين رجلا شهد بدرا ! قالت : أي هنتاه أو لم تسمعي ما قال ! ؟ قلت :
وما قال
؟ فاخبرتني بقول أهل الافك فازددت مرضا على مرضي
فلما رجعت إلى بيتي دخل علي رسول الله صلى الله عليه و سلم فسلم ثم قال : كيف تيكم
؟ فقلت : أتأذن لي أن آتي أبوي ؟ قالت : - وأنا حينئذ أريد أن أستيقن الخبر من
قبلهما - قالت : فاذن لي رسول الله صلى الله عليه و سلم فجئت لابوي فقلت لامي يا
امتاه ما يتحدث الناس ؟ قالت يا بنية هوني عليك فو الله لقلما كانت امرأة قط وضيئة
عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا اكثرن عليها فقلت - سبحان الله - ولقد تحدث الناس
بهذا ؟ فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ لي دمع ولا اكتحل بنوم ثم أصبحت أبكي
ودعا رسول الله صلى الله عليه و سلم علي بن أبي طالب واسامة بن زيد حين استلبث
الوحي يستأمرهما في فراق أهله
فأما أسامه فأشار على رسول الله صلى الله عليه و سلم بالذي يعلم من براءة أهله
وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود فقال يا رسول الله : أهلك ولا نعلم إلا خيرا وأما
علي بن أبي طالب فقال يا رسول الله : لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير وان
تسأل الجارية تصدقك
فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم بريرة فقال :
(6/141)
أي
بريرة هل رأيت شيئا يريبك ؟ قالت بريرة : لا والذي بعثك بالحق ان رأيت عليها أمرا
أغمصه أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله
فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم فاستعذر يومئذ من عبد الله بن أبي فقال وهو
على المنبر : يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل بلغني أذاه في اهل بيتي ؟ فوالله
ما علمت على أهلي إلا خيرا ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل
على أهلي إلا معي
فقال سعد بن معاذ الانصاري فقال : يا رسول الله أنا أعذرك منه ان كان من الاوس
ضربت عنقه وان كان من إخواننا من بني الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك فقام سعد بن عبادة
وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن احتملته الحميه فقال لسعد : كذبت
لعمر الله ما تقتله ولا تقدر على قتله
فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد فقال لسعد بن عبادة : كذبت لنقتلنه فانك منافق
تجادل عن المنافقين
فتثاور الحيان الأوس والخزرج حتى هموا ان يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه و سلم
قائم على المنبر فلم يزل رسول الله صلى الله عليه و سلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت
فبكيت يومي ذلك فلا يرقا لي دمع ولا أكتحل بنوم فأصبح أبواي عندي وقد بكيت ليلتين
ويوما لا أكتحل بنوم ولا يرقا لي دمع وأبواي يظنان ان البكاء فالق كبدي
فبينما هما جالسان عندي وأنا ابكي فاستأذنت على امرأة من الانصار فأذنت لها فجلست
تبكي معي فبينا نحن على ذلك دخل علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم جلس ولم
يجلس عندي منذ قيل في ما قيل قبلها وقد لبث شهرا لا يوحي إليه في شأني بشيء فتشهد
حين جلس ثم قال : أما بعد يا عائشة فانه بلغني عنك كذا وكذا
فان كنت بريئه فسيبرئك الله وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله وتوبي إليه فإن
العبد اذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه
فلما قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم مقالته قلص دمعي حتى ما أحس منه قطرة فقلت
لأبي : أجب عني رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : والله ما أدري ما أقول لرسول
الله صلى الله عليه و سلم ! فقلت لامي : أجيبي عني رسول الله صلى الله عليه و سلم
قالت : والله ما أدري ما أقول لرسول الله صلى الله عليه و سلم ! فقلت وأنا جارية
حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن : اني والله لقد علمت انكم سمعتم هذا الحديث
حتى استقر في أنفسكم - وصدقتم به فلئن قلت لكم اني بريئة - والله يعلم اني بريئة -
لا تصدقوني ولئن
(6/142)
اعترفت
لكم بأمر - والله يعلم أني منه بريئة - لتصدقني والله لا أجد لي ولكم مثلا إلا قول
أبي يوسف فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون يوسف الآية 18
ثم تحولت فاضطجعت على فراشي وأنا حينئذ أعلم اني بريئة وان الله مبرئي ببراءتي
ولكن والله ما كنت أظن ان الله منزل في شأني وحيا يتلى ولشأني في نفسي كان أحقر من
أن يتكلم الله في بأمر يتلى ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه و سلم
رؤيا يبرئني الله بها قالت : فو الله ما رام رسول الله صلى الله عليه و سلم مجلسه
ولا خرج أحد من أهل البيت حتى أنزل عليه فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء عند الوحي
حتى أنه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق وهو في يوم شات من ثقل القول الذي أنزل
عليه فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه و سلم سري عنه وهو يضحك فكان أول كلمة
تكلم بها أن قال : ابشري يا عائشة اما الله فقد برأك فقالت أمي : قومي إليه فقلت :
والله لا أقوم اليه ولا أحمد إلا الله الذي أنزل براءتي
وأنزل الله ان الذين جاؤا بالافك عصبة منكم العشر الآيات كلها
فلما أنزل الله هذا في براءتي قال أبو بكر : وكان ينفق على مسطح بن اثاثة لقرابته
منه وفقره والله لا أنفق على مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال فأنزل
الله ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يؤتوا أولي القربي والمساكين النور الآية
22 إلى قوله رحيم قال أبو بكر : والله اني أحب أن يغفر الله لي فرجع الي مسطح
النفقة التي كان ينفق عليه وقال : والله لا أنزعها منه أبدا قالت عائشة : فكان
رسول الله صلى الله عليه و سلم يسأل زينب ابنة جحش عن أمري فقال : يا زينب ماذا
علمت أو رأيت ؟ فقالت : يا رسول الله أحمي سمعي وبصري ما علمت إلا خيرا قالت : وهي
التي كانت تساميني من أزواج النبي صلى الله عليه و سلم فعصمها الله بالورع وطفقت
أختها حمنة تحارب لها فهلكت فيمن هلك من أصحاب الافك
وأخرج البخاري والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة قالت : لما
ذكر من شأني الذي ذكر وما علمت به
قام رسول الله صلى الله عليه و سلم في خطيبا فتشهد فحمد الله وأثنى عليه ثم قال :
أما بعد أشيروا علي في أناس أنبوا أهلي - وأيم الله - ما علمت على أهلي من سوء
وأنبوهم بمن - والله - ما علمت عليه من سوء قط ولا يدخل بيتي قط إلا وأنا حاضر ولا
غبت في سفر إلا غاب معي
(6/143)
فقام
سعد بن معاذ فقال : ائذن لي يا رسول الله ان تضرب أعناقهم وقام رجل من بني الخزرج
وكانت أم حسان بن ثابت من رهط ذلك الرجل فقال : كذبت أما والله لو كانوا من الاوس
ما أحببت أن تضرب أعناقهم حتى كاد أن يكون بين الاوس والخزرج شرقي المسجد وما علمت
فلما كان مساء ذلك اليوم خرجت لبعض حاجتي ومعي أم مسطح فعثرت فقالت : تعس مسطح
فقلت : أي أم تسبين ابنك ؟ فسكتت ثم عثرت الثالثة فقالت : تعس مسطح فقلت لها : أي
أم تسبين إبنك ؟ ثم عثرت الثالثه فقالت : تعس مسطح فانتهرتها فقالت : والله لم
أسبه إلا فيك فقلت : في أي شأني ؟ ! فقرأت لي الحديث
فقلت وقد كان هذا ! قالت : نعم
والله
فرجعت إلى بيتي كأن الذي خرجت له لا أجد منه قليلا ولا كثيرا ووعكت فقلت لرسول
الله صلى الله عليه و سلم : أرسلني إلى بيت أبي فأرسل معي الغلام فدخلت الدار
فوجدت أم رومان في السفل وأبا بكر فوق البيت يقرأ
فقالت أمي : ما جاء بك يا بنية ؟ فاخبرتها وذكرت لها الحديث واذا هو لم يبلغ منها
مثل ما بلغ مني
فقالت : يا بنية خففي عليك الشأن فانه - والله - لقلما كانت امرأة حسناء عند رجل
يحبها لها ضرائر إلا حسدتها وقيل : فيها
قلت : وقد علم به أبي ؟ فقالت : نعم قلت : ورسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قالت
: نعم
فاستعبرت وبكيت فسمع أبو بكر صوتي وهو فوق البيت يقرأ فنزل فقال لأمي : ما شأنها ؟
قالت : بلغها الذي ذكر من شأنها ففاضت عيناه فقال : أقسمت عليك أي بنية إلا رجعت
إلى بيتك فرجعت
ولقد جاء رسول الله صلى الله عليه و سلم بيتي فسأل عني خادمي فقالت : لا والله ما
علمت عليها عيبا إلا أنها كانت ترقد حتى تدخل الشاة فتأكل خميرها أو عجينها
وانتهرها بعض أصحابه فقال : اصدقي رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى أسقطوا لهابه
فقالت - سبحان الله - ما علمت عليها إلا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب الاحمر فبلغ
إلى ذلك الرجل الذي قيل له فقال - سبحان الله - والله ما كشفت كنف أنثى قط قالت :
فقتل شهيدا في سبيل الله قال : وأصبح أبواي عندي فلم يزالا حتى دخل على رسول الله
صلى الله عليه و سلم وقد صلى العصر ثم دخل وقد اكتنفني أبواي عن يميني وشمالي
(6/144)
فحمد
الله وأثنى عليه ثم قال : أما بعد يا عائشة أن كنت قارفت سوأ أو ظلمت فتوبي إلى
الله فإن الله يقبل التوبة عن عباده
قالت : وقد جاءت امرأة من الانصار فهي جالسة بالباب فقلت : ألا تستحي من هذه
المرأة ان تذكر شيئا فوعظ رسول الله صلى الله عليه و سلم فالتفت إلى أبي فقلت :
أجبه قال : ماذا أقول ؟ فالتفت ألى أمي فقلت : أجيبيه قالت : أقول ماذا ؟ فلما
يجيباه تشهدت فحمدت الله وأثنيت عليه ثم قلت : أما بعد - فو الله - لئن قلت لكم
أني لم أفعل - والله يشهد اني لصادقة - ما ذاك بنافعي عندكم وقد تكلمتم به وأشربته
قلوبكم
وان قلت : اني فعلت - والله يعلم اني لم أفعل - لتقولن قد باءت به على نفسها واني
- والله - لا أجد لي ولكم مثلا
والتمست اسم يعقوب فلم أقدر عليه إلا أبا يوسف حين قال فصبر جميل والله المستعان
على ما تصفون يوسف الآية 18
وأنزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم من ساعته فسكتنا فرفع عنه
واني لأتبين السرور في وجهه وهو يمسح جبينه ويقول : ابشري يا عائشة فقد أنزل الله
براءتك قالت : وقد كنت أشد مما كنت غضبا فقال لي أبواي : قومي اليه فقلت : والله
لا أقوم اليه ولا أحمده ولكن أحمد الله الذي أنزل براءتي لقد سمعتموه فما أنكرتموه
ولا غيرتموه وكانت عائشة تقول : أما زينب بنة جحش فعصمها الله بدينها فلم تقل إلا
خيرا وأما أختها حمنة فهلكت فيمن هلك وكان الذي تكلم فيها مسطح وحسان بن ثابت
والمنافق عبد الله بن أبي وهو الذي كان يستوشيه ويجمعه وهو الذي كان تولى كبره
منهم هو وحمنة قال : فحلف أبو بكر ان لا ينفع مسطحا بنافعة أبدا فأنزل الله ولا
يأتل أولو الفضل منكم النور الآية 22
إلى آخر الآية
يعني أبا بكر
والسعة أن يؤتوا أولي القربى والمساكين يعني مسطحا
إلى قوله إلا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم قال أبو بكر : بلى والله انا
نحب ان يغفر الله لنا وعاد له كما كان يصنع
وأخرج أحمد والبخاري وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن مردويه عن أم رومان قال :
بينا أنا عند عائشة اذ دخلت عليها امرأة فقالت : فعل الله بابنها وفعل فقالت عائشة
: ولم ؟ قالت : انه كان فيمن حدث الحديث قالت عائشة : وأي حديث ؟ قالت : كذا وكذا
قلت : وقد بلغ ذاك رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قالت : نعم
(6/145)
قلت
: وأبا بكر ؟ قالت : نعم
فخرت عائشة مغشيا عليها فما أفاقت إلا وعليها حمى بنافض فقمت فزبرتها وجاء النبي
صلى الله عليه و سلم فقال : ما شأن هذه ؟ قلت : يا رسول الله أخذتها حمى بنافض قال
: فلعله من حديث تحدث به
قالت واستوت عائشة قاعدة فقالت : والله لئن حلفت لا تصدقوني
ولئن اعتذرت اليكم لا تعذروني فمثلي ومثلكم كمثل يعقوب وبنيه والله المستعان على
ما تصفون وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم فأنزل الله عذرها فرجع رسول الله صلى
الله عليه و سلم معه أبو بكر فدخل فقال : يا عائشة ان الله قد أنزل عذرك فقالت :
بحمد الله لا بحمدك فقال لها أبو بكر : أتقولين هذا لرسول الله صلى الله عليه و
سلم ؟ ! قالت : نعم
قالت : وكان فيمن حدث الحديث رجل كان يعوله أبو بكر فحلف أبو بكر أن لا يصله فأنزل
ولا يأتل اولوا الفضل منكم والسعة إلى آخر الآية قال أبو بكر : بلى
فوصله
وأخرج البزار وابن مردويه بسند حسن عن أبي هريرة قال : كان رسول الله صلى الله
عليه و سلم اذا أراد سفر أقرع بين نسائه فأصاب عائشة القرعة في غزوة بني المصطلق
فلما كان في جوف الليل انطلقت عائشة لحاجة فانحلت قلادتها فذهبت في طلبها وكان
مسطح يتيما لأبي بكر وفي عياله فلما رجعت عائشة لم تر العسكر وكان صفوان بن المعطل
السلمي يتخلف عن الناس فيصيب القدح والجراب والاداوة فيحمله فنظر فاذا عائشة فغطى
وجهه عنها ثم أدنى بعيره منها فانتهى إلى العسكر فقالوا : قولا : وقالوا فيه قال :
ثم ذكر الحديث حتى انتهى وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يجيء فيقوم على الباب
فيقول : كيف تيكم ؟ حتى جاء يوما فقال : ابشري يا عائشة قد أنزل الله عذرك فقالت :
بحمد الله لا بحمدك وأنزل في ذلك عشر آيات ان الذين جاؤا بالافك عصبة منكم فحد
رسول الله صلى الله عليه و سلم مسطحا وحمنة وحسان
وأخرج ابن مردويه بسنده عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه و سلم كان اذا سافر
جاء ببعض نسائه
وسافر بعائشة وكان لها هودج وكان الهودج له رجال يحملونه
ويضعونه فعرس رسول الله صلى الله عليه و سلم وأصحابه وخرجت عائشة للحاجة فباعدت
فلم يعلم بها فاستيقظ النبي رسول الله صلى الله عليه و سلم والناس قد ارتحلوا وجاء
الذين يحملون الهودج
(6/146)
فحملوه
فلم يعلموا إلا أنها فيه فساروا وأقبلت عائشة فوجدت النبي صلى الله عليه و سلم
والناس قد ارتحلوا فجلست مكانها فاستيقظ رجل من الانصار يقال له صفوان بن معطل
وكان لا يقرب النساء فتقرب منها ومعه بعير له فلما رآها وكان قد عرفها وهي صغيرة
قال : أم المؤمنين ! ولى وجهه وحملها ثم أخذ بخطام الجمل وأقبل يقوده حتى لحق
الناس
والنبي صلى الله عليه و سلم قد نزل وفقد عائشة فأكثروا القول وبلغ ذلك النبي صلى
الله عليه و سلم فشق عليه حتى اعتزلها واستشار فيها زيد بن ثابت وغيره فقال : يا
رسول الله دعها لعل الله أن يحدث أمره فيها فقال علي بن أبي طالب : النساء كثير
وخرجت عائشة ليلة تمشي في نساء فعثرت أم مسطح فقالت : تعس مسطح قالت عائشة : بئس
ما قلت فقالت : انك لا تدري ما يقول فاخبريها
فسقطت عائشة مغشيا عليها ثم أنزل الله ان الذين جاؤا بالافك الآيات
وكان أبو بكر يعطي مسطحا ويصله ويبره فحلف أبو بكر لا يعطيه فنزل ولا يأتل أولوا
الفضل منكم
فأمره النبي صلى الله عليه و سلم أن يأتيها ويبشرها فجاء أبو بكر فأخبرها بعذرها
وما أنزل الله فيها فقالت : بحمد الله لا بحمدك ولا بحمد صاحبك
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسنده عن عمر قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
اذا أراد سفرا أقرع بين نسائه ثلاثا فمن أصابته القرعة خرج بها معه فلما غزا بني
المصطلق اقرع بينهن فأصابت عائشة وأم سلمة فخرج بهما معه فلما كانوا في بعض الطريق
مال رحل أم سلمة فاناخوا بعيرها ليصلحوا رحلها وكانت عائشة تريد قضاء حاجة فلما
أبركوا ابلهم قالت عائشة : فقلت في نفسي إلى ما يصلح رحل أم سلمة أقضي حاجتي
قالت : فنزلت من الهودج ولم يعلموا بنزولي
فأتيت خربة فانقطعت قلادتي فاحتبست في جمعها ونظامها وبعث القوم إبلهم ومضوا وظنوا
اني في الهودج فخرجت ولم أر أحد فاتبعهم حتى أعييت
فقلت في نفسي : ان القوم سيفقدوني ويرجعون في طلبي فقمت على بعض الطريق فمر بي
صفوان بن المعطل وكان سأل النبي صلى الله عليه و سلم ان يجعله على الساقة فجعله
وكان اذا رحل الناس قام يصلي ثم اتبعهم فما سقط منهم من شيء حمله
(6/147)
حتى
يأتي به أصحابه قالت عائشة : فلما مر بي ظن أني رجل فقال : يا نومان قم فان الناس
قد مضوا فقلت : اني لست رجلا أنا عائشة قال : انا لله وانا اليه راجعون ثم أناخ
بعيره فعقل يديه ثم ولى عني فقال يا امه : قومي فاركبي فاذا ركبت فآذنيني قالت :
فركبت فجاء حتى حل العقال ثم بعث جمله فأخذ بخطام الجمل قال عمر : فما كلمها كلاما
حتى أتى بها رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقال عبد الله بن أبي ابن سلول للناس : فجربها ورب الكعبة وأعانه على ذلك حسان بن
ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة وشاع ذلك في العسكر فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم
فكان في قلب النبي صلى الله عليه و سلم مما قالوا حتى رجعوا إلى المدينة وأشاع عبد
الله بن أبي هذا الحديث في المدينة واشتد ذلك على رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال عائشة : فدخلت ذات يوم أم مسطح فرأتني وأنا أريد المذهب فحملت معي السطل وفيه
ماء فوقع السطل منها فقالت : تعس مسطح قالت لها عائشة - سبحان الله - تسبين رجلا
من أهل بدر وهو ابنك ؟ قالت لها أم مسطح : انه سال بك السيل وأنت لا تدرين
واخبرتها بالخبر
قالت : فلما اخبرتني اخذتني الحمى بنافض مما كان ولم أجد المذهب
قالت عائشة : وقد كنت أرى من النبي صلى الله عليه و سلم قبل ذلك جفوة ولم ادر من
أي شيء هو فلما حدثتني أم مسطح علمت أن جفوة رسول الله صلى الله عليه و سلم من ذاك
فلما دخل علي قلت : تأذن لي أن أذهب إلى أهلي ؟ قال : اذهبي فخرجت عائشة حتى أتت
أباها فقال لها : مالك ؟ قلت : اخرجني رسول الله صلى الله عليه و سلم من بيته قال
لها أبو بكر : فأخرجك رسول الله صلى الله عليه و سلم من بيته وآويك انا والله لا
آويك حتى يأمر رسول الله صلى الله عليه و سلم فأمره رسول الله صلى الله عليه و سلم
أن يؤويها فقال لها أبو بكر : والله ما قيل لنا هذا في الجاهلية قط فكيف وقد اعزنا
الله بالاسلام ؟ فبكت عائشة وامها أم رومان وأبو بكر وعبد الرحمن وبكى معهم أهل
الدار
وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم فصعد المنبر فحمد الله واثنى عليه فقال : أيها
الناس من يعذرني ممن يؤذيني ؟ فقام إليه سعد بن معاذ فسل سيفه وقال : يا رسول الله
أنا أعذرك منه ان يكن من الأوس اتيتك برأسه وان يكن من الخزرج امرتنا بأمرك
(6/148)
فيه
فقام سعد بن عبادة فقال : كذبت والله ما تقدر على قتله انما طلبتنا بذحول كانت
بيننا وبينكم في الجاهلية فقال هذا : يال الاوس وقال هذا : يال الخزرج
فاضطربوا بالنعال والحجارة فتلاطموا فقام أسيد بن حضير فقال : فيم الكلام ؟ هذا
رسول الله يأمرنا بأمره فنفعله عن رغم أنف من رغم
ونزل جبريل وهو على المنبر فلما سري عنه تلا عليهم ما نزل به جبريل وان طائفتان من
المؤمنين اقتتلوا
الحجرات الآية 9 إلى آخر الآيات فصاح الناس : رضينا بما أنزل الله وقام وبعضهم إلى
بعض وتلازموا وتصايحوا فنزل النبي صلى الله عليه و سلم عن المنبر
وأبطأ الوحي في عائشة فبعث النبي صلى الله عليه و سلم إلى علي بن أبي طالب وأسامة
بن زيد وبريرة وكان اذا أراد أن يستشير في أمر أهله لم يعد عليا وأسامة بن زيد بعد
موت أبيه زيد فقال لعلي : ما تقول في عائشة فقد أهمني ما قال الناس ؟ قال : يا
رسول الله قد قال الناس وقد حل لك طلاقها وقال لاسامة : ما تقول أنت ؟ قال - سبحان
الله - ما يحل لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم
فقال لبريرة : ما تقولين يا بريرة ؟ قالت والله يا رسول الله ما علمت على أهلك إلا
خيرا إلا أنها امرأة نؤم تنام حتى تجيء الداجن فتأكل عجينها وان كان شيء من هذا
ليخبرنك الله
فخرج صلى الله عليه و سلم حتى أتى منزل أبي بكر فدخل عليها فقال : يا عائشة ان كنت
فعلت هذا الامر فقولي لي حتى أستغفر الله لك فقالت : والله لا أستغفر الله منه
أبدا
ان كنت قد فعلته فلا غفر الله لي وما أجد مثلي ومثلكم إلا مثل أبي يوسف اذهب اسم
يعقوب من الأسف قال انما أشكوا بثي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون
يوسف الآية 86
فبينا رسول الله صلى الله عليه و سلم يكلمها اذ نزل جبريل بالوحي فأخذت النبي صلى
الله عليه و سلم نعسة فسري وهو يتبسم فقال : يا عائشة ان الله قد أنزل عذرك فقالت
: بحمد الله بحمدك
فتلا عليها سورة النور إلى الموضع الذي انتهى إليه عذرها وبراءتها فقال رسول الله
صلى الله عليه و سلم ك قومي إلى البيت فقامت
وخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المسجد فدعا أبا عبيدة بن الجراح فجمع
الناس ثم تلا عليهم ما أنزل الله من البراءة لعائشة وبعث إلى عبد الله بن
(6/149)
أبي
فجيء به فضربه النبي صلى الله عليه و سلم حدين وبعث إلى حسان ومسطح وحمنة فضربوا
ضربا وجيعا ووجىء في رقابهم قال ابن عمر : انما ضرب رسول الله صلى الله عليه و سلم
عبد الله بن أبي حدين لأنه من قذف أزواج النبي صلى الله عليه و سلم فعليه حدان
فبعث أبو بكر إلى مسطح لا وصلتك بدرهم أبدا ولا عطف عليك بخير أبدا ثم طرده أبو
بكر وأخرجه من منزله
ونزل القرآن ولا يأتل أولوا الفضل منكم إلى آخر الآية
فقال أبو بكر : أما اذ نزل القرآن يأمرني فيك لاضاعفن لك
وكانت امرأة عبد الله بن أبي منافقة معه فنزل القرآن الخبيثات يعني امرأة عبد الله
للخبيثين يعني عبد الله والخبيثون للخبيثات عبد الله وامرأته والطيبات يعني عائشة
وأزواج النبي صلى الله عليه و سلم للطيبين يعني النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن أبي اليسر الانصاري أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال لعائشة : يا عائشة قد أنزل الله عذرك قالت : بحمد الله لا بحمدك
فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم من عند عائشة فبعث إلى عبد الله بن أبي فضربه
حدين وبعث إلى مسطح وحمنة فضربهم
وأخرج الطبراني عن ابن عباس ان الذين جاؤا بالافك عصبة منكم يريد ان الذين جاؤا
بالكذب على عائشة أم المؤمنين أربعة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم يريد
خيرا لرسول الله صلى الله عليه و سلم وبراءة لسيدة نساء المؤمنين وخير لأبي بكر
وأم عائشة وصفوان بن المعطل لكل امرىء منهم ما اكتسب من الاثم والذي تولى كبره
منهم يريد اشاعته منهم يريد عبد الله بن أبي بن سلول له عذاب عظيم يريد في الدنيا
جلده رسول الله صلى الله عليه و سلم وفي الآخرة مصيره إلى النار لولا اذ سمعتموه
ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا أفك مبين وذلك أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم استشار فيها بريرة وأزواج النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا :
خيرا وقالوا : هذا كذب عظيم لولا جاؤا عليه بأربعة شهداء لكانوا هم والذين شهدوا
كاذبين فاذ لم يأتوا بالشهداء فاولئك عند الله هم الكاذبون يريد الكذب بعينه ولولا
فضل الله عليكم ورحمته يريد ولولا ما من الله به عليكم وستركم هذا بهتان عظيم يريد
البهتان الافتراء مثل قوله في مريم بهتانا عظيما يعظكم الله أن تعودوا لمثله يريد
مسطحا
(6/150)
وحمنة
وحسان ويبين الله لكم الآيات التي أنزلها في عائشة والبراءة لها والله عليم بما في
قلوبكم من الندامة فيما خضتم به حكيم في القذف ثمانين جلدة ان الذين يحبون أن تشيع
الفاحشة يريد بعد هذا في الذين آمنوا يريد المحصنين والمحصنات من المصدقين لهم
عذاب أليم وجيع في الدنيا يريد الحد وفي الآخرة العذاب في النار والله يعلم وأنتم
لا تعلمون ما دخلتم فيه وما فيه من شدة العذاب وأنتم لا تعلمون شدة سخط الله على
من فعل هذا
ولولا فضل الله عليكم يريد لولا ما تفضل الله به عليكم ورحمته يريد مسطحا وحمنة
وحسان وان الله رؤوف رحيم يريد من الرحمة رؤوف بكم حيث ندمتم ورجعتم إلى الحق يا
أيها الذين آمنوا يريد صدقوا بتوحيد الله لا تتبعوا خطوات الشيطان يريد الزلات
فانه بامر الفحشاء والمنكر يريد بالفحشاء عصيان الله والمنكر كل ما يكره الله
تعالى ولولا فضل الله عليكم ورحمته يريد ما تفضل الله به عليكم ورحمكم ما زكي منكم
من أحد أبدا يريد ما قبل توبة أحد منكم أبدا ولكن الله يزكي من يشاء فقد شئت أن
يتوب عليكم والله سميع عليم يريد سميع لقولكم عليم بما في أنفسكم من الندامة
ولا يأتل يريد ولا يحلف أولو الفضل منكم والسعة يريد ولا يحلف أبو بكر أن لا ينفق
على مسطح ان يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا
وليصفحوا فقد جعلت فيك يا أبا بكر الفضل وجعلت عندك السعة والمعرفة بالله فسخطت يا
أبا بكر على مسطح فله قرابة وله هجرة ومسكنة ومشاهد رضيتها منه يوم بدر ألا تحبون
يا أبا بكر أن يغفر الله لكم يريد فاغفر لمسطح والله غفور رحيم يريد فاني غفور لمن
أخطأ رحيم باوليائي
ان الذين يرمون المحصنات يريد العفائف الغافلات المؤمنات يريد المصدقات بتوحيد
الله وبرسله وقد قال حسان بن ثابت في عائشة : حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثى
من لحوم الغوافل فقالت عائشة : لكنك لست كذلك لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب
عظيم يقول أخرجهم من الإيمان مثل قوله في سورة الأحزاب للمنافقين ملعونين أينما
ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا الأحزاب الآية 61
(6/151)
والذي
تولي كبره يريد كبر القذف واشاعته عبد الله بن أبي الملعون يوم تشهد عليهم ألسنتهم
وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يريد أن الله ختم على ألسنتهم فشهدت الجوارح
وتكلمت على أهلها بذلك وذلك أنهم قالوا تعالوا نحلف بالله ما كنا مشركين فختم الله
على ألسنتهم فتكلمت الجوارح بما عملوا ثم شهدت ألسنتهم عليهم بعد ذلك
يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق يريد يجازيهم بأعمالهم بالحق كما يجازي أولياءه
بالثواب كذلك يجازي أعداءه بالعقاب كقوله في الحمد مالك يوم الدين يريد يوم الجزاء
ويعلمون يريد يوم القيامة ان الله هو الحق المبين وذلك ان عبد الله بن أبي كان يشك
في الدنيا وكان رأس المنافقين فذلك قوله يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلم ابن
سلول ان الله هو الحق المبين يريد انقطع الشك واستيقن حيث لا ينفعه اليقين
الخبيثات للخبيثين يريد أمثال عبد الله بن أبي ومن شك في الله ويقذف مثل سيدة نساء
العالمين والطيبات للطيبين عائشة طيبها الله لرسوله
أتى بها جبريل في سرقة من حرير قبل أن تصور في رحم أمها فقال له : عائشة بنت أبي
بكر زوجتك في الدنيا وزوجتك في الجنة عوضا من خديجة وذلك عند موتها بشر بها رسول
الله صلى الله عليه و سلم وقر بها عيناه
والطيبون للطيبات يريد رسول الله صلى الله عليه و سلم طيبه الله لنفسه وجعله سيد
ولد آدم والطيبات يريد عائشة أولئك مبرؤن مما يقولون يريد برأها الله من كذب عبد
الله بن أبي لهم مغفرة يريد عصمة في الدنيا ومغفرة في الآخرة ورزق كريم يريد الجنة
وثواب عظيم
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن سعيد بن جبير ان الذين جاؤوا بالافك الكذب عصبة
منكم يعني عبد الله بن أبي المنافق وحسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش
لاتحسبوه شرا لكم يقول لعائشة وصفوان : لا تحسبوا الذي قيل لكم من الكذب شرا لكم
بل هو خير لكم لانكم تؤجرون على ذلك لكل امرىء منهم يعني ممن خاض في أمر عائشة ما
اكتسب من الاثم على قدر ما خاض فيه من أمرها والذي تولى كبره يعني حظه منهم يعني
القدفة وهو ابن أبي رأس المنافقين وهو الذي قال : ما برئت منه وما برىء منها له
عذاب
(6/152)
عظيم
وفي هذه الآية عبرة عظيمة لجميع المسلمين اذا كانت فيهم خطيئة فمن أعان عليها بفعل
أو كلام أو عرض لها أو أعجبه ذلك أو رضي فهو في تلك الخطيئة على قدر ما كان منه
واذا كان خطيئة بين المسلمين فمن شهد وكره فهو مثل الغائب ومن غاب ورضي فهو مثل
شاهد
لولا اذ سمعتوه قذف عائشة وصفوان ظن المؤمنون والمؤمنات لأن منهم حمنة بنت جحش هلا
كذبتم به بأنفسهم خيرا هلا ظن بعضهم ببعض خيرا أنهم لم يزنوا وقالوا هذا افك مبين
إلا قالوا هذا القذف كذب بين لولا جاؤا عليه يعني على القذف بأربعة شهداء فاذا لم
يأتوا بالشهداء فاولئك يعني الذي قذفوا عائشة عند الله هم الكاذبون في قولهم ولولا
فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة من تأخير العقوبة لمسكم فيما أفضتم فيه
يعني فيما قلتم من القذف عذاب عظيم اذ تلقونه بالسنتكم وذلك حين خاضوا في أمر
عائشة فقال بعضهم : سمعت فلانا يقول كذا وكذا وقال بعضهم : بل كان كذا وكذا فقال
تلقونه بالسنتكم يقول : يرويه بعضكم عن بعض وتقولون بأفواهكم يعني بالسنتكم من
قذفها ما ليس لكم به علم يعني من غير أن تعلموا ان الذي قلتم من القذف حق وتحسبونه
هينا تحسبون ان القذف ذنب هين وهو عند الله عظيم يعني من الزور لولا اذ سمعتموه
يعني القذف قلتم ما يكون يعني ألا قلتم ما يكون ما ينبغي لنا أن نتكلم بهذا ولم تره
أعيننا سبحانك هذا بهتان عظيم يعني ألا قلتم هذا كذب عظيم مثل ما قال سعد بن معاذ
الانصاري : وذلك ان سعدا لما سمع قول من قال في أمر عائشة قال سبحانك هذا بهتان
عظيم يعني ألا قلتم هذا كذب عظيم مثل ما قال سعد بن معاذ الانصاري : وذلك ان سعدا
لما سمع قول من قال في أمر عائشة قال سبحانك هذا بهتان عظيم والبهتان الذي يبهت
فيقول ما لم يكن
يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا يعني القذف ان كنتم مؤمنين يعني مصدقين ويبين
الله لكم الآيات يعني ما ذكر من المواعظ أن الذين يحبون ان تشيع الفاحشة تفشوا
ويظهر الزنا لهم عذاب أليم في الدنيا بالحد وفي الآخرة عذاب النار
ولولا فضل الله لعاقبكم بما قلتم لعائشة وان الله رؤوف رحيم حين عفا عنكم فلم
يعاقبكم ومن يتبع خطوات الشيطان يعني تزيينه فانه يأمر بالفحشاء يعني بالمعاصي
والمنكر ما لا يعرف مثل ما قيل لعائشة ولولا فضل الله
(6/153)
عليكم
ورحمته يعني نعمته ما زكا ما صلح ولكن الله يزكي يصلح من يشاء
فلما أنزل الله عذر عائشة وبرأها وكذب الذين قذفوها حلف أبو بكر ان لا يصل مسطح بن
اثاثة بشيء أبدا لأنه كان فيمن ادعى على عائشة من القذف وكان مسطح من المهاجرين
الاولين وكان ابن خالة أبي بكر وكان يتيما في حجره فقيرا فلما حلف أبو بكر ان لا
يصله نزلت في أبي بكر ولا يأتل أي ولا يحلف أولو الفضل منكم يعني في الغنى أبا بكر
الصديق والسعة يعني في الرزق أن يؤتوا أولي القربى يعني مسطح ابن اثاثة قرابة أبي
بكر وابن خالته والمساكين يعني ان مسطحا كان فقيرا والمهاجرين في سبيل الله يعني
ان مسطحا كان من المهاجرين وليعفوا وليصفحوا يعني ليتجاوزوا عن مسطح ألا تحبون أن
يغفر الله لكم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأبي بكر : أما تحب أن يغفر
الله لك قال : بلى يا رسول الله قال : فاعف واصفح فقال أبو بكر : قد عفوت وصفحت لا
أمنعه معروفا بعد اليوم
ان الذين يرمون المحصنات يعني يقذفون بالزنا الحافظات لفروجهن العفائف الغافلات
يعني عن الفواحش يعني عائشة المؤمنات يعني الصادقات لعنوا يعني جلدوا في الدنيا
والآخرة يعذبون بالنار يعني عبد الله بن أبي لانه منافق له عذاب عظيم
يوم تشهد عليهم ألسنتهم يعني من قذف عائشة يوم القيامة يومئذ يعني في الآخرة
يوفيهم الله دينهم الحق حسابهم العدل لا يظلمهم ويعلمون ان الله هو الحق المبين
يعني العدل المبين الخبيثات يعني السيء من الكلام قذف عائشة للخبيثين من الرجال
والنساء يعني الذين قذفوها والخبيثون يعني من الرجال والنساء للخبيثات يعني السيء
من الكلام لأنه يليق بهم الكلام السيء والطيبات يعني الحسن من الكلام للطيبين من
الرجال والنساء يعني الذين ظنوا بالمؤمنين والمؤمنات خيرا والطيبون من الرجال
والنساء للطيبات للحسن من الكلام لأنه يليق بهم الكلام الحسن أولئك يعني الطيبين
من الرجال والنساء مبرؤون ما يقولون هم برآء من الكلام السيء لهم مغفرة يعني
لذنوبهم ورزق
(6/154)
كريم
يعني حسنا في الجنة فلما أنزل الله عذر عائشة ضمها رسول الله صلى الله عليه و سلم
إلى نفسه وهي من أزواجه في الجنة
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : أنزل الله عذري وكادت
الامة تهلك في سببي فلما سري عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وعرج الملك قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم لأبيك اذهب إلى ابنتك فاخبرها ان الله قد أنزل
عذرها من السماء قالت : فاتاني أبي وهو يعدو يكاد أن يعثر فقال : ابشري يا بنية
بأبي وأمي فان الله قد أنزل عذرك قلت : بحمد الله لا بحمدك ولا بحمد صاحبك الذي
أرسلك ثم دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم فتناول ذراعي فقلت بيده هكذا فأخذ أبو
بكر النعل ليعلوني بها فمنعته أمي فضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : أقسمت
لا تفعل
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : والله ما كنت أرجو أن
ينزل في كتاب الله ولا أطمع فيه ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه و
سلم رؤيا فيذهب ما في نفسه وقد سأل الجارية الحبشية فقالت : والله لعائشة أطيب من
طيب الذهب ولكنها ترقد حتى تدخل تدخل الشاة فتأكل عجينها والله لئن كان ما يقول
الناس حقا ليخبرنك الله
فعجب الناس من فقهها
وأخرج الطبراني عن الحكم ابن عتيبة قال : لما خاض الناس في أمر عائشة أرسل رسول
الله صلى الله عليه و سلم إلى عائشة فقال : يا عائشة ما يقول الناس ؟ فقالت : لا
أعتذر من شيء قالوه حتى ينزل عذري من السماء
فأنزل الله فيها خمس عشرة آية من سورة النور ثم قرأ حتى بلغ الخبيثات للخبيثين
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : نزلت ثمان عشرة آية متواليات بتكذيب من
قذف عائشة وببراءتها
وأخرج البزار والطبراني وابن مردويه بسند صحيح عن عائشة قالت : لما رميت بما رميت
به هممت ان آتي قلبيا فاطرح نفسي فيه
وأخرج البزار بسند صحيح عن عائشة : انه لما نزل عذرها قبل أبو بكر رأسها فقالت :
إلا عذرتني ؟ فقال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني ان قلت ما لا أعلم
وأخرج أحمد عن عائشة قالت : لما نزلت عذري من السماء جاءني النبي صلى الله عليه و
سلم فاخبرني بذلك فقلت : بحمد الله لا بحمدك
(6/155)
وأخرج
عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن ماجة وابن
المنذر وابن مردويه والطبراني والبيهقي في الدلائل عن عائشة قالت : لما نزل عذري
قام رسول الله صلى الله عليه و سلم على المنبر فذكر ذلك وتلا القرآن فلما نزل
أمر برجلين وامرأة فضربوا حدين
وأخرج ابن جرير عن محمد ابن عبد الله بن جحش قال : تفاخرت عائشة وزينب فقالت زينب
: أنا التي نزل تزويجي وقالت عائشة : وأنا التي نزل عذري في كتابه حين حملني ابن
المعطل فقالت لها زينب : يا عائشة ما قلت حين ركبتيها ؟ قالت : قلت حسبي الله ونعم
الوكيل قالت : قلت كلمة المؤمنين
وأخرج البخاري وابن مردويه عن ابن عباس : أنه دخل على عائشة قبل موتها وهي مغلوبة
فقال : كيف تجدينك ؟ قالت : بخير ان اتقيت قال : فأنت بخير
زوج رسول الله صلى الله عليه و سلم ولم ينكح بكرا غيرك ونزل عذرك من السماء
وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة قالت : خلال في تسع لم تكن لاحد إلا ما آتى الله مريم
جاء الملك بصورتي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وتزوجني وأنا ابنة سبع سنين
وأهديت اليه وأنا ابنة تسع وتزوجني بكرا وكان يأتيه الوحي وأنا وهو في لحاف واحد
وكنت من أحب الناس اليه ونزل في آيات من القرآن كادت الامة تهلك فيها ورأيت جبريل
ولم يره احد من نسائه غيري وقبض في بيتي لم يله أحد غير الملك إلا أنا
وأخرج ابن سعد عن عائشة قالت : فضلت على نساء النبي صلى الله عليه و سلم بعشر
قيل ما هن يا أم المؤمنين ؟ قالت : لم ينكح بكرا قط غيري ولم ينكح امرأة أبواها
مهاجران غيري وأنزل الله براءتي من السماء وجاءه جبريل بصورتي من السماء في حريرة
وقال تزوجها فانها امرأتك وكنت أغتسل أنا وهو من اناء واحد ولم يكن يصنع ذلك بأحد
من نسائه غيري وكان يصلي وأنا معترضة بين يديه ولم يكن يفعل ذلك بأحد من نسائه
غيري وكان ينزل عليه الوحي وهو معي ولم يكن ينزل عليه وهو مع أحد من نسائه غيري
وقبض الله نفسه وهو بين سحري ونحري ومات في الليلة التي كان يدور علي فيها ودفن في
بيتي
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن الحميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن مجاهد
(6/156)
في
قوله ان الذين جاؤا بالافك عصبة منكم قال : أصحاب عائشة عبد الله بن أبي ابن سلول
ومسطح وحسان
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس قال : الذين افتروا على عائشة حسان ومسطح
وحمنة بنت جحش وعبد الله بن أبي
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عروة : أن عبد الملك بن مروان كتب اليه يسأله عن
الذين جاؤا بالافك فكتب اليه أنه لم يسم منهم إلا حسان ومسطح وحمنة بنت جحش في
آخرين لا علم لي بهم
وأخرج البخاري وابن المنذر والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن الزهري
قال : كنت عند الوليد بن عبد الملك فقال : الذي تولى كبره منهم علي
فقلت : لا
حدثني سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله بن
عتبة بن مسعود كلهم سمع عائشة تقول : الذي تولى كبره عبد الله بن أبي قال : فقال
لي فما كان جرمه ؟ قلت : حدثني شيخان من قومك أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وأبو
بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أنهما سمعا عائشة تقول : كان مسيئا في أمري
وقال يعقوب بن شبة في مسنده : حدثنا الحسن بن علي الحلواني ثنا الشافعي ثنا عمى قال
: دخل سليمان بن يسار على هشام بن عبد الملك فقال له : يا سليمان الذي تولى كبره
من هو ؟ قال : عبد الله بن أبي قال : كذبت هو علي
قال أمير المؤمنين أعلم بما يقول فدخل الزهري فقال : يا ابن شهاب من الذي تولى
كبره ؟ فقال له : ابن أبي قال : كذبت
هو علي قال : أنا أكذب - لا أبا لك - لو نادى مناد من السماء ان الله أحل الكذب ما
كذبت
حدثني عروة وسعيد وعبيد الله وعلقمة عن عائشة : ان الذي تولى كبره عبد الله بن أبي
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم والطبراني وابن مردويه عن مسروق قال : دخل حسان بن ثابت على عائشة رضي الله
عنها فشبب وقال : حصان رزان ما تزن بريبة وتصبح غرثي من لحوم الغوافل
(6/157)
قالت
: لكنك لست كذلك قلت : تدعين مثل هذا يدخل عليك وقد أنزل الله والذي تولى كبره
منهم لهم عذاب عظيم فقالت : وأي عذاب أشد من العمى ؟ ! ولفظ ابن مردويه أو ليس في
عذاب قد كف بصره ؟ وأخرج ابن جرير من طريق الشعبي عن عائشة أنها قالت : ما سمعت
بشيء أحسن من شعر حسان وما تمثلت به إلا رجوت له الجنة
قوله لابي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم : هجوت محمدا وأجبت عنه وعند
الله في ذاك الجزاء فان أبي ووالده وعرضي لعرض محمد منكم وقاء أتشتمه ولست له بكفء
فشركما لخيركما الفداء لساني صارم لا عيب فيه وبحري لا تكدره الدلاء فقيل : يا أم
المؤمنين أليس هذا لغوا ؟ قالت : لا انما اللغو ما قيل عند النساء قيل : أليس الله
يقول والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم ؟ قالت : أليس قد أصابه عذاب أليم ؟ أليس
قد أصيب بصره وكسع بالسيف وتعني الضربة التي ضربها اياه صفوان بن المعطل حين بلغه
عنه أنه تكلم في ذلك فعلاه بالسيف وكاد يقتله ؟ وأخرج محمد بن سعد عن محمد بن
سيرين
أن عائشة كانت تأذن لحسان بن
(6/158)
ثابت
وتدعو له بالوسادة وتقول : لا تؤذوا حسان فانه كان ينصر رسول الله صلى الله عليه و
سلم بلسانه وقال الله والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم وقد عمي والله قادر أن
يجعل ذلك العذاب العظيم عماه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك والذي تولى كبره منهم يقول : الذي بدأ
بذلك
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن مجاهد والذي
تولى كبره قال : عبد الله بن أبي ابن سلول يذيعه
وأخرج عبد بن الحميد عن قتادة قال : ذكر لنا أن الذي تولى كبره رجلان من أصحاب
النبي صلى الله عليه و سلم
أحدهما من قريش والآخر من الانصار
عبد الله بن أبي بن سلول ولم يكن شر قط إلا وله قادة ورؤساء في شرهم
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن سيرين
أن عائشة كانت تأذن لحسان بن ثابتن وتلقي له الوسادة وتقول
لا تقولوا لحسان إلا خيرا فانه كان يرد عن النبي صلى الله عليه و سلم وقد قال الله
والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم وقد عمي والعمى عذاب عظيم والله قادر على أن
يجعله ذلك ويغفر لحسان ويدخله الجنة
وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن مسروق قال في قراءة عبد الله والذي تولى كبره
منهم له عذاب أليم
- قوله تعالى : لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا
إفك مبين لولا جاؤا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم
الكاذبون ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخره لمسكم في ما أفضتم فيه
عذاب عظيم
(6/159)
أخرج
ابن إسحق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن بعض
الانصار ان امرأة أبي أيوب قالت له حين قال أهل الافك ما قالوا : ألا تسمع ما يقول
الناس في عائشة ؟ قال : بلى وذلك الكذب أكنت أنت فاعلة ذلك يا أم أيوب ؟ قالت : لا
والله قال : فعائشة والله خير منك وأطيب انما هذا كذب وأفك باطل فلما نزل القرآن
ذكر الله من قال من الفاحشة ما قال من أهل الافك ثم قال ولولا اذ سمعتموه ظن
المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا أفك مبين أي كما قال أبو أيوب وصاحبته
وأخرج الواحدي وابن عساكر والحاكم عن أفلح مولى أبي أيوب ان أم أيوب قالت : ألا
تسمع ما يقول الناس في عائشة ؟ قال : بلى وذلك الكذب أفكنت يا أم أيوب فاعلة ذلك ؟
قالت : لا والله قال : فعائشة والله خير منك
فلما نزل القرآن وذكر أهل الافك قال الله لولا اذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات
- قوله تعالى : إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه
هينا وهو عند الله عظيم
أخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والطبراني عن مجاهد أنه قرأ اذ تلقونه بألسنتكم قال : يرويه بعضكم عن بعض
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة اذ تلقونه بألسنتكم قال : يرويه بعضكم عن بعض
وأخرج البخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن
مليكة قال : كانت عائشة تقرأ اذ تلقونه بألسنتكم وتقول : انما هو ولق القول
والولق الكذب قال ابن أبي مليكة : هي أعلم به من غيرها لأن ذلك نزل فيها
أما قوله تعالى وتحسبونه وهو عند الله عظيم
وأخرج البخاري ومسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
ان الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالا يهوي بها في النار أبعد ما
بين السماء والأرض "
وأخرج الطبراني عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " قذف المحصنة
يهدم عمل مائة سنة "
- قوله تعالى : ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان
عظيم
أخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : كان أبو أيوب الانصاري حين أخبرته امرأته قالت :
يا أبا أيوب ألا تسمع ما يتحدث الناس ؟ فقال ما يكون لنا ان نتكلم بهذا سبحانك هذا
بهتان عظيم فأنزل الله ولولا اذ سمعتموه قلتم ما يكون أن نتكلم بهذا سبحانك هذا
بهتان عظيم
وأخرج سنيد في تفسيره عن سعيد بن جبير أن سعد بن معاذ لما سمع ما قيل في أمر عائشة
قال : سبحانك ! هذا بهتان عظيم
وأخرج ابن أخي سمي في فوائده عن سعيد بن المسيب قال : كان رجلان من
(6/160)
أصحاب
النبي صلى الله عليه و سلم اذا سمعا شيئا من ذلك قالا : سبحانك ! هذا بهتان عظيم
زيد بن حارثة وأبو أيوب
- قوله تعالى : يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين ويبين الله لكم
الآيات والله عليم حكيم
أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه
يعظكم الله أن عودوا لمثله أبدا قال يحرج الله عليكم
وأخرج الفريابي والطبراني عن مجاهد في قوله يعظكم الله قال : ينهاكم
- قوله تعالى : إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في
الدنيا والآخره والله يعلم وأنتم لا تعلمون ولولا فضل الله عليكم ورحمته أن الله
رؤوف رحيم
اخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن مجاهد ان الذين
يحبون أن تشيع الفاحشة قال : تظهر
يحدث عن شأن عائشة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ان الذين يحبون أن تشيع الفاحشة قال : يحبون أن يظهر
الزنا
وأخرج ابن أبي حاتم عن خالد بن معدان قال : من حدث بما أبصرت عيناه وسمعت أذناه
فهو من الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء قال : من أشاع الفاحشة فعليه النكال وان كان صادقا
وأخرج البخاري في الأدب والبيهقي في الشعب عن علي بن أبي طالب قال : العامل
الفاحشة والذي يشيع بها في الاثم سواء
وأخرج البخاري في الأدب عن شبل بن عون قال : كان يقال من سمع بفاحشة فافشاها فهو
فيها كالذي أبداها
(6/161)
وأخرج
أحمد عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " لا تؤذوا عباد الله ولا
تعيروهم ولا تطلبوا عوراتهم
فانه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته "
- قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات
الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من
أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
مازكا منكم قال : ما اهتدى أحد من الخلائق لشيء من الخير
- قوله تعالى : ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة أن يأتوا أولي القربى والمساكين
والمهاجرين في سبيل الله وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور
رحيم
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ولا يأتل أولو الفضل
يقول : لا تقسموا ان لا تنفقوا على أحد
وأخرج ابن المنذر عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان مسطح بن اثاثة ممن تولى كبره
من أهل الأفك وكان قريبا لأبي بكر وكان في عياله فحلف أبو بكر رضي الله عنه ان لا
ينيله خيرا أبدا فأنزل الله ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة قالت : فأعاده أبو
بكر إلى عياله وقال : لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرا منها إلا تحللتها وأتيت
الذي هو خير
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله ولا يأتل أولو الفضل منكم
قال : نزلت هذه الآية في رجل من قريش يقال له مسطح كان بينه وبين أبي بكر قرابة
وكان يتيما في حجره وكان ممن أذاع على عائشة ما
(6/162)
أذاع
فلما أنزل الله براءتها وعذرها تألى أبو بكر لا يرزؤه خيرا فأنزل الله هذه الآية
فذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم دعا أبا بكر فتلاها عليه فقال : ألا تحب
أن يغفر الله لك ؟ قال : بلى قال : فاعف عنه وتجاوز فقال أبو بكر : لا جرم
والله لا أمنعه معروفا كنت أوليه قبل اليوم
وأخرج ابن المنذر عن الحسن قال : كان ذو قرابة لأبي بكر ممن كثر على عائشة فحلف
أبو بكر لا يصله بشيء وقد كان يصله قبل ذلك فلما نزلت هذه الآية ولا يأتل أولو
الفضل منكم والسعة إلى آخر الآية فصار أبو بكر يضعف له بعد ذلك بعدما نزلت هذه الآية
ضعفي ما كان يعطيه
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : حلف أبو بكر لا ينفع مسطح بن أثاثة ولا
يصله وكان بينه وبين أبي بكر قرابة من قبل النساء فاقبل إلى أبي بكر يعتذر فقال
مسطح : جعلني الله فداءك والله الذي أنزل على محمد ما قذفتها وما تكلمت بشيء مما
قيل لها أي خالي - وكان أبو بكر خاله - قال أبو بكر : ولكن قد ضحكت وأعجبك الذي
قيل فيها قال : لعله يكون قد كان بعض ذلك فأنزل الله في شأنه ولا يأتل أولو الفضل
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن محمد بن سيرين قال : حلف أبو بكر في يتيمين كانا
في حجره كانا فيمن خاض في أمر عائشة
أحدهما مسطح بن اثاثة قد شهد بدرا فحلف لا يصلهما ولا يصيبا منه خيرا
فنزلت هذه الآية ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله ولا يأتل أولو الفضل منكم والسعة
قال : كان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم قد رموا عائشة بالقبيح
وأفشوا ذلك وتكلموا فيها فأقسم ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم منهم
أبو بكر ان لا يتصدقوا على رجل تكلم بشيء من هذا ولا يصلوه قال : لا يقسم أولوا
الفضل منكم والسعة ان يصلوا أرحامهم وان يعطوهم من أموالهم كالذي كانوا يفعلون قبل
ذلك فأمر الله ان يغفر لهم وان يعفو عنهم
وأخرج ابن المنذر عن أبي سلمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما
نقص مال من صدقة قط
تصدقوا ولا عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله عزا
فاعفوا يعزكم
(6/163)
الله
ولا فتح رجل على نفسه مسألة الناس إلا فتح الله له باب فقر
إلا ان العفة خير "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم وابن أبي الدنيا في ذم الغضب والخرائطي في مكارم
الأخلاق والحاكم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي وائل قال : رأيت
عبد الله أتاه رجل برجل نشوان فأقام عليه الحد ثم قال للرجل الذي جاء به : ما أنت
منه ؟ قال : عمه
قال : ماأحسنت الأدب ولا سترته وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون ان يغفر الله لكم ثم
قال عبد الله : اني لأذكر أول رجل قطعه النبي صلى الله عليه و سلم أتى رجل فلما
أمر به لتقطع يده كأنما سف وجهه رمادا فقيل : يا رسول الله كان هذا شق عليك قال :
" لا ينبغي ان تكونوا للشيطان عونا على أخيكم فانه لا ينبغي للحاكم اذا انتهى
اليه حد إلا أن يقيمه وان الله عفو يحب العفو ثم قرأ وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون
ان يغفر الله لكم "
- قوله تعالى : إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا
والآخرة ولهم عذاب عظيم
أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس في قوله ان الذين يرمون
المحصنات الغافلات والمؤمنات قال : نزلت في عائشةخاصة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن خصيف قال : قلت لسعيد بن
جبير أيما أشد
الزنا أم القذف ؟ قال : الزنا
قلت : ان الله يقول ان الذين يرمون المحصنات الغافلات والمؤمنات قال : إنما أنزل
هذا في شأن عائشة خاصة
وأخرج الطبراني عن الضحاك قال : نزلت هذه الآية في عائشة خاصة ان الذين يرمون
المحصنات الغافلات والمؤمنات
وأخرج عبد بن حميد وابن جريرعن الضحاك ان الذين يرمون المحصنات الغافلات والمؤمنات
قال : إنما عني بهذا نساء النبي صلى الله عليه و سلم خاصة
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي الجوزاء ان الذين يرمون
(6/164)
المحصنات
الغافلات والمؤمنات قال : هذه لأمهات المؤمنين خاصة
وأخرجابن أبي حاتم عن سلمة بن نبيط ان الذين يرمون المحصنات الغافلات والمؤمنات
قال : هن نساء النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس
أنه قرأ سورة النور ففسرها فلما أتى على هذه الآية ان الذين يرمون المحصنات
الغافلات قال : هذه في عائشة وأزواج النبي صلى الله عليه و سلم ولم يجعل لمن فعل
ذلك توبة وجعل لمن رمى امرأة من المؤمنات من غير أزواج النبي صلى الله عليه و سلم
التوبة ثم قرأ ان الذين يرمون المحصنات ثم لم باتوا بأربعة شهداء إلى قوله إلا
الذين تابوا ولم يجعل لمن قذف امرأة من أزواج النبي صلى الله عليه و سلم توبة ثم
تلا هذه الآية لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم فهم بعض القوم ان يقوم إلى
ابن عباس فيقبل رأسه لحسن ما فسر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عائشة قالت : رميت بما رميت به وأنا
غافلة فبلغني بعد ذلك : فبينا رسول الله صلى الله عليه و سلم عندي جالس اذ أوحي
إليه وهو جالس ثم استوى فمسح على وجهه وقال : يا عائشة ابشري فقلت : بحمد الله لا
بحمدك فقرأ ان الذين يرمون المحصنات الغافلات والمؤمنات حتى بلغ أولئك مبرؤون مما
يقولون
- قوله تعالى : يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون
أخرج أبو يعلى وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أبي سعيد أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : " اذا كان يوم القيامة عرف الكافر بعمله فجحد وخاصم
فيقال : هؤلاء جيرانك يشهدون عليك فيقول : كذبوا فيقال : أهلك وعشيرتك فيقول :
كذبوا فيقال : احلفوا فيحلفون ثم يصمتهم الله وتشهد عليهم السنتهم وأيديهم ثم
يدخلهم النار "
وأخرج ابن مردويه عن أبي أيوب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ان
أول من يختصم يوم القيامة الرجل وامرأته فما ينطق لسانها ولكن يداها ورجلاها
يشهدان عليها بما كانت تغتاله أو توليه أو كلمة نحوها ويداه ورجلاه يشهدون
(6/165)
عليه
بما كانوا يوليها ثم يدعى الرجل وخوله فمثل ذلك "
وأخرج أحمد وابن مردويه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " أنكم تدعون مقدمة أفواهكم بالفدام وان أول ما يبين عن
أحدكم فرجه وكفه "
وأخرج ابن مردويه عن أبي امامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
أول ما ينطق من ابن آدم يوم القيامة فخذه "
وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
أول ما يستنطق من ابن آدم جوارحه في محاقير عمله
فيقول وعزتك يا رب ان عندي المضرات العظام "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاصول وابن مردويه عن أبي أمامة سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : " اني لأعلم آخر رجل من أمتي يجوز الصراط رجل
يتلوى على الصراط كالغلام حين يضربه أبوه
تزل يده مرة فتصيبها النار وتزل رجله مرة فتصيبها النار فتقول له الملائكة : أرأيت
ان بعثك الله من مقامك هذا فمشيت سويا أتخبرنا بكل عمل عملته ؟ فيقول : أي وعزته
لا أكتمكم من عملي شيئا فيقولون له : قم فامش سويا
فيقوم فيمشي حتى يجاوز الصراط فيقولون له : اخبرنا باعمالك التي عملت فيقول في
نفسه : ان اخبرتهم بما عملت ردوني إلى مكاني فيقول : لا وعزته ما عملت ذنبا قط
فيقولون : ان لنا عليك بينة فيلتفت يمينا وشمالا هل يرى من الآدميين ممن كان يشهد
في الدنيا أحد
فلا يراه فيقول : هاتوا بينتكم فيختم الله على فيه فتنطق يداه ورجلاه وجلده بعمله
فيقول : أي وعزتك لقد عملتها وان عندي العظائم المضرات فيقول : اذهب فقد غفرتها لك
"
وأخرج ابن مردويه وابن جرير عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" أول عظم يتكلم من الانسان بعد ان يختم على فيه فخذه من جانبه الأيسر "
- قوله تعالى : يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله يومئذ يوفيهم الله
دينهم الحق قال : حسابهم وكل شيء في القرآن الدين فهو الحساب
(6/166)
وأخرج
عبد بن حميد والطبراني عن قتادة يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق أي أعمالهم الحق
لحقهم وأهل الباطل لباطلهم ويعلمون أن الله هو الحق المبين
وأخرج ابن جرير عن مجاهد أنه قرأها الحق بالرفع
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه
و سلم قرأ : يومئذ يوفيه الله الحق دينهم
- قوله تعالى : الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون
للطيبات أولئك مبرؤون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس في قوله الخبيثات
قال : من الكلام للخبيثين قال : من الرجال والخبيثون من الرجال للخبيثات من الكلام
والطيبات من الكلام للطيبين من الناس والطيبون من الناس للطيبات من الكلام
نزلت في الذين قالوا في زوجة النبي صلى الله عليه و سلم ما قالوا من البهتان
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والطبراني عن مجاهد في قوله الخبيثات قال من الكلام للخبيثين من الناس والخبيثون
من الناس للخبيثات من الكلام والطيبات من الكلام للطيبين من الناس والطيبون من
الناس للطيبات من الكلام اولئك مبرؤن مما يقولون قال : من كان طيبا فهو مبرأ من كل
قول خبيث لقوله يغفر الله له
ومن كان خبيثا فهو مبرأ من كل قول صالح يقوله يرده الله عليه لا يقبله منه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والطبراني عن قتادة في قوله الخبيثات قال : من القول
والعمل للخبيثين من الناس والخبيثون من الناس للخبيثات من القول والعمل والطيبات
من القول والعمل للطيبين من الناس والطيبون من الناس للطيبات من القول والعمل لهم
مغفرة لذنوبهم ورزق كريم هو الجنة
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن للخبيثات قال : من الكلام
(6/167)
للخبيثين
قال : من الناس والخبيثون من الناس للخبيثات من الكلام والطيبات من الكلام للطيبين
من الناس والطيبون من الناس للطيبات من الكلام وهؤلاء مبرؤن مما يقال لهم من السوء
يعني عائشة
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير عن الضحاك وابراهيم
مثله
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء الخبيثات قال : من القول للخبيثين من الناس والخبيثون
من الناس للخبيثات من القول والطيبات من القول للطيبين من الناس والطيبون من الناس
للطيبات من القول
ألا ترى أنك تسمع بالكلمة الخبيثة من الرجل الصالح فتقول غفر الله لفلان ما هذا من
خلقه ولا من شيمه ولا مما يقول
قال الله أولئك مبرؤن مما يقولون ان يكون ذلك من شيمهم ولا من أخلاقهمن ولكن الزلل
قد يكون
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى الجزار قال : جاء أسير بن جابر إلى عبد الله فقال : قد
سمعت الوليد بن عقبة اليوم تكلم بكلام اعجبني فقال عبد الله : ان الرجل المؤمن
يكون في فيه الكلمة غير طيبة تتجلجل في صدره ما تستقر حتى يلفظها فيسمعها رجل عنده
مثلها فيضمها اليها
وان الرجل الفاجر تكون في قلبه الكلمة الطيبة تتجلجل في صدره ما تستقر حتى يلفظها
فيسمعها الرجل الذي عنده مثلها فيضمها اليها
ثم قرأ عبد الله الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون
للطيبات
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن زيد في قوله الخبيثات للخبيثين قال
: نزلت في عائشة حين رماها المنافق بالبهتان والفرية فبرأها الله من ذلك وكان عبد
الله بن أبي هو الخبيث فكان هو أولى بأن تكون له الخبيثه ويكون لها وكان رسول الله
صلى الله عليه و سلم طيبا وكان أولى أن تكون له الطيبة وكانت عائشة الطيبة فكانت
أولى أن يكون لها الطيب وفي قوله أولئك مبرؤن مما يقولون قال : ههنا برئت عائشة
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : لقد نزل عذري من السماء ولقد خلقت طيبة وعند طيب
ولقد وعدت مغفرة وأجرا عظيما
وأخرج الطبراني عن ذكوان حاجب عائشة قال : دخل ابن عباس على عائشة
(6/168)
فقال
: ابشري ما بينك وبين أن تلقي محمدا والاحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد كنت أحب
نساء رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى رسول الله ولم يكن يحب رسول الله إلا طيبا
وسقطت قلادتك ليلة الابواء فأنزل الله أن تيمموا صعيدا طيبا النساء الآية 43 وكان
ذلك بسببك وما أنزل الله لهذه الامة من الرخصة وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات
جاء بها الروح الامين فأصبح وليس مسجد من مساجد الله يذكر الله يذكر الله فيه إلا
هي تتلى فيه آناء الليل وآناء النهار قالت : دعني منك يا ابن عباس فو الذي نفسي
بيده لوددت أني كنت نسيا منسيا
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال " اذا كان يوم القيامة حد
الله الذين قذفوا عائشة ثمانين ثمانين على رؤوس الخلائق فيستوهب ربي المهاجرين
منهم فاستأمرك يا عائشة فسمعت عائشة الكلام وهي في البيت فبكت ثم قالت : والذي
بعثك بالحق نبيا لسرورك أحب إلى من سروري فتبسم رسول الله صلى الله عليه و سلم
ضاحكا وقال : انها ابنة أبيها "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه عن أنس قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ان فضل عائشة على النساء كفضل الثريد
على الطعام "
وأخرج الحاكم عن الزهري قال : لو جمع علم الناس كلهم ثم علم أزواج النبي صلى الله
عليه و سلم لكانت عائشة أوسعهم علما
وأخرج الحاكم عن عروة قال ما رأيت أحدا أعلم بالحلال والحرام والعلم والشعر والطب
من عائشة رضي الله عنها
وأخرج الحاكم عن موسى بن طلحة قال : ما رأيت أحدا أفصح من عائشة رضي الله عنها
وأخرج أحمد في الزهد والحاكم عن الاحنف قال : سمعت خطبة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي
والخطباء هلم جرا فما سمعت الكلام من فم مخلوق أفخم ولا أحسن منه من عائشة رضي
الله عنها
وأخرج سعيد بن منصور والحاكم عن مسروق أنه سئل أكانت عائشة تحسن الفرائض ؟ فقال :
لقد رأيت الاكابر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يسألونها عن الفرائض
(6/169)
وأخرج
الحاكم عن عطاء قال : كانت عائشة أفقه الناس وأعلم الناس وأحسن الناس رأيا في
العامة
وأخرج ابن أبي شيبة عن مسلمالبطين قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
عائشة زوجتي في الجنة "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة قالت : خلال في سبع لم تكن في أحد من الناس إلا ما
أتى الله مريم بنت عمران
والله ما أقول هذا لكي أفتخر على صواحبي قيل : وما هن ؟ قالت : نزل الملك بصورتي
وتزوجني رسول الله صلى الله عليه و سلم لسبع سنين وأهديت إليه وأنا بنت تسع سنين
وتزوجني بكرا لم يشركه في أحد من الناس وأتاه الوحي وأنا واياه في لحاف واحد وكنت
من أحب الناس إليه ونزل في آيات من القرآن كادت الامة تهلك فيهن ورأيت جبريل لم
يره أحد من نسائه غيري وقبض لم يله أحد غير الملك وأنا
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة ان النبي صلى الله عليه و سلم قال لها : " ان
جبريل يقرأ عليك السلام قالت عائشة : وعليه السلام ورحمة الله وبركاته "
وأخرج ابن النجار في تاريخ بغداد من طريق أبي بكر محمد بن عمر البغدادي الحنبلي عن
أبيه ثنا محمد بن الحسن الكاراني حدثني إبراهيم الخرجي قال : ضاق بي شيء من أمور
الدنيا فدعوت بدعوات يقال لها دعاء الفرج فقلت : وما هي ؟ فقال : حدثني أبو عبد
الله أحمد ابن محمد بن حنبل حدثني سفيان بن عيينة ثنا محمد بن واصل الانصاري عن
أبيه عن جده عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنت جالسا عند أم المؤمنين عائشة
لأقر عينيها بالبراءة وهي تبكي فقالت : والله لقد هجرني القريب والبعيد حتى هجرتني
الهرة وما عرض علي طعام ولا شراب فكنت أرقد وأنا جائعة ظامئة فرأيت في منامي فتى
فقال لي : ما لك فقلت : حزينة مما ذكر الناس فقال : ادعي بهذه يفرج عنك فقلت : وما
هي ؟ فقال : قولي يا سابغ النعم ودافع النقم ويا فارج الغمم ويا كاشف الظلم يا
أعدل من حكم يا حسيب من ظلم يا ولي من ظلم يا أول بلا بداية ويا آخر بلا نهاية يا
من له اسم بلا كنية اللهم اجعل لي من أمري فرجا ومخرجا قالت : فانتبهت وأنا ريانة
شبعانة وقد أنزل الله منه فرجي قال ابن النجار : خبر غريب
(6/170)
-
قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا
على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون فإن ام تجدوا فيها أحد فلا تدخلوها حتى يؤذن
لكم وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم والله بما تعملون عليم ليس عليكم جناح
أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم والله يعلم ما تبدون وما تكتمون
أخرج الفريابي وابن جرير من طريق عدي بن ثابت عن رجل من الانصار قال : قالت :
امرأة لرسول الله صلى الله عليه و سلم اني أكون في بيتي على الحالة التي لا أحب أن
يراني عليها أحد ولد ولا والد فيأتيني الآتي فيدخل علي فكيف أصنع ؟ ولفظ ابن جرير
: وانه لا يزال يدخل علي رجل من أهلي وأنا على تلك الحال فنزلت يا أيها الذين
آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم الآية
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
وابن الانباري في المصاحف والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الايمان والضياء في
المختارة من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم
حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها قال : أخطأ الكاتب انما هي حتى تستأذنوا
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في شعب الايمان عن إبراهيم
قال : في مصحف عبد الله حتى تسلموا على أهلها وتستأذنوا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال : هي في قراءة أبي حتى
تسلموا وتستأذنوا
وأخرج ابن أبي حاتم وابن الانباري في المصاحف عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
حتى تستأنسوا قال : حتى تستأذنوا
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
الاستئناس
الاستئذان
وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه
(6/171)
عن
أبي أيوب قال : قلت يا رسول الله أرأيت قول الله حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها
هذا التسليم قد عرفناه فما الاستئناس ؟ قال : يتكلم الرجل بتسبيحة وتكبيرة وتحميدة
ويتنحنح فيؤذن أهل البيت
وأخرج الطبراني عن أبي أيوب أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " الاستئناس
أن تدعو الخادم حتى يستأنس أهل البيت الذين يسلم عليهم "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في
شعب الإيمان عن مجاهد رضي الله عنه في قوله حتى تستأنسوا قال : تنحنحوا وتنخموا
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الادب وأبو داود والبيهقي في سننه من طريق
ربعي قال : حدثنا رجل من بني عامر استأذن على النبي صلى الله عليه و سلم وهو في
بيت فقال : أألج ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم لخادمه : " اخرج إلى هذا
فعلمه الاستئذان فقيل له : قل السلام عليكم
أأدخل ؟ "
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن سعد الثقفي أن رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه و
سلم فقال : أألج ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم لأمة له يقال لها روضة
" قومي إلى هذا فعلميه فانه لا يحسن يستأذن فقولي له يقول السلام عليكم
أأدخل ؟ "
وأخرج ابن سعد وأحمد والبخاري في الادب وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي
والبيهقي في شعب الايمان من طريق كلدة
ان صفوان بن أمية بعثه في الفتح بلياي وصقانيس والنبي صلى الله عليه و سلم بأعلى
الوادي قال : فدخلت عليه ولم أسلم ولم استأذن فقال النبي صلى الله عليه و سلم :
" ارجع فقل السلام عليكم
أأدخل ؟ "
وأخرج قاسم بن أصبغ وابن عبد البر في التمهيد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
استأذن عمر على النبي صلى الله عليه و سلم فقال : السلام على رسول الله السلام
عليكم
أيدخل عمر ؟ وأخرج ابن وهب في كتاب المجالس وابن أبي شيبة عن زيد بن أسلم قال :
أرسلني أبي إلى ابن عمر فجئته فقلت : أألج ؟ فقال : ادخل
فلما دخلت قال : مرحبا يا ابن أخي لا تقل أألج ؟ ولكن قل السلام عليكم فاذا قالوا
وعليك فقل
أأدخل ؟ فان قالوا ادخل فأدخل
(6/172)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أم أياس قالت : كنت في أربع نسوة نستأذن على عائشة فقلت : ندخل
فقالت : لا
فقالت واحدة : السلام عليكم
أندخل ؟ قالت : ادخلوا ثم قالت يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم
حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها
وأخرج الترمذي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" السلام قبل الكلام "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب عن أبي هريرة
فيمن يستأذن قبل أن يسلم قال : لا يؤذن له حتى يبدأ بالسلام
وأخرج البخاري في الأدب عن أبي هريرة قال : اذا دخل ولم يقل السلام عليكم فقل : لا
حتى تأتي بالمفتاح
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال : كان عبد الله اذا دخل الدار استأنس تكلم
ورفع صوته
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن ابن مسعود قال : عليكم أن تستأذنوا على أمهاتكم
واخواتكم
وأخرج البخاري في الأدب وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله
عليه و سلم قال " اذا دخل البصر فلا اذن له "
وأخرج ابن مردويه عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن
الاستئذان في البيوت فقال " من دخلت عينه قبل أن يستأذن ويسلم فقد عصى الله
ولا أذن له "
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " من كان يشهد
أني رسول الله فلا يدخل على أهل بيت حتى يستأنس ويسلم فاذا نظر في قعر البيت فقد
دخل "
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والبيهقي في شعب الايمان عن هذيل قال : جاء سعد فوقف
على باب النبي صلى الله عليه و سلم يستأذن فقام على الباب فقال له النبي صلى الله
عليه و سلم " هكذا عنك فإنما الاستئذان من النظر "
وأخرج البخاري في الادب وأبو داود عن عبد الله بن بشر قال : كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم
(6/173)
اذا
أتى باب قوم لم يستقبل الباب من تلقاء وجهه
ولكن من ركنه الايمن أو الايسر ويقول : السلام عليكم السلام عليكم وذلك ان الدور
لم يكن عليها يومئذ ستور
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن سهل بن سعد قال : اطلع رجل من حجر
في حجرة النبي صلى الله عليه و سلم ومعه مدري يحك بها رأسه فقال " لو أعلم
انك تنظر لطعنت بها في عينك انما جعل الاستئذان من أجل البصر
وفي لفظ : إنما جعل الله الاذن من أجل البصر "
وأخرج الطبراني عن سعد بن عبادة قال : جئت إلى النبي صلى الله عليه و سلم وهو في
بيته فقمت مقابل الباب فاستأذنت فأشار الي أن تباعد وقال " هل الاستئذان إلا
من أجل النظر "
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن قتادة في قوله حتى
تستأنسوا قال : هو الاستئذان قال : وكان يقال الاستئذان ثلاث فمن لم يؤذن له فيهن
فليرجع
اما الاولى فيسمع الحي
وأما الثانية فيأخذوا حذرهم
واما الثالثة فان شاؤا أذنوا وان شاؤا ردوه
وأخرج مالك والبخاري ومسلم وأبو داود عن أبي سعيد الخدري قال : كنت جالسا في مجلس
من مجالس الانصار فجاء أبو موسى فزعا فقلنا له : ما افزعك ؟ قال : أمرني عمر أن
آتيه فأتيته فأستأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت فقال : ما منعك أن تأتيني قلت : قد
جئت فاستأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي وقد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " اذا
استأذن أحدكم ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع " قال : لتأتيني على هذا بالبينة
فقالوا : لا يقوم إلا أصغر القوم فقام أبو سعيد معه فشهد له فقال عمر لأبي موسى :
اني لم أتهمك ولكن الحديث عن رسول الله صلى الله عليه و سلم شديد
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم يعني
بيوتا ليست لكم حتى تستأنسوا وتسلموا فيها تقديم يعني حتى تسلموا ثم تستأذنوا
والسلام قبل الاستئذان ذلكم يعني الاستئذان والتسليم خير لكم يعني أفضل من أن تدخل
من غير أذن ان لا تأثموا ويأخذ أهل البيت حذرهم لعلكم تذكرون فان لم تجدوا فيها أحد
فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم يعني في
(6/174)
الدخول
وان قيل لكم ارجعوا فارجعوا يعني لا تقعدوا ولا تقوموا على أبواب الناس هو أزكى
لكم يعني الرجوع خير لكم من القيام والقعود على أبوابهم والله بما تعملون عليم
يعني بما يكون عليم ليس عليكم جناح يعني لا حرج عليكم ان تدخلوا بيوتا غير مسكونة
يعني ليس بها ساكن
وهي الخانات التي على طرق الناس للمسافر لا جناح عليكم أن تدخلوها بغير استئذان
ولا تسليم فيها متاع لكم يعني منافع من البرد والحر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله فان لم
تجدوا فيها أحدا يقول : ان لم يكن لكم فيها متاع فلا تدخلوها إلا بإذن وفي قوله
ليس عليكم جناح
قال : كانوا يضعون بطريق المدينة اقتابا وامتعات في بيوت ليس فيها أحد فأحلت لهم
أن يدخلوها بغير أذن
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله بيوتا غير
مسكونة قال : هي بالبيوت التي منزلها السفر لا يسكنها أحد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن محمد بن الحنفية في قوله بيوتا غير
مسكونة قال : هي هذه الخانات التي في الطرق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء في قوله فيها متاع
لكم قال : الخلاء والبول
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في قوله بيوتا غير مسكونة قال : هي البيوت الخربة
لقضاء الحاجة
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم النخعي
مثله
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك في قوله فيها متاع لكم يعني الخانات
ينتفع بها من المطر والبرد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله بيوتا غير مسكونة قال : هي البيوت
التي ينزلها الناس في أسفارهم لا أحد فيها وفي قوله فيها متاع لكم قال : بلغة
ومنفعة
وأخرج أبو يعلى وابن جرير وابن مردويه عن أنس قال : قال رجل من المهاجرين : لقد
طلبت عمري كله هذه الآية فما أدركتها
ان استأذن على بعض
(6/175)
اخواني
فيقول لي : ارجع
فارجع وأنا مغتبط لقوله تعالى وان قيل لكم ارجعوا هو أزكى لكم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : كان الرجل في الجاهلية اذا لقي صاحبه
لا يسلم عليه يقول : حييت صباحا
وحييت مساء
وكان ذلك تحية القوم بينهم وكان أحدهم ينطلق إلى صاحبه فلا يستأذن حتى يقتحم ويقول
: قد دخلت
فيشق ذلك على الرجل ولعله يكون مع أهله فغير الله ذلك كله في ستر وعفة فقال لا
تدخلوا بيوتا غير بيوتكم فلما نزلت آية التسليم في البيوت والاستئذان فقال أبو بكر
: يا رسول الله فكيف بتجار قريش الذين يختلفون بين مكة والمدينة والشام وبيت
المقدس ولهم بيوت معلومة على الطريق فكيف يستأذنون ويسلمون وليس فيهم سكان ؟ فرخص
الله في ذلك
فأنزل الله ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة بغير اذن
وأخرج البخاري في الأدب وأبو داود في الناسخ وابن جرير عن ابن عباس قال يا أيها
الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ففسح
واستثنى من ذلك فقال ليس عليكم جناح أن تدخلوا بيوتا غير مسكونة فيها متاع لكم
- قوله تعالى : قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إن الله
خبير بما يصنعون
أخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب قال : مر رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه
و سلم في طريق من طرقات المدينة فنظر إلى امرأة ونظرت إليه فوسوس لهما الشيطان :
انه لم ينظر أحدهما إلى الآخر إلا اعجابا به فبينا الرجل يمشي إلى جنب حائط ينظر
اليها اذ استقبله الحائط فشق أنفه فقال : والله لا اغسل الدم حتى آتي رسول الله
صلى الله عليه و سلم فاعلمه أمري فأتاه فقص عليه قصته فقال النبي صلى الله عليه و
سلم : " هذا عقوبة ذنبك " وأنزل الله قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم
الآية
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم
الآية أي عما لا يحل لهم ويحفظوا فروجهم أي عما لا يحل لهم
(6/176)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم قال
: من شهواتهم عما يكره الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم يعني أبصارهم
فمن هنا صلة في الكلام
يعني يحفظوا أبصارهم عما لا يحل لهم النظر إليه ويحفظوا فروجهم عن الفواحش ذلك
أزكى لهم يعني غض البصر وحفظ الفرج
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : كل
آية يذكر فيها حفظ الفرج فهو من الزنا إلا هذه الآية في النور ويحفظوا فروجهم
ويحفظن فروجهن فهو ان يراها
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن بهز
بن حكيم عن أبيه عن جده قال : قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر ؟
قال : احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك قلت : يا نبي الله اذا كان القوم
بعضهم في بعض قال : ان استطعت ان لا يراها أحد فلا يرينها قلت : اذا كان أحدنا
خاليا قال : الله أحق ان يستحي منه من الناس
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن العلاء بن زياد قال : كان يقال لا تتبعن بصرك
حسن رداء امرأة فان النظر يجعل شبقا في القلب
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس قال : الشيطان من الرجل على ثلاثة منازل
على عينيه وقلبه وذكره وهو من المرأة على ثلاثة
على عينها وقلبها وعجزها
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن مردويه عن جرير البجلي
قال : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن نظرة الفجاة فأمرني ان أصرف بصري
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي والبيهقي في سننه عن بريدة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم لعلي " لاتتبع النظرة النظرة فان لك الاولى وليست
لك الآخرة "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه من حديث علي مثله
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم " قال لا تجلسوا
في المجالس فان كنتم لابد فاعلين فردوا السلام وغضوا الابصار واهدوا السبيل
وأعينوا على الحمولة "
(6/177)
وأخرج
البخاري ومسلم عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " اياكم
والجلوس على الطرقات قالوا : يا رسول الله ما لنا بد من مجالسنا
نتحدث فيها فقال : ان أبيتم فاعطوا الطريق حقه قالوا : وما حق الطريق يا رسول الله
؟ قال : غض البصر وكف الاذى ورد السلام والامر بالمعروف والنهي عن المنكر "
وأخرج أبو القاسم البغوي في معجمه والطبراني عن أبي أمامة سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول " اكفلوا لي بست أكفل لكم بالجنة
اذا حدث أحدكم فلا يكذب واذ ائتمن فلا يخن واذا وعد فلا يخلف غضوا أبصاركم وكفوا
أيديكم واحفظوا فروجكم "
وأخرج أحمد والحكيم في نوادر الاصول والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب
الايمان عن ابي أمامة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ما من مسلم ينظر
إلى امرأة أول رمقة ثم يغض بصره إلا أحدث الله له عبادة يجد حلاوتها في قلبه
"
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " ان الله عز و جل كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا
محالة
فزنا العين النظر وزنا اللسان المنطق وزنا الاذنين الاستماع وزنا اليدين البطش
وزنا الرجلين الخطو والنفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه "
وأخرج الحاكم وصححه عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
النظرة سهم من سهام ابليس مسمومة فمن تركها من خوف الله أثابه ايمانا يجد حلاوته
في قلبه "
وأخرج ابن أبي الدنيا والديلمي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " كل عين باكية يوم القيامة إلا عينا غضت عن محارم الله وعينا سهرت في
سبيل الله وعينا خرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله "
- قوله تعالى : وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا
ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن
أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني
أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت
(6/178)
أيمانهن
أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء
ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون
لعلكم تفلحون
أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال : بلغنا - والله أعلم - ان جابر بن عبد الله
الانصاري حدث : ان أسماء بنت مرشد كانت في نخل لها في بني حارثة فجعل النساء يدخلن
عليها غير مؤتزرات فيبدو ما في أرجلهن يعني الخلاخل ويبدو صدورهن وذوائبهن فقالت
أسماء : ما أقبح هذا
! فأنزل الله في ذلك وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن
الآية
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن مسعود في
قوله ولا يبدين زينتهن قال : الزينة
السوار والدملج والخلخال والقرط والقلادة إلا ما ظهر منها قال : الثياب والجلبات
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : الزينة
زينتان
زينة ظاهرة وزينة باطنة لا يراها إلا الزوج فاما الزينة الظاهرة : فالثياب
وأما الزينة الباطنة : فالكحل والسوار والخاتم ولفظ ابن جرير فالظاهرة منها :
الثياب
وما يخفي : فالخلخالان والقرطان والسوارن
وأخرج أحمد والنسائي والحاكم والبيهقي في سننه عن أبي موسى قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " أيما امرأة استعطرت فخرجت فمرت على قوم فيجدوا ريحها
فهي زانية "
وأخرج ابن المنذر عن أنس في قوله ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال : الكحل
والخاتم
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي عن ابن عباس رضي
الله عنهما ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال : الكحل والخاتم والقرط والقلادة
(6/179)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن عباس في قوله إلا ما ظهر منها قال : هو خضاب الكف
والخاتم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله إلا ما ظهر منها
قال : وجهها وكفاها والخاتم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله إلا ما ظهر
منها قال : رقعة الوجه وباطن الكف
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في سننه عن عائشة رضي الله
عنها انها سئلت عن الزينة الظاهرة فقالت : القلب والفتخ وضمت طرف كمها
وأخرج ابن أبي شيبة عن عكرمة في قوله إلا ما ظهر منها قال : الوجه وثغره النحر
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير في قوله إلا ما ظهر منها قال : الوجه والكف
وأخرج ابن جرير عن عطاء في قوله إلا ما ظهر منها قال الكفان والوجه
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها قال :
المسكتان والخاتم والكحل قال قتادة : وبلغني ان النبي صلى الله عليه و سلم قال
" لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تخرج يدها إلا إلى ههنا ويقبض
نصف الذراع "
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن المسور بن مخرمة في قوله إلا ما ظهر منها قال :
القلبين يعني السوار والخاتم والكحل
وأخرج سنيد وابن جرير عن ابن جريج قال : قال ابن عباس في قوله ولا يبدين زينتهن
إلا ما ظهر منها قال : الخاتم والمسكة قال ابن جريج
وقالت عائشة رضي الله عنها : القلب والفتخة
قالت عائشة : دخلت على ابنة أخي لامي عبد الله بن الطفيل مزينة فدخلت على النبي
صلى الله عليه و سلم وأعرض فقالت عائشة رضي الله عنها : انها ابنة أخي وجارية فقال
" اذا عركت المرأة لم يحل لها ان تظهر إلا وجهها
(6/180)
والا
ما دون هذا وقبض على ذراع نفسه فترك بين قبضته وبين الكف مثل قبضة أخرى "
وأخرج أبو داود والترمذي وصححه والنسائي والبيهقي في سننه عن أم سلمة إنها كانت
عند النبي صلى الله عليه و سلم وميمونة فقالت : بينا نحن عنده أقبل ابن أبي مكتوم
فدخل عليه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " احتجبا عنه فقالت : يا رسول
الله أليس هو أعمى لا يبصرنا ؟ فقال أفعمياوان أنتما ألستما تبصرانه ؟ ! "
وأخرج أبو داود وابن مردويه والبيهقي عن عائشة : ان أسماء بنت أبي بكر دخلت على
النبي صلى الله عليه و سلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها وقال " يا أسماء ان
المرأة إذا بلغت المحيض لم يصلح ان يرى منها إلا هذا وأشار إلى وجهه وكفه "
وأخرج أبو داود في مراسيله عن قتادة ان النبي صلى الله عليه و سلم قال " ان
الجارية اذا حاضت لم يصلح أن يرى منها إلا وجهها ويداها إلى المفصل " والله
أعلم
وأخرج أبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه
والبيهقي في سننه عن عائشة قالت : رحم الله نساء المهاجرات الاول
لما أنزل الله وليضربن بخمرهن على جيوبهن أخذ النساء أزرهن فشققنها من قبل الحواشي
فاختمرن بها
وأخرج ابن جرير وابن مردويه والحاكم وصححه عن عائشة قالت : لما نزلت هذه الآية وليضربن
بخمرهن على جيوبهن شققن أكتف مروطهن فاختمرن به
وأخرج الحاكم وصححه عن أم سلمة ان النبي صلى الله عليه و سلم دخل عليها وهي تختمر
فقال : لية لا ليتين
وأخرج أبو داود وابن أبي حاتم وابن مردويه عن صفية بنت شيبة قالت : بينا نحن عند
عائشة فذكرن نساء قريش وفضلهن فقالت عائشة : ان نساء قريش لفضلي واني والله ما
رأيت أفضل من نساء الانصار أشد تصديقا لكتاب الله ولا إيمانا بالتنزيل لقد أنزلت
سورة النور وليضربن بخمرهن على جيوبهن انقلب رجالهن اليهن يتلون عليهن ما أنزل
اليهن فيها ويتلو الرجل على امرأته وبنته
(6/181)
وأخته
وعلى ذي قرابته فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها فاعتجرت به تصديقا وإيمانا بما
أنزل الله في كتابه فاصبحن وراء رسول الله صلى الله عليه و سلم للصبح متعجرات كأن
على رؤوسهن الغربان
وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه عن عائشة : ان امرأة دخلت عليها وعليها خمار رقيق
يشف جبينها فأخذته عائشة فشقته ثم قالت : ألا تعلمين ما أنزل الله في سورة النور
فدعت لها بخمار فكستها اياه
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير وليضربن وليشددن بخمرهن على جيبوبهن يعني
النحر والصدر فلا يرى منه شيء
وأخرج أبو داود في الناسخ عن ابن عباس قال : في سورة النور ولا يبدين زينتهن إلا
ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن وقال يدنين عليهن من جلابيبهن ثم استثنى
فقال والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح ان يضعن ثيابهن
والمتبرجات اللاتي يخرجن غير نحورهن
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله
ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها والزينة الظاهرة
الوجه وكحل العينين وخضاب الكف والخاتم فهذا تظهره في بيتها لمن دخل عليها ثم قال
: ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن
والزينة التي تبديها لهؤلاء قرطاها وقلادتها وسوارها فأما خلخالها ومعضدها ونحرها
وشعرها فانها لا تبديه إلا لزوجها
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ولا يبدين زينتهن يعني ولا يضعن الجلباب وهو
القناع من فوق الخمار إلا لبعولتهن أو آبائهن
قال : فهو محرم
وكذلك العم والخال أو نسائهن يعني نساء المؤمنات أو ما ملكت ايمانهن يعني عبد
المرأة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن الشعبي وعكرمة في هذه الآية ولا يبدين زينتهن
إلا لبعولتهن حتى فرغ منها قال : لم يذكر العم والخال لأنهما ينعتان لابنائهما فلا
تضع خمارها عند العم والخال
(6/182)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أو نسائهن قال :
من المسلمات لا تبديه ليهودية ولا لنصرانية وهو النحر والقرط والوشاح وما حوله
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي في سننه عن مجاهد قال : لا تضع المسلمة
خمارها أي لا تكون قابلة عند مشركة ولا تقبلها لأن الله تعالى يقول أو نسائهن فلسن
من نسائهن
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في سننه وابن المنذر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
أنه كتب إلى أبي عبيده أما بعد
فانه بلغني أن نساء المسلمين يدخلن الحمامات مع نساء أهل الشرك فانه لا يحل لامرأة
تؤمن بالله واليوم الآخر أن ينظر إلى عورتها إلا أهل ملتها
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله أو ما ملكت أيمانهن يعني عبد المرأة
لا يحل لها أن تضع جلبابها عند عبد زوجها
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس قال : لا بأس أن يرى العبد شعر سيدته
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : تضع المرأة الجلباب عند المملوك
وأخرج أبو داود وابن مردويه والبيهقي عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم أتى
فاطمة بعبد قد وهبه لها وعلى فاطمة ثوب اذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها واذا غطت
به رجليها لم يبلغ رأسها فلما رأى النبي صلى الله عليه و سلم ما تلقى قال : "
انه ليس عليك بأس إنما هو أبوك وغلامك "
وأخرج عبد الرزاق وأحمد عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
اذا كان لأحداكن مكاتب وكان له ما يؤدي فلتحتجب منه "
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد رضي الله عنه قال : كان العبيد يدخلون على أزواج النبي
صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله أو ما ملكت أيمانهن قال : في
(6/183)
القراءة
الأولى
الذين لم يبلغوا الحلم مما ملكت أيمانكم
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن طاوس ومجاهد قال : لا ينظر المملوك لشعر سيدته
قالا : وفي بعض القراءة أو ما ملكت أيمانكم الذين لم يبلغوا الحلم
وأخرج عبد الرزاق عن عطاء أنه سئل : هل يرى غلام المرأة رأسها وقدمها ؟ قال : ما
أحب ذلك إلا أن يكون غلاما يسرا فأما رجل ذو لحية فلا
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال : لا تغرنكم هذه الاية أو ما ملكت
أيمانهن انما عني بها الاماء ولم يعن بها العبيد
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال : تستتر المرأة من غلامها
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن بن حميد وابن جريرعن ابن عباس في قوله أو
التابعين غير أولي الأربة من الرجال قال : هو الذي لا يستحي منه النساء
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله
أو التابعين غير أولي الأربة قال : هذا الرجل يتبع القوم وهو مغفل في عقله لا
يكترث للنساء ولا يشتهي النساء
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله أو التابعين غير أولي الأربة من
الرجال قال كان الرجل يتبع الرجل في الزمان الأول لا يغار عليه ولا ترهب المرأة أن
تضع خمارها عنده وهو الأحمق الذي لا حاجة له في النساء
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن طاوس غير أولي الاربة قال : هو الأحمق
الذي ليس له في النساء أرب ولا حاجة
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير والمنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد غير
أولي الاربة قال : هو الأبله الذي لا يعرف أمر النساء
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس غير أولي
الأربة قال : هو المخنث الذي لا يقوم زبه
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير غير أولي الاربة من الرجال قال : هو الشيخ
الكبير الذي لا يطيق النساء
(6/184)
وأخرج
عبد بن الحميد غير أولي الأربة هو العنين
وعبد بن حميد ابن المنذر عن الكلبي غير أولي الأربة قال : هو الخصي والعنين
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن عكرمة قال هو الذي لا يقوم زبه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن سعيد بن جبير قال : هو المعتوه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن الشعبي قال : هو الذي لم يبلغ أربه ان يطلع على
عورات النساء
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم
وابن مردويه والبيهقي عن عائشة قالت : كان رجل يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه
و سلم مخنث فكانوا يعدونه من غير أولي الأربة فدخل النبي صلى الله عليه و سلم يوما
وهو عند بعض نسائه وهو ينعت امرأة قال : اذا أقبلت أقبلت باربع واذا أدبرت أدبرت
بثمان فقال النبي صلى الله عليه و سلم " لا أرى هذا يعرف ما ههنا لا يدخلن
عليكم فحجبوه "
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : كان يدخل على أزواج النبي صلى الله عليه و سلم
هيت وانما كن يعددنه من غير أولي الأربة من الرجال فدخل رسول الله صلى الله عليه و
سلم ذات يوم وهو ينعت امرأة يقول : انها اذا أقبلت أقبلت باربع واذا أدبرت أدبرت
بثمان فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا أسمع هذا يعلم ما ههنا لا يدخلن
عليكم فأخرجه فكان بالبيداء يدخل كل جمعة يستطعم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في
سننه عن مجاهد في قوله أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء قال : هم الذين
لا يدرون ما النساء من الصغر قبل الحلم
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات
النساء قال : الغلام الذي لم يحتلم
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة مثله
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال : كل شيء من
المرأة عورة حتى ظفرها
والله أعلم
(6/185)
وأخرج
أبن جرير عن حضرمي : ان امرأة اتخذت معرنين من فضة واتخذت جزعا فمرت على القوم فضربت
برجلها فوقع الخلخال على الجزع فصوت فانزل الله ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين
من زينتهن
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ولا يضربن بأرجلهن
وهو أن تقرع الخلخال بالاخر عند الرجال أو تكون على رجليها خلاخل فتحركهن عند
الرجال
فنهى الله عن ذلك لأنه من عمل الشيطان
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ولا يضربن بأرجلهن قال : كانت المرأة تضرب برجلها
ليسمع قعقعة الخلخال فيها فنهى عن ذلك
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد ولا يضربن بأرجلهم ليعلم ما يخفين من زينتهن قال :
الخلخال
نهى ان تضرب برجلها ليسمع صوت الخلخال
وأخرج عبد بن حميد عن معاوية بن قرة قال : كن نساء الجاهلية يلبسن الخلاخيل الصم
فانزل الله هذه الآية ولا يضربن بأرجلهم ليعلم ما يخفين من زينتهن
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك قال : كانت
المرأة تمر على المجلس في رجلها الخرز فاذا جاوزت المجلس ضربت برجلها فنزلت ولا
يضربن بأرجلهن
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : ان المرأة كانت يكون في رجلها الخلخال
فيه الجلاجل فاذا دخل عليها غريب تحرك رجلها عمدا ليسمع صوت الخلخال فقال : ولا
يضربن يعني لا يحركن أرجلهن ليعلم ما يخفين يعني ليعلم الغريب اذا عليها ما تخفي
من زينتها
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود ليعلم ما يخفين من زينتهن قال : الخلخال
وأخرج الترمذي عن ميمونة بنت سعد : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
الرافلة في الزينة في غير أهلها كمثل ظلمة يوم القيامة لا نور لها "
(6/186)
وأخرج
أحمد والبخاري في الأدب ومسلم وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن الاغر قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " ياأيها الناس توبوا إلى الله
جميعا فاني أتوب اليه كل يوم مائة مرة "
وأخرج أحمد عن حذيفة قال : كان في لساني ذوب إلى أهلي فلم أعده إلى غيره فذكرت ذلك
للنبي صلى الله عليه و سلم فقال : " أين أنت من الاستغفار يا حذيفة ؟ اني
لاستغفر الله في كل يوم مائة مرة وأتوب إليه "
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الايمان عن أبي رافع ان رسول الله صلى الله
عليه و سلم سئل : كم للمؤمنين من ستر ؟ قال : هي أكثر من أن يحصى ولكن المؤمن اذا
عمل خطيئة هتك منها سترا فاذا تاب رجع اليه ذلك الستر وتسعة معه واذا لم يتب هتك
عنه منها ستر واحد حتى اذا لم يبق عليه منها شيء قال الله تعالى لمن يشاء من
ملائكته : " ان بني آدم يعيرون ولا يغفرون فحفوه باجنحتكم فيفعلون به ذلك فان
تاب رجعت اليه الاستار كلها واذا لم يتب عجبت منه الملائكة فيقول الله لهم
اسلموه
فيسلموه حتى لا يستر منه عورة "
وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن مغفل سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" الندم توبة "
وأخرج الحكيم الترمذي عن ابن مسعود قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول :
" الندم توبة "
وأخرج الحكيم الترمذي عن أنس قال : " سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول :
" الندم توبة "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن أبن عباس انه سئل : عن الرجل يزني بالمرأة ثم
يتزوجها فقال : أوله سفاح وآخره نكاح وتوبتهما الي جميعا أحب من توبتهما الي
متفرقين ان الله يقول توبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنين
- قوله تعالى : وأنكحوا الأيامى منك والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء
يغنهم الله من فضله والله واسع عليم
أخرج عبد بن حميد عن قتادة وانكحوا الايامى منكم قال : قد أمركم الله - كما تسمعون
- ان تنكحوهن فانه أغض لابصارهم واحفظ لفروجهم
(6/187)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن انه قال : وانكحوا الصالحين من عبيدكم وامائكم
وأخرج ابن مردويه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال انكحوا الصالحين
والصالحات فما تبعهم بعد ذلك فهو حسن
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس وانكحوا الايامى منكم الآية
قال : أمر الله سبحانه بالنكاح ورغبهم فيه وأمرهم ان يتزوجوا أحرارهم وعبيدهم
ووعدهم في ذلك الغنى فقال ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر الصديق قال : أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح
ينجز لكم ما وعدكم من الغنى قال تعالى ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد عن قتادة قال : ذكر لنا ان عمر بن الخطاب
قال : ما رأيت كرجل لم يلتمس الغنى في الباءة وقد وعده الله فيها ما وعده فقال ان
يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة معا في المصنف عن عمر بن الخطاب قال : ابتغوا
الغنى في الباءة
وفي لفظ اطلبوا الفضل في الباءة وتلا أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : التمسوا الغنى في النكاح
يقول الله ان يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله
وأخرج الديلمي عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : " التمسوا
الرزق بالنكاح "
وأخرج البزار وابن مردويه والديلمي من طريق عروة عن عائشة قالت : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " انكحوا النساء فانهن يأتينكم بالمال " وأخرجه ابن
أبي شيبة وأبو داود في مراسيله عن عروة مرفوعا مرسلا
(6/188)
وأخرج
عبد الرزاق وأحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه والبيهقي
في سننه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ثلاثة حق
على الله عونهم الناكح يريد العفاف والمكاتب يريد الاداء والغازي في سبيل الله
"
وأخرج الخطيب في تاريخه عن جابر قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم يشكو
اليه الفاقة فأمره ان يتزوج
- قوله تعالى : وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله والذين
بيتغون الكتاب مما ملكت أيمانكم فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا وأتوهم من مال الله
الذي آتاكم ولا تكرهوا فتيتكم على البغاء إن أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدني
ومن يكرههن فإن الله من بعد إكراههن غفور رحيم
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله وليستعفف الذين لا
يجدون نكاحا قال : هو الرجل يرى المرأة فكأنه يشتهي فإن كانت له امرأة فليذهب
اليها فليقض حاجته منها وان لم تكن له امرأة فلينظر في ملكوت السموات والارض حتى
يغنيه الله من فضله
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي روق وليستعفف يقول : عما حرم الله عليهم حتى يرزقهم
الله
وأخرج الخطيب في تاريخه عن ابن عباس في قوله وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا الآية
قال : ليتزوج من لا يجد فان الله سيغنيه
وأخرج ابن السكن في معرفة الصحابة عن عبد الله بن صبيح عن أبيه قال : كنت مملوكا
لحويطب بن عبد العزى
فسألته الكتاب فأبى فنزلت والذين يبتغون الكتاب
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير والذين يبتغون الكتاب يعني الذين يطلبون
المكاتبة من المملوكين
(6/189)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله فكاتبوهم قال : هذا تعليم ورخصة وليست بعزيمة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عامر الشعبي فكاتبوهم قال : ان شاء كاتب وان شاء
لم يكاتب
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن أنس بن مالك قال : سألني سيرين
المكاتبة فأبيت عليه فأتى عمر بن الخطاب فأقبل علي بالدرة وقال : كاتبه وتلا
فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا فكاتبته
وأخرج أبو داود في المراسيل والبيهقي في سننه عن يحيى بن أبي كثير قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا قال : " ان علمتم فيهم
حرفة ولا ترسلوهم كلا على الناس "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس
في قوله ان علمتم فيهم خيرا قال : المال
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن مجاهد مثله
وأخرج البيهقي عن ابن عباس في قوله ان علمتم فيهم خيرا قال : أمانة ووفاء
وأخرج البيهقي عن ابن عباس في قوله فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا ان علمت ان مكاتبك
يقضيك
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي عن ابن جريج قال : قلت لعطاء
ما قوله فكاتبوهم ان علمتم فيهم خيرا الخير المال أم الصلاح أم كل ذلك ؟ قال ما
أراه إلا المال كقوله كتب عليكم اذا حضر أحدكم الموت ان ترك خيرا ؟ الخير
المال
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبيدة السلماني ان
علمتم فيهم خيرا قال : ان علمتم عندهم أمانة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة وابراهيم وأبي صالح
مثله
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر والبيهقي عن نافع قال : كان ابن عمر يكره ان
(6/190)
يكاتب
عبده اذا لم يكن له حرفة ويقول : يطعمني من أوساخ الناس
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن مجاهد وطاوس
في قوله ان علمتم فيهم خيرا قال : مالا وأمانة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الحسن مثله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس في قوله ان علمتم
فيهم خيرا قال : ان علمتم لهم حيلة ولا تلقوا مؤنتهم على المسلمين وآتوهم من مال
الله الذي آتاكم يعني ضعوا عنهم من مكاتبتهم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والروياني في مسنده
والضياء المقدسي في المختارة عن بريدة وآتوهم من مال الله قال : حث الناس عليه أن
يعطوه
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وآتوهم من مال الله قال : حث الناس عليه مولى وغيره
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي عن مجاهد قال : يترك للمكاتب
طائفة من كتابته
وعبد بن الحميد ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : قال ابن عباس وآتوهم من مال
الله أمر الله المؤمنين ان يعينوا في الرقاب قال علي بن أبي طالب : أمر الله السيد
أن يدع للمكاتب الربع من ثمنه وهذا تعليم من الله ليس بفريضة ولكن فيه أجر
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي
من طريق أبي عبد الرحمن السلمي ان علي بن أبي طالب قال في قوله ان علمتم فيهم خيرا
قال : مالا
وآتوهم من مال الله الذي آتاكم قال : يترك للمكاتب الربع
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والديلمي وابن المنذر والبيهقي وابن
مردويه من طرق عن عبد الله بن حبيب عن علي عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله
وآتوهم من مال الله الذي آتاكم قال : يترك للمكاتب الربع
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة قال : يترك له العشر من كتابته
(6/191)
وأخرج
عبد الرزاق وابن أبي حاتم والبيهقي عن عمر أنه كاتب عبدا له يكنى أبا أمية فجاء
بنجمه حين حل قال : يا أبا أمية اذهب فاستعن به في مكاتبتك قال : يا أمير المؤمنين
لو تركت حتى يكون من آخر نجم قال : أخاف ان لا أدرك ذلك ثم قرأ وآتوهم من مال الله
الذي آتاكم
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : كان ابن عمر اذا
كان له مكاتب لم يضع عنه شيئا من أول نجومه مخافة أن يعجز فترجع اليه صدقته ولكنه
اذا كان في آخر مكاتبته وضع عنه ما أحب
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم وآتوهم من مال الله قال : ذلك على الولاة
يعطوهم من الزكاة يقول الله وفي الرقاب التوبة الآية 60
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وسعيد بن منصور والبزار والدار قطني وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق أبي سفيان عن جابر بن عبد الله قال :
كان عبد الله بن أبي يقول لجارية له : اذهبي فابغينا شيئا وكانت كارهة فانزل الله
ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء ان أردن تحصنا لتبتغوا عرض الحياة الدنيا ومن
يكرههن فان الله من بعد أكراههن غفور رحيم هكذا كان يقرأها
وأخرج مسلم من هذا الطريق عن جابر : ان جارية لعبد الله بن أبي يقال لها مسيكة
وأخرى يقال لها أميمة
فكان يريدهما على الزنا فشكيا ذلك إلى النبي صلى الله عليه و سلم فانزل الله ولا
تكرهوا فتياتكم
وأخرج النسائي والحاكم وصححه وابن جرير وابن مردويه من طريق أبي الزبير عن جابر
قال : كانت مسيكة لبعض الأنصار فجاءت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالت : ان
سيدي يكرهني على البغاء فنزلت ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء
وأخرج البزار وابن مردويه عن أنس قال : كانت جارية لعبد الله بن أبي يقال لها
معاذة
يكرهها على الزنا فلما جاء الإسلام نزلت ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة
مثله
وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب في قوله ولا تكرهوا فتياتكم على
(6/192)
البغاء
قال : كان أهل الجاهلية يبغين اماؤهم فنهوا عن ذلك في الإسلام
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : كانوا في الجاهلية يكرهون اماءهم على الزنا
يأخذون أجورهم فنزلت الآية
وأخرج الطيالسي والبزار وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند صحيح عن ابن
عباس ان جارية لعبد الله بن أبي كانت تزني في الجاهليه فولدت له أولاد من الزنا
فلما حرم الله الزنا قال لها : ما لك لا تزنين ؟ قالت : لا والله لا أزني أبدا
فضربها فأنزل الله ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء
وأخرج سعيد بن منصور والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة ان عبد الله بن
أبي كانت له أمتان
مسيكة ومعاذة وكان يكرههما على الزنا فقالت احداهما : ان كان خيرا فقد استكثرت منه
وان كان غير ذلك فانه ينبغي ان أدعه
فانزل الله ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن أبي مالك في قوله ولا تكرهوا فتياتكم على
البغاء قال : نزلت في عبد الله بن أبي وكانت له جارية تكسب عليه فأسلمت وحسن
إسلامها فارادها ان تفعل كما كانت تفعل فأبت عليه
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : كان لعبد الله بن أبي جارية تدعى معاذة فكان
اذا نزل به ضيف أرسلها اليه ليواقعها ارادة الثواب منه والكرامة له فاقبلت الجارية
إلى أبي بكر فشكت ذلك اليه فذكره أبو بكر للنبي صلى الله عليه و سلم فأمره بقبضها
فصاح عبد الله بن أبي : من يعذرنا من محمد يغلبنا على مماليكنا ؟ فنزلت الآية
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الزهري ان رجلا من قريش
أسر يوم بدر وكان عند عبد الله بن أبي أسيرا وكانت لعبد الله بن أبي جارية يقال
لها معاذة وكان القرشي الأسير يريدها على نفسها وكانت مسلمة فكانت تمتنع منه
لإسلامها وكان عبد الله بن أبي يكرهها على ذلك ويضربها رجاء أن تحمل للقرشي فيطلب
فداء ولد فانزل الله ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء
وأخرج الخطيب في رواة مالك من طريق مالك عن ابن شهاب ان عمر بن ثابت أخا بني الحرث
بن الخزرج حدثه : ان هذه الآية في سورة النور ولا تكرهوا
(6/193)
فتياتكم
على البغاء نزلت في معاذة جارية عبد الله بن أبي بن سلول وذلك أن عباس بن عبد
المطلب كان عندهم أسيرا فكان عبد الله بن أبي يضربها على أن تمكن عباسا من نفسها
رجاء ان تحمل منه فيأخذ ولده فداء فكانت تأبى عليه وقال : ذلك الغرض الذي كان ابن
أبي يبتغي
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كانوا يأمرون
ولائدهم ان يباغوا فكن يفعلن ذلك ويصبن فيأتين بكسبهن قال : وكان لعبد الله بن أبي
جارية فكانت تباغي وكرهت ذلك وحلفت ان لا بفعله فأكرهها فانزل الله الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان قال : بلغنا - والله أعلم - أن هذه الآية
نزلت في رجلين كانا يكرهان أمتين لهما إحداهما اسمها مسيكة وكانت للأنصاري والأخرى
أميمة أم مسيكة لعبد الله بن أبي وكانت معاذة وأروى بتلك المنزلة فاتت مسيكة وامها
النبي صلى الله عليه و سلم فذكرتا ذلك له فانزل الله في ذلك ولا تكرهوا فتياتكم
على البغاء يعني الزنا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس ولا تكرهوا
فتياتكم على البغاء قال : لا تكرهوا اماءكم على الزنا فان فعلتم فان الله لهن غفور
رحيم واثمهن على من يكرههن
وأخرجابن أبي شيبة عن رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " كسب
الحجام خبيث ومهر البغي خبيث "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جحيفة قال : نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن مهر
البغي
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : في قراءة ابن مسعود فان
الله من بعد اكراههن لهن غفور رحيم قال : للمكرهات على الزنا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ان أردن تحصنا أي عفة
واسلاما
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير لتبتغوا عرض الحياة الدنيا يعني كسبهن وألادهن
من الزنا
(6/194)
وأخرج
ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد فان الله من بعد
اكراههن غفور رحيم قال : للمكرهات على الزنا
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة فان الله من بعد اكراههن غفور رحيم قال : لهن وليست
لهم
- قوله تعالى : ولقد أنزلنا إليكم آيات مبينات ومثلا من الذين خلوا من قبلكم
وموعظة للمتقين
أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل ولقد أنزلنا اليكم آيات مبينات يعني ما فرض عليهم في
هذه السورة
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير انه كان يقرأ فان الله من بعد اكراههن غفور رحيم
- قوله تعالى : الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في
زجاجه الزجاجه كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد
زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله
الأمثال للناس والله بكل شيء عليم
أخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه والبيهقي في الاسماء والصفات عن ابن عباس
قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم اذا تهجد في الليل يدعو " اللهم لك
الحمد أنت رب السموات والارض ومن فيهن ولك الحمد أنت نور السموات والارض ومن فيهن
ولك الحمد أنت قيام السموات والارض ومن فيهن أنت الحق وقولك حق ووعدك حق ولقاؤك حق
والجنة حق والنار حق والساعة حق الله لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت واليك أنبت
وبك خاصمت واليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت أنت الهي لا
إله إلا أنت "
(6/195)
وأخرج
أبو داود والنسائي والبيهقي عن زيد بن أرقم قال سمعت النبي صلى الله عليه و سلم
يقول في دبر صلاة الغداة وفي دبر الصلاة " اللهم ربنا ورب كل شيء أنا شهيد
بأنك انت الرب وحدك لا شريك لك اللهم ربنا ورب كل شيء انا شهيد ان محمدا عبدك
ورسولك اللهم ربنا ورب كل شيء انا شهيد ان العباد كلهم اخوة اللهم ربنا ورب كل شيء
اجعلني مخلصا لك وأهلي في كل ساعة في الدنيا والآخرة ذا الجلال والأكرام اسمع
واستجب الله أكبر الله أكبر الله نور السموات والأرض الله أكبر الله أكبر حسبي
الله ونعم الوكيل الله أكبر الله أكبر "
وأخرج الطبراني عن سعيد بن جبير قال : كان ابن عباس يقول : اللهم اني أسألك بنور
وجهك الذي أشرقت له السموات والأرض ان تجعلني في حرزك وحفظك وجوارك وتحت كنفك
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله الله نور السموات والأرض يدبر الأمر فيهما
نجومهما وشمسهما وقمرهما
وأخرج الفريابي عن ابن عباس في قوله الله نور السموات والأرض مثل نوره الذي أعطاه
المؤمن كمشكاة مثل الكوة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد
من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية في سفح جبل لا تصيبها الشمس اذا طلعت
ولا اذا غربت يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور فذلك مثل قلب المؤمن
نور على نور والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة قال : أعمال الكفار اذا جاؤا رأوها
مثل السراب اذا أتاه الرجل قد احتاج إلى الماء فأتاه فلم يجد شيئا
فذلك مثل عمل الكافر يرى أن له ثوابا وليس له ثواب أو كظلمات في بحر لجي إلى قوله
لم يكد يراها فذلك مثل قلب الكافر ظلمة فوق ظلمة
وأخرج عبد بن حميد وابن الانباري في المصاحف عن الشعبي قال : في قراءة أبي بن كعب
مثل نور المؤمن كمشكاة
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس في قوله الله نور السموات والأرض
يقول : مثل نور من آمن بالله كمشكاة قال : وهي النقرة يعني الكوة
(6/196)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس مثل نوره قال : هي خطأ من الكاتب
هو أعظم من أن يكون نوره مثل نور المشكاة قال : مثل نور المؤمن كمشكاة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الاسماء والصفات من طريق
علي عن ابن عباس الله نور السموات والأرض قال : " هادي أهل السموات والأرض
" مثل نوره مثل هداه في قلب المؤمن كمشكاة يقول : موضع الفتيلة يقول : كما
يكاد الزيت الصافي يضيء قبل أن تمسه النار اذا مسته النار ازداد ضوأ على ضوئه كذلك
يكون قلب المؤمن يعمل بالهدى قبل أن يأتيه العلم فاذا أتاه العلم ازداد هدى على
هدى ونورا على نور
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن أبي العالية قال : هي في قراءة أبي بن كعب مثل نور
من آمن به
أو قال مثل من آمن به
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم وصححه
عن أبي بن كعب الله نور السموات والأرض مثل نوره قال : هو المؤمن الذي جعل الايمان
والقرآن في صدره فضرب الله مثله فقال الله نور السموات والأرض فبدأ بنور نفسه ثم
ذكر نور المؤمن فقال : مثل نور من آمن به فكان أبي بن كعب يقرؤها : مثل نور من آمن
به فهو المؤمن جعل الايمان والقرآن في صدره كمشكاة قال : فصدر المؤمن المشكاة فيها
مصباح والمصباح : النور وهو القرآن والايمان الذي جعل في صدره في زجاجة والزجاجة :
قلبه
كأنها كوكب دري فقلبه مما استنار فيه القرآن والايمان كأنه كوكب دري يقول : كوكب
مضيء
توقد من شجرة مباركة والشجرة المباركة : أصل المبارك الاخلاص لله وحده
وعبادته لا شريك له
زيتونة لا شرقية ولا غربية قال : فمثله كمثل شجرة التف بها الشجرن فهي خضراء ناعمة
لا تصيبها الشمس على أي حالة كانت لا اذا طلعت ولا اذا غربت فكذلك هذا المؤمن قد
أجير من أن يصله شيء من الفتن وقد ابتلي بها فثبته الله فيها فهو بين اربع خلال
ان قال صدق وان حكم عدل وان اعطي شكر وان ابتلي صبر
فهو في سائر الناس كالرجل الحي يمشي بين قبور الأموات نور على نور فهو يتقلب في
خمسة من
(6/197)
النور
فكلامه نور ومدخله نور ومخرجه نور ومصيره إلى نور يوم القيامة إلى الجنة
ثم ضرب مثل الكافر فقال : والذين كفروا أعمالهم كسراب
قال : وكذلك الكافر يجيء يوم القيامة وهو يحسب أن له عند الله خيرا فلا يجده
ويدخله الله النار قال : وضرب مثلا آخر للكافر فقال أو كظلمات في بحر لجي فهو
يتقلب في خمس من الظلم
فكلامه ظلمة وعمله ظلمة ومخرجه ظلمة ومدخله ظلمة ومصيره يوم القيامة إلى الظلمات
إلى النار
فكذلك ميت الاحياء يمشي في الناس لا يدري ماذا له وماذا عليه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ان
اليهود قالوا لمحمد : كيف يخلص نور الله من دون السماء ؟ فضرب الله مثل ذلك لنوره
فقال الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة والمشكاة : كوة البيت
فيها مصباح وهو السراج يكون في الزجاجة
وهو مثل ضربه الله لطاعته فسمى طاعته نورا ثم سماها انواعا شتى لا شرقية ولا غربية
قال : هي وسط الشجرة لا تنالها الشمس اذا طلعت ولا اذا غربت وذلك لوجود الزيت يكاد
زيتها يضيء يقول : بغير نار نور على نور يعني بذلك ايمان العبد وعمله يهدي الله
لنوره من يشاء هو مثل المؤمن
وأخرج الطبراني وابن عدي وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنه في قوله
كمشكاة فيها مصباح قال : المشكاة : جوف محمد صلى الله عليه و سلم
والزجاجة : قلبه
والمصباح : النور الذي في قلبه
توقد من شجرة مباركة الشجرة : إبراهيم
زيتونة لا شرقية ولا غربية لا يهودية ولا نصرانية ثم قرأ ما كان إبراهيم يهوديا
ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين آل عمران الآية 67
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن شمر بن
عطية قال : جاء ابن عباس رضي الله عنهما إلى كعب الأحبار فقال : حدثني عن قول الله
الله نور السموات والأرض مثل نوره قال : مثل نور محمد صلى الله عليه و سلم كمشكاة
قال : المشكاة الكوة
ضربها مثلا لفمه فيها مصباح والمصباح : قلبه
في زجاجة والزجاجة صدره
كأنها كوكب دري شبه صدر محمد صلى الله عليه و سلم بالكوكب الدري ثم رجع إلى
المصباح إلى قلبه فقال : توقد من شجرة مباركة
(6/198)
زيتونة
يكاد زيتها يضيء قال : يكاد محمد صلى الله عليه و سلم يبين للناس ولو لم يتكلم انه
نبي كما يكاد ذلك الزيت انه يضيء ولو لم تمسسه نار
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما الله نور السموات والأرض قال : الله
هادي أهل السموات والأرض مثل نوره يا محمد في قلبك كمثل هذا المصباح في هذه
المشكاة فكما هذا المصباح في هذه المشكاة كذلك فؤادك في قلبك
وشبه قلب رسول الله صلى الله عليه و سلم بالكوكب الدري الذي لا يخبو توقد من شجرة
مباركة زيتونة تأخذ دينك عن إبراهيم عليه السلام
وهي الزيتونة لاشرقية ولا غربية ليس بنصراني فيصلي نحو المشرق ولا يهودي فيصلي نحو
المغرب يكاد زيتها يضيء فيقول : يكاد محمد ينطق بالحكمة قبل أن يوحى اليه بالنور
الذي جعل الله في قلبه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير مثل نوره قال : محمد صلى الله عليه
و سلم يكاد زيتها يضيء قال : يكاد من رأى محمد صلى الله عليه و سلم يعلم انه رسول
الله وان لم يتكلم
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمه رضي الله عنه الله نور السموات والأرض مثل نوره قال
مثل نور المؤمن
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه مثل نوره قال : مثل هذا القرآن
في القلب كمشكاة قال : ككوة
وأخرج ابن جرير عن أنس رضي الله عنه قال : ان الهي يقول " ان نوري هداي
"
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله كمشكاة قال :
هي موضع الفتيلة من القنديل
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما كمشكاة قال : ككوة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عمر رضي الله عنه قال كمشكاة الكوة
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : المشكاة بلسان الحبشة
الكوة
(6/199)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : المشكاة الكوة
بلغة الحبشة
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن عياض كمشكاة قال : ككوة بلسان الحبشة
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير كمشكاة قال : الكوة التي ليست بنافذة
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك
مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك قال المشكاة الكوة التي ليس لها منفذ والمصباح
السراج
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه مثل نوره قال :
مثل نور الله في قلب المؤمن كمشكاة قال : الكوة كأنها كوكب دري قال : منير يضيء
زيتونة لا شرقية ولا غربية قال : لا يفي عليها ظل شرقي ولا غربي كنا نتحدث انها
صاحبة الشمس
وهو أصفى الزيت وأطيبه وأعذبه هذا مثل ضربه الله للقرآن أي قد جاءكم من الله نور
وهدى متظاهر أن المؤمن يسمع كتاب الله
فوعاه وحفظه وانتفع بما فيه وعمل به فهذا مثل المؤمن
وأخرج عبد بن الحميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه كمشكاة قال : الصفر الذي في
جوف القنديل فيها مصباح قال : السراج في زجاجة قال : القنديل لا شرقية ولا غربية
قال : هي الشمس من حين تطلع إلى أن تغرب ليس لها ظل وذلك أضوأ لزيتها وأحسن لهن
وأنور له نور على نور قال : النار على الزيت جاورته
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك كأنها كوكب دري قال : يعني الزهرة
ضرب الله مثل المؤمن مثل ذلك النور يقول : قلبه نور وجوفه نور ويمشي في نور
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه كوكب دري قال : ضخم
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله
(6/200)
زيتونة
لا شرقية ولا غربية قال : قلب إبراهيم لا يهودي ولا نصراني
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله لا شرقية ولا
غربية قال : شجرة لا يظلمها كهف ولا جبل ولا يواريها شيء وهو أجود لزيتها
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة والضحاك رضي الله عنه ومحمد بن سيرين
مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله لا شرقية ولا غربية قال :
ليست شرقية ليس فيها غرب ولا غربية ليس فيها شرق ولكنها شرقية غربية
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي
الله عنه في قوله لا شرقية ولا غربية قال : هي في وسط الشجر لا تصيبها الشمس في
شرق ولا غرب وهي من وجوه الشجر
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك ومحمد بن كعب
مثله
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن
رضي الله عنه قال : لو كانت هذه الشجرة في الأرض لكانت شرقية أو غربية
ولكنه مثل ضربه الله لنوره
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما توقد من شجرة
مباركة قال : رجل صالح لا شرقية ولا غربية قال : لا يهودي ولا نصراني
وأخرج عبد بن حميد في مسنده والترمذي وابن ماجه عن عمر رضي الله عنه ان رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : " ائتدموا بالزيت وادهنوا به فانه يخرج من شجرة
مباركة "
وأخرج البيهقي في الشعب عن عائشة رضي الله عنها انها ذكر عندها الزيت فقالت : كان
رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمر ان يؤكل ويدهن ويستعط به ويقول " انه من
شجرة مباركة "
(6/201)
وأخرج
الطبراني عن شريك بن سلمة قال : ضفت عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليلة فأطعمني
كسورا من رأس بعير بارد وأطعمنا زيتا
وقال : هذا الزيت المبارك الذي قال الله لنبيه
وأخرج عبد بن الحميد عن عكرمة يكاد زيتها يضيء يقول : من شدة النور
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال الضوء إشراق الزيت
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه نور على نور قال : نور النار ونور الزيت
حين اجتمعا أضاءا
وكذلك نور القرآن ونور الايمان
وأخرج ابن مردويه عن أبي العالية نور على نور قال : أتى نور الله تعالى على نور
محمد
- قوله تعالى : في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو
والآصال
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في بيوت أذن الله ان ترفع
قال : هي المساجد تكرم ونهى عن اللغو فيها ويذكر فيها اسمه يتلى فيها كتابه يسبح :
يصلي له فيها بالغدوة : صلاة الغداة والآصال : صلاة العصر وهما أول ما فرض الله من
الصلاة وأحب أن يذكرهما ويذكرهما عباده
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن عقبة بن عامر عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " يجمع الناس في صعيد واحد ينفذهم البصر ويسمعهم الداعي فينادي مناد :
سيعلم أهل الجمع لمن الكرم اليوم ثلاث مرات ثم يقول : أين الذين كانت تتجافى جنوبهم
عن المضاجع : ثم يقول : أين الذين كانت لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ؟ ثم
يقول : أين الحمادون الذين كانوا يحمدون ربهم ؟ "
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في بيوت أذن الله أن ترفع قال : هي المساجد
أذن الله في بنيانها ورفعها وأمر بعمارتها وبطهورها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في بيوت أذن الله أن ترفع قال : في مساجد ان
تبنى
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن الحسن في قوله اذن الله أن ترفع يقول :
(6/202)
ان
تعظم بذكره يسبح يصلي له فيها
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في بيوت أذن الله أن ترفع قال : هي بيوت النبي
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في بيوت أذن الله أن ترفع قال : إنما هي أربع مساجد
لم يبنهن إلا نبي
الكعبة بناها إبراهيم واسمعيل وبيت المقدس بناه داود وسليمان ومسجد المدينة بناه
رسول الله صلى الله عليه و سلم ومسجد قباء أسس على التقوى بناه رسول الله صلى الله
عليه و سلم
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك وبريدة قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم
هذه الآية في بيوت الله أن ترفع فقام اليه رجل فقال : أي بيوت هذه يا رسول الله ؟
قال : بيوت الأنبياء
فقام اليه أبو بكر فقال : يا رسول الله هذا البيت منها ؟ البيت علي وفاطمة قال :
نعم
من أفاضلها
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والنسائي وابن ماجه وابن مردويه عن ابن بريدة ان رسول
الله صلى الله عليه و سلم سمع رجلا يقول : من دعا إلى الجمل الأحمر في المسجد فقال
: " لا وجدته ثلاثا إنما بنيت هذه المساجد للذي بنيت له : وقال أبو سنان
الشيباني في قوله في بيوت أذن الله أن ترفع قال : تعظم
وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه عن عائشة قالت : أمر رسول الله صلى الله
عليه و سلم ببناء المساجد في الدور وان تنظف وتطيب
وأخرج أحمد عن عروة بن الزبير عمن حدثه من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم
قالوا : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يأمرنا ان نصنع المساجد في دورنا وان
نصلح صنعتها ونطهرها
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو يعلى عن ابن عمر
ان عمر كان يجمر المسجد في كل جمعة
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " التفل
في المسجد خطيئة وكفارته أن يواريه "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والطبراني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " البزاق في المسجد خطيئة ودفنه حسنة "
(6/203)
وأخرج
الطبراني في الأوسط عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
البزاق في المسجد خطيئة وكفارته دفنه "
وأخرج البزار عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " البزاق
في المسجد خطيئة وكفارته دفنه "
وأخرج البزار عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " تبعث
النخامة يوم القيامة في القبلة وهي في وجه صاحبها "
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " من بزق في
قبلة ولم يوارها جاءت يوم القيامة أحمى ما تكون حتى تقع بين عينيه "
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال " من صلى فبزق تجاه القبلة جاءت البزقة يوم
القيامة في وجهه "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال " اذا بزق في القبلة جاءت أحمى ما تكون
يوم القيامة حتى تقع بين عينيه "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : ان المسجد لينزوي من المخاط أو النخامة كما
تنزوي الجلدة من النار
وأخرج ابن أبي شيبة عن العباس بن عبد الرحمن الهاشمي قال : أول ما خلقت المساجد أن
رسول الله صلى الله عليه و سلم رأى في المسجد نخامة فحكها ثم أمر بخلوق فلطخ
مكانها قال " فخلق الناس المساجد "
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم رأى في قبلة
المسجد نخامة فقام اليها فحكها بيده ثم دعا بخلوق فقال الشعبي : هو سنة
وأخرج ابن أبي شيبة عن يعقوب بن زيد
أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يتبع غبار المسجد بجريدة
وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن أسلم قال : كان المسجد يرش ويقم على عهد رسول الله
صلى الله عليه و سلم وأبي بكر
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن رجل من الانصار قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " اذا وجد أحدكم القملة في المسجد فليصرها في ثوبه حتى يخرجها "
وأخرج ابن ماجه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " خصال
لا ينبغين في
(6/204)
المسجد
لا يتخذ طريقا ولا يشهر فيه سلاح ولا يقبض فيه بقوس ولا يتخذ سوقا
وأخرج ابن ماجه عن واثلة بن الأسقع عن رسول الله صلى الله عليه و سلم " جنبوا
مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراركم وبيعكم وخصوماتكم واقامة حدودكم وسل سيوفكم
واتخذوا على أبوابها المطاهر وبخروها في الجمع "
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه عن أبي موسى قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " اذا مر أحدكم بالنبل في المسجد فليمسك على
نصولها "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عمرو بن شعيب
عن أبيه عن جده قال : نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن البيع والشراء في
المسجد وعن تناشد الاشعار ولفظ ابن أبي شيبة عن انشاد الضوال
وأخرج الطبراني عن ثوبان قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " من
رأيتموه ينشد شعرا في المسجد فقولوا له فض الله فاك ثلاث مرات ومن رأيتموه ينشد
ضالة في المسجد فقولوا لا وجدتها ثلاث مرات ومن رأيتموه يبيع أو يبتاع في المسجد
فقولا : لا أربح الله تجارتك "
وأخرج الطبراني عن جبير بن مطعم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
لاتسل السيوف ولا تنثر النبل في المساجد ولا يحلف بالله في المساجد ولا تمنع
القائلة في المساجد مقيما ولا مضيفا ولا تبنى التصاوير ولا تزين بالقوارير فإنما
بنيت بالامانة وشرفت بالكرامة "
وأخرج الطبراني عن جبير بن مطعم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
لا تقام الحدود في المساجد "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس انه قال لرجل أخرج حصاة من المسجد : ردها والا
خاصمتك يوم القيامة
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : ان الحصاة اذا اخرجت من المسجد تناشد صاحبها
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد قال : اذا خرجت الحصاة من المسجد صاحت أو سبحت
(6/205)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير قال : الحصاة تسب وتلعن من يخرجها من المسجد
وأخرج ابن أبي شيبة عن سليمان بن يسار قال : الحصاة اذا خرجت من المسجد تصيح حتى
ترد إلى موضعها
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وابن ماجه عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه و
سلم قالت : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم اذا دخل المسجد يقول : " بسم
الله والسلام على رسول الله
اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك "
واذا خرج قال : " بسم الله والسلام على رسول الله
اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك "
وأخرج ابن أبي شيبة عن قتادة أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " اعطوا
المساجد حقها قيل : وما حقها ؟ قال : ركعتان قبل ان تجلس "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : من أشراط الساعة ان تتخذ المساجد طرقا
والله أعلم
أما قوله تعالى : يسبح له فيها بالغدو والآصال
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ يسبح بنصب الباء
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس قال : ان صلاة الضحى لفي
القرآن وما يغوص عليها الاغواص
في قوله في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال
- قوله تعالى : رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء
الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم
من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب
أخرج أحمد عن أم سلمة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " خير مساجد
النساء قعر بيوتهن "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن أبي حميد الساعدي عن أبيه عن جدته
أم حميد قالت : قلت يا رسول الله تمنعنا أزواجنا ان نصلي معك
(6/206)
ونحب
الصلاة معك فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " صلاتكن في بيوتكن أفضل من
صلاتكن في حجركن وصلاتكن في حجركن أفضل من صلاتكن في الجماعة "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود قال : ما صلت امرأة قط صلاة أفضل من صلاة تصليها
في بيتها إلا ان تصلي عند المسجد الحرام
إلا عجوز في منقلبها يعني حقبها
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في
قوله تعالى رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله قال : هم الذين يضربون في
الأرض يبتغون من فضل الله
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم في
قوله رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله قال : هم الذين يضربون في الأرض
يبتغون من فضل الله
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله
قال : كانوا رجالا يبتغون من فضل الله يشترون ويبيعون فاذا سمعوا النداء بالصلاة
القوا ما بأيديهم وقاموا إلى المسجد فصلوا
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس في قوله رجل لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن
ذكر الله قال : أما والله ولقد كانوا تجارا فلم تكن تجارتهم ولا بيعهم يلهيهم عن
ذكر الله
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن ابن عباس في الآية قال :
ضرب الله هذا المثل قوله مثل نوره كمشكاة لأولئك القوم الذين لا تلهيهم تجارة ولا
بيع عن ذكر الله وكانوا اتجر الناس وأبيعهم ولمن لم تكن تلهيهم تجارة ولا بيع عن
ذكر الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رجل لا تلهيهم تجارة ولا
بيع عن ذكر الله قال : عن شهود الصلاة المكتوبة
وأخرج الفريابي عن عطاء مثله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر :
(6/207)
انه
كان في السوق فاقيمت الصلاة فاغلقوا حوانيتهم ثم دخلوا المسجد فقال ابن عمر : فيهم
نزلت رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير والطبراني والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود انه رأى
ناسا من أهل السوق سمعوا الاذان فتركوا أمتعتهم وقاموا إلى الصلاة فقال : هؤلاء
الذين قال الله لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله
قال : هم في أسواقهم يبيعون ويشترون فاذا جاء وقت الصلاة لم يلههم البيع والشراء
عن الصلاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار قال : تتقلب في الجوف ولا تقدر
تخرج حتى تقع في الحنجرة فهو قوله اذ القلوب لدى الحناجر كاظمين غافر الآية 18
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن اسلم في قوله يخافون يوما قال يوم القيامة
وأخرج أحمد في الزهد وعبد بن حميد عن أبي الدرداء قال : أحب ان ابايع على هذا
الدرج وأربح كل يوم ثلثمائة دينار وأشهد الصلاة في الجماعة اما أنا لا ازعم ان ذلك
ليس بحلال ولكنني أحب أن أكون من الذين قال الله رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن
ذكر الله
وأخرج هناد بن السري في الزهد ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة وابن أبي حاتم وابن
مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن أسماء بنت يزيد قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد يسمعهم الداعي
وينفذهم البصر
فيقوم مناد فينادي : أين الذين كانوا يحمدون الله في السراء والضراء ؟ فيقومون -
وهم قليل - فيدخلون الجنة بغير حساب ثم يعود فينادي أين الذين كانت تتجافى جنوبهم
عن المضاجع ؟ فيقومون - وهم قليل - فيدخلون الجنة بغير حساب فيعود فينادي أين
الذين كانوا لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ؟ فيقومون - وهم قليل - فيدخلون
الجنة بغير حساب ثم يقوم سائر الناس فيحاسبون "
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن عقبة بن عامر قال :
كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في سفر فقال : " يجمع الناس في صعيد
واحد
(6/208)
ينفذهم
البصر ويسمعهم الداعي فنادي مناد : سيعلم أهل الموقف لمن الكرم اليوم ثلاث مرات ثم
يقول : أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع ؟ ثم يقول : أين الذين كانت لا
تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله واقام الصلاة ؟ إلى آخر الآية
ثم يقول : أين الحمادون الذين كانوا يحمدون ربهم "
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن حبان عن أبي سعيد عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: يقول الرب عز و جل " سيعلم أهل الجمع اليوم من أهل الكرم فقيل : ومن أهل
الكرم يا رسول الله ؟ قال : أهل الذكر في المساجد "
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن الحسن قال : اذا كان يوم القيامة نادى مناد :
سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم
أين الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم
ينفقون ؟ فيقومون فيتخطون رقاب الناس ثم يناادي مناد : سيعلم أهل الجمع من أولى
بالكرم
أين الذين كانت لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ؟ فيقومون فيتخطون رقاب الناس
ثم ينادي أيضا فيقول : سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم
أين الحمادون لله على كل حال ؟ فيقومون وهم كثير
ثم تكون التبعة والحساب على من بقي
- قوله تعالى : والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه
لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب أو كظلمات في بحر لجي
يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد
يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله والذين كفروا أعمالهم كسراب
الآية
قال : هو مثل ضربه الله لرجل عطش فاشتد عطشه فرأى سرابا فحسبه ماء فظن انه قدر
عليه حتى أتى فلما أتاه لم يجده شيئا وقبض عند ذلك يقول الكافر : كذلك ان عمله
يغني عنه أو نافعه شيئا
ولا يكون على شيء حتى يأتيه الموت فأتاه الموت لم يجد عمله أغنى عنه شيئا ولم
ينفعه إلا
(6/209)
كما
يقع العطشان المشتد إلى السراب أو كظلمات في بحر لجي قال : يعني بالظلمات :
الأعمال
وبالبحر اللجي : قلب الانسان
يغشاه موج يعني بذلك الغشاوة التي على القلب والسمع والبصر
وأخرج أبن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله كسراب بقيعة يقول : أرض مستوية
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله كسراب بقيعة قال : بقاع من الأرض والسراب عمل الكافر حتى اذا جاءه لم يجده
شيئا واتيانه اياه
موته وفراقه الدنيا ووجد الله عنده ووجد الله عند فراقه الدنيا فوفاه حسابه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة كسراب بقيعة قال : بقيعة من
الأرض
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق السدي عن أبيه عن أصحاب محمد
صلى الله عليه و سلم قال : " ان الكفار يبعثون يوم القيامة ردا عطاشا فيقولون
: أين الماء ؟ فيمثل لهم السراب فيحسبونه ماء فينطلقون اليه فيجدون الله عنده
فيوفيهم حسابهم
والله سريع الحساب "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة أو كظلمات في بحر
لجي قال : اللجي : العميق القعر
يغشاه موج من فوقه موج
قال : هذا مثل عمل الكافر ف ضلاضلات ليس له مخرج ولا منفذ
أعمى فيها لا يبصر
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : اذا أخرج يده لم يكد يراها قال : أما رأيت الرجل
يقول : والله ما رأيتها وما كدت ان أراها
وأخرج ابن المنذر عن أبي أمامة انه قال : أيها الناس انكم قد أصبحتم وأمسيتم في
منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات ويوشك ان تظعنوا منه إلى منزل آخر وهو القبر
بيت الوحدة وبيت الظلمة وبيت الضيق إلا ما وسع الله ثم تنقلون إلى مواطن يوم
القيامة وانكم لفي بعض المواطن حين يغشى الناس أمر من أمر الله فتبيض وجوه وتسود
وجوه ثم تنتقلون إلى منزل آخر فيغشى ظلمة
(6/210)
شديدة
ثم يقسم النور فيعطى المؤمن نورا ويترك الكافر والمنافق فلا يعطى شيئا وهو المثل
الذي ضربه الله في كتابه أو كظلمات في بحر لجي الىقوله فما له من نور فلا يستضيء
الكافر والمنافق بنور المؤمن كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير
- قوله تعالى : ألم تر أن الله يسبح له من في السموات والأرض والطير صافات كل قد
علم صلاته وتسبيحه والله عليم بما يفعلون لله ملك السموات والأرض وإلى الله المصير
أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ
في العظمة عن مجاهد في قوله ألم تر ان الله يسبح له إلى قوله كل قد علم صلاته
وتسبيحه قال : الصلاة للانسان والتسبيح لما سوى ذلك من خلقه
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله والطير صافات قال : بسط أجنحتهن
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة والطير صافات قال : صافات بأجنحتها
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن مسعر في قوله واالطير صافات كل قد علم صلاته وتسبيحه
قال : قد سمى لها صلاة ولم يذكر ركوعا ولا سجودا
- قوله تعالى : ألم تر أن الله يزجي سحابا ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاما فترى الودق
يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من برد فيصيب به من يشاء ويصرفه عن من
يشاء يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي
الأبصار
أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله فترى الودق قال : المطر
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن مجاهد في قوله فترى الودق قال : القطر
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بجيلة عن أبيه قال : الودق البرق
(6/211)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله من خلاله قال : السحاب
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس انه قرأها من خلله بفتح الخاء من غير ألف
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن كعب قال : لو أن الجليد ينزل من
السماء الرابعة لم يمر بشيء إلا أهلكه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله يكاد سنا برقه يقول
: ضوء برقه
وأخرج الطستي عن ابن عباس ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله : يكاد سنا
برقه قال : السنا الضوء
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت أبا سفيان بن الحارث وهو يقول : يدعو إلى الحق لا ينبغي به بدلا يجلو
بضوء سناه داجي الظلم وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن
قتادة يكاد سنا برقه قال : لمعان البرق
وأخرج ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب ان كعبا سأل عبد الله بن عمرو عن البرق قال :
هو ما يسبق من البرد
وقرأ جبال فيها من برد يكاد سنا برقه يذهب بالأبصار
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله يقلب الله الليل والنهار قال : يأتي الليل
ويذهب بالنهار ويأتي بالنهار ويذهب بالليل
- قوله تعالى : والله خلق كل دابة من ماء فمنهم من يمشي على بطنه ومنهم من يمشي
على رجلين ومنهم من يمشي على أربع يخلق الله ما يشاء إن الله على كل شيء قدير لقد
أنزلنا آيات مبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد والله خلق كل دابة من ماء قال : النطفة
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن مغفل انه قرأ والله خالق كل دابة من ماء
(6/212)
وأخرج
ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس قال : كل شيء يمشي على أربع إلا الانسان
والله أعلم
- قوله تعالى : ويقولون آمنا بالله وبالرسول وأطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك
وما أولئك بالمؤمنين وإذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون
وإن يكن لهم يأتوا إليه مذعنين أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف الله
عليهم ورسوله بل أولئك هم الظالمون أنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله
ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ومن يطع الله
ورسوله ويخشى الله ويتقه فأولئك هم الفائزون
- أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ويقولون آمنا بالله
وبالرسول واطعنا ثم يتولى فريق منهم من بعد ذلك وما أولئك بالمؤمنين قال : أناس من
المنافقين أظهروا الايمان والطاعة وهم في ذلك يصدون عن سبيل الله وطاعته وجهاد مع
رسوله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال : ان الرجل كان يكون
بينه وبين الرجل خصومة أو منازعة على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فاذا دعي
إلى النبي صلى الله عليه و سلم وهو محق اذعن وعلم ان النبي صلى الله عليه و سلم
سيقضي له بالحق واذا أراد أن يظلم فدعي إلى النبي صلى الله عليه و سلم أعرض وقال :
انطلق إلى فلان فانزل الله واذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم إلى قوله هم
الظالمون فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من كان بينه وبين أخيه شيء
فدعاه إلى حكم حاكم ؟ من حكام المسلمين فلم يجب فهو ظالم لا حق له "
وأخرج الطبراني عن الحسن عن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
من دعي إلى سلطان فلم يجب فهو ظالم لا حق له "
(6/213)
-
قوله تعالى : وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل لا تقسموا طاعة
معروفة إن الله خبير بما تعملون
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : أتى قوم النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا
رسول الله لو أمرتنا ان نخرج من أموالنا لخرجنا فانزل الله وأقسموا بالله جهد
أيمانهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله واقسموا بالله جهد أيمانهم لئن امرتهم ليخرجن
قال : ذلك من شأن الجهاد قل لا تقسموا قال : يأمرهم ان لا يحلفوا على شيء طاعة
معروفة قال : أمرهم ان يكون منهم طاعة للنبي صلى الله عليه و سلم من غير أن يقسموا
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد طاعة معروفة يقول قد عرفت طاعتكم أي أنكم تكذبون به
- قوله تعالى : قل أطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم
ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إلا البلاغ المبين
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله فإنما عليه ما حمل فيبلغ ما أرسل به اليكم
وعليكم ما حملتم قال : ان تطيعوه وتعملوا بما أمركم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الزبير عن جابر أنه سئل : ان كان على امام فاجر فلقيت
معه أهل ضلالة أقاتل أم لا ليس بي حبه ولا مظاهرة ؟ قال : قاتل أهل الضلالة اينما
وجدتهم وعلى الامام ما حمل وعليك ما حملت
وأخرج البخاري في تاريخه عن وائل أنه قال للنبي صلى الله عليه و سلم : ان كان
علينا أمراء يعملون بغير طاعة الله تعالى ؟ فقال : " عليهم ما حملوا وعليكم
ما حملتم "
(6/214)
وأخرج
ابن أبي شيبة ومسلم والترمذي وابن جرير في تهذيبه وابن مردويه عن علقمة بن وائل
الحضرمي عن أبيه قال : قدم يزيد بن سلمة على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال :
أرأيت ان كان عليناا امراء يأخذوا منا الحق ولا يعطونا ؟ فقال : " إنما عليهم
ما حملوا وعليكم ما حملتم "
وأخرج ابن جرير وابن قانع والطبراني عن علقمة بن وائل الحضرمي عن سلمة بن يزيد
الجهني قال : قلت يا رسول الله أرأيت ان كان علينا امراء من بعدك يأخذونا بالحق
الذي علينا ويمنعونا الحق الذي جعله الله لنا نقاتلهم ونبغضهم ؟ فقال النبي صلى
الله عليه و سلم " عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم "
- قوله تعالى : وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض
كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد
خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون
وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون لا تحسبن الذين كفروا
معجزين في الأرض ومأواهم النار ولبئس المصير
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن البراء في قوله وعد الله الذين آمنوا منكم الآية
قال : فينا نزلت ونحن في خوف شديد
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : كان النبي صلى الله عليه و
سلم وأصحابه بمكة نحوا من عشر سنين يدعون إلى الله وحده وعبادته وحده لا شريك له
سرا وهم خائفون لا يؤمرون بالقتال حتى أمروا بالهجرة إلى المدينة فقدموا المدينة
فأمرهم الله بالقتال وكانوا بها خائفين يمسون في السلاح ويصبحون في السلاح فغيروا
بذلك ما شاء الله ثم ان رجلا من أصحابه قال : يا رسول الله أبد الدهر نحن خائفون
هكذا أما يأتي علينا يوم نأمن فيه ونضع فيه السلاح ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " لن ؟ تغيروا إلا قليلا حتى يجلس الرجل منكم في املأ العظيم محتبيا
ليست فيهم جديدة " فأنزل الله وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم
في الأرض
إلى آخر الآية
فاظهر الله نبيه على جزيرة العرب فأمنوا ووضعوا السلاح ثم ان الله قبض نبيه فكانوا
كذلك آمنين في امارة أبي بكر وعمر وعثمان حتى وقعوا فيما وقعوا وكفروا النعمة
فأدخل الله عليهم الخوف الذي
(6/215)
كان
رفع عنهم واتخذوا الحجر والشرط وغيروا فغير ما بهم "
وأخرج ابن المنذر والطبراني في الأوسط والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في
الدلائل والضياء في المختارة عن أبي بن كعب قال : لما قدم رسول الله صلى الله عليه
و سلم وأصحابه المدينة وآوتهم الأنصار رمتهم العرب عن قوس واحدة فكانوا لا يبيتون
إلا في السلاح ولا يصبحون إلا فيهن فقالوا : أترون انا نعيش حتى نبيت آمنين
مطمئنين لا نخاف إلا الله ؟ فنزلت وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات
وأخرج أحمد وابن مردويه واللفظ له والبيهقي في الدلائل عن أبي بن كعب قال : لما
نزلت على النبي صلى الله عليه و سلم وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحاات
قال : بشر هذه الأمة بالسنا والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض فمن عمل منهم
عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ليستخلفهم بالياء في الأرض كما استخلف برفع التاء
وكسر اللام وليمكنن بالياء مثقلة وليبدلنهم مخففة بالياء
وأخرج عبد بن حميد عن عطية وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحاات ليستخلفنهم
في الأرض قال : أهل بيت ههنا وأشار بيده إلى القبلة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة وليمكنن لهم دينهم الذي
ارتضى لهم قال : هو الإسلام
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس يعبدونني لا يشركون بي شيئا قال : لا يخافون أحدا
غيري
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد يعبدونني لا
يشركون بي شيئا قال : لا يخافون أحدا غيري ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون قال
: العاصون
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية ومن كفر بعد ذلك قال : كفر بهذه النعمة ليس
الكفر بالله
وعبد بن حميد ابن مردويه عن أبي الشعثاء قال : كنت جالسا مع حذيفة وابن مسعود فقال
حذيفة : ذهب النفاق إنما كان النفاق على عهذ رسول الله صلى الله عليه و سلم وإنما
هو
(6/216)
اليوم
الكفر بعد الايمان فضحك ابن مسعود ثم قال : بم تقول ؟ قال : بهذه الآية وعد الله
الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات
إلى آخر الآية
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة لا تحسبن الذين كفروا معجزين في الأرض قال : سابقين في
الأرض والله تعالى أعلم
- قوله تعالى : ياأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا
الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد
صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم
على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيم وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم
فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم كذلك يبين الله لكم آياته والله عليم حكيم
أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل ابن حيان قال : بلغنا ان رجلا من الأنصار وامرأته
أسماء بنت مرشدة صنعا للنبي صلى الله عليه و سلم طعاما فقالت أسماء : يا رسول الله
ما أقبح هذا ! انه ليدخل على المرأة وزوجها وهما في ثوب واحد كل منهما بغير اذن
فأنزل الله في ذلك يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت ايمانكم من العبيد
والاماء والذين لم يبلغوا الحلم منكم قال : من أحراركم من الرجال والنساء
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في هذه الآية قال : كان أناس من أصحاب رسول الله صلى
الله عليه و سلم يعجبهم ان يواقعوا نساءهم في هذه الساعات ليغتسلوا ثم يخرجوا إلى
الصلاة فأمرهم الله أن يأمروا المملوكين والغلمان أن لا يدخلوا عليهم في تلك الساعات
إلا باذن
وأخرج ابن مردويه عن ثعلبة القرظي عن عبد الله بن سويد قال : سألت رسول الله صلى
الله عليه و سلم عن العورات الثلاث فقال " اذا أنا وضعت ثيابي بعد الظهيرة لم
يلج علي أحد من الخدم من الذين لم يبلغوا الحلم ولا أحد من الاجراء إلا باذن واذا
وضعت ثيابي بعد صلاة العشاء ومن قبل صلاة الصبح "
(6/217)
وأخرج
عبد بن حميد والبخاري في الأدب عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي أنه ركب عبد الله بن
سويد أخي بني حارثة بن الحارث يسأله عن العورات الثلاث وكان يعمل لهن فقال : ما
تريد ؟ قال : أريد أن أعمل بهن فقال : اذا وضعت ثيابي من الظهيرة لم يدخل علي أحد
من أهلي بلغ الحلم إلا باذني إلا أن أعدوه فذلك اذنه ولا اذا طلع الفجر وتحرك
الناس حتى تصلي الصلاة ولا اذا صليت العشاء الآخرة ووضعت ثيابي حتى أنام
قال : فتلك العورات الثلاث
وأخرج ابن سعد عن سويد بن النعمان أنه سئل عن العورات الثلاث فقال : اذا وضعت
ثيابي من الظهيرة لم يدخل علي أحد من أهلي إلا أن أدعوه فذلك اذنه واذا طلع الفجر
وتحرك الناس حتى يصلي الصبح واذا صليت العشاء وضعت ثيابي فتلك العورات الثلاث
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأبو داود وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن
عباس قال : آية لم يؤمن بها أكثر الناس
آية الاذن لآمر جاريتي هذه الجارية قصيرة قائمة على رأسه ان تستأذن علي
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال : هذه الآية تهاون الناس بها يا أيها الذين
آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم وما نسخت قط
وأخرج ابن أبي شيبة عن الشعبي في قوله ليستأذنكم الذين ملكت ايمانكم قال : ليست
منسوخة
قيل فان الناس لا يعملون بها قال : الله المستعان
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال : يمكث الناس في الساعات الذين ملكت أيمانكم
والذين لم يبلغوا الحلم منكم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ترك الناس ثلاث آيات فلم يعملوا
بهن يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت ايمانكم
والآية التي في سورة النساء واذا حضر القسمة النساء الآية 8 والآية التي في
الحجرات ان أكرمكم عند الله أتقاكم الحجرات الآية 13
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في السنن عن ابن عباس في قوله ليستأذنكم
الذين ملكت أيمانكم
قال : اذا خلا الرجل بأهله بعد العشاء فلا يدخل عليه خادم ولا صبي إلا بإذنه حتى
يصلي الغداة واذا خلا
(6/218)
بأهله
عند الظهر فمثل ذلك ورخص لهم في الدخول فيما بين ذلك بغير اذن
وهو قوله ليس عليكم ولاعليهم جناح بعدهن فاما من بلغ الحلم فانه لا يدخل على الرجل
وأهله إلا باذن على كل حال
وهو قوله واذا بلغ الاطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم
وأخرج أبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في السنن عن ابن
عباس ان رجلين سألاه عن الاستئذان في الثلاث عورات التي أمر الله بها في القرآن
فقال ابن عباس : ان الله ستير يحب الستر وكان الناس ليس لهم ستور على أبوابهم ولا
حجال في بيوتهم فربما فاجأ الرجل خادمه أو ولده أو يتيمه في حجره وهو على أهله
فأمرهم الله أن يستأذنوا في تلك العورات التي سمى الله ثم جاء الله بعد بالستور
وبسط الله عليهم في الرزق فاتخذوا الستور واتخذوا الحجال فرأى الناس أن ذلك قد
كفاهم من الاستذان الذي أمروا به
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب وابن جرير وابن المنذر عن ابن عمر في قوله
ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم قال هو على الذكور دون الاناث
وأخرج الفريابي عن ابن عمر في قوله ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن
طوافون عليكم قال : هو للاناث دون الذكور ان يدخلوا بغير اذن
وأخرج ابن مردويه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه و
سلم في قوله ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم
قال : نزلت في النساء ان يستأذن علينا
وأخرج الحاكم وصححه عن علي بن أبي طالب في قوله ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم قال
: النساء فان الرجال يستأذنون
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي عبد
الرحمن السلمى في هذه الآية قال : هي في النساء خاصة
الرجال يستأذنون على كل حال بالليل والنهار
وأخرج الفريابي عن موسى بن أبي عائشة قال : سألت الشعبي عن هذه الآية يا أيها
الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم أمنسوخة هي ؟ قال : لا
(6/219)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله والذين لم يبلغوا الحلم منكم قال : أبناءكم
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله طوافون عليكم قال : يعني بالطوافين :
الدخول والخروج غدوة وعشية بغير اذن
وفي قوله واذا بلغ الاطفال يعني الصغار منكم الحلم يعني من الاحرار من ولد الرجل
وأقاربه فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم يعني كما استأذن الكبار من ولد
الرجل وأقاربه
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله كما استأذن الذين من قبلهم قال : كما استأذن
الذين بلغوا الحلم من قبلهم الذين أمروا بالاستئذان على كل حال
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال : ليستأذن الرجل على أمة فانما نزلت
واذا بلغ الاطفال منكم الحلم في ذلك
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير والبيهقي في السنن عن ابن مسعود ان رجلا سأله استأذن
على أمي ؟ فقال : نعم
ما على كل أحيانها تحب أن تراها
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب عن جابر قال : ليستأذن الرجل على ولده وأمه
- وان كانت عجوزا - وأخيه وأخته وأبيه
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في الأدب وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن
عطاء أنه سأل ابن عباس استأذن على أختي ؟ قال : نعم
قلت انها في حجري واني أنفق عليها وانها معي في البيت استأذن عليها ؟ قال : نعم
ان الله يقول ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم
فلم يؤمر هؤلاء بالاذن إلا في هؤلاء العورات الثلاث قال : واذا بلغ الاطفال منكم
الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم فالاذن واجب على خلق الله أجمعين
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه و سلم استأذن على
أمي ؟ قال : نعم
أتحب أن تراها عريانة
وأخرج ابن جرير والبيهقي في السنن عن عطاء بن يسار أن رجلا قال : يا رسول الله
استأذن على أمي ؟ قال : نعم
قال : إني معها في البيت قال : استأذن عليها قال : اني خادمها أفاستأذن عليها كلما
دخلت ؟ قال : أفتحب أن تراها عريانة ؟ قال : لا
قال : فاستأذن عليها
(6/220)
وأخرج
ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب والبيهقي عن حذيفة انه سئل أيستأذن الرجل على
والدته ؟ قال : نعم
ان لم تفعل رأيت منها ما تكره
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سيرين في قوله والذين لم يبلغوا الحلم منكم قال : كانوا
يعلمونا اذا جاء أحدنا ان نقول السلام عليكم
أيدخل فلان ؟
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن عوف ان رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : " لا يغلبنكم الاعراب على اسم صلاتكم قال الله
تعالى ومن بعد صلاة العشاء وإنما العتمة عتمة الإبل "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " لا تغلبنكم الاعراب على اسم صلاتكم العشاء فإنما هي في كتاب الله
العشاء وإنما يعتم بحلاب الإبل "
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ ثلاث عورات بالنصب
- قوله تعالى : والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن
ثيابهن غير متبرجات بزينه وأن يستعففن خير لهن والله سميع عليم
أخرج أبو داود والبيهقي في السنن عن ابن عباس وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن فنسخ
واستثنى من ذلك القواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا
الآية
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في السنن عن ابن عباس في قوله والقواعد
من النساء قال : هي المرأة لا جناح عليها أن تجلس في بيتها بدرع وخمار وتضع عنها
الجلباب ما لم تتبرج لما يكره الله وهو قوله فليس عليهن جناح ان يضعن ثيابهن غير
متبرجات بزينة
وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن المنذر وابن الانباري في المصاحف والبيهقي في السنن
عن ابن عباس انه كان يقرأ ان يضعن ثيابهن ويقول : هي الجلباب
(6/221)
وأخرج
عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي
في السنن عن ابن مسعود في قوله فليس عليهن جناح ان يضعن ثيابهن قال : الجلباب
والرداء
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن عمر في الآية قال : تضع الجلباب
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن الحسن والقواعد من النساء يقول : المرأة اذا
قعدت عن النكاح
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير والقواعد من النساء يعني المرأة الكبيرة التي
لا تحيض من الكبر اللاتي لا يرجون نكاحا يعني تزويجا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله اللاتي لا يرجون نكاحا قال : لا
يردنه
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : أخبرني مسلم مولى امرأة حذيفة بن اليمان انه
خضب رأس مولاته فدخلت عليها فسألتها فقالت : نعم يا بني اني من القواعد اللاتي لا
يرجون نكاحا وقد قال الله في ذلك ما سمعت
وأخرج ابن المنذر عن ميمون بن مهران قال : في مصحف أبي بن كعب ومصحف ابن مسعود
فليس عليهن جناح ان يضعن جلابيبهن غير متبرجات
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود عن ابن عباس انهما كانا يقرآن فليس عليهم جناح ان
يضعن جلابيبهن خير متبرجات
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود وابن عباس انهما كانا يقرآن فليس عليهن جناح ان
يضعن جلابيبهن غير متبرجات
وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة انها سئلت : عن الخضاب والصباغ والقرطين والخلخال
وخاتم الذهب وثياب الرقاق فقال : يا معشر النساء قصتكن كلها واحدة أحل الله لكن
الزينة غير متبرجات
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وان يستعففن خير
لهن قال : يلبسن جلابيبهن
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي في السنن عن عاصم الأحول قال :
(6/222)
دخلت
على حفصة بنت سيرين وقد ألقت عليها ثيابها فقلت أليس يقول الله والقواعد من النساء
اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح ان يضعن ثيابهن قال : اقرأ ما بعده وان
يستعفف خير لهن وهو ثياب الجلباب
- قوله تعالى : ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ولا على
أنفسكم أن تأكلوا من بيوتكم أو بيوت آبائكم أو بيوت أمهاتكم أو بيوت إخوانكم أو
بيوت أخواتكم أو بيوت أعمامكم أو بيوت عماتكم أو بيوت أخوالكم أو بيوت خالاتكم أو
ما ملكتم مفاتحه أو صديقكم ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا فإذا دخلتم
بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة كذلك يبين الله لكم الآيات
لعلكم تعقلون
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : لما نزلت يا أيها الذين لا تأكلوا
أموالكم بينكم بالباطل النساء الآية 29 قالت الانصار : ما بالمدينة مال أعز من
الطعام
كانوا يتحرجون أن يأكلوا مع الأعمى يقولون : انه لا يبصر موضع الطعام وكانوا
يتحرجون الأكل مع الأعرج يقولون : الصحيح يسبقه إلى المكان ولا يستطيع ان يزاحم
ويتحرجون الأكل مع المريض يقولون : لا يستطيع أن يأكل مثل الصحيح وكانوا يتحرجون
ان يأكلوا في بيوت أقربائهم فنزلت ليس على الأعمى حرج يعني في الأكل مع الأعمى
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مقسم قال : كانوا يكرهون أن
يأكلوا مع الأعمى والأعرج والمريض لأنهم لا ينالون كما ينال الصحيح فنزلت ليس على
الأعمى حرج
الآية
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وابراهيم وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم والبيهقي عن مجاهد قال : كان الرجل يذهب بالأعمى أو
(6/223)
الأعرج
والمريض إلى بيت أبيه أو بيت أخيه أو بيت أخته أو بيت عمه أو بيت عمته أو بيت خاله
أو بيت خالته فكان الزمني يتحرجون من ذلك يقولون : إنما يذهبوا بنا إلى بيوت غيرهم
فنزلت هذه الآية رخصة لهم
وأخرج البزار وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن النجار عن عائشة قالت : كان المسلمون
يرغبون في النفير مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فيدفعون مفاتيحهم إلى أمنائهم
ويقولون لهم : قد أحلننا لكم أن تأكلوا مما احتجتم اليه فكانوا يقولون : انه لا
يحل لنا أن نأكل انهم أذنوا لنا من غير طيب أنفسهم وانما نحن أمناء فانزل الله ولا
على أنفسكم أن تأكلوا إلى قوله أو ما ملكتم مفاتحه
وأخرج عبد بن حميد عن ابن شهاب أخبرني عبيد الله ابن عبد الله وابن مسيب انه كان
رجال من أهل العلم يحدثون إنما أنزلت هذه الآية في أمناء المسلمين كانوا يرغبون في
النفير مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في سبيل الله فيعطون مفاتيحهم أمناءهم
ويقولون لهم : قد أحللنا لكم ان تأكلوا مما في بيوتنا فيقول الذين استودعوهم
المفاتيح : والله ما يحل لنا مما في بيوتهم شيء وان أحلوه لنا حتى يرجعوا الينا
وانها لامانة ائتمنا عليها فلم يزالوا على ذلك حتى أنزل الله هذه الآية فطابت أنفسهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس قال : لما نزلت يا
أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل النساء الآية 29 قال المسلمون :
ان الله قد نهانا ان نأكل أموالنا بيننا بالباطل والطعام هو من أفضل الأموال فلا
يحل لأحد منا ان يأكل من عند أحد
فكف الناس عن ذلك فأنزل الله ليس على الأعمى حرج إلى قوله أو ما ملكتم مفاتحه وهو
الرجل يوكل الرجل بضيعته والذي رخص الله ان يأكل من ذلك الطعام والتمر وشرب اللبن
وكانوا أيضا يتحرجون أن يأكل الرجل الطعام وحده حتى يكون معه غيره فرخص الله لهم فقال
ليس عليكم جناح أن تأكلوا جميعا أو اشتاتا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال : كان أهل المدينة قبل
ان يبعث النبي صلى الله عليه و سلم لا يخالطهم في طعامهم أعمى ولا مريض ولا أعرج
لأن الأعمى لا يبصر طيب الطعام والمريض لا يستوفي الطعام كما يستوفي الصحيح
والأعرج لا يستطيع المزاحمة على الطعام فنزلت رخصة في مؤاكلتهم
(6/224)
وأخرج
الثعلبي عن ابن عباس قال : خرج الحارث غازيا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم
وخلف على أهله خالد بن زيد فحرج أن يأكل من طعامه وكان مجهودا فنزلت
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو داود في مراسيله وابن جرير والبيهقي عن الزهري
انه سئل عن قوله ليس على الأعمى حرج الآية ما بال الأعمى والأعرج والمريض ذكروا
هنا ؟ فقال : أخبرنا عبيد الله ان المسلمين كانوا اذا غزوا أقاموا أوصاتهم وكانوا
يدفعون اليهم مفاتيح أبوابهم يقولون : قد أحللنا لكم ان تأكلوا مما في بيوتنا
وكانوا يتحرجون من ذلك يقولون : لا ندخلها وهم غيب فانزلت هذه الآية رخصة لهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان هذا الحي من بني
كنانة بن خزيمة يرى أحدهم ان عليه مخزاة أن يأكل وحده في الجاهلية حتى ان كان
الرجل يسوق الذود الحفل وهو جائع حتى يجد من يؤاكله ويشاربه فأنزل الله ليس عليكم
جناح أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عطرمة وأبي صالح قالا : كانت الأنصار اذا نزل بهم
الضيف لا يأكلون معه حتى يأكل معهم الضيف فنزلت رخصة لهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله أو
صديقكم قال : اذا دخلت بيت صديقك من غير مؤامرته ثم أكلت من طعامه بغير اذنه لم
يكن بذلك بأس
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله أو صديقكم قال : هذا شيء قد انقطع إنما كان
هذا في أوله ولم يكن لهم أبواب وكانت الستور مرخاة فربما دخل الرجل البيت وليس فيه
أحد فربما وجد الطعام وهو جائع فسوغ له الله أن يأكله قال : وذهب ذلك
اليوم البيوت فيها أهلها فاذا خرجوا أغلقوا فقد ذهب ذلك
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس في
قوله فاذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم يقول : اذا دخلتم بيوتا فسلموا على أهلها
تحية من عند الله
وهو السلام لأنه اسم الله وهو تحية أهل الجنة
(6/225)
وأخرج
البخاري في الادب وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق أبي الزبير عن جابر
بن عبد الله قال : اذا دخلت على أهلك فسلم عليهم تحية من عند الله مباركة طيبة قال
أبو الزبير : ما رأيته إلا أوجبه
وأخرج الحاكم عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " اذا دخلتم
بيوتكم فسلموا على أهلها واذا طعمتم فاذكروا اسم الله واذا سلم أحدكم حين يدخل
بيته وذكر اسم الله على طعامه يقول الشيطان لاصحابه : لا مبيت لكم ولا عشاء واذا
لم يسلم أحدكم ولم يسم يقول الشيطان لاصحابه : أدركتم المبيت والعشاء "
وأخرج البخاري في الأدب عن جابر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول
" اذا دخل الرجل بيته فذكر الله عند دخوله وعند طعامه قال الشيطان : لا مبيت
لكم ولا عشاء فاذا دخل فلم يذكر الله عند دخوله قال الشيطان : أدركتم المبيت وان
لم يذكر الله عند طعامه قال الشيطان : أدركتم المبيت والعشاء "
وأخرج البيهقي في الشعب وضعفه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان
اذا دخل بيته يقول " السلام علينا من ربنا التحيات الطيبات المباركات لله
سلام عليكم "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن عطاء قال : اذا دخلت على أهلك فقل : السلام عليكم
تحية من عند الله مباركة طيبة فاذا لم يكن فيه أحد فقل : السلام علينا من ربنا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن ماهان في قوله فاذا دخلتم بيوتا فسلموا على
أنفسكم قال : يقول السلام علينا من ربنا
وأخرج الطبراني عن أبي البختري قال : جاء الاشعث بن قيس وجرير بن عبد الله البجلي
إلى سلمان فقالا : جئناك من عند أخيك أبي الدرداء قال : فأين هديته التي أرسلها
معكما ؟ فالا : ما أرسل معنا بهدية قال : اتقيا الله واديا الامانة ما جاءني أحد
من عنده إلا جاء معه بهدية قالا : والله ما بعث معنا شيئا إلا أنه قال : اقرؤوه
مني السلام قال : فأي هدية كنت أريد منكما غير هدية ؟ وأي هدية أفضل من السلام
تحية من عند الله مباركة طيبة ؟
(6/226)
وأخرج
الطبراني عن سلمان عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " من سره ان لا يجد
الشيطان عنده طعاما ولا مقيلا ولا مبيتا فليسلم اذا دخل بيته وليسم على طعامه
"
وأخرج ابن عدي عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" اذا قام أحدكم على حجرته ليدخل فليسم الله فانه يرجع قرينه من الشيطان الذي
معه ولا يدخل فاذا دخلتم فسلموا فانه يخرج ساكنه منهم واذا وضع الطعام فسموا فانكم
تدحرون الخبيث ابليس عن أرزاقكم ولا يشرككم فيها واذا ارتحلتم دابة فسموا الله حين
تضعون أول حلس فان كل دابة معتقدة وانكم اذا سميتم حططتموه عن ظهرها وان نسيتم ذلك
شرككم في مراكبكم
ولا تبيتوا منديل الغمر معكم في البيت فانه بيت الشيطان ومضجعه ولا تتركوا العمامة
ممسية اذا جمعت في جانب الحجرة فانها مقعد الشيطان ولا تسكنوا بيوتا غير مغلقة ولا
تفترشوا الزبالا التي تفضي إلى ظهور الدواب ولا تبيتوا على سطح ليس بمحجور واذا
سمعتم نباح الكلاب أو نهيق الحمار فاستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم فانهما لا
يريان الشيطان إلا نبح الكلب ونهق الحمار "
وأخرج ابن مردويه عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال "
للاسلام ضياء وعلامات كمنار الطريق فرأسها وجماعها شهادة أن لا اله إلا الله وأن
محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وتمام الوضوء والحكم بكتاب الله وسنة
نبيه وطاعة ولاة الامر وتسليمكم على أنفسكم وتسليمكم اذا دخلتم بيوتكم وتسليمكم
على بني آدم إذا لقيتموهم "
وأخرج البزار وابن عدي والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال : أوصاني النبي صلى
الله عليه و سلم بخمس خصال قال " أسبغ الوضوء يزد في عمركن وسلم على من لقيك
من أمتي تكثر حسناتك واذا دخلت بيتك فسلم على أهل بيتك يكثر خير بيتك وصل صلاة
الضحى فانها صلاة الاوابين قبلك يا انس ارحم الصغير ووقر الكبير تكن من رفقائي يوم
القيامة "
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي عن
ابن عباس في قوله فاذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم قال : هو المسجد اذا دخلته
فقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
(6/227)
وأخرج
سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن أبي مالك قال : اذا دخلت بيتا
فيه ناس من المسلمين فسلم عليهم وان لم يكن فيه أحد أو كان فيه ناس من المشركين
فقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري في الأدب عن ابن عمر قال : اذا دخل البيت غير المسكون
أو المسجد فيلقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : اذا
دخلت بيتك وليس فيه أحد أو بيت غيرك فقل : بسم الله والحمد لله السلام علينا من
ربنا السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي عن قتادة في قوله فاذا دخلتم بيوتا
فسلموا على أنفسكم قال : اذا دخلت بيتك فسلم على أهلك واذا دخلت بيتا لا أحد فيه
فقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فانه كان يؤمر بذلك وحدثنا ان
الملائكة ترد عليه
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله فسلموا
على أنفسكم قال : ليسلم بعضكم على بعض كقوله ولا تقتلوا أنفسكم النساء الآية 29
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله فسلموا على أنفسكم قال : اذا دخل المسلم على
المسلم سلم عليه مثل قوله ولا تقتلوا أنفسكم النساء الآية 29 انما هو لا تقتل أخاك
المسلم وقوله ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم البقرة الآية 85 قال : يقتل بعضكم بعضا
قريظة والنضير
وقوله جعل لكم من أنفسكم أزواجا الروم الآية 21 كيف يكون زوج الانسان من نفسه ؟ انما
هي جعل لكم أرواحاا من بني آدم ولم يجعل من الابل والبقر وكل شيء في القرآن على
هذا
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله فسلموا على أنفسكم قال : بعضكم على بعض
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : ما أخذت التشهد إلا من كتاب الله
(6/228)
سمعت
الله يقول فاذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة
فالتشهد في الصلاة " التحيات المباركات الطيبات لله "
وأخرج سعيد بن منصور عن ثابت بن عبيد قال : أتيت ابن عمر قبل الغداة
وهو جالس في المسجد فقال لي : ألا سلمت حين جئت ؟ فانها تحية من عند الله مباركة
- قوله تعالى : إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر
جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله
فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفرلهم الله إن الله غفور رحيم
لاتجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم
لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم
أخرج ابن إسحق وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن عروة ومحمد بن كعب القرظي قالا
: لما أقبلت قريش عام الاحزاب نزلوا بمجمع الاسيال من بئر رومة بالمدينة قائدها
أبو سفيان وأقبلت غطفان حتى نزلوا بتغمين إلى جانب أحد وجاء رسول الله صلى الله
عليه و سلم الخبر وضرب الخندق على المدينة وعمل فيه وعمل المسلمون فيه وابطأ رجال
من المنافقين وجعلوا يورون بالضعيف من العمل فيتسللون إلى أهليهم بغير علم من رسول
الله صلى الله عليه و سلم ولا اذن وجعل الرجل من المسلمين اذا نابته النائبة من
الحاجة التي لابد منها يذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم ويستأذنه في
اللحوق لحاجته فيأذن له فاذا قضى حاجته رجع فأنزل الله في أولئك المؤمنين انما
المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله واذا كانوا معه على أمر جامع
إلى قوله والله بكل شيء عليم النور الآية 64
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن
المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله واذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا
(6/229)
حتى
يستأذنوه قال : ذلك في الغزو والجمعة واذن الامام يوم الجمعة : ان يشير بيده
وأخرج الفريابي عن مكحول في قوله واذا كانوا معه على أمر جامع قال : اذا جمعهم
لأمر حزبهم من الحرب ونحوه لم يذهبوا حتى يستأذنوه
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في الآية قال : هي في الجهاد
والجمعة والعيدين
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله على أمر جامع قال :
من طاعة الله
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن سيرين قال : كان الناس يستأذنون في الجمعة
ويقولون : هكذا ويشيرون بثلاث أصابع
فلما كان زياد كثر عليه فاغتم فقال : من أمسك على أذنه فهو أذنه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مكحول في الاية قال : يعمل بها الآن في الجمعة
والزحف
وأخرج سعيد بن منصور عن إسمعيل بن عياش قال : رأيت عمرو بن قيس السكوني يخطب الناس
يوم الجمعة فقام اليه أبو المدله اليحصبي في شيء وجده في بطنه فأشار إليه عمرو
بيده أي انصرف فسألت عمرا وأبا المدله فقال : هكذا كان أصحاب رسول الله صلى الله
عليه و سلم يصنعون
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله لا
تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قال : كانوا يقولون : يا محمد
يا أبا القاسم
فنهاهم الله عن ذلك اعظاما لنبيه صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا نبي الله يا
رسول الله
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء
بعضكم بعضا يعني كدعاء أحدكم اذا دعا أخاه باسمه ولكن وقروه وعظموه وقولوا له : يا
رسول الله
ويا نبي الله
وأخرج عبد الغني بن سعيد في تفسيره وأبو نعيم في تفسيره عن ابن عباس في قوله لا
تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا يريد ولا تصيحوا به من
(6/230)
بعيد
: يا أبا القاسم
ولكن كما قال الله في الحجرات ان الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله الحجرات الآية
3
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
الآية قال : أمرهم الله ان يدعوه : يا رسول الله
في لين وتواضع ولا يقولوا : يا محمد
في تجهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال :
أمر الله أن يهاب نبيه وان يبجل وان يعظم وان يفخم ويشرف
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال : لا تقولوا يا محمد
ولكن قولوا يا رسول الله
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير والحسن
مثله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله لا تجعلوا دعاء
الرسول بينكم يقول : دعوة الرسول عليكم موجبة فاحذرها
وأخرج سعيد بن منصور عن الشعبي في الآية قال : لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء
بعضكم على بعض
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل بن حيان في قوله قد يعلم الله الذين يتسللون منكم
لواذا قال : هم المنافقون
كان يثقل عليهم الحديث في يوم الجمعة - ويعني بالحديث الخطبة - فيلوذون ببعض
الصحابة حتى يخرجوا من المسجد وكان لا يصلح للرجل أن يخرج من المسجد إلا بإذن من
النبي صلى الله عليه و سلم في يوم الجمعة بعدما يأخذ في الخطبة وكان اذا أراد
أحدهم الخروج أشار بأصبعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم فيأذن له من غير أن يتكلم
الرجل لأن الرجل منهم كان اذا تكلم والنبي صلى الله عليه و سلم يخطب بطلت جمعته
وأخرج أبو داود في مراسيله عن مقاتل قال : كان لا يخرج أحد لرعاف أو احداث حتى
يستأذن النبي صلى الله عليه و سلم يشير إليه بأصبعه التي تلى الابهام فيأذن له
النبي صلى الله عليه و سلم يشير إليه بيده وكان من المنافقين من يثقل عليه الخطبة
والجلوس في المسجد فكان اذا استأذن رجل من المسلمين قام المنافق إلى جنبه يستتر به
حتى يخرج فأنزل الله قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا
(6/231)
وأخرج
عبد بن حميد عن قتادة قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا قال : يتسللون عن نبي
الله وعن كتابه وعن ذكره
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله لواذا قال : خلافا
وأخرج عبد بن حميد عن سفيان قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا قال : يتسللون
من الصف في القتال فليحذر الذين يخالفون عن أمره ان تصيبهم فتنة قال : أن يطبع على
قلوبهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن بن صالح قال : اني لخائف على من ترك المسح على الخفين
أن يكون داخلا في هذه الآية فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو
يصيبهم عذاب أليم
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن يحيى بن أبي كثير قال : نهي رسول الله صلى الله
عليه و سلم أصحابه أن يقاتلوا ناحية من خيبر فانصرف الرجال عنهم وبقي رجل فقاتلهم
فرموه فقتلوه فجيء به إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : أبعد ما نهينا عن
القتال ؟ فقالوا : نعم
فتركه ولم يصل عليه
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد قال : أشد حديث سمعناه عن النبي صلى الله عليه و سلم
قوله في سعد بن معاذ في أمر القبر
ولما كانت غزوة تبوك قال " لا يخرج معنا إلا رجل مقو " فخرج رجل على بكر
له صعب فصرعه فمات فقال الناس : الشهيد الشهيد
فأمر النبي صلى الله عليه و سلم بلالا ان ينادي في الناس " لا يدخل الجنة إلا
نفس مؤمنة ولا يدخل الجنة عاص "
وأخرج عبد الرزاق عن زيد بن أسلم أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لاصحابه
ذات يوم وهو مستقبل العدو : لا يقاتل أحد منكم فعمد رجل منهم ورمي العدو وقاتلهم
فقتلوه فقيل للنبي صلى الله عليه و سلم اسشتهد فلان فقال : أبعد ما نهيت عن القتال
؟ قالوا : نعم
قال " لا يدخل الجنة عاص "
وأخرج أبو الشيخ عن الضحاك في قوله لا يستأذنك الذين يؤمنون بالله ؟ قال : كان لا
يستأذنه اذا غزا إلا المنافقون
فكان لا يحل لاحد أن يستأذن رسول الله صلى الله عليه و سلم أو يتخلف بعده اذا غزا
ولا تنطلق سرية إلا بإذنه ولم يجعل الله للنبي صلى الله عليه و سلم ان يأذن لاحد
حتى نزلت الآية انما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله واذا كانوا معه
(6/232)
على
أمر جامع يقول : أمر طاعة لم يذهبوا حتى يستأذنوه فجعل الإذن إليه يأذن لمن يشاء
فكان اذا جمع رسول الله صلى الله عليه و سلم الناس لأمر يأمرهم وينهاهم صبر
المؤمنون في مجالسهم وأحبوا ما أحدث لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بما يوحي
إليه وبما أحبوا وكرهوا فاذا كان شيء مما يكره المنافقون خرجوا يتسللون يلوذ الرجل
بالرجل يستتر لكي لا يراه النبي صلى الله عليه و سلم
فقال الله تعالى : ان الله تعالى يبصر الذين يتسللون منكم لواذا
- قوله تعالى : ألا إن لله مافي السموات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون
إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم
أخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله قد يعلم ما أنتم عليه الآية
قال : ما كان قوم قط على أمر ولا على حال إلا كاانوا بعين الله والا كان عليهم
شاهد من الله
وأخرج أبو عبيد في فضائله والطبراني بسند حسن عن عقبة بن عامر قال : رأيت رسول
الله صلى الله عليه و سلم وهو يقرأ هذه الآية
يعني خاتمة سورة النور
وهو عاجل أصبعيه تحت عينيه يقول
والله بكل شيء بصير والله أعلم
(6/233)
سورة
الفرقان
مكية وآياتها سبع وسبعون مقدمة سورة الفرقان أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه
والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن عباس قال : نزلت سورة الفرقان بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير قال : نزلت بمكة سورة الفرقان
وأخرج مالك والشافعي والبخاري ومسلم وابن جرير وابن حبان والبيهقي في سننه عن عمر
بن الخطاب قال : " سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله
صلى الله عليه و سلم فاستمعت لقراءته فاذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها
رسول الله صلى الله عليه و سلم فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلم فلببته
بردائه فقلت : من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ قال : أقرأنيها رسول الله صلى
الله عليه و سلم فقلت : كذبت
فان رسول الله صلى الله عليه و سلم أقرأنيها على غير ما قرأت فانطلقت به أقوده إلى
رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت : اني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم
تقرئنيها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لهشام : اقرأ
فقرأ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : كذلك أنزلت ثم قال : اقرأ يا عمر
فقرأت فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : كذلك أنزلت
ان هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرأوا ما تيسر منه "
وأخرج ابن الانباري في المصاحف عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى
الله عليه و سلم صلى الصبح فقرأ سورة الفرقان فاسقط آية فلما سلم قال : هل في
القوم أبي ؟ فقال أبي : ها أنا يا رسول الله فقال : ألم أسقط آية ؟ قال : بلى
قال : فلم لم تفتحها علي ؟ قال : حسبتها آية نسخت قال : لا
ولكني أسقطتها
والله تعالى أعلم
- بسم الله الرحمن الرحيم تبارك الذي نزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا
الذي له ملك السموات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء
(6/234)
فقدره
تقديرا واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لأنفسهم ضرا
ولانفعا ولا يملكون موتا ولاحياة ولا نشورا وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك
افتراه وأعانه عليه قوم آخرون فقد جاؤوا ظلما وزورا وقالوا أساطير الأولين اكتتبها
فهي تملى عليه بكرة وأصيلا قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان
غفورا رحيما وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه
ملك فيكون معه نذيرا أو يلقى إليه كنز أو تكون له جنة يأكل منها وقال الظالمون إن
تتبعون إلا رجلا مسحورا أنظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا تبارك
الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا بل كذبوا
بالساعة واعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : تبارك تفاعل من البركة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله تبارك الذي نزل
الفرقان على عبده قال : هو القرآن فيه حلال الله وحرامه وشرائعه ودينه فرق الله به
بين الحق والباطل ليكون للعالمين نذيرا قال : بعث الله محمدا صلى الله عليه و سلم
نذير من الله لينذر الناس بأس الله ووقائعه بمن خلا قبلكم وخلق كل شيء فقدره
تقديرا قال : بين لكل شيء من خلقه صلاحه وجعل ذلك بقدر معلوم
واتخذوا من دونه آلهة قال : هي هذه الاوثان التي تعبد من دون الله لا يخلقون شيئا
وهم يخلقون وهو الله الخالق الرازق وهذه الاوثان تخلق ولا تخلق شيئا ولا تضر ولا
تنفع ولا تملك موتا ولا حياة ولا نشورا يعني بعثا وقال الذين كفروا ان هذا هذا قول
مشركي العرب إلا أفك هو الكذب افتراه وأعانه عليه أي على حديثه هذا
(6/235)
وأمره
قوم آخرون فقد جاؤا فقد أتوا ظلما وزورا وقالوا أساطير الاولين قال : كذب الاولين
وأحاديثهم وقالواا ما لهذا الرسول ! قال : عجب الكفار من ذلك أن يكون رسول يأكل
الطعام ويمشي في الأسواق لولا أنزل إليه ملك فيكون معه نذيرا أو يلقي إليه كنز أو
تكون له جنة يأكل منها قال الله يرد عليهم تبارك الذي ان شاء جعل لك خيرا من ذلك
يقول : خيرا مما قال الكفار من الكنز والجنة جنات تجري من تحتها الانهار ويجعل لك
قصورا قال : وانه والله من دخل الجنة ليصيبن قصورا لا تبلى ولا تهدم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : كل شيء في القرأن افك فهو
كذب
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله وأعانه عليه قوم آخرون قال : يهود فقد جاؤا ظلما وزورا قال : كذبا
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس
ان عتبة وشيبة ابني ربيعة وأبا سفيان بن حرب وأبا سفيان بن حرب والنضر بن الحارث
وأبا البختري والاسود بن المطلب وزمعة بن الأسود والوليد بن المغيرة وأبا جهل بن
هشام وعبد الله بن أمية وأمية بن خلف والعاصي بن وائل ونبيه بن الحجاج
اجتمعوا فقال بعضهم لبعض : ابعثوا إلى محمد فكلموه وخاصموه حتى تعذروا منه فبعثوا
إليه ان أشراف قومك قد اجتمعوا لك ليكلموك قال : فجاءهم رسول الله صلى الله عليه و
سلم فقالوا له : يا محمد انا بعثنا إليك لنعذر منك
فان كنت انما جئت بهذا الحديث تطلب به مالا جمعنا لك من أموالنا وان كنت تطلب
الشرف فنحن نسودك وان كنت تريد ملكا ملكناك
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : مالي مما تقولن : ما جئتكم به أطلب أموالكم
ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثني اليكم رسولا وأنزل علي كتابا
وأمرني ان أكون لكم بشيرا ونذيرا فبلغتكم رسالة ربي ونصحت لكم فان تقبلوا مني ما
جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وان تردوه علي أصبر لأمر الله حتى يحكم الله
بيني وبينكم
قالوا : يا محمد فان كنت غير قابل منا شيئا مما عرضنا عليك ؟ قالوا :
(6/236)
فاذا
لم تقبل هذا فسل لنفسك وسل ربك ان يبعث معك ملكا يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك وسله
أن يجعل لك جنانا وقصورا من ذهب وفضة تغنيك عما تبتغي - فانك تقوم بالأسواق وتلتمس
المعاش
كما نلتمسه - حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك ان كنت رسولا كما تزعم
فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : ما أنا بفاعل
ما أنا بالذي يسأل ربه هذا
وما بعثت اليكم بهذا ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا فأنزل الله في قولهم ذلك وقالوا
مال هذا الرسول يأكل الطعام إلى قوله وجعلنا بعضكم لبعض فتنة أتصبرون وكان ربك
بصيرا أي جعلت بعضكم لبعض بلاء لتصبروا ولو شئت ان أجعل الدنيا مع رسولي فلا
تخالفوه لفعلت
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله وقال الظالمون ان تتبعون قاله الوليد بن
المغيرة وأصحابه يوم دار الندوة
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله أنظر كيف ضربوا لك الامثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا قال : مخرجا يخرجهم من
الامثال التي ضربوا لك وفي قوله تبارك الذي ان شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري
قال : حوائط ويجعل لك قصورا قال : بيوتا مبينة مشيدة
كانت قريش ترى البيت من حجارة قصرا كائنا ما كان
وأخرج الواحدي وابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال
: لما عير المشركون رسول الله صلى الله عليه و سلم بالفاقة قالوا مال هذا الرسول
يأكل الطعام ويمشي في الاسواق حزن رسول الله صلى الله عليه و سلم لذلك فنزل جبريل
فقال : ان ربك يقرئك السلام ويقول وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم ليأكلون
الطعام ويمشون في الاسواق ثم أتاه رضوان خازن الجنان ومعه سفط من نور يتلألأ فقال
: هذه مفاتيح خزائن الدنيا فنظر النبي صلى الله عليه و سلم إلى جبريل كالمستشير له
فضرب جبريل إلى الأرض أن تواضع فقال : يا رضوان لا حاجة لي فيها فنودي : أن أرفع
بصرك فرفع فاذا السموات فتحت أبوابها إلى العرش وبدت جنات عدن فرأى منازل الانبياء
وعرفهم واذا منازله فوق منازل الانبياء فقال : رضيت
ويرون ان هذه الآية أنزلها رضوان تبارك الذي ان شاء جعل لك خيرا من ذلك
(6/237)
وأخرج
الفريابي وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم وابن مردويه عن خيثمة قال : قيل للنبي صلى الله عليه و سلم : ان شئت أعطيناك
خزائن الأرض ومفاتيحها ما لم يعط نبي قبلك ولا يعطاه أحد بعدك ولا ينقصك ذلك مما
لك عند الله شيئا وان شئت جمعتها لك في الآخرة قال : اجمعها لي في الآخرة فأنزل
الله تبارك الذي ان شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك
قصورا
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال بينما جبريل عند النبي صلى الله
عليه و سلم اذ قال " هذا ملك تدلى من السماء إلى الأرض
ما نزل إلى الأرض قط قبلها استأذن ربه في زيارتك فأذن له فلم يلبث ان جاء فقال :
السلام عليك يا رسول الله قال : وعليك السلام قال : ان الله يخبرك ان شئت أن يعطيك
من خزائن كل شيء ومفاتيح كل شيء لم يعط أحد قبلك ولا يعطيه أحدا بعدك ولا ينقصك
مما دخر لك عنده شيئا فقال : لا بل يجمعهما لي في الآخرة جميعا فنزلت تبارك الذي
ان شاء جعل لك خيرا من ذلك
- قوله تعالى : إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا ونفيرا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله اذا رأتهم من مكان بعيد قال : من مسيرة مائة
عام
وأخرج الطبراني وابن مردويه من طريق مكحول عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعدا من بين عيني جهنم "
قالوا : يا رسول الله وهل لجهنم من عين ؟ قال : نعم
أما سمعتم الله يقول اذا رأتهم من مكان بعيد فهل تراهم إلا بعينين "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق خالد بن دريك عن
رجل من الصحابة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من يقل علي ما لم
أقل أو ادعى إلى غير والديه أو انتمى إلى غير مواليه فليتبوأ بين عيني جهنم مقعدا
قيل : يا رسول الله وهل لها من عينين ؟ قال : نعم
أما سمعتم الله يقول اذا رأتهم من مكان بعيد "
(6/238)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم بسند صحيح عن ابن عباس قال : ان العبد ليجر الىالنار فتشهق
إليه شهقة البغلة إلى الشعير ثم تزفر زفرة لا يبقى أحد إلا خاف وان الرجل من أهل
النار ما بين شحمة أذنيه وبين منكبيه مسيرة سبعين سنة وان فيها لأودية من قيح تكال
ثم تصب في فيه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبيد بن
عمير في قوله سمعوا لها تغيظا وزفيرا قال : ان جهنم لتزفر زفرة لا يبقى ملك مقرب
ولا نبي مرسل إلا ترعد فرائصه حتى ان إبراهيم عليه السلام ليجثوا على ركبتيه ويقول
: يا رب لا أسألك اليوم إلا نفسي
وأخرج ابن وهب في الاهوال عن العطاف بن خالد قال : " يؤتى بجهنم يومئذ يأكل
بعضها بعضا يقودها سبعون ألف ملك فاذا رأت الناس فذلك قوله اذا رأتهم من مكان بعيد
سمعوا لها تغيظا وزفيرا زفرت زفرة لا يبقى نبي ولا صديق إلا برك لركبتيه ويقول :
يا رب نفسي نفسي ويقول رسول الله صلى الله عليه و سلم : أمتي
أمتي "
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن مغيث بن سمي قال : ما خلق الله من شيء إلا وهو يسمع
زفير جهنم غدوة وعشية إلا الثقلين الذين عليهم الحساب والعقاب
وأخرج آدم بن أبي اياس في تفسيره عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله اذا رأتهم من
مكان بعيد قال : من مسيرة مائة عام وذلك اذا أتي بجهنم تقاد بسبعين ألف زمام يشد
بكل زمام سبعون ألف ملك لو تركت لأتت على كل بر وفاجر سمعوا لها تغيظا وزفيرا تزفر
زفرة لا يبقى قطرة من دمع إلا بدرت ثم تزفر الثانية فتقطع القلوب من أماكنها وتبلغ
القلوب الحناجر
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن كعب قال : اذا كان يوم القيامة جمع الله الاولين
والآخرين في صعيد واحد ونزلت الملائكة صفوفا فيقول الله لجبريل : ائت بجهنم فيأتي
بها تقاد بسبعين ألف زمام حتى اذا كانت من الخلائق على قدر مائة عام زفرت زفرة
طارت لها أفئدة الخلائق ثم تزفر زفرة ثانية فلا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل إلا
جثى لركبتيه ثم تزفر الثالثة فتبلغ القلوب الحناجر وتذهل العقول فيفزع كل أمرئ إلى
عمله حتى ان إبراهيم عليه السلام يقول : بخلتي لا أسألك إلا نفسي
ويقول موسى : بمناجاتي لا أسألك إلا نفسي
ويقول عيسى :
(6/239)
بما
أكرمتني لا أسألك إلا نفسي لا أسألك مريم التي ولدتني
ومحمد صلى الله عليه و سلم يقول : أمتي
أمتي
لا أسألك اليوم نفسي
فيجيبه الجليل جل جلاله ألا ان أوليائي من أمتك لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
فوعزتي لا قرن عينك في أمتك ثم تقف الملائكة بين يدي الله تعالى ينتظرون ما يؤمرون
- قوله تعالى : وإذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين دعوا هنالك ثبورا لا تدعوا
اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا
أخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن أبي أسيد ان رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن
قول الله واذا ألقوا منها مكانا ضيقا مقرنين قال " والذي نفسي بيده أنهم
ليستكرهون في النار كما يستكره الوتد في الحائط "
وأخرج ابن أبي حاتم من طرق عن قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمر واذا ألقوا
منها مكانا ضيقا قال : مثل الزج في الرمح
وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق قتادة
في الآية قال ذكر لنا أن عبد الله كان يقول : ان جهنم لتضيق على الكافر كضيق الزج
على الرمح
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله مقرنين قال : مكتفين
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك دعوا هنالك ثبورا قال : دعوا بالهلاك فقالوا :
واهلاكاه
واهلكتاه
فقيل لهم : لا تدعوا اليوم بهلاك واحد ولكن ادعوا بهلاك كثير
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث بسند
صحيح عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ان أول من يكسى حلة
من النار إبليس فيضعها على حاجبيه ويسحبها من خلفه وذريته من بعده وهو ينادي : يا
ثبوراه ويقولون : يا ثبورهم حتى يقف على النار فيقول : يا ثبوراه
ويقولون : واثبورهم فيقال لهم لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا
"
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة دعوا هنالك ثبورا قال : ويلا وهلاكا
(6/240)
-
قوله تعالى : قل أذلك خيرأم جنة الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا لهم
فيها ما يشاؤون خالدين كان على ربك وعدا مسؤولا
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله كانت لهم جزاء أي من الله ومصيرا أي منزلا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن يسار قال : قال كعب الاحبار : من مات وهو يشرب
الخمر لم يشربها في الآخرة وان دخل الجنة قال عطاء : فقلت له : فان الله تعالى
يقول لهم فيها ما يشاؤن قال كعب : أنه ينساها فلا يذكرها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله كان على ربك وعدا مسؤلا يقول :
سلوا الذي وعدتكم تنجزوه
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي من طريق سعيد بن هلال عن محمد بن كعب القرظي في قوله
كان على ربك وعدا مسؤلا قال : ان الملائكة تسأل لهم ذلك في قولهم وأدخلهم جنات عدن
التي وعدتهم غافر الآية 8 قال سعيد : وسمعت أبا حازم يقول : اذا كان يوم القيامة
قال المؤمنون ربنا عملنا لك بالذين أمرتنا فانجز لنا ما وعدتنا
فذلك قوله وعدا مسؤلا
- قوله تعالى : ويوم يحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول أأنتم أضللتم عبادي
هؤلاء أم هم ضلوا السبيل قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء
ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا فقد كذبوا بما تقولون فما
تستطيعون صرفا ولا نصرا ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا
أخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
مجاهد في قوله ويوم نحشرهم وما يعبدون من دون الله فيقول ءأنتم أضللتم عبادي قال :
عيسى وعزير والملائكة
(6/241)
وأخرج
الحاكم وابن مردويه بسند ضعيف عن عبد الله بن غنم قال : سألت معاذ بن جبل عن قول
الله وما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من أولياء أو نتخذ فقال : سمعت النبي صلى
الله عليه و سلم يقرأ ان نتخذ بنصب النون فسألته عن الم غلبت الروم الروم الآيتان
1 - 2 أو غلبت قال : أقرأني رسول الله صلى الله عليه و سلم غلبت الروم
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن الضحاك قال : قرأ رجل عند علقمة ما كان ينبغي
لنا أن نتخذ من دونك برفع النون ونصب الخاء فقال علقمة ان نتخذ بنصب النون وخفض
الخاء
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير أنه كان يقرؤها ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من
دونك برفع النون ونصب الخاء
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قالوا سبحانك ما كان ينبغي لنا أن نتخذ من دونك من
أولياء قال : هذا قول الالهة ولكن متعتهم وآباءهم حتى نسوا الذكر وكانوا قوما بورا
قال : البور : الفاسد
وانه ما نسي الذكر قوم قط إلا باروا وفسدوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله قوما بورا قال : هلكى
وأخرج الطستي عن ابن عباس ان نافع بن الازرق قال له أخبرني عن قوله عز و جل قوما
بورا قال : هلكى بلغة عمان وهم من اليمن قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر وهو يقول : فلا تكفروا ما قد صنعنا إليكم وكافوا به فالكفر
بور لصانعه وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : البور : بكلام عمان
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن بورا قال قاسين لا خير فيهم
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد في قوله قوما بورا قال : هالكين فقد كذبوكم بما تقولون يقول الله للذين
كانوا يعبدون عيسى وعزيرا والملائكة حين قالوا سبحانك ! أنت ولينا من دونهم فقد
كذبوكم بما تقولون عيسى وعزيرا والملائكة حين يكذبون المشركين بقولهم فما يستطيعون
صرفا ولا نصرا قال : المشركون لا يستطيعون صرف العذاب ولا نصر أنفسهم
(6/242)
أما
قوله تعالى ومن يظلم منكم نذقه عذابا كبيرا
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه قال : قرأت اثنين وسبعين كتابا كلها نزلت من
السماء ما سمعت كتابا أكثر تكريرا فيه الظلم معاتبة عليه من القرآن
وذلك ان الله علم أن فتنة هذه الأمة تكون في الظلم وأما الاخر فان أكثر معاتبته
اياهم في الشرك وعبادة الاوثان
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن الحسن في قوله ومن يظلم منكم قال هو الشرك
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج في قوله ومن يظلم منكم قال : يشرك
- قوله تعالى : وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم يأكلون الطعام ويمشون في
الأسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنه أتصبرون وكان ربك بصيرا
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة وما أرسلنا قبلك من المرسلين
إلا أنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق يقول : ان الرسل قبل محمد كانوا بهذه
المنزلة يأكلون الطعام ويمشون في الاسواق وجعلنا بعضكم لبعض فتنة قال : بلاء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن
الحسن وجعلنا بعضكم لبعض فتنة قال : يقول الفقير : لو شاء الله لجعلني غنيا مثل
فلان
ويقول السقيم : لو شاء الله لجعلني صحيحا مثلا فلان
ويقول الاعمى : لو شاء الله لجعلني بصيرا مثل فلان
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة وجعلنا بعضكم لبعض فتنة قال : هو التفاضل في الدنيا
والقدرة والقهر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله وجعلنا بعضكم لبعض فتنة قال :
يمسك على هذا ويوسع على هذا فيقول : لم يعطني ربي ما أعطى فلانا
ويبتلي بالوجع فيقول : لم يجعلني ربي صحيحا مثل فلان
في أشباه ذلك
(6/243)
من
البلاء ليعلم من يصبر ممن يجزع وكان ربك بصيرا بمن يصبر ومن يجزع
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " لو شاء الله
لجعلكم أغنياء كلكم لا فقير فيكم
ولو شاء الله لجعلكم فقراء كلكم لا غني فيكم
ولكن ابتلى بعضكم ببعض "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاصول عن رفاعة بن رافع الزرقي قال : قال رجل : يا
رسول الله كيف ترى في رقيقنا
أقوام مسلمين يصلون صلاتنا ويصومون صومنا نضربهم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " توزن ذنوبهم وعقوبتكم اياهم فان كانت عقوبتكم أكثر من ذنوبهم أخذوا
منكم قال : أفرأيت سبا اياهم ؟ قال
يوزن ذنبهم واذا كم اياهم فان كان اذا كم أكثر أعطوا منكم قال الرجل : ما أسمع
عدوا أقرب الي منهم ! فتلا رسول الله صلى الله عليه و سلم وجعلنا بعضكم لبعض فتنة
أتصبرون وكان ربك بصير فقال الرجل : أرأيت يا رسول الله ولدي أضربهم ؟ قال : انك
لاتتهم في ولدك فلا تطيب نفسا تشبع ويجوع ولا تكتسي ويعروا "
- قوله تعالى : وقال الذين لا يرجون لقاءنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا
لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عتوا كبيرا
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله وقال الذين لا يرجون لقاءنا قال :
هذا قول كفار قريش لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا فيخبرنا أن محمدا رسول
الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير في قوله وقال الذين لا يرجون لقاءنا قال لا
يسألون
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة لولا أنزل علينا الملائكة أي نراهم عيانا
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله وعتوا عتوا كبيرا قال : شدة الكفر
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال العتو في كتاب الله التجبر
- قوله تعالى : يوم يرون الملائكه لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا محجورا
(6/244)
أخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله يوم يرون
الملائكة قال : يوم القيامة
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية في قوله لا بشرى يؤمئذ للمجرمين قال : اذا كان يوم
القيامة يلقى المؤمن بالبشرى فاذا رأى ذلك الكفار قالوا للملائكة : بشرونا قالوا :
حجرا محجورا
حراما محرما ان نتلقاكم بالبشرى
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ويقولون حجرا
محجورا قال : عوذا معاذا الملائكة تقوله
وفي لفظ قال : حراما محرما أن تكون البشرى اليوم إلا للمؤمنين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ويقولون حجرا محجورا قال : تقول الملائكة :
حراما محرما على الكفار البشرى يوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك ويقولون حجرا محجورا قال : تقول الملائكة :
حراما محرما على الكفار البشرى حين رأيتمونا
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عطية العوفي
عن أبي سعيد الخدري ويقولون حجرا محجورا قال : حراما محرما أن نبشركم بما نبشر به
المتقين
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن وقتادة في قوله
ويقولون حجرا محجورا قال : هي كلمة كانت العرب تقولها
كان الرجل اذا نزلت به شدة قال : حجرا محجورا حراما محرما
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : كانت المرأة اذا رأت الشيء تكرهه تقول : حجر من
هذا
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال : لما جاءت زلازل الساعة فكان من
زلازلها ان السماء انشقت فهي يومئذ واهية والملك على ارجائها : على سعة كل شيء ؟
تشقق
فهي من السماء فذلك قوله يوم يرون الملائكة لا بشرى يومئذ للمجرمين ويقولون حجرا
محجورا حراما محرما أيها المجرمون أن تكون لكم البشرى اليوم حين رأيتمونا
(6/245)
-
قوله تعالى : وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا
أخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
مجاهد وقدمنا إلى ما عملوا من عمل قال : قدمنا إلى ما عملوا من خير ممن لا يتقبل
منه في الدنيا
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب
في قوله هباء منثورا قال : الهباء : شعاع الشمس الذي يخرج من الكوة
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب قال :
الهباء : ريح الغبار يسطع ثم يذهب فلا يبقى منه شيء فجعل الله أعمالهم كذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الهباء : الذي يطير من النار اذا اضطرمت
يطير منها الشرر فاذا وقع لم يكن شيئا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله هباء منثورا قال : الماء المهراق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله هباء منثورا قال :
الشعاع في كوة أحدهم
لو ذهبت تقبض عليه لم تستطع
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله هباء
منثورا قال : شعاع الشمس من الكوة
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة هباء منثورا قال
: شعاع الشمس الذي في الكوة
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك وعامر في الهباء المنثور : شعاع الشمس
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك هباء منثورا قال : الغبار
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة هباء
منثورا قال : هو ما تذروه الرياح من حطام هذا الشجر
وأخرج ابن أبي حاتم عن معلى بن عبيدة قال : الهباء : الرماد
(6/246)
وأخرج
سمويه في فوائده عن سالم مولى أبي حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ليجاء يوم القيامة بقوم معهم حسنات مثال جبال تهامة حتى اذا جيء بهم جعل
الله تعالى أعمالهم هباء ثم قذفهم في النار قال سالم : بأبي وأمي يا رسول الله حل
لنا هؤلاء القوم ؟ قال : كانوا يصلون ويصومون ويأخذون سنة من الليل ولكن كانوا اذا
عرض عليهم شيء من الحرام وثبوا عليه فادحض الله تعالى أعمالهم "
- قوله تعالى : أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا
أخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا قال
: أحسن منزلا وخير مأوى
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله وأحسن مقيلا قال : مصيرا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله خير مستقرا وأحسن مقيلا قال :
في الغرف من الجنة
وكان حسابهم أن عرضوا على ربهم عرضة واحدة وذلك الحساب اليسير وذلك مثل قوله فأما
من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا
وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : لا ينتصف النهار من يوم القيامة حتى يقبل هؤلاء
وهؤلاء
ثم قرأ أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا وقرأ ثم ان مقيلهم لالى الجحيم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : انما هي ضحوة فيقيل أولياء الله على الاسرة
مع الحور العين ويقيل أعداء الله مع الشياطين مقرنين
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وأبو نعيم في الحلية عن
إبراهيم النخعي قال : كانوا يرون أنه يفرغ من حساب الناس يوم القيامة نصف النهار
فيقيل أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار فذلك قوله أصحاب الجنة يومئذ خير
مستقرا وأحسن مقيلا
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن الصواف قال : بلغني أن يوم القيامة يقصر على المؤمن حتى
يكون كما بين العصر إلى غروب الشمس وانهم ليقيلون في رياض الجنة
(6/247)
حين
يفرغ الناس من الحساب
وذلك قوله أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا وأحسن مقيلا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا
وأحسن مقيلا أي مأوى ومنزلا قال قتادة : حدث صفوان ابن محرز قال : انه ليجاء يوم
القيامة برجلين
كان أحدهما ملكا في الدنيا فيحاسب فاذا عبد لم يعمل خيرا فيؤمر به إلى النار
والآخر كان صاحب كساه في الدنيا فيحاسب فيقول : يا رب ما أعطيتني من شيء فتحاسبني
به فيقول : صدق عبدي فارسلوه فيؤمر به إلى الجنة ثم يتركان ما شاء الله ثم يدعى
صاحب النار فاذا هو مثل الحممة السوداء فيقال له : كيف وجدت مقيلك ؟ فيقول : شر
مقيل
فيقال له : عد
ثم يدعى صاحب الجنة فاذا هو مثل القمر ليلة البدر فيقال له : كيف وجدت مقيلك ؟
فيقول رب خير مقيل فيقال : عد
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : اني لاعرف الساعة التي يدخل فيها أهل الجنة
الجنة وأهل النار النار : الساعة التي يكون فيها ارتفاع الضحى الاكبر اذا انقلب
الناس إلى أهليهم للقيلولة
فينصرف أهل النار إلى النار وأما أهل الجنة فينطلق بهم الجنة فكانت قيلولتهم في
الجنة وأطعموا كبد الحوت فاشبعهم كلهم فذلك قوله أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا
وأحسن مقيلا
وأخرج ابن عساكر عن عكرمة أنه سئل عن يوم القيامة أمن الدنيا هو أم من الآخرة ؟
فقال : صدر ذلك اليوم من الدنيا وآخرة من الآخرة
- قوله تعالى : ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا الملك يومئذ الحق
للرحمن وكان يوما على الكافرين عسيرا
أخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في الاهوال وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والحاكم عن ابن عباس أنه قرأ ويوم تشقق السماء بالغمام ونزل الملائكة تنزيلا قال :
يجمع الله الخلق يوم القيامة في صعيد واحد
الجن والأنس والبهائم والسباع والطير وجميع الخلق فتشقق السماء الدنيا فينزل أهلها
وهم أكثر ممن في
(6/248)
الأرض
من الجن والانس وجميع الخلق فيحيطون بالجن والانس وجميع الخلق فيقول أهل الأرض :
أفيكم ربنا ؟ فيقولون : لا
ثم تشقق السماء الثانية فينزل أهلها وهم أكثر من أهل السماء الدنيا ومن الجن
والانس وجميع الخلق فيحيطون بالملائكة الذين نزلوا قبلهم والجن والانس وجميع الخلق
ثم ينزل أهل السماء الثالثة فيحيطون بالملائكة الذين نزلوا قبلهم والجن والانس
وجميع الخلق
ثم ينزل أهل السماء الرابعة وهم أكثر من أهل الثالثة والثانية والأولى وأهل الأرض
ثم ينزل أهل السماء الخامسة وهم أكثر ممن تقدم ثم أهل السماء السادسة كذلك ثم أهل
السماء السابعة
وهم أكثر من أهل السموات وأهل الأرض ثم ينزل ربنا في ظلل من الغمام وحوله
الكروبيون وهم أكثر من أهل السموات السبع والانس والجن وجميع الخلق لهم قرون ككعوب
القنا وهم حملة العرش لهم زجل بالتسبيح والتحميد والتقديس لله تعالى ومن أخمص قدم
أحدهم إلى كعبة مسيرة خمسمائة عام ومن كعبه إلى ركبته خمسمائة عام ومن ركبته إلى
فخذه مسيرة خمسمائة عام ومن فخذه إلى ترقوته مسيرة خمسمائة عام ومن ترقوته إلى
موضع القرط مسيرة خمسمائة عام وما فوق ذلك خمسمائة عام
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك ويوم تشقق السماء بالغمام قال : هو قطع
السماء اذا انشقت
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد ويوم تشقق السماء بالغمام قال : هو الذي
قال في ظلل من الغمام البقرة الآية 120 الذي يأتي الله فيه يوم القيامة
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في الآية
يقول : تشقق عن الغمام الذي يأتي الله فيه
غمام زعموا في الجنة
- قوله تعالى : ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا يا
ويلتي ليتني لم أتخذ فلانا خليلا لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان
للإنسان خذولا وقال الرسول يا رب إن قومي
(6/249)
اتخذوا
هذا القرآن مهجورا وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين وكفى بربك هاديا ونصيرا
أخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل بسند صحيح من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس
رضي الله عنهما : " ان أبا معيط كان يجلس مع النبي صلى الله عليه و سلم بمكة
لا يؤذيه وكان رجلا حليما وكان بقية قريش اذا جلسوا معه آذوه وكان لابي معيط خليل
غائب عنه بالشام فقالت قريش : صبا أبو معيط وقدم خليله من الشام ليلا فقال لامرأته
: ما فعل محمد مما كان عليه ؟ فقالت : أشد مما كان أمرا أبو معيط فحياه فلم يرد
عليه التحية فقال : مالك
لا ترد علي تحيتي ؟ فقال : كيف أرد عليك تحيتك وقد صبوت ؟ قال : أوقد فعلتها قريش
؟ ! قال : نعم
قال فما يبرىء صدورهم ان أنا فعلت قال : نأتيه في مجلسه وتبصق في وجهه وتشمته
باخبث ما تعلمه من الشتم
ففعل فلم يزد النبي صلى الله عليه و سلم ان مسح وجهه من البصاق ثم التفت اليه فقال
: ان وجدتك خارجا من جبال مكة أضرب عنقك صبرا
فلما كان يوم بدر وخرج أصحابه أبى أن يخرج فقال له أصحابه : أخرج معنا قال : قد
وعدني هذا الرجل ان وجدني خارجا من جبال مكة أن يضرب عنقي صبرا فقالوا : لك جمل
أحمر لا يدرك فلو كانت الهزيمة طرت عليهن فخرج معهم فلما هزم الله المشركين وحل به
جمله في جدد من الأرض فاخذه رسول الله صلى الله عليه و سلم أسيرا في في سبعين من
قريش وقدم اليه أبو معيط فقال : تقتلني من بين هؤلاء ؟ قال : نعم
بما بصقت في وجهي فانزل الله في أبي معيط ويوم يعض الظالم على يديه إلى قوله وكان
الشيكان للانسان خذولا "
وأخرج أبو نعيم من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : " كان عقبة بن
أبي معيط لا يقدم من سفر إلا صنع طعاما فدعا اليه أهل مكة كلهم وكان يكثر مجالسة
النبي صلى الله عليه و سلم ويعجبه حديثه وغلب عليه الشقاء فقدم ذات يوم من سفر
فصنع طعاما ثم دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى طعامه فقال : ما أنا بالذي
آكل من
(6/250)
طعامك
حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله
فقال : أطعم يا ابن أخي
قال : ما أنا بالذي أفعل حتى تقول
فشهد بذلك وطعم من طعامه
فبلغ ذلك أبي خلف فاتاه فقال : أصبوت يا عقبة ؟ - وكان خليله - فقال : لا والله ما
صبوت
ولكن دخل على رجل فابى أن يطعم من طعامي إلا أن أشهد له فاستحييت أن يخرج من بيتي
قبل ان يطعم فشهدت له فطعم
فقال : ما أنا بالذي أرضى عنك حتى تأتيه فتبصق في وجهه
ففعل عقبة فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : لا ألقاك خارجا من مكة إلا
علوت رأسك بالسيف فاسر عقبة يوم بدر فقتل صبرا ولم يقتل من الاسارى يومئذ غيره
"
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه من طرق عن ابن عباس قال : " كان أبي
بن خلف يحضر النبي صلى الله عليه و سلم فزجره عقبة بن أبي معيط فنزل ويوم يعض
الظالم على يديه إلى قوله وكان الانسان خذولا "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن جرير وابن المنذر عن مقسم مولى ابن عباس قال :
" ان عقبة بن أبي معيط وأبي بن خلف الجمحي التقيا فقال عقبة بن ابي معيط لابي
بن خلف وكانا خليلين في الجاهلية وكان أبي قد أتى النبي صلى الله عليه و سلم فعرض
عليه الإسلام فلما سمع بذلك عقبة قال : لا أرضى عنك حتى تأتي محمدا فتتفل في وجهه
وتشمته وتكذبه
قال : فلم يسلطه الله على ذلك
فلما كان يوم بدر أسر عقبة بن أبي معيط في الاسارى فامر به النبي صلى الله عليه و
سلم علي بن ابي طالب أن يقتله فقال عقبة : يا محمد أمن بين هؤلاء أقتل ؟ قال : نعم
قال : بم ؟ قال : بكفرك وفجورك وعتوك على الله وعلى رسوله فقام اليه علي بن أبي
طالب فضرب عنقه
وأما أبي بن خلف فقال : والله لا قتلن محمدا
فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : بل أنا أقتله ان شاء الله
فافزعه ذلك فوقعت في نفسه لانهم لم يسمعوا رسول الله صلى الله عليه و سلم قال قولا
إلا كان حقا فلما كان يوم أحد خرج مع المشركين فجعل يلتمس غفلة النبي صلى الله
عليه و سلم ليحمل عليه
فيحول رجل من المسلمين بين النبي صلى الله عليه و سلم وبينه
فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لاصحابه : خلوا عنه فاخذ الحربة
فرماه بها فوقعت في ترقوته فلم يخرج منه كبير دم واحتقن الدم في جوفه فخار كما
يخور الثور فاتى
(6/251)
أصحابه
حتى احتملوه وهو يخور وقالوا : ما هذا ؟ ! فوالله ما بك إلا خدش فقال : والله لو
لم يصبني إلا بريقه لقتلني اليس قد قال : أنا أقتله والله لو كان الذي بي باهل ذي
المجاز لقتلهم
قال : فما لبث إلا يوما أو نحو ذلك حتى مات إلى النار وأنزل الله فيه ويوم يعض
الظالم على يديه إلى قوله وكان الشيطان للانسان خذولا "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن سابط قال : " صنع أبي
بن خلف طعاما ثم أتى مجلسا فيه النبي صلى الله عليه و سلم فقال : قوموا
فقاموا غير النبي صلى الله عليه و سلم قال : لا أقوم حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأني
رسول الله فتشهد
فقام النبي صلى الله عليه و سلم فلقيه عقبة بن أبي معيط فقال : قلت : كذا وكذا قال
: انما أردت لطعامنا فذلك قوله ويوم يعض الظالم على يديه "
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد في قوله ويوم يعض الظالم على يديه قال : عقبة بن أبي معيط دعا مجلسا فيه
النبي صلى الله عليه و سلم لطعام فابى النبي صلى الله عليه و سلم ان ياكل وقال :
" لا آكل حتى تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله
فلقيه أميه بن خلف فقال : أقد صبوت ؟ فقال : ان أخاك على ما تعلم ولكن صنعت طعاما
فابى ان ياكل حتى قلت ذلك فقلته وليس من نفسي "
وأخرج ابن أبي حاتم عن هشام في قوله ويوم يعض الظالم على يديه قال : ياكل كفيه
ندامة حتى يبلغ منكبه لا يجد مسها
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله ويوم يعض الظالم على يديه قال : ياكل يده ثم تنبت
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني في قوله ويوم يعض الظالم على يديه قال :
بلغني انه يعضه حتى يكسر العظم ثم يعود
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب قال : نزلت في أمية بن خلف
وعقبة بن أبي معيط ويوم يعض الظالم على يديه قال : هذا عقبة
لم أتخذ فلانا خليلا قال : أمية وكان عقبة خدنا لامية فبلغ أمية أن عقبة يريد
الإسلام فاتاه وقال : وجهي من وجهك حرام أن أسلمت أن أكلمك أبدا
(6/252)
ففعل
فنزلت هذه الآية فيهما
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن أبي مالك في قوله لم أتخذ فلانا خليلا
قال : عقبة بن أبي معيط وأمية بن خلف كانا متواخيين في الجاهلية يقول أمية بن خلف
: ياليتني لم اتخذ عقبة بن أبي معيط خليلا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن ميمون في قوله ويوم يعض الظالم على يديه قال :
" نزلت في عقبة بن ابي معيط وابي بن خلف دخل النبي صلى الله عليه و سلم على
عقبة في حاجة وقد صنع طعاما للناس فدعا النبي صلى الله عليه و سلم إلى طعامه قال :
لا
حتى تسلم
فاسلم فاكل
وبلغ الخبر أبي بن خلف فاتى عقبة فذكر له ما صنع فقال له عقبة : أترى مثل محمد
يدخل منزلي وفيه طعام ثم يخرج ولا ياكل ! قال : فوجهي من وجهك حرام حتى ترجع عما
دخلت فيه
فرجعز فنزلت الآية "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال ويوم يعض الظالم على يديه قال : أبي بن خلف
وعقبة بن أبي معيط
وهما الخليلان في جهنم على منبر من نار
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : ذكر لنا أن رجلا من قريش كان يغشى رسول الله صلى
الله عليه و سلم فلقيه رجل من قريش - وكان له صديقا - فلم يزل به حتى صرفه وصده عن
غشيان رسول الله صلى الله عليه و سلم فانزل الله فيهما ما تسمعون
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد ياليتني لم أتخذ فلانا خليلا قال : الشيطان
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة وكان الشيطان للانسان خذولا
قال : خذل يوم القيامة وتبرأ منه وقال الرسول يا رب ان قومي اتخذوا هذا القرآن
مهجورا هذا قول نبيكم يشتكي قومه إلى ربه قال الله يعزي نبيه : وكذلك جعلنا لكل
نبي عدوا من المجرمين يقول : ان الرسل قد لقيت هذا من قومها قبلك فلا يكبرن عليك
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابنجرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله
اتخذوا هذا القرآن مهجورا قال : يهجرون فيه بالقول السيء
يقولون : هذا سحر
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن
(6/253)
أبي
حاتم عن إبراهيم النخعي في قوله اتخذوا هذا القرآن مهجورا قالوا : فيه هجيرا غير
الحق
ألم تر المريض اذا هذى قيل : هجر ؟ أي قال : غير الحق
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين قال :
لم يبعث نبي قط إلا كان المجرمون له أعداء
ولم يبعث نبي قط إلا كان بعض المجرمين أشد عليه من بعض
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين قال : كان عدو
النبي صلى الله عليه و سلم أبو جهل وعدو موسى قارون وكان قارون ابن عم موسى
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا من المجرمين قال : يوطن محمد
صلى الله عليه و سلم انه جاعل له عدوا من المجرمين كما جعل لمن قبله
- قوله تعالى : وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به
فؤادك ورتلناه ترتيلا ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا
أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال
: قال المشركون : ان كان محمد كما يزعم نبيا فلم يعذبه ربه
إلا ينزل عليه القرآن جملة واحدة ؟ ينزل عليه الآية والآيتين والسورة
فانزل الله على نبيه جواب ما قالوا وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة
واحدة إلى وأضل سبيلا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن
جملة واحدة يقولون : كما أنزل على موسى وعلى عيسى قال الله كذلك لنثبت به فؤادك
ورتلناه ترتيلا قال : بيناه تبيينا ولا ياتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا
قال : أحسن تفصيلا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله كذلك لنثبت به
فؤادك قال : كان الله ينزل عليه الآية فاذا علمها رسول الله صلى الله عليه و سلم
نزلت آية
(6/254)
أخرى
ليعلمه الكتاب عن ظهر قلبه ويثبت به فؤادك ولا ياتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن
تفسيرا يقول : احسن تفصيلا
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله كذلك لتثبت قال : لنشدد به
فؤادك ونربط على قلبك ولاتلناه ترتيلا قال : رسلناه ترسيلا يقول : شيئا بعد شيء
ولا ياتونك بمثل يقول : لوأنزلنا عليك القرآن جملة واحدة ثم سالوك لم يكن عندك ما
تجيب
ولكنا نمسك عليك فاذا سالوك أجبت
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قالت قريش ما للقرآن لم ينزل على النبي صلى
الله عليه و سلم جملة واحدة ؟ قال الله في كتابه وقال الذين كفروا لولا نزل عليه
القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا قال : قليلاز قليلا
كيما لا يجيؤك بمثل إلا جئناك بما ينقض عليهم فانزلناه عليك تنزيلا قليلا قليلا
كلما جاؤا بشيء جئناهم بما هو أحسن منه تفسيرا
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ورتلناه
ترتيلا قال : كان ينزل عليه الآية
والآيتان
والآيات
كان ينزل عليه جوابا لهم
اذا سألوا رسول الله صلى الله عليه و سلم عن شيء أنزل الله جوابا لهم وردا عن
النبي صلى الله عليه و سلم فيما تكلموا به وكان بين أوله وآخره نحو من عشرين سنة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا قال :
كان ينزل عليه القرآن جوابا لقولهم
ليعلم ان الله هو يجيب القوم عما يقولون ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق قال : لا
ياتيك الكفار إلا جئناك بما ترد به ما جاؤك به من الامثال التي جاؤا بها
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن إبراهيم النخعي ورتلناه ترتيلا يقول
: أنزل متفرقا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي ورتلناه ترتيلا قال : فصلنا تفصيلا
وأخرجابن أبي حاتم عن عطاء في قوله وأحسن تفسيرا قال : تفصيلا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وأحسن تفسيرا قال : بيانا
(6/255)
-
قوله تعالى : الذين يحشرون على وجوههم إلى جهنم أولئك شر مكانا وأضل سبيلا
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله اولئك شر مكانا يقول : من أهل
الجنة وأضل سبيلا قال : طريقا
- قوله تعالى : ولقد آتينا موسى الكتاب وجعلنا معه أخاه هارون وزيرا فقلنا اذهبا
إلى القوم الذين كذبوا بآياتنا فدمرناهم تدميرا وقوم نوح لما كذبوا الرسل أغرقناهم
وجعلناهم للناس آية واعتدنا للظالمين عذابا أليما وعاد وثمود وأصحاب الرس وقرونا
بين ذلك كثيرا
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وجعلنا معه أخاه
هرون وزبرا قال : عونا وعضدا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فدمرناهم تدميرا قال : أهلكناهم بالعذاب
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ وعادا وثمودا ينون ثمود
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال الرس قرية من ثمود
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال الرس بئر باذربيجان
وأخرج ابن عساكر عن قتادة في قوله وأصحاب الرس قال : قوم شعيب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وأصحاب الرس قال :
حدثنا ان أصحاب الرس كانوا أهل فلج باليمامة وآبار كانوا عليها
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال الرس بئر كان عليها قوم يقال
لهم : أصحاب الرس
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة قال أصحاب الرس رسوا نبيهم في
بئر
(6/256)
وأخرج
ابن أبي شيبة وابن المنذر عن ابن عباس انه سأل كعبا عن أصحاب الرس قال : صاحب
البئر الذي قال يا قوم اتبعوا المرسلين فرسه قومه في بئر بالحجار
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال الرس بئر قتل به صاحب يس
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي والبيهقي وابن عساكر عن جعفر بن محمد بن علي :
ان امرأتين سألتاه هل تجد غشيان المرأة المرأة محرما في كتاب الله ؟ قال : نعم
هن اللواتي كن على عهد تبعن وهن صواحب الرس وكل نهر وبئر رس
قال : يقطع لهن جلباب من نار ودرع من نار ونطاق من نار وتاج من نار وخفان من نار
ومن فوق ذلك ثوب غليظ جاف جلف منتن من نار قال جعفر : علموا هذا نساءكم
وأخرج ابن أبي الدنيا عن واثلة بن الاسقع رفعه قال : سحاق النساء زنا بينهن
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عبد الله بن كعب بن مالك قال : لعن رسول الله صلى
الله عليه و سلم الراكبة والمركوبة
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : أن أصحاب الايكة
وأصحاب الرس
كانتا أمتين فبعث الله اليهما نبيا واحدا شعيبا وعذبهما الله بعذابين
وأخرج ابن اسحق وابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " ان أول الناس يدخل الجنة يوم القيامة العبد الاسود وذلك ان الله
تعالى بعث نبيا إلى أهل قريته فلم يؤمن به من أهلها أحد إلا ذلك الاسود ثم ان أهل
القرية عدوا على النبي فحفروا له بئر فالقوه فيها ثم أطبقوا عليه بحجر ضخم فكان
ذلك العبد يذهب فيحتطب على ظهره ثم يأتي بحطبه فيبيعه فيشتري به طعاما وشرابا ثم
ياتي به إلى تلك البئر فيرفع تلك الصخرة فيعينه الله عليها فيدلي طعامه وشرابه ثم
يردها كما كانت ما شاء الله أن يكون
ثم انه ذهب يحتطب كما كان يصنع فجمع حطبه وحزم حزمته وفرغ منها فلما أراد أن
يحتملها وجد سنة فاضطجع فنام فضرب على أذنه سبع سنين نائما ثم انه هب فتمطى فتحول
لشقه الآخر فاضطجع فضرب الله على أذنه سبع سنين أخرى ثم
(6/257)
انه
هب فاحتم حزمته ولا يحسب إلا أنه نام ساعة من نهار فجاء إلى القرية فباع حزمته ثم
اشترى طعاما وشرابا كما كان يصنع ثم ذهب إلى الحفرة في موضعها التي كانت فيه
فالتمسه فلم يجده وفد كان بدا لقومه بداء فاستخرجوه فامنوا به وصدقوه
وكان النبي يسألهم عن ذلك الاسود ما فعل ؟ فيقولون له : ما ندري
! حتى قبض ذلك النبي فاهب الله الاسود من نومته بعد ذلك
ان ذلك لاول من يدخل الجنة "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن أم سلمة سمعت النبي صلى الله عليه و
سلم يقول " بعد عدنان بن أدد بن زين بن البراء واعراق الثرى
قالت : ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم أهلك عاد وثمود وأصحاب الرس وقرونا
بين ذلك كثير لا يعلمهم إلا الله " قالت : واعراق الثرى : اسمعيل وزيد وهميسع
وبرانيت
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة وقرونا بين ذلك كثيرا قال :
كان يقال ان القرن سبعون سنة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن زرارة بن أوفى قال :
القرن مائة وعشرون عاما قال : فبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم في قرن كان آخره
العام الذي مات فيه يزيد بن معاوية
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال النبي صلى الله عليه و
سلم " كان بين آدم وبين نوح عشرة قرون وبين نوح وابراهيم عشرة قرون "
قال أبوسلمة : القرن مائة سنة
وأخرج الحاكم وابن مردويه عن عبد الله بن بسر قال : وضع رسول الله صلى الله عليه و
سلم يده على رأسي فقال : هذا الغلام يعيش قرنا
فعاش مائة سنة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق محمد بن القاسم الحمصي عن عبد الله بسر
المازني قال : وضع النبي صلى الله عليه و سلم يده على رأسي وقال : سيعيش هذا
الغلام قرنا قلت : يا رسول الله كم القرن ؟ قال : مائة سنة
قال محمد بن القاسم : ما زلنا نعد له حتى تمت مائة سنة
ثم مات
وأخرج ابن مردويه عن أبي الهيثم بن دهر الاسلمى قال : قال النبي صلى الله عليه و
سلم
(6/258)
"
القرن خمسون سنة "
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أمتي خمس
قرون القرن أربعون سنة "
وأخرج ابن المنذر عن حماد بن إبراهيم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" القرن أربعون سنة "
وأخرج ابن جرير عن ابن سيرين قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
القرن أربعون سنة "
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال " القرن ستون سنة "
وأخرج الحاكم في الكنى عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم اذا
انتهى إلى معد بن عدنان أمسك
ثم يقول : كذب النسابون قال الله تعالى وقرونا بين ذلك كثيرا
- قوله تعالى : وكلا ضربنا له الأمثال وكلا تبرنا تتبيرا ولقد أتوا على القرية
التي أمطرت مطر السوء أفلم يكونوا يرونها بل كانوا لا يرجون نشورا وإذا رأوك إن
يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا
عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة وكلا ضربنا له
الامثال وكلا تبرنا تتبيرا قال : كل قد أعذر الله اليه وبين له ثم انتقم منه ولقد
أتوا على القربة التي أمطرت مطر السوء قال : قرية لوط بل كانوا لا يرجون نشورا قال
: بعثا ولا حسابا
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله وكلا تبرنا تتبيرا قال
: تبر الله كلا بالعذاب
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال تبرنا بالنبطية
(6/259)
وأخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ولقد أتو على القرية قال : هي سدوم
قرية قوم لوط التي أمطرت مطر السوء قال : الحجارة
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء ولقد أتوا على القرية قال : قرية لوط
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن ولقد أتوا على القرية قال : هي بين الشام والمدينة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله لا يرجون نشورا قال : بعثا وفي
قوله لولا ان صبرنا عليها قال : ثبتنا
- قوله تعالى : أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا أم تحسب أن أكثرهم
يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله أرأيت من اتخذ الهه هواه قال :
كان الرجل يعبد الحجر الابيض زمانا من الدهر في الجاهلية فاذا وجد حجرا أحسن منه
رمى به وعبد الآخر فانزل الله الآية
وأخرج ابن مردويه عن أبي رجاء العطاردي قال : كانوا في الجاهلية ياكلون الدم
بالعلهز ويعبدون الحجر فاذا وجدوا ما هو أحسن منه رموا به وعبدوا الآخر فاذا فقدوا
الآخر أمروا مناديا فنادى : أيها الناس ان الهكم قد ضل فالتمسوه
فانزل الله هذه الآية أرأيت من اتخذ الهه هواه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أرأيت من اتخذ الهه هواه قال
: لا يهوى شيئا إلا تبعه
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة أرأيت من اتخذ الهه هواه قال : كلما هوى
شيئا ركبه وكلما اشتهى شيئا أتاه
لا يحجزه عن ذلك ورع ولا تقوى
(6/260)
وأخرج
عبد بن حميد عن الحسن انه قيل له : في أهل القبلة شرك ؟ فقال : نعم
المنافق مشرك ان المشرك يسجد للشمس والقمر من دون الله وان المنافق عند هواه
ثم تلا هذه الآية أرأيت من اتخذ الهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا
وأخرج الطبراني عن أبي امامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما
تحت ظل السماء من اله يعبد من دون الله أعظم عند الله من هوى متبع "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أم تحسب ان أكثرهم يسمعون قال : مثل الذين
كفروا كمثل البعير والحمار والشاة
ان قلت لبعضهم كل لم يعلم ما تقول غير انه يسمع صوتك
كذلك الكافر ان أمرته بخير أو نهيته عن شر أو وعظته لم يعقل ما تقول غير انه يسمع
صوتك
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله بل هم أضل سبيلا قال : أخطأ السبيل
- قوله تعالى : ألم تر إلى ربك كيف مد الظل ولو شاء لجعله ساكنا ثم جعلنا الشمس
عليه دليلا ثم قبضناه إلينا قبضا يسيرا وهو الذي جعل لكم اليل لباسا والنوم سباتا
وجعل النهار نشورا
أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ألم تر إلى ربك
كيف مذ الظل قال : بعد الفجر قبل ان تطلع الشمس
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ألم تر إلى ربك كيف مد الظل
الآية
قال : ألم تر انك اذا صليت الفجر كان ما بين مطلع الشمس إلى مغربها ظلا ؟ ثم بعث
الله عليه الشمس دليلا فقبض الله الظل
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ألم تر إلى ربك كيف مد الظل
قال : ما بين طلوع الشمس ولو شاء لجعله ساكنا قال : دائما ثم جعلنا الشمس عليه
دليلا يقول : طلوع الشمس ثم قبضناه الينا قبضا يسيرا قال : سريعا
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
(6/261)
حاتم
عن مجاهد ألم تر إلى ربك كيف مد الظل قال : ظل الغداة قبل طلوع الشمس ولو شاء
لجعله ساكنا قال : لا تصيبه الشمس ولا يزول ثم جعلنا الشمس عليه دليلا قال : تحويه
ثم قبضنا الينا فاجوينا الشمس اياه قبضا يسيرا قال : خفيفا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن ألم تر إلى ربك كيف مد الظل قال : مده
من المشرق إلى المغرب فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ولو جاء لجعله ساكنا قال
: تركه كما هو ظلا ممدودا ما بين المشرق والمغرب
وأخرج ابن أبي حاتم عن أيوب بن موسى ألم تر إلى ربك كيف مد الظل قال : الأرض كلها
ظل
ما بين صلاة الغداة إلى طلوع الشمس ثم قبضناه الينا قبضا يسيرا قال : قليلا قليلا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم التيمي والضحاك وأبي مالك الغفاري في
قوله كيف مد الظل قالوا : ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ثم جعلنا الشمس عليه
دليلا قالوا : على الظل ثم قبضناه الينا قبضا يسيرا يعني ما تقبض الشمس من الظل
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية كيف مد الظل قال : من حين يطلع الفجر إلى حين
تطلع الشمس
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي جعلنا الشمس عليه دليلا قال : يتبعه فيقبضه حيث كان
وأما قوله تعالى : وجعل النهار نشورا
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس قال : ان النهار اثنتا عشرة ساعة فاول الساعة
ما بين طلوع الفجر إلى أن ترى شعاع الشمس ثم الساعة الثانية اذا رأيت شعاع الشمس
إلى أن يضيء الاشراق
عند ذلك لم يبق من قرونها شيء وصفا لونها فاذا كانت بقدر ما تريك عينك قيد رحمين
فذلك أول الضحى وذلك أو ساعة من ساعات الضحى ثم من بعد ذلك الضحى ساعتين ثم الساعة
السادسة حين نصف النهار
فاذا زالت الشمس عن نصف النهار فتلك ساعة صلاة الظهر وهي التي قال الله أقم الصلاة
لدلوك الشمس ثم من بعد ذلك العشى ساعتين
(6/262)
ثم
الساعة العاشرة ميقات صلاة العصر وهي الآصال ثم من بعد ذلك ساعتين إلى الليل
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد في قوله وجعل النهار نشورا وجعل النهار نشورا قال : ينشر فيه
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة وجعل النهار نشورا قال : لمعايشهم
وحوائجهم وتصرفهم
- قوله تعالى : وهو الذي أرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته وأنزلنا من السماء ماء
طهورا لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسي كثيرا
أخرج عبد بن حميد عن عطاء أنه قرأ وهو الذي أرسل الرياح على الجمع بشرا بالباء
ورفع الباء بنون فيهما خفيفة
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مسروق أنه قرأ الرياح نشرا بالنون ونصب النون
منونة ومخففة
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب في قوله وأنزلنا من السماء طهورا قال : لا
ينجسه شيء
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والدار قطني عن سعيد بن المسيب قال : أنزل الله
الماء طهورا لا ينجسه شيء
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الماء لا ينجسه شيء
يطهر ولا يطهره شيء فان الله قال وأنزلنا من السماء طهورا
وأخرج الشافعي وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والدار قطني والحاكم
والبيهقي عن أبي سعيد الخدري قال : يا رسول الله انتوضأ من بئر بضاعة ؟ وهي بئر
يلقى فيها الحيض ولحوم الكلاب والنتن
فقال : ان الماء طهورا لاينجسه شيء
(6/263)
وأخرج
عبد الرزاق في المصنف عن القاسم بن أبي بزة قال : سأل رجل عبد الله بن الزبير عن
طين المطر قال : سألتني عن طهورين جميعا قال الله تعالى وأنزلنا من السماء طهورا
وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا "
- قوله تعالى : ولقد صرفناه بينهم ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا كفورا ولو شئنا
لبعثنا في كل قرية نذيرا فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ولقد
صرفناه بينهم يعني المطر تسقى هذه الأرض وتمنع هذه ليذكروا فأبى أكثر الناس إلا
كفورا قال عكرمة : قال ابن عباس : قولهم مطرنا بالانواء
فأنزل الله في الواقعة وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون الواقعة الآية 82
وأخرج سنيد وابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج عن مجاهد ولقد صرفنا بينهم قال :
المطر
ينزله في الأرض ولا ينزله في أخرى فأبى الناس إلا كفورا قولهم مطرنا بنوء كذا
وبنوء كذا
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ولقد صرفناه بينهم ليذكروا قال : ان الله قسم هذا
الرزق بين عباده وصرفه بينهم
قال : وذكر لنا ان ابن عباس كان يقول : ما كان عام قط أقل مطرا من عام ولكن الله
يصرفه بين عباده
قال قتادة : فترزقه الأرض وتحرمه الأخرى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في
سننه عن ابن عباس قال : ما من عام بأقل مطرا من عام ولكن الله يصرفه حيث يشاء
ثم قرأ هذه الآية ولقد صرفناه بينهم ليذكروا الآية
وأخرج الخرائطي في مكارم الاخلاق عن ابن مسعود
مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر مولى غفرة قال : كان جبريل في موضع الجنائز فقال له
النبي صلى الله عليه و سلم " يا جبريل اني أحب أن أعلم أمر السحاب
فقال جبريل : هذا ملك السحاب فسأله فقال : تأتينا صكاك مختتمة أسقوا بلاد كذا وكذا
قطرة "
(6/264)
وأخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطاء الخرساني في قوله ولقد صرفناه بينهم قال : ألا ترى
إلى قوله ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرا ؟ وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن
عباس في قوله وجاهدهم به قال : بالقرآن
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله وجاهدهم به جهادا كبيرا قال : هو
قوله واغلظ عليهم التوبة الآية 73 والله تعالى أعلم
- قوله تعالى : وهو الذي مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج وجعل بينهما
برزخا وحجرا محجورا
أخرج ابن جرير عن ابن عباس وهو الذي مرج البحرين الآية
يعني خلع أحدهما على الآخر فليس يفسد العذب المالح وليس يفسد المالح العذب
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله وهو الذي مرج البحرين قال : أفاض أحدهما في الآخر
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله مرج البحرين قال : بحر في السماء وبحر في
الأرض
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله فرات قال : العذب
وفي قوله أجاج قال : الاجاج : المالح
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله وهذا ملح أجاج قال : المر
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن عباس قال : هما بحران فتوضأ بأيهما شئت
ثم تلا هذه الآية هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله وجعل بينهما برزخا
قال : هو اليبس
(6/265)
وأخرج
الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
مجاهد في قوله برزخا قال : هو اليبس
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وجعل بينهما برزخا قال : محبسا لا
يختلط البحر العذب بالبحر الملح
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وجعل بينهما برزخا قال : التخوم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن مجاهد في قوله وجعل
بينهما برزخا قال : حجازا لا يختلط العذب بالملح ولا يختلط بحر الروم وفارس
وبحر الروم ملح قال ابن جريج : فلم أجد بحرا عذبا إلا الانهار العذاب
فان دجلة تقع في البحر فلا تمور فيه يجعل فيه بينهما مثل الخيط الابيض فاذا رجعت
لم يرجع في طريقهما من البحر شيء
والنيل زعموا ينصب في البحر
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الكلبي في قوله وجعل بينهما برزخا قال : حاجزا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وحجرا محجورا يقول : حجر أحدهما عن الآخر
بأمره وقضائه
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وحجرا محجورا قال : ان الله حجر
الملح عن العذب والعذب عن الملح أن يختلط بلطفه وقدرته
- قوله تعالى : وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا
أخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن المغيرة قال : سئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن
نسب وصهر فقال : ما أراكم إلا قد عرفتم النسب
فأما الصهر : فالاختان والصحابة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله فجعله نسبا وصهرا قال
: النسب الرضاع والصهر الختونة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة فجعله نسبا وصهرا قال : ذكر الله الصهر مع النسب
(6/266)
وحرم
أربع عشرة امرأة
سبعا من النسب وسبعا من الصهر
فاستوى تحريم الله في النسب والصهر
- قوله تعالى : ويعبدون من دون الله ما لا ينفعهم ولا يضرهم وكان الكافر على ربه
ظهيرا
أخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله وكان الكافر على ربه ظهيرا يعني
أبا الحكم : الذي سماه رسول الله صلى الله عليه و سلم أبا جهل ابن هشام
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي في قوله وكان الكافر على ربه قال : أبو جهل
وأخرج ابن المنذر عن عطية في قوله وكان الكافر على ربه ظهيرا قال : هو أبو جهل
وأخرج ابن أبي شيبه وسعيد بن منصور والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم عن مجاهد وكان الكافر على ربه ظهيرا قال : معينا للشيطان على معاصي
الله
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن والضحاك
مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير وكان الكافر على ربه ظهيرا قال : عونا للشيطان
على ربه بالعداوة والشرك
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة وكان الكافر على ربه ظهيرا قال : معينا
للشيطان على عداوة ربه
- قوله تعالى : وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا قل ما أسألكم عليه من أجر إلا من شاء
أن يتخذ إلى ربه سبيلا
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وما أرسلناك إلا
مبشرا ونذيرا قال : مبشرا بالجنة ونذيرا من النار
وفي قوله إلا من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا قال : بطاعته
(6/267)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله قل ما أسألكم عليه من أجر قال : قل لهم يا محمد
لا أسألكم على ما أدعوكم إليه من أجر يقول : عرض من عرض الدنيا
- قوله تعالى : وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيرا
أخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الايمان عن عتبة بن أبي ثبيت قال : مكتوب في
التوراة لا تتوكل على ابن آدم فان ابن آدم ليس له قوام ولكن توكل على الحي الذي لا
يموت
- قوله تعالى : الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على
العرش الرحمن فاسأل به خبيرا وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد
لما تأمرنا وزادهم نفورا
أخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله فاسأل به خبيرا قال : ما أخبرتك من شيء فهو ما أخبرتك به
وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن شمر بن عطية في قوله الرحمن
فاسأل به خبيرا قال : هذا القرآن خبير به
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء في قوله واذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن
قال : قالوا ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة
فأنزل الله والهكم اله واحد لا اله إلا هو الرحمن الرحيم البقرة الآية 163
وأخرج ابن أبي حاتم عن حسين الجحفي في قوله قالوا وما الرحمن قال : جوابها الرحمن
علم القرآن الرحمن الآيتان 1 - 2
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن إبراهيم قال : قرأ الاسود انسجد لما تأمرنا
فسجد فيها قال : وقرأها يحيى أنسجد لما تأمرنا
(6/268)
وأخرج
عبد بن حميد عن سليمان قال : قرأ إبراهيم في الفرقان أنسجد لما يأمرنا بالياء
وقرأ سليمان كذلك
- قوله تعالى : تبارك الذي جعل في السماء بروجا وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا
أخرج الخطيب في كتاب النجوم عن ابن عباس في قوله تبارك الذي جعل في السماء بروجا
قال : هي هذه الاثنا عشر برجا
أولها الحمل ثم الثثور ثم الجوزاء ثم السرطان ثم الاسد ثم السنبلة ثم الميزان ثم
العقرب ثم القوس ثم الجدي ثم الدلو ثم الحوت
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة تبارك الذي جعل في السماء بروجا قال : قصورا على أبواب
السماء فيها الحرس
وأخرج هناد عبد بن حميد وابن جرير عن يحيى بن رافع جعل السماء بروجا قال : قصورا
في السماء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عطية جعل في السماء بروجا قال : القصور
ثم تأول هذه الآية ولو كنتم في بروج مشيدة النساء الآية 78
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله جعل في السماء بروجا
قال : البروج النجوم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله جعل في السماء بروجا قال : النجوم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي صالح جعل في السماء بروجا قال :
النجوم الكبار
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة تبارك الذي جعل في السماء بروجا قال : هي النجومز وقال
عكرمة : ان أهل السماء يرون نور مساجد الدنيا كما يرون أهل الدنيا نجوم السماء
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة وجعل فيها سراجا قال : هي الشمس
(6/269)
وأخرج
عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ وجعل فيها سراجا بكسر السين على معنى الواحد
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن : أنه كان يقرأ سراجا , وأخرج سعيد بن منصور عن
إبراهيم النخعي : أنه كان يقرأ وجعل فيها سراجا وقمرا منيرا
- قوله تعالى : وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وهو الذي جعل الليل والنهار خلفه قال :
أبيض وأسود
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله جعل الليل والنهار خلفة قال : هذا يخلف هذا وهذا يخلف هذا لمن أراد أن يذكر
قال : يذكر نعمة ربه عليه فيهما أو أراد شكورا قال : شكور نعمة ربه عليه فيهما
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد جعل الليل والنهار خلفة قال :
يختلفان
هذا اسود وهذا أبيض وان المؤمن قد ينسى بالليل ويذكر بالنهار وينسى بالنهار ويذكر
بالليل
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس جعل الله والنهار خلفة يقول
: من فاته شيء من الليل أن يعمله أدركه بالنهار ومن فاته شيء من النهار أن يعمله
أدركه بالليل
وأخرج الطيالسي وابن أبي حاتم عن الحسن : أن عمر أطال صلاة الضحى فقيل : له : صنعت
اليوم شيئا لم تكن تصنعه فقال : انه بقي علي من وردي شيء وأحببت ان أتمه
أو قال اقضيه
وتلا هذه الآية وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير جعل الله والنهار خلفة يقول : جعل الليل خلفا
من النهار والنهار خلفا من الليل لمن فرط في عمل أن يقضيه
(6/270)
وأخرج
عبد بن حميد عن الحسن جعل الليل والنهار خلفة قال : ان لم يستطع عمل الليل عمله
بالنهار وان لم يستطع عمل النهار عمله بالليل
فهذا خلفة لهذا
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله جعل الليل والنهار خلفة قال : من عجز بالليل
كان له في أول النهار مستعتب ومن عجز بالنهار كان له في الليل مستعتب
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة
أن سلمان جاءه رجل فقال : لا أستطيع قيام الليل قال : ان كنت لا تستطيع قيام
اللهيل فلا تعجز بالنهار قال قتادة : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم قال
" والذي نفس محمد بيده أن في كل ليلة ساعة
لا يوافقها رجل مسلم يصلي فيها يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه اياه " قال
قتادة : فأروا الله من أعمالكم خيرا في هذا الليل والنهار فانهما مطيتان تحملان
الناس إلى آجالهم تقربان كل بعيد وتبليان كل جديد وتجيئان بكل موعود إلى يوم
القيامة
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ لمن أراد أن يذكر مشددة
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي أنه كان يقرأ لمن أراد أن يذكر
- قوله تعالى : وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون
قالوا سلاما والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما والذين يقولون ربنا اصرف عنا عذاب
جهنم إن عذابها كان غراما إنها ساءت مستقرا ومقاما والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا
ولم يقتروا وكان بين ذلك قواما
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وعباد
الرحمن قال : هم المؤمنون الذين يمشون على الأرض هونا قال : بالطاعة والعفاف
والتواضع
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله يمشون على الأرض هونا قال : علماء حكماء
(6/271)
وأخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله هونا قال : بالسريانية
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني في قوله هونا قال : حلماء بالسريانية
وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران في قوله هونا قال : حلماء بالسريانية
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد في قوله وعباد الرحمن الذين يمشون
على الأرض هونا قال : بالوقار والسكينة واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما قال :
سدادا من القول
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة
مثله
وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله يمشون على
الأرض هونا قال : لا يشتدون
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن أبي هريرة وابن النجار عن ابن عباس قالا : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " سرعة المشي تذهب بهاء المؤمن "
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن الفضيل بن عياض في قوله الذين يمشون على الأرض
هونا قال : بالسكينة والوقار واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما قال : ان جهل عليه
حلم وان أسيء اليه أحسن وان حرم أعطى وان قطع وصل
وأخرج الآمدي في شرح ديوان الاعشى بسنده عن عمر بن الخطاب : انه رأى غلاما يتبختر
في مشيته فقال : ان البخترة مشية تكره إلا في سبيل الله وقد مدح الله أقواما فقال
وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا فاقصد في مشيتك
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله الذين يمشون على الأرض هونا قال : تواضعا لله
لعظمته واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما قال : كانوا لا يجهلون على أهل الجهل
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن محمد بن علي الباقر قال : سلاح اللئام قبيح الكلام
(6/272)
وأخرج
أحمد عن النعمان بن مقرن المزني : ان رجلا سب رجلا عند النبي صلى الله عليه و سلم
فجعل الرجل المسبوب يقول : عليك السلام فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
اما ان ملكا بينكما يذب عنك كلما شتمك هذا قال له : بل أنت
وأنت أحق به واذا قلت له : عليك السلام قال : لا
بل لك أنت أحق به "
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير واذا خاطبهم الجاهلون قال : السفهاء قالوا
سلاما يعني ردوا معروفا والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما يعني يصلون بالليل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن يمشون
على الأرض هونا قال : يمشون حلماء متواضعين لا يجهلون على أحد وان جهل عليهم جاهل
لم يجهلوا
هذا نهارهم اذا انتشروا في الناس والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما قال : هذا ليلهم
اذا خلوا بينهم وبين ربهم
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : كان يقال : ابن آدم عف عن محارم الله تكن عابدا
وأرض بما قسم الله لك تكن غنيا وأحسن مجاورة من جاورك من الناس تكن مسلما وصاحب
الناس بالذي تحب أن يصاحبوك به تكن عدلا وإياك وكثرة الضحك فان كثرة الضحك تميت
القلب
انه قد كان يديكم أقوام يجمعون كثيرا ويبنون شديدا ويأملون بعيدا فأين هم ؟ أصبح
جمعهم بورا وأصبح عملهم غرورا وأصبحت مساكنهم قبورا
ابن آدم انك مرتهن بعملك وأنت على أجلك معروض على ربك فخذ مما في يديك لما بين
يديك عند الموت يأتيك من الخير
يا ابن آدم طأ الأرض بقدمك فانها عن قليل قبرك انك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من
بطن أمك
يا ابن آدم خالط الناس وزايلهم : خالطهم ببدنك وزايلهم بقلبك وعملك
يا ابن آدم أتحب أن تذكر بسحناتك وتكره أن تذكر بسيئاتك وتبغض على الظن ؟ وتقيم
على اليقين
وكان يقال : أن المؤمنين لما جاءتهم هذه الدعوة من الله صدقوا بها
وافضاء ؟ بعينها خضعت لذلك قلوبهموأبدانهم وأبصارهم كنت والله اذا رأيتهم قوما
كأنهم رأى عين
والله ما كانوا بأهل جدل وباطل ولكن جاءهم من الله أمر فصدقوا به فنعتهم الله في
القرآن أحسن نعت فقال وعباد
(6/273)
الرحمن
الذين يمشون على الأرض هونا قال : الحسن والهون في كلام العرب : اللين والسكينة
والوقار واذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما قال : حلماء لا يجهلون وان جهل عليهم
حلموا
يصاحبون عباد الله نهارهم مما تسمعون
ثم ذكر ليلهم خير ليل قال والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما ينتصبون لله على
أقدامهم ويفترشون وجوههم سجدا لربهم تجري دموعهم على خدودهم خوفا من ربهم
قال الحسن : لأمر ما سهر ليلهم ولأمر ما خشع نهارهم والذين يقولون ربنا اصرف عنا
عذاب جهنم ان عذابها كان غراما قال : كل شيء يصيب ابن آدم لم يدم عليه فليس بغرام
انما الغرام اللازم له ما دامت السموات والأرض قال : صدق القوم
والله الذي لا إله إلا هو فعلموا ولم يتمنوا
فاياكم وهذه الاماني يرحمكم الله ! فان الله لم يعط عبد بالمنية خيرا في الدنيا
والآخرة قط
وكان يقول : يا لها من موعظة لو وافقت من القلوب حياة ! وأخرج عبد بن حميد عن أبي
سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في قوله ان عذابها كان غراما قال :
ملازما شديدا كلزوم الغريم الغريم قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول بشر بن أبي حازم ؟ ويوم النسار ويوم الجفار كانا عذابا وكانا غراما
وأخرج ابن الانباري عن ابن عباس ان نافع بن الازرق قال له : اخبرني عن قوله كان
غراما ما الغرام ؟ قال : المولع
قال فيه الشاعر : وما أكلة ان نلتها بغنيمة ولا جوعة ان جعتها بغرام وأخرج ابن أبي
شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ان عذابها كان غرامها
قال : قد علموا ان كل غريم يفارق غريمه إلا غريم جهنم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
والذين اذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا قال : هم المؤمنون
لا يسرفون فيقعوا في معصية الله ولا يقترون فيمنعون حقوق الله
(6/274)
وأخرج
عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ ولم يقتروا بنصب الياء ورفع التاء
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله والذين اذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا قال :
الاسراف النفقة في معصية الله والاقتار الامساك عن حق الله قال : وان الله قد فاء
لكم فيئة فانتهوا إلى فيئة الله
قال في المنفق يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا الاحزاب الآية 70
قال : قولوا صدقا عدلا
وقال للمؤمنين قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم النور الآية 30 عما لا يحل لهم
وقال في الاستماع الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه الزمر الآية18 وأحسنه طاعة
الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب في قوله لم يسرفوا ولم يقتروا قال لا ينفقه في
باطل ولا يمنعه من حق
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي حبيب والذين اذا أنفقوا لم يسرفوا
ولم يقتروا قال : اولئك أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم كانوا لا يأكلون
طعاما يريدون به نعيما ولا يلبسون ثوبا يريدون به جمالا كانت قلوبهم على قلب واحد
وأخرج ابن أبي حاتم عن الاعمش في قوله بين ذلك قواما قال : عدلا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عمر مولى غفرة قال القوام أن لا تنفق من غير حق
ولا تمسك من حق هو عليك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن وهب بن منبه وكان بين ذلك قواما قال : الشطر من
أموالهم
وأخرج ابن جرير عن يزيد بن مرة الجعفي قال : العلم خير من العمل والحسنة بين
السيئين
يعني اذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وخير الامور أوساطها
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن في قوله لم يسرفوا ولم يقتروا ان عمر بن الخطاب قال :
كفى سرفا أن الرجل لا يشتهي شيئا إلا اشتراه فأكله
وأخرج أحمد عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " من فقه الرجل
رفقه في معيشته "
- قوله تعالى : والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله
إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له
(6/275)
العذاب
يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله
سيآتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا
أخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن ابن مسعود قال : سئل النبي
صلى الله عليه و سلم أي الذنب أكبر ؟ قال " أن تجعل لله ندا وهو خلقك قلت :
ثم أي ؟ قال أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك قلت : ثم أي ؟ قال : أن تزاني حليلة
جارك " فأنزل الله تصديق ذلك والذين لا يدعون مع الله الها آخر ولا يقتلون
النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والحاكم وابن مردويه والبيهقي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس : أن ناسا من أهل
الشرك قد قتلوا فأكثروا وزنوا ثم أتوا محمدا صلى الله عليه و سلم فقالوا : ان الذي
تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة
فنزل والذين لا يدعون مع الله الها آخر
ونزلت قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم
الزمر الآية 53
وأخرج البخاري وابن المنذر من طريق القاسم بن أبي بزة أنه سأل سعيد بن جبير هل لمن
قتل مؤمنا متعمدا من توبة ؟ فقرأت عليه ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق
فقال سعيد : قرأتها على ابن عباس كما قرأتها علي فقال : هذه مكية نسختها آية مدنية
التي في سورة النساء
وأخرج ابن المبارك عن شفي الاصبحي قال : ان في جهنم جبلا يدعى : صعودا
يطلع فيه الكافر أربعين خريفا قبل أن يرقاه وان في جهنم قصرا يقال له : هوى
يرمى الكافر من أعلاه فيهوى أربعين خريفا قبل أن يبلغ أصله
قال تعالى ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى طه الآية 81 وان في جهنم واديا يدعى : أثاما
فيه حيات وعقارب في فقار احداهن مقدار سبعين قلة من السم والعقرب منهن مثل البغلة
الموكفة وان في جهنم واديا يدعى : غيا
يسيل قيحا ودما
(6/276)
وأخرج
ابن مردويه عن ابن مسعود قال " سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم أي
الاعمال أفضل ؟ قال : الصلوات لمواقيتهن
قلت : ثم أي ؟ قال : بر الوالدين قلت : ثم أي ؟ قال : ثم الجهاد في سبيل الله ولو
استزدته لزادني
وسألته أي الذنب أعظم عند الله ؟ قال : الشرك بالله قلت : ثم أي ؟ قال : أن تقتل
ولدك أن يطعم معك " فما لبثنا إلا يسيرا حتى أنزل الله والذين لا يدعون مع
الله الها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون
وأخرج ابن مردويه عن عون بن عبد الله قال : سألت الاسود بن يزيد هل كان ابن مسعود
يفضل عملا على عمل ؟ قال : نعم
سألت ابن مسعود قال : سألتني عما سألت عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت
" يا رسول الله أي الاعمال أحبها إلى الله وأقربها من الله ؟ قال : الصلاة
لوقتها قلت : ثم ماذا علىاثر ذلك ؟ قال : ثم بر الوالدين قلت : ثم ماذا على أثر
ذلك ؟ قال : الجهاد في سبيل الله ولو استزدته لزادني قلت : فأي الاعمال أبغضها إلى
الله وأبعدها من الله ؟ قال : ان تجعل لله ندا وهو خلقك وان تقتل ولدك أن يأكل معك
وان تزاني حليلة جارك ثم قرأ والذين لا يدعون مع الله الها آخر
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي قتادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لرجل
" ان الله ينهاك ان تعبد المخلوق وتذر الخالق وينهاك أن تقتل ولدك وتغذو كلبك
وينهاك أن تزني بحليلة جارك "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمر في قوله يلق أثاما
قال : واد في جهنم
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد يلق
اثاما قال : واد في جهنم من قيح ودم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عطرمة قال : اثام أودية في جهنم فيها الزناة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة يلق اثاما قال :
نكالا
وكنا نحدث أنه واد في جهنم وذكر لنا أن لقمان كان يقول : يا بني اياك والزنا فان
أوله مخافة وآخره ندامة
(6/277)
وأخرج
ابن المبارك في الزهد عن شفي الاصبحي قال : ان في جهنم واديا يدعى : أثاما
فيه حيات وعقارب في فقار احداهن مقدار سبعين قلة من السم والعقرب منهن مثل البغلة
الموكفة
وأخرج ابن الانباري عن ابن عباس أن نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله يلق
أثاما ما الاثام ؟ قال : الجزاء قال فيه عامر بن الطفيل : وروينا الاسنة من صداء
ولا قت حمير منا أثاما وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن ابن مسعود رضي الله عنه أن
النبي صلى الله عليه و سلم قرأ ومن يفعل ذلك يلق أثاما
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ يضاعف بالرفع له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه
بنصب الياء ورفع اللام
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير ويخلد فيه يعني في العذاب مهانا يعني يهان فيه
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : لما نزلت والذين يدعون مع الله الها آخر اشتد
ذلك على المسلمين فقالوا : ما منا أحد إلا أشرك وقتلن وزنى فأنزل الله يا عبادي
الذين أسرفوا
الزمر الآية 53
يقول لهؤلاء الذين أصابوا هذا في الشرك ثم نزلت بعده إلا من تاب وآمن وعمل عملا
صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات فأبدلهم الله بالكفر الإسلام وبالمعصية
الطاعة وبالانكار المعرفة وبالجهالة العلم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن سعيد بن جبير قال : نزلت
آية من تبارك بالمدينة في شأن قاتل حمزة وحشي وأصحابه كانوا يقولون : انا لنعرف
الإسلام وفضله فكيف لنا بالتوبة وقد عبدنا الاوثان وقتلنا أصحاب محمد وشربنا
الخمور ونكحنا المشركات ؟ ! فأنزل الله فيهم والذين لا يدعون مع الله الها آخر
الآية
ثم نزلت توبتهم إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات
فابدلهم الله بقتال المسلمين قتال المشركين ونكاح المشركات نكاح المؤمنات وبعبادة
الاوثان عبادة الله
وأخرج عبد بن حميد عن عامر أنه سئل عن هذه الآية والذين لا يدعون مع
(6/278)
الله
الها آخر
قال : هؤلاء كانوا في الجاهلية فأشركوا وقتلوا وزنوا
فقالوا : لن يغفر الله لنا
فأنزل الله إلا من تاب
قال : كانت التوبة والايمان والعمل الصالح وكان الشرك والقتل والزنا
كانت ثلاث مكان ثلاث
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك قال : لما نزلت والذين لا يدعون مع الله الها آخر
قال بعض أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم : كنا أشركنا في الجاهلية وقتلنا فنزلت
إلا من تاب
وأخرج ابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال : قرأنا على عهد النبي
صلى الله عليه و سلم سنين والذين لا يدعون مع الله الها آخر ولا يقتلون النفس التي
حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما ثم نزلت إلا من تاب وآمن فما
رأيت النبي صلى الله عليه و سلم فرح بشيء قط فرحه بها وفرحه ب انا فتحنا لك فتحا
مبينا الفتح الآية 1
وأخرج أبو داود في تاريخه عن ابن عباس والذين لا يدعون مع الله الها آخر ولا
يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما ثم استثنى
إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي هريرة قال : صليت مع
رسول الله صلى الله عليه و سلم العتمة ثم انصرفت فاذا امراة عند بابي فقالت : جئتك
أسألك عن عمل عملته هل ترى لي منه توبة قلت : وما هو ؟ قالت : زنيت وولد لي وقتلته
قلت : لا
ولا كرامة
فقامت وهي تقول : واحسرتاه
! أيخلق هذا الجسد للنار ؟ فلما صليت مع النبي صلى الله عليه و سلم الصبح من تلك
الليلة قصصت عليه أمر المرأة قال : ما قلت لها ؟ قلت لا
ولا كرامة قال : بئس ما قلت
أما كنت تقرأ هذه الآية ! والذين لا يدعون مع الله الها آخر إلى قوله إلا من تاب
الآية
قال أبو هريرة : فخرجت فما بقيت دار بالمدينة ولا خطة إلا وقفت عليها فقلت : ان
كان فيكم المرأة التي جاءت أبا هريرة فلتأت ولتبشر
فلما انصرفت من العشي اذا هي عند بابي فقلت : ابشري اني ذكرت للنبي صلى الله عليه
و سلم ما قلت لي وما قلت لك فقال : بئس ما قلت أما كنت تقرأ هذه الآية ! وقرأتها
عليها فخرت ساجدة وقالت : أحمد الله الذين جعل لي توبة ومخرجا أشهد أن هذه الجارية
لجارية معها وابن لها حران لوجه الله واني قد تبت مما عملت
(6/279)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فأولئك يبدل الله سيئاتهم
حسنات قال : هم المؤمنون
كانوا من قبل ايمانهم على السيئات فرغب الله بهم عن ذلك فحولهم إلى الحسنات
فابدلهم مكان السيئات الحسنات
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله إلا من تاب قال : من ذنبه وآمن قال : بربه
وعمل صالحا قال : فيما بينه وبين ربه فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات قال : إنما
التبديل طاعة الله بعد عصيانه وذكر الله بعد نسيانه والخير تعمله بعد الشر
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن فأولئك يبد الله سيئاتهم حسنات قال :
التبديل في الدنيا يبدل الله بالعمل السيء العمل الصالح وبالشرك اخلاصا وبالفجور
عفافا ونحو ذلك
وأخرج الفريابي و عبد بن حميد عن مجاهد يبدل الله سيئاتهم حسنات قال : الايمان بعد
الشرك
وأخرج عبد بن حميد عن مكحول يبدل الله سيئاتهم حسنات قال : اذا تابعوا جعل الله ما
عملوا من سيئاتهم حسنات
وأخرج عبد بن حميد عن علي بن الحسين يبدل الله سيئاتهم حسنات قال : في الآخرة وقال
الحسن : في الدنيا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي عثمان النهدي قال : ان المؤمن يعطي كتابه في
ستر من الله فيقرأ سيئاته فاذا قرأ تغير لها لونه حتى يمر بحسناته فيقرأها فيرجع
اليه لونه ثم ينظر فاذا سيئاته قد بدلت حسنات فعند ذلك يقول هاؤم اقرأوا كتابيه
الحاقة الآية 19
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سلمان قال : يعطي رجل يوم القيامة صحيفة فيقرأ
اعلاها فاذا سيئاته فاذا كاد يسوء ظنه نظر في أسفلها فاذا حسناته ثم ينظر في
أعلاها فاذا هي قد بدلت حسنات
وأخرج أحمد وهناد ومسلم والترمذي وابن جرير والبيهقي في الاسماء والصفات عن أبي ذر
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال
اعرضوا عليه
(6/280)
صغار
ذنوبه فيعرض عليه صغارها وينحى عنه كبارها فيقال : عملت يوم كذا وكذا
كذا وكذا وهو مقر ليس ينكر وهو مشفق من الكبار أن تجيء فيقال : اعطوه مكان كل سيئة
عملها حسنة "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " ليأتين ناس يوم القيامة ودوا انهم استكثروا من السيئات قبل : ومن هم يا
رسول الله ؟ قال : الذين بدل الله سيئاتهم حسنات "
وأخرج عبد بن حميد عن عمرو بن ميمون فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات قال : حتى
يتمنى العبد أن سيئاته كانت أكثر مما هي
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية انه قيل له : ان اناسا يزعمون انهم يتمنون ان
يستكثروا من الذنوب قال : ولم ذاك ؟ قال : يتأولون هذه الآية يبدل الله سيئاتهم
حسنات فقال أبو العالية : وكان اذا أخبر بما لا يعلم قال : آمنت بما أنزل الله من
كتاب
ثم تلا هذه الآية يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا وما عملت من سوء تود لو أن
بينها وبينه أمدا بعيد
وأخرج ابن أبي حاتم عن مكحول قال : " جاء شيخ كبير فقال : يا رسول الله رجل
غدر وفجر فلم يدع حاجة ولا داجة إلا اقتطعها بيمينه ولو قسمت خطيئته بين أهل الأرض
ولا وبقتهم
فهل له من توبة ؟ فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أسلمت
؟ قال : نعم
قال : فإن الله غافر لك ومبدل سيئاتك حسنات قال : يا رسول الله وغدارتي
وفجراتي
قال : وغدراتك وفجراتك "
وأخرج الطبراني عن سلمة بن جهيل قال : " جاء شاب فقال : يا رسول الله أرأيت
من لم يدع سيئة إلا عملها ولا خطيئة إلا ركبها ولا أشرف له سهم فما فوقه إلا
اقتطعه بيمينه ومن لو قسمت خطاياه على أهل المدينة لغمرتهم ؟ فقال النبي : صلى
الله عليه و سلم أأسلمت
؟ قال : أما أنا فاشهد ان لا إله إلا الله وان محمدا رسول الله قال : اذهب فقد بدل
الله سيئاتك حسنات قال : يا رسول الله وغدارتي
وفجراتي
قال : وغدارتك وفجراتك ثلاثا "
فولى الشاب وهو يقول : الله أكبر
وأخرج البغوي وابن قانع والطبراني عن أبي طويل شطب الممدود أنه أتى رسول الله صلى
الله عليه و سلم فقال : أرأيت رجلا عمل الذنوب كلها ؟ فذكر نحوه
(6/281)
وأخرج
ابن مردويه عن أبي موسى قال : التبديل يوم القيامة اذا وقف العبد بين يدي الله
والكتاب بين يديه ينظر في السيئات والحسنات فيقول : قد غفرت لك ويسجد بين يديه
فيقول : قد بدلت فيسجد فيقول : قد بدلت فيسجد فيقول الخلائق : طوبى لهذا العبد
الذي لم يعمل سيئة قط
وأخرج الطبراني عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" اذا نام ابن آدم قال الملك للشيطان : أعطني صحيفتك فيعطيه اياها فما وجد في
صحيفته من حسنة محا بها عشر سيئات من صحيفة الشيطان وكتبهن حسنات فاذا أراد أحدكم
ان ينام فليكبر ثلاثا وثلاثين تكبيرة ويحمد أربعا وثلاثين تحميدة ويسبح ثلاثا
وثلاثين تسبيحة فتلك مائة "
وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن عبد العزيز عن مكحول في قوله يبدل الله سيئاتهم حسنات
قال : يجعل مكان السيئات شال : فرأيت مكحولا غضب حتى جعل يرتعد
- قوله تعالى : والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما والذين إذا
ذكروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صما وعميانا والذين يقولون ربنا هب لنا من
أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله والذين لا يشهدون الزور قال : ان الزور كان
صنما بالمدينة يلعبون حوله كل سبعة أيام وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم
اذا مروا به مروا كراما لا ينظرون اليه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك والذين لا يشهدون الزور
قال : الشرك
وأخرج الخطيب عن ابن عباس في قوله والذين لا يشهدون الزور قال : أعياد المشركين
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله والذين لا يشهدون الزور قال : الكذب
(6/282)
وأخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه والذين لا يشهدون الزور
قال : لا يساعدون أهل الباطل على باطلهم ولا يمالؤنهم فيه
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن قيس الملائي والذين لا يشهدون الزور قال : مجالس
السوء
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة والذين لا يشهدون الزور قال : لعب كان في الجاهليلة
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد بن الحنفية والذين لا يشهدون الزور قال : الغناء
واللهو
وأخرج عبد بن حميد عن أبي الجحاف والذين لا يشهدون الزور قال : الغناء
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن والذين لا يشهدون الزور قال : الغناء النياحة
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في ذم الغضب وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن مجاهد والذين لا يشهدون
الزور قال : مجالس الغناء واذا مروا باللغو مروا كراما قال : اذا أوذوا صفحوا
وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي في قوله واذا مروا باللغو
مروا كراما قال : يعرضون عنهم لا يكلمونهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي واذا مروا باللغو مروا كراما
قال : هي مكية
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر عن إبراهيم بن ميسرة رضي الله عنه قال : بلغني ان
ابن مسعود مر معرضا ولم يقف فقال النبي صلى الله عليه و سلم " لقد أصبح ابن
مسعود أو أمسى كريما ثم تلا إبراهيم واذا مروا باللغو مروا كراما "
وأخرج ابن أبي شيبه عن الضحاك واذا مروا باللغو مروا كراما قال : لم يكن اللغو من
حالهم ولا بالهم
(6/283)
وأخرج
ابن جرير عن الحسن في قوله واذا مروا باللغو قال : اللغو كله المعاصي
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله واذا مروا باللغو مروا كراما قال : كانوا اذا أتوا على ذكر النكاح كفوا
عنه
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله والذين اذا ذكروا بآيات ربهم لم
يخروا عليها صما وعميانا قال : لم يصموا عن الحق ولم يعموا عنه هم قوم عقلوا عن
الله فانتفعوا بما سمعوا من كتاب الله
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد رضي الله عنه لم يخرو صما وعميانا قال : كم من قارىء يقرأها بلسانه يخر
عليها أصم أعمى
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا
وذريتنا قرة أعين قال : يعنون من يعمل بالطاعة فتقر به أعيننا في الدنيا والآخرة
واجعلنا للمتقين اماما قال : أئمة هدى يهتدي بنا ولا تجعلنا أئمة ضلالة لأنه قال
لأهل السعادة وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا الأنبياء الآية 73 ولأهل الشقاوة
وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار القصص الآية 41
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا
وذريتنا قرة أعين قال : لم يريدوا بذلك صباحة ولا جمالا ولكن أرادوا أن يكونوا
مطيعين
وأخرج ابن المبارك في البر والصلة وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن الحسن انه سئل عن هذه الآية هب
لنا من ازواجنا وذريتنا قرة أعين أهذه القرة أعين في الدنيا أم في الآخرة ؟ قال :
لا والله بل في الدنيا
قيل : وما هي ؟ قال : هي أن يرى الرجل المسلم من زوجته من ذريته من أخيه من حميمه
طاعة الله ولا والله ما شيء أحب إلى المرء المسلم من أن يرى ولدا أو والدا أو
حميما أو أخا مطيعا لله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله والذين
(6/284)
يقولون
ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة أعين قال : يحسنون عبادتك ولا يجرون عليها
الجرائر واجعلنا للمتقين اماما قال : اجعلنا مؤتمين بهم مقتدين بهم
وأخرج أحمد والبخاري في الأدب المفرد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن
مردويه وأبو نعيم في الحلية عن المقداد بن الاسود قال : لقد بعث الله النبي صلى
الله عليه و سلم على أشد حال بعث عليها نبيا من الأنبياء في قومه من جاهلية ما
يرون ان دينا أفضل من عبادة الأوثان فجاء بفرقان فرق به بين الحق والباطل وفرق به
بين الوالد وولده حتى ان كان الرجل ليرى والده أو ولده أو أخاه كافرا وقد فتح الله
قفل قلبه بالايمان ويعلم انه ان هلك دخل النار فلا تقر عينه وهو يعلم أن حبيبه في
النار
انها للتي قال الله والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذريتنا قرة أعين
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ هب لنا من أزواجنا وذريتنا واحدة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة واجعلنا للمتقين اماما يقول : قادة في الخير
ودعاة وهداة يؤتم بهم في الخير
وأخرج الفريابي عن أبي صالح في قوله واجعلنا للمتقين اماما قال : أئمة يقتدى
بهدانا والله تعالى أعلم
- قوله تعالى : أولئك يجزون الغرفة بما صبروا ويلقون فيها تحية وسلاما خالدين فيها
حسنت مستقرا ومقاما
أخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه و سلم
في قوله أولئك يجزون الغرفة قال : هي من ياقوته حمراء أو زبرجدة خضراء أو درة
بيضاء ليس فيها قصم ولا وهم
وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله
أولئك يجزون الغرفة قال : الجنة
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية عن أبي جعفر في قوله أولئك يجزون الغرفة
بما صبروا قال : على الفقر في دار الدنيا
(6/285)
وأخرج
زاهر بن طاهر الشحامي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ان
في الجنة لغرفا ليس فيها مغاليق من فوقها ولا عماد من تحتها قيل : يا رسول الله
وكيف يدخلها أهلها ؟ قال : يدخلونها أشباه الطير قيل يا رسول الله : لمن هي ؟ قال
: لأهل الاسقام والأوجاع والبلوى "
وأخرج أحمد عن أبي مالك الأشعري قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
ان في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم
الطعام وألان الكلام وتابع الصيام وصلى والناس نيام "
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير أولئك يعني الذين في هؤلاء الآيات يجزون
الغرفة يعني في الآخرة الغرفة الجنة بما صبروا على أمر ربهم ويلقون فيها يعني
تتلقاهم الملائكة بالتحية والسلام خالدين فيها لا يموتون حسنت مستقرا يعني مستقرهم
في الجنة ومقاما يعني مقام أهل الجنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم قال : لقي ابن سيرين رجل فقال : حياك الله فقال : ان
أفضل التحية تحية أهل الجنة السلام
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ أولئك يجزون الغرفة واحدة بما صبروا ويلقون
خفيفة منصوبة الياء والله تعالى أعلم
- قوله تعالى : قل ما يعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم فقد كذبتم فسوف يكون لزاما
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قل ما يعبؤ
بكم ربي لولا دعاؤكم يقول : لولا ايمانكم
فاخبر الله انه لا حاجة له بهم اذ لم يخلقهم مؤمنين ولو كنت له بهم حاجة لحبب
اليهم الايمان كما حببه إلى المؤمنين فسوف يكون لزاما قال : موتا
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد رضي الله عنه قل ما يعبؤ بكم ربي قال : ما يفعل لولا دعاؤكم قال : لولا
دعاؤه اياكم لتعبدوه وتطيعوه
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن الوليد بن أبي الوليد قال :
(6/286)
بلغني
ان تفسير هذه الآية قل ما يعبؤ بكم ربي لولا دعاؤكم أي ما خلقتكم لي بكم حاجة إلا
أن تسألوني فاغفر لكم وتسألوني فاعطيكم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الزبير انه قرأ في صلاة
الصبح الفرقان فلما أتى على هذه الآية قرأ فقد كذب الكافرون فسوف يكون لزاما
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن الانباري في المصاحف عن ابن عباس
انه قرأ فقد كذب الكافرون فسوف يكون لزاما
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله فسوف يكون لزاما قال :
موتا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتاده فسوف يكون لزاما قال أبي بن كعب
: هو القتل يوم بدر
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال اللزام هو القتل الذي أصابهم يوم بدر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه عن ابن مسعود قال : قد مضى اللزام كان
يوم بدر
قتلوا سبعين وأسروا سبعين
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير
والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال : خمس قد مضين :
الدخان والقمر والروم والبطشة واللزام
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : كنا نحدث ان اللزام يوم بدر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد فسوف يكون لزاما قال : يوم بدر
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي مالك
مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن فسوف يكون لزاما قال : ذاك يوم القيامة
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : مضى خمس آيات وبقي خمس منها
انشقاق القمر وقد رأيناه ومضى الدخان ومضت البطشة الكبرى ومضى اليوم العقيم ومضى
اللزام والله أعلم
(6/287)
بسم
الله الرحمن الرحيم -
سورة الشعراء
مكية وآياتها سبع وعشرون ومائتان
- مقدمة سورة الشعراء أخرج ابن ضريس وابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت سورة طسم
الشعراء
بمكة
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : أنزلت سورة الشعراء بمكة
وأخرج النحاس عن ابن عباس قال : سورة الشعراء نزلت بمكة سوى خمس آيات من آخرها
نزلت بالمدينة والشعراء يتبعهم الغاوون ؟ إلى آخرها
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن معدي كرب قال : أتينا عبد الله بن مسعود نسأله عن طسم
الشعراء
قال : ليست معي ولكن عليكم ممن أخذها من رسول الله صلى الله عليه و سلم عليكم بأبي
عبد الله خباب بن الأرت
- طسم
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال :
اسم من أسماء القرآن
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله طسم قال : الطاء من ذي الطول والسين من
القدوس والميم من الرحمن
- قوله تعالى : تلك آيات الكتاب المبين لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين إن نشأ
ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين وما يأتيهم من ذكر من الرحمن
محدث إلا كانوا عنه معرضين فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزؤون أولم
يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم
مؤمنين وإن ربك لهو العزيزالرحيم
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله لعلك باخع نفسك قال : لعلك قاتل نفسك ان لا يكونوا
(6/288)
مؤمنين
ان نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين قال : لو شاء الله أنزل
عليهم آية يذلون بها فلا يلوى أحدهم عنقه إلى معصية الله وما يأتيهم من ذكر من
الرحمن محدث
يقول : ما يأتيهم من شيء من كتاب الله إلا أعرضوا عنه فسيأتيهم يعني يوم القيامة
أنباء ما استهزأوا به من كتاب الله وفي قوله كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم قال :
حسن
وأخرج الطستي عن ابن عباس ان نافع بن الأزرق سأله عن قوله فظلت أعناقهم لها خاضعين
قال : العنق الجماعة من الناس قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت الحرث بن هشام وهو يقول ويذكر أبا جهل : يخبرنا المخبر ان عمرا امام
القوم من عنق مخيل وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله فظلت أعناقهم لها خاضعين
قال : ذليلين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : الخاضع : الذليل
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم قال : من نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الشعبي كم أنبتنا فيها
من كل زوج كريم قال : الناس من نبات الأرض
فمن دخل الجنة فهو كريم ومن دخل النار فهو لئيم
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال : كل شيء في الشعراء من قوله عزيز رحيم فهو ما هلك
ممن مضى من الامم يقول عزيز حين انتقم من أعدائه رحيم بالمؤمنين حين أنجاهم مما
أهلك به أعداءه
- قوله تعالى : وإذ نادى ربك موسى أن إئت القوم الظالمين قوم فرعون ألا يتقون قال
رب إني أخاف أن يكذبون ويضيق صدري ولا ينطلق لساني فأرسل إلي هارون ولهم علي ذنب
فأخاف أن يقتلون قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا
(6/289)
معكم مستمعون فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين أن أرسل معنا بني إسرائيل قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من الكافرين قال فعلتها إذا وأنا من الضالين ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل قال فرعون وما رب العالمين قال رب السموات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين قال لمن حوله ألا تستمعون قال ربكم ورب آبائكم الأولين قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين قال أولو جئتك بشيء مبين قال فأت به إن كنت من الصادقين فألقى عصاه فإذا هي ثعبان مبين ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين يأتوك بكل سحار عليم فجمع السحرة لميقات يوم معلوم وقيل للناس هل أنتم مجتمعون لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئنا لنا لأجرا إن كنا نحن الغالبين قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون فألقي السحرة ساجدين قالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون قال أآمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحرفلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من
(6/290)
خلاف
ولأصلبنكم أجمعين قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا
خطايانا إن كنا أول المؤمنين
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه واذ نادى ربك موسى قال : حين نودي من
جانب الطور الايمن
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله ولهم على ذنب قال : قتل النفس التي قتل فيهم وفي قوله وفعلت فعلتك التي فعلت
قال : قتل النفس ايضا
وفي قوله فعلتها اذا وأنا من الضالين قال : من الجاهلين
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
في قوله ولهم على ذنب قال : قتل النفس
وفي قوله ألم نربك فينا وليدا قال : التقطه آل فرعون فربوه وليدا حتى كان رجلا
وفعلت فعلتك التي فعلت قال : قتلت النفس التي قتلت وأنت من الكافرين قال : فتبرأ
من ذلك نبي الله قال : فعلتها اذا وأنا من الضالين قال : من الجاهلين
قال : وهي في بعض القراءة اذن وأنا من الجاهلين فإنما هو شيء جهله ولم يتعمده
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله وفعلت فعلتك التي فعلت
وأنت من الكافرين قال : من فرعون على موسى حين رباه
يقول : كفرت نعمتي
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد رضي الله عنه وتلك نعمة تمنها علي ان عبدت بني اسرائيل قال : قهرتهم
واستعملتهم
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وفعلت فعلتك التي فعلت وأنت من
الكافرين قال : للنعمة
ان فرعون لم يكن يعلم ما الكفر ؟ وفي قوله قال فعلتها اذا وأنا من الضالين قال :
من الجاهلين
وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال في قراءة ابن مسعود فعلتها
اذن وأنا من الجاهلين
(6/291)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله فوهب لي حكما قال : النبوة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه وتلك نعمة تمنها علي قال : يقول موسى لفرعون : أتمن علي يا فرعون بان
اتخذت بني اسرائيل عبيدا وكانوا أحرارا فقهرتهم واتخذتهم عبيدا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله قال فرعون وما رب العالمين
إلى قوله ان كنتم تعقلون قال : فلم يزده إلا رغما
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله فألقى عصاه فاذا هي ثعبان مبين
يقول : مبين له خلق حية ونزع يده يقول : وأخرج موسى يده من جيبه فإذا هي بيضاء
تلمع للناظرين ينظر إليها ويراها
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : أقبل موسى بأهله فسار بهم نحو مصر
حتىأتاها ليلا فتضيف على أمه وهو لا يعرفهم في ليلة كانوا يأكلون منها ؟ الطقشيل
فنزل في جانب الدار فجاء هرون فلما أبصر ضيفه سأل عنه أمه فأخبرته انه ضيف فدعاه
فأكل معه فلما قعدا فتحدثا فسأله هرون من أنت ؟ قال : أنا موسى
فقام كل واحد منهما إلى صاحبه فاعتنقه فلما أن تعارفا قال له موسى : يا هرون انطلق
بي إلى فرعون فان الله قد أرسلنا اليه
قال هرون : سمعا وطاعة فقامت أمهما فصاحت وقالت : أنشدكما بالله ان لا تذهبا
الىفرعون فيقتلكما فابيا فانطلقا اليه ليلا فاتيا الباب فضرباه ففزع فرعون وفزع
البواب فقال فرعون : من هذا الذي يضرب ببابي هذه الساعة ؟ فأشرف عليهما البواب
فكلمهما فقال له موسى : أنا رسول رب العالمين ففزع البواب فأتى فرعون فأخبره فقال
: ان ههنا انسانا مجنونا يزعم انه رسول رب العالمين فقال : أدخله فدخل فقال : انه
رسول رب العالمين
قال فرعون : وما رب العالمين قال : ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى طه الآية 50
قال : ان كنت جئت بآية فائت بها ان كنت من الصادقين
فألقى عصاه فاذا هي ثعبان مبين الأعراف الآية 106 والثعبان الذكر من الحيات فاتحة
فمها لحيها الاسفل في الأرض والأعلى على سورة القصر ثم توجهت نحو فرعون لتأخذه
فلما رآها ذعر
(6/292)
منها
ووثب فاحدث ولم يكن يحدث قبل ذلك وصاح : يا موسى خذها وأنا أوؤمن بك وأرسل معك بني
اسرائيل
فأخذها موسى فصارت عصا فقالت السحرة في نجواهم ان هذين لساحران يريدان ان يخرجاكما
من أرضكم بسحرهم طه الآية 63 فالتقى موسى وأمير السحرة فقال له موسى : أرأيت ان
غلبتك غذا أتؤمن بي وتشهد ان ما جئت به حق ؟ قال الساحر : لآتين غدا بسحر لا يغلبه
شيء فو الله لئن غلبتني لأؤمنن بك ولأشهدن انك حق
وفرعون ينظر اليهما
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله وقيل للناس هل أنتم مجتمعون قال :
كانوا بالاسكندرية قال : ويقال بلغ ذنب الحية من وراء البحيرة يومئذ قال : وهزموا
وسلم فرعون وهمت به فقال : خذها يا موسى
وكان مما بلى الناس به منه انه كان لا يضع على الأرض شيئا فاحدث يومئذ تحته وكان
ارساله الحية في القبة الخضراء
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله وقالوا بعزة فرعون
انا لنحن الغالبون قال : فوجدوا الله أعز منه
وأخرج ابن أبي حاتم عن بشر بن منصور قال : بلغني انه لما تكلم ببعض هذا وقالوا
بعزة فرعون قالت الملائكة : قصمه ورب الكعبة فقال الله تالون علي قد أمهلته أربعين
عاما
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله لا ضير قال : يقولون لا يضرنا الذي تقول وان
صنعت بنا وصلبتنا انا إلى ربنا منقلبون يقول : انا إلى ربنا راجعون
وهو مجازينا بصبرنا على عقوبتك ايانا وثباتنا على توحيده والبراءة من الكفر به وفي
قوله ان كنا أول المؤمنين قال : كانوا كذلك يومئذ أول من آمن بآياته حين رآها
- قوله تعالى : وأوحينا إلى موسى أن أسري بعبادي إنكم متبعون فأرسل فرعون في
المدائن حاشرين إن هؤلاء لشرذمة قليلون وإنهم لنا لغائظون وإنا لجميع حاذرون
فأخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم كذلك
(6/293)
وأورثناها
بني إسرائيل فاتبعوهم مشرقين فلما تراءا الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون قال
كلا إن معي ربي سيهدين
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : ثم ان الله أمر موسى ان يخرج ببني
اسرائيل فقال أسر بعبادي ليلا فأمر موسى بني اسرائيل أن يخرجوا وأمرهم أن يستعيروا
الحلى من القبط وأمر ان لا ينادي أحد منهم صاحبه وان يسرجوا في بيوتهم حتى الصبح
وان من خرج منهم امام بابه يكب من دم حتى يعلم انه قد خرج وان الله قد أخرج كل ولد
زنا في القبط من بني اسرائيل إلى بني اسرائيل وأخرج كل ولد زنا في بني اسرائيل من
القبط إلى القبط حتى أتوا آباءهم
ثم خرج موسى ببني اسرائيل ليلا والقبط لا يعلمون وألقى على القبط الموت فمات كل
بكر رجل منهم فاصبحوا يدفنونهم فشغلوا عن طلبهم حتى طلعت الشمس وخرج موسى في
ستمائة ألف وعشرين ألفا
لا يعدون ابن عشرين لصغره ولا ابن ستين لكبره وانما عدوا ما بين ذلك سوى الذرية
وتبعهم فرعون على مقدمة هامان في ألف ألف وسبعمائة ألف حصان فيها ماذيانة وذلك حين
يقول الله فارسل فرعون في المدائن حاشرين ان هؤلاء لشر ذمة قليلون فكان موسى على
ساقه بني اسرائيل وكان هرون امامهم يقدمهم فقال المؤمن لموسى : أين أمرت ؟ قال :
البحر
فأراد ان يقتحم فمنعه موسى
فنظرت بنو اسرائيل إلى فرعون قد ردفهم قالوا : يا موسى انا لمدركون قال موسى كلا
ان معي ربي سيهدين يقول : سيكفين
فتقدم هرون فضرب البحر فأبى البحر أن ينفتح وقال : من هذا الجبار الذي يضربني ؟
حتى أتاه موسى فكناه أبا خالد وضربه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم يقول :
كالجبل العظيم فدخلت بنو اسرائيل وكان في البحر اثنا عشر طريقا في كل طريق سبط
وكانت الطرق اذا انفلقت بجدران فقال كل سبط : قد قتل أصحابناز فلما رأى ذلك موسى
عليه الصلاة و السلام دعا الله فجعلها لهم قناطر كهيئة الطبقات ينظر آخرهم إلى
أولهم حتى خرجوا جميعا ثم دنا فرعون وأصحابه فلما نظر
(6/294)
فرعون
إلى البحر منفلقا قال : ألا ترون إلى البحر منفلقا قد فرق منى فانفتح لي حتى أدرك
أعدائي فاقتلهم فلما قام فرعون على أفواه الطرق أبت خيله ان تقتحم فنزل على
ماذيانة فشامت الحصن ريح الماذيانة فاقتحمت في أثرها حتى اذا هم أولهم ان يخرج
ودخل آخرهم
أمر الله البحر أن يأخذهم فالتطم عليهم وتفرد جبريل بفرعون يمقله من مقل البحر
فجعل يدسها في فيه
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله ان هؤلاء لشر ذمة قليلون قال : ذكر لنا أن بني
اسرائيل الذين قطع بهم موسى البحر كانوا ستمائة ألف مقاتل وعشرين الفا فصاعدا
واتبعهم فرعون على ألف ألف حصان ومائتي ألف حصان
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في
قوله ان هؤلاء لشر ذمة قليلون قال ستمائة ألف وسبعون ألفا
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير عن أبي عبيدة
مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ان هؤلاء لشر ذمة قليلون
قال : كانوا ستمائة ألف
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله لشرذمة قال : قطعة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه لشرذمة قال : الفريد من الناس
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " كان أصحاب موسى الذين جاوزوا البحر اثني عشر سبط فكان
في كل طريق اثنا عشر ألفا كلهم ولد يعقوب عليه السلام "
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ان هؤلاء لشرذمة قليلون قال : هم
يومئذ ستمائة ألف
ولا يحصى عدد أصحاب فرعون
وأخرج ابن مردويه بسند واه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " كان فرعون عدو الله حيث غرقه الله هو وأصحابه في سبعين
قائد مع كل قائد سبعون ألفا
وكان موسى مع سبعين ألفا حين عبروا البحر "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : أوحى الله إلى موسى : أن أجمع بني
اسرائيل كل أربعة أبيات من بني اسرائيل في بيت ثم اذبح أولاد الضان
(6/295)
فاضرب
بدمائها على كل باب فاني سآمر الملائكة ان لا تدخل بيتا على بابه دم وسآمر
الملائكة فتقتل أبكار آل فرعون من أنفسهم وأهليهم ثم اخبزوا خبز فطيرا فانه أسرع
لكم ثم سر حتى تأتي البحر ثم قف حتى يأتيك أمري
فلما ان أصبح فرعون قال : هذا عمل موسى وقومه قتلوا ابكارنا من أنفسنا وأهلينا
وأخرج ابن اسحق وابن المنذر عن يحيى بن عروة بن الزبير قال : ان الله أمر موسى أن
يسير ببني اسرائيل وقد كان موسى وعد بني اسرائيل أن يسير بهم إذا طلع القمر فدعا
الله أن يؤخر طلوعه حتى يفرغ فلما سار موسى ببني اسرائيل أذن فرعون في الناس ان
هؤلاء لشرذمة قليلون
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب قال : خرج موسى من مصر ومعه ستمائة ألف من بني
اسرائيل لا يعدون فيهم أقل من ابن عشرين ولا ابن أكثر من أربعين سنة فقال فرعون :
ان هؤلاء لشر ذمة قليلون وخرج فرعون على فرس حصان أدهم ومعه ثمانمائة ألف على خيل
أدهم سوى ألوان الخيل وكان جبريل عليه السلام على فرس شائع يسير بين يدي القوم
ويقول : ليس القوم بأحق بالطريق منكم
وفرعون على فرس أدهم حصان
وجبريل على فرس أنثى
فاتبعها فرس فرعون وكان ميكائيل في أخرى القوم يقول : الحقوا اصحابكم حتى دخل
آخرهم وأراد أولهم أن يخرجوا فاطبق عليهم البحر
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن ميمون قال : لما أراد موسى أن يخرج ببني اسرائيل من
مصر بلغ ذلك فرعون فقال : أمهلوهم حتى اذا صاح الديك فأتوهم
فلم يصح في تلك الليلة الديك فخرج موسى ببني اسرائيل وغدا فرعون فلما أصبح فرعون
أمر بشاة فأتي بها فأمر بها أن تذبح ثم قال : لا يفرغ من سلخها حتى يجتمع عندي
خمسمائة ألف فارس
فاجتمعوا اليه فاتبعهم فلما انتهى موسى إلى البحر قال له : وصيه يا نبي الله أين
أمرت ؟ قال : ههنا في البحر
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان طلائع فرعون الذين بعثهم في أثرهم
ستمائة ألف ليس فيهم أحد إلا على بهيم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كانت سيما خيل فرعون الخرق البيض في أصداغها
وكانت جريدته مائة ألف حصان
(6/296)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار قال : اجتمع آل يعقوب إلى يوسف وهم ستة وثمانون
انسانا ذكرهم وأنثاهم
فخرج بهم موسى يوم خرج وهم ستمائة الف ونيف
وخرج فرعون على أثرهم يطلبهم على فرس أدهم على لونه من الدهم ثمانمائة ألف أدهم
سوى ألوان الخيل وحالت الريح الشمال
وتحت جبريل فرس وريق وميكائيل يسوقهم لا يشذ منهم شاذة إلا ضمه فقال القوم : يا
رسول الله قد كنا نلقى من فرعون من التعس والعذاب ما نلقى فكيف ان صنعا ما صنعنا
فاين الملجأ ؟ قال : البحر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس
انه قرأ وانا لجميع حاذرون قال : مؤدون مقرون
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الاسود بن يزيد انه كان
يقرأها وانا لجميع حاذرون يقول : رادون مستعدون
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير
انه كان يقرأ وانا لجميع حاذرون يقول : ما دون في السلاح
وأخرج عبد بن حميد عن عمرو بن دينار قال : قرأ عبيد وانا لجميع حاذرون
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك وانا لجميع حاذرون يعني شاكي السلاح
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود وانا لجميع حاذرون قال : مؤدون مقوون في السلاح
والكراع
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم
انه كان يقرأها وانا لجميع حاذرون
وأخرج ابن الانباري في الوقف عن ابن عباس
ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله وانا لجميع حاذرون ما الحاذرون ؟ قال :
التامون السلاح قال فيه النجاشي : لعمر أبي أتاني حيث أمسى لقد تأذت به أبناء بكر
خفيفة في كتاب حاذرات يقودهم أبو شبل هزبر
(6/297)
وأخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة فاخرجناهم من جنات وعيون وكنوز ومقام كريم قال
: كانوا في ذلك في الدنيا فاخرجهم الله من ذلك وأورثها بني اسرائيل
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ومقام كريم قال : المنابر
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله فاتبعوهم مشرقين قال : اتبعهم
فرعون وجنوده حين أشرقت الشمس قال أصحاب موسى انا لمدركون قال موسى وكان أعلمهم
بالله كلا ان معي ربي سيهدين
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ فاتبعوهم مشرقين مهموزة مقطوعة الألف
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله فاتبعوهم مشرقين قال : خرج
أصحاب موسى ليلا فكسف القمر ليلا وأظلمت الأرض فقال أصحابه : ان يوسف كان أخبرنا :
انا سننجى من فرعون وأخذ علينا العهد لنخرجن بعظامه معنا فخرج موسى من ليلته يسأل
عن قبره فوجد عجوزا سألها على قبره فأخرجته له بحكمها فكان حكمها ان قالت له :
احملني فاخرجني معك فجعل عظام يوسف في كساء ثم حمل العجوز على كساء فجعله على
رقبته وخيل فرعون في ملء أعنتها خضراء في أعينهم ولا يبرح حسه عن موسى وأصحابه حتى
برزوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن خالد بن عبد الله القسري : ان مؤمن آل فرعون كان امام القوم
قال : يا نبي الله أين أمرت ؟ قال : امامك
قال : وهل امامي إلا البحر ؟ قال : والله ما كذبت ولا كذبت
ثم سار ساعة فقال مثل ذلك فرد عليه موسى مثل ذلك قال موسى وكان أعلم القوم بالله
كلا ان معي ربي سيهدين
- قوله تعالى : فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق كالطود
العظيم وأزلفنا ثم الآخرين وأنجينا موسى ومن معه أجمعين ثم أغرقنا الآخرين إن في
ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم
(6/298)
أخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله كالطود قال : كالجبل
وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر عن ابن مسعود في قوله كالطود قال : كالجبل
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال الطود الجبل
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله وازلفنا ثم الآخرين قال : هم قوم فرعون قربهم
الله حتى أغرقهم في البحر
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إلا أعلمك الكلمات التي قالهن موسى حين انفلق البحر قلت : بلى
قال : اللهم لك الحمد واليك المتكل وبك المستغاث وأنت المستعان ولا حول ولا قوة
إلا بالله " قال ابن مسعود : فما تركتهن منذ سمعتهن من النبي صلى الله عليه و
سلم
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن حمزة بن يوسف بن عبد الله بن سلام : ان موسى لما
انتهى إلى البحر قال : يا من كان قبل كل شيء والمكون لكل شيء والكائن بعد كل شيء
اجعل لنا مخرجا
فأوحى الله اليه أن اضرب بعصاك البحر
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : كان البحر ساكنا لا يتحرك فلما كان ليلة
ضربه موسى بالعصا صار يمد ويجزر
وأخرج ابن أبي حاتم عن قيس بن عباد قال : لما انتهى موسى ببني اسرائيل إلى البحر
قالت بنو اسرائيل لموسى : أين ما وعدتنا ؟ هذا البحر بين أيدينا وهذا فرعون وجنوده
قد دهمنا من خلفنا
فقال موسى للبحر : انفرق أبا خالد فقال : لن أفرق لك يا موسى انا أقدم منك وأشد
خلقا فنودي أن أضرب بعصاك البحر
وأخرج أبو العباس محمد بن اسحاق السراج في تاريخه وابن عبد البر في التمهيد من
طريق يوسف بن مهران عن ابن عباس قال : كتب صاحب الروم إلى معاوية يسأله عن أفضل
الكلام ما هو ؟ والثاني
والثالث
والرابع
وعن أكرم الخلق على الله وأكرم الأنبياء على الله وعن أربعة من الخلق لم يركضوا في
رحم وعن قبر سار بصاحبه وعن المجرة وعن القوس وعن مكان طلعت فيه الشمس لم تطلع
(6/299)
قبله
ولا بعده فلما قرأ معاوية الكتاب قال : أخزاه الله وما علمي ما ههنا ! فقيل له :
اكتب إلى ابن عباس فسله
فكتب اليه يسأله
فكتب اليه ابن عباس : ان أفضل الكلام لا إله إلا الله كلمة الاخلاص لا يقبل عمل
إلا بها والتي تليها سبحان الله وبحمده أحب الكلام إلى الله والتي تليها الحمد لله
كلمة الشكر والتي تليها الله أكبر فاتحة الصلوات والركوع والسجود وأكرم الخلق على
الله آدم عليه السلام وأكرم اماء الله مريم
وأما الأربعة التي لم يركضوا في رحم فآدم وحواء والكبش الذي فدى به اسمعيل وعصا
موسى حيث ألقاها فصار ثعبانا مبينا
وأما القبر الذي سار بصاحبه فالحوت حين التقم يونس وأما المجرة فباب السماء وأما
القوس فانها أمان لأهل الأرض من الغرق بعد قوم نوح وأما المكان الذي طلعت فيه
الشمس لم تطلع قبله ولا بعده فالمكان الذي انفرج من البحر لبني اسرائيل
فلما قرأ عليه الكتاب أرسل به إلى صاحب الروم فقال : لقد علمت ان معاوية لم يكن له
بهذا علم وما أصاب هذا إلا رجل من أهل بيت النبوة
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال : جاء موسى إلى
فرعون وعليه جبة من صوف ومعه عصا فضحك فرعون
فالقى عصاه فانطلقت نحوه كانها عنق بختي فيها أمثال الرماح تهتز
فجعل فرعون يتأخر وهو على سريره فقال فرعون : خذها واسلم
فعادت كما كانت وعاد فرعون كافرا
فأمر موسى أن يسير إلى البحر فسار بهم في ستمائة ألف فلما أتى البحر أمر البحر اذا
ضربه موسى بعصاه ان ينفرج له فضرب موسى بعصاه البحر فانفلق منه اثنا عشر طريقا لكل
سبط منهم طريق وجعل لهم فيها أمثال الكوى ينظر بعضهم إلى بعض
واقبل فرعون في ثمانمائة ألف حتى أشرف على البحر
فلما رآه هابه وهو على حصان له وعرض له ملك وهو على فرس له أنثى فلم يملك فرعون
فرسه حتى أقحمه وخرج آخر بني اسرائيل وولج أصحاب فرعون حتى اذا صاروا في البحر
فاطبق عليهم فغرق فرعون بأصحابه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أوحى
(6/300)
الله
إلى موسى : أن اسر بعبادي ليلا انكم متبعون
فاسرى موسى ببني اسرائيل ليلا فاتبعهم فرعون في ألف ألف حصان سوى الاناث وكان موسى
في ستمائة ألف فلما عاينهم فرعون قال ان هؤلاء لشر ذمة قليلون وانهم لنا لغائطون
وانا لجميع حذرون الشعراء الآية 54 - 56 فاسرى موسى ببني اسرائيل حتى هجموا على
البحر فالتفتوا فاذا هم برهج دواب فرعون فقالوا : يا موسى أوذينا من قبل ان تأتينا
ومن بعدما جئتنا الأعراف الآية 129 هذا البحر أمامنا وهذا فرعون قد رهقنا بمن معه
قال : عسى ربكم ان يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض فينظر كيف تعملون الأعراف
الآية129 فأوحى الله إلى موسىأن اضرب بعصاك البحر
وأوحى إلى البحر : أن اسمع لموسى وأطع اذا ضربك
فثاب البحر له أفكل يعني رعدة لا يدري من أي جوانبه يضرب
فقال يوشع لموسى : بماذا أمرت ؟ قال : أمرت أن أضرب البحر
قال : فاضربه : فضرب موسى البحر بعصاه فانفلق فكان فيه اثنا عشر طريق كل طريق
كالطود العظيم فكان لكل سبط فيهم طريق يأخذون فيه فلما أخذوا في الطريق قال بعضهم
لبعض : ما لنا لا نرى أصحابنا
فقالوا لموسى : ان أصحابنا لا نراهم ؟ قال : سيروا فانهم على طريق مثل طريقكم
قالوا : لن نؤمن حتى نراهم قال موسى : اللهم أعني على أخلاقكم السيئة
فأوحى الله اليه : ان قل بعصاك هكذا وأومأ بيده يديرها على البحر
قال موسى بعصاه على الحيطان هكذا فصار فيها كوات ينظر بعضهم إلى بعض فساروا حتى
خرجوا من البحر
فلما جاز آخر قوم موسى هجم فرعون على البحر هو وأصحابه وكان فرعون على فرس أدهم
حصان فلما هجم على البحر هاب الحصان ان يقتحم في البحر فتمثل له جبريل على فرس
أنثى فلما رآها الحصان اقتحم خلفها وقيل لموسى اترك البحر رهوا الدخان الآية 24
قال : طرقا على حاله
ودخل فرعون وقومه في البحر فلما دخل آخر قوم فرعون وجاز آخر قوم موسى أطبق البحر
على فرعون وقومه فاغرقوا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه ان موسى
حين أسرى ببني اسرائيل بلغ فرعون فأمر بشاة فذبحت ثم قال : لا يفرغ من سلخها حتى
يجتمع الي ستمائة ألف من القبط
فانطلق موسى حتى انتهى إلى
(6/301)
البحر
فقال له : انفرق
فقال له البحر : لقد استكثرت يا موسى وهل انفرقت لأحد من ولد آدم ؟ ومع موسى رجل
على حصان له فقال أين أمرت يا نبي الله بهؤلاء ؟ قال : ما أمرت إلا بهذا الوجه
فاقتحم فرسه فسبح به ثم خرج فقال : اين أمرت يا نبي الله ؟ قال : ما أمرت إلا بهذا
الوجه
قال : ما كذبت ولا كذبت
فأوحى الله إلى موسى : أن اضرب بعصاك البحر
فضربه موسى بعصاه فانفلق فكان فيه اثنا عشر طريقا لكل سبط طريق يترأون فلما خرج
أصحاب موسى وتتام أصحاب فرعون التقى البحر عليهم فأغرقهم
وأخرج عبد بن حميد والفريابي وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن أبي موسى عن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : " ان موسى لما أراد ان يسير ببني اسرائيل أضل
الطريق فقال لبني اسرائيل : ما هذا ؟ فقال له علماء بني اسرائيل : ان يوسف لما
حضره الموت أخذ علينا موثقا ان لا نخرج من مصر حتى ننقل تابوته معنا فقال لهم موسى
: أيكم يدري اين قبره ؟ فقالوا : ما يعلم أحد مكان قبره إلا عجوز لبني اسرائيل
فارسل اليها موسى فقال : دلينا على قبر يوسف فقالت : لا والله حتى تعطيني حكمي قال
: وما حكمك ؟ قالت : أن أكون معك في الجنة
فكأنه ثقل عليه ذلك فقيل له : اعطها حكمها
فانطلقت بهم إلى بحيرة مشقشقة ماء فقالت لهم : انضبوا عنها الماء ففعلوا قالت :
احفروا
فحفروا فاستخرجوا قبر يوسف فلما احتملوه اذا الطريق مثل ضوء النهار "
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن سماك بن حرب
ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لما أسرى موسى ببني اسرائيل غشيتهم
غمامة حالت بينهم وبين الطريق أن يبصروه
وقيل لموسى : لن تعبر إلا ومعك عظام يوسف قال : واين موضعها ؟ قالوا : ابنته عجوز
كبيرة ذاهبة البصر تركناها في الديار
فرجع موسى فلما سمعت حسه قالت : موسى ؟ قال : موسى
قالت : ما وراءك ؟ قال : أمرت أن أحمل عظام يوسف
قالت : ما كنتم لتعبروا إلا وأنا معكم قال : دليني على عظام يوسف قالت : لا أفعل
إلا ان تعطيني ما سألتك قال : فلك ما سألت قالت : خذ بيدي
فأخذ بيدها فانتهت به إلى عمود على شاطىء النيل في أصله سكة من حديد موتدة فيها
(6/302)
سلسلة
فقالت : انا دفناه من ذلك الجانب
فاخصب ذلك الجانب وأجدب ذاك الجانب فحولناه إلى هذا الجانب وأجدب ذاك فلما رأينا
ذلك جمعنا عظامه فجعلناها في صندوق من حديد وألقيناه في وسط النيل فاخصب الجانبان
جميعا
فحمل الصندوق على رقبته وأخذ بيدها فالحقها بالعسكر وقال لها : سلي ما شئت قالت :
فاني أسألك أن أكون انا وأنت في درجة واحدة في الجنة ويرد علي بصري وشبابي حتى
اكون شابة كما كنت
قال : فلك ذلك "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : أوصى يوسف عليه السلام
ان جاء نبي من بعدي فقولوا له : يخرج عظامي من هذه القرية
فلما كان من أمر موسى ما كان يوم قرعون فمر بالقرية التي فيها قبر يوسف فسأل عن
قبره فلم يجد أحد يخبره فقيل له : ههنا عجوز بقيت من قوم يوسف
فجاءها موسى عليه السلام فقال لها : تدليني على قبر يوسف ؟ فقالت : لا أفعل حتى
تعطيني ما اششترط عليك
فأوحى الله إلى موسى : ان اعطها شرطها قال لها : وما تريدين ؟ قالت : أكون زوجتك
في الجنة
فاعطاها فدلته على قبره
فحفر موسى القبر ثم بسط رداءه وأخرج عظام يوسف فجعله في وسط ثوبه ثم لف الثوب
بالعظام فحمله على يمينه فقال له الملك الذي على يمينه : الحمل يحمل على اليمين !
قال : صدقت هو على الشمال وانما فعلت ذلك كرامة ليوسف
وأخرج ابن عبد الحكم من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : كان يوسف عليه
السلام قد عهد عند موته ان يخرجوا بعظامه معهم من مصر
قال : فتجهز القوم وخرجوا فتحيروا فقال لهم موسى : انما تحيركم هذا من أجل عظام
يوسف فمن يدلني عليها ؟ فقالت عجوز يقال لها شارح ابنة آي بن يعقوب : أنا رأيت عمي
يوسف حين دفن فما تجعل لي ان دللتك عليه ؟ قال : حكمك
فدلته عليه فأخذ عظام يوسف ثم قال : احتكمي قالت : أكون معك حيث كنت في الجنة
وأخرج ابن عبد الحكم من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس
ان الله أوحى إلى موسى : أن اسر بعبادي
وكان بنو اسرائيل استعاروا من قوم فرعون
(6/303)
حليا
وثيابا
أن لنا عيدا نخرج اليه فخرج بهم موسى ليلا وهم ستمائة ألف وثلاثة آلاف ونيف
فذلك قول فرعون ان هؤلاء لشرذمة قليلون وخرج فرعون ومقدمته خمسمائة ألف سوى الجنبين
والقلب فلما انتهى موسى إلى البحر أقبل يوشع بن نون على فرسه فمشى على الماء
واقتحم غيره بخيولهم فوثبوا في الماء وخرج فرعون في طلبهم حين أصبح وبعدما طلعت
الشمس فذلك قولهل فاتبعوهم مشرقين فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى انا لمدركون
فدعا موسى ربه فغشيتهم ضبابة حالت بينهم وبينه وقيل له : اضرب بعصاك البحر
ففعل فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم يعني الجبل
فانفلق منه اثنا عشر طريقا فقالوا : انا نخاف ان توحل فيه الخيل
فدعا موسى ربه فهبت عليهم الصبا فجف فقالوا : انا نخاف ان يغرق منا ولا نشعر فقال
بعصاه فنقب الماء فجعل بينهم كوى حتى يرى بعضهم بعضا ثم دخلوا حتى جاوزوا البحر
وأقبل فرعون حتى انتهى إلى الموضع الذي عبر منه موسى وطرقه على حالها فقال له
أدلاؤه : ان موسى قد سحر البحر حتى صار كما ترى وهو قوله واترك البحر رهوا الدخان
الآية 24 يعني كما هو
فحذ ههنا حتى نلحقهم وهو مسيرة ثلاثة أيام في البر
وكان فرعون يومئذ على حصان فأقبل جبريل على فرس أنثى في ثلاثة وثلاثين من الملائكة
ففرقوا الناس وتقدم جبريل فسار بين يدي فرعون وتبعه فرعون وصاحت الملائكة في الناس
: الحقوا الملك
حتى اذا دخل آخرهم ولم يخرج أولهم
التقى البحر عليهم فغرقوا
فسمع بنو اسرائيل وجبة البحر حين التقى فقالوا : ما هذا ؟ قال موسى : غرق فرعون
وأصحابه
فرجعوا ينظرون فالقاهم البحر على الساحل
وأخرج ابن عبد الحكم وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال : كان جبريل بين
الناس
بين بني اسرائيل وبين آل فرعون فيقول : رويدكم ليلحقكم آخركم
فقالت بنو اسرائيل : ما رأينا سائقا أحسن سياقا من هذا
وقال آل فرعون : ما رأينا وازعا أحسن زعة من هذا
فلما انتهى موسى وبنو اسرائيل إلى البحر قال مؤمن آل فرعون
يا نبي الله أين أمرت ؟ هذا البحر أمامك وقد غشينا آل فرعون فقال :
(6/304)
أمرت
بالبحر
فاقتحم مؤمن آل فرعون فرسه فرده التيار فجعل موسى لا يدري كيف يصنع وكان الله قد
أوحى إلى البحر : ان أطع موسى وآية ذلك اذا ضربك بعصا فأوحى الله إلى موسى : أن
اضرب بعصاك البحر
فضربه فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم فدخل بنو اسرائيل واتبعهم آل فرعون فلما
خرج آخر بني اسرائيل ودخل آخر آل فرعون أطبق الله عليهم البحر
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : نزل جبريل يوم غرق فرعون
وعليه عمامة سوداء
وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق عن أبي الدرداء قال " جعل النبي صلى الله
عليه و سلم يصفق بيديه ويعجب من بني اسرائيل وتعنتهم لما حضروا البحر وحضرهم عدوهم
جاؤا موسى فقالوا : قد حضرنا العدو فماذا أمرت ؟ قال : ان أنزل ههنا فاما ان يفتح
لي ربي ويهزمهم وأما ان يفرق لي هذا البحر
فضربه فتاطط كما تتاطط الفرش ثم ضربه الثانية فانصدع فقال : هذا من سلطان ربي
فاجازوا البحر فلم يسمع بقوم أعظم ذنبا ولا أسرع توبة منهم "
- قوله تعالى : واتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون قالوا نعبد
أصناما فنظل لها عاكفين قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون قالوا بل
وجدنا آباءنا كذلك يفعلون قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم
عدو لي إلا رب العالمين
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله فنظل لها عاكفين قال
: عابدين قال هل يسمعونكم إذ تدعون يقول : هل تجيبكم آلهتكم اذا دعوتموهم
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله اذ يسمعونكم قال : هل يسمعون
أصواتكم
- قوله تعالى : الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين
والذي يميتني ثم يحيين والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين
(6/305)
رب
هب لي حكما وألحقني بالصالحين واجعل لي لسان صدق في الآخرين واجعلني من ورثة جنة
النعيم
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان يقال أول نعمة الله على عبده حين خلقه
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين قال : قوله اني سقيم الصافات
الآية 29 وقوله بل فعله كبيرهم هذا الأنبياء الآية 63 وقوله لسارة : انها أختي
حين أراد فرعون من الفراعنة أن يأخذها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس في قوله وأحلقني بالصالحين يعني أهل
الجنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله واجعل لي لسان صدق في
الآخرين قال : يؤمن بابراهيم كل ملة
وأخرج ابن أبي الدنيا في الذكر وابن مردويه من طريق الحسن عن سمرة بن جندب قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " اذا توضأ العبد لصلاة مكتوبة فاسبغ
الوضوء ثم خرج من باب داره يريد المسجد فقال حين يخرج : بسم الله الذي خلقني فهو
يهدين
هداه الله للصواب - ولفظ ابن مردويه : لصواب الاعمال - والذي هو يطعمني ويسقين
أطعمه الله من طعام الجنة وسقاه من شراب الجنة واذا مرضت فهو يشفين
شفاه الله وجعل مرضه كفارة لذنوبه والذي يميتني ثم يحيين
أحياه الله حياة السعداء وأماته ميتة الشهداء والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم
الدين
غفر الله خطاياه كلها وان كانت أكثر من زبد البحر رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين
وهب الله له حكما وألحقه بصالح من مضى وصالح من بقي واجعل لي لسان صدق في الآخرين
كتب في ورقة بيضاء ان فلان بن فلان من الصادقين ثم وفقه الله بعد ذلك للصدق
واجعلني من ورثة جنة النعيم
جعل الله له القصور والمنازل في الجنة " وكان الحسن يزيد فيه - واغفر لوالدي
كما ربياني صغيرا
(6/306)
وأخرج
ابن جرير والحاكم وصححه عن عائشة انها قالت : يا رسول الله أن ابن جدعان كان يقري
الضيف ويصل الرحم ويفعل ويفعل
أينفعه ذلك ؟ قال : لا
انه لم يقل يوما قط : رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين
- قوله تعالى : واغفر لأبي إنه كان من الضالين ولا تخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع
مال ولا بنون
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله واغفر لأبي قال : امنن عليه بتوبة يستحق
بها مغفرتك
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ولا تخزني يوم
يبعثون قال : ذكر لنا ان نبي الله صلى الله عليه و سلم قال : " ليجيئن رجل
يوم القيامة من المؤمنين آخذا بيد أب له مشرك حتى يقطعه النار ويرجو أن يدخله الجنة
فيناديه مناد : انه لا يدخل الجنة مششرك
فيقول : رب أبي
ووعدت أن لا تخزيني
قال : فما يزال متشبثا به حتى يحوله الله في صورة سيئة وريح منتنة في سورة ضبعان
فاذا رآه كذلك تبرأ منه وقال : لست بأبي قال : فكنا نرى أنه يعني إبراهيم وما سمى
به يومئذ "
وأخرج البخاري والنسائي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجه آزر قترة وغبرة فيقول له إبراهيم :
ألم أقل لك لا تعصيني ؟ فيقول أبوه : فاليوم لا أعصيك فيقول إبراهيم : رب انك
وعدتني ان لا تخزيني يوم يبعثون فأي خزي أخزى من أبي الابعد
فيقول الله : إني حرمت الجنة على الكافرين
ثم يقال : يا إبراهيم ما تحت رجليك ؟ فاذا هو بذيخ متلطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في
النار "
وأخرج أحمد عن رجل من بني كنانة قال : صليت خلف النبي صلى الله عليه و سلم عام
الفتح فسمعته يقول " اللهم لا تخزني يوم القيامة "
- قوله تعالى : إلا من أتى الله بقلب سليم
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم عن ابن عباس في قوله إلا من أتى الله
بقلب سليم قال : شهداة أن لا إله إلا الله
(6/307)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله إلا من أتى الله بقلب سليم
قال : كان يقال : سليم من الشرك
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله إلا من أتى الله بقلب سليم قال : من الشرك
ليس فيه شك في الحق
وأخرج عبد بن حميد عن عون قال : ذكروا الحجاج عند ابن سيرين فقال : غير ما تقولون
أخوف على الحجاج عندي منه قلت : وما هو ؟ قال : ان كان لقي الله بقلب سليم فقد
أصاب الذنوب خير منه قلت : وما القلب السليم ؟ قال : ان يعلم انه لا إله إلا الله
- قوله تعالى : وأزلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين وقيل لهم أين ما كنتم
تعبدون من دون الله هل ينصرونكم أو ينتصرون
أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك وأزلفت الجنة للمتقين قال : قربت لأهلها
وأخرج ابن أبي شيبه عن نبيح ابن امرأة كعب قال : تزلف الجنة ثم تزخرف ثم ينظر
اليها من خلق الله
من مسلم أو يهودي أو نصراني إلا رجلان
رجلا قتل مؤمنا متعمدا أو رجلا قتل معاهدا متعمدا
- قوله تعالى : فكبكبوا فيها هم والغاوون وجنود إبليس أجمعون قالوا وهم فيها
يختصمون تالله إن كنا لفي ضلال مبين إذ نسويكم برب العالمين
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فكبكبوا فيها قال :
جمعوا فيها هم والغاوون قال : مشركوا العرب والآلهة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد فكبكبوا قال : رموا
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن السدي فكبكبوا فيها قال : في النار هم قال :
الآلهة والغاوون قال : مشركو قريش وجنود ابليس قال : ذرية ابليس ومن ولد
(6/308)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله
والغاوون قال : الشياطين
وأخرج ابن مردويه عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ان
الناس يمرون يوم القيامة على الصراط : والصراط دحض مزلة يتكفأ بأهله
والنار تأخذ منهم وان جهنم لتنطف عليهم مثل الثلج اذا وقع لها زفير وشهيق
فبينما هم كذلك اذا جاءهم نداء من الرحمن : عبادي من كنتم تعبدون في دار الدنيا ؟
فيقولون : رب أنت تعلم انا اياك كنا نعبد
فيجيبهم بصوت لم يسمع الخلائق مثله قط : عبادي حق علي ان لا أكلكم اليوم إلى أحد غيري
فقد عفوت عنكم ورضيت عنكم
فتقوم الملائكة عند ذلك بالشفاعة فينحون من ذلك المكان فيقول الذين تحتهم في النار
فما لنا من شافعين ولا صديق حميم فلو ان لنا كرة فنكون من المؤمنين إبراهيم الآية
43 قال الله فكبكبوا فيها هم والغاوون قال ابن عباس : ادخروا فيها إلى آخر الدهر
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ان أمتي ستحشر يوم القيامة فبينما هم وقوف اذ جاءهم مناد من الله : ليعتزل
سفاكو الدماء بغير حقها
فيميزون على حدة فيسيل عندهم سيل من دم ثم يقول لهم الداعي : اعيدوا هذه الدماء في
أجسادها ؟ فيقول : احشروهم إلى النار
فبينما هم يجرون إلى النار اذ نادى مناد فقال : ان القوم قد كانوا يهللون
فيوقفون منها مكانا يجدون وهجها حتى يفرغ من حساب أمة محمد صلى الله عليه و سلم ثم
يكبكبون في النار هم والغاوون وجنوده ابليس أجمعون "
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه عن أبي امامة أن عائشة قالت : يا رسول الله يكون يوم
لا يغنى عنا فيه من الله شيء قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " نعم
في ثلاث مواطن عند الميزان وعند النور والظلمة وعند الصراط
من شاء الله سلمه وأجازه ومن شاء كبكبه في النار قالت : يا رسول الله وما الصراط ؟
قال : طريق بين الجنة والنار يجوز الناس عليه مثل حد الموسى والملائكة صافون يمينا
وشمالا يخطفونهم بالكلاليب مثل شوك السعدان وهم يقولون : سلم سلم وأفئدتهم هواء
إبراهيم الآية 43 فمن شاء الله سلمه ومن شاء كبكبه في النار "
(6/309)
-
قوله تعالى : وما أضلنا إلا المجرمون فما لنا من شافعين ولا صديق حميم فلو أن لنا
كرة فنكون من المؤمنين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز
الرحيم
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله وما أضلنا إلا المجرمون يقول : الاولون الذين
كانوا قبلنا اقتدينا بهم فضللنا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة وما أضلنا إلا المجرمون قال : ابليس وابن آدم
القاتل
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج فما لنا من شافعين قال : من أهل السماء
ولا صديق حميم قال : من أهل الأرض
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد ولا صديق حميم قال : شفيق
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فلو أن لنا كرة قال : رجعة إلى الدنيا
فنكون من المؤمنين قال : حتى تحل لنا الشفاعة كما حلت لهؤلاء
والله أعلم
- قوله تعالى : كذبت قوم نوح المرسلين إذ قال لهم أخوهم نوح ألا تتقون إني لكم
رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب
العالمين فاتقوا الله وأطيعون قالوا أنؤمن لك واتبعك الأرذلون قال وما علمي بما
كانوا يعملون إن حسابهم إلا على ربي لو تشعرون وما أنا بطارد المؤمنين إن أنا إلا
نذير مبين قالوا لئن لم تنته يانوح لتكونن من المرجومين قال رب إن قومي كذبون
فافتح بيني وبينهم فتحا ونجني ومن معي من المؤمنين فأنجيناه ومن معه في الفلك
المشحون ثم أغرقنا بعد الباقين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو
العزيز الرحيم
(6/310)
أخرج
ابن المنذر عن ابن عباس قالوا أنؤمن لك قالوا : أنصدقك
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله واتبعك الارذلون قال : الحواكون
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله واتبعك الارذلون قال : سفلة الناس وأراذلهم
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة واتبعك الارذلون قال : الحواكون
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ان حسابهم إلا على ربي قال : هو أعلم بما في أنفسهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله لتكونن من
المرجومين قال : بالحجارة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن لتكونن من المرجومين قال : بالشتيمة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله فافتح
بيني وبينهم فتحا قال : اقض بيني وبينهم قضاء
وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح
مثله
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله عز و جل
الفلك المشحون قال : السفينة الموقورة الممتلئة
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول عبيد بن الأبرص : شحنا أرضهم بالخيل حتى تركناهم أذل من الصراط وأخرج
ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن
عباس انه قال : تدرون ما المشحون ؟ قلنا : لا
قال هو الموقر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله الفلك المشحون قال : الممتلىء
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد في قوله الفلك المشحون قال : المملوء المفروغ منه تحميلا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في الفلك المشحون قال : المحمل
(6/311)
وأخرج
عبد بن حميد عن قتادة في الفلك المشحون كنا نحدث : انه الموقر
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن الشعبي في الفلك المشحون قال :
المثقل
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس
مثله
وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح في الفلك المشحون قال : سفينة نوح
- قوله تعالى : كذبت عاد المرسلين إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون إني لكم رسول
أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العلمين
أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون وإذا بطشتم بطشتم جبارين
فاتقوا الله وأطيعون واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون
إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين إن
هذا إلا خلق الأولين وما نحن بمعذبين فكذبوه فأهلكناهم إن في ذلك لآية وما كان
أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم
أخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله أتبنون بكل ريع قال : طريق آية قال : علما
تعبثون قال : تلعبون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أتبنون بكل ريع قال
: شرف
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة أتبنون بكل ريع قال : طريق
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صخر قال الريع ما استقبل الطريق بين الجبال والظراب
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير
(6/312)
وابن
المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله أتبنون بكل ريع قال : بكل فج بين جبلين آية
قال : بنيانا وتتخذون مصانع قال : بروج الحمام
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله تعبثون قال : تلعبون
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
وتتخذون مصانع قال : قصورا مشيدة وبنيانا مخلدا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة
وتتخذون مصانع قال : مآخذ للماء قال : وكان في بعض القراءة وتتخذون مصانع كأنكم
خالدون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله لعلكم تخلدون قال :
كأنكم تخلدون
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله
واذا بطشتم بطشتم جبارين قال : بالسوط والسيف
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله بطشتم جبارين قال : أقوياء
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله بطشتم جبارين قال :
أقوياء
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ان هذا إلا خلق
الاولين قال : دين الاولين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ان هذا إلا خلق الاولين قال :
أساطير الأولين
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني
عن ابن مسعود انه كان يقرأ ان هذا إلا خلق الاولين يقول شيء اختلقوه وفي لفظ يقول
اختلاق الاولين
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد في قوله ان هذا إلا خلق الأولين قال : كذبهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن علقمة ان هذا إلا خلق الأولين قال : اختلاقهم
(6/313)
وأخرج
عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ ان هذا إلا خلق الأولين مرفوعة الخاء مثقلة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله ان هذا إلا خلق الاولين قال : هكذا خلقت الاولون وهكذا كان الناس يعيشون ما
عاشوا ثم يموتون ولا بعث عليهم ولا حساب وما نحن بمعذبين أي إنما نحن مثل الاولين
نعيش كما عاشوا ثم نموت لا حساب ولا عذاب علينا ولا بعث
- قوله تعالى : كذبت ثمود المرسلين إذ قال لهم أخوهم صالح ألا تتقون إني لكم رسول
أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين
أتتركون فيما هاهنا آمنين في جنات وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم وتنحتون من الجبال
بيوتا فرهين فاتقوا الله وأطيعون ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض
ولا يصلحون قالوا إنما أنت من المسحرين ما أنت إلا بشر مثلنا فأت بآية إن كنت من
الصادقين قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم ولا تمسوها بسوء فيأخذكم عذاب
يوم عظيم فعقروها فأصبحوا نادمين وأخذهم العذاب إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم
مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ونخل طلعها هضيم قال
: معشب
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس ان نافع بن الازرق قال له أخبرني عن
قوله عز و جل طلعها هضيم قال : منضم بعضه إلى بعض قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال
: نعم
أما سمعت قول أمرىء القيس : دار لبيضاء العوارض طفلة مهضومة الكشحين ريا المعصم
(6/314)
وأخرج
الفريابي وعبد بن حميد عن يزيد بن أبي زياد ونخل طلعها هضيم قال : هو الرطب وفي
لفظ قال : المذنب الذي قد رطب بعضه
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة طلعها هضيم قال : لين
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن طلعها هضيم قال : الرخو
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك قال الهضيم اذا بلغ البسر في عذوقه فعظم
فذلك الهضم
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد طلعها هضيم قال : يتهشم تهشما
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد طلعها هضيم قال : الطلعة اذا
مسستها تناثرت
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن طلعها هضيم قال : ليس فيه نوى
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة قال الهضيم الرطب اللين
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ وتنحتون بكسر الحاء الجبال بيوتا فارهين بالالف
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فرهين قال : حاذقين
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله فرهين قال : حاذقين
بنحتها
وأخرج عبد بن حميد عن معاوية بن قرة فرهين قال : حاذقين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فرهين قال : أشرين
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله فرهين قال : شرهين
وأخرج عبد بن حميد عن عطية في قوله فارهين قال : متجبرين
(6/315)
وأخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن عبد الله بن شداد في قوله فارهين قال :
يتجبرون
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله فرهين قال : معجبين بصنعكم
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله ولا تطيعوا أمر المسرفين قال : هم المشركون
وفي قوله انما أنت من المسحرين قال : هم الساحرون
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد في قوله انما أنت من المسحرين قال : المسحورين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والخطيب وابن عساكر من طرق عن ابن عباس
في قوله انما أنت من المسحرين قال : من المخلوقين ثم أنشد قول لبيد بن ربيعة : ان
تسألينا فيم نحن فاننا عصافير من هذا الانام المسحر وأخرج ابن الانباري في الوقف
والابتداء عن أبي صالح ومجاهد في قوله من المسحرين قالا : من المخدوعين
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ انما أنت من المسحرين مثقلة وقال : المسحر :
السوقة الذي ليس بملك
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن
عباس
ان صالحا بعثه الله إلى قومه فآمنوا به ثم انه لما مات كفر قومه ورجعوا عن الإسلام
فاحيا الله لهم صالحا وبعثه اليهم فقال : أنا صالح فقالوا : قد مات صالح ان كنت
صالحا فائت بآية ان كنت من الصادقين فبعث الله الناقة فعقروها وكفروا فاهلكوا
وعاقرها رجل نساج يقال له قدار بن سالف
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قال هذه ناقة لها شرب ولكم شرب يوم معلوم
قال : كانت اذا كان يوم شربها شربت ماءهم كله فاذا كان يوم شربهم كان لانفسهم
ومواشيهم وأرضهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : اذا كان يومها أصدرتهم لبنا ما شاؤا
(6/316)
-
قوله تعالى : كذبت قوم لوط المرسلين إذ قال لهم أخوهم لوط ألا تتقون إني لكم رسول
أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلاعلى رب العالمين
أتأنون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون
قالوا لئن لم تنته يا لوط لتكونن من الخرجين قال إني لعملكم من القالين رب نجني
وأهلي مما يعملون فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا في الغابرين ثم دمرنا الآخرين
وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن
ربك لهو العزيز الرحيم
أخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
مجاهد في قوله وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم قال : تركتم أقبال النساء إلى
أدبار الرجال وأدبار النساء
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم قال : ما أصلح لكم
يعني القبل
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم يقول :
ترك أقبال النساء إلى أدبار الرجال
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله بل أنتم قوم عادون قال : متعدون
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن مجاهد قال : في قراءة عبد الله وواعدناه أن
نؤمنه أجمعين إلا عجوزا في الغابرين
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة إلا عجوزا في الغابرين قال : هي امرأة
لوط غبرت في عذاب
وأخرج الطستي عن ابن عباس
أن نافع بن الازرق قال له : اخبرني عن قوله في الغابرين قال : في الباقين قال :
وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول عبيد بن الابرص ؟ : ذهبوا وخلفني المخلف فيهم فكانني في الغابرين
غريب
(6/317)
-
قوله تعالى : كذب أصحاب الأيكة المرسلين إذ قال لهم شعيب ألا تتقون إني لكم رسول
أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم عليه من أجر أن أجري إلا على رب العالمين
وأوفوا الكيل ولا تكونوا من المخسرين وزنوا بالقسطاس المستقيم ولا تبخسوا الناس
أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين واتقوا الذي خلقكم والجبلة الأولين قالوا إنما
أنتمن المسحرين وما أنت إلا بشر مثلنا وإن نظنك لمن الكاذبين فأسقط علينا كسفا من
السماء إن كنت من الصادقين قال ربي أعلم بما تعملون فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة
إنه كان عذاب يوم عظيم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز
الرحيم
أخرج عبد بن حميد عن مجاهد ليكة قال الايكة
وأخرج اسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس في قوله كذب أصحاب الايكة المرسلين قال
: كانوا أصحاب غيضة بين ساحل البحر إلى مدين وقد أهلكوا فيما ياتون
وكان أصحاب الايكة مع ما كانوا فيه من الشرك استنوا سنة أصحاب مدين
فقال لهم شعيب اني لكم رسول أمين فاتقوا الله وأطيعون وما أسألكم على ما أدعوكم
عليه أجرا في العاجل في أموالكم ان أجري إلا على رب العالمين واتقوا الذي خلقكم
والجبلة يعني وخلق الجبلة الأولين يعني القرون الأولين الذين أهلكوا بالمعاصي ولا
تهلكوا مثلهم قالوا انما أنت من المسحرين يعني من المخلوقين وما أنت إلا بشر مثلنا
وان نظنك لمن الكاذبين فأسقط علينا كسفا من السماء يعني قطعا من السماء فأخذهم
عذاب يوم الظلة أرسل الله عليهم سموما من جهنم فأطاف بهم سبعة أيام حتى انضجهم
الحر فحميت بيوتهم وغلت مياههم في الآبار والعيون فخرجوا من منازلهم ومحلتهم
هاربين والسموم معهم فسلط الله عليهم الشمس من فوق رؤوسهم فتغشتهم حتى تقلقلت فيها
جماجمهم وسلط الله عليهم الرمضاء من
(6/318)
تحت
أرجلهم حتى تساقطت لحوم أرجلهم ثم أنشأت لهم ظلة كالسحابة السوداء فلما رأوها
ابتدروها يستغيثون بظلها حتى اذا كانوا تحتها جميعا
أطبقت عليهم فهلكو ونجى الله شعيبا والذين آمنوا به
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله والجبلة الاولين
قال : الخلق الاولين
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد والجبلة الاولين قال : الخليقة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة فاسقط علينا كسفا من السماء قال : قطعا من السماء
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي قال : ان أهل مدين عذبوا
بثلاثة أصناف من العذاب
أخذتهم الرجفة في دارهم حتى خرجوا عليهم
فارسل الله عليهم الظلة فدخل تحتها رجل قال : ما رأيت كاليوم ظلا أطيب ولا ابرد
هلموا أيها الناس فدخلوا جميعا تحت الظلة فصاح فيهم صيحة واحدة فماتوا جميعا
وأخرج ابن المنذر عن قتادة قال : أصحاب الايكة أصحاب شجر وهم قوم شعيب وأصحاب الرس
: أصحاب آبار وهم قوم شعيب
وأخرج ابن المنذر عن السدي قال : بعث شعيبا إلى أصحاب الايكة - والايكة غيضة -
فكذبوه فأخذهم عذاب يوم الظلة
قال : فتح الله عليهم بابا من أبواب جهنم فغشيهم من حره ما لم يطيقوه فتبردوا
بالماء وبما قدروا عليه فبينما هم كذلك اذا رفعت لهم سحابة فيها ريح باردة طيبة
فلما وجدوا بردها ساروا نحو الظلة فاتوها يتبردون بها فخرجوا من كل شيء كانوا فيه
فلما تكاملوا تحتها طبقت عليهم بالعذاب
فذلك قوله فاخذهم عذاب يوم الظلة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال : سلط الله الحر على قوم شعيب سبعة
أيام ولياليهن حتى كانوا لا ينتفعون بظل بيت ولا ببرد ماء ثم رفعت لهم
(6/319)
سحابة
في البرية فوجدوا تحتها الروح فجعلوا يدعوا بعضهم بعضا
حتى اذا اجتمعوا تحتها أشعلها الله عليهم نارا
فذلك قوله فاخذهم عذاب يوم الظلة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس انه
سئل عن قوله فاخذهم عذاب يوم الظلة فقال : بعث الله عليهم وهدة وحرا شديدا فاخذ
بانفاسهم فدخلوا أجواف البيوت فدخل عليهم أجواف البيوت فاخذ بانفاسهم فخرجوا من
البيوت هرابا إلى البرية
فبعث الله عليهم سحابة فاظلتهم من الشمس فوجدوا لها بردا ولذة فنادى بعضهم بعضا
حتى اذا اجتمعوا تحتها أسقطها الله عليهم نارا
فذلك قوله عذاب يوم الظلة
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة فاخذهم عذاب يوم الظلة قال : ذكر لنا
أنه سلط الله عليهم الحر سبعة أيام لا يظلهم ظل ولا ينفعهم منه شيء فبعث الله
عليهم سحابة فلحقوا اليها يلتمسون الروح في ظلها
فجعلها الله عليهم عذابا فاحرقتهم
بعثت عليهم نارا فاضطرمت فاكلتهم
فذلك عذاب يوم الظلة
وأخرج عبد بن حميد عن علقمة فاخذهم عذاب يوم الظلة قال : أصابهم الحر حتى أقلقهم
من بيوتهم فخرجوا ورفعت لهم سحابة فانطلقوا اليها فلما استظلوا بها أرسلت اليهم
فلم ينفلت منهم أحد
وأخرج الحاكم عن زيد بن أسلم قال : كان ينهاهم عن قطع الدراهم فاخذهم عذاب يوم
الظلة حتى اذا اجتمعوا كلهم كشف الله عنهم الظلة وأحمى عليهم الشمس فاحترقوا كما
يحترق الجراد في المقلى
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن
مجاهد في قوله فاخذهم عذاب يوم الظلة قال : ظلل من العذاب اتاهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس قال : من حدثك من العلماء : ما
عذاب يوم الظلة
فكذبه
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس قال : من حدثك من
العلماء ما عذاب يوم الظلة ؟ قال : أخذهم حر أقلقهم من بيوتهم فانشئت لهم سحابة
فاتوها فصيح بهم فيها والله أعلم
(6/320)
-
قوله تعالى : وإنه لتنزيلرب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين
بلسان عربي مبين وإنه لفي زبر الأولين أولم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني
إسرائيل ولو أنزلناه على بعض الأعجمين فقرأه عليهم ما كانوا به مؤمنين كذلك سلكناه
في قلوب المجرمين لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم فيأتيهم بغتة وهم لا يشعرون
فيقولوا هل نحن منظرون أفبعذابنا يستعجلون أفرأيت إن متعناهم سنين ثم جاءهم ما
كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون
ذكرى وما كنا ظالمين وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنهم عن
السمع لمعزولون فلا تدع مع الله إلها آخر فتكون من المعذبين
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة وانه لتنزيل رب
العالمين قال : هذا القرآن نزل به الروح الامين قال : جبريل
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس نزل به الروح الامين قال : الروح الامين : جبريل رأيت
له ستمائة جناح من لؤلؤ قد نشرها فهم مثل ريش الطواويس
وأخرج ابن مردويه عن الحسن أظنه عن سعد قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم
" الاوان الروح الامين نفث في روعي انه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها وان
ابطا عليها "
وأخرج ابن أبي شيبه عن عبد الله بن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" أيها الناس انه ليس من شيء يقربكم من الجنة ويبعدكم من النار إلا قد أمرتكم
به وانه ليس شيء يقربكم من النار ويبعدكم من الجنة إلا قد نهيتكم عنه وان الروح
الامين نفث في روعي انه ليس من نفس تموت حتى تستوفي رزقها فاتقوا الله واجملوا في
الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق على ان تطلبوه بمعاصي الله فانه لا ينال ما عند
الله إلا بطاعته "
(6/321)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله بلسان عربي مبين قال : بلسان قريش
ولو كان غير عربي ما فهموه
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن ابن عباس والبيهقي في شعب الايمان عن بريدة في قلوه
بلسان عربي مبين قال : بلسان جرهم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن بريدة
مثله
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن سلام قال : كان نفر من قريش من أهل مكة قدموا على
قوم من يهود من بني قريظة لبعض حوائجهم فوجدوهم يقرأون التوراة فقال القرشيون :
ماذا نلقى ممن يقرأ توراتكم هذه ؟ لهؤلاء أشد علينا من محمد وأصحابه
فقال اليهود : نحن من أولئك برآء
وأولئك يكذبون على التوراة وما أنزل الله في الكتب انما أرادوا عرض الدنيا
فقال القرشيون : فاذا لقيتموهم فسودوا وجوههم وقال المنافقون : وما يعلمه إلا بشر
مثله
وأنزل الله وانه لتنزيل رب العالمين إلى قوله وانه لفي زبر الأولين يعني النبي صلى
الله عليه و سلم وصفته ونعته وأمره
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد وأنه لفي زبر الاولين يقول : في الكتب التي أنزلها
على الاولين
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وأنه لفي
زبر الاولين قال : كتب الاولين أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء بني اسرائيل قال
: يعني بذلك اليهود والنصارى كانوا يعلمون أنهم يجدون محمدا مكتوبا عندهم في
التوراة والانجيل انه رسول الله
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ أو لم يكن لهم آية بالياء
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد في قوله أو لم يكن لهم آية ان يعلمه علماء بني اسرائيل قال : عبد الله بن
سلام وغيره من علمائهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : كان عبد الله بن سلام
من علماء بني اسرائيل وكان من خيارهم فآمن بكتاب محمد فقال لهم الله أو لم يكن لهم
آية ان يعلمه علماء بني اسرائيل
وأخرج ابن أبي حاتم عن مبشر بن عبيد القرشي في قوله أو لم يكن لهم آية
(6/322)
يقول
: أو لم يكن لهم القرآن آية
وأخرج ابن سعد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطية العوفي في قوله أو لم يكن لهم
آية ان يعلمه علماء بني اسرائيل قال : كانوا خمسة
أسد وأسيد وابن يامين وثعلبة وعبد الله بن سلام
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ولو نزلناه على بعض الاعجمين
قال : يقول لو نزلنا هذا القرآن على بعض الاعجمين لكانت العرب أشر الناس فيه
لا يفهمونه ولا يدرون ما هو
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ولو نزلناه على بعض الاعجمين
قال : لو أنزله الله عجميا لكانوا أخسر الناس به لانهم لا يعرفون العجمية
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ولو نزلناه على بعض الاعجمين قال : الفرس
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن في قوله كذلك سلكناه قال : الشرك جعلناه في
قلوب المجرمين
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي جهضم قال " رؤي النبي صلى الله عليه و سلم كانه
متحير فسألوه عن ذلك فقال : ولم
! رأيت عدوي يلون أمر أمتي من بعدي
فنزلت افرأيت ان متعناهم سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا
يمتعون فطابت نفسه "
وأخرج عبد بن حميد عن سليمان بن عبد الملك
انه كان لايدع ان يقول في خطبته كل جمعة : انما أهل الدنيا فيها على وجل لم تمض
لهم نية ولم تطمئن لهم دار حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك
لا يدوم نعيمها ولا تؤمن فجعاتها ولا يبقى فيها شيء ثم يتلو أفرأيت ان متعناهم
سنين ثم جاءهم ما كانوا يوعدون ما أغنى عنهم ما كانوا يمتعون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وما أهلكنا من قرية
إلا لها منذرون قال : الرسل
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون قال : ما أهلك
(6/323)
الله
من قرية إلا من بعد ما جاءتهم الرسل والحجة والبيان من الله
ولله الحجة على طلقة ذكرى قال : تذكرة لهم وموعظة وحجة لله وما كنا ظالمين يقول :
ما كنا لنعذبهم إلا من بعد البينة والحجة والعذر
حتى نرسل الرسل وننزل الكتب وفي قوله وما تنزلت به الشياطين يعني القرآن وما ينبغي
لهم أن ينزلوا به وما يستطيعون يقول لا يقدرون على ذلك ولا يستطيعونه انهم عن
السمع لمعزولون قال : عن سمع السماء
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله وما تنزلت به الشياطين قال : زعموا أن
الشياطين تنزلت به على محمد
فاخبرهم الله انها لا تقدر على ذلك ولا تسطيعه وما ينبغي لهم ان ينزلوا بهذا وهو
محجور عليهم
- قوله تعالى : وأنذر عشيرتك الأقربين
أخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
مردويه والبيهقي في شعب الايمان وفي الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما
نزلت هذه الآية وأنذر عشيرتك الاقربين دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم قريشا
وعم وخص فقال " يا معشر قريش أنقذوا انفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا
ولا نفعا يا معشر بني كعب بني لؤي أنقذوا انفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا
ولا نفعا يا معشر بني قصي أنقذوا انفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا
يا معشر بني عبد مناف أنقذوا انفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا
بني عبد المطلب أنقذوا انفسكم من النار فاني لا أملك لكم ضرا ولا نفعا يا فاطمة
بنت محمد انقذي نفسك من النار فاني لا أملك لك ضرا ولا نفعا إلا ان لكم رحما
وسابلها ببلالها "
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي وابن جرير وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت :
لما نزلت وأنذر عشيرتك الاقربين قام رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال " يا
فاطمة ابنة محمد يا صفية ابنة عبد المطلب يا بني عبد المطلب لا أملك لكم من الله
شيئا سلوني من مالي ما شئتم "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه عن عروة مرسلا
مثلا
(6/324)
وأخرج
مسدد ومسلم والنسائي وابن جرير والبغوي في معجمه والباوردي والطحاوي وأبو عوانة
وابن قانع والطبراني وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن قبيصة بن
مخارق وزفير بن عمرو قالا : لما نزلت وأنذر عشيرتك الاقربين انطلق رسول الله صلى
الله عليه و سلم إلى ربوة من جبل فعلا أعلاها حجرا ثم قال " يا بني عبد مناف
أني نذير لكم انما مثلي ومثلكم كمثل رجل رأى العدو فانطلق يريد أهله فخشي أن
يسبقوه إلى أهله فجعل يهتف : يا صباحاه
يا صباحاه
أتيتم
أتيتم "
وأخرج عبد بن حميد والترمذي وابن جرير وابن مردويه عن أبي موسى الاشعري قال : لما
نزلت وأنذر عشيرتك الاقربين وضع رسول الله صلى الله عليه و سلم إصبعيه في اذنيه
ورفع صوته وقال " يا بني عبد مناف يا صباحاه
"
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : لما نزلت وأنذر عشيرتك الاقربين بكى
رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم جمع أهله فقال " يا بني عبد مناف أنقذوا
انفسكم من النار يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار يا بني هاشم أنقذوا
أنفسكم من النار
ثم التفت إلى فاطمة فقال : يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار فاني لا اغنى
عنكم من الله شيئا غير ان لكم رحما سابلها ببلالها "
وأخرج ابن مردويه عن البراء قال : لما نزلت على النبي صلى الله عليه و سلم وأنذر
عشيرتك الاقربين صعد النبي صلى الله عليه و سلم ربوة من جبل فنادى " يا
صباحاه
فاجتمعوا فحذرهم وانذرهم ثم قال : لا أملك لكم من الله شيئا يا فاطمة بنت محمد
أنقذي نفسك من النار فاني لا أملك من الله شيئا "
وأخرج ابن مردويه عن الزبير بن العوام قال : لما نزلت وأنذر عشيرتك الاقربين صاح
على أبي قبيس " يا آل عبد مناف أني نذير
فجاءته قريش فحذرهم
وأنذرهم "
وأخرج ابن مردويه عن عدي بن حاتم ان النبي صلى الله عليه و سلم ذكر قريشا فقال
وانذر عشيرتك الاقربين يعني : قومي
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت وأنذر
عشيرتك الاقربين جعل يدعوهم قبائل قبائل
(6/325)
وأخرج
سعيد بن منصور والبخاري وابن مردويه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت وأنذر عشيرتك الأقربين ورهطك منهم المخلصين
خرج النبي صلى الله عليه و سلم حتى صعد على الصفا فنادى " يا صباحاه
فقالوا من هذا الذي يهتف ؟ قالوا : محمد
فاجتمعوا اليه فجعل الرجل اذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما هو فجاء أبو
لهب وقريش فقال : أرأيتكم لو اخبرتكم ان خيلا بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم
مصدقي قالوا : نعم
ما جربنا عليك إلا صدقا قال : فاني نذير لكم بين يدي عذاب شديد " فقال أبو
لهب : تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا ! فنزلت تبت يدا أبي لهب وتب المسد الآية 1
- 2
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه وأنذر عشيرتك الاقربين قال : ذكر لنا أن
نبي الله صلى الله عليه و سلم نادى على الصفا بأفخاذ عشيرته
فخذا فخذا يدعوهم إلى الله
فقال في ذلك المشركون : لقد بات هذا الرجل يهوت منذ الليلة قال : وقال الحسن رضي
الله عنه : جمع نبي الله صلى الله عليه و سلم أهل بيته قبل موته فقال " إلا
ان لي عملي ولكم عملكم إلا اني لا أغني عنكم من الله شيئا إلا ان أوليائي منكم
المتقون ألا لا أعرفنكم يوم القيامة تاتون بالدنيا تحملونها على رقابكم ويأتي الناس
يحملون الآخرة
يا صفية بنت عبد المطلب يا فاطمة بنت محمد اعملا فاني لا أغني عنكما من الله شيئا
"
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " يا بني
هاشم ويا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه و سلم اني لا أغني عنكم من الله شيئا
اياكم ان يأتي الناس يحملون الآخرة وتأتون أنتم تحملون الدنيا وانكم تردون على
الحوض ذات الشمال وذات اليمين فيقول القائل منكم : يا رسول الله أنا فلان بن فلان
فاعرف الحسب وانكر الوصف فاياكم ان يأتي أحدكم يوم القيامة وهو يحمل على ظهره فرسا
ذات جمعمة أبو بعيرا له رغاء أو شاة لها ثغاء أو يحمل قشعا من أدم فيختلجون من
دوني ويقال لي : أنك لا تدري ما أحدثوا بعدك
فاطيبوا نفسا واياكم ان ترجعوا القهقرى من بعدي " قال عكرمة رضي الله عنه :
انما قال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم هذا القول حيث انزل الله عليه وأنذر
عشيرتك الاقربين
(6/326)
وأخرج
الطبراني وابن مردويه عن أبي امامة رضي الله عنه قال : لما نزلت وأنذر عشيرتك
الأقربين جمع رسول الله صلى الله عليه و سلم بني هاشم فاجلسهم على الباب وجمع
نساءه وأهله فاجلسهم في البيت ثم اطلع عليهم فقال " يا بني هاشم اشتروا
أنفسكم من النار واسعوا في فكاك رقابكم أو افتكوها بانفسكم من الله فاني لا أملك
لكم من الله شيئا ثم أقبل على أهل بيته فقال : يا عائشة بنت أبي بكر ويا حفصة بنت
عمر ويا أم سلمة ويا فاطمة بنت محمد ويا أم الزبير عمة رسول الله اشتروا أنفسكم من
الله واسعوا في فكاك رقابكم فاني لا أملك لكم من الله شيئا ولا أغني فبكت عائشة
رضي الله عنها وقالت : وهل يكون ذلك يوم لا تغني عنا شئيا ؟ قال : نعم
في ثلاثة مواطن
يقول الله ونضع الموازين القسط ليوم القيامة
الأنبياء الآية 47 فعند ذلك لا أغني عنكم من الله شيئا ولا أملك لكم من الله شيئا
وعند النور من شاء الله أتم له نوره ومن شاء أكبه في الظلمات يغمه فيها فلا أملك
لكم من الله شيئا ولا أغني عنكم
من الله شيئا وعند الصراط من شاء الله سلمه ومن شاء أجازه ومن شاء كبكبه في النار
قالت : عائشة قد علمنا الموازين : هي الكفتان
فيوضع في هذه اليسرى فترجح احداهما وتخف الاخرى وقد علمنا النور والظلمة فما
الصراط ؟ قال : طريق بين الجنة والنار يجوز الناس عليها وهو مثل حد الموس
والملائكة حفافه يمينا وشمالا يخطفونهم بالكلاليب مثل شوك السعدان وهم يقولون : رب
سلم سلم وافئدتهم هواء فمن شاء الله سلمه ومن شاء كبكبه فيها "
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في
الدلائل من طريق عن علي رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلى
الله عليه و سلم وأنذر عشيرتك الاقربين دعاني رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال
" يا علي ان الله أمرني أن أنذر عشيرتي الاقربين فضقت ذرعا وعرفت اني مهما
أبادئهم بهذا الامر أرى منهم ما أكره
قصمت عليها حتى جاء جبريل فقال : يا محمد انك ان لم تفعل ما تؤمر به يعذبك ربك
فاصنع لي صاعا من طعام واجعل عليه رجل شاة
(6/327)
واجعل
لنا عسا من لبن ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلمهم وأبلغ ما أمرت به ففعلت ما
أمرني به ثم دعوتهم له وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصونه فيهم أعمامه
أبو طالب وحمزة والعباس وأبو لهب
فلما اجتعوا اليه دعاني بالطعام الذي صنعت لهم فجئت به فلما وضعته تناول النبي صلى
الله عليه و سلم بضعة من اللحم فشقها باسنانه ثم ألقاها في نواحي الصحفة ثم قال :
كلوا بسم الله
فاكل القوم حتى تهلوا عنه ما ترى إلا آثار أصابعهم
والله ان كان الرجل الواحد ليأكل ما قدمت لجميعهم
ثم قال : اسق القوم يا علي فجئتهم بذلك العس فشربوا منه حتى رووا جميعا
وايم الله ان كان الرجل منهم ليشرب مثله
فلما أراد النبي صلى الله عليه و سلم ان يكلمهم بدره أبو لهب إلى الكلام فقال :
لقد سحركم صاحبكم
فتفرق القوم ولم يكلمهم النبي صلى الله عليه و سلم
فلما كان الغد قال : يا علي ان هذا الرجل قد سبقني إلى ما سمعت من القول فتفرق
القوم قبل ان أكلمهم فعد لنا بمثل الذي صنعت بالامس من الطعام والشراب ثم اجمعهم
لي
ففعلت ثم جمعتهم ثم دعاني بالطعام فقربته ففعل كما فعل بالامس فاكلوا وشربوا حتى
نهلوا ثم تكلم النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا بني عبد المطلب اني والله ما
أعلم أحدا في العرب جاء قومه بافضل مما جئتكم به اني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة
وقد أمرني الله ان أدعوكم اليه فايكم يوازرني على أمري هذا فقلت وأنا احدثهم سنا :
انه أنا
فقام القوم يضحكون "
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال : لما نزلت هذه الآية وأنذر عشيرتك
الاقربين جمع رسول الله صلى الله عليه و سلم بني عبد المطلب وهم يومئذ أربعون رجلا
منهم العشرة ياكلون المسنة ويشربون العس وامر عليا برجل شاة صنعها لهم ثم قربها
إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فاخذ منها بضعة فاكل منها ثم تتبع بها جوانب
القصعة ثم قال " ادنوا بسم الله
فدنا القوم عشرة
عشرة
فاكلوا حتى صدروا ثم دعا بقعب من لبن فجرع منها جرعة فناولهم فقال : اشربوا بسم
الله
فشربوا حتى رووا عن آخرهم فقطع كلامهم رجل فقال لهم : ما سحركم مثل هذا الرجل
(6/328)
فاسكت
النبي صلى الله عليه و سلم يومئذ فلم يتكلم
ثم دعاهم من الغد على مثل ذلك من الطعام والشراب ثم بدرهم بالكلام فقال : يا بني
عبد المطلب اني انا النذير اليكم من الله والبشير قد جئتكم بما لم يجيء به احد
جئتكم بالدنيا والآخرة فاسلموا تسلموا وأطيعوا تهتدوا "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله وأنذر عشيرتك الاقربين قال : امر الله محمدا
صلى الله عليه و سلم ان ينذر قومه ويبدأ باهل بيته وفصيلته قال : وكذب به قومك وهو
الحق الانعام الآية 66
وأخرج ابن جرير عن عمرو بن مرة أنه كان يقرأ وأنذر عشيرتك الاقربين ورهطك منهم
المخلصين
وأخرج ابن مردويه وابن عساكر والديلمي عن عبد الواحد الدمشقي قال : رأيت ابا
الدرداء يحدث الناس ويفتيهم
وولده وأهل بيته جلوس في جانب الدار يتحدثون فقيل له : يا أبا الدرداء ما بال
الناس يرغبون فيما عندك من العلم وأهل بيتك جلوس لاهين ؟ فقال : اني سمعت نبي الله
صلى الله عليه و سلم يقول " أن ازهد الناس في الانبياء واشدهم عليهم
الاقربون وذلك فيما انزل الله وأنذر عشيرتك الاقربين إلى آخر الآية
ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ان أزهد الناس في العالم أهله حتى يفارقهم
وانه يشفع في أهله وجيرانه فاذا مات خلا عنهم من مردة الشياطين اكثر من عدد ربيعة
ومضر قد كانوا مشتغلين به فاكثروا التعوذ بالله منهم "
وأخرج ابن عساكر عن محمد بن جحادة
ان كعبا لقي أبا مسلم الخولاني فقال : كيف كرامتك على قومك ؟ قال : اني عليهم
لكريم
قال : اني أجد في التوراة غير ما تقول قال : وما هو ؟ قال : وجدت في التوراة انه
لم يكن حكيم في قوم إلا كان أزهدهم فيه قومه ثم الاقرب فالاقرب وان كان في حبسه
شيء عيروه به وان كان عمل برهة من دهره ذنبا عيروه به
وأخرج البيهقي في الدلائل عن كعب انه قال لابي مسلم : كيف تجد قومك لك ؟ قال :
مكرمين مطيعين
قال : ما صدقتني التوراة اذن ما كان رجل حكيم في قوم إلا بغوا عليه وحسدوه
(6/329)
-
قوله تعالى : واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين فإن عصوك فقل إني بريء مما تعملون
وتوكل على العزيز الرحيم
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج قال : لما نزلت وأنذر عشيرتك الاقربين بدأ
بأهل بيته وفصيلته فشق ذلك على المسلمين فأنزل الله وأخفض جناحك لمن اتبعك من
المؤمنين
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله وأخفض جناحك لمن اتبعك يقول ذلك لهم وفي
قوله فان عصوك فقل اني بريء مما تعملون وقال : أمره بهذا ثم نسخه فأمره بجهادهم
- قوله تعالى : الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين إنه هو السميع العليم
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله الذي يراك حين تقوم قال : للصلاة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك الذي يراك حين تقوم قال : من فراشك او من مجلسك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد الذي يراك حين تقوم قال : أينما كنت
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد ابن جبير الذي يراك حين تقوم
قال : في صلاتك وتقلبك في الساجدين قال : كما كانت تقلب الانبياء قبلك
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في
قوله الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين قال : قيامه وركوعه وسجوده وجلوسه
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله الذي يراك حين تقوم
(6/330)
قال
: يراك قائما وقاعدا وعلى حالاتك وتقلبك في الساجدين قال : قيامه وركوعه وسجوده
وجلوسه
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله الذي يراك حين تقوم قال : يراك
قائما وقاعدا وعلى حالاتك وتقلبك في الساجدين قال : في الصلاة يراك وحدك ويراك في
الجميع
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وتقلبك في الساجدين قال : في
المصلين
وأخرج الفريابي عن مجاهد
مثله
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين
يقول : قيامك وركوعك وسجودك
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس وتقلبك في الساجدين قال : يراك وأنت مع
الساجدين تقوم وتقعد معهم
وأخرج سفيان بن عيينة والفريابي والحميدي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن مجاهد في قوله
(6/331)
وتقلبك
في الساجدين قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يرى من خلفه في الصلاة كما
يرى من بين يديه
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس وتقلبك في الساجدين قال : كان النبي صلى الله عليه و
سلم اذا قام إلى الصلاة رأى من خلفه كما يرى من بين يديه
وأخرج مالك وسعيد بن منصور والبخاري ومسلم وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " هل ترون قبلتي ههنا فو الله ما يخفى علي
خشوعكم ولا ركوعكم واني لا راكم من وراء ظهري "
وأخرج ابن أبي عمر العدني في مسنده والبزار وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه
والبيهقي في الدلائل عن مجاهد في قوله وتقلبك في الساجدين قال : من نبي إلى نبي
حتى أخرجت نبيا
وأخرج سفيان بن عيينة والفريابي والحميدي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مرديوه والبيهقي في الادئل عن مجاهد وتقلبك في
الساجدين قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يرى من خلفه في الصلاة كما يرى
من بين يديه
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في قوله وتقلبك
في الساجدين قال : ما زال النبي صلى الله عليه و سلم يتقلب في أصلاب الانبياء حتى
ولدته أمه
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت :
بأبى أنت وأمي أين كنت وآدم في الجنة ؟ فتبسم حتى بدت نواجده ثم قال " اني
كنت في صلبه وهبط إلى الأرض وأنا في صلبه وركبت السفينة في صلب أبي نوح وقذفت في
النار في صلب أبي إبراهيم ولم يلتق أبواي قط على سفاح لم يزل الله ينقلني من
الإصلاب الطيبة إلى الأرحام الطاهرة مصفى مهذبا لا تتشعب شعبتان إلا كنت في خيرهما
قد أخذ الله بالنبوة ميثاقي وبالاسلام هداني وبين في التوراة والانجيل ذكري وبين
كل شيء من صفتي في شرق الأرض وغربها وعلمني كتابه ورقي بي في سمائه وشق لي من
أسمائه فذو العرش محمود وانا محمد ووعدني أن يحبوني بالحوض وأعطاني الكوثر
وأنا أو شافع وأول مشفع ثم أخرجني في خير قرون أمتي وأمتي الحمادون يأمرون
بالمعروف وينهون عن المنكر "
- قوله تعالى : هل أنبئكم على من تنزل الشياطين تنزل على كل أفاك أثيم يلقون السمع
وأكثرهم كاذبون
أخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد عن سعيد بن وهب قال : كنت عند عبد الله بن الزبير
فقيل له : ان المختار يزعم أنه يوحى إليه فقال ابن الزبير : صدق ثم تلا هل انبئكم
على من تنزل الشياطين على كل أفاك أثيم
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله على كل أفاك أثيم قال : كذاب من الناس يلقون السمع قال : ما سمعه الشيطان
ألقاه على كل أفاك كذاب من الناس
(6/332)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله تنزل على كل
أفاك أثيم قال : الافاك : الكذاب
وهم الكهنة تسترق الجن السمع ثم يأتون به إلى أوليائهم من الأنس
وفي قوله يلقون السمع وأكثرهم كاذبون قال : كانت الشياطين تصعد إلى السماء فتسمع
ثم تنزل إلى الكهنة فتخبرهم فتحدث الكهنة بما أنزلت به الشياطين من السمع وتخلط
الكهنة كذبا كثيرا فيحدثون به الناس
فأما ما كان من سمع السماء فيكون حقا وأما ما خلطوا به من الكذب فيكون كذبا
وأخرج البخاري ومسلم وابن مردويه عن عائشة قالت : سأل أناس النبي صلى الله عليه و
سلم عن الكهان فقال " انهم ليسوا بشيء فقالوا : يا رسول الله انهم يحدثوننا
أحيانا بالشيء يكون حقا
قال : تلك الكلمة من الحق يخطفها الجني فيقذفها في أذن وليه فيخلطون فيها أكثر من
مائة كذبة "
وأخرج البخاري وابن المنذر عن عائشة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
الملائكة تحدث في العنان - والعنان : الغمام - بالأمر في الأرض
فيسمع الشيطان الكلمة فيقرها في أذن الكاهن كما تقر القارورة فيزيدون معها مائة
كذبة "
- قوله تعالى : والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم
يقولون ما لا يفعلون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا
من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : تهاجى رجلان على عهد
رسول الله صلى الله عليه و سلم
أحدهما من الانصار
والآخر من قوم آخرين وكان مع كل واحد منهما غواة من قومه وهم السفهاء
فأنزل الله والشعراء يتبعهم الغاوون
الآيات
وأخرج ابن جرير عن الضحاك
مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : تهاجى شاعران في الجاهلية وكان مع كل واحد
منهما فئام من الناس
فأنزل الله والشعراء يتبعهم الغاوون
(6/333)
وأخرج
ابن سعد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن عساكر عن عروة قال : لما نزلت والشعراء
إلى قوله ما لا يفعلون قال عبد الله بن رواحة : يا رسول الله قد علم الله أني منهم
فأنزل الله إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات إلى قوله ينقلبون
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم وابن مردويه عن أبي حسن سالم البراد قال : لما نزلت والشعراء
جاء عبد الله بن رواحة وكعب بن مالك وحسان بن ثابت وهم يبكون فقالوا : يا رسول
الله لقد أنزل الله هذه الآية وهو يعلم انا شعراء أهلكنا ؟ فأنزل الله إلا الذين
آمنوا وعملوا الصالحات فدعاهم رسول الله صلى الله عليه و سلم فتلاها عليهم
وأخرج عبد بن حميد والحاكم عن أبي الحسن مولى بني نوفل
أن عبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت أتيا رسول الله صلى الله عليه و سلم حين نزلت
الشعراء يبكيان وهو يقرأ والشعراء يتبعهم الغاوون حتى بلغ إلا الذين آمنوا وعملوا
الصالحات قال : أنتم وذكروا الله كثيرا قال : أنتم وانتصروا من بعد ما ظلموا قال :
أنتم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون قال : الكفار
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس يتبعهم الغاوون
قال : هم الكفار
يتبعون ضلال الجن والانس في كل واد يهيمون في كل لغو يخوضون وأنهم يقولون ما لا
يفعلون أكثر ولهم مكذبون ثم استثنى منهم فقال إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات
وذكروا الله كثيرا في كلامهم وانتصروا من بعد ما ظلموا قال : ردوا على الكفار
الذين كانون يهجون المؤمنين
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس والشعراء قال : المشركون منهم الذين
كانوا يهجون النبي صلى الله عليه و سلم يتبعهم الغاوون غواة الجن في كل واد يهيمون
في كل فن من الكلام يأخذون ثم استثنى فقال إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات يعني
حسان بن ثابت وعبد الله بن رواحة وكعب بن مالك كانوا يذبون عن النبي صلى الله عليه
و سلم وأصحابه هجاء المشركين
(6/334)
وأخرج
الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس يتبعهم الغاوون قال : هم الرواة
وأخرج البخاري في الأدب وأبو داود في ناسخه عن ابن عباس قال الشعراء يتبعهم
الغاوون فنسخ من ذلك واستثنى فقال إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله
كثيرا
وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا
الله كثيرا قال : أبو بكر وعمر وعلي وعبد الله بن رواحة
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه وأبو يعلى وابن مردويه عن كعب بن مالك أنه قال
للنبي صلى الله عليه و سلم : ان الله قد أنزل في الشعراء ما أنزل فكيف ترى فيه ؟
فقال " ان المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه - والذي نفسي بيده - لكانما بوجههم مثل
نضج النبل "
وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي سعيد قال : بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه
و سلم اذ عرض شاعر ينشد فقال النبي صلى الله عليه و سلم " لأن يمتلىء جوف
أحدكم قيحا خير له من أن يمتلىء شعرا "
وأخرج الديلمي عن ابن مسعود مرفوعا : الشعراء الذين يموتون في الإسلام يأمرهم الله
أن يقولوا شعرا تتغنى به الحور العين لازواجهن في الجنة والذين ماتوا في الشرك
يدعون بالويل والثبور في النار
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ان
من الشعر حكمة قال : وأتاه قرظة بن كعب وعبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت فقالوا :
انا نقول الشعر وقد نزلت هذه الآية
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم اقرأوا والشعراء إلى قوله إلا الذين آمنوا
وعملوا الصالحات قال : أنتم هم وذكروا الله كثيرا قال : أنتم هم وانتصروا من بعد
ما ظلموا قال : أنتم هم "
وأخرج الفريابي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله والشعراء يتبعهم
الغاوون قال : كان الشاعران يتقاولان ليكون لهذا تبع ولهذا تبع
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة والشعراء يتبعهم
الغاوون قال : هم عصاة الجن
(6/335)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة والشعراء
يتبعهم الغاوون قال : الشياطين ألم تر انهم في كل واد يهيمون قال : يمدحون قوما
بباطل ويشتمون قوما بباطل
وأخرج الفريابي وابن جرير وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
والشعراء يتبعهم الغاوون قال : الشياطين ألم تر أنهم في كل واد يهيمون قال : في كل
فن يفتنون إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات
قال : عبد الله بن رواحة وأصحابه
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات قال :
هذه ثنية الله من الشعراء ومن غيرهم ذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا
قال : في بعض القراءة وانتصروا بمثل ما ظلموا قال : نزلت هذه الآية في رهط من
الانصار هاجوا عن رسول الله صلى الله عليه و سلم منهم كعب بن مالك وعبد الله بن
رواحة وحسان بن ثابت وسيعلم الذين ظلموا من الشعراء وغيرهم أي منقلب ينقلبون
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله إلا الذين آمنوا وعملوا
الصالحات
قال : نزلت في عبد الله بن رواحة
وفي شعراء الانصار
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبه عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم لحسان بن ثابت " أهج المشركين فان جبريل معك "
وأخرج ابن سعد عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال " قيل يا رسول الله ان أبا
سفيان بن الحرث بن عبد المطلب يهجوك فقام ابن رواحة فقال : يا رسول الله أئذن لي
فيه قال : أنت الذي تقول ثبت الله ؟ قال : نعم
يا رسول الله قلت : ثبت الله ما أعطاك من حسن تثبيت موسى ونصرا مثل ما نصرا قال :
وأنت يفعل الله بك مثل ذلك ثم وثب كعب فقال : يا رسول الله ائذن لي فيه فقال : أنت
الذي تقول همت ؟ قال : نعم يا رسول الله قلت : همت سخينة ان تغالب ربها فليغلبن
مغالب الغلاب قال : أما ان الله لم ينس لك ذلك ثم قام حسان الحسام فقال : يا رسول
الله ائذن لي فيه وأخرج لسانا له اسود فقال : يا رسول الله ائذن لي فيه فقال :
اذهب إلى
(6/336)
أبي
بكر فليحدثك القوم وأيامهم وأحسابهم واهجهم وجبريل معك "
وأخرج ابن سعد عن ابن بريدة
ان جبريل أعان حسان بن ثابت على مدحته النبي صلى الله عليه و سلم بسبعين بيتا
وأخرج ابن سعد وأحمد عن أبي هريرة قال : مر عمر بحسان وهو ينشد في المسجد فلحظ
إليه
فنظر إليه فقال : قد كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك
فسكت
ثم التفت حسان إلى أبي هريرة فقال : أنشدك بالله هل سمعت رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقول " أجب عني اللهم أيده بروح القدس " ؟ قال : نعم
وأخرج ابن سعد عن ابن سيرين قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ليلة وهم في
سفر " أين حسان بن ثابت ؟ فقال : لبيك يا رسول الله وسعديك قال : أحد
فجعل ينشده ويصغي إليه حتى فرغ من نشيده فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لهذا
أشد عليهم من وقع النبي "
وأخرج ابن عساكر عن حسن بن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
لعبد الله بن رواحة ما الشعر ؟ قال : شيء يختلج في صدر الرجل فيخرجه على لسانه
شعرا "
وأخرج ابن سعد عن مدرك بن عمارة قال : قال عبد الله بن رواحة : قال لي رسول الله
صلى الله عليه و سلم : كيف تقول الشعر اذا أردت أن تقول - كأنه يتعجب لذاك - ! قلت
: انظر في ذاك ثم أقول
قال : فعليك بالمشركين
وأخرج ابن سعد عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من يحمي أعراض المسلمين فقال عبد الله بن رواحة : أنا
وقال كعب بن مالك : أنا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : انك تحسن الشعر
وقال حسان بن ثابت : أنا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أهجهم فان روح القدس سيعينك "
وأخرج ابن سعد عن محمد بن سيرين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
" اذا نصر القوم بسلاحهم أنفسهم فالسنتهم أحق
فقام رجل فقال : يا رسول الله أنا
قال : لست هناك
فجلس فقام آخر فقال : يا رسول الله أنا
فقال بيده معنى أجلس
فقام حسان فقال : يا رسول الله ما يسرني به مقولا بين صنعاء وبصرى وانك ما سببت
قوما قط بشيء هو أشد عليهم من شيء يعرفونه فمر بي إلى من يعرف أيامهم وبيوتاتهم
حتى أضع لساني فأمر به إلى أبي بكر "
(6/337)
وأخرج
ابن سعد عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال : هجا رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأصحابه ثلاثة من كفار قريش
أبو سفيان بن الحرث وعمرو بن العاص وابن الزبعري قال قائل : لعلي أهج عنا هؤلاء
القوم الذين قد هجونا فقال علي : ان أذن لي رسول الله صلى الله عليه و سلم فعلت
فقال : الرجل : يا رسول الله أئذن لعلي كيما يهجو عنا هؤلاء القوم الذين هجونا
فقال : ليس هناك
ثم قال للانصار : ما يمنع القوم الذين قد نصروا رسول الله صلى الله عليه و سلم
بسلاحهم وأنفسهم أن ينصروه بألسنتهم ؟ فقال حسان بن ثابت : أنا لها يا رسول الله
وأخذ بطرف لسانه فقال : والله ما يسرني بهم مقولا بين بصرى وصنعاء فقال له رسول
الله صلى الله عليه و سلم : وكيف تهجوهم وأنا منهم ؟ فقال : اني أسلك منهم كما تسل
الشعرة من العجين فكان يهجوهم ثلاثة من الانصار يجيبونهم
حسان بن ثابت وكعب بن مالك وعبد الله بن رواحة
فكان حسان وكعب يعارضانهم بمثل قولهم بالوقائع والايام والمآثر ويعيرونهم بالمناقب
وكان ابن رواحة يعيرهم بالكفر وينسبهم إلى الكفر ويعلم أنه ليس فيهم شيء شرا من
الكفر
وكانوا في ذلك الزمان أشد القول عليهم قول حسان وكعب وأهون القول عليهم قول ابن
رواحة فلما أسلموا وفقهوا الإسلام كان أشد القول عليهم قول ابن رواحة
وأخرج ابن أبي شيبه عن بريدة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ان
من الشعر حكما "
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول " ان
من الشعر حكما "
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " ان من
الشعر حكما وان من البيان سحرا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن فضالة ابن عبيدة في قوله وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب
ينقلبون قال : هؤلاء الذين يخربون البيت
وأخرج أحمد عن أبي أمامة بن سهل حنيف قال : سمعت رجلا من أصحاب النبي صلى الله
عليه و سلم يقول : أتركوا الحبشة ما تركوكم فانه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو
السويقتين من الحبشة
وأخرج ابن أبي شيبه والحاكم وصححه عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه و سلم قال
" يبايع رجل بين الركن والمقام ولن يستحل هذا البيت إلا أهله فاذا استحلوه
فلا تسأل عن هلكة العرب ثم تجيء الحبشة فتخربه خرابا لا يعمر بعده أبدا وهم الذين
يستخرجون كنزه "
وأخرج الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو ان النبي صلى الله عليه و سلم قال "
اتركوا الحبشة ما تركوكم فانه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتين من الحبشة
"
(6/338)
وأخرج
الحاكم وصححه عن عبد الله بن عمرو قال : من آخر أمر الكعبة أن الحبشة يغزون البيت
فيتوجه المسلمون نحوهم فيبعث الله عليهم ريحا شرقية فلا تدع لله عبدا في قلبه
مثقال ذرة من تقى إلا قبضته حتى اذا فرغوا من خيارهم بقي عجاج من الناس
وأخرج ابن أبي شيبه والبخاري ومسلم والنسائي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه
و سلم قال " يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة "
وأخرج ابن أبي شيبه عن علي ابن أبي طالب قال كأني أنظر إلى رجل من الحبش
أصلع أجمع حمش الساقين جالس عليها وهو يهدمها
وأخرج ابن أبي شيبه عن عبد الله بن عمرو قال : كأني به
أصيلع أفيدع قائم عليها يهدمها بمسحاته
وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة قالت : كتب أبي في وصيته سطرين بسم الله الرحمن
الرحيم
هذا ما أوصى به أبو بكر بن أبي قحافة عند خروجه من الدنيا حين يؤمن الكافر ويتقي
الفاجر ويصدق الكاذب
اني استخلفت عليكم عمر بن الخطاب فان يعدل فذلك ظني به ورجائي فيه وان يجر ويبدل
فلا أعلم الغيب وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
وأخرج ابن أبي شيبه عن عبد الله بن رباح قال : كان صفوان بن مجرز اذا قرأ هذه
الآية بكى وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون
(6/339)
بسم
الله الرحمن الرحيم -
سورة النمل
مكية وآياتها ثلاث وتسعون
- مقدمة سورة النمل أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن
ابن عباس قال : انزلت سورة النمل بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير
مثله
- طس تلك آيات القرآن وكتاب مبين هدى وبشرا للمؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون
الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون إن الذين لا يؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم
يعمهون أولئك الذين لهم سوء العذاب وهم في الآخرة هم الأخسرون وإنك لتلقى القرآن
من لدن حكيم عليم
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله طس قال : هو اسم الله الاعظم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله طس قال : هو اسم
الله الاعظم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله طس قال : هو اسم من
اسماء القرآن
وفي قوله ان الذين لا يؤمنون بالآخرة قال : لا يقرون بها ولا يؤمنون بها فهم
يعمهون قال : في صلاتهم وفي قوله وإنك لتلقى القرآن يقول : تأخذ القرآن من عند
حكيم عليم
- قوله تعالى : إذ قال موسى لأهله إني آنست نارا سآتيكم منها بخبر أو آتيكم بشهاب
قبس لعلكم تصطلون
(6/340)
أخرج
الطستي عن ابن عباس
ان نافع بن الازرق قال له : اخبرني عن قوله عز و جل بشهاب قبس قال : شعلة من نار
يقتبسون منه قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول طرفة : هم عراني فبت أدفعه دون سهادي كشعلة القبس
- قوله تعالى : فلما جاءها نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب
العالمين يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله فلما جاءها نودي أن
بورك من في النار يعني تبارك وتعالى نفسه
كان نور رب العالمين في الشجرة ومن حولها يعني الملائكة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير وابن مردويه عنه عن ابن
عباس نودي أن بورك من في النار ومن حولها يقول : بروكت بالنار ناداه الله وهو في
النور
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في الآية قال : كانت تلك النار نورا ان بورك من في
النار ومن حول النار
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس أن بورك من في النار قال :
بوركت النار
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد
مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : في مصحف أبي بن كعب
بوركت النار ومن حولها أما النار فيزعمون انها نور رب العالمين ومن حولها الملائكة
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أنه كان يقرأ أن بوركت النار
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب في الآية قال : النار : نور الرحمن ومن حولها
موسى والملائكة
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله بورك قال : قدس
(6/341)
وأخرج
عبد بن حميد ومسلم وابن ماجه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو الشيخ في
العظمة والبيهقي في الاسماء والصفات من طريق أبي عبيدة عن أبي موسى الاشعري قال :
قام فينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال " ان الله لا ينام ولا ينبغي له
أن ينام يخفض القسط ويرفعه
يرفع إليه عمل الليل قبل النهار وعمل النهار قبل الليل
حجابه النور لو رفع الحجاب لا حرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره " ثم قرأ
أبو عبيدة أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين
- قوله تعالى : وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا
تخف إني لا يخاف لدي المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإني غفور رحيم
وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء في تسع آيات إلى فرعون وقومه إنهم كانوا
قوما فاسقين فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قالوا هذا سحر مبين وجحدوا بها واستيقنتها
أنفسهم ظلما وعلوا فانظر كيف كان عاقبة المفسدين
أخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله فلما رآها تهتز كأنها جان قال :
حين تحولت حية تسعى
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد في قوله ولم يعقب يا موسى قال : لم يرجع وفي قوله إلا من ظلم ثم بدل حسنا
بعد سوء قال : ثم تاب من بعد ظلمه وإساءته
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله ولى مدبرا قال : فارا ولم يعقب قال : لم يلتفت
وفي قوله لا يخاف لدي قال : عندي وفي قوله إلا من ظلم قال : ان الله لم يجز ظالما
ثم عاد الله بعائدته وبرحمته فقال ثم بدل حسنا بعد سوء أي فعمل عملا صالحا بعد عمل
سيء عمله فاني غفور رحيم
(6/342)
وأخرج
ابن المنذر عن ميمون قال : ان الله قال لموسى انه لا يخاف لدى المرسلون إلا من ظلم
وليس للظالم عندي أمان حتى يتوب
وأخرج سعيد بن منصور عن زيد بن اسلم أنه قرأ إلا من ظلم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كانت على موسى جبة لا تبلغ مرفقيه فقال له
ادخل يدك في جيبك فادخلها
وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر عن مقسم قال : انما قيل ادخل يدك في جيبك لأنه لم
يكن لها كم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كانت عليه مدرعة إلى بعض يده
ولو كان لها كم أمره أن يدخل يده في كمه
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله وأدخل يدك في جيبك قال : جيب القميص
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة وأدخل يدك في جيبك قال : في
جيب قميصك تخرج بيضاء من غير سوء قال : من غير برص في تسع آيات قال : يقول هاتان
الآيتان : يد موسى وعصاه والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والسنين في
بواديهم ومواشيهم ونقص من الثمرات في أمصارهم
وفي قوله فلما جاءتهم آياتنا مبصرة قال : بينة وجحدوا بها قال : كذبت القوم بآيات
الله بعدما استيقنتها أنفسهم انها حق
والجحود لا يكون إلا من بعد المعرفة
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله ظلما وعلوا قال : تعظما واستكبارا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا قال : تكبروا
وقد استيقنتها أنفسهم
وهذا من التقديم والتأخير
وأخرج عبد بن حميد عن الاعمش أنه قرأ ظلما وعليا وقرأ عاصم وعلوا برفع العين
واللام
(6/343)
-
قوله تعالى : ولقد آتينا داود وسليمان علما وقالا الحمد لله الذي فضلنا على كثير
من عباده المؤمنين
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان داود أعطي ثلاثا : سخرت له الجبال يسبحن معه
والين له الحديد وعلم منطق الطير
وأعطي سليمان : منطق الطير وسخرت له الجن وكان ذلك مما ورث عنه
ولم تسخر له الجبال ولم يلن له الحديد
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن عبد العزيز أنه كتب : ان الله لم ينعم على عبد نعمة
فحمد الله عليها إلا كان حمده أفضل من نعمته
ان كنت لا تعرف
ذلك في كتاب الله المنزل قال الله عز و جل ولقد آتينا داود وسليما علما وقالا
الحمد لله الذي فضلنا على كثير من عباده المؤمنين وأي نعمة أفضل مما أوتي داود
وسليمان !
- قوله تعالى : وورث سليمان داود وقال ياأيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من
كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وورث سليمان داود
قال : ورثه نبوته وملكه وعلمه
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأوزاعي قال : الناس عندنا : أهل العلم
وأما قوله تعالى : علمنا منطق الطير
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود قال : كنت عند عمر بن الخطاب فدخل علينا
كعب الحبر فقال : يا أمير المؤمنين إلا أخبرك بأغرب شيء قرأت في كتب الانبياء : ان
هامة جاءت إلى سليمان فقالت : السلام عليك يا نبي الله فقال : وعليك السلام يا هام
أخبرني كيف لا تأكلين الزرع ؟ فقالت : يا نبي الله لأن آدم عصى ربه في سببه لذلك
لا آكله قال : فكيف لا تشربين الماء ؟ قالت : يا
(6/344)
نبي
الله لأن أغرق بالماء قوم نوح من أجل ذلك تركت شربه قال : فكيف تركت العمران
وأسكنت الخراب ؟ قالت : لأن الخراب ميراث الله وأنا أسكن في ميراث الله وقد ذكر
الله ذلك في كتابه فقال وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها القصص الآية 58 إلى قوله
وكنا نحن الوارثين
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد في الزهد وابن أبي حاتم عن أبي الصديق الناجي قال : خرج
سليمان بن داود يستسقي بالناس فمر بنملة مستلقية على قفاها رافعة قوائمها إلى
السماء وهي تقول : اللهم انا خلق من خلقك ليس بنا غنى عن رزقك فاما أن تسقينا واما
ان تهلكنا فقال سليمان للناس : ارجعوا فقد سقيتم بدعوة غيركم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء قال : كان داود يقضي بين البهائم يوما وبين
الناس يوما فجاءت بقرة فوضعت قرنها في حلقة الباب ثم تنغمت كما تنغم الوالدة على
ولدها وقالت : كنت شابة كانوا ينتجوني ويستعملوني ثم اني كبرت فأرادوا أن يذبحوني
فقال داود : أحسنوا إليها ولا تذبحوها ثم قرأ علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء
وأخرج الحاكم في المستدرك عن جعفر بن محمد قال : أعطي سليمان ملك مشارق الأرض
ومغاربها فملك سليمان سبعمائة سنة وستة أشهر
ملك أهل الدنيا كلهم من الجن والانس والدواب والطير والسباع وأعطي كل شيء ومنطق كل
شيء وفي زمانه صنعت الصنائع المعجبة
حتى اذا أراد الله أن يقبضه اليه أوحى إليه : ان استودع علم الله وحكمته أخاه
وولد داود كانوا أربعمائة وثمانين رجلا أنبياء بلا رسالة
قال الذهبي : هذا باطل
وأخرج الحاكم عن محمد بن كعب قال : بلغنا ان سليمان كان عسكره مائة فرسخ : خمسة
وعشرون منها للأنس وخمسة وعشرون للجن وخمسة وعشرون للوحش وخمسة وعشرون للطير وكان
له ألف بيت من قوارير على الخشب
فيها ثلثمائة صريحة وسبعمائة سرية وأمر الريح العاصف فرفعته فأمر الريح فسارت به
فأوحى الله إليه : اني زدتك في ملكك ان لا يتكلم أحد بشيء إلا جاءت الريح فأخبرتك
(6/345)
وأخرج
عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر عن وهب بن منبه قال : مر سليمان بن
داود وهو في ملكه قد حملته الريح على رجل حراث من بني اسرائيل فلما رآه قال -
سبحان الله - لقد أوتي آل داود ملكا
فحملتها الريح فوضعتها في أذنه فقال : ائتوني بالرجل فأتي به فقال : ماذا قلت ؟
فأخبره فقال سليمان : اني خشيت عليك الفتنة
لثواب سبحان الله عند الله يوم القيامة أعظم مما أوتي آل داود فقال الحراث : أذهب
الله همك كما أذهبت همي قال : وكان سليمان رجلا أبيض جسيما أشقر غزاء لا يسمع بملك
إلا أتاه فقاتله فدوخه يأمر الشياطين فيجعلون له دارا من قوارير فيحمل ما يريد من
آلة الحرب فيها ثم يأمر العاصف فتحمله من الأرض ثم يأمر الرخاء فتقدمه حيث شاء
وأخرج ابن المنذر عن يحيى بن كثير قال : قال سليمان بن داود لبني اسرائيل : ألا
أريكم بعض ملكي اليوم قالوا : بلى يا نبيى الله قال : يا ريح ارفعينا
فرفعتهم الريح فجعلتهم بين السماء والأرض ثم قال : يا طير أظلينا
فاظلتهم الطير بأجنحتها لا يرون الشمس
قال : يا بني اسرائيل أي ملك ترون ؟ قالوا : نرى ملكا عظيما قال : قول لا اله إلا
الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
خير من ملكي هذا ومن الدنيا وما فيها
يا بني اسرائيل من خشي الله في السر والعلانية وقصد في الغنى والفقر وعدل في الغضب
والرضا وذكر الله على كل حال فقد أعطي مثل ما أعطيت
- قوله تعالى : وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير
كان يوضع لسليمان عليه السلام ثلثمائة ألف كرسي فيجلس مؤمنوا الانس مما يليه
ومؤمنوا الجن من ورائهم ثم يأمر الطير فتظله ثم يأمر الريح فتحمله فيمرون على
السنبلة فلا يحركونها
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فهم يوزعون قال :
يدفعون
(6/346)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس في قوله فهم يوزعون قال : جعل على كل صنف منهم وزعة ترد
أولاها على أخراها لئلا يتقدموا في المسير كما تصنع الملوك
وأخرج الطبراني والطستي في مسائله عن ابن عباس
ان نافع بن الازرق سأله عن قوله فهم يوزعون قال : يحبس أولهم على آخرهم حتى تنام
الطير
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أو ما سمعت قول الشاعر : وزعت رعيلها باقب نهد اذا ما القوم شدوا بعد خمس وأخرج
ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد وأبي
رزين في قوله فهم يوزعون قال : يحبس أولهم على آخرهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة فهم يوزعون قال : يرد أولهم على
آخرهم
- قوله تعالى : حتى إذا أتوا على واد النمل قالت نملة يا أيها النمل أدخلوا
مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب
أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني
برحمتك في عبادك الصالحين
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله حتى اذا أتوا على وادي النمل قال : ذكر لنا
أنه واد بأرض الشام
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال : النملة التي فقه سليمان كلامها كانت من الطير
ذات جناحين ولولا ذلك لم يعرف سليمان ما تقول
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : النمل من
الطير
وأخرج البخاري في تاريخه وابن أبي شيبه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن نوف قال :
كان النمل في زمن سليمان بن داود أمثال الذباب
وفي لفظ مثل الذباب
(6/347)
وأخرج
عبد بن حميد عن الحكم قال : كان النمل في زمان سليمان أمثال الذباب
وأخرج ابن المنذر عن وهب ابن منبه قال : أمر الله الريح قال " لا يتكلم أحد
من الخلائق بشيء في الأرض بينهم إلا حملته فوضعته في أذن سليمان " فبذلك سمع
كلام النملة
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن سيرين أنه سئل عن التبسم في الصلاة فقرأ هذه الآية
فتبسم ضاحكا من قولها وقال : لا أعلم التبسم إلا ضحكا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله أوزعني قال :
ألهمني
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله
وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين قال : مع الانبياء والمؤمنين
- قوله تعالى : وتفقد الطير فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين لأعذبنه
عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم
تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش
عظيم وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن
السبيل فهم لا يهتدون ألا يسجدوا لله الذي يخرج الخبء في السموات والأرض ويعلم ما
تخفون وما تعلنون الله لا إله إلا هو رب العرش العظيم قال سننظر أصدقت أم كنت من
الكاذبين إذهب بكتابي هذا فألقه إليهم ثم تولى عنهم فانظر ماذا يرجعون قالت يا
أيها الملأ إني ألقي إلي كتاب كريم إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم ألا
تعلوا علي وأتوني مسلمين
أخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طرق
عن ابن عباس رضي الله عنهما انه سئل كيف تفقد سليما الهدهد
(6/348)
من
بين الطير ؟ قال : ان سليمان نزل منزلا فلم يدر ما بعد الماء وكان الهدهد يدل
سليمان على الماء فأراد أن يسأله عنه ففقده
وقيل كيف ذاك والهدهد ينصب له الفخ يلقي عليه التراب ويضع له الصبي الحبالة
فيغيبها فيصيده ؟ فقال : اذا جاء القضاء ذهب البصر
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي حاتم عن يوسف بن ماهك أنه حدث : ان نافع بن الازرق
صاحب الازارقة كان يأتي عبد الله بن عباس
فاذا أفتى ابن عباس
يرى هو أنه ليس بمستقيم فيقول : قف من أين افتيت بكذا وكذا ومن أين كان ؟ فيقول
ابن عباس رضي الله عنهما : أومات من كذا وكذا
حتى ذكر يوما الهدهد فقال : يعرف بعد مسافة الماء في الأرض فقال له ابن الازرق :
قف قف
يا ابن العباس
كيف تزعم أن الهدهد يرى مسافة الماء من تحت الأرض وهو ينصب له الفخ فيذر عليه
التراب فيصطاد ؟ فقال ابن عباس : لولا أن يذهب هذا فيقول : كذا وكذا لم أقل له
شيئا
ان البصر ينفع ما لم يأت القدر فاذا جاء القدر حال دون البصر
فقال ابن الازرق : لا أجادلك بعدها في شيء
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : كان سليمان اذا أراد أن
ينزل منزلا دعا الهدهد ليخبره عن الماء
فكان اذا قال : ههنا شققت الشياطين الصخور فجرت العيون من قبل أن يضربوا أبنيتهم
فأراد أن ينزل منزلا فتفقد الطير فلم يره فقال مالي لا أرى الهدهد أم كان من
الغائبين
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : ذكر لنا أن
سليمان أراد أن يأخذ مفازة فدعا بالهدهد وكان سيد الهداهد ليعلم مسافة الماء
وكان قد اعطي من البصر بذلك شيئا لم يعطيه شيء من الطير
لقد ذكر لنا : انه كان يبصر الماء في الأرض كما يبصر أحدكم الخيال من وراء الزجاجة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : اسم هدهد سليمان : عنبر
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم
وابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله لاعذبنه عذابا شديد
قال : نتف ريشه
(6/349)
وأخرج
الفريابي وابن جرير وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه لاعذبنه عذابا شديدا قال :
نتف ريشه كله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة
مثله
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : نتف
ريشه والقاؤه للنمل في الشمس
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن زيد بن رومان قال : ان عذابه الذي كان يعذب به
الطير : نتف ريش جناحه
وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أو ليأتيني
بسلطان مبين قال : خبر الحق الصدق البين
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة في قوله أو ليأتيني بسلطان
مبين قال : بعذر بين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة قال : قال ابن عباس : كل سلطان في القرآن
حجة ونزع الآية التي في سورة سليمان أو ليأتيني بسلطان قال : وأي سلطان كان للهدهد
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : إنما دفع الله عن الهدهد ببره والدته
وأخرج الحكيم الترمذي وأبو الشيخ في العظمة عن عكرمة قال : انما صرف الله عذاب
سليمان عن الهدهد لأنه كان بارا بوالديه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أحطت بما لم تحط به قال : اطلعت على ما لم
تطلع عليه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وجئتك من سبأ بنبأ يقين قال :
خبر حق
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وجئتك من سبأ قال :
سبأ بأرض اليمن يقال لها : مأرب
بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث ليال بنبأ يقين قال : بخبر حق
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن لهيعة قال : يقولون ان مأرب مدينة بلقيس
لم يكن بينها وبين بيت المقدس إلا ميل فلما غضب الله عليها بعدها
وهي اليوم
(6/350)
باليمن
وهي التي ذكر الله القرآن لقد كان لسبأ في مساكنهم سبأ الآية 15
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : بعث إلى سبأ اثنا عشر نبيا منهم : تبع
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه قرأ من سبأ بنبأ يقين قال : بجعله أرضا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة أنه قرأ من سبأ بنبأ قال : يجعله رجلا
وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر عن ابن عباس في قوله اني وجدت امرأة تملكهم قال :
كان اسمها بلقيس بنت أبي شبرة وكانت هلباء شعراء
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله اني وجدت امرأة تملكهم قال : هي بلقيس بنت
شراحيل ملكة سبأ
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة قال : بلغني انها امرأة
تسمى بلقيس بنت شراحيل أحد أبوايها من الجن
مؤخر إحدى قدميها مثل حافر الدابة
وكانت في بيت مملكة
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد قال : هي بلقيس بنت شراحيل بن مالك بن ريان
وأمها فارعة الجنية
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن جريج قال : بلقيس بنت أبي شرح وأمها بلقته
وأخرج ابن مردويه عن سفيان الثوري
مثله
وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال : كانت ملكة سبأ اسمها ليلى وسبأ مدينة باليمن
وبلقيس حميرية
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه وابن عساكر عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " احدى أبوي بلقيس كان جنيا "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن قتادة قال : ذكر لنا
أن ملك سبأ كانت امرأة باليمن
كانت في بيت مملكة يقال لها بلقيس بنت شراحيل
هلك أهل بيتها فملكها قومها
وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر عن مجاهد قال : صاحبة سبأ كانت أمها
(6/351)
جنية
وأخرج الحكيم الترمذي وابن مردويه عن عثمان بن حاضر قال : كانت أم بلقيس امرأة من
الجن يقال لها : بلقمة بنت شيصان
وأخرج ابن عساكر عن الحسن أنه سئل عن ملكة سبا فقال : ان أحد أبويها جني
فقال : الجن لا يتوالدون ! أي أن المرأة من الأنس لا تلد من الجن
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان لصاحبة سليمان اثنا عشر ألف قيل تحت كل
قيل مائة ألف
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : لما قال اني وجدت امرأة تملكهم أنكر سليمان أن
يكون لاحد على الأرض سلطان غيره
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله وأوتيت من كل شيء قال : من كل شيء في أرضها
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان في قوله وأوتيت من كل شيء قال : من أنواع الدنيا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله ولها عرش عظيم قال : سرير كريم من
ذهب وقوائمه من جوهر ولؤلؤ حسن الصنعة غالي الثمن
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد في قوله ولها عرش عظيم قال : سرير من ذهب
وصفحتاه مرمول بالياقوت والزبرجد طوله ثمانون ذراعا في عرض أربعين ذراعا
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن رومان في قوله وجدتها وقومها يسجدون للشمس قال :
كانت لها كوة في بيتها اذا طلعت الشمس نظرت إليها فسجدت لها
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله يخرج الخبء قال : يعلم كل
خفية في السماء والأرض
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد في قوله يخرج الخبء قال : الغيب
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله يخرج الخبء قال : السر
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة
مثله
(6/352)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب في قوله يخرج الخبء قال : الماء
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن حكيم بن جابر
في قوله يخرج الخبء قال : المطر
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : خبء السموات والأرض
ما جعل من الارزاق والقطر من السماء والنبات من الأرض
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله سننظر أصدقت أم كنت من الكاذبين قال : لم
يصدقه ولم يكذبه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله اذهب بكتابي هذا قال : كتب معه بكتاب فقال
اذهب بكتابي هذا فالقه إليهم ثم تول عنهم يقول : كن قريبا منهم فانظر ماذا يرجعون
فانطلق بالكتاب حتى اذا توسط عرشها ألقى الكتاب إليها فقرأه عليها فاذا فيه أنه من
سليمان وأنه بسم الله الرحمن الرحيم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : كانت صاحبة
سبأ اذا رقدت غلقت الابواب وأخذت المفاتيح فوضعتها تحت رأسها
فلما غلقت الابواب وآوت إلى فراشها جاءها الهدهد حتى دخل من كوة بيتها فقذف
الصحيفة على بطنها بين فخذيها فأخذت الصحيفة فقرأتها فقالت يا أيها الملأ اني ألقي
الي كتاب كريم تقول : حسن ما فيه
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس اني ألقي الي كتاب كريم قال : مختوم
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد في قوله كتاب كريم قال : تريد مختوم
وكذلك الملوك تختم كتبها
لا تجيز بينها كتابا إلا بخاتم
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله انه من سليمان وأنه بسم الله الرحمن الرحيم
قال : لم يزد زعموا ؟ على هذا الكتاب على ما قص الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن رومان قال : كتب بسم الله الرحمن الرحيم
من سليمان بن داود إلى بلقيس بنت ذي شرح وقومها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد : ان سليمان بن داود كتب إلى ملكة سبأ
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد الله سليمان بن داود إلى بلقيس ملكة سبأ
(6/353)
السلام
على من أتبع الهدى
اما بعد : فلا تعلوا علي وأتوني مسلمين
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : لم يكن في كتاب سليمان إلى صاحبة سبأ إلا ما
تقرأون في القرآن انه من سليمان وأنه بسم الله الرحمن الرحيم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة انه من سليمان
وأنه بسم الله الرحمن الرحيم أن لا تعلوا علي يقول : لا تخالفوا علي وأتوني مسلمين
قال : وكذلك كانت الانبياء تكتب جميلا
يطلبون ولا يكثرون
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم من طريق سفيان بن منصور قال : كان يقال كان
سليمان بن داود أبلغ الناس في كتاب وأقله كلاما
ثم قرأ انه من سليمان
وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن أبي شيبه وابن أبي حاتم عن الشعبي قال : كان أهل
الجاهلية يكتبون باسمك اللهم
فكتب النبي صلى الله عليه و سلم أول ما كتب : باسمك اللهم
حتى نزلت بسم الله مجراها ومرساها فكتب بسم الله ثم نزلت ادعوا الله أو ادعوا
الرحمن الرحمن الآية 110 فكتب بسم الله الرحمن ثم أنزلت الآية التي في طس
انه من سليمان وأنه بسم الله الرحمن الرحيم فكتب بسم الله الرحمن الرحيم
وأخرج أبو عبيد في فضائله عن الحرث العكلي قال : قال لي الشعبي : كيف كان كتاب
النبي صلى الله عليه و سلم اليكم ؟ قلت : باسمك اللهم فقال : ذاك الكتاب الاول كتب
النبي صلى الله عليه و سلم باسمك اللهم فجرت بذلك ما شاء الله ان تجري ثم نزلت بسم
الله مجراها ومرساها فكتب بسم الله فجرت بذلك ما شاء الله ان تجري ثم نزلت قل
ادعوا الله أو ادعوا الرحمن فكتب بسم الله الرحمن فجرت بذلك ما شاء الله أن تجري
ثم نزلت انه من سليمان وأنه بسم الله الرحمن الرحيم فكتب بذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون بن مهران
أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يكتب باسمك اللهم حتى نزلت انه من سليمان وأنه
بسم الله الرحمن الرحيم
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة قال : لم يكن الناس يكتبون إلا باسمك اللهم
حتى نزلت انه من سليمان وأنه بسم الله الرحمن الرحيم
(6/354)
وأخرج
أبو داود في مراسيله عن أبي مالك قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يكتب باسمك
اللهم فلما نزلت انه من سليمان وأنه بسم الله الرحمن الرحيم كتب بسم الله الرحمن
الرحيم
وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن أبي شيبه عن سعيد بن المسيب قال : كتب رسول الله
صلى الله عليه و سلم إلى كسرى وقيصر والنجاشي " أما بعد : فتعالوا إلى كلمة
سواء بيننا وبينكم ان لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا
أربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون فلما أتى كتاب النبي صلى
الله عليه و سلم إلى قيصر فقرأه قال : ان هذا الكتاب لم أره بعد سليمان بن داود
بسم الله الرحمن الرحيم
- قوله تعالى : قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون
قالوا نحن أولوا قوة وأولوا بأس شديد والأمر إليك فانظري ماذا تأمرين قالت إن
الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة كذلك يفعلون وإني مرسلة
إليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال فما آتاني
الله خير مما آتاكم بل أنتم بهديتكم تفرحون إرجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم
بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون قال يا أيها الملأ أيكم يأتيني بعرشها قبل أن
يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك وإني عليه لقوي
أمين قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فلما رآه
مستقرا عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر أم أكفر ومن شكر فإنما يشكر لنفسه
ومن كفر فإن ربي غني كريم قال نكروا لها عرشها ننظر أتهتدي أم تكون
(6/355)
من
الذين لا يهتدون فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو وأوتينا العلم من قبلها
وكنا مسلمين وصدها ما كانت تعبد من دون الله إنها كانت من قوم كافرين قيل لها
أدخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة وكشفت عن ساقيها قال إنه صرح ممرد من قوارير قالت
رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله قالت يا أيها الملأ أفتوني في أمري قال :
جمعت رؤوس مملكتها فشاورتهم في أمرها فاجتمع رأيهم ورأيها على أن يغزوه
فسارت حتى إذا كانت قريبه قالت : أرسل إليه بهدية فإن قبلها فهو ملك أقاتله وان
ردها تابعته فهو نبي
فلما دنت رسلها من سليمان علم خبرهم فأمر الشياطين فهيئوا له ألف قصر من ذهب وفضة
فلما رأت رسلها قصور ذهب قالوا : ما يصنع هذا بهديتنا وقصوره ذهب وفضة ! فلما
دخلوا بهديتها قال : أتهدونني بمال ثم قال سليمان أيكم يأتيني بعرشها قبل أن
يأتوني مسلمين فقال كاتب سليمان : ارفع بصرك
فرفع بصره
فلما رجع إليه طرفه اذا هو بسريرها قال نكروا لها عرشها فنزع عنه فصوصه ومرافقه
وما كان عليه من شيء فقيل لها أهكذا عرشك ؟ قالت كأنه هو وأمر الشياطين : فجعلوا
لها صرحا من قوارير ممردا وجعل فيها تماثيل السمك فقيل لها ادخلي الصرح
فكشف عن ساقيها فاذا فيها الشعر
فعند ذلك أمر بصنعة النورة فقيل لها أنه صرح ممرد من قوارير قالت رب اني ظلمت نفسي
وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد في قوله أفتوني في أمري تقول : أشيروا علي
برأيكم ما كنت قاطعة أمرا حتى تشهدون تريد : حتى تشيروا
وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كان تحت يدي ملكة
سبأ اثنا عشر ألف قيول تحت يدي كل قيول مائة ألف مقاتل وهم الذين قالوا نحن أولو
قوة وأولو بأس شديد
(6/356)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : ذكر لنا أنه كان أولو
مشورتها ثلاثمائة واثنى عشر رجلا
كل رجل منهم على عشرة الآف من الرجال
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ان
الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها قال : اذا أخذوها عنوة أخربوها
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد في قوله وجعلوا أعزة أهلها أذله قال : بالسيف
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : قالت بلقيس ان الملوك اذا دخلوا قرية
أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة قال : يقول الرب تبارك وتعالى وكذلك يفعلون
وأخرج ابن أبي شيبه في المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله واني
مرسلة إليهم بهدية قال : أرسلت بلبنة من ذهب فلما قدموا اذا حيطان المدينة من ذهب
فذلك قوله أتمدونني بمال
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : قالت اني باعثة اليهم
بهدية فمصانعتهم بها عن ملكي أن كانوا أهل دنيا
فبعثت إليهم بلبنة من ذهب في حرير وديباج فبلغ ذلك سليمان فأمر بلبنة من ذهب فصنعت
ثم قذفت تحت أرجل الدواب على طريقهم تبول عليها وتروث فلما جاء رسلها واللبنة تحت
أرجل الدواب صغر في أعينهم الذي جاؤا به
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ثابت
البناني قال : أهدت له صفائح الذهب في أوعية الديباج
فلما بلغ ذلك سليمان أمر الجن فموهوا له الآجر بالذهب ثم أمر به فالقى في الطريق
فلما جاؤا ورأوه ملقى في الطريق وفي كل مكان قالوا : جئنا نحمل شيئا نراه ههنا
ملقى ما يلتفت اليه
فصغر في أعينهم ما جاؤا به
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد في قوله واني مرسلة إليهم بهدية قال : جوار لباسهن لباس الغلمان وغلمان
لباسهن لباس الجواري
(6/357)
وأخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : أرسلت بثمانين من وصيف ووصيفة وحلقت
رؤوسهم كلهم وقالت : ان عرف الغلمان من الجواري فهو نبي وان لم يعرف الغلمان من
الجواري فليس بنبي
فدعا بوضوء فقال : توضؤا
فجعل الغلام يأخذ من مرفقيه إلى كفيه وجعلت الجارية تأخذ من كفها إلى مرفقها فقال
: هؤلاء جوار وهؤلاء غلمان
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال : كانت هدية بلقيس لسليمان مائتي فرس
على كل فرس غلام وجارية
الغلمان والجواري على هيئة واحدة لا يعرف الجواري من الغلمان ولا الغلمان من
الجواري
على كل فرس لون ليس على الآخر
وكانت أو هديتهم عند سليمان وآخرها عندها
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : الهدية
وصفان ووصائف ولبنة من ذهب
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : كانت الهدية
جواهر
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : ان الهدية لما جاءت سليمان بين الغلمان
والجواري امتحنهم بالوضوء
فغسل الغلمان ظهور السواعد قبل بطونها وغسلت الجواري بطون السواعد قبل ظهورها
وأخرج ابن أبي شيبه عن السدي قال : قالت : ان هو قبل الهدية فهو ملك فقاتلوه دون
ملككم وان لم يقبل الهدية فهو نبي لا طاقة لكم بقتاله
فبعثت إليه بهدية
غلمان في هيئة الجواري وحليهم وجوار في هيئة الغلمان ولباسهم وبعثت إليه بلبنات من
ذهب وبخرزة مثقوبة مختلفة وبعثت إليه بقدح وبعثت إليه تعلمه
فلما جاء سليمان الهدية أمر الشياطين فموهوا لبن المدينة وحيطانها ذهبا وفضة فلما
رأى ذلك رسلها قالوا : أين نذهب باللبنات في أرض هؤلاء وحيطانهم ذهب وفضة ؟ !
فحسبوا اللبنات وأدخلوا عليه ما سوى ذلك وقالوا : أخرج لنا الغلمان من الجواري
فأمرهم فتوضأوا وأخرج الغلمان من الجواري
اما الجارية فافرغت على يدها وأما الغلام فاغترف وقالوا : ادخل لنا في هذه الخرزة
خيطا
فدعا بالدساس فربط فيه خيطا فأدخله فيها فجال فيها واضطرب حتى خرج من الجانب الآخر
وقالوا : املأ لنا هذا القدح بماء ليس من الأرض ولا من السماء ابن عباس
(6/358)
فأمر
بالخيل فأجريت حتى اذا اربدت مسح عرقها فجعله فيه حتى ملأه
فلما رجعت رسلها فأخبروها : ان سليمان رد الهدية
وفدت إليه وأمرت بعرشها فجعل في سبعة أبيات وغلقت عليها فأخذت المفاتيح
فلما بلغ سليمان ما صنعت بعرشها قال يا أيها الملأ يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني
مسلمين
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد قال : قال للهدهد ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود
لا قبل لهم بها يعني من الانس والجن
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله لا قبل لهم بها قال : لا طاقة
لهم بها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : لما بلغ
سليمان انها جاءته وكان قد ذكر له عرشها فأعجبه
وكان عرشها من ذهب وقوائمه من لؤلؤ وجوهر وكان مستترا بالديباج والحرير وكان عليه
سبعة مغاليق فكره ان يأخذه بعد إسلامهم
وقد علم نبي الله سليمان أن القوم متى ما يسلموا تحرم أموالهم مع دمائهم فأحب أن
يؤتى به قبل أن يكون ذلك من أمرهم فقال أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد في قوله أيكم يأتيني بعرشها قال : سرير في أريكة
وأخرج ابن المنذر من طريق علي عن ابن عباس في قوله قبل أن يأتوني مسلمين قال :
طائعين
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد في قوله قال عفريت من الجن قال : مارد قبل أن تقوم من مقامك قال : من
مقعدك
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في قوله قال عفريت قال :
عظيم كأنه جبل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال : كان اسم العفريت
كوزن
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن رومان قال : اسمه كوزي
(6/359)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله قال عفريت من الجن قال :
هو صخر الجني واني عليه لقوي قال : على حمله أمين قال : على ما استودع فيه
وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله قبل أن تقوم من
مقامك قال : من مجلسك
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد في قوله قبل أن تقوم من مقامك قال : من مجلسك
الذي تجلس فيه للقضاء
وكان سليمان اذا جلس للقضاء لم يقم حتى تزول الشمس
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله واني عليه لقوي أمين قال : على جوهره
وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر عن مجاهد في قوله أنا آتيك به قبل أن تقوم من
مقامك قال : اني أريد أعجل من هذا قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن
يرتد اليك طرفك قال : فخرج العرش من نفق من الأرض
وأخرج عبد بن حميد عن حماد بن سلمة قال : قرأت من مصحف أبي بن كعب واني عليه لقوي
أمين قال : أريد أعجل من ذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله قال الذي عنده علم من الكتاب قال : آصف :
كاتب سليمان
وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن رومان قال : هو آصف بن برخيا
وكان صديقا يعلم الاسم الاعظم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كان اسمه أسطوم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن لهيعة قال : هو الخضر
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد قال : هو رجل من الانس يقال له : ذو النور
وأخرج ابن عساكر عن الحسن قال : هو آصف بن برخيا بن مشعيا بن منكيل واسم أمه
باطورا من بني اسرائيل
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال الذي عنده علم من الكتاب قال : كان اسمه تمليخا
(6/360)
وأخرج
الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله
قال الذي عنده علم من الكتاب قال " الاسم الاعظم الذي اذا دعي به أجاب وهو
ياذا الجلال والاكرام
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله قال الذي عنده علم من الكتاب قال :
كان رجلا من بني اسرائيل يعلم اسم الله الاعظم اذا دعي به أجاب
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد في قوله قبل أن يرتد إليك طرفك قال : ادامة النظر حتى يرتد اليك الطرف
خاسئا
وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال : في قراءة ابن
مسعود قال الذي عنده علم من الكتاب أنا أنظر في كتاب ربي ثم آتيك به قبل أن يرتد
إليك طرفك قال : فتكلم ذلك العالم بكلام دخل العرش في نفق تحت الأرض حتى خرج إليهم
وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله قبل أن يرتد إليك طرفك
قال : قال لسليمان : انظر إلى السماء قال : فما اطرق حتى جاءه به فوضعه بين يديه
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس
مثله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الزهري قال : دعاء الذي عنده من الكتاب
يا الهنا واله كل شيء الها واحدا لا اله إلا أنت : ائتني بعرشها
قال : فمثل له بين يديه
وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر وابن عساكر عن ابن عباس قال : لم يجر عرش صاحبة
سبأ بين الأرض والسماء ولكن انشقت به الأرض فجرى تحت الأرض حتى ظهر بين يدي سليمان
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن سابط قال : دعا باسمه الاعظم
فدخل السرير فصار له نفق في الأرض حتى نبع بين يدي سليمان
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : دعا باسم من أسماء الله
فاذا عرشها
(6/361)
يحمل
بين عينيه
ولا يدري ذلك الاسم
قد خفي ذلك الاسم على سليمان وقد أعظم ما أعطى
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله قال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل
أن يرتد إليك طرفك قال : كان رجلا من بني اسرائيل يعلم اسم الله الاعظم الذي اذا
دعي به أجاب واذا سئل له أعطي
وارتداد الطرف أن يرى ببصره حيث بلغ ثم يرد طرفه
فدعاه فلما رآه مستقرا عنده جزع وقال : رجل غيري أقدر على ما عند الله مني
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر اذا
أتيت بالعرش أم أكفر اذا رأيت من هو أدنى مني في الدنيا أعلم مني
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله قال نكروا لها عرشها قال : زيد
فيه ونقص لننظر أتهتدي قال : لننظر إلى عقلها
فوجدت ثابتة العقل
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن قتادة في قوله قال نكروا لها عرشها قال : تنكيره أن يجعل أسفله أعلاه ومقدمه
مؤخره ويزاد فيه أو ينقص منه فلما جاءت قيل أهكذا عرشك قالت كأنه هو شبهته به
وكانت قد تركته خلفها فوجدته أمامها
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : لما دخلت وقد غير عرشها
فجعل كل شيء من حليته أو فرشه في غير موضعه ليلبسوا عليها قيل أهكذا عرشك فرهبت أن
تقول نعم هو
فيقولون : ما هكذا كان حليته ولا كسوته ورهبت أن تقول ليس هو
فيقال لها : بل هو ولكنا غيرناه
فقالت كأنه هو
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد في قوله وأوتينا العلم من قبلها قال : سليمان
يقوله : أوتينا معرفة الله وتوحيده
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد في قوله وأوتينا العلم من قبلها قال : سليمان يقوله
وفي قوله وصدها ما كانت تعبد من دون الله قال : كفرها بقضاء الله غير الوثن ان
تهتدي
(6/362)
للحق
في قوله قيل لها ادخلي الصرح بركة ماء ضرب عليها سليمان قوارير وكانت بلقيس عليها
شعر قدماها حافر كحافر الحمار وكانت أمها جنية
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح قال : كان الصرح من زجاج وجعل فيه
تماثيل السمك
فلما رأته وقيل لها : أدخلي الصرح
فكسفت عن ساقيها وظنت أنه ماء قال : والممرد : الطويل
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : كان قد نعت لها خلقها فأحب أن ينظر إلى ساقيها
فقيل لها ادخلي الصرح فلما رأته ظنت أنه ماء فكشفت عن ساقيها فنظر إلى ساقيها أنه
عليهما شعر كثير فوقعت من عينيه وكرهها فقالت له الشياطين : نحن نصنع لك شيئا يذهب
به
فصنعوا له نورة من أصداف فطلوها فذهب الشعر ونكحها سليمان عليه السلام
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله قالت رب ظلمت نفسي قال : ظنت أنه ماء
وان سليمان أراد قتلها فقالت : أراد قتلي - والله - على ذلك لاقتحمن فيه
فلما رأته أنه قوارير عرفت أنها ظلمت سليمان بما ظنت
فذلك قولها ظلمت نفسي وانما كانت هذه المكيدة من سليمان عليه السلام لها
ان الجن تراجعوا فيما بينهم فقالوا : قد كنتم تصيبون من سليمان غرة فان نكح هذه
المرأة اجتمعت فطنة الوحي والجن فلن تصيبوا له غرة
فقدموا إليه فقالوا : ان النصيحة لك علينا حق انما قدماها حافر حمار
فذلك حين ألبس البركة قوارير وأرسل إلى نساء من نساء بني اسرائيل ينظرنها اذا كشفت
عن ساقيها
ما قدماها ؟ فاذا هي أحسن الناس ساقا من ساق شعراء واذا قدماها هما قدم انسان
فبشرن سليمان
وكره الشعر فأمر الجن فجعلت النورة
فذلك أو ما كانت النورة
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : كان
سليمان بن داود عليه السلام اذا أراد سفرا قعد على سريره ووضعت الكراسي يمينا
وشمالا فيؤذن للأنس عليه ثم أذن للجن عليه بعد الانس ثم أذن للشياطين بعد الجن ثم
أرسل إلى الطير فتظلهم وأمر الريح فحملتهم وهو على سريره والناس على الكراسي
والطير تظلهم والريح تسير بهم
غدوها شهر ورواحها شهر رخاء حيث أراد
ليس بالعاصف ولا باللين وسطا بين ذلك
(6/363)
وكان
سليمان يختار من كل طير طيرا فيجعله رأس تلك الطير
فاذا أراد ان يسائل تلك الطير عن شيء سأل رأسها
فبينما سليمان يسير اذ نزل مفازة فقال : كم بعد الماء ههنا ؟ فسأل الانس فقالوا :
لا ندري ! فسأل الشياطين فقالوا : لا ندري ! فغضب سليمان وقال : لا أبرح حتى أعلم
كم بعد مسافة الماء ههنا ؟ فقالت له الشياطين : يا رسول الله لا تغضب فان يك شيء
يعلم فالهدهد يعلمه
فقال سليمان : علي بالهدهد
فلم يوجد فغضب سليمان وقال لا عذبنه عذابا شديدا أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطان
مبين يقول : بعذر مبين غيبة عن مسيري هذا
قال : ومر الهدهد على قصر بلقيس فرأى لها بستانا خلف قصرها فمال إلى الخضرة فوقع
فيه فاذا هو بهدهد في البستان فقال له : هدهد سليمان أين أنت عن سليمان وما تصنع
ههنا ؟ فقال له هدهد بلقيس : ومن سليمان ؟ ! فقال : بعث الله رجلا يقال له :
سليمان رسولا وسخر له الجن والانس والريح والطير
فقال له هدهد بلقيس : أي شيء تقول ؟ قال : أقول لك ما تسمع
قال : ان هذا لعجب ! وأعجب من ذلك ان كثرة هؤلاء القوم تملكهم أمرأة وأوتيت من كل
شيء ولها عرش عظيم جعلوا الشكر لله : أن يسجدوا للشمس من دون الله
قال : وذكر لهدهد سليمان فنهض عنه فلما انتهى إلى العسكر تلقته الطير فقالوا :
تواعدك رسول الله وأخبروه بما قال
وكان عذاب سليمان للطير أن ينتفه ثم يشمسه فلا يطير أبدا ويصير مع هوام الأرض أو
يذبحه فلا يكون له نسل أبدا
قال الهدهد : وما استثنى نبي الله ؟ قالوا : بلى
قال : أو ليأتيني بعذر مبين
فلما أتى سليمان قال : وما غيبتك عن مسيري ؟ قال احطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ
بنبأ يقين اني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم قال : بل اعتللت
سننظر أصدقت ام كنت من الكاذبين اذهب بكتابي هذا فالقه إليهم وكتب بسم الله الرحمن
الرحيم إلى بلقيس أن لا تعلو علي وائتوني مسلمين فلما ألقى الهدهد الكتاب إليها
ألقى في روعها أنه كتاب كريم وانه من سليمان و أن لا تعلوا علي وائتوني مسلمين
قالوا نحن أولوا قوة قالت ان الملوك اذا دخلوا قرية أفسدوها
واني مرسلة إليهم
(6/364)
بهدية
فلما جاءت الهدية سليمان قال : أتمدونني بمال ارجع إليهم
فلما رجع إليها رسلها خرجت فزعة فأقبل معها ألف قيل مع كل قيل مائة ألف
قال : وكان سليمان رجلا مهيبا لا يبتدأ بشيء حتى يكون هو الذي يسأل عنه
فخرج يومئذ فجلس على سريره فرأى رهجا قريبا منه قال : ما هذا ؟ قالوا : : بلقيس يا
رسول الله قال : وقد نزلت منا بهذا المكان ؟ قال ابن عباس : وكان بين سليمان وبين
ملكة سبأ ومن معها حين نظر إلى الغبار كما بين الكوفة والحيرة قال : فأقبل على
جنوده فقال : أيكم يأتيني بعرشها قبل أن يأتوني مسلمين ؟ قال : وبين سليمان وبين
عرشها حين نظر إلى الغبار مسيرة شهرين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم
من مقامك
قال : وكان لسليمان مجلس فيه للناس كما تجلس الامراء ثم يقوم قال سليمان : أريد
اعجل من ذلك
قال الذي عنده علم من الكتاب : أنا انظر في كتاب ربي ثم آتيك به قبل أن يرتد إليك
طرفك
فنظر إليه سليمان فلما قطع كلامه رد سليمان بصره فنبع عرشها من تحت قدم سليمان
من تحت كرسي كان يضع عليه رجله ثم يصعد إلى السرير فلما رأى سليمان عرشها مستقرا
عنده قال هذا من فضل ربي ليبلوني أأشكر اذ أتاني به قبل أن يرتد الي طرفي أم اكفر
اذ جعل من هو تحت يدي أقدر على المجيء مني ثم قال نكروا لها عرشها
فلما جاءت تقدمت إلى سليمان قيل لها أهكذا عرشك فقالت كأنه هو ثم قالت : يا سليمان
اني أريد ان اسألك عن شيء فأخبرني به قال : سلي
قالت : أخبرني عن ماء رواء لا من الأرض ولا من السماء
قال : وكان اذا جاء سليمان شيء لا يعلمه يسأل الأنس عنه فان كان عند الأنس منه علم
والا سأل الجن فان لم يكن عند الجن علم سأل الشياطين فقالت له الشياطين : ما أهون
هذا يا رسول الله ! مر بالخيل فتجري ثم لتملأ الآنية من عرقها فقال لها سليمان :
عرق الخيل قالت : صدقت قالت : فأخبرني عن لون الرب قال ابن عباس : فوثب سليمان عن
سريره فخر ساجدا فقامت عنه وتفرقت عنه جنوده وجاءه الرسول فقال : يا سليمان يقول
(6/365)
لك
ربك ما شأنك ؟ قال : يا رب أنت اعلم بما قالت قال : فان الله يأمرك أن تعود إلى
سريرك فتقعد عليه وترسل إليها والى من حضرها من جنودها وترسل إلى جميع جنودك الذين
حضروك فيدخلوا عليك فتسألها وتسألهم عما سألتك عنه قال : ففعل سليمان ذلك
فلما دخلوا عليه جميعا قال لها : عم سألتيني ؟ قالت : سألتك عن ماء رواء لا من
الأرض ولا من السماء قال : قلت لك عرق الخيل قالت : صدقت
قال : وعن أي شيء سألتيني ؟ قالت : ما سألتك عن شيء إلا عن هذا قال لها سليمان :
فلأي شيء خررت عن سريري ؟ ! قالت : كان ذلك لشيء لا أدري ما هو
فسأل جنودها فقالوا : مثل قولها
فسأل جنوده من الأنس والجن والطير وكل شيء كان حضره من جنوده فقالوا : ما سألتك يا
رسول الله عن شيء إلا عن ماء رواء قال : وقد كان
قال له الرسول : يقول الله لك : ارجع ثمة إلى مكانك فاني قد كفيتكم فقال سليمان
للشياطين : ابنو لي صرحا تدخل علي فيه بلقيس فرجع الشياطين بعضهم إلى بعض فقالوا
لسليمان : يا رسول الله قد سخر الله لك ما سخر وبلقيس ملكة سبأ ينكحها فتلد له
غلاما فلا ننفك له من العبودية أبدا قال : وكانت امرأة شعراء الساقين فقالت
الشياطين : ابنو له بنيانا كأنه الماء يرى ذلك منها فلا يتزوجها فبنوا له صرحا من
قوارير فجعلوا له طوابيق من قوارير وجعلوا من باطن الطوابيق كل شيء يكون من الدواب
في البحر
من السمك وغيره ثم اطبقوه ثم قالوا لسليمان : ادخل الصرح
فألقي كرسيا في أقصى الصرح
فلما دخله أتى الكرسي فصعد عليه ثم قال : أدخلوا علي بلقيس فقيل لها ادخلي الصرح
فلما ذهبت فرأت صورة السمك وما يكون في الماء من الدواب حسبته لجة فكشفت عن ساقيها
لتدخل
وكان شعر ساقها ملتويا على ساقيها
فلما رآه سليمان ناداها وصرف وجهه عنها انه صرح ممرد من قوارير فألقت ثوبها وقالت
رب اني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين
فدعا سليمان الانس فقال : ما أقبح هذا ! ما يذهب هذا ! قالوا : يا رسول الله
الموسى
فقال : الموسى تقطع ساقي المرأة ثم دعا الشياطين فقال مثل ذلك فتلكؤا عليه ثم
جعلوا له النورة قال ابن عباس : فانه لاول يوم رؤيت فيه النورة
(6/366)
قال
: واستنكحها سليمان عليه السلام
قال ابن أبي حاتم : قال أبو بكر ابن أبي شيبه : ما أحسنه من حديث ! وأخرج الفريابي
وسعيد بن منصور وابن أبي شيبه في المصنف وابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد الله بن
شداد قال : كان سليمان عليه السلام اذا أراد أن يسير وضع كرسيه فيأتي من أراد من
الانس والجن ثم يأمر الريح فتحملهم ثم يأمر الطير فتظلهم
فبينا هو يسير اذ عطشوا فقال : ما ترون بعد الماء ؟ قالوا : لا ندري
فتفقد الهدهد وكان له منه منزلة ليس بها طير غيره فقال ما لي لا أرى الهدهد أم كان
من الغائبين لا عذبنه عذابا شديدا وكان عذابه اذا عذب الطير نتفه ثم يجففه في
الشمس أو لاذبحنه أو ليأتيني بسلطان مبين يعني بعذر بين
فلما جاء الهدهد استقبلته الطير فقالت له : قد أوعدك سليمان فقال لهم : هل استثنى
؟ فقالوا له : نعم
قد قال : إلا أن يجيء بعذر بين
فجاء بخبر صاحبة سبأ فكتب معه إليها بسم الله الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي وائتوني
مسلمين فأقبلت بلقيس فلما كانت على قدر فرسخ قال سليمان أيكم يأتيني بعرشها قبل أن
يأتوني مسلمين قال عفريت من الجن أنا آتيك به قبل أن تقوم من مقامك فقال سليمان :
أريد أعجل من ذلك
فقال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك فأتى بالعرش في
نفق في الأرض يعني سرب في الأرض قال سليمان : غيروه
فلما جاءت قيل لها أهكذا عرشك فاستنكرت السرعة ورأت العرش فقالت كأنه هو
قيل لها ادخلي الصرح فلما رأته حسبته لجة ماء وكشفت عن ساقيها فاذا هي امرأة شعراء
فقال سليمان : ما يذهب هذا ؟ فقال بعض الجن : أنا أذهبه
وصنعت له النورة
وكان أول ما صنعت النورة وكان اسمها بلقيس
وأخرج ابن عساكر عن عكرمة قال : لما تزوج سليمان بلقيس قال : ما مستني حديدة قط
فقال للشياطين : أنظروا أي شيء يذهب بالشعر غير الحديد ؟ فوضعوا له النورة فكان
أول من وضعها شياطين سليمان
وأخرج البخاري في تاريخه والعقيلي عن أبي موسى الاشعري قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " أول من صنعت له الحمامات سليمان "
(6/367)
وأخرج
الطبراني وابن عدي في الكامل والبيهقي في الشعب عن أبي موسى الاشعري قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " أول من دخل الحمام سليمان فلما وجد حره أوه
من عذاب الله "
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن مجاهد قال : لما قدمت ملكة سبأ على سليمان رأت حطبا
جزلا فقالت لغلام سليمان : هل يعرف مولاك كم وزن هذا الدخان ؟ فقال : أنا أعلم
فكيف مولاي ؟ قالت : فكم وزنه ؟ فقال الغلام : يوزن الحطب ثم يحرق ثم يوزن الرماد
فما نقص فهو دخانه
وأخرج البيهقي في الزهد عن الاوزاعي قال : كسر برج من أبراج تدمر فأصابوا فيه
امرأة حسناء دعجاء مدمجى كأن أعطافها طي الطوامير عليها عمامة طولها ثمانون ذراعا
مكتوب على طرف العمامة بالذهب بسم الله الرحمن الرحيم أنا بلقيس ملكة سبأ زوجة
سليمان بن داود ملكت الدنيا كافرة ومؤمنة ما لم يملكه أحد قبلي ولا يملكه أحد بعدي
صار مصيري إلى الموت فأقصروا يا طلاب الدنيا
وأخرج ابن عساكر عن سلمة بن عبد الله بن ربعي قال : لما أسلمت بلقيس تزوجها سليمان
وأمهرها باعلبك ؟
- قوله تعالى : ولقد أرسلنا إلى ثمود أخاهم صالحا أن اعبدوا الله فإذا هم فريقا
يختصمون قال يا قوم لم تستعجلون بالسيئه قبل الحسنه لولا تستغفرون الله اعلكم
ترحمون قالوا إطيرنا بك وبمن معك قال طائركم عند الله بل أنتم قوم تفتنون وكان في
المدينة تسعة رهط يفسدون في الأرض ولا يصلحون قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله
ثم لنقولن لوليه ما شهدنا مهلك أهله وإنا لصادقون ومكروا مكرا ومكرنا مكرا وهم لا
يشعرون فانظركيف كان عاقبة مكرهم إنا دمرناهم وقومهم أجمعين فتلك بيوتهم خاوية بما
ظلموا
(6/368)
إن
في ذلك لآية لقوم يعلمون وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون ولوطا إذ قال لقومه
أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون أإنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم
تجهلون فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون
فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر
المنذرين
أخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
مجاهد في قوله فاذا هم فريقان يختصمون قال : مؤمن وكافر قولهم صالح مرسل من ربه
وقولهم ليس بمرسل
وفي قوله لم تستعجلون بالسيئة قال : العذاب قبل الحسنة قال : الرحمة
وفي قوله قالوا اطيرنا بك قال : تشاءمنا
وفي قوله وكان في المدينة تسعة رهط قال : من قوم صالح
وفي قوله تقاسموا بالله قال : تحالفوا على هلاكه فلم يصلوا إليه حتى أهلكوا وقومهم
أجمعين
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله فاذا
هم فريقان يختصمون قال : ان القوم بين مصدق ومكذب
مصدق بالحق ونازل عنده ومكذب بالحق تاركه
في ذلك كانت خصومة القوم قالوا اطيرنا بك قال : قالوا : ما أصبنا من شر فإنما هو
من قبلك ومن قبل من معك قال طائركم عند الله يقول : علم أعمالكم عند الله بل أنتم
قوم تفتنون قال : تبتلون بطاعة الله ومعصيته وكان في المدينة تسعة رهط قال : من
قوم صالح قالوا : تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله قال : توافقوا على أن يأخذوه ليلا
فيقتلوه قال : ذكر لنا أنهم بينما هم معانيق إلى صالح - يعني مسرعين - ليقتلوه بعث
الله عليهم صخرة فأخمدتهم ثم لنقولن لوليه يعنون رهط صالح ومكروا مكرا قال : مكرهم
الذي مكروا بصالح ومكرنا مكرا قال : مكر الله الذي مكر بهم : رماهم بصخرة فأهمدتهم
(6/369)
فانظر
كيف كان مكرهم قال : شر والله كان عاقبة مكرهم أن دمرهم الله وقومهم أجمعين ثم
صيرهم إلى النار
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله طائركم قال :
مصائبكم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وكان في المدينة تسعة رهط قال : كان
أسماؤهم زعمي وزعيم وهرميوهريم وداب وهواب ورياب وسيطع وقدار بن سالف عاقر الناقة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وكان في المدينة تسعة رهط قال : وهم الذين
عقروا الناقة وقالوا حين عقروها تبيتن صالحا وأهله فنقتلهم ثم نقول لاولياء صالح
ما شهدنا من هذا شيئا ومالنا به علم فدمرهم الله أجمعين
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء بن أبي رياح وكان في المدينة تسعة رهط
يفسدون في الأرض ولا يصلحون قال : كانوا يقرضون الدراهم
والله أعلم
- قوله تعالى : قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله خير أ أما يشركون
أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
ابن عباس في قوله وسلام على عباده الذين اصطفى آلله قال : هم أصحاب محم صلى الله
عليه و سلم اصطفاهم الله لنبيه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سفيان الثوري في قوله وسلام على عباده الذين اصطفى
قال : نزلت في أصحاب محمد خاصة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة أنه كان اذا قرأ آلله خير أما يشركون قال : بل الله
خير وأبقى وأجل وأكرم
(6/370)
-
قوله تعالى : أمن خلق السموات والأرض وأنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق
ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها أإله مع الله بل هم قوم يعدلون أمن جعل الأرض
قرارا وجعل خلالها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أإله مع الله بل
أكثرهم لا يعلمون
أخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله تعالى حدائق
قال : البساتين
قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم
أما سمعت الشاعر يقول ؟ : بلاد سقاها الله أما سهولها فقضب ودر مغدق وحدائق وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله حدائق قال : النخل الحسان
ذات بهجة قال : ذات نضارة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله حدائق قال : البساتين تخللها
الحيطان ذات بهجة قال : ذات حسن
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد في قوله حدائق ذات بهجة قال البهجة الفقاع
يعني النوار مما يأكل الناس والانعام
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله أإله مع الله أي ليس مع الله اله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة بل هم قوم يعدلون قال : يشركون
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد بل هم قوم يعدلون الآلهة التي عبدوها عدلوها بالله
ليس لله عدل ولا ند ولا اتخذ صاحبة ولا ولدا
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة وجعل لها رواسي قال : رواسيها : جبالها وجعل بين
البحرين حاجزا قال : حاجزا من الله لا يبغي أحدهما على صاحبه
(6/371)
-
قوله تعالى : أمن يجيب الضطر إذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض أإله مع
الله قليلا ما تذكرون أمن يهديكم في ظلمات البر والبحر ومن يرسل الرياح بشرا بين
يدي رحمته أإله مع الله تعالى الله عما يشركون أمن يبدؤ الخلق ثم يعيده ومن يرزقكم
من السماء والأرض أإله مع الله قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين
وأخرج أحمد وأبو داود والطبراني عن رجل من بلجهم قال : قلت يا رسول الله الام تدعو
قال " أدعو إلى الله وحده الذي ان نزل بك ضر فدعوته كشف عنك والذي ان ضللت
بأرض قفر فدعوته رد عليك والذي ان أصابك سنة فدعوته أنزل لك "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله ويكشف السوء قال : الضر
وأخرج ابن أبي شيبة عن سحيم بن نوفل قال : بينما نحن عند عبد الله اذ جاءت وليدة
إلى سيدها فقالت : ما يحبسك وقد لفع فلان مهرك بعينه فتركه يدور في الدار كأنه في
فلك ؟ قم فابتغ راقيا فقال عبد الله : لا تبتغ راقيا وانفث في منخره الايمن أربعا
وفي الايسر ثلاثا وقل : لا بأس اذهب البأس رب الناس
اشف أنت الشافي لا يكشف الضر إلا أنت قال : فذهب ثم رجع إلينا فقال : فعلت ما
أمرتني فما جئت حتى راث وبال وأكل
وأخرج الطبراني عن سعد بن جنادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
من فارق الجماعة فهو في النار على وجهه
لان الله تعالى يقول امن يجب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء ويجعلكم خلفاء الأرض
فالخلافة من الله عز و جل فان كان خيرا فهو يذهب به وان كان شرا فهو يؤخذ به عليك
أنت بالطاعة فيما أمر الله تعالى به "
وأخرج البغوي في معجمه عن اياد بن لقيط قال : قال جعدة بن هبيرة لجلسائه : اني قد
علمت ما لم تعلموا وأدركت ما لم تدركوا أنه سيجيء بعد هذا
(6/372)
-
يعني معاوية - أمراء ليس من رجاله ولا من ضربائه وليس فيهم أصغر أو أبتر حتى تقوم
الساعة
هذا السلطان سلطان الله جعله وليس أنتم تجعلونه
إلا وان للراعي على الرعية حقا وللرعية على الراعي حقا فادوا إليهم حقهم فان
ظلموكم فكلوهم إلى الله فانكم وإياهم تختصمون يوم القيامة وان الخصم لصاحبه الذي
أدى إليه الحق الذي عليه في الدنيا
ثم قرأ فلنسئلن الذين أرسل إليهم ولنسئلن المرسلين الأعراف الآية 6 حتى بلغ والوزن
يومئذ القسط الأعراف الآية 8 هكذا قرأ
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة ويجعلكم خلفاء الأرض قال
خلفا بعد خلف
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي ويجعلكم خلفاء الأرض قال : خلفا لمن قبلكم من الامم
وأخرج ابن المنذر وابن جرير عن ابن جريج أمن يهديكم في ظلمات البر قال : ضلال
الطريق والبحر قال : ضلالة طرقه وموجه وما يكون فيه
- قوله تعالى : قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون إيان
يبعثون
أخرج الطيالسي وسعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي
والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في
الاسماء والصفات عن مسروق قال : كنت متكئا عند عائشة فقالت عائشة : ثلاث من تكلم
بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية
قلت : وما هن ؟ قالت : من زعم أن محمدا رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية قال :
وكنت متكئا فجلست فقلت : يا أم المؤمنين أنظريني ولا تعجلي علي ألم يقل الله ولقد
رآه بالافق المبين ؟ !
ولقد رآه نزلة أخرى النجم الآية 13 فقالت : أنا أول هذه الامة سأل عن هذا رسول
الله صلى الله عليه و سلم فقال جبريل : لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين
السرتين
رأيته منهبطا من السماء
ساد أعظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض قالت :
(6/373)
أو
لم تسمع الله عز و جل يقول لا تدركه الأبصار وهو اللطيف الخبير الانعام الآية 103
أو لم تسمع الله يقول وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا الشورى الآية 51 إلى
قوله علي حكيم
ومن زعم أن محمدا كتم شيئا من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية والله جل ذكره
يقول يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك إلى قوله والله يعصمك من الناس المائدة
الآية 67 قالت : ومن زعم أنه يخبر الناس بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية
والله تعالى يقول قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله
- قوله تعالى : بل ادارك علمهم في الآخره بل هم في شك منها بل هم منها عمون وقال
الذين كفروا أإذا كنا ترابا وآباؤنا أإنا لمخرجون لقد وعدنا هذا نحن وآباؤنا من
قبل إن هذا إلا أساطير الأولين قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين
ولا تحزن عليهم ولا تكن في ضيق مما يمكرون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين
قل عسى أن يكون ردف لكم بعض الذي تستعجلون وإن ربك لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم
لا يشكرون وإن ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وما من غائبة في السماء والأرض
إلا في كتاب مبين
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس بل ادارك علمهم في الآخرة
قال : حين لم ينفع العلم
وأخرج أبن عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن
ابن عباس أنه قرأ بل ادرك علمهم في الآخرة قال : لم يدرك علمهم قال أبو عبيد :
يعني أنه قرأها بالاستفهام
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس بل ادرك علمهم في الآخرة
يقول : غاب علمهم
(6/374)
وأخرج
الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله بل
أدارك علمهم في الآخرة قال : ام ادرك علمهم أم هم قوم طاغون الذاريات الآية 53 بل
هم قوم طاغون
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ بل ادارك علمهم مثقلة مكسورة اللام على معنى تدارك
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة بل ادارك علمهم في الآخرة قال : تتابع
علمهم في الآخرة بسفههم وجهلهم بل هم عنها عمون قال : عموا عن الآخرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن أنه كان يقرأ بل ادرك علمهم في الآخرة قال : اضمحل
علمهم في الدنيا حين عاينوا الآخرة
وفي قوله فانظروا كيف كان عاقبة المجرمين قال : كيف عذب الله قوم نوح وقوم لوط
وقوم صالح والامم التي عذب الله
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله عسى أن يكون ردف
لكم قال : اقترب لكم
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة عسى أن يكون ردف لكم قال : اقترب منكم
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد عسى أن يكون ردف
لكم قال : عجل لكم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج ردف لكم قال : أزف لكم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج ردف لكم بعض الذي تستعجلون قال : من العذاب
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وان ربك ليعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون
قال : يعلم ما عملوا بالليل والنهار
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله وليعلم ما تكن صدورهم قال : السر
(6/375)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس وما من غائبة في السماء والأرض إلا في كتاب
يقول : ما من شيء في السماء والأرض سرا وعلانية إلا يعلمه
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد وما من غائبة يقول : ما من قولي ولا عملي في السماء
والأرض إلا وهو عنده في كتاب في اللوح المحفوظ قبل أن يخلق الله السموات والأرض
- قوله تعالى : إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون وإنه
لهدى ورحمة للمؤمنين إن ربك يقضي بينهم بحكمه وهو العزيز العليم فتوكل على الله
إنك على الحق المبين
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ان هذا القرآن يقص
على بني اسرائيل يعني اليهود والنصارى أكثر الذي هم فيه يختلفون يقول : هذا القرآن
يبين لهم الذي اختلفوا فيه
وأخرج الترمذي وابن مردويه عن علي قال : قيل لرسول الله صلى الله عليه و سلم : ان
امتك ستفتتن من بعدك
فسأل رسول الله صلى الله عليه و سلم أو سئل ما المخرج منها ؟ فقال " كتاب
الله العزيز الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد من
ابتغى العلم في غيره أضله الله ومن ولي هذا الامر فحكم به عصمة الله وهو الذكر
الحكيم والنور المبين والصراط المستقيم فيه خبر من قبلكم ونبأ من بعدكم وحكم ما
بينكم وهو الفصل ليس بالهزل "
- قوله تعالى : إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولو مدبرين وما أنت
بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله انك لا تسمع الموتى
قال : هذا مثل ضربه الله للكافر كما لا يسمع الميت كذلك لا يسمع
(6/376)
الكافر
ولا ينتفع به ولا يسمع الصم الدعاء اذا ولوا مدبرين يقول : لو أن أصم ولى مدبرا ثم
ناديته لم يسمع كذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما يستمع
والله أعلم
- قوله تعالى : وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس
كانوا بآياتنا لا يوقنون
أخرج ابن مبارك في الزهد وعبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة ونعيم بن حماد في
الفتن وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في كتاب الامر بالمعروف وابن جرير وابن أبي
حاتم والحاكم وابن مردويه عن ابن عمر في قوله واذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم
دابة من الأرض تكلمهم قال : اذا لم يأمروا بالمعروف ولم ينهوا عن المنكر
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله وإذا وقع القول
عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم قال : ذاك حين لا يأمرون بمعروف ولا ينهون
عن منكر
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن
قول الله واذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم قال " اذا
تركوا الامر بالمعروف والنهي عن المنكر
وجب السخط عليهم "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة واذا وقع القول عليهم قال : اذا وجب القول
عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم قال : وهي في بعض القراءة تحدثهم تقول لهم
ان الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن حفصة بنت سيرين قالت : سألت أبا العالية عن قوله
واذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم ما وقوع القول عليهم ؟ فقال
: أوحي إلى نوح انه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن هود الآية 36 قالت : فكأنما كشف
عن وجهي شيئا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود قال : أكثروا الطواف بالبيت قبل أن يرفع وينسى
الناس مكانه وأكثروا تلاوة القرآن قبل أن يرفع
قيل : وكيف يرفع ما في
(6/377)
صدور
الرجال ؟ قال : يسري عليهم ليلا فيصبحون منه قفرا وينسون قول لا اله إلا الله
ويقعون في قول الجاهلية وأشعارهم
فذلك حين يقع القول عليهم
وأخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد في قوله وقع القول عليهم قال : حق عليهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله دابة من الأرض تكلمهم قال :
تحدثهم
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس تكلمهم قال : كلامها تنبئهم أن الناس كانوا بآياتنا لا
يوقنون
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي داود ونفيع الاعمى قال : سألت
ابن عباس عن قوله أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أو تكلمهم قال : كل ذلك والله
يفعل تكلم المؤمن وتكلم الكافر
تجرحه
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ دابة من الأرض تكلمهم مشددة من الكلام أن الناس
بنصب الالف
وأخرج نعيم بن حماد وابن مردويه عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " اذا كان الوعد الذي قال الله أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم قال :
ليس ذلك حديثا ولا كلاما ولكنه سمة تسم من أمرها الله به
فيكون خروجها من الصفا ليلة منى فيصبحون بين رأسها وذنبها لا يدحض داحض ولا يخرج
خارج حتى اذا فرغت مما أمرها الله فهلك من هلك ونجا من نجا كان أول خطوة تضعها
بانطاكية "
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن عمر وقال الدابة زغباء ذات وبر وريش
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس قال الدابة ذات وبر وريش مؤلفة فيها من كل لون لها
أربع قوائم تخرج بعقب من الحاج
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي قال : ان دابة الأرض ذات وبر تناغي السماء
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن :
(6/378)
أن
موسى عليه السلام سأل ربه أن يريه الدابة
فخرجت ثلاثة أيام ولياليهن تذهب في السماء لا يرى واحد من طرفها قال : فرأى منظرا
فظيعا فقال : رب ردها
فردها
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لا تقوم الساعة حتى يجتمع
أهل بيت على الاناء الواحد فيعرفون مؤمنيهم من كفارهم
قالوا : كيف ذاك ؟ قال : ان الدابة تخرج وهي ذامة للناس تمسح كل انسان على مسجده
فاما المؤمن فتكون نكتة بيضاء
فتفشوا في وجهه حتى يبيض لها وجهه وأما الكافر فتكون نكتة سوداء فتفشو في وجهه حتى
يسود لها وجهه
حتى أنهم ليتبايعون في أسواقهم فيقولون : كيف تبيع هذا يا مؤمن ؟ وكيف تبيع هذا يا
كافر ؟ فما يرد بعضهم على بعض
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال : تخرج الدابة باجياد مما يلي
الصفا
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد من طريق سماك عن إبراهيم قال : تخرج
الدابة من مكة
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن عمرو قال : تخرج الدابة فيفزع الناس إلى الصلاة
فتأتي الرجل وهو يصلي فتقول : طول ما شئت أن تطول فو الله لاخطمنك
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
تخرج الدابة يوم تخرج وهي ذات عصب وريش تكلم الناس فتنقط في وجه المؤمن نقطة بيضاء
فيبيض وجهه وتنقط في وجه الكافر نقطة سوداء فيسود وجهه فيتبايعون في الاسواق بعد
ذلك
بم تبيع هذا يا مؤمن وبم تبيع هذا يا كافر ثم يخرج الدجال وهو أعور على عينه ظفرة
غليظة مكتوب بين عينيه كافر يقرأه كل مؤمن وكافر "
وأخرج أحمد وسمويه وابن مردويه عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
" تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم ثم يعمرون فيكم حتى يشتري الرجل
الدابة فيقال : ممن اشتريت ؟ فيقال : من الرجل المخطم "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
تخرج دابة
(6/379)
الأرض
ولها ثلاث خرجات
فأول خرجة منها بأرض البادية
والثانية في أعظم المساجد وأشرفها وأكرمها ولها عنق مشرف يراها من بالمشرق كما
يراها من بالمغرب ولها وجه كوجه انسان ومنقار كمنقار الطير ذات وبر وزغب معها عصا
موسى وخاتم سليمان بن داود تنادي بأعلى صوتها : ان الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون
ثم بكى رسول الله صلى الله عليه و سلم قيل : يا رسول الله وما بعد ؟ قال : هنات
وهنات ثم خصب وريف حتى الساعة "
وأخرج ابن مردويه عن حذيفة بن أسيد أراه رفعه قال " تخرج الدابة من أعظم
المساجد حرمة فبينما هم قعود بربو الأرض فبينما هم كذلك اذ تصدعت قال ابن عيينة :
تخرج حين يسري الامام من جمع
وانما جعل سابق ؟ بالحاج ليخبر الناس ان الدابة لم تخرج "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر أنه قال : ألا أريكم المكان الذي قال لي رسول الله
صلى الله عليه و سلم ان دابة الأرض تخرج منه
فضرب بعصاه قبل الشق الذي في الصفا
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ان
بين يدي الساعة الدجال والدابة ويأجوج ومأجوج والدخان وطلوع الشمس من مغربها
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن عائشة قالت : الدابة تخرج من أجياد
وأخرج ابن جرير عن حذيفة بن اليمان قال : ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم
الدابة فقال حذيفة : يا رسول الله من أين تخرج ؟ قال " من أعظم المساجد حرمة
على الله بينما عيسى يطوف بالبيت ومعه المسلمون اذ تضطرب الأرض من تحتهم تحرك
القنديل وتشق الصفا مما يلي المسعى وتخرج الدابة من الصفا أول ما يبدو رأسها ملمعة
ذات وبر وريش لن يدركها طالب ولن يفوتها هارب تسم الناس مؤمن وكافر أما المؤمن
فيرى وجهه كأنه كوكب دري وتكتب بين عينيه مؤمن
وأما الكافر فتنكت بين عينيه نكتة سوداء كافر "
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في البعث عن ابن عمرو أنه
قال وهو يومئذ بمكة : لو شئت لأخذت سيتي هاتين ثم مشيت حتى أدخل
(6/380)
الوادي
التي تخرج منه دابة الأرض وانها تخرج وهي آية للناس تلقي المؤمن فتسمه في وجهه
واكية فيبيض لها وجهه وتسم الكافر واكية فيسود لها وجهه وهي دابة ذات زغب وريش
فتقول ان الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون
وأخرج سعيد بن منصور ونعيم ابن حماد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم
والبيهقي في البعث عن ابن عباس : ان دابة الأرض تخرج من بعض أودية تهامة ذات زغب
وريش لها أربع قوائم فتنكت بين عيني المؤمن نكتة يبيض لها وجهه وتنكت بين عيني
الكافر نكتة يسود بها وجهه
وأخرج أحمد والطيالسي وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن ماجه وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " تخرج دابة الأرض ومعها عصا موسى وخاتم
سليمان فتجلوا وجه المؤمن بالخاتم وتخطم أنف الكافر بالعصا حتى يجتمع الناس على الخوان
يعرف المؤمن من الكافر "
وأخرج الطيالسي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
وابن مردويه والبيهقي في البعث عن حذيفة ابن أسيد الغفاري قال : ذكر رسول الله صلى
الله عليه و سلم الدابة فقال " لها ثلاث خرجات من الدهر
فتخرج خرجة بأقصى اليمن فينشر ذكرها بالبادية في أقصى البادية ولا يدخل ذكرها
القرية - يعني مكة - ثم تكمن زمانا طويلا ثم تخرج خرجة أخرى دون تلك فيعلو ذكرها
في أهل البادية ويدخل ذكرها القرية - يعني مكة - قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : ثم بينما الناس في أعظم المساجد على الله حرمة وأكرمها المسجد الحرام لم
يرعهم إلا وهي ترغو بين الركن والمقام وتنفض عن رأسها التراب فأرفض الناس عنها شتى
بقيت عصابة من المؤمنين ثم عرفوا أنهم لن يعجزوا الله فبدأت بهم فجلت وجوههم جتى
جعلتها كأنها الكوكب الدري وولت في الأرض لا يدركها طالب ولا ينجو منها هارب حتى
ان الرجل ليتعوذ منها بالصلاة فتأتيه من خلفه فتقول : يا فلان الآن تصلي
فيقبل عليها فتسمه في وجهه ثم ينطلق ويشترك الناس في الاموال ويصطحبون في الامصار
يعرف المؤمن من الكافر حتى ان المؤمن ليقول : يا كافر أقضني حقي وحتى ان الكافر
ليقول : يا مؤمن أقضني حقي "
(6/381)
وأخرج
ابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال " قال رسول الله : صلى الله
عليه و سلم بئس الشعب جياد مرتين أو ثلاثا قالوا : وبم ذاك يا رسول الله ؟ قال :
تخرج منه الدابة فتصرخ ثلاث صرخات فيسمعها من بين الخافقين "
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي هريرة قال : قال رسول الله : صلى الله
عليه و سلم " تخرج دابة الأرض من جياد فيبلغ صدرها الركن ولم يخرج ذنبها بعد
قال : وهي دابة ذات وبر وقوائم "
وأخرج البخاري في تاريخه وابن ماجه وابن مردويه عن بريدة قال : ذهب بي رسول الله
صلى الله عليه و سلم إلى موضع بالبادية قريب من مكة فاذا أرض يابسة حولها رمل فقال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " تخرج الدابة من هذا الموضع فاذا شبر في شبر
"
وأخرج ابن أبي حاتم عن النزال بن سبرة قال : قيل لعلي بن أبي طالب : ان ناسا
يزعمون أنك دابة الأرض فقال : والله ان لدابة الأرض ريشا وزغبا ومالي ريش ولا زغب
وان لها لحافر وما لي من حافر وانها لتخرج حضر الفرس الجواد ثلاثا وما خرج ثلثاها
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : تخرج الدابة ليلة جمع والناس
يسيرون إلى منى فتحملهم بين نحرها وذنبها فلا يبقى منافق إلا خطمته وتمسح المؤمن
فيصبحون وهم بشر من الدجال
وأخرج ابن أبي شيبة والخطيب في تالي التلخيص عن ابن عمر قال : لتخرج الدابة من جبل
جياد في أيام التشريق والناس بمنى قال : فلذلك جاء سائق الحاج بخبر سلامة الناس
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة قال : ان الدابة فيها من كل لون ما بين قرنيها
فرسخ للراكب
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : تخرج
الدابة من صدع في الصفا كجري الفرس ثلاثة أيام لم يخرج ثلثها
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : تخرج الدابة من تحت صخرة بجياد
تستقبل المشرق فتصرخ صرخة ثم تستقبل الشام فتصرخ صرخة منفذة ثم تروح من مكة فتصبح
بعسفان قيل : ثم ماذا ؟ قال : لا أعلم
(6/382)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن عباس : الدابة مؤلفة ذات زغب وريش فيها من ألوان الدواب كلها
وفيها من كل أمة سيما
وسيماها من هذه الامة انها تتكلم بلسان عربي مبين تلكمهم بكلامها
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي الزبير أنه وصف الدابة فقال : رأسها رأس
ثور وعينها عين خنزير وأذنها أذن فيل وقرنها قرن أيل وعنقها عنق نعامة وصدرها صدر
أسد ولونها لون نمر وخاصرتها خاصرة هرة وذنبها ذنب كبش وقوائمها قوائم بعير بين كل
مفصلين منها اثنا عشر ذراعا
تخرج معها عصا موسى وخاتم سليمان ولا يبقى مؤمن إلا نكتته في مسجده بعصا موسى نكتة
بيضاء فتفشو تلك النكتة حتى يبيض لها وجهه ولا يبقى كافر إلا نكتت في وجهه نكتة
سوداء بخاتم سليمان فتفشو تلك النكتة حتى يسود لها وجهه
حتى ان الناس يتبايعون في الاسواق : بكم ذا يا مؤمن وبكم ذا يا كافر
وأخرج ابن أبي حاتم عن صدقة بن مزيد قال : تجيء الدابة إلى الرجل وهو قائم يصلي في
المسجد فتكتب بين عينيه : كذاب
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال : تخرج الدابة مرتين قبل يوم القيامة حتى يضرب
فيها رجال ثم تخرج الثالثة عند أعظم مساجدكم فتأتي القوم وهم مجتمعون عند رجل
فتقول : ما يجمعكم عند عدو الله ؟ فيبتدرون فتسم المؤمن حتى ان الرجلين ليتبايعان
فيقول هذا : خذ يا مؤمن ويقول هذا : خذ يا كافر
وأخرج نعيم بن حماد في الفتن عن عمرو بن العاص قال : تخرج الدابة من شعب بالاجياد
رأسها تمس به السحاب وما خرجت رجلها من الأرض تأتي الرجل وهو يصلي فتقول : ما
الصلاة من حاجتك
ما هذا إلا تعوذ أو رياء فتخطمه
وأخرج نعيم عن وهب بن منبه قال : أول الآيات الروم ثم الدجال والثالثة يأجوج
ومأجوج والرابعة عيسى والخامسة الدخان والسادسة الدابة
- قوله تعالى : ويوم نحشر من كل أمة فوجا ممن يكذب بآياتنا فهم يوزعون حتى إذا
جاءوا قال أكذبتم بآياتي ولم تحيطوا بها علما أماذا كنتم تعملون ووقع القول
(6/383)
عليهم
بما ظلموا فهم لا ينطقون ألم يروا أنا جعلنا الليل ليسكنوا فيه والنهار مبصرا إن
في ذلك لآيات لقوم يؤمنون
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ويوم نحشر
من كل أمة فوجا قال : زمرة
وفي قوله فهم يوزعون قال : يحبس أولهم على آخرهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله يوزعون قال : يسافون
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ووقع القول قال : وجب القول
والقول الغضب وفي قوله والنهار مبصرا قال : منيرا والله أعلم
- قوله تعالى : ويوم ينفخ في الصور ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء
الله وكل أتوه داخرين
أخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن أبي هريرة في قوله ففزع من في السموات ومن في
الأرض إلا من شاء الله قال : هم الشهداء
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عاصم انه قرأ وكل آتوه داخرين ممدودة مرفوعة
التاء على معنى فاعلوه
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن مسعود انه قرأ وكل آتوه
داخرين خفيفة بنصب التاء على معنى جاؤه
يعني بلا مد
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : حفظت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في
النمل وكل أتوه داخرين على معنى جاؤه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله داخرين قال :
صاغرين
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة
مثله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : الداخر : الصاغر الراهب لأن المرء
اذا فزع انما همته الهرب من الامر الذي فزع منه فلما نفخ في الصور فزعوا فلم يكن
لهم من الله منجا
(6/384)
-
قوله تعالى : وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب صنع الله الذي أتقن كل
شيء إنه خبير بما تفعلون
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وترى الجبال تحسبها
جامدة قال : قائمة صنع الله الذي اتقن كل شيء قال : احكم
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة وترى الجبال تحسبها جامدة قال : ثابتة في أصولها لا
تتحرك وهي تمر مر السحاب
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله صنع الله الذي اتقن كل شيء يقول
: أحسن كل شيء خلقه وأتقنه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة صنع الله الذي اتقن كل شيء قال : أحسن كل
شيء
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد الذي اتقن كل شيء قال : أوثق كل
شيء
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن الذي اتقن كل شيء قال : ألم تر إلى كل دابة كيف تبقى
على نفسها
- قوله تعالى : من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء
بالسيئة فكبت وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون
- أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر " عن أبي هريرة عن النبي صلى الله
عليه و سلم من جاء بالحسنة فله خير منها قال : هي لا إله إلا الله ومن جاء بالسيئة
فكبت وجوههم في النار قال : هي الشرك "
وأخرج ابن مردويه عن جابر قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الموجبتين
قال من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن جاء بالسيئة فكبت
وجوههم في النار هل تجزون إلا ما كنتم تعملون قال : من لقي الله لا يشرك به شيئا
دخل الجنة ومن لقي الله يشرك به دخل النار
(6/385)
وأخرج
الحاكم في الكني عن صفوان بن عسال قال : قال رسول الله : صلى الله عليه و سلم
" اذا كان يوم القيامة جاء الايمان والشرك يجثوان بين يدي الرب فيقول الله
للايمان : انطلق أنت وأهلك إلى الجنة
ويقول للشرك : انطلق أنت وأهلك إلى النار ثم تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم من
جاء بالحسنة فله خير منها يعني : قول لا إله إلا الله ومن جاء بالسيئة يعني :
الشرك فكبت وجوههم في النار "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة وأنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" يجيء الاخلاص والشرك يوم القيامة فيجثوان بين يدي الرب فيقول الرب للاخلاص
: انطلق أنت وأهلك إلى الجنة ثم يقول للشرك انطلق أنت وأهلك إلى النار ثم تلا هذه
الآية من جاء بالسيئة بالشرك فكبت وجوههم في النار "
وأخرج أبو الشيخ وابن مردويه والديلمي عن كعب بن عجرة عن النبي صلى الله عليه و
سلم في قوله الله من جاء بالحسنة فله خير منها يعني بها شهادة ان لا إله إلا الله
ومن جاء بالسيئة يعني بها الشرك يقال : هذه تنجي
وهذه تردي
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في الاسماء والصفات
والخارئطي في مكارم الاخلاق عن ابن مسعود من جاء بالحسنة
(6/386)
قال
: لا إله إلا الله ومن جاء بالسيئة قال : بالشرك
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن الشعبي قال : كان حذيفة جالسا في حلقة فقال :
ما تقولون في هذه الآية من جاء بالحسنة فله خير منها وهم من فزع يومئذ آمنون ومن
جاء بالسيئة فكبت في النار وجوههم فقالوا : نعم يا حذيفة من جاء بالحسنة ضعفت له
عشرا أمثالها
فأخذ كفا من حصى يضرب به الأرض وقال : تبا لكم
وكان حديدا وقال : من جاء بلا إله إلا الله وجبت له الجنة ومن جاء بالشرك وجبت له
النار
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس من جاء بالحسنة
قال : بلا إله إلا الله فله خير منها قال : منها وصل إلى الخير ومن جاء بالسيئة
قال : الشرك
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد من جاء بالحسنة قال : لا إله إلا
الله من جاء بالسيئة قال : الشرك
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وابراهيم وأبي صالح وسعيد بن جبير وعطاء وقتادة ومجاهد
ومثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس فله خير منها قال : ثواب
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة من جاء بالحسنة قال شهادة ان لا إله إلا الله فله خير
منها قال ج يعطي به الجنة
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ثمن الجنة
لا إله إلا الله "
وأخرج ابن أبي حاتم عن زرعة بن إبراهيم من جاء بالحسنة قال : لا إله إلا الله فله
خير منها قال : لا إله إلا الله خير
ليس شيء أخير من لا إله إلا الله
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ وهم من فزع يومئذ آمنون ينون فزع وينصب يومئذ
- قوله تعالى : إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة التي حرمها وله كل شيء وأمرت أن
أكون من المسلمين وأن اتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فقل إنما
أنا من المنذرين وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها وما ربك بغافل عما تعملون
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أن أعبد رب هذه البلدة قال : مكة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة
مثله
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : زعم الناس انها مكة
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية قال : هي منى
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هرون قال في حرف ابن مسعود وأن اتل القرآن على
الامر وفي حرف أبي بن كعب واتل عليهم القرآن
(6/387)
وأخرج
الفريابي وابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن مجاهد سيريكم آياته فتعرفونها قال : في
أنفسكم وفي السماء وفي الأرض وفي الرزق
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" ما كان في القرآن وما الله بغافل عما تعملون بالتاء وما كان وما ربك بغافل
عما يعملون بالياء "
(6/388)
بسم
الله الرحمن الرحيم -
سورة القصص
مكية وآياتها ثمان وثمانون
- مقدمة سورة القصص أخرج النحاس وابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن
ابن عباس قال : نزلت سورة القصص بمكة
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : أنزلت سورة القصص بمكة
وأخرج أحمد والطبراني وابن مردويه بسند جيد عن معدي كرب قال : أتينا عبد الله بن
مسعود فسألناه أن يقرأ علينا طسم المائتين فقال : ما هي معي ولكن عليكم بمن أخذها
من رسول الله صلى الله عليه و سلم خباب بن الأرث فأتيت خباب بن الأرث فقلت : كيف
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ طسم أو طس فقال : كل
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ
- طسم تلك آيات الكتاب المبين نتلوا عليك من نبإ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون إن
فرعون علا في الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحيي
نساءهم إنه كان من المفسدين
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : كان من شأن فرعون انه رأى رؤيا في
منامه : أن نارا أقبلت من بيت المقدس حتى اذا اشتملت على بيوت مصر أحرقت القبط
وتركت بني اسرائيل فدعا السحرة والكهنة والعافة والزجرة
وهم العافة الذين يزجرون الطير فسألهم عن رؤياه فقالوا له : يخرج من هذا البلد
الذي جاء بنو اسرائيل منه - يعنون بيت المقدس - رجل يكون على وجهه هلاك مصر
فأمر بني اسرائيل ان لا يولد لهم ولد إلا ذبحوه ولا يولد لهم
(6/389)
جارية
إلا تركت وقال للقبط : انظروا مملوكيكم الذين يعملون خارجا فادخلوهم واجعلوا بني
اسرائيل يلون تلك الاعمال القذرة فجعلوا بني اسرائيل في أعمال غلمانهم
فذلك حين يقول ان فرعون علا في الأرض يقول : تجبر في الأرض وجعل أهلها شيعا يعني
بني اسرائيل يستضعف طائفة منهم حين جعلهم في الاعمال القذرة وجعل لا يولد لبني
اسرائيل مولود إلا ذبح فلا يكبر صغير
وقذف الله في مشيخة بني اسرائيل الموت فأسرع فيهم
فدخل رؤوس القبط على فرعون فكلموه فقالوا : ان هؤلاء القوم قد وقع فيهم الموت
فيوشك ان يقع العمل على غلماننا تذبح أبناءهم فلا يبلغ الصغار فيعينون الكبار فلو
انك كنت تبقى من أولادهم
فأمر ان يذبحوا سنة ويتركوا سنة فلما كان في السنة التي لا يذبحون فيها ولد هرون
عليه السلام
فترك فلما كان في السنة التي يذبحون فيها حملت أم موسى بموسى عليه الصلاة و السلام
فلما أرادت وضعه حزنت من شأنه فلما وضعته أرضعته ثم دعت له نجارا وجعلت له تابوتا
وجعلت مفتاح التابوت من داخل وجعلته فيه وألقته في اليم بين أحجار عند بيت فرعون
فخرجن جواري آسية امرأة فرعون يغتسلن فوجدن التابوت فادخلنه إلى آسية وظنن ان فيه
مالا
فلما تحرك الغلام رأته آسية صبيا فلما نظرته آسية وقعت عليه رحمتها وأحبته
فلما أخبرت به فرعون أراد أن يذبحه فلم تزل آسية تكلمه حتى تركه لها وقال : اني
أخاف ان يكون هذا من بني اسرائيل وان يكون هذا الذي على يديه هلاكنا
فبينما هي ترقصه وتلعب به اذ ناولته فرعون وقالت : خذه قرة عين لي ولك القصص الآية
9 قال فرعون : هو قرة عين لك - قال عبد الله بن عباس : ولو قال هو قرة عين لي اذا
لآمن به ولكنه ابى - فلما أخذه اليه أخذ موسى عليه السلام بلحيته فنتفها فقال
فرعون : علي بالذباحين هو ذا
قالت آسية : لا تقتله عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا القصص الآية 9 إنما هو صبي لا
يعقل وانما صنع هذا من صباه أنا أضع له حليا من الياقوت وأضع له جمرا فإن أخذ
الياقوت فهو يعقل اذبحه وان أخذ الجمر فانما
(6/390)
هو
صبي فاخرجت له ياقوتا ووضعت له طستا من جمر فجاء جبريل عليه السلام فطرح في يده
جمرة فطرحها موسى عليه السلام في فيه فاحرقت لسانه فارادوا له المرضعات فلم يأخذ
من أحد من النساء وجعلن النساء يطلبن ذلك لينزلن عند فرعون في الرضاع فأبى ان يأخذ
فجاءت أخته فقالت : هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهو له ناصحون فأخذوها
فقالوا : انك قد عرفت هذا الغلام فدلينا على أهله فقالت : ما أعرفه ولكن إنما هم
للملك ناصحون
فلما جاءته أمه أخذ منها
وكادت تقول : هو ابني
فعصمها الله فذلك قوله ان كادت لتبدي به لولا ان ربطنا على قلبها لتكون من
المؤمنين قال : قد كانت من المؤمنين ولكن بقول : انا رادوه اليك وجاعلوه من
المرسلين قال السدي : وانما سمى موسى لأنهم وجدوه في ماء وشجر والماء بالنبطية مو
الشجر سى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله نتلو عليك من نبأ
موسى وفرعون يقول : في هذا القرآن نبؤهم ان فرعون علا في الأرض أي بغى في الأرض
وجعل أهلها شيعا أي فرقا
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله وجعل أهلها شيعا قال : فرق بينهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله وجعل
أهلها شيعا قال : يتعبد طائفة ويقتل طائفة ويستحي طائفة
أما قوله تعالى انه كان من المفسدين
أخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : لقد ذكر لنا انه كان يأمر بالقصب
فيشق حتى يجعل أمثال الشفار ثم يصف بعضه إلى بعض ثم يؤتى بحبالى من بني اسرائيل
فيوقفن عليه فيجز أقدامهن حتى ان المرأة منهم لتضع بولدها فيقع بين رجليها فتظل
تطؤه وتتقي به حد القصب عن رجليها لما بلغ من جهدها
حتى أسرف في ذلك وكان يفنيهم قيل له : أفنيت الناس وقطعت النسل وانما هم خولك
وعمالك فتأمر أن يقتلوا الغلمان وولد موسى عليه السلام في
(6/391)
السنة
التي فيها يقتلون وكان هرون عليه السلام أكبر منه بسنة فلما أراد بموسى عليه
السلام ما أراد واستنقاذ بني اسرائيل مما هم فيه من البلاء أوحى الله إلى أم موسى
حين تقارب ولادها أن أرضعيه القصص الآية 7
- قوله تعالى : ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم
الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون
أخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في
قوله ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الأرض قال : يوسف وولده
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ونريد ان نمن على
الذين استضعفوا في الأرض قال : هم بنو اسرائيل ونجعلهم أئمة أي هم ولاة الامر
ونجعلهم الوارثين أي يرثون الأرض بعد فرعون وقومه ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم
ما كانوا يحذرون قال : ما كان القوم حذروه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في
قوله : ونجعلهم الوارثين قال : يرثون الأرض بعد آل فرعون وفي قوله ونري فرعون
الآية قال : كان حاز يحزي لفرعون فقال : انه يولد في هذا العام غلام يذهب بملككم
وكان فرعون يذبح أبناءهم ويستحيي نساءهم حذرا لقول الحازي فذلك قوله ونري فرعون
وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله قال : قال عمر رضي الله عنه : اني استعملت
عمالا لقول الله ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض
- قوله تعالى : وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه فإذا خفت عليه فألقيه في اليم ولا
تخافي ولاتحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين فالتقطه آل فرعون ليكون لهم
عدوا وحزنا إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين
(6/392)
أخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : وأوحينا إلى أم موسى يقول :
ألهمناها الذي صنعت بموسى
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله وأوحينا
إلى أم موسى قال : قذف في نفسها
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه
قال : وحي جاءها عن الله قذف في قلبها وليس بوحي نبوة فاذا خفت عليه فالقيه في
اليم قال : فجعلته في تابوت فقذفته في البحر
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عبد الرحمن الحبلي قال : ان الله أوحى إلى أم موسى حين
وضعت أن ارضعيه فاذا خفت عليه فالقيه في اليم فلما خافت عليه جعلته في التابوت
وجعلت المفتاح مع التابوت وطرحته في البحر وخرجت امرأة فرعون إلى البحر وابنة لفرعون
برصاء فرأوا سوادا في البحر فأخرج التابوت اليهم فبدرت ابنة فرعون وهي برصاء إلى
التابوت فوجدت موسى في التابوت وهو مولود فأخذته فبرأت من برصها
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأعمش رضي الله عنه قال : قال ابن عباس رضي الله عنهما :
في قوله فاذا خفت عليه قال : ان يسمع جيرانك صوته
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله وأحينا إلى أم موسى أن أرضعيه قال : فجعلته
في بستان فكانت تأتيه في كل يوم مره فترضعه وتأتيه في كل ليله فترضعه فيكفيه ذلك
فاذا خفت عليه قال : اذا بلغ أربعة أشهر وصاح وابتغى من الرضاع أكثر من ذلك
فذلك قوله فاذا خفت عليه فالقيه في اليم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ولا تخافي قال : لا
تخافي عليه البحر ولا تحزني يقول : ولا تحزني لفراقه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله فالتقطه آل فرعون ليكون
لهم عدوا قال : في دينهم وحزنا قال : لما يأتيهم به
- قوله تعالى : وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو
نتخذه ولدا وهم لا يشعرون
(6/393)
أخرج
ابن جرير عن محمد بن قيس قال : قالت : امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه قال
فرعون : قرة عين لك
أما لي فلا قال محمد بن قيس : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لو قال
فرعون قرة عين لي ولك لكان لهما جميعا "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك
تعني بذلك : موسى عليه السلام عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا قال : ألقيت عليه
رحمتها حين ابصرته وهم لا يشعرون ان هلاكهم على يديه وفي زمانه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وهم لا يشعرون قال : آل فرعون انه
عدو لهم
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله وهم لا يشعرون قال : ما يصيبهم من عاقبة
أمره
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في الآية قال : لا
يشعرون ان هلاكهم على يديه والله تعالى أعلم
- قوله تعالى : وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لولا أن ربطنا على
قلبها لتكون من المؤمنين
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله وأصبح فؤاد أم موسى فارغا
قال : من ذكر كل شيء من أمر الدنيا إلا من ذكر موسى
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والحاكم وصححه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وأصبح فؤاد أم موسى
فارغا قال : خاليا من كل شيء غير ذكر موسى عليه السلام وفي قوله ان كادت لتبدي به
قال : تقول يا ابناه
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه وأصبح فؤاد أم موسى
فارغا قال : من كل شيء غير هم موسى عليه السلام
وأخرج الفريابي عن عكرمة رضي الله عنه وأصبح فؤاد أم موسى فارغا
(6/394)
قال
: من كل شيء من أمر الدنيا والآخرة إلا من هم موسى
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه وأصبح فؤاد أم موسى فارغا قال : من كل
شيء إلا من ذكر موسى
وأخرج ابن أبي حاتم عن مغيث بن سمي أو عن أبي عبيدة في قوله ان كادت لتبدي به أي
لتنبىء انه ابنها من شدة وجدها لولا ان ربطنا على قلبها قال : ربط الله على قلبها
بالايمان
- قوله تعالى : وقالت لأخته قصيه فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون
أخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي
الله عنهما في قوله وقالت لأخته قصيه أي اتبعي أثره فبصرت به عن جنب قال : عن جانب
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وقالت لاخته قصيه أي اتبعي أثره كيف يصنع به ؟
فبصرت به عن جنب قال : عن بعد وهم لا يشعرون قال : آل فرعون انه عدو لهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه في قوله وقالت لاخته قصيه قال : قصي أثره فبصرت به عن جنب يقول : بصرت به
وهي مجانبة لهم وهم لا يشعرون انها أخته قال : جعلت تنظر إليه وكأنها لا تريده
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : اسم أخت موسى يواخيد وأمه يحانذ
وأخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق عن أبي رواد رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال لخديجة رضي الله عنها " اما علمت ان الله قد زوجني معك في
الجنة مريم بنت عمران وكلثوم أخت موسى وآسية امرأة فرعون قالت : وقد فعل الله ذلك
يا رسول الله قال : نعم
قالت : بالرفاه والبنين "
(6/395)
وأخرج
الطبراني وابن عساكر عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " ما شعرت ان الله زوجني مريم بنت عمران وكلثوم أخت موسى وامرأة فرعون
فقلت : هنيئا لك يا رسول الله "
- قوله تعالى : وحرمنا عليه المراضع من قبل فقالت هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه
لكم وهم له ناصحون فرددناه إلى أمه كي تقر عينها ولا تحزن ولتعلم أن وعد الله حق
ولكن أكثرهم لا يعلمون
أخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله وحرمنا عليه المراضع من قبل قال : لا يؤتى بمرضع فيقبلها
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد وحرمنا عليه المراضع من قبل قال :
لا يقبل ثدي امرأة حتى يرجع إلى أمه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : حين قالت هل أدلكم على
أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون قالوا : قد عرفتيه فقالت : إنما أردت الملك هم
للملك ناصحون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وحرمنا
عليه المراضع قال : جعل لا يؤتى بامرأة إلا لم يأخذ ثديها وفي قوله ولتعلم ان وعد
الله حق قال : وعدها انه راده اليها وجاعله من المرسلين ففعل الله بها ذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه قال : كان فرعون يعطي أم
موسى على رضاع موسى كل يوم دينارا
وأخرج أبو داود في المراسيل عن جبير بن نفير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " مثل الذين يغزون من أمتي ويأخذون الجعل يعني : يتقوون على
عدوهم
مثل أم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها "
(6/396)
-
قوله تعالى : ولما بلغ أشده واستوى آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين
أخرج عبد بن حميد ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والمحاملي في
أماليه عن طريق مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ولما بلغ أشده قال :
ثلاثا وثلاثين سنة واستوى قال : أربعين سنة
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب المعمرين من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس
رضي الله عنهما في قوله ولما بلغ اشده واستوى قال : الاشد ما بين الثماني عشرة إلى
الثلاثين والاستواء ما بين الثلاثين والأربعين فاذا زاد على الأربعين أخذ في
النقصان
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله ولما بلغ أشده قال : ثلاثا وثلاثين سنة واستوى قال : أربعين سنة آتيناه حكما
وعلما قال : الحكم والفقه والعقل والعلم قال : النبوة
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي قبيصة رضي الله عنه في الآية قال : يعني بالاستواء :
خروج لحيته
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ولما بلغ أشده قال
: ثلاثا وثلاثين سنة واستوى قال : أربعين سنة
- قوله تعالى : ودخل المدينه على حين غفله من أهلها فوجد فيها رجلان يقتتلان هذا
من شيعته وهذا من عدوه فاستغثه الذي من شيعته على الذي من عدوه فوكزه موسى فقضى
عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مبين
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي : ان فرعون ركب مركبا وليس عنده موسى فلما
جاء موسى عليه السلام قيل له : ان فرعون قد ركب
فركب في أثره
فأدركه المقيل بأرض يقال لها منف فدخلها نصف النهار وقد تغلقت أسواقها وليس في
طرقها أحد
وهي التي يقول الله تعالى ودخل المدينة على حين غفلة من أهلها
(6/397)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
ودخل المدينة على حين غفلة قال : نصف النهار
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في
قوله ودخل المدينة على حين غفلة قال : نصف النهار والناس قائلون
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في
الآية قال : دخلها عند القائلة بالظهيرة والناس نائمون
وذلك أغفل ما يكون الناس
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن عطاء الخراساني عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله حين غفلة قال : ما بين المغرب والعشاء
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله على حين غفلة قال : ما بين المغرب والعشاء
عن أناس وقال آخرون : نصف النهار وقال ابن عباس : أحدهما
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله فوجد فيها رجلين يقتتلان
هذا من شيعته قال : اسرائيلي وهذا من عدوه قال : قبطي فاستغاثه الذي من شيعته
الاسرائيلي على الذي من عدوه القبطي فوكزه موسى فقضى عليه قال : فمات قال : فكبر
ذلك على موسى عليه الصلاة و السلام
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد رضي الله عنه في قوله فاستغاثه الذي من شيعته قال : من قومه من بني
اسرائيل
وكان فرعون من فارس من اصطخر فوكزه موسى قال : بجمع كفه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه في قوله فوكزه موسى قال : بعصا ولم يتعمد قتله
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : الذي وكزه موسى كان خبازا
لفرعون
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب رضي الله عنه قال : قال الله عز و جل بعزتي يا ابن
عمران لو أن هذه النفس التي وكزت فقتلت اعترفت لي ساعة من ليل أو نهار
(6/398)
باني
لها خالق أو رازق لاذقتك فيها طعم العذاب
ولكني عفوت عنك في أمرها انها لم تعترف لي ساعة من ليل أو نهار اني لها خالق أو
رازق
- قوله تعالى : قال رب ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله إني ظلمت نفسي قال : بلغني أنه
من أجل أنه لا ينبغي لنبي أن يقتل حتى يؤمر
فقتله ولم يؤمر
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله قال رب اني ظلمت
نفسي قال : عرف نبي الله عليه السلام من أين المخرج
فاراد المخرج فلم يلق ذنبه على ربه
قال بعض الناس : أي من جهة المقدور
- قوله تعالى : قال رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله فلن أكون ظهيرا
للمجرمين قال : معينا للمجرمين
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه في قوله فلن أكون ظهيرا للمجرمين قال : ان أعين بعدها ظالما على فجره
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبيد الله بن الوليد الرصافي رضي
الله عنه
أنه سأل عطاء بن أبي رباح عن أخ له كاتب ليس يلي من أمور السلطان شيئا إلا أنه
يكتب لهم بقلم ما يدخل وما يخرج فان ترك قلمه صار عليه دين واحتجاج وان أخذ به كان
له فيه غنى قال : يكتب لمن ؟ قال : لخالد بن عبد الله القسري قال : ألم تسمع إلى
ما قال العبد الصالح رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين ؟ فلا يهتم بشيء
وليرم بقلمه فان الله سيأتيه برزق
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي حنظلية جابر بن حنظلة الكاتب الضبي قال : قال رجل لعامر
: يا أبا عمرو اني رجل كاتب أكتب ما يدخل وما يخرج آخذ ورقا استغني به أنا وعيالي
قال : فلعلك تكتب في دم يسفك ؟ قال : لا
قال :
(6/399)
فلعلك
تكتب في مال يؤخذ ؟ قال : لا
قال : فلعلك تكتب في دار تهدم ؟ قال : لا
قال : أسمعت بما قال موسى عليه الصلاة و السلام رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا
للمجرمين قال : رضي الله عنه قال : صليت إلى جنب ابن عمر رضي الله عنهما العصر
فسمعته يقول في ركوعه رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سلمة بن نبيط رضي الله عنه قال : بعث عبد الرحمن
ابن مسلم إلى الضحاك فقال : اذهب بعطاء أهل بخاري فاعطهم فقال : اعفني فلم يزل
يستعفيه حتى أعفاه فقال له بعض أصحابه : ما عليك أن تذهب فتعطيهم وأنت لا ترزؤهم
شيئا ؟ فقال : لا أحب أن أعين الظلمة على شيء من أمرهم
- قوله تعالى : فأصبح في المدينة خائفا يترقب فإذا الذي استنصره بالأمس يستصرخه
قال لع موسى إنك لغوي مبين فلما أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال يا موسى أتريد
أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن
تكون من المصلحين
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله فاصبح في المدينة خائفا قال :
خائفا أن يؤخذ
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي
الله عنه في قوله يترقب قال : يتلفت
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله يترقب قال : يتوحش
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله فاذا الذي استنصره بالامس
يستصرخه قال : هو صاحب موسى الذي استنصره بالامس
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : الذي استنصره : هو
الذي استصرخه
(6/400)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه فاذا الذي استنصره
بالامس يستصرخه قال : الاستصراخ : الاستغاثة
قال : والاستنصار والاستصراخ واحد قال له موسى انك لغوي مبين فاقبل عليه موسى عليه
السلام فظن الرجل أنه يريد قتله فقال : يا موسى أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا
بالأمس قال : قبطي قريب منهما يسمعهما فافشى عليهما
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله فلما أن أراد أن يبطش قال : ظن الذي من
شيعته انما يريده فذلك قوله أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس أنه لم يظهر على
قتله أحد غيره
فسمع قوله أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالامس عدوهما فأخبر عليه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الشعبي قال : من قتل رجلين فهو جبار ثم تلا هذه
الآية أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس ان تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : لا يكون الرجل جبارا
حتى يقتل نفسين
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي عمران الجوني قال : آية الجبابرة القتل بغير حق
والله أعلم
- قوله تعالى : وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال يا موسى إن الملأ يأتمرون بك
ليقتلوك فاخرج إني لك من الناصحين فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم
الظالمين
أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال : مؤمن آل
فرعون
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال : كان اسم الذي قال لموسى ان
الملا يأتمرون بك شمعون
(6/401)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج في قوله وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى قال : يعمل ليس
بالسيد
اسمه حزقيل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي قال : ذهب القبطي فافشى عليه : أن موسى هو
الذي قتل الرجل فطلبه فرعون وقال : خذوه فانه الذي قتل صاحبنا وقال الذين يطلبونه
: اطلبوه في ثنيات الطريق فان موسى غلام لا يهتدي للطريق
وأخذ موسى عليه السلام في ثنيات الطريق وقد جاءه الرجل فأخبره أن الملا يأتمرون بك
ليقتلوك فاخرج
فخرج منها خائفا يترقب قال رب نجني من القوم الظالمين فلما أخذ في ثنيات الطريق
جاءه ملك على فرس بيده عنزة فلما رآه موسى عليه السلام سجد له من الفرق
فقال : لا تسجد لي ولكن اتبعني فتبعه وهداه نحو مدين
فانطلق الملك حتى انتهى به إلى المدين فلما أتى الشيخ وقص عليه القصص قال لا تخف
نجوت من القوم الظالمين القصص الآية 25 فأمر احدى ابنتيه أن تأتيه بعصا
وكانت تلك العصا عصا استودعه إياها ملك في صورة رجل فدفعها إليه فدخلت الجاريه
فأخذت العصا فأتته بها فلما رآها الشيخ قال لإبنته إئتيه بغيرها
فالقتها وأخذت تريد غيرها فلا يقع في يدها إلا هي وجعل يرددها وكل ذلك لايخرج في
يدها غيرها فلما رآى ذلك عهد إليه فأخرجها معه فرعى بها ثم إن الشيخ ندم وقال :
كانت وديعة فخرج يتلقى موسى عليه السلام فلما رآه قال : اعطني العصا
فقال موسى عليه السلام : هي عصاي ! فأبى أن يعطيه فاختصما فرضيا أن يجعلا بينهما
أول رجل يلقاهما
فاتاهما ملك يمشي فقضى بينهما فقال : ضعوها في الأرض فمن حملها فهي له
فعالجها الشيخ فلم يطقها وأخذها موسى عليه السلام بيده فرفعها فتركها له الشيخ
فرعى له عشر سنين
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله وجاء رجل
من أقصى المدينة يسعى قال : هو مؤمن آل فرعون جاء يسعى وفي قوله فخرج منها خائفا
يترقب قال : أن يأخذه الطلب
(6/402)
-
قوله تعالى : ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل
أخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله ولما توجه تلقاء مدين قال : عرضت لموسى عليه
السلام أربعة طرق فلم يدر أيتها يسلك فقال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل فأخذ
طريق مدين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله تلقاء
مدين قال : مدين ماء كان عليه شعيب
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد رضي الله عنه في قوله عسى ربي أن يهديني سواء السبيل قال : قصد السبيل :
الطريق إلى مدين
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله عسى ربي أن يهديني سواء السبيل
قال : الطريق المستقيم قال : فالتقى والله يومئذ خير أهل الأرض
شعيب وموسى بن عمران
وأخرج أحمد في الزهد عن كعب بن علقمة رضي الله عنه قال : ان موسى عليه السلام لما
خرج هاربا من فرعون قال : رب أوصني قال " أوصيك أن لا تعدل بي شيئا أبدا إلا
اخترتني عليه فاني لا أرحم ولا أزكى من لم يكن كذلك قال : وبماذا يا رب ؟ قال :
بأمك فانها حملتك وهنا على وهن قال : ثم بماذا يا رب ؟ قال : ان أوليتك شيئا من
أمر عبادي فلا تعيهم اليك في حوائجهم فانك انما تعي روحي فاني مبصر ومسمع ومشهد
"
- قوله تعالى : ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم
امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير فسقى
لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير فجاءته إحداهما تمشي
على استحياء قالت إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا فلما جاءه قص عليه القصص
قال
(6/403)
لا
تخف نجوت من القوم الظالمين قالت إحداهما يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي
الأمين قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني ثماني حجج فإن أتممت
عشرا فمن عندك وما أريد أن أشق عليك ستجدني إنشاء الله من الصالحين قال ذلك بيني
وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي والله على ما نقول وكيل
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خرج
موسى عليه السلام خائفا جائعا ليس معه زاد حتى انتهى إلى ماء مدين وعليه أمة من
الناس يسقون وامرأتان جالستان بشياههما فسالهما ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر
الرعاء وأبونا شيخ كبير قال : فهل قربكما ماء قالتا : لا
إلا بئر عليها صخرة قد غطيت بها لا يطيقها نفر قال : فانطلقا فاريانيها
فانطلقتا معه فقال بالصخرة بيده فنحاها ثم استقى لهما سجلا واحدا فسقى الغنم ثم
أعاد الصخرة إلى مكانها ثم تولى إلى الظل فقال : رب اني لما أنزلت الي من خير فقير
فسمعتا ما قال فرجعتا إلى أبيهما فاستنكر سرعة مجيئهما فسألهما فاخبرتاه فقال
لاحداهما : انطلقي فادعيه فاتته فقالت : ان أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا
فمشيت بين يديه فقال لها : امشي خلفي فاني امرؤ من عنصر إبراهيم لا يحل لي أن أنظر
منك ما حرم الله علي وارشديني الطريق
فلما جاءه وقص عليه القصص
قالت احداهما : يا أبت استأجره ان خير من استأجرت القوي الأمين قال لها أبوها : ما
رأيت من قوته وأمانته ؟ فأخبرته بالأمر الذي كان قالت : أما قوته فانه قلب الحجر
وحده وكان لا يقلبه إلا النفر
وأما أمانته فانه قال : امشي خلفي وارشديني الطريق لاني امرؤ من عنصر إبراهيم عليه
السلام لا يحل لي منك ما حرم الله تعالى
قيل لابن عباس رضي الله عنهما
أي الاجلين قضى موسى عليه السلام ؟ قال : أبرهما وأوفاهما
(6/404)
وأخرج
الفريابي وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم
وصححه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : ان موسى عليه السلام لما ورد ماء مدين
وجد عليه أمة من الناس يسقون فلما فرغوا أعادوا الصخرة على البئر ولا يطيق رفعها
إلا عشرة رجال فاذا هو بامرأتين قال ما خطبكما فحدثتاه
فأتى الصخرة فرفعها وحده ثم استقى فلم يستق إلا دلوا واحدا حتى رويت الغنم
فرجعت المرأتان إلى أبيهما فحدثتاه وتولى موسى عليه السلام إلى الظل فقال رب اني
أنزلت الي من خير فقير قال : فجاءته احداهما تمشي على استحياء واضعه ثوبها على
وجهها ليست بسلفع من الناس خراجة ولاجة قالت ان أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا
فقام معها موسى عليه السلام فقال لها : امشي خلفي وانعتي لي الطريق فاني أكره أن
تصيب الريح ثيابك فتصف جسدك
فلما انتهى إلى أبيها قص عليه فقالت احداهما يا أبت استأجره ان خير من استأجرت
القوى الامين قال : يا بنية ما علمك بأمانته وقوته ؟ قالت : أما قوته
فرفعه الحجر ولا يطيقه إلا عشرة رجال وأما أمانته فقال : امشي خلفي وانعتي لي
الطريق فاني أكره أن تصيب الريح ثيابك فتصف لي جسدك
فزاده ذلك رغبة فيه فقال اني أريد أن أنكحك احدى ابنتي هاتين إلى قوله ستجدني ان
شاء الله من الصالحين أي في حسن الصحبة والوفاء بما قلت قال موسى عليه السلام ذلك
بيني وبينك أيما الأجلين قضيت فلا عدوان علي قال : نعم
قال الله على ما نقول وكيل فزوجه وأقام معه يكفيه ويعمل له في رعاية غنمه وما
يحتاج اليه وزوجه صفورا وأختها شرفا وهما التي كانتا تذودان
وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله ولما ورد ماء مدين قال : ورد الماء حيث ورد وانه لتتراءى خضرة البقل من بطنه
من الهزال
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خرج موسى عليه
السلام من مصر إلى مدين وبينه وبينها ثمان ليال
ولم يكن له طعام إلا ورق الشجر وخرج اليها حافيا فما وصل حتى وقع خف قدمه
(6/405)
وأخرج
عبد بن حميد عن عكرمة ولما ورد ماء مدين قال : كان مسيره خمسة وثلاثين يوما
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله أمة من الناس يسقون قال : اناسا
وفي قوله اني لما أنزلت الي من خير فقير قال : من طعام
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ووجد من دونهم امرأتين قال :
أسماؤهم
ليا وصفورا ولهما أربع أخوات صغار يسقين الغنم في الصحاف
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله تذودان قال : تحبسان
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله تذودان قال :
تحبسان غنمهما حتى يفرغ الناس وتخلو لهما البئر
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء قال : تنتظران
ان تسقيا من فضول ما في حياضهم
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم انه قرأ حتى يصدر الرعاء برفع الياء وكسر الراء في
الرعاء
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء
في المختارة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لقد قال موسى عليه السلام رب اني
لما أنزلت الي من خير فقير وهو أكرم خلقه عليه ولقد افتقر إلى شق تمرة ولقد لصق
بطنه بظهره من شدة الجوع
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله اني لما أنزلت
الي من خير فقير قال : سأل فلقا من الخبز يشد بها صلبه من الجوع
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما هرب موسى عليه السلام من
فرعون أصابه جوع كانت ترى أمعاؤه من ظاهر الثياب قال : رب اني لما أنزلت الي من
خير فقير
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
لما سقى موسى للجاريتين ثم تولى إلى الظل فقال رب اني لما أنزلت الي من خير فقير
قال : انه يومئذ فقير إلى كف من تمر "
(6/406)
وأخرج
ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله
عنه في قوله اني لما أنزلت الي من خير فقير قال : شبعه يومئذ
وأخرج الفريابي وأحمد عن مجاهد قال : ما سأل إلا طعاما يأكله
وأخرج الفريابي وأحمد عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه اني لما أنزلت الي من خير
فقير قال : ما كان معه رغيف ولا درهم
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن أبي الهذيل عن
عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله تمشي على استحياء قال : جاءت مستترة بكم درعها
على وجهها
وأخرجه ابن المنذر عن ابن أبي الهذيل موقوفا عليه
وأخرج أحمد عن مطرف بن الشخير رضي الله عنه قال : أما والله لو كان عند نبي الله
شيء ما تبع ؟ مذقتها ولكن حمله على ذلك الجهد
وأخرج ابن عساكر عن أبي حازم قال : لما دخل موسى عليه السلام على شعيب عليه السلام
اذا هو بالعشاء فقال له شعيب عليه السلام : كل
قال موسى عليه السلام : أعوذ بالله ! قال ولم
؟ ! ألست بجائع ؟ قال : بلى
ولكن أخاف أن يكون هذا عوضا لما سقيت لهما وأنا من أهل بيت لا نبتغي شيئا من عمل
الآخرة بملء الأرض ذهبا قال : لا والله
ولكنها عادتي وعادة آبائي نقري الضيف ونطعم الطعام
فجلس موسى عليه السلام فأكل
وأخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن أنس رضي الله عنه أنه بلغه : ان شعيبا عليه السلام
هو الذي قص على موسى القصص
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : يقول ناس : انه شعيب
وليس بشعيب ولكن سيد الماء يومئذ
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي عبيدة قال :
كان صاحب موسى عليه السلام أثرون ابن أخي شعيب عليه السلام
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنه قال : كان اسم ختن موسى
يثربي
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الذي استأجر موسى عليه
(6/407)
السلام
يثرب صاحب مدين
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس رضي الله عنهما : انه كان يكره الكنية بأبي مرة
وكانت كنية فرعون وكانت صاحبة موسى صفيرا بنت يثرون
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله القوي قال : قوته فتح لهما عن بئر حجرا على فيها فسقى لهما
الأمين قال : غض بصره عنهما حين سقى لهما
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنهما قال : لما قالت صاحبة موسى يا أبت
استأجره ان خير من استأجرت القوي الأمين قال : وما رأيت من قوته ؟ قالت : جاء إلى
البئر وعليه صخرة لا يقلها كذا وكذا فرفعها قال : وما رأيت من أمانته ؟ قالت : كنت
أمشي أمامه فجعلني خلفه
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله اني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي
هاتين قال : بلغني أنه نكح الكبيرة التي دعته واسمها صفورا وأبوها ابن أخي شعيب
واسمه رعاويل
وقد أخبرني من أصدق : ان اسمه في الكتاب يثرون كاهن مدين
والكاهن حبر
وأخرج ابن المنذر عن نوف الشامي قال : ولدت المرأة لموسى عليه السلام غلاما فسماه
جرثمة
وأخرج ابن ماجة والبزار وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن عقبة
بن المنذر السلمي رضي الله عنه قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فقرأ
طس حتى بلغ قصة موسى عليه السلام قال : " ان موسى أجر نفسه ثماني سنين أو
عشرا على عفة فرجه وطعام بطنه فلما أراد فراق شعيب أمر امرأته ان تسأل أباها أن
يعطيها من غنمه ما يعيشون به فأعطاها ما ولدت من غنمه قالب لون من ذلك العام وكانت
غنمه سوداء حسناء فانطلق موسى إلى عصاه فسماها من طرفها ثم وضعها في أدنى الحوض ثم
أوردها فسقاها ووقف موسى بازاء الحوض فلم يصدر منها شاة إلا ضرب جنبها شاة شاة قال
: فأنمت وأثلثت ووضعت كلها قوالب الوان
إلا شاة أو شاتين ليس فيها فشوش ولا ضبوب ولا غزور ولا ثفول ولا كمشة
(6/408)
تفوت
الكف
قال النبي صلى الله عليه و سلم : فلو افتتحتم الشام وجدتم بقايا تلك الغنم
وهي السامرية " قال ابن لهيعة : الفشوش : التي تفش بلبنها واسعة الشخب
والضبوب : الطويلة الضرع مجترة والغزور : الضيقة الشخب والثفول : التي ليس لها ضرع
إلا كهيئة حلمتين والكمشة : الصغيرة الضرع لا يدركه الكف
وأخرج ابن جرير عن أنس رضي الله عنه قال : لما دعا موسى عليه السلام صاحبه إلى
الأجل الذي كان بينهما قال له صاحبه : كل شاة ولدت على لونها فلك لونها
فعمد فرفع خيالا على الماء فلما رأيت الخيال فزعت فجالت جولة فولدت كلهن بلقاء إلا
شاة واحدة
فذهب بالوانهن ذلك العام
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد والبخاري وابن المنذر
وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما انه سئل أي الأجلين قضى موسى ؟
فقال : قضى أكثرهما وأطيبهما
ان رسول الله اذا قال فعل
وأخرج البزار وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن
عباس رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه و سلم سأل جبريل أي الاجلين قضى
موسى ؟ قال : أتمهما وأكملهما
وأخرج ابن أبي حاتم عن يوسف بن سرح ان رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل أي
الأجلين قضى موسى ؟ فسأل جبريل فقال : لا علم لي
فسأل جبريل ملكا فوقه فقال : لا علم لي
فسأل ذلك الملك ربه فقال الرب عز و جل " أبرهما وأتقاهما وأزكاهما "
وأخرج ابن مردويه من طريق علي بن عاصم عن أبي هريرة عن أبي سعيد الخدري رضي الله
عنه : ان رجلا سأله أي الأجلين قضى موسى ؟ فقال : لا أدري حتى أسأل رسول الله صلى
الله عليه و سلم فقال : لا أدري حتى أسأل جبريل فقال : لا أدري حتى أسأل ميكائيل
فسأل ميكائيل فقال : لا أدري حتى أسأل الرفيع فسأل الرفيع فقال : لا أدري حتى أسأل
اسرافيل فسأل اسرافيل فقال : لا أدري حتى أسأل ذا العزة فنادى اسرافيل بصوته الأشد
: يا ذا العزة أي الأجلين قضى موسى ؟ قال : " أتم الأجلين وأطيبهما عشر سنين
" قال علي بن عاصم : فكان أبو هرون اذا حدث بهذا الحديث يقول : حدثني أبو
سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه و سلم عن جبريل عن ميكائيل عن الرفيع عن
اسرافيل عن ذي العزة تبارك وتعالى "
(6/409)
ان
موسى قضى أتم الأجلين وأطيبه
عشر سنين "
وأخرج ابن مردويه عن جابر رضي الله عنه " قال : سئل رسول الله صلى الله عليه
و سلم أي الاجلين قضى موسى ؟ قال : أوفاهما "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
لي جبريل : يا محمد ان سألك اليهود أي الاجلين قضى موسى ؟ فقل أوفاهما وان سألوك
أيهما تزوج ؟ فقل الصغرى منهما "
وأخرج الخطيب في تاريخه عن أبي ذر رضي الله عنه قال " قال لي رسول الله صلى
الله عليه و سلم : اذا سئلت أي الاجلين قضى موسى ؟ فقل خيرهما وأبرهما واذا سئلت
أي المرأتين تزوج ؟ فقل الصغرى منهما
وهي التي جاءت فقالت يا أبت استأجره ان خير من استأجرت القوي الأمين فقال : ما
رأيت من قوته ؟ قالت : أخذ حجرا ثقيلا فالقاه على البئر قال : وما الذي رأيت من
أمانته ؟ قالت : قال لي امشي خلفي ولا تمشي امامي "
وأخرج البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال " سئل رسول الله صلى الله عليه
و سلم أي الاجلين قضى موسى ؟ قال : أبعدهما وأطيبهما "
وأخرج البزار وابن أبي حاتم والطبراني في الاوسط وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي ذر
رضي الله عنه " ان النبي صلى الله عليه و سلم سئل أي الاجلين قضى موسى ؟ قال
: أبرهما وأوفاهما
قال : وان سئلت أي المرأتين تزوج ؟ فقل الصغرى منهما "
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير
وابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال " سئل رسول الله صلى
الله عليه و سلم أي الاجلين قضى موسى ؟ قال : سوف أسأل جبريل فسأله قال : سوف أسأل
ميكائيل فسأله قال : سوف أسأل اسرافيل فسأله فقال : سوف أسأل الرب فسأله فقال :
أبرهما وأوفاهما "
وأخرج ابن مردويه عن مقسم قال : لقيت الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما
فقلت له : أي الاجلين قضى موسى
الاول أو الآخر ؟ قال : الآخر
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله والله على ما نقول وكيل قال : على
قول موسى وختنه
(6/410)
-
قوله تعالى : فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله آنس من جانب الطور نارا قال لأهله
امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله فلما
قضى موسى الاجل قال : عشر سنينثم مكث بعد ذلك عشرا أخرى
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق السدي قال عبد الله بن عباس
لما قضى موسى الاجل سار بأهله فضل عن الطريق وكان في الشتاء
ورفعت له نار فلما رآها ظن انها نار وكانت من نور الله فقال لاهله امكثوا اني آنست
نارا لعلي آتيكم منها بخبر فان لم أجد خبرا آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون من البرد
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله آنس قال : أحس وفي
قوله اني آنست نارا قال : أحسست
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله لعلي آتيكم منها بخبر قال
: لعلي أجد من يدلني على الطريق
وكانوا قد ضلوا الطريق
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله جذوة قال :
شهاب
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله جذوة قال : أصل شجرة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
في قوله جذوة قال : أصل شجرة في طرفها نار
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال الجذوة عود من حطب فيه النار
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه انه قرأ أو جذوة بنصب الجيم
وأخرج أبو عبيد وابن مردويه وابن عساكر عن أبي المليح قال : أتيت ميمون بن مهران
لا ودعه عند خروجي في تجارة فقال : لا تيأس ان تصيب في وجهك هذا في أمر دينك أفضل
مما ترجو أن تصيب في أمر دنياك فان صاحبة سبأ خرجت
(6/411)
وليس
شيء أحب اليها من ملكها فاخرجها الله إلى ما هو خير من ذلك فهداها إلى الإسلام وان
موسى عليه السلام خرج يريد ان يقتبس لأهله نارا فاخرجه الله إلى ما هو خير من ذلك
: كلمه الله تعالى
وأخرج الخطيب عن عائشة رضي الله عنها قالت : كن لما لا ترجو أرجى منك لما ترجو فان
موسى بن عمران عليه السلام خرج يقتبس نارا فرجع بالنبوة
- قوله تعالى : فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي الأيمن في البقعة المباركة من
الشجرة أن يا موسى إني أنا الله رب العالمين
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله نودي من شاطىء الوادي
الايمن قال : كان النداء من السماء الدنيا
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله من شاطىء الوادي الايمن قال : الايمن عن يمين موسى عليه السلام عند الطور
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح في الآية قال : كان
النداء من أيمن الشجرة
والنداء من السماء
وذلك في التقديم والتأخير
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : نودي عن يمين الشجرة
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله من الشجرة قال : أخبرت انها
عوسجة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن الكلبي من الشجرة قال : شجرة العوسج
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن عبد الله بن مسعود رضي
الله عنه قال : ذكرت لي الشجرة التي أوى اليها موسى عليه السلام فسرت اليها يومي
وليلتي حتى صبحتها فاذا هي سمرة خضراء ترف فصليت على النبي صلى الله عليه و سلم
فاهوى اليها بعيري وهو جائع فاخذ منها ملء فيه فلاكه فلم يستطع أن يسغه فلفظه
فصليت على النبي وسلمت ثم انصرفت
(6/412)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن نوف البكالي : ان موسى عليه السلام لما نودي من شاطىء الوادي
الايمن قال : ومن أنت الذي تنادي ؟ قال : أنا ربك الاعلى
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي بكر الثقفي قال : أتى موسى عليه السلام الشجرة ليلا وهي
خضراء والنار تتردد فيها فذهب يتناول النار فمالت عنه فذعر وفزع فنودي من شاطىء
الوادي الايمن قال : عن يمين الشجرة فاستأنس بالصوت فقال : أين أنت
أين أنت ؟ قيل : الصوت
انا فوقك قال : ربي ؟ ! قال : نعم
- قوله تعالى : وأن ألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى
أقبل ولاتخف إنك من الآمنين أسلك يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء واضمم إليك جناحك
من الرهب فذانك برهانان من ربك إلى فرعون وملائه إنهم كانوا قوما فاسقين قال رب
إني قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون وأخي هرون هو أفصح مني لسانا فأرسله معي ردءا
يصدقني إني أخاف أن يكذبون قال سنشد عضدك بأخيك ونجعل لكما سلطانا فلا يصلون
إليكما بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات قالوا
ما هذا إلا سحر مفترى وما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين وقال موسى ربي أعلم بمن
جاء بالهدى من عنده ومن تكون له عاقبة الدار إنه لا يفلح الظالمون
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ولى مدبرا
من الرهب قال : هذا من تقديم القرآن
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله واضمم اليك جناحك
قال : يدك
(6/413)
وأخرج
الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله
عنه في قوله واضمم اليك جناحك قال : كفه تحت عضده من الرهب قال : من الفرق فذانك
برهانان قال : العصا واليد
وفي قوله رداء قال : عونا وفي قوله ونجعل لكما سلطانا قال : الحجة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله ولم يعقب قال : لم يلتفت من
الفرق وفي قوله اسلك يدك في جيبك قال : في جيب قميصك تخرج بيضاء من غير سوء قال :
من غير برص واضمم اليك جناحك من الرهب قال : من الرعب فذانك برهانان قال : آيتان
من ربك
فأرسله معي رداء قال : عونا لي
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ من الرهب مخففة مرفوعة الراء وقرأ
فذانك مخففة
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن كثير وقيس انهما كانا يقرآن فذنك برهانان مثقلة
النون
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
رداءا يصدقني كي يصدقني
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب نبأنا نافع بن أبي نعيم قال : سألت مسلم بن جندب
رضي الله عنه عن قوله رداءا يصدقني قال : الردء الزيادة أما سمعت قول الشاعر :
واسمر خطى كأن كعوبه نوى القصب قد اردى ذراعا على عشر وأخرج الطستي في مسائله عن
ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق سأله عن قوله سنشد عضدك باخيك قال :
العضد : المعين الناصر قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول النابغة : في ذمة من أبي قابوس منقذة للخائفين ومن ليست له عضد وأخرج
ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : كان موسى عليه السلام قد ملىء قلبه رعبا
من فرعون فكان اذا رآه قال : اللهم أدرأ بك في نحره وأعوذ بك
(6/414)
من
شره ففزع الله تعالى ما كان في قلب موسى وجعله في قلب فرعون فكان اذا رآه بال كما
يبول الحمار
وأخرج البيهقي في الاسماء والصفات عن الضحاك رضي الله عنه قال : دعاء موسى حين
توجه إلى فرعون ودعاء النبي عليه السلام يوم حنين ودعاء كل مكروب " كنت وتكون
وأنت حي لا تموت تنام العيون وتكدر النجوم وأنت حي قيوم لا تاخذك سنة ولا نوم يا
حي يا قيوم "
- قوله تعالى : وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري فأوقد لي يا
هامان على الطين فاجعل لي صرحا لعلي أطلع إلى إله موسى وإني لأظنه من الكاذبين
واستكبر هو وجنوده في الأرض بغير الحق وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما قال فرعون يا أيها الملاء
ما علمت لكم من اله غيري قال جبريل عليه السلام : يا رب طغى عبدك فائذن لي في
هلاكه قال : يا جبريل هو عبدي ولن يسبقني له اجل قد اجلته حتى يجييء ذلك الأجل
فلما قال أنا ربكم الأعلى النازعات الآية 24 قال : يا جبريل قد سكنت روعتك
بغى عبدي وقد جاء أوان هلاكه
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
كلمتان قالهما فرعون ما علمت لكم من اله غيري وقوله أنا ربكم الاعلى قال : كان
بينهما أربعون عاما فاخذه الله نكال الآخرة والأولى النازعات الآية 26
أما قوله تعالى فأوقد لي يا هامان الآية أخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر قال :
حدثنا أسد عن خالد بن عبد الله عن محدث حدثه قال : كان هامان نبطيا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله فاوقد لي يا هامان على الطين قال
على المدر يكون لبنا مطبوخا
(6/415)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : بلغني ان فرعون
أول من طبخ الآجر
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان فرعون أول من طبخ الآجر وصنع له الصرح
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : فرعون أول من صنع الآجر وبنى به
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله فاوقد لي يا هامان على
الطين قال : أوقد على الطين حتى يكون آجرا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : لما بنوا له الصرح ارتقى فوقه فامر بنشابة فرمى
بها نحو السماء فردت اليه وهي متلطخة دما فقال : قتلت اله موسى
- قوله تعالى : فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم فانظركيف كان عاقبة الظالمين
وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون وأتبعناهم في هذه الدنيا
لعنة ويوم القيامة هم من المقبوحين
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله فنبذناهم في اليم
قال : في البحر
بحر يقال له ساف من وراء مصر غرقهم الله فيه
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار
قال : جعلهم الله أئمة يدعون إلى المعاصي
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة
لعنة أخرى ثم استقبل فقال هم من المقبوحين
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله وأتبعناهم في هذه الدنيا لعنة
ويوم القيامة قال : لعنوا في الدنيا والآخرة هو كقوله وأتبعناهم في الدنيا لعنة
ويوم القيامة
(6/416)
-
قوله تعالى : ولقد أتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الأولى بصائر للناس
وهدى ورحمة لعلهم يتذكرون
أخرج البزار وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما أهلك الله قوما ولا قرنا
ولا أمة ولا أهل قرية بعذاب من السماء منذ أنزل التوراة على وجه الأرض غير القرية
التي مسخت قردة
ألم تر إلى قوله ولقد آتينا موسى الكتاب من بعد ما أهلكنا القرون الاولى وأخرجه
البزار وابن جرير وابن أبي حاتم من وجه آخر عن أبي سعيد موقوفا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله بصائر للناس قال : بينة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : البصائر الهدى
بصائر ما في قلوبهم لذنوبهم
- قوله تعالى : وما كنت بجانب الغربي إذ قضينا إلى موسى الأمر وما كنت من الشاهدين
ولكنا أنشأنا قرونا فتطاول عليهم العمر وما كنت ثاويا في أهل مدين تتلو عليهم
آياتنا ولكنا كنا مرسلين
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وما كنت
بجانب الغربي قال : جانب غربي الجبل
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله وما كنت ثاويا قال : الثاوي المقيم
- قوله تعالى : وما كنت بجانب الطور إذ نادينا ولكن رحمة من ربك لتنذر قوما ما
أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يتذكرون
(6/417)
أخرج
الفريابي والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم
والبيهقي معا في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله وما كنت بجانب الطور
اذ نادينا قال : نودوا يا أمة محمد أعطيتكم قبل أن تسألوني واستجبت لكم قبل أن
تدعوني
وأخرجه ابن مردويه من وجه آخر عن أبي هريرة مرفوعا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال "
ان رب العزة نادى يا أمة محمد ان رحمتي سبقت غضبي " ثم أنزلت هذه الآية في
سورة موسى وفرعون وما كنت بجانب اذ نادينا
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل وأيو نصر السجزي في الابانة والديلمي عن
عمرو بن عبسة قال : سألت النبي صلى الله عليه و سلم عن قوله وما كنت بجانب الطور
اذ نادينا ولكن رحمة من ربك ما كان النداء ؟ وما كانت الرحمة قال " كتاب كتبه
الله قبل أن يخلق خلقه بالفي عام ثم وضعه على عرشه ثم نادى : يا أمة محمد سبقت
رحمتي غضبي أعيتكم قبل أن تسألوني وغفرت لكم قبل أن تستغفروني فمن لقيني منكم يشهد
أن لا إله إلا الله وأن محمد عبدي ورسولي صادقا أدخلته الجنة "
وأخرج الحلي في الديباج عن سهل بن سعد الساعدي مرفوعا
مثله
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته قبل أن يسألني
وذلك في قوله وما كنت بجانب الطور اذ نادينا قال : نودوا يا أمة محمد ما دعوتمونا
إلا استجبنا لكم ولا سألتمونا إلا أعطيناكم "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
" لما قرب الله موسى إلى طور سينا نجينا قال : أي رب هل أحد أكرم عليك مني ؟
قربتني نجيا وكلمتني تكليما قال : نعم
محمد أكرم علي منك
قال : فان كان محمد أكرم عليك مني فهل أمة محمد أكرم من بني اسرائيل ؟ فلقت لهم
البحر وأنجيتهم من فرعون وعمله وأطعمتهم المن والسلوى
قال : نعم
أمة محمد أكرم علي من بني اسرائيل
قال : الهي أرنيهم قال : انك لن تراهم وان شئت أسمعتك
(6/418)
صوتهم
قال : نعم
الهي فنادى ربنا : أمة محمد أجيبوا ربكم فاجابوا وهم في أصلاب آبائهم وأرحام
امهاتهم إلى يوم القيامة
فقالوا : لبيك
أنت ربنا حقا ونحن عبيدك حقا قال : صدقتم وأنا ربكم وأنتم عبيدي حقا قد غفرت لكم
قبل أن تدعوني وأعطيتكم قبل أن تسألوني فمن لقيني منكم بشهادة أن لا إله إلا الله
دخل الجنة
قال ابن عباس رضي الله عنهما : فلما بعث الله محمدا صلى الله عليه و سلم أراد أن
يمن عليه بما أعطاه وبما أعطى امته فقال : يا محمد وما كنت بجانب الطور اذ نادينا
"
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نصر السجزي في الابانة عن مقاتل وما كنت
بجانب الطور يقول : وما كنت أنت يا محمد بجانب الطور اذ نادينا أمتك وهم في أصلاب
آبائهم ان يؤمنوا بك اذا بعثت
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه وما كنت بجانب الطور اذ
نادينا قال : اذ نادينا موسى ولكن رحمة من ربك أي مما قصصنا عليك
- قوله تعالى : ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لولا أرسلت
إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين فلما جاءهم الحق من عندنا قالوا لولا
أوتي مثل ما أوتي موسى أولم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا ساحران تظاهرا
وقالوا إنا بكل كافرون قل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما أتبعه إن كنتم
صادقين فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير
هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين
أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " الهالك في الفترة يقول : رب لم يأتني كتاب ولا رسول
ثم قرأ هذه الآية ربنا لولا أرسلت الينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين
"
(6/419)
وأخرج
ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما فلما جاءهم الحق من عندنا
قالوا لولا أوتي مثل ما أوتي موسى أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قالوا ساحران
تظاهرا وقالوا انا بكل كافرون قال : هم أهل الكتاب
يقول بالكتابين التوراة والفرقان فقال الله قل فأتوا بكتاب من عند الله هو اهدى
منهما أتبعه ان كنتم صادقين
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه لولا أوتي مثل ما أوتي موسى قال : يهود تأمر قريشا ان تسأل محمدا مثل
ما أوتي موسى
من قبل يقول الله لمحمد : قل لقريش يقولون لهم أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل
قالوا ساحران تظاهرا قال : قول يهود لموسى وهارون وقالوا انا بكل كافرون قال :
يهود تكفر أيضا بما أوتي محمد
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه أو لم يكفروا بما أوتي موسى من قبل قال
: من قبل ان يبعث محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج الطبراني عن ابن الزبير رضي الله عنه انه كان يقرأ قالوا ساحران تظاهرا
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير انه كان يقرأ قالوا
ساحران تظاهرا قال : موسى وهارون
وأخرج عبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن
ابن عباس رضي الله عنهما انه قرأ ساحران تظاهرا بالالف قال : يعني موسى ومحمدا
عليهما السلام
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه انه كان يقرأ سحران تظاهرا
قال : هما كتابان
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه قالوا ساحران تظاهرا
يقول : التوراة والفرقان
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قالوا ساحران تظاهرا قال : التوراة
والفرقان حين صدق كل واحد منهما صاحبه
وأخرج ابن أبي حاتم عن عاصم الجحدري انه كان يقرأ سحران تظاهرا
(6/420)
يقول
: كتابان التوراة والفرقان : ألا تراه يقول فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال : لو كان يريد النبي صلى الله
عليه و سلم لم يقل فأتوا بكتاب من عند الله هو أهدى منهما اتبعه انما أراد
الكتابين
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي رزين رضي الله عنه انه كان
يقرأها سحران تظاهرا يقول : كتابان التوراة والانجيل
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قالوا سحران تظاهرا قال :
ذلك أعداء الله اليهود للانجيل والقرآن قال : ومن قرأها ساحران يقول : محمد وعيسى
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الكريم أبي أمية قال : سمعت عكرمة يقول سحران فذكرت ذلك
لمجاهد فقال : كذب العبد قرأتها على ابن عباس ساحران فلم يعب علي
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن مجاهد قال : سألت ابن عباس رضي الله عنهما وهو
بين الركن والباب والملتزم وهو متكىء على يدي عكرمة فقلت : أسحران تظاهرا أم
ساحران ؟ فقلت ذلك مرارا فقال عكرمة ساحران تظاهرا اذهب أيها الرجل
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه وقالوا انا بكل كافرون يقول : بالتوراة
والقرآن
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد وقالوا انا بكل كافرون قال : الذي جاء به موسى
والذي جاء به عيسى
- قوله تعالى : ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون الذين آتيناهم الكتاب من قبلهم
هم به يؤمنون وإذايتلى عليهم قالوا آمنا به إنه الحق من ربنا إنا كنا من قبله
مسلمين أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم
ينفقون وإذا سمعوا اللغو
(6/421)
أعرضوا
عنه وقالوا لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم لا نبتغي الجاهلين
أخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو القاسم البغوي في
معجمه والباوردي وابن قانع الثلاثة في معاجم الصحابة والطبراني وابن مردويه بسند
جيد عن رفاعة القرظي رضي الله عنه قال : نزلت ولقد وصلنا لهم القول لعلهم يتذكرون
إلى قوله أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا في عشرة رهط : انا أحدهم
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه ولقد وصلنا لهم قال : لقريش القول
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه ولقد وصلنا لهم القول قال : بينا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ولقد وصلنا لهم القول قال
: وصل الله لهم القول في هذا القرآن يخبرهم كيف يصنع بمن مضى وكيف صنعوا وكيف هو
صانع
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي رفاعة رضي الله عنه قال : خرج عشرة رهط من أهل
الكتاب - منهم أبو رفاعة - إلى النبي صلى الله عليه و سلم فآمنوا فاوذوا فنزلت
الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون
وأخرج البخاري في تاريخه وابن المنذر عن علي بن رفاعة رضي الله عنه قال : كان أبي
من الذين آمنوا بالنبي صلى الله عليه و سلم من أهل الكتاب وكانوا عشرة فلما جاؤا
جعل الناس يستهزئون بهم ويضحكون منهم فانزل الله أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما
صبروا
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه الذين آتيناهم الكتاب إلى قوله
لا نبتغي الجاهلين قال : في مسلمة أهل الكتاب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله الذين
آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون قال : كنا نحدث انها أنزلت في
(6/422)
أناس
من أهل الكتاب كانوا على شريعة من الحق ياخذون بها وينتهون اليها حتى بعث الله
محمدا صلى الله عليه و سلم وصبرهم على ذلك قال : وذكر لنا ان منهم سلمان وعبد الله
بن سلام
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به
يؤمنون قال : يعني من آمن بمحمد صلى الله عليه و سلم من أهل الكتاب
وأخرج ابن مردويه عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : تداولتني الموالي حتى وقعت
بيثرب فلما يكن في الأرض قوم أحب الي من النصارى ولا دين أحب الي من النصرانية لما
رأيت من اجتهادهم فبينا أنا كذلك اذ قالوا : قد بعث في العرب نبي ثم قالوا : قدم
المدينة فاتيته فجعلت أسأله عن النصارى قال : لا خير في النصارى ولا أحب النصارى
قال : فاخبرته ان صاحبي قال : لو أدركته فأمرني ان أقع النار لوقعتها قال : وكنت
قد استهترت بحب النصارى فحدثت نفسي بالهرب وقد جرد رسول الله صلى الله عليه و سلم
السيف فأتاني آت فقال : ان رسول الله صلى الله عليه و سلم يدعوك فقلت : اذهب حتى
أجيء وأنا أحدث نفسي بالهرب قال لي : لن افارقك حتى أذهب بك اليه فانطلقت به فلما
رآني قال : يا سلمان قد أنزل الله عذرك الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون
وأخرج الطبراني والخطيب في تاريخه عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال : انا رجل من
أهل رام هرمز كنا قوما مجوسا فاتانا رجل نصراني من أهل الجزيرة فنزل فينا واتخذ
فينا ديرا وكنت في كتاب في الفارسية وكان لا يزال غلام معي في الكتاب يجيء مضروبا
يبكي قد ضربه أبواه
فقلت له يوما : ما يبكيك ؟ قال : يضربني أبواي قلت : ولم يضربانك ؟ قال : آتي صاحب
هذا الدير فاذا علما ذلك ضرباني وأنت لو أتيته سمعت منه حديثا عجيبا قلت : فاذهب
بي معك فاتيناه فحدثنا عن بدء الخلق وعن بدء مغلق السموات والارض وعن الجنة والنار
فحدثنا باحاديث عجب وكنت أختلف اليه معه ففطن لنا غلمان من الكتاب فجعلوا يجيؤن
معنا
فلما رأى ذلك أهل القرية أتوه فقالوا : يا هذا انك قد جاورتنا فلم نر من جوارك إلا
الحسن وإننا لنا غلماننا يختلفون اليك ونحن نخاف ان تفسدهم علينا أخرج
(6/423)
عنا
قال : نعم
فقال لذلك الغلام كان يأتيه : اخرج معي
قال : لا أستطيع ذلك قد علمت شدة أبوي علي قلت : لكنني أخرج معك وكنت يتيما لا أب
لي فخرجت معه فاخذنا جبل رام هرمز فجعلنا نمشي ونتوكل ونأكل من ثمر الشجر حتى
قدمنا الجزيرة فقدمنا نصيبين فقال لي صاحبي : يا سلمان ان ههنا قوما عباد الأرض
وأنا أحب ان ألقاهم
فجئنا اليهم يوم الاحد وقد اجتمعوا فسلم عليهم صاحبي فحيوه وبشوا به وقالوا : أين
كان غيبتك ؟ قال كنت في إخوان لي من قبل فارس فتحدثنا ما تحدثنا ثم قال لي صاحبي :
قم يا سلمان انطلق قلت : لا دعني مع هؤلاء قال : انك لا تطيق ما يطيق هؤلاء يصومون
الاحد إلى الاحد ولا ينامون هذا الليل فاذا فيهم رجل من أبناء الملوك ترك الملك
ودخل في العبادة فكنت فيهم حتى أمسينا فجعلوا يذهبون واحدا واحدا إلى غاره الذي
يكون فيه فلما أمسينا قال ذاك الذي من أبناء الملوك هذا الغلام ما تصنعونه ؟
ليأخذه رجل منكم فقالوا : خذه أنت
فقال لي : قم يا سلمان فذهب بي حتى أتى غاره الذي يكون فيه فقال لي : يا سلمان هذا
خبز وهذا أدم فكل اذ غرثت وصم اذا نشطت وصل ما بدا لك ونم اذا كسلت ثم قام في
صلاته فلم يكلمني ولم ينظر الي فأخذني الغم تلك السبعة الايام لا يكلمني أحد حتى
كان الاحد فانصرف الي فهبت إلى مكانها الي كانوا يجتمعون وهم يجتمعون كل أحد يفطرون
فيه فيلقى بعضهم بعضا فيسلم بعضهم على بعض ثم لا يلتقون إلى مثله
فرجعت إلى منزلنا فقال لي : مثل ما قال لي أول مرة : هذا خبز وخذا أدم فكل منه اذا
غرثت وصم اذا نشطت وصل ما بدا لك ونم اذا كسلت ثم دخل في صلاته فلم يلتفت الي ولم
يكلمني إلى الاحد الآخر فاخذني غم وحدثت نفسي بالفرار فقلت : اصبر أحدين أو ثلاثة
فلما كان الاحد رجعنا اليهم فافطروا واجتمعوا فقال لهم : اني أريد بيت المقدس
فقالوا له : وما تريد إلى ذاك ؟ قال : لا عهد به قالوا : انا نخاف ان يحدث بك حدث
فيليك غيرنا وكنا نحب ان نليك قال : لا عهد به
(6/424)
فلما
سمعته يذكر ذاك فرحت قلت : نسافر ونلقى الناس فيذهب عني الغم الذي كنت أجد فخرجت
أنا وهو وكان يصوم من الاحد إلى الاحد ويصلي الليل كله ويمشي بالنهار فاذا نزلنا
قام يصلي
فلم يزل ذاك دأبه حتى نزلنا بيت المقدس وعلى الباب رجل مقعد يسأل الناس فقال : اعطني
فقال : ما معي شيء فدخلنا بيت المقدس فلما رآه أهل بيت المقدس بشوا به واستبشروا
به فقال لهم : غلامي هذا فاستوصوا به فانطلقوا بي فاطعموني خبزا ولحما ودخل في
الصلاة فلم ينصرف الي حتى كان يوم الاحد الآخر ثم انصرف فقال لي : يا سلمان اني
أريد أن أضع رأسي فاذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فايقظني
فبلغ الظل الذي قال فلم أوقظه رحمة له مما رأيت من اجتهاده ونصبه فاستيقظ مذعورا
فقال : يا سلمان ألم أكن قلت لك اذا بلغ الظل مكان كذا وكذا فايقظني ؟ قلت : بلى
ولكن انما منعني رحمة لك لما رأيت من دأبك قال : ويحك يا سلمان
! اني أكره ان يفوتني شيء من الدهر لم أعمل فيه لله خيرا
ثم قال لي : يا سلمان أعلم أن أفضل ديننا اليوم النصرانية
قلت : ويكون بعد اليوم دين أفضل من النصرانية ؟ كلمة ألقيت على لساني
قال : نعم
يوشك ان يبعث نبي يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة وبين كتفيه خاتم النبوة فاذا أدركته
فاتبعه وصدقة قلت : وان أمرني ان أدع النصرانية ؟ قال : نعم
فانه نبي الله لا يأمر إلا بالحق ولا يقول إلا حقا والله لو أدركته ثم أمرني ان
أقع في النار لوقعتها
ثم خرجنا من بيت المقدس فمررنا على ذلك المقعد فقال له : دخلت فلم تعطني وهذا تخرج
فاعطني
فالتفت فلم ير حوله أحدا قال : فاعطني يدك فاخذ بيده فقال : قم باذن الله
فقام صحيحا سويا فتوجه نحو أهله فاتبعته بصري تعجبا مما رأيت وخرج صاحبي فأسرع
المشي وتبعته فتلقاني رفقة من كلب اعراب فسبوني فحملوني على بعير وشدوني وثاقا
فتداولني البياع حتى سقطت إلى المدينة فاشتراني رجل من الانصار فجعلني في حائط له
من نخل فكنت فيه ومن ثم تعلمت الخوص أشترى خوصا بدرهم فاعلمه فابيعه بدرهمين فارد
درهما إلى الخوص واستنفق درهما أحب ان آكل من عمل يدي فبلغنا ونحن بالمدينة ان
رجلا خرج بمكة يزعم ان الله أرسله فمكثنا ما شاء الله أن نمكث فهاجر الينا
(6/425)
وقدم
علينا فقلت : والله لاجربنه إلى السوق فاشتريت لحم جزور ثم طحنته فجعلت قصعة من
ثريد فاحتملتها حتى أتيته بها على عاتقي حتى وضعتها بين يديه فقال : ما هذه
أصدقة ام هدية ؟ قلت : بل صدقة فقال لاصحابه : كلوا بسم الله
وأمسك ولم يأكل فمكث أيام ثم اشتريت لحما أيضا بدرهم فاصنع مثلها فاحتملها حتى
أتيته بها فوضعتها بين يديه فقال : ما هذه
صدقة أم هدية ؟ فقلت : بل هدية
فقال لاصحابه : كلوا بسم الله وأكل معهم
قلت : هذا - والله - يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة فرأيت بين كتفيه خاتم النبوة مثل
بيضة الحمامة فاسلمت
فقلت له ذات يوم : يا رسول الله أي قوم النصارى ؟ قال : لا خير فيهم ولا فيمن
يحبهم قلت في نفسي : أنا - والله - أحبهم
قال : وذاك حين بعث السرايا وجرد السيف
فسرية تخرج وسرية تدخل والسيف يقطر قلت : يحدث بي الآن اني أحبهم فيبعث الي فيضرب
عنقي فقعدت في البيت فجاءني الرسول ذات يوم فقال : يا سلمان أجب رسول الله قلت :
هذا - والله - الذي كنت أحذر قلت : نعم
اذهب حتى ألحقك قال : لا والله حتى تجيء وأنا أحدث نفسي ان لو ذهب فافر
فانطلق بي حتى انتهيت اليه فلما رآني تبسم وقال لي : يا سلمان ابشر فقد فرج الله
عنك ثم تلا علىهؤلاء الآيات الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون إلى قوله
لا نبتغي الجاهلين قلت : يا رسول الله - والذي بعثك بالحق - سمعته يقول : لو
أدركته فامرني ان أقع في النار لوقعتها انه نبي لا يقول إلا حقا ولا يأمر إلا
بالحق
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون
قال : نزلت في عبد الله بن سلام لما أسلم احب ان يخبر النبي صلى الله عليه و سلم
بعظمته في اليهود ومنزلته فيهم وقد ستر بينه وبينهم سترا فكلمهم ودعاهم فابوا فقال
: أخبروني عن عبد الله بن سلام كيف هو فيكم ؟ قالوا : ذاك سيدنا وأعلمنا قال :
أرأيتم ان آمن بي وصدقني أتؤمنون بي وتصدقوني ؟ قالوا : لا يفعل ذاك
هو أفقه فينا من أن يدع دينه ويتبعك قال أرأيتم ان فعل ؟ قالوا : لا يفعل قال :
(6/426)
أرأيتم
ان افعل ؟ قالوا اذا نفعل
قال : أخرج يا عبد الله بن سلام فخرج فقال : أبسط يدك أشهد أن لا إله إلا الله
وانك رسول الله فبايعه فوقعوا به وشتموه وقالوا : والله ما فينا أحد أقل علما منه
ولا أجهل بكتاب الله منه قال : ألم تثنوا عليه آنفا ؟ قالوا : انا استحينا أن تقول
اغتبتم صاحبكم من خلفه
فجعلوه يشتمونه فقام اليه أمين بن يامين فقال : أشهد ان عبد الله بن سلام صادق
فابسط يدك فبايعه فانزل الله فيهم الذين آتيناهم الكتاب من قبله هم به يؤمنون واذا
يتلى عليهم قالوا آمنا به انه الحق من ربنا انا كنا من قبله مسلمين يعني إبراهيم
واسمعيل وموسى وعيسى وتلك الامم وكانوا على دين محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنيس رضي الله عنه في قوله أولئك يؤتون اجرهم
مرتين بما صبروا قال : هؤلاء قوم كانوا في زمان الفترة متمسكين بالاسلام مقيمين
عليه صابرين على ما اوذوا حتى أدرك رجال منهم النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لما أتى جعفر وأصحابه
النجاشي أنزلهم واحسن اليهم فلما ارادوا ان يرجعوا قال من آمن من أهل مملكته :
ائذن لنا فلنصحب هؤلاء في البحر ونأتي هذا النبي فنحدث به عهدا فانطلقوا فقدموا
على رسول الله صلى الله عليه و سلم فشهدوا معه أحدا وخيبر ولم يصب أحد منهم فقالوا
للنبي صلى الله عليه و سلم : ائذن لنا فلنأت أرضنا فان لنا أموالا فنجيء بها
فنفقها على المهاجرين فإنا نرى بهم جهدا فأذن لهم فانطلقوا فجاؤا بأموالهم
فأنفقوها على المهاجرين فانزلت فيهم الآية أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا
ويدرؤن بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون
وأخرج ابن ابن أبي شيبه وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال : ان قوما من
المشركين أسلموا فكانوا يؤذونهم فنزلت هذه الآية فيهم أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما
صبروا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه واذا سمعوا اللغو أعرضوا
عنه
قال : أناس من أهل الكتاب أسلموا فكان أناس من اليهود اذا مروا عليهم سبوهم فأنزل
الله هذه الآية فيهم
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه سلام عليكم لا نبتغي
(6/427)
الجاهلين
قال : لا يجاورون أهل الجهل والباطل في باطلهم أتاهم من الله ما وقذهم عن ذلك
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن مردويه والبيهقي عن
أبي موسى الاشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين
رجل من أهل الكتاب آمن بالكتاب الاول والكتاب الآخر
ورجل كانت له أمة فادبها وأحسن تاديبها ثم أعتقها وتزوجها
وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده "
وأخرج أحمد والطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " من أسلم من أهل الكتاب فله أجره مرتين "
- قوله تعالى : إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين
أخرج عبد بن حميد ومسلم والترمذي وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : لما حضرت وفاة أبي طالب أتاه النبي صلى الله عليه
و سلم فقال " يا عماه قل لا إله إلا الله أشهد لك بها عند الله يوم القيامة
فقال : لولا أن تعيرني قريش يقولون : ما حمله عليها إلا جزعة من الموت لأقررت بها
عينك " فأنزل الله عليك انك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو
أعلم بالمهتدين
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي عن ابن المسيب نحوه وتقدم في سورة براءة
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله انك لا تهدي من أحببت قال :
نزلت هذه الآية في أبي طالب
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وأبو داود في القدر والنسائي وابن المنذر وابن
مردويه عن أبي سعيد بن رافع قال : قلت لابن عمر انك لا تهدي من أحببت أفي أبي طالب
نزلت ؟ قال : نعم
(6/428)
وأخرج
ابن عساكر عن أبي سعيد بن رافع قال : سألت ابن عمر رضي الله عنهما انك لا تهدي من
أحببت أفي أبي جهل وأبي طالب ؟ قال : نعم
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله انك لا تهدي من أحببت قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم
لأبي طالب : قل كلمة الاخلاص أجادل عنك بها يوم القيامة قال : يا ابن أخي ملة
الاشياخ وهو أعلم بالمهتدين قال : ممن قدر الهدى والضلالة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه انك لا تهدي من أحببت قال : ذكر لنا انها
نزلت في أبي طالب عم رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : التمس منه عند موته أن
يقول لا إله إلا الله كيما تحل له الشفاعة فابى عليه
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه انك لا تهدي من أحببت يعني أبا طالب
ولكن الله يهدي من يشاء قال : العباس
وأخرج أبو سهل السري بن سهل الجند يسابوري في الخامس من حديثه من طريق عبد القدوس
عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله انك لا تهدي من أحببت ولكن الله
يهدي من يشاء قال : نزلت في أبي طالب
ألح عليه النبي صلى الله عليه و سلم أن يسلم فأبى
فانزل الله انك لا تهدي من أحببت أي لا تقدر تلزمه الهدى وهو كاره له انما أنت
نذير ولكن الله يهدي من يشاء للايمان
وأخرج أيضا من طريق عبد القدوس عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله انك لا
تهدي من أحببت قال : نزلت في أبي طالب عند موته والنبي صلى الله عليه و سلم عند
رأسه وهو يقول : يا عم قل لا إله إلا الله أشفع لك بها يوم القيامة
قال أبو طالب : لا
يعيرني نساء قريش بعدي اني جزعت عند موتي فانزل الله انك لا تهدي من أحببت يعني لا
تقدر ان تلزمه الهدى وهو يهوى الشرك ولا تقدر تدخله لفعل وليس بفاعل حتى يكون ذلك
منه
فاخبر الله بقدرته وهو كقوله لعلك باخع نفسك أن لا يكونوا مؤمنين ان نشأ ننزل
عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين الشعراء الآية 3 فاخبر بقدرته أنه لا
يعجزه شيء
وأخرج العقيلي وابن عدي وابن مردويه والديلمي وابن عساكر وابن النجار عن
(6/429)
عمر
بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " بعثت
داعيا ومبلغا وليس الي من الهدى شيء وخلق ابليس مزينا وليس اليه من الضلالة شيء
"
- قوله تعالى : وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا أولم نمكن لهم حرما آمنا
يجبي إليه ثمرات كل شيء رزقا من لدنا ولكن أكثرهم لا يعلمون وكم أهلكنا من قرية
بطرت معيشتها فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا وكنا نحن الوارثين وما كان
ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا وما كنا مهلكي القرى إلا
وأهلها ظالمون وما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وزينتها وما عند الله خير
وأبقى أفلا تعقلون
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما : ان ناسا من
قريش قالوا للنبي صلى الله عليه و سلم : ان نتبعك يتخطفنا الناس فأنزل الله تعالى
وقالوا ان نتبع الهدى معك
الآية
وأخرج النسائي وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما : ان الحارث بن عامر بن
نوفل الذي قال : أن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله أو لم نمكن لهم
حرما آمنا قال : كان أهل الحرم آمنين يذهبون حيث شاءوا فاذا خرج أحدهم قال : أنا
من أهل الحرم لم يعرض له أحد وكان غيرهم من الناس اذا خرج أحدهم قتل وسلب
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله أولم نمكن لهم حرما آمنا قال : أو
لم يكونوا آمنين في حرمهم لا يغزون فيه ولا يخافون
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله نتخطف قال : كان بعضهم يغير
على بعض
(6/430)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله يجبى
إليه ثمرات كل شيء قال : ثمرات الأرض
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في
أمها رسولا قال : في أوائلها
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه وما كان ربك مهلك القرى
حتى يبعث في امها رسولا قال : أم القرى : مكة
بعث الله اليهم رسولا محمدا صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وما كنا مهلكي
القرى إلا وأهلها ظالمون قال : قال الله لم نهلك قرية بايمان ولكنه أهلك القرى
بظلم اذا ظلم أهلها ولو كانت مكة آمنوا لم يهلكوا مع من هلك ولكنهم كذبوا وظلموا
فبذلك هلكوا
- قوله تعالى : أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه متاع الحياة الدنيا ثم
هو يوم القيامة من المحضرين
أخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه كمن
متعناه متاع الحياة الدنيا قال : نزلت في النبي صلى الله عليه و سلم وفي أبي جهل
وأخرج ابن جرير من وجه آخر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله أفمن وعدناه
الآية
قال : نزلت في حمزة وأبي جهل
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لا
قيه قال : حمزة بن عبد المطلب كمن متعناه متاع الحياة الدنيا قال : أبو جهل بن
هشام
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو
لاقيه قال : هو المؤمن
سمع كتاب الله فصدق بهن وآمن بما وعد فيه من الخير والجنة كمن متعناه متاع الحياة
والدنيا قال : هو الكافر
ليس كالمؤمن ثم هو يوم القيامة من المحضرين قال : من المحضرين في عذاب الله
(6/431)
وأخرج
ابن أبي شيبه وابن أبي حاتم عن مسروق رضي الله عنه انه قرأ هذه الآية أفمن وعدناه
وعدا حسنا فهو لاقيها
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله من المحضرين قال : أهل النار أحضروها
وأخرج البخاري في تاريخه عن عطاء بن السائب قال : كان ميمون بن مهران اذا قدم ينزل
على سالم البراد فقدم قدمة فلم يلقه فقالت له امرأته : ان أخاك قرأ أفمن وعدناه
وعدا حسنا فهو لاقيه كمن متعناه قالت : فشغل
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : من استطاع منكم ان يضع كنزه
حيث لا يأكله السوس فليفعل
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب رضي الله عنه قال : مكتوب في التوراة
ابن آدم ضع كنزك عندي فلا غرق ولا حرق أدفعه اليك افقر ما تكون اليه يوم القيامة
وأخرج مسلم والبيهقي في الاسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : " يقول الله عز و جل يا ابن آدم مرضت فلم تعدني
فيقول : رب كيف أعودك وأنت رب العالمين ؟ فيقول : أما علمت ان عبدي فلانا مرض فلم
تعده أما علمت انك لو عدته لوجدتني عنده ويقول : يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني
فيقول : أي رب كيف أسقيك وأنت رب العالمين ؟ فيقول تبارك وتعالى : اما علمت ان
عبدي فلانا استسقاك فلم تسقه أما علمت انك لو سقيته لوجدت ذلك عندي
قال : ويقول : يا ابن آدم استطعمتك فلم تطعمني : فيقول : أي رب وكيف أطعمك وأنت رب
العالمين ؟ فيقول : أما علمت ان عبدي فلانا استطعمك فلم تطعمه أما انك لو أطعمته
لوجدت ذلك عندي "
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن عبد الله بن عبيد بن عمير رضي الله عنه
قال : " يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا وأعطش ما كانوا وأعرى ما كانوا
فمن أطعم لله عز و جل أطعمه الله ومن كسا لله عز و جل كساه الله ومن سقى لله عز و
جل سقاه الله ومن كان في رضا الله كان الله على رضاه أقدر "
(6/432)
-
قوله تعالى : ويوم يناديهم فيقول أين شركائي الذين كنتم تزعمون قال الذين حق عليهم
القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرأنا إليك ما كانوا إيانا
يعبدون وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا
يهتدون
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ويوم يناديهم
فيقول اين شركائي الذين كنتم تزعمون قال : هؤلاء بنو آدم قال الذين حق عليهم القول
قال : هم الجن ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم
الآية
وقيل لبني آدم ادعو شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ولم يردوا عليهم خيرا
- قوله تعالى : ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين فعميت عليهم الأنباء يومئذ
فهم لا يتساءلون فأما من تاب وآمن وعمل صالحا فعسى أن يكون من المفلحين
أخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد والنسائي والطبراني وابن مردويه عن ابن
مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ما من أحد إلا
سيخلو الله به كما يخلوا أحدكم بالقمر ليلة البدر فيقول : يا ابن آدم ما غرك بي يا
ابن آدم ماذا عملت فيما عملت ؟ يا ابن آدم ماذا أجبت المرسلين ؟ "
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه
فعميت عليهم الأنباء قال : الحجج يومئذ فهم لا يتساءلون قال : بالأنساب
- قوله تعالى : وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما
يشركون وربك يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وهو الله لا إله إلا هو له الحمد في
الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون
(6/433)
أخرج
ابن أبي حاتم عن أرطاة قال : ذكرت لأبي عون الحمصي شيئا من قول القدر فقال : ما
تقرأون كتاب الله تعالى وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة ؟
وأخرج البخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن مردويه والبيهقي عن
جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعلمنا
الاستخارة في الامر كما يعلمنا السورة من القرآن
يقول : " اذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل : اللهم
اني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فانك تقدر ولا أقدر
وتعلم ولا أعلم وانت علام الغيوب
اللهم ان كنت تعلم ان هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وعاجل أمري
وآجله فاقدره لي ويسره لي
وان كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في دينين ومعاشي وعاقبة أمري وعاجل أمري وآجله
فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان وأرضني به
ويسمى حاجته باسمها "
- قوله تعالى : قل أرأيتم إن جعل الله عليكم الليل سرمدا إلى يوم القيامة من إله
غير الله يأتيكم بضياء أفلا تسمعون قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار سرمدا إلى
يوم القيامة من إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه أفلا تبصرون ومن رحمته جعل
لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون ويوم يناديهم فيقول
أين شركائي الذين كنتم تزعمون ونزعنا من كل أمة شهيدا فقلنا هاتوا برهانكم فعلموا
أن الحق لله وضل عنهم ما كانوا يفترون
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ان جعل الله
عليكم الليل سرمدا قال : دائما
(6/434)
وأخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله
سرمدا قال : دائما لا ينقطع
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله سرمدا إلى يوم القيامة قال :
دائما من إله غير الله يأتيكم بضياء قال : بنهار
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ومن رحمته جعل لكم الليل لتسكنوا فيه قال : في الليل
ولتبتغوا من فضله قال : في النهار
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله ونزعنا من كل أمة شهيدا قال : رسولا فقلنا هاتوا برهانكم قال
: هاتوا حجتكم بما كنتم تعبدون وتقولون
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ونزعنا من كل أمة شهيدا
قال : شهيدها : نبيها
ليشهد عليها انه قد بلغ رسالات ربه فقلنا هاتوا برهانكم قال : بينتكم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما وضل عنهم في القيامة ما كانوا
يفترون يكذبون في الدنيا
- قوله تعالى : إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وأتيناه من الكنوز ما إن
مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة إذ قال له قومه لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين
وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا وأحسن كما أحسن الله
إليك ولا تبغ الفساد في الأرض إن الله لا يحب المفسدين قال إنما أوتيته على علم
عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثرجمعا
ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا
ياليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم وقال الذين أوتوا
(6/435)
العلم
ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا ولا يلقاها إلا الصابرون فخسفنا به وبداره
الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين وأصبح الذين
تمنوا مكانه بالأمس يقولون ويكأن الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر لولا أن
من الله علينا لخسف بنا ويكأنه لا يفلح الكافرون
أخرج ابن أبي شيبه في المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه
عن ابن عباس رضي الله عنهما أن قارون كان من قوم موسى قال : كان ابن عمه وكان
يبتغي العلم حتى جمع علما فلم يزل في أمره ذلك حتى بغى على موسى حسده
فقال له موسى عليه السلام : ان الله أمرني أن آخذ الزكاة فأبى فقال : ان موسى عليه
السلام يريد أن يأكل أموالكم
جاءكم بالصلاة وجاءكم بأشياء فاحتملتموها فتحملوه أن تعطوه ؟ قالوا : لا نحتمل فما
ترى فقال لهم : أرى أن أرسل إلى بغي من بغايا بني اسرائيل فنرسلها اليه فترميه
بانه أرادها على نفسها
فارسلوا اليها فقالوا لها : نعطيك حكمك على أن تشهدي على موسى أنه فجر بك
قالت : نعم
فجاء قارون إلى موسى عليه السلام قال : اجمع بني اسرائيل فأخبرهم بما أمرك ربك قال
: نعم
فجمعهم فقالوا له : بم أمرك ربك ؟ قال : أمرني أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا
وأن تصلوا الرحم وكذا وكذا وقد أمرني في الزاني اذا زنى وقد أحصن أن يرجم
قالوا : وان كنت أنت قال : نعم
قالوا : فانك قد زنيت قال : أنا
فأرسلوا إلى المرأة فجاءت فقالوا : ما تشهدين على موسى ؟ فقال لها موسى عليه
السلام : أنشدك بالله إلا ما صدقت قالت : أما اذ نشدتني بالله فانهم دعوني وجعلوا
لي جعلا على أن أقذفك بنفسي وأنا أشهد أنك بريء وأنك رسول الله فخر موسى عليه
السلام ساجدا يبكي فأوحى الله اليه : ما يبكيك ؟ وأنك رسول الله فخر موسى عليه
السلام ساجدا يبكي فأوحى الله اليه : ما يبكيك ؟ قد سلطناك على الأرض فمرها فتطيعك
(6/436)
فرفع
رأسه فقال : خذيهم فاخذتهم إلى أعقابهم فجعلوا يقولون : يا موسى
يا موسى
فقال : خذيهم إلى أعناقهم فجعلوا يقولون : يا موسى
يا موسى
فقال : خذيهم فغيبتهم فأوحى الله يا موسى : سألك عبادي وتضرعوا اليك فلم تجبهم
وعزتي لو أنهم دعوني لأجبتهم
قال ابن عباس : وذلك قوله تعالى فخسفنا به وبداره الأرض وخسف به إلى الأرض السفلى
وأخرج الفريابي عن إبراهيم رضي الله عنه قال : كان قارون ابن عم موسى
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ان قارون كان من قوم موسى قال
: كان ابن عمه أخي أبي قارون بن مصر بن فاهث أو قاهث وموسى بن عرموم بن فاهث أو
قاهث وعرموم بالعربية عمران
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله قال : كان قارون ابن عم موسى
أخي أبيه وكان قطع البحر مع بني اسرائيل وكان يسمى النور من حسن صوته بالتوراة
ولكن عدو الله نافق كما نافق السامري فأهلكه الله ببغيه
وإنما بغى لكثرة ماله وولده
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله فبغى عليهم قال : فعلا عليهم
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب رضي
الله عنه في قوله ان قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم قال : زاد عليهم في طول
ثيابه شبرا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله وآتيناه من الكنوز قال : أصاب
كنزا من كنوز يوسف
وأخرج ابن أبي حاتم عن الوليد بن زوران رضي الله عنه في قوله وآتيناه من الكنوز
قال : أصاب كنزا من كنوز يوسف
وأخرج ابن أبي حاتم عن الوليد بن زوران رضي الله عنه في قوله وآتيناه من الكنوز
قال : كان قارون يعلم الكيمياء
وأخرج ابن مردويه عن سلمان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" كانت أرض دار قارون من فضة وأساسها من ذهب "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن خيثمة رضي الله عنه قال : وجدت في الإنجيل أن
مفاتيح خزائن قارون كانت وقر ستين بغلا غرا محجلة ما يزيد منها مفتاح على أصبع لكل
مفتاح كنز
(6/437)
وأخرج
الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن خيثمة رضي الله
عنه قال : كانت مفاتيح كنوز قارون من جلود كل مفتاح على خزانة على حدة فاذا ركب
حملت المفاتيح على سبعين بغلا أغر محجلا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : كانت
المفاتيح من جلود الإبل
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله لتنوء بالعصبة
يقول : لا يرفعها العصبة من الرجال أولي القوة
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الازرق سأله عن
قوله لتنوء بالعصبة قال : لتثقل قال : وهل تعرف العرب ذلك
قال : نعم
أما سمعت قول امرىء القيس اذ يقول : تمشي فتثقلها عجيزتها مشي الضعيف ينوء بالوسق
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه قال العصبة ما بين العشرة إلى الخمسة عشر و أولو القوة خمسة عشر
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الكلبي قال العصبة ما بين الخمس عشرة إلى
الاربعين
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال العصبة اربعون رجلا
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال : كنا نحدث أن العصبة ما فوق العشرة
إلى الأربعين
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح مولى أم هانىء قال العصبة سبعون رجلا
قال : وكانت خزانته تحمل على أربعين بغلا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله إذ قال له قومه لا تفرح قال :
هم المؤمنون منهم قالوا : يا قارون لا تفرح بما أوليت فتبطر
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله ان الله لا يحب الفرحين قال : المرحين الأشرين البطرين الذين
لا يشكرون الله على ما أعطاهم
(6/438)
وأخرج
الحاكم وصححه والطبراني وأبو نعيم والبيهقي في الشعب والخرائطي في اعتلال القلوب
عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ان
الله يحب كل قلب حزين "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الايمان وقال : هذا متن منكر عن أبي ذر رضي
الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " زر القبور تذكر بها
الآخرة واغسل الموتى فان معالجة جسد خاو موعظة بليغة وصل على الجنائز لعل ذلك
يحزنك فان الحزين في ظل الله يوم القيامة "
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ان الله لا يحب الفرحين قال :
الفرح هنا البغي
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ان الله لا يحب الفرحين قال :
ان الله لا يحب بطرا وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة قال : تصدق وتقرب إلى الله
تعالى وصل الرحم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ان الله لا
يحب الفرحين قال : المرحين
وفي قوله وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا يقول : لا
تترك أن تعمل لله في الدنيا
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله و لا
تنس نصيبك من الدنيا قال : أن تعمل فيها لآخرتك
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله ولا تنس نصيبك من الدنيا قال : العمل بطاعة الله نصيبه من الدنيا
الذي يثاب عليه في الآخرة
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ولا تنس
نصيبك قال : قدم الفضل وأمسك ما يبلغك - وفي لفظ - قال : امسك قوت سنة وتصدق بما
بقي
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ولا تنس نصيبك من الدنيا قال : أن تأخذ
من الدنيا ما أحل الله لك فان لك فيه غنى وكفاية
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن منصور رضي الله عنه في قوله ولا
(6/439)
تنس
نصيبك من الدنيا قال : ليس هو عرض من عرض الدنيا ولكن هو نصيبك عمرك ان تقدم فيه
لآخرتك
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله قال إنما أوتيته
على علم عندي يقول على خير عندي وعلم عندي
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله إنما أوتيته على علم عندي يقول
: علم الله أني أهل لذلك
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
في قوله ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون قال : المشركون
لا يسألون عن ذنوبهم ولا يحاسبون لدخول النار بغير حساب
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ولا يسأل عن ذنوبهم
المجرمون قال : كقوله يعرف المجرمون بسيماهم الرحمن الآية 41 سود الوجوه زرق
العيون الملائكة لا تسأل عنهم قد عرفتهم
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله فخرج على قومه في زينته قال : خرج على براذين بيض عليها سرج من أرجوان وعليها
ثياب معصفرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله فخرج على قومه في زينته قال : في
ثوبين أحمرين
وأخرج عبد بن حميد عن أبي الزبير رضي الله عنه قال : خرج قارون على قومه في ثوبين
بغير عصفر كالقرمز
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه في
قوله فخرج على قومه في زينته قال : في ثياب صفر وحمر
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله فخرج على قومه في زينته
قال : خرج في سبعين ألفا عليهم المعصفرات وكان ذلك أول يوم في الأرض رؤيت
المعصفرات فيها
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله فخرج على قومه في
زينته قال : في حشمه
وذكر لنا أنهم خرجوا على أربعة الآف دابة
(6/440)
عليهم
ثياب حمر منها ألف بغلة بيضاء وعلى دوابهم قطائف الارجوان
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله فخرج على قومه
في زينته قال : خرج على بغلة شهباء عليها الارجوان وعليها ثلاثمائة جارية على بغال
شهب عليهن ثياب حمر
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله فخرج على قومه في زينته قال :
خرج في جوار بيض على سروج من ذهب على قطف أرجوان وهن على بغال بيض عليهن ثياب حمر
وحلى ذهب
وأخرج ابن مردويه عن أوس بن أوس الثقفي عن النبي صلى الله عليه و سلم فخرج على
قومه في زينته قال " في أربعة آلاف بغل يعني عليه البزيون "
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبدة بن أبي لبابة رضي الله عنه قال : أول من صبغ بالسواد
قارون
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله قال
الذين يريدون الحياة الدنيا قال : أناس من أهل التوحيد قالوا : يا ليت لنا مثل ما
أوتي قارون وفي قوله ولا يلقاها إلا الصابرون يعني لا يلقى ثواب الله والصواب من
القول
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله انه لذو حظ عظيم قال : ذو جد
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن عبد الله بن الحرث رضي الله عنه
وهو ابن نوفل الهاشمي قال : بلغنا أن قارون أوتي من الكنوز والمال حتىجعل باب داره
من ذهب وجعل داره كلها من صفائح الذهب وكان الملا من بني اسرائيل يغدون اليه
ويروحون يطعمهم الطعام ويتحدثون عنده وكان مؤذيا لموسى عليه الصلاة و السلام فلم
تدعه القسوة والهوى حتى أرسل إلى امرأة من بني اسرائيل مذكورة بالجمال كانت تذكر
بريبة فقال لها : هل لك أن أمولك وأعطيك وأخلطك بنسائي على أن تأتين والملا من بني
اسرائيل عندي فتقولين : يا قارون ألا تنهي موسى عني ؟ فقالت : بلى
فلما جاء أصحابه واجتمعوا عنده دعا بها فقامت على رؤوسهم فقلب الله قلبها ورزقها
التوبة فقالت : ما أجد اليوم توبة أفضل من أن
(6/441)
أكذب
عدو الله وأبرىء رسول الله عليه فقالت : ان قارون بعث الي فقال : هل لك أن أمولك
وأعطيك وأخلطك بنسائي على أن تأتيني والملأ من بني اسرائيل عندي وتقولين : يا
قارون ألا تنهي موسى عني فاني لم أجد اليوم توبة أفضل من أن أكذب عدو الله وأبريء
رسول الله صلى الله عليه و سلم فنكس قارون رأسه وعرف انه قد هلك
وفشا الحديث في الناس حتى بلغ موسى عليه السلام وكان موسى عليه السلام شديد الغضب
فلما بلغه توضأ ثم صلى وسجد وبكى وقال : يا رب
عدوك قارون كان لي مؤذيا فذكر أشياء ثم لن يناه ؟ حتى أراد فضيحتي
يا رب سلطني عليه
فأوحى الله اليه : ان مر الأرض بما شئت تطعك
فجاء موسى إلى قارون فلما رآه قارون عرف الغضب في وجهه فقال : يا موسى ارحمني فقال
موسى عليه السلام : يا أرض خذيهم فاضطربت داره وخسف به وبأصحابه حتى تغيبت أقدامهم
وساخت دارهم على قدر ذلك فقال قارون : يا موسى ارحمني فقال : يا أرض خذيهم فخسف به
وبداره وبأصحابه فلما خسف به قيل له : " يا موسى ما أفظك أما وعزتي لو إياي
دعا لرحمته " وقال أبو عمران الجوني : فقيل لموسى : لا أعبد الأرض بعدك أحدا
وأخرج الفريابي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله فخسفنا به وبداره الأرض قال :
خسف به إلى الأرض السفلى
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق قتادة عن أبي ميمون عن سمرة بن جندب قال : يخسف بقارون
وقومه في كل يوم قدر قامة فلا يبلغ الأرض السفلى إلى يوم القيامة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا انه يخسف به كل يوم قامة
وانه يتجلجل فيها لا يبلغ قعرها إلى يوم القيامة
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه
مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : ان الله أمر الأرض ان تطيعه ساعة
(6/442)
وأخرج
عبد بن حميد عن مالك بن دينار رضي الله عنه : ان قارون يخسف به كل يوم قامة
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما خسف بقارون فهو يذهب وموسى
قريب منه قال : يا موسى ادع ربك يرحمني
فلم يجبه موسى حتى ذهب
فأوحى الله اليه " استغاث بك فلم تغثه وعزتي وجلالي لو قال : يا رب لرحمته
"
وأخرج أحمد في الزهد عن عون بن عبد الله القاري عامل عمر بن عبد العزيز على ديوان
فلسطين انه بلغه : ان الله عز و جل أمر الأرض ان تطيع موسى عليه السلام في قارون
فلما لقيه موسى قال للأرض : أطيعيني فأخذته إلى الركبتين ثم قال : أطيعيني فوارته
في جوفها فأوحى الله اليه " يا موسى ما أشد قلبك وعزتي وجلالي لو بي استغاث
لأغثته " قال : رب غضبا لك فعلت
وأخرج عبد بن حميد ابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله فما
كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين قال : ما كانت عنده منعة
يمتنع بها من الله تعالى
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
ويكأن الله يقول : أو لا يعلم ان الله يبسط الرزق وفي قوله ويكأنه لا يفلح
الكافرون يقول : أو لا يعلم انه لا يفلح الكافرون والله أعلم
- قوله تعالى : تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا
والعاقبة للمتقين من جاء بالحسنة فله خير منها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى الذين
عملوا السيئات إلا ما كانوا يعملون
أخرج المحاملي والديلمي في مسند الفردوس عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله
صلى الله عليه و سلم في قوله وتلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في
الرض ولا فسادا قال : التجبر في الأرض والآخذ بغير الحق
(6/443)
وأخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مسلم البطين رضي الله عنه في
قوله للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا قال : العلو التكبر في الأرض بغير
الحق
والفساد الأخذ بغير الحق
وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في
قوله لا يريدون علوا في الأرض قال : بغيا
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله للذين لا يريدون علوا في الأرض
قال : تعظما وتجبرا ولا فسادا قال : بالمعاصي
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله تلك الدار الآخرة
قال : نجعل الدار الآخرة للذين لا يريدون علوا في الأرض قال : التكبر وطلب الشرف
والمنزلة عند سلاطينها وملوكها ولا فسادا قال : لا يعملون بمعاصي الله ولا يأخذون
المال بغير حقه والعاقبة للمتقين قال : الجنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله لا يريدون علوا في الأرض قال :
الشرف والعز عند ذوي سلطانهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي معاوية الاسود في قوله لا يريدون علوا في الأرض ولا
فسادا قال : لم ينازعوا أهلها في عزها ولا يجزعوا من ذلها
وأخرج ابن أبي شيبه ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب رضي
الله عنه قال : ان الرجل ليحب ان يكون شسع نعله أفضل من شسع نعل صاحبه فيدخل في
هذه الآية تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا
وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
أنه كان يمشي في الأسواق وحده وهو وال يرشد الضال ويعين الضعيف ويمر بالبقال
والبيع فيفتح عليه القرآن ويقرأ تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في
الأرض ولا فسادا ويقول : نزلت هذه الآية في أهل العدل والتواضع في الولاة وأهل
القدرة من سائر الناس
(6/444)
وأخرج
ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما
نحوه
وأخرج ابن مردويه عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : لما دخل على النبي صلى الله
عليه و سلم ألقى اليه وسادة فجلس على الأرض فقال : اشهد أنك لا تبتغي في الأرض ولا
فسادا
فاسلم
- قوله تعالى : إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى
ومن هو في ضلال مبين وما كنت ترجوا أن يلقى إليك الكتاب إلا رحمة من ربك فلا تكونن
ظهيرا للكافرين ولا يصدنك عن آيات الله بعد إذ أنزلت إليك وادع إلى ربك ولا تكونن
من المشركين
أخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال : لما خرج النبي صلى الله عليه و
سلم من مكة فبلغ الجحفة اشتاق إلى مكة فأنزل الله ان الذي فرض عليك القرآن لرادك
إلى معاد إلى مكة
وأخرج ابن مردويه عن علي بن الحسين بن واقد رضي الله عنه قال : كل القرآن مكي أو
مدني غير قوله ان الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد فانها أنزلت على رسول الله
صلى الله عليه و سلم بالجحفة حين خرج مهاجرا إلى المدينة
فلا هي مكية ولا مدنية وكل آية نزلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل الهجرة
فهي مكية
فنزلت بمكة أو بغيرها من البلدان وكل آية نزلت بالمدينة بعد الهجرة فانها مدنية
نزلت بالمدينة أو بغيرها من البلدان
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد والبخاري والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله لرادك إلى معاد قال : إلى مكة
زاد ابن مردويه كما أخرجك منها
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه لرادك إلى معاد قال : إلى
مولدك
إلى مكة
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه
مثله
(6/445)
وأخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله
عنهما لرادك إلى معاد قال : الموت
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه لرادك إلى معاد
قال : الموت
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه وأبو يعلى وابن جرير عن أبي سعيد الخدري رضي الله
عنه لرادك إلى معاد قال : الآخرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما لرادك إلى معاد قال : إلى يوم
القيامة
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه
مثله
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ان
الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قال : يحييك يوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه لرادك إلى معاد قال : ان له معاد يبعثه
الله يوم القيامة ثم يدخله الجنة
وأخرج الحاكم في التاريخ والديلمي عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و
سلم لرادك إلى معاد قال الجنة
وأخرج ابن أبي شيبه والبخاري في تاريخه وأبو يعلى وابن المنذر عن أبي سعيد الخدري
رضي الله عنه لرادك إلى معاد قال : معاده الجنة وفي لفظ معاده آخرته
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله
عنهما لرادك إلى معاد قال : إلى معدنك من الجنة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس ان
الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قال : لرادك إلى الجنة ثم سائلك عن القرآن
وأخرج الفريابي عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله لرادك إلى معاد قال : إلى الجنة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
(6/446)
الله
عنه في قوله لرادك إلى معاد قال : هذه مما كان يكتم ابن عباس رضي الله عنهما
وأخرج ابن أبي حاتم عن نعيم القاري رضي الله عنه لرادك إلى معاد قال : إلى بيت
المقدس
- قوله تعالى : ولا تدع مع الله إلها آخر لا إله إلا هو كل شيء هالك إلا وجهه له
الحكم وإليه ترجعون
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : لما نزلت كل من عليها فان الرحمن
الآية 26 قالت الملائكة : هلك أهل الأرض فلما نزلت كل نفس ذائقة الموت آل عمران الآية
18 قالت الملائكة : هلك كل نفس فلما نزلت كل شيء هالك إلا وجهه قالت الملائكة :
هلك أهل السماء وأهل الأرض
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما كل نفس ذائقة الموت قال : لما نزلت
قيل : يا رسول الله فما بال الملائكة ؟ فنزلت كل شيء هالك إلا وجهه فبين في هذه
الآية فناء الملائكة والثقلين من الجن والانس وسائر عالم الله وبريته من الطير
والوحش والسباع والانعام وكل ذي روح أنه هالك ميت
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه كل شيء هالك إلا وجهه يعني الحيوان خاصة
من أهل السموات والملائكة ومن في الأرض وجميع الحيوان ثم تهلك السماء والارض بعد
ذلك ولا تهلك الجنة والنار وما فيها ولا العرش ولا الكرسي
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما كل شيء هالك إلا وجهه إلا ما يريد
به وجهه
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه كل شيء هالك إلا وجهه قال : إلا ما أريد
به وجهه
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن سفيان قال كل شيء هالك إلا وجهه قال : إلا ما
أريد به وجهه من الاعمال الصالحة
(6/447)
وأخرج
ابن أبي الدنيا في كتاب التفكر عن ابن عمر رضي الله عنهما
أنه كان اذا أراد ان يتعاهد قلبه يأتي الخربة يقف على بابها فينادي بصوت حزين :
أين أهلك ؟ ثم يرجع إلى نفسه فيقول كل شيء هالك إلا وجهه
وأخرج أحمد في الزهد عن ثابت رضي الله عنه قال : لما مات موسى بن عمران عليه
الصلاة و السلام جالت الملائكة عليهم السلام في السموات يقولون : مات موسى عليه
السلام فأي نفس لا تموت !
(6/448)
بسم
الله الرحمن الرحيم -
سورة العنكبوت
مكية وآياتها تسع وستون
- مقدمة سورة العنكبوت أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة العنكبوت بمكة
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال : نزلت سورة العنكبوت
بمكة
وأخرج الدارقطني في السنن عن عائشة رضي الله عنه " ان رسول الله صلى الله
عليه و سلم كان يصلي في كسوف الشمس والقمر أربع ركعات وأربع سجدات يقرأ في الركعة
الاولى بالعنكبوت أو الروم وفي الثانية بيس "
- الم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون ولقد فتنا الذين من
قبلهم فليعملن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه في قوله ألم أحسب الناس أن يتركوا
قال : أنزلت في أناس بمكة قد اقروا بالاسلام فكتب اليهم أصحاب رسول الله صلى الله
عليه و سلم من المدينة لما نزلت آية الهجرة : انه لا يقبل منكم قرار ولا اسلام حتى
تهاجروا قال : فخرجوا عامدين إلى المدينة فأتبعهم المشركون فردوهم فنزلت فيهم هذه
الآية فكتبوا إليهم أنه قد نزلت فيكم آية كذا وكذا فقالوا : نخرج فان اتبعنا أحد
قاتلناه
فخرجوا فاتبعهم المشركون فقاتلوهم فمنهم من قتل ومنهم من نجا فأنزل الله فيهم ثم
ان ربك للذين هاجروا من بعد ما فتنوا ثم جاهدوا وصبروا ان ربك من بعدها لغفور رحيم
النحل الآية 110
(6/449)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ألم أحسب الناس
قال نزلت في أناس من أهل مكة خرجوا يريدون النبي صلى الله عليه و سلم فعرض لهم
المشركون فرجعوا فكتب إليهم إخوانهم بما نزل فيهم من القرآن فخرجوا فقتل من قتل
وخلص من خلص فنزل القرآن والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : نزلت هذه
الآيات في القوم الذين ردهم المشركون إلى مكة وهؤلاء الآيات العشر مدنيات وسائرها
مكي
وأخرج ابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن عساكر عن عبد الله بن عبيد بن عمير
قال : نزلت في عمار بن ياسر يعذب في الله أحسب الناس أن يتركوا
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال : سمعت ابن عمير وغيره يقولون : كان أبو جهل
لعنه الله يعذب عمار بن ياسر وأمه ويجعل على عمار درعا من حديد في اليوم الصائف
وطعن في حيا أمه برمح
ففي ذلك نزلت أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وهم لا يفتنون قال : لا يبتلون في أموالهم وأنفسهم
ولقد فتنا الذين من قبلهم قال : ابتلينا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة أحسب الناس أن يتركوا أن
يقولوا آمنا وهم لا يفتنون قال : يبتلون ولقد فتنا الذين من قبلهم قال : ابتلينا
الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا قال : ليعلم الصادق من الكاذب والطائع من
العاصي وقد كان يقال : ان المؤمن ليضرب بالبلاء كما يفتن الذهب بالنار وكان يقال :
ان مثل الفتنة كمثل الدرهم الريف يأخذه الاعمى ويراه البصير
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه أنه كان يقرأ فليعلمن الله الذين صدقوا
وليعلمن الكاذبين قال : يعلمهم الناس
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية
(6/450)
قال
: كان الله يبعث النبي إلى أمته فيلبث فيهم إلى انقضاء اجله في الدنيا ثم يقبضه
الله إليه فتقول الأمة من بعده أو من شاء الله منهم : انا على منهاج النبي وسبيله
فينزل الله بهم البلاء فمن ثبت منهم على ما كان عليه فهو الصادق ومن خالف إلى غير
ذلك فهو الكاذب
وأخرج ابن ماجه وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أول من أظهر اسلامه
سبعة
رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو بكر وسمية أم عمار وعمار وصهيب وبلال والمقداد
فأما رسول الله صلى الله عليه و سلم فمنعه الله بعمه أبي طالب وأما أبو بكر فمنعه
الله بقومه وأما سائرهم فأخذهم المشركون فالبسوهم ادراع الحديد فانه هانت عليه
نفسه في الله وهان على قومه فأخذوه فأعطوه الولدان فجعلوا يطوفون به في شعاب مكة
وهو يقول : أحد أحد
والله تعالى أعلم
- قوله تعالى : أم حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء مايحكمون
أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه أم حسب الذين يعملون السيئآت
قال : الشرك
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله ان يسبقونا قال : ان يعجزونا
- قوله تعالى : من كان يرجو لقاء الله فإن أجل الله لآت وهو السميع العليم ومن
جاهد فإنما يجاهد لنفسه إن الله لغني عن العالمين والذين آمنوا وعملوا الصالحات
لنكفرن عنهم سيئاتهم ولنجزينهم أحسن الذي كانوا يعملون
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه
من كان يرجو لقاء الله قال : من كان يخشى البعث في الآخرة
(6/451)
-
قوله تعالى : ووصينا الإنسان بوالديه حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم
فلا تطعهما إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون والذين آمنوا وعملوا الصالحات
لندخلنهم في الصالحين
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال :
قالت أمي : لا آكل طعاما ولا أشرب شرابا حتى تكفر بمحمد فامتنعت من الطعام والشراب
حتى جعلوا يسجرون فاها بالعصا فنزلت هذه الآية ووصينا الانسان بوالديه حسنا وان
جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعمها
الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ووصينا الانسان
بوالديه حسنا وان جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعمها قال : أنزلت في سعد
بن مالك رضي الله عنه لما هاجر قالت امه : والله لا يظلني ظل حتى يرجع فأنزل الله
في ذلك أن يحسن اليهما ولا يطيعهما في الشرك
- قوله تعالى : ومن الناس من يقول آمنا بالله فإذا أوذي في الله جعل فتنة الناس
كعذاب الله ولئن جاء نصر من ربك ليقولن إنا كنا معكم أوليس الله بأعلم بما في صدور
العالمين وليعلمن الله الذين آمنوا وليعلمن المنافقين
أخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
مجاهد رضي الله عنه في قوله ومن الناس من يقول آمنا بالله فاذا أوذي في الله إلى
قوله وليعلمن المنافقين قال : أناس يؤمنون بألسنتهم فاذا أصابهم بلاء من الناس أو
مصيبة في أنفسهم أو أموالهم فتنوا فجعلوا ذلك في الدنيا كعذاب الله في الآخرة
(6/452)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ومن الناس من يقول آمنا بالله
قال : كان أناس من المؤمنين آمنوا وهاجروا فلحقهم أبو سفيان فرد بعضهم إلى مكة
فعذبهم فافتتنوا فأنزل الله فيهم هذا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله فاذا أوذي في الله
قال : اذا أصابه بلاء في الله عدل بعذاب الله عذاب الناس
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله فتنة الناس
قال : يرتد عن دين الله اذا أوذي في الله
وأخرج أحمد وابن أبي شيبه وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن ماجه وأبو يعلى وابن
حبان وأبو نعيم والبيهقي في شعب الايمان والضياء عن أنس رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " لقد أوذيت في الله وما يؤذى أحد ولقد أخفت
في الله وما يخاف احد ولقد أتت علي ثالثة وما لي ولبلال طعام يأكله ذو كبد إلا ما
يواري ابط بلال "
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ومن الناس من يقول آمنا بالله
قال : ناس من المنافقين بمكة كانوا يؤمنون فاذا أوذوا وأصابهم بلاء من المشركين
رجعوا إلى الكفر والشرك مخافة من يؤذيهم وجعلوا اذى الناس في الدنيا كعذاب الله
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ومن الناس من يقول آمنا بالله إلى قوله
وليعلمن المنافقين قال : هذه الآيات نزلت في القوم الذين ردهم المشركون إلى مكة
وهذه الآيات العشر مدنية
- قوله تعالى : وقال الذين كفروا للذين أمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم وماهم
بحاملين من خطاياهم من شئ إنهم لكاذبون وليحملن أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم
وليسألن يوم القيامة عما كانوا يفترون
أخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
(6/453)
حاتم
عن مجاهد رضي الله عنه وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم
قال : قول كفار قريش بمكة لمن آمن منهم قالوا : لا نبعث نحن ولا أنتم فاتبعونا فان
كان عليكم شيء فعلينا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك وقال الذين كفروا هم القادة من الكفار
للذين آمنوا لمن آمن من الاتباع اتبعوا سبيلنا ديننا واتركوا دين محمد صلى الله
عليه و سلم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه وما هم
بحاملين قال : بفاعلين وليحملن أثقالهم قال : أوزارهم واثقالا مع أثقالهم قال :
أوزار من أضلوا
وأخرج ابن أبي شيبه في المصنف وابن المنذر عن ابن الحنفية رضي الله عنه قال : كان
أبو جهل وصناديد قريش يتلقون الناس اذا جاؤا إلى النبي صلى الله عليه و سلم يسلمون
يقولون : انه يحرم الخمر ويحرم الزنا ويحرم ما كانت تصنع العرب فارجعوا فنحن نحمل
أوزاركم
فنزلت هذه الآية وليحملن أثقالهم واثقالا مع اثقالهم
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه وليحملن أثقالهم وأثقالا مع
أثقالهم قال : هي مثل التي في النحل ليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار
الذين يضلونهم النحل الآية 25
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه وليحملن أثقالهم واثقالا مع اثقالهم قال :
حملهم ذنوب أنفسهم وذنوب من اطاعهم ولا يخفف ذلك عمن اطاعهم من العذاب شيئا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و
سلم قال " أيما داع دعا إلى هدى فاتبع عليه وعمل به فله مثل أجور الذين
اتبعوه ولا ينقص ذلك من أجورهم شيئا وأيما داع دعا إلى ضلالة فأتبع عليها وعمل بها
فعليه مثل أوزار الذين اتبعوه ولا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا " قال عون : وكان
الحسن رضي الله عنه مما يقرأ عليها وليحملن اثقالهم واثقالا مع أثقالهم
إلى آخر الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي امامة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال " اياكم والظلم فان الله يقول يوم القيامة : وعزتي لا يجيزني اليوم ظلم
ثم ينادي مناد
(6/454)
فيقول
: أين فلان بن فلان ؟ فيأتي فيتبعه من الحسنات أمثال الجبال فيشخص الناس إليها
أبصارهم ثم يقوم بين يدي الرحمن ثم يأمر المنادي ينادي : من كانت له تباعة أو
ظلامة عند فلان بن فلان فهلم فيقومون حتى يجتمعوا قياما بين يدي الرحمن فيقول
الرحمن : اقضوا عن عبدي فيقولون : كيف نقضي عنه ؟ فيقول : خذوا له من حسناته
فلا يزالون يأخذون منها حتى لا تبقى منها حسنة وقد بقي من أصحاب الظلامات فيقول :
اقضوا عن عبدي فيقولون : لم يبق له حسنة فيقول : خذوا من سيئآته فاحملوها عليه ثم
نزع النبي صلى الله عليه و سلم بهذه الآية وليحملن أثقالهم وأثقالا مع اثقالهم
وأخرج أحمد عن حذيفة رضي الله عنه قال : سأل رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه
و سلم فأمسك القوم ثم ان رجلا أعطاه فأعطى القوم فقال النبي صلى الله عليه و سلم
" من سن خيرا فاستن به كان له أجره ومن أجور من تبعهم غير منتقص من اجورهم
شيئا ومن أسن شرا فاستن به كان عليه وزره ومن أوزار من تبعه غير منتقص من أوزارهم
شيئا "
وأخرج الترمذي وحسنه وابن مردويه عن أبي هريرة وأبي الدرداء قالا : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " سيروا سبق المفردون
قيل : يا رسول الله ومن المفردون ؟ قال : الذين يهترون في ذكر الله يضع الذكر عنهم
أثقالهم فيأتون يوم القيامة خفافا "
- قوله تعالى : ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما
فأخذهم الطوفان وهم ظالمون فأنجيناه وأصحاب السفينة وجعلناه آية للعالمين
أخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ والحاكم
وصححه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بعث الله نوحا وهو ابن أربعين
سنة ولبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله وعاش بعد الطوفان ستين سنة
حتى كثر الناس وفشوا
(6/455)
وأخرج
عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان عمر نوح عليه السلام قبل أن يبعث إلى
قومه وبعدما بعث الفا وسبعمائة سنة
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال : قال
لي ابن عمر رضي الله عنهما كم لبث نوح عليه السلام في قومه ؟ قلت : الف سنة إلا
خمسين عاما قال : فان من كان قبلكم كانوا أطول أعمارا ثم لم يزل الناس ينقصون في
الاخلاق والآجال والاحلام والاجسام إلى يومهم هذا
وأخرج ابن جرير عن عون بن أبي شداد رضي الله تعالى عنه قال : ان الله أرسل نوحا
عليه السلام إلى قومه وهو ابن خمسين وثلاثمائة سنة فلبث فيهم الف سنة إلا خمسين
عاما ثم عاش بعد ذلك خمسين وثلاثمائة سنة
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب ذم الدنيا عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : جاء
ملك الموت إلى نوح عليه السلام فقال : يا أطول النبيين عمرا كيف وجدت الدنيا
ولذتها ؟ قال : كرجل ردخل بيتا له بابان فوقف وسط الباب هنيهة ثم خرج من الباب
الآخر
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في
قوله فاخذهم الطوفان قال : الماء الذي أرسل عليهم
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه قال الطوفان الغرق
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله فانجيناه وأصحاب
السفينة قال : نوح وبنوه ونساء بنيه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وجعلناها
آية للعالمين قال : أبقاها الله آية فهي على الجودي
والله أعلم
- قوله تعالى : وابراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم
تعلمون إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله
لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له وإليه ترجعون وإن
تكذبوا فقد كذب
(6/456)
أمم
من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم
يعيده إن ذلك على الله يسير قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله
ينشيء النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه
تقلبون وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولي ولا
نصير والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم
فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن في ذلك
لآيات لقوم يؤمنون وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة
الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من
ناصرين فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم ووهبنا له اسحق
ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن
الصالحين
أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله انما تعبدون من دون الله أوثانا قال
: أصناما وتخلقون افكا قال : تصنعون أصناما
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الحسن في قوله وتخلقون افكا قال : تنحتون
(6/457)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله وتخلقون افكا قال :
تصنعون كذبا
وأخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد
مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله كيف يبدي
الله الخلق ثم يعيده قال : يبعثه
وفي قوله فانظروا كيف بدأ الخلق قال : خلق السموات والأرض ثم الله ينشيء النشأة
الآخرة قال : البعث بعد الموت
وفي قوله فما كان جواب قومه قال : قوم إبراهيم
وفي قوله فانجاه الله من النار قال : قال كعب ما أحرقت النار منه إلا وثاقه
وفي قوله قال انما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا قال :
انخذوها لثوابها في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم
بعضا قال : صارت كل خلة في الدنيا عداوة على أهلها يوم القيامة إلا خلة المتقين
وفي قوله فآمن له لوط قال : فصدقة لوط وقال اني مهاجر إلى ربي قال : هاجرا جميعا
من كوثي : وهي من سواد الكوفة إلى الشام
وفي قوله وآتيناه اجره في الدنيا قال : عافية وعملا صالحا وثناء حسنا فلست تلقى
أحدا من أهل الملل إلا يرضي إبراهيم يتولاه
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم بن أبي النجود رضي الله عنه أنه قرأ وتخلقون افكا
خفيفتين وقرأ اوثانا مودة منصوبة منونة بينكم نصب
وأخرج ابن أبي شيبه عن جبلة بن سحيم قال : سألت ابن عمر رضي الله عنهما عن صلاة
المريض على العود قال : لا آمركم ان تتخذوا من دون الله أوثانا
ان استطعت ان تصلي قائما والا فقاعدا والا فمضطجعا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله النشاة الآخرة قال : هي الحياة
بعد الموت : وهو النشور
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
فآمن له لوط قال : صدق إبراهيم عليهما السلام
وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله وقال اني مهاجر إلى ربي قال : هو إبراهيم عليه
السلام القائل اني مهاجر إلى ربي
(6/458)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن كعب رضي الله عنه في قوله وقال اني مهاجر إلى ربي قال : إلى حران
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج
مثله
وأخرج ابن عساكر عن قتادة في قوله وقال اني مهاجر إلى ربي قال : إلى الشام كان
مهاجر
وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه و سلم قال
" سيهاجر خيار أهل الأرض هجرة بعج هجرة إلى مهاجر إبراهيم عليه السلام "
وأخرج أبو يعلى وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : أول من هاجر من المسلمين
إلى الحبشة بأهله عثمان بن عفان فقال النبي صلى الله عليه و سلم " صحبهما
الله ان عثمان لاول من هاجر إلى الله بأهله بعد لوط "
وأخرج ابن منده وابن عساكر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : هاجر عثمان
إلى الحبشة فقال النبي صلى الله عليه و سلم " انه أول من هاجر بعد إبراهيم
ولوط "
وأخرج ابن عساكر والطبراني والحاكم في الكني عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما كان بين عثمان ورقية وبين لوط من
مهاجر "
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أول من هاجر إلى رسول الله صلى
الله عليه و سلم عثمان بن عفان كما هاجر لوط إلى إبراهيم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
ووهبنا له إسحق ويعقوب قال : هما ولدا إبراهيم
وفي قوله وآتيناه أجره في الدنيا قال : ان الله رضى أهل الاديان بدينه فليس من أهل
دين إلا وهم يتولون إبراهيم ويرضون به
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
وآتيناه أجره في الدنيا قال : الثناء
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما وآتيناه أجره في الدنيا قال : الولد
الصالح والثناء
(6/459)
-
قوله تعالى : ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من
العالمين أإنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر فما كان
جواب قومه إلا أن قالوا إئتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين قال رب انصرني على
القوم المفسدين ولما جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكو أهل هذه القرية
إن أهلها كانوا ظالمين قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله
إلا امرأته كانت من الغابرين ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا
وقالوا لا تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين إنا منزلون
على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون ولقد تركنا منها آية بينة
لقوم يعقلون
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنهما في قوله وتقطعون السبيل قال : الطريق
اذا مر بهم المسافر وهو ابن السبيل قطعوا به وعملوا به ذلك العمل الخبيث
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله وتأتون في ناديكم قال : مجلسكم
وأخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن أبي الدنيا في كتاب الصمت
وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والشاشي في مسنده والطبراني والحاكم وصححه
وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان وابن عساكر عن أم هانىء بنت أبي طالب رضي
الله عنها قالت : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قول الله تعالى
(6/460)
وتأتون
في ناديكم المنكر قال " كانوا يجلسون بالطريق فيخذفون ابن السبيل ويسخرون
منهم "
وأخرج ابن مردويه عن جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه و سلم " نهى
عن الخذف وهو قول الله وتأتون في ناديكم المنكر "
وأخرج ابن ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله وتأتون في ناديكم المنكر
قال : الخذف فقال رجل : ومالي قلت هكذا ؟ فأخذ ابن عمر كفا من حصباء فضرب به وجهه
وقال : في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم تأخذ بالمعاريض
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وتأتون في ناديكم المنكر
قال : الخذف
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه وتأتون في ناديكم المنكر قال :
كانوا يخذفون الناس
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والخرائطي في مساوىء الاخلاق عن مجاهد في قوله وتأتون في ناديكم المنكر قال : كان
يجامع بعضهم بعضا في المجالس
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتاده وتأتون في ناديكم المنكر قال كانوا يعملون
الفاحشة في مجالسهم
وأخرج البخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عائشة رضي الله
عنها في قوله وتأتون في ناديكم المنكر قال : الضراط
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله
عنه أنه سئل عن قول الله وتأتون في ناديكم المنكر ماذا كان المنكر الذي كانوا
يأتون ؟ قال : كانوا يتضارطون في مجالسهم يضرط بعضهم على بعض
والنادي هو المجلس
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وتأتون في ناديكم المنكر قال :
الصفير ولعب الحمام والجلاهق وحل ازرار القباء
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن
قتادة رضي الله عنه في قوله قال ان فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها
(6/461)
قال
: لا يلقى المؤمن إلا يرحم المؤمن ويحوطه حيثما كان وفي قوله إلا امرأته كانت من
الغابرين قال : من الباقين في عذاب الله
وفي قوله ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا قال : ساء بقومه ظنا يتخوفهم
على اضيافه وضاق ذرعا بضيفه مخافة عليهم
وفي قوله انا منزلون على أهل هذه القرية رجزا من السماء قال : عذابا من السماء
وفي قوله ولقد تركنا منها آية بينة قال : هي الحجارة التي أمطرت عليهم أبقاها الله
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله ولقد تركنا منها آية بينة قال : عبرة
- قوله تعالى : وإلى مدين أخاهم شعيبا فقال يا قوم اعبدوا الله وارجوا اليوم الآخر
ولا تعثوا في الأرض مفسدين فكذبوه فأخذتهم الرجفة فأصبحوا في دارهم جاثمين وعادا
وثمودا وقد تبين لكم من مساكنهم وزين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل وكانوا
مستبصرين وقارون وفرعون وهامان ولقد جاءهم موسى بالبينات فاستكبروا في الأرض وما
كانوا سابقين فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة
ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم
يظلمون
أخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
مجاهد فاخذتهم الرجفة قال : الصيحة
وفي قوله وكانوا مستبصرين قال : في الضلالة
(6/462)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله
فاصبحوا في دارهم جاثمين قال : ميتين
وفي قوله وكانوا مستبصرين قال : معجبين بضلالتهم
وفي قوله فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا قال : هم قوم لوط ومنهم من أخذته الصيحة قال
: قوم صالح وقوم شعيب ومنهم من خسفنا به الأرض قال : قارون ومنهم من أغرقنا قال :
قوم نوح وفرعون وقومه
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله أرسلنا عليه حاصبا قال : حجارة
- قوله تعالى : مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن
أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء
وهو العزيز الحكيم
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت قال : هذا مثل ضربه الله
للمشرك
انه لن يغني عنه الهه شيئا من ضعفه وقلة اجزائه مثل ضعف بيت العنكبوت
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله مثل الذين اتخذوا من دون الله
أولياء قال : ذاك مثل ضربه الله لمن عبد غيره
ان مثله كمثل بيت العنكبوت
وأخرج أبو داود في مراسيله عن يزيد بن مرثد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " العنكبوت شيطان مسخها الله فمن وجدها فيلقتلها "
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن ميسرة قال العنكبوت شيطان
(6/463)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عطاء قال : نسجت العنكبوت مرتين
مرة على داود عليه السلام
والثانية على النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج الخطيب عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
دخلت أنا وأبو بكر الغار فاجتمعت العنكبوت فنسجت بالباب فلا تقتلوهن "
- قوله تعالى : وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون خلق الله
السموات والأرض بالحق إن في ذلك لآية للمؤمنين
أخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن مرة قال : ما مررت بآية في كتاب الله لا أعرفها إلا
أحزنتني لاني سمعت الله تعالى يقول وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا
العالمون
- قوله تعالى : اتل ما أوحي إليك من الكتاب وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء
والمنكر ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ان
الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر يقول : في الصلاة منتهى ومزدجر عن معاصي الله
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله ان الصلاة تنهي عن الفحشاء
والمنكر قال : الصلاة فيها ثلاث خلال
الاخلاص والخشية وذكر الله فكل صلاة ليس فيها من هذه الخلال فليس بصلاة
فالاخلاص يامره بالمعروف والخشية تنهاه عن المنكر وذكر الله القرآن يامره وينهاه
(6/464)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن الربيع بن أنس رضي الله عنه انه كان يقرؤها ان الصلاة
تأمر بالمعروف تنهي عن الفحشاء والمنكر
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : سئل النبي
صلى الله عليه و سلم عن قول الله ان الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر فقال "
من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له "
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم
يزدد بها من الله إلا بعدا "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في شعب الايمان عن الحسن رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر
فلا صلاة لهز وفي لفظ لم يزدد بها من الله إلا بعدا "
وأخرج الخطيب في رواة مالك عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " من صلى صلاة لم تأمره بالمعروف وتنهه عن المنكر لم تزده
صلاته من الله إلا بعدا "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن مسعود رضي الله عنه ان
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " لا صلاة لمن لم يطع الصلاة وطاعة
الصلاة ان تنهى عن الفحشاء والمنكر "
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن
ابن مسعود رضي الله عنه انه قيل له : ان فلانا يطيل الصلاة قال : ان الصلاة لا
تنفع إلا من أطاعها ثم قرأ ان الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر والطبراني والبيهقي عن
ابن مسعود رضي الله عنه انه قال : من لم تأمره الصلاة بالمعروف وتنهه عن المنكر لم
يزدد من الله إلا بعدا
وأخرج أحمد وابن حبان والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال " جاء رجل إلى
النبي صلى الله عليه و سلم فقال : ان فلانا يصلي بالليل فاذا أصبح سرق قال : انه
سينهاه ما تقول "
(6/465)
وأخرج
عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال : يا ابن آدم إنما الصلاة التي تنهى عن
الفحشاء والمنكر فان لم تنهك صلاتك عن الفحشاء والمنكر فانك لست تصلي
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من صلى
صلاة لم تنهه عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي عون الانصاري في قوله ان الصلاة تنهي عن
الفحشاء والمنكر
قال : اذا كنت في صلاة فأنت في معروف وقد حجزتك الصلاة عن الفحشاء والمنكر والذي
أنت فيه من ذكر الله أكبر
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن حماد بن أبي سليمان رضي الله عنه
في قوله ان الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر قال : ما دمت فيها
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر رضي الله عنهما ان الصلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر قال
: القرآن الذي يقرأ في المساجد
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
ولذكر الله أكبر قال : ولذكر الله لعباده اذا ذكروه أكبر من ذكرهم اياه
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
والبيهقي في شعب الايمان عن عبد الله بن ربيعة قال : سألني ابن عباس رضي الله
عنهما عن قول الله ولذكر الله أكبر فقلت : ذكر الله بالتسبيح والتهليل والتكبير
قال : لا
ذكر الله اياكم أكبر من ذكركم اياه ثم قرأ اذكروني اذكركم البقرة الآية 152
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد وابن جرير عن ابن
مسعود رضي الله عنه ولذكر الله أكبر قال : ذكر الله العبد أكبر من ذكر العبد لله
وأخرج ابن السني وابن مردويه والديلمي عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى
الله عليه و سلم في قوله ولذكر الله أكبر قال " ذكر الله اياكم أكبر من ذكركم
اياه "
(6/466)
وأخرج
ابن أبي الدنيا والبيهقي عن عطية رضي الله عنه في قوله ولذكر الله أكبر قال : هو
قوله فاذكروني أذكركم فذكر الله اياكم أكبر من ذكركم اياه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه
ولذكر الله أكبر قال : لذكر الله عبده أكبر من ذكر العبد ربه في الصلاة وغيرها
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن ولذكر الله أكبر يقول : لذكر الله اياكم اذا ذكرتموه
أكبر من ذكركم اياه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن جابر قال : سألت أبا قرة عن قوله ولذكر الله أكبر
قال : ذكر الله أكبر من ذكركم إياه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
ولذكر الله عندما حرمه وذكر الله اياكم أعظم من ذكركم اياه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي مالك رضي الله عنه ولذكر الله أكبر قال : ذكر
الله العبد في الصلاة أكبر من الصلاة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ولذكر الله أكبر قال :
لا شيء أكبر من ذكر الله
وأخرج أحمد في الزهد وابن المنذر عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : ما عمل آدمي
عملا أنجى له من عذاب الله من ذكر الله
قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله قال : ولا ان يضرب بسيفه حتى ينقطع لان الله
تعالى يقول في كتابه ولذكر الله أكبر
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبه وابن المنذر والحاكم في الكني والبيهقي في شعب
الايمان عن عنترة قال : قلت لابن عباس رضي الله عنهما : أي العمل أفضل ؟ قال : ذكر
الله أكبر وما قعد قوم في بيت من بيوت الله يدرسون كتاب الله ويتعاطونه بينهم إلا
أظلتهم الملائكة بأجنحتها وكانوا أضياف الله ما داموا فيه حتى يفيضوا في حديث غيره
وما سلك رجل طريقا يلتمس فيه العلم إلا سهل الله له طريقا إلى الجنة
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : ألا
(6/467)
أخبركم
بخير أعمالكم وأحبها إلى مليككم وانماها في درجاتكم وخير من ان تلقوا عدوكم
فيضربوا رقابكم وتضربوا رقابهم وخير من اعطاء الدنانير والدراهم
قالوا : وما هو يا أبا الدرداء ؟ قال : ذكر الله ولذكر الله أكبر
وأخرج ح والبيهقي عن أم الدرداء رضي الله عنها قالت ولذكر الله أكبر وان صليت فهو
من ذكر الله وان صمت فهو من ذكر الله وكل خير تعمله فهو من ذكر الله وكل شر تجتنبه
فهو من ذكر الله وأفضل من ذلك تسبيح الله
وأخرج ابن جرير عن سلمان رضي الله عنه أنه سئل أي العمل أفضل ؟ قال : أما تقرأ
القرآن ولذكر الله أكبر لا شيء أفضل من ذكر الله
والله أعلم
- قوله تعالى : ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم
وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون وكذلك
أنزلنا إليك الكتاب فالذين آتيناهم الكتاب يؤمنون به ومن هؤلاء من يؤمن به وما
يجحد بآياتنا إلا الكافرون
أخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد في قوله ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي
أحسن إلا الذين ظلموا منهم قال : الذين قالوا : مع الله اله أو له ولد أوله شريك
أو يد الله مغلولة أو الله فقير ونحن أغنياء أو آذى محمدا صلى الله عليه و سلم وهم
أهل الكتاب
وفي قوله وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم قال : لمن يقول هذا منهم
يعني من لم يقل مع الله اله أوله ولد أوله شريك أو يد الله مغلولة أو الله فقيرا
وآذى محمدا صلى الله عليه و سلم
وأخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد في قوله ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي
أحسن قال : ان قالوا شرا فقولوا خيرا إلا الذين ظلموا منهم فانتصروا منهم
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله ولا
(6/468)
تجادلوا
أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم قال : لا تقاتلوا إلا من قاتل
ولم يعط الجزية ومن أدى منهم الجزية فلا تقولوا لهم إلا حسنا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ولا تجادلوا أهل الكتاب
إلا بالتي هي أحسن قال : بلا اله إلا الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان بن حسين في الآية قال التي هي أحسن قولوا آمنا بالذي
أنزل الينا إليكم والهنا والهكم واحد ونحن له مسلمون فهذه مجادلتهم بالتي هي أحسن
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الانباري في
المصاحف عن قتادة ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن قال : نهى عن مجادلتهم
في هذه الآية
ثم نسخ ذلك فقال قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر
ولا مجادلة أشد من السيف
وأخرج البخاري والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب
الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان أهل الكتاب يقرأون التوراة
بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل
اليكم والهنا والهكم واحد ونحن له مسلمون "
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن جرير عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال : كانت
اليهود يحدثون أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فيسبحون كانهم يعجبون فقال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " لا تصدقوهم ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالذي أنزل
إلينا وأنزل اليكم والهنا والهكم واحد ونحن له مسلمون "
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن سعد وأحمد والبيهقي في سننه عن أبي نملة الانصاري
رضي الله عنه أن رجلا من اليهود قال لجنازة : أنا أشهد أنه تتكلم
فقال : رسول الله صلى الله عليه و سلم " اذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم
ولا تكذبوهم وقولوا : آمنا بالله وكتبه ورسله فان كان حقا لم تكذبوهم وان كان
باطلا لم تصدقوهم "
وأخرج البيهقي في سننه وفي الشعب والديلمي وأبو نصر السجزي في الابانة عن جابر بن
عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا تسألوا
هل الكتاب عن
(6/469)
شيء
فانهم لن يهدوكم وقد ضلوا اما أن تصدقوا بباطل أو تكذبوا بحق والله لو كان موسى
حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني "
وأخرج عبد الرزاق عن زيد بن أسلم قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال " لا تسألوا أهل الكتاب عن شيء فانهم لن يهدوكم وقد ضلوا أنفسهم "
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لا تسألوا أهل الكتاب
عن شيء فانهم لن يهدوكم وقد ضلوا لتكذبوا بحق وتصدقوا بباطل
فان كنتم سائليهم لا محالة فانظروا ما واطأ كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله
فدعوه
- قوله تعالى : وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون
بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون وقالوا
لولا أنزل عليه آيات من ربه قل إنما الآيات عند الله وإنما أنا نذير مبين
أخرج ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
في قوله وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك قال : كان أهل الكتاب يجدون
في كتبهم أن محمدا صلى الله عليه و سلم لا يخط بيمينه ولا يقرأ كتابا
فنزلت وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك اذا لارتاب المبطلون قريش
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والاسمعيلي في معجمه عن ابن عباس في
قوله وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك قال : لم يكن رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقرأ ولا يكتب كان أميا
وفي قوله بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم قال : كان الله أنزل شأن
محمد صلى الله عليه و سلم في التوراة والانجيل لأهل العلم وعلمه لهم وجعله لهم آية
فقال لهم : ان آية نبوته أن يخرج حين يخرج لا يعلم كتابا ولا يخطه بيمينه
وهي الآيات البينات التي قال الله تعالى
(6/470)
وأخرج
عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وما كنت تتلو من
قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم لا يقرأ كتابا
قبله ولا يخطه بيمينه وكان أميا لا يكتب
وفي قوله آيات بينات قال : النبي آية بينة في صدور الذين أوتوا العلم من أهل
الكتاب قال : وقال الحسن : القرآن آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم يعني
المؤمنين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الضحاك في الآية قال : كان النبي صلى الله عليه و
سلم لا يقرأ ولا يكتب وكذلك جعل نعته في التوراة والانجيل أنه أمي لا يقرأ ولا
يكتب
وهي الآية البينة
وهي قوله وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون قال : يعني صفته التي وصف لأهل الكتاب
يعرفونه بالصفة
وأخرج البيهقي في سننه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله وما كنت تتلو من قبله من
كتاب
قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ ولا يكتب
- قوله تعالى : أولم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم إن في ذلك لرحمة
وذكرى لقوم يؤمنون قل كفى بالله بيني وبينكم شهيدا يعلم ما في السموات والأرض
والذين آمنوا بالباطل وكفروا بالله أولئك هم الخاسرون
أخرج الدارمي وأبو داود في مراسيله وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن يحي بن
جعدة رضي الله عنه قال : جاء ناس من المسلمين بكتب قد كتبوها فيها بعض ما سمعوه من
اليهود
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " كفى بقوم حمقا أو ضلالة أن يرغبوا عما
جاء به نبيهم إليهم إلى ما جاء به غيره إلى غيرهم
فنزلت أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم
الآية "
وأخرج الاسمعيلي في معجمه وابن مردويه من طريق يحيى ابن جعدة عن أبي هريرة رضي
الله عنه قال : كان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يكتبون من
(6/471)
التوراة
فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال " ان أحمق الحمق وأضل
الضلالة قوم رغبوا عما جاء به نبيهم إلى نبي غير نبيهم والى أمة غير أمتهم
ثم أنزل الله أو لم يكفهم أنا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم
"
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والبيهقي في شعب الايمان عن الزهري : أن حفصة جاءت إلى
النبي صلى الله عليه و سلم بكتاب من قصص يوسف في كتف فجعلت تقرأه عليه والنبي صلى
الله عليه و سلم يتلون وجهه فقال " والذي نفسي بيده لو أتاكم يوسف وأنا بينكم
فاتبعتموه وتركتموني لضللتم "
وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن الضريس والحاكم في الكني والبيهقي في شعب الايمان
عن عبد الله بن ثابت بن الحرث الانصاري قال : دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على
النبي صلى الله عليه و سلم بكتاب فيه مواضع من التوراة فقال : هذه أصبتها مع رجل
من أهل الكتاب أعرضها عليك
فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم تغيرا شديدا لم أر مثله قط فقال عبد الله
بن الحارث لعمر رضي الله عنهما : أما ترى وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟
فقال عمر رضي الله عنه : رضينا بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا
فسرى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال " ولو نزل موسى فأتبعوه
وتركتموني لضللتم انا حظكم من النبيين وأنتم حظي من الامم "
وأخرج عبد الرزاق والبيهقي عن أبي قلابة ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه مر برجل
يقرأ كتابا فاستمعه ساعة فاستحسنه فقال للرجل : اكتب لي من هذا الكتاب قال : نعم
فاشترى أديما فهيأه ثم جاء به اليه فنسخ له في ظهره وبطنه ثم أتى النبي صلى الله
عليه و سلم فجعل يقرأه عليه وجعل وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم يتلون فضرب
رجل من الانصار بيده الكتاب وقال : ثكلتك أمك يا ابن الخطاب أما ترى ووجه رسول
الله صلى الله عليه و سلم منذ اليوم وأنت تقرأ عليه هذا الكتاب ؟ فقال النبي صلى
الله عليه و سلم عند ذلك " انما بعثت فاتحا وخاتما وأعطيت جوامع الكلم
وفواتحه واختصر لي الحديث اختصارا فلا يهلكنكم المتهوكون "
وأخرج البيهقي وضعفه عن عمر بن الخطاب قال : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم
عن تعلم التوراة فقال " لا تتعلمها وآمن بها وتعلموا ما أنزل اليكم وآمنوا به
"
(6/472)
وأخرج
ابن الضريس عن الحسن ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : يا رسول الله ان أهل
الكتاب يحدثونا بأحاديث قد أخذت بقلوبنا وقد هممنا ان نكتبها فقال " يا ابن
الخطاب أمتهوكون أنتم كما تهوكت اليهود والنصاري ؟ ! أما والذي نفس محمد بيده لقد
جئتكم بها بيضاء نقية ولكني أعطيت جوامع الكلم واختصر لي الحديث اختصارا "
وأخرج ابن عساكر عن ابن أبي ملكية قال : أهدى عبد الله بن عامر بن كرز إلى عائشة
رضي الله عنها هدية فظنت أنه عبد الله بن عمرو فردتها وقالت : يتتبع الكتب وقد قال
الله أو لم يكفهم انا أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم ! فقيل لها : انه عبد الله بن
عامر
فقبلتها
- قوله تعالى : ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة
وهم لا يشعرون يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين يوم يغشاهم العذاب من
فوقهم ومن تحت أرجلهم ويقول ذوقوا ما كنتم تعملون
أخرج ابن جرير عن قتادة ويستعجلونك بالعذاب قال : قال ناس من جهلة هذه الامة اللهم
ان كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون قال : يوم بدر
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وان جهنم لمحيطة بالكافرين
قال : جهنم هو هذا البحر الاخضر تنتثر الكواكب فيه ويكون فيه الشمس والقمر ثم
تستوقد ثم يكون هو جهنم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله وان جهنم لمحيطة قال :
البحر
(6/473)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله يوم يغشاهم العذاب قال :
النار
- قوله تعالى : يا عبادي الذين آمنوا إن أرضي واسعة فإياي فاعبدون
- أخرج الفريابي وابن جرير والبيهقي في شعب الايمان عن سعيد بن جبير رضي الله عنه
في قوله يا عبادي الذين آمنوا ان أرضي واسعة قال : اذا عمل في الأرض بالمعاصي
فاخرجوا منها
وأخرج ابن أبي شيبه عن سعد بن جبير رضي الله عنه في قوله ان أرضي واسعة قال : من
أمر بمعصية فليهرب
وأخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد في قوله يا عبادي الذين آمنوا ان أرضي واسعة
فاياي فاعبدون قال : فهاجروا وجاهدوا
وأخرج ابن أبي الدنيا في العزلة وابن جرير عن عطاء في الآية قال : اذا أمرتم
بالمعاصي فاذهبوا فان أرضي واسعة
وأخرج أحمد عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " البلاد بلاد الله والعباد عباد الله فحيثما أصبت خيرا فأقم "
وأخرج الطبراني والقضاعي والشيرازي في الالقاب والخطيب وابن النجار والبيهقي عن
ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " سافروا
وتصحوا وتغنموا "
- قوله تعالى : كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون والذين آمنوا وعملوا الصالحات
لنبوئنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها نعم أجر العاملين الذين
صبروا وعلى ربهم يتوكلون
أخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم
(6/474)
"
لما نزلت هذه الآية انك ميت وانهم ميتون قلت : يا رب أيموت الخلائق كلهم ؟ وتبقى
الانبياء ؟ نزلت كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون
- قوله تعالى : وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم
ولئن سألتم من خلق السموات والأرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون الله
يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إن الله بكل شيء عليم ولئن سألتم من نزل من
السماء ماءا فأحيا به الأرض من بعد موتها ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم
لايعقلون
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي وابن عساكر بسند ضعيف عن ابن
عمر رضي الله عنهما قال : خرجت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى دخل بعض
حيطان المدينة فجعل يلتقط من التمر ويأكل فقال " يا ابن عمر مالك لا تأكل !
قلت : لا أشتهيه يا رسول الله
قال : لكني أشتهيه وهذه صبح رابعة منذ لم أذق طعاما ولم أجده ولو شئت لدعوت ربي
فأعطاني مثل ملك كسى وقيصر فكيف بك يا ابن عمر اذا بقيت في قوم يخبؤون رزق سنتهم
ويضعف اليقين ؟ قال : فو الله ما برحنا ولارمنا حتى نزلت وكأين من دابة لا تحمل
رزقها الله يرزقها وإياكم وهو السميع العليم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
ان الله لم يأمرني بكنز الدنيا ولا باتباع الشهوات إلا وإني لا أكنز دينارا ولا
درهما ولا أدخر رزقا لغد "
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وكأين من
دابة لا تحمل رزقها قال : الطير والبهائم
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن الاقمر في قوله
وكأين من دابة لا تحمل رزقها قال : لا تظفر شيئا لغد
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن أبي مجلز في الآية قال : من الدواب لا يستطيع أن
يدخر لغد يوفق رزقه كل يوم حتى يموت
(6/475)
وأخرج
ابن جرير عن قتادة فانى يؤفكون قال : يعدلون
- قوله تعالى : وما هذه الحياة الدنيا إلا لخو ولعب وإن الدار الآخرة لهي الحيوان
لو كانوا يعلمون فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى
البر إذا هم يشركون ليكفروا بما آتيناهم وليتمتعوا فسوف يعلمون
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وان
الدار الآخرة لهي الحيوان قال : باقية
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الضحاك في
قوله لهي الحيوان قال : الحياة الدائمة
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الايمان عن أبي جعفر رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " يا عجبا كل العجب للمصدق بدار الحيوان وهو
يسعى لدار الغرور ! "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله فاذا ركبوا في
الفلك
قال : الخلق كلهم يقرون لله أنه ربهم ثم يشركون بعد ذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله فتمتعوا فسوف تعلمون قال : ما كان في الدنيا
فسوف ترونه وما كان في الآخرة فسيبدو لكم
- قوله تعالى : أولم يروا أنا جعلنا حرما آمنا ويتخطف الناس من حولهم أفبالباطل
يؤمنون وبنعمة الله يكفرون ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو كذب بالحق لما
جاءه أليس في جهنم مثوى للكافرين والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن الله لمع
المحسنين
(6/476)
أخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله
أو لم يروا أنا جعلنا حرما آمنا
قال : قد كان لهم في ذلك آية ان الناس يغزون ويتخطفون وهم آمنون أفبالباطل يؤمنون
أي بالشرك وبنعمة الله يكفرون أي يجحدون
وأخرج جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما انهم قالوا : يا محمد ما يمنعنا
ان ندخل في دينك إلا مخافة ان يتخطفنا الناس لقلتنا والعرب أكثر منا فمتى بلغهم
انا قد دخلنا في دينك اختطفنا فكنا أكلة رأس
فأنزل الله أو لم يروا انا جعلنا حرما آمنا العنكبوت الآية 67
(6/477)
بسم
الله الرحمن الرحيم -
سورة الروم
مكية وآياتها ستون
- مقدمة سورة الروم أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من
طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة الروم بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير
مثله
وأخرج عبد الرزاق وأحمد بسند حسن عن رجل من الصحابة
ان رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى بهم الصبح فقرأ فيها سورة الروم
وأخرج البزار عن الاغر المزني رضي الله عنه
ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ في صلاة الصبح بسورة الروم
وأخرج عبد الرزاق عن معمر بن عبد الملك بن عمير
ان النبي صلى الله عليه و سلم قرأ في الفجر يوم الجمعة بسورة الروم
وأخرج ابن أبي شيبه في المصنف وأحمد وابن قانع من طريق عبد الملك بن عمير عن أبي
روح رضي الله عنه قال : صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الصبح فقرأ سورة الروم
فتردد فيها فلما انصرف قال " انما يلبس علينا صلاتنا قوم يحضرون الصلاة بغير
طهور من شهد الصلاة فليحسن الطهور "
- الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين لله الأمر
من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء وهو العزيز الرحيم
وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون
(6/478)
أخرج
أحمد والترمذي وحسنه والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني في الكبير والحاكم
وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل والضياء عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله ألم غلبت الروم قال : غلبت
وغلبت قال : كان المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم لأنهم أصحاب أوثان وكان
المسلمون يحبون أن تظهر الروم على فارس لأنهم أصحاب كتاب فذكروه لابي بكر رضي الله
عنه فذكره أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه و سلم فقال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " أما انهم سيغلبون فذكره أبو بكر رضي الله عنه لهم فقالوا : اجعل بيننا
وبينك أجلا فان ظهرنا كان لنا كذا وكذا وان ظهرتم كان لكم كذا وكذا
فجعل بينهم أجلا خمس سنين فلم يظهروا فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه و
سلم فقال : إلا جعلته أراه قال : دون العشر فظهرت الروم بعد ذلك " فذلك قوله
الم غلبت الروم فغلبت ثم غلبت بعد
يقول الله لله الامر من قبل ومن بعد ويمئذ يفرح المؤمنون بنصر الله قال سفيان :
سمعت أنهم قد ظهروا عليهم يوم بدر
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كان فارس ظاهرين على الروم وكان
المشركون يحبون أن تظهر فارس على الروم وكان المسلمون يحبون أن تظهر الروم على
فارس لأنهم أهل كتاب وهم أقرب إلى دينهم
فلما نزلت الم غلبت الروم في أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين
قالوا : يا أبا بكر ان صاحبك يقول ان الروم تظهر على فارس في بضع سنين
قال : صدق قالوا : هل لك إلى أن نقامرك ؟ فبايعوه على أربعة قلائص إلى سبع سنين
فمضى السبع سنين ولم يكن شيء
ففرح المشركون بذلك وشق على المسلمين
وذكر ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم فقال " ما بضع سنين قال : فما مضت
السنتان حتى جاءت الركبان بظهور الروم على فارس ففرح الممؤمنون بذلك وأنزل الله
الم غلبت الروم إلى قوله وعد الله لا يخلف الله وعده "
وأخرج أيو يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن البراء بن عازب رضي الله
عنه قال : لما أنزلت ألم غلبت الروم
قال المشركون لأبي بكر
(6/479)
رضي
الله عنه : ألا ترى إلى ما يقول صاحبك
يزعم ان الروم تغلب فارس ؟ قال : صدق صاحبي
قالوا : هل لك ان نخاطرك ؟ فجعل بينه وبينهم أجلا فحل الاجل قبل أن يبلغ الروم
فارس فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم فساءه وكرهه وقال لأبي بكر " ما
دعاك إلى هذا ؟ قال : تصديقا لله ورسوله فقال : تعرض لهم وأعظم الخطر واجعله إلى
بضع سنين
فأتاهم أبو بكر رضي الله عنه فقال : هل لكم في العود فان العود أحمد ؟ قالوا : نعم
ثم لم تمض تلك السنون حتى غلبت الروم فارس وربطوا خيولهم بالمدائن وبنوا الرومية
فقمر أبو بكر فجاء به أبو بكر يحمله إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : هذا السحت تصدق به "
وأخرج الترمذي وصححه والدار قطني في الافراد والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل
والبيهقي في شعب الايمان عن يسار بن مكرم السلمي قال : لما نزلت ألم غلبت الروم
كانت فارس يوم نزلت هذه الآية قاهرين الروم وكان المسلمون يحبون ظهور الروم عليهم
لأنهما وإياهم أهل كتاب وفي ذلك يقول الله ويؤمئذ يفرح المؤمنون بنصر الله وكانت
قريش تحب ظهور فارس لأنهم وإياهم ليسوا أهل كتاب ولا إيمان ببعث فلما أنزل الله
هذه الآية خرج أبو بكر رضي الله عنه يصيح في نواحي مكة الم غلبت الروم في أدنى
الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون في بضع سنين فقال ناس من قريش لأبي بكر : ذاك
بيننا وبينكم يزعم صاحبك ان الروم ستغلب فارس في بضع سنين أفلا نراهنك على ذاك ؟
قال : بلى - وذلك قبل تحريم الرهان - فارتهن أبو بكر رضي الله عنه المشركون
وتواضعوا الرهان وقالوا لأبي بكر : لم تجعل البضع ثلاث سنين إلى تسع سنين فسم
بيننا وبينك وسطا تنتهي اليه قال : فسموا بينهم ست سنين فمضت الست قبل أن يظهروا
فأخذ المشركون رهن أبي بكر رضي الله عنه فلما دخلت السنة السابعه ظهرت الروم على
فارس فعاب المسلمون على أبي بكر رضي الله عنه بتسميته ست سنين قال : لأن الله قال
في بضع سنين فأسلم عند ذلك ناس كثير
وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما
" أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لأبي بكر رضي الله عنه : لما نزلت
الم غلبت الروم ألا يغالب البضع دون العشر "
(6/480)
وأخرج
ابن عبد الحكم في فتوح مصر وابن أبي حاتم وة والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن
ابن شهاب رضي الله عنه قال : بلغنا أن المشركين كانوا يجادلون المسلمين وهم بمكة
يقولون : الروم أهل كتاب وقد غلبتهم الفرس وأنتم تزعمون أنكم ستغلبون بالكتاب الذي
أنزل على نبيكم وسنغلبكم كما غلبت فارس الروم فأنزل الله الم غلبت الروم قال ابن
شهابك فاخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال : انه لما نزلت هاتان
الآيتان فأمر أبو بكر بعض المشركين - قبل أن يحرم القمار - على شيء ان لم تغلب
الروم فارس في بضع سنين فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لم فعلت ؟ فكل
ما دون العشر بضع " فكان ظهور فارس على الروم في سبع سنين ثم أظهر الله الروم
على فارس زمن الحديبية ففرح المسلمون بظهور أهل الكتاب
وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردوية عن أبي سعيد
قال : كان يوم بدر ظهرت الروم على قارس فأعجب ذلك المؤمنين فنزلت الم غلبت الروم
قرأها بالنصب إلى قوله يفرح المؤمنون بنصر الله قال : ففرح المؤمنو بظهور الروم
على فارس قال الترمذي : هكذا قرأ غلبت
وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل وابن عساكر من طريق عطية العوفي
عن ابن عباس في قوله الم غلبت الروم قال : قد مضى
كان ذلك في أهل فارس والروم وكانت فارس قد غلبتهم ثم غلبت الروم بعد ذلك والتقى
رسول الله صلى الله عليه و سلم مع مشركي العرب ونصر أهل الكتاب على العجم
قال عطية : وسألت أبا سعيد الخدري عن ذلك عن ذلك فقال : التقينا مع رسول الله صلى
الله عليه و سلم ومشركي العرب والتقت الروم وفارس فنصرنا على مشركي العرب ونصر أهل
الكتاب على المجوس ففرحنا بنصر الله ايانا على المشركين وفرحنا بنصر أهل الكتاب
على المجوس فذلك قوله ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن قتادة الم غلبت الروم في أدنى الأرض قال
: غلبتهم أهل فارس على أدنى أرضك الشام
وهم من بعد غلبهم سيغلبون قال : لما أنزل الله هؤلاء الآيات صدق المسلمون ربهم
وعرفوا أن الروم
(6/481)
ستظهر
على أهل فارس فاقتمروا هم والمشركون خمس قلائص وأجلوا بينهم خمس سنين فولي قمار
المسلمين أبو بكر وولي قمار المشركين ابي بن خلف - وذلك قبل أن ينهى عن القمار -
فجاء الاجل ولم تظهر الروم على فارس فسأل المشركون قمارهم فذكر ذلك أصحاب النبي
صلى الله عليه و سلم للنبي صلى الله عليه و سلم فقال " ألم تكونوا أحقاء أن
تؤجلوا أجلا دون العشر ؟ فان البضع ما بين الثلاث إلى العشر فزايدوهم وما دوهم في
الاجل فأظهر الله الروم على فارس عند رأس السبع من قمارهم الاول فكان ذلك مرجعهم
من الحديبيه وكان مما شد الله به الإسلام فهو قوله ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله
"
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن الزبير الكلابي قال : رأيت غلبة فارس الروم ثم
رأيت غلبة الروم فارس ثم رأيت غلبة المسلمين فارس والروم وظهورهم على الشام
والعراق
كل ذلك في خمس عشرة سنة
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سيجيء أقوام يقرأون غلبت
الروم وإنما هي غلبت
وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن غنم قال : سألت معاذ بن جبل رضي الله عنه عن
قول الله الم غلبت الروم أو غلبت فقال : اقرأني رسول الله صلى الله عليه و سلم الم
غلبت الروم
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله الم غلبت الروم قال : غلبتهم فارس ثم غلبت الروم فارس
وفي قوله في أدنى الأرض قال : في طرف الأرض : الشام
وأخرج الطبراني في الاوسط عن ابن عباس رضي الله عنهما
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " البضع ما بين السبع إلى العشرة
" وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن نيار بن مكرم قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " البضع : ما بين الثلاث إلى التسع "
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر من طريق إبراهيم بن سعد عن أبي الحويرث رضي الله
عنه
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " البضع سنين ما بين خمس إلى سبع
"
(6/482)
وأخرج
ابن عبد الحكم من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال البضع
سبع سنين
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه الم غلبت الروم إلى قوله أكثر الناس لا
يعلمون قال : ذكر غلبة فارس اياهم وادالة الروم على فارس وفرح المؤمنون بنصر الله
أهل الكتاب على فارس من أهل الاوثان
وأخرج ابن جرير عن عكرمة " أن الروم وفارس اقتتلوا في أدنى الأرض قال : وأدنى
الأرض يومئذ اذرعات
بها التقوا فهزمت الروم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه وهم بمكة فشق
ذلك عليهم وكان النبي صلى الله عليه و سلم يكره ان يظهر الاميون من المجوس على أهل
الكتاب من الروم وفرح الكفار بمكة وشمتوا فلقوا أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم
فقالوا : انكم أهل الكتاب وانكم ان قاتلتمونا لنظهرن عليكم
فأنزل الله ألم غلبت الروم
فخرج أبو بكر رضي الله عنه إلى الكفار فقال : فرحتم بظهور اخوانكم على اخواننا فلا
تفرحوا ولا يقرن الله عينكم فوالله لتظهرن الروم على فارس أخبرنا بذلك نبينا صلى
الله عليه و سلم فقام اليه أبي بن خلف فقال : كذبت
فقال له أبو بكر رضي الله عنه : أنت أكذب يا عدو الله
قال : انا أحبك عشر قلائص مني وعشر فلائص منك فان ظهرت الروم على فارس غرمت وان
ظهرت فارس غرمت إلى ثلاث سنين فجاء أبو بكر رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه
و سلم فأخبره فقال " ما هكذا ذكرت انما البضع من الثلاث إلى التسع فزايده في
الخطر وماده في الاجل فخرج أبو بكر رضي الله عنه فلقي أبيا فقال : لعلك ندمت قال :
لا
قال : تعال أزايدك في الخطر وأمادك في الاجل فاجعلها مائة قلوص إلى تسع سنين قال :
قد فعلت "
وأخرج ابن جرير عن سليط قال : سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقرأ الم غلبت الروم
قيل له : يا أبا عبد الرحمن على أي شيء غلبوا ؟ قال : على ريف الشام
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج لله الامر من قبل دولة فارس على الروم ومن بعد دولة
الروم على فارس
(6/483)
-
قوله تعالى : يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون أولم يتفكروا
في أنفسهم ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا
من الناس بلقاء ربهم لكافرون أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من
قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم
بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون ثم كان عاقبة الذين
أساؤوا السوء أن كذبوا بآيات الله وكانوا بها يستهزؤون الله يبدؤ الخلق ثم يعيده
ثم إليه ترجعون ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء
وكانوا بشركائهم كافرين
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ويعلمون ظاهرا من الحياة
الدنيا يعني معايشهم
متى يغرسون ومتى يزرعون ومتى يحصدون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما يعلمون
ظاهرا من الحياة الدنيا يعرفون عمران الدنيا
وهم في امر الآخرة جهال
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتاردة رضي الله عنه في
قوله يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا قال : يعلمون تجارتها وحرفتها وبيعها
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في
قوله يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا قال : معايشهم وما يصلحهم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال :
ليبلغ من حذق أحدهم بأمر دنياه أنه يقلب الدرهم على ظفره فيخبرك بوزنة وما يحسن
يصلي
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن عمرو في قوله كانوا هم أشد منهم قوة قال :
(6/484)
كان
الرجل ممن كان قبلكم بين منكبيه ميل
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله وأثاروا الأرض قال : حرثوا الأرض
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله وأثاروا الأرض يقول : جنانها وأنهارها
وزروعها وعمروها أكثر مما عمروها يقول : عاشوا فيها أكثر من عيشكم فيها
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ثم
كان عاقبة الذين أساؤا السوأى قال : الذين كفروا جزاؤهم العذاب
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال السوأى الاساءة
جزاء المسيئين
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله يبلس قال : ييأس
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله
يبلس قال : يكتئب
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه
قال يبلس قال : يكتئب
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه
قال : الابلاس الفضيحة
- قوله تعالى : ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات
فهم في روضة يحبرون وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في
العذاب محضرون
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ويوم
تقوم الساعة يومئذ يتفرقون قال : فرقة لا اجتماع بعدها
(6/485)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله يومئذ يتفرقون قال : هؤلاء في عليين
وهؤلاء في أسف سافلين
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مالك في قوله في روضة يعني بساتين الجنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله في روضة يحبرون قال : في جنة
يكرمون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله يحبرون قال :
يكرمون
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله يحبرون قال : ينعمون
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبه وهناد بن السري وعبد بن حميد وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث والخطيب في تاريخه عن يحيى بن أبي كثير في
روضة يحبرون قال : لذة السماع في الجنة
وأخرج عبد بن حميد عن يحيى بن أبي كثير في قوله يحبرون قيل : يا رسول الله ما
الحبر ؟ قال " اللذة والسماع "
وأخرج ابن عساكر عن الاوزاعي في قوله في روضة يحبرون قال : هوالسماع اذا أراد أهل
الجنة أن يطربوا أوحى الله إلى رياح يقال لها : الهفافة
فدخلت في آجام قصب اللؤلؤ الرطب فحركته فضرب بعضه بعضا فتطرب الجنة فاذا طربت لم
يبق في الجنة شجرة إلا وردت
وأخرج ابن أبي شيبه وهناد وابن جرير والبيهقي عن مجاهد رضي الله عنه
انه سئل هل في الجنة سماع ؟ فقال : ان فيها لشجرة يقال لها القيض لها سماع لم يسمع
السامعون إلى مثله
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي والاصبهاني في الترغيب عن محمد بن المنكدر قال
: اذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين الذين ينزعون أنفسهم عن اللهو مزامير
الشيطان ؟ أسكنوهم رياض المسك ثم يقول للملائكة : أسمعوهم حمدي وثنائي وأعلموهم أن
لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
وأخرج الدينوري في المجالسة عن مجاهد رضي الله عنه قال : ينادي مناد يوم
(6/486)
القيامة
أين الذين كانوا ينزهون أصواتهم واسماعهم عن اللهو ومزامير الشيطان ؟ فيحملهم الله
في رياض الجنة من مسك فيقول للملائكة " اسمعوا عبادي تحميدي وتمجيدي وأخبروهم
ان لا خوف عليهم ولا هم يحزنون "
وأخرج الديلمي عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" اذا كان يوم القيامة قال الله : أين الذين كانوا ينزهون اسماعهم وأبصارهم
عن مزامير الشيطان ميزوهم ؟ فيميزون في كتب المسك والعنبر ثم يقول للملائكة :
أسمعوهم من تسبيحي وتحميدي وتهليلي قال : فيسبحون بأصوات لم يسمع السامعون بمثلها
قط "
وأخرج ابن أبي الدنيا والضياء المقدسي كلاهما في صفة الجنة بسند صحيح عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال : في الجنة شجرة على ساق قدر ما يسير الراكب المجد في ظلها
مائة عام فيخرج أهل الجنة أهل الغرف وغيرهم فيتحدثون في ظلها فيشتهي بعضهم ويذكر
لهو الدنيا فيرسل الله ريحا من الجنة فتحرك تلك الشجرة بكل لهو كان في الدنيا
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن سابط قال : ان في الجنة لشجرة لم يخلق الله من صوت حسن
إلا وهو في جرمها يلذذهم وينعمهم
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاصول عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رجل :
يا رسول الله اني رجل حبب إلى الصوت الحسن فهل في الجنة صوت حسن ؟ فقال " أي
والذي نفسي بيده ان الله يوحي إلى شجرة في الجنة : ان أسمعي عبادي الذين اشتغلوا
بعبادتي وذكري عن عزف البرابط والمزامير فترفع بصوت لم يسمع الخلائق بمثله من
تسبيح الرب وتقديسه "
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي موسى الاشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " من استمع إلى صوت غناء لم يؤذن له أن يسمع الروحانيين في
الجنة
قيل : ومن الروحانيون يا رسول الله ؟ قال : قراء أهل الجنة "
وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق عن سعيد بن أبي سعيد الحارثي رضي الله عنه قال :
ان في الجنة آجاما من قصب من ذهب حملها اللؤلؤ اذا اشتها أهل الجنة صوتا بعث الله
ريحا على تلك الآجام فأتتهم بكل صوت حسن يشتهونه
والله أعلم
(6/487)
-
قوله تعالى : فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السموات والأرض
وعشيا وحين تظهرون يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها
وكذلك تخرجون
أخرج الفريابي وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أدنى ما يكون من
الحين بكرة وعشيا ثم قرأ فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني
والحاكم وصححه عن أبي رزين رضي الله عنه قال : جاء نافع بن الازرق إلى ابن عباس
رضي الله عنهما قال : هل تجد الصلوات الخمس في القرآن ؟ قال : نعم
فقرأ فسبحان الله حين تمسون صلاة المغرب وحين تصبحون صلاة الصبح وعشيا صلاة العصر
وحين تظهرون صلاة الظهر وقرأ ومن بعد صلاة العشاء
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جمعت
هذه الآية مواقيت الصلوة فسبحان الله حين تمسون قال : المغرب والعشاء وحين تصبحون
الفجر وعشيا العصر وحين تظهرون الظهر
وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن السني في عمل يوم وليلة
والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الدعوات عن معاذ بن أنس رضي الله عنه عن رسول
الله صلى الله عليه و سلم " ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذي وفى
لأنه كان يقول كلما أصبح وأمسى سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في
السموات والأرض وعشيا وحين تظهرون "
وأخرج أبو داود والطبراني وابن السني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " من قال حين يصبح سبحان الله حين تمسون
وحين تصبحون وله الحمد في السموات والارض وعشيا وحين تظهرون يخرج الحي من الميت
ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون أدرك ما
(6/488)
فاته
في يومه ومن قالها حين يمسي أدرك ما فاته من ليلته "
وأخرج ابن مردويه والخرائطي في مكارم الاخلاق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من قال حين أصبح سبحان الله وبحمده الف
مرة فقد اشترى نفسه من الله وكان آخر يومه عتيقا من النار "
وأخرج ابن ماجه في تفسيره وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال : قال عمر رضي الله عنه : أما الحمد فقد عرفناه فقد يحمد الخلائق بعضهم بعضا
وأما لا اله إلا الله فقد عرفناها فقد عبدت الآلهة من دون الله وأما الله أكبر فقد
يكبر المصلي وأما سبحان الله فما هو ؟ فقال رجل من القوم : الله أعلم ! فقال عمر
رضي الله عنه : قد شقي عمر إن لم يكن يعلم أن الله يعلم فقال علي رضي الله عنه :
يا أمير المؤمنين اسم ممنوع ان ينتحله أحد من الخلائق واليه يفزع الخلق واحب أن
يقال له فقال : هو كذاك
وأخرج أحمد والحاكم والضياء عن أبي سعيد وأبي هريرة رضي الله عنهما
ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " ان الله اصطفى من الكلام أربعا
سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر
فمن قال سبحان الله
كتبت له عشرون حسنة وحطت عنه عشرون سيئة ومن قال الله أكبر
مثل ذلك ومن قال لا اله إلا الله
مثل ذلك ومن قال الحمد لله رب العالمين
من قبل نفسه له ثلاثون حسنة وحطت عنه ثلاثون سيئة "
وأخرج ابن عساكر عن الحسن البصري رضي الله عنه قال : من قرأ الآيات فسبحان الله
حين تمسون وحين تصبحون إلى آخرها
لم يفته شيء في يومه وليلته وأدرك ما فاته من يومه وليلته
- قوله تعالى : ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشرتنتشرون ومن آياته أن
خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات
لقوم يتفكرون ومن آياته خلق السموات والأرض وإختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في ذلك
لآيات
(6/489)
للعالمين
ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك لآيات لقوم يسمعون
ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها
إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم
دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون وله من في السموات والأرض كل له قانتون
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ومن آياته قال : كل شيء في القرآن
آيات
بذلك تعرفون الله
انكم لن تروه فتعرفونه على رؤية ولكن تعرفون بآياته وخلقه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله ومن آياته
أن خلقكم من تراب قال : آدم من تراب ثم اذا أنتم بشر تنتشرون يعني ذريته ومن آياته
ان خلق لكم من أنفسكم أزواجا قال : حواء
خلقها الله من ضلع من أضلاع آدم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله وجعل بينكم مودة
قال : الجماع ورحمة قال : الولد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ومن
آياته ان تقوم السماء والارض بأمره قال : قامتا بأمره بغير عمد ثم اذا دعاكم دعوة
من الأرض اذا أنتم تخرجون قال : دعاهم من السماء فخرجوا من الأرض
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله اذا أنتم تخرجون قال : من
قبوركم
وأخرج ابن أبي حاتم عن الازهر بن عبد الله الجزاري قال : يقرأ على المصاب اذا أخذ
ومن آياته ان تقوم السماء والارض بأمره ثم اذا دعاكم دعوة من الأرض اذا أنتم
تخرجون
(6/490)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس في قوله كل له قانتون يقول : مطيعون يعني الحياة والنشور
والموت
وهم عاصون له فيما سوى ذلك من العبادة
والله تعالى أعلم
- قوله تعالى : وهو الذي يبدؤ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في
السمواتوالأرض وهو العزيز الحكيم
أخرج ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الانباري في المصاحف
عن عكرمة قال : تعجب الكفار من احياء الله الموتى فنزلت وهو الذي يبدأ الخلق ثم
يعيده وهو أهون عليه قال : اعادة الخلق أهون عليه من ابتدائه
وأخرج آدم بن أبي اياس والفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم وابن الانباري والبيهقي في الاسماء والصفات عن مجاهد في قوله وهو أهون عليه
قال : الاعادة أهون عليه من البداءة والبداءة عليه هين
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وهو
أهون عليه قال : أيسر
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في الآية قال : في عقولكم إعادة شيء
إلى شيء كان أهون من ابتدائه إلى شيء لم يكن
وأخرج ابن الانباري عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله " وهو أهون عليه
" قال : الاعادة أهون على المخلوق لأنه يقول له يوم القيامة كن فيكون وابتداء
الخلق من نطقة ثم من علقة ثم من مضغة
وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال : كل عليه هين
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وله
المثل الاعلى يقول ليس كمثله شيء الشورى الآية 11 وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم
عن قتادة رضي الله عنه وله المثل الاعلى قال : شهادة ان لا اله إلا الله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه وله المثل الاعلى قال : مثله
انه لا اله إلا هو ولا معبود غيره
(6/491)
-
قوله تعالى : ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت إيمانكم من شركاء في ما
رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون بل
اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله وما لهم من ناصرين
أخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان يلبي أهل الشرك
لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك إلا شريك هو لك تملكه ملك فأنزل الله هل لكم مما
ملكت أيمانكم من شركاء
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله هل لكم مما ملكت أيمانكم
الآية
قال : هي في الآلهة وفيه يقول : تخافونهم أن يرثوكم كما يرث بعضكم بعضا
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ضرب
لكم
الآية
قال هذا مثل ضربه الله لمن عدل به شيئا من خلقه يقول : أكان أحد منكم مشاركا
مملوكه في ماله ونفسه وزوجته ؟ فكذلك لا يرضى الله تعالى أن يعدل به أحد من خلقه
- قوله تعالى : فأقم وجهك للدين حنيفا فطرت الله التي فطر الناس عليها لا تبديل
لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون
أخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله
فطرة الله التي فطر الناس عليها قال : الدين الإسلام لا تبديل لخلق الله قال :
لدين الله
(6/492)
وأخرج
ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله فطرة الله التي
قطر الناس عليها قال : الإسلام
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله فطرة الله التي فطر الناس عليها قال : دين
الله الذي فطر خلقه عليه
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاصول عن مكحول رضي الله عنه
ان الفطرة معرفة الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله لا تبديل لخلق الله قال :
دين الله ذلك الدين القيم قال : القضاء القيم
وأخرج ابن مردويه عن حماد بن عمر الصفار قال : سألت قتادة رضي الله عنه عن قوله
فطرة الله التي فطر الناس عليها فقال : حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " فطرة الله التي فطر الناس عليها قال : دين
الله "
وأخرج ابن جرير عن معاذ بن جبل رضي الله عنه
ان عمر رضي الله عنه قال له : ما قوام هذه الامة ؟ قال : ثلاث وهي المنجيات
الاخلاص : وهي الفطرة التي فطر الناس عليها
والصلاة : وهي الملة
والطاعة : وهي العصمة
فقال عمر رضي الله عنه : صدقت
وأخرج ابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه لا تبديل لخلق الله قال : لدين الله
وأخرج ابن جرير عن عكرمة وقتادة والضحاك وابراهيم وابن زيد
مثله
وأخرج البخاري ومسلم وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما من مولود إلا يولد على
الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون
فيها من جدعاء ؟ " ثم يقول أبو هريرة رضي الله عنه : اقرأوا ان شئتم فطرة
الله التي فطر عليها لا تبديل لخلق الله لذلك الدين القيم
وأخرج مالك وأبو داود وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه كما
تنتج الابل من بهيمة جمعاء هل تحس من جدعاء ؟ قالوا : يا رسول الله أفرأيت من يموت
وهو صغير ؟ قال : الله أعلم بما كانوا عاملين
(6/493)
وأخرج
عبد الرزاق وابن أبي شيبه وأحمد والنسائي والحاكم وصححه وابن مردويه عن الاسود بن
سريع رضي الله عنه " ان رسول الله صلى الله عليه و سلم بعث سرية إلى خيبر
فقاتلوا المشركين فانتهى بهم القتل إلى الذرية فلما جاؤا قال النبي صلى الله عليه
و سلم : ماحملكم على قتل الذرية ؟ قالوا : يا رسول الله انما كانوا أولاد المشركين
! قال : وهل خياركم إلا أولاد المشركين ؟ والذي نفسي بيده ما من نسمة تولد إلا على
الفطرة حتى يعرب عنها لسانها "
- قوله تعالى : منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين من
الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم
منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون ليكفروا بما
آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به
يشركون وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم إذا هم
يقنطون أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون
فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم
المفلحون وما آتيتم من ربا ليربوا في أموال الناس فلا يربوا عند الله وماأتيتم من
زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم
يحييكم هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون
أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله منيبين اليه قال : تائبين اليه
(6/494)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ومن الذين فرقوا دينهم قال : هم
اليهود والنصارى
وفي قوله أم أنزلنا عليهم سلطانا قال : يأمرهم بذلك
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله أم أنزلنا عليهم
سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون يقول : أم أنزلنا عليهم كتابا فهو ينطق
بشركهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه
مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله فآت ذا القربى حقه والمسكين
وابن السبيل قال : الضيف ذلك خير للذين يريدون وجه الله أولئك هم المضعفون قال :
هذا الذي يقبله الله ويضاعفه لهم عشر أمثالها وأكثر من ذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وما آتيتم من ربا
قال : الربا رباآن
ربا لا بأس به
وربا لا يصلح فأما الربا الذي لا بأس به
فهدية الرجل إلى الرجل يريد فضلها أو اضعافها
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما وما آتيتم من ربا
قال هو ما يعطي الناس بعضهم بعضا يعطي الرجل الرجل العطية يريد أن يعطى أكثر منها
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس لا يربو عند الله قال : هي الهدايا
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس لا يربو عند الله قال : يعطي ما له
يبتغي أفضل منه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه وما آتيتم من ربا ليربو
في أموال الناس فلا يربو عند الله قال : ما أعطيتم من عطية لتثابوا عليها في
الدنيا فليس فيها أجر
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
(6/495)
الضحاك
رضي الله عنه في قوله وما آتيتم من ربا
قال : هو الربا الحلال
أن تهدي أكثر منه وليس له أجر ولا وزر ونهى عنه النبي صلى الله عليه و سلم خاصة
فقال ولا تمنن تستكثر
وأخرج البيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما
مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه وما آتيتم ربا
قال : الرجل يعطي الشيء ليكافئه به ويزداد عليه فلا يربو عند الله والآخر الذي
يعطي الشيء لوجه الله ولا يريد من صاحبه جزاء ولا مكافأة فذلك الذي يضعف عند الله
تعالى
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وما
آتيتم من زكاة قال : هي الصدقة
- قوله تعالى : ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي
عملوا لعلهم يرجعون قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان
أكثرهم مشركين
أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ظهر الفساد في البر والبحر
قال البر البرية التي ليس عندها نهر
و البحر مكان من المدائن والقرى على شط نهر
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ظهر الفساد في
البر والبحر بما كسبت أيدي الناس
الآية
قال : نقصان البركة بأعمال العباد كي يتوبوا
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه ظهر الفساد في البر والبحر قال : قحوط
المطر
قيل له : قحوط المطر لن يضر البحر
قال : اذا قل المطر قل الغوص
وأخرج ابن المنذر عن عطية رضي الله عنه في الآية
انه قيل له : هذا البر والبحر أي فساد فيه ؟ قال : اذا قل المطر قل الغوص
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن رفيع رضي الله عنه في قوله ظهر الفساد في
(6/496)
البر
والبحر قال : انقطاع المطر
قيل : فالبحر ؟ قال : اذا لم يمطر عميت دواب البحر
وأخرج الفريابي عن عكرمة رضي الله عنه في قوله ظهر الفساد في البر والبحر قال البر
الفيافي التي ليس فيها شيء
و البحر القرى
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه أنه سئل عن قوله
ظهر الفساد في البر والبحر قال : البر قد عرفناه فما بال البحر ؟ قال : ان العرب تسمى
الامصار البحر
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه ظهر الفساد في البر والبحر قال : فساد البر : قتل ابن آدم أخاه
والبحر : أخذ الملك السفن غصبا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ظهر الفساد في البر والبحر
قال : هذا قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه و سلم رجع راجعون من الناس
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ظهر الفساد في البر والبحر قال
البر كل قرية نائية عن البحر
مثل مكة والمدينة و البحر كل قرية على البحر
مثل كوفة والبصرة والشام وفي قوله بما كسبت أيدي الناس قال : بما عملوا من المعاصي
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في الآية قال : البحر الجزائر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
لعلهم يرجعون قال : يتوبون
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله لعلهم يرجعون قال : عن
الذنوب
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير عن الحسن رضي الله عنهما في قوله ظهر الفساد في البر
والبحر بما كسبت أيدي الناس قال : أفسدهم الله بذنوبهم في بر الأرض وبحرها
بأعمالهم الخبيثة لعلهم يرجعون قال : يرجع من بعدهم
(6/497)
-
قوله تعالى : فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله يومئذ
يصدعون من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون ليجزي الذين آمنوا وعملوا
الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم
من رحمته ولتجري الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله فأقم وجهك للدين القيم قال : الإسلام من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله
قال : يوم القيامة يومئذ يصدعون قال : فريق في الجنة وفريق في السعير
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
يومئذ يصدعون قال : يتفرقون
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله يومئذ يصدعون يومئذ
يتفرقون
وقرأ فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون وأما الذين كفروا
وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فاولئك في العذاب محضرون قال : هذا حين يصدعون
يتفرقون إلى الجنة والنار
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الحلية
والبيهقي في عذاب القبر عن مجاهد في قوله فلأنفسهم يمهدون قال : يسوون المضاجع في
القبر
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات قال : بالمطر وليذيقكم من رحمته
قال : المطر ولتجري الفلك بأمره قال : السفن في البحار ولتبتغوا من فضله قال :
التجارة في السفن
(6/498)
-
قوله تعالى : ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات فانتقمنا من
الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين
أخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " ما من امرىء مسلم يرد عن عرض أخيه إلا
كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة
ثم تلا وكان حقا علينا نصر المؤمنين "
- قوله تعالى : الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء
ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم
يستبشرون وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين فانظر إلى آثار رحمة
الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير ولئن
أرسلنا ريحا فرؤوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون
أخرج أبو الشيخ في العظمة عن السدي رضي الله عنه قال : يرسل الله الريح فتأتي
بالسحاب من بين الخافقين - طرف السماء حين يلتقيان - فتخرجه ثم تنشره فيبسطه في
السماء كيف يشاء فيسيل الماء على السحاب ثم يمطر السحاب بعد ذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يرسل الله الريح فتحمل الماء
من السحاب فتمر به السحاب فتدر كما تدر الناقة وثجاج مثل العزالي غير أنه متفرق
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله فيبسطه في السماء قال
: يجمعه ويجعله كسفا قال : قطعا
(6/499)
وأخرج
أبو يعلى وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله فيجعله كسفا قال : قطعا
يجعل بعضها فوق بعض فترى الودق قال : المطر يخرج من خلاله قال : من بينه
وأخرج الفريابي عن مجاهد رضي الله عنه في قوله فترى الودق قال : القطر
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ويجعله كسفا قال : سماء دون
سماء وفي قوله لمبلسين قال : القنطين
- قوله تعالى : فإنك لاتسمع الموتى ولاتسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين وما أنت
بهاد العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون
أخرج مسلم وابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم ترك قتلى بدر أياما حتى جيفوا ثم أتاهم فقام يناديهم فقال : يا أمية بن
خلف يا أبا جهل بن هشام يا عتبة بن ربيعة
هل وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ فسمع عمر رضي الله عنه صوته فجاء فقال : يا رسول الله
تناديهم بعد ثلاث وهل يسمعون ؟ يقول الله انك لا تسمع الموتى فقال : والذي نفسي
بيده ما أنتم بأسمع منهم ولكنهم لا يطيقون أن يجيبوا "
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله
عنهما قال : وقف النبي صلى الله عليه و سلم على قليب بدر فقال " هل وجدتم ما
وعد ربكم حقا ؟ ثم قال : انهم الآن يسمعون ما أقول
فذكر لعائشة رضي الله عنها فقالت : انما قال النبي صلى الله عليه و سلم : انهم
الآن ليعلمون أن الذي كنت أقول لهم هو الحق ثم قرأت انك لا تسمع الموتى حتى قرأت
الآية "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي من طريق قتادة قال : ذكر
لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة رضي الله عنهما " ان نبي الله صلى الله عليه و
سلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوى من أطواء بدر
خبيث مخبث وكان اذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال فلما كان ببدر اليوم
الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى واتبعه أصحابه قالوا : ما ترى ينطلق
(6/500)
إلا
لبعض حاجته حتى قام على شفة الركى فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم
يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله ؟ فإنا قد وجدنا
ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا ؟ فقال عمر رضي الله عنه : يا رسول
الله ما تكلم من أجساد لا أرواح فيها : فقال النبي صلى الله عليه و سلم : انهم
لأسمع لما أقول منكم " قال قتادة : أحياهم الله حتى أسمعهم قوله توبيخا
وتصغيرا ونقمة وحسرة وندما
وأخرج ابن مردويه من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
نزلت هذه الآية في دعاء النبي صلى الله عليه و سلم لاهل بدر أنك لا تسمع الموتى
ولا تسمع الصم الدعاء اذا ولوا مدبرين
- قوله تعالى : الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة
ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير
أخرج سعيد بن منصور وأحمد وابو داود والترمذي وحسنه وابن المنذر والطبراني
والشيرازي في الالقاب والدار قطني في الافراد وابن عدي والحاكم وأبو نعيم في
الحلية وابن مردويه والخطيب في تالي التلخيص عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قرأت
على النبي صلى الله عليه و سلم الله الذي خلقكم من ضعف فقال " من ضعف يا بني
"
وأخرج الخطيب عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ الله
الذي خلقكم من ضعف بالضم
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ
هذا الحرف في الروم خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله الله الذي خلقكم من
ضعف قال : من نطفة ثم جعل من بعد قوة ضعفا قال : الهرم وشيبة قال : الشمط
(6/501)
-
قوله تعالى : ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا يؤفكون
وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى يوم البعث فهذا يوم
البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون
ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن
أنتم إلا مبطلون كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون فاصبر إن وعد الله حق
ولا يستخفنك الذين لا يوقنون
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة قال : يعنون في الدنيا
استقل القوم أجل الدنيا لما عاينوا الآخرة كذلك كانوا يؤفكون قال : كذلك كانوا
يكذبون في الدنيا وقال الذين أوتوا العلم
الآية
قال : هذا من تقاديم الكلام وتأويلها : وقال الذين اوتوا الايمان والعلم في كتاب
الله لقد لبثتم إلى يوم البعث
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله لقد لبثتم في كتاب الله
إلى يوم البعث قال : لبثوا في علم الله في البرزخ إلى يوم القيامة لا يعلم متى علم
وقت الساعة إلا الله وفي ذلك أنزل الله وأجل مسمى عنده طه الآية 129
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في سننه
عن علي رضي الله عنه أن رجلا من الخوارج ناداه وهو في صلاة الفجر فقال لقد أوحى
اليك والى الذين من قبل لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين فأجابه علي رضي
الله عنه وهو في الصلاة فأصبر ان وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون
(6/502)
بسم
الله الرحمن الرحيم -
سورة لقمان
مكية وآياتها اربع وثلاثون
- مقدمة سورة لقمان أخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال : أنزلت سورة لقمان بمكة
وأخرج النحاس في تاريخه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : سورة لقمان نزلت بمكة
سوى ثلاث آيات منها نزلت بالمدينة ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام
لقمان الآية 27 إلى تمام الآيات الثلاث
وأخرج النسائي وابن ماجه عن البراء رضي الله عنه قال : كنا نصلي خلف النبي صلى
الله عليه و سلم الظهر ونسمع منه الآية بعد الآية من سورة لقمان والذاريات
- الم تلك آيات الكتاب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون
الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون ومن الناس
من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين
أخرج البيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ومن الناس من
يشتري لهو الحديث يعني باطل الحديث
وهو النضر بن الحارث بن علقمة
اشترى أحاديث العجم وصنيعهم في دهرهم وكان يكتب الكتب من الحيرة والشام ويكذب بالقرآن
فأعرض عنه فلم يؤمن به
(6/503)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ومن الناس من يشتري لهو
الحديث قال : شراؤه استحبابه
وبحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق
وفي قوله ويتخذها هزا قال : يستهزىء بها ويكذبها
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله ويتخذها هزوا قال : سبيل الله يتخذ السبيل هزوا
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ومن
الناس من يشتري لهو الحديث قال : باطل الحديث
وهو الغناء ونحوه وليضل عن سبيل الله قال : قراءة القرآن وذكر الله
نزلت في رجل من قريش اشترى جارية مغنية
وأخرج جويبر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ومن الناس من يشتري لهو الحديث
قال : أنزلت في النضر بن الحارث
اشترى قينة فكان لا يسمع بأحد يريد الإسلام إلا انطلق به إلى قينته فيقول : أطعميه
واسقيه وغنيه هذا خير مما يدعوك اليه محمد من الصلاة والصيام وان تقاتل بين يديه
فنزلت
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والترمذي وابن ماجه وابن أبي الدنيا في ذم الملاهي وابن
جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي عن أبي امامة رضي
الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لا تبيعوا القينات ولا
تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام
في مثل هذا أنزلت هذه الآية ومن الناس من يشتري لهو الحديث
إلى آخر الآية "
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ان الله حرم القينة وبيعها وثمنها
وتعليمها والاستماع اليها
ثم قرأ ومن الناس من يشتري لهو الحديث "
وأخرج البخاري في الأدب المفرد وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن أبي حاتم وابن
مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما ومن الناس من يشتري لهو
الحديث قال : هو الغناء وأشباهه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ومن
(6/504)
الناس
من يشتري لهو الحديث قال : هو شراء المغنية
وأخرج ابن عساكر عن مكحول رضي الله عنه في قوله ومن الناس من يشتري لهو الحديث قال
: الجواري الضاربات
وأخرج ابن أبي شيبه وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي
في شعب الايمان عن أبي الصهباء قال : سألت عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه
عن قوله تعالى ومن الناس من يشتري لهو الحديث قال : هو - والله - الغناء
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير عن شعيب بن يسار قال : سألت عكرمة رضي الله عنه عن
لهو الحديث قال : هو الغناء
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي الدنيا وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد
رضي الله عنه ومن الناس من يشتري لهو الحديث قال : هو الغناء وكل لعب لهو
وأخرج ابن أبي الدنيا من طريق حبيب بن أبي ثابت عن إبراهيم رضي الله عنه ومن الناس
من يشتري لهو الحديث قال : هو الغناء وقال مجاهد رضي الله عنه : هو لهو الحديث
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني رضي الله عنه ومن الناس من يشتري لهو الحديث
قال : الغناء والباطل
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : نزلت هذه الآية ومن الناس من
يشتري لهو الحديث في الغناء والمزامير
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في سننه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : الغناء
ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء الزرع والذكر ينبت الايمان في القلب كما ينبت
الماء الزرع
وأخرج ابن أبي الدنيا عن إبراهيم رضي الله عنه قال : كانوا يقولون : الغناء ينبت
النفاق في القلب
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في سننه عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء
البقل "
(6/505)
وأخرج
ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه قال : اذا ركب
الرجل الدابة ولم يسم ردفه شيطان فقال : تغنه فان كان لا يحسن قال له : تمنه
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن مردويه عن أبي امامة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ما رفع أحد صوته بغناء إلا بعث
الله اليه شيطانين يجلسان على منكبيه يضربان باعقابهما على صدره حتى يمسك "
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الشعبي عن القاسم بن محمد رضي الله عنه أنه سئل
عن الغناء فقال : أنهاك عنه وأكرهه لك
قال السائل : احرام هو ؟ قال : انظر يا ابن أخي
اذا ميز الله الحق من الباطل في أيهما يجعل الغناء
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن الشعبي قال : لعن المغني والمغنى له
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن فضيل بن عياض قال : الغناء رقية الزنا
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن أبي عثمان الليثي قال : قال يزيد بن الوليد
الناقص : يا بني أمية أياكم والغناء فانه ينقص الحياء ويزيد في الشهوة ويهدم
المروءة وانه لينوب عن الخمر ويفعل ما يفعل السكر فان كنتم لابد فاعلين فجنبوه
النساء فان الغناء داعية الزنا
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أبي جعفر الأموي عمر بن عبد الله قال : كتب عمر بن عبد
العزيز رضي الله عنه إلى مؤدب ولده : من عبد الله عمر أمير المؤمنين إلى سهل مولاه
أما بعد فاني اخترتك على علم مني لتأديب ولدي وصرفتهم اليك عن غيرك من موالي وذوي
الخاصة بي فخذهم بالجفاء فهو أمكن لاقدامهم وترك الصحبة فان عادتها تكسب الغفلة
وكثرة الضحك فان كثرته تميت القلب وليكن أول ما يعتقدون من أدبك بغض الملاهي التي
بدؤها من الشيطان وعاقبتها سخط الرحمن فانه بلغني عن الثقات من حملة العلم ان حضور
المعازف واستماع الاغاني واللهج بهما ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء العشب
ولعمري ولتوقي ذلك بترك حضور تلك المواطن أيسر على ذوي الذهن من الثبوت على النفاق
في قلبهن وهو حين يفارقها لا يعتقد مما سمعت أذناه على شيء ينتفع به وليفتح كل
غلام منهم بجزئه من القرآن يثبت في قراءته فاذا فرغ منه تناول قوسه وكنانته
(6/506)
وخرج
إلى الغرض حافيا فرمى سبعة ارشاق ثم انصرف إلى القائلة فان ابن مسعود رضي الله عنه
كان يقول : يا بني قيلوا فان الشياطين لا تقيل والسلام
وأخرج ابن أبي الدنيا عن رافع بن حفص المدني قال : أربع لا ينظر الله اليهن يوم
القيامة
الساحرة
والنائحة
والمغنية
والمرأة مع المرأة
وقال : من أدرك ذلك الزمان فأولى به طول الحزن
وأخرج ابن أبي الدنيا عن علي بن الحسين رضي الله عنه قال : ما قدست أمة فيها
البربط
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه
ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين
صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير شيطان وصوت عند مصيبة
خدش وجوه وشق جيوب ورنة شيطان "
وأخرج ابن أبي الدنيا عن الحسن رضي الله تعالى عنه قال : صوتان ملعونان
مزمار عند نغمة
ورنة عند مصيبة
وأخرج ابن أبي الدنيا عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال : أخبث الكسب كسب
الزمارة
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي عن نافع قال : كنت أسير مع عبد الله بن عمر رضي
الله عنهما في طريق فسمع زمارة راع فوضع أصبعيه في أذنيه ثم عدل عن الطريق فلم يزل
يقول : يا نافع أتسمع ؟ قلت : لا
فأخرج أصبعيه من أذنيه وقال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم صنع
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن عمر " أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم
قال : في هذه الآية ومن الناس من يشتري لهو الحديث إنما ذلك شراء الرجل اللعب
والباطل "
وأخرج الحاكم في الكني عن عطاء الخراساني رضي الله عنه قال : نزلت هذه الآية ومن
الناس من يشتري لهو الحديث في الغناء والباطل والمزامير
وأخرج آدم وابن جرير والبيهقي في سننه عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ومن الناس من
يشتري لهو الحديث قال : هو اشتراؤه المغني والمغنية بالمال الكثير والاستماع اليه
والى مثله من الباطل
(6/507)
وأخرج
البيهقي في الشعب عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله ومن الناس من يشتري لهو
الحديث قال : هو رجل يشتري جارية تغنيه ليلا أو نهارا
- قوله تعالى : وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه
وقرا فبشره بعذاب أليم
أخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة رضي الله عنه واذا تتلى عليه آياتنا ولي مستكبرا قال
: مكذبا بها
وأخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله وقرا قال : ثقلا
- قوله تعالى : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم خالدين فيها وعد
الله حقا وهو العزيز الحكيم خلق السموات بغير عمد ترونها وألقى في الأرض رواسي أن
تميد بكم وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من السماء ماء فأنبتنا فيها من كل زوج كريم
أخرج ابن أبي حاتم عن مالك بن دينا رضي الله عنه قال : جنات النعيم بين جنات
الفردوس وبين جنات عدن وفيها جوار خلقن من ورد الجنة
قيل : ومن يسكنها ؟ قال : الذين هموا بالمعاصي فلما ذكروا عظمتي راقبوني والذين
انثنت أصلابهم في خشيتي
- قوله تعالى : هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه بل الظالمون في ضلال
مبين
(6/508)
أخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله وهذا خلق الله أي ما ذكر من
خلق السموات والأرض وما بث فيها من الدواب وما أنبت من كل زوج فأروني ماذا خلق
الذين من دونه يعني الاصنام
والله أعلم
- قوله تعالى : ولقد آتينا لقمان الحكمة أن اشكر لله ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه
ومن كفر فإن الله غني حميد وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن
الشرك لظلم عظيم
أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " أتدرون ما كان لقمان ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : كان حبشيا
"
وأخرج ابن أبي شيبه في الزهد وأحمد وابن أبي الدنيا في كتاب المملوكين وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان لقمان عليه
السلام عبدا حبشيا نجارا
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال : قلت لجابر بن عبد
الله رضي الله عنهما : ما انتهى اليكم من شأن لقمان عليه السلام ؟ قال : كان قصيرا
أفطس من النوبة
وأخرج الطبراني وابن حبان في الضعفاء وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " اتخذوا السودان فان ثلاثة منهم سادات
أهل الجنة
لقمان الحكيم
والنجاشي
وبلال المؤذن " قال الطبراني : أراد الحبشة
وأخرج ابن عساكر عن عبد الرحمن بن يزيد عن جابر رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " سادات السودان أربعة
لقمان الحبشي
والنجاشي
وبلال
ومهجع "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه ان
لقمان عليه السلام كان أسود من سودان مصر ذا مشافر
أعطاه الله الحكمة ومنعه النبوة
(6/509)
وأخرج
ابن جرير عن عبد الرحمن ابن حرملة قال : جاء أسود إلى سعيد بن المسيب رضي الله عنه
يسأله فقال له سعيد رضي الله عنه : لا تحزن من أجل انك أسود فانه كان من أخير
الناس ثلاثة من السودان : بلال
ومهجع مولى عمر بن الخطاب
ولقمان الحكيم كان أسود نوبيا ذا مشافر
وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان لقمان عليه
السلام عبد أسود
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه قال : كان لقمان عليه السلام عبدا حبشيا غليظ الشفتين مصفح القدمين
قاضيا لبني اسرائيل
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد في الزهد وابن المنذر عن سعيد بن المسيب رضي الله تعالى
عنه
ان لقمان عليه السلام كان خياطا
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان لقمان عليه السلام من أهون
مملوكيه على سيده وان أول ما رؤي من حكمته انه بينما هو مع مولاه اذ دخل المخرج
فأطال فيه الجلوس فناداه لقمان ان طول الجلوس على الحاجة ينجع منه الكبد ويكون منه
الباسور ويصعد الحر إلى الرأس فأجلس هوينا وأخرج فخرج فكتب حكمته على باب الحش قال
: وسكر مولاه فخاطر قوما على أن يشرب ماء بحيرة فلما أفاق عرف ما وقع منه فدعا
لقمان فقال : لمثل هذا كنت أخبؤك
فقال : اجمعهم فلما اجتمعوا قال : على أي شيء خاطرتموه ؟ قالوا : على أن يشرب ماء
هذه البحيرة قال : فان لها مواد فاحبسوا موادها عنها قالوا : كيف نستطيع أن نحبس
موادها ؟ قال : وكيف يستطيع أن يشربها ولها مواد ؟
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ولقد آتينا لقمان الحكمة قال
: يعني العقل والفهم والفطنة
من غير نبوة
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي مسلم الخولاني رضي الله تعالى عنه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ان لقمان كان عبدا كثير التفكر
حسن الظن كثير الصمت أحب الله فأحبه الله تعالى فمن عليه بالحكمة نودي بالخلافة
قبل داود عليه السلام فقيل له : يا لقمان هل لك أن يجعلك الله خليفة تحكم بين
الناس
(6/510)
بالحق
؟ قال لقمان : ان أجبرني ربي عز و جل قبلت فاني أعلم أنه ان فعل ذلك أعانني
وعلمني
وعصمني
وان خيرني ربي قبلت العافية ولم أسأل البلاء فقالت الملائكة : يا لقمان لم ؟ ! قال
: لأن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها يغشاه الظلم من كل مكان فيخذل أو يعان فان أصاب
فبالحري ان ينجو وان أخطأ أخطأ طريق الجنة ومن يكون في الدنيا ذليلا خير من أن
يكون شريفا ضائعا ومن يختار الدنيا على الآخرة فاتته الدنيا ولا يصير إلى ملك
الآخرة
فعجب الملائكة من حسن منطقه فنام نومة فغط بالحكمة غطا فانتبه فتكلم بها ثم نودي
داود عليه السلام بعده بالخلافة فقبلها ولم يشترط شرط لقمان فأهوى في الخطيئة فصفح
عنه وتجاوز
وكان لقمان يؤازره بعلمه وحكمته فقال داود عليه السلام : طوبى لك يا لقمان أوتيت
الحكمة فصرفت عنك البلية وأوتي داود الخلافة فابتلى بالذنب والفتنة "
وأخرج الفريابي وأحمد في الزهد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله ولقد آتينا لقمان الحكمة قال : العقل
والفقه
والاصابة في القول في نبوة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ولقد آتينا لقمان
الحكمة قال : الفقه في الإسلام ولم يكن نبيا ولم يوح اليه
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : خير الله تعالى لقمان بين الحكمة
والنبوة
فاختار الحكمة على النبوة فأتاه جبريل عليه السلام وهو نائم فذر عليه الحكمة فاصبح
ينطق بها فقيل له : كيف اخترت الحكمة على النبوة وقد خيرك ربك ؟ فقال : لو أنه
أرسل الي بالنبوة عزمة لرجوت فيها الفوز منه ولكنت أرجو أن أقوم بها ولكنه خيرني
فخفت أن أضعف عن النبوة فكانت الحكمة أحب الي
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله تعالى عنه انه سئل أكان لقمان عليه السلام
نبيا ؟ قال : لا
لم يوح اليه وكان رجلا صالحا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله تعالى عنه قال : كان لقمان عليه
السلام نبيا
(6/511)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ليث رضي الله تعالى عنه قال : كانت حكمة لقمان عليه السلام نبوة
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله تعالى عنه قال : كان لقمان عليه السلام رجلا
صالحا ولم يكن نبيا
وأخرج الطبراني والرامهرمزي في الأمثال بسند ضعيف عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ان لقمان عليه السلام قال لابنه :
يا بني عليك بمجالس العلماء واستمع كلام الحكماء فان الله يحي القلب الميت بنور
الحكمة كما تحيا الأرض الميتة بوابل المطر "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي الدرداء رضي الله عنه انه ذكر لقمان الحكيم فقال : ما
أوتي ما أوتي عن أهل ولا مال
ولا حسب
ولا خصال
ولكنه كان رجلا صمصامة سكيتا طويل التفكر عميق النظر لم ينم نهارا قط ولم يره أحد
يبزق ولا يتنحخ ولا يبول ولا يتغوط ولا يغتسل ولا يعبث ولا يضحك كان لا يعيد منطقا
نطقه إلا أن يقول : حكمة يستعيدها اياه وكان قد تزوج وولد له أولاد فماتوا فلم يبك
عليهم وكان يغشى السلطان ويأتي الحكماء لينظر ويتفكر ويعتبر
فبذلك أوتي ما أوتي
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الصمت وابن جرير عن عمر بن قيس رضي الله عنه قال :
مر رجل بلقمان عليه السلام والناس عنده فقال : ألست عبد بني فلان ؟ قال : بلى
قال : ألست الذي كنت ترعى عند جبل كذا وكذا ؟ قال : بلى
قال : فما الذي بلغ بك ما أرى ؟ قال : تقوى الله وصدق الحديث واداء الامانة وطول
السكوت عما لا يعنيني
وأخرج أحمد في الزهد عن محمد بن جحادة رضي الله عنه
مثله
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي والحاكم في الكني والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عمر
رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ان لقمان الحكيم كان
يقول : ان الله اذا استودع شيئا حفظه "
وأخرج ابن أبي الدنيا في نعت الخائفين عن الفضل الرقاشي قال : ما زال لقمان يعظ
ابنه حتى انشقت مرارته فمات
(6/512)
وأخرج
ابن أبي الدنيا عن حفص بن عمر الكندي قال : وضع لقمان عليه السلام جرابا من خردل
إلى جنبه وجعل يعظ ابنه موعظة ويخرج خردلة فنفذ الخردل فقال : يا بني لقد وعظتك
موعظة لو وعظتها جبلا لتفطر
فتفطر ابنه
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " قال لقمان لابنه وهو يعظه : يا بني إياك والتقنع فانها
مخوفة بالليل ومذلة بالنهار "
وأخرج العسكري في الأمثال والحاكم والبيهقي في شعب الايمان عن أنس
أن لقمان عليه السلام كان عبدا لداود وهو يسرد الدرع فجعل يفتله هكذا بيده فجعل
لقمان عليه السلام يتعجب ويريد أن يسأله وتمنعه حكمته أن يسأله فلما فرغ منها صبها
على نفسه وقال : نعم درع الحرب هذه
فقال لقمان : الصمت من الحكمة وقليل فاعله كنت أردت أن أسألك فسكت حتى كفيتني
وأخرج أحمد والبيهقي في شعب الايمان عن عون بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال
لقمان لابنه : يا بني ارج الله رجاء لا تأمن فيه مكره وخف الله مخافة لا تيأس بها
من رحمته فقال : يا أبتاه وكيف أستطيع ذلك وإنما لي قلب واحد ؟ قال : المؤمن كذا
له قلبان
قلب يرجو به
وقلب يخاف به
وأخرج البيهقي عن سليمان التيمي رضي الله تعالى عنه قال : قال لقمان عليه السلام
لابنه : يا بني أكثر من قول : رب اغفر لي
فان لله ساعة لا يرد فيها سائل
وأخرج البيهقي والصابوني في المائتين عن عمران بن سليم رضي الله عنه قال : بلغني
ان لقمان عليه السلام قال لابنه : يا بني حملت الحجارة والحديد والحمل الثقيل فلم
أحمل شيئا أثقل من جار السوء يا بني اني قد ذقت المر كله فلم أذق شيئا أمر من
الفقر
وأخرج ابن أبي الدنيا في اليقين عن الحسن رضي الله عنه قال : قال لقمان لابنه : يا
بني ان العمل لا يستطاع إلا باليقين ومن يضعف يقينه يضعف عمله يا بني اذا جاءك
الشيطان من قبل الشك والريبة فاغلبه باليقين والنصيحة واذا جاءك
(6/513)
من
قبل الكسل والسآمة فاغلبه بذكر القبر والقيامة واذا جاءك من قبل الرغبة والرهبة
فاخبره أن الدنيا مفارقة متروكة
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن وهب رضي الله تعالى عنه قال : قال لقمان
عليه السلام لابنه : يا بني اتخذ تقوى الله تجارة يأتك الربح من غير بضاعة
وأخرج ابن أبي الدنيا في الرضا عن سعيد بن المسيب قال : قال لقمان عليه السلام
لابنه : يا بني لا ينزلن بك أمر رضيته أو كرهته إلا جعلت في الضمير منك ان ذلك خير
لك
قال : أهذه فلا أقدر أعطيكها دون أن أعلم ما قلت كما قلت قال : يا بني فان الله قد
بعث نبيا
هلم حتى تأتيه فصدقة
قال : اذهب يا أبت
فخرج على حمار وابنه على حمار وتزودا ثم سارا أياما وليالي حتى تلقتهما مفازة
فأخذا أهبتهما لها فدخلاها فسارا ما شاء الله حتى ظهرا وقد تعالى النهار واشتد
الحر ونفد الماء والزاد واستبطاآ حماريهما فنزلا فجعلا يشتدان على سوقهما فبينما
هما كذلك اذ نظر لقمان أمامه فاذا هم بسواد ودخان فقال في نفسه : السواد : الشجر
والدخان : العمران والناس
فبينما هما كذلك يشتدان إذ وطىء ابن لقمان على عظم في الطريق فخر مغشيا عليه فوثب
اليه لقمان عليه السلام فضمه إلى صدره واستخرج العظم بأسنانه ثم نظر اليه فذرفت
عيناه فقال : يا أبت أنت تبكي وأنت تقول : هذا خير لي كيف يكون هذا خير لي ؟ وقد
نفذ الطعام والماء وبقيت أنا وأنت في هذا المكان فان ذهبت وتركتني على حالي ذهبت
بهم وغم ما بقيت وان أقمت معي متنا جميعا فقال : يا بني
أما بكائي فرقة الوالدين وأما ما قلت كيف يكون هذا خير لي ؟ فلعل ما صرف عنك أعظم
مما ابتليت به ولعل ما ابتليت به أيسر مما صرف عنك ثم نظر لقمان أمامه فلم ير ذلك
الدخان والسواد
واذا بشخص أقبل على فرس أبلق عليه ثياب بيض وعمامة بيضاء يمسح الهواء مسحا فلم يزل
يرمقه بعينه حتى كان منه قريبا قتوارى عنه ثم صاح به : أنت لقمان ؟ قال : نعم
قال : أنت الحكيم ؟ قال : كذلك
فقال : ما قال لك ابنك ؟ قال : يا عبد الله من أنت ؟ ! اسمع كلامك ولا أرى وجهك
قال : أنا جبريل
أمرني ربي
(6/514)
بخسف
هذه المدينة ومن فيها فاخبرت انكما تريدانها فدعوت ربي ان يحبسكما عنها بما شاء
فحبسكما بما ابتلى به ابنك ولولا ذلك لخسف بكما مع من خسفت ثم مسح جبريل عليه
السلام يده على قدم الغلام فاستوى قائمان ومسح يده على الذي كان فيه الطعام فامتلأ
طعاما وعلى الذين كان فيه الماء فامتلأ ماء ثم حملها وحماريهما فزجل بهما كما يزجل
الطير فاذا هما في الدار الذي خرجا بعد أيام وليال
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي بن رباح اللخمي
انه لما وعظ لقمان عليه السلام ابنه قال : انه ان تك
أخذ حبة من خردل فأتى بها إلى اليرموك فألقاها في عرضه ثم مكث ما شاء الله ثم
ذكرها وبسط يده فأقبل بها ذباب حتى وضعها في راحته
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن مالك رضي الله عنه قال : بلغني أن لقمان عليه
السلام قال لابنه : ليس غنى كصحة ولا نعيم كطيب نفس
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : قال لقمان عليه
السلام لابنه : من كذب ذهب ماء وجهه ومن ساء خلقه كثر غمه ونقل الصخور من مواضعها
أيسر من إفهام من لا يفهم
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد في الزهد والبيهقي عن الحسن رضي الله تعالى عنه ان لقمان
قال لابنه : يا بني حملت الجندل
والحديد
وكل شيء ثقيل
فلم أحمل شيئا هو أثقل من جار السوء وذقت المر فلم أذق شيئا هو أمر من الفقر يا
بني لا ترسل رسولك جاهلا فان لم تجد حكيما فكن رسول نفسك يا بني اياك والكذب فانه
شهي كلحم العصفور عما قليل يقلي صاحبه يا بني احضر الجنائز ولا تحضر العرس فان
الجنائز تذكرك الآخرة والعرس تشهيك الدنيا يا بني لا تأكل شبعا على شبع فانك ان تلقه
للكلب خير من أن تأكله يا بني لا تكن حلوا فتبلع ولا مرا فتلفظ
وأخرج البيهقي عن الحسن رضي الله تعالى عنه أن لقمان عليه السلام قال لابنه : يا
بني لا تكونن أعجز من هذا الديك الذي يصوت بالاسحار وأنت نائم على فراشك
(6/515)
وأخرج
عبد الله في زوائده والبيهقي عن عثمان بن زائدة رضي الله تعالى عنه قال : قال
لقمان عليه السلام لابنه : يا بني لا تؤخر التوبة فإن الموت يأتي بغتة
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد والبيهقي عن سيار بن الحكم قال : قيل للقمان عليه السلام
: ما حكمتك ؟ قال : لا أسأل عما قد كفيت ولا أتكلف ما لا يعنيني
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي عثمان الجعدي رجل من أهل البصرة قال : قال لقمان عليه
السلام لابنه : يا بني لا ترغب في ود الجاهل فيرى أنك ترضى عمله ولا تهاون بمقت
الحكيم فيزهد فيك
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عكرمة رضي الله تعالى عنه أن لقمان عليه السلام قال
: لا تنكح أمة غيرك فتورث بنيك حزنا طويلا
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد في الزهد عن محمد بن واسع رضي الله عنه قال : كان لقمان
عليه السلام يقول لابنه : يا بني اتق الله ولا تر الناس أنك تخشى الله ليكرموك
بذلك وقلبك فاجر
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد وابن جرير عن خالد الربعي رضي الله تعالى عنه قال : كان
لقمان عبدا حبشيا نجارا فقال له سيده : اذبح لي شاة
فذبح له شاة فقال له : ائتني بأطيب مضغتين فيها
فأتاه باللسان والقلب فقال : أما كان شيء أطيب من هذين ؟ قال : لا
فسكت عنه ما سكت ثم قال له : اذبح لي شاة
فذبح له شاة فقال له : ألق أخبثها مضغتين
فرمى باللسان والقلب فقال أمرتك بأن تأتي بأطيبها مضغتين فأتيني باللسان والقلب
وأمرتك أن تلقي أخبثها مضغتين فالقيت اللسان والقلب فقال : انه ليس شيء بأطيب منها
اذا طابا ولا بأخبث منهما اذا خبثا
وأخرج عبد الله في زوائده عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه قال : قال لقمان عليه
السلام : ألا أن يد الله على أفواه الحكماء
لا يتكلم أحدهم إلا ما هيأ الله له
وأخرج عبد الله عن سفيان رضي الله عنه قال : قال لقمان عليه السلام لابنه : يا بني
ما ندمت على الصمت قط وان كان الكلام من فضة كان السكوت من ذهب
وأخرج أحمد عن قتادة رضي الله عنه ان لقمان عليه السلام قال لابنه : يا بني
(6/516)
اعتزل
الشر كيما يعتزلك فإن الشر للشر خلق
وأخرج عن هشام بن عروة عن أبيه قال : مكتوب في الحكمة - يعني حكمة لقمان عليه
السلام - يا بني إياك والرغب كل الرغب فإن الرغب كل الرغب ؟ ينفذ القرب من القرب
ويترك الحلم مثل ؟ الرطب يا بني إياك وشدة الغضب فإن شدة الغضب ممحقة لفؤاد الحكيم
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال : قال لقمان عليه
السلام لابنه وهو يعظه : يا بني اختر المجالس على عينك فاذا رأيت المجلس يذكر الله
عز و جل فيه فاجلس معهم فانك ان تك عالما ينفعك علمك وان تك غبيا يعلموك وان يطلع
الله عز و جل اليهم برحمة تصبك معهم يا بني لا تجلس في المجلس الذي لا يذكر فيه
الله فانك ان تك عالما لا ينفعك علمك وان تك عييا يزيدوك عيا وان يطلع الله اليهم
بعد ذلك بسخط يصبك معهم ويا بني لا يغيظنك أمرؤ رحب الذراعين يسفك دماء المؤمنين
فان له عند الله قاتلا لا يموت
وأخرج عبد الله في زوائده عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال لقمان عليه السلام
لابنه : لا يأكل طعامك إلا الأتقياء وشاور في أمرك العلماء
وأخرج أحمد عن هشام بن عروة عن أبيه قال : مكتوب في الحكمة - يعني حكمة لقمان -
لتكن كلمتك طيبة وليكن وهجك بسيطا تكن أحب إلى الناس ممن يعطيهم العطاء وقال :
مكتوب في التوراة كما ترحمون ترحمون
وقال : مكتوب في الحكمة : كما تزرعون تحصدون
وقال : مكتوب في الحكمة : أحب خليلك وخليل أبيك
وأخرج أحمد عن أبي قلابة رضي الله عنه قال : قيل للقمان عليه السلام : أي الناس
اصبر ؟ قال : صبر لا معه أذى
قيل : فأي الناس أعلم ؟ قال : من ازداد من علم الناس إلى علمه
قيل فأي الناس خير ؟ قال : الغني
قيل : الغني من المال ؟ قال : لا
ولكن الغني اذا التمس عنده خير وجدوا لا أغنى نفسه عن الناس
وأخرج أحمد عن سفيان رضي الله عنه قال : قيل للقمان عليه السلام : أي الناس شر ؟
قال : الذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئا
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال : وجدت في بعض
(6/517)
الحكمة
يبرد الله عظام الذين يتكلمون باهواء الناس ووجدت في الحكمة : لا خير لك في أن
تتعلم ما لم تعلم اذا لم تعمل بما قد علمت فإن مثل ذلك رجل احتطب حطبا فحمل حزمة
فذهب يحملها فعجز عنها فضم اليها أخرى
وأخرج أحمد عن محمد بن جحادة رضي الله عنه قال : قال لقمان عليه السلام : يأتي على
الناس زمان لا تقر فيه عين حكيم
وأخرج أحمد عن سفيان رضي الله عنه عمن أخبره ان لقمان عليه السلام قال لابنه : أي
بني أن الدنيا بحر عميق وقد غرق فيها ناس كثير فاجعل سفينتك فيها تقوى الله وحشوها
الايمان بالله وشراعها التوكل على الله لعلك ان تنجو ولا أراك ناجيا
وأخرج عبد الله في زوائده عن عوف بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال لقمان لابنه
: يا بني اني حملت الجندل والحديد فلم أحمل شيئا أثقل من جار السوء وذقت المرارة
كلها فلم أذق أشد من الفقر
وأخرج أحمد عن شرحبيل بن مسلم رضي الله عنه ان لقمان قال : أقصر من اللجاجة ولا
أنطق فيما لا يعنيني ولا أكون مضحاكا من غير عجب ولا مشاء إلى غير أرب
وأخرج أحمد عن أبي الجلد رضي الله عنه قال : قرأت في الحكمة : من كان له من نفسه
واعظا كان له من الله حافظا ومن أنصف الناس من نفسه زاده الله بذلك عزا والذل في
طاعة الله أقرب من التعزز بالمعصية
وأخرج أحمد عن عبد الله بن دينار رضي الله عنه ان لقمان عليه السلام قال لابنه :
يا بني انزل نفسك منزلة من لا حاجة له بك و لا بد لك منه يا بني كن كمن لا يبتغي
محمدة الناس ولا يكسب ذمهم فنفسه منه في عناء والناس منه في راحة
وأخرج أحمد عن ابن أبي يحيى رضي الله تعالى عنه قال : قال لقمان لابنه : أي بني ان
الحكمة أجلست المساكين مجالس الملوك
وأخرج أحمد عن معاوية بن قرة قال : قال لقمان عليه السلام لابنه : يا بني جالس
الصالحين من عباد الله فانك تصيب بمجالستهم خيرا ولعله أن يكون آخر
(6/518)
ذلك
تنزل عليهم الرحمة فتصيبك معهم يا بني لا تجالس الأشرار فانك لا يصيبك من مجالستهم
خير ولعله أن يكوه في آخر ذلك أن تنزل عليهم عقوبة فتصيبك معهم
وأخرج أحمد عن ابن أبي نجيح رضي الله عنه قال : قال لقمان عليه السلام : الصمت حكم
وقليل فاعله فقال طاوس رضي الله عنه : أي أبا نجيح من قال واتقى الله خير ممن صمت
واتقى الله
وأخرج أحمد عن عون رضي الله عنه قال : قال لقمان عليه السلام لابنه : يا بني اذا
انتهيت إلى نادي قوم فارمهم بسهم الإسلام ثم أجلس في ناحيتهم فإن افاضوا في ذكر
الله فاجلس معهم وان أفاضوا في غير ذلك فتحول عنهم
وأخرج عبد الله في زوائده عن عبد الله بن دينار رضي الله تعالى عنه : ان لقمان قدم
من سفر فلقيه غلام في الطريق فقال : ما فعل أبي ؟ قال : مات
قال : الحمد لله ملكت أمري قال : ما فعلت أمي ؟ قال : ماتت
قال : ذهب همي قال : ما فعلت امرأتي ؟ قال : ماتت قال : جدد فراشي قال : ما فعلت
أختي ؟ قال : ماتت قال : سترت عورتي قال : ما فعل أخي ؟ قال : مات قال : انقطع
ظهري
وأخرج عبد الله في زوائده عن عبد الوهاب بن بخت المكي رضي الله تعالى عنه قال :
قال لقمان عليه السلام لابنه : يا بني جالس العلماء وزاحمهم بركبتيك فان الله
ليحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي الأرض الميتة بوابل السماء
وأخرج عن عبد الله بن قيس رضي الله تعالى عنه قال : قال لقمان عليه السلام لابنه :
يا بني امتنع مما يخرج من فيك فانك ما سكت سالم وإنما ينبغي لك من القول ما ينفعك
وأخرج أحمد عن محمد بن واسع رضي الله عنه قال : قال لقمان عليه السلام لابنه : يا
بني لا تتعلم ما لا تعلم حتى تعمل بما تعلم
وأخرج أحمد عن بكر المزني رضي الله عنه قال : قال لقمان عليه السلام : ضرب الوالد
لولده كالماء للزرع
وأخرج القالي في أماليه عن العتبي قال : بلغني ان لقمان عليه السلام كان
(6/519)
يقول
: ثلاثة لا يعرفون إلا ثلاثة مواطن
الحليم عند الغضب
والشجاع عند الحرب
وأخوك عند حاجتك اليه
وأخرج وكيع في الغرر عن الحنظلي رضي الله عنه قال : قال لقمان لابنه : يا بني إذا
أردت أن تؤاخي رجلا فاغضبه قبل ذلك فان أنصفك عند غضبه والا فاحذره
وأخرج الدار قطني عن مالك بن أنس رضي الله عنه قال : بلغني ان لقمان عليه السلام
قال لابنه : يا بني انك منذ نزلت إلى الدنيا استدبرتها واستقبلت الأخرى فدار أنت
اليها تسير أقرب من دار أنت عنها تباعد
وأخرج ابن المبارك عن ابن أبي مليكة رضي الله عنه ان لقمان عليه السلام كان يقول :
اللهم لا تجعل أصحابي الغافلين
اذا ذكرتك لم يعينوني واذا نسيتك لم يذكروني واذا أمرت لم يطيعوني وان صمت أحزنوني
وأخرج الحكيم الترمذي عن معتمر عن أبيه ان لقمان عليه السلام قال لابنه : يا بني
عود لسانك ان يقول : اللهم اغفر لي
فان لله ساعة لا يرد فيها الدعاء
وأخرج الخطيب عن الحسن رضي الله تعالى عنه قال : قال لقمان عليه السلام لابنه : يا
بني إياك والدين فانه ذل النهار هم الليل
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الايمان عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال :
قال لقمان لابنه : يا بني ارج الله رجاء لا يجرئك على معصيته وخف الله خوفا لا
يؤيسك من رحمته
وأخرج عبد الرزاق عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قال : قال لقمان عليه السلام
: اذا جاءك الرجل وقد سقطت عيناه فلا تقض له حتى يأتي خصمه قال : يقول لعله أن
يأتي وقد نزع أربعة أعين
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن الحسن رضي الله عنه قال : قال الله عز و
جل " يا ابن آدم خلقتك وتعبد غيري وتدعو الي وتفر مني وتذكرني وتنساني هذا
أظلم ظلم في الأرض " ثم يتلو الحسن ان الشرك لظلم عظيم
(6/520)
-
قوله تعالى : ووصينا الإنسان بوالديه حماته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن
اشكر لي ولوالديك إلي المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا
تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم
بما كنتم تعملون يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات
أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير يا بني أقم الصلاة وام بالمعروف وانه
عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في
الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر
الأصوات لصوت الحمير
أخرج أبو يعلى والطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن أبي عثمان النهدي قال : ان سعد
بن أبي وقاص قال : نزلت هذه الآية وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا
تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا كنت رجلا برا بأمي فلما أسلمت قالت : يا سعد وما
هذا الذي أراك قد أحدثت ؟ لتدعن دينك هذا أو لا آكل ولا أشرب حتى أموت فتعير بي
فيقال يا قاتل أمه قلت : يا أمه لا تفعلي فاني لا أدع ديني هذا لشيء فمكثت يوما
وليلة لا تأكل فاصبحت قد جهدت فمكثت يوما آخر وليلة وقد اشتد جهدها فلما رأيت ذلك
قلتك يا أمه تعلمين والله لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسا نفسا ما تركت ديني هذا
لشيء فان شئت فكلي وان شئت فلا تأكلي فلما رأت ذلك أكلت
فنزلت هذه الآية
وأخرج ابن عساكر عن سعد قال : نزلت في أربع آيات الأنفال وصاحبهما في الدنيا
معروفا والوصية والخمر
وأخرج ابن جرير عن أبي هريرة قال : نزلت هذه الآية في سعد بن ابي
(6/521)
وقاص
رضي الله عنه وان جاهداك على أن تشرك بي
وأخرج ابن سعد بن أبي وقاص رضي الله تعالى عنه قال : جئت من الرمي فاذا الناس
مجتمعون على أمي حمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس وعلى أخي عامر حين أسلم فقلت :
ما شأن الناس ! فقالوا : هذه أمك قد أخذت أخاك عامرا تعطي الله عهدا : أن لا يظلها
ظل ولا تأكل طعاما ولا تشرب شرابا حتى يدع الصباوة
فأقبل سعد رضي الله عنه حتى تخلص اليها فقال : علي يا أمه فاحلفي قالت : لم ؟ قال
: أن لا تستظلي في ظل ولا تأكلي طعاما ولا تشربي شرابا حتى تري مقعدك من النار
فقالت : إنما أحلف على ابني البر
فأنزل الله وان جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في
الدنيا معروفا إلى آخر الآية
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وهنا على وهن قال : شدة بعد
شدة وخلقا بعد خلق
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله وهنا على وهن قال : ضعفا على ضعف
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله وهنا على وهن قال : مشقة وهو الولد
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وهنا على وهن قال :
الولد على وهن ؟ قال : الوالدة وضعفها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله تعالى عنه في قوله وصاحبهما في
الدنيا معروفا قال : تعودهما اذا مرضا وتتبعهما اذا ماتا وتواسيهما مما أعطاك الله
واتبع سبيل من أناب الي
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله واتبع سبيل من أناب الي قال :
محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله انها من تك مثقال حبة
من خردل قال : من خير أو شر فتكن في صخرة قال : في جبل
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأرض على نون
(6/522)
والنون
على بحر والبحر على صخرة خضراء فخضرة الماء من تلك الصخرة قال : والصخرة على قرن
ثور وذلك الثور على الثرى ولا يعلم ما تحت الثرى إلا الله
فذلك قوله : الله له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى طه
الآية 6 فجميع ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى في حرم الرحمن
فاذا كان يوم القيامة لم يبق شيء من خلقه قال : لمن الملك اليوم فيهتز ما في
السموات والأرض فيجيب هو نفسه فيقول : لله الواحد القهار
وأخرج الفريابي وابن جرير عن أبي مالك رضي الله عنه يأت بها الله قال : يعلمها
الله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ان الله لطيف قال :
باستخراجها
قال : بمستقرها
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله وأمر بالمعروف يعني
بالتوحيد وانه عن المنكر يعني عن الشرك واصبر على ما أصابك في أمرهما يقول : اذا
أمرت بمعروف أو نهيت عن منكر وأصابك في ذلك أذى وشدة فاصبر عليه ان ذلك يعني هذا
الصبر على الأذى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من عزم الأمور يعني من حق
الأمور التي أمر الله تعالى
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن جريج في قوله واصبر على ما أصابك من الأذى في
ذلك ان ذلك من عزم الأمور يقول : مما عزم الله عليه من الأمور ومما أمر الله به من
الأمور
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر والخطيب في تالي
التلخيص عن أبي جعفر الخطمي رضي الله عنه ان جده عمير بن حبيب وكانت له صحبة أوصى
بنيه قال : يا بني إياكم ومجالسة السفهاء فان مجالستهم داء انه من يحلم عن السفيه
يسر بحلمه ومن يحبه يندم ومن لا يقر بقليل ما يأتي به السفيه يقر بالكثير ومن يصبر
على ما يكره يدرك ما يحب واذا أراد أحدكم ان يأمر الناس بالمعروف وينهاهم عن
المنكر فليوطن نفسه على الصبر على الأذى وليثق بالثواب من الله ومن يثق بالثواب من
الله لا يجد مس الأذى
وأخرج الطبراني وابن عدي وابن مردويه عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله
(6/523)
عنه
" أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سئل عن قول الله ولا تصعر خدك للناس قال
: لي الشدق "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ولا
تصعر خدك للناس يقول : لا تتكبر
فتحقر عباد الله وتعرض عنهم بوجهك اذا كلموك
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ولا تصعر خدك
للناس قال : هو الذي اذا سلم عليه لوى عنقه كالمستكبر
وأخرج الفريابي وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ولا تصعر خدك للناس قال :
الصدود والاعراض بالوجه عن الناس
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله ولا تصعر خدك للناس يقول
: لا تعرض وجهك عن فقراء الناس تكبرا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن الربيع بن أنس رضي
الله عنه في قوله ولا تصعر خدك للناس قال : ليكن الفقير والغني عندك في العلم سواء
وقد عوتب النبي صلى الله عليه و سلم عبس وتولى
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله واقصد في مشيك قال :
تواضع
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن يزيد ابن
أبي حبيب رضي الله عنه في قوله واقصد في مشيك قال : يعني السرعة
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله واقصد في مشيك يقول : لا
تختال : واغضض من صوتك قال : اخفض من صوتك عن الملأ ان أنكر الأصوات قال : أقبح
الأصوات لصوت الحمير
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله واقصد في مشيك قال : نهاه عن الخيلاء واغضض من صوتك قال : أمره بالاقتصاد في
صوته ان أنكر الأصوات قال : أقبح الأصوات لصوت الحمير قال : أوله زفير وآخره شهيق
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله
(6/524)
ان
أنكر الأصوات لصوت الحمير قالك أنكرها على السمع
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان الثوري رضي الله عنه قالك صياح كل شيء تسبيحه إلا
الحمار
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال : لو كان رفع الصوت
خيرا ما جعله الله للحمير
- قوله تعالى : ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض واسبغ عليكم
نعمه ظاهرة وبا طنة ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير
وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا أولو كان
الشيطان يدعوهم إلى عذاب السعير ومن يسلم وجهه إلى الله وهو محسن فقد استمسك
بالعروة الوثقى وإلى الله عاقبة الأمور ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم
فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور نمتعهم قليلا ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ
ولئن سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولن الله قل الحمد لله بل أكثرهم لا يعلمون
لله ما في السموات والأرض إن الله هو الغني الحميد
أخرج البيهقي في شعب الايمان عن عطاء رضي الله عنه قال : سألت ابن عباس رضي الله
عنهما عن قوله وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة قال : هذه من كنوز علي قال : سألت
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " أما الظاهرة فما سوى من خلقك ; وأما
الباطنة فما ستر من عورتك ولو أبداها لقلاك أهلك فمن سواهم "
وأخرج ابن مردويه والبيهقي والديلمي وابن النجار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قول وأسبغ عليكم نعمة ظاهرة وباطنة قال :
" أما الظاهرة
فالإسلام وما سوى من خلقك وما أسبغ عليك من رزقه ; وأما
(6/525)
الباطنة
فما ستر من مساوىء عملك يا ابن عباس ان الله تعالى يقول : ثلاث جعلتهن للمؤمن :
صلاة المؤمنين عليه من بعده
وجعلت له ثلث ماله أكفر عنه من خطاياه
وسترت عليه من مساوىء عمله فلم أفضحه بشيء منها ولو أبديتها لنبذه أهله فمن سواهم
"
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة
وباطنة قال : النعمة الظاهرة : الإسلام
والنعمة الباطنة : كل ما ستر عليكم من الذنوب والعيوب والحدود
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس
رضي الله عنهما أنه قرأ وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة قال : هي لا إله إلا الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله
عنهما أنه كان يقرأوها وأسبغ عليكم نعمه قال : لو كانت نعمة كانت نعمة دون نعمة
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله وأسبغ عليكم نعمه قال : لا إله إلا الله ظاهرة قال : على
اللسان وباطنة قال : في القلب
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي عن مقاتل رضي الله عنه في قوله نعمه ظاهرة قال :
الإسلام وباطنة قال : ستره عليكم المعاصي
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق عن الضحاك رضي الله عنه في قوله وأسبغ عليكم نعمه
ظاهرة وباطنة قال : أما الظاهرةك فالإسلام
والقرآن وأما الباطنة : فما ستر من العيوب
- قوله تعالى : ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر
ما نفذت كلمات الله إن الله عزيز حكيم
أخرج ابن اسحق وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ان
(6/526)
أحبار
يهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه و سلم بالمدينةك يا محمد أرأيت قولك "
وما أوتيتم من العلم إلا قليلا " ايانا تريد أم قومك ؟ فقال : كلا
فقالوا : ألست تتلو فيما جاءك انا قد أوتينا التوراة وفيها تبيان كل شيء ؟ فقال :
انها في علم الله قليل
فأنزل الله في ذلك ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال " اجتمعت اليهود في بيت
فارسلوا إلى النبي صلى الله عليه و سلم ان ائتنا
فجاء فدخل عليهم فسألوه عن الرجم فقال : أخبروني بأعلمكم
فأشاروا إلى ابن صوريا الاعور قال : أنت أعلمهم قال : انهم يزعمون ذاك قال :
فنشدتك بالمواثيق التي أخذت عليكم وبالتوراة التي أنزلت على موسى
ما تجدون في التوراة ؟ قال : لولا أنك نشدتني بما نشدتني به ما أخبرتك أجد فيها
الرجم قال : فقضى عليهم النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : صدقت يا محمد عندنا
التوراة فيها حكم الله فكانوا قبل ذلك لا يظفرون من النبي صلى الله عليه و سلم
بشيء قال : فنزل على النبي صلى الله عليه و سلم وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
الاسلااء الآية 85
فاجتمعوا في ذلك البيت فقال رئيسهم : يا معشر اليهود لقد ظفرتم بمحمد فأرسلوا اليه
فجاء فدخل عليهم فقالوا : يا محمد ألست أنت أخبرتنا أنه أنزل عليك وكيف يحكمونك
والتوراة فيها حكم الله ثم تخبرنا أنه أنزل عليك وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
فهذا مختلف
فسكت النبي صلى الله عليه و سلم ولم يرد عليهم قليلا ولا كثيرا قال : ونزل على
النبي صلى الله عليه و سلم ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام وجميع خلق الله كتاب
وهذا البحر يمد فيه سبعة أبحر مثله فمات هؤلاء الكتاب كلهم وكسرت هذه الأقلام كلها
ويبست هذه البحور الثمانية وكلام الله كما هو لا ينقص ولكنكم أوتيتم التوراة فيها
شيء من حكم الله وذلك في حكم الله قليل
فأرسل النبي صلى الله عليه و سلم فأتوه فقرأ عليهم هذه الآية قال : " فرجعوا
مخصومين بشر "
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال " قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم ما شاء الله أن يقول
فقال رجل : يا محمد تزعم أنك أوتيت الحكمة وأوتيت القرآن وأوتيتنا التوراة فأنزل
الله ولو ان ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت
كلمات الله وفيه يقول : علم الله أكثر من ذلك
(6/527)
وما
أوتيتم من العلم فهو كثير لكم لقولكم قليل عندي "
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه قال : سأل أهل الكتاب رسول الله صلى الله
عليه و سلم عن الروح
فأنزل الله ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا
فقالوا : تزعم انا لم نؤت من العلم إلا قليلا وقد أوتينا التوراة : وهي الحكمة ومن
يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا فنزلت ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة وأبو
نصر السجزي في الابانة عن قتادة رضي الله عنه قال : قال المشركون : إنما هذا كلام
يوشك أن ينفد فنزلت ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام يقول : لو كان شجر الأرض
أقلاما ومع البحر سبعة أبحر مداد لتكسرت الأقلام ونفد ماء البحور قبل ان تنفد
عجائب ربين وحكمته وعلمه
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : قال حي بن أخطب : يا محمد تزعم
أنك أوتيت الحكمة ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وتزعم انا لم نؤت من العلم
إلا قليلا فكيف يجتمع هاتان ؟ فنزلت هذه الآية ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام
ونزلت التي في الكهف قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي
وأخرج عبد الرزاق وأبو نصر السجزي في الإبانة عن أبي الجوزاء رضي الله عنه في قوله
ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام يقول : لو كان كل شجرة في الأرض أقلاما والبحرا
مداد لنفد الماء وتكسرت الأقلام قبل ان تنفد كلمات ربي
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
انه قرأ والبحر يمده رفع
- قوله تعالى : ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير ألم تر أن
الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري إلى
أجل مسمى وأن الله بما تعملون خبير ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون
(6/528)
من
دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير ألم تر أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله
ليريكم من آياته إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور وأذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله
مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار
كفور يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوما لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز
عن والده شيئا إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور
أخرج ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة قال : يقول له كن فيكون
القليل والكثير
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله تعالى
عنه في قوله ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة يقوله إنما خلق الله الناس كلهم
وبعثهم كخلق نفس واحدة وبعثها
وفي قوله ألم تر أن الله يولج الليل في النهار قال : نقصان الليل زيادة النهار
ويولج النهار في الليل نقصان النهار زيادة في الليل كل يجري إلى أجل مسمى لذلك كله
وقت واحد معلوم لا يعدوه ولا يقصر دونه
وفي قوله ان في ذلك لآيات لكل صبار شكور قال : ان أحب عباد الله اليه الصبار
الشكور الذي اذا أعطي شكر واذا ابتلى صبر
وفي قوله واذا غشيهم موج كالظلل قال : كالسحاب وفي قوله وما يجحد بآياتنا إلا كل
ختار كفور قال : غدار بذمته كفور بربه
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله فمنهم مقتصد قال : في القول وهو كافر وما يجحد بآياتنا إلا كل
ختار قال : غدار كفور قال : كافر
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ختار قال : جحاد
(6/529)
وأخرج
الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله كل
ختار كفور قال : الجبار
الغدار
الظلوم
الغشوم
الكفور الذي يغطي النعمة قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر وهو يقول : لقد علمت واستيقنت ذات نفسها بان لا تخاف الدهر
صرمي ولا ختري وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله كل
ختار قال : الذي يغدر بعهده كفور قال : بربه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن و رضي الله عنهما في قوله ولا يغرنكم بالله
الغرور قال : هو الشيطان
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه ولا يغرنكم بالله الغرور قال : الشيطان
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه ولا يغرنكم
بالله الغرور قال : الشيطان
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه ولا يغرنكم بالله
الغرور قال : ان تعمل بالمعصية وتتمنى المغفرة
- قوله تعالى : إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري
نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير
أخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال " جاء رجل
من أهل البادية فقال : ان امرأتي حبلى فاخبرني ما تلد ؟ وبلادنا مجدبة فأخبرني متى
ينزل الغيث ؟ وقد علمت متى ولدت فأخبرني متى أموت ؟ فأنزل الله ان الله عنده علم
الساعة
الآية "
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه " ان رجلا يقال له : الوراث
من بني مازن بن حفصة بن قيس غيلان
جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا محمد متى قيام
(6/530)
الساعة
؟ وقد أجدبت بلادنا فمتى تخصب ؟ وقد تركت امرأتي حبلى فمتى تلد ؟ وقد علمت ما كسبت
اليوم فماذا أكسب غدا ؟ وقد علمت بأي أرض ولدت فبأي أرض أموت فنزلت هذه الآية
"
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ان الله عنده علم
الساعة
قال : خمس من الغيب استأثر بهن الله فلم يطلع عليهن ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا ان
الله عنده علم الساعة فلا يدري أحد من الناس متى تقوم الساعة في أي سنة ولا في أي
شهر أليلا أم نهارا وينزل الغيث فلا يعلم أحد متى ينزل الغيث أليلا أم نهار ويعلم
ما في الأرحام فلا يعلم أحد ما في الأرحام أذكر أم أنثى أحمر أو أسود وما تدري نفس
ماذا تكسب غدا أخير أم شرا وما تدري نفس بأي أرض تموت ليس أحد من الناس يدري أين
مضجعه من الأرض أفي بحر أم بر في سهل أم في جبل
وأخرج الفريابي والبخاري ومسلم وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله
لا يعلم ما في غد إلا الله
ولا متى تقوم الساعة إلا الله
ولا يعلم ما في الأرحام إلا الله
ولا متى ينزل الغيث إلا الله
وما تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله "
وأخرج ابن أبي شيبه والبخاري ومسلم وابن أبي حاتم وابن المنذر وابن مردويه عن أبي
هريرة رضي الله عنه ان رجلا " يا رسول الله متى الساعة ؟ قال : ما المسؤول
عنها بأعلم من السائل ولكن سأحدثكم بأشراطها : اذا ولدت الأمة ربتها فذاك من
أشراطها واذا كانت الحفاة العراة رؤوس الناس فذاك من أشراطها واذا تطاول رعاء
الغنم في البنيان فذاك من أشراطها في خمس من الغيب لا يعلمهن إلا الله ثم تلا ان
الله عنده علم الساعة وينزل الغيث
إلى آخر الآية "
وأخرج أحمد والبزار وابن مردويه والروياني والضياء بسند صحيح عن بريدة رضي الله
عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " خمس لا يعلمهن إلا الله ان
الله عنده علم الساعة
الآية "
وأخرج ابن جرير من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه
مثله
وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه " ان أعرابيا وقف على
(6/531)
النبي
صلى الله عليه و سلم يوم بدر على ناقة له عشراء فقال : يا محمد ما في بطن ناقتي
هذه ؟ فقال : له رجل من الأنصار : دع عنك رسول الله صلى الله عليه و سلم وهلم الي
حتى أخبرك : وقعت أنت عليها وفي بطنها ولد منك ؟ فأعرض عنه رسول الله صلى الله
عليه و سلم ثم قال : ان الله يحب كل حي كريم متكره ويبغض كل لئيم متفحش ثم أقبل
على الاعرابي فقال : خمس لا يعلمهن إلا الله ان الله عنده علم الساعة
"
وأخرج ابن مردويه عن سلمة بن الأكوع رضي الله تعالى عنه قال : كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم في قبة حمراء اذ جاء رجل على فرس فقال : من أنت ؟ قال " أنا
رسول الله قال : متى الساعة ؟ قال : غيب وما يعلم الغيب إلا الله قال : ما في بطن فرسي
؟ قال : غيب وما يعلم الغيب إلا الله : فمتى تمطر ؟ قال : غيب وما يعلم الغيب إلا
الله "
وأخرج أحمد والطبراني عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه و سلم قال
" أوتيت مفاتيح كل شيء إلا الخمس ان الله عنده علم الساعة
"
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله
عنه قال : أوتي نبيكم صلى الله عليه و سلم مفاتيح كل شيء غير الخمس ان الله عنده
علم الساعة
وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال " لم يعم على نبيكم
صلى الله عليه و سلم إلا الخمس من سرائر الغيب هذه الآية
في آخر لقمان إلى آخر السورة "
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري في الأدب عن ربعي بن حراش رضي الله عنه قال :
حدثني رجل من بني عامر انه قال : يا رسول الله هل بقي من العلم شيء لا تعلمه ؟
فقال : " لقد علمني الله خيرا وان من العلم ما لا يعلمه إلا الله
الخمس ان الله عنده علم الساعة
"
وأخرج ابن ماجه عن الربيع بنت معوذ رضي الله تعالى عنها قالت : دخل علي رسول الله
صلى الله عليه و سلم صبيحة عرسي وعندي جاريتان تغنيان وتقولان : وفينا نبي يعلم ما
في غد
فقال : " أما هذا فلا تقولاه لا يعلم ما في غد إلا الله "
وأخرج الطيالسي وأحمد وابن أبي حاتم وابن مردوية والبيهقي في الاسماء والصفات عن
أبي غرة الهذلي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " اذا
أراد الله
(6/532)
قبض
عبد بأرض جعل له اليها حاجة فلم ينته حتى يقدمها ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و
سلم وما تدري نفس بأي أرض تموت "
وأخرج الترمذي وحسنه وابن مردويه عن مطر بن عكامس رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " إذا قضى الله لرجل ان يموت بأرض جعل له اليها
حاجة "
وأخرج أحمد عن عامر أو أبي مالك " ان النبي صلى الله عليه و سلم بينما هو
جالس في مجلسه فيه أصحابه جاءه جبريل عليه السلام في غير صورته فحسبه رجلا من
المسلمين فسلم فرد عليه السلام ثم وضع يده على ركبتي النبي صلى الله عليه و سلم
وقال له : يا رسول الله ما الإسلام ؟ قال : أن تسلم وجهك لله وتشهد أن لا إله إلا
الله وأن محمدا عبده ورسوله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة قال : فاذا فعلت ذلك فقد
أسلمت ؟ قال : نعم
قال : ما الإيمان ؟ قال : أن تؤمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين
والموت والحياة بعد الموت والجنة والنار والحساب والميزان والقدر خيره وشره
قال : فاذا فعلت ذلك فقد آمنت قال : نعم
ثم قال : ما الإحسان ؟ قال : أن تعبد الله كأنك تراه فإن كنت لا تراه فهو يراك قال
: فاذا فعلت ذلك فقد أحسنت ؟ قال : نعم
قال : فمتى الساعة يا رسول الله ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ك سبحان
الله
! خمس لا يعلمها إلا الله ان الله عنده علم الساعة
وينزل الغيث
ويعلم ما في الأرحام
وما تدري نفس ماذا تكسب غدا
وما تدري نفس بأي أرض تموت
ان الله عليم خبير "
(6/533)
بسم
الله الرحمن الرحيم -
سورة السجدة
مكية وآياتها ثلاثون
- مقدمة سورة السجدة أخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال : نزلت الم السجدة بمكة
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير
مثله
وأخرج النحاس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة السجدة بمكة سوى ثلاث
آيات أفمن كان مؤمنا
إلى تمام الآيات الثلاث
وأخرج ابن أبي شيبه والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ في الفجر يوم الجمعة ألم تنزيل
السجدة و هل أتى على الانسان
وأخرج ابن أبي شيبه ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه عن ابن عباس رضي
الله عنهما
أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة ب الم تنزيل
السجدة و هل أتى على الانسان
وأخرج البيهقي في سننه من حديث ابن مسعود
مثله
وأخرج ابن أبي شيبه وأبو داود والحاكم وصححه عن ابن عمر رضي الله عنهما ان النبي
صلى الله عليه و سلم صلى الظهر فسجد فظنا انه قرأ الم تنزيل السجدة
وأخرج أبو يعلى عن البراء رضي الله عنه قال : سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه و
سلم في الظهر فظننا انه قرأ تنزيل السجدة
وأخرج أبو عبيد في فضائله وأحمد وعبد بن حميد والدارمي والترمذي والنسائي والحاكم
وصححه وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم لا
ينام حتى يقرأ ألم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك
وأخرج ابن نصر والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
(6/534)
من
صلى أربع ركعات خلف العشاء الآخرة قرأ في الركعتين الأولتين قل يا أيها الكافرون و
قل هو الله أحد وفي الركعتين الأخيرتين تبارك الذي بيده الملك والم تنزيل السجدة
كتبت له كأربع ركعات من ليلة القدر
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم من قرأ تبارك الذي بيده الملك و ألم تنزيل السجدة بين المغرب والعشاء الآخرة
فكأنما قام ليلة القدر
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : من قرأ في ليلة الم تنزيل السجدة و يس و اقتربت الساعة و تبارك الذي
بيده الملك كن له نورا وحرزا من الشيطان ورفع في الدرجات إلى يوم القيامة
وأخرج ابن الضريس عن المسيب بن رافع رضي الله عنه " ان النبي صلى الله عليه و
سلم قال : الم تنزيل تجيء لها جناحان يوم القيامة تظل صاحبها وتقول لا سبيل عليه
لا سبيل عليه "
وأخرج الدارمي عن خالد بن معدان رضي الله عنه قال : اقرأوا المنجية وهي الم تنزيل
فانه بلغني ان رجلا كان يقرأوها وما هوى شيئا غيرها وكان كثير الخطايا فنشرت
جناحها عليه وقالت : رب اغفر له فانه كان يكثر قراءتي فشفعها الرب فيه وقال اكتبوا
له بكل خطيئة حسنة وارفعوا له درجة
وأخرج الدارمي عن خالد بن معدان رضي الله تعالى عنه قال : ان الم تنزيل تجادل عن
صاحبها في القبر تقول : اللهم ان كنت من كتابك فشفعني فيه وان لم أكن من كتابك
فامحني منه وانها تكون كالطير تجعل جناحها عليه فتشفع له فتمنعه من عذاب القبر وفي
تبارك مثله
فكان خالد رضي الله عنه لا يبيت حتى يقرأ بهما
وأخرج الدارمي وابن ضريس عن كعب رضي الله عنه قال : من قرأ في ليلة الم تنزيل
السجدة وتبارك الذي بيده الملك كتب له سبعون حسنة وحط عنه سبعون سيئة ورفع له
سبعون درجة
وأخرج الدارمي والترمذي وابن مردويه عن طاوس رضي الله عنه قال ألم تنزيل و تبارك
الذي بيده الملك تفضلان على كل سورة في القرآن بستين حسنة
(6/535)
وأخرج
ابن مردويه عن طاوس رضي الله تعالى عنه انه كان يقرأ الم تنزيل السجدة و تبارك
الذي بيده الملك في صلاة العشاء وصلاة الفجر كل يوم وليلة في السفر والحضر ويقول :
من قرأهما كتب له بكل آية سبعون حسنة فضلا عن سائر القرآن ومحيت عنه سبعون سيئة
ورفعت له سبعون درجة
وأخرج ابن الضريس عن يحي بن أبي كثير قال : كان طاوس رضي الله تعالى عنه لا ينام
حتى يقرأ هاتين السورتين تنزيل و تبارك وكان يقول : كل آية منهما تشفع ستين آية
يعني تعدل ستين آية
وأخرج الخرائطي في مكارم الأخلاق من طريق حاتم بن محمد عن طاوس رضي الله عنه قال :
ما على الأرض رجل يقرأ الم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك في ليلة إلا كتب
الله له مثل أجر ليلة القدر قال حاتم رضي الله عنه : فذكرت ذلك لعطاء رضي الله عنه
فقال : صدق طاوس والله ما تركتهن منذ سمعت بهن إلا أن أكون مريضا
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبه عن علي رضي الله عنه قال : عزائم سجود القرآن
الم تنزيل السجدة وحم تنزيل السجدة والنجم و إقرأ باسم ربك الذي خلق
وأخرج أحمد ومسلم وأبو يعلى عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه قال : حزرنا
قيام رسول الله صلى الله عليه و سلم في الظهر في الركعتين الأولتين قدر ثلاثين آية
قدر قراءة تنزيل السجدة
وأخرج عبد الرزاق عن أبي العالية رضي الله تعالى عنه قال : كان أصحاب رسول الله
صلى الله عليه و سلم رمقوه في الظهر فحزروا قراءته في الركعة الأولى من الظهر
تنزيل السجدة
- الم تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك
لتنذر قوما ما أتاهم من نذير من قبلك لعلهم يهتدون الله الذي خلق السموات والأرض
وما بينهما في
(6/536)
ستة
أيام ثم استوى على العرش ما لكم من دونه من ولي ولا شفيع أفلا تذكرون
أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله تعالى عنه في قوله لتنذر قوما قال : قريش
وما أتاهم من نذير من قبلك قال : لم يأتهم ولا آياءهم لم يأت العرب رسول من الله
عز و جل
- قوله تعالى : يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقداره
ألف سنة مما تعدون ذلك عالم الغيب والشهادة العزيز الرحيم
أخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله يدبر الأمر
قال : ينحدر الأمر من السماء إلى الأرض ويصعد من الأرض إلى السماء في يوم واحد
مقداره ألف سنة في السير خمسمائة حين ينزل وخمسمائة حين يعرج
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله تعالى عنه في قوله يدبر الأمر الآية
قال : ينزل الأمر من السماء الدنيا إلى الأرض العليا ثم يعرج إلى مقدار يوم لو
ساره الناس ذاهبين وجائين لساروا ألف سنة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله يدبر الأمر قال : هذا
في الدنيا
تعرج الملائكة في يوم مقداره ألف سنة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله يدبر الأمر
الآية
قال : تعرج الملائكة وتهبط في يوم مقداره ألف سنة
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله يدبر الأمر من السماء إلى الأرض
ثم يعرج اليه في يوم كان مقداره ألف سنة قال : من الايام الستة التي خلق الله فيها
السموات والارض
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري
(6/537)
في
المصاحف والحاكم وصححه عن عبد الله بن أبي مليكة رضي الله تعالى عنه قال : دخلت
على ابن عباس أنا وعبد الله بن فيروز مولى عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه قال
فيروز : يا أبا عباس قوله يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج اليه في يوم كان
مقداره ألف سنة فكأن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما اتهمه فقال : ما يوم كان
مقداره خمسين ألف سنة ؟ فقال : إنما سألتك لتخبرني فقال ابن عباس رضي الله عنهما :
هما يومان ذكرهما الله في كتابه الله أعلم بهما وأكره ان أقول في كتاب الله ما لا
أعلم فضرب الدهر من ضرباته حتى جلست إلى ابن المسيب رضي الله عنه فسأله عنها انسان
فلم يخبر ولم يدر فقلت : ألا أخبرك بما أحضرت من ابن عباس ؟ قال : بلى
فأخبرته فقال للسائل : هذا ابن عباس رضي الله عنهما أبى أن يقول فيها وهو أعلم مني
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله كان مقداره ألف سنة قال :
لا ينتصف النهار في مقدار يوم من أيام الدنيا في ذلك اليوم حتى يقضي بين العباد
فينزل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ولو كان إلى غيره لم يفرغ من ذلك خمسين
ألف سنة
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله تعالى عنه في يوم كان مقداره ألف سنة يعني بذلك
نزول الأمر من السماء إلى الأرض ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد وذلك مقدار ألف
سنة لأن ما بين السماء إلى الأرض مسيرة خمسمائة عام
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله تعالى عنه في الآية يقول : مقدار مسيرة في ذلك
اليوم ألف سنة مما تعدون ومن أيامكم من أيام الدنيا بخمسمائة نزوله وخمسمائة صعوده
فذلك ألف سنة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما ثم يعرج اليه في يوم من أيامكم هذه
ومسيرة ما بين السماء والأرض خمسمائة عام
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه الف مما تعدون قال : من أيام الدنيا
والله أعلم
(6/538)
-
قوله تعالى : الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة
من ماء مهين ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما
تشكرون وقالوا أإذا ضللنا في الأرض أإنا لفي خلق جديد بل هم بلقاء ربهم كافرون
أخرج ابن أبي شيبه والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن المنذر عن ابن
عباس رضي الله عنهما كان يقرأها الذي أحسن كل شيء خلقه قال : أما رأيت القردة ليست
بحسنة ولكنه أحكم خلقها
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس عن النبي رسول الله صلى الله عليه و سلم " في
قوله أحسن كل شيء خلقه قال : اما ان آست القردة ليس بحسنة ولكنه أحكم خلقها "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله أحسن كل شيء خلقه قال :
صورته
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله أحسن كل شيء خلقه فجعله
الكلب في خلقه حسنا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أحسن كل شيء خلقه قال : أحسن بخلق كل شيء
القبيح والحسن والحيات والعقارب وكل شيء مما خلق وغيره لا يحسن شيئا من ذلك
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله أحسن كل شيء خلقه قال : اتقن
لم يركب الانسان في صورة الحمار ولا الحمار في صورة الانسان
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله
عليه و سلم اذ لحقنا عمرو بن زرارة الانصاري في حلة قد أسبل فأخذ النبي صلى الله
عليه و سلم بناحية ثوبه فقال : يا رسول الله اني أخمش الساقين فقال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " يا عمرو بن زرارة ان الله أحسن كل شيء خلقه يا عمرو بن
زرارة ان الله لا يحب المسبلين "
(6/539)
وأخرج
أحمد والطبراني عن الشريد بن سويد رضي الله عنه قال " أبصر النبي صلى الله
عليه و سلم رجلا قد أسبل ازاره فقال له : ارفع ازارك فقال : يا رسول الله اني أحنف
: تصطك ركبتاي قال : ارفع ازارك كل خلق الله حسن "
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله وبدأ خلق الانسان من طين قال : آدم ثم جعل نسله قال : ولده من سلالة من بني
آدم من ماء مهين قال : ضعيف نطفة الرجل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله جعل نسله قال : ذريته من سلالة هي الماء ثم سواه يعني ذريته
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله من سلالة قال : ماء
يسل من الانسان من ماء مهين قال : ضعيف
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله تعالى عنه في قوله أئذا ضللنا قال : هلكنا
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح انه سمع ابن عباس رضي الله
عنهما يقول أئذا ضللنا في الأرض أئنا لفي خلق جديد كيف نعاد ونرجع كما كنا ؟
وأخبرت أن الذي قال أئذا ضللنا أبي بن خلف
- قوله تعالى : قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم ثم إلى ربكم ترجعون
أخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس
رضي الله عنهما انه سئل عن نفسين اتفق موتهما في طرفة عين
واحد في المشرق وواحد في المغرب
كيف قدره ملك الموت عليهما
قال : ما قدرة ملك الموت على أهل المشارق والمغارب والظلمات والهواء والبحور إلا
كرجل بين يديه مائدة يتناول من أيها شاء
وأخرج ابن أبي حاتم عن زهير بن محمد رضي الله عنه قال : " قيل يا رسول الله
ملك الموت واحد والزحفان يلتقيان من المشرق والمغرب وما بينهما من السقط
(6/540)
والهلاك
! فقال : ان الله حوى الدنيا لملك الموت حتى جعلها كالطست بين يدي أحدكم فهل يفوته
منها شيء ؟ "
وأخرج ابن جرير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنه قال : ملك الموت
الذي يتوفى الانفس كلها وقد سلط على ما في الأرض كما سلط أحدكم على ما في راحته
معه ملائكة من ملائكة الرحمة وملائكة من ملائكة العذاب فاذا توفى نفسا طيبة دفعها
إلى الملائكة الرحمة واذا توفى خبيثة دفعها إلى ملائكة العذاب
وأخرج ابن أبي الدنيا في ذكر الموت عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما قالا :
لما اتخذ الله إبراهيم خليلا سأل ملك الموت ربه ان يأذن له فيبشر إبراهيم عليه
السلام بذلك فأذن له فأتاه فقال له إبراهيم عليه السلام : يا ملك الموت أرني كيف
تقبض أنفاس الكفار ؟ قال : يا إبراهيم لا تطيق ذلك قال : بلى
قال : فاعرض ابرهيم ثم نظر اليه فاذا برجل أسود ينال رأسه السماء يخرج من فيه لهب
النار ليس من شعرة في جسده إلا في صورة رجل يخرج من فيه ومسامعه لهب النار فغشي
على إبراهيم عليه السلام ثم أفاق وقد تحول ملك الموت في الصورة الاولى فقال : يا
ملك الموت لو لم يلق الكافر من البلاء والحزن إلا صورتك لكفاه فارني كيف تقبض
أرواح المؤمنين ؟ قال : أعرض فأعرض ثم التفت فاذا هو برجل شاب أحسن الناس وجها
وأطيبه في ثياب بيض فقال : يا ملك الموت لو لم ير المؤمن عند موته من قرة العين
والكرامة إلا صورتك هذه لكان يكفيه
وأخرج الطبراني وأبو نعيم وابن منده كلاهما في الصحابة عن الخزرج سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : " ونظر إلى ملك الموت عند رأس رجل من الأنصار
فقال : يا ملك الموت أرفق بصاحبي فانه مؤمن فقال ملك الموت عليه السلام : طب نفسا
وقر عينا واعمل بأني بكل مؤمن رفيق واعلم يا محمد اني لاقبض روح ابن آدم فاذا صرخ
صارخ قمت في الدار ومعي روحه فقلت : ما هذا الصارخ ! والله ما ظلمناه ولا سبقنا
أجله ولا استعجلنا قدره ومالنا في قبضه من ذنب فان ترضوا بما صنع الله تؤجروا وان
تسخطوا تأثموا وتؤزروا وان لنا عندكم عودة بعد عودة فالحذر فالحذر وما من أهل بيت
شعر ولا مدر بر ولا فاجر سهل ولا
(6/541)
جبل
إلا أنا أتصفحهم في كل يوم وليلة حتى أنا لاعرف بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم
والله لو أردت أن أقبض روح بعوضة ما قدرت على ذلك حتى يكون الله هو يأذن بقبضها
"
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ في العظمة عن أشعث بن شعيب رضي الله عنه قال :
سأل إبراهيم عليه السلام ملك الموت واسمه عزرائيل وله عينان في وجهه وعين في قفاه
فقال : يا ملك الموت ما تصنع اذا كانت نفس بالمشرق ونفس بالمغرب ووضع الوباء بأرض
والتقى الزحفان كيف تصنع ؟ قال أدعو الارواح بإذن الله فتكون بين أصبعي هاتين
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو الشيخ وأبو نعيم في الحيلة عن شهر بن حوشب رضي الله
تعلى عنه قال : ملك الموت جالس والدنيا بين ركبتيه واللوح الذي آجال بني آدم بين
يديه وبين يديه ملائكة قيام وهو يعرض اللوح لا يطرف فاذا أتى على أجل عبد قال :
اقبضوا هذا
وأخرج ابن أبي شيبه في المصنف عن خيثمة رضي الله تعالى عنه قال : اتى ملك الموت
عليه السلام سليمان بن داود عليه السلام وكان له صديقا فقال له سليمان عليه السلام
: ما لك تأتي أهل البيت فتقبضهم جميعا وتدع أهل البيت إلى جنبهم لا تقبض منهم أحد
؟ قال : لا أعلم بما أقبض منها إثما أكون تحت العرش فيلقى الي صكاك فيها أسماء
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن جريج رضي الله عنه قال : بلغنا أنه يقال لملك الموت
اقبض فلانا في وقت كذا في يوم كذا
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد في الزهد وأبو الشيخ عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال
: ما من أهل بيت إلا يتصفحهم ملك الموت عليه السلام في كل يوم خمس مرات هل منهم
أحد أمر بقبضه ؟
وأخرج جويبر عن الضحاك رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال : وكل
ملك الموت عليه السلام بقبض أرواح الآدميين فهو الذي يلي قبض أرواحهم وملك في الجن
وملك في الشياطين وملك في الطير والوحش والسباع والحيتان والنمل فهم أربعة أملاك
والملائكة عليهم السلام يموتون في
(6/542)
الصعقة
الأولى وان ملك الموت يلي قبض أرواحهم ثم يموت
فأما الشهداء في البحر فان الله يلي قبض أرواحهم لا يكل ذلك إلى ملك الموت
لكرامتهم عليه
وأخرج ابن ماجه عن أبي امامة رضي الله تعالى عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " ان الله وكل ملك الموت عليه السلام بقبض الارواح إلا شهداء
البحر فانه يتولى قبض أرواحهم "
وأخرج ابن أبي الدنيا والمروزي في الجنائز وأبو الشيخ عن أبي الشعثاء جابر بن زيد
رضي الله عنه
ان ملك الموت كان يقبض الارواح بغير وجع فسبه الناس ولعنوه فشكا إلى ربه فوضع الله
الأوجاع ونسي ملك الموت
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن الأعمش رضي الله عنه قال : كان ملك الموت عليه السلام
يظهر للناس
فيأتي للرجل فيقول : اقض حاجتك فاني أريد أن أقبض روحك فشكا فانزل الداء وجعل
الموت خفية
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خطوة ملك الموت عليه السلام ما
بين المشرق والمغرب
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن أبي جعفر محمد بن علي رضي الله عنه قال : دخل
رسول الله صلى الله عليه و سلم على رجل من الأنصار يعوده فاذا ملك الموت عليه
السلام عند رأسه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " يا ملك الموت ارفق
بصاحبي فإنه مؤمن آدم فيصرخ أهله فاقوم في جانب من الدار فأقول : والله ما لي من
ذنب وان لي لعودة وعودة الحذر الحذر وما خلق الله من أهل بيت ولا مدر ولا شعر ولا
وبر في بر ولا بحر إلا وأنا أتصفحهم في كل يوم وليلة خمس مرات حتى اني لاعرف
بصغيرهم وكبيرهم منهم بأنفسهم والله يا محمد اني لا أقدر أقبض روح بعوضة حتى يكون
الله تبارك وتعالى هو الذي يأمر بقبضه "
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قل يتوفاكم ملك الموت قال : ملك الموت
يتوفاكم وله أعوان من الملائكة
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قل : يتوفاكم ملك الموت قال : حويت له الأرض
فجعلت له مثل طست يتناول منها حيث يشاء
(6/543)
-
قوله تعالى : ولو ترى إذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا
فأرجعنا نعمل صالحا إنا موقنون ولو شئنا لأتينا كل نفس هداها ولكن حق القول مني
لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم هذا إنا نسيناكم
وذوقوا عذاب الخلد بما كنتم تعملون إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا
وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ولو
ترى اذ المجرمون ناكسوا رؤوسهم عند ربهم ربنا أبصرنا وسمعنا قال : أبصروا حين لم
ينفعهم البصر وسمعوا حين لم ينفعهم السمع
وفي قوله ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها قال : لو شاء الله لهدى الناس جميعا ولو
شاء الله أنزل عليهما من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين الشعراء الآية 4
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول ان الله يعتذر إلى آدم يوم القيامة بثلاثة معاذير
يقول : يا آدم لولا اني لعنت الكذابين وأبغض الكذب والخلف وأعذب عليه لرحمت اليوم
ذريتك أجمعين من شدة ما أعددت لهم من العذاب ولكن حق القول مني لمن كذب رسلي وعصى
أمري لاملأن جهنم منهم أجمعين الأعراف الآية 18 ويقول : يا آدم إني لا أدخل أحدا
من ذريتك النار ولا أعذب أحدا منهم بالنار إلا من قد علمت في سابق علمي اني لو
رددته إلى الدنيا لعاد إلى شر مما كان فيه لم يراجع ولم يعتب ويقول له : يا آدم قد
جعلتك اليوم حكما بيني وبين ذريتك قم عند الميزان فانظر ما يرفع اليك من أعمالهم
فمن رجح منهم خيره على شره مثقال ذرة فله الجنة حتى تعلم اني لا أدخل النار اليوم
منهم إلا ظالما "
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله فذوقوا بما نسيتم لقاء يومكم
هذا قال : تركتم أن تعملوا للقاء يومكم هذا
(6/544)
وأخرج
ابن أبي الدنيا عن الضحاك رضي الله عنه فذوقوا بما نسيتم
قال : اليوم نترككم في النار كما تركتم أمري
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله انا
نسيناكم قال : تركناكم
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه الآية في
شأن الصلوات الخمس إنما بآياتنا الذين اذا ذكروا بها خروا سجدا أي أتوها وسبحوا أي
صلوا بأمر ربهم وهم لا يستكبرون عن اتيان الصلوات في الجماعات
- قوله تعالى : تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم
ينفقون
أخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه ومحمد بن نصر في كتاب
الصلاة عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن هذه الآية تتجافى جنوبهم عن المضاجع نزلت
في انتظار الصلاة التي تدعى العتمة
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله
تتجافى جنوبهم عن المضاجع قال : كانوا لا ينامون حتى يصلوا العشاء
وأخرج البخاري في تاريخه وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال نزلت تتجافى جنوبهم
عن المضاجع في صلاة العشاء
وأخرج ابن أبي شيبه عن أنس رضي الله عنه قال : كنا نجتنب الفرش قبل صلاة العشاء
وأخرج محمد بن نصر وابن جرير عن أبي سلمة رضي الله عنه في قوله تتجافى جنوبهم عن
المضاجع في صلاة العتمة
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : ما رأيت رسول
الله صلى الله عليه و سلم راقدا قبل العشاء ولا متحدثا بعدها فان هذه الآية نزلت
في ذلك تتجافى جنوبهم عن المضاجع
(6/545)
وأخرج
ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : نزلت فينا معاشر الأنصار كنا نصلي المغرب
فلا نرجع إلى رحالنا حتى نصلي العشاء مع النبي صلى الله عليه و سلم فنزلت فينا
تتجافى جنوبهم عن المضاجع
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه و سلم قال
تتجافى جنوبهم عن المضاجع قال : هم الذي لا ينامون قبل العشاء فاثنى عليهم فلما
ذكر ذلك جعل الرجل يعتزل فراشه مخافة أن تغلبه عينه فوقتها قبل أن ينام الصغير
ويكسل الكبير
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تتجافى جنوبهم عن المضاجع
قال : أنزلت في صلاة العشاء الآخرة كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم لا
ينامون حتى يصلوها
وأخرج ابن أبي شيبه وأبو داود ومحمد بن نصر وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أنس رضي الله عنه في قوله تتجافى جنوبهم عن
المضاجع قال : كانوا ينتظرون ما بين المغرب والعشاء يصلون
وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد وابن عدي وابن مردويه عن مالك بن
دينار رضي الله عنه قال : سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن هذه الآية تتجافى
جنوبهم عن المضاجع قال : كان قوم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم من
المهاجرين الاولين يصلون المغرب ويصلون بعدها إلى عشاء الآخرة فنزلت هذه الآية
فيهم
وأخرج البزار وابن مردويه عن بلال رضي الله عنه قال : كنا نجلس في المجلس وناس من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلون المغرب إلى العشاء فنزلت تتجافى جنوبهم
عن المضاجع
وأخرج محمد بن نصر والبيهقي في سننه عن ابن المنكدر وأبي حازم في قوله تتجافى
جنوبهم عن المضاجع قالا : هي ما بين المغرب والعشاء صلاة الاوابين
وأخرج محمد بن نصر عن عبد الله بن عيسى رضي الله عنه قال : كان ناس من الانصار
يصلون ما بين المغرب والعشاء فنزلت فيهم تتجافى جنوبهم عن المضاجع
(6/546)
وأخرج
أحمد وابن جرير وابن مردويه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و
سلم في قوله تتجافى جنوبهم عن المضاجع قال " قيام العبد من الليل "
وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه وابن نصر في كتاب الصلاة وابن جرير
وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن معاذ بن جبل
رضي الله عنه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه و سلم في سفر فاصبحت يوما قريبا
منه ونحن نسير فقلت : يا نبي الله اخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار قال
" لقد سألت عن عظيم وانه اليسير على من يسره الله عليه
تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم
قال : ألا أدلك على أبواب الخير ؟ الصوم جنة والصدقة تطفىء الخطيئة وصلاة الرجل في
جوف الليل ثم قرأ تتجافى جنوبهم عن المضاجع حتى بلغ يعملون ثم قال : ألا أخبرك
برأس الامر وعموده وذروة سنامه ؟ فقلت : بلى يا رسول الله قال : رأس الامر الإسلام
وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد ثم قال ألا أخبرك بملاك ذلك كله ؟ فقلت : بلى يا
نبي الله فاخذ بلسانه فقال : كف عنك هذا فقلت : يا رسول الله وانا لمؤاخذون بما
نتكلم به فقال : ثكلتك أمك يا معاذ !
وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم "
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال : ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه و
سلم قيام الليل ففاضت عيناه حتى تحادرت دموعه فقال تتجافى جنوبهم عن المضاجع
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال " يا رسول الله
اخبرني بعمل أهل الجنة قال : قد سألت عن عظيم وانه ليسير على من يسره الله عليه
تعبد الله لا تشرك به شيئا وتؤدي الصلاة المكتوبة - ولا أدري ذكر الزكاة أم لا -
وان شئت أنبأتك برأس هذا الامر وعموده وذروة سنامه رأسه الإسلام من أسلم سلم
وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله والصيام جنة والصدقة تمحو الخطيئة
وصلاة الرجل في جوف الليل ثم تلا هذه الآية تتجافى جنوبهم عن المضاجع "
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه في قوله تتجافى جنوبهم عن
(6/547)
المضاجع
قال : كانت لا تمر عليها ليلة إلا أخذوا منها بحظ
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه ومحمد بن نصر وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في
قوله تتجافى جنوبهم عن المضاجع قال : يقومون فيصلون بالليل
وأخرج ابن نصر وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله تتجافى جنوبهم عن المضاجع
قال : قيام الليل
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد من طريق أبي عبد الله الجدلي عن عبادة بن
الصامت عن كعب رضي الله عنه قال : اذا حشر الناس نادى مناد : هذا يوم الفصل أين
الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع أين الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ؟
آل عمران الآية 191 ثم يخرج عنق من النار فيقول : أمرت بثلاث
بمن جعل مع الله الها آخر
وبكل جبار عنيد
وبكل معتد لانا أعرف بالرجل من الوالد بولده والمولود بوالده ويؤمر بفقراء
المسلمين إلى الجنة فيحسبون فيقولون : تحسبونا ما كان لنا أموال ولا كنا أمراء
وأخرج محمد بن نصر وابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله تتجافى جنوبهم عن
المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا قال : هم قوم لا يزالوان يذكرون الله اما في الصلاة
واما قياما واما قعودا واما اذا استيقظوا من منامهم
هم قوم لا يزالون يذكرون الله تعالى
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن ربيعة الجرشي رضي الله عنه قال : يجمع الله
الخلائق يوم القيامة في صعيد واحد فيكونون ما شاء الله أن يكونوا فينادي مناد
سيعلم أهل الجمع لمن العز اليوم والكرم ليقم الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون
ربهم خوفا وطمعا فيقومون وفيهم قلة ثم يلبث ما شاء الله أن يلبث ثم يعود فينادي
سيعلم أهل الجمع لمن العز والكرم ليقم الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله
النور الآية 37 فيقومون وهم أكثر من الأولين ثم يلبث ما شاء الله أن يلبث ثم يعود
وينادي : سيعلم أهل الجمع لمن العز اليوم والكرم ليقم الحمادون لله على كل حال
فيقومون وهم أكثر من الاولين
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما تتجافى جنوبهم عن المضاجع يقول :
تتجافى لذكر الله كلما استيقظوا ذكروا الله
اما في الصلاة
(6/548)
واما
في قيام أو قعود أو على جنوبهم فهم لا يزالون يذكرون الله
- قوله تعالى : فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون
أخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله
عليه و سلم قرأ فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين
وأخرج أبو عبيد في فضائله وسعيد بن منصور وابن أبي حاتم وابن الانباري في المصاحف
عن أبي هريرة رضي الله عنه فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم
وأبو الشيخ والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان
عرش الله على الماء فاتخذ جنة لنفسه ثم اتخذ دونها أخرى ثم أطبقهما لؤلؤة واحدة ثم
قال : ومن دونهما جنتان لم يعلم الخلق ما فيهما وهي التي قال الله فلا تعلم نفس ما
أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون يأتيهم فيها كل يوم تحفة
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراين
والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : انه لمكتوب في التوراة لقد أعد
الله للذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع ما لم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب
بشر ولا يعلم ملك مقرب ولا نبي مرسل وانه لفي القرآن فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من
قرة أعين
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد وهناد كلاهما في الزهد والبخاري ومسلم والترمذي وابن
جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وابن الانباري عن أبي هريرة رضي الله
عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " قال الله تعالى : أعددت لعبادي
الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشرن قال أبو هريرة رضي الله
عنه : اقرؤا ان شئتم فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين "
وأخرج ابن أبي حاتم عن عامر بن عبد الواحد رضي الله عنه قال : بلغني ان
(6/549)
الرجل
من أهل الجنة يمكث في مكانه سبعين سنة ثم يلتفت فاذا هو بامرأة أحسن مما كان فيه
فتقول له : قد آن لك أن يكون لنا منك نصيب
فيقول : من أنت ؟ فتقول : أنا مزيد فيمكث معها سبعين سنة ويلتفت فاذا هو بامرأة
أحسن مما كان فيه فتقول : قد آن لك ان يكون لنا منك نصيب فيقول : من أنت ؟ فتقول :
أنا الذي قال الله فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن عمر رضي الله عنه قال : ان الرجل من أهل الجنة ليجيء
فيشرف عليه النساء فيقلن : يا فلان بن فلان ما أنت حين خرجت من عندنا بأولى بك منا
فيقول : من أنتن ؟ ! فيقلن : نحن من اللاتي قال الله فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من
قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون
وأخرج ابن أبي شيبه عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : يدخلون عليهم على مقدار كل
يوم من أيام الدنيا ثلاث مرات معهم التحف من الله من جنات عدن مما ليس في جناتهم
وذلك قوله فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب قال : سأصف لكم منزل الرجل من أهل الجنة كان يطلب في
الدنيا حلالا ويأكل حلالا حتى لقي الله على ذلك فانه يعطي يوم القيامة قصرا من
لؤلؤة واحدة ليس فيها صدع ولا وصل فيها سبعون ألف غرفة وأسفل الغرف سبعون ألف بيت
في كل بيت سقفه صفائح الذهب والفضة ليس بموصول ولولا ان الله سخر له النظر اليه
لذهب بصره من نوره عرض الحائط اثنا عشر ميلا وطوله في السماء سبعون ميلا في كل بيت
سبعون ألف باب يدخل عليه في كل بيت من كل باب سبعون ألف خادم لا يراهم من في هذا
البيت ولا من في هذا البيت فاذا خرج في قصره صار في ملكه مثل عمر الدنيا يسير في
ملكه عن يمينه وعن يساره ومن ورائه وأزواجه معه وليس معه ذكر غيره ومن بين يديه
ملائكة قد سخروا له بينه وبين أزواجه ستر وبين يديه ستر ووصفاء ووصائف قد أفهموا
ما يشتهي أزواجه ولا يموت هو ولا أزواجه ولا خدامه أبدا نعيمهم يزداد كل يوم من
غير ان يبلى الاول وقرة عين لا تنقطع أبدا لا يدخل عليه فيه روعة أبدا
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال
(6/550)
"
والذي نفسي بيده لو ان آخر أهل الجنة رجلا أضاف آدم فمن دونه ووضع لهم طعاما وشرابا
حتى يخرجوا من عنده لا ينقصه ذلك مما أعطاه الله "
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد ومسلم والطبراني وابن جرير والحاكم وصححه وابن مردويه
ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة من طريق أبي صخر عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال :
بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو يصف الجنة حتى انتهى ثم قال
" فيهما ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ثم قرأ وتتجافى
جنوبهم عن المضاجع
قال أبو صخر : فذكرته للقرظي فقال : انهم أخفوا عملا وأخفى الله لهم ثوابا فقدموا
على الله فقرت تلك الاعين "
وأخرج ابن جرير عن أبي اليمان الهذلي قال : الجنة مائة درجة
أولها درجة فضة وأرضها فضة وآنيتها فضة وترابها المسك
والثانية ذهب ومساكنها ذهب وآنيتها ذهب وترابها المسك
والثالثة لؤلؤ وأرضها لؤلؤ ومساكنها لؤلؤ وآنيتها لؤلؤ وترابها المسك
وسبع وتسعون بعد ذلك ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر وتلا هذه
الآية فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين
وأخرج ابن جرير والطبراني والحاكم وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان من طريق
الحاكم بن أبان عن الغطريف عن جابر بن زيد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و
سلم عن الروح الامين قال " يؤتي بحسنات العبد وسيئاته فيقتص بعضها من بعض فان
بقيت حسنة واحدة أدخله الله الجنة " قال : فدخلت على يزدان فحدث بمثل هذا
فقلت : فان ذهبت الحسنة ؟ قال : أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن
سيآتهم الاحقاف الآية 16 قلت : أفرأيت قوله فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين
قال : هو العبد يعمل سرا أسره إلى الله لم يعلم به الناس فاسر الله له يوم القيامة
قرة أعين
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
" ان أدنى أهل الجنة حظا قوم يخرجهم الله من النار برحمته بعد ان يحترقوا يرتاح
لهم الرب انهم كانوا لا يشركون بالله شيئا فينبذون بالعراء فينبتون كما ينبت البقل
حتى
(6/551)
اذا
رجعت الارواح إلى أجسادها قالوا : ربنا كالذي أخرجتنا من النار ورجعت الأرواح إلى
أجسادنا فاصرف وجوهنا عن النار فيصرف وجوههم عن النار ويضرب لهم شجرة ذات ظل وفيء
فيقولون : ربنا كالذي أخرجتنا من النار فانقلنا إلى ظل هذه الشجرة فينقلهم اليها
فيرون أبواب الجنة فيقولن : ربنا كالذي أخرجتنا من النار فانقلنا إلى أبواب الجنة
فيفعل فاذا نظروا إلى ما فيها من الخيرات والبركات قال : وقرأ أبو هريرة رضي الله
عنه فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين قالوا : ربنا كالذي أخرجتنا من النار
فادخلنا الجنة قال : فيدخلون الجنة ثم يقال لهم : تمنوا فيقولون : يا رب اعطنا حتى
اذا قالوا : يا ربنا حسبنا قال : هذا لكم وعشرة أمثاله "
وأخرج ابن أبي شيبه ومسلم والترمذي وابن جرير وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه
والبيهقي في الاسماء والصفات عن المغيرة ابن شعبة رضي الله عنه يرفعه إلى النبي
صلى الله عليه و سلم " ان موسى عليه السلام سأل ربه فقال : رب أي أهل الجنة
أدنى منزلة ؟ فقال : رجل يجيء بعدما دخل أهل الجنة الجنة فيقال له : ادخل
فيقول : كيف ادخل وقد نزلوا منازلهم وأخذوا أخذاتهم ؟ فيقال له : اترضى ان يكون لك
مثل ما كان لملك من ملوك الدنيا ؟ فيقول : نعم
أي رب قد رضيت فيقال له : فان لك هذا وعشرة أمثاله معه فيقول : أي رب رضيت فيقال
له : فان لك من هذا ما اشتهت نفسك ولذت عينك فقال موسى عليه السلام : أي رب فأي
أهل الجنة ارفع منزله ؟ قال : اياها أردت وسأحدثك عنهم اني غرست كرامتهم بيدي
وختمت عليها فلا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشرن قال : ومصداق ذلك في
كتاب الله تعالى فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين "
- قوله تعالى : أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون أما الذين آمنوا وعملوا
الصالحات فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون وأما الذين فسقوا فمأواهم النار
كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به
تكذبون
(6/552)
أخرج
أبو الفرج الأصفهاني في كتاب الاغاني والواحدي وابن عدي وابن مردويه والخطيب وابن
عساكر من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال الوليد بن عقبة لعلي بن أبي
طالب رضي الله عنه : أنا أحد منك سنانا وأبسط منك لسانا واملاء للكتيبة منك فقال
له علي رضي الله عنه : اسكت فانما أنت فاسق
فنزلت أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون يعني بالمؤمن : عليا
وبالفاسق : الوليد بن عقبة بن أبي معيط
وأخرج ابن اسحق وابن جرير عن عطاء بن يسار قال : نزلت بالمدينة في علي بن أبي طالب
والوليد بن عقبة بن أبي معيط قال : كان بين الوليد وبين علي كلام فقال الوليد بن
عقبة : أنا أبسط منك لسانا وأحد منك سنانا وأرد منك للكتيبة فقال علي رضي الله عنه
: اسكت فانك فاسق
فانزل أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله عنه في قوله أفمن كان مؤمنا
كمن كان فاسقا لا يستوون قال : نزلت في علي بن أبي طالب رضي الله عنه والوليد بن
عقبة
وأخرج ابن مردويه والخطيب وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله أفمن كان
مؤمنا كمن كان فاسقا قال : اما المؤمن
فعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وأما الفاسق
فعقبة بن أبي معيط وذلك لسباب كان بينهما فانزل الله ذلك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون قال : لا في الدنيا لا عند الموت ولا
في الآخرة
وفي قوله وأما الذين فسقوا قال : هم الذين أشركوا وفي قوله كنتم به تكذبون قال :
هم يكذبون كما ترون
- قوله تعالى : ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر لعلهم يرجعون
(6/553)
أخرج
الفريابي وابن منيع وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه
وابن مردويه والخطيب والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله
ولنذيقنهم من العذاب الادنى قال : يوم بدر دون العذاب الاكبر قال : يوم القيامة
لعلهم يرجعون قال : لعل من بقي منهم يرجع
وأخرج ابن أبي شيبه والنسائي وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن مسعود
رضي الله عنه في قوله ولنذيقنهم من العذاب الادنى قال : سنون أصابتهم لعلهم يرجعون
قال : يتوبون
وأخرج مسلم وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وأبو عوانه في صحيحه وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي بن كعب رضي
الله عنه في قوله ولنذيقنهم من العذاب الأدنى قال : مصائب الدنيا واللزوم والبطشة
والدخان
وأخرج ابن مردويه عن أبي ادريس الخولاني رضي الله عنه قال : سألت عبادة بن الصامت
رضي الله عنه عن قول الله ولنذيقنهم من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر فقال :
سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عنها فقال " هي المصائب والاسقام
والانصاب عذاب للمسرف في الدنيا دون عذاب الآخرة قلت : يا رسول الله فما هي لنا ؟
قال : زكاة وطهور "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
ولنذيقنهم من العذاب الادنى قال : مصائب الدنيا وأسقامها وبلاياها يبتلي الله بها
العباد كي يتوبوا
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير عن إبراهيم رضي الله عنه ولنذيقنهم من العذاب الادنى
دون العذاب الاكبر قال : أشياء يصابون بها في الدنيا لعلهم يرجعون قال : يتوبون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله
ولنذيقنهم من العذاب الادنى دون العذاب الاكبر قال : الحدود لعلهم يرجعون قال :
يتوبون
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد ولنذيقنهم من العذاب الادنى قال
: عذاب الدنيا وعذاب القبر
(6/554)
وأخرج
الفريابي وابن جرير عن مجاهد في قوله ولنذيقنهم من العذاب الادنى قال : القتل
والجوع لقريش في الدنيا والعذاب الاكبر يوم القيامة في الآخرة
وأخرج هناد عن أبي عبيدة في قوله ولنذيقنهم من العذاب الادنى قال : عذاب القبر
- قوله تعالى : ومن أظلم ممن ذكر بآيات ربه ثم أعرض عنها إنا من المجرمين منتقمون
أخرج ابن منيع وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن معاذ
بن جبل رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " ثلاث من
فعلهن فقد أجرم
من عقد لواء في غير حق
أو عق والديه
أو مشى مع ظالم لينصره فقد أجرم يقول الله عز و جل انا من المجرمين منتقمون "
- قوله تعالى : ولقد آتينا موسى الكتاب فلا تكن في مرية من لقائه وجعلناه هدى لبني
إسرائيل وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون إن ربك هو
يفصل بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون أولم يهد لهم كم أهلكنا من قبلهم
من القرون يمشون في مساكنهم إن في ذلك لآيات أفلا يسمعون
أخرج عبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه
والبيهقي في الدلائل من طريق قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس قال : قال النبي
صلى الله عليه و سلم " رأيت ليلة أسري بي موسى بن عمران رجلا طوالا جعدا كأنه
من رجال شنوأة ورأيت عيسى بن مريم عليه السلام مربوع الخلق إلى الحمرة والبياض سبط
الرأس ورأيت مالكا خازن جهنم والدجال في آيات أراهن الله
(6/555)
اياه
قال فلا تكن في مريه من لقائه فكان قتادة يفسرها أن النبي صلى الله عليه و سلم قد
لقي موسى وجعلناه هدى لبني اسرائيل قال : جعل الله موسى هدى لبني اسرائيل "
وأخرج الطبراني وابن مردويه والضياء في المختارة بسند صحيح عن ابن عباس " عن
النبي صلى الله عليه و سلم فلا تكن في مريه من لقائه من لقاء موسى ربه وجعلنا هدى
لبني اسرائيل قال : جعل موسى هدى لبني اسرائيل "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية في قوله فلا تكن في مريه من لقائه قال : من
لقاء موسى قيل : أو لقي موسى ؟ قال : نعم
ألا ترى إلى قوله واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا الزخرف الآية 45
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد فلا تكن في مريه
من لقائه قال : من أن تلقى موسى
وأخرج الحاكم عن مالك أنه تلا وجعلنا منهم أئمة يهدون بامرنا لما صبروا فقال :
حدثني الزهري ان عطاء بن يزيد حدثه عن أبي هريرة أنه سمع النبي صلى الله عليه و
سلم يقول " ما رزق عبد خيرا له أوسع من الصبر "
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وجعلنا منهم أئمة قال : رؤساء في الخير سوى
الانبياء يهدون بامرنا لما صبروا قال : على ترك الدنيا
والله أعلم
- قوله تعالى : أولم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز فنخرج به زرعا تأكل منه
أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون
أخرج الفريابي وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أو لم يروا انا نسوق
الماء إلى الأرض الجرز قال : الجرز التي لا تمطر إلا قطرا لا يغني عنها شيئا إلا
ما يأتيها من السيول
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله إلى
الأرض الجرز قال : أرض باليمن
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله إلى الأرض
الجرز قال : هي التي لا تنبت هن أبين ونحوها من الأرض
(6/556)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عكرمة إلى الأرض الجرز قال : السمطاء
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي إلى الأرض الجرز قال : إلى الأرض الميتة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن إلى الأرض الجرز قال : قرى فيما بين اليمن والشام
وأخرج أبو بكر وابن حبان في كتاب الغرر عن الربيع بن سيرة قال : الامثال أقرب إلى
العقول من المعاني ألم تسمع إلى قوله أو لم يروا انا نسوق الماء إلى الأرض الجرز
ألم تر ؟ ألم يروا
- قوله تعالى : ويقولون متى هذا الفتح إن كنتم صادقين قل يوم الفتح لا ينفع الذين
كفروا إيمانهم ولا هم ينظرون فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : قال الصحابة ان لنا يوم يوشك ان
نستريح فيه ونتنعم فيه
فقال المشركون متى هذا الفتح ان كنتم صادقين فنزلت
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس في قوله ويوقولون متى هذا
الفتح ان كنتم صادقين قال : يوم بدر فتح النبي صلى الله عليه و سلم فلم ينفع الذين
كفروا ايمانهم بعد الموت
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله قل يوم الفتح قال : يوم القيامة
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله قل يوم
الفتح قال : يوم القضاء
وفي قوله وانتظر انهم منتظرون قال : يوم القيامة
(6/557)
بسم
الله الرحمن الرحيم -
سورة الاحزاب
مدنية وآياتها ثلاث وسبعون
- مقدمة سورة الاحزاب أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل من
طرق عن ابن عباس قال : نزلت سورة الاحزاب بالمدينة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير
مثله
وأخرج عبد الرزاق في المصنف والطيالسي وسعيد ابن منصور وعبد الله بن أحمد في زوائد
المسند وابن منيع والنسائي وابن المنذر وابن الانباري في المصاحف والدار قطني في
الافراد والحاكم وصححه وابن مردويه والضياء في المختارة عن زر قال : قال لي أبي بن
كعب : كيف تقرأ سورة الاحزاب أو كم تعدها ؟ قلت ثلاثا وسبعين آية فقال أبي : قد
رأيتها وانها لتعادل سورة البقرة وأكثر من سورة البقرة ولقد قرأنا فيها الشيخ
والشيخة اذا زنيا فارجموهما ألبتة نكالا من الله والله عزيز حكيم فرفع منها ما رفع
وأخرج عبد الرزاق عن الثوري قال : بلغنا ان ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه و
سلم كانوا يقرأون القرآن أصيبوا يوم مسيلمة فذهبت حروف من القرآن
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن عباس قال : أمر عمر بن الخطاب مناديا فنادى ان
الصلاة جامعة ثم صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال : يا ايها الناس لا تجزعن
من آية الرجم فانها آية نزلت في كتاب الله وقرأناها ولكنها ذهبت في قرآن كثير ذهب
مع محمد وآية ذلك ان النبي صلى الله عليه و سلم قد رجم وان أبا بكر قد رجم ورجمت
بعدها وابنه سيجيء قوم من هذه الامة يكذبون بالرجم
وأخرج مالك والبخاري ومسلم وابن ضريس عن ابن عباس ان عمر قام فحمد الله واثنى عليه
ثم قال : اما بعد أيها الناس ان الله بعث محمدا بالحق
(6/558)
وأنزل
عليه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم فقرأناها ووعيناها الشيخ والشيخة اذا
زنيا فارجموهما البتة ورجم رسول الله صلى الله عليه و سلم ورجمنا بعده فاخشى ان
يطول بالناس زمان فيقول قائل : لا نجد آية الرجم في كتاب الله
! فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله
وأخرج أحمد والنسائي عن عبد الرحمن بن عوف ان عمر بن الخطاب خطب الناس فسمعته يقول
: إلا وان ناس يقولون : ما بال الرجم
! وفي كتاب الله الجلد وقد رجم النبي صلى الله عليه و سلم ورجمنا بعده ولولا ان
يقول قائلون ويتكلم متكلمون : ان عمر زاد في كتاب الله ما ليس منه لاثبتها كما
نزلت
وأخرج النسائي وابو يعلى عن كثير بن الصلت قال : كنا عند مروان وفينا زيد بن ثابت
فقال زيد : ما تقرأ الشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة قال مروان : إلا
كتبتها في المصحف ؟ قال : ذكرنا ذلك وفينا عمر بن الخطاب فقال : اشفيكم من ذلك ؟
قلنا : فكيف ؟ قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله
انبئني آية الرجم قال : لا أستطيع الآن
وأخرج ابن مردويه عن حذيفة قال : قال لي عمر بن الخطاب : كم تعدون سورة الاحزاب ؟
قلت : اثنتين أو ثلاثا وسبعين قال : ان كانت لتقارب سورة البقرة وان كان فيها لآية
الرجم
وأخرج ابن الضريس عن عكرمة قال : كانت سورة الاحزاب مثل سورة البقرة أو اطول وكان
فيها آية الرجم
وأخرج ابن سعد عن سعيد بن المسيب ان عمر قال : اياكم أن تهلكوا عن آية الرجم وان
يقول قائل : لا نجد حدين في كتاب الله فقد رجم رسول الله صلى الله عليه و سلم
ورجمنا بعده فلولا ان يقول الناس : أحدث عمر في كتاب الله لكتبتها في المصحف لقد
قرأناها الشيخ والشيخه إذا زنيا فارجموهما البته قال سعيد فما انسلخ ذو الحجة حتى
طعن
وأخرج ابن الضريس عن أبي امامة بن سهل بن حنيف ان خالته أخبرته قالت : لقد أقرأنا
رسول الله صلى الله عليه و سلم آية الرجم الشيخ والشيخة اذا زنيا فارجموهما البتة
بما قضيا من اللذة
(6/559)
وأخرج
ابن الضريس عن عمر قال " قلت لرسول الله صلى الله عليه و سلم لما نزلت آية
الرجم : اكتمها يا رسول الله قال : لا أستطيع ذلك "
وأخرج ابن الضريس عن زيد بن أسلم ان عمر بن الخطاب خطب الناس فقال : لا تشكوا في
الرجم فانه حق قد رجم رسول الله صلى الله عليه و سلم ورجم أبو بكر ورجمت ولقد هممت
ان أكتب في المصحف فسأل أبي بن كعب عن آية الرجم فقال أبي : ألست أتيتني وانا
أستقرئها رسول الله صلى الله عليه و سلم فدفعت في صدري وقلت : أتستقرئه آيه الرجم
وهم يتسافدون تسافد الحمر
وأخرج البخاري في تاريخ عن حذيفة قال : قرأت سورة الاحزاب على النبي صلى الله عليه
و سلم فنسيت منها سبعين آية ما وجدتها
وأخرج أبو عبيد في الفضائل وابن الانباري وابن مردويه عن عائشة قالت : كانت سورة
الاحزاب تقرأ في زمان النبي صلى الله عليه و سلم مائتي آية فلما كتب عثمان المصاحف
لم يقدر منها إلا على ما هو الآن
- يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إن الله كان عليما حكيما
واتبع ما يوحى إليك من ربك إن الله كان بما تعملون خبيرا وتوكل على الله وكفى
بالله وكيلا
أخرج ابن جرير من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس قال : ان أهل مكة منهم الوليد
بن المغيرة وشيبة بن ربيعة دعوا النبي صلى الله عليه و سلم إلى أن يرجع عن قوله
على أن يعطوه شطرا أموالهم وخوفه المنافقون واليهود بالمدينة ان لم يرجع قتلوه
فانزل الله يا أيها النبي اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج ولا تطع الكافرين ابي بن خلف والمنافقين أبو عامر
الراهب وعبد الله بن أبي بن سلول والحد بن قيس
(6/560)
-
قوله تعالى : ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه وما جعل أزواجكم الائي تظاهرون
منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكم قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو
يهدي السبيل
أخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن
مردويه والضياء في المختارة عن ابن عباس قال : قام النبي صلى الله عليه و سلم يوما
يصلي فخطر خطرة فقال المنافقون الذين يصلون معه : ألا ترى ان له قلبين ؟ قلبا معكم
وقلبا معهم
فانزل الله ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه ابن عباس وأخرج ابن أبي حاتم من
طريق خصيف عن سعيد بن جبير ومجاهد وعكرمة قالوا : كان رجل يدعى ذا القلبين فانزل
الله ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس قال : كان رجل من قريش يسمى من دهائه ذا
القلبين فأنزل الله هذا في شأنه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن قال : كان رجل على عهد رسول الله صلى الله
عليه و سلم يسمى ذا القلبين
كان يقول : لي نفس تأمرني ونفس تنهاني فأنزل الله فيه ما تسمعون
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال :
ان رجلا من بني فهر قال : ان في جوفي قلبين اعقل بكل واحد منهما أفضل من عقل محمد
فنزلت
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي : انها نزلت في رجل من قريش من بني جمح يقال له :
جميل بن معمر
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال " صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم صلاة
فسها فيها فخطرت منه كلمة فسمعها المنافقون فأكثروا فقالوا : ان له قلبين
ألم تسمعوا إلى قوله وكلامه في الصلاة ؟ ان له قلبا معكم وقلبا مع أصحابه فنزلت يا
أيها
(6/561)
النبي
اتق الله ولا تطع الكافرين والمنافقين إلى قوله ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه
"
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن الزهري في قوله ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه
قال : بلغنا ان ذلك كان في زيد بن حارثة ضرب له مثلا يقول : ليس ابن رجل آخر ابنك
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : كان الرجل يقول لامرأته : أنت علي كظهر أمي
فقال الله وما جعل أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم وكان يقال : زيد بن محمد
فقال الله وما جعل أدعياءكم أبناءكم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله وما جعل
أزواجكم اللائي تظاهرون منهن أمهاتكم أي ما جعلها أمك واذا ظاهر الرجل من امرأته
فان الله لم يجعلها أمه ولكن جعل فيها الكفارة وما جعل أدعياءكم أبناءكم يقول : ما
جعل دعيك إبنك
يقول : ان ادعى رجل رجلا فليس بابنه
ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم كان يقول " من ادعى إلى غير أبيه
متعمدا حرم الله عليه الجنة "
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وما جعل
أدعياءكم أبناءكم قال : نزلت في زيد بن حارثة رضي الله عنه
- قوله تعالى : ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في
الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكم ما تعمدت قلوبكم وكان الله
غفورا رحيما
أخرج ابن أبي شيبه والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم
وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عمر : أن زيد بن حارثة مولى رسول الله
(6/562)
صلى
الله عليه و سلم ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد
حتى نزل القرآن أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فقال النبي صلى الله عليه و سلم :
أنت زيد بن حارثة بن شراحيل
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن عائشة
" أن أبا حذيفة بن عتبة بن ربيعة بن عتبة بن عبد شمس وكان ممن شهد بدرا تبنى
سالما وأنكحه بنت أخيه هند بنت الوليد بن عتبة بن ربيعة وهو مولى لا مرأة من
الانصار كما تبنى النبي صلى الله عليه و سلم زيدا وكان من تبنى رجلا في الجاهلية
دعاه الناس اليه وورثه من ميراثه حتى أنزل الله في ذلك ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند
الله فان لم تعلموا آباءهم فاخوانكم في الدين ومواليكم فردوا إلى آبائهم فمن لم
يعلم له أب كان مولى وأخا في الدين فجاءت سهلة بنت سهيل بن عمرو إلى النبي صلى
الله عليه و سلم فقالت : ان سالما كان يدعى لأبي حذيفة رضي الله عنه وان الله قد
أنزل في كتابه ادعوهم لآبائهم وكان يدخل علي وأنا وحدي ونحن في منزل ضيق فقال النبي
صلى الله عليه و سلم : ارضعي سالما تحرمي عليه
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان من أمر زيد بن حارثة رضي
الله عنه أنه كان في أخواله بني معن من بني ثعل من طيء فأصيب في غلمة من طيء فقدم
به سوق عكاظ وانطلق حكيم بن حزام بن خويلد إلى عكاظ يتسوق بها فأوصته عمته خديجة
رضي الله عنها أي يبتاع لها غلاما ظريفا عربيا أن قدر عليه فلما جاء وجد زيدا يباع
فيها فأعجبه ظرفه فابتاعه فقدم به عليها وقال لها : اني قد ابتعت لك غلاما ظريفا
عربيا فان أعجبك فخذيه والا فدعيه فانه قد أعجبني فلما رأته خديجة اعجبها فأخذته
فتزوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو عندها فأعجب النبي صلى الله عليه و سلم
ظرفه فاستوهبه منها فقالت : هو لك فان أردت عتقه فالولاء لي فأبى عليها فوهبته له
ان شاء أعتق وان شاء أمسك قال : فشب عند النبي صلى الله عليه و سلم
ثم انه خرج في إبل طالب إلى الشام فمر بأرض قومه
فعرفه عمه فقام إليه فقال : من أنت يا غلام ؟ قال : غلام من أهل مكة
قال : من أنفسهم ؟ قال : لا
فحر أنت أم مملوك ؟ قال : بل مملوك قال : لمن ؟ قال : لمحمد بن عبد الله بن عبد
المطلب فقال له : أعربي أنت أم عجمي ؟ قال :
(6/563)
بل
عربي قال : ممن أهلك ؟ قال : من كلب قال : من أي كلب ؟ قال : من بني عبدود قال :
ويحك
! ابن من أنت ؟ قال : ابن حارثة بن شراحيل قال : وأين أصبت ؟ قال : في أخوالي قال
: ومن أخوالك ؟ قال : طي قال : ما اسم أمك ؟ قال : سعدي
فالتزمه وقال ابن حارثة : ودعا أباه وقال : يا حارثة هذا ابنك
فأتاه حارثة فلما نظر إليه عرفه قال : كيف صنع مولاك إليك ؟ قال : يؤثرني على أهله
وولده ورزقت منه حبا فلا أصنع إلا ما شئت
فركب معه وأبوه وعمه وأخوه حتى قدموا مكة فلقوا رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقال له حارثة : يا محمد أنتم أهل حرم الله وجيرانه وعند بيته
تفكون العاني وتطعمون الاسير
ابني عبدك فامتن علينا وأحسن إلينا في فدائه فانك ابن سيد قومه فإنا سنرفع لك في
الفداء ما أحببت
فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : أعطيكم خيرا من ذلك قالوا : وما هو ؟ قال
: أخيره فان اختاركم فخذوه بغير فداء وان اختارني فكفوا عنه قالوا : جزاك الله
خيرا فقد أحسنت فدعاه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا زيد اتعرف هؤلاء ؟
قال : نعم
هذا أبي وعمي وأخي فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فأنا من قد عرفته فان
اخترتهم فأذهب معهم وان اخترتني فأنا من تعلم فقال زيد : ما أنا بمختار عليك أحدا
أبدا أنت مني بمكان الوالد والعم قال له أبوه وعمه : يا زيد تختار العبودية على
الربوبية ؟ قال : ما أنا بمفارق هذا الرجل
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم حرصه عليه قال : أشهدوا أنه حر وانه ابني
يرثني وأرثه فطلبت نفس أبيه وعمه لما رأوا من كرامته عليه فلم يزل في الجاهلية
يدعى : زيد بن محمد
حتى نزل القرآن أدعوهم لآبائهم فدعي زيد بن حارثة
وأخرج ابن عساكر من طريق زيد ابن شيبة عن الحسن بن عثمان رضي الله عنه قال : حدثني
عدة من الفقهاء وأهل العلم قالوا : كان عامر بن ربيعة يقال له : عامر بن الخطاب
وإليه كان ينسب فأنزل الله فيه وفي زيد بن حارثة وسالم مولى أبي حذيفة والمقداد بن
عمرو ادعوهم لآبائهم
وأخرج ابن جرير عن أبي بكرة رضي الله عنه أنه قال : قال الله أدعوهم لآبائهم هو
أقسط عند الله فان لم تعلموا آباءهم فاخوانكم في الدين ومواليكم فانا
(6/564)
ممن
لا يعلم أبوه وأنا من اخوانكم في الدين
وأخرج ابن جرير عن قتادة أدعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله أعدل عند الله فان لم
تعلموا آباءهم فاخوانكم في الدين ومواليكم فاذا لم تعلم من أبوه فانما هو أخوك في
الدين ومولاك
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله فان لم تعلموا آباءهم فاخوانكم في الدين
ومواليكم قال : ان لم تعرف أباه فأخوك في الدين ومولاك مولى فلان
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في الآية يقول : ان لم تعلموا لهم آياء تدعوهم إليهم
فانسبوهم اخوانكم في الدين إذ تقول : عبد الله وعبد الرحمن وعبيد الله وأشباههم من
الاسماء وان يدعى إلى اسم مولاه
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه فان لم تعلموا آباءهم فاخوانكم في الدين
ومواليكم يقول : أخوك في الدين ومولاك مولى بني فلان
وأخرج ابن أبي حاتم عن سالم بن أبي الجعد قال : لما نزلت ادعوهم لآبائهم لم يعرفوا
لسالم أبا ولكن مولى أبي حذيفة إنما كان حليفا لهم
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله وليس عليكم جناح فيما اخطأتم به قال : هذا من قبل النهي في هذا وغيره ولكن ما
تعمدت قلوبكم بعد ما أمرتم وبعد النهي
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وليس عليكم جناح فما
أخطأتم به
قال : لو دعوت رجلا لغير أبيه وأنت ترى أنه أبوه لم يكن عليك بأس ولكن ما أردت به
العمد
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه و سلم
قال " والله ما أخشى عليك الخطأ ولكن أخشى عليك العمد "
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " اني لست أخاف عليكم الخطأ ولكن أخاف عليكم العمد "
(6/565)
-
قوله تعالى : النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وأولو الأرحام بعضهم
أولى ببعض في كتاب الله من المؤمنين والمهاجرين إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا
كان ذلك في الكتاب مسطورا
أخرج البخاري وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ما من مؤمن إلا وأنا أولى الناس به في
الدنيا والآخرة اقرأوا ان شئتم النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم فأيما مؤمن ترك
مالا فليرثه عصبته من كانوا فان ترك دينا أو ضياعا فليأتني فأنا مولاه "
وأخرج الطيالسي وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " كان المؤمن
اذا توفي في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فأتي به النبي صلى الله عليه و سلم
سأل هل عليه دين ؟ فان قالوا : نعم
قال : هل ترك وفاء لدينه ؟ فان قالوا : نعم
صلى عليه وان قالوا : لا
قال : صلوا على صاحبكم فلما فتح الله علينا الفتوح قال : أنا أولى بالمؤمنين من
أنفسهم فمن ترك دينا فإلي ومن ترك مالا فللوارث "
وأخرج أحمد وأبو داود وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و
سلم انه كان يقول : " أنا أولى بكل مؤمن من نفسه
فايما رجل مات وترك دينا فإلي ومن ترك مالا فهو لورثته "
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد والنسائي عن بريدة رضي الله عنه قال : غزوت مع علي اليمن
فرأيت منه جفوة فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكرت عليا فتنقصته
فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم تغير وقال : " يا بريدة ألست أولى
بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قلت : بلى يا رسول الله
قال : من كنت ملاه فعلي مولاه "
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله وأزواجه أمهاتهم قال :
يعظم بذلك حقهن
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله وأزواجه أمهاتهم يقول : أمهاتهم
في الحرمة لا يحل لمؤمن ان ينكح امرأة من نساء النبي صلى الله عليه و سلم في حياته
ان طلق ولا بعد موته
هي حرام على كل مؤمن مثل حرمة أمه
(6/566)
وأخرج
ابن سعد وابن المنذر والبيهقي في سننه عن عائشة ان امرأة قالت لها : يا أمي فقالت
: أنا أم رجالكم ولست أم نسائكم
وأخرج ابن سعد عن أم سلمة قالت : أنا أم الرجال منكم والنساء
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور واسحق بن راهويه وابن المنذر والبيهقي عن بجالة
قال : مر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بغلام وهو يقرأ في المصحف النبي أولى
بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم وهو أب لهم فقال : يا غلام حكها فقال : هذا
مصحف أبي فذهب اليه فسأله فقال : انه كان يلهيني القرآن ويلهيك الصفق بالأسواق
وأخرج الفريابي وابن مردويه والحاكم والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما
انه كان يقرأ هذه الآية النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم وأزواجه
أمهاتهم
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه انه قرأ النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان في الحرف الأول النبي أولى
بالمؤمنين من أنفسه وهو أب لهم
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : في القراءة النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب
لهم
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه وأولوا الأرحام بعضهم ألوى ببعض في كتاب
الله من المؤمنين والمهاجرين قال : لبث المسلمون زمانا يتوارثون بالهجرة الاعرابي
المسلم لا يرث من المهاجر شيئا
فأنزل الله هذه الآية فخلط المؤمنين بعضهم ببعض فصارت المواريث بالملل
وأخرج الفريابي ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله
إلا ان تفعلوا إلى أوليائكم معروفا قال : توصون لحلفائكم الذين والى بينهم النبي
صلى الله عليه و سلم من المهاجرين والأنصار
وأخرج ابن المنذر وابن جرير وابن أبي حاتم عن محمد بن علي بن الحنفية رضي
(6/567)
الله
عنه في قوله إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا قال : نزلت هذه الآية في جواز وصية
المسلم لليهودي والنصراني
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله إلا أن
تفعلوا إلى أوليائكم قال : القرابه من أهل الشرك معروفا قال : وصية ولا ميراث لهم
كان ذلك في الكتاب مسطورا قال : وفي بعض القراءات كان ذلك عند الله مكتوبا أن لا
يرث المشرك المؤمن
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة والحسن رضي الله عنه في قوله إلا ان تفعلوا إلى
أوليائكم معروفا قالا : إلا أن يكون لك ذو قرابة على دينك فتوصي له بالشيء وهو
وليك في النسب وليس وليك في الدين
- قوله تعالى : وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى
بن مريم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا ليسأل الصادقين عن صدقهم وأعد للكافرين عذابا
أليما
أخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله
واذ أخذنا من النبيين ميثاقهم قال : في ظهر آدم وأخذنا منهم ميثاقا غليظا قال :
أغلظ مما أخذه من الناس ليسأل الصادقين عن صدقهم قال : المبلغين من الرسل المؤدين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله واذ أخذنا من النبيين
ميثاقهم
الآية
قال : أخذ الله على النبيين خصوصا ان يصدق بعضهم بعضا وان يتبع بعضهم بعضا
وأخرج الطبراني وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن أبي مريم الغساني رضي الله
عنه : ان إعرابيا قال : يا رسول الله ما أول نبوتك ؟ قال : أخذ الله مني الميثاق
كما أخذ من النبيين ميثاقهم ثم تلا واذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح
وابراهيم وموسى وعيسى بن مريم وأخذنا منهم ميثاقا عليظا ودعوة أبي إبراهيم قال
(6/568)
وابعث
فيهم رسولا منهم البقرة الآية 129 وبشارة المسيح بن مريم ورأت أم رسول الله صلى
الله عليه و سلم في منامها : أنه خرج من بين رجليها سراج أضاءت له قصور الشام
وأخرج الطيالسي والطبراني وابن مردويه عن أبي العالية رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " خلق الله الخلق وقضى القضية وأخذ ميثاق النبيين وعرشه
على الماء فأخذ أهل اليمين بيمينه وأخذ أهل الشمال بيده الأخرى وكلتا يدي الرحمن
يمين فأما أصحاب اليمين فاستجابوا اليه فقالوا : لبيك ربنا وسعديك قال ألست بربكم
؟ قالوا : بلى الأعراف الآية 172 فخلط بعضهم ببعض فقال قائل منهم : يا رب لم خلطت
بيننا فان لهم أعمال من دون ذلك هم لها عاملون ؟ قال : ان يقولوا يوم القيامة انا
كنا عن هذا غافلين ؟ ثم ردهم في صلب آدم عليه السلام فأهل الجنة أهلها وأهل النار
أهلها فقال قائل : فما العمل اذا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : يعمل كل
قوم لمنزلتهم فقال : ابن الخطاب رضي الله عنه : اذن نجتهد يا رسول الله "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قيل يا رسول الله متى أخذ
ميثاقك ؟ قال : " وآدم بين الروح والجسد "
وأخرج ابن سعد رضي الله عنه قال : قال رجل للنبي صلى الله عليه و سلم : متى
استنبئت ؟ قال : " وآدم بين الروح والجسد حين أخذ مني الميثاق "
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : " قيل يا رسول الله متى كنت نبيا ؟ قال : وآدم بين الروح والجسد
"
وأخرج أحمد والبخاري في تاريخه والطبراني والحاكم وصححه وأبو نعيم والبيهقي معا في
الدلائل عن ميسرة الفخر رضي الله عنه قال : قلت يا رسول الله متى كنت نبيا ؟ قال :
وآدم بين الروح والجسد "
وأخرج الحاكم وأبو نعيم والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " قيل
للنبي صلى الله عليه و سلم متى وجبت لك النبوة ؟ قال : بين خلق آدم ونفخ الروح فيه
"
وأخرج أبو نعيم والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " قيل للنبي صلى
الله عليه و سلم متى وجبت لك النبوة ؟ قال : بين خلق آدم ونفخ الروح فيه "
وأخرج أبو نعيم عن الصنابحي قال : قال عمر رضي الله عنه : متى جعلت نبيا ؟ قال
" وآدم منجدل في الطين "
وأخرج ابن سعد عن ابن أبي الجدعاء رضي الله عنه قال : " قلت يا رسول الله
(6/569)
متى
جعلت نبيا ؟ قال : وآدم بين الروح والجسد "
وأخرج ابن سعد عن مطرف بن عبد الله بن الشخير رضي الله عنه " ان رجلا سأل
رسول الله صلى الله عليه و سلم متى كنت نبيا ؟ قال : وآدم بين الروح والطين "
وأخرج ابن أبي شيبه عن قتادة رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم
اذا قرأ واذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى
الله عليه و سلم كان يقول " كنت أول الأنبياء في الخلق وآخرهم في البعث
"
وأخرج ابن أبي عاصم والضياء في المختارة عن أبي بن كعب واذ أخذنا من النبيين
ميثاقهم ومنك ومن نوح قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " اولهم نوح
ثم الأول فالاول "
وأخرج الحسن بن سفيان وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل والديلمي
وابن عساكر من طريق قتادة عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه و سلم في قوله الله واذ أخذنا من النبيين ميثاقهم
قال " كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث فبدىء به قبلهم "
وأخرج البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : خيار ولد آدم خمسة
نوح
وابراهيم
وموسى
وعيسى
ومحمد وخيرهم محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما ميثاقهم عهدهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني بسند صحيح عن ابن عباس واذ
أخذنا من النبيين ميثاقهم قال : إنما أخذ الله ميثاق النبيين على قومهم
وأخرج أبو نعيم والديلمي عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ليس من عالم إلا وقد أخذ الله ميثاقه يوم أخذ ميثاق النبيين يدفع عنه
مساوىء عمله لمحاسن عمله إلا انه لا يوحي اليه "
(6/570)
-
قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا
عليهم ريحا وجنودا لم تروها وكان الله بما تعملون بصيرا إذ جاؤوكم من فوقكم ومن
أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هنالك
ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما
وعدنا الله ورسوله إلا غرورا
أخرج الحاكم وصححه وابن مردويه وابن عساكر وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل
من طرق عن حذيفة قال " لقد رأيتنا ليلة الاحزاب ونحن صافون قعود وأبو سفيان
ومن معه من الاحزاب فوقنا وقريظة اليهود أسفل نخافهم على ذرارينا وما أتت علينا
ليلة قط أشد ظلمة ولا أشد ريحا منها أصوات ريحها أمثال الصواعق وهي ظلمة ما يرى
أحد منا اصبعه فجعل المنافقون يستأذنون النبي صلى الله عليه و سلم ويقولون ان
بيوتنا عورة وما هي بعورة فما يستأذنه أحد منهم إلا أذن له يتسللون ونحن ثلثمائة
أو نحو ذلك اذ استقبلنا رسول الله صلى الله عليه و سلم رجلا رجلا حتى مر علي وما
علي جنة من العدو ولا من البرد إلا مرط لامرأتي ما يجاوز ركبتي فأتاني وأنا جاث
على ركبتي فقال : من هذا ؟ قلت : حذيفة فتقاصرت إلى الأرض فقلت : بلى يا رسول الله
كراهية أن أقوم فقال : قم
فقمت فقال : انه كان في القوم خبر فاتني بخبر القوم قال : وأنا من أشد الناس فزعا
وأشدهم قرا فخرجت فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : اللهم احفظه من بين يديه
ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته قال : فو الله ما خلق الله فزعا
ولا قرا في جوف إلا خرج من جوفي فما أجد منه شيئا فلما وليت قال : يا حذيفة لا
تحدث في القوم شيئا حتى تأتيني فخرجت حتى اذا دنوت من عسكر القوم نظرت في ضوء نار
لهم توقد واذا برجل أدهم ضخم يقول بيده على النار ويمسح خاصرته ويقول : الرحيل
الرحيل
ثم دخل العسكر فاذا في الناس رجال من بني عامر يقولون : الرحيل
الرحيل يا آل عامر لا مقام لكم واذا الرحيل في عسكرهم ما يجاوز
(6/571)
عسكرهم
شبرا فوالله أني لاسمع صوت الحجارة في رحالهم ومن بينهم الريح يضربهم بها ثم خرجت
نحو النبي صلى الله عليه و سلم فلما انتصفت في الطريق أو نحو ذلك اذا أنا بنحو من
عشرين فارسا متعممين فقالوا : اخبر صاحبك ان الله كفاه القوم فرجعت إلى رسول الله
صلى الله عليه و سلم وهو يشتمل في شملة يصلي وكان اذا حز به أمر صلى فأخبرته خبر
القوم أني تركتهم يرتحلون
فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم اذا جاءتكم جنود
وأخرج الفريابي وابن عساكر عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال : قال رجل : لو أدركت
رسول الله صلى الله عليه و سلم لحملته ولفعلت
فقال حذيفة : لقد رأيتني ليلة الاحزاب ونحن مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فكان
رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي من الليل في ليلة باردة ما قبله ولا بعده برد
كان أشد منه فحانت مني التفاتة فقال " ألا رجل يذهب إلى هؤلاء فيأتينا بخبرهم
- جعله الله معي يوم القيامة - قال : فما قام منه انسان قال : فسكتوا ثم عاد
فسكتوا ثم قال : يا أبا بكر ثم قال : استغفر الله رسوله ثم قال : إن شئت ذهبت فقال
: يا عمر فقال : استغفر الله رسوله ثم قال : يا حذيفة فقلت : لبيك
فقمت حتى أتيت وان جنبي ليضربان من البرد فمسح رأسي ووجهي ثم قال : أئت هؤلاء
القوم حتى تأتينا بخبرهم ولا تحدث حدثا حتى ترجع ثم قال : اللهم احفظه من بين يديه
ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ومن فوقه ومن تحته حتى يرجع
قال فلان : يكون أرسلها كان أحب الي من الدنيا وما فيها
قال : فانطلقت فأخذت أمشي نحوهم كأني أمشي في حمام قال : فوجدتهم قد أرسل الله
عليهم ريحا فقطعت أطنابهم وذهبت بخيولهم ولم تدع شيئا إلا أهلكته قال : وأبو سفيان
قاعد يصطلي عند نار له قال فنظرت اليه فأخذت سهما فوضعته في كبد قوسي قال : - وكان
حذيفة راميا - فذكرت قول رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا تحدثن حدثا حتى
ترجع " قال : فرددت سهمي في كنانتي قال : فقال رجل من القو : إلا فيكم عين
للقوم ؟ فأخذ كل بيد جليسه فأخذت بيده جليسي فقلت : من أنت ؟ قال : سبحان الله !
أما تعرفني ؟ أنا فلان بن فلان فاذا رجل من هوازن فرجعت إلى رسول الله صلى الله
عليه و سلم فأخبرته الخبر فلما أخبرته فضحك حتى بدت أنيابه في سواد الليل وذهب عني
(6/572)
الدفء
فأدناني رسول الله صلى الله عليه و سلم فأنامني عند رجليه وألقى علي طرف ثوبه فان
كنت لألزق بطني وصدري ببطن قدميه فلما أصبحوا هزم الله الأحزاب وهو قول فارسلنا
عليهم ريحا وجنودا لم تروها
وأخرج ابن أبي حاتم وابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي
الله عنهما يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود قال : كان
يوم أبي سفيان يوم الاحزاب
وأخرج أحمد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
قال : قلنا يوم الخندق : يا رسول الله هل من شيء نقول : فقد بلغت القلوب الحناجر ؟
قال : " نعم
قولوا : اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا قال : فضرب الله وجوه أعدائه بالريح
فهزمهم الله بالريح "
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في
العظمة والبيهقي عن مجاهد إذ جاءتكم جنود قال : الاحزاب
عيينة بن بدر وأبو سفيان وقريظة فأرسلنا عليهم ريحا قال : يعني ريح الصبا أرسلت
على الاحزاب يوم الخندق حتى كفأت قدورهم على أفواهها ونزعت فساطيطهم حتى اظعنتهم
وجنودا لم تروها يعني الملائكة قال : ولم تقاتل الملائكة يومئذ
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم في الكني وابن مردويه وأبو الشيخ في العظمة
وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما كانت ليلة الأحزاب
جاءت الشمال إلى الجنوب قالت : انطلقي فانصري الله ورسوله فقالت الجنوب : ان الحرة
لا تسري بالليل فغضب الله عليها وجعلها عقيما فأرسل الله عليهم الصبا فأطفأت
نيرانهم وقطعت أطنابهم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " نصرت بالصبا
وأهلكت عاد بالدبور فذلك قوله فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها "
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم اذا لم يقاتل من أول النهار أخر القتال حتى تزول
الشمس وتهب الرياح
وأخرج ابن أبي شيبه والبخاري والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن
(6/573)
مردويه
والبيهقي في الدلائل عن عائشة في قوله اذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم قالت : كان
ذلك يوم الخندق
وأخرج ابن سعد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل
منطريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده قال : " خط
رسول الله صلى الله عليه و سلم الخندق عام الأحزاب فخرجت لنا من الخندق صخرة بيضاء
مدورة فكسرت حديدنا وشقت علينا فشكونا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخذ المعول
من سلمان فضرب الصخر ضربة صدعها وبرقت منها برقة أضاءت ما بين لا بتي المدينه حتى
لكأن مصباحا في جوف ليل مظلم فكبر رسول الله صلى الله عليه و سلم وكبر المسلمون ثم
ضربها الثانية فصدعها وبرق منها برقة أضاء ما بين لا بتيها فكبر وكبر المسلمون ثم
ضربها الثالثة فصدعها وبرق منها برقة أضاء ما بين لا بتيها وكبر وكبر المسلمون
فسألناه فقال : أضاء لي في الاولى قصور الحيرة ومدائن كسرى كأنها أنياب الكلاب
فأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها وأضاء لي في الثانية قصور الحمر من أرض الروم
كأنها أنياب الكلاب وأخبرني جبريل أن أمتي ظاهرة عليها وأضاء لي في الثالثة قصور
صنعاء كأنها أنياب الكلاب وأخبرني جبريل ان أمتي ظاهرة عليها فابشروا بالنصر
فاستبشر المسلمون وقالوا : الحمد لله موعد صادق بأن وعدنا النصر بعد الحصر فطلعت
الأحزاب فقال المسلمون هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله وما زادهم إلا
ايمانا وتسليما وقال المنافقون : إلا تعجبون ! يحدثكم ويعدكم ويمنيكم الباطل يخبر
أنه يبصر من يثرب قصور الحيرة ومدائن كسرى وانها تفتح لكم وانكم تحفرون الخندق ولا
تستطيعون ان تبرزوا وأنزل القران مردويهن واذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض
ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا "
وأخرج ابن اسحق وابن مردويه عن ابن عباس قال : انزل الله في شأن الخندق وذكر نعمه
عليهم وكفايته إياهم عدوهم بعد سوء الظن ومقالة من تكلم من أهل النفاق يا أيها
الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم اذ جاءتكم جنود فارسلنا عليهم ريحا وجنودا لم
تروها وكانت الجنود التي أتت المسلمين
أسد
وغطفان
وسليما
وكانت الجنود التي بعث الله عليهم من الريح الملائكة فقال اذ
(6/574)
جاؤكم
من فوقكم ومن أسفل منكم فكان الذين جاؤهم من فوقهم بني قريظة والذين جاؤهم من أسفل
منهم قريشا وأسدا وغطفان فقال : هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا واذ
يقول المنافقون والذي في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا يقول : معتب
بن قشير ومن كان معه على رأيه واذ قالت طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم
فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي يقول أوس بن قيظي ومن كان معه على مثل رأيه ولو
دخلت عليهم من أقطارها إلى واذا لا تمتعون إلا قليلا ثم ذكر يقين أهل الايمان حين
أتاهم الاحزاب فحصروهم وظاهرهم بنو قريظة فاشتد عليهم البلاء فقال : ولما رأى
المؤمنون الأحزاب إلى إن الله كان غفورا رحيما قال : وذكر الله هزيمة المشركين
وكفايته المؤمنين فقال : ورد الله الذين كفروا بغيظهم
وأخرج ابن اسحق وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن عروة بن الزبير
ومحمد بن كعب القرظي قالا : قال معتب بن قشير : كان محمدا يرى أن يأكل من كنز كسرى
وقيصر وأحدنا لا يأمن ان يذهب إلى الغائطن وقال أوس بن قيظي في ملأ من قومه من بني
حارثة ان بيوتنا عورة وهي خارجة من المدينة : إئذن لنا فنرجع إلى نسائنا وأبنائنا
وذرارينا فأنزل الله على رسوله حين فرغ منهم ما كانوا فيه من البلاء يذكر نعمته
عليهم وكفايته اياهم بعد سوء الظن منهم ومقالة من قال من أهل النفاق يا أيها الذين
آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم اذ جاءتكم جنود فارسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها
فكانت الجنود قريشا وغطفان وبني قريظة وكانت الجنود التي أرسل عليهم مع الريح
الملائكة اذ جاؤكم من فوقكم بنو قريظة ومن أسفل منكم قريش
وغطفان
إلى قوله ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا يقول : معتب بن قشير وأصحابه واذ قالت
طائفة منهم يا أهل يثرب يقول : أوس بن قيظي ومن كان معه على ذلك من قومه
وأخرج ابن أبي شيبه عن البراء بن عازب قال : لما كان حيث أمرنا رسول الله صلى الله
عليه و سلم ان نحفر الخندق عرض لنا في بعض الجبل عظيمة شديدة لا تدخل فيها المعاول
فاشتكينا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فجاء رسول الله صلى الله عليه و
سلم فلما رآها أخذ المعول وألقى ثوبه وقال : " بسم الله ثم ضرب ضربة فكسر
ثلثها وقال :
(6/575)
الله
أكبر
أعطيت مفاتيح الشام والله اني لأبصر قصورها الحمر الساعة ثم ضرب الثانية فقطع ثلثا
آخر فقال : الله أكبر
أعطيت مفاتيح فارس والله اني لأبصر قصور المدائن البيض ثم ضرب الثالثة فقال : بسم
الله
فقطع بقية الحجر وقال : الله أكبر
أعطيت مفاتيح اليمن والله اني لابصر أبواب صنعاء "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله اذ جاؤكم من فوقكم قال عيينة بن حصن ومن
أسفل منكم قال : سفيان بن حرب
وأخرج ابن أبي شيبه عن عائشة في قوله اذ جاؤكم من فوقكم ومن أسف منكم قال : كان
ذلك يوم الخندق
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله اذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم
قال : نزلت هذه الآية يوم الاحزاب وقد حصر رسول الله صلى الله عليه و سلم شهرا
فخندق رسول الله صلى الله عليه و سلم وأقبل أبو سفيان بقريش ومن معه من الناس حتى
نزلوا ؟ بعفوة رسول الله صلى الله عليه و سلم وأقبل عيينة بن حصن أخو بني بدر
بغطفان ومن تبعه حتى نزلوا بعفوة رسول الله صلى الله عليه و سلم وكاتبت اليهود أبا
سفيان فظاهروه فبعث الله عليهم الرعب والريح
فذكر أنهم كانوا كلما بنوا بناء قطع الله أطنابه وكلما ربطوا دابة قطع الله رباطها
وكلما أوقدوا نارا أطفأها الله حتى لقد ذكر لنا أن سيد كل حي يقول : يا بني فلان
هلم إلي
حتى اذا اجتمعوا عنده قال : النجاة
النجاة
أتيتم لما بعث الله عليهم الرعب
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله اذ جاؤكم من فوقكم قال : عيينة بن حصن في أهل نجد ومن أسفل منكم قال : أبو
سفيان بن حرب في أهل تهامة ومواجهتهم قريظة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في قوله واذ زاغت الأبصار قال : شخصت الأبصار
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وبلغت القلوب
الحناجر قال : شخصت من مكانها فلولا انه ضاق الحلقوم عنها أن تخرج لخرجت
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة في قوله وبلغت
(6/576)
القلوب
الحناجر قال : فزعها ولفظ ابن أبي شيبه قال : ان القلوب لو تحركت أو زالت خرجت
نفسه ولكن إنما هو الفزع
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله وتظنون بالله الظنونا قال : ظنون
مختلفة ظن المنافقون ان محمدا وأصحابه يستأصلون وأيقن المؤمنون أن ما وعدهم الله
ورسوله حق انه سيظهر على الدين كله
وأخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وتظنون
بالله الظنونا قال : هم النافقون يظنون بالله ظنونا مختلفة
وفي قوله هنالك ابتلي المؤمنون قال : محصوا
وفي قوله واذ يقول المنافقون تكلموا بما في أنفسهم من النفاق وتكلم المؤمنون بالحق
والايمان قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله
وأخرج ابن أبي شيبه والبيهقي في الدلائل عن جابر بن عبد الله قال : لما حفر النبي
صلى الله عليه و سلم وأصحابه الخندق وأصاب النبي صلى الله عليه و سلم والمسلمين
جهد شديد فمكثوا ثلاثا لا يجدون طعاما حتى ربط النبي صلى الله عليه و سلم على بطنه
حجرا من الجوع
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة قال : قال المنافقون يوم الاحزاب حين رأوا
الأحزاب قد اكتنفوهم من كل جانب فكانوا في شك وريبة من أمر الله قالوا : ان محمدا
كان يعدنا فتح فارس والروم وقد حصرنا ههنا حتى ما يستطيع يبرز أحدنا لحاجته
فأنزل الله واذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا
غرورا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : حفر رسول الله صلى الله عليه و سلم الخندق واجتمعت
قريش وكنانه وغطفان فاستأجرهم أبو سفيان بلطيمة قريش فاقبلوا حتى نزلوا بفنائه
فنزلت قريش أسفل الوادي ونزلت غطفان عن يمين ذلك وطليحة الأسدي في بني أسد يسار
ذلك وظاهرهم بنو قريظة من اليهود على قتال النبي صلى الله عليه و سلم فلما نزلوا
بالنبي صلى الله عليه و سلم تحصن بالمدينة وحفر النبي صلى الله عليه و سلم الخندق
فبينما هو يضرب فيه بمعوله اذ وقع المعول في صفا فطارت منه كهيئة الشهاب من النار
في السماء وضرب الثاني فخرج مثل ذلك فرأى ذلك سلمان رضي الله عنه فقال : يا رسول
الله قد رأيت خرج من كل ضربة كهيئة الشهاب فسطع إلى السماء
(6/577)
فقال لقد رأيت ذلك فقال نعم يا رسول الله قال تفتح لكم أبواب المدائن وقصور الروم ومدائن اليمن ففشا ذلك في أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فتحدثوا به فقال رجل من الأنصار يدعي قشير بن معتب يعدنا محمد صلى الله عليه و سلم أن يفتح لنا مدائن اليمن وبيض المدائن وقصور الروم وأحدنا لا يستطيع أن يقضي حاجته إلا قتل هذا والله الغرور فأنزل الله تعالى في هذا وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله ورسوله إلا غرورا قوله تعالى وإذ قالت طائفة منهم يأهل يثرب لا مقام لكم فارجمعوا أويستئذن فريق منهم النبي يقولون إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرار أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وإذ قالت طائفة منهم مقال من المنافقين وأخرج ابن أبي حاتم من طريبق ابن المبارك عن هارون بن موسى قال أمرت رجلا فسأل الحسن رضي الله عنه لا مقام لكم أو لا مقام لكم قال كلتهما عربية قال بن المبارك رضي الله عنه المقام المنزل حيث هو قائم والمقام الإقامة وأخرج ابن ابي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله لا مقام لكم قال لا مقاتل لكم ههنا ففروا ودعوا هذا الرجل وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله لا مقام لكم فارجعوا فروا ودعوا محمدا صلى الله عليه و سلم وأخرج مالك وأحمد وعبد الرزاق والبخاري ومسلم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى عليه وسلم أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد وأخرج أحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله هي طابة هي طابة هي طابة
(6/578)
وأخرج
ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لا
تدعونها يثرب فإنها طيبة يعني المدينة ومن قال يثرب فليستغفر الله ثلاث مرات هي
طيبة هي طيبة هي طيبة وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله وإذ قالت
طائفة منهم يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا قال إلى المدينة عن قتال أبي سفيان
ويستأذن فريق منهم النبي قال جاءه رجلان من الأنصار ومن بين حارثة أحدهما يدعى أبا
عرابة بن أوس والآخر يدعى أوس بن قيظي فقال يا رسول الله إن بيوتنا عورة يعنون
أنها ذليلة الحيطان وهي في أقصى المدينة ونحن نخاف السرق فائذن لنا فقال الله ما
هي بعورة إن يريدون إلا فرارا وأخرج ابن جرير وابن مردويه والبهقي في الدلائل عن
ابن عباس في قوله ويستأذن فريق منهم النبي قال هم بنو حارثة قالوا بيتنا مخلية
نخشى عليها السرق وأخرجد ابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال إن
الذين قالوا بيتنا عورة يوم الخنذق بنو حارثة بن الحارث وأخرج الفريابي وابن أبي
شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله في قوله إن بيتنا
عورة نخاف عليها السرق قوله تعالى
- ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لأتوها وما تلبثوا بها إلا يسيرا
ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار وكان عهد الله مسؤلا قل لن ينفعكم
الفرار إن فررتم من الموت أو القتل وإذا لا تمتعون إلا قليلا قل من ذاالذي يعصمكم
ممن الله إن أراد بكم سوء أو أراد بكم رحمة ولا يجدون لهم من دون الله وليا ولا
نصيرا قد يعلم الله الموقين منكم والقائلين لإخوانهم هلم إلينا ولا يأتون البأس
إلا قليلا
(6/579)
وأخرج
البيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء تأويل هذه الآية على رأس
ستين سنة ولو دخلت عليهم من أقطارها ثم سئلوا الفتنة لآتوها قال : لأعطوها يعني
إدخال بني حارثة أهل الشام على المدينة
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله ولو
دخلت عليهم من أقطارها قال : من نواحيها ثم سئلوا الفتنة لآتوها قال : لو دعوا إلى
الشرك لأجابوا
وخ ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ولو دخلت عليهم من أقطارها قال :
من أطرافها ثم سئلوا الفتنة يعني الشرك
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ولو دخلت عليهم من أقطارها أي لو
دخل عليهم من نواحي المدينة ثم سئلوا الفتنة قال : الشرك لآتوها وما تلبثوا بها
إلا يسيرا يقول : لأعطوه طيبة به أنفسهم وما تلبثوا بها إلا يسيرا ولقد كانوا
عاهدوا الله من قبل قال : كان ناس غابوا عن وقعة بدر ورأوا ما أعطى الله سبحانه
أهل بدر من الفضيلة والكرامة قالوا : لئن أشهدنا الله قتالا لنقاتلن فساق الله
اليهم ذلك حتى كان في ناحية المدينة فصنعوا ما قص الله عليكم
وفي قوله قل لن ينفعكم الفرار ان فررتم
قال : لن تزدادوا على آجالكم التي أجلكم الله وذلك قليل وإنما الدنيا كلها قليل
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الربيع بن خثيم رضي
الله عنه في قوله واذا لا تمتعون إلا قليلا قال : ما بينهم وبين الأجل
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله قد يعلم الله المعوقين منكم
قال : المنافقين يعوقون الناس عن محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله قد يعلم الله المعوقين منكم
قال : هذا يوم الاحزاب انصرف رجل من عند النبي صلى الله عليه و سلم فوجد أخاه بين
يديه شواء ورغيف فقال له : أنت ههنا في الشواء والرغيف والنبيذ ورسول الله صلى
الله عليه و سلم بين الرماح والسيوف
قال : هلم الي لقد بلغ بك وبصاحبك - والذي يحلف به - لا يستقي لها محمد أبدا قال :
كذبت - والذي يحلف به - وكان أخاه من أبيه وأمه والله لأخبرن النبي صلى الله عليه
و سلم بأمرك وذهبت إلى النبي صلى الله عليه و سلم يخبره
(6/580)
فوجده
قد نزل جبريل عليه السلام بخبره قد يعلم المعوقين منكم والقائلين لاخوانهم هلم
الينا ولا يأتون البأس إلا قليلا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله قد يعلم الله المعوقين منكم قال :
هؤلاء أناس من المنافقين كانوا يقولون : لاخوانهم : ما محمدا وأصحابه إلا أكلة رأس
ولو كانوا لحما لالتهمهم أبو سفيان وأصحابه دعوا هذا الرجل فانه هالك والقائلين
لاخوانهم أي من المؤمنين هلم الينا أي دعوا محمدا وأصحابه فانه هالك ومقتول ولا
يأتون البأس إلا قليلا قال : لا يحضرون القتال إلا كارهين
وان حضروه كانت أيديهم من المسلمين وقلوبهم من المشركين
- قوله تعالى : أشحة عليكم فإذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون إليك تدور أعينهم كالذي
يغشى عليه من الموت فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد أشحة على الخير أولئك لم
يؤمنوا فأحبط الله أعمالهم وكان ذلك على الله يسيرا
أخرج الفريابي وابن أبي شيبه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله أشحة عليكم بالخير المنافقون
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله أشحة عليكم قال : فيالغنائم اذا
أصابها المسملون شاحوهم عليها قالوا بالسنتهم : لستم باحق بها منا قد شهدنا
وقاتلنا
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله فاذا جاء الخوف رأيتهم ينظرون
اليك قال : اذا حضروا القتال والعدو رأيتهم ينظرون اليك أجبن قوم وأخذله للحق تدور
أعينهم قال : من الخوف
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله تدور أعينهم قال : فرقا من
الموت
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
سلقوكم قال : استقبلوكم
(6/581)
وأخرج
الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأرزق قال له أخبرني عن قوله عز و
جل سلقوكم بالسنة حداد قال الطعن باللسان قال وهل تعرف العرب ذلك قال نعم أما سمعت
الأعشى وهو يقول فيهم الخطب والسماحة والنجدة فيهم والخاطب المسلاق وأخرج ابن جرير
وابن ابي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله فإذا ذهب الخوف سلقوكم بألسنة حداد
قال أما عند الغنيمة فاشح قوم وأسوأه مقاسمة أعطونا أعطونا أنا قد شهدنا معكم وأما
عند البأس فأجبن قوم وأخذله للحق وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في
قوله اشحة على الخير قال على المال وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله وكان ذلك على الله يسيرا يعني هينا والله أعلم قوله تعالى
- يحسبون الأحزاب لم يذهبوا وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب
يسئلون عن أنبائكم ولو كانوا فيكم ما قاتلوا إلا قليلا أخرج الفريابي وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله يحسبون الأحزاب لم
يذهبوا قال يحسبونهم قريبا لم يبعدوا وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في
قوله يحسبون الأحزاب لم يذهبوا قال كانوا يتحدثون بمجيء أبي سفيان وأصحابه وإنما
سموا الأحزاب لأنهم حزبوا من قبائل الأعراب على النبي صلى الله علييه وسلم وإن
يأتي الأحزاب قال أبو سفيان وأصحابه يودوا لو أنهم بادون في الأعراب يقول يود
المنافقون وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قي قوله وإن يأت الأحزاب قال
أبو سفيان وأصحابه يودوا لو أنهم بادون يقول يود المنافقيون وأخرج ابن أبي حاتم عن
قتادة رضي الله عنه في قوله وإن يأت الأحزاب يودوا لو أنهم بادون في الأعراب قال
هم المنافقون بناحية المدينة كانوا يتحدثون بنبي
(6/582)
الله
صلى الله عليه و سلم وأصحابه ويقولون أما هلكون بعد ولم يعلموا بذهبا الأحزاب قد
سرهم إن جاءهم الأحزاب أهم بادون في الأعراب مخافة القتال وأخرج الفريابي وابن
جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله يسألون عن أنبائكم
قال عن أخبار النبي صلى الله عليه و سلم وأصحابه وما فعلوا وأخرج ابن الأنباري في
المصاحف والخطيب في تالي التلخيص عن أسد بن يزيد إن في مصحف عثمان بن عفان رضي
الله عنه يسلون عن أنبائكم السؤال بغير ألف قوله تعالى
- لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجوا الله واليوم الآخر وذكر الله
كثير أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله لقد كان لكم في رسول الله
أسوة حسنة قال مواساة عند القتال وأخرج ابن مردويه والخطيب قال في جوع رسول الله
صلى الله عليه و سلم وأخرج مالك والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه عن
سعيد بن يسار قال كنت مع ابن عمر رضي الله عنهما في طريق مكة فلما خشيت الصبح نزلت
فأوترت فقال ابن عمر رضي الله عنه أليس لك في رسول الله أسوة حسنة قلت بلى قال
فإنه كان يوتر على البعير وأخرج ابن ماجه وابن أبي حاتم عن حفص بن عاصم رضي الله
عنه قال قلت لعبد الله بن عمر ضي الله عنهما رأيتك في السفر لا تصلي قبل الصلاة
ولا بعدها فقال يا ابن أخي صحبت رسول الله صلى الله عليه و سلم كذا وكذا فلم أره
يصلي قبل الصلاة ولا بعدها وقول الله تعالى لقد كان لكم في رسول اله أسوة حسنة
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه وابن أبي حاتم وابن مردويه عن
(6/583)
ابن
عمر رضي الله عنهما
انه سئل عن رجل معتمر طاف بالبيت : أيقع على امرأته قبل ان يطوف بالصفا والمروة ؟
فقال : قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم فطاف بالبيت وصلى خلف المقام ركعتين
وسعى بين الصفا والمروة ثم قرأ لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه ان رجلا أتى ابن عباس رضي الله عنهما
فقال : إني نذرت أن أنحر نفسي
فقال ابن عباس ولقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة وفديناه بذبح عظيم فأمره بكبش
وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق والبخاري ومسلم وابن ماجه وابن مردويه عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : اذا حرم الرجل عليه امرأته فهو يمين يكفرها وقال ولقد كان لكم في
رسول الله اسوة حسنة
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه أهل وقال : ان حيل بيني وبينه
فعلت كما فعل النبي صلى الله عليه و سلم وأنا معه ثم تلا ولقد كان لكم في رسول
الله اسوة حسنة
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن قتادة رضي الله عنه قال : هم عمر بن الخطاب رضي
الله عنه ان ينهي عن الحبرة من صباغ البول فقال له رجل : أليس قد رأيت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يلبسها ؟ قال عمر رضي الله عنه : بلى
قال الرجل : ألم يقل الله ولقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة ؟ فتركها عمر
وأخرج أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما ان عمر رضي الله عنه أكب على الركن فقال :
أني لا علم انك حجر ولو لم أر رسول الله صلى الله عليه و سلم قبلك واستلمك ما
استلمتك
ولا قبلتك ولقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة
وأخرج أحمد وأبو يعلى عن يعلى بن أمية رضي الله عنه قال : طفت مع عمر رضي الله عنه
فلما كنت عند الركن الذي يلي الباب مما يلي الحجر أخذت بيده ليستلم فقال : ما طفت
مع رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قلت : بلى
قال : فهل رأيته يستلمه ؟ قلت : لاز قال : ما بعد عنك فان لك في رسول الله اسوة
حسنة
وأخرج عبد الرزاق عن عيسى بن عاصم عن أبيه قال : صلى ابن عمر رضي الله عنهما صلاة
من صلاة النهار في السفر فرأى بعضهم يسبح فقال ابن عمر
(6/584)
رضي
الله عنهما : لو كنت مسبحا لأتممت الصلاة حججت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم
فكان لا يسبح بالنهار وحججت مع أبي بكر فكان لا يسبح بالنهار وحججت مع عمر فكان لا
يسبح بالنهار وحججت مع عثمان رضي الله عنه فكان لا يسبح بالنهار ثم قال ابن عمر
رضي الله عنه ولقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة
- قوله تعالى : ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق
الله ورسوله وما زادهم إلا إيمانا وتسليما
أخرج ابن جرير وابن مردويه والبيهقي في الطلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما ولما
رأى المؤمنون الأحزاب
إلى آخر الآية قال ان الله تعالى قال لهم في سورة البقرة أم حسبتم ان تدخلوا الجنة
ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء البقرة الآية 214 فلما
مسهم البلاء حيث رابطوا الأحزاب في الخندق قالوا هذا ما وعدنا الله ورسوله فتأول
المؤمنون ذلك فلم يزدهم إلا ايمانا وتسليما
وأخرج جويبر عن الضحاك رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت هذه
الآية قبل ؟ تحول أم حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم
وصدق الله ورصوله فيما أخبرا به من الوحي قبل أن يكون
وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في
الدلائل عن قتادة رضي الله عنه قال : أنزل الله في سورة البقرة أم حسبتم ان تدخلوا
الجنة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله وما
زادهم إلا ايمانا وتسليما قال : ما زادهم البلاء إلا ايمانا بالرب وتسليما للقضاء
- قوله تعالى : من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه
ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن
شاء أو يتوب عليهم إن الله كان غفورا رحيما
(6/585)
أخرج عبد الرزاق وأحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن أبي داود في المصاحف والبغوي وابن مردويه والبيهقي في سننه عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال لما نسخنا المصحف في المصاحف فقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأها لم أجدها مع أحد إلا مع خزيمة بن ثابت الأنصاري الذي جعل رسول الله صلى الله عليه و سلم شهادته بشهادة رجلين من المؤمنين رجال صدقوا عاهدوا الله عليه فألحقتها في سورتها في المصحف وأخرج البخاري وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن أنس رضي الله عنه قال نرى هذه الآية نزلت في أنس بن النضر رضي الله عنه من المؤمنين رجلا صدقوا ما عاهدوا الله عليه وأخرج ابن سعد وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي والبغوي في معجمه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيقي في الدلائل عن أنس رضي الله عنه قال غاب عمي أنس بن النضر عن بدر فشق عليه وقال أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه و سلم غبت عنه لئن أراني الله مشهدا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم فيما بعد ليرين الله ما أصنع فشهد يوم أحد فاستقبله سعد بن معاذ رضي الله عنه فقال يا أبا عمرو إلى لا أين قال واها لريح الجنة أجدها دون أحد فقاتل حتى قتل فوجد في جسده بضع وثمانون من بين ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية بسهم ونزلت هذه الآية رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وكانوا يرون أنها نزلت فيه وفي أصحابه وأخرج الحاكم وصححه والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في المعرفة عن أنس رضي الله عنه أن عمه غاب عن قتال بدر فقال غبت عن أول قتال قاتله النبي صلى الله عليه و سلم المشركين لئن أشهدني الله تعالى قتالا للمشركين ليرين الله كيف أصنع فلما كان يوم أحد انكشف المشركون فقال اللهم إني أبرأ إليك مما جاء به هؤلاء يعنى المشركون واعتذر إليك مما صنع هؤلاء عنى أصحابه ثم تقدم فلقيه سعد رضي الله عنه فقال يا أخي ما فعلق فأنا معك فلم أستطع أن اصنع ما صنع فوجد فيه بضعا وثمانين من ضربة بسيف وطعنة برمح ورمية
(6/586)
بسهم فكنا نقول فيه وفي أصحابه نزلت فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وأخرج الحاكم وصححه وتعقبه الذهبي والبيهقي في الدلائل عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حين انصرف من أحد مر على مصعب بن عمير رضي الله عنه وهو مقتول فوقف عليه ودعا له ثم قرأ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه ثم قال أشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة فائتوهم وزوروهم فوالذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلى يوم القيامة إلا ردوا عليه وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل عن أبي ذر رضي الله عنه قال لما فرغ رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم أحد مر على مصعب بن عمير رضي الله عنه مقتولا على طريقه فقرأ من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وأخرج ابن مردويه من طريق خباب رضي الله عنه مثله وأخرج ابن أبي عاصم والترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن جرير والطبراني وابن مردويه عن طلحة رضي الله عنه أن أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم قالوا لا عرابي جاهل سله عمن قضى نحبه من هو وكانوا لا يجترؤن على مسألته يوقرونه ويهابونه فسأله الإعرابي فأعرض عنه ثم سأله فأعرض عنه ثم إني انطلقت من باب المسجد فقال أين السائل عمن قضى نحبه قال الإعرابي أنا قال هذا ممن قضى نحبه وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال لما رجع النبي صلى الله عليه و سلم من أحمد صعد المنبر فحمد الله وأثني عليه ثم قرأ هذه الآية من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه كلها فقام إليه رجل فقال يا رسول الله من هؤلاء فأقبلت فقال أيا السائل هذا منهم وأخرج الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن معاوية رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول طلحة ممن قضى نحبه وأخرج الحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت دخل طلحة رضي الله عنه على
(6/587)
النبي
صلى الله عليه و سلم فقال : " يا طلحة أنت ممن قضى نحبه "
وأخرج سعيد بن منصور وأبو يعلى وابن المنذر وأبو نعيم وابن مردويه عن عائشة رضي
الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " من سره أن ينظر إلى رجل
يمشي على الأرض قد قضى نحبه فلينظر إلى طلحة "
وأخرج ابن مردويه من حديث جابر بن عبد الله عنه
مثله
وأخرج ابن منده وابن عساكر عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت " دخل
طلحة بن عبيد الله على النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا طلحة
أنت ممن قضى نحبه "
وأخرج أبو الشيخ وابن عساكر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه انهم قالوا : حدثنا
عن طلحة قال : ذاك امروء نزل فيه آية من كتاب الله فمنهم من قضى نحبه ومنهم من
ينتظر طلحة ممن قضى نحبه لا حساب عليه فيما يستقبل
وأخرج سعيد بن منصور وابن الأنباري في المصاحف عن ابن عباس أنه كان يقرأ فمنهم من
قضى نحبه ومنهم من ينتظر وآخرون ما بدلوا تبديلا
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس
رضي الله عنهما فمنهم من قضى نحبه قال : الموت على ما عاهدوا الله عليه ومنهم من
ينتظر على ذلك
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الأزرق سأله عن قوله
قضى نحبه قال : أجله الذي قدر له
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول لبيد : ألا تسألان المرء ماذا يحاول أنحب فيقضى أم ضلال وباطل وأخرج
الفريابي وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله
عنه فمنهم من قضى نحبه قال : عهده ومنهم من ينتظر يوما فيه جهاد فيقضى نحبه يعني
عهده بقتال أو صدق في لقاء
وأخرج أحمد والبخاري وابن مردويه عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " يوم الأحزاب الآن نغزوهم ولا يغزونا "
(6/588)
وأخرج
ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي سعيد
الخدري رضي الله عنه قال " حبسنا يوم الخندق عن الظهر والعصر والمغرب والعشاء
حتى كان بعد العشاء بهك ؟ كفينا ذلك
فأنزل الله وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا فأمر رسول الله صلى
الله عليه و سلم بلالا فأقام ثم صلى الظهر كما كان يصليها قبل ذلك ثم أقام فصلى
العصر كما كان يصليها قبل ذلك ثم أقام المغرب فصلاها كما كان يصليها قبل ذلك ثم
أقام العشاء فصلاها كما كان يصليها قبل ذلك
وذلك قبل أن تنزل صلاة الخوف فان خفتم فرجالا أو ركبانا البقرة الآية 239
وأخرج الحاكم وصححه عن عيسى بن طلحة قال : دخلت على أم المؤمنين وعائشة بنت طلحة
وهي تقول لأمها أسماء : أنا خير منك وأبي خير من أبيك فجعلت أسماء تشتمها وتقول :
أنت خير مني فقالت عائشة رضي الله عنها : ألا أقضين بينكما ؟ قالت : بلى
قالت : فان أبا بكر رضي الله عنه دخل على رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال له :
" أنت عتيق من النار قالت : فمن يومئذ سمى عتيقا ثم دخل طلحة رضي الله عنه
فقال : أنت يا طلحة ممن قضى نحبه "
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عبد الله بن
اللهف عن أبيه رضي الله عنه في قوله فمنهم من قضى نحبه قال : نذره وقال الشاعر :
قضت من يثرب نحبها فاستمرت وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله
عنهما في قوله فمنهم من قضى نحبه قال : مات على ما هو عليه من التصديق والايمان
ومنهم من ينتظر ذلك وما بدلوا تبديلا ولم يغيروا كما غير المنافقون
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه
فمنهم من قضى نحبه على الصدق والوفاء ومنهم من ينتظر من نفسه الصدق والوفاء وما
بدلوا تبديلا يقول : ما شكوا ولا ترددوا في دينهم ولا استبدلوا به غيره ويعذب
المنافقي ان شاء أو يتوب عليهم قال : يميتهم على نفاقهم فيوجب لهم العذاب أو يتوب
عليهم قال : يخرجهم من النفاق بالتوبة حتى يموتوا وهم تائبون من النفاق فيغفر لهم
(6/589)
قوله
تعالى
- ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وكفى الله المؤمنين القتال وكان
الله قويا عزيا أخرج الفريابي وابن ابي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ورد الله الذي كفروا بغيظهم قال الأحزاب وأخرج ابن
أبي حاتم عن السدي رضي الله تعالى عنه قي قوله ورد الله الذي كفروا بغيظهم قال أبو
سفيان وأصحابه لم ينالوا خيرا قال لم يصيبوا من محمد صلى الله عليه و سلم وأصحابه
ظفرا وكفى الله المؤمنين القتال انهزموا بالريح من غير قتال وأخرج ابن جرير وابن
أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله وكفى الله المؤمنين القتال قال بالجنود من
عنده والريح التي بعث عليه وكان الله قويا في أمره عزيزا في نقمته وأخرج ابن سعد
عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال لما كان يوم الأحزاب حصر النبي صلى الله عليه
وأصحابه بضعة عشرة ليلة حتى خلص إلى كل امرىء منهم الكرب وحتى قال النبي صلى الله
عليه و سلم اللهم أني أنشدك عهدك ووعدك الله إنك إن تشأ لا تعبد فبينما هم على ذلك
إذ جاءهم نعيم بن مسعود الأشجعي وكان يأمنه الفريقان جميعا فخذل بين الناس فانطلق
الأحزاب منهزمين من غير قتال فذلك قوله وكفى الله المؤمنين القتال وأخرج ابن
مردويه عن جابر رضي الله عنه قال لما كان يوم الأحزاب ردهم الله بغيظهم لم ينالوا خيرا
فقال النبي من يحمي أعراض المسلمين قال كعب رضي الله عنه أنا يا رسول الله قال عبد
الله بن رواحة رضي الله عنه أنا يا رسول الله فقال إنك تحسن الشعر فقال حسان أنا
يا رسول الله فقال نعم اهجهم أنت فإنه سيعينك عليهم روح القدس وأخرج ابن أبي حاتم
وابن مردويه وابن عساكر عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ هذا الحرف وكفى
الله المؤمنين القتال بعلي بن أبي طالب
(6/590)
قوله
تعالى
- وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقا
تقتلون وتأسرون فريق وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطؤها وكان الله على
كل شيء قديرا أخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
مجاهد رضي الله عنه في قوله وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب قال قريظة من
صياصيهم قال قصورهم وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس ضي الله عنهما في قوله من صياصهم
قال حصونهم وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه في قوله وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب قال هم بنو قريظة ظاهروا أبا
سفيان وراسلوه ونكثوا العهد الذي بينهم وبين النبي صلى الله عليه و سلم فبينما
النبي صلى الله عليه و سلم عند زينب بنت جحش يغسل رأسه وقد غسلت شقه إذ أتاه جبريل
عليه السلام فقال عفا الله عنك ما وضعت الملائكة عليهم السلام سلاحها منذ أربعين
ليلة فانهض إلى بني قريظة فإني قد قطعت أوتادهم وفتحت أبوابهم وتركتهم في زلزال
وبلبال فأرسل رسول الله صلى الله عليه و سلم فحاصرهم وناداهم يا إخوة القردة
فقالوا يا أبا القاسم ما كنت فحاشا فنزلوا على حكم سعد بن معاذ وكان بينهم وبين
قومه حلف فرجوا أن تأخذه فيهم مودة فأومأ إليهم أبو لبابة فأنزل الله يأيها الذين
آمنوا لا تخونوا الله والرسول فحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وأن تسبى ذراريهم وأن
عقارهم للمهاجرين دون الأنصار فقال قومه وعشيرته آثر المهاجرين بالأعقار علينا
فقال إنكم كنتم ذوي أعقار وإن المهاجرين كانوا لا أعقار لهم فذكر لنا أن رسول الله
صلى الله عليه كبر وقال مضى فيكم بحكم الله وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله
عنه في قوله وقذف في قلوبهم الرعب قال بصنيع جبريل عليه السلام فريقا تقتلون قال
الذين ضربت
(6/591)
أعناقهم
وكانوا أربعمائة مقاتل فقتلوا حتى أتوا على آخرهم وتأسرون فريقا قال : الذين سبوا
وكانوا فيها سبعمائة سبي
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله وأورثكم أرضهم وديارهم
وأموالهم قال : قريظة والنضير أهل الكتاب وأرضا لم تطؤها قال : خيبر
فتحت بعد قريظة
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله وأرضا لم
تطؤها قال : كنا نحدث أنها مكة وقال الحسن رضي الله عنه : هي أرض الروم وفارس وما فتح
عليهم
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله وأرضا
لم تطؤها قال : يزعمون أنها خيبر ولا أحسبها إلا كل أرض فتحها الله على المسلمين
أو هو فاتحها إلى يوم القيامة
وأخرج ابن سعد عن سعيد بن جبير قال : كان يوم الخندق بالمدينة فجاء أبو سفيان بن
حرب ومن تبعه من قريش ومن تبعه من كنانة وعيينة بن حصن ومن تبعه من غطفان وطليحة
ومن تبعه من بني أسد وأبو الأعور ومن تبعه من بني سليم وقريظة كان بينهم وبين رسول
الله صلى الله عليه و سلم عهد فنقضوا ذلك وظاهروا المشركين فأنزل الله فيهم وأنزل
الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصيهم فأتى جبريل عليه السلام ومعه الريح فقال
حين سرى جبريل عليه السلام : ألا أبشروا ثلاثا
فأرسل الله عليهم فهتكت القباب وكفأت القدور ودفنت الرجال وقطعت الاوتاد فانطلقوا
لا يلوي أحد على أحد فأنزل الله اذ جاءتكم جنود فارسلنا عليهم ريحا وجنودا لم
تروها
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : " خرجت
يوم الخندق أقفو الناس فاذا أنا بسعد بن معاذ ورماه رجل من قريش يقال له ابن
العرقة بسهم فأصاب أكحله فقطعه فدعا الله سعد فقال : اللهم لا تمتني حتى تقرعيني من
قريظة وبعث الله الريح على المشركين وكفى الله المؤمنين القتال ولحق أبو سفيان ومن
معه بتهامة ولحق عيينة بن بدر ومن معه بنجد ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صياصيهم
ورجع رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى المدينة وأمر
(6/592)
بقبة
من أدم فضربت على سعد رضي الله عنه في المسجد قالت : فجاء جبريل عليه السلام - وان
على ثناياه نقع الغبار - فقال : أوقد وضعت السلاح لا والله ما وضعت الملائكة
السلاح بعد أخرج إلى بني قريظة فقاتلهم فلبس رسول الله صلى الله عليه و سلم لامته
وأذن في الناس بالرحيل : أن يخرجوا فأتاهم فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة فلما اشتد
حصرهم واشتد البلاء عليهم فقيل لهم : انزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه و
سلم قالوا : ننزل على حكم سعد بن معاذ فنزلوا وبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم
إلى سعد بن معاذ فأتى به على حمار فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : احكم فيهم
فقال : اني أحكم فيهم
أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم وتقسم أموالهم قال : فلقد حكمت فيهم بحكم الله
وحكم رسوله "
وأخرج البيهقي عن موسى بن عقبة رضي الله عنه قال : أنزل الله في قصة الخندق وبني
قريظة تسعا وعشرين آية فاتختها يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم اذ
جاءتكم جنود والله تعالى أعلم
- قوله تعالى : يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها
فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن
الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما يا نساء النبي من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف
لها العذاب ضعفين وكان ذلك على الله يسيرا
أخرج أحمد ومسلم والنسائي وابن مردويه من طريق أبي الزبير عن جابر قال : أقبل أبو
بكر رضي الله عنه يستأذن على رسول الله صلى الله عليه و سلم والناس ببابه جلوس
والنبي صلى الله عليه و سلم جالس فلم يؤذن له ثم أذن لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما
فدخلا والنبي صلى الله عليه و سلم جالس وحوله نساؤه وهو ساكت فقال عمر رضي الله
عنه : لأكلمن
(6/593)
رسول
الله صلى الله عليه و سلم لعله يضحك فقال عمر رضي الله عنه : يا رسول الله لو رأيت
ابنة زيد امرأة عمر سألتني النفقة آنفا فوجأت عنقها فضحك النبي صلى الله عليه و
سلم حتى بدا ناجذه وقال : هن حولي يسألنني النفقة
فقام أبو بكر رضي الله عنه إلى عائشة رضي الله عنها ليضربها وقام عمر إلى حفصة
كلاهما يقولان : تسألان النبي صلى الله عليه و سلم ما ليس عنده
فنهاهما رسول الله صلى الله عليه و سلم عن هذا فقلن نساؤه : والله لا نسأل رسول
الله صلى الله عليه و سلم بعد هذا المجلس ما ليس عنده
وأنزل الله الخيار فبدأ بعائشة رضي الله عنها فقال " اني ذاكر لك أمرا ما أحب
أن تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك
قالت : ما هو ؟ فتلا عليها يا أيها النبي قل لأزواجك
قالت عائشة رضي الله عنها : أفيك استأمر أبوي ؟ ! بل اختار الله ورسوله وأسألك أن
لا تذكر إلى امرأة من نسائك امرأة ما اخترت فقال : ان الله لم يبعثني متعنتا وإنما
بعثني معلما مبشرا لا تسألني امرأة منهن عما اخترت إلا أخبرتها "
وأخرج ابن سعد عن أبي سلمة الحضرمي قال " جلست مع أبي سعيد الخدري وجابر بن
عبد الله رضي الله عنهما وهما يتحدثان وقد ذهب بصر جابر رضي الله عنه فجاء رجل
فجلس ثم قال : يا أبا عبد الله أرسلني اليك عروة بن الزبير أسألك فيم هجر رسول
الله صلى الله عليه و سلم نساءه ؟ فقال جابر رضي الله عنه : تركنا رسول الله صلى
الله عليه و سلم ليلة لم يخرج إلى الصلاة فأخذنا ما تقدم وما تأخر فاجتمعنا ببابه
يسمع كلامنا ويعلم مكاننا فاطلنا الوقوف فلم يأذن لنا ولم يخرج الينا فقلنا : قد
علم رسول الله صلى الله عليه و سلم مكانكم ولو أراد أن يأذن لكم لأذن فتفرقوا لا
تؤذوه فتفرقوا غير عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتنحنح ويتكلم ويستأذن حتى أذن له
رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال عمر رضي الله عنه : فدخلت عليه وهو واضع يده على خده أعرف به الكآبة فقلت له :
أي نبي الله - بأبي وأمي يا رسول الله - ما الذي رابك ؟ وما الذي لقي الناس بعدكم
من فقدهم لرؤيتك ؟ فقال : يا عمر سألتني الاماء ما ليس عندي - يعني نساءه - فذاك
الذي بلغ بي ما ترى
فقلت : يا نبي الله قد صككت جميلة بنت ثابت صكة ألصقت خدها منها بالأرض لأنها
سألتني ما ليس عندي وأنت يا رسول الله على موعد من ربك وهو جاعل بعد العسر يسرا
قال : فلم أزل أكلمه حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم قد تحلل
(6/594)
عنه
بعض ذلك فخرجت فلقيت أبا بكر الصديق رضي الله عنه فحدثته الحديث فدخل أبو بكر على
عائشة رضي الله عنها قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم لا يدخر عنكن شيئا
فلا تسأليه ما لا يجد انظري حاجتك فاطلبيها الي وانطلق عمر رضي الله عنه إلى حفصة
فذكر لها مثل ذلك ثم اتبعا أمهات المؤمنين فجعلا يذكران لهن مثل ذلكن فأنزل الله
تعالى في ذلك يا أيها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها
فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا يعني متعة الطلاق ويعني بتسريحهن : تطليقهن
طلاقا جميلا وان كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فان الله أعد للمحسنات منكن
أجرا عظيما
فانطلق رسول الله صلى الله عليه و سلم فبدأ بعائشة رضي الله عنها فقال : ان الله
قد أمرني ان أخيركن بين أن تخترن الله ورسوله والدار الآخرة وبين أن تخترن الدنيا
وزينتها وقد بدأت بك وأنا أخيرك قالت : وهل بدأت بأحد قبلي منهن ؟ قال : لا
قالت : فاني أختار الله ورسوله والدار الآخرة فاكتم علي ولا تخبر بذاك نساءك قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : بل أخبرهن بهن فأخبرهن رسول الله صلى الله عليه و
سلم جميعا فاخترن الله ورسوله والدار الآخرة فكان خياره بين الدنيا والآخرة
اتخترن الآخرة أو الدنيا ؟ قال وان كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فان الله
أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما فاخترن أن لا يتزوجن بعده ثم قال يا نساء النبي من
يأت منكن بفاحشة مبينة يعني الزنا يضاعف لها العذاب ضعفين يعني في الآخرة وكان ذلك
على الله يسيرا ومن يقنت منكن لله ورسوله يعني تطيع الله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها
أجرها مرتين مضاعفا لها في الآخرة واعتدنا لها رزقا كريما يا نساء النبي لستن كأحد
من النساء ان اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض يقول فجور وقلن قولا
معروفا وقرن في بيوتكن يقول لا تخرجن من بيوتكن ولا تبرجن يعني القاء القناع فعل
الجاهلية الأولى ثم قال جابر رضي الله عنه : ألم يكن الحديث هكذا ؟ قال : بلى
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه
والبيهقي في سننه عن عائشة رضي الله عنها " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
جاءها حين أمره الله أن يخير أزواجه قالت : فبدأ بي فقال : اني ذاكر لك أمرا فلا
عليك أن
(6/595)
تستعجلي
حتى تستأمري أبويك قد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقة فقال : ان الله قال يا
أيها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها إلى تمام الآيتين
فقلت له : ففي أي هذا استأمر أبوي فاني أريد الله ورسوله والدار الآخرة وفعل أزواج
النبي صلى الله عليه و سلم مثل ما فعلت "
وأخرج ابن سعد عن عمرو بن سعيد عن أبيه عن جده قال " لما خير رسول الله صلى
الله عليه و سلم نساءه بدأ بعائشة رضي الله عنها قال : ان الله خيرك فقالت : اخترت
الله ورسوله ثم خير حفصة رضي الله عنها فقلن جميعا : اخترنا الله ورسوله غير
العامرية اختارت قومها فكانت بعد تقول : أنا الشقيةن وكانت تلقط البعر وتبيعه
وتستأذن على أزواج النبي صلى الله عليه و سلم وتقول : أنا الشقية "
وأخرج ابن سعد عن أبي جعفر رضي الله عنه قال : قال نساء رسول الله صلى الله عليه و
سلم : ما نساء أغلى مهورا منا فغار الله لنبيه صلى الله عليه و سلم فأمره أن
يعتزلهن فاعتزلهن تسعة وعشرين يوما ثم أمره أن يخيرهن فخيرهن
وأخرج ابن سعد عن أبي صالح قال : اخترنه صلى الله عليه و سلم جميعا غير العامرية
كانت ذاهبة العقل حتى ماتت
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت "
حلف رسول الله صلى الله عليه و سلم ليهجرنا شهرا فدخل علي صبيحة تسعة وعشرين فقلت
: يا رسول الله ألم تكن حلفت لتهجرنا شهرا قال : ان الشهر هكذا وهكذا وهكذا
وضرب بيده جميعا وخنس يقبض أصبعا في الثالثة ثم قال : يا عائشة اني ذاكر لك أمرا
فلا عليك أن تعجلي حتى تستشيري أبويك وخشي رسول الله صلى الله عليه و سلم حداثة
سني قلت : وما ذاك يا رسول الله ؟ قال : اني أمرت أن أخيركن ثم تلا هذه الآية يا
أيها النبي قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها إلى قوله أجرا عظيما
قالت : فيم استشير أبوي يا رسول الله ؟ بل أختار الله ورسوله فسر رسول الله صلى
الله عليه و سلم بذلك وسمع نساؤه فتواترن عليه "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إنما خير رسول الله صلى الله
عليه و سلم أزواجه بين الدنيا والآخرة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة والحسن رضي الله عنهما
(6/596)
قالا
: أمره الله أن يخيرهن بين الدنيا والآخرة والجنة والنار قال الحسن رضي الله عنه :
في شيء كن أردنه من الدنيا
وقال قتادة رضي الله عنه : في غيرة كانت غارتها عائشة رضي الله عنها وكان تحته
يومئذ تسع نسوة خمس من قريش
عائشة
وحفصة
وأمر حبيبة بنت أبي سفيان
وسودة بنت زمعة
وأم سلمة بنت أبي أمية
وكانت تحته صفية بنت حي الخيبرية
وميمونة بنت الحارث الهلالية
وزينب بنت جحش الأسدية
وجويرية بنت الحارث من بني المصطلق
وبدأ بعائشة رضي الله عنها فلما أختارت الله ورسوله والدار الآخرة رؤي الفرح في
وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم فتتابعن كلهن على ذلك فلما خيرهن واخترن الله
ورسوله والدار الآخرة شكرهن الله تعالى على ذلك ان قال لا تحل لك النساء من بعد
ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن فقصره الله تعالى عليهن وهن التسع
اللاتي اخترن الله ورسوله
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله يا أيها النبي قل
لأزواجك
قال أمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه و سلم ان يخبر نساءه في هذه الآية فلم تختر
واحدة منهن نفسا غير الحميرية
وأخرج البيهقي في السنن عن مقاتل بن سليمان رضي الله عنه في قوله يا نساء النبي من
يأت منكن بفاحشة مبينة يعني العصيان للنبي صلى الله عليه و سلم يضاعف لها العذاب
ضعفين في الآخرة وكان ذلك على الله يسيرا يقول : وكان عذابها عند الله هينا ومن
يقنت يعني من يطع منكن الله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين في الآخرة بكل
صلاة أو صيام أو صدقة أو تكبيرة أو تسبيحة باللسان مكان كل حسنة تكتب عشرين حسنة
واعتدنا لها رزقا كريما يعني حسنا
وهي الجنة
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله يضاعف
لها العذاب ضعفين قال : عذاب الدنيا وعذاب الآخرة
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله يضاعف لها العذاب ضعفين
قال : يجعل عذابهن ضعفين ويجعل على من قذفهن الحد ضعفين
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله يا نساء
(6/597)
النبي
قال : ان الحجة على الأنبياء أشد منها على الأتباع في الخطيئة وان الحجة على
العلماء أشد منها على غيرهم فان الحجة على نساء النبي صلى الله عليه و سلم أشد
منها على غيرهن فقال : انه من عصى منكن فانه يكون عليها العذاب الضعف منه على سائر
نساء المؤمنين ومن عمل صالحا فان الأجر لها الضعف على سائر نساء المسلمين
- قوله تعالى : ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين وأعتدنا
لها رزقا كريما يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول
فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولا معروفا
أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ومن يقنت منكن
لله ورسوله وتعمل صالحا قال : يقول من يطع الله منكن وتعمل صالحا لله ورسوله
بطاعته
وأخرج ابن سعد عن عطاء بن يسار رضي الله عنه في قوله ومن يقنت يقنت منكن لله
ورسوله يعني تطيع الله ورسوله وتعمل صالحا تصوم وتصلي
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " أربعة يؤتون أجرهم مرتين
منهم أزواج رسول الله صلى الله عليه و سلم "
وأخرج ابن أبي حاتم عن جعفر بن محمد رضي الله عنه يجري أزواجه مجرانا في الثواب
والعقاب
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله لستن
كأحد من النساء قال : كأحد من نساء هذه الأمة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله يا نساء النبي لستن كأحد
الآية
يقول : أنتن أزواج النبي صلى الله عليه و سلم ومعه تنظرن إلى النبي صلى الله عليه
و سلم والى الوحي الذي يأتيه من السماء وأنتن أحق بالتقوى من سائر النساء فلا
تخضعن بالقول يعني الرفث من الكلام
أمرهن أن لا يرفثن بالكلام فيطمع الذي في قلبه مرض يعني الزنا
(6/598)
قال
: مقاربة الرجل في القول حتى يطمع الذي في قلبه مرض
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله فلا تخضعن بالقول قال : لا
ترفثن بالقول
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما فلا تخضعن بالقول يقول :
لا ترخصن بالقول ولا تخضعن بالكلام
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله فيطمع الذي في قلبه
مرض قال : شهوة الزنا
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما
ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله فيطمع الذي في قلبه مرض قال : الفجور
والزنا
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت الأعشى وهو يقول : حافظ للفرج راض بالتقى ليس ممن قلبه فيه مرض وأخرج ابن
المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن علي رضي الله عنه قال : المرض مرضان
فمرض زنا ومرض نفاق
وأخرج ابن سعد عن عطاء بن يسار رضي الله عنه في قوله فيطمع الذي في قلبه مرض يعني
الزنا وقلن قولا معروفا يعني كلاما ظاهرا ليس فيه طمع لأحد
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله وقلن قولا معروفا يعني كلاما
ليس فيه طمع لأحد
- قوله تعالى : وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين
الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا
أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن محمد بن سيرين قال : نبئت انه قيل لسودة زوج
النبي صلى الله عليه و سلم رضي الله عنها : مالك لا تحجين ولا تعتمرين كما يفعل
أخواتك ؟ ! فقالت : قد حججت واعتمرت وأمرني الله أن أقر في بيتي فول الله
(6/599)
لا
أخرج من بيتي حتى أموت قال : فوالله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت بجنازتها
وأخرج ابن أبي شيبه وابن سعد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر عن
مسروق رضي الله عنه قال : كانت عائشة رضي الله عنها اذا قرأت وقرن في بيوتكن بكت
حتى تبل خمارها
وأخرج أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال
لنسائه عام حجة الوداع هذه ثم ظهور الحصر قال : فكان كلهن يحجن إلا زينب بنت جحش
وسودة بنت زمعة وكانتا تقولان : والله لا تحركنا دابة بعد أن سمعنا ذلك من رسول
الله صلى الله عليه و سلم "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أم نائلة رضي الله عنها قالت : جاء أبو برزة فلم يجد أم
ولده في البيت وقالوا ذهبت إلى المسجد فلما جاءت صاح بها فقال : ان الله نهى
النساء ان يخرجن وأمرهن يقرن في بيوتهن ولا يتبعن جنازة ولا يأتين مسجدا ولا يشهدن
جمعة
وأخرج الترمذي والبزار عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال " ان المرأة عورة فاذا خرجت استشرفها الشيطان وأقرب ما تكون من رحمة ربها
وهي في قعر بيتها "
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : احبسوا النساء في البيوت فان
النساء عورة وان المرأة اذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان وقال لها : انك لا
تمرين بأحد إلا أعجب بك
وأخرج ابن أبي شيبه عن عمر رضي الله عنه قال : استعينوا على النساء بالعري ان
احداهن اذا كثرت ثيابها وحسنت زينتا أعجبها الخروج
وأخرج البزار عن أنس رضي الله عنه قال : جئن النساء إلى رسول الله صلى الله عليه و
سلم فقلن : يا رسول الله ذهب الرجال بالفضل والجهاد في سبيل الله فما لنا عمل ندرك
فضل المجاهدين في سبيل الله ؟ فقال " من قعدت منكن في بيتها فانها تدرك عمل
المجاهدين في سبيل الله "
(6/600)
أما
قوله تعالى : ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه والبيهقي في شعب
الايمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت الجاهلية الاولى فيما بين نوح
وادريس عليهما السلام وكانت ألف سنة وان بطنين من ولد آدم كان أحدهما يسكن السهل
والآخر يسكن الجبال فكان رجال الجبال صباحا وفي النساء دمامة وكان نساء السهل
صباحا وفي الرجال دمامة وان إبليس أتى رجلا من أهل السهل في صورة غلام فأجر نفسه
فكان يخدمه واتخذ ابليس شبابة مثل الذي يزمر فيه الرعاء فجاء بصوت لم يسمع الناس
مثله فبلغ ذلك من حوله فانتابوهم يسمعون اليه واتخذوا عيدا يجتمعون اليه في السنة
فتتبرج النساء للرجال وتتبرج الرجال لهن وان رجلا من أهل الجبل هجم عليهم في عيدهم
ذلك فرأى النساء وصباحتهن فأتى أصحابه فأخبرهم بذلك فتحولوا اليهن فنزلوا معهن
وظهرت الفاحشة فيهن فهو قول الله ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى
وأخرج ابن جرير عن الحكم رضي الله عنه ولا تبرجن الجاهلية الاولى قال : كان بين
آدم ونوح عليهما السلام ثمانمائة سنة فكان نساؤهم من أقبح ما يكون من النساء
ورجالهما حسان وكانت المرأة تريد الرجل على نفسه فأنزلت هذه الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما
ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأله فقال : أرأيت قول الله تعالى لأزواج النبي صلى
الله عليه و سلم ولا تبرجن تبرجن الجاهلية الاولى هل كانت الجاهلية غير واحدة ؟
فقال ابن عباس رضي الله عنهما : ما سمعت بأولى إلا ولها آخرة
فقال : له عمر رضي الله عنه : فانبئني من كتاب الله ما يصدق ذلك قال : ان الله
يقول وجاهدوا في الله حق جهاده كما جاهدتم أول مرة الحج الآية 78 فقال عمر رضي
الله عنه : من أمرنا ان نجاهد ؟ قال : بني مخزوم وعبد شمس
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ولا تبرجن تبرج
الجاهلية قال : تكون جاهلية أخرى
(6/601)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عائشة رضي الله عنها أنها تلت هذه الآية فقالت : الجاهلية الاولى
كانت على عهد إبراهيم عليه السلام
وأخرج ابن سعد عن عكرمة رضي الله عنه قال : الجاهلية الاولى التي ولد فيها إبراهيم
عليه السلام والجاهلية الآخرة : التي ولد فيها محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن عباس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال الجاهلية الاولى بين عيسى ومحمد
صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه
مثله
وأخرج ابن سعد وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : كانت المرأة تخرج فتمشي
بين الرجال فذلك تبرج الجاهلية الاولى
وأخرج البيهقي في سننه عن أبي أذينة الصدفي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال " شر النساء المتبرجات وهن المنافقات لا يدخل الجنة منهن إلا
مثل الغراب الأعصم "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ولا
تبرجن تبرج الجاهلية يقول : اذا خرجتن من بيوتكن وكانت لهن مشية فيها تكسير وتغنج
فنهاهن الله عن ذلك
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن أبي نجيح
رضي الله عنه في قوله ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى قال : التبختر
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه في قوله ولا تبرجن
قال : التبرج انها تلقي الخمار على رأسها ولا تشده فيواري قلائدها وقرطها وعنقها
ويبدو ذلك كله منها وذلك التبرج ثم عمت نساء المؤمنين في التبرج
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما بايع النبي صلى الله عليه و
سلم النساء قال " ولا تبرجن تبرج الجاهلية الاولى قالت امرأة : يا رسول الله
أراك تشترط علينا أن لا نتبرج وأن فلانة قد أسعدتني وقد مات أخوها فقال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : اذهبي فاسعديها ثم تعالي فبايعيني "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عساكر من طريق عكرمة رضي الله عنه عن ابن
(6/602)
عباس
رضي الله عنهما في قوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت قال : نزلت في
نساء النبي صلى الله عليه و سلم خاصة
وقال عكرمة رضي الله عنه : من شاء بأهلته انها نزلت في أزواج النبي صلى الله عليه
و سلم
وأخرج ابن مردويه من طريق سعيد بن جبير رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال : نزلت في نساء النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن عكرمة رضي الله عنه في قوله إنما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت قال : ليس بالذي تذهبون اليه إنما هو نساء النبي صلى الله
عليه و سلم
وأخرج ابن سعد عن عروة رضي الله عنه إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
قال : يعني أزواج النبي صلى الله عليه و سلم نزلت في بيت عائشة رضي الله عنها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أم سلمة رضي الله عنها زوج
النبي صلى الله عليه و سلم : ان رسول الله صلى الله عليه و سلم كان ببيتها على
منامة له عليه كساء خيبري فجاءت فاطمة رضي الله عنها ببرمة فيها خزيرة فقال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " ادعي زوجك وابنيك حسنا وحسينا فدعتهم فبينما هم
يأكلون اذ نزلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم إنما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا فأخذ النبي صلى الله عليه و سلم بفضله ازاره
فغشاهم إياها ثم أخرج يده من الكساء وأومأ بها إلى السماء ثم قال : اللهم هؤلاء
أهل بيتي وخاصتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا قالها ثلاث مرات
قالت أم سلمة رضي الله عنها : فادخلت رأسي في الستر فقلت : يا رسول الله وأنا معكم
فقال : انك إلى خير مرتين "
وأخرج الطبراني عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : جاءت فاطمة رضي الله عنها إلى
أبيها بثريدة لها تحملها في طبق لها حتى وضعتها بين يديه
فقال لها " أين ابن عمك ؟ قالت : هو في البيت
قال : اذهبي فادعيه وابنيك فجاءت تقود ابنيها كل واحد منهما في يد وعلي رضي الله
عنه يمشي في أثرهما حتى دخلوا على رسول الله صلى الله عليه و سلم فاجلسهما في حجره
وجلس علي رضي الله عنه عن يمينه وجلست فاطمة رضي الله عنها عن يساره قالت أم سلمة
رضي الله عنها : فأخذت من تحتي كساء كان بساطنا علىالمنامة في البيت "
(6/603)
وأخرج
الطبراني عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لفاطمة
رضي الله عنها " ائتني بزوجك وابنيه فجاءت بهم فالقى رسول الله صلى الله عليه
و سلم عليهم كساء فدكيا ثم وضع يده عليهم ثم قال : اللهم ان هؤلاء أهل محمد - وفي
لفظ آل محمد - فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم انك
حميد مجيد
قالت أم سلمة رضي الله عنها : فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي وقال انك على
خير "
وأخرج ابن مردويه عن أم سلمة قالت " نزلت هذه الآية في بيتي إنما يريد الله
ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا وفي البيت سبعة
جبريل وميكائيل عليهما السلام وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم وأنا على
باب البيت قلت : يا رسول الله ألست من أهل البيت ؟ قال : انك إلى خير انك من أزواج
النبي صلى الله عليه و سلم "
وأخرج ابن مردويه والخطيب عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : كان يوم أم سلمة
أم المؤمنين رضي الله عنها فنزل جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه و
سلم بهذه الآية إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا قال :
فدعا رسول الله صلى الله عليه و سلم بحسن وحسين وفاطمة وعلي فضمهم اليه ونشر عليهم
الثوب
والحجاب على أم سلمة مضروب ثم قال " اللهم هؤلاء أهل بيتي الله اذهب عنهم
الرجس وطهرهم تطهيرا
قالت أم سلمة رضي الله عنها : فانا معهم يا نبي الله ؟ قال : أنت على مكانك وانك
على خير "
وأخرج الترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في
سننه من طرق عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : في بيتي نزلت إنما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت وفي البيت فاطمة وعلي والحسن والحسين
فجللهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بكساء كان عليه ثم قال " هؤلاء أهل
بيتي فاذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " نزلت هذه الآية في خمسة
في وفي علي وفاطمة وحسن وحسين إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا "
(6/604)
وأخرج
ابن أبي شيبه وأحمد ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم عن عائشة رضي الله عنها
قالت : خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود فجاء
الحسن والحسين رضي الله عنهما فادخلهما معه ثم جاء علي فادخله معه ثم قال إنما
يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا
وأخرج ابن جرير والحاكم وابن مردويه عن سعد قال " نزل على رسول الله صلى الله
عليه و سلم الوحي فادخل عليا وفاطمة وابنيهما تحت ثوبه ثم قال اللهم هؤلاء أهلي
وأهل بيتي "
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم
وصححه والبيهقي في سننه عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال " جاء رسول الله
صلى الله عليه و سلم إلى فاطمة ومعه حسن وحسين وعلي حتى دخل فأدنى عليا وفاطمة
فاجلسهما بين يديه وأجلس حسنا وحسينا
كل واحد منهما على فخذه ثم لف عليهم ثوبه وأنا مستدبرهم ثم تلا هذه الآية إنما
يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا "
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم
وصححه وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يمر بباب فاطمة رضي الله عنها اذا خرج إلى
صلاة الفجر ويقول " الصلاة يا أهل البيت الصلاة إنما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا "
وأخرج مسلم عن زيد بن أرقم رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " أذكركم الله في أهل بيتي فقيل : لزيد
رضي الله عنه : ومن أهل بيته أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال : نساؤه من أهل بيته
ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس "
وأخرج الحكيم والترمذي والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا في الدلائل
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ان
الله قسم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما
فذلك قوله وأصحاب اليمين الواقعة الآية 27 و أصحاب الشمال الواقعة الآية 41 فأنا
من أصحاب اليمين وأنا خير أصحاب اليمين ثم جعل القسمين
(6/605)
أثلاثا
فجعلني في خيرها ثلثا فذلك قوله " وأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب
المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون " الواقعة الآية 8 - 10 فأنا من
السابقين وأنا خير من السابقين ثم جعل الأثلاث قبائل فجعلني في خيرها قبيلة وذلك
قوله وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا أن أكرمكم عند الله أتقاكم الحجرات الآية 13
وأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله تعالى ولا فخر
ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا فذلك قوله إنما يريد الله ليذهب عنكم
الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا فأنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله إنما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا قال : هم أهل بيت طهرهم الله من السوء واختصم
برحمته قال : وحدث الضحاك بن مزاحم رضي الله عنه
أن نبي الله صلى الله عليه و سلم كان يقول " نحن أهل بيت طهرهم الله من شجرة
النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة وبيت الرحمة ومعدن العلم "
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : لما دخل علي رضي الله عنه
بفاطمة رضي الله عنها
جاء النبي صلى الله عليه و سلم أربعين صباحا إلى بابها يقول " السلام عليكم
أهل البيت ورحمة الله وبركاته الصلاة رحمكم الله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت ويطهركم تطهيرا انا حرب لمن حاربتم أنا سلم لمن سالمتم "
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن أبي الحمراء رضي الله عنه قال " حفظت من رسول
الله صلى الله عليه و سلم ثمانية أشهر بالمدينة
ليس من مرة يخرج إلى صلاة الغداة إلا أتى إلى باب علي رضي الله عنه فوضع يده على
جنبتي الباب ثم قال : الصلاة
الصلاة
إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال " شهدنا رسول الله صلى الله
عليه و سلم تسعة أشهر يأتي كل يوم باب علي بن أبي طالب رضي الله عنه عند وقت كل
صلاة فيقول : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت إنما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا الصلاة رحمكم الله كل يوم خمس مرات "
(6/606)
وأخرج
الطبراني عن أبي الحمراء رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يأتي باب علي وفاطمة ستة أشهر فيقول إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيرا
- قوله تعالى : واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة إن الله كان لطيفا
خبيرا
أخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله
عنه في قوله واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة قال : القرآن والسنة
عتب عليهن بذلك
وأخرج ابن سعد عن أبي امامة بن سهل رضي الله عنه في قوله واذكرن ما يتلى في بيوتكن
من آيات الله والحكمة قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي عند بيوت
أزواجه النوافل بالليل والنهار
- قوله تعالى : إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات
والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين
والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظون فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا
والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما
أخرج أحمد والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه والطبراني عن أم سلمة رضي
الله عنها قالت " قلت للنبي صلى الله عليه و سلم : ما لنا لا نذكر في القرآن
كما يذكر الرجال ؟ فلم يرعني منه ذات يوم إلا نداؤه على المنبر وهو يقول : يا أيها
الناس ان الله يقول ان المسلمين والمسلمات إلى آخر الآية "
(6/607)
وأخرج
الفريابي وابن سعد وابن أبي شيبه وعبد بن حميد والنسائي وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أم سلمة
رضي الله عنها انها قالت للنبي صلى الله عليه و سلم : ما لي أسمع الرجال يذكرون في
القرآن والنساء لا يذكرن ؟ فانزل الله ان المسلمين والمسلمات
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد والترمذي وحسنه والطبراني وابن مردويه
عن أم عمارة الانصارية رضي الله عنها : انها أتت النبي صلى الله عليه و سلم فقالت
: ما أرى كل شيء إلا للرجال وما أرى النساء يذكرن بشيء ! فنزلت هذه الآية ان
المسلمين والمسلمات
وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه بسند حسن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
قالت النساء : يا رسول الله ما باله يذكر المؤمنون ولم يذكر المؤمنات ؟ ! فنزل ان
المسلمين والمسلمات
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : دخل نساء على نساء النبي صلى الله
عليه و سلم فقلن : قد ذكركن الله في القرآن ولم نذكر بشيء أما فينا ما يذكر ؟
فأنزل الله ان المسلمين والمسلمات
وأخرج ابن سعيد عن عكرمة ومن وجه آخر عن قتادة رضي الله عنه قال : لما ذكر أزواج
النبي صلى الله عليه و سلم قال النساء : لو كان فينا خير لذكرن
فأنزل الله ان المسلمين والمسلمات
وأخرج ابن سعد عن عكرمة رضي الله عنه قال : قال النساء للرجال : أسلمنا أسلمتم
وفعلنا كما فعلتم فتذكرون في القرآن ولا نذكر وكان الناس يسمون المسلمين فلما
هاجروا سموا المؤمنين فأنزل الله ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات
والقانتين والقانتات يعني المطيعين والمطيعات والصادقين والصادقات والصابرين
والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات شهر
رمضان والحافظين فروجهن والحافظات يعني من النساء والذاكرين الله كثيرا والذاكرات
يعني ذكر الله وذكر نعمه اعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله أن المسلمين
(6/608)
والمسلمات
يعني المخلصين لله من الرجال والمخلصات من النساء والمؤمنين والمؤمنات يعني
المصدقين والمصدقات والقانتين والقانتات يعني المطيعين والمطيعات والصادقين
والصادقات يعني الصادقين في ايمانهم والصابرين والصابرات يعني على أمر الله
والخاشعين يعني المتواضعين لله في الصلاة من لا يعرف عن يمينه ولا من عن يساره ولا
يلتفت من الخشوع لله والخاشعات يعني المتواضعات من النساء والصائمين والصائمات قال
: من صام شهر رمضان وثلاثة أيام من كل شهر فهو من أهل هذه الآية والحافظين فروجهم
والحافظات قال : يعني فروجهم عن الفواحش ثم أخبر بثوابهم فقال أعد الله لهم مغفرة
يعني لذنوبهم و أجرا عظيما يعني جزاء وافر في الجنة
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود والنسائي وابن ماجه وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي
حاتم وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي سعيد الخدري
رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " اذا أيقظ الرجل امرأته من الليل
فصليا ركعتين كانا تلك الليلة من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات "
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه قال : لا يكتب الرجل من الذاكرين الله كثيرا حتى يذكر الله قائما
وقاعدا ومضطجعا
- قوله تعالى : وما كان لمؤمن إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من
أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلال مبينا
أخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال " ان رسول الله
صلى الله عليه و سلم انطلق ليخطب على فتاة زيد بن حارثة فدخل على زينب بنت جحش
الأسدية فخطبها قالت : لست بناكحته قال : بلى
فانكحيه قالت : يا رسول الله أوامر في نفسي
فبينما هما يتحدثان أنزل الله هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه و سلم وما
كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله أمرا
الآية
قالت : قد رضيته لي يا رسول الله منكحا قال : نعم
قالت : اذن لا أعصي رسول الله قد أنكحته نفسي "
(6/609)
وأخرج
ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " خطب رسول الله صلى الله عليه و
سلم زينب بنت جحش لزيد بن حارثة فاستنكفت منه وقالت : أنا خير منه حسبا وكانت
امرأة فيها حدة
فأنزل الله وما كان لمؤمن ولا مؤمنة
"
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن قتادة رضي الله
عنه قال : خطب النبي صلى الله عليه و سلم زينب وهو يريدها لزيد رضي الله عنه فظنت
انه يريدها لنفسه فلما علمت أنه يريدها لزيد أبت فأنزل الله وما كان لمؤمن ولا
مؤمنة اذا قضى الله ورسوله أمرا
فرضيت وسلمت
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله
ورسوله أمرا
قال : زينب بنت جحش وكراهتها زيد بن حارثة حين أمرها به محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لزينب رضي
الله عنها " اني أن أزوجك زيد بن حارثة فاني قد رضيته لك
قالت : يا رسول الله لكني لا أرضاه لنفسي وأنا أيم قومي وبنت عمتك فلم أكن لأفعل
فنزلت هذه الآية وما كان لمؤمن يعني زيدا ولا مؤمنة يعني زينب اذا قضى الله ورسوله
أمرا يعني النكاح في هذا الموضع أن تكون لهم الخيرة من أمرهم يقول : ليس لهم
الخيرة من أمرهم خلاف ما أمر الله به ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا قالت
: قد أطعتك فاصنع ما شئت فزوجها زيدا ودخل عليها "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال : نزلت في أم كلثوم بنت عقبة بن
أبي معيط وكانت أول امرأة هاجرت من النساء فوهبت نفسها للنبي صلى الله عليه و سلم
فزوجها زيد بن حارثة فسخطت هي وأخوها وقالت : إنما أردنا رسول الله صلى الله عليه
و سلم فزوجها عبده فنزلت
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في سننه عن طاوس أنه سأل ابن
عباس رضي الله عنهما عن ركعتين بعد العصر فنهاه
وقال ابن عباس رضي الله عنهما وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله أمرا
أن تكون لهم الخيرة من أمرهم
(6/610)
-
قوله تعالى : وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله
وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه فلما قضى زيد منها
وطرا زوجناكها لكي لا يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهم إذا قضوا منهن وطرا
وكان أمر الله مفعولا ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين
خلوا من قبل وكان أمر الله قدرا مقدورا الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا
يخشون أحدا إلا الله وكفى بالله حسيبا ما كان محمدا أبا أحد من رجالكم ولكن رسول
الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شيء عليما
أخرج البزار وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن أسامة بن زيد رضي الله
عنه قال : جاء العباس وعلي بن أبي طالب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقالا
" يا رسول الله جئناك لتخبرنا أي أهلك أحب اليك ؟ قال : أحب أهلي الي فاطمة
قالا : ما نسألك عن فاطمة قال : فاسامة بن زيد الذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه
قال علي رضي الله عنه : ثم من يا رسول الله ؟ قال : ثم أنت ثم العباس رضي الله عنه
: يا رسول الله جعلت عمك آخرا قال : ان عليا سبقك بالهجرة "
وأخرج عبد بن حميد والبخاري والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أنس
رضي الله عنه
ان هذه الآية وتخفي في نفسك ما الله مبديه نزلت في شأن زينب بنت جحش وزيد بن حارثة
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري والترمذي وابن المنذر والحاكم وابن مردويه
والبيهقي في سننه عن أنس رضي الله عنه قال " جاء زيد بن حارثة رضي الله عنه
يشكو زينب إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : اتق الله وامسك عليك زوجك فنزلت وتخفي في نفسك ما الله مبديه قال : أنس رضي
الله عنه
(6/611)
فلو
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم كاتما شيئا لكتم هذه الآية
فتزوجها رسول الله صلى الله عليه و سلم فما أولم على امرأة من نسائه ما أولم عليها
ذبح شاة فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها فكانت تفخر على أزواج النبي صلى الله
عليه و سلم تقول : زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق سبع سموات "
وأخرج ابن سعد وأحمد والنسائي وأبو يعلى وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن
أنس رضي الله عنه قال : لما انقضت عدة زينب قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
لزيد " اذهب فاذكرها علي فانطلق قال : فلما رأيتها عظمت في صدري فقلت : يا
زينب أبشري أرسلني رسول الله صلى الله عليه و سلم يذكرك قالت : ما أنا بصانعة شيئا
حتى أوامر ربي فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن وجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم
ودخل عليها بغير إذن ولقد رأيتنا حين دخلت على رسول الله صلى الله عليه و سلم
أطعمنا عليها الخبز واللحم فخرج الناس وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام فخرج
رسول الله صلى الله عليه و سلم واتبعته فجعل يتبع حجر نسائه يسلم عليهن ويقلن : يا
رسول الله كيف وجدت أهلك ؟ فما أدري أنا أخبرته ان القوم قد خرجوا أو أخبر فانطلق
حتى دخل البيت فذهبت ادخل معه فألقى الستر بيني وبينه فنزل الحجاب ووعظ القوم بما
وعظو به لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم
"
وأخرج ابن سعد والحاكم عن محمد بن يحيى بن حيان رضي الله عنه قال " جاء رسول
الله صلى الله عليه و سلم بيت زيد بن حارثة يطلبه وكان زيد إنما يقال له زيد بن
محمد فربما فقده رسول الله صلى الله عليه و سلم فيجيء لبيت زيد بن حارثة يطلبه فلم
يجده وتقوم اليه زينب بنت جحش زوجته فاعرض رسول الله صلى الله عليه و سلم عنها
فقالت : ليس هو ههنا يا رسول الله فادخل فأبى أن يدخل فأعجبت رسول الله صلى الله
عليه و سلم فولى وهو يهمهم بشيء لا يكاد يفهم منه إلا ربما أعلن سبحان الله العظيم
سبحان مصرف القلوب فجاء زيد رضي الله عنه إلى منزله فأخبرته امرأته ان رسول الله
صلى الله عليه و سلم أتى منزله فقال زيد رضي الله عنه : إلا قلت له أن يدخل قالت :
قد عرضت ذلك عليه فأبى قال : فسمعت شيئا قالت : سمعته حين ولى تكلم بكلام ولا
أفهمه وسمعته يقول : سبحان الله سبحان مصرف القلوب فجاء زيد رضي الله عنه حتى أتى
رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله بلغني أنك جئت منزلي فهلا دخلت
(6/612)
يا
رسول الله لعل زينب أعجبتك فأفارقها فيقول رسول الله صلى الله عليه و سلم أمسك
عليك زوجك فما استطاع زيد اليها سبيلا بعد ذلك اليوم فيأتي لرسول الله صلى الله
عليه و سلم فيخبره فيقول امسك عليك زوجك ففارقها زيد واعتزلها وانقضت عدتها فبينا
رسول الله صلى الله عليه و سلم جالس يتحدث مع عائشة رضي الله عنها اذ أخذته غشية
فسرى عنه وهو يبتسم ويقول : من يذهب إلى زينب فيبشرها ان الله زوجنيها من السماء
وتلا رسول الله صلى الله عليه و سلم واذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه
أمسك عليك زوجك القصة كلها قالت عائشة رضي الله عنها : فأخذني ما قرب وما بعد لما
يبلغنا من جمالها
وأخرى هي أعظم الأمور وأشرفها زوجها الله من السماء وقلت : هي تفخر علينا بهذا
"
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم والطبراني وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : لو كان النبي صلى الله
عليه و سلم كاتما شيئا من الوحي لكتم هذه الآية واذ تقول للذي أنعم الله عليه يعني
بالإسلام وأنعمت عليه بالعتق امسك عليك زوجك إلى قوله وكان أمر الله مفعولا وان
رسول الله صلى الله عليه و سلم لما تزوجها قالوا : تزوج خليلة ابنه
فأنزل الله تعالى وما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين
وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم تبناه وهو صغير فلبث حتى صار رجلا يقال له :
زيد بن محمد
فأنزل الله ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله يعني أعدل عند الله
وأخرج الحاكم عن الشعبي رضي الله عنه قال : كانت زينب رضي الله عنها تقول للنبي
صلى الله عليه و سلم : أنا أعظم نسائك عليك حقا أنا خيرهن منكحا وأكرمهن سترا
وأقربهن رحما وزوجنيك الرحمن من فوق عرشه وكان جبريل عليه السلام هو السفير بذلك
وأنا بنت عمتك ليس لك من نسائك قريبة غيري
وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه قال : كانت زينب تقول للنبي صلى الله عليه
و سلم : اني لأدل عليك بثلاث ما من نسائك امرأة تدل بهن
ان جدي وجدك واحد
واني أنكحينك الله من السماء
وان السفير لجبريل عليه السلام
وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن أم سلمة رضي الله عنها عن زينب رضي الله عنها قالت :
اني والله ما أنا كأحد من نساء رسول الله صلى الله عليه و سلم انهن زوجن بالمهور
(6/613)
وزوجهن
الاولياء وزوجني الله ورسوله وأنزل في الكتاب يقرأه المسلمون لا يغير ولا يبدل واذ
تقول للذين أنعم الله عليه
وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن عائشة رضي الله عنها قالت : يرحم الله زينب بنت جحش
لقد نالت في هذه الدنيا الشرف الذي لا يبلغه شريف
ان الله زوجها نبيه صلى الله عليه و سلم في الدنيا ونطق به القرآن
وأخرج ابن سعد عن عاصم الأحول ان رجلا من بني أسد فاخر رجلا فقال الأسدي : هل منكم
امرأة زوجها الله من فوق سبع سموات ؟ يعني زينب بنت جحش
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني عن قتادة رضي
الله عنه في قوله واذ تقول للذين أنعم الله عليه قال : زيد بن حارثة أنعم الله
عليه بالإسلام وأنعمت عليه أعتقه رسول الله صلى الله عليه و سلم أمسك عليك زوجك
واتق الله يا زيد بن حارثة قال : جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا نبي
الله ان زينب قد اشتد علي لسانها وأنا أريد أن أطلقها فقال له النبي صلى الله عليه
و سلم : اتق الله وامسك عليك زوجك قال : والنبي صلى الله عليه و سلم يحب أن يطلقها
ويخشى قالة الناس ان أمره بطلاقها
فأنزل الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه قال : كان يخفي في نفسه وذاته طلاقها قال
: قال الحسن رضي الله عنه : ما انزلت عليه آية كانت أشد عليه منها ولو كان كاتما
شيئا من الوحي لكتمها وتخشى الناس قال : خشي النبي صلى الله عليه و سلم قالة الناس
فلما قضى زيد منها وطرا قال : طلقها زيد زوجناكها فكانت تفخر على أزواج النبي صلى
الله عليه و سلم تقول : أما أنتن زوجكن آباؤكن وأما أنا فزوجني ذو العرش لكي لا
يكون على المؤمنين حرج في أزواج أدعيائهن اذا قضوا منهن وطرا قال : اذا طلقوهن
وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم تبنى زيد بن حارثة رضي الله عنه ما كان على
النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلوا من قبل يقول : كما هوى داود
النبي عليه السلام المرأة التي نظر اليها فهويها فتزوجها فكذلك قضى الله لمحمد صلى
الله عليه و سلم فتزوج زينب كما كان سنة الله في داود أن يزوجه تلك المرأة وكان
أمر الله قدرا مقدورا في أمر زينب
وأخرج الحكيم الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن علي
(6/614)
بن
زيد بن جدعان قال : قال لي علي بن الحسين : ما يقول الحسن رضي الله عنه في قوله
وتخفي في نفسك ما الله مبديه ؟ فقلت له
فقال : لا
ولكن الله أعلم نبيه صلى الله عليه و سلم ان زينب رضي الله عنها ستكون من أزواجه
قبل أن يتزوجها فلما أتاه زيد يشكو اليه قال : اتق الله وامسك عليك زوجك فقال : قد
أخبرتك أني مزوجكها وتخفي في نفسك ما الله مبديه
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه في قوله ما كان على النبي من
حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلو من قبل قال : يعني يتزوج من النساء ما
شاء هذا فريضة وكان من كان من الأنبياء عليهم السلام هذا سنتهم قد كان لسليمان
عليه السلام ألف امرأة وكان لداود عليه السلام مائة امرأة
وأخرج ابن المنذر والطبراني عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله سنة الله في الذين
خلوا من قبل قال : داود والمرأة التي نكحها وأسمها اليسعية فذلك سنة الله في محمد
وزينب وكان أمر الله قدرا مقدورا كذلك في سنته في داود والمرأة والنبي صلى الله
عليه و سلم وزينب
وأخرج البيهقي في سننه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : لا نكاح إلا بولي وشهود
ومهر إلا ما كان للنبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه وابن عساكر من طريق الكميت بن يزيد الأسدي قال :
حدثني مذكور مولى زينب بنت جحش قالت " خطبني عدة من أصحاب النبي صلى الله
عليه و سلم فأرسلت اليه أخي يشاوره في ذلك قال : زيد بن حارثة
فغضبت وقالت : تزوج بنت عمتك مولاك ثم أتتني فأخبرتني بذلك فقلت : أشد من قولها
وغضبت أشد من غضبها فأنزل الله تعالى وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله
أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم فأرسلت اليه زوجني من شئت فزوجني منه فأخذته
بلساني فشكاني إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال له : اذن طلقها فطلقني فبت
طلاقي فلما انقضت عدتي لم أشعر إلا والنبي صلى الله عليه و سلم وأنا مكشوفة الشعر
فقلت : هذا أمر من السماء دخلت يا رسول الله بلا خطبة ولا شهادة قال : الله المزوج
وجبريل الشاهد "
(6/615)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله واذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت
قال : بلغنا أن هذه الآية أنزلت في زينب بنت جحش رضي الله عنها وكانت امها أميمة
بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه و سلم فأراد أن يزوجها زيد بن حارثة
رضي الله عنه فكرهت ذلك ثم انها رضيت بما صنع رسول الله صلى الله عليه و سلم
فزوجها إياه ثم أعلم الله نبيه صلى الله عليه و سلم بعد انها من أزواجه فكان يستحي
أن يأمر زيد بن حارثة بطلاقها وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب بعض ما يكون بين
الناس فيأمره رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يمسك عليه زوجه وان يتقي الله وكان
يخشى الناس ان يعيبوا عليه
ان يقولوا : تزوج امرأة ابنه وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم قد تبنى زيدا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه و
سلم اشترى زيد بن حارثة في الجاهلية من عكاظ بحلى امرأته خديجة فاتخذه ولدان فلما
بعث الله نبيه صلى الله عليه و سلم مكث ما شاء الله أن يمكثن ثم أراد أن يزوجه
زينب بنت جحش فكرهت ذلك فأنزل الله وما كان لمؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله
أمرا أن تكون لهم الخيرة من أمرهم
فقيل لها : ان شئت الله ورسوله وان شئت ضلالا مبينا فقالتك بل الله ورسول
فزوجه رسول الله إياها فمكثت ما شاء الله أن تمكث ثم ان النبي صلى الله عليه و سلم
دخل يوما بيت زيد فرآها وهي بنت عمته فكأنها وقعت في نفسه قال عكرمة : رضي الله
عنه فأنزل الله واذ تقول للذي أنعم الله عليه يعني زيدا بالإسلام وأنعمت عليه يا
محمد بالعتق أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس
والله أحق أن تخشاه قال : عكرمة رضي الله عنه فكان النساء يقولون : من شدة ما يرون
من حب النبي صلى الله عليه و سلم لزيد رضي الله عنه انه ابنه فأراد الله أمرا قال
الله فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها يا محمد لكي لا يكون على المؤمنين حرج في
أزواج أدعيائهم وأنزل الله ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم
النبيين فلما طلقها زيد تزوجها النبي صلى الله عليه و سلم فعذرها قالوا : لو كان
زيد بن رسول الله صلى الله عليه و سلم ما تزوج امرأة ابنه
وأخرج الحكيم الترمذي وابن جرير عن محمد بن عبد الله بن جحش قال :
(6/616)
تفاخرت
زينب وعائشة رضي الله عنهما فقالت زينب رضي الله عنها : أنا الذي نزل تزويجي من
السماء
وقالت عائشة رضي الله عنها : أنا نزل عذري من السماء في كتابه حين حملني ابن
المعطل على الراحلة
فقالت لها زينب رضي الله عنها : ما قلت حين ركبتيها ؟ قالت : قلت حسبي الله ونعم
الوكيل قال : قلت كلمة المؤمنين
وأخرج ابن جرير عن و رضي الله عنهما في قوله ما كان محمد أبا أحد من رجالكم قال :
نزلت في زيد بن حارثة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن علي بن الحسين رضي الله
عنه في قوله ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله قال : نزلت في زيد بن
حارثة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ما
كان محمد أبا أحد من رجالكم قال : نزلت في زيد رضي الله عنه أي أنه لم يكن بابنه
ولعمري لقد ولد له ذكور وانه لأبو القاسم وابراهيم والطيب والمطهر
وأخرج الترمذي عن الشعبي في قوله ما كان محمد أبا أحد من رجالكم قال : ما كان
ليعيش له فيكم ولد ذكر
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
في قوله ولكن رسول الله خاتم النبيين قال : آخر نبي
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله وخاتم النبيين قال : ختم الله النبيين بمحمد
صلى الله عليه و سلم وكان آخر من بعث
وأخرج أحمد ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " مثلي ومثل النبيين كمثل رجل بنى دارا فاتمها إلا لبنة واحدة فجئت أنا
فأتممت تلك اللبنة "
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل ابتنى
دارا فاكملها وأحسنها إلا موضع لبنة فكان من دخلها فنظر اليها قال : ما أحسنها !
إلا موضع اللبنة فأنا موضع اللبنة فختم بي الأنبياء "
(6/617)
وأخرج
أحمد والبخاري ومسلم والنسائي وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال " مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى دارا
بناء فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياها فجعل الناس يطوفون به
ويتعجبون له ويقولون : هلا وضعت هذه اللبنة ؟ فأنا اللبنة وأنا خاتم النبيين
"
وأخرج أحمد والترمذي وصححه عن أبي بن كعب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال " مثلي في النبيين كمثل رجل بنى دارا فاحسنها وأكملها وأجملها وترك
فيها موضع هذه اللبنة لم يضعها فجعل الناس يطوفون بالبنيان ويعجبون منه ويقولون :
لو تم موشع هذه اللبنة فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة "
وأخرج ابن مردويه عن ثوبان رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" انه سيكون في أمتي كذابون ثلاثون كلهم يزعم انه نبي وأنا خاتم النبيين لا
نبي بعدي "
وأخرج أحمد عن حذيفة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " في
أمتي كذابون ودجالون سبعة وعشرون منهم أربع نسوة واني خاتم النبيين لا نبي بعدي
"
وأخرج ابن أبي شيبه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قولوا خاتم النبيين ولا تقولوا
لا نبي بعده
وأخرج ابن أبي شيبه عن الشعبي رضي الله عنه قال : قال رجل عند المغيرة بن أبي شعبة
صلى الله على محمد خاتم الأنبياء لا نبي بعده فقال المغيرة : حسبك اذا قلت خاتم
الأنبياء فأنا كنا نحدث ان عيسى عليه السلام خارج فان هو خرج فقد كان قبله وبعده
وأخرج ابن الانباري في المصاحف عن أبي عبد الرحمن السلمي قال : كنت اقريء الحسن
والحسين فمر بي علي بن أبي طالب رضي الله عنه وانا اقرئهما فقال لي : اقرئهما
وخاتم النبيين بفتح التاء
والله الموفق
- قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في
(6/618)
قوله
اذكروا الله ذكرا كثيرا يقول : لا يفرض على عبادة فريضة إلا جعل لها حدا معلوما ثم
عذر أهلها في حال عذر غير الذكر فان الله تعالى لم يجعل له حدا ينتهي اليه ولم
يعذر أحدا في تركه إلا مغلوبا على عقله فقال : اذكروا الله قياما وقعودا وعلى
جنوبكم بالليل والنهار في البر والبحر في السفر والحضر في الغنى والفقر والصحة
والسقم والسر والعلانية وعلى كل حال وقد سبحوه بكرة وأصيلا فاذا فعلتم ذلك صلى
عليكم وهو وملائكته
قال الله تعالى هو الذي يصلي عليكم وملائكته
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل في قوله اذكروا الله ذكرا كثيرا قال : باللسان
بالتسبيح والتكبير والتهليل والتحميد واذكروه على كل حال وسبحوه بكرة وأصيلا يقول
: صلوا لله بكرة بالغداة وأصيلا بالعشى
وأخرج أحمد والترمذي والبيهقي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ان رسول الله صلى
الله عليه و سلم سئل " أي العباد أفضل درجة عند الله يوم القيامة ؟ قال :
الذاكرون الله كثيرا قلت يا رسول الله : ومن الغازي في سبيل الله ؟ قال : لو ضرب
بسيفه في الكفار والمشركين حتى ينكسر ويختضب دما لكان الذاكرون الله أفضل منه درجة
"
وأخرج أحمد ومسلم والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " سبق المفردون قالوا : وما المفردون يا رسول الله ؟ قال :
الذاكرون الله كثيرا "
وأخرج أحمد والطبراني عن معاذ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
" ان رجلا سأله فقال : أي المجاهدين أعظم أجرا ؟ قال : أكثرهم لله ذكرا قال :
فأي الصائمين أعظم أجرا ؟ قال : أكثرهم لله ذكرا
الصلاة والزكاة والحج والصدقة
كل ذلك ورسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : أكثرهم لله ذكرا فقال أبو بكر لعمر
رضي الله عنهما : يا أبا حفص ذهب الذاكرون بكل خير فقال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : أجل "
وأخرج ابن أبي شيبه وابن مردويه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : بينما نحن نسير
مع رسول الله صلى الله عليه و سلم بالدف بين حمدان قال " يا معاذ أين
السابقون ؟ قلت
(6/619)
مضى
ناس قال : اين السابقون الذين يستهترون بذكر الله ؟ من أحب ان يرتع في رياض الجنة
فليكثر ذكر الله "
وأخرج الطبراني عن أم أنس رضي الله عنها انها قالت " يا رسول الله أوصني قال
: اهجري المعاصي فانها أفضل الهجرة وحافظي على الفرائض فانها أفضل الجهاد واكثري
من ذكر الله فانك لا تأتين الله بشيء أحب الله بشيء أحب اليه من كثرة ذكره "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " من لم يكثر ذكر الله فقد برىء من الايمان "
وأخرج أحمد وأبو يعلى وابن حبان والحاكم وصححه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه ان
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " أكثروا ذكر الله حتى يقولوا : مجنون
"
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " اذكروا الله حتى يقول المنافقون : انكم مراؤون "
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن أبي الجوزاء رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " اكثروا من ذكر الله حتى يقول المنافقون :
انكم مراؤون "
- قوله تعالى : وسبحوه بكرة واصيلا
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه في قوله وسبحوه بكرة وأصيلا قال : صلاة الصبح وصلاة العصر
وأخرج أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" فيما يذكر عن ربه تبارك وتعالى اذكرني بعد الفجر وبعد العصر ساعة أكفك ما
بينهما "
وأخرج أحمد عن أبي امامة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
" لأن أقعد أذكر الله وأكبره وأحمده وأسبحه وأهلله حتى تطلع الشمس أحب الي من
أن أعتق رقبتين أو أكثر من ولد اسمعيل ومن بعد العصر حتى تغرب الشمس أحب الي من ان
أعتق أربع رقاب من ولد اسمعيل "
(6/620)
وأخرج
أحمد عن أبي الدرداء رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " لا
يدع رجل منكم ان يعمل لله ألف حسنه حين يصبح يقول : سبحان الله وبحمده مائة مرة
فانها ألف حسنة فانه لن يعمل ان شاء الله مثل ذلك في يومه من الذنوب ويكون ما عمل
من خير سوى ذلك وافرا "
وأخرج أحمد عن معاذ بن أنس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
" من قال سبحان الله العظيم نبت له غرس في الجنة "
وأخرج ابن مردويه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " من قال سبحان الله
العظيم نبت له غرس في الجنة "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " عليكم يقول سبحان الله وبحمده انهما القريبتان "
وأخرج ابن أبي شيبه عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" من قال سبحان الله العظيم غرس له نخلة أو سجرة في الجنة "
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجه وابن حبان عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من قال في يوم
مائة مرة سبحان الله وبحمده حطت خطاياه ولو كانت مثل زبد البحر "
وأخرج ابن أبي شيبه عن هلال بن يسار رضي الله عنه قال : كانت امرأة من همدان تسبح
وتحصيه بالحصى أو النوى فقال لها عبد الله : ألا أدلك على خير من ذلك ؟ تقولين :
الله أكبر كبيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا
وأخرج ابن أبي شيبه عن سعد رضي الله عنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه و
سلم فقال لنا " يعجز أحدكم ان يكسب في اليوم ألف حسنة ؟ فقال رجل كيف يكسب
أحدنا ألف حسنة ؟ قال : يسبح الله مائة تسبيحة فتكتب له ألف حسنة وتحط عنه ألف
خطيئة "
- قوله تعالى : هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان
بالمؤمنين رحيما
(6/621)
أخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال : لما نزلت ان الله وملائكته
يصلون على النبي قال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله ما أنزل الله عليك خيرا
إلا أشركنا فيه فنزلت هو الذي يصلي عليكم وملائكته
وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل عن سليم بن عامر رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى
أبي امامة فقال : اني رأيت في منامي ان الملائكة تصلي عليك كلما دخلت وكلما خرجت
وكلما قمت وكلما جلست قال : وأنتم لو شئتم صلت عليكم الملائكة ثم قرأ يا أيها
الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة وأصيلا
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله هو الذي يصلي عليكم
وملائكته قال : صلاة الله : ثناؤه
وصلاة الملائكة عليهم : الصلام الدعاء
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : صلاة الرب : الرحمة
وصلاة الملائكة : الاستغفار
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله هو الذي يصلي عليكم
وملائكته قال : الله يغفر لكم وتستغفر لكم ملائكته
وخ ابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه انه سئل عن قوله " اللهم صل على محمد
وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم " قال : أكرم الله أمة
محمد صلى الله عليه و سلم فصلى عليهم كما صلى على الأنبياء فقال هو الذي يصلي
عليكم وملائكته
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله هو
الذي يصلي عليكم قال : ان بني اسرائيل سألوا موسى عليه السلام هل يصلي ربك ؟ فكان
ذلك كبر في صدر موسى عليه السلام فأوحى الله اليه أخبرهم اني أصلي وأن صلاتي ان
رحمتي سبقت غضبي
وأخرج ابن أبي شيبه عن مصعب بن سعد رضي الله عنه قال : اذا قال العبد : سبحان الله
قالت الملائكة : وبحمده
واذ قال : سبحان الله وبحمده
صلوا عليه
(6/622)
وأخرج
عبد بن حميد عن شهر بن حوشب رضي الله عنه في الآية قال : قال بنو اسرائيل : يا
موسى سل لنا ربك هل يصلي ؟ فتعاظم عليه ذلك فقال " يا موسى ما يسألك قومك ؟
فأخبره قال : نعم
أخبرهم اني أصلي وان صلاتي ان رحمتي سبقت غضبي ولولا ذلك لهلكوا "
وأخرج ابن مردويه عن عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه في قوله هو الذي يصلي عليكم
وملائكته قال : صلاته على عباده " سبوح قدوس تغلب رحمتي غضبي "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " قلت لجبريل عليه السلام : هل
يصلي ربك ؟ قال : نعم
قلت : وما صلاته ؟ قال : سبوح قدوس سبقت رحمتي غضبي "
- قوله تعالى : تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعد لهم أجرا كريما
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله تحيتهم يوم يلقونه سلام تحية أهل الجنة : السلام وأعدلهم أجرا كريما أي الجنة
وأخرج ابن أبي شيبه في المصنف وابن أبي الدنيا في ذكر الموت عبد بن حميد وأبو يعلى
وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب
الايمان عن البراء بن عازب رضي الله عنه في قوله تحيتهم يوم يلقونه سلام قال : يوم
يلقون ملك الموت ليس من مؤمن يقبض روحه إلا سلم عليه
وأخرج المروزي في الجنائز وابن أبي الدنيا وأبو الشيخ عن ابن مسعود رضي الله عنه
قال : اذا جاء ملك الموت ليقبض روح المؤمن قال : ربك يقرئك السلام
(6/623)
-
قوله تعالى : يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وداعيا إلى الله
بإذنه وسراجا منيرا وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا ولا تطع الكافرين
والمنافقين ودع أذاهم وتوكل على الله وكفى بالله وكيلا
أخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والخطيب وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : لما نزلت يا أيها النبي أنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وقد كان أمر
عليا ومعاذ ان يسيرا إلى اليمن فقال " انطلقا فبشرا ولا تنفرا ويسرا ولا
تعسرا فانه قد أنزل علي يا أيها النبي أنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا قال :
شاهدا على أمتك ومبشرا بالجنة ونذيرا من النار وداعيا إلى شهادة لا إله إلا الله
بإذنه وسراجا منيرا بالقرآن "
وأخرج أحمد والبخاري وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن عطاء بن يسار رضي الله
عنه قال : لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص فقلت : أخبرني عن صفة رسول الله صلى
الله عليه و سلم في التوراة قال : أجل والله انه لموصوف في التوراة ببعض صفته في
القرآن يا أيها النبي أنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا وحرزا للأميين أنت عبدي
ورسولي سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ ولا سخاب في الاسواق ولا تجزىء بالسيئة
السيئة ولكن تعفو وتصفح
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن العرباض بن سارية رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول " اني عبد الله وخاتم النبيين وأبي منجدل في طينته
وأخبركم عن ذلك أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة عيسى ورؤيا أمي التي رأت وكذلك أمهات
النبيين يرين وان أم رسول الله صلى الله عليه و سلم رأت حين وضعته نورا أضاءت لها
قصور السام
ثم تلا يا أيها النبي أنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا إلى قوله منيرا
وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن البصري قالا : لما نزلت " ليغفر لك الله ما
تقدم من ذنبك وما تأخر " الفتح الآية 2 قالوا : يا رسول الله قد علمنا ما
يفعل بك فماذا
(6/624)
يفعل
بنا ؟ فأنزل الله وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا قال : الفضل الكبير :
الجنة
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : اجتمع عتبة
وشيبة
وأبو جهل
وغيرهم فقالوا : أسقط السماء علينا كسفا أو ائتنا بعذاب أو امطر علينا حجارة من
السماء
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ما ذاك الي
إنما بعثت اليكم داعيا ومبشرا ونذيرا "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله يا أيها
النبي أنا أرسلناك شاهدا قال : على أمتك بالبلاغ ومبشرا بالجنة ونذيرا من النار
وداعيا إلى الله إلى الشهادة أن لا إله إلا الله بإذنه قال : بأمره وسراجا منيرا
قال : كتاب الله يدعوهم اليه وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا وهي الجنة
ولا تطع الكافرين والمنافقين ودع أذاهم قال : اصبر على أذاهم
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ودع أذاهم قال : اعرض عنهم
- قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل أن
تمسوهن فما لكم عليهن من عدة تعتدونها فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله اذا نكحتم المؤمنات
الآية
قال : هذا في الرجل
يتزوج المرأة ثم يطلقها من قبل أن يمسها فاذا طلقها واحدة بانت منه لا عدة عليها
تتزوج من شاءت ثم قال فمتعوهن وسرحوهن سراحا جميلا يقول : ان كان سمي لها صداقا
فليس لها إلا النصف وان لم يكن سمي لها صداقا متعها على قدر عسره ويسره وهو السراح
الجميل
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : التي نكحت ولم
(6/625)
يبن
بها ولم يفرض لها فليس لها صداق وليس عليها عدة
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله اذا نكحتم المؤمنات ثم
طلقتموهن
قال : هي منسوخة نسختها الآية التي في البقرة فنصف ما فرضتم البقرة الآية 237
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه يا أيها الذين آمنوا اذا نكحتم
المؤمنات إلى قوله فمتعوهن قال : هي منسوخة
نسختها الآية التي في البقرة وان طلقتموهن من قبل ان تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة
فنص ما فرضتم البقرةن الآية 237 فصار لها نصف الصداق ولا متاع لها
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه عن أبي العالية رضي الله عنه قالا : ليست
بمنسوخة لها نصف الصداق ولها المتاع
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال : لكل مطلقة متاع
دخل أو لم يدخل بها فرض لها أو لم يفرض لها
وأخرج عبد بن حميد عن حسين بن ثابت رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى علي بن حسين
فسأله عن رجل قال : ان تزوجت فلانة فهي طالق قال : ليس بشيء
بدأ الله بالنكاح قبل الطلاق فقال يا أيها الذين آمنوا اذا نكحتم المؤمنات ثم
طلقتموهن
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : سئل ابن عباس رضي الله
عنهما عن رجل يقول : ان تزوجت فلانة فهي طالق
قال : ليس بشيء
إنما الطلاق لمن يملك
قال ابن مسعود رضي الله عنه : كان يقول : اذا وقت وقتا فهو كما قال
قال : رحم الله أبا عبد الرحمن لو كان كما قال : لقال الله يا أيها الذين آمنوا
اذا طلقتم النساء ثم نكحتموهن ولكن إنما قال اذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن ابن جريج رضي الله عنه قال : بلغ ابن عباس رضي الله
عنهما : أن ابن مسعود يقول : إن طلق ما لم ينكح فهو جائز فقال ابن عباس رضي الله
عنهما : أخطأ في هذا
ان الله تعالى يقول اذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن ولم يقل اذا
طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن
(6/626)
وأخرج
ابن أبي حاتم والحاكم وصححه من طريق طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه تلا يا
أيها الذين آمنوا اذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن قال : فلا يكون
طلاق حتى يكون نكاح
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما
أنه قال : اذا قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق أو أن تزوجت فلانة فهي طالق فليس
لشيء إنما الطلاق لمن يملك من أجل أن الله يقول اذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن
وأخرج البيهقي في السنن من طريق عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال : ما قالها ابن مسعود وان يكن قالها فزلة من عالم في الرجل يقول : ان تزوجت
فلانة فهي طالق
قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا اذا نكحتم المؤمنات ولم يقل اذا طلقتم
المؤمنات ثم نكحتموهن
وأخرج الحاكم وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال لا طلاق إلا بعد نكاح ولا عتق إلا بعد ملك
وأخرج عبد الرزاق وأبو داود والنسائي وابن مردويه عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا طلاق فيما لا تملك ولا بيع
فيما لا تملك ولا وفاء نذر فيما لا تملكن ولا نذر إلا فيما ابتغى وجه الله تعالى
ومن حلف على معصية فلا يمين له ومن حلف على قطيعة رحم فلا يمين له "
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول " لا طلاق فيما لا تملك ولا عتق فيما لا تملك "
وأخرج ابن ماجه وابن مردوية عن المسور بن محرمة رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال " لا طلاق قبل نكاح ولا عتق قبل ملك "
- قوله تعالى : يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك الاتي أتيت أجورهن وما ملكت
يمينك مما أفاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي
هاجرن معك وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن
(6/627)
أراد
النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم
وما ملكت أيمانهم لكيلا يكون عليك حرج وكان الله غفورا رحيما
أخرج ابن سعد وابن راهويه وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم
والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي عن أم هانىء بنت أبي طالب رضي الله
عنها قالت : خطبني رسول الله صلى الله عليه و سلم فاعتذرت اليه فعذرني فأنزل الله
يا أيها النبي انا أحللنا لك أزواجك إلى قوله هاجرن معك قالت : فلم أكن أحل له
لأني لم أهاجر معه كنت من الطلقاء
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من وجه آخر عن أم هانىء رضي الله عنها قالت نزلت
في هذه الآية وبنات عماتك اللاتي هاجرن معك فاراد النبي صلى الله عليه و سلم ان
يتزوجني فنهى عني اذ لم أهاجر
وأخرج ابن سعد عن أبي صالح مولى أم هانىء قال : خطب رسول الله صلى الله عليه و سلم
أم هانىء بنت أبي طالب فقالت : يا رسول الله اني مؤتمة وبني صغار فلما أدرك بنوها
عرضت عليه نفسها فقال : الآن فلا
ان الله تعالى أنزل علي يا أيها النبي انا أحللنا لك أزواجك إلى هاجرن معك ولم تكن
من المهاجرات
وأخرج ابن جرير وابن مردوية عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله يا أيها النبي انا
أحللنا لك أزواجك إلى قوله خالصة لك من دون المؤمنين قال : فحرم الله عليه سوى ذلك
من النساء وكان قبل ذلك ينكح في أي النساء شاء لم يحرم ذلك عليه وكان نساؤه يجدن
من ذلك وجدا شديدا ان ينكح في أي النساء أحب فلما أنزل الله عليه
اني قد حرمت عليك من النساء سوى ما قصصت عليك أعجب ذلك نساءه
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله انا أحللنا لك أزواج قال : هن أزواجه الاول اللاتي كن قبل ان
تنزل هذه الآية في قوله اللاتي آتيت أجورهن قال : صدقاتهن
(6/628)
وما
ملكت يمينك قال : هي الاماء التي أفاء الله عليه
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه في الآية قال : رخص له في بنات عمه وبنات
عماته وبنات خاله وبنات خالاته اللاتي هاجرن معه ان يتزوج منهن ولا يتزوج من غيرهن
ورخص له في امرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ان وهبت نفسها
للنبي قال : بغير صداق أحل له ذلك ولم يكن ذلك احل له إلا خالصة لك من دون
المؤمنين قال : خاصة للنبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردوية والبيهقي في السنن عن عائشة رضي الله عنها قالت :
التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه و سلم
خولة بنت حكيم
وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن أبي شيبه وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن
المنذر والبيهقي وابن أبي حاتم وابن مردوية عن عروة رضي الله عنه : ان خولة بنت
حكيم بن الأقوص كانت من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن سعد عن عكرمة رضي الله عنه في قوله وامرأة مؤمنة
قال : نزلت في أم شريك الدوسية
وأخرج ابن سعد عن منير بن عبد الله الدوسي
أن أم شريك غزية بنت جابر بن حكيم الدوسية عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه و
سلم وكانت جميلة فقبلها فقالت عائشة رضي الله عنها : ما في امرأة حين وهبت نفسها
لرجل خير قالت أم شريك رضي الله عنها : فانا تلك فسماها الله تعالى مؤمنة فقال
وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي فلما نزلت هذه الآية قالت عائشة رضي الله عنها :
ان الله يسارع لك في هواك
وأخرج ابن أبي شيبه وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب وعمر بن الحكم وعبد الله بن
عبيدة قالوا : تزوج رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاث عشرة امرأة
ست من قريش خديجة
وعائشة
وحفصة
وأم حبيبة
وسودة
وأم سلمة وثلاث من بني عامر بن صعصعة وامرأتين من بني هلال
ميمونة بنت الحرث وهي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه و سلم
وزينب أم المساكين وهي التي اختارت الدنيا
وامرأة من بني
(6/629)
الحارث
وهي التي اتسعاذت منه
وزينب بنت جحش الأسدية
والسبيتين صفية بنت حيي
وجويرية بنت الحارث الخزاعية
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني عن علي
بن الحسين رضي الله عنه في قوله وامرأة مؤمنة هي أم شريك الازدية التي وهبت نفسها
للنبي صلى الله عليه و سلم
وخ ابن سعد عن ابن أبي عون : ان ليلى بنت الحطيم وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه و
سلم ووهبن نساء أنفسهن فلم نسمع ان النبي صلى الله عليه و سلم قبل منهن أحدا
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير عن الشعبي : انها امرأة من الأنصار وهبت نفسها للنبي
صلى الله عليه و سلم وهي مما أرجا
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في السنن عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال : لم يكن عند رسول الله صلى الله عليه و سلم امرأة وهبت
نفسها له
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي
عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : لا تحل الهبة لأحد بعد رسول الله صلى الله
عليه و سلم
وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الزهري وابراهيم النخعي
رضي الله عنهما في قوله خالصة لك من دون المؤمنين قالا : لا تحل الهبة لأحد بعد
رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي شيبه عن طاوس رضي الله عنه قال : لا يحل لأحد ان يهب ابنته بغير مهر
إلا للنبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي شيبه عن مكحول والزهري قالا : لم تحل الموهوبة لأحد بعد رسول الله
صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن ابن شهاب رضي الله عنه قال : لا يحل لرجل ان يهب
ابنته بغير صداق قد جعل الله ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم خاصة دون المؤمنين
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبه وعبد بن حميد عن عطاء رضي الله عنه في امرأة وهبت
نفسها لرجل قال : لا يصلح إلا بالصداق لم يكن ذلك إلا للنبي صلى الله عليه و سلم
(6/630)
وأخرج
البخاري وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله
عليه و سلم فقالت : يا نبي الله هل لك في حاجة ؟ فقالت ابنة أنس : ما كان أقل
حياءها فقال " هي خير منك رغبت في النبي صلى الله عليه و سلم فعرضت نفسها
عليه "
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عروة رضي
الله عنه قال : كنا نتحدث ان أم شريك رضي الله عنهما كانت ممن وهبت نفسها للنبي
صلى الله عليه و سلم وكانت امرأة صالحة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي قال
: هي ميمونة بنت الحرث
وأخرج عبد الرزاق وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال :
وهبت ميمونة بنت الحرث نفسها للنبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج مالك وعبد الرزاق وأحمد والخباري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن
المنذر وابن مردوية عن سهل بن سعد الساعدي : ان امرأة جاءت إلى النبي صلى الله
عليه و سلم فوهبت نفسها له فصمت فقال رجل : يا رسول الله زوجنيها ان لم يكن لك بها
حاجة قال " ما عندك تعطيها ؟ قال : ما عندي إلا ازاري قال : ان أعطيتها ازارك
جلست لا ازار لك فالتمس شيئا قال : ما أجد شيئا فقال : قد زوجناكها بما معك من
القرآن "
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله ان وهبت نفسها للنبي
قال : فعلت ولم يفعل
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله خالصة لك من دون
المؤمنين قال : لا تحل الموهوبة لغيرك ولو ان امرأة وهبت نفسها لرجل لم تحل له حتى
يعطيها شيئا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله خالصة لك من دون
المؤمنين يقول : ليس لأمرأة أن تهب نفسها لرجل بغير ولي ولا مهر إلا للنبي صلى
الله عليه و سلم كانت خاصة له صلى الله عليه و سلم من دون الناس يزعمون أنها نزلت
في ميمونة بنت الحارث
هي التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه و سلم
(6/631)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله
قد علمنا ما فرضنا عليهم
قال : فرض الله أن لا تنكح امرأة إلا بولي وصداق وشهداء ولا ينكح الرجل إلا أربعا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله قد علمنا ما فرضنا عليهم في أزواجهم قال : لا يجاوز الرجل أربع نسوة
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله قد علمنا ما فرضنا عليهم في
أزواجهم قال : فرض عليهم أنه لا نكاح إلا بولي وشاهدين
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله قد علمنا ما فرضنا عليهم في
أزواجهم قال : فرض عليهم أن لا نكاح إلا بولي وشاهدين ومهر
وأخرج ابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله لكيلا يكون عليك حرج قال : جعله
الله تعالى في حل من ذلك وكان نبي الله صلى الله عليه و سلم يقسم
وأخرج ابن أبي شيبه عن الشعبي أنه قيل له : ان أبا موسى نهى حين فتح تستر أن لا
توطأ الحبالى ولا يشارك المشركون في أولادهم فان الماء يزيد في الولد أشيء قاله
برأيه أو شيء رواه عن النبي صلى الله عليه و سلم ؟ فقال : نهى رسول الله صلى الله
عليه و سلم يوم أوطاس أن توطأ حامل حتى تضع أو حائل حتى تستبرأ
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد والطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال " ليس منا من وطئ حبلى " وأخرج ابن أبي شيبه والدار قطني
وأبو داود وابن منيع والبغوي والباوردي وابن قانع والبيهقي والضياء عن أبي مورق
مولى نجيب قال : غزونا مع رويفع بن ثابت الانصاري نحو المغرب ففتحنا قرية يقال لها
: جربة
فقام فينا خطيبا فقال : اني لا أقول لكم إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه و
سلم قام فينا يوم خيبر قال " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يسقين ماءه
زرع غيره "
وأخرج ابن أبي شيبه عن الحسن رضي الله عنه قال : لما فتح تستر أصاب أبو موسى سبايا
فكتب اليه عمر رضي الله عنه : أن لا يقع أحد على امرأة حبلى حتى تضع ولا تشاركوا
المشركين في أولادهم فان الماء تمام الولد
(6/632)
وأخرج
ابن أبي شيبه عن علي رضي الله عنه قال " نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم
أن توطأ الحامل حتى تضع والحائل حتى تستبرأ بحيضة "
وأخرج ابن أبي شيبه عن طاوس " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أمر مناديا
في غزوة غزاها : لا يطأ الرجل حاملا حتى تضع ولا حائلا حتى تحيض "
وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي أمامة رضي الله عنه " ان رسول الله صلى الله عليه
و سلم نهى يوم خيبر ان لا توطأ الحبالى حتى يضعن "
- قوله تعالى : ترجي من تشاء منهن وتؤوي إليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا
جناح عليك ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيناهن كلهن والله يعلم ما
في قلوبكم وكان الله عليما حكيما
أخرج ابن جرير عن ابن عباس ترجي من تشاء يقول : تؤخر
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله ترجي من تشاء منهن قال : أمهات
المؤمنين وتؤوي يعني نساء النبي صلى الله عليه و سلم ويعني بالارجاء يقول : من شئت
خليت سبيله منهن ويعني بالايواء يقول : من أحببت أمسكت منهن
وقوله ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك ذلك أدنى أن تقرأ عينهن ولا يحزن ويرضين
بما آتيتهن كلهن يعني بذلك النساء اللاتي أحلهن الله له من بنات العمة والخال
والخالة وقوله اللاتي هاجرن معك يقول : ان مات من نسائك التي عندك أحد أو خليت
سبيلها قد أحللت لك مكان من مات من نسائك اللاتي كن عندك أو خليت سبيلها فقد أحللت
لك أن تستبدل من اللاتي أحللت لك ولا يصلح لك ان تزد على عدة نسائك اللاتي عندك
شيئا
وخ ابن مردويه عن مجاهد قال : كان للنبي صلى الله عليه و سلم تسع نسوة فخشينا ان
يطلقهن فقلن : يا رسول الله اقسم لنا من نفسك ومالك وما شئت ولا تطلقنا فانزل الله
ترجى من تشاء منهن وتؤوي اليك من تشاء إلى آخر الآية
قال : وكان المؤويات خمسة : عائشة
وحفصة
وأم سلمة
وزينب
وأم حبيبة
والمرجآت أربعة : جويرية
وميمونة
وسودة
وصفية
(6/633)
وأخرج
ابن مردويه عن سعيد بن المسيب عن خولة بنت حكيم قال : وكان رسول الله صلى الله
عليه و سلم تزوجها فارجأها فيمن أرجا من نسائه
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم
موسعا عليه في قسم أزواجه يقسم بينهن كيف شاء وذلك قوله الله ذلك أدنى أن تقر
أعينهن اذا علمن ان ذلك من الله
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم موسعا عليه في قسم أزواجه أن يقسم بينهن كيف شاء فلذلك قال الله
ذلك أدنى أن تقرأ أعينهن اذا علمن ان ذلك من الله
وأخرج عبد بن حميد عن الشعبي
ان امرأة من الانصار وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه و سلم وكانت فيمن أرجىء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم اذا
خطب امرأة لم يكن لرجل ان يخطبها حتى يتزوجها أو يتركها
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن جرير عن الحسن وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة
قالت : كنت أغار من اللاتي وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه و سلم وأقول :
كيف تهب نفسها ؟ فلما أنزل الله ترجي من تشاء منهن وتؤوي اليك من تشاء ومن ابتغيت
ممن عزلت فلا جناح عليك قلت : ما أرى ربك إلا يسارع في هواك
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن ماجه وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه
عن عائشة رضي الله عنها انها كانت تقول : أما تستحي المرأة أن تهب نفسها للرجل !
فانزل الله في نساء النبي صلى الله عليه و سلم ترجي من تشاء منهن وتؤوي اليك من
تشاء فقال عائشة رضي الله عنها : أرى ربك يسارع في هواك
وأخرج ابن سعد عن عائشة رضي الله عنها قالت : لما نزلت ترجي من تشاء منهن قلت : ان
الله يسارع لك فيما تريد
وأخرج ابن سعد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في السنن عن الشعبي رضي الله
عنه قال : كن وهبن أنفسهن لرسول الله صلى الله عليه و سلم فدخل ببعضهن وارجأ بعضهن
فلم يقربن حتى توفي ولم ينكحن بعده
منهن أم شريك فذلك قوله
(6/634)
ترجي
من تشاء منهن وتؤوي اليك من تشاء
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
أبي زيد رضي الله عنه قال : هم رسول الله صلى الله عليه و سلم ان يطلق من نسائه
فلما رأين ذلك أتينه فقلن : لا تخل سبيلنا وأنت في حل فيما بيننا وبينك افرض لنا
من نفسك ومالك ما شئتن فانزل الله ترجي من تشاء منهن نسوة يقول : تعزل من تشاء
فارجأ منهن وآوى نسوة وكان ممن أرجى ميمونة
وجويرية
وأم حبيبة
وصفية
وسودة
وكان يقسم بينهن من نفسه وماله ما شاء وكان ممن آوى عائشة
وحفصة
وأم سلمة
وزينب
فكانت قسمته من نفسه وماله بينهن سواء
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن شهاب رضي الله عنه في قوله ترجي من تشاء قال : هذا أمر
جعله الله إلى نبيه صلى الله عليه و سلم في تأديبه نساءه لكي يكون ذلك أقر لاعينهن
وأرضى في عيشتهن ولم نعلم رسول الله صلى الله عليه و سلم أرجأ منهن شيئا ولا عزله
بعد أن خيرهن فاخترنه
وأخرج ابن سعد عن ثعلبة بن مالك رضي الله عنه قال : هم رسول الله صلى الله عليه و
سلم ان يطلق بعض نسائهن فجعلنه في حل فنزلت ترجي من تشاء منهن وتؤوي اليك من تشاء
وأخرج الفريابي وابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
مجاهد رضي الله عنه في قوله ترجي من تشاء منهن قال : تعتزل من تشاء منهن لا تأتيه
بغير طلاق وتؤوي اليك من تشاء قال : ترده اليك ومن ابتغيت ممن عزلت أن تؤويه اليك
ان شئت
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما
ترجي قال : تؤخر
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : لم يكن النبي صلى الله عليه و سلم
يطلق كان يعتزل
وأخرج البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن
عائشة رضي الله عنها : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يستأذن في يوم المرأة
منا بعد ان أنزلت هذه الآية ترجي من تشاء منهن فقلت لها : ما كنت تقولين ؟
(6/635)
قالت
: كنت أقول له : ان كان ذاك الي فاني لا أريد ان أوثر عليك أحدا
- قوله تعالى : لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن
إلا ما ملكت يمينك وكان الله على كل شيء رقيبا
أخرج الفريابي والدارمي وابن سعد وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والضياء في المختارة عن زياد رضي الله عنه
قال : قلت لأبي رضي الله عنه : أرأيت لو أن ازواج النبي صلى الله عليه و سلم متن
أما يحل له أن يتزوج ؟ قال : وما يمنعه من ذلك ! قلت : قوله لا تحل لك النساء من
بعد فقال : انما أحل له ضربا من النساء ووصف له صفة فقال يا أيها النبي انا أحللنا
لك أزواجك الأحزاب الآية 50 إلى قوله وامرأة مؤمنة ثم قال لا تحل لك النساء من بعد
هذه الصفة
وأخرج عبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردوية عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال " نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن أصناف
النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات قال لا تحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل
بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك فاحل له الفتيات المؤمنات وامرأة
مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي الأحزاب الآية 50 وحرم كل ذات دين إلا الإسلام وقال يا
أيها النبي انا أحللنا أزواجك الأحزاب الآية 50 إلى قوله خالصة لك من دون المؤمنين
وحرم ما سوى ذلك من أصناف النساء "
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : كان عكرمة رضي
الله عنه يقول لا تحل لك النساء من بعد هؤلاء التي سمى الله تعالى له إلا بنات عمك
وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك
وأخرج الفريابي وأبو داود وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه لا تحل لك النساء من بعد
ما بينت لك من هذه الاصناف بنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك وامرأة
مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي فاحل له من هذه الاصناف ان ينكح ما شاء
(6/636)
وأخرج
سعيد بن منصور وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه لا تحل لك النساء من بعد يهوديات ولا نصرانيات لا ينبغي ان يكن أمهات
المؤمنين إلا ما ملكت يمينك قال : هي اليهوديات والنصرانيات لا بأس أن يشتريها
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله لا تحل لك النساء من بعد
قال : يهودية ولا نصرانيه
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس لا تحل لك النساء من بعد قال : " نهى رسول الله
صلى الله عليه و سلم أن يتزوج بعد نسائه الاول شيئا "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله لا تحل لك النساء من بعد ولا
أن تبدل بهن من أزواج قال : حبسه الله عليهن كما حبسهن عليه
وأخرج أبو داود في ناسخه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أنس رضي الله عنه قال :
لما خيرهن الله فاخترن الله ورسوله قصره عليهن فقال لا تحل لك النساء من بعد
وأخرج ابن سعد عن عكرمة قال : لما خير رسول الله صلى الله عليه و سلم أزواجه اخترن
الله ورسوله فانزل الله لا تحل لك النساء من بعد هؤلاء التسع التي اخترنك فقد حرم
عليك تزويج غيرهن
وأخرج ابن سعد وابن أبي حاتم عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : لم يمت رسول الله
صلى الله عليه و سلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم وذلك
قول الله ترجي من تشاء منهن وتؤوي اليك من تشاء
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه والترمذي وصححه
والنسائي وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي من طريق عطاء
عن عائشة رضي الله عنها قالت : لم يمت رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى أحل الله
له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم لقوله ترجي من تشاء منهن وتؤوي اليك من
تشاء
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس
مثله
وأخرج ابن سعد عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام في قوله
(6/637)
لا
تحل لك النساء من بعد قال : حبس رسول الله صلى الله عليه و سلم على نسائه فلم
يتزوج بعدهن
وأخرج ابن سعد عن سليمان بن يسار رضي الله عنه قال : لما تزوج رسول الله صلى الله
عليه و سلم الكندية وبعث في العامريات ووهبت له أم شريك رضي الله عنها نفسها قالت
أزواجه : لئن تزوج النبي صلى الله عليه و سلم الغرائب ماله فينا من حاجة فانزل
الله تعالى حبس النبي صلى الله عليه و سلم على أزواجه وأحل له من بنات العم والعمة
والخال والخالة ممن هاجر ما شاء وحرم عليه ما سوى ذلك إلا ما ملكت اليمين غير
المرأة المؤمنة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه و سلم وهي أم شريك
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن أبي ذر رضي الله عنه لا تحل لك النساء من بعد قال : من المشركات إلا ما سبيت
فملكته يمينك
وأخرج البزار وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان البدل في الجاهلية
ان يقول الرجل : تنزل لي عن امرأتك وأنزل لك من امرأتي ؟ فانزل الله ولا ان تبدل
بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن قال : فدخل عيينة بن حصن الفزاري على النبي صلى الله
عليه و سلم وعنده عائشة بلا اذن فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أين
الاستئذان ؟ قال : يا رسول الله ما استأذنت على رجل من الانصار منذ أدركت ثم قال :
من هذه الحميراء إلى جنبك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : هذه عائشة أم
المؤمنين قال : أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق ؟ قال : يا عيينة ان الله حرم ذلك
فلما ان خرج قالت عائشة رضي الله عنها : من هذا ؟ قال : أحمق مطاع وانه على ما ترين
لسيد في قومه "
وأخرج ابن المنذر عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله ولا ان تبد بهن من أزواج
قال : كانوا في الجاهلية يقول الرجل للرجل الآخر وله امرأة جميلة : تبادل امرأتي
بامرأتك وأزيدك إلى ما ملكت يمينك ؟ وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر
وابن أبي حاتم عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه في قوله ولا ان تبدل بهن من أزواج
قال : ذلك لو طلقهن لم
(6/638)
يحل
له ان يستبدل وقد كان ينكح بعد ما نزلت هذه الآية ما شاء قال : ونزلت وتحته تسع
نسوة ثم تزوج بعد أم حبيبة رضي الله عنها بنت أبي سفيان وجويرية بنت الحارث
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق علي بن زيد عن الحسن رضي
الله عنه في قوله ولا ان تبدل بهن من أزواج قال : قصره الله على نسائه التسع
اللاتي مات عنهن قال علي : فاخبرت علي بن الحسين رضي الله عنه فقال : لو شاء تزوج
غيرهن ولفظ عبد بن حميد فقال : بل كان له أيضا ان يتزوج غيرهن
وأخرج عبد بن حميد عن أنس بن مالك قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم
نزلت هذه الآية ولا ان تبدل بهن من أزواج قال : كان يومئذ يتزوج ما شاء
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه وكان الله على كل شيء رقيبا أي حفيظا
- قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلى
طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا فإذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين
لحديث إن ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق وإذا سألتموهن
متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن وما كان لكم أن تؤذوا رسول
الله ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا إن ذلكم كان عند الله عظيما إن تبدوا شيئا
أو تخفوه فإن الله بكل شيء عليما
أخرج البخاري وابن جرير وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : قال عمر بن الخطاب
رضي الله عنه : يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين
بالحجاب فانزل الله آية الحجاب
(6/639)
وأخرج
أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
وابن مردويه والبيهقي في سننه من طرق عن أنس رضي الله عنه قال : " لما تزوج
رسول الله صلى الله عليه و سلم زينب بنت جحش رضي الله عنها دعا القوم فطعموا ثم
جلسوا يتحدثون واذا هو كأنه يتهيأ للقيام فلم يقوموا فلما رأى ذلك قام فلما قام
قام من قام وقعد ثلاثة نفر فجاء النبي صلى الله عليه و سلم ليدخل فاذا القوم جلوس
ثم انهم قاموا فانطلقت فجئت فاخبرت النبي صلى الله عليه و سلم انهم قد انطلقوا
فجاء حتى دخل فذهبت أدخل فالقى الحجاب بيني وبينه فانزل الله تعالى يا أيها الذين
آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي
"
وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال
" كنت مع النبي صلى الله عليه و سلم فاتى باب امرأة عرس بها فاذا عندها قوم
فانطلق فقضى حاجته فرجع وقد خرجوا فدخل وقد أرخى بيني وبينه سترا فذكرته لابي طلحة
فقال : لئن كان كما تقول لينزلن في هذا شيء
فنزلت آية الحجاب "
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن أنس رضي الله
عنه قال " كنت أدخل على رسول الله صلى الله عليه و سلم بغير اذن فجئت يوما
لادخل فقال علي : مكانك يا بني انه قد حدث بعدك أمر لا تدخل علينا إلا بإذن "
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال "
دخل رجل على النبي صلى الله عليه و سلم فاطال الجلوس فقام النبي صلى الله عليه و
سلم مرارا كي يتبعه ويقوم فلم يفعل فدخل عمر رضي الله عنه فرأى الرجل وعرف
الكراهية في وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم فنظر إلى الرجل المقعد فقال : لعلك
آذيت النبي صلى الله عليه و سلم ففطن الرجل فقام فقال النبي صلى الله عليه و سلم :
لقد قمت مرارا كي يتبعني فلم يفعل فقال عمر رضي الله عنه : لو اتخذت حجابا فان
نساءك لسن كسائر النساء وهو أطهر لقلوبهن
فأنزل الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي
فارسل إلى عمر رضي الله عنه فاخبره بذلك "
وأخرج النسائي وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند صحيح عن عائشة
(6/640)
رضي
الله عنها قالت : كنت آكل مع النبي صلى الله عليه و سلم طعاما في قعب فمر عمر
فدعاه فأكل فاصابت أصبعه أصبعي فقال عمر : أوه لو أطاع فيكن ما رأتكن عين
فنزلت آية الحجاب
وأخرج ابن سعد عن ابن عباس قال : نزل حجاب رسول الله في عمر
أكل مع النبي طعاما فاصاب يده بعض أيدي نساء النبي صلى الله عليه و سلم فأمر
بالحجاب
وأخرج ابن سعد وابن جرير وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : ما بقي أحد أعلم
بالحجاب مني ولقد سألني أبي بن كعب رضي الله عنه فقلت : نزل في زينب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله يا أيها الذين آمنوا
لا تدخلوا بيوت النبي إلى قوله غير ناظرين اناه قال : غير متحينين طعامه ولكن اذا
دعيتم فادخلوا فاذا طعمتم فانتشروا قال : كان هذا في بيت أم سلمة رضي الله عنها
أكلوا ثم أطالوا الحديث فجعل النبي صلى الله عليه و سلم يخرج ويدخل
ويستحي منهم والله لا يستحي من الحق واذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب
قال : بلغنا انهم أمرو بالحجاب عند ذلك لا جناح عليهن في آبائهن قال : فرخص لهن ان
لا يحتجبن من هؤلاء
وأخرج عبد بن حميد عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال : كانوا يجيئون فيدخلون بيت
النبي صلى الله عليه و سلم فيجلسون فيتحدثون ليدرك الطعام فأنزل الله تعالى يا
أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا ان يؤذن لكم إلى طعام غير ناظريه اناه
ليدرك الطعام ولا مستأنسين لحديث ولا تجلسوا فتحدثوا
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن
قوله غير ناظرين اناه قال : الانا : النضيج
يعني اذا أدرك الطعام قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر : ينعم ذاك الانا الغبيك كما ينعم غرب المحالة الجمل وأخرج
ابن جرير عن مجاهد " ان رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يطعم ومعه بعض
أصحابه فاصابت يد رجل منهم يد عائشة رضي الله عنها فكره ذلك النبي صلى الله عليه و
سلم فنزلت آية الحجاب "
(6/641)
وأخرج
ابن جرير عن عائشة رضي الله عنها
ان أزواج النبي صلى الله عليه و سلم كن يخرجن بالليل اذا برزن إلى المناصع ! وهو
صعيد فيح
وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول للنبي صلى الله عليه و سلم : أحجب نساءك فلم
يكن رسول الله صلى الله عليه و سلم يفعل فخرجت سودة رضي الله عنها بنت زمعة ليلة
من الليالي عشاء وكانت امرأة طويلة فناداها عمر رضي الله عنه بصوته إلا قد عرفناك
يا سودة حرصا على أن ينزل الحجاب فانزل الله تعالى الحجاب
قال الله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد رضي الله عنه في قوله غير ناظرين اناه قال : غير متحينين نضجه ولا
مستأنسين لحديث بعد ان تأكلوا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله اناه قال : نضجه
وأخرج ابن أبي حاتم عن سليمان بن أرقم رضي الله عنه في قوله ولا مستأنسين لحديث
قال : نزلت في الثقلاء
وأخرج الخطيب عن أنس رضي الله عنه قال : كانوا اذا طعموا جلسوا عند النبي صلى الله
عليه و سلم رجاء ان يجيء شيء فنزلت فاذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله واذا
سألتموهن متاعا قال : أزواج النبي صلى الله عليه و سلم عليهن الحجاب
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله واذا سألتموهن متاعا قال : حاجة
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : فضل الناس عمر بن الخطاب رضي
الله عنه بأربع
بذكره الاسارى يوم بدر أمر بقتلهم فانزل الله لولا كتاب من الله سبق
الأنفال الآية 68
وبذكره الحجاب أمر نساء النبي صلى الله عليه و سلم ان
(6/642)
يحتجبن
فقالت له زينب رضي الله عنها : وانك لتغار علينا يا ابن الخطاب والوحي ينزل في
بيوتنا
فأنزل الله واذا سألتموهن متاعا
وبدعوة النبي صلى الله عليه و سلم " اللهم أيد الإسلام بعمر "
وبرأيه في ابي بكر كان أول الناس بايعه
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم اذا نهض إلى بيته بادروه فاخذوا المجالس فلا يعرف بذلك في وجه رسول الله صلى
الله عليه و سلم ولا ببسط يده إلى الطعام مستحيا منهم فعوتبوا في ذلك فانزل الله
يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي
وأخرج ابن سعد عن أنس رضي الله عنه قال : نزل الحجاب مبتنى رسول الله صلى الله
عليه و سلم بزينب بنت جحش رضي الله عنها وذلك سنة خمس من الهجرة وحجب نساؤه من
يومئذ وأنا ابن خمس عشرة
وأخرج ابن سعد عن صالح بن كيسان قال : نزل حجاب رسول الله صلى الله عليه و سلم على
نسائه في ذي القعدة سنة خمس من الهجرة
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردوية عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله كان لكم أن تؤذوا
رسول الله
قال : نزلت في رجل هم أن يتزوج بعض نساء النبي صلى الله عليه و سلم بعده قال سفيان
: ذكروا أنها عائشة رضي الله عنها
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رجل : لئن مات محمد صلى
الله عليه و سلم لأتزوجن عائشة
فأنزل الله وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال : بلغ النبي صلى
الله عليه و سلم ان رجلا يقول : ان توفي رسول الله صلى الله عليه و سلم تزوجت
فلانة من بعده فكان ذلك يؤذي النبي صلى الله عليه و سلم فنزل القرآن وما كان لكم أن
تؤذوا رسول الله
(6/643)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : بلغنا ان طلحة بن عبيد الله قال :
أيحجبنا محمد عن بنات عمنا ويتزوج نساءنا من بعدنا لئن حدث به حدث لنتزوجن نساءه
من بعده
فنزلت هذه الآية
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : قال طلحة
بن عبيد الله : لو قبض النبي صلى الله عليه و سلم تزوجت عائشة رضي الله عنها
فنزلت وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله
وأخرج ابن سعد عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم في قوله وما كان لكم ان تؤذوا
رسول الله
قال : نزلت في طلحة بن عبيد الله لانه قال : اذا توفي رسول الله صلى الله عليه و
سلم تزوجت عائشة رضي الله عنها
وأخرج البيهقي في السنن عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رجل من أصحاب النبي
صلى الله عليه و سلم : لو قد مات رسول الله صلى الله عليه و سلم تزوجت عائشة
أو أم سلمة
فانزل الله وما كان لكم ان تؤذوا رسول الله
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما " ان رجلا أتى بعض أزواج النبي
صلى الله عليه و سلم فكلمها وهو ابن عمها
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : لا تقومن هذا المقام بعد يومك هذا فقال : يا
رسول الله انها ابنة عمي والله ما قلت لها منكرا ولا قالت لي قال النبي صلى الله
عليه و سلم : قد عرفت ذلك انه ليس احد أغير من الله وانه ليس أحد أغير مني فمضي ثم
قال : يمنعني من كلام ابنة عمي لاتزوجنها من بعده فانزل الله هذه الآية فاعتق ذلك
الرجل رقبة وحمل على عشرة ابعرة في سبيل الله وحج ماشيا في كلمته "
وأخرج ابن مردويه عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها قالت : خطبني علي رضي الله عنه
فبلغ ذلك فاطمة رضي الله عنها فاتت النبي صلى الله عليه و سلم فقالت : ان أسماء
متزوجة عليا فقال لها النبي صلى الله عليه و سلم " ما كان لها ان تؤذي الله
ورسوله "
وأخرج البيهقي في السنن عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال لامرأته : ان سرك أن تكوني
زوجتي في الجنة فلا تتزوجي بعدي فان المرأة في الجنة لآخر أزواجها في الدنيا فلذلك
حرم أزواج النبي صلى الله عليه و سلم أن ينكحن بعده لانهن أزواجه في الجنة
وأخرج ابن سعد عن أبي امامة بن سهل بن حنيف في قوله ان تبدوا شيئا أو تخفوه قال :
ان تتكلموا به فتقولن : نتزوج فلانة لبعض أزواج النبي صلى الله عليه و سلم أو
تخفوا ذلك في أنفسكم فلا تنطقوا به يعلمه الله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن شهاب رضي الله
عنه قال : بلغنا أن العالية بنت ظبيان طلقها النبي صلى الله عليه و سلم قبل أن
يحرم نساؤه على الناس فنكحت ابن عم لها وولدت فيهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل رضي الله عنه في قوله ان تبدوا شيئا قال :
(6/644)
مما
يكرهه النبي صلى الله عليه و سلم أو تخفوه في أنفسكم فان الله كان بكل شيء عليما
يقول : فان الله يعلمه
- قوله تعالى : لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء
إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن واتقين الله إن الله
كان على كل شيء شهيدا
أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله لا جناح عليهن في آبائهن حتى
بلغ ولا نسائهن قال : أنزلت هذه اآلآية في نساء النبي صلى الله عليه و سلم خاصة
وقوله نسائهن يعني نساء المسلمات أو ما ملكت ايمانهن من المماليك والاماء ورخص لهن
أن يروهن بعد ما ضرب عليهن الحجاب
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله لا جناح عليهن في آبائهن ومن ذكر معهن أن
يروهن يعني أزواج النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن سعد عن الزهري رضي الله عنه أنه قيل له : من كان يدخل على أزواج النبي
صلى الله عليه و سلم ؟ قال : كل ذي رحم محرم من نسب أو رضاع قيل : فسائر الناس ؟
قال : كن يحتجبن منه حتى انهن ليكلمنه من وراء حجاب وربما كان سترا واحدا إلا
المملوكين والمكاتبين فانهن كن لا يحتجبن منهم
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبه وأبو داود في ناسخه عن أبي جعفر محمد بن علي
ان الحسن والحسين رضي الله عنهما كان لا يريان أمهات المؤمنين فقال ابن عباس رضي
الله عنهما : ان رؤيتهما لهن لحل
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبه وأبو داود في ناسخه عن عكرمة رضي الله عنه قال : بلغ
ابن عباس رضي الله عنهما ان عائشة رضي الله عنها احتجبت من الحسن رضي الله عنه
فقال : ان رؤيته لها لتحل
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله لا جناح عليهن
الآية
قال : لم يذكر العم والخال لانهما ينعتانها لابنائهما
(6/645)
-
قوله تعالى : إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه
وسلموا تسليما
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما
يصلون يتبركون
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه قال : صلاة الله
عليه : ثناؤه عليه عند الملائكة وصلاة الملائكة عليه : الدعاء له
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما
ان بني اسرائيل قالوا لموسى عليه السلام : هل يصلي ربك ؟ فناداه ربه " يا
موسى إن سألوك هل يصلي ربك ؟ فقل : نعم
أنا أصلي وملائكتي على أنبيائي ورسلي " فانزل الله على نبيه صلى الله عليه و
سلم ان الله وملائكته يصلون على النبي
الآية
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ان الله وملائكته
الآية
قال : لما نزلت جعل الناس يهنؤنه بهذه الآية وقال أبي بن كعب : ما أنزل فيك خيرا
إلا خلطنا به معك إلا هذه الآية
فنزلت وبشر المؤمنين
التوبة الآية 112
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : صلاة الله على النبي
هي مغفرته
ان الله لا يصلي ولكن يغفر وأما صلاة الناس على النبي صلى الله عليه و سلم فهي
الاستغفار
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ صلوا عليه كما صلى عليه
وسلموا تسليما
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن كعب بن عجرة رضي
الله عنه قال : لما نزلت ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا
صلوا عليه وسلموا تسليما قلنا : يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة
عليك قال " قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم
وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم
وآل إبراهيم انك حميد مجيد "
وأخرج ابن جرير عن يونس بن خباب قال : خطبنا بفارس فقال ان الله
(6/646)
وملائكته
الآية
قال : انبأني من سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول : هكذا انزل فقالوا : يا رسول
الله قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك ؟ فقال " قولوا اللهم صل على
محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل ابرهيم انك حميد مجيد وارحم محمد وآل
محمد كما رحمت آل إبراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت
على إبراهيم وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد "
وأخرج ابن جرير عن إبراهيم رضي الله عنه في قوله ان الله وملائكته
قالوا : يا رسول الله هذا السلام قد عرفناه فكيف الصلاة عليك ؟ فقال : "
قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك وأهل بيته كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم
انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل بيته كما باركت على آل إبراهيم انك حميد
مجيد "
وأخرج ابن جرير عن عبد الرحمن بن أبي كثير بن أبي مسعود الانصاري رضي الله عنه قال
: لما نزلت ان الله وملائكته يصلون على النبي
قالوا : يا رسول الله هذا السلام عليك قد عرفناه فكيف الصلاة عليك ؟ وقد غفر لك ما
تقدم من ذنبك وما تأخر قال " قولوا اللهم صل على محمد كما صليت على إبراهيم
اللهم بارك على محمد كما باركت على آل إبراهيم "
وأخرج عبد الرزاق من طريق أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن رجل من أصحاب النبي
صلى الله عليه و سلم كان يقول : اللهم على محمد وعلى أهل بيته وعلى أزواجه وذريته
كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى أهل بيته
وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم انك حميد مجيد
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبه وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود
والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن مردويه عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : قال
رجل يا رسول الله أما السلام عليك فقد علمناه فكيف الصلاة عليك ؟ قال " قل
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم انك حميد مجيد اللهم بارك
على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم انك حميد مجيد "
(6/647)
وأخرج
أبو داود وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال " من سره ان يكتال بالمكيال الأوفى اذا صلى علينا أهل
البيت فليقل : اللهم صل على محمد النبي وأزواجه وذريته وأهل بيته كما صليت على آل
إبراهيم انك حميد مجيد "
وأخرج ابن عدي عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " من
سره ان يكتال بالمكيال الأوفى اذا صلى علينا أهل البيت فليقل اللهم اجعل صلواتك
ورحمتك على محمد وأزواجه وذريته وأمهات المؤمنين كما صليت على إبراهيم انك حميد
مجيد "
وأخرج الدار قطني في الافراد وابن النجار في تاريخه عن أبي بكر الصديق رضي الله
عنه قال : كنت عند النبي صلى الله عليه و سلم فجاءه رجل فسلم فرد النبي صلى الله
عليه و سلم واطلق وجهه واجلسه إلى جنبه فلما قضى الرجل حاجته نهض فقال النبي صلى
الله عليه و سلم " يا أبا بكر هذا رجل يرفع له كل يوم كعمل أهل الأرض قلت :
ولم ذاك ؟ قال : انه كلما أصبح صلى علي عشر مرات كصلاة الخلق أجمع قلت : وما ذاك ؟
قال : يقول : اللهم صل على محمد النبي عدد من صلى عليه من خلقك وصل على محمد النبي
كما ينبغي لنا أن نصلي عليه وصل على محمد النبي كما أمرتنا أن نصلي عليه "
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد والنسائي وابن أبي عاصم والهيثم بن كليب الشاشي
وابن مردويه عن طلحة بن عبيد الله قال : قلت يا رسول الله كيف الصلاة عليك ؟ قال
" قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم
انك حميد مجيد "
وأخرج ابن جرير عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قال : أتى رجل النبي صلى الله
عليه و سلم فقال : سمعت الله يقول ان الله وملائكته يصلون على النبي فكيف الصلاة
عليك ؟ قال " قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم انك
حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم انك حميد مجيد
"
وأخرج ابن جرير عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال : لما نزلت ان الله وملائكته
يصلون على النبي
قمت اليه فقلت : السلام عليك قد عرفناه
(6/648)
فكيف
الصلاة عليك يا رسول الله ؟ قال " قل اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما
صليت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيدوبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت
على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد "
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد وعبد بن حميد والبخاري والنسائي وابن ماجه وابن مردويه
عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قلنا يا رسول الله هذا السلام عليك قد
علمناه فكيف الصلاة عليك ؟ قال " قولوا اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما
صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم "
وأخرج عبد بن حميد والنسائي وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه
انهم سألوا رسول الله صلى الله عليه و سلم كيف نصلي عليك ؟ قال " قولوا اللهم
صل على محمد وعلى آل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم
وآل إبراهيم في العالمين انك حميد مجيد
والسلام كما قد علمتم "
وأخرج مالك وعبد الرزاق وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي والنسائي
وابن مردويه عن أبي مسعود الانصاري رضي الله عنه
أن بشير بن سعد قال : يا رسول الله أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك ؟ فسكت
حتى تمنينا أنا لم نسأله ثم قال " قولوا الله صل على محمد وعلى آل محمد كما
صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم في العالمين
انك حميد مجيد
والسلام كما قد علمتم "
وأخرج مالك وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه وابن
مردويه عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه
أنهم قالوا : يا رسول الله كيف نصلي عليك ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وبارك على
محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم انك حميد مجيد "
وأخرج ابن مردويه عن علي قال : قلت يا رسول الله كيف نصلي عليك ؟ قال " قولوا
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد
"
(6/649)
وأخرج
ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قلنا يا رسول الله قد علمنا كيف
السلام عليك فكيف نصلي عليك ؟ قال " قولوا اللهم اجعل صلواتك وبركاتك على آل
محمد كما جعلتها على آل إبراهيم انك حميد مجيد "
وأخرج ابن أبي شيبه عن الحسن رضي الله عنه قال : اذا قال الرجل في الصلاة ان الله
وملائكته يصلون على النبي
فليصل عليه
وأخرج ابن خزيمة والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن أبي مسعود عقبة بن عمرو
ان رجلا قال : يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلي عليك اذا نحن
صلينا عليك في صلاتنا ؟ فصمت النبي صلى الله عليه و سلم ثم قال " اذا أنتم
صليتم علي فقولوا : اللهم صل على محمد النبي الامي وعلى آل محمد كما صليت على
إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد النبي الامي وعلى آل محمد كما باركت على
إبراهيم وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد "
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يتشهد الرجل ثم يصلي على
النبي صلى الله عليه و سلم ثم يدعو لنفسه
وأخرج البخاري في الادب المفرد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال " أيما رجل مسلم لم يكن عنده صدقة فليقل في دعائه اللهم صل
على محمد عبدك ورسولك وصل على المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات فانها له
زكاة "
وأخرج البخاري في الادب المفرد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه
و سلم قال " من قال : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم
وآل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم وترحم
على محمد وعلى آل محمد كما ترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم
شهدت له يوم القيامة بالشهادة وشفعت له "
وأخرج البخاري في الأدب عن أنس ومالك بن أوس بن الحدثان
ان النبي صلى الله عليه و سلم قال " ان جبريل عليه السلام جاءني فقال : من
صلى عليك واحدة صلى الله عليه عشرا ورفع له عشر درجات "
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد والبخاري في الأدب عن أنس بن مالك رضي الله
(6/650)
عنه
عن النبي صلى الله عليه و سلم " من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر
صلوات وحط عنه عشر خطيآت "
وأخرج البخاري في الادب ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال " من صل علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشرا "
وأخرج البخاري في الادب عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه و سلم رقي المنبر فلما رقي الدرجة الاولى قال " آمين
ثم رقي الثانية فقال : آمين ثم رقي الثالثة فقال : آمين
فقالوا : يا رسول الله سمعناك تقول آمين ثلاث مرات قال : لما رقيت الدرجة الاولى
جاءني جبريل فقال شقي عبد أدرك رمضان فانسلخ منه ولم يغفر له فقلت آمين
ثم قال : شقي عبد أدرك والديه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة فقلت آمين
ثم قال : شقي عبد ذكرت عنده ولم يصل عليك فقلت آمين "
وأخرج ابن سعد وأحمد والنسائي وابن مردويه عن زيد بن أبي خارجة رضي الله عنه قال :
قلت يا رسول الله قد علمنا كيف السلام عليك فكيف نصلي عليك ؟ فقال " صلوا علي
واجتهدوا ثم قولوا : اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل
إبراهيم انك حميد مجيد "
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه
ان رهطا من الانصار قالوا : يا رسول الله كيف الصلاة عليك ؟ قال : قولوا اللهم صل
على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم
فقال فتى من الأنصار : يا رسول الله من آل محمد ؟ قال : كل مؤمن "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن مردويه عن بريدة رضي الله عنه قال : قلنا يا رسول
الله قد علمنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك ؟ قال " قولوا اللهم اجعل
(6/651)
صلواتك
ورحمتك وبركاتك على محمد وعلىآل محمد كما جعلتها على إبراهيم انك حميد مجيد "
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" أنكم تعرضون علي باسمائكم ومسماكم فاحسنوا الصلاة علي "
وأخرج عبد الرزاق عن مجاهد عن أبي طلحة رضي الله عنه قال : دخلت على النبي صلى
الله عليه و سلم فوجدته مسرورا فقلت : يا رسول الله ما أدري متى رأيتك أحسن بشرا
وأطيب نفسا من اليوم قال " وما يمنعني وجبريل خرج من عندي الساعة فبشرني ان
لكل عبد صلى علي صلاة يكتب له بها عشر حسنات ويمحى عنه عشر سيئات ويرفع له بها عشر
درجات ويعرض علي كما قالها ويرد عليه بمثل ما دعا "
وأخرج عبد الرزاق عن ابن عيينة قال : أخبرني يعقوب بن زيد التيمي رضي الله عنه قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " أتاني آت من ربي فقال : لا يصلي عليك
عبد صلاة إلا صلى عليه عشرا
فقال رجل : يا رسول الله إلا أجعل نصف دعائي لك ؟ قال : ان شئت قال : ألا أجعل كل
دعائي لك ؟ قال : اذن يكفيك الله هم الدنيا والآخرة "
وأخرج الطبراني وابن مردويه وابن النجار عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : قالوا
يا رسول الله أرأيت قول الله ان الله وملائكته يصلون على النبي ؟ قال " ان
هذا لمن المكتوم ولولا انكم سألتموني عنه ما أخبرتكم ! ان الله وكل بي ملكين لا
أذكر عند عبد مسلم فيصلي علي إلا قال ذانك الملكان : غفر الله لك وقال الله
وملائكته جوابا لذينك الملكين : آمين
ولا أذكر عند عبد مسلم فلا يصلي علي إلا قال : ذلك الملكان لا غفر الله لك وقال
الله وملائكته لذينك الملكين : آمين "
وأخرج مسلم وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان عن أبي هريرة رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من صلى علي واحدة صلى الله
عليه عشرا "
وأخرج الترمذي وحسنه وابن حبان عن ابن مسعود رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال " أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة "
(6/652)
وأخرج
أحمد والترمذي وحسنه وابن حبان عن ابن مسعود رضي الله عنه
ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم
علي صلاة "
وأخرج أحمد والترمذي عن الحسين بن علي رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و
سلم قال " البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي "
وأخرج ابن ماجه عن ابن عباس رضي الله عنهما والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة رضي
الله عنه قالا : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من نسي الصلاة علي اخطأ
طريق الجنة "
وأخرج الترمذي وحسنه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
" ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم
ترة فان شاء عذبهم وان شاء غفر لهم "
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " ما اجتمع قوم ثم تفرقوا عن غير ذكر الله وصلاة على النبي صلى
الله عليه و سلم إلا قاموا عن أنتن جيفة "
وأخرج النسائي وابن أبي عاصم وأبو بكر في الغيلانيات والبغوي في الجعديات والبيهقي
في الشعب والضياء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال " لا يجلس قوم مجلسا لا يصلون فيه على النبي صلى الله عليه و سلم إلا كان
عليهم حسرة وان دخلوا الجنة لما يرون من الثواب "
وأخرج البيهقي في الشعب عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " أتاني جبريل فقال : رغم أنف امريء ذكرت عنده فلم يصل عليك "
وأخرج القاضي اسمعيل عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " كفى به شحا أن يذكرني قوم فلا يصلون علي "
وأخرج الاصفهاني في الترغيب والديلمي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " ان أنجاكم يوم القيامة من أهوالها ومواطنها أكثركم علي في
دار الدنيا صلاة انه قد كان في الله وملائكته كفاية ولكن خص المؤمنين بذلك ليثيبهم
عليه "
وأخرج الخطيب في تاريخه والاصفهاني عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه
(6/653)
قال
: الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم أمحق للخطايا من الماء البارد والسلام على
النبي صلى الله عليه و سلم أفضل من عتق الرقاب وحب النبي صلى الله عليه و سلم أفضل
من مهج الانفس أو قال من ضرب السيف في سبيل الله "
وأخرج ابن عدي عن ابن عمر رضي الله عنهما وأبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " صلوا علي صلى الله عليكم "
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه والبيهقي في
شعب الايمان عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : قال رجل يا رسول الله أرأيت ان جعلت
صلاتي كلها عليك ؟ قال " اذا يكفيك الله ما أهمك من دنياك وآخرتك "
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد وعبد بن حميد والترمذي عن أبي طلحة الانصاري رضي الله
عنه قال : أصبح رسول الله صلى الله عليه و سلم يوما طيب النفس يرى في وجهه البشر
قالوا : يا رسول الله أصبحت اليوم طيبا يرى في وجهك البشر قال " أتاني آت من
ربي فقال : من صلى عليك من أمتك صلاة كتب الله له بها عشر حسنات ومحا عنه عشر سيآت
ورفع له عشر درجات ورد عليه مثلها
وفي لفظ فقال : أتاني الملك فقال : يا محمد أما يرضيك ان ربك يقول : انه لا يصلي
عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه
عشرا قال : بلى "
وأخرج البيهقي في شعب الايمان وابن عساكر وابن المنذر في تاريخه عن أنس بن مالك
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " ان أقربكم مني يوم
القيامة في كل موطن أكثركم علي صلاة في الدنيا من صلى علي يوم الجمعة وليلة الجمعة
مائة مرة قضى الله له مائة حاجة سبعين من حوائج الآخرة وثلاثين من حوائج الدنيا ثم
يوكل الله بذلك ملكا يدخله في قبري كما يدخل عليكم الهدايا يخبرني بمن صلى علي
باسمه ونسبه إلى عشرة فاثبته عندي في صحيفة بيضاء "
وأخرج البيهقي في الشعب والخطيب وابن عساكر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم " من صلى علي عند قبري سمعته ومن صلى علي
نائيا كفى أمر دنياه وآخرته وكنت له شهيدا وشفيعا يوم القيامة "
(6/654)
وأخرج
ابن أبي شيبه وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " أكثروا الصلاة علي يوم الجمعة فانها معروضة علي "
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبه والطبراني والحاكم في الكني عن عامر بن ربيعة رضي
الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " من صلى علي صلاة صلى
الله عليه عشرا فأكثروا أو أقلوا "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن عباس رضي الله عنهما
انه كان اذا صلى على النبي صلى الله عليه و سلم قال : اللهم تقبل شفاعة محمد
الكبرى وارفع درجته العليا وأعطه سؤله في الآخرة والأولى كما آتيت إبراهيم وموسى
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن ماجه وابن مردوية عن ابن مسعود رضي الله عنه
قال : اذا صليتم على النبي صلى الله عليه و سلم فاحسنوا الصلاة عليه فانكم لا
تدرون لعل ذلك يعرض عليه
قالوا : فعلمنا
قال : قولوا اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وامام المتقين
وخاتم النبيين محمد عبدك ورسولك امام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة اللهم ابعثه
مقاما محمودا يغبطه به الاولون والآخرون اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت
على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قلنا يا رسول الله قد عرفنا كيف
السلام عليك فكيف نصلي عليك ؟ قال " قولوا اللهم صل على محمد وأبلغه درجة
الوسيلة من الجنة اللهم اجعل في المصطفين محبته وفي المقربين مودته وفي عليين ذكره
وداره والسلام عليك ورحمة الله وبركاته اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت
على إبراهيم وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد "
وأخرج الخطيب في تاريخه عن عائشة رضي الله عنها قالت : زينوا مجالسكم بالصلاة على
النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج الشيرازي في الالقاب عن زيد بن وهب قال : قال ابن مسعود رضي الله عنه : يا
زيد بن وهب لا تدع اذا كان يوم الجمعة ان تصلي على النبي ألف مرة تقول : اللهم صل
على النبي الأمي "
(6/655)
وأخرج
عبد الرزاق والقاضي اسمعيل وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن أبي هريرة رضي
الله عنه
ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " صلوا على أنبياء الله ورسله فان الله
بعثهم كما بعثني "
وأخرج ابن أبي شيبه والقاضي اسمعيل وابن مردويه والبيهقي في شعب الايمان عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال : لا تصلح الصلاة على أحد إلا النبي صلى الله عليه و سلم
ولكن يدعى للمسلمين والمسلمات بالاستغفار
وأخرج ابن أبي داود في المصاحف عن حميدة قالت : أوصت لنا عائشة رضي الله عنها
بمتاعها فكان في مصحفها ان الله وملائكته يصلون على النبي والذين يصفون الصفوف
الأول
- قوله تعالى : إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم
عذابا مهينا
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ان الذين يؤذون
الله ورسوله الآية
قال : نزلت في الذين طعنوا على النبي صلى الله عليه و سلم حين أخذ صفية بنت حي رضي
الله عنها
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت في عبد الله بن أبي وناس
معه قذفوا عائشة رضي الله عنها فخطب النبي صلى الله عليه و سلم وقال " من
يعذرني في رجل يؤذيني ويجمع في بيته من يؤذيني " فنزلت
وأخرج الحاكم عن ابن أبي مليكة قال : جاء رجل من أهل الشام فسب عليا رضي الله عنه
عند ابن عباس رضي الله عنهما فحصبه ابن عباس رضي الله عنهما وقال : يا عدو الله
آذيت رسول الله ان الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة لو كان
رسول الله صلى الله عليه و سلم حيا لآذيته
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ان الذين يؤذون الله ورسوله
لعنهم الله في الدنيا والآخرة قال : آذوا الله فيما يدعون معه وآذوا رسول الله
قالوا : انه ساحر مجنون
(6/656)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله ان الذين يؤذون الله ورسوله
قال : أصحاب التصاوير
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : ذكر لنا ان نبي الله صلى
الله عليه و سلم كان يقول فيما يروي عن ربه عز و جل " شتمني ابن آدم ولم ينبغ
له أن يشتمني وكذبني ولم ينبغ له أن يكذبني فأما شتمه إياي فقوله اتخذ الله ولدا
البقرة الآية 116 وأنا الأحد الصمد وأما تكذيبه اياي فقوله : لن يعيدني كما بدأني
قال قتادة : ان كعبا رضي الله عنه كان يقول : يخرج يوم القيامة عنق من النار فيقول
: يا أيها الناس اني وكلت منكم بثلاث بكل عزيز كريم وبكل جبار عنيد وبمن دعا مع
الله الها آخر فيلتقطهم كما يلتقط الطير الحب من الأرض فتنطوي عليهم فتدخل النار
فتخرج عنق أخرى فتقول : يا أيها الناس أني وكلت منكم بثلاثة
بمن كذب الله وكذب على الله وآذى الله فأما من كذب الله فمن زعم ان الله لا يبعثه
بعد الموت وأما من كذب على الله فمن زعم ان الله يتخذ ولدا وأما من آذى الله :
فالذين يصورون ولا يحيون
فتلقطهم كما تلقط الطير الحب من الأرض فتنطوي عليهم فتدخل النار "
- قوله تعالى : والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا فقد احتملوا
بهتانا وإثما مبينا
أخرج الفريابي وابن سعد في الطبقات وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله والذين يؤذون المؤمنين
والمؤمنات قال : يقعون بغير ما اكتسبوا يقول : بغير ما علموا فقد احتملوا بهتانا
قال : إثما
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : يلقى الجرب على أهل
النار فيحكون حتى تبدو العظام فيقولون : ربنا بم أصابنا هذا ؟ فيقال : بأذاكم
المسلمين
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
(6/657)
الآية
قال : اياكم وأذى المؤمنين فان الله يحوطهم ويغضب لهم وقد زعموا أن عمر بن الخطاب
قرأها ذات يوم فافزعه ذلك حتى ذهب إلى أبي بن كعب رضي الله عنه فدخل عليه فقال :
يا أبا المنذر اني قرأت آية من كتاب الله تعالى فوقعت مني كل موقع والذين يؤذون
المؤمنين والمؤمنات والله اني لأعاقبهم وأضربهم فقال له : انك لست منهم انما أنت معلم
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : اني
لأبغض فلانا فقيل للرجل : ما شأن عمر رضي الله عنه يبغضك ! فلما أكثر القوم في
الذكر جاء فقال : يا عمر أفتقت في الإسلام فتقا ؟ قال : لا
قال : فجنيت جناية ؟ قال : لا
قال : أحدثت حدثا ؟ قال : لا
قال : فعلام تبغضني وقد قال الله والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبوا
فقد احتملوا بهتانا واثما مبينا ؟ ! فقد آذيتني فلا غفرها الله لك
فقال عمر رضي الله عنه : صدق والله ما فتق فتقا ولا ولا فاغفرها لي فلم يزل به حتى
غفرها له
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن عمر رضي الله عنهما والذين يؤذون المؤمنين
والمؤمنات إلى قوله واثما مبينا قال : فكيف بمن أحسن إليهم يضاعف لهم الاجر
وأخرج الطبراني وابن مردويه وابن عساكر عن عبد الله بن يسر رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه و سلم قال " ليس منا ذو حسد ولا نميمة ولا خيانة ولا اهانة ثم
تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عائشة رضي الله عنها
قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لأصحابه " أي الربا أربى عند الله
؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال : أربى الربا عند الله استحلال عرض امريء مسلم ثم
قرأ والذين يؤذون المؤمنين والمؤمنات بغير ما اكتسبو
"
- قوله تعالى : يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من
جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما
(6/658)
أخرج
ابن سعد والبخاري ومسلم وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن عائشة رضي
الله عنها قالت : خرجت سودة رضي الله عنها بعد ما ضرب الحجاب لحاجتها وكانت امرأة
جسيمة لا تخفي على من يعرفها فرآها عمر رضي الله عنه فقال : يا سودة انك والله ما
تخفين علينا فانظري كيف تخرجين فانكفأت راجعة ورسول الله صلى الله عليه و سلم في
بيتي وانه ليتعشى وفي يده عرق فدخلت وقالت : يا رسول الله اني خرجت لبعض حاجتي
فقال لي عمر رضي الله عنه : كذا
كذا
فأوحى اليه ثم رفع عنه وان العرق في يده فقال : انه قد أذن لكن ان تخرجن لحاجتكن
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك
قال : كان نساء النبي صلى الله عليه و سلم يخرجن بالليل لحاجتهن وكان ناس من
المنافقين يتعرضون لهن فيؤذين فقيل : ذلك للمنافقين فقالوا : انما نفعله بالأماء
فنزلت هذه الآية يا أيها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من
جلابيبهن ذلك أدنى ان يعرفن فلا يؤذين فأمر بذلك حتى عرفوا من الأماء
وأخرج ابن جرير عن أبي صالح رضي الله عنه قال : قدم النبي صلى الله عليه و سلم
المدينة على غير منزل فكان نساء النبي صلى الله عليه و سلم وغيرهن اذا كان الليل
خرجن يقضين حوائجهن وكان رجال يجلسون على الطريق للغزل فانزل الله يا أيها النبي
قل لأزواجك وبناتك
يعني بالجلباب حتى تعرف الأمة من الحرة
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : كان رجل من المنافقين
يتعرض لنساء المؤمنين يؤذيهن فاذا قيل له قال : كنت أحسبها أمة فأمرهن الله تعالى
ان يخالفن زي الأماء ويدنين عليهن من جلابيبهن تخمر وجهها إلا احدى عينيها ذلك
أدنى ان يعرفن يقول : ذلك أحرى ان يعرفن
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردوية عن ابن عباس رضي الله عنهما في هذه
الآية قال : أمر الله نساء المؤمنين اذا خرجن من بيوتهن في حاجة ان يغطين وجوههن
من فوق رؤوسهن بالجلابيب ويبدين عينا واحدة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وأبو داود وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : لما نزلت هذه الآية يدنين عليهن من جلابيبهن خرج
نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من أكسيه سود يلبسنها
(6/659)
وأخرج
ابن أبي شيبه عن أبي قلابة رضي الله عنه قال : كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لا
يدع في خلافته أمة تقنع ويقول : انما القناع للحرائر لكيلا يؤذين
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد عن أنس رضي الله عنه قال : رأى عمر رضي الله عنه
جارية مقنعة فضربها بدرته وقال : القي القناع لا تشبهين بالحرائر
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : رحم الله نساء الأنصار لما نزلت يا أيها النبي
قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين
شققن مروطهن
فاعتجرن بها فصلين خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم فكأنما على رؤوسهن الغربان
وأخرج عبد بن حميد عن ابن شهاب رضي الله عنه انه قيل له : الأمة تزوج فتخمر قال يا
أيها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن فنهى الله
الاماء ان يتشبهن بالحرائر
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن
سيرين رضي الله عنه قال : سألت عبيدة رضي الله عنه عن هذه الآية يدنين عليهن من
جلابيبهن فرفع ملحفة كانت عليه فقنع بها وغطى رأسه كله حتى بلغ الحاجبين وغطى وجهه
وأخرج عينه اليسرى من شق وجهه الايسر مما يلي العين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله يا أيها النبي قل لازواجك وبناتك
ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن قال : أخذ الله عليهن اذا خرجن ان يعدنها
على الحواجب ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين قال : قد كانت المملوكة يتناولونها فنهى
الله الحرائر يتشبهن بالاماء
وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي في الآية قال : كن النساء يخرجن إلى الجبابين لقضاء
حوائجهن فكان الفساق يتعرضون لهن فيؤذونهن فامرهن الله ان يدنين عليهن من جلابيبهن
حتى تعلم الحرة من الامة
وأخرج عبد بن حميد عن معاوية بن قرة ان دعارا من دعار أهل المدينة كانوا يخرجون
بالليل فينظرون النساء ويغمزونهن وكانوا لا يفعلون ذلك بالحرائر انما يفعلون ذلك
بالاماء فانزل الله هذه الآية يا أيها النبي قل لازواجك وبناتك ونساء المؤمنين إلى
آخر الآية
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال :
(6/660)
كانت
الحرة تلبس لباس الامة فامر الله نساء المؤمنين ان يدنين عليهم من جلابيبهن وأدنى
الجلباب : ان تقنع وتشده على جبينها
وأخرج ابن سعد عن الحسن رضي الله عنه في قوله يا أيها النبي قل لازواجك وبناتك
ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين قال : اماؤكن
بالمدينة يتعرض لهن السفهاء فيؤذين فكانت الحرة تخرج فيحسب انها أمة فتؤذى فامرهن
الله أن يدنين عليهم من جلابيبهن
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في الآية قال : كان أناس من فساق أهل
المدينة بالليل حين يختلط الظلام يأتون إلى طرق المدينة فيتعرضون للنساء وكانت
مساكن أهل المدينة ضيقة فاذا كان الليل خرج النساء إلى الطرق فيقضين حاجتهن فكان
أولئك الفساق يتبعون ذلك منهن فاذا رأوا امرأة عليها جلباب قالوا : هذه حرة فكفوا
عنها واذا رأوا المرأة ليس عليها جلباب قالوا : هذه أمة فوثبوا عليها
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله يدنين عليهن من جلابيبهن
قال : يسدلن عليهن من جلابيبهن
وهو القناع فوق الخمار ولا يحل لمسلمة أن يراها غريب إلا ان يكون عليها القناع فوق
الخمار وقد شدت به رأسها ونحرها
وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال
: تدني الجلباب حتى لا يرى ثغرة نحرها
وأخرج ابن المنذر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في قوله يدنين عليهن من
جلابيبهن قال : هو الرداء
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد رضي الله عنه في قوله يدنين عليهن من جلابيبهن قال : يتجلببن بها فيعلمن
انهن حرائر فلا يعرض لهن فاسق بأذى من قول ولا ريبة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال : سألت عبيدا
السلماني رضي الله عنه عن قوله الله يدنين عليهن من جلابيبهن فتقنع بملحفة فغطى
رأسه ووجهه وأخرج احدى عينيه
(6/661)
-
قوله تعالى : لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة
لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا
تقتيلا سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا
أخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : ان أناسا من المنافقين
أرادوا ان يظهروا نفاقهم فنزلت فيهم لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون
في المدينة لنغرينك بهم لنحرشنك بهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
الآية قال الارجاف الكذب الذي كان يذيعه أهل النفاق ويقولون : قد أتاكم عدد وعدة
وذكر لنا : ان المنافقين أرادوا ان يظهروا ما في قلوبهم من النفاق فأوعدهم الله
بهذه الآية لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض
إلى قوله لنغرينك بهم أي لنحملك عليهم ولنحرشنك بهم فلما أوعدهم الله بهذه الآية
كتموا ذلك وأسروه ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا أي بالمدينة ملعونين قال : على كل
حال أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا قال : اذا هم أظهروا النفاق سنة الله في
الذين خلوا من قبل يقول : هكذا سنة الله فيهم اذا أظهروا النفاق
وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله لئن لم ينته المنافقون قال :
يعني المنافقين بأعيانهم والذين في قلوبهم مرض شك
يعني المنافقين أيضا
وأخرج ابن سعد عن عبيد بن حنين رضي الله عنه في قوله لئن لم ينته المنافقون قال :
عرف المنافقين بأعيانهم والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة هم المنافقون
جميعا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن طاوس رضي الله عنه في الآية قال :
نزلت في بعض أمور النساء
(6/662)
وأخرج
عبد الرزاق وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
مالك بن دينار رضي الله عنه قال : سألت عكرمة رضي الله عنه عن قول الله لئن لم
ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض قال : أصحاب الفواحش
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله والذين في قلوبهم مرض قال :
أصحاب الفواحش
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه في قوله والذين في قلوبهم مرض قال :
كانوا مؤمنين وكان في أنفسهم ان يزنوا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله لئن لم ينته المنافقون قال :
كان النفاق على ثلاثة وجوه
نفاق مثل نفاق عبد الله بن أبي بن سلول
ونفاق مثل نفاق عبد الله بن نبتل ومالك بن داعس فكان هؤلاء وجوها من وجوه الأنصار
فكانوا يستحبون أن يأتوا الزنا يصونون بذلك أنفسهم والذين في قلوبهم مرض قال :
الزنا ان وجدوه عملوه وان لم يجدوه لم يبتغوه
ونفاق يكابرون النساء مكابرة وهم هؤلاء الذين كانوا يكابرون النساء لنغرينك بهم
يقول : لنعلمنك بهم ثم قال ملعونين ثم فصله في الآية أينما ثقفوا يعملون هذا العمل
مكابرة النساء أخذوا وقتلوا تقتيلا قال : السدي رضي الله عنه : هذا حكم في القرآن
ليس يعمل به
لو ان رجلا أو أكثر من ذلك اقتصوا أثر امرأة فغلبوها على نفسها ففجروا بها كان
الحكم فيهم غير الجلد والرجم
ان يؤخذوا فتضرب أعناقهم سنة الله في الذين خلوا من قبل كذلك كان يفعل بمن مضى من
الأمم ولن تجد لسنة الله تبديلا قال : فمن كابر امرأة على نفسها فغلبها فقتل فليس
على قاتله دية لأنه مكابر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
لنغرينك بهم قال : لنسلطنك عليهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر والخطيب في تالي التلخيص عن محمد بن سيرين رضي الله
عنه في قوله لئن لم ينته المنافقون
قال : لا أعلم أغري بهم حتى مات
وأخرج ابن الانباري عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق قال
(6/663)
له
: اخبرني عن قوله لنغرينك بهم قال : لنولعنك قال الحارث بن حلزة : لا تخلنا على
غرائك انا قلما قد رشى بنا الأعداء
- قوله تعالى : يسألك الناس عن الساعة قل إنما علمها عند الله وما يدريك لعل
الساعة تكون قريبا إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا لا يجدون
وليا ولا نصيرا يوم تقلب وجوههم في النار يقولون ياليتنا أطعنا الله وأطعنل
الرسولا
أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه قال : كل شيء في
القرآن وما يدريك فلم يخبره به وما كان ما أدراك فقد أخبره
- قوله تعالى : وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا ربنا آتهم
ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله ربنا انا أطعنا سادتنا وكبراءنا أي رؤوسنا في الشر والشرك ربنا آتهم ضعفين من
العذاب يعني بذلك جهنم
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله سادتنا وكبراءنا قال : منهم
أبو جهل بن هشام
- قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما
قالوا وكان عند الله وجيها
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري والترمذي وابن جرير وابن
(6/664)
المنذر
وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " ان موسى عليه السلام كان رجلا حييا " ستيرا لا
يرى من جلده شيء استحياء منه فاذاه من أذاه من بني اسرائيل وقالوا ما يستتر هذا
الستر إلا من عيب بجلده
اما برص واما أدرة وأما آفة وان الله أراد أن يبرئه مما قالوا وان موسى عليه
السلام خلا يوما وحده فوضع ثيابه على حجر ثم اغتسل فلما فرغ أقبل إلى ثيابه
ليأخذها وان الحجر عدا بثوبه فأخذ موسى عليه السلام عصاه وطلب الحجر فجعل يقول :
ثوبي حجر ثوبي حجر ! حتى انتهى إلى ملأ من بني اسرائيل فرأوه عريانا أحسن ما خلق
الله وأبرأه مما يقولون وقام الحجر فأخذ ثوبه فلبسه وطفق بالحجر ضربا بعصاه فوالله
ان بالحجر لندبا من أثر ضربه
ثلاثا
أو أربعا أو خمسا
فذلك قوله يا ايها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا
وأخرج البزار وابن الانباري في المصاحف وة عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : كان موسى رجلا حييا وانه أتى ليغتسل فوضع ثيابه على صخرة وكان لا
يكاد تبدو عورته فقالت بنو اسرائيل : ان موسى عليه السلام آدر به آفة - يعنون انه
لا يضع ثيابه - فاحتملت الصخرة ثيابه حتى صارت بحذاء مجالس بني اسرائيل فنظروا إلى
موسى عليه السلام كأحسن الرجال فأنزل الله يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين
آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها
وأخرج أحمد عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "
ان موسى بن عمران كان اذا أراد أن يدخل الماء لم يلق ثوبه حتى يواري عورته في
الماء "
وأخرج ابن أبي شيبه في المصنف وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ولا تكونوا كالذين آذوا موسى قال : قال له قومه :
انه آدر
فخرج ذات يوم يغتسل فوضع ثيابه على صخرة فخرجت الصخرة تشتد بثيابه فخرج موسى عليه
السلام يتبعها عريانا حتى انتهت به إلى مجالس بني اسرائيل فرأوه وليس بآدر فذلك
قوله فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها
(6/665)
وأخرج
ابن منيع وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس رضي
الله عنهما عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله لا تكونوا كالذين آذوا موسى
قال : صعد موسى وهارون الجبل فمات هارون عليه السلام فقالت بنو اسرائيل لموسى عليه
السلام : أنت قتلته كان أشد حبا لنا منك وألين فآذوه من ذلك فأمر الله الملائكة
عليهم السلام فحملته فمروا به على مجالس بني اسرائيل وتكلمت الملائكة عليهم السلام
بموته فبرأه الله من ذلك فانطلقوا به فدفنوه ولم يعرف قبره إلا الرخم وان الله جعل
أصم أبكم
وأخرج الحاكم وصححه من طريق السدي رضي الله عنه عن أبي مالك عن ابن عباس رضي الله
عنهما وعن مرة عن ابن مسعود رضي الله عنه وناس من الصحابة
ان الله أوحى إلى موسى عليه السلام : اني متوف هارون فائت به جبل كذا وكذا
فانطلقا نحو الجبل فاذا هم بشجرة وبيت فيه سرير عليه فرش وريح طيب فلما نظر هارون
عليه السلام إلى ذلك الجبل والبيت وما فيه أعجبه قال : يا موسى أني أحب أن أنام
على هذا السرير قال : نم عليه قال : نم معي
فلما ناما أخذ هارون عليه السلام الموت فلما قبض رفع ذلك البيت وذهبت تلك الشجرة
ورفع السرير إلى السماء فلما رجع موسى عليه السلام إلى بني اسرائيل قالوا : قتل
هارون عليه السلام وحسده حب بني اسرائيل له وكان هارون عليه السلام أكف عنهم وألين
لهم وكان موسى عليه السلام فيه بعض الغلظة عليهم فلما بلغه ذلك قال : ويحكم انه
كان أخي أفتروني أقتله ! فلما أكثروا عليه قام يصلي ركعتين ثم دعا الله فنزلت
الملائكة بالسرير حتى نظروا اليه بين السماء والارض فصدقوه
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزل الله يا أيها الذين آمنوا
لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا قال : لا تؤذوا محمدا كما آذى
قوم موسى
موسى
وأخرج البخاري ومسلم وابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قسم رسول الله
صلى الله عليه و سلم قسما فقال رجل : ان هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله فذكر ذلك
للنبي صلى الله عليه و سلم فاحمر وجهه ثم قال " رحمة الله على موسى لقد أوذي
بأكثر من هذا فصبر "
(6/666)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله وكان عند الله وجيها قال : مستجاب
الدعوة
وأخرج ابن أبي حاتم عن سنان عمن حدثه في قوله وكان عند الله وجيها قال : ما سأل
موسى عليه السلام ربه شيئا قط إلا أعطاه إياه إلا النظر
- قوله تعالى : يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم
أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما أخرج ابن أبي
حاتم والطبراني وابن مردويه عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : صلى بنا رسول
الله صلى الله عليه و سلم صلاة الظهر ثم قال " على مكانكم اثبتوا ثم أتى
الرجال فقال : ان الله أمرني أن آمركم ان تتقوا الله وان تقولوا قولا سديدا ثم أتى
النساء فقال : ان الله أمرني ان آمركن ان تتقين الله وان تقلن قولا سديدا "
وأخرج أحمد في الزهد وأبو داود في المراسيل عن عروة رضي الله عنه قال : أكثر ما
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم على المنبر يقول اتقوا الله قولا سديدا
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب التقوى عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما
قام رسول الله صلى الله عليه و سلم على المنبر إلا سمعته يقول يا أيها الذين آمنوا
اتقوا الله وقولوا قولا سديدا
وأخرج سمويه في فوائده عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : كان رسول الله
صلى الله عليه و سلم اذا خطب الناس أو علمهم لا يدع هذه الآية أن يتلوها يا أيها
الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا إلى قوله فقد فاز فوزا عظيما
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال : ما جلس
رسول الله صلى الله عليه و سلم على هذا المنبر قط إلا تلا هذه الآية يا أيها الذين
آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق سأله عن
قوله قولا سديدا قال : قولا عدلا حقا
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول حمزة بن عبد المطلب :
(6/667)
أمين
على ما استودع الله قلبه فان قال قولا كان فيه مسددا وأخرج الفريابي وعبد بن حميد
رضي الله عنه في قوله وقولوا قولا سديدا قال : صدقا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله قولا
سديدا قال : عدلا
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله قولا سديدا قال : سدادا
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة
رضي الله عنه في قوله وقولوا قولا سديدا قال : قولوا لا إله إلا الله
وأخرج البيهقي في الاسماء والصفات من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله وقولوا قولا سديدا قال : قولوا لا إله إلا الله
- قوله تعالى : إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها
وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا ليعذب الله المنافقين والمنافقات
والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما
أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الانباري في كتاب الأضداد عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله انا عرضنا الامانة
الآية
قال : الامانة الفرائض عرضها الله على السموات والأرض والجبال ان أدوها أثابهم وان
ضيعوها عذبهم فكرهوا ذلك واشفقوا من غير معصية ولكن تعظيما لدين الله ان لا يقوموا
بها ثم عرضها على آدم فقبلها بما فيها
وهو قوله وحملها الانسان انه كان ظلوما جهولا يعني غرا بأمر الله
وأخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في
قوله انا عرضنا الأمانة على السموات والأرض قال : الأمانة : ما أمروا به
(6/668)
ونهوا
عنه
وفي قوله وحملها الانسان قال : آدم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم قال : ان الله عرض الأمانة على السماء
الدنيا فأبت ثم التي تليها حتى فرغ منها ثم الأرض ثم الجبال ثم عرضها على آدم عليه
السلام فقال : نعم
بين أذني وعاتقي قال الله " فثلاث آمرك بهن فانهن لك عون
اني جعلت لك بصرا وجعلت لك شفرتين ففضهما عن كل شيء نهيتك عنه وجعلت لك لسانا بين
لحيين فكفه عن كل شيء نهيتك عنه وجعلت لك فرجا وواريته فلا تكشفه إلى ما حرمت عليك
"
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الانباري عن ابن جريج رضي الله عنه في الاية
قال : بلغني ان الله تعالى لما خلق السموات والأرض والجبال قال " اني فارض
فريضة وخالق جنة ونارا وثوابا لمن أطاعني وعقابا لمن عصاني فقالت السماء : خلقتني
فسخرت في الشمس والقمر والنجوم والسحاب والريح والغيوب فانا مسخرة على ما خلقتني
لا أتحمل فريضة ولا أبغي ثوابا ولا عقابا وقالت الأرض خلقتني وسخرتني فجرت في
الأنهار فأخرجت مني الثمار وخلقتني لما شئت فانا مسخرة على ما خلقتني لا أتحمل
فريضة ولا أبغي ثوابا ولا عقابا وقالت الجبال : خلقتني رواسي الأرض فأنا على ما
خلقتني لا أتحمل فريضة ولا ابغي ثوابا ولا عقابا فلما خلق الله آدم عرض عليه فحمله
انه كان ظلوما ظلمه نفسه في خطيئته جهولا بعاقبة ما تحمل "
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في الآية قال : لما خلق الله السموات
والأرض والجبال عرض الأمانة عليهن فلم يقبلوها فلما خلق آدم عليه السلام عرضها
عليه قال : يا رب وما هي ؟ قال : هي ان أحسنت أجرتك وان أسأت عذبتك قال : فقد
تحملت يا رب قال : فما كان بين أن تحملها إلى أن أخرج إلا قدر ما بين الظهر والعصر
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم وابن الانباري في كتاب الاضداد والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله انا عرضنا الأمانة قال : عرضت على آدم عليه السلام فقيل : خذها بما فيها فان
أطعت غفرت لك وان عصيت عذبتك قال :
(6/669)
قبلتها
بما فيها فما كان إلا قدر ما بين الظهر إلى الليل من ذلك اليوم حتى أصاب الذنب
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن أشوع في الآية قال عرض عليهن العمل وجعل لهن الثواب
فضججن إلى الله ثلاثة أيام ولياليهن فقلن : ربنا لا طاقة لنا بالعمل ولا نريد
الثواب
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن الآزواعي ان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه عرض
العمل على محمد بن كعب فأبى فقال له عمر رضي الله عنه : أتعصي ؟ فقال : يا أمير
المؤمنين أخبرني عن الله تعالى حين عرض الامانة على السموات والارض والجبال فأبين
ان يحملنها وأشفقن منها هل كان ذلك منها معصية ؟ قال : لا
فتركه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طريق الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ان
الله قال لآدم عليه السلام " اني عرضت الامانة على السموات والأرض والجبال
فلم تطقها فهل أنت حاملها بما فيها ؟ قال : أي رب وما فيها ؟ قال : ان حملتها أجرت
وان ضيعتها عذبت قال : قد حملتها بما فيها قال : فما عبر في الجنة إلا قدر ما بين
الأولى والعصر حتى أخرجه ابليس من الجنة " قيل للضحاك : وما الأمانة ؟ قال :
هي الفرائض وحق على كل مؤمن ان لا يغش مؤمنا ولا معاهدا في شيء قليل ولا كثير فمن
فعل فقد خان أمانته ومن انتقص من الفرائض شيئا فقد خان أمانته
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه انا عرضنا الامانة على السموات
والارض والجبال قال : يعني به الدين والفرائض والحدود فأبين ان يحملنها وأشفقن
منها قيل لهن : ان تحملنها وتؤدين حقها
فقلنا : لا نطيق ذلك وحملها الانسان قيل له : أتحملها ؟ قال : نعم
قيل : أتؤدي حقها ؟ فقال : أطيق ذلك قال الله انه كان ظلوما جهولا أي ظلوما بها
جهولا عن حقها ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات قال : هذا
اللذان خاناها ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات قال : هذا اللذان أدياها وكان الله
غفورا رحيما
(6/670)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه انا عرضنا الأمانة قال :
الفرائض
وأخرج الفريابي عن الضحاك رضي الله عنه في قوله إنا عرضنا الأمانة قال : الدين
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم " الأمانة ثلاث
الصلاة والصيام والغسل من الجنابة "
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في سننه
عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : من الأمانة ان ائتمنت المرأة على فرجها
وأخرج ابن أبي الدنيا في الورع والحكيم الترمذي عن عبد الله بن عمرو قال : أول ما
خلق الله من الانسان فرجه ثم قال : هذه أمانتي عندك فلا تضيعها إلا في حقها
فالفرج أمانة والسمع أمانة والبصر أمانة
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الايمان عن ابن عمرو رضي الله عنه قال : من
تضييع الامانة : النظر في الحجرات والدور
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" إلا ومن الأمانة إلا ومن الخيانة ان يحدث الرجل أخاه بالحديث فيقول : اكتم
عني
فيفشيه "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم " ان من أعظم الامانة عند الله يوم القيامة الرجل
يفضي إلى امرأته وتفضي اليه ثم ينشر سرها "
وأخرج الطبراني وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه وأبو يعلى والبيهقي
والضياء عن جابر رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه و سلم قال " اذا
حدث الرجل بالحديث ثم التفت فهي أمانة "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله ليعذب الله المنافقين
قال : هما اللذان ظلماها واللذان خاناها : المنافق والمشرك
وأخرج ابن جرير بسند ضعيف عن الحكم بن عمير وكان من أصحاب النبي
(6/671)
صلى الله عليه و سلم قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم " ان الأمانة والوفاء نزلا على ابن آدم مع الأنبياء فارسلوا به فمنهم رسول الله ومنهم نبي ومنهم نبي رسول الله ونزل القرآن وهو كلام الله ونزلت العربية والعجمية فعلموا أمر القرآن وعلموا أمر السنن بألسنتهم ولن يدع الله شئيا من أمره مما يأتون ومما يجتنبون وهي الحجج عليهم إلا بينت لهم فليس أهل لسان إلا وهم يعرفون الحسن من القبيح ثم الأمانة أول شيء يرفع ويبقى أثرها في جذور قلوب الناس ثم يرفع الوفاء والعهد والذمم وتبقى الكتب لعالم يعلمها وجاهل يعرفها وينكرها ولا يحملها حتى وصل الي والى أمتي فلا يهلك على الله إلا هالك ولا يغفله إلا تارك والحذر أيها الناس واياكم والوسواس الخناس فانما يبلوكم أيكم أحسن عملا " والله أعلم
(6/672)
بسم
الله الرحمن الرحيم -
سورة سبأ
مكية وآياتها أربع وخمسون
- مقدمة سورة سبأ أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن
عباس رضي الله عنه قال : نزلت سورة سبأ بمكة
وأخرج ابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : سورة سبأ مكية
- الحمد لله الذي له ما في السموات وما في الأرض وله الحمد في الآخرة وهو الحكيم
الخبير يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو
الرحيم الغفور وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب
لا يعزب عنه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في
كتاب مبين ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة ورزق كريم والذين
سعوا في آياتنا معاجزين أولئك لهم عذاب من رجز أليم ويرى الذين أوتوا العلم الذي
أنزل إليك من ربك هو الحق ويهدي إلى صراط العزيز الحميد وقال الذين كفروا هل ندلكم
على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد أفترى على الله كذبا أم به
جنة بل الذين لا يؤمنون
(6/673)
بالآخرة
في العذاب والضلال البعيد أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من السماء والأرض
إن نشأ نخسف بهم الأرض أو نسقط عليهم كسفا من السماء إن في ذلك لآية لكل عبد منيب
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في
قوله وهو الحكيم الخبير قال حكيم في أمره خبير بخلقه
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله يعلم ما يلج في الأرض قال : من
المطر وما يخرج منها قال : من النبات وما ينزل من السماء قال : الملائكة وما يعرج
فيها قال : الملائكة
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله قل بلى وربي
لتأتينكم عالم الغيب قال : يقول : بلى وربي عالم الغيب لتأتينكم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله أولئك لهم مغفرة ورزق كريم قال : مغفرة لذنوبهم ورزق كريم في الجنة والذين
سعوا في آياتنا معاجزين قال : أي لا يعجزون وفي قوله أولئك لهم عذاب من رجز اليم
قال : الرجز هو العذاب الأليم الموجع
وفي قوله ويرى الذين أوتوا العلم الذي أنزل اليك من ربك هو الحق قال : أصحاب محمد
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله ويرى الذين أوتوا العلم قال : الذين أوتوا
الحكمة من قبل قال : يعني المؤمنين من أهل الكتاب
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم قال : قال ذلك مشركو قريش إذا
مزقتم كل ممزق يقول : اذا أكلتكم الأرض وصرتم عظاما ورفاتا
وتقطعتكم السباع والطير انكم لفي خلق جديد انكم ستحيون وتبعثون قالوا : ذلك تكذيبا
به أفترى على الله كذبا أم به جنة قال : قالوا : إما أن يكون يكذب على الله واما
أن يكون مجنونا أفلم يروا إلى ما بين أيديهم وما خلفهم من
(6/674)
السماء
والأرض قال : انك ان نظرت عن يمينك وعن شمالك ومن بين يديك ومن خلفك رأيت السماء
والأرض ان نشأ نخسف بهم الأرض كما خسفنا بمن كان قبلهم أو نسقط عليهم كسفا من
السماء أي قطعا من السماء ان يشأ يعذب بسمائه فعل وان يشأ يعذب بأرضه فعل وكل خلقه
له جند قال قتادة رضي الله عنه : وكان الحسن رضي الله عنه يقول : ان الزبد لمن
جنود الله ان في ذلك لآية لكل عبد منيب قال قتادة : تائب مقبل على الله عز و جل
- قوله تعالى : ولقد آتينا داود منا فضلا يا جبال أوبي معه والطير وألنا له الحديد
أن اعمل سابغات وقدر في السرد واعملوا صالحا إني بما تعملون بصير
أخرج ابن أبي شيبه في المصنف وابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله أوبى
معه قال : سبحي معه
وأخرج ابن جرير عن أبي ميسرة رضي الله عنه أوبى معه قال : سبحي معه بلسان الحبشة
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه أوبي معه قال : سبحي
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة وأبي عبد الرحمن
مثله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه
في قوله يا جبال أوبي معه والطير أيضا يعني يسبح معه الطير
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن وهب رضي الله عنه قال : أمر الله الجبال والطير أن
تسبح مع داود عليه السلام اذا سبح
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن وهب رضي الله عنه قال : أمر الله الجبال والطير أن
تسبح مع داود عليه السلام اذا سبح
(6/675)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه انه قرأ الطير بالنصب بجملة قال : سخرنا له
الطير
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وألنا له الحديد قال :
كالعجين
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنهما في قوله وألنا
له الحديد قال : لين الله له الحديد فكان يسرده حلقا بيده يعمل به كما يعمل بالطين
من غير ان يدخله النار ولا يضربه بمطرقة وكان داود عليه السلام أول من صنعها وانما
كانت قبل ذلك صفائح من حديد يتحصنون بها من عدوهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله والنا له الحديد فيصير في يده
مثل العجين فيصنع منه الدروع
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله وقدر في السرد قال : حلق الحديد
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله وقدر في السرد قال
: السرد المسامير التي في الحلق
وأخرج عبد الرزاق والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وقدر في السرد قال :
لا تدق المسامير
وتوسع الحلق فتسلسل ولا تغلظ المسامير وتضيق الحلق فتنقصم واجعله قدرا
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه وقدر في السرد قال :
قدر المسامير والحلق لا تدق المسمار فيسلسل ولا تحلها فينقصم
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن أبي حاتم عن ابن شوذب رضي الله عنه قال
: كان داود عليه السلام يرفع في كل يوم درعا فيبيعها بستة آلاف درهم
ألفين له ولأهله وأربعة آلاف يطعم بها بني اسرائيل الخبز الحواري
(6/676)
-
قوله تعالى : ولسليمان الريح غدوها شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن
من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير
أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عاصم رضي الله عنه انه قرأ ولسليمان الريح رفع
الحاء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ولسليمان الريح غدوها
شهر ورواحها شهر قال : تغدو مسيرة شهر وتروح مسيرة شهر في يوم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الريح مسيرها شهران في يوم
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن
رضي الله عنه قال : ان سليمان عليه السلام لما شغلته الخيل فاتته صلاة العصر غضب
لله فعقر الخيل فأبدله الله مكانها خيرا منها وأسرع الريح تجري بأمره كيف شاء فكان
غدوها شهرا ورواحها شهرا وكان يغدو من ايليا فيقيل بقريرا ويروح من قريرا فيبيت
بكابل
وأخرج الخطيب في رواية مالك عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه قال : كان سليمان عليه
السلام يركب الريح من اصطخر فيتغدى ببيت المقدس ثم يعود فيتعشى باصطخر
وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن رضي الله عنه في قوله غدوها شهر ورواحها شهر قال :
كان سليمان عليه السلام يغدو من بيت المقدس فيقيل باصطخر ثم يروح من اصطخر فيقيل
بقلعة خراسان
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس
رضي الله عنهما في قوله وأسلنا له عين القطر قال : النحاس
(6/677)
وأخرج
الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن قوله
وأسلنا له عين القطر قال : أعطاه الله عينا من صفر تسيل كما يسيل الماء قال : وهل
تعرف العرف ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر : فالقى في مراجل من حديد قدور القطر ليس من البرام وأخرج عبد
الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه وأسلنا له عين القطر قال
: عين النحاس كانت باليمنوان ما يصنع الناس اليوم مما أخرج الله لسليمان عليه
السلام
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله وأسلنا له عين القطر قال : أسال
الله تعالى له القطر ثلاثة أيام يسيل كما يسيل الماء قيل : إلى أين ؟ قال : لا
أدري
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : سيلت له عين من نحاس ثلاثة أيام
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس رضي الله عنهما قال القطر النحاس
لم يقدر عليها أحد بعد سليمان عليه السلام وإنما يعمل الناس بعد فيما كان أعطى
سليمان
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه عين القطر قال : الصفر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : ليس كل
الجن صخر له كما تسمعون ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا
قال : يعدل عما يأمره سليمان عليه السلام
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد ومن يزغ منهم عن أمرنا قال : من الجن
- قوله تعالى : يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات
اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور
(6/678)
أخرج
ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل
قال : من شبه ورخام
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله من محاريب قال : بنيان دون القصور وتماثيل قال : من نحاس وجفان
قال : صحاف كالجوابي قال : الجفنة مثل الجوبة من الأرض وقدور راسيات قال : عظام
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية رضي الله عنه في الآية قال المحاريب القصور
والتماثيل الصور وجفان كالجواب قال : كالجوبة من الأرض
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في
قوله من محاريب قال : قصور ومساجد وتماثيل قال : من رخام وشبه وجفان كالجواب
كالحياض وقدور راسيات قال : ثابتات لا يزلن عن مكانهن كن يرين بأرض اليمن
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وتماثيل
قال : اتخذ سليمان عليه السلام تماثيل من نحاس فقال : يا رب انفخ فيها الروح فانها
أقوى على الخدمة فنفخ الله فيها الروح فكانت تخدمه وكان اسفيديار من بقاياهم فقيل
لداود عليه السلام اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور
وأخرج ابن جرير وابن أبي شيبه وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله من
محاريب قال : المساجد وتماثيل قال : الصور وجفان كالجواب قال : كحياض الإبل العظام
وقدور راسيات قال : قدرو عظام كانوا ينحتونها من الجبال
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وجفان كالجواب
قال : كالجوبة من الأرض وقدور راسيات قال : أثافيها منها
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله وجفان كالجواب قال : كالحياض الواسعة تسع الجفنة الجزور
(6/679)
قال
: وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت طرفة بن العبد وهو يقول : كالجوابي لا هي مترعة لقرى الأضياف أو للمحتضر
وقال أيضا : يجبر المجروب فينا ماله بقباب وجفان وخدم وأخرج عبد بن حميد عن الحسن
رضي الله عنه وجفان كالجواب قال : كالحياض وقدرو راسيات قال : القدور العظام التي
لا تحول من مكانها
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه وقدور راسيات قال :
عظام تفرغ افراغا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله إعملوا آل داود شكرا قال : إعملوا شكرا
لله على ما أنعم به عليكم
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن ابن شهاب في قوله إعملوا آل داود شكرا قال :
قولوا الحمد لله
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد في الزهد وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الايمان عن ثابت
البناني رضي الله عنه قال : بلغنا ان داود عليه السلام جزأ الصلاة على بيوته على
نسائه وولده فلم تكن تأتي ساعة من الليل والنهار إلا وانسان قائم من آل داود يصلي
فعمتهم هذه الآية اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي الشكور
وأخرج الفريابي وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال : قال داود لسليمان
عليهما السلام : قد ذكر الله الشكر فاكفني قيام النهار أكفك قيام الليل
قال : لا أستطيع قال : فاكفني صلاة النهار
فكفاه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي
الله عنه قال : الشكر تقوى الله والعمل بطاعته
وأخرج ابن أبي حاتم عن الفضيل رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : يا رب
كيف أشكرك والشكر نعمة منك ؟ قال : الآن شكرتني حين علمت أن النعم مني
وأخرج أحمد بن حنبل في الزهد وابن المنذر والبيهقي في شعب الايمان عن المغيرة بن
عتبة قال : قال داود عليه السلام : يا رب هل بات أحد من خلقك الليلة أطول
(6/680)
ذكرا
لك مني ؟ فأوحى الله اليه : نعم
الضفدع وأنزل الله تعالى على داود عليه السلام : يا رب كيف أطيق شكرك وأنت الذي
تنعم علي ثم ترزقني على النعمة الشكر
فالنعمة منك والشكر منك فكيف أطيق شكرك ؟ قال : يا داود الآن عرفتني حق معرفتي
وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي حاتم في كتاب الشكر والبيهقي في شعب الايمان عن أبي
الجلد رضي الله عنه قال : قرأت في مساءلة داود عليه السلام انه قال : اي رب كيف لي
أن أشكرك وأنا لا أصل إلى شكرك إلا بنعمتك ؟ قال : فأتاه الوحي : ان يا داود أليس
تعلم ان الذي بك من النعم مني ؟ قال : قال داود عليه السلام : الهي لو أن لكل شعرة
مني لسانين يسبحانك الليل والنهار والدهر كله ما قضيت حق نعمة واحدة من نعمك علي
وأخرج ابن المنذر عن السدي رضي الله عنه في قوله اعملوا آل داود شكرا قال : لم
ينفك منهم مصل
وأخرج ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الايمان عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :
لما قيل لهم اعملوا آل داود شكرا لم يأت على القوم ساعة إلا ومنهم يصلي
وأخرج ابن المنذر عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم وهو يخطب الناس على المنبر وقرأ هذه الآية اعملوا آل داود شكرا قال : "
ثلاث من أوتيهن فقد أوتي ما أوتي آل داود قيل : وما هن يا رسول الله ؟ قال : العدل
في الغضب والرضا والقصد في الفقر والغنى وذكر الله في السر والعلانية "
وأخرجه ابن مردويه من طريق عطاء بن يسار عن حفصة رضي الله عنها مرفوعا به وأخرجه
الحكيم الترمذي من طريق عطاء بن يسار عن أبي هريرة رضي الله عنه
مرفوعا به
وأخرجه ابن النجار في تاريخه من طريق عطاء بن يسار عن أبي ذر رضي الله عنه
مرفوعا به
وقال " خشية الله في السر والعلانية " والله أعلم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
وقليل من عبادي الشكور يقول : قليل من عبادي الموحدين توحيدهم
(6/681)
وأخرج
ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه قال : قال
رجل عند عمر رضي الله عنه : اللهم اجعلني من القليل
فقال عمر رضي الله عنه : ما هذا الدعاء الذي تدعو به ؟ قال : اني سمعت الله يقول
وقليل من عبادي الشكور فأنا أدعوا الله أن يجعلني من ذلك القليل فقال عمر رضي الله
عنه : كل الناس أعلم من عمر
- قوله تعالى : فلما قضينا عليه بالموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل
منسأته فلما خر تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين
أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : كان سليمان عليه السلام يخلو في
بيت المقدس السنة والسنتين والشهر والشهرين وأقل من ذلك وأكثر ويدخل طعامه وشرابه
فأدخله في المرة التي مات فيها وكان بدء ذلك انه لم يكن يوما يصبح فيه إلا نبتت في
بيت المقدس شجرة فيأتيها فيسالها ما اسمك ؟ فتقول : الشجرة اسمي كذا وكذا
فيقول لها : لأي شيء نبت ؟ فتقول : نبت لكذا وكذا
فيأمر بها فتقطع
فان كانت نبتت لغرس غرسها وان كانت نبتت دواء قالت : نبت دواء لكذا وكذا
فيجعلها لذلك حتى نبتت شجرة يقال لها الخرنوبة قال لها : لأي شيء نبت ؟ قالت : نبت
لخراب هذا المسجد فقال سليمان عليه السلام : ما كان الله ليخربه وأنا حي ! أنت
الذي على وجهك هلاكي وخراب بيت المقدس فنزعها فغرسها في حائط له ثم دخل المحراب
فقام يصلي متكئا على عصا فمات ولا تعلم به الشياطين في ذلك وهم يعملون له مخافة أن
يخرج فيعاقبهم
وكانت الشياطين حول المحراب يجتمعون وكان المحراب له كوا من بين يديه ومن خلفه
وكان الشيطان المريد الذي يريد ان يخلع يقول : ألست جليدا ؟ ان دخلت فخرجت من ذلك
الجانب فيدخل حتى يخرج من الجانب
(6/682)
الآخر
فدخل شيطان من أولئك فمر ولم يكن شيطان ينظر إلى سليمان إلا احترق فمر ولم يسمع
صوت سليمان ثم رجع فلم يسمع صوته ثم عاد فلم يسمع ثم رجع فوقع في البيت ولم يحترق
ونظر إلى سليمان قد سقط ميتا فخرج فأخبر الناس : ان سليمان قد مات ففتحوا عنه
فأخرجوه فوجدوا منسأته - وهي العصا بلسان الحبشة - قد أكلتها الارضة ولم يعلموا
منذ كم مات فوضعوا الارضة على العصا فأكلت منها يوم وليلة ثم حسبوا على نحو ذلك
فوجدوه قد مات منذ سنة
وهي في قراءة ابن مسعود فمكثوا يدينون له من بعد موته حولا كاملا فأيقن الناس عند
ذلك ان الجن كانوا يكذبون ولو انهم علموا الغيب لعلموا بموت سليمان عليه السلام
ولما لبثوا في العذاب سنة يعملون له ولو كنت تشربين أتيناك بأطيب الشراب ولكننا
ننقل اليك الطين والماء فهم ينقلون اليها حيث كانت ألم تر إلى الطين الذي يكون في
جوف الخشب فهو مما يأتيها الشياطين شكرا لها
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس دابة الأرض تأكل منسأته
عصاه
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال :
لبث سليمان عليه السلام على عصاه حولا بعدما مات ثم خر على رأس الحول فأخذت الأنس
عصا مثل عصاه ودابة مثل دابته فأرسلوها عليها فأكلتها في سنة
وكان ابن عباس يقرأ فلما خر تبينت الأنس ان لو كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في
العذاب المهين سنة قال سفيان : وفي قراءة ابن مسعود وهم يدأبون له حولا
وأخرج البزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن السنى في الطب
النبوي وابن مردويه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " كان
سليمان عليه السلام اذا صلى رأى شجرة نابتة بين يديه فيقول لها : ما أسمك ؟ فتقول
: كذا وكذا
فان كانت لغرس غرست وان كانت لدواء نبتت
فصلى ذات يوم فاذا شجرة نابتة بين يديه فقال : لها : ما أسمك ؟ قالت : الخرنوب
قال : لأي شيء أنت ؟ قالت : لخراب هذا البيت فقال سليمان عليه السلام : اللهم عم
عن الجن موتي
(6/683)
حتى
يعلم الأنس
ان الجن لا يعلمون الغيب فأخذ عصا فتوكأ عليها وقبضه الله وهو متكيء فمكث حينا
ميتا والجن تعمل فأكلتها الارضة فسقطت فعلموا عند ذلك بموته فتبينت الأنس
ان الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا حولا في العذاب المهين
وكان ابن عباس يقرأها كذلك فشكرت الجن الأرضة فأينما كانت يأتونها بالماء "
وأخرج البزار والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس
موقوفا
وأخرج الديلمي عن زيد بن أرقم
مرفوعا
يقول الله " أني تفضلت على عبادي بثلاث
ألقيت الدابة على الحبة ولولا ذلك لكنزتها الملوك كما يكنزون الذهب والفضة
وألقيت النتن على الجسد ولولا ذلك لم يدفن حبيب حبيبه وأسليت الحزين ولولا ذلك
لذهب التسلي "
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال : كانت الجن تخبر الأنس انهم يعلمون من الغيب
أشياء وانهم يعلمون ما في غد فابتلوا بموت سليمان عليه الصلاة و السلام فمات فلبث
سنة على عصاه وهم لا يشعرون بموته وهم مسخرون تلك السنة ويعملون دائبين فلما خر
تبينت الجن وفي بعض القراءة فلما خر تبينت الأنس أن لو كان الجن يعلمون الغيب ما
لبثوا في العذاب المهين وقد لبثوا يدأبون ويعملون له حولا بعد موته
وأخرج عبد بن حميد من طريق قيس بن سعد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت
الأنس تقول في زمن سليمان عليه السلام : ان الجن تعلم الغيب فلما مات سليمان عليه
السلام مكث قائما على عصاه ميتا حولا والجن تعمل بقيامه فلما خر تبينت الأنس أن لو
كان الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين كان ابن عباس رضي الله عنهما
كذلك يقرأها قال قيس بن سعد رضي الله عنه : وهي قراءة أبي بن كعب رضي الله عنه
كذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه قال : قال سليمان عليه السلام لملك
الموت : اذا أمرت بي فاعلمني فأتاه فقال : يا سليمان قد أمرت بك قد بقيت لك سويعة
فدعا الشياطين فبنوا عليه صرحا من قوارير ليس عليه باب فقام يصلي فاتكأ على عصاه
فدخل عليه ملك الموت عليه السلام فقبض
(6/684)
روحه
وهو متكيء على عصاه ولم يصنع ذلك فرارا من الموت قال : والجن تعمل بين يديه
وينظرون يحسبون انه حي فبعث الله دابة الأرض دابة تأكل العيدان يقال لها : القادح
فدخلت فيها فأكلتها حتى اذا أكلت جوف العصا ضعفت وثقل عليها فخر ميتا فلما رأت ذلك
الجن انفضوا وذهبوا
فذلك قوله ما دلهم على موته إلا دابة الأرض تأكل منسأته
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما رد
الله الخاتم اليه لم يصل صلاة الصبح يوما إلا نظر وراءه فاذا هو بشجرة خضراء تهتز
فيقول : يا شجرة أما يأكلنك جن ولا أنس ولا طير ولا هوام ولا بهائم فتقول : اني لم
أجعل رزقا لشيء ولكن دواء من كذا
ودواء من كذا
فقام الأنس والجن يقطعونها ويجعلونها في الدواء فصلى الصبح ذات يوم والتفت فاذا
بشجرة وراءه قال : ما أنت يا شجرة ؟ قالت : أنا الخرنوبة قال : والله ما الخرنوبة
إلا خراب بيت المقدس والله لا يخرب ما كنت حيا ولكني أموت فدعا بحنوط فتحنط وتكفن
ثم جلس على كرسيه ثم جمع كفيه على طرف عصاه ثم جعلها تحت ذقنه ومات فمكث الجن سنة
يحسبون أنه حي وكانت لا ترفع أبصارها اليه وبعث الله الارضة فأكلت طرف العصا فخر
منكبا على وجهه فعلمت الجن أنه قد مات
فذلك قوله تبينت الجن ولقد كانت الجن تعلم أنها لا تعلم الغيب ولكن في القراءة
الأولى تبينت الأنس أن لو كانت الجن يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : بلغت نصف العصا
فتركوها في النصف الباقي فأكلتها في حول فقالوا : مات عام أول
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : مكث سليمان بن داود عليه
السلام حولا على عصاه متكئا حتى أكلتها الأرضة فخر
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله إلا دابة
الأرض تأكل منسأته قال : عصاه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : الارضة أكلت
عصاه حتى خر
(6/685)
وأخرج
عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه تأكل منسأته قال : العصا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه أنه سئل عن المنسأة قال : هي
العصا وأنشد فيها شعرا قاله عبد المطلب : أمن أجل حبل لا أبالك صدته بمنسأة قد جر
حبلك أحبلا وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه قال : المنسأة العصا بلسان
الحبشة
- قوله تعالى : لقد كان لسبأ في مساكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم
واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم بجنتيهم
جنتين ذواتى أكل خمط واثل وشيء من سدر قليل ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا
الكفور وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير
سيروا فيها ليالي وأياما آمنين فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا وظلموا
أنفسهمفجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممزق إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور
أخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري في تاريخه والترمذي وحسنه وابن المنذر والحاكم
وصححه وابن مردويه عن فروة بن مسيك المرادي رضي الله عنه قال : أتيت النبي صلى
الله عليه و سلم فقلت : يا رسول الله ألا أقاتل من أدبر من قومي بمن أقبل منهم ؟
فاذن لي في قتالهم وأمرني فلما خرجت من عنده أرسل في أثري فردني فقال " ادع
القوم فمن أسلم منهم فاقبل منه ومن لم يسلم فلا تعجل حتى أحدث اليك وأنزل في سبأ
ما أنزل فقال رجل : يا رسول الله وما سبأ أرض أم امرأة ؟ قال : ليس بأرض ولا امرأة
ولكنه رجل ولد عشرة من العرب فتيامن منهم
(6/686)
ستة
وتشاءم منهم أربعة فاما الذين تشاءموا فلخم وجذام وغسان وعاملة
وأما الذين تيامنوا فالازد والاشعريون وحمير وكندة ومذحج وأنمار
فقال رجل : يا رسول الله وما أنمار ؟ قال : الذين منهم خثعم وبجيلة "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والطبراني وابن أبي حاتم وابن عدي والحاكم وصححه وابن
مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما " أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه و سلم
عن سبأ أرجل هو أو امرأة أم أرض ؟ فقال : بل هو رجل ولد عشرة فسكن اليمن منهم ستة
وبالشام منهم أربعة فأما اليمانيون فمذحج وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وحمير
وأما الشاميون فلخم وجذام وعاملة وغسان "
وأخرج الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ لقد
كان لسبأ في مساكنهم
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ لقد كان لسبأ بالخفض منونة مهموزة
في مساكنهم على الجماع بالألف
وأخرج الفريابي عن يحيى بن وثاب أنه يقرأها لقد كان لسبأ في مساكنهم
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال : كان لسأ جنتان بين جبلين فكانت
المرأة تمر ومكتلها على رأسها فتمشي بين جبلين فتمتليء فاكهة وما مسته بيدها فلما
طغوا بعث الله عليهم دابة يقال لها : الجرذ فنقب عليهم فغرقهم فما بقي منهم إلا
أثل وشيء من سدر قليل
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله لقد كان لسبأ في مساكنهم
قال لم يكن يرى في قريتهم بعوضة قط ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية وان الركب
ليأتون في ثيابهم القمل والدواب فما هو إلا أن ينظروا إلى بيوتها فتموت تلك الدواب
وان كان الانسان ليدخل الجنتين فيمسك القفة على رأسه ويخرج حين يخرج وقد امتلأت
تلك القفة من أنواع الفاكهة ولم يتناول منها شيئا بيده
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله بلدة طيبة ورب غفور قال : هذه البلد طيبة وربكم غفور لذنوبكم
وفي قوله فاعرضوا قال : بطر القوم أمر الله وكفروا نعمته
(6/687)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : كان أهل سبأ أعطوا ما لم يعطه أحد من
أهل زمانهم فكانت المرأة تخرج على رأسها المكتل فتريد حاجتها فلا تبلغ مكانها الذي
تريد حتى يمتليء مكتلها من أنواع الفاكهة فأجمعوا ذلك فكذبوا رسلهم وقد كان السيل
يأتيهم من مسيرة عشرة أيام حتى يستقر في واديهم فيجمع الماء من تلك السيول والجبال
في ذلك الوادي وكانوا قد حفروه بمسناة - وهم يسمون المسناة العرم - وكانوا يفتحون
اذا شاؤا من ذلك الماء فيسقون جنانهم اذا شاءوا فلما غضب الله عليهم وأذن في
هلاكهم دخل رجل إلى جنته - وهو عمرو بن عامر فيما بلغنا وكان كاهنا - فنظر إلى
جرذة تنقل أولادها من بطن الوادي إلى أعلى الجبل فقال : ما نقلت هذه أولادها من
ههنا إلا وقد حضر أهل هذه البلاد عذاب ويقدر أنها خرقت ذلك العرم فنقبت نقبا فسال
ذلك النقب ماء إلى جنته فأمر عمرو بن عامر بذلك النقب فسد فأصبح وقد انفجر بأعظم
ما كان فأمر به أيضا فسد ثم انفجر بأعظم ما كان فلما رأى ذلك دعا ابن أخيه فقال :
اذا أنا جلست العشية في نادي قومي فائتني فقل : علام تحبس علي مالي ؟ فاني سأقول
ليس لك عندي مال ولا ترك أبوك شيئا وانك لكاذب
فاذا أنا كذبتك فكذبني وأردد على مثل ما قلت لك فاذا فعلت ذلك فاني سأشتمك فاشتمني
فاذا أنت شتمتني لطمتك فاذا أنا لطمتك فقم فالطمني
قال : ما كنت لاستقبلك بذلك يا عم ! قال : بلى
فافعل فاني أريد بها صلاحك وصلاح أهل بيتك فقال الفتى فلطمه فقال الشيخ : يا معشر
بني فلان الطم فيكم ؟ لا سكنت في بلد لطمني فيه فلان أبدا من يبتاع مني
فلما عرف القوم منه الجد أعطوه فنظر إلى أفضلهم عطية فأوجب له البيع فدعا بالمال
فنقده وتحمل هو وبنوه من ليلته فتفرقوا
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان في سبأ كهنة
وكانت الشياطين يسترقون السمع فأخبروا الكهنة بشيء من أخبار السماء وكان فيهم رجل
كاهن شريف كثير المال أنه أخبر ان زوال أمرهم قد دنا وان العذاب قد أظلهم فلم يدر
كيف يصنع لأنه كان له مال كثير من عقر فقال لرجل
(6/688)
من
بنيه وهو أعزهم أخوالا : اذا كان غدا وأمرتك بأمر فلا تفعله فاذا نهرتك فانتهرني
فاذا تناولتك فالطمني قال : يا أبت لا تفعل ان هذا أمر عظيم وأمر شديد قال : يا
بني قد حدث أمر لا بد منه فلم يزل حتى هيأه على ذلك فلما أصبحوا واجتمع الناس قال
: يا بني افعل كذا وكذا
فأبى فأنتهره أبوه فأجابه فلم يزل ذلك بينهما حتى تناوله أبوه فوثب على أبيه فلطمه
فقال : ابني يلطمني علي بالشفرة قالوا : وما تصنع بالشفرة ؟ قال : اذبحه قالوا :
تذبح ابنك ! الطمه واصنع ما بدا لك فأبى إلا أن يذبحه فأرسلوا إلى أخواله فاعلموهم
بذلك فجاء أخواله فقالوا : خذ منا ما بدا لك فأبى إلا أن يذبحه قالوا : فلتموتن
قبل أن تدعوه قال : اشتروا مني دوري اشتروا مني أرضي فلم يزل حتى باع دوره وأرضه
وعقاره
فلما صار الثمن في يده وأحرزه قال : أي قوم ان العذاب قد أظلكم وزوال أمركم قد دنا
فمن أراد منكم دارا جديدا وجملا شديدا وسفرا فليلحق بعمان ومن أراد منكم الخمر
والخمير والعصير فليلحق ببصرى
ومن أراد منكم الراسخات في الوحل المطعمات في المحل المقيمات في الضحل فليلحق
بيثرب ذات نخل فأطاعه قوم فخرج أهل عمان إلى عمان وخرجت غسان إلى بصرى وخرجت الاوس
والخزرج وبنو كعب بن عمرو إلى يثرب فلما كانوا ببطن نخل قال بنو كعب : هذا مكان
صالح لا نبتغي به بدلا فأقاموا فلذلك سموا خزاعة لأنهم انخزعوا عن أصحابهم وأقبلت
الأوس والخزرج حتى نزلوا بيثرب
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله لقد كان لسبأ
قال : كان لهم مجلس مشيد بالمرمر فأتاهم ناس من النصارى فقالوا : أشكروا الله الذي
أعطاكم هذا قالوا : ومن أعطاناه ؟ إنما كان لآبائنا فورثناه فسمع ذلك ذو يزن فعرف
انه سيكون لكلمتهم تلك خبر فقال لابنه : كلامك علي حرام ذلك ذو يزن فعرف انه سيكون
لكلمتهم تلك خبر فقال لابنه : كلامك علي حرام ان لم تأت غدا وأنا في مجلس قومي
فتصك وجهي ففعل ذلك فقال : لا أقيم بأرض فعل هذا ابني بي فيها إلا من بيتاع مني
مالي فابتدره الناس فابتاعوه
(6/689)
فبعث
الله جرذا أعمى يقال له الخلد من جرذان عمى فلم يزل يحفر السد حتى خرقه فانهدم
وذهب الماء بالجنتين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : لقد بعث الله إلى
سبأ ثلاثة عشر نبيا فكذبوهم وكان لهم سد كانوا قد بنوه بنيانا أبدا وهو الذي كان
يرد عنهم السيل اذا جاء أن يغشى أموالهم وكان فيما يزعمون في علمهم من كهانتهم انه
إنما يخرب سدهم ذلك فارة فلم يتركوا فرجة بين حجرين إلا ربطو عندها هرة فلما جاء
زمانه وما أراد الله بهم من التفريق أقبلت فيما يذكرون فأرة حمراء إلى هرة من تلك
الهرر فساورنها ؟ حتى استأخرت عنها الهرة فدخلت في الفرجة التي كانت عندها فتغلغلت
بالسد فحفرت فيه حتى رققته للسيل وهم لا يدرون فلما ان جاء السيل وجد عللا فدخل
فيه حتى قلع السد وفاض على الأموال فاحتملها فلم يبق منها إلا ما ذكر عن الله
تبارك وتعالى
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في الآية قال : كانت أودية
اليمن تسيل إلى وادي سبأ وهو واد بين جبلين فعمد أهل سبأ فسدوا ما بين الجبلين
بالقير والحجارة وتركوا ما شاءوا لجناتهم فعاشوا بذلك زمانا من الدهر ثم انهم عتوا
وعملوا بالمعاصي فبعث الله على ذلك السد جرذا فنقبه عليهم فعرض الله مساكنهم
وجناتهم وبدلهم بمكان جنتهم جنتين خمط والخمط الاراك وائل الاثل القصير من الشجر
الذي يصنعون منه الأقداح
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله سيل
العرم قال : الشديد
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عمرو بن شرحبيل رضي
الله عنه سيل العرم قال : المنساة بلحن اليمن
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله سيل العرم قال : العرم بالحبشة
وهي المنساة التي يجتمع فيها الماء ثم ينشف
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء رضي الله عنه قال العرم اسم الوادي
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما سيل العرم قال : واد كان باليمن كان
يسيل إلى مكة
(6/690)
وأخرج
ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه قال : وادي سبأ يدعى العرم
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله سيل العرم السد ماء أحمر أرسله الله في السد فشقه وهمه وحفر
الوادي عن الجنتين فارتفعا وغار عنهما الماء فيبستا ولم يكن الماء الاحمر من السد
كان شيئا أرسله الله عليهم
وفي قوله أكل خمط قال : الخمط الاراك
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس أرسله الله عليهم
وفي قوله أكل خمط قال : الخمط الاراك
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله أكل
خمط قال : الاراك واثل قال : الطرفاء
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما ان نافع بن الازرق قال له : أخبرني عن
قوله أكل خمط قال : الاراك قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت الشاعر يقول : ما معول فود تراعى بعينها أغن غضيض الطرف من خلل الخمط
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن شرحبيل رضي الله عنه في قوله واثل قال الاثل شجر لا
يأكلها شيء وانما هي حطب
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال الخمط الاراك و الاثل النضار و السدر
النبق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله لقد كان
لسبأ في مساكنهم
قال : قوم أعطاهم الله نعمة وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته قال الله فاعرضوا قال
: ترك القوم أمر الله فارسلنا عليهم سيل العرم ذكر لنا العرم وادي سبأ كانت تجتمع
اليه مسايل من أودية شتى فعمدوا فسدوا ما بين الجبلين بالقير والحجارة وجعلوا عليه
أبوابا وكانوا يأخذون من مائة ما احتاجوا اليه ويسدون عنهم ما لم يعبؤا به من مائة
فلما تركوا أمر الله بعث الله عليهم جرذا فنقبه من أسفله فاتسع حتى غرق الله به
حروثهم وخرب به أراضيهم عقوبة بأعمالهم قال الله فبدلناهم بجنتيهم جنتين
(6/691)
ذواتي
أكل خمط والخمط الاراك و أكل بربرة و أثل وشيء من سدر قليل بينما شجر القوم من خير
الشجر اذ صيره الله من شر الشجر عقوبة بأعمالهم قال الله ذلك جزيناهم بما كفروا
وهل نجازي إلا كفورا ان الله اذا أراد بعبد كرامة أو خيرا تقبل حسناته واذا أراد
بعبد هوانا أمسك عليه بذنبه
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : الخمط هو الاراك
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وأبي مالك
مثله
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله وهل نجازي إلا الكفور قال : تلك المناقشة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن طاوس وهل نجازي إلا
الكفور قال : هو المناقشة في الحساب ومن نوقش الحساب عذب وهو الكافر لا يغفر له
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي حيوة وكان من أصحاب
علي قال : جزاء المعصية الوهن في العبادة والضيق في المعيشة والمنغص في اللذة قيل
: وما المنغص ؟ قال : لا يصادف لذة حلال إلا جاءه من ينغصه إياها
وأخرج ابن جرير عن مجاهد القرى التي باركنا فيها قال : الشام
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وجعلنا بينهم وبين القرى التي
باركنا فيها قال : هي قرى الشام
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير
مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله وجعلنا
بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة قال : كان فيما بين اليمن إلى الشام
قرى متواصلة و القرى التي باركنا فيها الشام
كان الرجل يغدو فيقبل في القرية ثم يروح فيبيت في القرية الاخرى وكانت المرأة تخرج
وزنبيلها على رأسها فما تبلغ حتى يمتلىء من كل الثمار
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن أبي
ملكية في قوله وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها قرى ظاهرة
(6/692)
قال
: كانت قراهم متصلة ينظر بعضهم إلى بعض وثمرهم متدل فبطروا
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله وقدرنا فيها السير قال : دانينا فيها السير
وأخرج اسحق بن بشر وابن عساكر عن ابن عباس في قوله وجعلنا بينهم يعني بين مساكنهم
وبين القرى التي باركنا فيها يعني الأرض المقدسة قرى فيما بين منازلهم مساكنهم
وبين أرض الشام سيروا فيها يعني اذا ظعنوا من منازلهم إلى أرض الشام من الأرض
المقدسة
وأخرج ابن عساكر عن زيد بن أسلم في قوله ظاهرة قال : قرى بالشام
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه في قوله سيروا فيها ليالي وأياما آمنين قال : لا يخافون جوعا ولا ظمأ
انما يغدون فيقيلون في قرية ويروحون فيبيتون في قرية أهل جنة ونهر حتى ذكر لنا :
أن المرأة كانت تضع مكتلها على رأسها فيمتلىء قبل أن ترجع إلى أهلها وكان الرجل
يسافر لا يحمل معه زادا فبطروا النعمة فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا فمزقوا كل
ممزق وجعلوا أحاديث
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا قال : قالوا يا ليت
هذه القرى يبعد بعضها عن بعض فنسير على نجائبنا
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن يعمر رضي الله عنه انه قرأ قالوا ربنا بعد بين
أسفارنا مثقلة قال : لم يدعوا على أنفسهم ولكن شكوا ما أصابهم
وأخرج عبد بن حميد عن الكلبي رضي الله عنه انه قرأ قالوا ربنا بعد بين أسفارنا
مثقلة على معنى فعل
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن أبي الحسن رضي الله عنه انه قرأ بعد بين أسفارنا
بنصب الباء ورفع العين
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه انه قرأ ربنا بالنصب باعد بنصب الباء وكسر
العين على الدعاء
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه في
(6/693)
قوله
ومزقناهم كل ممزق قال : أما غسان فلحقوا بالشام وأما الانصار فلحقوا بيثرب وأما
خزاعة فلحقوا بتهامة وأما الازد فلحقوا بعمان
فمزقهم الله كل ممزق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ان في
ذلك لآيات لكل صبار شكور
قال : مطرف في قوله ان في ذلك لآيات نعم العبد الصبار الشكور الذي إذا أعطي شكر
واذا ابتلي صبر
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير والبيهقي في شعب الايمان عن عامر رضي الله عنه قال
: الشكر نصف الايمان والصبر نصف الايمان واليقين الايمان كله
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء قال : سمعت أبا القاسم صلى الله عليه و سلم يقول :
" ان الله قال : يا عيسى بن مريم اني باعث بعدك أمة ان أصابهم ما يحبون حمدوا
وشكروا وان أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا ولا حلم ولا علم
قال : يا رب كيف يكون هذا لهم ولا حلم ولا علم ؟ قال : أعطيهم من حلمي وعلمي
"
وأخرج أحمد ومسلم والبيهقي في شعب الايمان والدارمي وابن حبان عن صهيب قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " عجبا لأمر المؤمن أمر المؤمن كله خير ان
أصابته سراء شكر كان خيرا وان أصابته ضراء صبر كان خيرا "
وأخرج أحمد والبيهقي عن سعد بن أبي وقاص قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " عجبت للمؤمن ان أعطي قال الحمد لله فشكر وان ابتلي قال الحمد لله فصبر
فالمؤمن يؤجر على كل حال حتى اللقمة يرفعها إلى فيه "
وأخرج البيهقي في الشعب وابو نعيم عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " من نظر في الدين إلى من هو فوقه وفي الدنيا إلى من هو تحته
كتبه الله صابرا وشاكرا ومن نظر في الدين إلى من هو تحته ونظر في الدنيا إلى من هو
فوقه لم يكتبه الله صابرا ولا شاكرا " والله سبحانه وتعالى أعلم
(6/694)
-
قوله تعالى : ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إلا فريق من المؤمنين وما كان لهم
عليه من سلطان إلا لنعلم من يؤمن بالآخرة ممن هو منها في شك وربك على كل شيء حفيظ
أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ولقد صدق
عليهم ابليس ظنه قال ابليس : ان آدم خلق من تراب ومن طين ومن حمأ مسنون خلقا ضعيفا
واني خلقت من نار والنار تحرق كل شيء لاحتنكن ذريته إلا قليلا الاسراء الآية 62
قال : فصدق ظنه عليهم فاتبعوه إلا فريقا من المؤمنين قال : هم المؤمنون كلهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما انه كان
يقرأها ولقد صدق عليهم ابليس ظنه مشددة قال : ظن بهم ظنا فصدقه
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ولقد صدق عليهم
ابليس ظنه قال : على الناس إلا من أطاع ربه
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله ولقد صدق عليهم ابليس ظنه ظن بهم فوافق ظنه
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : لما أهبط آدم عليه السلام من
الجنة ومعه حواء عليها السلام هبط ابليس فرحا بما أصاب منهما وقال : اذا أصبت من
الابوين ما أصبت فالذرية أضعف وكان ذلك ظنا من ابليس عند ذلك فقال : لا أفارق ابن
آدم ما دام فيه الروح أغره وأمنيه وأخدعه فقال الله تعالى : " وعزتي لا أحجب
عنه التوبة ما لم يغرغر بالموت ولا يدعوني إلا أجبته ولا يسألني إلا أعطيته ولا
يستغفرني إلا غفرت له "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي
الله عنه في قوله وما كان عليهم من سلطان قال : والله ما ضربهم
(6/695)
بعصا
ولا سيف ولا سوط وما أكرههم على شيء وما كان إلا غرورا وأماني دعاهم اليها فاجابوه
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله إلا لنعلم
قال : انما كان بلاء ليعلم الله الكافر من المؤمن
- قوله تعالى : قل ادعوا الذين زعمتم من دون الله لا يملكون مثقال ذرة في السماوات
ولا في الأرض وما لهم فيهما من شرك وما له منهم من ظهير
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه وما لهم فيها من
شرك يقول : ما لله من شريك في السموات ولا في الأرض وما له منهم قال : من الذين
دعوا من دونه من ظهير يقول : من عون بشيء
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله وما له منهم من ظهير يقول : من
عون من الملائكة
- قوله تعالى : ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن لهحتى إذا فزع عن قلويهم قالوا
ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير قل من يرزقكم من السماوات والأرض قل
الله وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل
عما تعملون قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا بالحق وهو الفتاح العليم قل أروني
الذين ألحقتم به شركاء كلا بل هو الله العزيز الحكيم
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله فزع عن قلوبهم
قال : خلى
(6/696)
وأخرج
ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما أوحى الجبار إلى
محمد صلى الله عليه و سلم دعا الرسول من الملائكة ليبعثه بالوحي فسمعت الملائكة
عليهم السلام صوت الجبار يتكلم بالوحي فلما كشف عن قلوبهم سئلوا عما قال الله
فقالوا : الحق
وعلموا أن الله تعالى لا يقول إلا حقا قال ابن عباس رضي الله عنهما : وصوت الوحي
كصوت الحديد على الصفا فلما سمعوا خروا سجدا فلما رفعوا رؤوسهم قالوا ماذا قال
ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان اذا نزل الوحي كان صوته
كوقع الحديد على الصفوان فيصعق أهل السماء حتى اذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال
ربكم قالت الرسل عليهم السلام الحق وهو العلي الكبير
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
ينزل الامر إلى السماء الدنيا له وقع كوقعة السلسلة على الصخرة فيفزع له جميع أهل
السموات فيقولون ماذا قال ربكم ثم يرجعون إلى أنفسهم فيقولون الحق وهو العلي
الكبير
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم
وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي في الدلائل من طريق معمر عن الزهري عن علي بن حسين
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم جالسا في نفر
من أصحابه فرمى بنجم فاستنار قال : ما كنتم تقولون اذا كان هذا في الجاهلية ؟
قالوا : كنا نقول يولد عظيم أو يموت عظيم قال : فانها لا ترمى لموت أحد ولا لحياته
ولكن ربنا إذا قضى أمرا سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلون حملة العرش
فيقول الذين يلون حملة العرش ماذا قال ربكم فيخبرونهم ويخبر أهل كل سماء سماء حتى
ينتهي الخبر إلى هذه السماء وتخطف الجن السمع فيرمون فما جاؤا به على وجهه فهو محق
ولكنهم يحرفونه ويزيدون فيه قال معمر : قلت للزهري : أكان يرمي بها في الجاهلية ؟
قال : نعم
قال أرأيت وانا كنا نعقد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا الجن
الآية 9 قال : غلظت وشدد أمرها حين بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري وأبو داود والترمذي وابن
(6/697)
ماجه
وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الاسماء والصفات عن
أبي هريرة رضي الله عنه
ان النبي صلى الله عليه و سلم قال : " اذا قضى الله الامر في السماء ضربت
الملائكة باجنحتها خضعانا لقوله كأنه سلسلة على صفوان يفزعهم ذلك فاذا فزع عن قلوبهم
قالوا ماذا قال ربكم قالوا الذي قال الحق وهو العلي الكبير فيسمعها مسترقوا السمع
ومسترقوا السمع هكذا واحد فوق آخر
وصف سفيان بيده وفرج وبين أصابعه نصبها بعضها فوق بعض
فيسمع الكلمة فيلقيها إلى من تحته ثم يلقيها الآخر إلى من تحته يلقيها على لسان
الساحر أو الكاهن فربما أدركه الشهاب قبل ان يلقيها وربما ألقاها قبل أن يدركه
فيكذب معها مائة كذبة فيقال : أليس قد قال لنا يوم كذا
وكذا
وكذا ؟ فيصدق بتلك الكلمة التي سمعت من السماء "
وأخرج ابن جرير وابن خزيمة وابن أبي حاتم والطبراني وأبو الشيخ في العظمة وابن
مردويه والبيهقي في الاسماء والصفات عن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " اذا أراد الله أن يوحي بامر تكلم بالوحي
فاذا تكلم بالوحي أخذت السماء رجفة شديدة من خوف الله تعالى فاذا سمع بذلك أهل
السموات صعقوا وخروا سجدا فيكون أول من يرفع رأسه جبريل عليه السلام فيكلمه الله
من وحيه بما أراد فيمضي به جبريل عليه السلام على الملائكة عليهم السلام كلما مر
بسماء سماء سأله ملائكتها : ماذا قال ربنا يا جبريل ؟ فيقول قال الحق وهو العلي
الكبير فيقولون كلهم مثل ما قال جبريل عليه السلام فينتهي جبريل عليه السلام
بالوحي حيث أمره الله من السماء والارض "
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه و سلم قرأ
فرغ عن قلوبهم يعني بالراء والغين والمعجمة
وأخرج البيهقي وابن أبي شيبه وابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس في
قوله عز و جل حتى اذا فزع عن قلوبهم قال : كان لكل قبيل من الجن مقعد في السماء
يستمعون منه الوحي وكان اذا نزل الوحي سمع له صوت كامرار السلسلة على الصفوان فلا
ينزل على أهل سماء إلا صعقوا حتى اذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا
الحق وهو العلي الكبير وان كان مما يكون في الأرض من أمر
(6/698)
الغيب
أو موت أو شيء مما يكون في الأرض تكلموا به فقالوا : يكون كذا
وكذا
فسمعته الشياطين فنزلوا به على أوليائهم يقولون : يكون العام كذا ويكون كذا فيسمعه
الجن فيخبرون الكهنة به والكهنة تخبر به الناس يقولون : يكون كذا وكذا
فيجدونه كذلك فلما بعث الله محمد صلى الله عليه و سلم دحروا بالنجوم فقالت العرب
حين لم يخبرهم الجن بذلك : هلك من في السماء فجعل صاحب الابل ينحر كل يوم بعيرا
وصاحب البقر ينحر كل يوم بقرة وصاحب الغنم شاة حتى أسرعوا في اموالهم فقالت ثقيف :
وكانت أعقل العرب : أيها الناس أمسكوا عليكم أموالكم فانه لم يمت من في السماء وان
هذا ليس بانتشاء ألستم ترون معالمكم من النجوم كما هي والشمس والقمر والنجوم
والليل والنهار قال : فقال ابليس لقد حدث اليوم في الأرض حدث فائتوني من تربة كل
أرض فاتوه بها فجعل يشمها فلما شم تربة مكة قال : من ههنا جاء الحديث منتشرا
فنقبوا فاذا رسول الله صلى الله عليه و سلم قد بعث
وأخرج أبو داود والبيهقي في الاسماء والصفات عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
" اذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء الدنيا صلصلة كجر السلسلة على الصفا
فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل عليه السلام فاذا جاءهم جبريل عليه
السلام فزع عن قلوبهم فيقولون يا جبريل : ماذا قال ربنا ؟ فيقول الحق فيقولون :
الحق
الحق "
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابو الشيخ
في العظمة وابن مردويه والبيهقي من وجه آخر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : اذا
تكلم الله بالوحي سمع أهل السموات صلصلة كجر السلسلة على الصفوان فيصعقون فلا
يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل عليه السلام فاذا اتاهم جبريل عليه السلام فزع عن
قلوبهم قالوا يا جبريل : ماذا قال ربنا ؟ فيقول الحق فينادون الحق الحق
وأخرج ابن مردويه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " لما نزل جبريل بالوحي على رسول الله فزع أهل السموات لا نحطاطه
وسمعوا صوت الوحي كاشد ما يكون من صوت الحديد على الصفا فكلما مر بأهل سماء
(6/699)
فزع
عن قلوبهم فيقولون : يا جبريل بماذا أمرت ؟ فيقول : نور العزة العظيم كلام الله
بلسان عربي
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : يوحي الله إلى جبريل عليه
السلام فتفزع الملائكة عليهم السلام من مخافة أن يكون شيء من أمر الساعة فاذا خلى
عن قلوبهم وعلموا ان ذلك ليس من أمر الساعة قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق
وأخرج أبو نصر السجزي في الابانة عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " رأيت جبريل عليه السلام وزعم ان اسرافيل عليه السلام
يحمل العرش وان قدمه في الأرض السابعة والالواح بين عينيه فاذا أراد ذو العرش أمرا
سمعت الملائكة كجر السلسلة على الصفا فيغشى عليهم فاذا قاموا قالوا ماذا قال ربكم
قال من شاء الله الحق وهو العلي الكبير
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة والكلبي رضي الله عنهما في
قوله حتى اذا فزع عن قلوبهم قالا : لما كانت الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليه
و سلم فنزل الوحي مثل صوت الحديد فافزع الملائكة عليهم السلام ذلك حتى اذا فزع عن
قلوبهم قالوا : اذا جلى عن قلوبهم ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم في الآية قال : زعم ابن مسعود أن الملائكة المعقبات
الذين يختلفون إلى أهل الأرض يكتبون أعمالهم اذا أرسلهم الرب تبارك وتعالى
فانحدروا سمع لهم صوت شديد فيحسب الذي أسفل منهم من الملائكة أنه من أمر الساعة
فيخرون سجدا وهكذا كلما مروا عليهم فيفعلون ذلك من خوف ربهم تبارك وتعالى
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : اذا قضى الله تبارك وتعالى أمرا رجفت السموات
والارض والجبال وخرت الملائكة كلهم سجدا حسبت الجن أن أمرا يقضى فاسترقت فلما قضي
الامر رفعت الملائكة رؤوسهم
وهي هذه الآية حتى اذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا جميعا الحق وهو العلي
الكبير
وأخرج ابن الانباري عن الحسن رضي الله عنه أنه كان يقرأ حتى اذا فزع عن
(6/700)
قلوبهم
ثم يفسره حتى اذا انجلى عن قلوبهم
وأخرج ابن أبي شيبه من طريق آخر رضي الله عنه أنه كان يقرأ فزع عن قلوبهم قال : ما
فيها من الشك والتكذيب
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله حتى اذا فزع عن قلوبهم قال : فزع
الشيطان عن قلوبهم ففارقهم وأمانيهم وما كان يضلهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق
وهو العلي الكبير قال : وهذا في بني آدم عند الموت أقروا حين لا ينفعهم الاقرار
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في
قوله حتى اذا فزع عن قلوبهم قال : كشف الغطاء عنها يوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم والضحاك أنهما كانا يقراآن حتى اذا فزع عن قلوبهم
يقولان : جلى عن قلوبهم
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن سيرين أنه سأل كيف تقرأ هذه الآية حتى اذا فزع عن
قلوبهم أو فزع عن قلوبهم ؟ قال اذا فزع عن قلوبهم قال : فان الحسن يقول برأيه
أشياء أهاب أن أقولها
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ حتى اذا فزع عن قلوبهم بالعين مثقلة الزاي
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ثم أمره الله أن
يسأل الناس فقال قل من يرزقكم من السموات والارض
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة
في قوله وانا أو اياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين قال انا نحن لعلى هدى وانكم في
ضلال مبين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وانا أو اياكم
قال : قد قال ذلك أصحاب محمد للمشركين والله ما نحن وأنتم على أمر واحد ان أحد
الفريقين مهتد
وفي قوله قل يجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا أي يقضي
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الاسماء والصفات عن
(6/701)
ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله الفتاح قال : القاضي
- قوله تعالى : وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا
يعلمون ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين قل لكم ميعاد يوم لا تستأخرون عنه
ساعة ولا تستقدمون
أخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر عن مجاهد في قوله وما أرسلناك إلا كافة للناس قال :
إلى الناس جميعا
وأخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله كافة الناس قال : للناس عامة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وما أرسلناك إلا كافة
للناس قال : أرسل الله محمدا صلى الله عليه و سلم إلى العرب والعجم فاكرمهم على
الله أطوعهم له
وأخرج ابن المنذر عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي
بعثت إلى الناس كافة إلى كل أبيض وأحمر وأطعمت أمتي المغنم لم يطعم أمة قبل أمتي
ونصرت بالرعب بين يدي من مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا واعطيت الشفاعة
فادخرتها لأمتي يوم القيامة "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي
بعثت إلى الناس كافة الاحمر والاسود وانما كان النبي يبعث إلى قومه ونصرت بالرعب
يرعب مني عدوي على مسيرة شهر وأطعمت المغنم وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأعطيت
الشفاعة فادخرتها لأمتي إلى يوم القيامة وهي ان شاء الله نائلة من لا يشرك لبالله
شيئا "
(6/702)
-
قوله تعالى : وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه ولو ترى غذ
الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين
استكبروا لولا أنتم لكنا مؤمنين قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم
عن الهدى بعد إذ جاءكم بل كنتم مجرمين وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر
الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا وأسروا الندامة لما رأوا
العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا هل يجزون إلا ما كانوا يعملون
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله وقال الذين كفروا لن نؤمن
بهذا القرآن قال : هذا قول مشركي العرب كفروا بالقرآن ولا بالذي بين يديه من الكتب
والانبياء
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ولا بالذي بين يديه قال : التوراة والانجيل
وفي قوله يقول الذين استضعفوا قال : هم الاتباع للذين استكبروا قال : هم القادة
وفي قوله بل مكر الليل والنهار يقول : غركم اختلاف الليل والنهار
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله
عنه في قوله بل مكر الليل والنهار قال : بل مكركم بما في الليل والنهار
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله بل مكر الليل والنهار قال : بل
مكركم بالليل والنهار
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله بل مكر الليل
والنهار قال : بل مكركم بما في الليل والنهار يا أيها العظماء والرؤساء حتى
أزلتمونا عن عبادة الله تعالى
(6/703)
أما
قوله تعالى : وجعلنا الاغلال في أعناق الذين كفروا
أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : ما في جهنم دار ولا مغار ولا غل
ولا قيد ولا سلسلة إلا اسم صاحبها عليها مكتوب
فحدث به أبو سليمان الداراني رضي الله عنه فبكى ثم قال : فكيف به لو جمع هذا كله
عليه فجعل القيد في رجليه والغل في يديه والسلسلة في عنقه ثم أدخل الدار وأدخل
المغار
- قوله تعالى : وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا بما أرسلتم به
كافرون وقالوا نحن أكثر أموالا وأولادا وما نحن بمعذبين قل إن ربي يبسط الرزق لمن
يشاء ويقدر ولكن أكثر الناس لا يعلمون
أخرج ابن أبي شيبه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن زيد قال : كان رجلان شريكان
خرج أحدهما إلى الساحل وبقي الآخر فلما بعث النبي صلى الله عليه و سلم كتب إلى
صاحبه يسأله
ما فعل ؟ فكتب اليه أنه لم يتبعه أحد من قريش إلا رذالة الناس ومساكينهم فترك
تجارته واتى صاحبه فقال له : دلني عليه وكان يقرأ الكتب فاتى النبي صلى الله عليه
و سلم فقال : إلام تدعو ؟ قال " إلى كذا وكذا
قال : أشهد أنك رسول الله قال : ما علمك بذلك ؟ قال : انه لم يبعث نبي إلا اتبعه
رذالة الناس ومساكينهم
فنزلت هذه الآية وما أرسلنا في قرية من نذير إلا قال مترفوها
الآيات
فارسل اليه النبي صلى الله عليه و سلم ان الله قد أنزل تصديق ما قلت "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله إلا قال
مترفوها قال : هم جبابرتهم ورؤوسهم وأشرافهم وقادتهم في الشر
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله إلا قال مترفوها قال : جبابرتها
(6/704)
-
قوله تعالى : وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا زلفى إلا من آمن وعمل
صالحا فأولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون والذين يسعون في
آياتنا معاجزين أولئك في العذاب محضرون
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله عندنا
زلفى قال : قربى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : لا تعتبروا
الناس بكثرة المال والولد وان الكافر يعطى المال وربما حبسه عن المؤمن
وأخرج ابن أبي حاتم عن طاوس أنه كان يقول : اللهم ارزقني الايمان والعمل وجنبني
المال والولد فاني سمعت فيما أوحيت وما أموالكم ولا أولادكم بالتي تقربكم عندنا
زلفى
وأخرج أحمد ومسلم وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " ان الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى
قلوبكم وأعمالكم "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله فأولئك لهم جزاء
الضعف بما عملوا قال : بالواحد عشرا وفي سبيل الله بالواحد سبعمائة
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاصول وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب
رضي الله عنه قال : اذا كان المؤمن غنيا تقيا آتاه الله أجره مرتين
وتلا هذه الآية وما أموالكم إلى قوله فاولئك لهم جزاء الضعف قال : تضعيف الحسنة
أما قوله تعالى : وهم في الغرفات آمنون
أخرج ابن أبي شيبه والترمذي وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ان في الجنة لغرفا يرى ظهورها من
بطونها وبطونها من ظهورها
قالوا : لمن هي ؟ قال : لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل
والناس نيام "
(6/705)
-
قوله تعالى : قل إن ربي يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له وما أنفقتم من شيء
فهو يخلفه وهو خير الرازقين
أخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه أنه سأل عن قوله وما أنفقتم من شيء فهو
يخلفه النفقة في سبيل الله قال : لا
ولكن نفقة الرجل على نفسه وأهله فالله بخلفه
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري في الادب المفرد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي
في شعب الايمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه
قال : في غير اسراف ولا تقتير
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " ما أنفقتم على أهليكم في غير اسراف ولا تقتير فهو في سبيل
الله "
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله
وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه قال : من غير اسراف ولا تقتير
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه قال
: اذا كان لاحدكم شيء فليقتصد ولا يتاول هذه الآية وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه
فان الرزق مقسوم يقول : لعل رزقه قليل وهو ينفق نفقة الموسع عليه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه وما أنفقتم من
شيء فهو يخلفه قال : ما كان من خلف فهو منه وربما أنفق الانسان ماله كله في الخير
ولم يخلف حتى يموت
ومثلها وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها هود الآية 6 يقول : ما آتاهم من
رزق فمنه وربما لم يرزقها حتى تموت
وأخرج البيهقي في شعب الايمان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن النبي
(6/706)
صلى
الله عليه و سلم قال : " كل ما أنفق العبد نفقة فعلى الله خلفها ضامنا إلا
نفقة في بنيان أو معصية "
وأخرج ابن عدي في الكامل والبيهقي من وجه آخر عن محمد بن المنكدر عن جابر رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " كل معروف صدقة وما أنفق
المرء على نفسه وأهله كتب له به صدقة وما وقي به عرضه كتب له به صدقة وكل نفقة
انفقها مؤمن فعلى الله خلفها ضامن إلا نفقة في معصية أو بنيان
قيل لابن المنكدر : وما أراد بما وقي به المرء عرضه كتب له به صدقة ؟ قال : ما
اعطى الشاعر وذا اللسان المتقى "
وأخرج أبو يعلى وابن أبي حاتم وابن مردويه بسند ضعيف عن حذيفة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إلا ان بعد زمانكم هذا زمانا عضوضا
يعض الموسر على ما في يده حذر الانفاق قال الله وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه
"
وأخرج البخاري وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه
و سلم قال " قال الله عز و جل : أنفق يا ابن آدم أنفق عليك "
وأخرج ابن مردويه عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه سمعت رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقول : " ان لكل يوم نحسا فادفعوا نحس ذلك اليوم بالصدقة ثم قال :
اقرؤا مواضع الخلف فاني سمعت الله يقول وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه اذا لم تنفقوا
كيف يخلف "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الاصول عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : " ان المعونة تنزل من السماء على قدر المؤونة "
وأخرج الحكيم والترمذي عن الزبير بن العوام رضي الله عنه قال : جئت حتى جلست بين
يدي رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخذ بطرف عمامتي من ورائي
ثم قال : " يا زبير إني رسول الله إليك خاصة وإلى الناس عامة أتدرون ماذا قال
ربكم ؟ قلت : الله ورسوله أعلم قال : ربكم حين استوى على عرشه فنظر خلقه : عبادي
أنتم خلقي وأنا ربكم أرزاقكم بيدي فلا تتبعوا فيما تكفلت لكم فاطلبوا مني أرزاقكم
أتدرون ماذا قال ربكم ؟ قال الله تبارك وتعالى : أنفق أنفق عليك وأوسع أوسع عليك
ولا تضيق أضيق عليك ولا تصر فأصر عليك ولا تحزن فأحزن
(6/707)
عليك
إن باب الرزق مفتوح من فوق سبع سموات متواصل إلى العرش لا يغلق ليلا ولا نهارا
ينزل الله منه الرزق على كل امرئ بقدر نيته وعطيته وصدقته ونفقته فمن أكثر أكثر له
ومن أقل أقل له ومن أمسك أمسك عليه يا زبير فكل وأطعم ولا توك فيوكى عليك ولا تحص
فيحصى عليك ولا تقتر فيقتر عليك ولا تعسر فيعسر عليك يا زبير إن الله يحب الإنفاق
ويبغض الإقتار وإن السخاء من اليقين والبخل من الشك فلا يدخل النارمن أيقن ولا
يدخل الجنة من شك
يا زبير إن الله يحب السخاوة ولو بفلقة تمرة والشجاعة ولو بقتل عقرب أو حيه
يا زبير إن الله يحب الصبر عند زلزلة الزلازل واليقين النافذ عند مجيء الشهوات
والعقل الكامل عند نزول الشبهات والورع الصادق عند الحرام والخبيثات
يا زبير عظم الإخوان وجلل الأبرار ووقر الأخيار وصل الجار ولا تماشي الفجار
من فعل ذلك دخل الجنة بلا حساب ولا عذاب هذه وصية الله إلي ووصيتي إليك
"
- قوله تعالى : ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون
قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون فاليوم
لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا ونقول للذين ظلموا ذوقوا عذاب النار التي كنتم
بها تكذبون وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات قالوا ما هذا إلا رجل يريد أن يصدكم عما
كان يعبد آباؤكم وقالوا ما هذا إلا إفك مفترى وقال الذين كفروا للحق لما جاءهم إن
هذا إلا سحر مبين وما أتيناهم من كتب يدرسونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير وكذب
الذين من قبلهم وما بلغوا معشار ما آتيناهم فكذبوا رسلي فكيف كان نكير
(6/708)
أخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله ثم نقول
للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون ؟ قال : استفهام كقوله لعيسى عليه السلام أأنت
قلت للناس المائده الآيه116
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله بل كانوا يعبدون الجن قال :
الشيطان
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله وما آتيناهم من كتب يدرسونها قال : لم يكن
عندهم كتاب يدرسونه فيعلمون أن ما جئت به حق أم باطل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في
قوله وما آتيناهم من كتب يدرسونها أي يقرؤونها وما أرسلنا إليهم قبلك من نذير وقال
: وإن من أمة إلا خلا فيها نذير فاطر الآيه 24 ولا ينقص هذا هذا ولكن كلما ذهب نبي
فمن بعده في نذارته حتى يخرج النبي الآخر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما وما بلغوا
معشار ما آتيناهم يقول : من القدرة في الدنيا
وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي الله عنه في قوله وكذب الذين من قبلهم قال :
القرون الأولى وما بلغوا أي الذين كفروا بمحمد صلى الله عليه و سلم معشار ما
آتيناهم من القوه والإجلال والدنيا والأموال
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في
قوله وكذب الذين من قبلهم قال : كذب الذين قبل هؤلاء وما بلغوا معشار ما آتيناهم
قال : يخبركم أنه أعطى القوم ما لم يعطكم من القوة وغير ذلك فكيف كان نكير يقول :
فقد أهلك الله أولئك وهم أقوى وأخلد
قوله تعالى : قل إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله مثنى وفرادى ثم تتفكروا ما
بصاحبكم من جنة إن هو إلا نذير لكم بين يدي عذاب شديد
أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله
(6/709)
عنه
قل إنما أعظكم بواحدة قال : بطاعة الله أن تقوموا لله مثنى وفرادى قال : واحد
واثنين
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قل إنما أعظكم بواحدة قال :
بلا إله إلا الله
وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي الله عنه في قوله قل إنما أعظكم بواحدة قال : لا
إله إلا الله
وفي قوله أن تقوموا لله قال : ليس بالقيام على الأرجل كقوله كونوا قوامين بالقسط
النساء الآيه135
واخرج ابن المنذر وابن ابي حاتم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه في الآيه قال
: يقوم الرجل مع الرجل أو وحده فيتفكر ما بصاحبكم من جنة يقول : إنه ليس بمجنون
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم كان
يقول " أعطيت ثلاثا لم يعطهن نبي قبلي ولا فخر
أحلت لي الغنائم ولم تحل لمن كان قبلي كانوا يجمعون غنائمهم فيحرقونها
وبعثت إلى كل أحمر وأسود وكان كل نبي يبعث إلى قومه وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا
أتيمم بالصعيد وأصلي فيها حيث أدركتني الصلاة قال الله تعالى أن تقوموا لله مثنى
وفرادى وأعنت بالرعب مسيرة شهر بين يدي "
- قوله تعالى : قل ما سألتكم من أجر فهو لكم إن أجري إلا على الله وهو على كل شيء
شهيد قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب قل جاء الحق وما يبددئ الباطل وما يعيد قل
إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن اهتديت فبما يوحي إلي ربي إنه سميع قريب
أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في
قوله قل ما سألتكم من أجر أي من جعل فهو لكم يقول : لم أسألكم
(6/710)
على
الإسلام جعلا وفي قوله قل إن ربي يقذف بالحق
وما يبدئ الباطل قال : الشيطان لا يبدئ ولا يعيد إذا هلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله يقذف بالحق قال : ينزل بالوحي
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله جاء
الحق قال : جاء القرآن وما يبدئ الباطل وما يعيد قال : ما يخلق إبليس شيئا ولا
يبعثه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عمر بن سعد رضي الله عنه قل إن ضللت فإنما أضل
على نفسي قال : أؤخذ بخيانتي
- قوله تعالى : ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في
قوله ولو ترى إذ فزعوا قال : في الدنيا عند الموت حين عاينوا الملائكه ورأوا بأس
الله وأنى لهم التناوش من مكان بعيد غافر الآيه 84 قال : لا سبيل لهم إلى الإيمان
كقوله فلما رأوا بأسنا قالوا آمنا بالله وحده وقد كفروا به من قبل قال : قد كانوا
يدعون إليه وهم في دعه ورخاء فلم يؤمنوا به ويقذفون بالغيب يرجعون بالظن يقولون
إنه لا جنة ولا نار ولا بعث وحيل بينهم وبين ما يشتهون قال : اشتهوا طاعة الله لو
أنهم عملوا بها فحيل بينهم وبين ذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ولو ترى إذ فزعوا قال يوم
القيامه فلا فوت فلم يفوتوا ربك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ولو ترى
إذ فزعوا قال في القبور من الصيحه
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ولو ترى إذ فزعوا
قال : هذا يوم بدرحين ضربت أعناقهم فعاينوا العذاب فلم يستطيعوا فرارا من العذاب
ولا رجوعا إلى التوبه
(6/711)
وأخرج
عبد بن حميد والضحاك رضي الله عنه في قوله ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت قال : هو يوم
بدر
وأخرج عبد بن حميد عن زيد بن أسلم مثله
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت
قال : هم قتلى المشركين من أهل بدر نزلت فيهم هذه الآيه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ولو
ترى إذ فزعوا فلا فوت وأخذوا من مكان قريب قال : هو جيش السفياني قال : من أين أخذ
؟ قال : من تحت أقدامهم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عطيه رضي الله عنه في قوله ولو ترى إذ فزعوا
قال : قوم خسف بهم أخذوا من تحت أقدامهم
وأخرج ابن مردويه عن حذيفه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
" يبعث ناس إلى المدينه حتى إذا كانوا ببيداء بعث الله عليهم جبريل عليه
السلام فضربهم برجله ضربة فيخسف الله بهم فذلك قوله ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت
وأخذوا من مكان قريب " وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه ولو ترى إذ فزعوا فلا فوت قال : هم الجيش الذين
يخسف بهم بالبيداء يبقى منهم رجل يخبر الناس بما لقي أصحابه
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد عن أبي معقل رضي الله عنه ولو ترى إذ فزعوا فلا
فوت قال : أخذوا فلم يفوتوا
وأخرج أحمد عن نفيره امرأة القعقاع بن أبي حدره رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : " إذا سمعتم بجيش قد خسف به فقد أطلت الساعة "
وأخرج أحمد ومسلم والحاكم عن حفصه أم المؤمنين رضي الله عنها سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : " ليؤمن هذا البيت جيش يغزونه حتى إذا كانوا بالبيداء
خسف أوساطهم فينادي أولهم آخرهم فيخسف بهم خسفا فلا ينجو إلا الشريد الذي يخبر
عنهم " وأخرج أحمد عن حفصه رضي الله عنها قالت : سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول :
(6/712)
"
يأتي جيش من قبل المشرق يريدون رجلا من أهل مكه حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم
فيرجع من كان أمامهم لينظر ما فعل القوم فيصيبهم ما أصابهم
قلت : يا رسول الله فكيف بمن كان مستكرها ؟ قال : يصيبهم كلهم ذلك ثم يبعث الله كل
امرئ على نيته " وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد عن صفيه أم المؤمنين رضي الله عنها
قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " لا ينتهي الناس عن غزو هذا البيت
حتى يغزوه جيش حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بأولهم وآخرهم ولم ينج أوسطهم قلت : يا
رسول الله أرأيت المكره ؟ قال : يبعثهم الله على ما في أنفسهم "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن عائشه رضي الله عنها قالت : بينما رسول الله صلى
الله عليه و سلم ؟ ؟ وأخرج ابن أبي شيبه والحاكم وصححه عن أم سلمه رضي الله عنها
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول " يعوذ عائذ بالحرم فيبعث إليه بعث
فإذا كان ببيداء من الأرض خسف بهم قلت : يا رسول الله فكيف بمن يخرج كارها ؟ قال :
يخسف به معهم ولكنه يبعث على نيته يوم القيامه " وأخرج ابن ابي سيبه
والطبراني عن أم سلمه قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم " يبايع
الرجل من أمتي بين الركن والمقام كعدة أهل بدر فيأتيه عصب العراق وأبدال الشام
فيأتيهم جيش من الشام حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم ثم يسير إليه رجل من قريش
أخواله كلب فيهزمهم الله قال : وكان يقال إن الخائب يومئذ من خاب من غنيمة كلب
"
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريره رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " المحروم من حرم غنيمة كلب ولو عقالا والذي نفسي بيده لتباعن نساؤهم
على درج دمشق حتى ترد المرأة من كسر بساقها "
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم
" لا تنته البعوث عن غزو بيت الله حتى يخسف بجيش منهم " وأخرج الحاكم عن
عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " في ذي القعده تحارب القبائل وعامئذ ينهب الحاج وتكون
(6/713)
ملحمه
بمنى حتى يهرب صاحبهم فيبايع بين الركن والمقام وهو كاره يبايعه مثل عدة أهل بدر
يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" يخرج رجل يقال له السفياني في عمق دمشق وعامة من يتبعه من كلب فيقتل حتى
يبقر بطون النساء ويقتل الصبيان فيجمع لهم قيس فيقتلها حتى لا يمنع ذنب تلعة ويخرج
رجل من أهل بيتي فيبلغ السفياني فيبعث إليه جندا من جنده فيهزمه فيسير إليه
السفياني بمن معه حتى إذا صار ببيداء من الأرض خسف بهم فلا ينجو منهم إلا المخبر
عنهم "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" أحذركم سبع فتن فتنه تقبل من المدينه وفتنه بمكه وفتنه باليمن وفتنه تقبل
من الشام وفتنه تقبل من المشرق وفتنه تقبل من المغرب وفتنه من بطن الشام وهي
السفياني
فقال ابن مسعود رضي الله عنه : منكم من يدرك أولهاومن هذه الأمه من يدرك آخرها قال
الوليد بن عياش رضي الله عنه : فكانت فتنة المدينه من قبل طلحه والزبير وفتنة مكه
فتنة ابن الزبير وفتنة الشام من قبل بني أميه وفتنة المشرق من قبل هؤلاء "
- قوله تعالى : وقالوا آمنا به وأنى لهم التناوش من مكان بعيد وقد كفروا به من قبل
ويقذفون بالغيب من مكان بعيد
أخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله وقالوا آمنا به قال : الله وأنى لهم التناوش قال : التناول كذلك
من مكان بعيد قال : ما كان بين الآخرة والدنيا وقد كفروا به من قبل قال : كفروا
بالله في الدنيا ويقذفون بالغيب من مكان بعيد قال : في الدنيا قولهم هو ساحر بل هو
كاهن بل هو شاعر بل هو كذاب
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله
(6/714)
عنه
وأنى لهم التناوش الرد من مكان بعيد قال : من الآخره إلى الدنيا
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
عن ابن عباس رضي الله عنهما وأنى لهم التناوش قال : كيف لهم الرد من مكان بعيد قال
: يسألون الرد وليس حين رد
وأخرج ابن المنذر عن التيمي قال : أتيت ابن عباس قلت : ما التناوش ؟ قال : تناول
الشيء وليس بحين ذاك
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتاده رضي الله عنه وأنى لهم التناوش قال :
التوبه
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك رضي الله عنه مثله
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ التناؤش ممدوده مهموزه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتاده رضي الله عنه في قوله ويقذفون بالغيب قال :
يرجمون بالظن أنهم كانوا في الدنيا يكذبون بالآخرة ويقولون : لا بعث ولا جنه ولا
نار
- قوله تعالى : وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل إنهم كانوا في
شك مريب
أخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي
الله عنه في قوله وحيل بينهم وبين ما يشتهون قال : حيل بينهم وبين الإيمان
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله وحيل بينهم وبين ما يشتهون قال : من مالأو ولد أو زهرة أو أهل
كما فعل بأشياعهم من قبل قال : كما فعل بالكفار من قبلهم
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن السدي رضي الله عنه في قوله وحيل بينهم وبين ما
يشتهون قال : التوبه
(6/715)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وحيل بينهم وبين ما يشتهون قال :
كان رجل من بني إسرائيل فاتحا أي الله فتح له مالا فورثه ابن له تافه - أي فاسد -
فكان يعمل في مال أبيه بمعاصي الله فلما رأى ذلك إخوان أبيه أتوا الفتى فعزلوه
ولاموه فضجر الفتى فباع عقاره بصامت ثم رحل فأتى عينا تجاهه فسرح فيها ماله وابتنى
قصرا
فبينما هو ذات يوم جالس إذ شملت عليه ريح بامرأة من أحسن الناس وجهاوأطيبهم ريحا
فقالت : من أنت يا عبد الله ؟ قال : أنا امرؤ من بني إسرائيل قالت : فلك هذا القصر
وهذا المال ؟ قال : نعم
قالت ؟ فهل لك من زوجة ؟ قال : لا
قالت : فكيف يهنيك العيش ولا زوجة لك ؟ قال : قد كان ذاك فهل لك من بعل ؟ قالت :
لا
قال : فهل لك أن أتزوجك ؟ قالت : إني امرأة منك على مسيرة ميل فإذا كان غد فتزود
زاد يوم وأتني وإن رأيت في طريقك هولا قال : نعم
قالت : إنه لا بأس عليك فلا يهولنك
فلما كان من الغد تزود زاد يوم وانطلق إلى قصر فقرع بابه فخرج إليه شاب من أحسن
الناس وجها وأطيب الناس ريحا فقال : من أنت يا عبد الله ؟ قال : أنا الإسرائيلي
قال : فما حاجتك ؟ قال : دعتني صاحبة هذا القصر إلى نفسها قال : صدقت فهل رأيت في
طريقك هولا ؟ قال : نعم ولولا أخبرتني أن لا بأس علي لهالني الذي رأيت أقبلت حتى
إذا انفرج بي السبيل إذ أنا بكلبة فاتحة فاها ففزعت فوثبت فإذا أنا من ورائها وإذا
جروها ينحر على صدرها قال : لست تدرك هذا هذا يكون آخر الزمان يقاعد الغلام
المشيخه فيغلبهم على مجلسهم ويأسرهم حديثهم
ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل وإذا بمائة أعنز حفل وإذا فيها جدي يمصها فإذا
أتى عليها فظن أنه لم يترك شيئا فتح فاه يلتمس الزيادة قال : لست تدرك هذا هذا
يكون في آخر الزمان ملك يجمع صامت الناس كلهم حتى إذا ظن أنه لم يترك شيئا فتح فاه
يلتمس الزيادة قال : ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا بشجر فأعجبني غصن
من شجرة منها ناضر فأردت برجل معه منجل يحصد ما بلغ وما لم يبلغ قال له : لو حصدت
ما بلغ وتركت ما لم يبلغ قال له : امض
لا تكونن مكلفا سوف يأتيك خبر هذا
(6/716)
قطعه
فنادتني شجرة أخرى : يا عبد الله مني فخذ
حتى ناداني الشجر : يا عبد الله منا فخذ
قال : لست تدرك هذا هذا يكون في آخر الزمان يقل الرجال ويكثر النساء حتى أن الرجل
ليخطب المرأة فتدعوه العشرة والعشرون إلى أنفسهن
قال : ثم أقبلت حتى انفرج بي السبيل فإذا أنا برجل قائم على عين يغرف لكل إنسان من
الماء فإذا تصدعوا عنه صب الماء في جرته فلم تعلق جرته من الماء بشيء قال : لست
تدرك هذا هذا يكون في آخر الزمان القاضي يعلم الناس العلم ثم يخالفهم إلى معاصي
الله ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا برجل يميح على قليب كلما أخرج دلوه
صبه في الحوض فانساب الماء راجعا إلى القليب قال : هذا رجل رد الله عليه صالح عمله
فلم يقبله
ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا برجل يبذر بذرا فيستحصد فإذا حنطة طبيه
قال : هذا رجل قبل الله صالح عمله وأزكاه له
قال : ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيلإذا أنا بعنز وإذا قوم قد أخذوا بقوائمها
وإذا رجل آخذ بقرنيها وإذا رجل آخذ بذنبها وإذا رجل قد ركبها وإذا رجل يحلبها فقال
: أما العنز فهي الدنيا والذين أخذوا بقوائمها فهم يتساقطون من عليتهاوأما الذي قد
أخذ بقرنيها فهو يعالج من عيشها ضيقا وأما الذي قد أخذ بذنبها فقد أدبرت عنه وأما
الذي ركبها فقد تركها وأما الذي يتحلبها
فبخ
بخ ذهب ذاك بها قال : ثم أقبلت حتى إذا انفرج بي السبيل إذا أنا برجل مستلق على
قفاه فقال : يا عبد الله ادن مني فخذ بيدي واقعدني فوالله ما قعدت منذ خلقني الله
فأخذت بيده فقام يسعى حتى ما أراه فقال له الفتى : هذا عمرك فقد وأنا ملك الموت
وأنا المرأة التي أتيتك أمرني الله بقبض روحك في هذا المكان ثم أصيرك إلى جهنم
قال ففيه نزلت هذه الآيه وحيل بينهم وبين ما يشتهون
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات بسند ضعيف من طريق عكرمه عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : لا تهتكوا سترا فإنه كان رجل في بني إسرائيل وكان له إمرأه وكانت إذا
قدمت إليه الطعام ثم قامت على رأسه ثم تقول : هتك الله ستر
(6/717)
امرأة
تخون زوجها بالغيب فبعث إليها يوما بسمكة ثم قامت على رأسه فقالت : هتك الله ستر
امرأة تخون زوجها بالغيب فقهقهت السمكة حتى سقطت من القصعة
فعل ذلك ثلاث مرات كل ذلك تقهقه السمكة وتضرب حتى تسقط من الخوان
فأتى عالم بني إسرائيل فأخبره فقال : إنطلق فاذكر ربك وكل طعامك واخس الشيطان عنك
فقال له : اخف الناس انطلق إلى إبنه فإنه أعلم منه فانطلق فأخبره فقال : ائتني بكل
من في دارك ممن لم تر عورتهفأتاه فنظر في وجوههم ثم قال : اكشف عن هذه الحبشيه
فكشف عنها فإذا مثل ذراع البكر فقال : من هذا أتيت
فمات أبو الفتى العالم وهتك بهتكه ذلك الستر واحتاج إليه الناس فأتاه بني إسرائيل
فقالوا ويحك
! أنت كنت أعلمناوأميننا
فلما أن أكثروا عليه هرب منهم إلى أن بلغ إلى أقصى موضع بني إسرائيل من أرض
البلقاء فأتيح له امرأة جميلة تستفتيه فقال لها : هل لك أن تمكنيني من نفسك وأهب
لك مائة دينار ؟ قالت : أوخير من ذلك تجيء إلى أهلي تتزوجني واكون لك حلالا أبدا
قال : فأين منزلك فوصفت له فطابت عليه تلك الليله
فمضى فإذا هو بكلبة تنبح في بطنها جراؤها قال : ما أعجب هذا ! قيل له : امض
لا تكونن مكلفا فسوف يأتيك خبر هذا فمضى فإذا هو برجل يحمل حجارة كلما ثقلت عليه
وسقطت منه زاد عليها فقال له : أنت لا تستطيع تحمل هذا تزيد عليه قال : امض
لا تكونن مكلفا سوف يأتيك خبر هذا
فمضى فإذا هو برجل يستقي من بئر ويصبه في حوض إلى جنب البئر وفي الحوض ثقب فالماء
يرجع إلى البئر قال له : لو سددت الجحر استمسك لك الماء قال : امض
لا تكونن مكلفا سوف يأتيك خبر هذا فمضى فإذا هو بظبية ورجل راكب عليها وآخر يحلبها
وآخر يمسك بقرنيها وآخرون يمسكون بقوائمها قال : ما أعجب هذا ؟ قال له : امض
لا تكونن مكلفا سوف يأتيك خبر هذا فمضى فإذا هو برجل يبذر بذرا فلا يقع على الأرض
حتى ينبت ثم مضى فإذا هو
(6/718)
فمضى
فإذا هو بالقصر الذي وعدته وإذا دونه نهر وإذا رجل جالس على سرير فقال له : كيف
الطريق إلى هذا القصر ؟ ولقد رأيت في ليلتي أعاجيب قال : ما هي فذكر الكلبه
قال : يأتي على الناس زمان يثب الصغير على الكبير والوضيع على الشريف والسفيه على
الحليم
وذكر له الذي يحمل الحجارة قال : يأتي على الناس زمان يكون عند الرجل الأمانه فلا
يقدر يؤديها ويزيد عليها
وذكر له الذي يستقي قال : يأتي على الناس زمان يتزوج الرجل المرأة لا يتزوجها
لدينها ولا حسب ولا جمال إنما يريد مالها وتكون لا تلد فيكون كل شيء منه يرجع فيها
وذكر له الظبيه قال : هي الدنيا
أما الراكب عليها فالملك
وأما الذين يحلبونها فهو أطيب الناس عيشا
وأما الذي يمسك بقرنيها فمن أيبس الناس عيشا
واما الذي يمسك ذنبها فالذي لا يأتيه رزقه إلا قوتا
والذين يمسكون بقوائمها فسفلة الناس
وذكر له البذر قال : يأتي على الناس زمان لا يدري متى يتزوج الرجل ومتى يولد
المولود ومتى قد بلغ
وذكر له الذي يحصد فقال : ذاك ملك الموت يحصد الصغير والكبير وأنا هو بعثني الله
إليك لأقبض روحك على أسوء أحوالك
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنه
أنه شرب ماء بارد فبكى فقيل له : ما يبكيك ؟ فقال : ذكرت آية في كتاب الله وحيل
بينهم وبين ما يشتهون فعرفت أن أهل النار لا يشتهون إلا الماء البارد وقد قال الله
أفيضوا علينا من الماء الأعراف الآيه 50
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتاده في قوله إنهم كانوا في شك مريب قال :
إياكم والشك والريبه فإنه من مات على شك بعث عليهومن مات على يقين بعث عليه
والله أعلم 7
(6/719)
بسم
الله الرحمن الرحيم
سورة فاطر
مكية وآياتها خمس وأربعون
مقدمة سورة فاطر
أخرج ابن الضريس والبخاري وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : أنزلت سورة فاطر بمكة
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : سورة الملائكة مكية
وأخرج ابن سعد عن ابن أبي ملكية قال : كنت أقوم بسورة الملائكة في ركعة
الآية 1 أخرج أبو عبيد في فضائله وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي
في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت لا أدري ما فاطر السموات
والأرض حتى أتاني أعرابيان يختصمان في بئر فقال أحدهما : أنا فطرتها قال :
ابتدأتها
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله فاطر السموات والأرض قال :
بديع السموات والأرض
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك قال : كل شيء في القرآن فاطر السموات والأرض فهو
خالق السموات والأرض
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله جاعل الملائكة رسلا قال : إلى
العباد
(7/3)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله فاطر السموات
والأرض قال : خالق السموات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي أجنحة مثنى وثلاث ورباع
قال : بعضهم له جناحان وبعضهم له ثلاثة أجنحة وبعضهم له أربعة أجنحة
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله أولي أجنحة مثنى قال :
للملائكة الأجنحة من اثنين إلى ثلاثة إلى اثني عشر وفي ذلك وتر الثلاثة الأجنحة
والخمسة والذين على الموازين فطران وأصحاب الموازين أجنحتهم عشرة
عشرة
وأجنحة الملائكة زغبة ولجبريل ستة أجنحة
جناح بالمشرق وجناح بالمغرب وجناحان على عينيه وجناحان
منهم من يقول على ظهره ومنهم من يقول متسرولا بهما
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله يزيد في الخلق ما يشاء يزيد في
أجنحتهم وخلقهم ما يشاء
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس يزيد في الخلق ما يشاء قال : الصوت الحسن
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن الزهري
رضي الله عنه في قوله يزيد في الخلق ما يشاء قال : حسن الصوت
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن حذيفة
أنه سمع أبا التياح يؤذن فقال : من يرد الله أن يجعل رزقه في صوته فعل
وأخرج البيهقي عن قتادة رضي الله عنه في قوله يزيد في الخلق ما يشاء قال : الملاحة
في العينين
الآيات 2 - 4
(7/4)
أخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ما يفتح الله للناس
قال : ما يفتح الله للناس من باب توبة فلا مرسل له من بعده وهم لا يتوبون
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ما يفتح الله
للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده يقول ليس لك من الأمر
شيء آل عمران 128
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ما يفتح
الله للناس من رحمة أي من خير فلا ممسك لها قال : فلا يستطيع أحد حبسها
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ما يفتح الله للناس من رحمة فلا
ممسك لها قال : المطر
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن وهب قال : سمعت مالكا يحدث أن أبا هريرة رضي الله
عنه كان إذا أصبح في الليلة التي يمطرون فيها وتحدث مع أصحابه قال : مطرنا الليلة
بنوء الفتح ثم يتلو ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها
وأخرج ابن المنذر عن عامر بن عبد قيس رضي الله عنه قال : أربع آيات من كتاب الله
إذا قرأتهن فما أبالي ما أصبح عليه وأمسي ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها
وما يمسك فلا مرسل له من بعده وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك
بخير فلا راد لفضله أنعام 17 وسيجعل الله بعد عسر يسرا الطلاق 7 وما من دابة في
الأرض إلا على الله رزقها هود 6
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن جعفر بن الزبير قال كان عروة يقول في ركوب المحمل :
هي والله رحمة فتحت للناس ثم يقول ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله يرزقكم من السماء والأرض قال : الرزق من
السماء : المطر ومن الأرض : النبات
(7/5)
الآيات
5 - 7 أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير قال : الغرة في الحياة
الدنيا أن يغتر بها وتشغله عن الآخرة
أن يمهد لها ويعمل لها كقول العبد إذا أفضى إلى الآخرة يا ليتني قدمت لحياتي الفجر24
والغرة بالله : أن يكون العبد في معصية الله ويتمنى على الله المغفرة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا قال : عادوه فإنه يحق على كل مسلم عداوته
وعداوته أن يعاديه بطاعة الله
وفي قوله إنما يدعو حزبه قال : أولياءه ليكونوا من أصحاب السعير أي ليسوقهم إلى
النار فهذه عداوته
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله إنما يدعو حزبه
الآية
قال يدعو حزبه إلى معاصي الله وأصحاب معاصي الله أصحاب السعير وهؤلاء حزبه من الأنس
ألا تراه يقول : أولئك حزب الشيطان المجادلة 19 قال : والحزب ولاية الذين يتولاهم
ويتولونه
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله لهم مغفرة وأجر كبير قال : كل
شيء في القرآن لهم مغفرة وأجر كبير ورزق كريم فهو الجنة
الآية 8
(7/6)
أخرج
ابن أبي حاتم عن أبي قلابة أنه سئل عن هذه الآية أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا
أهم عمالنا هؤلاء الذين يصنعون ؟ قال : ليس هم
إن هؤلاء ليس أحدهم يأتي شيئا مما لا يحل له إلا قد عرف إن ذلك حرام عليه
إن أتى الزنا فهو حرام أو قتل النفس فهو حرام إنما أولئك أهل الملل
اليهود والنصارى والمجوس وأظن الخزارج منهم لأن الخارجي يخرج بسيفه على جميع أهل
البصرة وقد عرف أنه ليس ينال حاجته منهم وأنهم سوف يقتلونه ولولا أنه من دينه ما
فعل ذلك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة والحسن في قوله أفمن زين له
سوء عمله قال : الشيطان زين لهم - والله - الضلالات فلا تذهب نفسك عليهم حسرات أي
لا تحزن عليهم
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا قال : هذا
المشرك فلا تذهب نفسك عليهم حسرات كقوله لعلك باخع نفسك الكهف 6
وأخرج ابن جرير من طريق جويبر عن الضحاك رضي الله عنه قال : أنزلت هذه الآية أفمن
زين له سوء عمله فرآه حسنا حيث قال النبي صلى الله عليه و سلم : " اللهم أعز
دينك بعمر بن الخطاب أو بأبي جهل بن هشام فهدى الله عمر رضي الله عنه وأضل أبا جهل
ففيهما أنزلت "
الآية 9 أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله
فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك النشور قال : أحيا الله هذه الأرض الميتة بهذا
الماء كذلك يبعث الناس يوم القيامة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن مسعود رضي الله
(7/7)
عنه
قال : يقوم ملك بالصور بين السماء والأرض فينفخ فيه فلا يبقى خلق لله في السموات
والأرض إلا ما شاء الله
الأعلى الآية 7 ثم يرسل الله من تحت العرش منيا كمني الرجال فتنبت أجسامهم
ولحمانهم من ذلك الماء كما تنبت الأرض من الثرى ثم قرأ عبد الله رضي الله عنه الله
الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا به الأرض بعد موتها كذلك
النشور ويكون بين النفختين ما شاء الله ثم يقوم ملك فينفخ فيه فتنطلق كل نفس إلى
جسدها
وأخرج الطيالسي وأحمد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه
والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي رزين العقيلي رضي الله عنه قال : قلت يا رسول
الله كيف يحيى الله الموتى ؟ قال : أما مررت بأرض مجدبة ثم مررت بها مخصبة تهتز
خضراء ؟ قال : بلى
قال : كذلك يحيي الله الموتى وكذلك النشور
الآية 10 أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
مجاهد رضي الله عنه في قوله من كان يريد العزة قال : بعبادة الأوثان فلله العزة
جميعا قال : فليتعزز بطاعة الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في
الأسماء والصفات عن ابن مسعود قال : إذا حدثناكم بحديث أتيناكم بتصديق ذلك من كتاب
الله
إن العبد المسلم إذا قال سبحان الله وبحمده والحمد لله ولا إله إلا الله والله
أكبر وتبارك الله قبض عليهن ملك يضمهن تحت جناحه ثم يصعد بهن إلى السماء فلا يمر
بهن على جمع من الملائكة إلا استغفروا لقائلهن
(7/8)
حتى
يجيء بهن وجه الرحمن ثم قرأ إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن أبي هريرة رضي الله عنه في قوله إليه يصعد الكلم
الطيب قال : ذكر الله والعمل الصالح يرفعه قال : أداء الفرائض فمن ذكر الله في
أداء فرائضه حمل عمله ذكر الله فصعد به إلى الله ومن ذكر الله ولم يؤد فرائضه
وكلامه على عمله وكان عمله أولى به
وأخرج آدم بن أبي أياس والبغوي والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في
الأسماء والصفات عن مجاهد رضي الله عنه إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه
قال : هو الذي يرفع الكلام الطيب
وأخرج الفريابي عن سعيد بن جبير رضي الله عنه
مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن شهر بن حوشب رضي الله عنه في قوله إليه يصعد الكلم الطيب
قال : القرآن
وأخرج ابن أبي حاتم عن مطر رضي الله عنه في قوله إليه يصعد الكلم الطيب قال :
الدعاء
وأخرج ابن المبارك وعبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله إليه
يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه قال : العمل الصالح يرفع الكلام الطيب إلى
الله ويعرض القول على العمل فإن وافقه رفع وإلا رد
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
الضحاك في قوله إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه قال : العمل الصالح
يرفع الكلام الطيب
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن شهر بن حوشب في
الآية قال : العمل الصالح يرفع الكلام الطيب
وأخرج ابن المنذر عن مالك بن سعد قال : إن الرجل ليعمل الفريضة الواحدة من فرائض
الله وقد أضاع ما سواها فما زال الشيطان يمنيه فيها ويزين له حتى ما يرى شيئا دون
الجنة فقبل أن تعملوا أعمالكم فانظروا ما تريدون بها فإن كانت خالصة لله فامضوها
وإن كانت لغير الله فلا تشقوا على أنفسكم ولا شيء لكم
(7/9)
فإن
الله لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصا فإنه قال تبارك وتعالى إليه يصعد الكلم
الطيب والعمل الصالح يرفعه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله والعمل الصالح يرفعه
قال : لا يقبل قول إلا بعمل
وقال الحسن : بالعمل قبل الله
وأخرج ابن المبارك عن قتادة رضي الله عنه والعمل الصالح يرفعه قال : يرفع الله
العمل لصاحبه
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن الحسن رضي الله عنه قال : ليس الإيمان بالتمني ولا
بالتخلي ولكن ما وقر في القلوب وصدقته الأعمال
من قال حسنا وعمل غير صالح رده الله على قوله
ومن قال حسنا وعمل صالحا رفعه العمل ذلك لأن الله قال إليه يصعد الكلم الطيب
والعمل الصالح يرفعه
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة والبيهقي في سننه عن ابن عباس أنه سئل : أتقطع
المرأة والكلب والحمار الصلاة ؟ فقال إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه
فما يقطع هذا ولكنه مكروه
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد
في قوله والذين يمكرون السيئات قال : هم أصحاب الرياء وفي قوله ومكر أولئك هو يبور
قال : الرياء
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإيمان
عن شهر بن حوشب في قوله والذين يمكرون السيئات قال : يراؤن ومكر أولئك هو يبور قال
: هم أصحاب الرياء لا يصعد عملهم
وأخرج عن ابن زيد في قوله والذين يمكرون السيئات قال : هم المشركون ومكر أولئك هو
يبور قال : بار فلم ينفعهم ولم ينتفعوا به وضرهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه في قوله والذين يمكرون السيئات قال : يعملون السيئات ومكر أولئك هو يبور
قال : يفسد
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ومكر أولئك هو يبور قال : يهلك فليس له ثواب
في الآخرة
(7/10)
الآية
11 أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله والله
خلقكم من تراب يعني خلق آدم من تراب ثم من نطفة يعني ذريته ثم ذكرانا وأناثا
الشورى الآية 50
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وما
يعمر من معمر
الآية
يقول : ليس أحد قضيت له طول العمر والحياة إلا وهو بالغ ما قدرت له من العمر وقد
قضيت له ذلك فإنما ينتهي له الكتاب الذي قدرت له لا يزاد عليه وليس أحد قضيت له
أنه قصير العمر والحياة ببالغ العمر ولكن ينتهي إلى الكتاب الذي كتب له
فذلك قوله ولا ينقص من عمره إلا في كتاب يقول : كل ذلك في كتاب عنده
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره يقول : لم
يخلق الناس كلهم على عمر واحد
لهذا عمر ولهذا عمر هو أنقص من عمره كل ذلك مكتوب لصاحبه بالغ ما بلغ
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله وما يعمر من معمر ولا ينقص من
عمره قال : ما من يوم يعمر في الدنيا إلا ينقص من أجله
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي
مالك في قوله وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره قال : ليس يوم يسلبه من عمره إلا
في كتاب كل يوم في نقصان
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن
(7/11)
سعيد
بن جبير في قوله وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب قال : مكتوب في
أول الصحيفة عمره كذا وكذا ثم يكتب في أسفل ذلك ذهب يوم ذهب يومان حتى يأتي على
آخر عمره
وأخرج ابن أبي حاتم عن حسان بن عطية في قوله ولا ينقص من عمره قال : كل ما ذهب من
يوم وليلة فهو نقصان من عمره
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن جريج عن مجاهد في قوله وما يعمر من معمر
إلا كتب الله له أجله في بطن أمه ولا ينقص من عمره يوم تضعه أمه بالغا ما بلغ يقول
: لم يخلق الناس كلهم على عمر واحد
لذا عمر ولذا عمر هو أنقص من عمر هذا وكل ذلك مكتوب لصاحبه بالغا ما بلغ
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : ألا ترى الناس يعيش
الإنسان مائة سنة
وآخر يموت حين يولد فهو هذا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في الآية قال : ليس من مخلوق إلا كتب الله له عمره
جملة فكل يوم يمر به أو ليلة يكتب : نقص من عمر فلان كذا وكذا
حتى يستكمل بالنقصان عدة ما كان له من أجل مكتوب فعمره جميعا في كتاب ونقصانه في
كتاب
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء بن أبي مسلم الخراساني في الآية قال : لا يذهب من عمر
إنسان يوم ولا شهر ولا ساعة إلا ذلك مكتوب محفوظ معلوم
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة في الآية قال : أما العمر فمن بلغ ستين سنة
وأما الذي ينقص من عمره فالذي يموت قبل أن يبلغ ستين سنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وما يعمر من معمر قال : في بطن أمه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد في قوله ولا ينقص من عمره قال : ما لفظت الأرحام من
الأولاد من غير تمام
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن حذيفة بن أسيد الغفاري قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين أو
بخمسة وأربعين
(7/12)
ليلة
فيقول : أي رب أشقي أم سعيد ؟ أذكر أم أنثى ؟ فيقول الله
ويكتبان ثم يكتب عمله ورزقه وأجله وأثره ومصيبته ثم تنطوي الصحيفة فلا يزاد فيها
ولا ينقص منها "
وأخرج ابن أبي شيبه ومسلم والنسائي وأبو الشيخ عن عبد الله بن مسعود قال : قالت أم
حبيبة : اللهم أمتعني بزوجي النبي صلى الله عليه و سلم وبأبي أبي سفيان وبأخي
معاوية
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " فإنك سألت الله لآجال مضروبة وأيام
معدودة وأرزاق مقسومة ولن يعجل شيئا قبل حله أو يؤخر شيئا عن حله ولو كنت سألت
الله أن يعيذك من عذاب النار أو عذاب القبر كان خيرا وأفضل "
وأخرج الخطيب وابن عساكر عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
كان في بني إسرائيل أخوان ملكان على مدينتين وكان أحدهما بارا برحمه عادلا على
رعيته
وكان الآخر عاقا برحمه جائرا على رعيته
وكان في عصرهما نبي فأوحى الله إلى ذلك النبي إنه قد بقي من عمر هذا البار ثلاث
سنين وبقي من عمر هذا العاق ثلاثون سنة فأخبر النبي رعية هذا ورعية هذا فأحزن ذلك
رعية العادل وأفرح ذلك رعية الجائر ففرقوا بين الأمهات والأطفال وتركوا الطعام
والشراب وخرجوا إلى الصحراء يدعون الله تعالى أن يمتعهم بالعادل ويزيل عنهم الجائر
فأقاموا ثلاثا فأوحى الله إلى ذلك النبي : أن أخبر عبادي أني قد رحمتهم وأجبت
دعاءهم فجعلت ما بقي من عمر هذا البار لذلك الجائر وما بقي من عمر الجائر لهذا
البار فرجعوا إلى بيوتهم ومات العاق لتمام ثلاث سنين وبقي العادل فيهم ثلاثين سنة
ثم تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في
كتاب إن ذلك على الله يسير "
الآيات 12 - 13
(7/13)
أخرج
ابن أبي الدنيا والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي جعفر قال : كان رسول الله صلى الله
عليه و سلم إذا شرب الماء قال : " الحمد لله الذي جعله عذبا فراتا برحمته ولم
يجعله ملحا أجاجا بذنوبنا "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وما
يستوي البحران هذا عذاب فرات وهذا ملح أجاج قال : الأجاج المر ومن كل تأكلون لحما
طريا أي منهما جميعا وتستخرجون حلية تلبسونها هذا اللؤلؤ وترى الفلك فيه مواخر قال
: السفن مقبلة ومدبرة تجري بريح واحدة يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل
قال : نقصان الليل في زيادة النهار ونقصان النهار في زيادة الليل وسخر الشمس
والقمر كل يجري إلى أجل مسمى قال : أجل معلوم وحد لا يتعداه ولا يقصر دونه ذلكم
الله ربكم يقول : هو الذي سخر لكم هذا
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن أبي حاتم عن سنان بن سلمة أنه سأل ابن عباس عن
ماء البحر فقال : بحران لا يضرك من أيهما توضأت
ماء البحر وماء الفرات
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله ومن كل تأكلون لحما طريا قال : السمك
وتستخرجون حلية تلبسونها قال : اللؤلؤ من البحر الأجاج
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن
عباس في قوله ما يملكون من قطمير قال : القطمير القشر وفي لفظ الجلد الذي يكون على
ظهر النواة
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله من قطمير قال
: الجلدة البيضاء التي على النواة قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت
أمية بن أبي الصلت وهو يقول : لم أنل منهم بسطا ولا زبدا ولا فوفة ولا قطميرا
(7/14)
وأخرج
عبد بن حميد عن عطاء قال : القطمير الذي بين النواة والتمرة القشر الأبيض
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله قطمير
قال : لفافة النواة كسحاة البصلة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك في قوله من قطمير قال : رأس التمرة يعني
القمع
الآيات 14 - 17 أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم أي ما قبلوا ذلك منكم
ويوم القيامة يكفرون بشرككم قال : لا يرضون ولا يقرون به ولا ينبئك مثل خبير والله
هو الخبير أنه سيكون هذا من أمرهم يوم القيامة
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم قال : هي الآلهة
لا تسمع دعاء من دعاها وعبدها من دون الله تعالى ولو سمعوا ما استجابوا لكم قال :
ولو سمعت الآلهة دعاءكم ما استجابوا لكم بشيء من الخير ويوم القيامة يكفرون بشرككم
قال : بعبادتكم إياهم
الآيات 18 - 26
(7/15)
أخرج
أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجة عن عمرو بن الأحوص أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : " في حجة الوداع ألا لا يجني جان إلا على نفسه
لا يجني والد على ولده ولا مولود على والده "
وأخرج سعيد بن منصور وأبو داود والترمذي والنسائي وابن مردويه عن أبي رمثة قال :
انطلقت مع أبي نحو النبي صلى الله عليه و سلم فلما رأيته قال لأبي : " ابنك
هذا ؟ قال : أي ورب الكعبة قال : أما أنه لا يجني عليك ولا تجني عليه
ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا تزر وازرة وزر أخرى "
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني في قوله وإن تدع مثقلة إلى حملها قال : إن
تدع نفس مثقلة من الخطايا ذا قرابة أو غير ذي قرابة لا يحمل عنها من خطاياها شيء
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وإن تدع مثقلة
إلى حملها لا يحمل منه شيء يكون عليه وزر لا يجد أحدا يحمل عنه من وزره شيئا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وإن تدع
مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء كنحو ولا تزر وازرة وزر أخرى
(7/16)
وأخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة قال : إن الجار يتعلق بجاره يوم القيامة فيقول
: يا رب سل هذا لم كان يغلق بابه دوني وإن الكافر ليتعلق بالمؤمن يوم القيامة
فيقول له : يا مؤمن إن لي عندك يدا قد عرفت كيف كنت في الدنيا وقد احتجت إليك
اليوم فلا يزال المؤمن يشفع له إلى ربه حتى يرده إلى منزلة دون منزلة وهو في النار
وأن الوالد يتعلق بولده يوم القيامة فيقول : يا بني أي والد كنت لك ؟ فيثني خيرا
فيقول : يا بني إني احتجت إلى مثقال ذرة من حسناتك أنجو بها مما ترى فيقول له ولده
: يا أبت ما أيسر ما طلبت ؟ ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئا أتخوف مثل الذي تخوفت فلا
أستطيع أن أعطيك شيئا
ثم يتعلق بزوجته فيقول : يا فلانة أي زوج كنت لك ؟ فتثني خيرا فيقول لها : فإني
أطلب إليك حسنة واحدة تهبيها لي لعلي أنجو مما ترين
قالت : ما أيسر ما طلبت ! ولكني لا أطيق أن أعطيك شيئا أتخوف مثل الذي تخوفت
يقول الله وإن تدع مثقلة إلى حملها
ويقول الله يوم لا يجزي والد عن ولده لقمان 133 و يوم يفر المرء من أخيه وأمه
وأبيه
عيسى 34
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وإن تدع مثقلة إلى
حملها أي إلى ذنوبها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى قال : قرابة قريبة لا يحمل
من ذنوبه شيئا ويحمل عليها غيرها من ذنوبها شيئا إنما تنذر الذين يخشون ربهم
بالغيب أي يخشون النار والحساب
وفي قوله ومن تزكى فإنما يتزكى لنفسه أي من عمل عملا صالحا فإنما يعمل لنفسه
وفي قوله وما يستوي
قال : خلق فضل بعضه على بعض فأما المؤمن فعبد حي الأثر حي البصر حي النية حي العمل
والكافر عبد ميت الأثر ميت البصر ميت القلب ميت العمل
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة وما يستوي الأعمى والبصير
قال : هذا مثل ضربه الله للكافر والمؤمن يقول : كما لا يستوي هذا وهذا كذلك لا
يستوي الكافر والمؤمن
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله وما يستوي الأعمى والبصير
قال : الكافر والمؤمن ولا الظلمات قال : الكفر ولا النور
(7/17)
قال
: الإيمان ولا الظل قال : الجنة ولا الحرور قال : النار وما يستوي الأحياء ولا
الأموات قال : المؤمن والكافر إن الله يسمع من يشاء قال : يهدي من يشاء
وأخرج أبو سهل السري بن سهل الجنديسابوري الخامس من حديثه من طريق عبد القدوس عن
أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله فإنك لا تسمع الموتى الروم 52 وما
أنت بمسمع من في القبور قال : كان النبي صلى الله عليه و سلم يقف على القتلى يوم
بدر ويقول : " هل وجدتم ما وعد ربكم حقا يا فلان بن فلان
ألم تكفر بربك ؟ ألم تكذب نبيك ؟ ألم تقطع رحمك ؟ فقالوا : يا رسول الله أيسمعون
ما نقول ؟ قال : ما أنتم بأسمع منهم لما أقول
فأنزل الله فإنك لا تسمع الموتى وما أنت بمسمع من في القبور ومثل ضربة الله للكفار
أنهم لا يسمعون لقوله "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وما أنت بمسمع من في
القبور فكذلك الكافر لا يسمع ولا ينتفع بما يسمع
وفي قوله وإن من أمة إلا خلا فيها نذير يقول كل أمة قد كان لها رسول جاءها من الله
وفي قوله وأن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم قال : يعزي نبيه جاءتهم رسلهم
بالبينات والزبر والكتاب المنير ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير قال : شديد
والله لقد عجل لهم عقوبة الدنيا ثم صيرهم إلى النار
الآيات 27 - 28 أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله ألم تر أن الله أنزل
من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا ألوانها قال : أحمر وأصفر ومن الجبال جدد
بيض وحمر مختلف ألوانها أي جبال حمر وغرابيب سود والغرابيب السود يعني لونه كما
(7/18)
اختلفت
ألوان هذه الجبال وألوان الناس والدواب والأنعام كذلك إنما يخشى الله من عباده
العلماء قال : كان يقال كفى بالرهبة علما
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ثمرات مختلفا
ألوانها قال : الأبيض والأحمر والأسود وفي قوله ومن الجبال جدد بيض قال : طرائق
بيض يعني الألوان
وأخرج البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و
سلم فقال أيصبغ ربك ؟ قال " نعم
صبغا لا ينقض
أحمر
وأصفر
وأبيض "
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله جدد قال : طرائق
طريقة بيضاء وطريقة خضراء
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت الشاعر وهو يقول : قد غادر السبع في صفحاتها جددا كأنها طرق لاحت على أكم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله ومن الجبال جدد بيض
قال : طرائق بيض وغرابيب سود قال : جبال سود
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : الغرابيب الأسود ؟ الشديد السواد
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج عن ابن عباس في قوله مختلفا ألوانها قال : منها
الأحمر والأبيض والأخضر والأسود وكذلك ألوان الناس منهم الأحمر والأسود والأبيض
وكذلك الدواب والأنعام
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله
عنه في قوله ومن الجبال جدد قال : طرائق تكون في الجبل بيض وحمر فتلك الجدد
وغرابيب سود قال : جبال سود ومن الناس والدواب والأنعام
قال : كذلك اختلاف الناس والدواب والأنعام كاختلاف الجبال
ثم قال إنما يخشى الله من عباده العلماء فلا فضل لما قبلها
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ومن الجبال جدد بيض قال : طرائق مختلفة كذلك
اختلاف ما ذكر من اختلاف ألوان الناس والدواب والأنعام كذلك كما اختلفت هذه
الأنعام تختلف الناس في خشية الله كذلك
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : الخشية والإيمان
(7/19)
والطاعة
والتشتت في الألوان
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما إنما يخشى الله من عباده العلماء قال
: العلماء بالله الذين يخافونه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
إنما يخشى الله من عباده العلماء قال : الذين يعلمون أن الله على كل شيء قدير
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عدي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ليس العلم من كثرة
الحديث ولكن العلم من الخشية
وأخرج ابن المنذر عن يحيى بن أبي كثير قال : العالم من خشي الله
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن صالح أبي الخليل رضي الله عنه في قوله إنما
يخشى الله من عباده العلماء قال : أعلمهم بالله أشدهم له خشية
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان عن أبي حيان التيمي عن رجل قال : كان يقال
العلماء ثلاثة
عالم بالله وعالم بأمر الله وعالم بالله ليس بعالم بأمر الله وعالم بأمر الله ليس
بعالم بالله
فالعالم بالله وبأمر الله : الذي يخشى الله ويعلم الحدود والفرائض
والعالم بالله ليس بعالم بأمر الله : الذي يخشى الله ولا يعلم الحدود ولا الفرائض
والعالم بأمر الله ليس بعالم بالله : الذي يعلم الحدود والفرائض ولا يخشى الله
وأخرج ابن أبي حاتم وابن عدي عن مالك بن أنس رضي الله عنه قال : إن العلم ليس
بكثرة الرواية إنما العلم نور يقذفه الله في القلب
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : الإيمان من خشي الله
بالغيب ورغب فيما رغب الله فيه وزهد فيما أسخط الله
ثم تلا إنما يخشى الله من عباده العلماء
وأخرج عبد بن حميد عن مسروق قال : كفى بالمرء علما أن يخشى الله وكفى بالمرء جهلا
أن يعجب بعمله
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد والطبراني عن ابن مسعود رضي الله
عنه قال : كفى بخشية الله علما وكفى باغترار المرء جهلا
(7/20)
وأخرج
ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الفقيه من يخاف الله
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن العباس العمي قال : بلغني أن داود عليه
السلام قال : سبحانك ! تعاليت فوق عرشك وجعلت خشيتك على من في السموات والأرض
فأقرب خلقك إليك أشدهم لك خشية وما علم من لم يخشك وما حكمة من لم يطع أمرك
وأخرج أحمد في الزهد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ليس العلم بكثرة الرواية
ولكن العلم الخشية
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي والحاكم عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " العلم علمان
علم في القلب فذاك العلم النافع
وعلم على اللسان فتلك حجة الله على خلقه "
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة قال : بحسب المرء من العلم أن يخشى الله
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : ينبغي لحامل القرآن
أن يعرف بليله إذا الناس نائمون وبنهاره إذا الناس يفطرون وبحزنه إذا الناس يفرحون
وببكائنا إذا الناس يضحكون وبصمته إذا الناس يخلطون وبخشوعه إذا الناس يختالون
وينبغي لحامل القرآن أن لا يكون صخابا ولا صياحا ولا حديدا
وأخرج الخطيب في المتفق والمفترق عن وهب بن منبه قال : أقبلت مع عكرمة أقود ابن
عباس رضي الله عنهما بعدما ذهب بصره حتى دخل المسجد الحرام فإذا قوم يمترون في
حلقة لهم عند باب بني شيبة فقال : أمل بي إلى حلقة المراء فانطلقت به حتى أتاهم
فسلم عليهم فأرادوه على الجلوس فأبى عليهم وقال : انتسبوا إلي أعرفكم فانتسبوا
إليه فقال : أما علمتم أن لله عبادا أسكتتهم خشيته من غير عي ولا بكم إنهم لهم
الفصحاء النطقاء النبلاء العلماء بأيام الله غير أنهم إذا ذكروا عظمة الله طاشت
عقولهم من ذلك وانكسرت قلوبهم وانقطعت ألسنتهم حتى إذا استقاموا من ذلك سارعوا إلى
الله بالأعمال الزاكية فأين أنتم منهم ؟ ثم تولى عنهم فلم ير بعد ذلك رجلان
(7/21)
وأخرج
الخطيب فيه أيضا عن سعيد بن المسيب قال : وضع عمر بن الخطاب رضي الله عنه للناس
ثماني عشرة كلمة حكم كلها قال : ما عاقبت من عصى الله فيك مثل أن تطيع الله فيه
وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يجيئك منه ما يغلبك ولا تظنن بكلمة خرجت من مسلم شرا
أنت تجد لها في الخير محملا ومن عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء الظن به
من كتم سره كانت الخيرة في يده وعليك بأخوان الصدق تعش في أكنافهم فإنهم زينة في
الرخاء عدة في البلاء وعليك بالصدق وإن قتلك ولا تعرض فيما لا يعني ولا تسأل عما
لم يكن فإن فيما كان شغلا عما لم يكن ولا تطلب حاجتك إلى من لا يحب نجاحها لك ولا
تهاون بالحلف الكاذب فيهلكك الله ولا تصحب الفجار لتعلم من فجورهم واعتزل عدوك
واحذر صديقك إلا الأمين ولا أمين إلا من خشي الله وتخشع عند القبور وذل عند الطاعة
واستعصم عند المعصية واستشر الذين يخشون الله فإن الله تعالى يقول إنما يخشى الله
من عباده العلماء
وأخرج عبد بن حميد عن مكحول قال : سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن العالم
والعابد فقال : " فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم
ثم تلا النبي صلى الله عليه و سلم هذه الآية إنما يخشى الله من عباده العلماء ثم
قال إن الله وملائكته وأهل السماء وأهل الأرض والنون في البحر ليصلون على معلمي
الخير "
الآيات 29 - 31 أخرج عبد الغني بن سعيد الثقفي في تفسيره عن ابن عباس
أن حصين بن الحارث بن عبد المطلب بن عبد مناف القرشي نزلت فيه إن الذين يتلون كتاب
الله وأقاموا الصلاة
الآية
وأخرج
(7/22)
عبد
بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله يرجون تجارة لن تبور قال :
الجنة لن تبور لا تبيد ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله قال : هو كقوله ولدينا مزيد
طه 35 أنه غفور قال : لذنوبهم شكور لحسناتهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله يرجون تجارة لن تبور قال : لن تهلك
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير ومحمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي
حاتم عن قتادة في قوله إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة
قال كان مطرف بن عبد الله يقول : هذه آية القراء
الآيات 32 - 36 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في
البعث عن ابن عباس في قوله ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا قال : هم أمة
محمد صلى الله عليه و سلم
ورثهم الله كل كتاب أنزل فظالمهم مغفور له ومقتصدهم يحاسب حسابا يسيرا وسابقهم
يدخل الجنة بغير حساب
وأخرج الطيالسي وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن جرير وابن المنذر
(7/23)
وابن
أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه و سلم أنه قال : في هذه الآية ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا
فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات قال : هؤلاء كلهم بمنزلة واحدة
وكلهم في الجنة
وأخرج الفريابي وأحمد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني
والحاكم وابن مردويه والبيهقي عن أبي الدرداء : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول " قال الله تعالى ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم
ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات باذن الله فأما الذين سبقوا فأولئك
يدخلون الجنة بغير حساب
وأما الذين اقتصدوا فأولئك الذين يحاسبون حسابا يسيرا وأما الذين ظلموا أنفسهم
فأولئك يحبسون في طول المحشر ثم هم الذين تلقاهم الله برحمة فهم الذين يقولون
الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور الذي أحلنا دار المقامة من فضله
لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب قال البيهقي : إن أكثر الروايات في حديث
ظهر أن للحديث أصلا "
وأخرج الطيالسي وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والحاكم وابن
مردويه عن عقبة بن صهبان قلت لعائشة : أرأيت قول الله ثم أورثنا الكتاب
قالت : أما السابق فقد مضى في حياة رسول الله صلى الله عليه و سلم فشهد له بالجنة
وأما المقتصد فمن اتبع أمرهم فعمل بمثل أعمالهم حتى يلحق بهم
وأما الظالم لنفسه فمثلي ومثلك ومن اتبعنا
وكل في الجنة
وأخرج الطبراني والبيهقي في البعث عن أسامة بن زيد رضي الله عنه فمنهم ظالم لنفسه
ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" كلهم من هذه الأمة وكلهم في الجنة "
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن عوف بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه و سلم
" أمتي ثلاثة أثلاث
فثلث يدخلون الجنة بغير حساب
وثلث يحاسبون حسابا يسيرا ثم يدخلون الجنة
وثلث يمحصون ويكسفون ثم تأتي الملائكة فيقولون : وجدناهم يقولون : لا إله إلا الله
وحده فيقول الله : " أدخلوهم الجنة بقولهم لا إله إلا الله وحده واحملوا
خطاياهم على أهل التكذيب " وهي التي قال الله " وليحملن أثقالهم وأثقالا
(7/24)
مع
أثقالهم " وتصديقا في التي ذكر الملائكة قال الله تعالى ثم أورثنا الكتاب
الذين اصطفينا من عبادنا فجعلهم ثلاثة أنواع فمنهم ظالم لنفسه فهذا الذي يكسف
ويمحص ومنهم مقتصد وهو الذي يحاسب حسابا يسيرا ومنهم سابق بالخيرات فهو الذي يلج
الجنة بغير حساب ولا عذاب بإذن الله
يدخلونها جميعا لم يفرق بينهم يحلون فيها من أساور من ذهب إلى قوله لغوب "
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود قال : هذه الآية ثلاثة أثلاث يوم القيامة
ثلث يدخلون الجنة بغير حساب وثلث يحاسبون حسابا يسيرا وثلث يحبسون بذنوب عظام إلا
أنهم لم يشركوا
فيقول الرب أدخلوا هؤلاء في سعة رحمتي ثم قرأ ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من
عبادنا
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي في البعث عن عمر بن
الخطاب أنه كان إذا نزع بهذه الآية قال : ألا أن سابقنا سابق ومقتصنا ناج وظالمنا
مغفور له
وأخرج العقيلي وابن لال وابن مردويه والبيهقي من وجه آخر عن عمر بن الخطاب
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " سابقنا سابق ومتقصدنا ناج
وظالمنا ناج وظالمنا مغفور له " وقرأ عمر فمنهم ظالم لنفسه
"
وأخرج ابن النجار عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " سابقنا سابق
ومقتصدنا ناج وظالمنا مغفور له "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : السابق بالخيرات يدخل الجنة بغير حساب
والمقتصد برحمة الله والظالم لنفسه وأصحاب الأعراف يدخلون الجنة بشفاعة محمد صلى
الله عليه و سلم
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن
عثمان بن عفان : أنه نزع بهذه الآية قال : إن سابقنا أهل جهاد
ألا وأن مقتصدنا ناج أهل حضرنا ألا وأن ظالمنا أهل بدونا
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في البعث عن البراء بن عازب في قوله فمنهم ظالم
لنفسه قال : أشهد على الله أنه يدخلهم الجنة جميعا
وأخرج الفريابي وابن مردويه عن البراء قال : " قرأ رسول الله صلى الله عليه و
سلم هذه الآية
(7/25)
ثم
أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا قال : كلهم ناج وهي هذه الأمة "
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن ابن عباس في قوله ثم أورثنا الكتاب
قال : هي مثل الذي في الواقعة فأصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة والسابقون صنفان
ناجيان وصنف هالك
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن
ابن عباس في قوله فمنهم ظالم لنفسه
قال الظالم لنفسه هو الكافر والمقتصد أصحاب اليمين
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي عن كعب الأحبار أنه تلا
هذه الآية ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا إلى قوله لغوب قال : دخلوها
ورب الكعبة وفي لفظ قال : كلهم في الجنة
ألا ترى على أثره والذين كفروا لهم نار جهنم فهؤلاء أهل النار فذكر ذلك للحسن فقال
: أبت ذلك عليهم الواقعة
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكر الجنة فقال
" مسورون بالذهب والفضة مكللة بالدر وعليهم أكاليل من در وياقوت متواصلة
وعليهم تاج كتاج الملوك جرد مرد مكحلون "
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن حذيفة
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " يبعث الله الناس على ثلاثة
أصناف وذلك في قول الله فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات فالسابق
بالخيرات يدخل الجنة بلا حساب والمقتصد يحاسب حسابا يسيرا والظالم لنفسه يدخل
الجنة برحمة الله "
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله ثم أورثنا الكتاب قال : جعل الله
أهل الإيمان على ثلاثة منازل كقوله أصحاب الشمال ما أصحاب الشمال وأصحاب اليمين ما
أصحاب اليمين والسابقون السابقون أولئك المقربون الواقعة 8 - 11 فهم على هذا
المثال
وأخرج ابن مردويه عن عمر عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله فمنهم ظالم لنفسه
قال : الكافر
(7/26)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة فمنهم ظالم لنفسه قال : هذا المنافق ومنهم مقتصد
قال : هذا صاحب اليمين ومنهم سابق بالخيرات قال : هذا المقرب قال قتادة : كان
الناس ثلاث منازل عند الموت وثلاث منازل في الدنيا وثلاث منازل في الآخرة
فأما الدنيا فكانوا مؤمن ومنافق ومشرك
وأما عند الموت فإن الله قال : فأما إن كان من المقربين
الواقعة 88 وأما إن كان من أصحاب اليمين
الواقعة 90 وأما إن كان من المكذبين الضالين الواقعة 92
وأما الآخرة فكانوا أزواجا ثلاثة فأصحاب الميمنة وأصحاب المشئمة والسابقون السابقون
أولئك المقربون
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن الحسن فمنهم ظالم لنفسه قال : هو المنافق سقط
والمقتصد والسابق بالخيرات في الجنة
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبيهقي عن عبيد بن عمير في الآية قال : كلهم
صالح
وأخرج عبد بن حميد عن صالح أبي الخليل قال : قال كعب يلومني أحبار بني إسرائيل :
إني دخلت في أمة فرقهم الله ثم جمعهم ثم أدخلهم الجنة ثم تلا هذه الآية ثم أورثنا
الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا حتى بلغ جنات عدن يدخلونها قال : قال فأدخلهم الله
الجنة جميعا
وأخرج ابن أبي شيبة عن الحسن قال : العلماء ثلاثة
منهم عالم لنفسه ولغيره فذلك أفضلهم وخيرهم
ومنهم عالم لنفسه محسن
ومنهم عالم لا لنفسه ولا لغيره فذلك شرهم
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مسلم الخولاني قال : قرأت في كتاب الله إن هذه الأمة
تصنف يوم القيامة على ثلاثة أصناف
صنف منهم يدخلون الجنة بغير حساب
وصنف يحاسبهم الله حسابا يسيرا ويدخلون الجنة
وصنف يوقفون ويؤخذ منهم ما شاء الله ثم يدركهم عفو الله وتجاوزه
وأخرج عبد بن حميد عن كعب في قوله جنات عدن يدخلونها قال : دخلوها ورب الكعبة
فأخبر الحسن بذلك فقال : أبت والله ذلك عليهم الواقعة
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عبد الله بن
(7/27)
الحارث
أن ابن عباس سأل كعبا عن قوله ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا
نجوا كلهم ثم قال : تحاكت مناكبهم ورب الكعبة ثم أعطوا الفضل بأعمالهم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن الحنفية قال : أعطيت هذه الأمة ثلاثا لم
تعطها أمة كانت قبلها منهم ظالم لنفسه مغفور له ومنهم مقتصد في الجنان ومنهم سابق
بالمكان الأعلى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد ثم أورثنا الكتاب
الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه قال : هم أصحاب المشئمة ومنهم مقتصد قال
: هم أصحاب الميمنة ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله قال : هم السابقون من الناس
كلهم
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله ذلك هو الفضل الكبير قال : ذاك من نعمة الله
وأخرج الترمذي والحاكم وصححه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى
الله عليه و سلم تلا قول الله جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤ
فقال : " إن عليهم التيجان
إن أدنى لؤلؤة منها لتضيء ما بين المشرق والمغرب "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله أهل الجنة حين
دخلوا الجنة وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن قال : هم قوم كانوا في الدنيا
يخافون الله ويجتهدون له في العبادة سرا وعلانية وفي قلوبهم حزن من ذنوب قد سلفت
منهم فهم خائفون أن لا يتقبل منهم هذا الاجتهاد من الذنوب التي سلفت
فعندها قالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور غفر لنا العظيم
وشكر لنا القليل من أعمالنا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن قال : حزن النار
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله الذي أذهب عنا الحزن
قال : ما كانوا يعملون
(7/28)
وأخرج
الحاكم وأبو نعيم وابن مردويه عن صهيب رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقول : " المهاجرون هم السابقون المدلون على ربهم والذي نفس محمد بيده
أنهم ليأتون يوم القيامة على عواتقهم السلاح فيقرعون باب الجنة فتقول لهم الخزنة
من أنتم ؟ فيقولون : نحن المهاجرون فتقول لهم الخزنة : هل حوسبتم ؟ فيجثون على
ركبهم ويرفعون أيديهم إلى السماء فيقولون : أي رب أبهذه نحاسب ؟ ! قد خرجنا وتركنا
الأهل والمال والولد فيمثل الله لهم أجنحة من ذهب مخوصة بالزبرجد والياقوت فيطيرون
حتى يدخلوا الجنة فذلك قوله وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إلى قوله ولا
يمسنا فيها لغوب قال رسول الله صلى الله عليه و سلم فلهم بمنازلهم في الجنة أعرف
منهم بمنازلهم في الدنيا "
وأخرج ابن المنذر عن شمر بن عطية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " حيث دخلوا الجنة وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن قال : حزنهم
هو الحزن "
وأخرج ابن أبي حاتم عن شمر بن عطية رضي الله عنه في قوله الحمد لله الذي أذهب عنا
الحزن قال : الجوع
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه في قوله الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن
قال : طلب الخبز في الدنيا فلا نهتم له كاهتمامنا له في الدنيا طلب الغداء والعشاء
وأخرج ابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي رضي الله عنه قال : ينبغي لمن يحزن أن يخاف
أن لا يكون من أهل الجنة لأنهم قالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن وينبغي لمن
يشفق أن يخاف أن لا يكون من أهل الجنة لأنهم قالوا أنا كنا قبل في أهلنا مشفقين
الطور الآية 26
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب
الإيمان عن شمر بن عطية رضي الله عنه في قوله الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن قال :
حزن الطعام إن ربنا لغفور شكور قال : غفر لهم الذنوب التي عملوها وشكر لهم الخير
الذي دلهم عليه فعملوا به فأثابهم عليه
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي رافع رضي الله عنه قال : يأتي يوم القيامة العبد
(7/29)
بدواوين
ثلاث
بديوان فيه النعم
وديوان فيه ذنوبه
وديوان فيه حسناته
فيقال لأصغر نعمة عليه : قومي فاستوفي ثمنك من حسناته فتقوم فتستوهب تلك النعمة
حسناته كلها وتبقى بقية النعم عليه وذنوبه كاملة
فمن ثم يقول العبد إذا أدخله الله الجنة إن ربنا لغفور شكور
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله إن ربنا لغفور شكور يقول غفور لذنوبهم شكور لحسناتهم الذي أحلنا دار المقامة
من فضله قال : أقاموا فلا يتحولون ولا يحولون لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها
لغوب قال : قد كان القوم ينصبون في الدنيا في طاعة الله وهم قوم جهدهم الله قليلا
ثم أراحهم كثيرا فهنيئا لهم
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن عبد الله بن أبي أوفى رضي
الله عنه قال : قال رجل يا رسول الله إن النوم مما يقر الله به أعيننا في الدنيا
فهل في الجنة من نوم ؟ قال : " لا إن النوم شريك الموت وليس في الجنة موت قال
: يا رسول الله فما راحتهم ؟ فأعظم ذلك النبي صلى الله عليه و سلم وقال : ليس فيها
لغوب كل أمرهم راحة فنزلت لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب "
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه لا يمسنا فيها نصب أي وجع
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله لغوب قال :
إعياء
الآيات 37 - 38 أخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله وهم
يصطرخون فيها قال : يستغيثون فيها
(7/30)
وأخرج
عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو
الشيخ والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله أو لم نعمركم
ما يتذكر فيه من تذكر قال : ستين سنة
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول والبيهقي في سننه وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي
الله عنهما
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إذا كان يوم القيامة قيل : أين أبناء
الستين ؟ وهو العمر الذي قال الله أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري والنسائي والبزار وابن جرير وابن أبي حاتم
والحاكم وابن مردويه عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " أعذر الله إلى امرىء أخر عمره حتى بلغ ستين سنة "
وأخرج عبد بن حميد والطبراني والروياني في الأمثال والحاكم وابن مردويه عن سهل بن
سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إذا بلغ العبد
ستين سنة فقد أعذر الله إليه في العمر "
وأخرج ابن جرير عن علي رضي الله عنه في الآية قال : العمر الذي عمرهم الله به
ستون سنة
وأخرج الرامهرمزي في الأمثال عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : " من عمره الله ستين سنة أعذر إليه في العمر
يريد أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر "
وأخرج الترمذي وابن المنذر والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم
من يجوز ذلك "
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال : العمر ستون سنة
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أو لم نعمركم ما يتذكر فيه
من تذكر قال : هو ست وأربعون سنة
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله أو لم نعمركم ما
يتذكر فيه من تذكر قال : أربعين سنة
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال :
(7/31)
اعلموا
أن طول العمر حجة فنعوذ بالله أن نعير بطول العمر
قال : نزلت وإن فيهم لابن ثمان عشرة سنة
وفي قوله وجاءكم النذير قال : احتج عليهم بالعمر والرسل
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله وجاءكم النذير قال : محمد صلى
الله عليه و سلم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله وجاءكم النذير قال
: محمد صلى الله عليه و سلم وقرأ هذا نذير من النذر الأولى النجم 56
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله
وجاءكم النذير قال : الشيب
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما وجاءكم النذير قال
: الشيب
الآيات 39 - 40 أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
في قوله هو الذي جعلكم خلائف في الأرض قال : أمة بعد أمة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله هو الذي جعلكم خلائف
في الأرض قال : أمة بعد أمة وقرنا بعد قرن
وفي قوله أروني ماذا خلقوا من الأرض قال : لا شيء والله خلقوا منها
وفي قوله أم لهم شرك في
(7/32)
السموات
قال : لا والله ما لهم فيهما من شرك أم آتيناهم كتابا لهم على بينة منه يقول : أم
آتيناهم كتابا فهو يأمرهم أن لا يشركوا بي
الآية 41 أخرج أبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم والدارقطني في الأفراد وابن
مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات والخطيب في تاريخه عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : " وقع في نفس موسى عليه السلام
هل ينام الله عز و جل ؟ فأرسل الله ملكا إليه فارقه ثلاثا وأعطاه قارورتين في كل
يد قارورة وأمره أن يتحفظ بهما فجعل ينام وتكاد يداه يلتقيان ثم يستيقظ فيحبس
أحداهما عن الأخرى حتى نام نومة فاصطقت يداه وانكسرت القارورتان قال : ضرب الله له
مثلا أن الله تبارك وتعالى لو كان ينام ما كان يمسك السماء ولا الأرض "
وأخرج ابن أبي حاتم عن خرشة بن الحر رضي الله عنه قال : حدثني عبد الله بن سلام أن
موسى عليه السلام قال : يا جبريل هل ينام ربك ؟ فقال جبريل : يا رب إن عبدك موسى
يسألك هل تنام ؟ فقال الله : " يا جبريل قل له فليأخذ بيده قارورتين وليقم
على الجبل من أول الليل حتى يصبح فقام على الجبل وأخذ قارورتين فصبر فلما كان آخر
الليل غلبته عيناه فسقطتا فانكسرتا فقال : يا جبريل انكسرت القارورتان فقال الله :
يا جبريل قل لعبدي إني لو نمت لزالت السموات والأرض "
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق عن عكرمة قال : أسر موسى عليه السلام إلى الملائكة
هل ينام رب العزة ؟ قال : فسهر موسى أربعة أيام ولياليهن ثم قام على المنبر يخطب
ورفع إليه القارورتين في كل يد قارورة وأرسل الله عليه النعاس وهو يخطب إذ أدنى
يده من الأخرى وهو يضرب القارورة على الأخرى ففزع ورد يده ثم خطب ثم أدنى يده فضرب
بها على الأخرى ففزع ثم قال : لا إله إلا الله الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ؟
؟ قال عكرمة : السنة التي يضرب برأسه وهو جالس والنوم الذي يرقد
(7/33)
وأخرج
أبو الشيخ في العظمة والبيهقي عن سعيد بن أبي بردة عن أبيه رضي الله عنه
أن موسى عليه السلام قال له قومه : أينام ربك ؟ قال " اتقوا الله إن كنتم
مؤمنين " فأوحى الله إلى موسى أن خذ قارورتين فاملأهما ماء
ففعل فنعس فنام فسقطتا من يده فانكسرتا فأوحى الله إلى موسى أني أمسك السموات
والأرض أن تزولا ولو نمت لزالتا قال البيهقي رضي الله عنه هذا أشبه أن يكون هو
المحفوظ
وأخرج الطبراني في كتاب السنة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أن بني إسرائيل قالوا
لموسى عليه السلام : هل ينام ربنا ؟ الخ
وأخرج ابن أبي شيبة وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إذا
أتيت سلطانا مهيبا تخاف أن يسطو عليك فقل : الله أكبر ألله أعز من خلقه جميعا الله
أعز مما أخاف وأحذر أعوذ بالله الذي لا إله إلا هو الممسك السموات السبع أن يقعن
على الأرض إلا بإذنه من شر عبدك فلان وجنوده وأتباعه وأشياعه من الجن والأنس
اللهم كن لي جارا من شرهم
جل ثناؤك وعز جارك وتبارك اسمك ولا إله غيرك
ثلاث مرات
وأخرج ابن السني في عمل يوم وليلة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه عن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : " إن العبد إذا دخل بيته وأوى إلى فراشه ابتدره
ملكه وشيطانه
يقول شيطانه : أختم بشر
ويقول الملك : أختم بخير
فإن ذكر الله وحده طرد الملك الشيطان وظل يكلؤه وإن هو انتبه من منامه ابتدره ملكه
وشيطانه
يقول له الشيطان : افتح بشر
ويقول الملك : افتح بخير
فإن هو قال الحمد لله الذي رد إلي نفسي بعد موتها ولم يمتها في منامها
الحمد لله الذي يمسك السموات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما من أحد من
بعده إنه كان حليما غفورا وقال الحمد لله الذي يمسك السماء أن تقع على الأرض إلا
بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم الحج الآية 56 قال : فإن خرج من فراشه فمات كان
شهيدا وإن قام يصلي صلى
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ من طريق
أبي مالك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأرض على حوت
(7/34)
والسلسلة
على أذن الحوت في يد الله تعالى فذلك قوله إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا
قال : من مكانهما
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة أن كعبا كان يقول : إن السماء تدور على نصب مثل نصب
الرحا
فقال حذيفة بن اليمان : كذب كعب إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن شقيق قال : قيل لابن
مسعود إن كعبا يقول : أن السماء تدور في قطبة مثل قطبة الرحا في عمود على منكب ملك
فقال : كذب كعب إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا وكفى بها زوالا أن تدور
من آية 42 - 45 أخرج ابن أبي حاتم عن أبي هلال أنه بلغه أن قريشا كانت تقول : إن
الله بعث منا نبيا ما كانت أمة من الأمم أطوع لخالقها ولا أسمع لنبيها ولا أشد
تمسكا بكتابها منا
فأنزل الله لو أن عندنا ذكرا من الأولين الصفات 168 ؟ ولو أنا أنزل علينا الكتاب
لكنا أهدى منهم الأنعام 157 وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن
(7/35)
أهدى
من إحدى الأمم وكانت اليهود تستفتح به على الأنصار فيقولون : إنا نجد نبيا يخرج
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله فلما جاءهم نذير قال : هو محمد صلى
الله عليه و سلم ما زادهم إلا نفورا استكبارا في الأرض ومكر السيء وهو الشرك ولا
يحيق المكر السيء إلا بأهله أي الشرك فهل ينظرون إلا سنة الأولين قال : عقوبة
الأولين
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله وأقسموا بالله جهد أيمانهم قال : قريش
ليكونن أهدى من إحدى الأمم قال : أهل الكتاب
وفي قوله تعالى ومكر السيء قال : الشرك
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب قال : ثلاث من فعلهن
لم ينج حتى ينزل به
من مكر أو بغي أو نكث
ثم قرأ ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله يا أيها الناس إنما بغيكم على أنفسكم يونس
23 ومن نكث فإنما ينكث على نفسه الفتح 10
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق سفيان عن أبي زكريا الكوفي عن رجل حدثه أن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : إياكم والمكر السيء فإنه لا يحيق المكر السيء إلا بأهله
ولهم من الله طالب
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك في قوله فهل ينظرون سنة الأولين قال : هل ينظرون إلا
أن يصيبهم من العذاب مثل ما أصاب الأولين من العذاب
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله وما كان الله ليعجزه قال : لن يفوته
قوله تعالى ولو يؤاخذ الله الناس
وأخرج الفريابي وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : إن كان
الجعل ليعذب في جحره من ذنب ابن آدم ثم قرأ ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك
على ظهرها من دابة والله أعلم
(7/36)
بسم
الله الرحمن الرحيم 36
سورة يس
مكية وآياتها ثلاث وثمانون
مقدمة سورة يس أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس قال :
نزلت سورة يس بمكة
وأخرج ابن مردويه عن عائشة قالت : نزلت سورة يس بمكة
وأخرج الدارمي والترمذي والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم " إن لكل شيء قلبا وقلب القلب يس ومن قرأ يس كتب الله له
بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات "
وأخرج البزار عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن
لكل شيء قلبا وقلب القرآن يس "
وأخرج الدارمي وأبو يعلى والطبراني في الأوسط وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم : " من قرأ يس في ليلة ابتغاء وجه
الله غفر الله له تلك الليلة "
وأخرج ابن حبان عن جندب بن عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من قرأ يس في ليلة ابتغاء وجه الله غفر له "
وأخرج الدارمي عن الحسن قال : من قرأ يس في ليلة ابتغاء وجه الله غفر له وقال :
بلغني أنها تعدل القرآن كله
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة ومحمد بن نصر وابن حبان والطبراني
والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن معقل بن يسار
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " يس قلب القرآن لا يقرأها عبد يريد
الله والدار الآخرة إلا غفر له ما تقدم من ذنبه فاقرأوها على موتاكم "
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن حسان بن عطية أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال :
(7/37)
"
سورة يس تدعى في التوراة المعمة تعم صاحبها بخير الدنيا والآخرة وتكابد عنه بلوى
الدنيا والآخرة وتدفع عنه أهاويل الدنيا والآخرة
وتدعى المدافعة القاضية تدفع عن صاحبها كل سوء وتقضي له كل حاجة
من قرأها عدلت له عشرين حجة ومن سمعها عدلت له ألف دينار في سبيل الله ومن كتبها
ثم شربها أدخلت جوفه ألف دواء وألف نور وألف يقين وألف بركة وألف رحمة ونزعت عنه
كل غل وداء قال البيهقي تفرد به محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر الجدعاني عن سليمان
بن رفاع الجندي وهو منكر "
وأخرج الخطيب من حديث أنس
مثله
وأخرج الخطيب عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من سمع سورة يس عدلت له عشرين دينارا في سبيل الله ومن قرأها عدلت له عشرين
حجة ومن كتبها وشربها أدخلت جوفه ألف يقين وألف نور وألف بركة وألف رحمة وألف رزق
ونزعت منه كل غل وداء "
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أبي عثمان النهدي قال أبو برزة : من قرأ يس مرة
فكأنما قرأ القرآن عشر مرات وقال أبو سعيد : من قرأ يس مرة فكأنما قرأ القرآن
مرتين قال أبو برزة : تحدث أنت بما سمعت وأحدث أنا بما سمعت
وأخرج البزار عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : " لوددت
أنها في قلب كل إنسان من أمتي " يعني يس
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من داوم على قراءة يس كل ليلة ثم مات مات شهيدا "
وأخرج الدارمي عن عطاء بن أبي رباح قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " من قرأ يس في صدر النهار قضيت حوائجه "
وأخرج الدارمي عن ابن عباس قال : " من قرأ يس حين يصبح أعطى يسر يومه حتى
يمسي ومن قرأها في صدر ليله أعطى يسر ليله حتى يصبح "
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" ما من ميت يقرأ عنده يس إلا هون الله عليه "
وأخرج أبو الشيخ في فضائل القرآن والديلمي من حديث أبي ذر
مثله
(7/38)
وأخرج
ابن سعد وأحمد في مسنده عن صفوان بن عمرو قال : كانت المشيخة يقولون : إذا قرأت يس
عند الميت خفف عنه بها
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي قلابة قال : من قرأ يس غفر له ومن قرأها عند
طعام خاف قلته كفاه ومن قرأها عند ميت هون عليه ومن قرأها عند امرأة عسر عليها
ولدها يسر عليها ومن قرأها فكأنما قرأ القرآن إحدى عشرة مرة ولكل شيء قلب وقلب
القرآن يس قال البيهقي : هكذا نقل إلينا عن أبي قلابة وهو من كبار التابعين ولا
يقول ذلك إن صح عنه إلا بلاغا
وأخرج الحاكم والبيهقي عن أبي جعفر محمد بن علي قال : من وجد في قلبه قسوة فليكتب
يس والقرآن الحكيم في جام من زعفران ثم يشربه
وأخرج سعيد بن منصور من طريق سماك بن حرب عن رجل من أهل المدينة " عمن صلى
خلف رسول الله صلى الله عليه و سلم الغداة
فقرأ بقاف والقرآن المجيد سورة ق الآية 1 و يس والقرآن الحكيم سورة يس الآية 1
"
وأخرج ابن مردويه عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" من قرأ يس فكأنما قرأ القرآن عشر مرات "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لكل
شيء قلب وقلب القرآن يس ومن قرأ يس فكأنما قرأ القرآن عشر مرات "
وأخرج ابن مردويه من حديث أبي هريرة وأنس
مثله
وأخرج ابن سعد عن عمار بن ياسر
أنه كان يقرأ كل يوم جمعة على المنبر يس
وأخرج محمد بن عثمان وابن أبي شيبة في تاريخه والطبراني وابن عساكر عن خريم بن
فاتك قال : خرجت في طلب ابل لي وكنا إذا نزلنا بواد نقول : نعوذ بعزيز هذا الوادي
فتوسدت ناقة وقلت : أعوذ بعزيز هذا الوادي فإذا هاتف يهتف بي ويقول : ويحك عذ
بالله ذي الجلال منزل الحرام والحلال ووحد الله ولا تبالي ما كيد ذا الجن من
الأهوال إذ يذكر الله على الأميال وفي سهول الأرض والجبال وصار كيد الجن في سفال
إلا التقى وصالح الأعمال
(7/39)
فقلت
له : أيها القائل ما تقول أرشد عندك أم تضليل فقال : هذا رسول الله ذا الخيرات جاء
بياسين وحاميمات وسور بعد مفصلات يأمر بالصلاة والزكاة ويزجر الأقوام عن هنات فذاك
في الأنام نكرات فقلت له : من أنت ؟ قال : ملك من ملوك الجن بعثني رسول الله صلى
الله عليه و سلم على جن نجد
قلت : أما كان لي من يؤدي إبلي هذه إلى أهلي
لآتيه حتى أسلم قال : فأنا أؤديها فركبت بعيرا منها ثم تقدمت فإذا النبي صلى الله
عليه و سلم على المنبر فلما رآني قال : ما فعل الرجل الذي ضمن لك أن يؤدي إبلك ؟
أما إنه قد أداها سالمة
وأخرج الطبراني في الأوسط عن جابر بن سمرة قال : كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقرأ في الصبح ب يس
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن أبي بكر الصديق قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " من زار قبر والديه أو أحدهما في كل جمعة فقرأ عندها يس غفر الله له
بعدد كل حرف منها "
وأخرج أبو نصر السجزي في الإبانة وحسنه عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " إن في القرآن لسورة تدعى العظيمة عند الله يدعى صاحبها الشريف
عند الله يشفع صاحبها يوم القيامة في أكثر من ربيعة ومضر
وهي سورة يس "
وأخرج الترمذي والطبراني والحاكم وصححه عن ابن عباس قال : قال علي بن أبي طالب يا
رسول الله إن القرآن ينفلت من صدري فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
ألا أعلمك كلمات ينفعك الله بهن وينفع من علمته ؟ قال : نعم بأبي أنت وأمي قال :
صل ليلة الجمعة أربع ركعات تقرأ في الركعة الأولى بفاتحة الكتاب ويس
وفي الثانية بفاتحة الكتاب وحم الدخان
وفي الثالثة بفاتحة الكتاب وألم تنزيل السجدة
وفي الرابعة بفاتحة الكتاب وتبارك المفصل
فإذا فرغت من التشهد فأحمد الله وأثن عليه وصل على النبيين واستغفر للمؤمنين ثم قل
: اللهم ارحمني بترك المعاصي أبدا ما أبقيتني وارحمني ما لا أتكلف ما لا
(7/40)
يعنيني
وارزقني حسن النظر فيما يرضيك عني وأسألك أن تنور بالكتاب بصري وتطلق به لساني
وتفرج به عن قلبي وتشرح به صدري وتستعمل به بدني وتقويني على ذلك وتعينني عليه
فإنه لا يعينني على الخير غيرك ولا يوفق له إلا أنت فافعل ذلك ثلاث جمع أو خمسا أو
سبعا تحفظه بإذن الله
وما أخطأ مؤمنا قط فأتى النبي صلى الله عليه و سلم بعد سبع جمع فأخبره بحفظه
القرآن والحديث فقال النبي صلى الله عليه و سلم مؤمن ورب الكعبة علم أبا حسن علم
أبا حسن "
الآيات 1 - 11 أخرج ابن مردويه من طريق ابن عباس قال يس محمد صلى الله عليه و سلم
وفي لفظ قال : يا محمد
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر والبيهقي في الدلائل عن محمد بن الحنفية في قوله
يس قال : يا محمد
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن
ابن عباس في قوله يس قال : يا إنسان
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وعكرمة والضحاك
مثله
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله يس قال : يا إنسان
بالحبشية
(7/41)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن أشهب قال : سألت مالك بن أنس أينبغي لأحد أن يتسمى بيس ؟ فقال :
ما أراه ينبغي لقوله يس والقرآن الحكيم يقول : هذا اسمي تسميت به
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن في قوله الله يس والقرآن الحكيم قال : يقسم الله بما
يشاء ثم نزع بهذه الآية سلام على آل ياسين الصافات 130 كأنه يرى أنه سلم على رسوله
وأخرج ابن أبي حاتم عن يحيى بن أبي كثير في قوله يس والقرآن الحكيم قال : يقسم
بألف عالم إنك لمن المرسلين
وأخرج ابن مردويه عن كعب الأحبار في قوله يس قال : هذا قسم أقسم به ربك قال يا
محمد إنك لمن المرسلين قبل أن أخلق الخلق بألفي عام
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله يس
والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين قال : أقسم كما تسمعون أنه لمن المرسلين على صراط
مستقيم أي على الإسلام تنزيل العزيز الرحيم قال : هو القرآن لتنذر قوما ما أنذر
آباؤهم قال : قريش لم يأت العرب رسول قبل محمد صلى الله عليه و سلم لم يأتهم ولا
آباءهم رسول قبله
وأخرج ابن جرير عن عكرمة لتنذر قوما ما أنذر آباءهم قال بعضهم لتنذر قوما ما أنذر
آباؤهم ما أنذر الناس من قبلهم وقال بعضهم لتنذر قوما ما أنذر آباؤهم أي هذه الأمة
لم يأتهم نذير حتى جاءهم محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله لقد حق القول على أكثرهم قال :
سبق في علمه
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال " كان
النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ في المسجد فيجهر بالقراءة حتى تأذى به ناس من قريش
حتى قاموا ليأخذوه وإذا أيديهم مجموعة إلى أعناقهم وإذا هم لا يبصرون فجاؤا إلى
النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : ننشدك الله والرحم يا محمد ولم يكن بطن من
بطون قريش إلا وللنبي صلى الله عليه و سلم فيهم قرابة فدعا النبي صلى الله عليه و
سلم حتى ذهب ذلك عنهم
فنزلت يس
(7/42)
والقرآن
الحكيم إلى قوله أم لم تنذرهم لا يؤمنون قال : فلم يؤمن من ذلك النفر أحد "
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه قال : قال أبو جهل : لئن رأيت محمدا لأفعلن
ولأفعلن
فنزلت إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا إلى قوله لا يبصرون فكانوا يقولون : هذا محمد
فيقول : أين هو أين هو
؟ لا يبصره
وأخرج البيهقي في الدلائل من طريق السدي الصغير عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس
رضي الله عنهما في قوله وجعلنا من بين أيديهم سدا قال : كفار قريش غطاء فأغشيناهم
يقول : ألبسنا أبصارهم فهم لا يبصرون النبي صلى الله عليه و سلم فيؤذونه وذلك أن
ناسا من بني مخزوم تواطؤا بالنبي صلى الله عليه و سلم ليقتلوه
منهم أبو جهل والوليد بن المغيرة
فبينا النبي صلى الله عليه و سلم قائم يصلي يسمعون قراءته فأرسلوا إليه الوليد
ليقتله فانطلق حتى أتى المكان الذي يصلي فيه فجعل يسمع قراءته ولا يراه فانصرف
إليهم فأعلمهم ذلك فأتوه فلما انتهوا إلى المكان الذي يصلي فيه سمعوا قراءته
فيذهبون إليه فيسمعون أيضا من خلفهم فانصرفوا ولم يجدوا إليه سبيلا
فذلك قوله وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا
وأخرج ابن إسحق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو نعيم في الدلائل عن محمد بن كعب
القرظي قال : اجتمع قريش
وفيهم أبو جهل على باب النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا على بابه : إن محمدا يزعم
أنكم إن بايعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم وبعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم
نار تحرقون فيها فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم وأخذ حفنة من تراب في يده قال
: " نعم
أقول ذلك وأنت أحدهم وأخذ الله على أبصارهم فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على
رؤوسهم وهو يتلو هذه الآيات يس والقرآن الحكيم إلى قوله فأغشيناهم فهم لا يبصرون
حتى فرغ رسول الله صلى الله عليه و سلم من هؤلاء الآيات فلم يبق رجل إلا وضع على
رأسه ترابا فوضع كل رجل منهم يده على رأسه وإذا عليه تراب فقالوا : لقد كان صدقنا
الذي حدثنا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال الأغلال ما بين الصدر إلى الذقن
فهم مقمحون كما تقمح الدابة باللجام
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله
(7/43)
عنهما
أنه قرأ إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله مقمحون قال : مجموعة أيديهم إلى أعناقهم
تحت الذقن
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله مقمحون قال المقمح :
الشامخ بأنفه المنكس برأسه
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر : ونحن على جوانبها قعود نغض الطرف كالإبل القماح وأخرج
الخرائطي في مساوىء الأخلاق عن الضحاك رضي الله عنه في قوله إنا جعلنا في أعناقهم
أغلالا قال : البخل
أمسك الله أيديهم عن النفقة في سبيل الله فهم لا يبصرون
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا قال : في بعض القراءآت " إنا جعلنا في أيمانهم
أغلالا فهي إلى الأذقان فهم مقمحون قال : مغلولون عن كل خير
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد فهم مقمحون قال : رافعوا
رؤوسهم وأيديهم موضوعة على أفواههم
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ " وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا
" برفع السين فيهما فأغشيناهم بالغين
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : اجتمعت قريش بباب النبي صلى الله عليه و سلم
ينتظرون خروجه ليؤذوه فشق ذلك عليه فأتاه جبريل بسورة يس وأمره بالخروج عليهم فأخذ
كفا من تراب وخرج وهو يقرأوها ويذر التراب على رؤوسهم فما رأوه حتى جاز فجعل أحدهم
يلمس رأسه فيجد التراب وجاء بعضهم فقال : ما يجلسكم ؟ قالوا : ننتظر محمدا فقال :
لقد رأيته داخلا المسجد قالوا : قوموا فقد سحركم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قال : اجتمعت قريش فبعثوا عتبة بن ربيعة فقالوا : ائت
هذا الرجل فقل له إن قومك يقولون : إنك جئت بأمر عظيم ولم يكن عليه آباؤنا ولا
يتبعك عليه أحلامنا وإنك إنما صنعت هذا أنك ذو حاجة
(7/44)
فإن
كنت تريد المال فإن قومك سيجمعون لك ويعطونك فدع ما تريد وعليك بما كان عليه آباؤك
فانطلق إليه عتبة فقال له : الذي أمروه فلما فرغ من قوله وسكت
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من
الرحمن الرحيم فصلت 1 - 2 فقرأ عليه من أولها حتى بلغ فإن أعرضوا فقل أنذرتكم
صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فصلت 13 فرجع عتبة فأخبرهم الخبر فقال : لقد كلمني
بكلام ما هو بشعر ولا بسحر وإنه لكلام عجيب ما هو بكلام الناس فوقعوا به وقالوا
نذهب إليه بأجمعنا فلما أرادوا ذلك طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه و سلم
فعمدهم حتى قام على رؤوسهم وقال بسم الله الرحمن الرحيم يس والقرآن الحكيم حتى بلغ
إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا فضرب الله بأيديهم على أعناقهم فجعل من بين أيديهم
سدا ومن خلفهم سدا فأخذ ترابا فجعله على رؤوسهم ثم انصرف عنهم ولا يدرون ما صنع
بهم فعجبوا وقالوا : ما رأينا أحدا قط أسحر منه أنظروا ما صنع بنا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : ائتمر ناس من قريش بالنبي صلى
الله عليه و سلم ليسطوا عليه فجاؤا يريدون ذلك فجعل الله من بين أيديهم سدا قال :
ظلمة ومن خلفهم سدا قال : ظلمة فأغشيناهم فهم لا يبصرون قال : فلم يبصروا النبي
صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة قال : كان ناس من المشركين من
قريش يقول بعضهم لبعض : لو قد رأيت محمدا لفعلت به كذا وكذا فأتاهم النبي صلى الله
عليه و سلم وهم في حلقة في المسجد فوقف عليهم فقرأ يس والقرآن الحكيم حتى بلغ لا
يبصرون ثم أخذ ترابا فجعل يذره على رؤوسهم فما يرفع إليه رجل طرفه ولا يتكلم كلمة
ثم جاوز النبي صلى الله عليه و سلم فجعلوا ينفضون التراب عن رؤوسهم ولحاهم والله
ما سمعنا والله ما أبصرنا والله ما عقلنا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله وجعلنا من بين أيديهم
سدا ومن خلفهم سدا قال : عن الحق فهم يترددون فأغشيناهم فهم لا يبصرون هدى ولا
ينتفعون به
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد في الآية قال : جعل هذا السد
(7/45)
بينهم
وبين الإسلام والإيمان فلم يخلصوا إليه
وقرأ وسواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون من منعه الله لا يستطيع
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم النخعي أنه كان يقرأ " من بين أيديهم سدا ومن
خلفهم سدا " بنصب السين
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة أنه قرأ فأغشيناهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله إنما
تنذر من اتبع الذكر قال : اتباع الذكر اتباع القرآن وخشي الرحمن بالغيب قال : خشي
عذاب الله وناره فبشره بمغفرة وأجر كريم قال : الجنة
الآية 12 أخرج عبد الرزاق والترمذي وحسنه والبزار وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي سعيد الخدري قال :
كان بنو سلمة في ناحية من المدينة فأرادوا أن ينتقلوا إلى قرب المسجد فأنزل الله
إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم فدعاهم رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقال : " إنه يكتب آثاركم ثم قرأ عليهم الآية فتركوا "
وأخرج عبد بن حميد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما
قدموا وآثارهم قال : الخطا
وأخرج الفريابي وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر
والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كانت الأنصار منازلهم
بعيدة من المسجد فأرادوا أن ينتقلوا قريبا من المسجد فنزلت ونكتب ما قدموا وآثارهم
فقالوا : بل نمكث مكاننا
وأخرج مسلم وابن جرير وابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال : إن بني سلمة أرادوا
أن يبيعوا ديارهم ويتحولوا قريبا من المسجد فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " يا بني سلمة دياركم نكتب آثاركم "
(7/46)
وأخرج
ابن أبي شيبه وأحمد وابن مردويه عن أنس قال : أراد بنو سلمة أن يبيعوا دورهم
ويتحولوا قريب المسجد فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه و سلم فكره أن تعرى المدينة
فقال " يا بني سلمة أما تحبون أن تكتب آثاركم إلى المسجد ؟ قالوا : بلى
فأقاموا "
وأخرج ابن أبي حاتم عن أنس رضي الله عنه في قوله ونكتب ما قدموا وآثارهم قال : هذا
في الخطو يوم الجمعة
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود وابن ماجة وابن مردويه عن
أبي بن كعب قال : كان رجل ما يعلم من أهل المدينة ممن يصلي القبلة أبعد منزلا منه
من المسجد فكان يشهد الصلاة مع النبي صلى الله عليه و سلم فقيل له لو اشتريت حمارا
تركبه في الرمضاء والظلمات فقال والله ما يسرني أن منزلي بلصق المسجد فأخبر بذلك
رسول الله صلى الله عليه و سلم فسأله عن ذلك فقال : يا رسول الله كيما يكتب أثري
وخطاي ورجوعي إلى أهلي وإقبالي وإدباري فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" أعطاك الله ذلك كله وأعطاك ما احتسبت أجمع "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من حين يخرج أحدكم من منزله إلى منزل رجل يكتب له حسنة ويحط عنه سيئة
وأخرج عبد بن حميد عن مسروق قال : ما خطا رجل خطوة إلا كتب الله له حسنة أو سيئة
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" الأبعد فالأبعد من المسجد أعظم أجرا "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه
ونكتب ما قدموا قال : أعمالهم وآثارهم قال : خطاهم بأرجلهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال :
لو كان مغفلا شيئا من أثر ابن آدم لأغفل هذا الأثر التي تعفها الرياح ولكن أحصر
على ابن آدم أثره وعمله كله حتى أحصي هذا الأثر فيما هو في طاعة الله أو معصيته
فمن استطاع منكم أن يكتب أثره في طاعة الله فليفعل
(7/47)
وأخرج
ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله
ونكتب ما قدموا وآثارهم قال : ما سنوا من سنة فعملوا بها من بعد موتهم
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه
في قوله نكتب ما قدموا قال : ما قدموا من خير وآثارهم قال : ما أورثوا من الضلالة
وأخرج ابن أبي حاتم عن جرير بن عبد الله البجلي قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص
من أجورهم شيء ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص من
أوزارهم شيء
ثم تلا هذه الآية ونكتب ما قدموا وآثارهم "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن الضريس في فضائل القرآن وابن المنذر وابن
أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وكل شيء أحصيناه في إمام مبين قال : أم
الكتاب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله وكل شيء
أحصيناه في إمام مبين قال : كل شيء من إمام عند الله محفوظ يعني في كتاب
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم رضي الله عنه وكل شيء أحصيناه في إمام مبين قال :
كتاب
الآيات 13 - 27
(7/48)
أخرج
الفريابي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله واضرب لهم مثلا أصحاب القرية قال :
هي أنطاكية
وأخرج ابن أبي حاتم عن بريدة أصحاب القرية قال : أنطاكية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله أصحاب
القرية إذ جاءها المرسلون قال : أنطاكية
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله أصحاب القرية إذ جاءها
المرسلون قال : ذكر لنا أنها قرية من قرى الروم بعث عيسى بن مريم إليها رجلين
فكذبوهما
وأخرج ابن سعد وابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال : كان موسى بن عمران عليه السلام بينه وبين عيسى ألف سنة وتسعمائة سنة ولم يكن
بينهما وإنه أرسل بينهما ألف نبي من بني إسرائيل ثم من أرسل من غيرهم وكان بين
ميلاد عيسى والنبي صلى الله عليه و سلم خمسمائة سنة وتسع وستون
(7/49)
سنة
بعث في أولها ثلاثة أنبياء
وهو قوله إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث والذي عززبه : شمعون
وكان من الحواريين وكانت الفترة التي ليس فيها رسول أربعمائة سنة وأربعة وثلاثين
سنة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه في قوله إذ أرسلنا إليهم اثنين قال : بلغني أن عيسى بن مريم بعث إلى أهل
القرية - وهي أنطاكية - رجلين من الحواريين وأتبعهم بثالث
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله إذ أرسلنا إليهم اثنين
فكذبوهما فعززنا بثالث قال : لكي تكون عليهم الحجة أشد فأتوا أهل القرية فدعوهم
إلى الله وحده وعبادته لا شريك له فكذبوهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن شعيب الجبائي قال : اسم الرسولين اللذين قالا إذ أرسلنا
إليهم اثنين شمعون
ويوحنا
واسم الثالث بولص
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله فعززنا بثالث مخففة
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله إذ أرسلنا إليهم اثنين
قال : اسم الثالث الذي عزز به سمعون بن يوحنا
والثالث بولص فزعموا أن الثلاثة قتلوا جميعا وجاء حبيب وهو يكتم إيمانه فقال يا
قوم اتبعوا المرسلين فلما رأوه أعلن بإيمانه فقال إني آمنت بربكم فاسمعون وكان
نجارا ألقوه في بئر وهي الرس وهم أصحاب " الرس "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه في قوله قالوا إنا تطيرنا بكم قال : يقولون إن أصابنا شر فإنما هو من
أجلكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم بالحجارة قالوا طائركم معكم أي أعمالكم معكم أئن
ذكرتم يقول : أئن ذكرناكم بالله تطيرتم بنا
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في قوله لنرجمنكم قال : لنشتمنكم قال والرجم في القرآن
كله الشتم وفي قوله طائركم معكم أئن ذكرتم يقول : ما كتب عليكم واقع بكم
(7/50)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله طائركم معكم قال : شؤمكم معكم
وأخرج عبد بن حميد عن يحيي بن وثاب أنه قرأها " أئن ذكرتم " بالخفض
وقرأها زر بن حبيش " أن ذكرتم " بالنصب
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال : هو
حبيب النجار
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد
مثله
وأخرج ابن جرير عن أبي مجلز قال : كان اسم صاحب يس حبيب بن مري
وأخرج ابن أبي حاتم من وجه آخر عن ابن عباس قال : اسم صاحب يس حبيب وكان الجذام قد
أسرع فيه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال : بلغني أنه رجل كان يعبد الله في غار
واسمه حبيب فسمع بهؤلاء النفرالذين أرسلهم عيسى إلى أهل أنطاكية فجاءهم فقال :
تسألون أجرا فقالوا : لا فقال لقومه يا قوم اتبعوا المرسلين اتبعوا من لا يسألكم
أجرا وهم مهتدون حتى بلغ فاسمعون قال : فرجموه بالحجارة فجعل يقول : رب اهد قومي
فإنهم لا يعلمون بما غفر لي ربي حتى بلغ إن كانت إلا صيحة واحدة قال : فما نوظروا
بعد قتلهم إياه حتى أخذتهم صيحة واحدة فإذا هم خامدون
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمر بن الحكم في قوله وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى قال :
بلغنا أنه كان قصارا
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله وجاء من أقصى المدينة رجل كان حراثا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن كعب أن ابن عباس سأله عن أصحاب الرس فقال :
إنكم معشر العرب تدعون البئر رسا وتدعون القبر رسا فخدوا خدودا في الأرض وأوقدوا
فيها النيران للرسل الذين ذكر الله في يس إذ أرسلنا
(7/51)
إليهم
اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث وكان الله تعالى إذا جمع لعبد النبوة والرسالة منعه
من الناس وكانت الأنبياء تقتل فلما سمع بذلك رجل من أقصى المدينة وما يراد بالرسل
أقبل يسعى ليدركهم فيشهدهم على إيمانه فأقبل على قومه فقال يا قوم اتبعوا المرسلين
إلى قوله لفي ضلال مبين ثم أقبل على الرسل فقال إني آمنت بربكم فاسمعون ليشهدهم
على إيمانه فأخذ فقذف في النار فقال الله تعالى ادخل الجنة قال يا ليت قومي يعلمون
بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود قال : لما قال صاحب يس يا قوم اتبعوا المرسلين خنقوه
ليموت فالتفت إلى الأنبياء فقال إني آمنت بربكم فاسمعون أي فاشهدوا لي
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله قيل ادخل
الجنة قال : وجبت له الجنة قال يا ليت قومي يعلمون قال : هذا حين رأى الثواب
الآيات 28 - 29 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله وما أنزلنا على
قومه
قال : ما استعنت عليهم جندا من السماء ولا من الأرض
وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن سيرين قال : في
قراءة ابن مسعود " إن كانت إلا رتقة واحدة " وفي قراءتنا إن كانت إلا
صيحة واحدة
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله فإذا هم خامدون قال : ميتون
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : السبق ثلاثة
فالسابق إلى موسى يوشع بن نون والسابق إلى عيسى صاحب يس
والسابق إلى محمد صلى الله عليه و سلم علي بن أبي طالب
وأخرج ابن عساكر من طريق صدقة القرشي عن رجل قال : قال رسول الله
(7/52)
صلى
الله عليه و سلم : " أبو بكر الصديق خير أهل الأرض إلا أن يكون نبي وإلا مؤمن
آل ياسين وإلا مؤمن آل فرعون "
وأخرج ابن عدي وابن عساكر : ثلاثة ما كفروا بالله قط
مؤمن آل ياسين وعلي بن أبي طالب وآسية امرأة فرعون
وأخرج البخاري في تاريخه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" الصديقون ثلاثة
حزقيل مؤمن آل فرعون وحبيب النجار صاحب آل ياسين وعلي بن أبي طالب "
وأخرج أبو داود وأبو نعيم وابن عساكر والديلمي عن أبي ليلى قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " الصديقون ثلاثة
حبيب النجار مؤمن آل ياسين الذي قال يا قوم اتبعوا المرسلين وحزقيل مؤمن آل فرعون
الذي قال أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله غافر الآية 28 وعلي بن أبي طالب وهو
أفضلهم "
وأخرج الحاكم والبيهقي في الدلائل عن عروة قال : قدم عروة بن مسعود الثقفي على
رسول الله صلى الله عليه و سلم ثم استأذن ليرجع إلى قومه فقال له رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " إنهم قاتلوك ؟ قال : لو وجدوني نائما ما أيقظوني فرجع
إليهم فدعاهم إلى الإسلام فعصوه وأسمعوه من الأذى فلما طلع الفجر قام على غرفة
فأذن بالصلاة
وتشهد فرماه رجل من ثقيف بسهم فقتله فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم حين بلغه
قتله : مثل عروة
مثل صاحب يس
دعا قومه إلى الله فقتلوه
وأخرج ابن مردويه من حديث ابن شعبة موصولا
نحوه
وأخرج عبد بن حميد والطبراني عن مقسم عن ابن عباس
أن النبي صلى الله عليه و سلم بعث عروة بن مسعود إلى الطائف إلى قومه ثقيف فدعاهم
إلى الإسلام فرماه رجل بسهم فقتله فقال : " ما أشبهه بصاحب يس "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر الشعبي قال : شبه النبي صلى الله عليه و سلم ثلاثة نفر
من أمته قال " دحية الكلبي يشبه جبريل وعروة بن مسعود الثقفي يشبه عيسى بن
مريم وعبد العزى يشبه الدجال
الآية 30
(7/53)
أخرج
ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله يا حسرة على العباد يقول : يا ويلا
للعباد
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف عن ابن
عباس أنه قال يا حسرة على العباد
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد يا
حسرة على العباد قال : كان حسرة عليهم استهزاؤهم بالرسل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله يا حسرة
على العباد يا حسرة العباد على أنفسها على ما ضيعت من أمر الله وفرطت في جنب الله
تعالى قال : وفي بعض القراءة " يا حسرة العباد على أنفسها ما يأتيهم من رسول
"
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله يا حسرة على العباد قال : الندامة على
العباد الذين ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤن يقول : الندامة عليهم إلى
يوم القيامة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله يا حسرة على العباد قال : يا
حسرة لهم
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هارون قال : في حرف أبي بن كعب " يا حسرة على
العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزؤن "
الآيات 31 - 34 أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله
(7/54)
ألم
يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون قال : عادا وثمودا وقرونا
بين ذلك كثيرا وإن كل لما جميع لدينا محضرون قال : يوم القيامة
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق هارون عن الأعرج وأبي عمرو في قوله أنهم إليهم لا
يرجعون قالا : ليس في مدة اختلاف هذا من رجوع الدنيا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي إسحق قال : قيل لابن عباس إن ناسا يزعمون أن
عليا مبعوث قبل يوم القيامة
فسكت ساعة ثم قال : بئس القوم نحن إن كنا أنكحنا نساءه واقتسمنا ميراثه أما تقرأون
ألم يروا كم أهلكنا قبلهم من القرون أنهم إليهم لا يرجعون
آية 35 أخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن ابن عباس أنه قرأ وما عملته أيديهم قال
: وجدوه معمولا لم تعمله أيديهم
يعني الفرات ودجلة ونهر بلخ وأشباهها أفلا يشكرون لهذا
والله أعلم
آية 36 أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله سبحان الذي خلق الأزواج كلها قال :
الأصناف كلها
الملائكة زوج والأنس زوج والجن زوج وما تنبت الأرض زوج وكل صنف من الطير زوج ثم
فسر فقال مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون الروح لا يعلمه الملائكة ولا
خلق الله ولم يطلع على الروح أحد وقوله ومما لا يعلمون لا يعلم الملائكة ولا غيرها
آية 37 أخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله وآية لهم الليل نسلخ منه النهار قال : يخرج
أحدهما من الآخر
(7/55)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وآية لهم الليل نسلخ منه
النهار قال : كقوله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل الحج الآية 61
آية 38 أخرج عبد بن حميد والبخاري والترمذي وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة
وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي ذر قال : كنت مع النبي صلى الله
عليه و سلم في المسجد عند غروب الشمس فقال : " يا أبا ذر أتدري أين تغرب
الشمس ؟ قلت : الله ورسوله أعلم قال : فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش فذلك قوله
والشمس تجري لمستقر لها قال : مستقرها تحت العرش "
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن أبي
حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي عن أبي ذر قال : سألت رسول الله صلى الله
عليه و سلم عن قوله والشمس تجري لمستقر لها قال : " مستقرها تحت العرش "
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي
ذر قال : دخلت المسجد حين غابت الشمس والنبي صلى الله عليه و سلم جالس فقال "
يا أبا ذر أتدري أين تذهب هذه ؟ قلت : الله ورسوله أعلم قال : فإنها تذهب حتى تسجد
بين يدي ربها فتستأذن في الرجوع فيأذن لها وكأنها قيل لها اطلعي من حيث جئت فتطلع
من مغربها ثم قرأ " وذلك مستقر لها " قال : وذلك قراءة عبد الله
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن عبد الله بن عمر في
الآية قال لمستقر لها أن تطلع فتردها ذنوب بني آدم فإذا غربت سلمت وسجدت واستأذنت
فيؤذن لها حتى إذا غربت سلمت فلا يؤذن لها فتقول : إن السير بعيد وإني لم يؤذن لي
لا أبلغ فتحبس ما شاء الله أن تحبس ثم يقال اطلعي من حيث غربت
قال : فمن يومئذ إلى يوم القيامة لا ينفع نفسا إيمانها الأنعام 158
وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن الأنباري في المصاحف وأحمد عن ابن عباس أنه كان
يقرأ " والشمس تجري لمستقر لها "
(7/56)
وأخرج
ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عمرو قال : لو أن الشمس تجري مجرى واحدا
من أهل الأرض فيخشى منها ولكنها تحلق في الصيف وتعترض في الشتاء فلو أنها طلعت
مطلعها في الشتاء في الصيف لأنضجهم الحر
ولو أنها طلعت في الصيف لقطعهم البرد
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي راشد رضي الله عنه في قوله والشمس تجري
لمستقر لها قال : موضع سجودها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن الأنباري في المصاحف عن قتادة رضي
الله عنه في قوله والشمس تجري لمستقر لها قال : لوقتها ولأجل لا تعدوه
آية 39 وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه في قوله
والقمر قدرناه منازل الآية
قال : قدره الله منازل فجعل ينقص حتى كان مثل عذق النخلة فشبهه بذلك
وأخرج الخطيب في كتب النجوم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله والقمر قدرناه
منازل حتى عاد كالعرجون القديم قال : في ثمانية وعشرين منزلا ينزلها القمر في شهر
أربعة عشر منها شامية وأربعة عشر منها يمانية
فأولها السرطين والبطين والثريا والدبران والهقعة والهنعة والذراع والنثرة والطرف
والجبهة والزبرة والصرفة والعواء والسماك
وهو آخر الشامية والعقرب والزبابين والإكليل والقلب والشولة والنعائم والبلدة وسعد
الذابح وسعد بلع وسعد السعود وسعد الأخبية ومقدم الدلو ومؤخر الدلو والحوت وهو آخر
اليمانية
فإذا سار هذه الثمانية والعشرين منزلا عاد كالعرجون القديم كما كان في أول الشهر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
كالعرجون القديم يعني أصل العذق القديم
(7/57)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله كالعرجون القديم قال : عرجون
النخل اليابس
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في
قوله كالعرجون القديم قال : هو عذق النخلة اليابس المنحني
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله كالعرجون القديم قال
: كعذق النخلة إذا قدم فانحنى
وأخرج ابن المنذر عن الحسن بن الوليد قال : أعتق رجل كل غلام له عتيق قديم فسئل
يعقوب فقال : من كان لسنة فهو حر
قال الله حتى عاد كالعرجون القديم وكان لسنة
آية 40 أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله
عنه لا الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر قال : لا يشبه ضوء أحدهما ضوء الآخر ولا
ينبغي لهما ذلك
وذلك ولا الليل سابق النهار قال : يتطالبان حثيثين يسلخ أحدهما من الآخر
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله لا الشمس ينبغي لها
أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار قال : لكل حد وعلم لا يعدوه ولا يقصر دونه
إذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا وإذا جاء سلطان هذا ذهب سلطان هذا
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله لا
الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر قال : ذاك ليلة الهلال
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن في قوله لا الشمس ينبغي لها أن
تدرك القمر ولا الليل سابق النهار قال : لكل واحد منهما سلطان
للقمر سلطان بالليل
وللشمس سلطان بالنهار فلا ينبغي للشمس أن تطلع بالليل
وقوله
(7/58)
ولا
الليل سابق النهار يقول : لا ينبغي إذا كان ليل أن يكون ليل آخر حتى يكون النهار
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ولا الليل سابق النهار قال :
لا يذهب الليل من ههنا حتى يجيء النهار من ههنا وأومأ بيده إلى المشرق
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ولا الليل سابق
النهار قال : في قضاء الله وعلمه أن لا يفوت الليل النهار حتى يدركه فتذهب ظلمته
وفي قضاء الله وعلمه أن لا يفوت النهار الليل حتى يدركه فيذهب بضوئه
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله لا
الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار قال : لا يدرك هذا ضوء هذا
ولا هذا ضوء هذا
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال : لا يسبق هذا ضوء هذا ولا
هذا ضوء هذا
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه في الآية قال : لا يعلو هذا ضوء هذا ولا
هذا على هذا
الآيات 41 - 48
(7/59)
أخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله وآية لهم أنا حملنا
ذريتهم في الفلك المشحون قال : سفينة نوح عليه السلام حمل فيها من كل زوجين اثنين
وخلقنا لهم من مثله ما يركبون قال : السفن التي في البحور والأنهار التي يركب
الناس فيها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي صالح في قوله حملنا ذريتهم في الفلك المشحون
قال : سفينة نوح وخلقنا لهم من مثله ما يركبون قال : هذه السفن مثل خشبها وصنعتها
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه وخلقنا لهم من مثله ما
يركبون قال : هي السفن جعلت من بعد سفينة نوح على مثلها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه وخلقنا لهم من مثله ما يركبون
قال : يعني السفن الصغار وقال : الحسن رضي الله عنه : هي الإبل
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وخلقنا لهم من
مثله ما يركبون يعني الإبل خلقها الله تعالى كما رأيت فهي سفن البر يحملون عليها
ويركبونها
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله
بن شداد رضي الله عنه في قوله وخلقنا لهم من مثله ما يركبون قالا : الإبل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله وخلقنا لهم من مثله ما يركبون قال : الأنعام
وفي قوله وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم لا مغيث لهم يستغيثون به
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه فلا صريخ لهم قال : لا مغيث لهم وفي قوله ومتاعا إلى حين قال : إلى الموت
وفي قوله وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم قال : من الوقائع التي قد خلت فيمن كان
قبلكم والعقوبات التي أصابت عادا وثمودا والأمم وما خلفكم قال : من أمر الساعة
وفي قوله وإذا قيل لهم أنفقوا مما رزقكم الله
قال : نزلت في الزنادقة كانوا لا يطعمون فقيرا فعاب الله ذلك عليه وعيرهم
(7/60)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله
وإذا قيل له اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم قال ما مضى وما بقي من الذنوب
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله أنطعم من لو يشاء الله أطعمه
قال : اليهود تقوله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن إسمعيل عن أبي خالد رضي الله عنه في قوله أنطعم
من لو يشاء الله أطعمه قال : يهود تقوله
الآيات 49 - 50 أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
في قوله ما ينظرون إلا صيحة واحدة تأخذهم وهم يخصمون قال : ذكر لنا أن نبي الله
صلى الله عليه و سلم كان يقول : " تهيج الساعة الناس والرجل يسقي ماشيته
والرجل يصلح حوضه والرجل يقيم سلعته في سوقه والرجل يخفض ميزانه ويرفعه فتهيج بهم
وهم كذلك فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون قال : أعجلوا عن ذلك "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ما ينظرون إلا صيحة
واحدة تأخذهم وهم يخصمون قال : هذا مبتدأ يوم القيامة
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله وهم يخصمون قال : يتكلمون
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عمر قال : لينفخن في الصور والناس في طرقهم
وأسواقهم ومجالسهم حتى أن الثوب ليكون بين الرجلين يتساومان فما يرسله أحدهما من
يده حتى ينفخ في الصور فيصعق به وهي التي قال الله ما ينظرون إلا صيحة واحدة
تأخذهم وهم يخصمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون
(7/61)
وأخرج
عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله
عنه في هذه الآية قال : تقوم الساعة والناس في أسواقهم يتبايعون ويذرعون الثياب
ويحلبون اللقاح وفي حوائجهم فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون
وأخرج عبد بن حميد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر عن الزبير بن
العوام رضي الله عنه قال : إن الساعة تقوم والرجل يذرع الثوب والرجل يحلب الناقة
ثم قرأ فلا يستطيعون توصية
وأخرج سعيد بن منصور والبخاري ومسلم وابن المنذر وأبو الشيخ عن أبي هريرة رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لتقومن الساعة وقد نشر
الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه
ولتقومن الساعة وهو يليط حوضه فلا يسقي فيه
ولتقومن الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لقحته فلا يطعمه
ولتقومن الساعة وقد رفع أكلته إلى فمه فلا يطعمها "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله تأخذهم وهم
يخصمون قال : تذرهم في أسواقهم وطرقهم فلا يستطيعون توصية قال : لا يوصي بعضهم إلى
بعض
والله أعلم
الآيات 51 - 54 أخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ونفخ في الصور
فإذا هم من الأجداث قال : النفخة الأخيرة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما
(7/62)
فإذا
هم من الأجداث يعني من القبور إلى ربهم ينسلون قال : يخرجون
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه
مثله
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله من
الأجداث قال : القبور قال : هل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول عبد الله بن رواحة : حينا يقولون اذ مروا على جدثي أرشده يا رب من
غاز وقد رشدا قال أخبرني عن قوله إلى ربهم ينسلون قال : النسل المشي الخبب قال :
وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت نابغة بن جعدة وهو يقول : عملان الذنب أمشي فاريا يرد الليل عليه فنسل
وأخرج ابن الأنباري في المصاحف عن علي رضي الله عنه أنه قرأ يا ويلنا من بعثنا من
مرقدنا
وأخرج ابن الأنباري عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : ينامون نومة قبل البعث
فيجدون لذلك راحة فيقولون يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي بن كعب رضي
الله عنه في قوله من بعثنا من مرقدنا قال : ينامون قبل البعث نومة
وأخرج هناد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن الأنباري عن
مجاهد قال : للكافر هجعة يجدون فيها طعم النوم قبل يوم القيامة فإذا صيح بأهل
القبور يقول الكافر يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا فيقول المؤمن إلى جنبه هذا ما وعد
الرحمن وصدق المرسلون
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : يقول المشركون يا ويلنا من
بعثنا من مرقدنا فيقول المؤمن هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
في قوله يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا قال : أولها للكفار وآخرها للمسلمين
قال الكفار يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا وقال المسلمون هذا ما وعد الرحمن وصدق
المرسلون
(7/63)
وأخرج
ابن أبي شيبة وابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه في الآية قال : كانوا يرون أن
العذاب يخفف عنهم ما بين النفختين فلما كانت النفخة الثانية قالوا
يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا
وأخرج ابن أبي حاتم رضي الله عنه في الآية قال : ينامون قبل البعث نومة فإذا بعثوا
قال الكفار يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا قال : فتجيبهم الملائكة هذا ما وعد الرحمن
وصدق المرسلون
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله فإذا هم جميع لدينا محضرون قال : عند الحساب
الآيات 55 - 56 أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد رضي الله عنه في قوله إن أصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون قال : يعجبون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله إن أصحاب
الجنة اليوم في شغل فاكهون قال : شغلهم النعيم عما فيه أهل النار من العذاب
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا في صفة الجنة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله في شغل فاكهون قال :
في افتضاض الأبكار
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير
وابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله إن أصحاب الجنة اليوم في شغل
فاكهون قال : شغلهم افتضاض العذارى
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة وقتادة
مثله
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : إن
(7/64)
المؤمن
كلما أراد زوجة وجدها عذراء
وأخرج البزار والطبراني في الصغير وأبو الشيخ في العظمة عن أبي سعيد الخدري رضي
الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أهل الجنة إذا جامعوا
نساءهم عادوا أبكارا "
وأخرج المقدسي في صفة الجنة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه
و سلم أنه سئل أنطؤ في الجنة ؟ قال : نعم
والذي نفسي بيده دحما دحما فإذا قام عنها رجعت مطهرة بكرا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله في شغل فاكهون قال : ضرب
الأوتار قال أبو حاتم : هذا خطأ من السمع إنما هو افتضاض الأبكار
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وأزواجهم
قال : حلائلهم
الآية 57 أخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة بسند جيد عن أبي أمامة رضي الله عنه
قال : إن الرجل من أهل الجنة ليشتهي الشراب من شراب الجنة فيجيء إليه الإبريق فيقع
في يده فيشرب فيعود إلى مكانه
الآية 58 أخرج ابن ماجة وابن أبي الدنيا في صفة الجنة والبزار وابن أبي حاتم
والآجري في الرؤية وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله
عليه و سلم : " بينا أهل الجنة في نعيمهم إذ سطع لهم نور فرفعوا رؤوسهم فإذا
الرب قد أشرف عليهم من فوقهم فقال السلام عليكم يا أهل الجنة
وذلك قول الله سلام قولا من رب
(7/65)
رحيم
قال : فينظر إليهم وينظرون إليه فلا يلتفتوا إلى شيء من النعيم ما داموا ينظرون
إليه حتى يحتجب عنهم ويبقى نوره وبركته عليهم في ديارهم "
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله سلام قولا من
رب رحيم قال : فإن الله هو يسلم عليهم
وأخرج ابن جرير عن البراء رضي الله عنه في قوله سلام قولا من رب رحيم قال : يسلم
عليهم عند الموت
وأخرج ابن جرير وأبو نصر السجزي في الإبانة عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه في
قوله سلام قولا من رب رحيم قال : يأتيهم تبارك وتعالى في درجاتهم فيسلم عليهم
فيردون عليه السلام فيقول " سلوني فيقولون : ما نسألك ؟ وعزتك وجلالك لو أنك
قسمت علينا رزق الثقلين الجن والإنس لأطعمناهم ولأسقيناهم ولألبسناهم ولأخدمناهم
ولا ينقصنا ذلك شيئا
فيقول : إن لدي مزيدا فيقول ذلك بأهل كل درجة حتى ينتهي ثم يأتيهم التحف من الله
تحمله إليهم الملائكة "
الآية 59 أخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : إذا كان يوم القيامة جمع
الله الناس على تل رفيع ثم نادى مناد : امتازوا اليوم أيها المجرمون
وأخرج ابن أبي حاتم عن رواد بن الجراح رضي الله عنه في الآية قال : إذا كان يوم
القيامة نادى مناد : أن ميزوا المسلمين من المجرمين إلا صاحب الأهواء
يعني يترك صاحب الهوى مع المجرمين
وأخرج ابن أبي حاتم عن ميمون رضي الله عنه أنه قرأ هذه الآية وامتازوا اليوم أيها
المجرمون فرق وبكى وقال : ما سمع الناس قط بنعت أشد منه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله
وامتازوا اليوم أيها المجرمون قال : عزلوا عن كل خير
(7/66)
الآيات
60 - 64 أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ألم أعهد إليكم يقول :
ألم أنهكم ؟
وأخرج ابن المنذر عن مكحول رضي الله عنه في قوله أن لا تعبدوا الشيطان قال : إنما
عبادته طاعته
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله جبلا كثيرا قال : خلقا كثيرا
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ " جبلا كثيرا " بكسر
الجيم مثقلة اللام " أفلم يكونوا يعقلون " بالياء
وأخرج عبد بن حميد عن هذيل رضي الله عنه أنه قرأ جبلا كثيرا مخففة
وأخرج الحاكم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ " ولقد أضل منكم
جبلا " مخففة
الآية 65 أخرج أحمد ومسلم والنسائي وابن أبي الدنيا في التوبة واللفظ له وابن أبي
حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أنس رضي الله عنه في قوله اليوم
نختم على أفواههم قال كنا عند النبي صلى الله عليه و سلم فضحك حتى بدت نواجذه قال
: " أتدرون ممن ضحكت ؟ قلنا : لا يا رسول الله قال : من مخاطبة العبد ربه فيقول
: يا رب ألم
(7/67)
تجرني
من الظلم ؟ فيقول : بلى
فيقول : إني لا أجيز علي إلا شاهدا مني فيقول : كفى بنفسك عليك شهيدا وبالكرام
الكاتبين شهودا فيختم على فيه ويقال لأركانه : أنطقي فتنطق بأعماله ثم يخلى بينه
وبين الكلام فيقول بعدا لكن وسحقا فعنكن كنت أناضل "
وأخرج مسلم والترمذي وابن مردويه والبيهقي عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " يلقى العبد ربه فيقول الله : أي قل ألم أكرمك
وأسودك وأزوجك وأسخر لك الخيل والإبل وأذرك ترأس وتربع ؟ فيقول : بلى أي رب فيقول
: أفطنت أنك ملاقي ؟ فيقول : لا
فيقول : فإني أنساك كما نسيتني
ثم يلقى الثاني فيقول : مثل ذلك
ثم يلقى الثالث فيقول له : مثل ذلك فيقول : آمنت بك وبكتابك وبرسولك وصليت وصمت
وتصدقت ويثني بخير ما استطاع فيقول : ألا نبعث شاهدنا عليك ؟ فيفكر في نفسه من
الذي يشهد علي فيختم على فيه ويقال لفخذه : انطقي
فتنطق فخذه ولحمه وعظامه
بعمله ما كان ذلك يعذر من نفسه وذلك بسخط الله عليه "
وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن عقبة بن عامر رضي
الله عنه
أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن أول عظم من الإنسان يتكلم
يوم يختم على الأفواه
فخذه من الرجل الشمال "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : يدعى المؤمن
للحساب يوم القيامة فيعرض عليه ربه عمله فيما بينه وبينه ليعترف فيقول : أي رب
عملت
عملت عملت فيغفر الله له ذنوبه ويستره منها قال : فما على الأرض خليقة يرى من تلك
الذنوب شيئا وتبدو حسناته فود أن الناس كلهم يرونها
ويدعى الكافر والمنافق للحساب فيعرض ربه عليه عمله فيجحد ويقول : أي رب وعزتك لقد
كتب علي هذا الملك ما لم أعمل فيقول له الملك : أما عملت كذا في يوم كذا في مكان
كذا ؟ فيقول : لا وعزتك
أي رب ما عملته فإذا فعل ذلك ختم على فيه فإني أحسب أول ما ينطق منه لفخذه اليمنى
ثم تلا اليوم نختم على أفواههم
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن بسرة وكانت
(7/68)
من
المهاجرات قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم عليكن بالتسبيح والتهليل
والتقديس ولا تغفلن واعقدن بالأنامل فإنهن مسؤولات ومستنطقات
وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه قال : يقال للرجل يوم القيامة : عملت كذا
وكذا
فيقول : ما عملته
فيختم على فيه وتنطق جوارحه فيقول لجوارحه : أبعدكن الله ما خاصمت إلا فيكن
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أسماء بن عبيد رضي الله عنه قال : يؤتى بابن آدم
يوم القيامة ومعه جبل من صحف لكل ساعة صحيفة فيقول الفاجر : وعزتك لقد كتبوا علي
ما لم أعمل فعند ذلك يختم على أفواههم ويؤذن لجوارحهم في الكلام فيكون أول ما
يتكلم من جوارح ابن آدم فخذه اليسرى
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله نختم على أفواههم قال : فلا
يتكلمون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال :
كانت خصومات وكلام وكان هذا آخره أن ختم على أفواههم
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال : أول ما ينطق من الإنسان
فخذه اليمنى
الآيات 66 - 67 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء
والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ولو نشاء لطمسنا على أعينهم قال :
أعميناهم وأضللناهم عن الهدى فأنى يبصرون فكيف يهتدون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله فاستبقوا الصراط قال : الطريق فأنى يبصرون وقد طمسنا على أعينهم
(7/69)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ولو نشاء لمسخناهم قال
: أهلكناهم على مكانتهم قال : في مساكنهم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله ولو نشاء
لمسخناهم يقول : لجعلناهم حجارة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله ولو نشاء لطمسنا
قال : لو شاء الله لتركهم عميا يترددون ولو نشاء لمسخناهم على مكانتهم قال : لو
نشاء لجعلناهم كسحا لا يقومون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله فما استطاعوا مضيا ولا يرجعون قال :
فلم يستطيعوا أن يتقدموا ولا يتأخروا
الآية 68
(7/70)
أخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله ومن نعمره
ننكسه في الخلق قال : هو الهرم
يتغير سمعه وبصره وقوته كما رأيت
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ومن نعمره ننكسه في الخلق قال
: نرده إلى أرذل العمر
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سفيان في قوله ومن نعمره ننكسه
قال : ثمانين سنة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ومن نعمره يقول : من
نمد له في العمر ننكسه في الخلق كيلا يعلم من بعد علم شيئا الحج 5 يعني الهرم
الآيات 69 - 70 أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله وما علمناه الشعر
قال : محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وما علمناه الشعر وما
ينبغي له قال : محمد صلى الله عليه و سلم عصمه الله من ذلك إن هو إلا ذكر قال :
هذا القرآن لينذر من كان حيا قال : حي القلب حي البصر ويحق القول على الكافرين
بأعمالهم أعمال السوء
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه قال : بلغني أنه قيل لعائشة رضي الله عنها هل كان رسول الله صلى الله
عليه و سلم يتمثل بشيء من الشعر ؟ قالت : كان أبغض الحديث إليه غير أنه كان يتمثل
ببيت أخي بني قيس يجعل أخره أوله وأوله آخره ويقول : ويأتيك من لم تزود بالأخبار
فقال له أبو بكر رضي الله عنه : ليس هكذا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إني والله ما أنا بشاعر ولا ينبغي لي "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم إذا استراب الخبر تمثل ببيت طرفة : ويأتيك بالأخبار من لم تزود
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله صلى الله عليه
و سلم يتمثل من الأشعار : ويأتيك بالأخبار من لم تزود وأخرج ابن سعد وابن أبي حاتم
والمرزباني في معجم الشعراء عن الحسن رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يتمثل بهذا البيت : كفى بالإسلام والشيب للمرء
ناهيا فقال أبو بكر رضي الله عنه : أشهد أنك رسول الله ما علمك الشعر وما ينبغي لك
وأخرج ابن سعد عن عبد الرحمن بن أبي الزناد رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال للعباس بن مرداس : أرأيت قولك :
(7/71)
أصبح
نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة
؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه : بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما أنت بشاعر ولا راويه
ولا ينبغي لك
إنما قال : بين عيينة والأقرع
وأخرج البيهقي في سننه بسند فيه من يجهل حاله عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما
جمع رسول الله صلى الله عليه و سلم بيت شعر قط إلا بيتا واحدا : يقال بما نهوى يكن
فلقا يقال لشيء كان إلا يحقق قالت عائشة رضي الله عنها : فقل تحققا لئلا يعربه
فيصير شعرا
وأخرج أبو داود والطبراني والبيهقي عن ابن عمرو رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : " ما أبالي ما أتيت إن أنا شربت ترياقا أو تعلقت
تميمة أو قلت الشعر من قبل نفسي "
وأخرج ابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن الضحاك رضي الله عنه في قوله لينذر من
كان حيا قال : عاقلا
وأخرج ابن أبي شيبة عن نوفل بن عقرب قال : سألت عائشة رضي الله عنها هل كان رسول
الله صلى الله عليه و سلم يتسامع عنده الشعر ؟ قالت : كان أبغض الحديث إليه
الآيات 71 - 76 أخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله مما عملت أيدينا
قال : من صنعتنا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله
(7/72)
عنه
في قوله فهم لها مالكون قال : ضابطون وذللناها لهم فمنها ركوبهم يركبونها ويسافرون
عليها ومنها يأكلون لحومها ولهم فيها منافع قال : يلبسون أصوافها ومشارب يشربون
ألبانها أفلا يشكرون
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن عروة رضي الله عنه قال في مصحف عائشة رضي الله عنها
" فمنها ركوبتهم "
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن هارون رضي الله عنه قال في حرف أبي بن كعب رضي الله
عنه " فمنها ركوبتهم "
وأخرج ابن أبي حاتم عن هارون رضي الله عنه قال : قراءة الحسن والأعرج وأبي عمرو
والعامة فمنها ركوبهم يعني ركوبتهم حمولتهم
وأخرج ابن أبي الدنيا عن قتادة رضي الله عنه في قوله واتخذوا من دون الله آلهة قال
: هي الأصنام
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله لعلهم ينصرون قال : يمنعون
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله لا يستطيعون نصرهم قال : لا
تستطيع الآلهة نصرهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في
قوله لا يستطيعون نصرهم قال : نصر الآلهة ولا تستطيع الآلهة نصرهم وهم لهم جند محضرون
قال : المشركون يغضبون للآلهة في الدنيا وهي لا تسوق إليهم خيرا ولا تدفع عنهم سوء
إنما هي أصنام
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله وهم لهم جند محضرون قال : هم
لهم جند في الدنيا وهم محضرون في النار
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله وهم لهم جند
محضرون لآلهتهم التي يعبدون يدفعون عنهم ويمنعونهم
(7/73)
الآيات
77 - 83 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والإسمعيلي في معجمه والحاكم
وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث والضياء في المختارة عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : جاء العاص بن وائل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بعظم حائل ففته
بيده فقال يا محمد أيحيي الله هذا بعد ما أرى ؟ قال : " نعم
يبعث الله هذا ثم يميتك ثم يحييك ثم يدخلك نار جهنم
فنزلت الآيات من آخر يس أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين
إلى آخر السورة "
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال جاء عبد الله بن أبي
وفي يده عظم حائل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فكسره بيده ثم قال : يا محمد كيف
يبعثه الله وهو رميم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم " يبعث الله هذا ويميتك
ثم يدخلك جهنم
قال الله قل يحيها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء أبي بن خلف وفي يده عظم
حائل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فكسره بيده ثم قال : يا محمد كيف يبعثه الله
وهو رميم ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يبعث الله هذا ويميتك ثم
يدخلك جهنم
قال الله قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء أبي بن خلف
(7/74)
الجمحي
إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بعظم نخر فقال : أتعدنا يا محمد إذا بليت
عظامنا فكانت رميما أن الله باعثنا خلقا جديدا ثم جعل يفت العظم ويذره في الريح
فيقول : يا محمد من يحيي هذا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " نعم
يميتك الله ثم يحييك ويجعلك في جهنم ونزل على رسول الله صلى الله عليه و سلم وضرب
لنا مثلا ونسي خلقه
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر والبيهقي في البعث عن أبي مالك قال : جاء أبي بن
خلف بعظم نخرة فجعل يفته بين يدي النبي صلى الله عليه و سلم قال : من يحيي العظام
وهي رميم ؟ فأنزل الله أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين إلى
قوله وهو بكل شيء عليم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه الآية في أبي جهل بن
هشام جاء بعظم حائل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فذراه فقال : من يحيي العظام
وهي رميم ؟ فقال الله : يا محمد قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله وضرب لنا مثلا
قال : أبي بن خلف
جاء بعظم فقال : يا محمد أتعدنا أنا إذا متنا
فكنا مثل هذا العظم البالي في يده ففته وقال : من يحيينا إذا كنا مثل هذا ؟ وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله
وضرب لنا مثلا
قال : نزلت في أبي بن خلف جاء بعظم نخر فجعل يذره في الريح فقال : أنى يحيي الله
هذا ؟ قال النبي صلى الله عليه و سلم : نعم
يحيي الله هذا ويدخلك النار
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله أو لم ير الإنسان أنا خلقناه من
نطفة قال : نزلت في أبي بن خلف
أتى النبي صلى الله عليه و سلم ومعه عظم قد دثر فجعل يفته بين أصابعه ويقول : يا
محمد أنت الذي تحدث أن هذا سيحيا بعد ما قد بلى
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " نعم
ليميتن الآخر ثم ليحيينه ثم ليدخلنه النار "
(7/75)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه قال : جاء أبي بن خلف إلى النبي صلى الله عليه
و سلم وفي يده عظم حائل فقال : يا محمد أنى يحيي الله هذا ؟ فأنزل الله وضرب لنا
مثلا ونسي خلقه فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : " خلقها قبل أن تكون
أعجب من إحيائها وقد كانت "
وأخرج ابن أبي حاتم عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال : لما أنزل الله على رسوله
صلى الله عليه و سلم
إن الناس يحاسبون بأعمالهم ومبعوثون يوم القيامة أنكروا ذلك إنكارا شديدا
فعمد أبي بن خلف إلى عظم حائل قد نخر ففته ثم ذراه في الريح ثم قال : يا محمد إذا
بليت عظامنا إنا لمبعوثون خلقا جديدا ؟ فوجد رسول الله صلى الله عليه و سلم من
استقباله إياه بالتكذيب والأذى في وجهه وجدا شديدا فأنزل الله على رسوله صلى الله
عليه و سلم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا يقول : الذي أخرج هذه النار من هذا الشجر
قادر على أن يبعثه
وفي قوله أو ليس الذي خلق السموات والأرض بقادر
قال : هذا مثل قوله إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون قال : ليس من
كلام العرب أهون ولا أخف من ذلك
فأمر الله كذلك
(7/76)
بسم
الله الرحمن الرحيم 37
سورة الصافات
مكية وآياتها ثنتان وثمانون ومائة
مقدمة سورة الصافات أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت سورة الصافات بمكة
وأخرج النسائي والبيهقي في سننه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كان رسول الله
صلى الله عليه و سلم يأمرنا بالتخفيف ويؤمنا بالصافات
وأخرج ابن أبي داود في فضائل القرآن وابن النجار في تاريخه عن نهشل بن سعيد
الورداني عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " من قرأ يس والصافات يوم الجمعة ثم سأل الله أعطاه سؤله "
وأخرج أبو نعيم في الدلائل والسلفي في الطيوريات عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
" قدم أهل حضرموت على رسول الله صلى الله عليه و سلم بنو وليعة حمزة ومحرش
ومشرح وأبصعة وأختهم العمردة وفيهم الأشعث بن قيس وهو أصغرهم فقالوا : أبيت اللعن
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لست ملكا أنا محمد بن عبد الله قالوا
: نسميك باسمك قال : لكن الله سماني وأنا أبو القاسم قالوا : يا أبا القاسم إنا قد
خبأنا لك خبيئا فما هو ذا ؟ كانوا خبؤا لرسول الله صلى الله عليه و سلم جرادة في
حمية سمن فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : سبحان الله
! إنما يفعل هذا بالكاهن وإن الكاهن والكهانة والتكهن في النار فقالوا : يا رسول
الله كيف نعلم أنك رسول الله ؟ فأخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم كفا من حصى
فقال : هذا يشهد أني رسول الله
فسبح الحصى في يده قالوا : نشهد أنك رسول الله
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن الله بعثني بالحق وأنزل علي كتابا لا
يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد أثقل في الميزان من
الجبل العظيم وفي الليلة الظلماء مثل نور الشهاب
قالوا : فأسمعنا منه فتلا رسول الله صلى الله عليه و سلم والصافات صفا حتى بلغ رب
(7/77)
المشارق
ثم سكن رسول الله صلى الله عليه و سلم وسكن روعه فما يتحرك منه شيء ودموعه تجري
على لحيته فقالوا : أنا نراك تبكي ! أفمن مخافة من أرسلك تبكي ؟ قال : إن خشيتي
منه أبكتني بعثني على صراط مستقيم في مثل حد السيف إن زغت عنه هلكت
ثم تلا ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك الإسراء 86 إلى آخر الآية "
الآيات 1 - 5 أخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه من طرق عن ابن مسعود رضي الله عنه والصافات صفا
قال : الملائكة فالزاجرات زجرا قال : الملائكة فالتاليات ذكرا قال : الملائكة
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وعكرمة رضي الله عنه
مثله
وأخرج سعيد بن منصور عن مسروق رضي الله عنه قال : كان يقال في الصافات والمرسلات
والنازعات هي الملائكة
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
والصافات صفا فالزاجرات زجرا قال : هم الملائكة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله فالزاجرات زجرا قال :
ما زجر الله عنه في القرآن
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله فالتاليات ذكرا قال :
الملائكة يجيؤن بالكتاب والقرآن من عند الله إلى الناس
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله
والصافات صفا قال : الملائكة صفوف في السماء فالزاجرات زجرا قال : ما زجر الله عنه
في القرآن فالتاليات ذكرا قال : ما يتلى في القرآن من أخبار الأمم السالفة إن
إلهكم لواحد قال : وقع القسم على هذا
(7/78)
وأخرج
عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله ورب المشارق قال : المشارق
ثلاثمائة وستون مشرقا والمغارب ثلاثمائة وستون مغربا في السنة قال "
والمشرقان " مشرق الشتاء ومشرق الصيف " والمغربان " مغرب الشتاء
ومغرب الصيف
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال المشارق ثلاثمائة وستون
مشرقا والمغارب مثل ذلك تطلع الشمس كل يوم من مشرق وتغرب في مغرب
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ورب المشارق قال : عدد
أيام السنة كل يوم مطلع ومغرب
من آية 6 - 10 أخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود أنه كان يقرأ بزينة الكواكب منونة
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن أبي بكر بن عياش قال : قال عاصم رضي الله عنه
من قرأها " بزينة الكواكب " مضافا ولم ينون فلم يجعلها زينة للسماء
وإنما جعل الزينة للكواكب
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله وحفظا
قال : جعلناها حفظا من كل شيطان مارد لا يسمعون إلى الملأ الأعلى قال : منعوا بها
يعني بالنجوم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله
عنهما أنه كان يقرأ لا يسمعون إلى الملأ الأعلى مخففة وقال : أنهم كانوا يتسمعون
ولكن لا يسمعون
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله لا يسمعون إلى الملأ
(7/79)
الأعلى
قال : الملائكة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله ويقذفون من كل جانب قال : يرمون من كل مكان دحورا قال : مطر ودين ولهم عذاب
واصب قال : دائم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ويقذفون من كل جانب دحورا قال
: قذفا بالشهب ولهم عذاب واصب قال : دائم
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في
قوله عذاب واصب قال : دائم
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما
مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله إلا من خطف الخطفة يقول
: إلا من استرق السمع من أصوات الملائكة فأتبعه شهاب يعني الكواكب
وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إذا
رمي الشهاب لم يخطء من رمي به وتلا فأتبعه شهاب ثاقب
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله فأتبعه شهاب ثاقب
قال : إن الجني يجيء فيسترق فإذا سرق السمع فرمي بالشهاب قال للذي يليه : كان كذا
وكذا
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن يزيد الرقاشي في
قوله شهاب ثاقب قال : يثقب الشيطان حتى يخرج من الجانب الآخر فذكر ذلك لأبي مجلز
رضي الله عنه فقال : ليس ذاك ولكن ثقوبه ضوءه
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله شهاب ثاقب قال :
ضوءه إذا نقض فأصاب الشيطان
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن زيد قال الثاقب المتوقد
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة والحسن في قوله ثاقب قالا :
مضيء
(7/80)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال الثاقب المحرق
الآيات 11 - 21 أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد
رضي الله عنه في قوله أهم أشد خلقا أم من خلقنا قال : السموات والأرض والجبال
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله أم من خلقنا قال : أم من عددنا عليك من خلق السموات والأرض قال الله تعالى
لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس غافر 57
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه أنه قرأ " أهم أشد خلقا أم من عددنا
"
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله أم من خلقنا قال : من
الأموات والملائكة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله من طين لازب قال : ملتصق
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما
أن نافع بن الأزرق سأله قال له : أخبرني عن قوله من طين لازب قال : الملتزق قال :
وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت النابغة وهو يقول : فلا تحسبون الخير لا شر بعده ولا تحسبون الشر ضربة
لازب وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في
(7/81)
قوله
من طين لازب قال : اللزب الجيد
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن عكرمة رضي الله عنه من طين لازب قال :
لازج
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله من طين لازب قال : اللازب
والحمأ والطين واحد
كان أوله ترابا ثم صار حمأ منتنا ثم صار طينا لازبا فخلق الله منه آدم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال اللازب الذي يلزق بعضه إلى بعض
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه قال : اللازب الذي يلزق باليد
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله طين لازب قال : لازم
منتن
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن
مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرأ " بل عجبت ويسخرون " بالرفع
وأخرج أبو عبيد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء
والصفات من طريق الأعمش عن شقيق بن سلمة عن شريح رضي الله عنه أنه كان يقرأ هذه
الآية " بل عجبت ويسخرون " بالنصب ويقول إن الله لا يعجب من الشيء إنما
يعجب من لا يعلم قال الأعمش : فذكرت ذلك لإبراهيم النخعي رضي الله عنه فقال : إن
شريحا كان معجبا برأيه وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان أعلم منه كان يقرأها
بل عجبت
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ بل عجبت
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله بل
عجبت ويسخرون قال : عجبت من كتاب الله ووحيه ويسخرون بما جئت به
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله بل عجبت قال النبي
(7/82)
صلى
الله عليه و سلم : " عجبت بالقرآن حين أنزل ويسخر منه ضلال بني آدم "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله بل عجبت
قال : عجب محمد صلى الله عليه و سلم من هذا القرآن حين أعطيه وسخر منه أهل الضلالة
ويسخرون يعني أهل مكة وإذا ذكروا لا يذكرون أي لا ينتفعون ولا يبصرون وإذا رأوا
آية يستسخرون أي يسخرون منه ويستهزؤن
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله يستسخرون قال : يستهزؤن
وفي قوله فإنما هي زجرة قال : صيحة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله فإنما هي زجرة واحدة
قال : نفخة واحدة وهي النفخة الآخرة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله هذا يوم الدين قال : يدين الله فيه العباد بأعمالهم هذا يوم الفصل يعني يوم
القيامة
الآيات 22 - 23 أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله احشروا
الذين ظلموا وأزواجهم قال : تقول الملائكة للزبانية احشروا الذين ظلموا وأزواجهم
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وابن أبي شيبة وابن منيع في مسنده وعبد بن حميد وابن
جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث من
طريق النعمان بن بشير عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله احشروا الذين ظلموا
وأزواجهم قال : أمثالهم الذين هم مثلهم يجيء أصحاب الربا مع أصحاب الربا وأصحاب
الزنا مع أصحاب الزنا وأصحاب الخمر مع أصحاب الخمر
أزواج في الجنة وأزواج في النار
(7/83)
وأخرج
الفريابي وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله احشروا الذين
ظلموا وأزواجهم قال : أشباههم
وفي لفظ نظراءهم
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير وعكرمة رضي الله عنهما
مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله احشروا
الذين ظلموا وأزواجهم قال : أزواجهم في الأعمال وقرأ وكنتم أزواجا ثلاثة الواقعة 7
الآية فأصحاب الميمنة الواقعة 8 زوج وأصحاب المشئمة الواقعة 9 زوج والسابقون الواقعة
10 زوج
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله احشروا
الذين ظلموا وأزواجهم قال : أمثالهم
القتلة مع القتلة والزناة مع الزناة وأكلة الربا مع أكلة الربا
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
في قوله احشروا الذين ظلموا وأزواجهم قال : أشباههم من الكفار مع الكفار وما كانوا
يعبدون من دون الله قال : الأصنام
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
فاهدوهم إلى صراط الجحيم قال : سوقوهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله فاهدوهم قال : دلوهم إلى
صراط الجحيم قال : طريق النار
آية 24 أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وقفوهم إنهم مسؤلون
قال : احبسوهم إنهم محاسبون
وأخرج البخاري في تاريخه والترمذي والدارمي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
والحاكم وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " ما من داع دعا إلى شيء إلا كان موقوفا يوم القيامة لازما به لا يفارقه
وإن دعا رجل
(7/84)
رجلا
ثم قرأ وقفوهم إنهم مسؤلون "
وأخرج ابن المنذر عن عطية رضي الله عنه في قوله وقفوهم إنهم مسؤلون قال : يقفون
يوم القيامة حتى يسألوا عن أعمالهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن عثمان بن زائدة رضي الله عنه قال : كان يقال إن أول ما يسأل
عنه العبد يوم القيامة عن جلسائه
الآيات 25 - 44 أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ما لكم لا
تناصرون قال : لا تمانعون منا بل هم اليوم مستسلمون مسخرون وأقبل بعضهم على بعض
يتساءلون أقبل بعضهم يلوم بعضا قال : الضعفاء للذين استكبروا إنكم كنتم تأتوننا عن
اليمين تقهروننا بالقدرة ؟ عليكم قالوا بل لم تكونوا مؤمنين في علم الله وما كان
لنا عليكم من سلطان بل كنتم قوما طاغين مشركين في علم الله فحق علينا قول ربنا
فوجب علينا قضاء ربنا لأنا كنا أذلاء وكنتم أعزة فإنهم يومئذ قال : كلهم في العذاب
مشتركون
(7/85)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله
ما لكم لا تناصرون قال : لا يدفع بعضكم بعضا بل هم اليوم مستسلمون في عذاب الله
وأقبل بعضهم على بعض يتساءلون قال : الأنس على الجن قالت الأنس للجن إنكم تأتوننا
عن اليمين قال : من قبل الخير أفتهنونا عنه
قالت الجن للأنس بل لم تكونوا مؤمنين فحق علينا قول ربنا قال : هذا قول الجن
فأغويناكم إنا كنا غاوين هذا قول الشياطين لضلال بني آدم ويقولون أئنا لتاركوا
آلهتنا لشاعر مجنون يعنون محمدا صلى الله عليه و سلم بل جاء بالحق وصدق المرسلين
أي صدق من كان قبله من المرسلين إنكم لذائقوا العذاب الأليم وما تجزون إلا ما كنتم
تعملون إلا عباد الله المخلصين قال : هذه ثنية الله أولئك لهم رزق معلوم قال :
الجنة
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وأقبل بعضهم
على بعض يتساءلون قال : ذلك إذا بعثوا في النفخة الثانية
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله كنتم تأتوننا عن
اليمين قال : كانوا يأتونهم عند كل خير ليصدوهم عنه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله تأتوننا عن اليمين قال : عن الحق الكفار تقوله للشياطين
وأخرج ابن المنذر وابن أبي شيبه وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله لم
تكونوا مؤمنين قال : لو كنتم مؤمنين منعتم منا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله فأغويناكم قال : الشياطين تقول
أغويناكم في الدنيا إنا كنا غاوين فإنهم يومئذ ومن أغووا في الدنيا في العذاب
مشتركون
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما إنهم كانوا إذا قيل
لهم لا إله إلا الله يستكبرون قال : كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون ويقولون
أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون لا يعقل قال : فحكى الله صدقه فقال بل جاء بالحق
وصدق المرسلين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن
(7/86)
أبي
هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أمرت أن
أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله
ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله
وأنزل الله في كتابه وذكر قوما استكبروا فقال إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا
الله يستكبرون وقال إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله
سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها الفتح
الآية 26 وهي لا إله إلا الله محمد رسول الله
استكبر عنها المشركون يوم الحديبية
يوم كاتبهم رسول الله صلى الله عليه و سلم على قضية الهدنة "
وأخرج البخاري في تاريخه عن وهب بن منبه رضي الله عنه أنه قيل له : أليس لا إله
إلا الله مفتاح الجنة ؟ قال : بلى
ولكن ليس من مفتاح إلا وله أسنان فمن جاء بأسنانه فتح له ومن لا لم يفتح له
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد رضي الله عنه أنه كان يقرأ إلا عباد الله المخلصين
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله أولئك لهم رزق معلوم قال : في الجنة
الآيات 45 - 49 أخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن
أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال : كل كأس ذكره الله في القرآن إنما عني به
الخمر
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة
رضي الله عنه في قوله بكأس من معين قال : كأس من خمر لم تعصر والمعين هي الجارية
لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون قال : لا تذهب عقولهم ولا تصدع رؤوسهم ولا توجع
بطونهم
(7/87)
وأخرج
ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه بكأس من معين هو الجاري
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله بيضاء قال : في قراءة عبد الله
" صفراء "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله يطاف عليهم بكأس من معين قال : الخمر لا فيها غول قال : ليس فيها
صداع ولا هم عنها ينزفون قال : لا تذهب عقولهم
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : في الخمر أربع
خصال : السكر والصداع والقيء والبول
فنزه الله خمر الجنة عنها لا فيها غول لا تغول عقولهم من السكر ولا هم عنها ينزفون
لا يقيؤن عنها كما يقيء صاحب خمر الدنيا عنها والقيء مستكره
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله لا فيها غول قال : ليس فيها نتن ولا كراهية كخمر الدنيا قال : وهل تعرف العرب
ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت أمرؤ القيس وهو يقول : رب كاس شربت لا غول فيها وسقيت النديم منها مزاجا
قال أخبرني عن قوله ولا هم عنها ينزفون قال : لا يسكرون قال : وهل تعرف العرب ذلك
؟ قال : نعم
أما سمعت قول عبد الله بن رواحة رضي الله عنه وهو يقول : ثم لا ينزفون عنها ولكن
يذهب الهم عنهم والغليل وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما لا فيها غول
قال : هي الخمر ليس فيها وجع بطن
وأخرج هناد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله لا فيها غول
قال : وجع بطن ولا هم عنها ينزفون قال : لا تذهب عقولهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله
بكأس من معين قال : المعين الخمر لا فيها غول قال : وجع بطن ولا هم عنها ينزفون لا
مكروه فيها ولا أذى
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في البعث عن ابن عباس
(7/88)
رضي
الله عنهما في قوله وعندهم قاصرات الطرف يقول : عن غير أزواجهن كأنهن بيض مكنون
قال : اللؤلؤ المكنون
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه وعندهم قاصرات الطرف يقول : عن غير
أزواجهن قال : قصرن طرفهن على أزواجهن عين قال : حسان العيون
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه في قوله عين قال : العين العظام الأعين
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله كأنهن بيض مكنون قال : بياض
البيضة ينزع عنها فوقها وغشاؤها الذي يكون في العرف
وأخرج ابن أبي شيبه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله
عنه في قوله كأنهن بيض مكنون قال : كأنهن بطن البيض
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله كأنهن بيض مكنون قال
: بياض البيض حين ينزع قشره
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن عطاء الخراساني رضي الله عنه في قوله كأنهن بيض
مكنون قال : هو السخاء الذي يكون بين قشرته العليا ولباب البيضة
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله
كأنهن بيض مكنون قال : البيض في عشه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في
قوله وعندهم قاصرات الطرف قال : قصرن طرفهن على أزواجهن
فلا يردن غيرهم كأنهن بيض مكنون قال : البيض الذي لم تلوثه الأيدي
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله كأنهن بيض مكنون قال : محصون لم
تمرته الأيدي
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله كأنهن بيض مكنون قال :
البيض الذي يكنه الريش مثل بيض النعام الذي أكنه الريش من الريح فهو أبيض إلى
الصفرة فكانت تترقرق فذلك المكنون
(7/89)
الآيات
50 - 61 أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة فأقبل بعضهم على بعض
يتساءلون قال : أهل الجنة
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله إني كان لي قرين قال : شيطان
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن عطاء الخراساني رضي الله عنه قال : كان رجلان
شريكين وكان لهما ثمانية آلاف دينار فاقتسماها فعمد أحدهما فأشترى بألف دينار أرضا
فقال صاحبه : اللهم إن فلانا اشترى بألف دينار أرضا وإني أشتري منك بألف دينار
أرضا في الجنة
فتصدق بألف دينار ثم ابتنى صاحبه دارا بألف دينار فقال هذا : اللهم إن فلانا ابتنى
دارا بألف دينار وإني أشتري منك دارا في الجنة بألف دينار
فتصدق بألف دينار ثم تزوج صاحبه امرأة فأنفق عليها ألف دينار فقال : اللهم إن
فلانا تزوج امرأة فأنفق عليها ألف دينار وإني أخطب إليك من نساء الجنة بألف دينار
فتصدق بألف دينار ثم أشترى خدما ومتاعا بألف دينار وإني أشتري منك خدما ومتاعا في
الجنة بألف دينار
فتصدق بألف دينار
ثم أصابته حاجة شديدة فقال : لو أتيت صاحبي هذا لعله ينالني معروف فجلس على طريقه
فمر به في حشمه وأهله فقام إليه الآخر فنظر فعرفه فقال فلان
؟ ! فقال : نعم
فقال : ما شأنك ؟ فقال : أصابتني بعدك
(7/90)
حاجة
فأتيتك لتصيبني بخير قال : فما فعل فقد اقتسمناه مالا واحدا فأخذت شطره وأنا شطره
فقال : اشتريت دارا بألف دينار ففعلت أنا كذلك وفعلت أنا كذلك
فقص عليه القصة فقال : إنك لمن المصدقين بهذا أذهب فو الله لا أعطيك شيئا فرده
فقضي لهما أن توفيا فنزلت فيهما فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون حتى بلغ أئنا
لمدينون قال : لمحاسبون
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير عن فرات بن ثعلبة البهراني رضي الله عنه في قوله
إني كان لي قرين قال : ذكر لي أن رجلين كان شريكين فاجتمع لهما ثمانية آلاف دينار
فكان أحدهما ليس له حرفة والآخر له حرفة فقال : إنه ليس لك حرفة فما أراني إلا
مفارقك ومقاسمك فقاسمه ثم فارقه
ثم إن أحد الرجلين أشترى دارا كانت لملك بألف دينار فدعا صاحبه ثم قال : كيف ترى
هذه الدار ابتعتها بألف دينار ؟ فقال : ما أحسنها ! فلما خرج قال : اللهم إن صاحبي
قد ابتاع هذه الدار وإني أسألك دارا من الجنة
فتصدق بألف دينار
ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ثم تزوج امرأة بألف دينار فدعاه وصنع له طعاما فلما
أتاه قال : إني تزوجت هذه المرأة بألف دينار قال : ما أحسن هذا ؟ فلما خرج قال :
اللهم إن صاحبي تزوج امرأة بألف دينار وإني أسألك امرأة من الحور العين
فتصدق بألف دينار ثم أنه مكث ما شاء الله أن يمكث ثم اشترى بستانين بألفي دينار ثم
دعاه فأراه وقال : إني قد ابتعت هذه البستانين بألفي دينار فقال : ما أحسن هذا ؟
فلما خرج قال : يا رب إن صاحبي قد ابتاع بستانين بألفي دينار وإني أسألك بستانين
في الجنة
فتصدق بألفي دينار
ثم إن الملك أتاهما فتوفاهما فانطلق بهذا المتصدق فأدخله دارا تعجبه فإذا امرأة
يضيء ما تحتها من حسنها ثم أدخله البستانين وشيئا الله به عليم فقال عند ذلك : ما
أشبه هذا برجل كان من أمره كذا
وكذا
قال : فإنه ذلك ولك هذا المنزل والبستانان والمرأة فقال إنه كان لي قرين يقول أئنك
لمن المصدقين قيل لهك فإنه في الجحيم قال فهل أنتم مطلعون فاطلع فرآه في سواء
الجحيم فقال عند ذلك تا لله إن كدت لتردين
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في الآية قال : كانا شريكين في
(7/91)
بني
إسرائيل
أحدهما مؤمن
والآخر كافر فافترقا على ستة آلاف دينار كل واحد منهما ثلاثة آلاف دينار
ثم افترقا فمكثا ما شاء الله أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن ما صنعت في
مالك أضربت به شيئا اتجرت به في شيء ؟ قال له المؤمن : لا
فما صنعت أنت ؟ قال : اشتريت به نخلا وأرضا وثمارا وأنهارا بألف دينار فقال له
المؤمن : أو فعلت ؟ قال : نعم
فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل فصلى ما شاء الله أن يصلي فلما انصرف أخذ ألف دينار
فوضعها بين يديه ثم قال : اللهم إن فلانا - يعني شريكه الكافر - اشترى أرضا ونخلا
وثمارا وأنهارا بألف دينار ثم يموت ويتركها غدا
اللهم وإني أشتري منك بهذه الألف دينار أرضا ونخلا وثمارا وأنهارا في الجنة
ثم أصبح فقسمها للمساكين
ثم مكثا ما شاء الله أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن : ما صنعت أضربت به في
شيء أتجرت به ؟ قال : لا
قال : فما صنعت أنت ؟ قال : كانت ضيعتي قد اشتد على مؤنتها فأشتريت رقيقا بألف
دينار يقومون لي ويعملون لي فيها
فقال المؤمن : أو فعلت ؟ قال : نعم
فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله أن يصلي فلما انصرف أخذ ألف دينار
فوضعا بين يديه ثم قال : اللهم إن فلانا اشترى رقيقا من رقيق الدنيا بألف دينار
يموت غدا فيتركهم أو يموتون فيتركونه اللهم وإني أشتري منك بهذه الألف دينار رقيقا
في الجنة
ثم أصبح فقسمها بين المساكين
ثم مكثا ما شاء الله أن يمكثا ثم التقيا فقال الكافر للمؤمن : ما صنعت في مالك
أضربت به في شيء أتجرت به في شيء ؟ قال : لا
فما صنعت أنت ؟ قال : كان أمري كله قد تم إلا شيئا واحدا فلانة مات عنها زوجها
فأصدقتها ألف دينار فجاءتني بها وبمثلها معها فقال له المؤمن : أو فعلت ؟ قال : له
نعم
فرجع المؤمن حتى إذا كان الليل صلى ما شاء الله أن يصلي فلما انصرف أخذ الألف
دينار الباقية فوضعها بين يديه وقال : اللهم إن فلانا تزوج زوجة من أزواج الدنيا
بألف دينار ويموت عنها فيتركها أو تموت فتتركه اللهم وإني أخطب إليك بهذه الألف
دينار حوراء عيناء في الجنة
ثم أصبح فقسمها بين المساكين فبقي المؤمن ليس عنده شيء
(7/92)
فلبس
قميصا من قطن وكساء من صوف ثم جعل يعمل ويحفر بقوته فقال رجل : يا عبد الله أتؤجر
نفسك مشاهرة
شهرا بشهر تقوم على دواب لي ؟ قال : نعم
فكان صاحب الدواب يغدو كل يوم ينظر إلى دوابه فإذا رأى منها دابة ضامرة أخذ برأسه
فوجأ عنقه ثم يقول له : سرقت شعير هذه البارحة
فلما رأى المؤمن الشدة قال : لآتين شريكي الكافر فلأعملن في أرضه يطعمني هذه
الكسرة يوما بيوم ويكسيني هذين الثوبين إذا بليا
فأنطلق يريده فانتهى إلى بابه وهم ممس فإذا قصر في السماء وإذا حوله البوابون فقال
لهم : استأذنوا لي صاحب هذا القصر فإنكم إن فعلتم ذلك سره فقالوا له : إنطلق فإن
كنت صادقا فنم في ناحية فإذا أصبحت فتعرض له فانطلق المؤمن فألقى نصف كسائه تحته
ونصفه فوقه ثم نام فلما أصبح أتى شريكه فتعرض له فخرج شريكه وهو راكب فلما رآه
عرفه فوقف فسلم عليه وصافحه ثم قال له : ألم تأخذ من المال مثل ما أخذت فأين مالك
؟ قال : لا تسألني عنه قال : فما جاء بك ؟ قال : جئت أعمل في أرضك هذه تطعمني هذه
الكسرة يوما بيوم وتكسوني هذين الثوبين إذا بليا قال : لا ترى مني خيرا حتى تخبرني
ما صنعت في مالك قال : أقرضته من الملأ الوفي قال : من ؟ قال : الله ربي وهو
مصافحه فأنتزع يده ثم قال أئنك لمن المصدقين أئذا متنا وكنا ترابا وعظاما أئنا
لمدينون وتركه فلما رآه المؤمن لا يلوي عليه رجع وتركه يعيش المؤمن في شدة من
الزمان ويعيش الكافر في رخاء من الزمان
فإذا كان يوم القيامة وأدخل الله المؤمن الجنة يمر فإذا هو بأرض ونخل وأنهار وثمار
فيقول : لمن هذا ؟ فيقال : هذا لك فيقول : أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ؟
ثم يمر فإذا هو برقيق لا يحصى عددهم فيقول : لمن هذا ؟ فيقال : هؤلاء لك فيقول :
أو بلغ من فضل عملي أن أثاب بمثل هذا ؟ ثم يمر فإذا هو بقبة من ياقوتة حمراء مجوفة
فيها حوراء عين فيقول : لمن هذه ؟ فيقال : هذه لك فيقول : أو بلغ من فضل عملي أن
أثاب بمثل هذا ؟ ثم يذكر شريكه الكافر فيقول إني كان لي قرين يقول أئنك لمن
المصدقين فالجنة عالية والنار هاوية فيريه الله شريكه في وسط الجحيم من بين أهل
النار فإذا رآه عرفه المؤمن فيقول تا لله إن كدت لتردين ولولا نعمة ربي لكنت من
المحضرين أفما نحن بميتين
(7/93)
إلا
موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين إن هذا لهو الفوز العظيم لمثل هذا فليعمل العاملون
بمثل ما قدمت عليه قال : فيتذكر المؤمن ما مر عليه في الدنيا من الشدة فلا يذكر
أشد عليه من الموت
وأخرج ابن أبي شيبه وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله أئنا
لمدينون قال : لمحاسبون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه
مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله هل أنتم مطلعون يقول :
مطلعون إليه حتى أنظر إليه في النار
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
سواء الجحيم قال : وسط الجحيم
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن
قوله في سواء الجحيم قال : وسط الجحيم قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر : رماهم بسهم فاستوى في سوائها وكان قبولا للهوى والطوارق
وأخرج ابن أبي شيبه وهناد وابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله فاطلع
فرآه في سواء الجحيم قال : اطلع ثم التفت إلى أصحابه فقال : لقد رأيت جماجم القوم
تغلي
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن كعب الأحبار رضي الله
عنه قال : في الجنة كوى فإذا أراد أحد من أهلها أن ينظر إلى عدوه في النار اطلع
فأزداد شكرا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه في قوله هل أنتم مطلعون قال : سأل ربه أن يطلعه فاطلع فرآه في سواء
الجحيم يقول : في وسطها فرأى جماجمهم تغلي فقال : فلان
! فلولا أن الله عرفه إياه لما عرفه
لقد تغير خبره وسبره
فعند ذلك قال تا لله إن كدت لتردين يقول : لتهلكني لو أطعتك ولولا نعمة ربي لكنت
من المحضرين قال : في النار أفما نحن بميتين إلى قوله الفوز العظيم قال : هذا قول
أهل الجنة يقول الله لمثل هذا فليعمل العاملون
(7/94)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن الحسن في الآية قال : علموا أن كل نعيم بعد الموت يقطعه فقالوا
أفما نحن بميتينن إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين قيل : لا
قالوا إن هذا لهو الفوز العظيم
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يقول الله تعالى لأهل الجنة :
كلوا واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون المرسلات 43 قال : قول الله هنيئا أي لا
تموتون فيها
فعندها قالوا أفما نحن بميتين إلا موتتنا الأولى وما نحن بمعذبين إن هذا لهو الفوز
العظيم لمثل هذا فليعمل العاملون
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب قال : كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه و
سلم يده في يدي فرأى جنازة فأسرع المشي حتى أتى القبر ثم جثا على ركبتيه فجعل يبكي
حتى بل الثرى ثم قال لمثل هذا فليعمل العاملون
الآيات 62 - 68 أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
قال : لما ذكر الله شجرة الزقوم افتتن بها الظلمة فقال أبو جهل : يزعم صاحبكم هذا
أن في النار شجرة والنار تأكل الشجر وإنا والله ما نعلم الزقوم إلا التمر والزبد
فتزقموا فأنزل الله حين عجبوا أن يكون في النار شجر إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم
أي غذيت بالنار ومنها خلقت طلعها كأنه رؤوس الشياطين قال : يشبهها بذلك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله إنا جعلناها فتنة
للظالمين قال : قول أبي جهل : إنما الزقوم التمر والزبد أتزقمه
وأخرج ابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه في قوله طلعها كأنه
(7/95)
رؤوس
الشياطين قال : شعور الشياطين قائمة إلى السماء
وأخرج عبد الله بن أحمد بن حنبل في زوائد الزهد وابن المنذر عن أبي عمران الجوني
رضي الله عنه قال : بلغنا أن ابن آدم لا ينهش من شجرة الزقوم نهشه إلا نهشت منه
مثلها
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مر أبو جهل برسول الله صلى
الله عليه و سلم وهو جالس فلما نفد قال رسول الله صلى الله عليه و سلم أولى لك
فأولى ثم أولى لك فأولى القيامة 34 - 35 فسمع أبو جهل فقال : من توعد يا محمد ؟
قال : إياك فقال : بم توعدني ؟ فقال : أوعدك بالعزيز الكريم فقال أبو جهل : أليس
أنا العزيز الكريم ؟ فأنزل الله إن شجرة الزقوم طعام الأثيم الدخان 43 إلى قوله ذق
إنك أنت العزيز الكريم فلما بلغ أبا جهل ما نزل فيه جمع أصحابه فأخرج إليهم زبدا
وتمرا فقال : تزقموا من هذا فو الله ما يتوعدكم محمدا إلا بهذا فأنزل الله إنها
شجرة تخرج في أصل الجحيم إلى قوله ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم فقال : في الشوب
إنها تختلط باللبن فتشوبه بها فإن لهم على ما يأكلون لشوبا من حميم
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لو أن قطرة من زقوم جهنم
أنزلت إلى الأرض لأفسدت على الناس معايشهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ثم إن لهم عليها
لشوبا قال : لمزجا
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله ثم إن لهم عليهم لشوبا من حميم قال : يختلط الحميم والغساق قال له : وهل تعرف
العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر : تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله لشوبا من حميم قال : يخلط
طعامهم ويشاب بالحميم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لا
(7/96)
ينتصف
النهار يوم القيامة حتى يقبل هؤلاء وهؤلاء أهل الجنة وأهل النار وقرأ " ثم إن
مقيلهم لإلى الجحيم "
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : في قراءة ابن مسعود
رضي الله عنه " ثم إن مقيلهم لإلى الجحيم "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم قال : مزجا ثم إن مرجعهم لإلى الجحيم قال :
فهم في عناء وعذاب بين نار وحميم
وتلا هذه الآية يطوفون بينها وبين حميم آن الرحمن 44
الآيات 69 - 74 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله إنهم ألفوا آباءهم قال : وجدوا آباءهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله إنهم ألفوا آباءهم قال
: وجدوا آباءهم ضالين فهم على آثارهم يهرعون أي مسرعين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله إنهم
ألفوا آباءهم ضالين قال : جاهلين فهم على آثارهم يهرعون قال : كهيئة الهرولة
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله فأنظر كيف كان عاقبة المنذرين
قال : كيف عذب الله قوم نوح وقوم لوط وقوم صالح والأمم التي عذب الله
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله إلا عباد الله المخلصين قال : الذين
استخلصهم الله سبحانه وتعالى
(7/97)
الآيات
75 - 101 أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله
ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون قال : أجابه الله تعالى
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان النبي صلى الله عليه و سلم
إذا صلى في بيتي فمر بهذه الآية ولقد نادانا نوح فلنعم المجيبون قال : " صدقت
ربنا أنت أقرب من دعي وأقرب من يعطي فنعم المدعي ونعم المعطي ونعم المسؤول ونعم
المولى وأنت ربنا ونعم النصير "
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله ونجيناه وأهل من
الكرب العظيم قال : من غرق الطوفان
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
(7/98)
قتادة
رضي الله عنه في قوله وجعلنا ذريته هم الباقين قال : فالناس كلهم من ذرية نوح عليه
السلام وتركنا عليه في الآخرين قال : أبقى الله عليه الثناء الحسن في الآخرة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وجعلنا ذريته هم
الباقين يقول : لم يبق إلا ذرية نوح عليه السلام وتركنا عليه في الآخرين يقول :
يذكر بخير
وأخرج الترمذي وحسنه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن سمرة بن جندب رضي
الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله وجعلنا ذريته هم الباقين قال : سام
وحام ويافث
وأخرج ابن سعد وأحمد والترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم
والطبراني والحاكم وصححه عن سمرة رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " سام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث
أبو الروم "
وأخرج البزار وابن أبي حاتم والخطيب في تالي التلخيص عن أبي هريرة رضي الله عنه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ولد نوح ثلاثة
سام وحام ويافث
فولد سام العرب وفارس والروم والخير فيهم
وولد يافث يأجوج ومأجوج والترك والصقالبة ولا خير منهم
وأما ولد حام القبط والبربر والسودان "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله وجعلنا ذريته
هم الباقين قال : " ولد نوح ثلاثة
فسام أبو العرب وحام أبو الحبش ويافث أبو الروم "
وأخرج الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه
أن نوحا عليه السلام اغتسل فرأى ابنه ينظر إليه فقال : تنظر إلي وأنا أغتسل ؟ حار
الله لونك
فأسود فهو أبو السودان
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وتركنا عليه في
الآخرين قال : لسان صدق للأنبياء عليهم الصلاة والسلام كلهم
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه وتركنا عليه في الآخرين قال : هو السلام
كما قال سلام على نوح في العالمين
(7/99)
وأخرج
عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن الحسن رضي الله عنه وتركنا عليه في الآخرين
قال : الثناء الحسن
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وإن من شيعته قال : من أهل
ذريته
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله وإن من شيعته لإبراهيم قال : من شيعة نوح إبراهيم
على منهاجه وسننه إذ جاء ربه بقلب سليم قال : ليس فيه شك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله وإن من
شيعته لإبراهيم قال : على دينه إذ جاء ربه بقلب سليم من الشرك أئفكا آلهة دون الله
تريدون فما ظنكم برب العالمين إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن
المسيب في قوله فنظر نظرة في النجوم قال : رأى نجما طالعا فقال إني سقيم قال ؟
كايديني في النجوم قال : كلمة من كلام العرب يقول الله عز دينه
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله فنظر نظرة في النجوم قال : كلمة
من كلام العرب يقول إذا تفكر
نظر في النجوم
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله فنظر
نظرة في النجوم قال : في السماء فقال إني سقيم قال : مطعون
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله إني سقيم قال : مريض
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه في قوله إني سقيم قال : مطعون
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله إني سقيم قال : مطعون
وأخرج ابن أبي حاتم عن سفيان رضي الله عنه في قوله إني سقيم قال : طعين وكانوا
يفرون من المطعون
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال : أرسل إليه ملكهم
(7/100)
فقال
: إن غدا عيدنا فأخرج قال : فنظر إلى نجم فقال : إن ذا النجم لم يطلع قط إلا طلع
بسقم لي فتولوا عنه مدبرين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله فتولوا
عنه مدبرين قال : فنكصوا عنه منطلقين فراغ قال : فمال إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون
يستنطقهم ؟ منطلقين مالكم لا تنطقون فراغ عليهم ضربا باليمين أي فأقبل عليهن
فكسرهن فأقبلوا إليه يزفون قال : يسعون قال أتعبدون ما تنحتون من الأصنام والله
خلقكم وما تعملون قال : خلقكم وخلق ما تعملون بأيديكم فأرادوا به كيدا فجعلناهم
الأسفلين قال : فما ناظرهم الله بعد ذلك حتى أهلكهم وقال إني ذاهب إلى ربي قال :
ذاهب بعمله وقلبه ونيته
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن قال : خرج قوم إبراهيم عليه
السلام إلى عيد لهم وأرادوا إبراهيم عليه السلام على الخروج فأضطجع على ظهره و قال
: إني سقيم لا أستطيع الخروج وجعل ينظر إلى السماء فلما خرجوا أقبل على آلهتهم
فكسرها
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
فأقبلوا إليه يزفون قال : يجرون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه فأقبلوا إليه
يزفون قال : ينسلون
والزفيف النسلان
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله
يزفون قال : يسعون
وأخرج البخاري في خلق أفعال العباد والحاكم والبيهقي في الأسماء والصفات عن حذيفة
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الله صانع كل
صانع وصنعته
وتلا عند ذلك والله خلقكم وما تعملون "
وأخرج ابن جرير عن السدي قال قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم قال : فحبسوه
في بيت وجمعوا له حطبا حتى إن كانت المرأة لتمرض فتقول : لئن عافاني الله لأجمعن
حطبا لإبراهيم فلما جمعوا له وأكثروا من الحطب حتى إن كانت
(7/101)
الطير
لتمر بها فتحترق من شدة وهجها فعمدوا إليه فرفعوه على رأس البنيان فرفع إبراهيم
عليه السلام رأسه إلى السماء فقالت السماء والأرض والجبال والملائكة إبراهيم يحرق
فيك فقال : أنا أعلم به وإن دعاكم فأغيثوه
وقال إبراهيم عليه السلام حين رفع رأسه إلى السماء : اللهم أنت الواحد في السماء
وأنا الواحد في الأرض ليس في الأرض ولد يعبدك غيري حسبي الله ونعم الوكيل فناداها
يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم الأنبياء 69
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وقال إني ذاهب إلى ربي
سيهدين قال : حين هاجر
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله رب هب لي من الصالحين قال : ولدا صالحا
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن في قوله فبشرناه بغلام حليم قال :
بولادة إسحق عليه السلام
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد
مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه فبشرناه بغلام
حليم قال : بشر بإسحاق قال : ولم يثن الله بالحلم على أحد إلا على إبراهيم وإسحاق
عليهما السلام
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي رضي الله عنه في قوله فبشرناه بغلام حليم قال : هو
إسماعيل عليه السلام قال : وبشره الله بنبوة إسحاق بعد ذلك
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر من طريق الزهري عن القاسم رضي الله عنه في قوله
فبشرناه بغلام حليم قال : قال ابن عباس رضي الله عنهما هو إسحاق عليه السلام وكان
ذلك بمنى
وقال كعب رضي الله عنه : هو إسحاق عليه السلام وكان ذلك ببيت المقدس
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله فبشرناه
بغلام حليم قال : إسماعيل عليه السلام
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه فبشرناه بغلام حليم قال : هو إسحاق عليه
السلام
(7/102)
وأخرج
ابن أبي شيبة وابن المنذر عن عبيد بن عمير رضي الله عنه في قوله فبشرناه بغلام
حليم قال : هو إسحاق عليه السلام
من آية 102 - 111 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله بلغ معه السعي قال : العمل
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله فلما بلغ معه السعي قال : أدرك
معه العمل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله فلما
بلغ معه السعي قال : لما مشى مع أبيه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه فلما بلغ معه السعي قال :
لما مشى فأسر في نفسه حزنا في قراءة عبد الله قال يا بني إني أرى في المنام أني
أذبحك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه
فلما بلغ معه السعي قال : لما شب حتى أدرك سعيه سعي إبراهيم في العمل فلما أسلما
قال : سلما ما أمرا به وتله للجبين قال : وضع وجهي للأرض
ففعل فلما أدخل يده ليذبحه نودي أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا فأمسك
(7/103)
يده
ورفع رأسه فرأى الكبش ينحط إليه حتى وقع عليه فذبحه
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما أراد إبراهيم عليه السلام أن
يذبح إسحاق قال لأبيه : إذا ذبحتني فاعتزل لا أضطرب فينتضح عليك دمي فشده فلما أخذ
الشفرة وأراد أن يذبحه نودي من خلفه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا
وأخرج أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" إن جبريل ذهب بإبراهيم إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات
فساخ ثم أتى به الجمرة القصوى فعرض له الشيطان فرماه بسبع فساخ فلما أراد إبراهيم
أن يذبح إسحاق عليهما السلام قال لأبيه : يا أبت أوثقني لا أضطرب فينتضح عليك دمي
إذا ذبحتني فشده فلما أخذ الشفرة فأراد أن يذبحه
نودي من خلفه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا "
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه من طريق مجاهد رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله
عنهما وإن من شيعته لإبراهيم قال : من شيعة نوح على منهاجه وسننه بلغ معه السعي شب
حتى بلغ سعيه سعي إبراهيم في العمل فلما أسلما سلما ما أمرا به وتله وضع وجهه
للأرض فقال : لا تذبحني وأنت تنظر عسى أن ترحمني فلا تجهز علي وأن أجزع فأنكص
فأمتنع منك ولكن أربط يدي إلى رقبتي ثم ضع وجهي إلى الأرض فلما أدخل يده ليذبحه
فلم تصل المدية حتى نودي أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا فأمسك يده فذلك قوله
وفديناه بذبح عظيم بكبش عظيم متقبل
وزعم ابن عباس رضي الله عنهما أن الذبيح إسماعيل
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم رؤيا الأنبياء وحي "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد والبخاري وابن جرير وابن المنذر والطبراني والبيهقي
في الأسماء والصفات عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال : رؤيا الأنبياء وحي
ثم تلا هذه الآية إني أرى في المنام أني أذبحك فأنظر ماذا ترى
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال : رؤيا الأنبياء عليهم السلام
(7/104)
حق
إذا رأوا شيئا فعلوه
وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب
الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما أمر إبراهيم عليه السلام بالمناسك
عرض له الشيطان عند المسعى فسابقه فسبقه إبراهيم عليه السلام ثم ذهب به جبريل عليه
السلام إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات حتى ذهب ثم عرض له عند
الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات ثم تله للجبين وعلى إسماعيل عليه السلام قميص أبيض
فقال : يا أبت ليس لي ثوب تكفني فيه غيره فأخلعه حتى تكفني فيه فعالجه ليخلعه
فنودي من خلفه أن يا إبراهيم قد صدقت الرؤيا فالتفت فإذا كبش أبيض أعين أقرن فذبحه
وأخرج ابن جرير والحاكم من طريق عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه قال : المفدى
إسماعيل وزعمت اليهود إنه إسحاق
وكذبت اليهود
وأخرج الفريابي وابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه من طريق الشعبي
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل عليه السلام
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق مجاهد ويوسف بن ماهك عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل عليه السلام
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طريق يوسف بن مهران وأبي الطفيل عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل عليه السلام
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير قالا : الذي أراد إبراهيم عليه
السلام ذبحه إسماعيل عليه السلام
وأخرج ابن جرير عن الشعبي ومجاهد والحسن ويوسف بن مهران ومحمد بن كعب القرظي
مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عمر رضي الله عنهما
في قوله وفديناه بذبح عظيم قال : إسماعيل ذبح عنه إبراهيم الكبش
وأخرج ابن جرير والآمدي في مغازيه والخلعي في فوائده والحاكم وابن مردويه بسند
ضعيف عن عبد الله بن سعيد الصنايجي قال : حضرنا مجلس معاوية بن أبي
(7/105)
سفيان
فتذاكر القوم إسماعيل وإسحاق أيهما الذبيح ؟ فقال معاوية : سقطتم على الخبير كنا
عند رسول الله صلى الله عليه و سلم فأتاه إعرابي فقال : يا رسول الله خلفت الكلأ
يابسا والماء عابسا هلك العيال وضاع المال فعد علي مما أفاء الله عليك يا ابن
الذبيحين
فتبسم رسول الله صلى الله عليه و سلم ولم ينكر عليه فقال القوم : من الذبيحان يا
أمير المؤمنين ؟ قال : إن عبد المطلب لما حفر زمزم نذر لله أن سهل حفرها أن ينحر
بعض ولده فلما فرغ أسهم بينهم وكانوا عشرة فخرج السهم على عبد الله فأراد ذبحه
فمنعه أخواله من بني مخزوم وقالوا : أرض ربك وأفد ابنك
ففداه بمائة ناقة فهو الذبيح وإسماعيل الثاني
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والحاكم عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه قال : إن
الذي أمر الله إبراهيم بذبحه من ابنيه إسماعيل وإنا لنجد ذلك في كتاب الله وذلك أن
الله يقول حين فرغ من قصة المذبوح وبشرناه بإسحاق وقال فبشرناه بإسحاق ومن وراء
إسحاق يعقوب هود الآية 71 بابن وابن ابن فلم يكن يأمر بذبح إسحاق وله فيه موعود
بما وعده وما الذي أمر بذبحه إلا إسماعيل
وأخرج الحاكم بسند فيه الواقدي عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال سألت خوات بن
جبير رضي الله عنه عن ذبيح الله قال : إسماعيل عليه السلام لما بلغ سبع سنين رأى
إبراهيم عليه السلام في النوم في منزله بالشام أن يذبحه فركب إليه على البراق حتى
جاءه فوجده عند أمه فأخذ بيديه ومضى به لما أمر به وجاء الشيطان في صورة رجل يعرفه
؟ فذبح طرفي حلقه فإذا هو نحر في نحاس فشحذ الشفرة مرتين أو ثلاثا بالحجر ولا تحز
قال إبراهيم : إن هذا الأمر من الله فرفع رأسه فإذا هو بوعل واقف بين يديه فقال
إبراهيم : قم يا بني قد نزل فداؤك فذبحه هناك بمنى
وأخرج الحاكم بسند فيه الواقدي من طريق عطاء بن يسار رضي الله عنه عن عبد الله بن
سلام رضي الله عنه قال : الذبيح إسماعيل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد والحسن رضي الله عنهما قال : الذبيح إسماعيل
وأخرج عبد بن حميد من طريق الفرزدق الشاعر قال : رأيت أبا هريرة رضي
(7/106)
الله
عنه يخطب على منبر رسول الله صلى الله عليه و سلم ويقول : إن الذي أمر بذبحه
إسماعيل
وأخرج ابن إسحق وابن جرير عن محمد بن كعب رضي الله عنه
أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه أرسل إلى رجل كان يهوديا فأسلم وحسن إسلامه
وكان من علمائهم فسأله : أي ابني إبراهيم أمر بذبحه ؟ فقال : إسماعيل والله يا
أمير المؤمنين وأن اليهود لتعلم بذلك ولكنهم يحسدونكم معشر العرب
وأخرج البزار وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه عن العباس بن عبد
المطلب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " قال نبي الله داود : يا
رب أسمع الناس يقولون رب إبراهيم وإسحق ويعقوب فأجعلني رابعا قال : إن إبراهيم
ألقي في النار فصبر من أجلي وإن إسحاق جاد لي بنفسه وأن يعقوب غاب عنه يوسف وتلك
بلية لم تنلك
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن عبيد بن
عمير رضي الله عنه قال : قال موسى عليه السلام : يا رب يقولون يا رب إبراهيم وإسحق
ويعقوب لأي شيء يقولون ذلك ؟ قال : لأن إبراهيم لم يعدل بي شيئا إلا إختارني عليه
وإن إسحاق جاد لي بنفسه فهو على ما سواه أجود وأما يعقوب فما ابتليت ببلاء إلا
ازداد بي حسن الظن
وأخرج الديلمي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " إن داود سأل ربه مسأله فقال : اجعلني مثل إبراهيم وإسحق ويعقوب
فأوحى الله إليه أني : ابتليت إبراهيم بالنار فصبر وابتليت إسحاق بالذبح فصبر
وابتليت يعقوب فصبر
وأخرج الدارقطني في الأفراد والديلمي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " الذبيح إسحاق "
وأخرج ابن مردويه عن بهار وكانت له صحبة عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إسحاق
ذبيح
وأخرج عبد بن حميد والطبراني عن أبي الأحوص قال : فاخر أسماء بن خارجة عند ابن
مسعود فقال : أنا ابن الأشياخ الكرام فقال ابن مسعود رضي الله عنه : ذاك يوسف بن
يعقوب بن إسحق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله
(7/107)
وأخرج
الطبراني وابن مردويه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : سئل النبي صلى الله عليه و
سلم من أكرم الناس ؟ قال " يوسف بن يعقوب بن إسحاق ذبيح الله "
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الله خيرني بين أن يغفر لنصف
أمتي أو شفاعتي فاخترت شفاعتي ورجوت أن تكون أعم لأمتي ولولا الذي سبقني إليه
العبد الصالح لعجلت دعوتي إن الله لما فرج عن إسحاق كرب الذبح قيل له : يا ابا
إسحاق سل تعطيه قال : أما والله لا تعجلها قبل نزغات الشيطان اللهم من مات لا يشرك
بك شيئا قد أحسن فأغفر له "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
والبيهقي في شعب الإيمان عن كعب رضي الله عنه
أنه قال لأبي هريرة : ألا أخبرك عن إسحاق ؟ قال : بلى
قال : رأى إبراهيم أن يذبح إسحاق قال الشيطان : والله لئن لم أفتن عند هذه آل
إبراهيم لا أفتن أحدا منهم أبدا فتمثل الشيطان رجلا يعرفونه فأقبل حتى خرج إبراهيم
بإسحاق ليذبحه دخل على سارة فقال : أين أصبح إبراهيم غاديا بإسحاق ؟ قالت : لبعض
حاجته قال : لا والله قالت : فلم غدا ؟ قال : ليذبحه قالت : لم يكن ليذبح ابنه !
قال : بلى والله قالت سارة : فلم يذبحه ؟ قال : زعم أن ربه أمره بذلك قالت : قد
أحسن أن يطيع ربه إن كان أمره بذلك
فخرج الشيطان فأدرك إسحاق وهو يمشي على أثر أبيه قال : أين أصبح أبوك غاديا ؟ قال
: لبعض حاجته قال : لا والله بل غدا بك ليذبحك قال : ما كان أبي ليذبحني قال : بلى
قال : لم ؟ قال : زعم إن الله أمره بذلك قال إسحق : فوالله لئن أمره ليطيعنه
فتركه الشيطان وأسرع إلى إبراهيم فقال أين أصبحت غاديا بابنك ؟ قال : لبعض حاجتي
قال : لا والله ما غدوت به إلا لتذبحه
قال : ولم أذبحه ؟ قال : زعمت أن الله أمرك بذلك فقال : والله لئن كان الله أمرني
لأفعلن
قال فتركه ويئس أن يطاع فلما أخذ إبراهيم إسحاق ليذبحه وسلم إسحاق عافاه الله
وفداه بذبح عظيم
فقال : قم أي بني فإن الله قد عافاك فأوحى الله إلى إسحاق : إني قد
(7/108)
أعطيتك
دعوة أستجيب لك فيها قال : فإني أدعوك أن تستجيب لي
أيما عبد لقيك من الأولين والآخرين لا يشرك بك شيئا فأدخله الجنة
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن المنذر عن علي رضي الله عنه قال : الذبيح
إسحاق
وأخرج عبد الرزاق والحاكم وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال الذبيح إسحاق
وأخرج عبد بن حميد والبخاري في تاريخه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن
مردويه عن العباس بن عبد المطلب قال : الذبيح إسحاق
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه من طريق
عكرمة عن ابن عباس قال : الذبيح إسحاق
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لما
رأى إبراهيم عليه السلام في المنام ذبح إسحاق سار به من منزله إلى المنحر بمنى
مسيرة شهر في غداة واحدة فلما صرف عنه الذبح وأمر بذبح الكبش ذبحه ثم راح به وراحا
إلى منزله في عشية واحدة مسيرة شهر طويت له الأودية والجبال
وأخرج الحاكم بسند فيه الواقدي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : رأى
إبراهيم عليه السلام في المنام
أن يذبح إسحاق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مسروق رضي الله عنه قال : الذبيح إسحاق
وأخرج ابن عساكر عن نوح بن حبيب قال : سمعت الشافعي يقول كلاما ما سمعت قط أحسن
منه سمعته يقول : قال خليل الله إبراهيم لولده في وقت ما قص عليه ما رأى ماذا ترى
؟ أي ماذا تشير به ليستخرج بهذه اللفظة منه ذكر التفويض والصبر والتسليم والإنقياد
لأمر الله لا لمواراته لدفع أمر الله تعالى يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء
الله من الصابرين قال الشافعي رضي الله عنه والتفويض هو الصبر والتسليم هو الصبر
والإنقياد هو ملاك الصبر فجمع له الذبيح جمع ما ابتغاه بهذه اللفظة اليسيرة
وأخرج الخطيب في تالي التلخيص عن فضيل بن عياض قال : أضجعه ووضع
(7/109)
الشفرة
فأقلب جبريل الشفرة فقال : يا أبت شدني فإني أخاف أن ينتضح عليك من دمي ثم قال :
يا أبت حلني فإني أخاف أن تشهد علي الملائكة إني جزعت من أمر الله تعالى
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه قال : أتي إبراهيم في النوم
فقيل له : أوف بنذرك الذي نذرت
أن الله رزقك غلاما من سارة أن تذبحه
فقال : يا إسحاق انطلق فقرب قربانا إلى الله فأخذ سكينا وحبلا ثم انطلق به حتى إذا
ذهب به بين الجبال قال الغلام : يا أبت أين قربانك قال : يا بني إني أرى في المنام
أني أذبحك فأنظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين
قال له إسحاق : يا أبت اشدد رباطي حتى لا أضطرب وأكفف عني ثيابك حتى لا ينضح عليها
من دمي شيء فتراه سارة فتحزن وأسرع مر السكين على حلقي ليكون أهون للموت علي فإذا
أتيت سارة فأقرأ عليها السلام مني
فأقبل عليه إبراهيم بقلبه وهو يبكي وإسحاق يبكي ثم أنه جر السكين على حلقه فلم
تنحر وضرب الله على حلق إسحاق صفيحة من نحاس فلما رأى ذلك ضرب به على جبينه وحز من
قفاه
وذلك قول الله فلما أسلما يقول : سلما لله الأمر وتله للجبين فنودي يا إبراهيم قد
صدقت الرؤيا بإسحاق فالتفت فإذا هو بكبش فأخذه وحل عن ابنه وأكب عليه يقبله وجعل
يقول : اليوم يا بني وهبت لي
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة قال : إن الله لما أمر إبراهيم بذبح ابنه قال له : يا
بني خذ الشفرة فقال الشيطان : هذا أوان أصيب حاجتي من آل إبراهيم فلقي إبراهيم
متشبها بصديق له فقال له : يا إبراهيم أين تعمد ؟ قال : لحاجة قال : والله ما تذهب
إلا لتذبح ابنك من أجل رؤيا رأيتها والرؤيا تخطىء وتصيب وليس في رؤيا رأيتها ما
تذهب إسحاق فلما رأى أنه لم يستفد من إبراهيم شيئا
لقي إسحاق فقال : أين تعمد يا إسحاق ؟ قال : لحاجة إبراهيم قال : إن إبراهيم إنما
يذهب بك ليذبحك فقال إسحاق : وما شأنه يذبحني وهل رأيت أحدا يذبح ابنه ؟ قال :
يذبحك لله قال : فإن يذبحني لله أصبر والله لذلك أهل فلما رأى أنه لم يستفد من
إسحاق شيئا جاء إلى سارة فقال : أين يذهب إسحاق ؟ قالت : ذهب مع إبراهيم
(7/110)
لحاجته
فقال : إنما ذهب به ليذبحه فقالت : وهل رأيت أحدا يذبح ابنه ؟ قال : يذبحه لله
قالت : فإن ذبحه لله فإن إبراهيم وإسحاق لله والله لذلك أهل فلما رأى أنه لم يستفد
منهما شيئا أتى الجمرة فانتفخ حتى سد الوادي ومع إبراهيم الملك فقال الملك : أرم
يا إبراهيم فرمى بسبع حصيات يكبر في أثر كل حصاة فأفرج له عن طريق ثم انطلق حتى
أتى الجمرة الثانية فانتفخ حتى سد الوادي فقال له الملك : أرم يا إبراهيم فرمى
بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة فأفرج له عن الطريق ثم انطلق حتى أتى الجمرة الثالثة
فانتفخ حتى سد الوادي عليه فقال له الملك : أرم يا إبراهيم فرمى بسبع حصيات يكبر في
أثر كل حصاة فأفرج له عن الطريق حتى أتى المنحر
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : إنما سميت تروية وعرفة لأن إبراهيم عليه السلام أتاه الوحي في منامه :
أن يذبح ابنه فرأى في نفسه أمن الله هذا أم من الشيطان ؟ فأصبح صائما فلما كان
ليلة عرفة أتاه الوحي فعرف أنه الحق من ربه فسميت عرفة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله فلما
أسلما قال : أسلم هذا نفسه لله وأسلم هذا ابنه لله وتله أي كبه لفيه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح رضي الله عنه
في قوله فلما أسلما قال : اتفقا على أمر واحد وتله للجبين قال : أكبه للجبين
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وتله للجبين قال : أكبه على
وجهه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وتله للجبين
قال : صرعه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال : لما أراد إبراهيم أن
يذبح ابنه قال : يا أبتاه خذ بناصيتي واجلس بين كتفي حتى لا أؤذيك إذا مسني حر
السكين ففعل فانقلبت السكين قال : مالك يا أبتاه ؟ قال : انقلبت
(7/111)
السكين
قال : فاطعن بها طعنا قال : فتثنت قال : مالك يا أبتاه ؟ قال : تثنت فعرف الصدق
ففداه الله بذبح عظيم وهو إسحاق
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وتله للجبين قال : ساجدا
وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح رضي الله عنه قال : لما أن وضع السكين على حلقه
انقلبت صارت نحاسا
وأخرج عبد بن حميد عن عثمان بن حاضر قال : لما أراد إبراهيم أن يذبح ابنه إسحاق
ترك أمه سارة في مسجد الخيف وذهب بإسحاق معه فلما بلغ حيث أراد أن يذبحه قال
إبراهيم لمن كان معه : استأخروا مني وأخذ بيد ابنه إسحاق فعزله فقال : يا بني إني
أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال له إسحاق : يا أبت ربي أمرك قال
إبراهيم : نعم يا إسحاق قال إسحاق : افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين
فلما أسلما لأمر الله وتله قال إسحاق لأبيه : يا أبت أوثقتني لأطيش بك نودي يا
إبراهيم قد صدقت الرؤيا وهبط عليه الكبش من ثبير وقد قيل : إنه ارتعى في الجنة
أربعين سنة فلما كشف عن إسحاق دعا ربه ورغب إليه وحمده وأوحى إليه : أن أدع فإن
دعاءك مستجاب فقال : اللهم من خرج من الدنيا لا يشرك بك شيئا فأدخله الجنة
قال ابن خاضر : إن إبراهيم كان قال لربه : يا رب أي ولدي أذبح ؟ فأوحى الرب إليه :
أحبهما إليك
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه : أن داود قال : يا رب إن الناس يقولون
رب إبراهيم وإسحق ويعقوب فاجعلني لهم رابعا
فأوحى الله إليه : إن تلك بلية لم تصل إليك بعد
إن إبراهيم لم يعدل بي شيئا إلا اختارني ووفى بجميع ما أمرته
وإن إسحق جاد لي بنفسه
وأن يعقوب أخذت خاصته غيبته عنه طول الدهر فلم ييأس من روحي
وأخرج سعد بن منصور وابن المنذر عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال : خرج إبراهيم
عليه السلام بابنه إسماعيل وإسحاق عليهما السلام فتمثل له الشيطان في صورة رجل فقال
له : أين تذهب ؟ فقال إبراهيم : عليه السلام ما لك ولذلك
!
(7/112)
أذهب
في حاجتي قال : فإنك تزعم أنك تذهب بابنك فتذبحه قال : والله إن كان الله أمرني
بذلك إني لحقيق أن أطيع ربي ثم ذهب إلى ابنه وهو وراءه يمشي فقال له : أين تذهب ؟
قال : أذهب مع أبي فقال : إن أباك يزعم أن الله أمره بذبحك فقال له مثل ما قال
إبراهيم ثم انطلق إبراهيم عليه السلام حتى إذا كانوا على جبل قال لابنه يا بني إني
أرى في المنام أني أذبحك فانظر ماذا ترى قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء
الله من الصابرين ويا أبت أوثقني رباطا لا ينتضح عليك من دمي فقام إليه إبراهيم
بالشفرة فبرك عليه فجعل ما بين ليته إلى منحره نحاسا لا تحيك فيه الشفرة ثم إن
إبراهيم التفت وراء فإذا هو بالكبش فقال له : أي بني قم فإن الله فداك فذبح
إبراهيم الكبش وترك ابنه ثم إن إبراهيم عليه السلام قال : يا بني إن الله قد أعطاك
بصبرك اليوم فسل ما شئت تعطى قال : فإني أسأل الله أن لا يلقاه له عبد مؤمن به
يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلا غفر له وأدخله الجنة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي رضي الله عنه في قوله وفديناه
بذبح عظيم قال : كبش أبيض أعين أقرن قد ربط بسمرة في أصل ثبير
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله وفديناه بذبح عظيم قال : كبش قد رعى في الجنة أربعين خريفا
وأخرج البخاري في تاريخه عن علي بن أبي طالب قال : هبط الكبش الذي فدى ابن إبراهيم
من هذه الخيبة على يسار الجمرة الوسطى
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال : الصخرة التي بمنى بأصل ثبير هي التي ذبح عليها إبراهيم عليه السلام فدى ابنه
إسحاق هبط عليه من ثبير كبش أعين أقرن له ثغاء وهو الكبش الذي قربه ابن آدم فتقبل
منه وكان مخزونا في الجنة حتى فدي به إسحاق عليه السلام
(7/113)
وأخرج
سعيد بن منصور وأحمد والبيهقي في سننه عن امرأة من بني سليم قالت : أرسل رسول الله
صلى الله عليه و سلم إلى عثمان بن طلحة فسألت عثمان لما دعاه النبي صلى الله عليه
و سلم قال : " قال إني كنت رأيت قرني الكبش حين دخلت الكعبة فنسيت أن آمرك أن
تخمرهما فخمرهما فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلين "
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : فدى الله إسماعيل عليه السلام
بكبشين أملحين أقرنين أعينين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه وفديناه بذبح عظيم قال : بكبش
متقبل
وأخرج البغوي عن عطاء بن السائب رضي الله عنه قال : كنت قاعدا بالمنحر مع رجل من
قريش فحدثني القرشي قال : حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال له :
" إن الكبش الذي نزل على إبراهيم في هذا المكان "
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وفديناه بذبح عظيم قال : خرج
عليه كبش من الجنة وقد رعاها قبل ذلك أربعين خريفا فأرسل إبراهيم عليه السلام ابنه
واتبع الكبش فأخرجه إلى الجمرة الأولى فرماه بسبع حصيات فأفلته عنده فجاء الجمرة
الوسطى فأخرجه عندها فرماه بسبع حصيات ثم أفلته عند الجمرة الكبرى فرماه بسبع
حصيات فأخرجه عندها ثم أخذه فأتى به المنحر من منى فذبحه
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن قال : كان اسم كبش إبراهيم
جرير
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال له رجل : نذرت لأنحرن نفسي فقال ابن عباس رضي الله عنهما لقد كان
لكم في رسول الله أسوة حسنة الأحزاب 21 ثم تلا وفديناه بذبح عظيم فأمره بكبش فذبحه
وأخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : من نذر أن يذبح نفسه فليذبح كبشا
ثم تلا لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة
وأخرج الديلمي عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه " لما فدى الله إسحاق من
الذبح أتاه جبريل عليه السلام فقال : يا إسحاق إنه لم يصبر أحد من الأولين
(7/114)
والآخرين
؟ يشهد أن لا إله إلا الله فاغفر له
سبقني أخي إسحاق عليه السلام إلى الدعوة "
الآيات 112 - 122 أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وبشرناه
بإسحاق نبيا من الصالحين قال : إنما بشر به نبيا حين فداه الله من الذبح ولم تكن
البشارة بالنبوة حين مولده
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله وبشرناه بإسحاق قال : بشرى نبوة
بشر به مرتين حين ولد
وحين نبىء
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الحميد بن جبير بن شيبة قال : قلت لابن المسيب وفديناه
بذبح عظيم هو إسحاق ؟ قال معاذ الله
! ولكنه إسماعيل عليه السلام فثوب بصبره إسحاق
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله وبشرناه بإسحاق نبيا قال : بشر به بعد ذلك نبيا
بعدما كان هذا من أمره لما جاد لله بنفسه وباركنا عليه وعلى إسحاق ومن ذريتهما
محسن وظالم لنفسه مبين أي مؤمن وكافر
وفي قوله ولقد مننا على موسى وهارون ونجيناهما وقومهما
(7/115)
من
الكرب العظيم أي من آل فرعون وآتيناهما الكتاب المستبين قال : التوراة وهديناهما
الصراط المستقيم قال : الإسلام وتركنا عليهما في الآخرين قال : أبقى الله عليهما
الثناء الحسن في الآخرين
الآيات 123 - 132 أخرج ابن عساكر من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله وإن إلياس لمن المرسلين
الآيات
قال : إنما سمي بعلبك لعبادتهم البعل وكان موضعهم البدء فسمي بعلبك
وأخرج ابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه في قوله وإن إلياس قال : إن الله تعالى بعث
إلياس إلى بعلبك وكانوا قوما يعبدون الأصنام وكانت ملوك بني إسرائيل متفرقة على
العامة كل ملك على ناحية يأكلها وكان الملك الذي كان إلياس معه يقوم له أمره
ويقتدي برأيه وهو على هدى من بين أصحابه حتى وقع إليهم قوم من عبدة الأصنام فقالوا
له : ما يدعوك إلا إلى الضلالة والباطل وجعلوا يقولون له : أعبد هذه الأوثان التي
تعبد الملوك وهم على ما نحن عليه
يأكلون ويشربون وهم في ملكهم يتقلبون وما تنقص دنياهم
من ربهم الذي تزعم أنه باطل وما لنا عليهم من فضل
فاسترجع إلياس فقام شعر رأسه وجلده فخرج عليه إلياس
قال الحسن رضي الله عنه : وإن الذي زين لذلك الملك امرأته وكانت قبله تحت ملك جبار
وكان من الكنعانيين في طول وجسم وحسن فمات زوجها فاتخذت تمثالا
(7/116)
على
صورة بعلها من الذهب وجعلت له حدقتين من ياقوتتين وتوجته بتاج مكلل بالدر والجوهر
ثم أقعدته على سرير تدخل عليه فتدخنه وتطيبه وتسجد له ثم تخرج عنه فتزوجت بعد ذلك
هذا الملك الذي كان إلياس معه وكانت فاجرة قد قهرت زوجها ووضعت البعل في ذلك البيت
وجعلت سبعين سادنا فعبدوا البعل فدعاهم إلياس إلى الله فلم يزدهم ذلك إلا بعدا
فقال إلياس : اللهم إن بني إسرائيل قد أبوا إلا الكفر بك وعبادة غيرك فغير ما بهم
من نعمتك فأوحى الله إليه : إني قد جعلت أرزاقهم بيدك
فقال : اللهم أمسك عنهم القطر ثلاث سنين فأمسك الله عنهم القطر وأرسل إلى الملك
فتاه اليسع فقال : قل له إن إلياس يقول لك إنك اخترت عبادة البعل على عبادة الله
واتبعت هوى امرأتك فاستعد للعذاب والبلاء فانطلق اليسع فبلغ رسالته للملك فعصمه
الله تعالى من شر الملك وأمسك الله عنهم القطر حتى هلكت الماشية والدواب وجهد
الناس جهدا شديدا
وخرج إلياس إلى ذروة جبل فكان الله يأتيه برزقه وفجر له عينا معينا لشرابه وطهوره
حتى أصاب الناس الجهد فأرسل الملك إلى السبعين فقال لهم : سلوا البعل أن يفرج ما
بنا فأخرجوا أصنامهم فقربوا لها الذبائح وعطفوا عليها وجعلوا يدعون حتى طال ذلك
بهم فقال لهم الملك : إن إله إلياس كان أسرع إجابة من هؤلاء فبعثوا في طلب إلياس
فأتى فقال : أتحبون أن يفرج عنكم ؟ قالوا : نعم
قال : فأخرجوا أوثانكم فدعا إلياس عليه السلام ربه أن يفرج عنهم فارتفعت سحابة مثل
الترس
وهم ينظرون ثم أرسل الله عليهم المطر فأغاثهم فتابوا ورجعوا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عساكر عن ابن مسعود
قال إلياس هو إدريس
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : كان يقال أن إلياس هو
إدريس عليه السلام
وأخرج ابن عساكر عن كعب رضي الله عنه قال : أربعة أنبياء اليوم أحياء
اثنان في الدنيا
إلياس والخضر
واثنان في السماء
عيسى وإدريس
(7/117)
وأخرج
ابن عساكر عن ابن شوذب رضي الله عنه قال : الخضر عليه السلام من وفد فارس وإلياس
عليه السلام من بني إسرائيل يلتقيان كل عام بالموسم
وأخرج ابن عساكر عن وهب رضي الله عنه قال : دعا إلياس عليه السلام ربه أن يريحه من
قومه فقيل له : أنظر يوم كذا وكذا
فإذا هو بشيء قد أقبل على صورة فرس فإذا رأيت دابة لونها مثل لون النار فاركبها
فجعل يتوقع ذلك اليوم فإذا هو بشيء قد أقبل على صورة فرس لونه كلون النار حتى وقف
بين يديه فوثب عليه فانطلق به فكان آخر العهد به فكساه الله الريش وكساه النور
وقطع عنه لذة المطعم والمشرب فصار في الملائكة عليهم السلام
وأخرج ابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه قال : إلياس عليه السلام موكل بالفيافي
والخضر عليه السلام بالجبال وقد أعطيا الخلد في الدنيا إلى الصيحة الأولى وإنهما
يجتمعان كل عام بالموسم
وأخرج الحاكم عن كعب رضي الله عنه قال : كان إلياس عليه السلام صاحب جبال وبرية يخلو
فيها يعبد ربه عز و جل وكان ضخم الرأس خميص البطن دقيق الساقين في صدره شامة حمراء
وإنما رفعه الله تعالى إلى أرض الشام لم يصعد به إلى السماء وهو الذي سماه الله ذا
النون
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " الخضر هو إلياس "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الدلائل وضعفه عن أنس رضي الله عنه قال : "
كنا مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في سفر فنزلنا منزلا فإذا رجل في الوادي
يقول : اللهم اجعلني من أمة محمد المرحومة المغفورة المثاب لها فأشرفت على الوادي
فإذا طوله ثلثمائة ذراع وأكثر
فقال : من أنت ؟ قلت : أنس خادم رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : أين هو ؟
قلت : هو ذا يسمع كلامك قال : فأته وأقره مني السلام وقل له أخوك إلياس يقرئك
السلام
فأتيت النبي صلى الله عليه و سلم فأخبرته فجاء حتى عانقه وقعدا يتحدثان فقال له :
يا رسول الله إني إنما آكل في كل سنة يوما وهذا يوم فطري فكل أنت وأنا فنزلت
عليهما مائدة من السماء وخبز وحوت وكرفس فأكلا وأطعماني وصليا العصر ثم ودعني
وودعه ثم رأيته مر على
(7/118)
السحاب
نحو السماء قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد وقال الذهبي : بل هو موضوع قبح
الله من وضعه
قال : وما كنت أحسب ولا أجوز أن الجهل يبلغ بالحاكم أن يصحح هذا "
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله أتدعون بعلا
قال : صنما
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه أتدعون بعلا قال : ربا
وأخرج ابن أبي حاتم وإبراهيم الحربي في غريب الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما
أنه أبصر رجلا يسوق بقرة فقال : من بعل هذه ؟ فدعاه فقال : ممن أنت ؟ قال : من أهل
اليمن
فقال : هي لغة أتدعون بعلا أي ربا
وأخرج ابن الأنباري عن مجاهد رضي الله عنه
استام بناقة رجل من حمير فقال له : أنت صاحبها ؟ قال : أنا بعلها فقال ابن عباس
أتدعون بعلا أتدعون ربا
ممن أنت ؟ قال : من حمير
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك رضي الله عنه قال : مر رجل يقول : من يعرف البقرة ؟
فقال رجل : أنا بعلها فقال له ابن عباس رضي الله عنهما : تزعم أنك زوج البقرة ؟
قال الرجل : أما سمعت قول الله أتدعون بعلا وتذرون أحسن الخالقين قال : تدعون بعلا
وأنا ربكم فقال له ابن عباس رضي الله عنهما : صدقت
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله
أتدعون بعلا قال : ربا بلغة ازدة شنوأة
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله أتدعون بعلا قال : صنما
لهم كانوا يعبدونه في بعلبك وهي وراء دمشق فكان بها البعل الذي يعبدونه
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله أتدعون بعلا قال : ربا باليمانية
يقول الرجل للرجل : من بعل الثوب ؟
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قيس بن سعد قال : سأل
(7/119)
رجل
ابن عباس رضي الله عنه عن قوله أتدعون بعلا فسكت عنه ابن عباس رضي الله عنهما ثم
سأله فسكت عنه فسمع رجلا ينشد ضالة فسمع آخر يقول : أنا بعلها
فقال ابن عباس : أين السائل ؟ اسمع ما يقول السائل
أنا بعلها
أنا ربها أتدعون بعلا أتدعون ربا
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله سلام على إل ياسين قال : هو إلياس
وأخرج ابن أبي حاتم عن الضحاك أنه قرأ " سلام على ادراسين " وقال : هو
مثل إلياس مثل عيسى والمسيح ومحمد وأحمد وإسرائيل ويعقوب
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
سلام على إل ياسين قال : نحن آل محمد إل ياسين
الآيات 133 - 138 أخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه إلا عجوزا في الغابرين
يقول : إلا امرأته تخلفت فمشخت حجرا وكانت تسمى هيشفع
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله إلا عجوزا في
الغابرين قال : الهالكين وإنكم لتمرون عليهم قال : في أسفاركم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة وإنكم لتمرون
عليهم مصبحين وبالليل قال : نعم
صباحا ومساء من أخذ من المدينة إلى الشام أخذ على سدوم قرية قوم لوط
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله وإنكم لتمرون عليهم
مصبحين وبالليل قال تمرون عليهم مصبحين قال : على قرية قوم لوط أفلا تعقلون قال :
أفلا تتفكرون أن يصيبكم ما أصابهم
(7/120)
الآيات
139 - 148 أخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن المنذر عن طاوس في
قوله وإن يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلك المشحون قال : قيل ليونس عليه السلام
إن قومك يأتيهم العذاب يوم كذا وكذا
فلما كان يومئذ خرج يونس عليه السلام ففقده قومه فخرجوا بالصغير والكبير والدواب
وكل شيء
ثم عزلوا الوالدة عن ولدها والشاة عن ولدها والناقة والبقرة عن ولدها فسمعت لهم
عجيجا فأتاهم العذاب حتى نظروا إليه ثم صرف عنهم
فلما لم يصبهم العذاب ذهب يونس عليه السلام مغاضبا فركب في البحر في سفينة مع أناس
حتى إذا كانوا حيث شاء الله تعالى ركدت السفينة فلم تسر فقال صاحب السفينة : ما
يمنعنا أن نسير إلا أن فيكم رجلا مشؤوما قال : فاقترعوا ليلقوا أحدهم فخرجت القرعة
على يونس فقالوا : ما كنا لنفعل بك هذا
ثم اقترعوا أيضا فخرجت القرعة عليه ثلاثا فرمى بنفسه فالتقمه الحوت قال طاوس :
بلغني أنه لما نبذه الحوت بالعراء وهو سقيم نبتت عليه شجرة من يقطين واليقطين
الدباء فمكث حتى إذا رجعت إليه نفسه يبست الشجرة فبكى يونس عليه السلام حزنا عليها
فأوحى الله إليه : أتبكي على هلاك شجرة ولا تبكي على هلاك مائة ألف ؟
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : لما بعث الله يونس عليه السلام
إلى أهل قريته فردوا عليه ما جاءهم به فامتنعوا منه فلما فعلوا ذلك أوحى الله إليه
: إني مرسل عليهم العذاب في يوم كذا وكذا
فاخرج من بين
(7/121)
أظهرهم
فأعلم قومه الذي وعد الله من عذابه إياهم فقالوا : ارمقوه فإن هو خرج من بين أظهركم
فهو الله كائن ما وعدكم
فلما كانت الليلة التي وعدوا العذاب في صبيحتها أدلج فرآه القوم فحذروا فخرجوا من
القرية إلى براز من أرضهم وفرقوا بين كل دابة وولدها
ثم عجوا إلى الله وأنابوا واستقالوا فأقالهم وانتظر يونس عليه ؟ ؟ الخبر عن القرية
وأهلها
حتى مر مار فقال : ما فعل أهل القرية ؟ قال : فعلوا أن نبيهم لما خرج من بين
أظهرهم عرفوا أنه قد صدقهم ما وعدهم من العذاب فخرجوا من قريتهم إلى براز من الأرض
ثم فرقوا بين كل ذات ولد وولدها ثم عجوا إلى الله وتابوا إليه فقبل منهم وأخر عنهم
العذاب
فقال يونس عليه السلام عند ذلك : لا أرجع إليهم كذابا أبدا ومضى على وجهه
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد الله بن الحارث قال : لما خرج يونس عليه السلام مغاضبا
أتى السفينة فركبها فامتنعت أن تجري فقال أصحاب السفينة : ما هذا إلا لحدث
أحدثتموه ! فقال بعضهم لبعض : تعالوا حتى نقترع فمن وقعت عليه القرعة فالقوه في
الماء فاقترعوا فوقعت القرعة على يونس عليه السلام ثم عادوا فوقعت القرعة عليه في
الثالثة فلما رأى يونس ذلك قال : هو أنا فخرج فطرح نفسه فإذا حوت قد رفع رأسه من
الماء قدر ثلاثة أذرع فذهب ليطرح نفسه فاستقبله الحوت فإذا هوى إليه ليأخذه فتحول
إلى الجانب الآخر فإذا الحوت قد استقبله فلما رأى يونس عليه السلام ذلك عرف أنه
أمر من الله فطرح نفسه فأخذه الحوت قبل أن يمر على الماء فأوحى الله إلى الحوت أن
لا تهضم له عظما ولا تأكل له لحما حتى آمر بأمري ؟ بكذا وكذا وكذا
حتى ألزقه بالطين فسمع تسبيح الأرض فذلك حين نادى
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أنس قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " لما ألقى يونس عليه سلام نفسه في البحر التقمه الحوت
هوى به حتى انتهى إلى مفجر من الأرض أو كلمة تشبهها فسمع تسبيح الأرض فنادى في
الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين الأنبياء الآية 87 فأقبلت
الدعوة تحوم العرش فقالت الملائكة : يا ربنا إنا نسمع صوتا ضعيفا من بلاد غربة قال
: وتدرون ما ذا كم ؟ قالوا : لا يا ربنا قال : ذاك عبدي يونس قالوا : الذي كنا لا
(7/122)
نزال
نرفع له عملا متقبلا ودعوة مجابة قال : نعم
قالوا : يا ربنا ألا ترحم ما كان يصنع في الرخاء وتنجيه عند البلاء
قال : بلى فأمر الحوت فحفظه "
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه
أن لفظه حين لفظه في أصل يقطينة وهي الدباء فلفظه وهو كهيئة الصبي وكان يستظل
بظلها وهيأ الله له أرواة من الوحش فكانت تروح عليه بكرة وعشية فتفشخ رجليها فيشرب
من لبنها حتى نبت لحمه
وأخرج ابن إسحاق والبزار وابن جرير عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " لما أراد الله حبس يونس عليه السلام في بطن الحوت
أوحى الله إلى الحوت أن خذه ولا تخدش له لحما ولا تكسر له عظما فأخذه ثم أهوى به
إلى مسكنه في البحر فلما انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس حسا فقال في نفسه : ما
هذا
! فأوحى الله إليه وهو في بطن الحوت : إن هذا تسبيح دواب الأرض فسبح وهو في بطن
الحوت فسمعت الملائكة عليهم السلام تسبيحه فقالوا : ربنا إنا نسمع صوتا ضعيفا بأرض
غربة قال : ذاك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر قالوا : العبد
الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم عمل صالح ؟ قال : نعم
فشفعوا له عند ذلك فأمره فقذفه في الساحل كما قال الله وهو سقيم "
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إن يونس عليه السلام كان وعد قومه
العذاب وأخبرهم أنه يأتيهم إلى ثلاثة أيام ففرقوا بين كل والدة وولدها ثم خرجوا
فجأروا إلى الله واستغفروه فكف الله عنهم العذاب وغدا يونس عليه السلام ينتظر
العذاب فلم ير شيئا وكان من كذب ولم يكن له بينة قتل
فانظلق مغاضبا حتى أتى قوما في سفينة فحملوه وعرفوه فلما دخل السفينة ركدت والسفن
تسير يمينا وشمالا فقال : ما بال سفينتكم ؟ ! قالوا : ما ندري ! قال : ولكني أدري
إن فيها عبدا أبق من ربه وإنها والله لا تسير حتى تلقوه قالوا : أما أنت والله يا
نبي الله فلا نلقيك
فقال لهم يونس عليه السلام : اقترعوا فمن قرع
فليقع فاقترعوا فقرعهم يونس عليه السلام ثلاث مرات فوقع
(7/123)
وقد
وكل به الحوت فلما وقع ابتلعه فأهوى به إلى قرار الأرض فسمع يونس عليه السلام
تسبيح الحصى فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين
الأنبياء 87 قال : ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل قال فنبذ بالعراء وهو
سقيم قال كهيئة الفرخ الممعوط الذي ليس عليه ريش وأنبت الله عليه شجرة من يقطين
فكان يستظل بها ويصيب منها فيبست فبكى عليها حين يبست فأوحى الله إليه : أتبكي على
شجرة أن يبست ولا تبكي على مائة ألف أو يزيدون أردت أن تهلكهم ؟ فخرج فإذا هو
بغلام يرعى غنما فقال : ممن أنت يا غلام ؟ قال : من قوم يونس قال : فإذا رجعت
إليهم فأقرئهم السلام وأخبرهم إنك لقيت يونس فقال له الغلام : إن تكن يونس فقد
تعلم أنه من كذب ولم يكن له بينة قتل فمن يشهد لي قال : تشهد لك هذه الشجرة وهذه
البقعة
فقال الغلام ليونس : مرهما فقال لهما يونس عليه السلام : إذا جاءكما هذا الغلام
فأشهدا له
قالتا : نعم
فرجع الغلام إلى قومه وكان له أخوة فكان في منعة فأتى الملك فقال : إني لقيت يونس
وهو يقرأ عليكم السلام فأمر به الملك أن يقتل فقال : إن له بينة فأرسل معه فانتهوا
إلى الشجرة والبقعة فقال لهما الغلام : نشدتكما بالله هل أشهدكما يونس ؟ قالتا :
نعم
فرجع القوم مذعورين يقولون : تشهد لك الشجرة والأرض ! فأتوا الملك فحدثوه بما رأوا
فتناول الملك يد الغلام فأجلسه في مجلسه وقال : أنت أحق بهذا المكان مني وأقام لهم
أمرهم ذلك الغلام أربعين سنة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : إن يونس بن متى
كان عبدا صالحا وكان في خلقه ضيق فلما حملت عليه أثقال النبوة
ولها أثقال لا يحملها إلا قليل
تفسخ تحتها تفسخ الربع تحت الحمل فقذفها من يده وخرج هاربا منها
يقول الله لنبيه فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل ولا تكن كصاحب الحوت الأحقاف
35
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
فساهم فكان من المدحضين قال : من المسهومين قال : اقترع فكان من المدحضين قال : من
المسهومين
(7/124)
وأخرج
أحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن قتادة رضي الله عنه فساهم فكان
من المدحضين قال : احتبست السفينة فعلم القوم إنها احتبست من حدث أحدثوه فتساهموا
فقرع يونس عليه السلام فرمى بنفسه فالتقمه الحوت وهو مليم أي مسيء فيما صنع فلولا
أنه كان من المسبحين قال : كان كثير الصلاة في الرخاء فنجا وكان يقال في الحكمة
إن العمل الصالح يرفع صاحبه إذا عثر وإذا ما صرع
وجد متكأ للبث في بطنه إلى يوم يبعثون يقول : لصارت له قبر إلى يوم القيامة
وأخرج ابن أبي شيبة عن وهب بن منبه رضي الله عنه أنه جلس هو وطاوس ونحوهم من أهل
ذلك الزمان فذكروا أي أمر الله أسرع ؟ فقال بعضهم : قول الله تعالى كلمح البصر
النحل 77 وقال بعضهم : السرير حين أتي به سليمان
فقال ابن منبه : أسرع أمر الله أن يونس على حافة السفينة إذا أوحى الله تعالى إلى
نون في نيل مصر فما خر من حافتها إلا في جوفه
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال التقمه حوت يقال له نجم فجرى به في
بحر الروم ثم النيل ثم فارس ثم في دجلة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
وهو مليم مسيء
وأخرج ابن الأنباري والطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له
أخبرني عن قوله وهو مليم قال : المليم المسيء والمذنب قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟
قال : نعم أما سمعت أمية بن أبي الصلت وهو يقول : بريء من الآفات ليس لها بأهل
ولكن المسيء هو المليم وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه وهو
مليم قال : مذنب
وأخرج أحمد في الزهد عن الربيع بن أنس رضي الله عنه في قوله فلولا أنه كان من
المسبحين قال : لولا أنه حلاله عمل صالح للبث في بطنه إلى يوم يبعثون قال : وفي
الحكمة
أن العمل الصالح يرفع صاحبه
وأخرج أحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن
(7/125)
جبير
رضي الله عنه في قوله فلولا أنه كان من المسبحين قال : من المصلين قبل أن يدخل بطن
الحوت
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله فلولا أنه كان
من المسبحين قال : ما كان إلا صلاة أحدثها في بطن الحوت
فذكر ذلك لقتادة رضي الله عنه فقال : لا
إنما كان يعمل في الرخاء
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم عن ابن عباس فلولا أنه كان من المسبحين قال : من المصلين
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه فلولا أنه كان من المسبحين قال :
العابدين الله قبل ذلك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن أبي الحسن رضي الله عنه فلولا أنه كان من
المسبحين قال : لولا أنه كان له سلف من عبادة وتسبيح تداركه الله به حين أصابه ما
أصابه نعمه في بطن الحوت أربعين من بين يوم وليلة ثم أخرجه وتاب عليه
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه فلولا أنه كان من المسبحين قال : نعلم
والله أن التضرع في الرخاء استعدادا لنزول البلاء ويجد صاحبه متكأ إذا نزل به وأن
سالف السيئة تلحق صاحبها وإن قدمت
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك رضي الله عنه قال : اذكروا الله في الرخاء يذكركم في
الشدة فإن يونس عليه السلام كان عبدا صالحا ذاكرا لله فلما وقع في بطن الحوت قال
الله فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون وإن فرعون كان عبدا
طاغيا ناسيا لذكر الله فلما أدركه الغرق قال : آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به
بنو إسرائيل وأنا من المسلمين يونس 90 فقيل له الآن وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين
وأخرج ابن أبي حاتم والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن رضي الله عنه في
قوله فلولا أنه كان من المسبحين قال : كان يكثر الصلاة في الرخاء فلما حصل في بطن
الحوت ظن أنه الموت فحرك رجليه فإذا هي تتحرك فسجد
(7/126)
وقال
: يا رب اتخذت لك مسجدا في موضع لم يسجد فيه أحد
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم عن
الشعبي قال : التقمه الحوت ضحى ولفظه عشية ما بات في بطنه
وأخرج الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : مكث يونس عليه السلام في بطن الحوت
أربعين يوما
وأخرج عبد الرزاق وابن مردويه عن ابن جريج قال : بقي يونس في بطن الحوت أربعين
يوما
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم وأبو الشيخ عن أبي مالك رضي الله عنه قال : لبث يونس عليه السلام في بطن
الحوت أربعين يوما
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : لبث يونس في
بطن الحوت سبعة أيام فطاف به البحار كلها ثم نبذه على شاطىء دجلة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال
التقمه الحوت يقال له نجم وإنه لبث ثلاثا في جوفه وفي قوله فلولا أنه كان من
المسبحين قال : كان كثير الصلاة في الرخاء فنجا للبث في بطنه قال : لصار له بطن
الحوت قبرا إلى يوم يبعثون قال : إلى يوم القيامة
وفي قوله فنبذناه بالعراء قال : شط دجلة
ونينوى على شط دجلة مكث في بطنه أربعين يوما يتردد به في دجلة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما فنبذناه
بالعراء قال : ألقيناه بالساحل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن شهر بن حوشب رضي الله عنه قال : انطلق يونس عليه
السلام مغضبا فركب مع قوم في سفينة فوقفت السفينة لم تسر فساهمهم فتدلى في البحر
فجاء الحوت يبصبص بذنبه فنودي الحوت أنا لم نجعل يونس لك رزقا إنما جعلناك له حرزا
ومسجدا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه قال : لما ذهب
(7/127)
مغاضبا
فكان في بطن الحوت قال من بطن الحوت : إلهي من البيوت أخرجتني ومن رؤوس الجبال
أنزلتني وفي البلاد سيرتني وفي البحر قذفتني وفي بطن الحوت سجنتني فما تعرف مني
عملا صالحا تروح به عني
قالت الملائكة عليهم السلام : ربنا صوت معروف من مكان غربة ! فقال لهم الرب : ذاك
عبدي يونس قال الله فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون وكان
في بطن الحوت أربعين يوما فنبذه الله بالعراء وهو سقيم وأنبت عليه شجرة من يقطين
قال : اليقطين الدباء فاستظل بظلها وأكل من قرعها وشرب من أصلها ما شاء الله
ثم أن الله تعالى أيبسها وذهب ما كان فيها فحزن يونس عليه السلام فأوحى الله إليه
: حزنت على شجرة أنبتها ثم أيبستها ولم تحزن على قومك حين جاءهم العذاب فصرف عنهم
ثم ذهبت مغاضبا
وأخرج أحمد في الزهد وعبد بن حميد وأبو الشيخ عن حميد بن هلال قال : كان يونس عليه
السلام يدعو قومه فيأبون عليه فإذا خلا دعا الله لهم بالخير وقد بعثوا عليه عينا
فلما أعيوه دعا الله عليهم فأتاهم عينهم فقال : ما كنتم صانعين فاصنعوا فقد أتاكم
العذاب فقد دعا عليكم فانطلق ولا يشك أنه يسأتيهم العذاب فخرجوا قد ولهوا البهائم
عن أولادها فخرجوا تائبين فرحمهم الله تعالى وجاء يونس عليه السلام ينظر بأي شيء
أهلكها فإذا الأرض مسودة منهم بدون عذاب وذاك حين ذهب مغاضبا فركب مع قوم في سفينة
فجعلت السفينة لا تنفذ ولا ترجع فقال بعضهم لبعض ماذا إلا لذنب بعضكم ؟ فاقترعوا
أيكم نلقيه في الماء ونخلي وجهنا فاقترعوا فبقي سهم يونس عليه السلام في الشمال
فقالوا : لا نفتدي من أصحابنا بنبي الله فقال يونس عليه السلام : ما يراد غيري
فاقذفوني ولا تنكسوني ولكن صبوني على رجلي صبا ففعلوا وجاء الحوت شاحبا فاه
فالتقمه فاتبعه حوت أكبر من ذلك ليلتقمهما فسبقه فكان يونس في بطن الحوت حتى رق
العظم وذهب اللحم والبشر والشعر وكان سقيما فدعا بما دعا به فنبذ بالعراء وهو سقيم
فأنبت الله عليه شجرة من يقطين فكان فيها غذاه حتى اشتد العظم ونبت اللحم والشعر
والبشر فعاد كما كان فبعث الله عليها ريحا فيبست فبكى عليها فأوحى الله إليه يا
يونس أتبكي على شجرة جعل
(7/128)
الله
لك فيها غذاء ولا تبكي على قومك أن يهلكوا ؟ وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير
رضي الله عنه قال : لما بعث الله يونس عليه السلام إلى قومه يدعوهم إلى الله
وعبادته وأن يتركوا ما هم فيه أتاهم فدعاهم فأبوا عليه فرجع إلى ربه فقال : رب إن
قومي قد أبوا علي وكذبوني قال : فأرجع إليهم فإن هم آمنوا وصدقوا وإلا فأخبرهم إن
العذاب مصبحهم غدوة فأتاهم فدعاهم فأبوا عليه قال : فإن العذاب مصبحكم غدوة ثم
تولى عنهم فقال القوم بعضهم لبعض والله ما جربنا عليه من كذب منذ كان فينا فانظروا
صاحبكم فإن بات فيكم الليلة ولم يخرج من قريتكم ولم يبت فيها فاعلموا أن العذاب
مصبحكم حتى إذا كان في جوف الليل أخذ مخلاة فجعل فيها طعيما له ثم خرج فلما رأوه
فرقوا بين كل والدة وولدها من بهيمة أو إنسان ثم عجوا إلى الله مؤمنين ومصدقين
بيونس عليه السلام وبما جاء به فلما رأى الله ذلك منهم بعد ما كان قد غشيهم العذاب
كما يغشى القبر بالثوب كشفه عنهم ومكث ينظر ما أصابهم من العذاب فلما أصبح رأى
القوم يخرجون لم يصبهم شيء من العذاب قال : لا والله لا آتيهم وقد جربوا علي كذبة
فخرج فذهب مغاضبا لربه فوجد قوما يركبون في سفينة فركب معهم فلما جنحت بهم السفينة
تكفت ووقفت فقال القوم : إن فيكم لرجلا عظيم الذنب فاستهموا لا تغرقوا جميعا
فاستهم القوم فسهمهم يونس عليه السلام قال القوم : لا نلقي فيه نبي الله اختلطت
سهامكم فأعيدوها فأسهموا فسهمهم يونس فلما رأى يونس عليه السلام ذلك قال للقوم :
فألقوني لا تغرقوا جميعا فألقوه فوكل الله تعالى به حوتا فالتقمه لا يكسر له عظما
ولا يأكل له لحما فهبط به الحوت إلى أسفل البحر فلما جنه الليلنادى في الظلمات
ثلاث
ظلمة بطن الحوت وظلمة الليل وظلمة البحر أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من
الظالمين الأنبياء 87 فأوحى الله إلى الحوت : أن ألقيه في البر فارتفع الحوت
فألقاه في البر لا شعر له ولا جلد ولا ظفر فلما طلعت عليه الشمس أذاه حرها فدعا
الله فأنبتت عليه شجرة من يقطين وهي الدباء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : لما ألقي
(7/129)
يونس
عليه السلام في بطن الحوت طاف في البحور كلها سبعة أيام ثم انتهى به إلى شط دجلة
فقذفه على شط دجلة فأنبت الله عليه شجرة من يقطين قال من نبات البرية فأرسله إلى
مائة ألف أو يزيدون قال : يزيدون بسبعين ألفا وقد كان أظلهم العذاب ففرقوا بين كل
ذات رحم ورحمها من الناس والبهائم ثم عجوا إلى الله فصرف عنهم العذاب ومطرت السماء
دما
وأخرج عبد الرزاق وأحمد في الزهد وعبد بن حميد عن وهب قال : أمر الحوت أن لا يضره
ولا يكلمه
قال الله فلولا أنه كان من المسبحين قال : من العابدين قبل ذلك فذكر بعبادته فلما
خرج من البحر نام نومة فأنبت الله عليه شجرة من يقطين وهي الدباء فأظلته فبلغت في
يومها فرآها قد أظلته ورأى خضرتها فأعجبته ثم نام نومة فاستيقظ فإذا هي قد يبست
فجعل يحزن عليها فقيل أنت الذي لم تخلق ولم تسق ولم تنبت تحزن عليها
وأنا الذي خلقت مائة ألف من الناس أو يزيدون ثم رحمتهم فشق عليك
وأخرج ابن جرير من طريق ابن قسيط أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول : طرح
بالعراء فأنبت الله عليه يقطينة فقلنا يا أبا هريرة : ما اليقطينة ؟ قال : شجرة
الدباء
هيأ الله تعالى له أروية وحشية تأكل من خشاش الأرض فتفشخ عليه فترويه من لبنها كل
عشية وبكرة
حتى نبت وقال ابن أبي الصلت قبل الإسلام في ذلك بيتا من شعر : فأنبت يقطينا عليه
برحمة من الله لولا الله ألفى ضاحيا وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وأنبتنا عليه شجرة من يقطين قال : القرع
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن
مسعود رضي الله عنه في قوله شجرة من يقطين قال : القرع
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : كنا نحدث أنها الدباء
هذا القرع الذي رأيتم أنبتها الله عليه يأكل منها
(7/130)
وأخرج
عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله شجرة من يقطين قال : القرع
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة وسعيد بن جبير في قوله شجرة من يقطين قالا :
هي الدباء
وأخرج الديلمي عن الحسن بن علي رفعه " كلوا اليقطين فلو علم الله عز و جل
شجرة أخف منها لأنبتها على يونس عليه السلام وإذا اتخذ أحدكم مرقا فليكثر فيه من
الدباء فإنه يزيد في الدماغ وفي العقل "
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه قال : أنبت الله شجرة من يقطين وكان لا
يتناول منها ورقة فيأخذها إلا أروته لبنا
أو قال : يشرب منها ما شاء حتى نبت
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه وأنبتنا عليه شجرة من يقطين
قال : غير ذات أصل من الدباء أو غيره من شجرة ليس لها ساق
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما وأنبتنا عليه شجرة من يقطين قال :
كل شيء نبت ثم يموت من عامه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر من طريق سعيد بن جبير رضي الله عنه عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال : ما بال البطيخ من القرع هو كل شيء يذهب على وجه الأرض
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : كل
شجرة لا ساق لها فهي من اليقطين والذي يكون على وجه الأرض من البطيخ والقثاء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير رضي الله
عنه أنه سئل عن اليقطين أهو القرع ؟ قال : لا
ولكنها شجرة سماها الله اليقطين أظلته
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وأرسلناه
قبل أن يلتقمه الحوت
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن وقتادة في قوله وأرسلناه
قالا بعثه الله تعالى قبل أن يصيبه ما أصابه أرسل إلى أهل نينوى من أرض الموصل
(7/131)
وأخرج
أحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال
: إنما كانت رسالة يونس عليه السلام بعدما نبذه الحوت ثم تلا فنبذناه بالعراء إلى
قوله وأرسلناه إلى مائة ألف
وأخرج الترمذي وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي بن كعب رضي
الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قول الله وأرسلناه إلى مائة
ألف أو يزيدون قال : يزيدون عشرين ألفا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله أو
يزيدون قال : يزيدون ثلاثين ألفا
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في كتاب العقوبات وابن أبي حاتم عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله أو يزيدون قال : يزيدون بضعة وثلاثين ألفا
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله إلى مائة ألف أو يزيدون
قال : كانوا مائة ألف وبضعة وأربعين ألفا
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله مائة ألف أو يزيدون قال : يزيدون
بسبعين ألفا
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن نوف في قوله مائة ألف أو يزيدون قال : كانت
زيادتهم سبعين
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في
قوله فآمنوا فمتعناهم إلى حين قال : الموت
الآيات 149 - 160
(7/132)
أخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله
فاستفتهم قال : فسلهم يعني مشركي قريش ألربك البنات ولهم البنون قال : لأنهم قالوا
: لله البنات ولهم البنون وقالوا : إن الملائكة أناث فقال أم خلقنا الملائكة أناثا
وهم شاهدون كذلك إلا أنهم من أفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكاذبون اصطفى البنات
على البنين فكيف يجعل لكم البنين ولنفسه البنات ما لكم كيف تحكمون إن هذا لحكم
جائر أفلا تذكرون أم لكم سلطان مبين أي عذر مبين فائتوا بكتابكم أي بعذركم إن كنتم
صادقين وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا قال : زعم أعداء الله أنه تبارك وتعالى أنه هو
وإبليس اخوان
وأخرج آدم بن أبي إياس وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي
في شعب الإيمان عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا قال :
قال كفار قريش الملائكة بنات الله فقال لهم أبو بكر الصديق : فمن أمهاتهم ؟ فقالوا
: بنات سروات الجن
فقال الله ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون يقول : أنها ستحضر الحساب قال : والجنة
الملائكة
وأخرج جويبر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت هذه الآية في ثلاثة أحياء من
قريش
سليم وخزاعة وجهينة وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا قال : قالوا صاهر إلى كرام الجن
الآية
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا قال : قالوا
الملائكة بنات الله
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية رضي الله عنه في قوله وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا قال
: قالوا صاهر إلى كرام الجن
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه قال الجنة الملائكة
(7/133)
وأخرج
ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه
قال : إنهم سموا الجن لأنهم كانوا على الجنان والملائكة كلهم أجنة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه
في قوله ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون قال : في النار سبحان الله عما يصفون قال :
عما يكذبون إلا عباد الله المخلصين قال : هذه ثنيا الله من الجن والأنس
الآيات 161 - 163 أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما فإنكم يا معشر
المشركين وما تعبدون يعني الآلهة ما أنتم عليه بفاتنين بمصلين إلا من هو صال
الجحيم يقول : إلا من سبق في علمي أنه سيصلى الجحيم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم واللالكائي في السنة عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم يقول : لا تضلون أنتم ولا أضل
منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الجحيم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وما أنتم عليه بفاتنين قال :
بمضلين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه ما أنتم عليه بفاتنين قال :
بمضلين إلا من هو صال الجحيم إلا من قدر له أن يصلى الجحيم
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم التيمي وعمر بن عبد العزيز والضحاك
مثله
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال : لا يفتنون إلا من يصلى
الجحيم ولا يفتنون المؤمن ولا يسلطون عليه
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي في الأسماء والصفات عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه
قال : لو أراد الله أن لا يعصى ما خلق إبليس ثم قرأ ما أنتم عليه بفاتنين إلا من
هو صال الجحيم
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال : يا بني إبليس
(7/134)
أنكم
لن تقدروا أن تفتنوا أحدا من عبادي إلا من سيصلى الجحيم
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : لا
يفتنون إلا من هو صال الجحيم
الآيات 164 - 166 أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله وما منا إلا له مقام معلوم قال : الملائكة وإنا لنحن الصافون قال
الملائكة وإنا لنحن المسبحون قال : الملائكة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه
مثله
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال : ذاك قول جبريل عليه
السلام
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه وما منا إلا له مقام
معلوم قال : الملائكة
ما في السماء موضع إلا عليه ملك إما ساجدا أو قائما حتى تقوم الساعة
وأخرج محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ
وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ما في السماء موضع قدم إلا عليه ملك ساجدا أو قائم وذلك قول الملائكة عليهم
السلام وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون "
وأخرج محمد بن نصر وابن عساكر عن العلاء بن سعد رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال يوما لجلسائه : أطت السماء وحق لها أن تئط
ليس منها موضع قدم إلا عليه ملك راكع أو ساجد
ثم قرأ وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود رضي الله عنه
(7/135)
قال
: إن من السموات لسماء ما فيها موضع شبر إلا عليه جبهة ملك أو قدماه قائما أو
ساجدا
ثم قرأ وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون
قال : أطت السماء وما تلام أن تئط إن في السماء لسماء ما فيها موضع شبر إلا عليه
جبهة ملك أو قدماه
وأخرج الترمذي وحسنه وابن ماجة وابن مردويه عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " إني أرى ما لا ترون وأسمع ما لا تسمعون
إن السماء أطت وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك واضع جبهته ساجدا
لله "
وأخرج ابن مردويه عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال : كنا عند رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقال : " هل تسمعون ما أسمع ؟ قلنا يا رسول الله ما تسمع ؟ ! قال
: أسمع أطيط السماء وما تلام أن تئط
ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك راكع أو ساجد "
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : كانوا يصلون الرجال والنساء جميعا
حتى نزلت وما منا إلا له مقام معلوم فتقدم الرجال وتأخر النساء
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن مالك رضي الله عنه قال : كان الناس يصلون متبددين
فأنزل الله وإنا لنحن الصافون فأمرهم أن يصفوا
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه قال : حدثت أنهم
كانوا لا يصفون حتى نزلت وإنا لنحن الصافون
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن جريج عن الوليد بن عبد الله بن أبي مغيث رضي الله
عنه قال : كانوا لا يصفون في الصلاة حتى نزلت وإنا لنحن الصافون
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن الحسن رضي الله عنه قال : كانت أول صلاة صلاها رسول
الله صلى الله عليه و سلم الظهر
فأتاه جبريل عليه السلام فقال وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون فقام جبريل
عليه السلام بين يديه ورسول الله صلى الله عليه و سلم خلفه ثم صف النساء من خلفه
والنساء خلف الرجال فصلى بهم الظهر أربعا حتى إذا كان عند العصر قام جبريل عليه
السلام ففعل مثلها ثم جاءه حين غربت
(7/136)
الشمس
فصلى بهم ثلاثا يقرأ في الركعتين الأولتين يجهر فيهما ولم يسمع في الثالثة
حتى إذا كان عند العشاء وغاب الشفق جاء جبريل عليه السلام فصلى بالناس أربع ركعات
يجهر بالقراءة في ركعتين
حتى إذا أصبح ليلته
أتاه فصلى ركعتين يجهر فيهما ويطول القراءة "
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا قام إلى الصلاة قال : " استووا
تقدم يا فلان تأخر يا فلان أقيموا صفوفكم يريد الله بكم هدي الملائكة
ثم يتلو وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون "
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة عن جابر بن سمرة رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ألا تصفون كما تصف الملائكة
عند ربهم
قال : يقيمون الصفوف المقدمة ويتراصون في الصف "
وأخرج مسلم عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" فضلنا على الناس بثلاث
جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت لنا الأرض مسجدا وجعلت لنا تربتها طهورا إذا لم
نجد الماء "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " اعتدلوا في صفوفكم وتراصوا فإني أراكم من ورائي
قال أنس رضي الله عنه : لقد رأيت أحدنا يلزق منكبه بمنكب صاحبه وقدمه بقدمه "
وأخرج ابن أبي شيبة عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : لقد رأيت النبي صلى
الله عليه و سلم يقوم الصفوف كما تقوم القداح فأبصر يوما صدر رجل خارجا من الصف
فقال : " لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم "
وأخرج أحمد وابن أبي شيبة عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " أقيموا صفوفكم لا يتخللكم الشيطان كأولاد الحذف
قيل يا رسول الله وما أولاد الحذف ؟ قال : ضأن سود يكون بأرض اليمن "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه و
سلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول : " استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " أقيموا صفوفكم فإن من حسن الصلاة إقامة الصف "
(7/137)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : إن رسول الله صلى الله عليه
و سلم خطبنا فبين لنا سنتنا وعلمنا صلاتنا فقال : " إذا صليتم فأقيموا صفوفكم
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه
أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول : " إذا قمتم إلى الصلاة فأعدلوا
صفوفكم وسدوا الفرج فإني أراكم من وراء ظهري "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " من سد فرجة في صف رفعه الله بها درجة وبنى له بيتا في الجنة "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " سووا صفوفكم وأحسنوا ركوعكم وسجودكم "
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي رضي الله عنه قال : استووا تستوي قلوبكم وتراصوا ترحموا
وأخرج محمد بن نصر عن أبي صالح رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية إن ربك يعلم
أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل المزمل 20 إلى قوله علم أن لن تحصوه قال جبريل عليه
السلام : أشق ذلك عليكم ؟ قال : نعم
قال وما منا إلا له مقام معلوم وإنا لنحن الصافون وإنا لنحن المسبحون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله إنا
لنحن الصافون قال : صفوف في السماء وإنا لنحن المسبحون أي المصلون هذا قول
الملائكة يبينون مكانهم من العباد
الآيات 166 - 179
(7/138)
أخرج
ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله لو أن عندنا ذكرا من
الأولين
قال : لما جاء المشركين من أهل مكة ذكر الأولين وعلم الآخرين كفروا بالكتاب فسوف
يعلمون
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله وإن كانوا ليقولون
قال : قالت هذه الأمة ذلك قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه و سلم قول أهل الشرك من
أهل مكة فلما جاءهم ذكر الأولين وعلم الآخرين كفروا به
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله وإن
كانوا ليقولون قال : قالت هذه الأمة ذلك قبل أن يبعث محمد صلى الله عليه و سلم
فلما جاءهم محمد صلى الله عليه و سلم كفروا به فسوف يعلمون وفي قوله ولقد سبقت
كلمتنا
قال : كانت الأنبياء تقتل وهم منصورون والمؤمنون يقتلون وهم منصورون نصروا بالحجج
في الدنيا والآخرة ولم يقتل نبي قط ولا قوم يدعون إلى الحق من المؤمنين فتذهب تلك
الأمة والقرن حتى يبعث الله قرنا ينتصر بهم منهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله فتول
عنهم حتى حين قال : إلى الموت وأبصرهم فسوف يبصرون قال : أبصروا حين لم ينفعهم
البصر
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله فتول عنهم حتى حين قال : يوم
القيامة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله فتول عنهم حتى حين
قال : يوم القيامة
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله فتول عنهم حتى حين
قال : يوم بدر
وفي قوله فإذا نزل بساحتهم قال : بدارهم فساء صباح المنذرين قال : بئسما يصبحون
وأخرج جويبر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قالوا يا محمد أرنا العذاب الذي
تخوفنا به عجله لنا فنزلت أفبعذابنا يستعجلون
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أنس
(7/139)
رضي
الله عنه قال : " صبح رسول الله صلى الله عليه و سلم خيبر وقد خرجوا بالمساحي
فلما نظروا إليه قالوا : محمد والخميس
فقال : الله أكبر خربت خيبر إنا أنزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين فأصبنا حمرا
خارجة من القرية فطبخناها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ إن الله ورسوله
ينهاكم عن الحمر الأهلية فإنها رجس من عمل الشيطان "
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وتول عنهم حتى حين قال : قيل له
أعرض عنهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه في قوله وأبصر فسوف يبصرون قال :
يقول يوم القيامة ما صنعوا من أمر الله وكفرهم بالله ورسوله وكتابه قال أبصر
وأبصرهم واحد
الآيات 180 - 182 أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله سبحان ربك رب العزة قال : يسبح نفسه إذ كذب
عليه وقيل عليه البهتان عما يصفون قال : عما يكذبون وسلام على المرسلين قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إذا سلمتم علي فسلموا على المرسلين فإنما
أنا رسول من المرسلين "
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي العوام عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " إذا سلمتم علي فسلموا على المرسلين فإنما أنا
رسول من المرسلين قال أبو العوام رضي الله عنه : كان قتادة يذكر هذا الحديث إذا
تلا هذه الآية سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب
العالمين
وأخرج ابن سعد وابن مردويه من طريق سعيد عن قتادة عن أنس عن أبي طلحة
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إذا سلمتم على المرسلين فسلموا علي
فإنما أنا بشر من المرسلين "
(7/140)
وأخرج
الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنا نعرف انصراف رسول الله صلى الله
عليه و سلم من الصلاة بقوله سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين
والحمد لله رب العالمين
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو يعلى وابن مردويه عن أبي
سعيد عن رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أنه كان إذا أراد أن يسلم من
صلاته قال سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب
العالمين "
وأخرج الدارقطني في الأفراد عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
كان يقرأ هذه الآيات سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله
رب العالمين
وأخرج الخطيب عن أبي سعيد الخدري قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
" بعد أن يسلم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله
رب العالمين "
وأخرج الطبراني عن زيد بن أرقم عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " من
قال دبر كل صلاة سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب
العالمين ثلاث مرات فقد اكتال بالمكيال الأوفى من الأجر
وأخرج ابن أبي حاتم عن الشعبي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليقل آخر مجلسه حين يريد
أن يقوم سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
"
وأخرج البغوي في تفسيره من وجه آخر متصل عن علي موقوفا
وأخرج حميد بن زنجويه في ترغيبه من طريق الأصبغ بن نباتة عن علي بن أبي طالب رضي
الله عنه قال : من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى فليقرأ هذه الآية ثلاث مرات سبحان
ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين
(7/141)
بسم
الله الرحمن الرحيم 38
سورة ص
مكية وآياتها ثمان وثمانون
مقدمة سورة ص أخرج ابن الضريس والنحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن
عباس قال : نزلت سورة ص بمكة
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عباس قال : لما مرض أبو
طالب دخل عليه رهط من قريش فيهم أبو جهل فقالوا : إن ابن أخيك يشتم آلهتنا ويفعل
ويفعل
ويقول ويقول
فلو بعثت إليه فنهيته فبعث إليه فجاء النبي صلى الله عليه و سلم فدخل البيت وبينهم
وبين أبي طالب قدر مجلس فخشي أبو جهل أن جلس إلى أبي طالب أن يكون أرق عليه فوثب
فجلس في ذلك المجلس فلم يجد رسول الله صلى الله عليه و سلم مجلسا قرب عمه فجلس عند
الباب فقال له أبو طالب : أي ابن أخي ما بال قومك يشكونك يزعمون أنك تشتم آلهتهم
وتقول وتقول
قال وأكثروا عليه من القول وتكلم رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا عم إني
أريدهم على كلمة واحدة يقولونها تدين لهم بها العرب وتؤدي إليهم بها العجم الجزية
ففزعوا لكلمته ولقوله
فقال القوم : كلمة واحدة نعم وأبيك عشرا قالوا : فما هي ؟ قال : لا إله إلا الله
فقاموا فزعين ينفضون ثيابهم وهم يقولون أجعل الآلهة آلها واحدا إن هذا لشيء عجاب
فنزل فيهم ص والقرآن ذي الذكر بل الذين كفروا في عزة وشقاق إلى قوله بل لما يذوقوا
عذاب
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي
أن ناسا من قريش اجتمعوا فيهم أبو جهل بن هشام والعاصي بن وائل والأسود بن المطلب
بن عبد يغوث في نفر من مشيخة قريش
فقال بعضهم لبعض : انطلقوا بنا إلى أبي طالب نكلمه فيه فلينصفنا منه فليكف عن شتم
آلهتنا وندعه وإلهه الذي يعبد فإننا نخاف أن
(7/142)
يموت
هذا الشيخ فيكون منا شيء فتعيرنا العرب يقولون : تركوه حتى إذا مات عمه تناولوه
فبعثوا رجلا منهم يسمى المطلب فاستأذن لهم علي أبي طالب فقال : هؤلاء مشيخة قومك
وسرواتهم يستأذنون عليك قال : أدخلهم
فلما دخلوا عليه قالوا : يا أبا طالب أنت كبيرنا وسيدنا فأنصفنا من ابن أخيك فمره
فليكف عن شتم آلهتنا ونعده وإلهه فبعث إليه أبو طالب فلما دخل عليه رسول الله صلى
الله عليه و سلم قال : يا ابن أخي هؤلاء مشيخة قومك وسرواتهم قد سألوك النصف
أن تكف عن شتم آلهتهم ويدعوك وإلهك فقال : أي عم أولا أدعوهم إلى ما هو خير لهم
منها ؟ قال : وإلام تدعوهم ؟ ! قال : أدعوهم إلى أن يتكلموا بكلمة يدين لهم بها
العرب ويملكون بها العجم فقال أبو جهل من بين القوم : ما هي وأبيك لنعطينكها وعشر
أمثالها ؟ قال : تقول لا إله إلا الله
فنفروا وقالوا سلنا غير هذه قال : لو جئتموني بالشمس حتى تضعوها في يدي ما سألتكم
غيرها فغضبوا وقاموا من عنده غضابا وقالوا : والله لنشتمنك وإلهك الذي يأمرك بهذا
وانطلق الملأ منهم أن امشوا إلى قوله اختلاق
الآيات 1 - 3 أخرج عبد بن حميد عن أبي صالح قال : سئل جابر بن عبد الله وابن عباس
رضي الله عنهما عن ص فقالا : ما ندري ما هو
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله ص قال : حادث القرآن
وأخرج ابن جرير عن الحسن رضي الله عنه في قوله أنه كان يقرأ ص والقرآن بخفض الدال
وكان يجعلها من المصاداة يقول عارض القرآن قال عبد الوهاب : أعرضه على عملك فانظر
أين عملك من القرآن
وأخرج ابن مردويه عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ص يقول : إني أنا الله الصادق
(7/143)
وأخرج
ابن جرير عن الضحاك في قوله ص قال : صدق الله
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ص محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس ص والقرآن ذي الذكر قال : نزلت في مجالسهم
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ص والقرآن ذي الذكر قال : ذي الشرف
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن قتادة بل الذين كفروا في
عزة قال : ههنا وقع القسم في عزة وشقاق قال : في حمية وفراق
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله بل الذين كفروا في عزة
وشقاق قال : معازين شقاق قال : عاصين وفي قوله فنادوا ولات حين مناص قال : ما هذا
بحين فرار
وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم
وصححه عن التميمي قال : سألت ابن عباس رضي الله عنه عن قول الله فنادوا ولات حين
مناص قال : ليس بحين تزور ولا فرار
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنه أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله
ولات حين قال : ليس بحين فرار قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت الأعشى وهو يقول : تذكرت ليلى لات حين تذكر وقد تبت عنها والمناص بعيد
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما فنادوا ولات حين
مناص قال : نادوا والنداء حين لا ينفعهم وأنشد تذكرت
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي ظبيان عن ابن عباس ولات حين مناص قال : لا حين
فرار
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم من طريق علي بن طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما
ولات حين مناص قال : ليس بحين مغاث
(7/144)
وأخرج
عبد بن حميد عن سعيد بن جبير ولات حين مناص ليس بحين جزع
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه ولات حين مناص قال : وليس حين نداء
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي في قوله ولات حين مناص قال :
نادوا بالتوحيد والعقاب حين مضت الدنيا عنهم فاستناصوا التوبة حين زالت الدنيا
عنهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة فنادوا ولات حين مناص قال : نادى القوم على
غير حين نداء وأرادوا التوبة حين عاينوا عذاب الله فلم ينفعهم ولم يقبل منهم
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه ولات حين مناص قال : ليس حين
انقلاب
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن وهب بن منبه ولات حين مناص قال : إذا أراد
السرياني أن يقول وليس يقول ولات
الآيات 4 - 16
(7/145)
أخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وعجبوا أن جاءهم منذر منهم يعني محمدا صلى الله
عليه و سلم فقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل الآلهة إلها واحدا أن هذا لشيء عجاب
قال : عجب المشركون أن دعوا إلى الله وحده وقالوا : إنه لا يسمع حاجتنا جميعا إله
واحدا
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي مجلز قال : قال رجل يوم بدر ما هم إلا النساء
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " بل هم الملأ وتلا وانطلق الملأ منهم
"
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وانطلق الملأ منهم
قال : نزلت حين انطلق أشراف قريش إلى أبي طالب يكلموه في النبي صلى الله عليه و
سلم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما وانطلق الملأ منهم قال : أبو جهل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله وانطلق الملأ منهم أن
امشوا واصبروا قال : هو عقبة بن أبي معيط
وفي قوله ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة قال : النصرانية قالوا : لو كان هذا
القرآن حقا لأخبرتنا به النصارى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب ما سمعنا
بهذا في الملة الآخرة قال : ملة عيسى عليه السلام
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة قال :
النصرانية
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه ما
سمعنا بهذا في الملة الآخرة قال : النصرانية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله ما سمعنا بهذا في
الملة الآخرة أي في ديننا هذا ولا في زماننا هذا إن هذا إلا اختلاق قال : قالوا إن
هذا إلا شيء يخلقه
وفي قوله أم عندهم خزائن رحمة ربك العزيز الوهاب قال : لا والله ما عندهم منها شيء
ولكن الله يختص برحمته من يشاء أم لهم ملك السموات والأرض وما بينهما فليرتقوا في
الأسباب قال : في السماء
(7/146)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله فليرتقوا
في الأسباب قال : في السماء
وأخرج ابن جرير عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال الأسباب أدق من الشعر وأحد من
الحديد وهو بكل مكان غير أنه لا يرى
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله فليرتقوا في
الأسباب قال : طرق السماء أبوابها
وفي قوله جند ما هنالك قال : قريش من الأحزاب قال : القرون الماضية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب قال : وعده الله وهو بمكة أنه سيهزم له جند
المشركين فجاء تأويلها يوم بدر
وفي قوله وفرعون ذو الأوتاد قال : كانت له أوتاد وأرسان وملاعب يلعب له عليها
وفي قوله إن كل إلا كذب الرسل فحق عقاب قال : هؤلاء كلهم قد كذبوا الرسل فحق عليهم
عقاب وما ينظر هؤلاء يعني أمة محمد صلى الله عليه و سلم إلا صيحة واحدة يعني
الساعة ما لها من فواق يعني ما لها من رجوع ولا مثوبة ولا ارتداد وقالوا ربنا عجل
لنا قطنا أي نصيبنا حظنا من العذاب قبل يوم القيامة قد كان قال ذلك أبو جهل : اللهم
إن كان ما يقول محمد حقا فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم الأنفال
32
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ما لها من
فواق قال : رجوع وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قال : عذابنا
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ما
لها من فواق قال : من رجعة وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قال : سألوا الله أن يعجل لهم
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله تعالى عجل لنا قطنا قال : القط الجزاء
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت الأعشى وهو يقول : ولا الملك النعمان يوم لقيته بنعمة يعطيني القطوط
ويطلق
(7/147)
وأخرج
عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في قوله عجل لنا قطنا قال : عقوبتنا
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في قوله عجل لنا قطنا قال : كتابنا
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه عجل لنا قطنا قال : حظنا
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء رضي الله عنه في قوله وقالوا ربنا عجل لنا قطنا قال :
هو النضر بن الحرث بن علقمة بن كلدة أخو بني عبد الدار وهو الذي قال سأل سائل
بعذاب واقع المعارج 1 قال : سأل بعذاب هو واقع به فكان الذي سأل أن قال اللهم إن
كان هذا هو الحق من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم الأنفال
32 قال عطاء رضي الله عنه : لقد نزلت فيه بضع عشرة آية من كتاب الله
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق الزبير بن عدي عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عجل
لنا قطنا قال : نصيبنا من الجنة
الآية 17 أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله داود ذا الأيد قال :
القوة في العمل في طاعة الله تعالى
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله ذا الأيد قال :
القوة في العبادة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله واذكر عبدنا داود ذا
الأيد قال : أعطي قوة في العبادة وفقها في الإسلام
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه ذا الأيد قال : القوة في العبادة والبصر
في الهدى
(7/148)
وأخرج
البخاري في تاريخه عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : " كان النبي صلى الله
عليه و سلم إذا ذكر داود عليه السلام وحدث عنه قال : كان أعبد البشر "
وأخرج الديلمي عن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لا ينبغي لأحد أن يقول إني أعبد من داود "
وأخرج أحمد في الزهد عن ثابت رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يطيل الصلاة
من الليل فيركع الركعة ثم يرفع رأسه فينظر إلى أديم السماء ثم يقول : إليك رفعت
رأسي يا عامر السماء نظر العبيد إلى أربابها
وأخرج أحمد عن الحسن رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : إلهي أي رزق أطيب
؟ قال : ثمرة يدك يا داود
وأخرج أحمد عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يصنع القفة
من الخوص وهو على المنبر ثم يرسل بها إلى السوق فيبيعها ثم يأكل بثمنها
وأخرج أحمد عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام إذا قام
من الليل يقول : اللهم نامت العيون وغارت النجوم وأنت الحي القيوم الذي لا تأخذك
سنة ولا نوم
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأواب المسبح
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال : الأواب المسبح
وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن شرحبيل رضي الله عنه قال : الأواب المسبح بلغة
الحبشة
وأخرج الديلمي عن مجاهد رضي الله عنه قال : سألت النبي صلى الله عليه و سلم عنه
فقال " هو الرجل يذكر ذنوبه في الخلاء فيستغفر الله "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله إنه أواب قال : منيب
راجع عن الذنوب
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال : الأواب التائب الراجع
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه إنه أواب قال : كان مطيعا لربه كثير
الصلاة
(7/149)
وأخرج
عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأواب الموقن
الآية 18 أخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه إنا سخرنا الجبال معه يسبحن قال
: يسبحن معه إذا سبح بالعشي والإشراق قال : إذا أشرقت الشمس
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله عز و جل بالعشي والإشراق قال : إذا أشرقت الشمس وجبت الصلاة قال : وهل تعرف
العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت الأعشى وهو يقول : لم ينم ليلة التمام لكي يصيح حتى إضاءة الإشراق وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء الخراساني أن ابن عباس قال : لم يزل في نفسي من
صلاة الضحى شيء حتى قرأت هذه الآية سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان ابن عباس رضي الله عنهما لا
يصلي الضحى ويقول : أين هي في القرآن ؟ حتى قال بعد هي قول الله يسبحن بالعشي
والإشراق هي الإشراق فصلاها ابن عباس رضي الله عنهما بعد
وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لقد أتى علي زمان
وما أدري ما وجه هذه الآية يسبحن بالعشي والإشراق قال : رأيت الناس يصلون الضحى
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت أمر
بهذه الآية يسبحن بالعشي والإشراق فما أدري ما هي حتى حدثتني أم هانيء بنت أبي
طالب رضي الله عنها
ذكرت أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى يوم فتح مكة صلاة الضحى ثمان ركعات
فقال ابن عباس رضي الله عنهما : قد ظنت أن لهذه الساعة صلاة لقول الله تعالى يسبحن
بالعشي والإشراق
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الحارث قال : دخلت على أم هانيء رضي الله
(7/150)
عنها
فحدثتني : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى صلاة الضحى فخرجت فلقيت ابن عباس
رضي الله عنهما فقلت : انطلق إلى أم هانيء فدخلنا عليها فقلت : حدثني ابن عمك عن
صلاة النبي صلى الله عليه و سلم الضحى فحدثته فقال : تأول هذه الآية صلاة الإشراق
وهي صلاة الضحى
وأخرج ابن مردويه من طريق مجاهد عن سعيد عن أم هانىء بنت أبي طالب رضي الله عنها
قالت : " دخل علي رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم فتح مكة وقد علاه الغبار
فأمر بقصعة فإني أنظر إلى أثر العجين فسكبت فيها فأمر بثوب فيما بيني وبينه فاستتر
فقام فأفاض عليه الماء ثم قام فصلى الضحى ثمان ركعات قال مجاهد : فحدثت ابن عباس
رضي الله عنهما بهذا الحديث فقال : هي صلاة الإشراق "
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الحرث رضي الله عنه قال : سألت عن صلاة الضحى في
إمارة عثمان بن عفان وأصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم متوافرون فلم أجد أحدا
أثبت لي صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم إلا أم هانيء قالت : رأيت رسول الله
صلى الله عليه و سلم صلاها مرة واحدة ثمان ركعات يوم الفتح في ثوب واحد مخالفا بين
طرفيه لم أره صلاها قبلها ولا بعدها
فذكرت ذلك لابن عباس رضي الله عنهما فقال : إني كنت لأمر على هذه الأية يسبحن
بالعشي والإشراق فأقول أي صلاة صلاة الإشراق ؟ فهذه صلاة الإشراق
وأخرج ابن جرير والحاكم عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس رضي الله عنهما
كان لا يصلي الضحى حتى أدخلناه على أم هانيء فقلنا لها : أخبري ابن عباس رضي الله
عنهما بما أخبرتنا به
فقالت : دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم بيتي فصلى الضحى ثمان ركعات
فخرج ابن عباس رضي الله عنهما وهو يقول : لقد قرأت ما بين اللوحين فما عرفت صلاة
الإشراق إلا الساعة يسبحن بالعشي والإشراق
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : طلبت صلاة الضحى في القرآن
فوجدتها بالعشي والإشراق
وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه وابن مردويه والطبراني في الأوسط عن أبي
هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا يحافظ
على صلاة الضحى إلا أواب هي صلاة الأوابين "
(7/151)
وأخرج
الأصبهاني في الترغيب عن أنس رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقال : " يا أنس صل صلاة الضحى فإنها صلاة الأوابين "
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والطبراني عن زيد بن أرقم رضي الله عنه " أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم خرج على أهل قباء وهم يصلون الضحى
وفي لفظ وهم يصلون بعد طلوع الشمس فقال صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال "
وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " لا يحافظ على سبحة الضحى إلا أواب "
وأخرج الترمذي وابن ماجة عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من صلى الضحى اثنتي عشرة ركعة بنى له الله في الجنة قصرا من ذهب
"
وأخرج أبو نعيم عن أنس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " صل صلاة الضحى
فإنها صلاة الأوابين "
وأخرج حميد بن زنجويه في فضائل الأعمال والبيهقي في شعب الإيمان عن الحسن بن علي
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من صلى الفجر ثم جلس في مصلاه
يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى من الضحى ركعتين حرمه الله على النار أن تلفحه أو
تطعمه "
وأخرج حميد بن زنجويه والطبراني والبيهقي عن عتيبة بن عبد الله السلمي وأبي أمامة
الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " من صلى الصبح في مسجد
جماعة ثم ثبت فيه حتى يسبح تسبيحة الضحى كان له كأجر حاج أو معتمر قام له حجته
وعمرته "
وأخرج أبو داود والطبراني والبيهقي عن معاذ بن أنس الجهني أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال " من قعد في مصلاه حين ينصرف من صلاة الصبح حتى يصبح ركعتي
الضحى لا يقول إلا خيرا غفر له خطاياه وإن كانت أكثر من زبد البحر "
وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " من صلى الضحى ركعتين لم يكتب من الغافلين ومن صلى أربعا كتب من
العابدين ومن صلى ستا كفي ذلك اليوم ومن صلى ثمانيا كتب من القانتين ومن صلى اثنتي
عشرة بنى الله له بيتا في الجنة "
وأخرج حميد بن زنجويه والبزار والبيهقي عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال
(7/152)
رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " إن صليت الضحى ركعتين لم تكتب من الغافلين وإن
صليتها أربعا كنت من المحسنين وإن صليتها ستا كتبت من القانتين وإن صليتها ثمانيا
كتبت من الفائزين وإن صليتها عشرا لم يكتب لك ذلك اليوم ذنب وإن صليتها اثنتي عشرة
بنى الله لك بيتا في الجنة "
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وأحمد وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه و سلم قال : " من حافظ على سبحة الضحى غفر له ذنوبه وإن كانت
مثل زبد البحر "
الآيات 19 - 20 أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه
والطير محشورة قال : مسخرة له كل له أواب قال : مطيع وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة
أي السنة وفصل الخطاب قال : البينة على الطالب واليمين على المطلوب
وأخرج عبد بن حميد والحاكم عن مجاهد رضي الله عنه وشددنا ملكه قال : كان أشد ملوك
أهل الدنيا لله سلطانا وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب قال : ما قال من شيء أنفذه
وعدله في الحكم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ادعى
رجل من بني إسرائيل عند داود عليه السلام قتل ولده فسأل ما بين القوسين قتل ولده
فسأل زيادة اقتضاها اتمام المعنى الرجل على ذلك فجحده فسأل الآخر البينة فلم تكن
بينة فقال لهما داود عليه السلام : قوما حتى أنظر في أمركما فقاما من عنده فأتى
داود عليه السلام في منامه فقيل له : أقتل الرجل الذي استعدى فقال : إن هذه رؤيا
ولست أعجل حتى أثبت فأتي الليلة الثانية في منامه فقيل له : أقتل الرجل فلم يفعل
ثم أتي الليلة الثالثة فقيل له : أقتل الرجل أو تأتيك العقوبة من الله تعالى فأرسل
داود عليه السلام إلى الرجل فقال : إن الله أمرني أن أقتلك فقال : تقتلني بغير
بينة ولا
(7/153)
تثبت
قال : نعم
والله لأنفذن أمر الله فيك فقال له الرجل : لا تعجل علي حتى أخبرك
إني ما أخذت بهذا الذنب ولكني كنت اغتلت والد هذا فقتلته فبذلك أخذت فأمر به داود
عليه السلام فقتل فاشتدت هيبته في بني إسرائيل وشدد به ملكه
فهو قول الله تعالى وشددنا ملكه
وأخرج ابن جرير والحاكم عن السدي رضي الله عنه في قوله وشددنا ملكه قال : كان
يحرسه كل يوم وليلة أربعة آلاف وفي قوله وآتيناه الحكمة قال : النبوة وفصل الخطاب
قال : علم القضاء
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما وآتيناه الحكمة قال :
أعطي الفهم
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه وآتيناه
الحكمة قال : الصواب وفصل الخطاب قال : الإيمان والشهود
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه فصل الخطاب قال : اصابة القضاء
وفهمه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي عبد الرحمن رضي الله عنه وفصل
الخطاب قال : فصل القضاء
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه وفصل الخطاب قال : الفهم في
القضاء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن شريح رضي الله عنه وفصل الخطاب قال :
الشهود والإيمان
وأخرج البيهقي عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه
أن داود عليه السلام أمر بالقضاء فقطع به فأوحى الله تعالى إليه : أن استحلفهم
باسمي وسلهم البينات قال : فذلك وفصل الخطاب
وأخرج ابن جرير والبيهقي عن قتادة رضي الله عنه وفصل الخطاب قال : البينة على
المدعي واليمين على المدعى عليه
وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه في قوله وفصل الخطاب قال : هو قول الرجل :
أما بعد
(7/154)
وأخرج
ابن أبي حاتم والديلمي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : أول من قال "
أما بعد " داود عليه السلام وهو فصل الخطاب
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر عن الشعبي
رضي الله عنه أنه سمع زياد بن أبي سفيان رضي الله عنه يقول فصل الخطاب الذي أوتي
داود عليه السلام أما بعد
الآيات 21 - 24 أخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله
عنهما
أن داود عليه السلام حدث نفسه إن ابتلي أن يعتصم فقيل له إنك ستبتلى وستعلم اليوم
الذي تبتلى فيه فخذ حذرك فقيل له : هذا اليوم الذي تبتلى فيه فأخذ الزبور ودخل
المحراب وأغلق باب المحراب وأدخل الزبور في حجره وأقعد منصفا على الباب وقال لا
تأذن لأحد علي اليوم
فبينما هو يقرأ الزببور إذ جاء طائر مذهب كأحسن ما يكون للطير فيه من كل لون فجعل يدرج
بين يديه فدنا منه فأمكن أن يأخذه فتناوله بيده ليأخذه فطار فوقه على كوة المحراب
فدنا منه ليأخذه فطار فأشرف عليه لينظر أين وقع فإذا هو بامرأة عند بركتها تغتسل
من الحيض فلما رأت ظله حركت رأسها فغطت جسدها أجمع بشعرها وكان زوجها غازيا في
سبيل الله فكتب داود عليه السلام إلى رأس الغزاة
انظر فاجعله في حملة التابوت أما أن يفتح عليهم وإما أن
(7/155)
يقتلوا
فقدمه في حملة التابوت فقتل
فلما انقضت عدتها خطبها داود عليه السلام فاشترطت عليه إن ولدت غلاما أن يكون
الخليفة من بعده وأشهدت عليه خمسا من بني إسرائيل وكتبت عليه بذلك كتابا فأشعر
بنفسه أنه كتب حتى ولدت سليمان عليه الصلاة و السلام وشب فتسور عليه الملكان
المحراب فكان شأنهما ما قص الله تعالى في كتابه وخر داود عليه السلام ساجدا فغفر
الله له وتاب عليه
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما
أصابه القدر إلا من عجب عجب بنفسه
وذلك أنه قال يا رب ما من ساعة من ليل ونهار إلا وعابد من بني إسرائيل يعبدك يصلي
لك أو يسبح أو يكبر وذكر أشياء فكره الله ذلك فقال " يا داود إن ذلك لم يكن
إلا بي فلولا عوني ما قويت عليه
وجلالي لآكلك إلى نفسك يوما
قال : يا رب فأخبرني به فأصابته الفتنة ذلك اليوم
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير وابن أبي حاتم بسند ضعيف عن أنس
رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : إن داود عليه السلام حين
نظر إلى المرأة قطع على بني إسرائيل وأوصى صاحب الجيش فقال : إذا حضر العدو تضرب
فلانا بين يدي التابوت وكان التابوت في ذلك الزمان يستنصر به من قدم بين يدي
التابوت لم يرجع حتى يقتل أو ينهزم منه الجيش
فقتل وتزوج المرأة ونزل الملكان على داود عليه السلام فسجد فمكث أربعين ليلة ساجدا
حتى نبت الزرع من دموعه على رأسه فأكلت الأرض جبينه وهو يقول في سجوده : رب زل
داود زلة أبعد مما بين المشرق والمغرب
رب إن لم ترحم ضعف داود وتغفر ذنوبه جعلت ذنبه حديثا في المخلوق من بعده
فجاء جبريل عليه السلام من بعد أربعين ليلة فقال : يا داود إن الله قد غفر لك وقد
عرفت أن الله عدل لا يميل فكيف بفلان إذا جاء يوم القيامة فقال : يا رب دمي الذي
عند داود ؟ قال جبريل : ما سألت ربك عن ذلك فإن شئت لأفعلن فقال : نعم
ففرح جبريل وسجد داود عليه السلام فمكث ما شاء الله ثم نزل فقال : قد سألت
(7/156)
الله
يا داود عن الذي أرسلتني فيه
فقال : قل لداود إن الله يجمعكما يوم القيامة فيقول " هب لي دمك الذي عند
داود فيقول : هو لك يا رب فيقول : فإن لك في الجنة ما شئت وما اشتهيت عوضا "
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه قال : لما أصاب داود
عليه السلام الخطيئة وإنما كانت خطيئته أنه لما أبصرها أمر بها فعزلها فلم يقربها
فأتاه الخصمان فتسورا في المحراب فلما أبصرهما قام إليهما فقال : أخرجا عني ما جاء
بكما إلي فقالا : إنما نكلمك بكلام يسير إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة وأنا لي
نعجة واحدة وهو يريد أن يأخذها مني فقال داود عليه السلام : والله أنا أحق أن ينشر
منه من لدن هذه إلى هذه
يعني من أنفه إلى صدره فقال رجل : هذا داود فعله فعرف داود عليه السلام أنما عني
بذلك وعرف ذنبه فخر ساجدا لله عز و جل أربعين يوما وأربعين ليلة وكانت خطيئته
مكتوبة في يده ينظر إليها لكي لا يغفل حتى نبت البقل حوله من دموعه ما غطى رأسه
فنودي أجائع فتطعم أم عار فتكسى أم مظلوم فتنصر قال : فنحب نحبة هاج ما يليه من
البقل حين لم يذكر ذنبه فعند ذلك غفر له فإذا كان يوم القيامة قال له ربه : "
كن أمامي فيقول أي رب ذنبي ذنبي
فيقول الله : كن خلفي فيقول له : خذ بقدمي فيأخذ بقدمه "
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا
المحراب قال : إن داود عليه السلام قال : يا رب قد أعطيت إبراهيم وإسحق ويعقوب من
الذكر ما لو وددت أنك أعطيتني مثله
قال الله عز و جل " إني ابتليتهم بما لم أبتلك به فإن شئت ابتليتك بمثل ما
ابتليتهم به وأعطيتك كما أعطيتهم " قال : نعم
قال له : فاعمل حتى أرى بلاءك
فكان ما شاء الله أن يكون وطال ذلك عليه فكاد أن ينساه فبينما هو في محرابه إذ
وقعت عليه حمامة فأراد أن يأخذها فطارت على كوة المحراب فذهب ليأخذها فطارت فاطلع
من الكوة فرأى امرأة تغتسل فنزل من المحراب فذهب ليأخذها فأرسل إليها فجاءته
فسألها عن زوجها وعن شأنها فأخبرته أن زوجها غائب فكتب إلى أمير تلك السرية أن
يؤمره على السرايا ليهلك زوجها
(7/157)
ففعل
فكان يصاب أصحابه وينجو وربما نصروا
وإن الله عز و جل لما رأى الذي وقع فيه داود عليه السلام أراد أن ينفذ أمره فبينما
داود عليه السلام ذات يوم في محرابه إذ تسور عليه الملكان من قبل وجهه فلما رأهما
وهو يقرأ فزع وسكت وقال : لقد استضعفت في ملكي حتى أن الناس يتسورون على محرابي
فقالا له لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض ولم يكن لنا بد من أن نأتيك فاسمع منا
فقال أحدهما إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها يريد أن
يتم مائة ويتركني ليس لي شيء وعزني في الخطاب قال : إن دعوت ودعا كان أكثر مني وإن
بطشت وبطش كان أشد مني
فذلك قوله وعزني في الخطاب قال له داود عليه السلام : أنت كنت أحوج إلى نعجتك منه
لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه إلى قوله وقليل ما هم ونسي نفسه صلى الله عليه و
سلم فنظر الملكان أحدهما إلى الآخر حين قال فتبسم أحدهما إلى الآخر فرآه داود عليه
السلام فظن إنما فتن فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب أربعين ليلة حتى نبتت الخضرة من
دموع عينيه ثم شدد الله ملكه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه أن داود عليه
السلام جزأ الدهر أربعة أجزاء
يوما لنسائه ويوما للعبادة ويوما للقضاء بين بني إسرائيل ويوما لبني إسرائيل
ذكروا فقالوا : هل يأتي على الإنسان يوم لا يصيب فيه ذنبا ؟ فأضمر داود عليه
السلام في نفسه أنه سيطيق ذلك فلما كان في يوم عبادته غلق أبوابه وأمر أن لا يدخل
عليه أحد وأكب على التوراة
فبينما هو يقرأوها إذ حمامة من ذهب فيها من كل لون حسن قد وقعت بين يديه فأهوى
إليها ليأخذها فطارت فوقعت غير بعيد من غير مرتبتها فما زال يتبعها حتى أشرف على
امرأة تغتسل فأعجبه حسنها وخلقها فلما رأت ظله في الأرض جللت نفسها بشعرها فزاد
ذلك أيضا بها اعجابا وكان قد بعث زوجها على بعض بعوثه فكتب إليه أن يسير إلى مكان
كذا وكذا
مكان إذا سار إليه قتل ولم يرجع ففعل فأصيب فخطبها داود عليه السلام
فتزوجها
فبينما هو في المحراب إذ تسور الملكان عليه وكان الخصمان إنما يأتونه من باب
المحراب ففزع منهم حين تسوروا المحراب فقالوا : لا تخف خصمان بغى بعضنا على
(7/158)
بعض
فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط أي لا تمل واهدنا إلى سواء الصراط أي أعدله وخيره إن
هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة يعني تسعا وتسعين امرأة لداود وللرجل
نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب أي قهرني وظلمني قال لقد ظلمك بسؤال
نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا
الصالحات وقليل ما هم وظن داود أنما فتتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب قال : سجد
أربعين ليلة حتى أوحى الله إليه : إني قد غفرت لك
قال : رب كيف تغفر لي وأنت حكم عدل لا تظلم أحدا ؟ قال " إني أقضيك له ثم
استوهبه دمك ثم أثيبه من الجنة حتى يرضى " قال : الآن طابت نفسي وعلمت أن قد
غفرت لي
قال الله تعالى فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي عمران الجوني رضي الله عنه في قوله وهل أتاك نبأ الخصم
فجلسا فقال لهما قضاء فقال أحدهما إلى الآخر أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة
واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب فعجب داود عليه السلام وقال لقد ظلمك بسؤال
نعجتك إلى نعاجه فأغلظ له أحدهما وارتفع
فعرف داود إنما ذلك بذنبه فسجد فكان أربعين يوما وليلة لا يرفع رأسه إلا إلى صلاة
الفريضة حتى يبست وقرحت جبهته وقرحت كفاه وركبتاه فأتاه ملك فقال : يا داود إني
رسول ربك إليك وإنه يقول لك ارفع رأسك فقد غفرت لك فقال : يا رب كيف وأنت حكم عدل
كيف تغفر لي ظلامة الرجل ؟ فترك ما شاء الله ثم أتاه ملك آخر فقال : يا داود إني
رسول ربك إليك وإنه يقول لك إنك تأتيني يوم القيامة وابن صوريا تختصمان إلي فأقضي
له عليك ثم أسألها إياه فيهبها لي ثم أعطيه من الجنة حتى يرضى
وأخرج ابن جرير والحاكم عن السدي قال : إن داود عليه السلام قد قسم الدهر ثلاثة
أيام
يوما يقضي فيه بين الناس ويوما يخلو فيه لعبادة ربه ويوما يخلو فيه بنسائه وكان له
تسع وتسعون امرأة وكان فيما يقرأ من الكتب قال : يا رب أرى الخير قد ذهب به آبائي
الذين كانوا قبلي
فأعطني مثل ما أعطيتهم وافعل بي مثل ما فعلت بهم
فأوحى الله إليه " إن آباءك قد ابتلوا ببلايا لم تبتل بها
ابتلي
(7/159)
إبراهيم
بذبح ولده وابتلي إسحق بذهاب بصره وابتلي يعقوب بحزنه على يوسف وإنك لم تبتل بشيء
من ذلك
قال : رب ابتلني بما ابتليتهم به وأعطني مثل ما أعطيتهم فأوحى الله إليه : إنك
مبتلى فاحترس
فمكث بعد ذلك ما شاء الله تعالى أن يمكث إذ جاءه الشيطان قد تمثل في صورة حمامة
حتى وقع عند رجليه وهو قائم يصلي فمد يده ليأخذه فتنحى فتبعه فتباعد حتى وقع في
كوة فذهب ليأخذه فطار من الكوة فنظر أين يقع فبعث في أثره فأبصر امرأة تغتسل على
سطح لها فرأى امرأة من أجمل الناس خلقا فحانت منها التفاتة فأبصرته فالتفت بشعرها
فاستترت به فزاده ذلك فيها رغبة فسأل عنها فأخبر أن لها زوجا غائبا بمسلحة كذا
وكذا
فبعث إلى صاحب المسلحة يأمره
أن يبعث إلى عدو كذا وكذا
فبعثه ففتح له أيضا فكتب إلى داود عليه السلام بذلك فكتب إليه أن ابعثه إلى عدو
كذا وكذا
فبعثه فقتل في المرة الثالثة وتزوج امرأته
فلما دخلت عليه لم يلبث إلا يسيرا حتى بعث الله له ملكين في صورة أنسيين فطلبا أن
يدخلا عليه فتسورا عليه الحراب فما شعر وهو يصلي إذ هما بين يديه جالسين ففزع
منهما فقالا لا تخف إنما نحن خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط
يقول : لا تخف واهدنا إلى سواء الصراط إلى عدل القضاء فقال : قصا علي قصتكما فقال
أحدهما إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة قال الآخر : وأنا أريد أن
آخذها فأكمل بها نعاجي مائة قال وهو كاره قال إذا لا ندعك وذاك قال : يا أخي أنت
على ذلك بقادر قال : فإن ذهبت تروم ذلك ضربنا منك هذا وهذا
يعني طرف الأنف والجبهة
قال : يا داود أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا
حيث لك تسع وتسعون امرأة ولم يكن لاوريا إلا امرأة واحدة فلم تزل تعرضه للقتل حتى
قتلته
وتزوجت امرأته فنظر فلم ير شيئا فعرف ما قد وقع فيه وما قد ابتلي به فخر ساجدا
فبكى فمكث يبكي أربعين يوما لا يرفع رأسه إلا لحاجة ثم يقع ساجدا يبكي ثم يدعو حتى
نبت العشب من دموع عينيه فأوحى الله إليه بعد أربعين يوما " يا داود ارفع
رأسك قد غفر لك قال : يا رب كيف أعلم أنك قد غفرت
(7/160)
لي
وأنت حكم عدل لا تحيف في القضاء ؟ إذا جاء يوم القيامة أخذ رأسه بيمينه أو بشماله
تشخب أوداجه دما في يقول : يا رب سل هذا فيم قتلني فأوحى الله إليه إذا كان ذلك
دعوت أوريا فأستوهبك منه فيهبك لي فأثيبه بذلك الجنة " قال : رب الآن علمت
أنك غفرت لي فما استطاع أن يملاء عينيه من السماء حياء من ربه حتى قبض صلى الله
عليه و سلم
وأخرج ابن المنذر عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه
نحوه
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله إذ تسوروا المحراب قال : المسجد
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر عن أبي الأحوص قال : دخل الخصمان على
داود عليه السلام وكل واحد منهما آخذ برأس صاحبه
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ففزع منهم قال : كان الخصوم يدخلون من الباب
ففزع من تسورهما
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ولا تشطط أي لا تمل
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله إن هذا أخي قال : على ديني
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأحمد في الزهد وابن جرير والطبراني عن ابن مسعود رضي
الله عنه قال : ما زاد داود عليه السلام على أن قال أكفلنيها
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله فقال أكفلنيها قال : فما زاد داود عليه السلام على أن قال : تحول لي عنها
وأخرج ابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ما زاد داود عليه السلام على أن
قال : انزل لي عنها
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله أكفلنيها قال : أعطنيها طلقها لي
أنكحها وخل سبيلها وعزني في الخطاب قال : قهرني ذلك العز الكلام والخطاب
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله أكفلنيها قال :
(7/161)
أعطنيها
وعزني في الخطاب قال : إذا تكلم كان أبلغ مني وإذا دعا كان أكثر قال أحد الملكين :
ما جزاؤه ؟ قال : يضرب ههنا وههنا وههنا
ووضع يده على جبهته ثم على أنفه ثم تحت الأنف قال : ترى ذلك جزاءه
فلم يزل يردد ذلك عليه حتى علم أنه ملك وخرج الملك فخر داود ساجدا قال : ذكر أنه
لم يرفع رأسه أربعين صباحا يبكي حتى أعشب الدموع ما حول رأسه حتى إذا مضى أربعون
صباحا زفر زفرة هاج ما حول رأسه من ذلك العشب
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
وقليل ما هم يقول : قليل الذين هم فيه
وفي قوله إنما فتناه قال : اختبرناه
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه وظن داود قال : علم داود
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه وظن داود أنما فتناه قال : ظن إنما ابتلي
بذلك
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : إنما كان
فتنة داود عليه السلام النظر
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله وخر راكعا قال : ساجدا
وأخرج عبد بن حميد عن كعب رضي الله عنه قال : سجد داود نبي الله أربعين يوما
وأربعين ليلة لا يرفع رأسه حتى رقأ دمعه ويبس وكان من آخر دعائه وهو ساجد أن قال :
يا رب رزقتني العافية فسألتك البلاء فلما ابتليتني لم أصبر فإن تعذبني فأنا أهل
ذاك وإن تغفر لي فأنت أهل ذاك
قال : وإذا جبريل عليه السلام قائم على رأسه قال : يا داود إن الله قد غفر لك
فارفع رأسك فلم يلتفت إليه وناجى ربه وهو ساجد فقال : يا رب كيف تغفر لي وأنت
الحكم العدل ؟ قال " إذا كان يوم القيامة دفعتك إلى أوريا ثم استوهبك منه
فيهبك لي وأثيبه الجنة قال : يا رب الآن علمت أنك قد غفرت لي فذهب يرفع رأسه فإذا
هو يابس لا يستطيع فمسحه جبريل عليه السلام ببعض ريشه فانبسط فأوحى الله تعالى
إليه بعد ذلك : يا داود قد أحللت لك امرأة أوريا فتزوجها فولدت له سليمان عليه
(7/162)
الصلاة
والسلام
لم تلد قبله ولا بعده قال كعب رضي الله عنه : فو الله لقد كان داود بعد ذلك يظل
صائما اليوم الحار فيقرب الشراب إلى فيه فيذكر خطيئته فينزل دمعه في الشراب حتى
يفيضه ثم يرده ولا يشربه
وأخرج أحمد وعبد بن حميد عن يونس بن خباب رضي الله عنه أن داود عليه السلام بكى
أربعين ليلة حتى نبت العشب حوله من دموعه ثم قال : يا رب قرح الجبين ورقا الدمع
وخطيئتي علي كما هي فنودي : أن يا داود أجائع فتطعم أم ظمآن فتسقى أم مظلوم فتنصر
فنحب نحبة هاج ما هنالك من الخضرة فغفر له عند ذلك
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عبيد بن عمير الليثي رضي الله عنه
أن داود عليه السلام سجد حتى نبت ما حوله خضرا من دموعه فأوحى الله إليه : أن يا
داود سجدت أتريد أن أزيدك في ملكك وولدك وعمرك ؟ فقال : يا رب أبهذا ترد علي ؟
أريد أن تغفر لي
وأخرج أحمد في الزهد والحكيم الترمذي عن الأوزاعي قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " مثل عيني داود كالقربتين ينطفان ماء ولقد خددت الدموع في وجهه
خديد الماء في الأرض "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد من طريق عطاء بن السائب عن أبي عبد الله
الجدلي قال : ما رفع داود عليه السلام رأسه إلى السماء بعد الخطيئة حتى مات
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد عن صفوان بن محرز قال : كان لداود عليه
السلام يوم يتأوه فيه يقول : أوه من عذاب الله أوه من عذاب الله أوه من عذاب الله
قيل لا أوه
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
لما أوحى الله إلى داود عليه السلام : ارفع رأسك فقد غفرت لك فقال : يا رب كيف
تكون هذه المغفرة وأنت قضاء بالحق ولست بظلام للعبيد ؟ ورجل ظلمته غصبته قتلته
فأوحى الله تعالى إليه : بلى يا داود إنكما تجتمعان عندي فأقضي له عليك فإذا برز
الحق عليك أستوهبك منه فوهبك لي وأرضيته من قبلي وأدخلته الجنة فرفع
(7/163)
داود
رأسه وطابت نفسه وقال : نعم
يا رب هكذا تكون المغفرة "
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير عن مجاهد قال : لما أصاب داود
الخطيئة خر ساجدا أربعين ليلة حتى نبت من دموع عينيه من البقل ما غطى رأسه ثم نادى
رب قرح الجبين وجمدت العين وداود لم يرجع إليه في خطيئته شيء
فنودي أجائع فتطعم ؟ أم مريض فتشفى ؟ أم مظلوم فتنصر ؟ فنحب نحبا هاج منه نبت
الوادي كله فعند ذلك غفر له وكان يؤتى بالإناء فيشرب فيذكر خطيئته فينتحب فتكاد
مفاصله تزول بعضها من بعض فما يشرب بعض الإناء حتى يمتلىء من دموعه وكان يقال دمعة
داود عليه السلام تعدل دمعة الخلائق ودمعة آدم عليه السلام تعدل دمعة داود ودمعة
الخلائق فيجيء يوم القيامة مكتوبة بكفه يقرأها يقول : ذنبي ذنبي
فيقول رب قدمني فيتقدم فلا يأمن ويتأخر فلا يأمن حتى يقول تبارك وتعالى : خذ بقدمي
وأخرج أحمد في الزهد عن علقمة بن يزيد قال : لو عدل بكاء أهل الأرض ببكاء داود ما
عدله ولو عدل بكاء داود وبكاء أهل الأرض ببكاء آدم عليه السلام حين أهبط إلى الأرض
ما عدله
وأخرج أحمد عن إسمعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر
أن داود عليه السلام كان يعاتب في كثرة البكاء فيقول : ذروني أبكي قبل يوم البكاء
قبل تحريق العظام واشتعال اللحى وقبل أن يؤمر بي ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله
ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون التحريم 6
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي وابن جرير عن عطاء الخراساني أن داود عليه السلام نقش
خطيئته في كفه لكيلا ينساها وكان إذا رآها اضطربت يداه
وأخرج عن مجاهد قال : يحشر داود عليه السلام وخطيئته منقوشة في كفه
وأخرج أحمد عن عثمان بن أبي العاتكة قال : كان من دعاء داود عليه السلام
سبحانك إلهي إذا ذكرت خطيئتي ضاقت علي الأرض برحبها وإذا ذكرت رحمتك ارتدت إلي
روحي سبحانك إلهي ! فكلهم رآني ما بين قوسين زيادة اقتضاها أتمام المعنى فأثبتها
المصحح عليل بذنبي
(7/164)
وأخرج
أحمد عن ثابت قال : اتخذ داود عليه السلام سبع حشايا من سعد وحشاهن من الرماد ثم
بكى حتى أنفذها دموعا ولم يشرب شرابا إلا مزجه بدموع عينيه
وأخرج أحمد عن وهب بن منبه قال : بكى داود عليه السلام حتى خددت الدموع في وجهه
واعتزل النساء وبكى حتى رعش
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال : إذا خرج داود عليه السلام من قبره فرأى الأرض
نارا وضع يده على رأسه وقال : خطيئتي اليوم موبقتي
وأخرج عن عبد الرحمن بن جبير
أن داود عليه السلام كان يقول : اللهم ما كتبت في هذا اليوم من مصيبة فخلصني منها
ثلاث مرات وما أنزلت في هذا اليوم من خير فائتني منه نصيبا ثلاث مرات وإذا أمسى
قال مثل ذلك فلم ير بعد ذلك مكروها
وأخرج أحمد عن معمر
أن داود عليه السلام لما أصاب الذنب قال : رب كنت أبغض الخطائين فأنا اليوم أحب أن
تغفر لهم
وأخرج عبد الله ابنه والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن سعيد بن أبي هلال
أن داود عليه السلام كان يعوده الناس وما يظنون إلا أنه مريض وما به إلا شدة الفرق
من الله سبحانه وتعالى
وأخرج ابن أبي شيبه عن كعب قال : كان داود عليه السلام إذا أفطر استقبل القبلة
وقال : اللهم خلصني من كل مصيبة نزلت من السماء ثلاثا وإذا طلع حاجب الشمس قال :
اللهم اجعل لي سهما في كل حسنة نزلت الليلة من السماء إلى الأرض ثلاثا
وأخرج أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن مردويه والبيهقي في سننه عن
ابن عباس أنه قال : في السجود في ص ليست من عزائم السجود وقد رأيت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يسجد فيها
وأخرج النسائي وابن مردويه بسند جيد عن ابن عباسط " أن النبي صلى الله عليه و
سلم سجد في ص وقال : سجدها داود ونسجدها شكرا "
وأخرج ابن أبي شيبه والبخاري عن العوام قال : سألت مجاهدا عن سجدة " ص "
فقال : سألت ابن عباس من أين سجدت ؟ فقال : أو ما تقرأ ومن ذريته
(7/165)
داود
وسليمان الأنعام 84 إلى قوله أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده فكان داود ممن
أمر نبيكم صلى الله عليه و سلم أن يقتدى به فسجد بها داود عليه السلام فسجدها رسول
الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم لا
يسجد في " ص " حتى نزلت أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده الأنعام 90
فسجد فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم "
وأخرج الترمذي وابن ماجة والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل
عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله أني
رأيت في هذه الليلة فيما يرى النائم كأني أصلي عند شجرة وكأني قرأت سورة السجدة
فسجدت فرأيت الشجرة سجدت بسجودي وكأني أسمعها وهي تقول اللهم اكتب لي بها عندك
ذكرا وضع عني بها وزرا واجعلها إلي عندك ذخرا وأعظم بها أجرا وتقبل مني كما تقبلت
من عبدك داود
قال ابن عباس فقرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم السجدة فسمعته يقول في سجوده كما
أخبر الرجل عن قول الشجرة
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سجد في " ص "
وأخرج ابن مردويه عن السائب بن يزيد قال : صليت خلف عمر الفجر فقرأ بنا سورة
" ص " فسجد فيها فلما قضى الصلاة قال له رجل : يا أمير المؤمنين ومن
عزائم السجود هذه ؟ فقال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يسجد فيها
وأخرج ابن مردويه عن أنس
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم سجد في " ص "
وأخرج الدارمي وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والحاكم وصححه وابن
مردويه والبيهقي في سننه عن أبي سعيد الخدري قال : " قرأ رسول الله صلى الله
عليه و سلم وهو على المنبر " ص " فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس
معه فلما كان آخر يوم قرأها فلما بلغ السجدة تهيأ الناس للسجود فقال : إنما هي
توبة نبي ولكني رأيتكم تهيأتم للسجود فنزل فسجد "
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبه عن سعيد بن جبير " أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قرأ سورة " ص " وهوعلى المنبر فلما أتى على السجدة قرأها ثم
نزل فسجد "
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبه عن سعيد بن جبير
أن عمر بن الخطاب كان يسجد في " ص "
(7/166)
وأخرج
ابن أبي شيبه عن ابن عمر قال : في " ص " سجدة
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبه والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن مسعود
أنه كان لا يسجد في " ص " ويقول : إنما هي توبة نبي ذكرت
وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي العالية قال : كان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم
يسجد في " ص " وبعضهم لا يسجد فأي ذلك شئت فافعل
وأخرج ابن أبي شيبه عن أبي مريم قال : لما قدم عمر الشام أتى محراب داود عليه
السلام فصلى فيه فقرأ سورة " ص " فلما انتهى إلى السجدة سجد
وأخرج أحمد والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي سعيد
أنه رأى رؤيا أنه يكتب " ص " فلما أنتهى إلى التي يسجد بها رأى الدواة
والقلم وكل شيء بحضرته انقلب ساجدا فقصها على النبي صلى الله عليه و سلم فلم يزل
يسجد بها بعد
وأخرج أبو يعلى عن أبي سعيد قال : رأيت فيما يرى النائم كأني تحت شجرة وكأن الشجرة
تقرأ " ص " فلما أتت على السجدة سجدت فقالت في سجودها : اللهم اغفر بها
اللهم حط عني بها وزرا واحدث لي بها شكرا وتقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود
سجدته فغدوت على رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرته فقال " سجدت أنت يا
أبا سعيد ؟ فقلت : لا فقال
أنت أحق بالسجود من الشجرة ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم " ص "
ثم أتى على السجدة وقال في سجوده ما قالت الشجرة في سجودها "
وأخرج الطبراني والخطيب عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم قال "
السجدة التي في " ص " سجدها داود توبة ونحن نسجدها شكرا "
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : دخلت على النبي صلى الله عليه و سلم في سفره وهو
يقرأ " ص " فسجد فيها
آية 25 أخرج أحمد في الزهد والحكيم الترمذي وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مالك
(7/167)
بن
دينار في قوله وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب قال : مقام داود عليه السلام يوم
القيامة عند ساق العرش ثم يقول الرب جل وعلا " يا داود مجدني اليوم بذلك
الصوت الحسن الرخيم الذي كنت تمجدني به في الدنيا فيقول : يا رب كيف وقد سلبته ؟
فيقول : إني راده عليك اليوم فيندفع بصوت يستفز نعيم أهل الجنة "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن محمد بن كعب أنه قال وإن له عندنا لزلفى أول
الكائن يوم القيامة داود
وابنه عليهما السلام
وأخرج عبد بن حميد عن السدي بن يحيى قال : حدثني أبو حفص رجل قد أدرك عمر بن
الخطاب أن الناس يصيبهم يوم القيامة عطش وحر شديد فينادي المنادي داود فيسقي على
رؤوس العالمين فهو الذي ذكر الله وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب
وأخرج ابن مردويه عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه و سلم " إنه ذكر
يوم القيامة فعظم شأنه
وشدته قال : ويقول الرحمن لداود عليه السلام مر بين يدي فيقول داود : يا رب أخاف
أن تدحضني خطيئتي
فيقول خذ بقدومي فيأخذ بقدمه عز و جل فيمر قال فتلك الزلفى التي قال الله وإن له
عندنا لزلفى وحسن مآب "
وأخرج عبد بن حميد عن عبيد بن عمير رضي الله عنه وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب قال
: يدنو حتى يضع يده عليه
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه فغفرنا له ذلك الذنب وإن له عندنا لزلفى
وحسن مآب قال حسن المنقلب
وأخرج الحكيم الترمذي عن مجاهد رضي الله عنه قال : يبعث داود عليه السلام يوم
القيامة وخطيئته في كفه فإذا رآها يوم القيامة لم يجد منها مخرجا إلا أن يلجأ إلى
رحمة الله تعالى ثم يرى فيقلق
فيقال له : ههنا
فذلك قوله وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب
(7/168)
من
الآيات 26 - 27 أخرج الثعلبي من طريق العوام بن حوشب قال : حدثني رجل من قومي شهد
عمر رضي الله عنه أنه سأل طلحة والزبير وكعبا وسلمان ما الخليفة من الملك قال طلحة
والزبير : ما ندري ! فقال سلمان رضي الله عنه : الخليفة الذي يعدل في الرعية ويقسم
بينهم بالسوية ويشفق عليهم شفقة الرجل على أهله ويقضي بكتاب الله تعالى
فقال كعب : ما كنت أحسب أحدا يعرف الخليفة من الملك غيري
وأخرج ابن سعد من طريق مردان عن سلمان رضي الله عنه : أن عمر رضي الله عنه قال له
: أنا ملك أم خليفة ؟ فقال له سلمان رضي الله عنه : الخليفة الذي يعدل أن أتت جبيت
من أرض المسلمين درهما أو أقل أو أكثر ثم وضعته في غير حقه فأنت ملك غير خليفة
فاستعبر عمر رضي الله عنه
وأخرج ابن سعد عن ابن أبي العرجاء قال : قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : والله
ما أدري أخليفة أنا أم ملك ؟ قال قائل : يا أمير المؤمنين إن بينهما فرقا قال : ما
هو ؟ قال : الخليفة لا يأخذ إلا حقا ولا يضعه إلا في حق وأنت الحمد لله كذلك
والملك يعسف الناس فيأخذ من هذا ويعطي هذا
وأخرج ابن سعد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : إن الإمارة ما ائتمرتها وأن
الملك ما غلب عليه بالسيف
وأخرج الثعلبي عن معاوية رضي الله عنه
أنه كان يقول إذا جلس على المنبر : يا أيها الناس أن الخلافة ليست بجمع المال ولكن
الخلافة العمل بالحق والحكم بالعدل وأخذ الناس بأمر الله
(7/169)
وأخرج
الحكيم الترمذي عن سالم مولى أبي جعفر قال : خرجنا مع أبي جعفر أمير المؤمنين إلى
بيت المقدس فلما دخل وشق بعث إلى الأوزاعي فأتاه فقال : يا أمير المؤمنين حدثني
حسان بن عطية عن جدك ابن عباس رضي الله عنه ما في قوله يا داود إنا جعلناك خليفة
في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله قال : إذا
ارتفع إليك الخصمان فكان لك في أحدهما هوى فلا تشته في نفسك الحق له فيفلح على
صاحبه فأمحو اسمك من نبوتي ثم لا تكون خليفتي ولا كرامة
يا أمير المؤمنين حدثنا حسان بن عطية عن جدك قال : من كره الحق فقد كره الله لأن
الحق هو الله
يا أمير المؤمنين حدثني حسان بن عطية عن جدك في قوله لا يغادر صغيرة ولا كبيرة
الكهف 49 قال : الصغيرة التبسم والكبيرة الضحك فكيف ما جنته الأيدي ؟ وأخرج ابن
جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله فاحكم بين الناس بالحق يعني بالعدل والإنصاف
ولا تتبع الهوى يقول : ولا تؤثر هواك في قضائك بينهم على الحق والعدل فتزوغ عن
الحق فيضلك عن سبيل الله
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه في قوله لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب
قال : هذا من التقديم والتأخير
يقول : لهم يوم الحساب عذاب شديد بما نسوا
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي السليل رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يدخل
المسجد فينظر أغمض حلقة من بني إسرائيل فيجلس إليهم ثم يقول : مسكينا بين ظهراني
مساكين
وأخرج أحمد عن زيد بن أسلم رضي الله عنه
أن ابنا لداود مات فأشتد عليه جزعه فقيل ما كان يعدل عندك ؟ قال : كان أحب إلي من
ملء الأرض ذهبا
فقيل له : إن الأجر على قدر ذلك
وأخرج عبد الله في زوائده عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : كان من دعاء داود
عليه السلام
سبحان مستخرج الشكر بالعطاء ومستخرج الدعاء بالبلاء
وأخرج عبد الله عن الأوزاعي رضي الله عنه قال : أوحى الله إلى داود عليه
(7/170)
السلام
" ألا أعلمك علمين إذا عملتهما ألقيت وجوه الناس إليك وبلغت بهما رضاي
قال : بلى يا رب قال احتجز فيما بيني وبينك بالورع وخالط الناس بأخلاقهم "
وأخرج أحمد عن يزيد بن منصور رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام إلا ذاكر
لله فاذكر معه إلا مذكر فاذكر معه
وأخرج أحمد عن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يصنع القفة
من الخوص وهو على المنبر ثم يرسل بها إلى السوق فيبيعها فيأكل بثمنها
وأخرج أحمد عن سعيد بن أبي هلال رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام إذا قام
من الليل يقول : اللهم نامت العيون وغارت النجوم وأنت الحي القيوم الذي لا تأخذك
سنة ولا نوم
وأخرج أحمد عن عثمان الشحام أبي سلمة قال : حدثني شيخ من أهل البصرة كان له فضل
وكان له سن قال : بلغني أن داود عليه السلام سأل ربه قال : يا رب كيف لي أن أمشي
لك في ألأرض بنصح وأعمل لك فيها بنصح ؟ قال " يا داود تحب من يحبني من أحمر
وأبيض ولا تزال شفتاك رطبتين من ذكري واجتنب فراش الغيبة قال : رب كيف لي أن
تحببني في أهل الدنيا البر والفاجر ؟ قال : يا داود تصانع أهل الدنيا لدنياهم وتحب
أهل الآخرة لآخرتهم وتختار إليك دينك بيني وبينك فإنك إذا فعلت ذلك لا يضرك من ضل
إذا اهتديت قال : رب فأرني أضيافك من خلقك من هم ؟ قال : نقي الكفين نقي القلب
يمشي تماما ويقول صوابا "
وأخرج الخطيب في تاريخه عن يحيى بن أبي كثير رضي الله عنه قال : قال داود عليه
السلام لإبنه سليمان عليه السلام : أتدري ما جهد البلاء ؟ قال شراء الخبز من السوق
والانتقال من منزل إلى منزل
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : اللهم
اجعل حبك أحب إلي من نفسي وسمعي وبصري وأهلي ومن الماء البارد
(7/171)
وأخرج
أحمد عن وهب رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام رب أي عبادك أحب إليك ؟ قال
: مؤمن حسن الصورة قال : فأي عبادك أبغض إليك ؟ قال كافر حسن الصورة شكر هذا وكفر
هذا قال : يا رب فأي عبادك أبغض إليك ؟ قال عبد استخارني في أمر فخرت له فلم يرض
به
وأخرج عبد الله في زوائده عن عبد الله بن أبي مليكة رضي الله عنه قال : قال داود
عليه السلام : إلهي لا تجعل لي أهل سوء فأكون رجل سوء
وأخرج أحمد عن عبد الرحمن قال : بلغني أنه كان من دعاء داود عليه السلام : اللهم
لا تفقرني فأنسى ولا تغنني فأطغى
وأخرج أحمد عن الحسن رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : إلهي أي رزق أطيب
؟ قال : ثمرة يدك يا داود
وأخرج أحمد عن أبي الجلد رضي الله عنه
أن الله تعالى أوحى إلى داود عليه السلام : يا داود أنذر عبادي الصديقين لا يعجبن
بأنفسهم ولا يتكلن على أعمالهم فإنه ليس أحد من عبادي أنصبه للحساب وأقيم عليه
عدلي إلا عذبته من غير أن أظلمه وبشر الخاطئين أنه لا يتعاظم ذنب أن أغفره وأتجاوز
عنه
وأخرج أحمد عن أبي الجلد رضي الله عنه
أن داود عليه السلام أمر مناديا فنادى : الصلاة جامعة فخرج الناس وهم يرون أنه
سيكون منه يومئذ موعظة وتأديب ودعاء فلما رقي مكانه قال : اللهم اغفر لنا وانصرف
فأستقبل آخر الناس أوائلهم قالوا : ما لكم ! قالوا : إن النبي إنما دعا بدعوة
واحدة فأوحى الله تعالى إليه : أن أبلغ قومك عني فإنهم قد استقلوا دعاءك
إني من أغفر له أصلح له أمر آخرته ودنياه
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن عبد الرحمن بن أبزي رضي الله عنه قال : كان داود عليه
السلام أصبر الناس على البلاء وأحلمهم وأكظمهم للغيظ
وأخرج أحمد عن سعيد بن عبد العزيز رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام يا رب
كيف أسعى لك في الأرض بالنصيحة ؟ قال : تكثر ذكري وتحب من أحبني من أبيض وأسود
وتحكم للناس كما تحكم لنفسك وتجتنب فراش الغيبة
(7/172)
وأخرج
ابن أبي شيبه عن أبي عبد الله الجدلي رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يقول
: اللهم إني أعوذ بك من جار عينه تراني وقلبه يرعاني
إن رأى خيرا دفنه وإن رأى شرا أشاعه
وأخرج ابن أبي شيبه عن سعيد بن أبي سعيد رضي الله عنه قال : كان من دعاء داود عليه
السلام : اللهم أني أعوذ بك من الجار السوء
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن بريدة رضي الله عنه
أن داود عليه السلام كان يقول : اللهم إني أعوذ بك من عمل يخزيني وهم يرديني وفقر
ينسيني وغنى يطغيني
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد عن عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال : أوحى الله إلى
داود عليه السلام : أحبب عبادي وحببني إلى عبادي قال : يا رب هذا أحبك وأحب عبادك
فكيف أحببك إلى عبادك ؟ قال تذكرني عندهم فإنهم لا يذكرون مني إلا الحسن
وأخرج أحمد عن أبي الجعد رضي الله عنه قال : بلغنا أن داود عليه السلام قال : إلهي
ما جزاء من عزى حزينا لا يريد به إلا وجهك ؟ قال : جزاؤه أن ألبسه لباس التقوى قال
: إلهي ما جزاء من شيع جنازة لا يريد بها إلا وجهك ؟ قال : جزاؤه أن تشيعه ملائكتي
إذا مات وأن أصلي على روحه في الأرواح قال : إلهي ما جزاء من أسند يتيما أو أرملة
لا يريد بها إلا وجهك ؟ قال جزاؤه أن أظله تحت ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي قال :
إلهي ما جزاء من فاضت عيناه من خشيتك ؟ قال : جزاؤه أن أؤمنه يوم الفزع الأكبر وأن
أقي وجهه فيح جهنم
وأخرج أحمد عن أبي الجلد رضي الله عنه قال : قرأت في مساءلة داود عليه السلام أنه
قال : إلهي ما جزاء من يعزي الحزين المصاب ابتغاء مرضاتك ؟ قال : جزاؤه أن أكسوه
رداء من أردية الإيمان أستره به من النار وأدخله الجنة قال : إلهي فما جزاء من شيع
الجنازة ابتغاء مرضاتك ؟ قال : جزاؤه أن تشيعه الملائكة يوم يموت إلى قبره وأن
أصلي على روحه في الأرواح قال : إلهي فما جزاء من أسند اليتيم والأرملة ابتغاء
مرضاتك ؟ قال : جزاؤه أن أظله في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي قال : إلهي فما جزاء
من بكى من خشيتك حتى تسيل دموعه على وجهه ؟ قال :
(7/173)
جزاؤه
أن أحرم وجهه على النار وأن أؤمنه يوم الفزع الأكبر
وأخرج أحمد عن عبد الرحمن بن أبزي رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام
لسليمان : كن لليتيم كالأب الرحيم واعلم أنك كما تزرع تحصد وأعلم أن خطيئة إمام ما
بين قوسين زيادة إقتضاها إتمام المعنى فأثبتناها القوم كالمسيء عند رأس الميت
واعلم أن المرأة الصالحة لأهلها كالملك المتوج بالتاج المخوص بالذهب واعلم أن
المرأة السوء لأهلها كالشيخ الضعيف على ظهره الحمل الثقيل وما أقبح الفقر بعد الغنى
وأقبح من ذلك الضلالة بعد الهدى وإن وعدت صاحبك فأنجز ما وعدته فإنك إن لا تفعل
تورث بينك وبينه عداوة ونعوذ بالله من صاحب إذا ذكرت لم يعنك وإذا نسيت لم يذكرك
وأخرج ابن أبي شيبه وأحمد عن الحسن رضي الله عنه قال : كان داود عليه السلام يقول
: اللهم لا مرض يفنيني ولا صحة تنسيني ولكن بين ذلك
وأخرج عبد الله بن زيد بن رفيع قال : نظر داود عليه السلام مبخلا يهوي بين السماء
والأرض فقال : يا رب ما هذا ؟ قال : هذه لعنتي أدخلها بيت كل ظلام
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن أبزي رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : نعم العون
اليسار على الدين
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال : قال داود عليه السلام : يا رب طال
عمري وكبر سني وضعف ركني فأوحى الله إليه " يا داود طوبى لمن طال عمره وحسن
عمله "
وأخرج الخطيب من طريق الأوزاعي عن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال : أعطي داود
عليه السلام من حسن الصوت ما لم يعط أحد قط حتى إن كان الطير والوحش حوله حتى تموت
عطشا وجوعا وإن الأنهار لتقف
والله أعلم
الآية 28 أخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله أم نجعل الذين آمنوا
(7/174)
وعملوا
الصالحات كالمفسدين في الأرض قال الذين آمنوا علي وحمزة وعبيدة بن الحارث
والمفسدين في الأرض عتبة وشيبة والوليد وهم تبارزوا يوم بدر
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات إلى
قوله كالفجار قال : لعمري ما استووا لقد تفرق القوم في الدنيا عند الموت
أما قوله تعالى : أم نجعل المتقين كالفجار
أخرج أبو يعلى عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال أبو القاسم صلى الله عليه و سلم :
" كما أنه لا يجتنى من الشوك العنب كذلك لا تنال الفجار منازل الأبرار "
الآية 29 أخرج سعيد بن منصور عن الحسين رضي الله عنه في قوله ليدبروا آياته اتباعه
بعمله
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه أولوا الألباب قال : أولوا العقول من الناس
الآيات 30 - 33 أخرج ابن أبي حاتم عن مكحول قال : لما وهب الله لداود سليمان قال
له : يا بني ما أحسن ؟ قال : سكينة الله والإيمان قال : فما أقبح ؟ قال : كفر بعد
إيمان قال : فما أحلى ؟ قال : روح الله بين عباده قال : فما أبرد ؟ قال : عفو الله
عن الناس وعفو الناس بعضهم عن بعض قال داود عليه السلام : فأنت نبي
(7/175)
وأخرج
الحكيم الترمذي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أوحى الله تبارك وتعالى إلى داود
عليه السلام
إني سائل ابنك عن سبع كلمات
فإن أخبرك فورثه العلم والنبوة فقال له داود عليه السلام : إن الله أوحى إلي أن
أسألك عن سبع كلمات فإن أخبرتني ورثتك العلم والنبوة قال : سلني عما شئت قال :
أخبرني ما أحلى من العسل وما أبرد من الثلج وما ألين من الخز وما لا يرى أثره في الماء
وما لا يرى أثره في الصفاء وما لا يرى أثره في السماء ومن يسمن في الخصب والجدب
قال : أما ما أحلى من العسل فروح الله للمتحابين في الله
وأما ما أبرد من الثلج فكلام الله إذا قرع أفئدة أولياء الله
وأما ما ألين شيئا من الخز فحكمة الله تعالى إذا أنشدها أولياء الله بينهم
وأما ما لا يرى أثره في الماء فالفلك تمر فلا يرى أثرها
وأما ما لا يرى أثره في الصفاء فالنملة تمر على الحجر فلا يرى أثرها
وأما ما لا يرى أثره في السماء فالطير يطير ولا يرى أثره في السماء وأما من يسمن
في الجدب والخصب فهو المؤمن إذا أعطاه الله شكر وإذا ابتلاه صبر فقلبه أجرد أزهر
قال : أنظر إلى ابنك فاسأله عن أربع عشرة كلمة فإن أخبرك فورثه العلم والنبوة
فسأله فقال : ما لي من ذي علم فقال داود لسليمان عليه السلام : أخبرني يا بني أين
موضع العقل منك ؟ قال : الدماغ قال : أين موضع الحياء منك ؟ قال : العينان قال :
أين موضع الباطل منك ؟ قال : الأذنان قال : أين باب الخطايا منك ؟ قال : اللسان
قال : أين الطريق منك ؟ قال : المنخران قال : أين موضع الأدب والبيان منك ؟ قال :
الكلوتان قال : أين باب الفظاظة والغلظة منك ؟ قال : الكبد قال : أين بيت الريح
منك ؟ قال : الرئة قال : أين باب الفرح منك ؟ قال : الطحال قال : أين باب الكسب
منك ؟ قال : اليدان قال : أين باب النصب منك ؟ قال : الرجلان قال : أين باب الشهوة
منك ؟ قال : الفرج قال : أين باب الذرية منك ؟ قال : الصلب قال : أين باب العلم
والفهم والحكمة منك ؟ قال : القلب
إذا صلح القلب صلح ذلك كله وإذا فسد القلب فسد ذلك كله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ووهبنا لداود سليمان نعم العبد
إنه أواب قال : كان مطيعا لله كثير الصلاة إذ عرض عليه بالعشي
(7/176)
الصافنات
الجياد قال : يعني الخيل وصفونها قيامها وبسطها قوائمها قال إني أحببت حب الخير أي
المال عن ذكر ربي عن صلاة العصر حتى توارت بالحجاب
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي هريرة رضي الله عنه الصافنات الجياد قال : الخيل خيل
خلقت على ما شاء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله الصافنات
قال : صفون الفرس : رفع إحدى يديه حتى يكون على أطراف الحافر
وفي قوله الجياد قال : السراع
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن وقتادة رضي الله
عنهما في قوله الصافنات الجياد قال : الخيل إذا صفن قيامها ؟ عقرها تطلع أعناقها
وسوقها
وفي قوله أحببت حب الخير عن ذكر ربي قال : الخير المال والخيل من ذلك فقوله شغلته
عن الصلاة قال : لا والله لا تشغلني عن عبادة الله تعالى جرها عليك فكشف عراقيبها
وضرب أعناقها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عوف رضي الله عنه قال : بلغني أن الخيل التي عقر
سليمان عليه السلام كانت خيلا ذات أجنحة أخرجت له من البحر لم تكن لأحد قبله ولا
بعده
وأخرج ابن المنذر من طريق ابن جريج رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله حب الخير قال : المال وفي قوله ردوها علي قال : الخيل فطفق مسحا قال : عقرا
بالسيف
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن علي رضي الله عنه قال : الصلاة التي فرط فيها
سليمان عليه السلام صلاة العصر
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن كعب رضي الله عنه في قوله حتى توارت
بالحجاب قال : حجاب من ياقوت أخضر محيط بالخلائق فمنه أخضرت السماء التي يقال لها السماء
الخضراء وأخضر البحر من السماء فمن ثم يقال : البحر الأخضر
وأخرج أبو داود عن عائشة رضي الله عنهما قالت : قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم
من غزوة
(7/177)
تبوك
أو خيبر فجئت فكشفت ناحية الستر عن بنات لعب لعائشة فقال : " ما هذا يا عائشة
؟ قالت : بناتي
ورأى بينهن فرسا لها جناحان من رقاع فقال : ما هذا الذي أرى وسطهن ؟ قالت : فرس له
جناحان قال : وما هذا الذي عليه ؟ فقلت : جناحان قال : فرس له جناحان ! قالت : أما
سمعت أن لسليمان عليه السلام خيلا لها أجنحة فضحك حتى رؤيت نواجذه "
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن إبراهيم التيمي رضي الله
عنه في قوله إذ عرض عليه بالعشي الصافنات الجياد قال : كانت عشرين ألف فرس ذات
أجنحة فعقرها
وأخرج ابن إسحق وابن جرير عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله حتى توارت بالحجاب
قال توارت من وراء قرية خضرة السماء منها
وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان سليمان عليه
السلام لا يكلم اعظاما له فلقد فاتته صلاة العصر وما استطاع أحد أن يكلمه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله عن
ذكر ربي يقول : من ذكر ربي فطفق مسحا يقول : جعل يمسح أعراف الخيل وعراقيبها
وأخرج الطبراني في الأوسط والإسماعيلي في معجمه وابن مردويه بسند حسن عن أبي بن
كعب رضي الله عنه " عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله فطفق مسحا بالسوق
والأعناق قال : قطع سوقها وأعناقها بالسيف "
الآية 34 أخرج الفريابي والحكيم الترمذي والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله ولقد فتنا سليما وألقينا على كرسيه جسدا قال : هو الشيطان الذي كان على
كرسيه يقضي بين الناس أربعين يوما وكان لسليمان عليه السلام امرأة يقال لها جرادة
وكان بين بعض أهلها وبين قوم خصومة فقضى بينهم بالحق إلا أنه ود أن
(7/178)
الحق
كان لأهلها
فأوحى الله تعالى إليه : إنه سيصيبك بلاء فكان لا يدري يأتيه من السماء أم من
الأرض
وأخرج النسائي وابن جرير وابن أبي حاتم بسند قوي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
أراد سليمان عليه السلام أن يدخل الخلاء فأعطى الجرادة خاتمه وكانت جرادة امرأته
وكانت أحب نسائه إليه فجاء الشيطان في صورة سليمان فقال لها : هاتي خاتمي فأعطته
فلما لبسه دانت له الجن والأنس والشياطين فلما خرج سليمان عليه السلام من الخلاء
قال لها : هاتي خاتمي
فقالت : قد أعطيته سليمان قال : أنا سليمان قالت : كذبت لست سليمان
فجعل لا يأتي أحدا يقول أنا سليمان إلا كذبه حتى جعل الصبيان يرمونه بالحجارة فلما
رأى ذلك عرف أنه من أمر الله عز و جل وقام الشيطان يحكم بين الناس
فلما أراد الله تعالى أن يرد على سليمان عليه السلام سلطانه ألقى في قلوب الناس
انكار ذلك الشيطان فأرسلوا إلى نساء سليمان عليه السلام فقالوا لهن : أيكون من
سليمان شيء ؟ قلنا : نعم
أنه يأتينا ونحن حيض وما كان يأتينا قبل ذلك
فلما رأى الشيطان أنه قد فطن له ظن أن أمره قد انقطع فكتبوا كتبا فيها سحر ومكر
فدفنوها تحت كرسي سليمان ثم أثاروها وقرأوها على الناس قالوا : بهذا كان يظهر
سليمان على الناس ويغلبهم فأكفر الناس سليمان فلم يزالوا يكفرونه وبعث ذلك الشيطان
بالخاتم فطرحه في البحر فتلقته سمكة فأخذته وكان سليمان عليه السلام يعمل على شط
البحر بالأجر فجاء رجل فاشترى سمكا فيه تلك السمكة التي في بطنها الخاتم فدعا
سليمان عليه السلام فقال : تحمل لي هذه السمك ؟ ثم انطلق إلى منزله فلما انتهى
الرجل إلى باب داره أعطاه تلك السمكة التي في بطنها الخاتم فأخذها سليمان عليه
السلام فشق بطنها فإذا الخاتم في جوفها فأخذه فلبسه فلما لبسه دانت له الإنس والجن
والشياطين وعاد إلى حاله وهرب الشيطان حتى لحق بجزيرة من جزائر البحر فأرسل سليمان
عليه السلام في طلبه وكان شيطانا مريدا يطلبونه ولا يقدرون عليه حتى وجدوه يوما
نائما فجاؤا فنقبوا عليه بنيانا من رصاص فاستيقظ فوثب فجعل لا يثبت في مكان من
البيت إلا أن دار معه الرصاص فأخذوه وأوثقوه وجاؤا به إلى سليمان عليه السلام فأمر
به
(7/179)
فنقر
له في رخام ثم أدخل في جوفه ثم سد بالنحاس ثم أمر به فطرح في البحر
فذلك قوله ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا يعني الشيطان الذي كان تسلط
عليه
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أربع آيات من كتاب
الله لم أدر ما هي حتى سألت عنهن كعب الأحبار رضي الله عنه في قوله قوم تبع الدخان
73 في القرآن ولم يذكر تبع فقال : إن تبعا كان ملكا وكان قومه كهانا وكان في قومه
قوم من أهل الكتاب وكان الكهان يبغون على أهل الكتاب ويقتلون تابعهم فقال أهل
الكتاب لتبع : إنهم يكذبون علينا فقال تبع : إن كنتم صادقين فقربوا قربانا فأيكم
كان أفضل أكلت النار قربانه
فقرب أهل الكتاب والكهان فنزلت نار من السماء فأكلت قربان أهل الكتاب فأتبعهم تبع
فأسلم
فلهذا ذكر الله قومه في القرآن ولم يذكره قال ابن عباس رضي الله عنه وسألته عن
قوله وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب قال : الشيطان أخذ خاتم سليمان عليه السلام
الذي فيه ملكه فقذف به في البحر فوقع في بطن سمكة فانطلق سليمان يطوف إذ تصدق عليه
بتلك السمكة فاشتواها فأكلها فإذا فيها خاتمه فرجع إليه ملكه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب قال : صخر الجني
مثل على كرسيه على صورته
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : أمر
سليمان عليه السلام ببناء بيت المقدس فقيل له : ابنه ولا يسمع فيه صوت حديد فطلب
ذلك فلم يقدر عليه فقيل له إن شيطانا يقال له صخر شبه المارد فطلبه وكانت عين في
البحر يردها في كل سبعة أيام مرة فنزح ماءها وجعل فيها خمرا فجاء يوم وروده فإذا
هو بالخمر فقال : إنك لشراب طيب تصيب من الحليم وتزيد من الجاهل جهلا ثم جفل حتى
عطش عطشا شديدا ثم أتاها فشربها حتى غلب على عقله فأوتي بالخاتم فختم بين كتفيه
فذل وكان ملكه في خاتمه فأتي به سليمان فقال : أنا قد أمرنا ببناء هذا البيت فقيل
لنا : لا تسمعن فيه صوت حديد فأتى ببيض الهدهد فجعل عليه زجاجة فجاء
(7/180)
الهدهد
فدار حولها فجعل يرى بيضه ولا يقدر عليه فذهب فجاء بألماس فوضعها عليه فقطعها حتى
أفضى إلى بيضه فأخذوا الماس فجعلوا يقطعون به الحجارة
وكان سليمان عليه السلام إذا أراد أن يدخل الخلاء أو الحمام لم يدخل بخاتمه
فانطلق يوما إلى الحمام وذلك الشيطان صخر معه فدخل الحمام وأعطى الشيطان خاتمه
فألقاه في البحر فالتقمته سمكة ونزع ملك سليمان عليه السلام منه وألقي على الشيطان
شبه سليمان فجاء فقعد على كرسيه وسلط على ملك سليمان كله غير نسائه فجعل يقضي
بينهم أربعين يوما حتى وجد سليمان عليه السلام خاتمه في بطن السمكة فأقبل فجعل لا
يستقبله جني ولا طير إلا سجد له حتى انتهى إليهم وألقينا على كرسيه جسدا قال : هو
الشيطان صخر ثم أناب قال : تاب ثم أقبل يعني سليمان
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه وألقينا على كرسيه
جسدا قال : شيطانا يقال له آصف
فقال له سليمان : كيف تفتنون الناس ؟ قال أرني خاتمك أخبرك
فلما أعطاه إياه نبذه آصف في البحر فساح سليمان عليه السلام وذهب ملكه وقعد آصف
على كرسيه ومنعه الله تعالى نساء سليمان عليه السلام فلم يقربهن ولا يقربنه
وأنكرنه وأنكر الناس أمر سليمان عليه السلام
وكان سليمان عليه السلام يستطعم فيقول : أتعرفوني أنا سليمان ؟ فيكذبوه حتى أعطته
امرأة يوما حوتا وطيب بطنه فوجد خاتمه في بطنه فرجع إليه ملكه وفر الشيطان فدخل
البحر فارا
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند ضعيف عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ولد لسليمان ولد فقال للشيطان :
تواريه من الموت ؟ قالوا نذهب به إلى المشرق
فقال يصل إليه الموت
قالوا فإلى المغرب
قال يصل إليه
قالوا إلى البحار
قال يصل إليه الموت
قال نضعه بين السماء والأرض ونزل عليه ملك الموت فقال : إني أمرت بقبض نسمة طلبتها
في البحار وطلبتها في تخوم الأرض
فلم أصبها فبينا أنا صاعد أصبتها فقبضتها وجاء جسده حتى وقع على
(7/181)
كرسي
سليمان فهو قول الله ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب
وقال ابن سعد رضي الله عنه أخبرنا الواقدي حدثنا معشر عن المقبري : أن سليمان بن
داود عليه السلام قال : لأطوفن الليلة بمائة امرأة من نسائي فتأتي كل امرأة منهن
بفارس يجاهد في سبيل الله
ولم يستثن ولو استثنى لكان فطاف على مائة امرأة فلم تحمل امرأة إلا امرأة واحدة
حملت بشق إنسان قال : ولم يكن شيء أحب إلى سليمان من تلك الشقة
قال وكان أولاده يموتون فجاء ملك الموت في صورة رجل فقال له سليمان عليه السلام :
إن استطعت أن تؤخر ابني هذا ثمانية أيام إذا جاءه أجله فقال : لا
ولكن أخبرك قبل موته بثلاثة أيام
قال لمن عنده من الجن : أيكم يخبىء لي ابني هذا قال أحدهم أنا أخبؤه لك في المشرق
قال : ممن تخبؤه ؟ قال : من ملك الموت
قال يبصره
قال آخر : أنا أخبؤه لك بين قرينين لا يريان
قال سليمان عليه السلام إن كان شيء فهذا
فلما جاء أجله نظر ملك الموت في الأرض فلم يره في مشرقها ولا في مغربها ولا شيء من
البحار ورآه بين قرينين فجاءه فأخذه فقبض روحه على كرسي سليمان
فذلك قوله ولقد فتنا سليمان وهو قول الله وألقينا على كرسيه جسدا "
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال
: بينما سليمان بن داود جالسا على شاطىء البحر وهو يعبث بخاتمه إذ سقط منه في
البحر وكان ملكه في خاتمه فانطلق وخلف شيطانا في أهله فأتى عجوزا فأوى إليها فقالت
له العجوز : إن شئت أن تنطلق فتطلب وأكفيك عمل البيت وإن شئت أن تكفيني عمل البيت
وأنطلق فألتمس
قال : فانطلق يلتمس فأتى قوما يصيدون السمك فجلس إليهم فنبذوا سمكات فانطلق بهن
حتى أتى العجوز فأخذت تصلحه فشقت بطن سمكة فإذا فيها الخاتم فأخذته وقالت لسليمان
عليه السلام : ما هذا ؟ فأخذه سليمان عليه السلام فلبسه فأقبلت إليه الشياطين
والإنس والجن والطير والوحش وهرب الشيطان الذي خلف في أهله فأتى جزيرة في البحر
فبعث إليه الشياطين فقالوا : لا نقدر عليه إنه يرد عينا في جزيرة في البحر في سبعة
أيام ولا نقدر عليه حتى يسكر
(7/182)
قال
فصب له في تلك العين خمرا فأقبل فشرب فسكر فأروه الخاتم فقال : سمعا وطاعة فأوثقه
سليمان عليه السلام ثم بعث به إلى جبل فذكروا أنه جبل الدخان فالدخان الذي يرون من
نفسه والماء الذي يخرج من الجبل بوله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن وألقينا على كرسيه جسدا قال : هو الشيطان
دخل سليمان عليه السلام الحمام فوضع خاتمه عند امرأة من أوثق نسائه في نفسه فأتاها
الشيطان فتمثل لها على صورة سليمان عليه السلام فأخذ الخاتم منها فلما خرج سليمان
عليه السلام أتاها فقال لها : هاتي الخاتم فقالت : قد دفعته إليك
قال ما فعلت
! فهرب سليمان عليه السلام وجلس الشيطان على ملكه وانطلق سليمان عليه السلام هاربا
في الأرض يتتبع ورق الشجر خمسين ليلة فأنكر بنو إسرائيل أمر الشيطان فقال بعضهم
لبعض : هل تنكرون من أمر ملككم ما ننكر عليه ؟ قالوا : نعم
قال أما لقد هلكتم أنتم العامة وأما قد هلك ملككم فقالوا : والله أن عندكم من هذا
الخبر نساؤه معكم فاسألوهن فإن كن أنكرن ما أنكرنا فقد ابتلينا
فسألوهن فقلن : أي والله لقد أنكرنا
فلما انقضت مدته انطلق سليمان عليه السلام حتى أتى ساحل البحر فوجد صيادين يصيدون
السمك فصادوا سمكا كثيرا غلبهم بعضه فألقوه فأتاهم سليمان عليه السلام فاستطعمهم
فأعطوه تلك الحيتان قال : لا بل أطعموني من هذا فأبوا فقال : أطعموني فإني سليمان
فوثب إليه بعضهم بالعصا فضربه غضبا لسليمان فأتى إلى تلك الحيتان التي ألقوا فأخذ
منها حوتين فانطلق بهما إلى البحر فغسلهما فشق بطن أحدهما فإذا فيه الخاتم فأخذه
فجعله في يده فعاد في ملكه فجاءه الصيادون يبيعون إليه فقال لهم : لقد كنت
استطعمتكم فلم تطعموني فلم أظلمكم إذا هنتموني ولم أحمدكم إذا أكرمتموني
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنه ما قال : كان سليمان عليه السلام إذا
دخل الخلاء أعطى خاتمه أحب نسائه إليه فإذا هو قد خرج وقد وضع له وضوء فدفع خاتمه
إلى امرأته فلبث ما شاء الله
وخرج عليها شيطان في صورة سليمان فدفعت الخاتم إليه فضاق درعا ؟ ؟ به فألقاه في
البحر فالتقمته سمكة فخرج سليمان عليه السلام على امرأته فسألها
(7/183)
الخاتم
فقالت : قد دفعته إليك
فعلم سليمان عليه السلام أنه قد ابتلي فخرج وترك ملكه ولزم البحر فجعل يجوع فأتى
يوما على صيادين قد صادوا سمكا بالأمس فنبذوه وصادوا يومهم سمكا فهو بين أيديهم
فقام عليهم سليمان عليه السلام فقال : أطعموني بارك الله فيكم فإني ابن سبيل فلم
يلتفتوا إليه ثم عاد فقال لهم : مثل ذلك فرفع رجل منهم رأسه إليه فقال : أئت ذلك
السمك فخذ منه سمكة فأتاه سليمان عليه السلام فأخذ منه أدنى سمكة فلما أخذها إذا
فيها ريح فأتى بها البحر فغسلها وشق بطنها فإذا هو بخاتمه فحمد الله وأخذه فتختم
به ونطق كل شيء كان حوله من جنوده وفزع الصيادون لذلك فقاموا إليه وحيل بينهم ولم
يصلوا إليه ورد الله إليه ملكه
وأخرج عبد بن حميد والحكيم الترمذي من طريق علي بن زيد عن سعيد بن المسيب رضي الله
عنه أن سليمان بن داود عليه السلام احتجب عن الناس ثلاثة أيام فأوحى الله إليه أن
يا سليمان احتجبت عن الناس ثلاثة أيام فلم تنظر في أمور العباد ولم تنصف مظلوما من
ظالم
وكان ملكه في خاتمه وكان إذا دخل الحمام وضع خاتمه تحت فراشه فجاء الشيطان فأخذه
فأقبل الناس على الشيطان فقال سليمان : يا أيها الناس أنا سليمان نبي الله فدفعوه
فساح أربعين يوما فأتى أهل سفينة فأعطوه حوتا فشقها فإذا هو بالخاتم فيها فتختم به
ثم جاء فأخذ بناصيته فقال عند ذلك رب هب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي ؟ ؟
قال وكان أول من أنكره نساؤه
فقال بعضهم لبعض : أتنكرون منه شيئا ؟ قلن : نعم
وكان يأتيهن وهن حيض فقال علي : فذكرت ذلك للحسن فقال : ما كان الله يسلطه على
نسائه
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الرحمن بن رافع رضي الله عنه قال : بلغني أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " حدث عن فتنة سليمان عليه السلام قال : إنه كان في
قومه رجل كعمر بن الخطاب في أمتي فلما أنكر حال الجان الذي كان مكانه أرسل إلى
أفاضل نسائه فقال : هل تنكرن من صاحبكن شيئا ؟ قلن : نعم
كان لا يأتينا حيضا وهذا يأتينا حيضا فاشتمل على سيفه ليقتله فرد الله على سليمان
ملكه فأقبل
(7/184)
فوجده
في مكانه فأخبره بما يريد "
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه
جسدا قال : الجسد الشيطان الذي كان دفع سليمان عليه السلام إليه خاتمه فقذفه في
البحر وكان ملك سليمان عليه السلام في خاتمه وكان اسم الجني صخرا
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه وألقينا على كرسيه جسدا قال : الجسد الشيطان
الذي كان دفع إليه سليمان خاتمه شيطانا يقال له آصف
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله وألقينا على كرسيه جسدا قال :
الشيطان حين جلس على كرسيه أربعين يوما
كان لسليمان عليه السلام مائة امرأة وكانت امرأة منهن يقال لها جرادة وهي آثر
نسائه عنده وآمنهن وكان إذا أجنب أو أتى حاجة نزع خاتمه ولم يأتمن عليه أحدا من
الناس غيرها فجاءته يوما من الأيام فقالت : أن أخي بينه وبين فلان خصومة وأنا أحب
أن تقضي له إذا جاءك فقال : نعم
ولم يفعل وابتلي فأعطاها خاتمه ودخل المخرج فخرج الشيطان في صورته فقال : هات
الخاتم
فأعطته فجاء حتى جلس على مجلس سليمان وخرج سليمان عليه السلام بعد فسألها أن تعطيه
خاتمه فقالت : ألم تأخذه قبل ؟ قال : لا
قال وخرج مكانه تائها ومكث الشيطان يحكم بين الناس أربعين يوما فأنكر الناس أحكامه
فاجتمع قراء بني إسرائيل وعلماؤهم فجاؤا حتى دخلوا على نسائه فقالوا : إنا قد
أنكرنا هذا وأقبلوا يمشون حتى أتوه فأحدقوا به ثم نشروا فقرأوا التوراة فطار من
بين أيديهم حتى وقع على شرفة والخاتم معه ثم طار حتى ذهب إلى البحر فوقع الخاتم
منه في البحر فابتلعه حوت من حيتان البحر
وأقبل سليمان في حالته التي كان فيها حتى انتهى إلى صياد من صيادي البحر وهو جائع
فاستطعمه من صيدهم فأعطاه سمكتين فقام إلى شط البحر فشق بطونهما فوجد خاتمه في بطن
أحدهما فأخذه فلبسه فرد الله عليه بهاءه وملكه
فأرسل إلى الشيطان فجيء به فأمر به فجعل في صندوق من حديد ثم أطبق عليه وأقفل عليه
بقفل وختم عليه بخاتمه ثم أمر به فألقي في البحر
فهو فيه
(7/185)
حتى
تقوم الساعة وكان اسمه حبقيق
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله ثم أناب قال : دخل سليمان على
امرأة تبيع السمك فاشترى منها سمكة فشق بطنها فوجد خاتمه فجعل لا يمر على شجرة ولا
على شيء إلا سجد له حتى أتى ملكه وأهله
فذلك قوله ثم أناب يقول : ثم رجع
الآيات 35 - 40 أخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد في مسنده والطبراني والحاكم وصححه
والبيهقي في الأسماء والصفات عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : " ما سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم دعا إلا استفتحه بسبحان ربي الأعلى الوهاب "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله رب اغفر لي وهب لي
ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي يقول : لا أسلبه كما سلبته
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من
بعدي قال : لا تسلبنيه كما سلبتنيه
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" عرض لي الشيطان في مصلاي الليلة كأنه هركم هذا فأردت أن أحبسه حتى أصبح
فذكرت دعوة أخي سليمان رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي فتركته
"
وأخرج عبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن
مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن
(7/186)
عفريتا
جعل يتلفت علي البارحة ليقطع علي صلاتي وإن الله تعالى أمكنني منه فلقد هممت أن
أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا فتنظروا إليه كلكم فذكرت قول أخي
سليمان رب اغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي فرده الله خاسئا
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " بينا أنا قائم أصلي اعترض الشيطان
فأخذت حلقه فخنقته حتى إني لأجد برد لسانه على إبهامي فيرحم الله سليمان لولا
دعوته لأصبح مربوطا تنظرون إليه "
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " خرجت لصلاة الصبح فلقيني شيطان في السدة
سدة المسجد فزحمني حتى إني لأجد مس شعره فاستمكنت منه فخنقته حتى إني لأجد برد
لسانه على يدي فلولا دعوة أخي سليمان عليه السلام لأصبح مقتولا تنظرون إليه "
وأخرج أحمد عن أبي سعيد رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم : " قام يصلي صلاة الصبح فقرأ فألبست عليه
القراءة فلما فرغ من صلاته قال : لو رأيتموني وإبليس
فأهويت بيدي فما زلت أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين أصبعي هاتين الإبهام والتي
تليها ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطا بسارية من سواري المسجد فتلاعب به صبيان
المدينة "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن مردويه والبيهقي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " مر علي الشيطان فتناولته فخنقته
حتى وجدت برد لسانه على يدي فقال : أوجعتني أوجعتني
ولولا ما دعا به سليمان لأصبح مناطا إلى أسطوانة من أساطين المسجد ينظر إليه ولدان
أهل المدينة "
وأخرج الطبراني عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إن الشيطان أراد أن يمر بين يدي فخنقته حتى وجدت برد لسانه على يدي
وأيم الله لولا ما سبق إليه أخي سليمان لربطته إلى سارية من سواري المسجد حتى به
ولدان أهل المدينة "
وأخرج الحاكم في المستدرك عن عمر بن علي بن حسين قال : مشيت مع عمي
(7/187)
وأخي
جعفر فقلت : زعموا أن سليمان عليه السلام سأل ربه أن يهبه ملكا قال : حدثني أبي عن
أبيه عن علي عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " لن يعمر ملك في أمة نبي
مضى قبله ما بلغ بذلك النبي صلى الله عليه و سلم من العمر في أمته "
وأخرج عبد بن حميد عن وهب بن منبه رضي الله عنه
أنه ذكر من ملك سليمان وتعظيم ملكه أنه كان في رباطه اثنا عشر ألف حصان وكان يذبح
على غدائه كل يوم سبعين ثورا سوى الكباش والطير والصيد فقيل لوهب أكان يسع هذا
ماله قال : كان إذا ملك الملك على بني إسرائيل اشترط عليهم أنهم رقيقه وأن أموالهم
له
ما شاء أخذ منها وما شاء ترك
وأخرج عبد بن حميد عن أبي خالد البجلي رضي الله عنه قال : بلغني أن سليمان عليه
السلام ركب يوما في موكبه فوضع سريره فقعد عليه وألقيت كراسي يمينا وشمالا فقعد
الناس عليها يلونه والجن وراءهم ومردة الجن والشياطين وراء الجن
فأرسل إلى الطير فأظلته بأجنحتها وقال للريح : احملينا يريد بعض مسيره فاحتملته
الريح وهو على سريره والناس على كراسيهم يحدثهم ويحدثونه لا يرتفع كرسي ولا يتضع والطير
تظلهم
وكان موكب سليمان يسمع من مكان بعيد ورجل من بني إسرائيل آخذ مسحاته في زرع له
قائما يهيئه إذ سمع الصوت فقال : إن هذا الصوت ما هو إلا لموكب سليمان وجنوده فحان
من سليمان التفاتة وهو على سريره فإذا هو برجل يشتد يبادر الطريق فقال عليه السلام
في نفسه : إن هذا الرجل ملهوف أو طالب حاجة فقال للريح حين وقفت به : قفي
فوقفت به وبجنود حتى انتهى إليه الرجل وهو منبهر فتركه سليمان حتى ذهب بهره ثم
أقبل عليه فقال ألك حاجة ؟ وقد وقف عليه الخلق فقال : الحاجة جاءت بي إلى هذا
المكان يا رسول الله
إني رأيت الله أعطاك ملكا لم يعطه أحدا قبلك ولا أراه يعطيه أحدا بعدك فكيف تجد ما
مضى من ملكك هذه الساعة ؟ قال : أخبرك عن ذاك إني كنت نائما فرأيت رؤيا ثم تنبهت
فعبرتها قال : ليس إلا ذاك قال : فأخبرني كيف تجد ما بقي من ملكك الساعة ؟ قال :
تسألني عن شيء لم أره قال : فإنما هي هذه الساعة ثم انصرف عنه موليا
(7/188)
فجلس
سليمان عليه السلام ينظر في قفاه ويتفكر فيما قاله ثم قال للريح امضي بنا فمضت به
قال الله رخاء حيث أصاب قال : الرخاء التي ليست بالعاصف ولا باللينة وسطا قال الله
تعالى غدوها شهر ورواحها شهر سورة سبأ 12 ليست بالعاصف التي تؤذيه ولا باللينة
التي تشق عليه
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن سلمان بن عامر الشيباني رضي الله عنه قال :
بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " أرأيتم سليمان وما أعطاه
الله تعالى من ملكه فلم يكن يرفع طرفه إلى السماء تخشعا حتى قبضه الله تعالى
"
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " ما رفع سليمان عليه السلام طرفه إلى السماء تخشعا حيث أعطاه الله
تعالى ما أعطاه "
وأخرج أحمد في الزهد عن عطاء رضي الله عنه قال : كان سليمان عليه السلام يعمل
الخوص بيده ويأكل خبز الشعير ويطعم بني إسرائيل الحواري
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن المنذر وابن عساكر عن صالح بن سمار رضي
الله عنه قال : بلغني أنه لما مات داود عليه السلام أوحى الله تعالى إلى سليمان
عليه الصلاة و السلام " سلني حاجتك قال : أسألك أن تجعل قلبي يخشاك كما كان
قلب أمي وأن تجعل قلبي يحبك كما كان قلب أبي
فقال : أرسلت إلى عبدي أسأله حاجته فكانت حاجته أن اجعل قلبه يخشاني وأن أجعل قلبه
يحبني لأهبن له ملكا لا ينبغي لأحد من بعده قال الله تعالى فسخرنا له الريح تجري
بأمره رخاء حيث أصاب والتي بعدها مما أعطاه وفي الآخرة لا حساب عليه "
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله فسخرنا له الريح
قال : لم يكن في ملكه يوم دعا الريح والشياطين
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه قال : لما عقر سليمان عليه
السلام الخيل أبدله الله خيرا منها وأمر الريح تجري بأمره كيف يشاء رخاء قال :
ليست بالعاصف ولا باللينة بين ذلك
وأخرج ابن المنذر عن الحسن وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله تجري بأمره رخاء قال : مطيعة له حيث أراد
(7/189)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله رخاء حيث أصاب قال : حيث شاء
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله رخاء
قال : لينة حيث أصاب قال : حيث أراد والشياطين كل بناء قال : يعملون له ما يشاء من
محاريب وتماثيل وغواص قال : يستخرجون له الحلي من البحر وآخرين مقرنين في الأصفاد
قال : مردة الشياطين في الأغلال
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله رخاء قال : الطيبة والشياطين كل بناء وغواص
قال : يغوص للحلية وبناء بنوا لسليمان قصرا على الماء فقال : اهدموه من غير أن
تمسه الأيدي
فرموه بالفادقات حتى وضعوه فبقيت لنا منفعته بعدهم فكان من عمل الجن وبقيت لنا
منفعة السياط كان يضرب الجن بالخشب فيكسر أيديها وأرجلها فقالوا هل توجعنا فلا
تكسرنا ؟ قال : نعم
فدلوه على السياط والتمويه أمر الجن فموهت على ؟ ثم أمر به فألقى على الأساطين تحت
قوائم خيل بلقيس والقارورة لما أخرج الأعور شيطان البحر حيث أراد بناء بيت المقدس
قال الأعور : ابتغوا لي بيضة هدهد ثم قال اجعلوا عليها قارورة فجاء الهدهد فجعل
يرى بيضته وهو لا يقدر عليها ويطيف بها فانطلق فجاء بماسة مثل هذه فوضعها على
القارورة فانشقت فانشق بيت المقدس بتلك الماسة والقذافة
وكان في البحر كنز فدلوا عليه سليمان عليه السلام وزعموا أن سليمان عليه السلام
يدخل الجنة بعد الأنبياء بأربعين سنة لما أعطي من الملك في الدنيا
وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي الله عنه في قوله هذا عطاؤنا قال : كل هذا أعطاه
إياه بعد رد الخاتم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله فامنن يقول :
اعتق من الجن من شئت أو أمسك منهم من شئت
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله هذا عطاؤنا
قال الحسن : الملك الذي أعطيناك فأعط ما شئت وامنع ما شئت فليس لك تبعة ولا حساب
عليك في ذلك
(7/190)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك
بغير حساب قال : بغير حرج إن شئت أمسكت وإن شئت أعطيت
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه في الآية قال : ما أعطيت أو أمسكت فليس
عليك فيه حساب
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : ما من نعمة أنعم الله على عبد إلا
وقد سأله فيها الشكر إلا سليمان بن داود عليه السلام
قال الله لسليمان عليه السلام فامنن أو أمسك بغير حساب
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال : إن الله أعطى سليمان عليه السلام
ملكا هنيئا فقال الله هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب قال : إن أعطى أجر وأن
لم يعط لم يكن عليه تبعة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله وإن له عندنا لزلفى
وحسن مآب أي حسن مصير
وأخرج ابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب قال :
الزلفى القرب وحسن مآب قال : المرجع
الآيات 41 - 44 أخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه واذكر عبدنا أيوب إذ نادى
ربه أني مسني الشيطان بنصب وعذاب قال : ذهاب الأهل والمال والضر الذي أصابه في
جسده
قال : ابتلي سبع سنين وأشهرا فألقي على كناسة بني إسرائيل تختلف الدواب في جسده
ففرج الله عنه وأعظم له الأجر وأحسن
(7/191)
وأخرج
عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله بنصب وعذاب قال بنصب الضر
في الجسد وعذاب قال : في المال
وأخرج أحمد في الزهد وابن أبي حاتم وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما
أن الشيطان عرج إلى السماء قال : يا رب سلطني على أيوب عليه السلام قال الله : قد
سلطتك على ماله وولده ولم أسلطك على جسده
فنزل فجمع جنوده فقال لهم : قد سلطت على أيوب عليه السلام فأروني سلطانكم فصاروا
نيرانا ثم صاروا ماء فبينما هم بالمشرق إذا هم بالمغرب وبينما هم بالمغرب إذا هم
بالمشرق فأرسل طائفة منهم إلى زرعه وطائفة إلى أهله وطائفة إلى بقره وطائفة إلى
غنمه وقال : إنه لا يعتصم منكم إلا بالمعروف
فأتوه بالمصائب بعضها على بعض
فجاء صاحب الزرع فقال : يا أيوب ألم تر إلى ربك أرسل على زرعك عدوا فذهب به ؟ وجاء
صاحب الإبل فقال : يا أيوب ألم تر إلى ربك أرسل على إبلك عدوا فذهب بها ؟ ثم جاءه
صاحب البقر فقال : ألم تر إلى ربك أرسل على بقرك عدوا فذهب بها ؟ وتفرد هو ببنيه
جمعهم في بيت أكبرهم
فبينما هم يأكلون ويشربون إذ هبت ريح فأخذت بأركان البيت فألقته عليهم فجاء الشيطان
إلى أيوب بصورة غلام فقال : يا أيوب ألم تر إلى ربك جمع بنيك في بيت أكبرهم ؟
فبينما هم يأكلون ويشربون إذ هبت ريح فأخذت بأركان البيت فألقته عليهم فلو رأيتهم
حين اختلطت دماؤهم ولحومهم بطعامهم وشرابهم
فقال له أيوب أنت الشيطان ثم قال له أنا اليوم كيوم ولدتني أمي فقام فحلق رأسه
وقام يصلي فرن إبليس رنة سمع بها أهل السماء وأهل الأرض ثم خرج إلى السماء فقال :
أي رب إنه قد اعتصم فسلطني عليه فإني لا أستطيعه إلا بسلطانك قال : قد سلطتك على
جسده ولم أسلطك على قلبه
فنزل فنفخ تحت قدمه نفخة قرح ما بين قدميه إلى قرنه فصار قرحة واحدة وألقي على
الرماد حتى بدا حجاب قلبه فكانت امرأته تسعى إليه حتى قالت له : أما ترى يا أيوب
نزل بي والله من الجهد والفاقة ما أن بعت قروني برغيف
فأطعمك فأدع الله أن يشفيك ويريحك قال : ويحك
! كنا في النعيم سبعين عاما فاصبري حتى نكون في الضر سبعين عاما فكان في البلاء
سبع سنين ودعا
(7/192)
فجاء
جبريل عليه السلام يوما فأخذ بيده ثم قال : قم
فقام فنحاه عن مكانه وقال اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب فركض برجله فنبعت عين
فقال : اغتسل
فأغتسل منها ثم جاء أيضا فقال اركض برجلك فنبعت عين أخرى
فقال له : اشرب منها وهو قوله اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب وألبسه الله تعالى
حلة من الجنة فتنحى أيوب فجلس في ناحية وجاءت امرأته فلم تعرفه فقالت : يا عبد
الله أين المبتلى الذي كان ههنا لعل الكلاب ذهبت به والذئاب ؟ وجعلت تكلمه ساعة
فقال : ويحك
! أنا أيوب قد رد الله علي جسدي ورد الله عليه ماله وولده عيانا ومثلهم معهم وأمطر
عليهم جرادا من ذهب فجعل يأخذ الجراد بيده ثم يجعله في ثوبه وينشر كساءه فيجعل فيه
فأوحى الله إليه : يا أيوب أما شبعت ؟ قال : يا رب من ذا الذي يشبع من فضلك ورحمتك
وأخرج أحمد في الزهد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
أن إبليس قعد على الطريق فأتخذ تابوتا يداوي الناس فقالت امرأة أيوب : يا عبد الله
أن ههنا مبتلى من أمره كذا وكذا
فهل لك أن تداويه ؟ قال : نعم
بشرط إن أنا شفيته أن يقول أنت شفيتني لا أريد منه أجرا غيره
فأتت أيوب عليه السلام فذكرت ذلك له فقال : ويحك
! ذاك الشيطان لله علي إن شفاني الله تعالى أن أجلدك مائة جلدة فلما شفاه الله
تعالى أمره أن يأخذ ضغثا فأخذ عذقا فيه مائة شمراخ فضرب بها ضربة واحدة
وأخرج ابن أبي حاتم قال : الشيطان الذي مس أيوب يقال له مسوط
فقالت امرأة أيوب أدع الله يشفيك فجعل لا يدعو حتى مر به نفر من بني إسرائيل فقال
بعضهم لبعض : ما أصابه ما أصابه إلا بذنب عظيم أصابه فعند ذلك قال : رب إني مسني
الضر وأنت أرحم الراحمين الأنبياء 83
وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي الله عنه في قوله اركض برجلك هذا الماء مغتسل بارد
وشراب قال : ركض رجله اليمنى فنبعت عين وضرب بيده اليمنى خلف ظهره فنبعت عين فشرب
من أحداهما واغتسل من الأخرى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : ضرب برجله
(7/193)
أرضا
يقال لها الحمامة فإذا عينان ينبعان فشرب من أحداهما واغتسل من الأخرى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه أن نبي الله أيوب عليه السلام
لما اشتد به البلاء إما دعا وإما عرض بالدعاء فأوحى الله تعالى إليه أن اركض برجلك
فنبعت عين فاغتسل منها فذهب ما به ثم مشى أربعين ذراعا ثم ضرب برجله فنبعت عين
فشرب منها
وأخرج عبد بن حميد عن معاوية بن قرة رضي الله عنه قال : إن نبي الله أيوب عليه
السلام لما أصابه الذي أصابه قال إبليس : يا رب ما يبالي أيوب أن تعطيه أهله
ومثلهم معهم وتخلف له ماله وسلطانه سلطني على جسده قال : اذهب فقد سلطتك على جسده
وإياك يا خبيث ونفسه قال فنفخ فيه نفخة سقط لحمه فلما أعياه صرخ صرخة اجتمعت إليه
جنوده قالوا يا سيدنا ما أغضبك ؟ فقال ألا أغضب أني أخرجت آدم من الجنة وأن ولده
هذا الضعيف قد غلبني فقالوا : يا سيدنا ما فعلت امرأته ؟ فقال : حية فقال : أما هي
فقد كفيك أمرها فقال له : فإن أطلقتها فقد أصبت وإلا ؟ فأعطه فجاء إليها فاستبرأها
فأتت أيوب فقالت له : يا أيوب إلى متى هذا البلاء ؟ كلمة واحدة ثم استغفر ربك
فيغفر لك فقال لها : فعلتها أنت أيضا
ثم قال لها أما والله لئن الله تعالى عافاني لأجلدنك مائة جلدة فقال رب إني مسني
الشيطان بنصب وعذاب قأتاه جبريل عليه السلام فقال اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب
فرجع إليه حسنه وشبابه ثم جلس على تل من التراب فجاءته امرأته بطعامه فلم تر له
أثرا فقالت لأيوب عليه السلام وهو على التل : يا عبد الله هل رأيت مبتلى كان ههنا
؟ فقال لها : إن رأيتيه تعرفينه ؟ فقالت له لعلك أنت هو ؟ قال : نعم
فأوحى الله إليه أن خذ بيدك ضغثا فأضرب به ولا تحنث قال : والضغث أن يأخذ الحزمة
من السياط فيضرب بها الضربة الواحدة
وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الرحمن بن جبير رضي الله عنه قال : ابتلي أيوب عليه
السلام بماله وولده وجسده وطرح في المزبلة فجعلت امرأته تخرج فتكتسب عليه ما تطعمه
فحسده الشيطان بذلك فكان يأتي أصحاب الخير والغنى الذين كانوا يتصدقون عليها فيقول
: اطردوا هذه المرأة التي تغشاكم فإنها تعالج صاحبها وتلمسه بيدها فالناس يتقذرون
طعامكم من أجلها إنها تأتيكم وتغشاكم
(7/194)
فجعلوا
لا يدنونها منهم ويقولون : تباعدي عنا ونحن نطعمك ولا تقربينا فأخبرت بذلك أيوب
عليه السلام فحمد الله تعالى على ذلك وكان يلقاها إذا خرجت كالمتحزن بما لقي أيوب
فيقول : لج صاحبك وأبى إلا ما أبى الله ولو تكلم بكلمة واحدة تكشف عنه كل ضر ولرجع
إليه ماله وولده
فتجيء فتخبر أيوب فيقول لها : لقيك عدو الله فلقنك هذا الكلام لئن أقامني الله من
مرضي لأجلدنك مائة
فلذلك قال الله تعالى وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث يعني بالضغث القبضة من
الكبائس
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما وخذ بيدك
ضغثا قال : الضغث القبضة من المرعى الطيب
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما وخذ بيدك ضغثا قال :
حزمة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في
قوله وخذ بيدك ضغثا قال : عود فيه تسعة وتسعون عودا والأصل تمام المائة
وذلك أن امرأته قال لها الشيطان : قولي لزوجك يقول كذا وكذا
! فقالت له
فحلف أن يضربها مائة فضربها تلك الضربة فكانت تحلة ليمينه وتخفيفا عن امرأته
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن المسيب رضي الله عنه أنه بلغه أن أيوب عليه السلام
حلف ليضربن امرأته مائة في أن جاءته في زيادة على ما كانت تأتي به من الخبز الذي
كانت تعمل عليه وخشي أن تكون قارفت من الخيانة فلما رحمه الله وكشف عنه الضر علم
براءة امرأته مما اتهمها به فقال الله عز و جل وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث
فأخذ ضغثا من ثمام وهو مائة عود فضرب به كما أمره الله تعالى
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر من طريق ابن أبي نجيح عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله وخذ بيدك ضغثا قال : هي لأيوب عليه السلام خاصة وقال عطاء : هي
للناس عامة
وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه وخذ بيدك ضغثا قال :
(7/195)
جماعة
من الشجر وكانت لأيوب عليه السلام خاصة وهي لنا عامة
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وخذ بيدك ضغثا
وذلك أنه أمره أن يأخذ ضغثا فيه مائة طاق من عيدان القت فيضرب به امرأته لليمين
التي كان يحلف عليها قال : ولا يجوز ذلك لأحد بعد أيوب إلا الأنبياء عليهم السلام
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن أبي أمامة بن سهل بن
حنيف قال : حملت وليدة في بني ساعدة من زنا فقيل لها : ممن حملك ؟ قالت : من فلان
المقعد فسأل المقعد فقال صدقت فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال :
" خذوا له عثكولا فيه مائة شمراخ فاضربوه به ضربة واحدة ففعلوا "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وابن جرير والطبراني وابن عساكر من طريق أبي أمامة بن سهل
بن حنيف عن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال : كان في أبياتنا إنسان ضعيف مجدع فلم
يرع أهل الدار إلا وهو على أمة من إماء أهل الدار يعبث بها وكان مسلما فرفع سعد
رضي الله عنه شأنه إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : " اضربوه حده
فقالوا يا رسول الله : أنه أضعف من ذلك إن ضربناه مائة قتلناه قال : فخذوا له
عثكالا فيه مائة شمراخ فاضربوه ضربة واحدة وخلوا سبيله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن محمد بن عبد الرحمن عن ثوبان رضي الله عنه
أن رجلا أصاب فاحشة على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو مريض على شفا موت
فأخبر أهله بما صنع فأمر النبي صلى الله عليه و سلم بقنو فيه مائة شمراخ فضربه
ضربة واحدة
وأخرج الطبراني عن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه و سلم أتي بشيخ قد ظهرت
عروقه قد زنى بامرأة فضربه بضغث فيه مائة شمراخ ضربة واحدة
أما قوله تعالى : إنا وجدناه صابرا نعم العبد
أخرج ابن عساكر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أيوب عليه السلام رأس الصابرين
يوم القيامة
وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن العاصي رضي الله عنه قال : نودي أيوب عليه السلام يا
أيوب لولا أفرغت مكان كل شعرة منك صبرا ما صبرت
(7/196)
وأخرج
ابن عساكر عن ليث بن أبي سليمان رضي الله عنه قال : قيل لأيوب عليه السلام لا تعجب
بصبرك فلولا أني أعطيت موضع كل شعرة منك صبرا ما صبرت
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة أيوب قالت : يا أيوب إنك
رجل مجاب الدعوة فأدع الله أن يشفيك فقال : ويحك
! كنا في النعماء سبعين عاما فدعينا نكون في البلاء سبع سنين
وأخرج ابن عساكر عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : زوجة أيوب عليه السلام رحمة
رضي الله عنها بنت ميشا بن يوسف بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم عليهم السلام
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن الحسن رضي الله عنه قال : كان أيوب عليه
السلام كلما أصابه مصيبة قال : اللهم أنت أخذت وأنت أعطيت مهما تبقى نفسك أحمدك
على حسن بلائك
الآيات 45 - 48 أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن
عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ واذكر عبادنا إبراهيم ويقول : إنما ذكر إبراهيم
ثم ذكر بعده ولده
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ واذكر عبادنا على الجمع إبراهيم
وإسحق ويعقوب
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
أولي الأيدي قال : القوة في العبادة والأبصار قال : البصر في أمر الله
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أولي الأيدي
(7/197)
والأبصار
قال : أما اليد فهو القوة في العمل وأما الأبصار فالبصر ما هم فيه من أمر دينهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه أولي الأيدي قال : القوة في
أمر الله والأبصار قال : العقل
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه أولي الأيدي
والأبصار قال : أولي القوة في العبادة ونصرا في الدين
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى
الدار قال : أخلصوا بذلك وبذكرهم دار يوم القيامة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار
قال : بذكر الآخرة وليس لهم هم ولا ذكر غيرها
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار قال :
لهذه أخلصهم الله تعالى كانوا يدعون إلى الآخرة وإلى الله تعالى
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار قال : بفضل أهل الجنة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن جبير ذكرى الدار قال : عقبى الدار
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ " واليسع " خفيفة
وعن الأعمش أنه قرأ " اليسع " مشددة
الآيات 49 - 61
(7/198)
أخرج
ابن جرير وابن المنذر عن الحسن في قوله جنات عدن مفتحة لهم الأبواب قال : يرى
ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها
يقال لها انفتحي وانغلقي تكلمي فتفهم وتتكلم
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن محمد بن كعب في قوله وعندهم قاصرات الطرف
أتراب قال : قصرن طرفهن على أزواجهن فلا يردن غيرهن أتراب قال : سن واحد
وأخرج ابن أبي حاتم والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس في قوله أتراب قال :
أمثال
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة في قوله إن هذا لرزقنا ما
له من نفاد أي من انقطاع هذا فليذقوه حميم وغساق قال : كنا نحدث أن الغساق ما يسيل
من بين جلده ولحمه وآخر من شكله أزواج قال : من نحوه أزواج من العذاب
وأخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد عن أبي رزين قال : الغساق ما يسيل من
صديدهم
وأخرج هناد عن عطية في قوله وغساق قال : الذي يسيل من جلودهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله وغساق قال : الزمهرير وآخر من
شكله قال : نحوه أزواج قال : ألوان من العذاب
وأخرج هناد بن السري في الزهد وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قال : الغساق الذي
لا يستطيعون أن يذوقوه من شدة برده
وأخرج ابن جرير عن عبد الله بن بريدة قال : الغساق المنتن وهو بالطخاوية
وأخرج أحمد والترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن
(7/199)
مردويه
والبيهقي في البعث والنشور عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لو أن دلو من غساق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا "
وأخرج ابن جرير عن كعب قال غساق عين في جهنم يسيل إليها حمة كل ذات حمة من حية أو
عقرب أو غيرها فليستنقع
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
ابن مسعود في قوله وآخر من شكله أزواج قال : الزمهرير
وأخرج عبد بن حميد عن مرة قال : ذكروا الزمهرير فقال عبد الله وآخر من شكله أزواج
فقالوا لعبد الله : إن للزمهرير بردا فقرأ هذه الآية لا يذوقون فيها بردا ولا
شرابا إلا حميما وغساقا النبأ 24 - 25
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن الحسن في قوله وآخر من شكله أزواج
قال : ألوان من العذاب
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : ذكر الله العذاب فذكر السلاسل والأغلال وما يكون في
الدنيا ثم قال وآخر من شكله أزواج قال : آخر لم ير في الدنيا
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد أنه قرأ " وآخر ؟ ؟ من شكله " برفع الألف
ونصب الخاء
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ " وآخر من شكله " ممدودة منصوبة
الألف
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله هذا فوج مقتحم معكم إلى
قوله فبئس القرار قال : هؤلاء الأتباع يقولونه للرؤوس
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود في قوله فزده عذابا ضعفا
في النار قال : أفاعي وحيات
الآيات 62 - 64
(7/200)
أخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن عساكر عن مجاهد في قوله وقالوا ما لنا لا
نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار قال : ذلك قول أبي جهل بن هشام في النار : ما لي
لا أرى بلالا وعمارا وصهيبا وخباب وفلانا
! اتخذناهم سخريا وليسوا كذلك أم زاغت عنهم الأبصار أم هم في النار ولا نراهم
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله ما لنا لا نرى رجالا كنا نعدهم من الأشرار قال
: عبد الله بن مسعود ومن معه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن شمر بن عطية وقالوا ما لنا لا نرى رجالا
قال أبو جهل في النار : أين خباب ؟ أين صهيب ؟ أين بلال ؟ أين عمار ؟
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة وقالوا ما لنا لا نرى رجالا كنا
نعدهم من الأشرار قال : فقدوا أهل الجنة اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم الأبصار قال
: أم هم معنا في النار ولا نراهم زاغت أبصارنا عنهم فلم ترهم حين أدخلوا النار
الآيات 65 - 66 أخرج النسائي ومحمد بن نصر والبيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة
رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قام من الليل
قال : لا إله إلا الله الواحد القهار رب السموات والأرض وما بينهما العزيز الغفار
"
من آية 67 - 70 أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وأبو نصر السجزي
في
(7/201)
الإبانة
عن مجاهد في قوله قل هو نبأ عظيم قال : القرآن
وأخرج عبد بن حميد في الإبانة ومحمد بن نصر في كتاب الصلاة وابن جرير عن قتادة قل
هو نبأ عظيم قال : إنكم تراجعون نبأ عظيما فأعقلوه عن الله ما كان لي من علم
بالملاء ؟ ؟ الأعلى إذ يختصمون قال : هم الملائكة عليهم السلام كانت خصومتهم في
شأن آدم عليه السلام إذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل
فيها من يفسد فيها ويسفك الماء إلى قوله إني خالق بشرا من طين فإذا سويته ونفخت
فيه من روحي فقعوا له ساجدين البقرة 30 ففي هذا اختصم الملأ الأعلى
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ما كان لي من
علم بالملأ الأعلى قال : الملائكة حين شووروا في خلق آدم عليه السلام فاختصموا فيه
: قالوا أتجعل في الأرض خليفة
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله ما كان لي من علم بالملاء ؟ ؟ الأعلى إذ يختصمون قال : هي الخصومة
في شأن آدم أتجعل فيها من يفسد فيها
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " هل تدرون فيم يختصم الملاء ؟ الأعلى ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم قال :
يختصمون في الكفارات الثلاث
إسباغ الوضوء في المكروهات والمشي على الأقدام إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد
الصلاة "
وأخرج عبد الرزاق وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه ومحمد بن نصر رضي الله عنه في
كتاب الصلاة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أتاني ربي الليلة
في أحسن صورة أحسبه قال في المنام قال : يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟
قلت لا
فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي أو في نحري فعلمت ما في السموات وما في
الأرض ثم قال : يا محمد هل تدري فيم يختصم الملاء ؟ الأعلى ؟ قلت : نعم
في الكفارات والمكث في المسجد بعد الصلوات والمشي على الأقدام إلى الجماعات وإسباغ
الوضوء في المكاره ومن فعل ذلك عاش بخير وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه وقل يا
محمد إذا صليت : اللهم إني أسألك فعل
(7/202)
الخيرات
وترك المنكرات وحب المساكين وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون
قال : والدرجات
إفشاء السلام وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام "
وأخرج الترمذي وصححه ومحمد بن نصر والطبراني والحاكم وابن مردويه عن معاذ بن جبل
رضي الله عنه قال : احتبس عنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات غداة من صلاة
الصبح حتى كدنا نتراءى عين الشمس فخرج سريعا فثوب بالصلاة فصلى رسول الله صلى الله
عليه و سلم فلما سلم دعا بسوطه فقال : " على مصافكم كما أنتم
ثم انفتل إلينا ثم قال : أما إني أحدثكم ما حبسني عنكم الغداة
إني قمت الليلة فقمت وصليت ما قدر لي ونعست في صلاتي حتى استثقلت فإذا أنا بربي
تبارك وتعالى في أحسن صورة فقال : يا محمد قلت لبيك ربي قال : فيم يختصم الملاء ؟
؟ الأعلى ؟ قلت : لا أدري
! فوضع كفه بين كتفي فوجدت برد أنامله بين ثديي فتجلى لي كل شيء وعرفته فقال : يا
محمد قلت لبيك رب قال : فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : في الدرجات والكفارات فقال
: ما الدرجات ؟ فقلت : إطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام
قال : صدقت فما الكفارات ؟ قلت : إسباغ الوضوء في المكاره وانتظار الصلاة بعد
الصلاة ونقل الأقدام إلى الجماعات
قال : صدقت قل يا محمد : اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين
وأن تغفر لي وترحمني وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضني إليك غير مفتون
اللهم إني أسألك حبك وحب من أحبك وحب عمل يقربني إلى حبك
قال النبي صلى الله عليه و سلم : تعلموهن وادرسوهن فأنهن حق "
وأخرج الطبراني في السنة وابن مردويه عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " إن الله تجلى لي في أحسن صورة فسألني فيم يختصم
الملائكة ؟ قلت : يا رب ما لي به علم
فوضع يده بين كتفي حتى وجدت بردها بين ثديي فما سألني عن شيء إلا علمته قلت : في
الدرجات والكفارات وإطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام
وأخرج الطبراني في السنة وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه " أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : رأيت ربي في أحسن صورة قال : يا محمد فقلت لبيك
ربي
(7/203)
وسعيدك
ثلاث مرات
قال : هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : لا
فوضع يده بين كتفي فوجدت بردها بين ثديي ففهمت الذي سألني عنه فقلت : نعم يا رب
يختصمون في الدرجات والكفارات
قلت : الدرجات : إسباغ الوضوء بالسبرات والمشي على الأقدام إلى الجماعات وانتظار
الصلاة بعد الصلاة والكفارات : إطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس
نيام "
وأخرج الطبراني في السنة والشيرازي في الألقاب وابن مردويه عن أنس رضي الله عنه
قال : أصبحنا يوما فأتانا رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرنا فقال : "
أتاني ربي البارحة في منامي في أحسن صورة فوضع يده بين ثدي وبين كتفي فوجدت بردها
بين ثديي فعلمني كل شيء قال : يا محمد قلت : لبيك رب وسعديك قال : هل تدري فيم
يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : نعم يا رب في الكفارات والدرجات قال : فما الكفارات ؟
قلت : إفشاء السلام وإطعام الكعام والصلاة والناس نيام
قال : فما الدرجات ؟ قلت : إسباغ الوضوء في المكروهات والمشي على الأقدام إلى
الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة "
وأخرج ابن نصر والطبراني وابن مردويه عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال " أتاني ربي في أحسن صورة فقال : يا محمد فقلت : لبيك وسعديك
قال : فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت لا أدري ! فوضع يده بين ثديي فعلمت في منامي
ذلك ما سألني عنه من أمر الدنيا والآخرة فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ فقلت في
الدرجات والكفارات فأما الدرجات : فإسباغ الوضوء في السبرات وانتظار الصلاة بعد
الصلاة
قال : صدقت من فعل ذلك عاش بخير ومات بخير وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه
وأما الكفارات : فإطعام الطعام وإفشاء السلام وطيب الكلام والصلاة والناس نيام
ثم قال : اللهم إني أسألك فعل الحسنات وترك السيئات وحب المساكين ومغفرة وأن تتوب
علي وإذا أردت في قوم فتنة فنجني غير مفتون "
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن طارق بن شهاب رضي الله عنه قال : سأل رسول الله صلى
الله عليه و سلم فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قال : في الدرجات والكفارات
فأما
(7/204)
الدرجات
: فإطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام
وأما الكفارات : فإسباغ الوضوء في السبرات ونقل الأقدام إلى الجماعات وانتظار
الصلاة بعد الصلاة "
وأخرج ابن مردويه عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم " لما سري بي إلى السماء السابعة قال : يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى
؟ فذكر الحديث "
وأخرج الطبراني في السنة والخطيب عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه و سلم قال : لما كان ليلة أسري بي رأيت ربي عز و جل في أحسن صورة
فقال : يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ قلت : في الكفارات والدرجات
قال : وما الكفارات ؟ قلت : إسباغ الوضوء في السبرات ونقل الأقدام إلى الجماعات
وإنتظار الصلاة بعد الصلاة قال : فما الدرجات ؟ قلت : إطعام الطعام وإفشاء السلام
والصلاة بالليل والناس نيام
ثم قال : قل
قلت : فما أقول ؟ ! قال : قل اللهم إني أسألك عملا بالحسنات وترك المنكرات وإذا
أردت بقوم فتنة وأنا فيهم فاقبضني إليك غير مفتون "
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة والطبراني في السنة عن عبد الرحمن بن عابس
الحضرمي رضي الله عنه قال : " صلى بنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات
غداة فقال له قائل : ما رأيناك أسفر وجها منك الغداة ؟ قال : وما لي لا أكون كذلك
وقد رأيت ربي عز و جل في أحسن صورة فقال : فيم يختصم الملأ الأعلى يا محمد ؟ فقلت
: في الكفارات
قال : وما هن ؟ قلت : المشي على الأقدام إلى الجماعات والجلوس في المساجد لانتظار
الصلوات ووضع الوضوء أماكنه في المكان قال : وفيم ؟ قلت : في الدرجات
قال : وما هن ؟ قال : إطعام الطعام وإفشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام
ثم قال : يا محمد قل اللهم إني أسألك الطيبات وترك المنكرات وحب المساكين فو الذي
نفسي بيده إنهن حق "
وأخرج ابن نصر والطبراني في السنة عن ثوبان رضي الله عنه قال خرج إلينا رسول الله
صلى الله عليه و سلم بعد صلاة الصبح فقال : " إن ربي عز و جل أتاني الليلة في
أحسن صورة فقال لي : يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى ؟ فقلت : لا أعلم يا
رب
(7/205)
قال
فوضع كفيه بين كتفي حتى وجدت أنامله في صدري فتجلى لي بين السماء والأرض قلت : نعم
يا رب يختصمون في الكفارات والدرجات قال : فما الدرجات ؟ قلت : إطعام الطعام
وإفشاء السلام وقيام الليل والناس نيام
وأما الكفارات : فمشي على الأقدام إلى الجماعات وإسباغ الوضوء في الكراهيات وجلوس
في المساجد خلف الصلوات
ثم قال : يا محمد قل يسمع وسل تعطه واشفع تشفع قلت : اللهم إني أسألك فعل الخيرات
وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني وإذا أردت في قوم فتنة فتوفني
إليك وأنا غير مفتون
اللهم إني أسألك حبك وحب من أحبك وحب عمل يبلغني إلى حبك "
الآيات 71 - 74 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ما كان لي من
علم بالملاء ؟ ؟ الأعلى إذ يختصمون إذ قال ربك للملائكة قال : هذه الخصومة
من آية 75 - 83
(7/206)
أخرج
ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في الأسماء والصفات عن
عبد الله بن الحارث رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" خلق الله ثلاثة أشياء بيده
خلق آدم بيده وكتب التوراة بيده وغرس الفردوس بيده
ثم قال : وعزتي لا يسكنها مدمن خمر ولا ديوث
قالوا : يا رسول الله قد عرفنا مدمن الخمر فما الديوث ؟ قال : الذي يشير لأهله
السوء "
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي عن ابن عمر رضي الله عنهما قال :
خلق الله أربعا بيده
العرش وجنات عدن والقلم وآدم
ثم قال لكل شيء كن فكان
واحتجب من خلقه بأربعة
بنار وظلمة ونور ؟
وأخرج هناد عن ميسرة رضي الله عنه قال : " خلق الله أربعة بيده
خلق آدم بيده وكتب التوراة بيده وغرس جنة عدن بيده وخلق القلم بيده
وأخرج هناد عن إبراهيم رضي الله عنه
مثله
وأخرج عبد بن حميد عن كعب قال : إن الله لم يخلق بيده إلا ثلاثة أشياء
خلق آدم بيده وكتب التوراة بيده وغرس جنة عدن بيده
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : الرجيم اللعين
قوله إلا عبادك منهم المخلصين قال : المخلصين بالنصب
فقلت كل شيء في القرآن هكذا نقرأوها ؟ قال : نعم
الآيات 84 - 85 أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد
في قوله فالحق والحق أقول قال : أنا الحق أقول الحق
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه قال فالحق رفع والحق نصب أقول رفع
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه أنه قرأها " فالحق " بالرفع
" والحق
(7/207)
أقول
" نصبا قال : يقول الله أنا الحق والحق أقول
الآيات 86 - 87 أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : قل
يا محمد ما أسألكم على ما أدعوكم إليه من أجر عرض من الدنيا
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن المنذر وابن مردويه عن مسروق رضي الله
عنه قال : بينما رجل يحدث في المسجد فقال فيما يقول يوم تأتي السماء بدخان يكون
يوم القيامة يأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام قال
: فقمنا حتى دخلنا على عبد الله رضي الله عنه وهو في بيته فأخبرناه وكان متكئا
فاستوى قاعدا فقال : أيها الناس من علم منكم علما فليقل به ومن لم يعلم فليقل الله
أعلم
قال الله لرسوله صلى الله عليه و سلم قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من
المتكلفين
وأخرج الديلمي وابن عساكر عن الزبير رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : إني لا ألى من التكلف وصالحوا أمتي
وأخرج أحمد وابن عدي والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن شقيق رضي
الله عنه قال : دخلت أنا وصاحب لي على سلمان رضي الله عنه فقرب إلينا خبزا وملحا
فقال : لولا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهانا عن التكلفت لتكلف لكم فقال
صاحبي لو كان في ملحتنا صعتر فبعث مطهرته فرهنها فجاء الصعتر فلما أكلنا قال صاحبي
: الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا
فقال سلمان رضي الله عنه : لو قنعت ما كانت مطهرتي مرهونة عند البقال
وأخرج الطبراني والحاكم والبيهقي عن سلمان رضي الله عنه قال : " نهانا رسول
الله صلى الله عليه و سلم أن نتكلف للضيف "
وأخرج البيهقي عن سلمان رضي الله عنه قال : " أمرنا رسول الله صلى الله عليه
و سلم أن لا نتكلف للضيف ما ليس عندنا وأن نقدم ما حضر "
(7/208)
وأخرج
ابن عدي عن أبي برزة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : "
ألا أنبئكم بأهل الجنة ؟ قلنا بلى يا رسول الله قال : الرحماء بينهم
ألا أنبئكم بأهل النار ؟ قلنا بلى
قال : هم الآيسون والقانطون والكذابون والمتكلفون "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن المنذر قال : آية المتكلف ثلاث
تكلف فيما لا يعلم وينازل من فوقه ويتعاطى ما لا ينال
وأخرج ابن سعد عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : من علم علما فليعلمه ولا
يقولن ما ليس له به علم فيكون من المتكلفين ويمرق من الدين
الآية 88 أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ولتعلمن
نبأه بعد حين قال : بعد الموت وقال الحسن رضي الله عنه : يا ابن آدم عند الموت
يأتيك الخبر اليقين
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله ولتعلمن نبأه بعد حين قال بعضهم :
يوم القيامة
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله ولتعلمن نبأه قال : صدق هذا
الحديث نبأ ما كذبوا به بعد حين من الدنيا وهو يوم القيامة وقرأ لكل نبأ مستقر
الأنعام الآية 67 قال : وهو الآخرة يستقر فيها الحق ويبطل فيها الباطل
(7/209)
بسم
الله الرحمن الرحيم 39
سورة الزمر
مكية وآياتها خمس وسبعون
مقدمة سورة الزمر أخرج ابن الضريس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس
رضي الله عنهما قال : أنزلت سورة الزمر بمكة
وأخرج النحاس في تاريخه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت بمكة سورة الزمر
سوى ثلاث آيات نزلت بالمدينة في وحشي قاتل حمزة قل يا عبادي الذين أسرفوا على
أنفسهم
إلى ثلاث آيات
الآيات 1 - 4 أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في
قوله إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق يعني القرآن فأعبد الله مخلصا له الدين ألا لله
الدين الخالص قال : شهادة أن لا إله إلا الله والذين اتخذوا من دونه أولياء ما
نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى قال : ما نعبد هذه الآلهة إلا ليشفعوا لنا عند
الله تعالى
(7/210)
وأخرج
ابن مردويه عن يزيد الرقاشي رضي الله عنه
أن رجلا قال : يا رسول الله إنا نعطي أموالنا التماس الذكر فهل لنا في ذلك من أجر
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أن الله لا يقبل إلا من أخلص له
ثم تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية ألا لله الدين الخالص "
وأخرج ابن جرير من طريق جويبر عن ابن عباس رضي الله عنهما والذين اتخذوا من دونه
أولياء
قال : أنزلت في ثلاثة أحياء
عامر وكنانة وبني سلمة
كانوا يعبدون الأوثان ويقولون الملائكة بناته
فقالوا ما نعبدهم ليقربونا إلى الله زلفى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ما نعبدهم
إلا ليقربونا إلى الله زلفى قال : قريش يقولون للأوثان ومن قبلهم يقولونه للملائكة
ولعيسى بن مريم ولعزيز
وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد رضي الله عنه قال كان عبد الله رضي الله عنه يقرأ
والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه كان يقرأها " قالوا ؟ ؟
ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى "
الآية 5 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله يكور
الليل على النهار قال : يحمل الليل
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه يكور الليل على
النهار ويكور النهار على الليل قال : هو غشيان أحدهما على الآخر
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله يكور الليل على النهار
(7/211)
ويكور
النهار على الليل قال : يغشي هذا هذا وهذا هذا
آية 6 أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله
خلقكم من نفس واحدة يعني آدم وخلق منها زوجها خلقها من ضلع من أضلاعه و أنزل لكم
من الأنعام ثمانية أزواج يخلقكم في بطون أمهاتكم خلقا من بعد خلق قال : نطفة ثم
علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم لحما ثم أنبت الشعر أطوارا في ظلمات ثلاث قال : البطن
والرحم والمشيمة فأنى تصرفون قال : كقوله فأنى تؤفكون الزخرف 87
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وأنزل لكم
من الأنعام ثمانية أزواج من الإبل والبقر والضان والمعز
وفي قوله من بعد خلق قال : نطفة ثم ما يتبعها حتى يتم خلقه في ظلمات ثلاث قال :
البطن والرحم والمشيمة
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
خلقا من بعد خلق قال : علقة ثم مضغة ثم عظاما في ظلمات ثلاث قال : ظلمة البطن
وظلمة الرحم وظلمة المشيمة
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك رضي الله عنه في ظلمات ثلاث قال البطن والرحم
والمشيمة
الآية 7
(7/212)
أخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي
الله عنهما إن تكفروا فإن الله غني عنكم يعني الكفار الذين لم يرد الله أن يطهر
قلوبهم فيقولون لا إله إلا الله
ثم قال ولا يرضى لعباده الكفر وهم عباده المخلصون الذين قال إن عبادي ليس لك عليهم
سلطان الحجر 42 فألزمهم شهادة أن لا إله إلا الله وحببها إليهم
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه ولا يرضى لعباده الكفر قال : لا يرضى
لعباده المسلمين الكفر
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال : والله ما رضي الله لعبده ضلالة ولا
أمره بها ولا دعا إليها ولكن رضي لكم طاعته وأمركم بها ونهاكم عن معصيته
الآية 8 أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله
دعا ربه منيبا إليه قال : أي مخلصا إليه
الآية 9 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية وابن
عساكر عن
(7/213)
ابن
عمر رضي الله عنهما
أنه تلا هذه الآية أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجو رحمة
ربه
قال : ذاك عثمان بن عفان
وفي لفظ نزلت في عثمان بن عفان
وأخرج ابن سعد في طبقاته وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله أمن هو
قانت آناء الليل ساجدا وقائما قال : نزلت في عمار بن ياسر
وأخرج جويبر عن عكرمة
مثله
وأخرج جويبر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت هذه الآية في ابن مسعود وعمار
وسالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله يحذر الآخرة
يقول : يحذر عذاب الآخرة
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه
أنه كان يقرأ " أمن هو قانت آناء الليل ساجدا وقائما يحذر عذاب الآخرة "
والله تعالى أعلم
أما قوله تعالى : يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه
أخرج الترمذي والنسائي وابن ماجة عن أنس رضي الله عنه قال : دخل رسول الله صلى
الله عليه و سلم على رجل وهو في الموت فقال كيف تجدك ؟ قال : أرجو وأخاف قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا
أعطاه الذي يرجو وأمنه الذي يخاف "
الآيات 10 - 14 أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله وأرض الله واسعة قال : أرضي واسعة فهاجروا واعتزلوا الأوثان
(7/214)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب
قال : لا والله ما هناك مكيال ولا ميزان
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير
حساب قال : بلغني أنه لا يحسب عليهم ثواب عملهم ولكن يزادون على ذلك
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " إن الله إذا أحب عبدا أو أراد أن يصافيه صب عليه البلاء صبا ويحثه
عليه حثا فإذا دعا قالت الملائكة عليهم السلام : صوت معروف قال جبريل عليه السلام
: يا رب عبدك فلان اقض حاجته
فيقول الله تعالى : دعه إني أحب أن أسمع صوته
فإذا قال يا رب
قال الله تعالى لبيك عبدي وسعديك
وعزتي لا تدعوني بشيء إلا استجبت لك ولا تسألني شيئا إلا أعطيتك
إما أن أعجل لك ما سألت وإما أن أدخر لك عندي أفضل منه وإما أن أدفع عنك من البلاء
أعظم منه
ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : وتنصب الموازين يوم القيامة فيأتون بأهل
الصلاة فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى بأهل الصيام فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى
بأهل الصدقة فيوفون أجورهم بالموازين ويؤتى بأهل الحج فيوفون أجورهم بالموازين
ويؤتى بأهل البلاء فلا ينصب لهم ميزان ويصب عليهم الأجر صبا بغير حساب حتى يتمنى
أهل العافية أنهم كانوا في الدنيا تقرض أجسادهم بالمقاريض مما يذهب به أهل البلاء
من الفضل
وذلك قوله إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب "
وأخرج الطبراني وابن عساكر وابن مردويه عن الحسن بن علي رضي الله عنه قال : سمعت
جدي رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن في الجنة شجرة يقال لها شجرة
البلوى يؤتى بأهل البلاء يوم القيامة فلا يرفع لهم ديوان ولا ينصب لهم ميزان يصب
عليهم الأجر صبا
وقرأ إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب "
وأخرج ابن أبي شيبه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يود أهل البلاء يوم القيامة
أن جلودهم كانت تقرض بالمقاريض
(7/215)
الآية
15 أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله قل إن الخاسرين الذين خسروا
أنفسهم
الآية
قال : هم الكفار الذين خلقهم الله للنار زالت عنهم الدنيا وحرمت عليهم الجنة
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله خسروا أنفسهم وأهليهم يوم
القيامة قال أهليهم من أهل الجنة كانوا أعدوا لهم لو عملوا بطاعة الله فغبنوهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله إن
الخاسرين الذين خسروا أنفسهم يخسرونها فيتحسرون في النار أحياء ويخسرون أهليهم فلا
يكون لهم أهل يرجعون إليهم
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه الذين خسروا
أنفسهم وأهليهم يوم القيامة قال : ليس أحد إلا قد أعد الله تعالى له أهلا في الجنة
إن أطاعه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن مجاهد
مثله
الآية 16 أخرج ابن المنذر عن مجاهد في قوله لهم من فوقهم ظلل قال : غواش ومن تحتهم
ظلل قال : مهاد
وأخرج ابن أبي شيبه عن سويد بن غفلة قال : إذا أراد الله أن يعذب أهل النار جعل
لكل إنسان منهم تابوتا من نار على قدره ثم أقفل عليه بأقفال من نار فلا
(7/216)
يعرف
منه عرق إلا وفيه مسمار ثم جعل ذلك التابوت في تابوت آخر من نار ثم يقفل بأقفال من
نار ثم يضرم بينهما نار فلا يرى أحد منهم أن في النار غيره
فذلك قوله لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل وقوله لهم من جهنم مهاد ومن
فوقهم غواش الأعراف 41
الآيات 17 - 18 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في قوله والذين
اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها قال : نزلت هاتان الآيتان في ثلاثة نفر كانوا في
الجاهلية يقولون : لا إله إلا الله
في زيد بن عمرو بن نفيل وأبي ذر الغفاري وسلمان الفارسي
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : كان سعيد بن زيد وأبو ذر وسلمان
يتبعون في الجاهلية أحسن القول وأحسن القول والكلام لا إله إلا الله
قالوا بها فأنزل الله تعالى على نبيه صلى الله عليه و سلم يستمعون القول فيتبعون
أحسنه
الآية
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن زيد قال الطاغوت الشيطان هو ههنا واحد وهي
جماعة
مثل قوله يا أيها الإنسان ما غرك الانتصار ؟ 6 قال : هي للناس كلهم الذين قال لهم
الناس إنما هو واحد
وخ عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه والذين اجتنبوا الطاغوت قال :
الشيطان
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وأنابوا إلى الله لهم البشرى قال : أقبلوا
إلى الله فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه قال : أحسنه طاعة الله
(7/217)
وأخرج
الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن الضحاك في قوله فيتبعون أحسنه قال : ما أمر
الله تعالى النبيين عليهم السلام من الطاعة
وأخرج سعيد بن منصور عن الكلبي في قوله الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه قال :
لولا ثلاث يسرني أن أكون قد مت
لولا أن أضع جبيني لله وأجالس قوما يلتقطون طيب الكلام كما يلتقطون طيب الثمر
والسير في سبيل الله
وأخرج جويبر عن جابر بن عبد الله قال : لما نزلت لها سبعة أبواب
الحجر 44
أتى رجل من الأنصار إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله إن لي سبعة
مماليك وإني أعتقت لكل باب منها مملوكا
فنزلت هذه الآية فبشر عبادي الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد قال لما نزلت فبشر عبادي الذين يستمعون القول
فيتبعون أحسنه أرسل رسول الله صلى الله عليه و سلم مناديا فنادى " من مات لا
يشرك بالله شيئا دخل الجنة
فاستقبل عمر الرسول فرده فقال : يا رسول الله خشيت أن يتكل الناس فلا يعملون
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لو يعلم الناس قدر رحمة الله لاتكلوا ولو
يعلمون قدر سخط الله وعقابه لاستصغروا أعمالهم "
الآيات 19 - 20 أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله لهم غرف من فوقها
غرف قال : علالي
الآية 21
(7/218)
أخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ألم تر أن الله أنزل من السماء
ماء فسلكه ينابيع في الأرض قال : ما أنزل الله من السماء ولكن عروق في الأرض تغمره
فذلك قوله فسلكه ينابيع في الأرض فمن سره أن يعود الملح عذبا فليصعد
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة والخرائطي في مكارم الأخلاق عن الشعبي رضي
الله عنه في قوله فسلكه ينابيع في الأرض أصله من السماء
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله فسلكه ينابيع في الأرض قال :
عيونا
وأخرج عبد بن حميد عن الكبي رضي الله عنه قال : العيون والركايا مما أنزل الله من
السماء فسلكه ينابيع في الأرض والله أعلم
الآية 22 أخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله أفمن شرح الله
صدره للإسلام الآية
قال : ليس المشروح صدره كالقاسية قلوبهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله أفمن شرح
الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه قالوا : يا رسول الله فهل ينفرج الصدر ؟ قال
: نعم
قالوا : هل لذلك علامة ؟ قال : نعم
التجافي عن دار الغرور والإنابة إلى دار الخلود والاستعداد للموت قبل نزول الموت
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : تلا رسول الله صلى الله
عليه و سلم هذه الآية أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه فقلنا يا
رسول الله كيف انشراح صدره ؟ قال : " إذا دخل النور القلب انشرح وانفسح
قلنا يا رسول الله فما علامة ذلك ؟ قال : الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار
الغرور والتأهب للموت قبل نزول الموت "
(7/219)
وأخرج
الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن ابن عمر رضي الله عنهما
أن رجلا قال : يا نبي الله أي المؤمنين أكيس ؟ قال " أكثرهم ذكر للموت
وأحسنهم له استعدادا وإذا دخل النور القلب انفسح واستوسع
فقالوا ما آية ذلك يا نبي الله ؟ قال : الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار
الغرور والاستعداد للموت قبل نزول الموت " ثم أخرج عن أبي جعفر عبد الله بن
المسور عن رسول الله صلى الله عليه و سلم نحوه وزاد فيه أفمن شرح الله صدره
للإسلام فهو على نور من ربه
أما قوله تعالى : فويل للقاسية قلوبهم
وأخرج الترمذي وابن مردويه وابن شاهين في الترغيب في الذكر في شعب الإيمان عن ابن
عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا تكثروا
الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب وإن أبعد الناس من
الله القاسي "
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الجلد رضي الله عنه
أن عيسى عليه السلام أوصى إلى الحواريين : أن لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله
فتقسوا قلوبكم وإن القاسي قلبه بعيد من الله ولكن لا يعلم
وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" أكل العباد ونومهم عليه قسوة في قلوبهم "
وأخرج العقيلي والطبراني في الأوسط وابن عدي وابن السني وأبو نعيم كلاهما في الطب
والبيهقي في شعب الإيمان وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : " أذيبوا طعامكم بذكر الله والصلاة ولا تناموا عليه فتقسوا
قلوبكم "
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" يورث القسوة في القلب ثلاث خصال
حب الطعام وحب النوم وحب الراحة "
والله أعلم
الآية 23
(7/220)
أخرج
ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قالوا : يا رسول الله لو حدثتنا فنزل
الله نزل أحسن الحديث
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها
مثاني قال : القرآن كله مثاني
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله مثاني قال : القرآن يشبه
بعضه بعضا ويرد بعضه إلى بعض
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما كتابا متشابها حلاله
وحرامه لا يختلف شيء منه
الآية تشبه الآية والحرف يشبه الحرف مثاني قال : يثني الله فيه الفرائض والحدود
والقضاء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه كتابا متشابها قال : القرآن
كله مثاني
قال : من ثناء الله إلى عبده
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله متشابها قال :
يفسر بعضه بعضا ويدل بعضه على بعض
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي رجاء رضي الله عنه قال : سألت الحسن رضي الله
عنه عن قول الله تعالى الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها قال : ثنى الله فيه
القضاء
تكون في هذه السورة الآية وفي السورة الآية الأخرى تشبه بها
وأخرج عبد بن حميد عن أبي ؟ رضي الله عنه قال : سأل عكرمة رضي الله عنه عنها وأنا
أسمع فقال : ثنى الله فيه القضاء
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله تقشعر
منه جلود الذين يخشون ربهم هذا نعت أولياء الله نعتهم الله تعالى قال : تقشعر
جلودهم وتبكي أعينهم وتطمئن قلوبهم إلى ذكر الله تعالى
ولم ينعتهم الله تعالى بذهاب عقولهم والغشيان عليهم إنما هذا في أهل البدع وإنما
هو من الشيطان
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله تقشعر منه جلود الذين يخشون
ربهم
قال : إذا سمعوا ذكر الله والوعيد اقشعروا ثم تلين
(7/221)
جلودهم
إذا سمعوا ذكر الجنة واللين يرجون رحمة الله
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر وابن مردويه وابن أبي حاتم وابن عساكر عن عبد
الله بن عروة بن الزبير قال : قلت لجدتي أسماء رضي الله عنها كيف كان يصنع أصحاب
رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قرأوا القرآن ؟ قالت : كانوا كما نعتهم الله
تعالى تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم
قلت : فإن ناسا ههنا إذا سمعوا ذلك تأخذهم عليه غشية فقالت : أعوذ بالله من
الشيطان الرجيم
وأخرج الزبير بن بكار في الموفقيات عن عامر بن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه
قال : جئت أمي فقلت : وجدت قوما ما رأيت خيرا منهم قط يذكرون الله تعالى فيرعد
أحدهم حتى يغشى عليه من خشية الله فقالت : لا تقعد معهم
ثم قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يتلو القرآن ورأيت أبا بكر وعمر
يتلوان القرآن فلا يصيبهم هذا
أفتراهم أخشى من أبي بكر وعمر ؟ وأخرج ابن أبي شيبه عن قيس بن جبير رضي الله عنه
قال : الصعقة من الشيطان
أخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر عن إبراهيم رضي الله عنه في الرجل
يرى الضوء قال : من الشيطان لو كان يرى خيرا لأوثر به أهل بدر
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه : إذا
اقشعر جلد العبد من خشية الله تحاتت عنه خطاياه كما يتحات عن الشجرة البالية ورقها
وأخرج الحكيم الترمذي عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال : ليس من عبد على سبيل ذكر
سنة ذكر الرحمن فاقشعر جلده من مخافة الله تعالى إلا كان مثله مثل شجرة يبس ورقها
وهي كذلك فأصابتها ريح تحات ؟ ورقها كما تحات عن الشجرة البالية ورقها وليس من عبد
على سبيل وذكر سنة وذكر الرحمن ففاضت عيناه من خشية الله إلا لم تمسه النار أبدا
الآيات 24 - 27
(7/222)
أخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله أفمن
يتقي بوجهه سوء العذاب يوم القيامة قال : يجر على وجهه في النار وهو مثل قوله أفمن
يلقى في النار خير أمن يأتي آمنا يوم القيامة فصلت الآية 40
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ينطلق به إلى النار مكتوفا ثم
يرمى فيها فأول ما تمس وجهه النار
الآية 28 أخرج الآجري في الشريعة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن
عباس رضي الله عنهما في قوله قرآنا عربيا غير ذي عوج قال : غير مخلوق
وأخرج الديلمي في مسند الفردوس عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم
في قوله قرآنا عربيا غير ذي عوج قال : غير مخلوق
وأخرج ابن شاهين في السنة عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال " القرآن كلام الله غير مخلوق "
وأخرج ابن أبي حاتم في السنة والبيهقي في الأسماء والصفات عن الفرج بن زيد الكلاعي
رضي الله عنه قال : قالوا لعلي رضي الله عنه : حكمت كافرا ومنافقا فقال : ما حكمت
مخلوقا ما حكمت إلا القرآن
وأخرج البيهقي وابن عدي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : القرآن كلام الله
وليس كلام الله بمخلوق
وأخرج البيهقي عن عكرمة رضي الله عنه قال : صلى ابن عباس رضي الله عنهما على جنازة
فلما وضع الميت في قبره قال له رجل : اللهم رب القرآن اغفر له
فقال
(7/223)
له
ابن عباس رضي الله عنه : مه لا تقل مثل هذا منه بدا وإليه يعود
وفي لفظ فقال ابن عباس : ثكلتك أمك
! إن القرآن منه
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : القرآن كلام الله
وأخرج البيهقي عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه قال : أدركت مشيختنا منذ سبعين سنة
منهم عمرو بن دينار يقولون : القرآن كلام الله ليس بمخلوق
وأخرج البيهقي عن جعفر بن محمد عن أبيه قال : سأل علي بن الحسين عن القرآن فقال :
ليس بخالق ولا بمخلوق وهو كلام الخالق
وأخرج البيهقي عن قيس بن الربيع قال سألت جعفر بن محمد رضي الله عنه عن القرآن
فقال : كلام الله قلت : مخلوق ؟ قال : لا
قلت : فما تقول فيمن زعم أنه مخلوق ؟ قال : يقتل ولا يستتاب
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله
قرآنا عربيا غير ذي عوج قال : غير ذي سلس
الآية 29 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ضرب الله مثلا
رجلا فيه شركاء متشاكسون قال : الرجل يعبد آلهة شتى
فهذا مثل ضربه الله تعالى لأهل الأوثان ورجلا سلما يعبد الها واحدا ضرب لنفسه مثلا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله ضرب الله مثلا رجلا
فيه شركاء متشاكسون قال : هو المشرك تنازعه الشياطين لا يعرفه بعضهم لبعض ورجلا
سلما لرجل قال : هذا المؤمن أخلص لله الدعوة والعبادة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ضرب الله مثلا رجلا
فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل قال : آلهة الباطل وإله الحق
(7/224)
وأخرج
عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه شركاء متشاكسون يعني الصنم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ورجلا سلما قال
: ليس لأحد فيه شيء
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأها " ورجلا سلما لرجل
" بغير ألف منصوبة اللام
وأخرج ابن أبي حاتم عن مبشر بن عبيد القرشي رضي الله عنه قال : قراءة عبد الله بن
عمر رضي الله عنه ورجلا سلما لرجل قال : خالصا
فإنما يعني مستسلما لرجل
الآيات 30 - 31 أخرج عبد بن حميد والنسائي وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن
ابن عمر رضي الله عنه قال : لقد لبثنا برهة من دهرنا ونحن نرى أن هذه الآية نزلت
فينا وفي أهل الكتابين من قبل إنك ميت وإنهم ميتون ثم أنكم يوم القيامة عند ربكم
تختصمون قلنا : كيف نختصم ونبينا واحد وكتابنا واحد ؟ حتى رأيت بعضنا يضرب وجوه
بعض بالسيف فعرفت أنها نزلت فينا
وأخرج نعيم بن حماد في الفتن والحاكم وصححه وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما
قال : عشنا برهة من دهرنا ونحن نرى هذه الآية نزلت فينا إنك ميت وإنهم ميتون ثم
إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون فقلت : لم نختصم
أما نحن فلا نعبد إلا الله وأما ديننا فالإسلام وأما كتابنا فالقرآن لا نغيره أبدا
ولا نحرف الكتاب وأما قبلتنا فالكعبة وأما حرمنا فواحد وأما نبينا فمحمد صلى الله
عليه و سلم
فكيف نختصم ؟ حتى كفح بعضنا وجه بعض بالسيف فعرفت أنها نزلت فينا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما
(7/225)
قال
: نزلت علينا الآية ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون وما ندري ما تفسيرها
ولفظ عبد بن حميد : وما ندري فيم نزلت ! قلنا ليس بيننا خصومة فما التخاصم ؟ حتى
وقعت الفتنة فقلنا : هذا الذي وعدنا ربنا أن نختصم فيه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن عساكر عن إبراهيم النخعي رضي الله
عنه قال : أنزلت هذه الآية إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم
تختصمون وما ندري فيم نزلت ! قلنا : ليس بيننا خصومة قالوا وما خصومتنا ونحن إخوان
؟ ! فلما قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه قالوا : هذه خصومة ما بيننا
وأخرج عبد بن حميد عن الفضل بن عيسى رضي الله عنه قال : لما قرأت هذه الآية إنك
ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون قيل : يا رسول الله فما
الخصومة ؟ قال : " في الدماء "
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله إنك ميت وإنهم ميتون قال :
" نعى لنبيه صلى الله عليه و سلم نفسه ونعى لكم أنفسكم "
وأخرج عبد الرزاق واحمد وابن منيع وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن أبي حاتم
والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في البعث والنشور عن
الزبير بن العوام رضي الله عنه قال : لما نزلت إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم
القيامة عند ربكم تختصمون قلت : يا رسول الله أينكر علينا ما يكون بيننا في الدنيا
مع خواص الذنوب ؟ قال : نعم
لينكرن ذلك عليكم حتى يؤدى إلى كل ذي حق حقه
قال الزبير رضي الله عنه : فو الله إن الأمر لشديد
وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه وأبو نعيم عن عبد الله بن الزبير رضي الله
عنه قال : لما أنزلت هذه الآية إنك ميت وإنهم ميتون ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم
تختصمون قال الزبير رضي الله عنه : يا رسول الله يكرر علينا ما كان بيننا في
الدنيا مع خواص الذنوب ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " نعم
ليكرر ذلك عليكم حتى يؤدي إلى كل ذي حق حقه " قال الزبير رضي الله عنه : إن
الأمر لشديد
وأخرج سعيد بن منصور عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : لما نزلت ثم إنكم يوم
القيامة عند ربكم تختصمون كنا نقول ربنا واحد وديننا واحد فما
(7/226)
هذه
الخصومة ؟ ! فلما كان يوم صفين وشد بعضنا على بعض بالسيوف قلنا : نعم
هو هذا
وأخرج أحمد بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " ليختصمن يوم القيامة كل شيء حتى الشاتين فيما انتطحتا "
وأخرج الطبراني وابن مردويه بسند لا بأس به عن أبي أيوب رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " أول من يختصم يوم القيامة الرجل
وامرأته
والله ما يتكلم لسانها ولكن يداها ورجلاها يشهدان عليها بما كانت لزوجها وتشهد
يداه ورجلاه بما كان يوليها
ثم يدعى الرجل وخادمه بمثل ذلك ثم يدعى أهل الأسواق وما يوجد ثم دوانق ولا قراريط
ولكن حسنات هذا تدفع إلى هذا الذي ظلم وسيئآت هذا الذي ظلمه توضع عليه ثم يؤتى
بالجبارين في مقامع من حديد فيقال : أوردوهم إلى النار
فو الله ما أدري يدخلونها أو كما قال الله وإن منكم إلا واردها مريم الآية71
وأخرج أحمد والطبراني بسند حسن عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " أول خصمين يوم القيامة جاران "
وأخرج البزار عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" يجاء بالأمير الجائر فتخاصمه الرعية "
وأخرج ابن منده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يختصم الناس يوم القيامة حتى
يختصم الروح مع الجسد
فتقول الروح للجسد أنت فعلت ويقول الجسد للروح أنت أمرت وأنت سولت
فيبعث الله تعالى ملكا فيقضي بينهما فيقول لهما : إن مثلكما كمثل رجل مقعد بصير
وآخر ضرير دخلا بستانا فقال المقعد للضرير : أني أرى ههنا ثمارا ولكن لا أصل إليها
فقال له الضرير : اركبني فتناولها فركبه فتناولها فأيهما المعتدي ؟ فيقولان :
كلاهما فيقول لهما الملك : فإنكما قد حكمتما على أنفسكما
يعني أن الجسد للروح كالمطية وهو راكبه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم
تختصمون يقول : يخاصم الصادق الكاذب والمظلوم الظالم والمهتدي الضال والضعيف
المستكبر
(7/227)
وأخرج
أحمد في الزهد عن أبي الدرداء رضي الله عنه
أن رجلا أبصر جنازة فقال : من هذا ؟ قال : أبو الدرداء رضي الله عنه : هذا أنت هذا
أنت
يقول الله إنك ميت وإنهم ميتون
الآيات 32 - 35 أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة في
قوله فمن أظلم ممن كذب على الله وكذب بالصدق أي بالقرآن وصدق به قال : المؤمنون
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الأسماء
والصفات عن ابن عباس في قوله والذي جاء بالصدق يعني بلا إله إلا الله وصدق به يعني
برسول الله صلى الله عليه و سلم أولئك هم المتقون يعني اتقوا الشرك
وأخرج ابن جرير والباوردي في معرفة الصحابة وابن عساكر من طريق أسيد بن صفوان وله
صحبة عن علي بن أبي طالب قال الذي جاء بالحق محمد وصدق به أبو بكر رضي الله عنه
هكذا الرواية بالحق ولعلها قراءة لعلي رضي الله عنه
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة والذي جاء بالصدق قال : رسول الله صلى الله عليه و
سلم وصدق به قال : علي بن أبي طالب رضي الله عنه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله والذي جاء بالصدق قال : هو جبريل
عليه السلام وصدق به قال : هو النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر
(7/228)
عن
مجاهد أنه كان يقرأ " والذي جاء بالصدق وصدقوا به " قال : هم أهل القرآن
يجيئون بالقرآن يوم القيامة يقولون : هذا ما أعطيتمونا قد اتبعنا ما فيه
الآيات 36 - 37 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السدي في قوله أليس الله بكاف عبده
قال : محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة قال : قال لي رجل : قالوا للنبي صلى الله
عليه و سلم لتكفن عن شتم آلهتنا أو لتأمرنها فلتخبلنك
فنزلت ويخوفونك بالذين من دونه
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن جرير عن قتادة ويخوفنك بالذين من دونه قال :
بالآلهة قال : بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم خالد بن الوليد ليكسر العزى فقال
سادنها : - وهو قيمها - يا خالد إني أحذركها لا يقوم لها شيء فمشى إليها خالد
بالفأس وهشم أنفها
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد ويخوفونك بالذين من دونه قال : الأوثان
والله أعلم
الآيات 38 - 41
(7/229)
أخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قل أرأيتم ما تدعون من دون الله يعني الأصنام
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ هل هن كاشفات ضره مضاف لآمنون كاشفات
وممسكات رحمته مثلها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وما أنت عليهم بوكيل قال : بحفيظ
والله أعلم
الآية 42 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله الله يتوفى الأنفس
الآية
قال : نفس وروح بينهما شعاع الشمس فيتوفى الله النفس في منامه ويدع الروح في جسده
وجوفه يتقلب ويعيش فإن بدا لله أن يقبضه قبض الروح فمات أو أخر أجله رد النفس إلى
مكانها من جوفه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني في الأوسط وأبو الشيخ في
العظمة والضياء في المختارة عن ابن عباس في قوله الله يتوفى الأنفس حين موتها
الآية قال : يلتقي أرواح الأحياء وأرواح الأموات في المنام فيتساءلون بينهم ما شاء
الله تعالى ثم يمسك الله أرواح الأموات ويرسل أرواح الأحياء إلى
(7/230)
أجسادها
إلى أجل مسمى لا يغلط بشيء من ذلك
فذلك قوله إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله الله يتوفى الأنفس حين موتها
قال : كل نفس لها سبب تجري فيه فإذا قضى عليها الموت نامت حتى ينقطع السبب والتي
لم تمت تترك
وأخرج جويبر عن ابن عباس في الآية قال : سبب ممدود بين السماء والأرض فأرواح
الموتى وأرواح الأحياء إلى ذلك السبب فتعلق النفس الميتة بالنفس الحية فإذا أذن
لهذه الحية بالأنصراف إلى جسدها لتستكمل رزقها أمسكت النفس الميتة وأرسلت الأخرى
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن فرقد قال : ما من ليلة من ليالي الدنيا إلا
والرب تبارك وتعالى يقبض الأرواح كلها مؤمنها وكافرها
فيسأل كل نفس ما عمل صاحبها من النهار وهو أعلم ثم يدعو ملك الموت فيقول : اقبض
هذا واقبض هذا من قضى عليه الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن سليم بن عامر أن عمر بن الخطاب قال : العجب من
رؤيا الرجل أنه يبيت فيرى الشيء لم يخطر له على باله فتكون رؤياه كأخذ باليد ويرى
الرجل الرؤيا فلا تكون رؤياه شيئا ! فقال علي بن أبي طالب : أفلا أخبرك بذلك يا
أمير المؤمنين ؟ يقول الله تعالى الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في
منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى فالله يتوفى الأنفس
كلها فما رأت وهي عنده في السماء فهي الرؤيا الصادقة وما رأت إذا أرسلت إلى
أجسادها تلقتها الشياطين في الهواء فكذبتها وأخبرتها بالأباطيل فكذبت فيها
فعجب عمر من قوله
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أيوب
أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم حين كان نازلا عليه في بيته حين أراد أن
يرقد قال كلاما لم نفهمه قال : فسألته عن ذلك فقال " اللهم أنت تتوفى الأنفس
حين موتها والتي لم تمت في منامها فتمسك التي قضي عليها الموت وترسل الأخرى إلى
أجل مسمى أنت خلقتني وأنت تتوفاني فإن أنت توفيتني فاغفر لي وأن أنت أخرتني
فاحفظني "
(7/231)
وأخرج
البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " إذا أوى أحدكم إلى فراشه فلينفضه بداخلة إزاره فإنه لا يدري ما خلفه عليه
ثم ليقل : اللهم باسمك ربي وضعت جنبي وباسمك أرفعه أن أمسكت نفسي فارحمها وإن
أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به الصالحين من عبادك "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه
و سلم في سفره الذي ناموا فيه حتى طلعت الشمس ثم قال : " إنكم كنتم أمواتا
فرد الله إليكم أرواحكم "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري وأبو داود والنسائي عن أبي قتادة رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لهم ليلة الوادي : " إن الله قبض أرواحكم
حين شاء وردها عليكم حين شاء "
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كنت مع النبي صلى الله عليه و
سلم في سفر فقال : " من يكلؤنا الليلة ؟ فقلت : أنا
فنام ونام الناس ونمت فلم نستيقظ إلا بحر الشمس
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : أيها الناس إن هذه الأرواح عارية في أجساد
العباد فيقبضها إذا شاء ويرسلها إذا شاء "
وأخرج الطبراني عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : " كنا مع رسول الله صلى الله
عليه و سلم في سفر فلم يستيقظ حتى طلعت الشمس فأقام الصلاة ثم صلى بهم
ثم قال : إذا رقد أحدكم فغلبته عيناه فليفعل هكذا
فإن الله سبحانه وتعالى يتوفي الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها "
الآيات 43 - 45
(7/232)
أخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله أم اتخذوا من دون الله شفعاء
قال : الآلهة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في البعث والنشور عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله قل لله الشفاعة جميعا قال : لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وإذا ذكر
الله وحده اشمأزت قال : انقبضت قال : هو يوم قرأ النبي صلى الله عليه و سلم عليهم
والنجم عند باب الكعبة
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب
الذين لا يؤمنون بالآخرة قال : قست ونفرت قلوب هؤلاء الأربعة الذين لا يؤمنون
بالآخرة : أبو جهل بن هشام والوليد بن عتبة وصفوان وأبي بن خلف وإذا ذكر الذين من
دونه اللات والعزى إذا هم يستبشرون
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله عز و جل اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة قال : نفرت قلوب الكافرين من
ذكر الله سبحانه وتعالى قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت عمرو بن كلثوم الثعلبي وهو يقول : إذا غض النفاق لها اشمأزت وولته عشورته
زبونا وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله
وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة قال : استكبرت ونفرت وإذا
ذكر الذين من دونه قال : الآلهة
الآيات 46 - 48
(7/233)
أخرج
مسلم وأبو داود والبيهقي في الأسماء والصفات عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان
رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قام من الليل افتتح صلاته " اللهم رب
جبريل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين
عبادك فيما كانوا فيه يختلفون
اهدني لما اختلفت من الحق بإذنك أنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم "
الآيات 49 - 52 أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله ثم إذا خولناه نعمة منا قال : أعطيناه قال إنما أوتيته على علم
أي على شرف أعطانيه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في
قوله ثم إذا خولناه نعمة منا قال : أعطيناه
وعن قتادة في قوله إنما أوتيته على علم قال : قال : على خبر عندي بل هي فتنة قال :
بلاء
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله قد قالها الذين من قبلهم الأمم
الماضية والذين ظلموا من هؤلاء قال : من أمة محمد صلى الله عليه و سلم
(7/234)
الآية
53 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله قل يا عبادي
الذين أسرفوا على أنفسهم في مشركي أهل مكة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في
الدلائل عن ابن عمر رضي الله عنهما ؟ فكتبتها بيدي ثم بعثت إلى هشام بن العاصي
وأخرج الطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان بسند لين عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : " بعث رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى وحشي بن حرب قاتل
حمزة يدعوه إلى الإسلام فأرسل إليه : يا محمد كيف تدعوني وأنت تزعم أن من قتل أو
أشرك أو زنى يلق أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا الفرقان 69
وأنا صنعت ذلك فهل تجد لي من رخصة ؟ فأنزل الله إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا
فأولئك يبدل الله سيئآتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما الفرقان 70 فقال وحشي : هذا
شرط شديد إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا الفرقان 70 فلعلي لا أقدر على هذا
فأنزل الله إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء النساء 48 فقال
وحشي : هذا أرى بعد مشيئة فلا يدري يغفر لي أم لا فهل غير هذا ؟ فأنزل الله يا
عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم
الآية قال وحشي : هذا فهم
فأسلم فقال الناس : يا رسول الله : إنا أصبنا ما أصاب وحشي قال : بلى للمسلمين
عامة "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي سعيد قال : لما أسلم وحشي أنزل الله والذين
لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق الفرقان 68
قال وحشي وأصحابه : فنحن قد إرتكبنا هذا كله
فأنزل الله قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم
الآية
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة عن وحشي قال : لما كان في أمر حمزة
(7/235)
ما
كان ألقى الله خوف محمد صلى الله عليه و سلم في قلبي خرجت هاربا أكمن النهار وأسير
الليل حتى صرت إلى أقاويل حمير فنزلت فيهم فأقمت حتى أتاني رسول رسول الله صلى
الله عليه و سلم يدعوني إلى الإسلام قلت : وما الإسلام ؟ قال : تؤمن بالله ورسوله
وتترك الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله وشرب الخمر والزنا والفواحش كلها
وتستحم من الجنابة وتصلي الخمس
قال : إن الله قد أنزل هذه الآية يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم فقلت : أشهد أن
لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله فصافحني وكناني بأبي حرب
وأخرج البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة قال : خرج النبي صلى الله عليه و سلم
على رهط من أصحابه يضحكون فقال : " والذي نفسي بيده لو تعلمون ما أعلم لضحكتم
قليلا ولبكيتم كثيرا
ثم انصرف وبكى القوم فأوحى الله إليه : يا محمد لم تقنط عبادي ؟ فرجع النبي صلى
الله عليه و سلم وقال : أبشروا وقربوا وسددوا "
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في سننه عن عمر بن الخطاب قال : اتفقت أنا وعياش بن أبي
ربيعة وهشام بن العاصي بن وائل أن نهاجر إلى المدينة
فخرجت أنا وعياش بن أبي ربيعة وهشام بن العاصي بن وائل أن نهاجر إلى المدينة
فخرجت أنا وعياش وفتن هشام فافتتن فقدم على عياش أخوه أبو جهل والحارث بن هشام
فقالا : إن أمك قد نذرت أن لا يظلها ظل ولا يمس رأسها غسل حتى تراك
فقلت : والله إن يريداك إلا أن يفتناك عن دينك وخرجا به
وفتنوه فافتتن قال : فنزلت يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة
الله قال : عمر رضي الله عنه : فكتبت إلى هشام فقدم
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم
لا تقنطوا من رحمة الله وذلك أن أهل مكة قالوا : يزعم محمد أن من عبد الأوثان ودعا
مع الله إلها آخر وقتل النفس التي حرم الله لم يغفر له فكيف نهاجر ونسلم وقد عبدنا
الآلهة وقتلنا النفس ونحن أهل الشرك ؟ فأنزل الله يا عبادي الذين أسرفوا على
أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا وقال وأنيبوا إلى ربكم
وأسلموا له وإنما يعاتب الله أولي الألباب وإنما الحلال والحرام لأهل الإيمان
فإياهم عاتب وإياهم أمر إذا أسرف أحدهم على نفسه أن لا يقنط من رحمة الله وأن يتوب
ولا يضن بالتوبة على لك الإسراف
(7/236)
والذنب
الذي عمل وقد ذكر الله تعالى في سورة آل عمران المؤمنين حين سألوا المغفرة فقالوا
: ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا آل عمران 147 فينبغي أن يعلم أنهم كانوا
يصيبون الأمرين فأمرهم بالتوبة
وأخرج ابن جرير عن عطاء بن يسار قال : نزلت هذه الآيات الثلاث بالمدينة في وحشي
وأصحابه يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم إلى قوله وأنتم لا تشعرون النساء 110
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : نزلت هذه الآية في عياش بن أبي ربيعة والوليد بن
الوليد ونفر من المسلمين كانوا أسلموا ثم فتنوا وعذبوا فافتتنوا فكنا نقول : لا
يقبل الله من هؤلاء صرفا ولا عدلا أبدا
أقوام أسلموا ثم تركوا دينهم بعذاب عذبوه فنزلت هؤلاء الآيات وكان عمر بن الخطاب
كاتبا فكتبها بيده ثم كتب بها إلى عياش والوليد وإلى أولئك النفر
فأسلموا وهاجروا
وأخرج أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ثوبان
قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " ما أحب أن لي الدنيا وما
فيها بهذه الآية يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم
إلى آخر الآية
فقال رجل : يا رسول الله فمن أشرك ؟ فسكت النبي صلى الله عليه و سلم قال : إلا ؟
ومن أشرك ثلاث مرات "
وأخرج أحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه وابن المنذر وابن الأنباري في
المصاحف والحاكم وابن مردويه عن أسماء بنت يزيد " سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقرأ يا عبادي الذي أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله
يغفر الذنوب جميعا ولا يبالي إنه هو الغفور الرحيم "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في حسن الظن وابن جرير وابن أبي
حاتم والطبراني والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن مسعود أنه مر على قاص يذكر الناس
فقال : يا مذكر الناس لا تقنط الناس ثم قرأ يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا
تقنطوا من رحمة الله
وأخرج ابن جرير عن ابن سيرين قال : قال علي أي آية أوسع ؟ فجعلوا يذكرون آيات من
القرآن من يعمل سوء ؟ أو يظلم نفسه النساء 110
ونحوها
فقال علي
(7/237)
رضي
الله عنه : ما في القرآن أوسع آية من يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله يا عبادي الذين
أسرفوا على أنفسهم
قد دعا الله إلى مغفرته من زعم أن المسيح هو الله ومن زعم أن المسيح ابن الله ومن
زعم أن عزيرا ابن الله ومن زعم أن الله فقير ومن زعم أن يد الله مغلولة ومن زعم أن
الله ثالث ثلاثة
يقول الله تعالى لهؤلاء أفلا يتوبون إلى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم المائدة
74 ثم دعا إلى توبته من هو أعظم قولا من هؤلاء
من قال أنا ربكم الأعلى النازعات 24 وقال ما علمت لكم من إله غيري القصص 38 قال
ابن عباس رضي الله عنهما : من آيس العباد من التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب الله
ولكن لا يقدر العبد أن يتوب حتى يتوب الله عليه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال : إن إبليس قال
: يا رب زدني قال : صدوركم مساكن لكم وتجرون منهم مجرى الدم قال : يا رب زدني
قال : اجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم
الشيطان إلا غرورا الإسراء 64 فقال آدم عليه السلام : يا رب قد سلطته علي وإني لا
أمتنع منه إلا بك فقال : لا يولد لك ولد إلا وكلت به من يحفظه من قرناء السوء
قال : يا رب زدني
قال : الحسنة عشرا أو أزيد والسيئة واحدة أو أمحوها قال : يا رب زدني قال : باب
التوبة مفتوح ما كان الروح في الجسد
قال : يا رب زدني قال يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن
الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم
وأخرج أحمد وأبو يعلى والضياء عن أنس رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله
عليه و سلم يقول : " والذي نفسي بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين
السماء والأرض ثم استغفرتم لغفر لكم
والذي نفس محمد بيده لو لم تخطئوا لجاء الله بقوم يخطئون ثم يستغفرون فيغفر لهم
"
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : " لولا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون فيغفر لهم
"
وأخرج الخطيب عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : أوحى الله إلى داود عليه
(7/238)
السلام
: يا داود إن العبد من عبيدي ليأتيني بالحسنة فأحكمه في
قال داود عليه السلام : وما تلك الحسنة ؟ قال : كربة فرجها عن مؤمن قال داود عليه
السلام : اللهم حقيق على من عرفك حق معرفتك أن لا يقنط منك
وأخرج الحكيم الترمذي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " قال لي جبريل عليه السلام : يا محمد إن الله يخاطبني يوم
القيامة فيقول : يا جبريل ما لي أرى فلان بن فلان في صفوف أهل النار ؟ فأقول : يا
رب أنا لم نجد له حسنة يعود عليه خيرها اليوم
فيقول الله : إني سمعته في دار الدنيا يقول : يا حنان يا منان فأته فاسأله فيقول
وهل من حنان ومنان غيري ؟ فآخذ بيده من صفوف أهل النار فأدخله في صفوف أهل الجنة
"
وأخرج ابن الضريس وأبو القسام بن بشير في أماليه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
قال : إن الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله تعالى ولم يرخص لهم في
معاصيه ولم يؤمنهم عذاب الله ولم يدع القرآن رغبة منه إلى غيره إنه لا خير في
عبادة لا علم فيها ولا علم لا فهم فيه ولا قراءة لا تدبر فيها
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال : إن للمتقنطين جسرا يطأ
الناس يوم القيامة على أعناقهم
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ألم أحدث أنك
تعظ الناس ؟ قال : بلى
قالت : فإياك وإهلاك الناس وتقنيطهم
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن زيد بن أسلم رضي الله عنه أن رجلا كان في الأمم
الماضية يجتهد في العبادة ويشدد على نفسه ويقنط الناس من رحمة الله تعالى ثم مات
فقال : أي رب ما لي عندك ؟ قال : النار قال : فأين عبادتي واجتهادي ؟ فقيل له كنت
تقنط الناس من رحمتي وأنا أقنطك اليوم من رحمتي
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال :
ذكر لنا أن ناسا أصابوا في الشرك عظاما فكانوا يخافون أن لا يغفر لهم فدعاهم الله
لهذه الاية يا عبادي الذين أسرفوا
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مجلز لاحق بن حميد السدوسي قال : " لما أنزل الله
على نبيه صلى الله عليه و سلم يا عبادي الذين أسرفوا لا تقنطوا من رحمة الله إن
الله
(7/239)
يغفر
الذنوب جميعا
إلى آخر الآية قام نبي الله صلى الله عليه و سلم فخطب الناس وتلا عليهم
فقام رجل فقال : يا رسول الله والشرك بالله ؟ فسكت فأعاد ذلك ما شاء الله فأنزل
الله إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء النساء 48
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم إلى
قوله وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له الزمر 54 قال عكرمة رضي الله عنه : قال ابن عباس
رضي الله عنهما فيها علقة وأنيبوا إلى ربكم
الآيات 54 - 59 أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه وأنيبوا إلى
ربكم وأسلموا له قال : أقبلوا إلى ربكم
وأخرج ابن المنذر عن عبيد بن يعلى رضي الله عنه قال : الإنابة الدعاء
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله أن
تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت
الآيات
قال أخبر الله سبحانه ما العباد قائلون قبل أن يقولوه وعملهم قبل أن يعلموه ولا
ينبئك مثل خبير فاطر 14 أن تقول نفس يا حسرتا على ما فرطت في جنب الله وإن كنت لمن
الساخرين يقول ؟ المحلوقين أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين أو تقول حين
ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين يقول : من المهتدين
فأخبر الله سبحانه
(7/240)
وتعالى
: أنهم لو ردوا لم يقدروا على الهدى قال الله تعالى ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه
وإنهم ؟ لكاذبون الأنعام 38 ؟ وقال ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول
مرة الأنعام 110 قال : ولو ردوا إلى الدنيا لحيل بينهم الهدى كما حلنا بينهم وبينه
أول مرة في الدنيا
وأخرج آدم بن أبي إياس وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في الأسماء
والصفات عن مجاهد رضي الله عنه في قوله على ما فرطت في جنب الله قال : في ذكر الله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه أن تقول نفس يا حسرتا على ما
فرطت في جنب الله وإن كنت لمن الساخرين قال : فلم يكفه أن ضيع طاعة الله تعالى حتى
جعل يسخر بأهل طاعة الله
قال : هذا قول صنف منهم أو تقول لو أن الله هداني لكنت من المتقين قال : هذا قول
صنف منهم آخر أو تقول حين ترى العذاب لو أن لي كرة فأكون من المحسنين قال : لو
رجعت إلى الدنيا قال : هذا قول صنف آخر
يقول الله ردا لقولهم وتكذيبا لهم بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت من
الكافرين
وأخرج أحمد والنسائي والحاكم وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " كل أهل النار يرى مقعده من الجنة
فيقول لو أن الله هداني فيكون عليه حسرة وكل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيحمد
الله فيكون له شكرا ثم تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم أن تقول نفس يا حسرتا
على ما فرطت في جنب الله "
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" ما جلس قوم مجلسا لا يذكرون الله فيه إلا كان عليهم حسرة يوم القيامة وإن
كانوا من أهل الجنة يرون ثواب كل مجلس ذكروا الله فيه ولا يرون ثواب ذلك المجلس
فيكون عليهم حسرة "
وأخرج البخاري في تاريخه والطبراني وابن مردويه عن أبي بكرة رضي الله عنه قال :
سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ بلى قد جاءتك آياتي فكذبت بها واستكبرت وكنت
من الكافرين
(7/241)
وأخرج
عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ " بلى قد جاءتك آياتي " بنصب الكاف "
فكذبت بها واستكبرت وكنت من الكافرين " بنصب التاء فيهن كلهن " وينجي
الله الذين اتقوا بمفازاتهم " على الجماع
الآيات 60 - 61 أخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري في الأدب والترمذي وحسنه
والنسائي وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في
صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان
يساقون إلى سجن في جهنم
يشربون من عصارة أهل النار طينة الخبال "
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن أنس رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن المتكبرين يوم القيامة يجعلون
في توابيت من نار يطبق عليهم ويجعلون في الدرك الأسفل من النار "
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي عن كعب رضي الله عنه قال : يحشر المتكبرون يوم القيامة
رجالا في صور الذر
يغشاهم الذل من كل مكان
يسلكون في نار الأنيار
يسقون من طينة الخبال عصارة أهل النار
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
" يجاء بالجبارين والمتكبرين رجالا في صور الذر يطؤهم الناس من هوانهم على
الله حتى يقضى بين الناس ثم يذهب بهم إلى نار الأنيار
قيل يا رسول الله وما نار الأنيار ؟ قال : عصارة أهل النار "
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه وينجي الله الذين اتقوا بمفازتهم قال :
بأعمالهم
(7/242)
الآية
62 أخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " ليسألنكم الناس عن كل شيء حتى يسألوكم هذا الله
خالق كل شيء فمن خلق الله ؟ فإن سئلتم فقولوا : الله كان قبل كل شيء وهو خالق كل
شيء وهو كائن بعد كل شيء
والله أعلم
الآية 63 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله له مقاليد السموات والأرض قال : مفاتيحها
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه له
مقاليد السموات قال : مفاتيح بالفارسية
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة والحسن رضي الله
عنهما له مقاليد السموات والأرض مفاتيحها
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : خرج علينا رسول الله صلى الله
عليه و سلم ذات غداة فقال : : إني رأيت في غداتي هذه كأني أتيت بالمقاليد
والموازين
فأما المقاليد : فالمفاتيح
وأما الموازين : فموازينكم هذه التي تزنون بها
وجيء بالموازين فوضعت ما بين السماء والأرض ثم وضعت في كفة
وجيء بالأمة فوضعت في الكفة الأخرى فرجحت بهم
ثم جيء بأبي بكر فوضع في كفة فوزن بهم ثم جيء بعمر فوضع في كفة والأمة في كفة
فوزنهم ثم رفعت الميزان "
وأخرج أبو يعلى ويوسف القاضي في سننه وأبو الحسن القطان في المطولات وابن السني في
عمل يوم وليلة وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عثمان بن عفان رضي الله
عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قول الله تعالى له مقاليد
السموات
(7/243)
والأرض
قال : " لا إله إلا الله والله أكبر سبحان الله والحمد لله
أستغفر الله الذي لا إله إلا هو الأول والآخر والظاهر والباطن يحيي ويميت وهو حي
لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير
يا عثمان من قالها كل يوم مائة مرة أعطي بها عشر خصال
أما أولها فيغفر له ما تقدم من ذنبه
وأما الثانية فيكتب له براءة من النار
وأما الثالثة فيوكل به ملكان يحفظانه في ليله ونهاره من الآفات والعاهات
وأما الرابعة فيعطى قنطارا من الأجر
وأما الخامسة فيكون له أجر من أعتق مائة رقبة محررة من ولد إسمعيل
وأما السادسة فيزوج من الحور العين
وأما السابعة فيحرس من إبليس وجنوده
وأما الثامنة فيعقد على رأسه تاج الوقار
وأما التاسعة فيكون مع إبراهيم
وأما العاشرة فيشفع في سبعين رجلا من أهل بيته
يا عثمان إن استطعت فلا يفوتك يوما من الدهر تفز بها من الفائزين وتسبق بها
الأولين والآخرين "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما
أن عثمان بن عفان رضي الله عنه جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال له :
أخبرني عن مقاليد السموات والأرض ؟ فقال : " سبحان الله والحمد لله ولا إله
إلا الله والله أكبر ولا حول
(7/244)
ولا
قوة إلا بالله العلي العظيم الأول والآخر والظاهر والباطن بيده الخير يحيي ويميت
وهو على كل شيء قدير
يا عثمان من قالها إذا أصبح عشر مرات وإذا أمسى أعطاه الله ست خصال
أما أولهن فيحرس من إبليس وجنوده
وأما الثانية فيعطى قنطارا من الأجر
وأما الثالثة فيتزوج من الحور العين
وأما الرابعة فيغفر له ذنوبه
وأما الخامسة فيكون مع إبراهيم
وأما السادسة فيحضره اثنا عشر ملكا عند موته يبشرونه بالجنة ويزفونه من قبره إلى
الموقف فإن أصابه شيء من أهاويل يوم القيامة قالوا له : لا تخف أنك من الآمنين ثم
يحاسبه الله حسابا يسيرا ثم يؤمر به إلى الجنة يزفونه إلى الجنة من موقفه كما تزف
العروس حتى يدخلوه الجنة بإذن الله والناس في شدة الحساب "
وأخرج الحارث بن أبي أسامة وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سأل عثمان
بن عفان رضي الله عنه عن مقاليد السموات والأرض فقال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول
ولا قوة إلا بالله العلي العظيم من كنوز العرش "
وأخرج العقيلي والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر رضي الله عنهما
أن عثمان رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن تفسير له مقاليد السموات
والأرض فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " ما سألني عنها أحد تفسيرها لا إله
إلا الله والله أكبر وسبحان الله والله أكبر وأستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا
بالله الأول والآخر والظاهر والباطن بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير
"
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه له مقاليد السموات والأرض له مفاتيح خزائن
السموات والأرض
الآيات 64 - 66 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما
أن قريشا دعت رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يعطوه مالا فيكون أغنى رجل بمكة
ويزوجوه ما أراد من النساء ويطأون عقبه
فقالوا له : هذا لك عندنا يا محمد وتكف عن شتم آلهتنا ولا تذكرها بسوء
فإن لم تفعل فإنا نعرض عليك خصلة واحدة هي لنا ولك ؟ فدلوه قال : " حتى أنظر
ما يأتيني من ربي فجاء الوحي قل يا أيها الكافرون الكافرون الآية 1 إلى آخر السورة
وأنزل الله عليه قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون ولقد أوحي إليك وإلى
الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين "
وأخرج البيهقي في الدلائل عن الحسن رضي الله عنه قال : قال المشركون للنبي صلى
الله عليه و سلم : إياك وأجدادك يا محمد
فأنزل الله قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون إلى قوله بل الله فاعبد وكن
من الشاكرين
الآية 67
(7/245)
أخرج
سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن جرير
وابن المنذر والدارقطني في الأسماء والصفات عن ابن مسعود رضي الله عنه قال :
" جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا محمد إنا
نجد أن الله يحمل السموات يوم القيامة على إصبع والأرضين على إصبع والشجر على إصبع
والماء والثرى على إصبع وسائر الخلق على إصبع
فيقول : أنا الملك
فضحك رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ثم قرأ رسول
الله صلى الله عليه و سلم وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة
وأخرج أحمد والترمذي وصححه وابن جرير وابن مردويه والبيهقي عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال : مر يهودي برسول الله صلى الله عليه و سلم وهو جالس قال : كيف تقول يا
أبا القاسم إذا وضع الله السموات على ذه وأشار بالسبابة والأرضين على ذه والجبال
على ذه وسائر الخلق على ذه
كل ذلك يشير بأصابعه ؟ فأنزل الله وما قدروا الله حق قدره
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن سعيد بن جبير
رضي الله عنه قال : تكلمت اليهود في صفة الرب فقالوا ما لم يعلموه وما لم يروا
فأنزل الله وما قدروا الله حق قدره
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه قال : اليهود نظروا في خلق السموات
والأرض والملائكة فلما زاغوا أخذوا يقدرونه
فأنزل الله وما قدروا الله حق قدره
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الربيع بن أنس رضي الله عنه قال :
لما نزلت وسع كرسيه السموات والأرض البقرة الآية 255 قالوا : يا رسول الله هذا
الكرسي هكذا فكيف بالعرش ؟ فأنزل الله وما قدروا الله حق قدره
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي وابن ماجة وابن
مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه : سمعت رسول الله
صلى الله عليه و سلم يقول : " يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السموات
بيمينه ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض ؟ "
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والنسائي وابن جرير
(7/246)
وابن
ماجة وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه والبيهقي في السماء والصفات
عن ابن عمر رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ هذه الآية
ذات يوم على المنبر وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة
والسموات مطويات بيمينه ورسول الله صلى الله عليه و سلم يقول هكذا بيده ويحركها
يقبل بها ويدبر يمجد الرب نفسه أنا الجبار أنا المتكبر أنا الملك أنا الكريم
فرجف برسول الله صلى الله عليه و سلم المنبر حتى قلنا ليخرن به
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والترمذي والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن
ابن عباس رضي الله عنهما قال : حدثتني عائشة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله
صلى الله عليه و سلم عن هذه الآية وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم
القيامة والسموات مطويات بيمينه قال : " يقول أنا الجبار أنا أنا
ويمجد نفسه فرجف برسول الله صلى الله عليه و سلم المنبر حتى أن قلنا ليخرن به
قالوا : فأين الناس يومئذ يا رسول الله ؟ قال : على جسر جهنم "
وأخرج البزار وابن عدي وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله
عنهما " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ هذه الآية على المنبر وما
قدروا الله حق قدره حتى بلغ عما يشركون فقال : المنبر هكذا
فذهب وجاء ثلاث مرات "
وأخرج أبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عمر
رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إذا كان يوم القيامة جمع
الله السموات السبع والأرضين السبع في قبضته ثم يقول " أنا الله أنا الرحمن
أنا الملك أنا القدوس أنا السلام أنا المؤمن أنا المهيمن أنا العزيز أنا الجبار
أنا المتكبر أنا الذي بدأت الدنيا ولم تك شيئا أنا الذي أعيدها أين الملوك
؟ أين الجبارون
؟ "
وأخرج الطبراني بسند ضعيف عن جرير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم لنفر من أصحابه : " أنا قارىء عليكم آيات من آخر الزمر فمن بكى منكم
وجبت له الجنة
فقرأها من عند وما قدروا الله حق قدره إلى آخر السورة فمنا من بكى ومنا من لم يبك
فقال الذين لم يبكوا : يا رسول الله لقد جهدنا أن نبكي فلم نبك فقال : إني
سأقرأوها عليكم فمن لم يبك فليتباك "
(7/247)
وأخرج
الطبراني بسند مقارب وأبو الشيخ في العظمة عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الله يقول : ثلاث خلال غيبتهن عن
عبادي لو رآهن رجل ما عمل سوء أبدا
لو كشفت غطائي فرآني حتى استيقن ويعلم كيف أعمل بخلقي إذا أمتهم
وقبضت السموات بيدي ثم قبضت الأرضين ثم قلت : أنا الملك من ذا الذي له الملك دوني
ثم أريهم الجنة وما أعددت لهم فيها من كل خير فيستيقنوا بها وأريهم النار وما
أعددت لهم فيها من كل شر فيستيقنوا بها
ولكن عمدا غيبت عنهم ذلك لأعلم كيف يعملون وقد بينته لهم "
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن مسروق رضي الله عنه
أن نبي الله صلى الله عليه و سلم قال ليهودي إذ ذكر من عظمة ربنا فقال : السموات
على الخنصر والأرضون على البنصر والجبال على الوسطى والماء على السبابة وسائر
الخلق على الإبهام
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا
قبضته "
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
يطوي الله السموات بما فيها من الخليقة والأرضين السبع بما فيها من الخليقة
يطوي كله بيمينه يكون ذلك في يده بمنزلة خردلة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه والسموات مطويات بيمينه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه والأرض جميعا قبضته يوم
القيامة والسموات مطويات بيمينه قال : كلهن في يمينه
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن شيبان النحوي رضي الله عنه وما قدروا الله حق
قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة قال : لم يفسرها قتادة
وأخرج البيهقي عن سفيان بن عيينة رضي الله عنه قال : كل ما وصف الله من نفسه في
كتابه
فتفسيره تلاوته والسكوت عليه
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " أتدري ما الكرسي ؟ قلت : لا
ما في السموات وما في الأرض وما فيهن في الكرسي إلا كحلقة ألقاها ملق في الأرض وما
الكرسي في العرش إلا كحلقة ألقاها ملق في الأرض وما الماء في الريح إلا كحلقة
ألقاها ملق في أرض فلاة وما جميع ذلك في قبضة الله عز و جل إلا كحبة وأصغر من
الحبة في كف
(7/248)
أحدكم
وذلك قوله والأرض جميعا قبضته يوم القيامة "
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما في السموات السبع والأرضين
السبع في يد الله عز و جل إلا كخردلة في يد أحدكم
وأخرج ابن جرير عن عائشة رضي الله عنها قالت : سألت النبي صلى الله عليه و سلم عن
قوله والأرض جميعا قبضته يوم القيامة فأين الناس يومئذ ؟ قال : " على الصراط
"
وأخرج ابن جرير عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : " أتى رسول الله صلى
الله عليه و سلم حبر من اليهود فقال : أرأيت إذ يقول الله عز و جل في كتابه والأرض
جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه فأين الخلق عند ذلك ؟ قال : هم
كرتم الكتاب "
الآية 68 أخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة وابن جرير
وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رجل من اليهود بسوق المدينة :
والذي اصطفى موسى على البشر
فرفع رجل من الأنصار يده فلطمه قال : أتقول هذا وفينا رسول الله ؟ فذكرت ذلك لرسول
الله صلى الله عليه و سلم فقال : " قال الله ونفخ في الصور فصعق من في
السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون فأكون أول
من يرفع رأسه فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أرفع رأسه قبلي
أو كان ممن استثنى الله عز و جل "
وأخرج أبو يعلى والدار قطني في الأفراد وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه
والبيهقي في البعث عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" سئل جبريل عليه السلام عن هذه الآية فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا
من شاء الله من الذين لم يشاء الله أن يصعقهم ؟ قال : هم الشهداء مقلدون بأسيافهم
حول عرشه تتلقاهم الملائكة عليهم السلام يوم القيامة إلى المحشر بنجائب من ياقوت
أزمتها الدر برحائل السندس والإستبرق نمارها ألين من الحرير
(7/249)
مد
خطاها مد أبصار الرجل يسيرون في الجنة يقولون عند طول البرهة : انطلقوا بنا إلى
ربنا ننظر كيف يقضي بين خلقه ؟ يضحك إليهم إلهي وإذا ضحك إلى عبد في موطن فلا حساب
عليه "
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد عن أبي هريرة فصعق من في السموات ومن في الأرض
إلا من شاء الله قال : هم الشهداء ثنية الله تعالى
وأخرج سعيد بن منصور وهناد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير في
قوله إلا من شاء الله قال : هم الشهداء ثنية الله متقلدي السيوف حول العرش
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وأبو نصر السجزي في الإبانة وابن مردويه عن أنس قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض
إلا من شاء الله قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين استثنى الله ؟ قال "
جبريل وميكائيل وملك الموت وإسرافيل وحملة العرش
فإذا قبض الله أرواح الخلائق قال لملك الموت : من بقي ؟ وهو أعلم فيقول : رب
سبحانك
! رب تعاليت ذا الجلال والإكرام بقي جبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت
فيقول : خذ نفس ميكائيل
فيقع كالطود العظيم
فيقول : يا ملك الموت من بقي ؟ فيقول سبحانك رب
! ذا الجلال والإكرام بقي جبريل وملك الموت
فيقول مت يا ملك الموت فيموت فيقول يا جبريل من بقي فيقول : سبحانك
! يا ذا الجلال والإكرام بقي جبريل وهو من الله بالمكان الذي هو به
فيقول : يا جبريل ما بد من موتك
فيقع ساجدا يخفق بجناحيه يقول : سبحانك رب
! تباركت وتعاليت ذا الجلال والإكرام أنت الباقي وجبريل الميت الفاني ويأخذ روحه
في الخفقة التي يخفق فيها فيقع على حيز من فضل خلقه على خلق ميكائيل كفضل الطود
العظيم
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في البعث عن أنس رفعه في قوله ونفخ في الصور فصعق من في
السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله
قال : فكان ممن استثنى الله جبريل وميكائيل وملك الموت فيقول الله - وهو أعلم : يا
ملك الموت من بقي ؟ فيقول بقي وجهك الكريم وعبدك جبريل وميكائيل وملك
(7/250)
الموت
فيقول : توف نفس ميكائيل
ثم يقول - وهو أعلم - يا ملك الموت من بقي ؟ فيقول بقي وجهك الكريم وعبدك جبريل
وملك الموت
فيقول توف نفس جبريل
ثم يقول - وهو أعلم - يا ملك الموت من بقي ؟ فيقول : بقي وجهك الباقي الكريم وعبدك
ملك الموت وهو ميت
فيقول : مت
ثم ينادي أنا بدأت الخلق وأنا أعيده فأين الجبارون المتكبرون ؟ فلا يجيبه أحد
ثم ينادي لمن الملك اليوم فلا يجيبه أحد فيقول هو لله الواحد القهار ثم نفخ فيه
أخرى فإذا هم قيام ينظرون
وأخرج ابن المنذر عن جابر فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله قال :
استثنى موسى عليه السلام لأنه كان صعق قبل
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه إلا من شاء الله قال : هم
حملة العرش
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة رضي
الله عنه في الآية قال : ما يبقى أحد إلا مات وقد استثنى والله أعلم مثنياه
وأخرج أحمد ومسلم عن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يخرج
الدجال في أمتي فيمكث فيهم أربعين يوما أو أربعين عاما أو أربعين شهرا أو أربعين
ليلة فيبعث الله عيسى بن مريم عليه السلام كأنه عروة بن مسعود الثقفي فيطلبه
فيهلكه الله تعالى ثم يلبث الناس بعده سنين ليس بين اثنين عداوة ثم يبعث الله ريحا
باردة من قبل الشام فلا يبقى أحد في قلبه مثقال ذرة من الإيمان إلا قبضته حتى لو
كان أحدهم في كبد جبل لدخلت عليه
يبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع
لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فيتمثل لهم الشيطان فيقول : ألا تستجيبون ؟
فيأمرهم بالأوثان فيعبدوها وهم في ذلك دارة أرزاقهم حسن عيشهم
ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا صغى
وأول من يسمعه رجل يلوط حوضه فيصعق ثم لا يبقى أحد إلا صعق
ثم يرسل الله مطرا كأنه الطل فتنبت منه أجساد الناس ثم نفخ فيه أخرى فإذا
(7/251)
هم
قيام ينظرون ثم يقال : يا أيها الناس هلموا إلى ربكم وقفوهم إنهم مسؤلون الصافات
24 ثم يقال : أخرجوا بعث النار فيقال : من كم ؟ فيقال : من كل ألف تسعمائة وتسعة
وتسعين فذلك يوم يجعل الولدان شيبا المزمل 17 وذلك يوم يكشف عن ساق القلم 42
وأخرج البخاري ومسلم وابن جرير وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " بين النفختين أربعون
قالوا : يا أبا هريرة أربعون يوما ؟ قال : أبيت قالوا : أربعون شهر ؟ قال : أبيت
قالوا : أربعون عاما ؟ قال : أبيت ثم ينزل الله من السماء ماء فينبتون كما ينبت
البقل وليس من الإنسان شيء ألا يبلى إلا عظما واحدا وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق
يوم القيامة "
وأخرج أبو داود في البعث وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : " ينفخ في الصور والصور كهيئة القرن فصعق من في السموات ومن
في الأرض
وبين النفختين أربعون عاما فيمطر الله في تلك الأربعين مطرا فينبتون من الأرض كما
ينبت البقل ومن الإنسان عظم لا تأكله الأرض
عجب ذنبه ومنه يركب جسده يوم القيامة "
وأخرج ابن أبي عاصم في السنة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " كل ابن آدم تأكله الأرض إلا عجب الذنب ينبت ويرسل الله ماء
الحياة فينبتون منه نبات الخضر حتى إذا خرجت الأجساد أرسل الله الأرواح فكان كل
روح أسرع إلى صاحبه من الطرف ثم ينفخ في الصور فإذا هم قيام ينظرون "
وأخرج ابن المبارك عن الحسن قال : بين النفختين أربعون سنة
الأولى يميت الله بها كل حي والأخرى يحيي الله بها كل ميت
وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن
المنذر وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في البعث عن ابن عمرو
أن أعرابيا سأل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الصور فقال : " قرن ينفخ
فيه "
وأخرج مسدد وعبد بن حميد وابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال الصور كهيئة
القرن ينفخ فيه
(7/252)
وأخرج
سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وأبو يعلى وابن حبان وابن خزيمة
وابن المنذر والحاكم وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد رضي الله عنه قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن
القرن وحنى جبهته وأصغى سمعه ينتظر أن يؤمر فينفخ ؟ قال المسلمون : كيف نقول يا
رسول الله ؟ قال : قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ؟ ؟ على الله توكلنا "
وأخرج أبو الشيخ وصححه وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " ما طرف صاحب الصور منذ وكل به مستعدا ينظر العرش
مخافة أن يؤمر بالصيحة قبل أن يرتد إليه طرفه كأن عينيه كوكبان دريان "
وأخرج سعيد بن منصور وابن مردويه والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " جبريل عن يمينه وميكائيل عن
يساره وهو صاحب الصور يعني إسرافيل "
وأخرج ابن ماجة والبزار وابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " إن صاحبي الصور بأيديهما قرنان يلاحظان النظر حتى
يؤمران "
وأخرج البزار والحاكم عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
" ما من صباح إلا وملكان موكلان بالصور ينتظران متى يؤمران فينفخان "
وأخرج أحمد والحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" النافخان في السماء الثانية
رأس أحدهما بالمشرق
ورجلاه بالمغرب
ينتظران متى يؤمران أن ينفخا في الصور فينفخا "
وأخرج عبد بن حميد والطبراني في الأوسط بسند حسن عن عبد الله بن الحارث قال : كنت
عند عائشة رضي الله عنها وعندها كعب رضي الله عنه فذكر إسرافيل عليه السلام فقالت
عائشة : أخبرني عن إسرافيل عليه السلام ؟ قال : له أربعة أجنحة
جناحان في الهواء وجناح قد تسرول به وجناح على كاهله والقلم على أذنه
فإذا نزل الوحي كتب القلم ودرست الملائكة وملك الصور أسفل منه جاث على إحدى ركبتيه
وقد نصب الأخرى فالتقم الصور فحنى ظهره وطرفه إلى إسرافيل ضم جناحيه أن ينفخ في
الصور
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن أبي بكر الهذلي قال : إن ملك الصور الذي وكل به إحدى
قدميه لفي الأرض السابعة وهو جاث على ركبتيه شاخص ببصره إلى
(7/253)
إسرافيل
عليه السلام ما طرف
منذ خلقه الله ينظر متى يشير إليه فينفخ في الصور
وأخرج أبو الشيخ عن وهب رضي الله عنه قال : خلق الله الصور من لؤلؤة بيضاء في صفاء
الزجاجة ثم قال للعرش : خذ الصور فتعلق به ثم قال كن فكان إسرافيل فأمره أن يأخذ
الصور فأخذه وبه ثقب بعدد كل روح مخلوقة ونفس منفوسة لا يخرج روحا من ثقب واحد وفي
وسط الصور كوة كاستدارة السماء والأرض
وإسرافيل عليه السلام واضع فمه على تلك الكوة
ثم قال له الرب عز و جل : قد وكلتك بالصور فأنت للنفخة وللصيحة فدخل إسرافيل في
مقدمة العرش فأدخل رجله اليمنى تحت العرش وقدم اليسرى ولم يطرف منذ خلقه الله
تعالى لينظر ما يؤمر به
وأخرج أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم عن أوس بن أوس
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة
فيه خلق آدم وفيه قبض وفيه نفخة الصور وفيه الصعقة "
وأخرج ابن جرير عن الحسن قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : " كأني أنفض
رأسي من التراب أول خارج فالتفت فلا أرى أحدا إلا موسى متعلقا بالعرش فلا أدري
أممن استثنى الله أن لا تصيبه النفخة فبعث قبلي ؟ "
وأخرج ابن جرير عن السدي فصعق قال : مات إلا من شاء الله قال : جبريل وإسرافيل
وملك الموت ثم نفخ فيه أخرى قال : في الصور
وأخرج عبد بن حميد عن أبي عمران الجوني قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" لما بعث الله إلى صاحب الصور فأخذه فأهوى بيده إلى فيه فقدم رجلا وأخر رجلا
حتى يؤمر فينفخ فاتقوا النفخة "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن مردويه عن ابن عباس في قوله فإذا هم قيام
ينظرون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و
سلم قال : " أتاني ملك فقال : يا محمد اختر نبيا ملكا أو نبيا عبدا قال :
فأومأ إلي جبريل أن تواضع فقلت : نبيا عبدا فأعطيت خصلتين
أن جعلت أول من تنشق عنه
(7/254)
الأرض
وأول شافع فأرفع رأسي فأجد موسى آخذا بالعرش فالله أعلم أصعق لهذه الصعقة الأولى
أم أفاق قبلي ؟ ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون "
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم عن أبيه قال : كنت جالسا عند عكرمة فذكروا الذين
يغرقون في البحر فقال عكرمة : الحمد لله الذين يغرقون في البحار فلا يبقى منهم شيء
إلا العظام فتقبلها الأمواج حتى تلقيها إلى البر فتمكث العظام حينا حتى تصير حائلة
نخرة فتمر بها الإبل فتأكلها ثم تسير الإبل فتبعر ثم يجيء بعدهم قوم فينزلون
فيأخذون ذلك البعر فيوقدونه في تلك النار فتجيء ريح فتلقي ذلك الرماد على الأرض
فإذا جاءت النفخة قال الله فإذا هم قيام ينظرون فخرج أولئك وأهل القبور سواء
وأخرج عبد بن حميد عن عبد الله بن العاصي قال : ينفخ في الصور النفخة الأولى من
باب إيليا الشرقي
أو قال الغربي
والنفخة الثانية من باب آخر
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" بين النفختين أربعون يقول الحسن فلا ندري أربعين سنة أو أربعين شهرا أو
أربعين ليلة "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" بين النفختين أربعون قال أصحابه : فما سألناه عن ذلك وما زاد
غير أنهم كانوا يرون من رأيهم أنها أربعون سنة قال : وذكر لنا أنه يبعث في تلك
الأربعين مطر يقال له مطر الحياة
حتى تطيب الأرض وتهتز وتنبت أجساد الناس نبات البقل ثم ينفخ النفخة الثانية فإذا
هم قيام ينظرون
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة في قوله ونفخ في الصور قال : الصور مع إسرافيل عليه
السلام وفيه أرواح كل شيء يكون فيه ثم نفخ فيه نفخة الصعقة فإذا نفخ فيه نفخة
البعث قال الله " بعزتي ليرجعن كل روح إلى جسده " قال : ودارة منها أعظم
من سبع سموات ومن الأرض
فحلق الصور على إسرافيل وهو شاخص ببصره إلى العرش حتى يؤمر بالنفخة فينفخ في الصور
وأخرج ابن جرير عن عكرمة في قوله ونفخ في الصور
قال : الأولى من الدنيا والأخيرة من الآخرة
(7/255)
وأخرج
عبد بن حميد وعلي بن سعيد في كتاب الطاعة والعصيان وأبو يعلى وأبو الحسن القطان في
المطولات وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وأبو موسى المديني كلاهما
في المطولات وأبو الشيخ في العظمة والبيهقي في البعث والنشور عن أبي هريرة قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : وعنده طائفة من أصحابه : " إن
الله تبارك وتعالى لما فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصور فأعطاه إسرافيل فهو
واضعه على فيه شاخص بصره إلى السماء فينظر متى يؤمر فينفخ فيه
قلت : يا رسول الله وما الصور ؟ قال : القرن قلت فكيف هو ؟ قال : عظيم
والذي بعثني بالحق إن عظم دارة فيه لعرض السموات والأرض فينفخ فيه النفخة الأولى
فيصعق من في السموات ومن في الأرض ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون لرب
العالمين فيأمر الله إسرافيل عليه السلام في النفخة الأولى أن يمدها ويطولها فلا
يفتر وهو الذي يقول الله ما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق ص 15 فيسير
الله الجبال فتكون سرابا وترتج الأرض بأهلها رجا فتكون كالسفينة الموسقة في البحر
تضربها الرياح تنكفأ بأهلها كالقناديل المعلقة بالعرش تميلها الرياح وهي التي يقول
الله يوم ترجف الراجفة تتبعها الرادفة قلوب يومئذ واجفة النازعات 5 - 8 فيميد
الناس على ظهرها وتذهل المراضع وتضع الحوامل وتشيب الولدان وتطير الشياطين هاربة
من الفزع حتى تأتي الأقطار فتلقاها الملائكة فتضرب وجوهها فترجع وتولي الناس به
مدبرين ينادي بعضهم بعضا
فبينما على ذلك إذ تصدعت الأرض كل صدع من قطر إلى قطر فرأوا أمرا عظيما لم يروا
مثله وأخذهم لذلك من الكرب والهول ما الله به عليم ثم نظروا إلى السماء فإذا هي
كالمهل ثم انشقت وانتثرت نجومها وخسف شمسها وقمرها
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : والأموات لا يعلمون شيئا من ذلك فقلت : يا
رسول الله فمن استثنى الله حين يقول ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء
الله ؟ قال : أولئك الشهداء وإنما يصل الفزع إلى الأحياء وهم أحياء عند ربهم
يرزقون ووقاهم الله فزع ذلك اليوم وآمنهم منه وهو الذي يقول الله يا أيها الناس
اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم الحج 1 إلى قوله ولكن عذاب الله شديد الحج 2
فينفخ الصور فيصعق أهل السمموات وأهل الأرض إلا من شاء الله فإذا
(7/256)
هم
خمود ثم يجيء ملك الموت إلى الجبار فيقول : يا رب قد مات أهل السموات وأهل الأرض
إلا من شئت
فيقول - وهو أعلم - فمن بقي ؟ فيقول : يا رب بقيت أنت الحي الذي لا يموت وبقي حملة
عرشك وبقي جبريل وميكائيل وإسرافيل وبقيت أنا
فيقول الله : ليمت جبريل وميكائيل وإسرافيل وينطق الله العرش فيقول : يا رب تميت
جبريل وميكائيل وإسرافيل ؟ فيقول الله له : اسكت فإني كتبت الموت على من كان تحت
عرشي
فيموتون ثم يأتي ملك الموت إلى الجبار فيقول : يا رب قد مات جبريل وميكائيل
وإسرافيل فيقول الله عز و جل - وهو أعلم - فمن بقي ؟ فيقول : يا رب بقيت أنت الحي
الذي لا تموت وبقي حملة عرشك وبقيت أنا
فيقول الله له : ليمت حملة عرشي
فيموتون ويأمر الله العرش فيقبض الصور ثم يأتي ملك الموت الرب عز و جل فيقول : يا
رب مات حملة عرشك فيقول الله - وهو أعلم - فمن بقي ؟ فيقول : يا رب بقيت أنت الحي الذي
لا يموت وبقيت أنا
فيقول الله له : أنت خلق من خلقي خلقتك لما رأيت فمت فيموت فإذا لم يبق إلا الله
الواحد القهار الصمد الذي لم يلد ولم يولد كان آخرا كما كان أولا طوى السموات
والأرض كطي السجل للكتاب
ثم قال بهما فلفهما
ثم قال : أنا الجبار أنا الجبار أنا الجبار ثلاث مرات
ثم هتف بصوته لمن الملك اليوم ؟ لمن الملك اليوم ؟ لمن الملك اليوم ؟ فلا يجيبه
أحد
ثم يقول لنفسه : لله الواحد القهار يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات إبراهيم 48
فبسطها وسطحها ثم مدها مد الأديم العكاظي لا ترى فيها عوجا ولا أمتا طه الآية 107
ثم يزجر الله الخلق زجرة واحدة فإذا هم في هذه المبدلة من كان في بطنها كان في
بطنها ومن كان على ظهرها كان على ظهرها
ثم ينزل الله عليكم ماء من تحت العرش فيأمر الله السماء أن تمطر فتمطر أربعين يوما
حتى يكون الماء فوقكم إثني عشر ذراعا ثم يأمر الله الأجساد أن تنبت فتنبت نبات ؟
الطوانيت كنبات البقل حتى إذا تكاملت أجسامهم وكانت كما كانت قال الله : ليحيى
حملة العرش فيحيون ويأمر الله إسرافيل فيأخذ الصور فيضعه على فيه ثم يقول الله :
ليحيى جبريل وميكائيل فيحييان
ثم يدعو الله بالأرواح
(7/257)
فيؤتى
بهن توهج أرواح المؤمنين نورا والأخرى ظلمة فيقبضهن الله جميعا ثم يلقيها في الصور
ثم يأمر إسرافيل أن ينفخ نفخة البعث فتخرج الأرواح كأنها النحل قد ملأت ما بين
السماء والأرض
فيقول : وعزتي وجلالي ليرجعن كل روح إلى جسده فتدخل الأرواح في الأرض إلى الأجساد
فتدخل في الخياشيم ثم تمشي في الأجساد كما يمشي السم في اللديغ ثم تنشق الأرض عنكم
وأنا أول من تنشق الأرض عنه فتخرجون منها سراعا إلى ربكم تنسلون " مهطعين إلى
الداعي يقول الكافرون هذا يوم عسر " حفاة عراة غلفا غرلا
فبينما نحن وقوف إذ سمعنا حسا من السماء شديدا فينزل أهل سماء الدنيا بمثلي من في
الأرض من الجن والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم
ثم ينزل أهل السماء الثانية بمثلي من نزل من الملائكة ومثلي من فيها من الجن
والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم
ثم ينزل أهل السماء الثالثة بمثلي من نزل من الملائكة ومثلي من فيها من الجن
والإنس حتى إذا دنوا من الأرض أشرقت الأرض بنورهم وأخذوا مصافهم
ثم ينزلون على قدر ذلك من التضعيف إلى السموات السبع
ثم ينزل الجبار في ظلل من الغمام البقرة 210 والملائكة يحمل عرشه يومئذ ثمانية وهم
اليوم أربعة
أقدامهم على تخوم الأرض السفلى والأرضون والسموات إلى حجزهم والعرش على مناكبهم
لهم زجل بالتسبيح فيقولون : سبحان ذي العزة والجبروت سبحان ذي الملك والملكوت
سبحان الحي الذي لا يموت سبحان الذي يميت الخلائق ولا يموت سبوح قدوس رب الملائكة
والروح سبحان ربنا الأعلى الذي يميت الخلائق ولا يموت
فيضع عرشه حيث يشاء من الأرض ثم يهتف بصوته فيقول : يا معشر الجن والإنس إني قد
أنصت لكم منذ يوم خلقكم إلى يومك هذا
أسمع قولكم وأبصر أعمالكم فأنصتوا إلي
فإنما هي أعمالكم وصحفكم تقرأ عليكم فمن وجد خيرا فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا
يلومن إلا نفسه
ثم يأمر الله جهنم فيخرج منها عنق ساطع مظلم ثم يقول ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن
لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم يس 60 إلى قوله
وامتازوا اليوم أيها
(7/258)
المجرمون
يس 59 فيميز بين الناس وتجثو الأمم قال وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها
الجاثية الآية 28 ويقفون موقفا واحدا مقدار سبعين عاما لا يقضى بينهم فيبكون حتى
تنقطع الدموع ويدمعون دما ويعرقون عرقا إلى أن يبلغ ذلك منهم أن يلجمهم العرق وأن
يبلغ الأذقان منهم
فيصيحون ويقولون : من يشفع لنا إلى ربنا ؟ فيقضي بيننا فيقولون : ومن أحق بذلك من
أبيكم آدم عليه السلام فيطلبون ذلك إليه فيأبى ويقول : ما أنا بصاحب ذلك
ثم يستفزون الأنبياء نبيا نبيا كلما جاؤا نبيا أبى عليهم
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : حتى يأتوني فأنطلق حتى أتي فأخر ساجدا قال :
أبو هريرة رضي الله عنه وربما قال قدام العرش حتى يبعث إلي ملكا فيأخذ بعضدي
فيرفعني فيقول لي : يا محمد فأقول : نعم يا رب : ما شأنك ؟ - وهو أعلم - فأقول :
يا رب وعدتني الشفاعة فشفعني في خلقك فاقض بينهم
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فأرجع فأقف مع الناس فيقضي الله بين
الخلائق فيكون أول من يقضى فيه في الدماء ويأتي كل من قتل في سبيل الله يحمل رأسه
وتشخب أوداجه فيقولون : يا ربنا قتلنا فلان وفلان
فيقول الله - وهو أعلم - أقتلتم ؟ فيقولون : يا ربنا قتلنا لتكون العزة لك
فيقول الله لهم : صدقتم
فيجعل لوجوههم نورا مثل نور الشمس ثم توصلهم الملائكة إلى الجنة ويأتي من كان قتل
على غير ذلك يحمل رأسه وتشخب أوداجه فيقولون : يا ربنا قتلنا فلان وفلان
فيقول : لم ؟ - وهو أعلم - فيقولون : لتكون العزة لك فيقول الله : تعستم ثم ما
يبقى نفس قتلها إلا قتل بها ولا مظلمة ظلمها إلا أخذ بها
وكان في مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء رحمه ثم يقضي الله بين من بقي من
خلقه حتى لا يبقى مظلمة لأحد عند أحد إلا أخذها الله تعالى للمظلوم من الظالم
حتى إنه ليكلف يومئذ شائب اللبن للبيع الذي كان يشوب اللبن بالماء ثم يبيعه فيكلف
أن يخلص اللبن من الماء
فإذا فرغ الله من ذلك نادى نداء أسمع الخلائق كلهم : ألا ليلحق كل قوم بآلهتهم وما
كانوا يعبدون من دون الله
فلا يبقى أحد عبد من دون الله شيئا إلا مثلت له آلهة بين يديه ويجعل يومئذ من
الملائكة على صورة عزير ويجعل ملك
(7/259)
من
الملائكة على صورة عيسى فيتبع هذا اليهود وهذا النصارى ثم يعود بهم آلهتهم إلى
النار
فهي التي قال الله لو كان هؤلاء آلهة ما وردوها وكل فيها خالدون الأنبياء الآية 99
فإذا لم يبق إلا المؤمنون وفيهم المنافقون فيقال لهم : يا أيها الناس ذهب الناس
فالحقوا بآلهتكم وما كنتم تعبدون
فيقولون : والله ما لنا إله إلا الله وما كنا نعبد غيره فيقال لهم : الثانية
والثالثة فيقولون : مثل ذلك فيقول : أنا ربكم فهل بينكم وبين ربكم آية تعرفونه بها
؟ فيقولون : نعم
فيكشف عن ساق ويريهم الله ما شاء من الآية أن يريهم فيعرفون أنه ربهم فيخرون له
سجدا لوجوههم ويخر كل منافق على قفاه يجعل الله أصلابهم كصياصي البقر ثم يأذن الله
لهم فيرفعون رؤوسهم ويضرب الصراط بين ظهراني جهنم كدقة الشعر وكحد السيف عليه
كلاليب وخطاطيف وحسك كحسك السعدان دونه جسر دحض مزلة فيمرون كطرف العين وكلمح
البرق وكمر الريح وكجياد الخيل وكجياد الركاب وكجياد الرجال فناج مسلم وناج مخدوش
ومكدوش على وجهه في جهنم
فإذا أفضى أهل الجنة إلى الجنة فدخلوها
فو الذي بعثني بالحق ما أنتم في الدنيا بأعرف بأزواجكم ومساكنكم من أهل الجنة
بأزواجهم ومساكنهم إذ دخلوا الجنة
فدخل كل رجل منهم على اثنتين وسبعين زوجة مما ينشىء الله في الجنة واثنتين آدميتين
من ولد آدم لهما فضل على من أنشأ الله لعبادتهما في الدنيا
فيدخل على الأولى منهن في غرفة من ياقوتة على سرير من ذهب مكلل باللؤلؤ عليه سبعون
زوجا من سندس
واستبرق ثم إنه يضع يده بين كتفيها فينظر إلى يدها من صدرها ومن وراء ثيابها
ولحمها وجلدها
وإنه لينظر إلى مخ ساقها كما ينظر أحدكم إلى السلك في الياقوتة كبدها له مرآة
فبينما هو عندها لا يملها ولا تمله ولا يأتيها مرة إلا وجدها عذراء لا يفتران ولا
يألمان
فبينما هو كذلك إذ نودي فيقال له : إنا قد عرفنا أنك لا تمل ولا تمل وإن لك أزواجا
غيرها فيخرج فيأتيهن واحدة واحدة كلما جاء واحدة قالت له : والله ما أرى في الجنة
شيئا أحسن منك ولا شيئا في الجنة أحب إلي منك
قال وإذا وقع أهل النار في النار وقع فيها خلق من خلق الله أوبقتهم أعمالهم فمنهم
من تأخذه النار إلى ركبتيه ومنهم من تأخذه النار في جسده كله إلا وجهه حرم
(7/260)
الله
صورهم على النار
فينادون في النار فيقولون : من يشفع لنا إلى ربنا حتى يخرجنا من النار ؟ فيقولون :
ومن أحق بذلك من أبيكم آدم ؟ فينطلق المؤمنون إلى آدم فيقولون : خلقك الله بيده
ونفخ فيك من روحه وكلمك
فيذكر آدم ذنبه فيقول : ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بنوح فإنه أول رسل الله
فيأتون نوحا عليه السلام ويذكرون ذلك إليه فيذكر ذنبا فيقول : ما أنا بصاحب ذلك
ولكن عليكم بإبراهيم فإن الله اتخذه خليلا
فيؤتى إبراهيم فيطلب ذلك إليه
فيذكر ذنبا فيقول : ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بموسى فإن الله قربه نجيا وكلمه
وأنزل عليه التوراة
فيؤتى موسى فيطلب ذلك إليه فيذكر ذنبا ويقول : ما أنا بصاحب ذلك ولكن عليكم بروح
الله وكلمته عيسى بن مريم عليه السلام
فيؤتى عيسى بن مريم عليه السلام فيطلب ذلك إليه فيقول : ما أنا بصاحب ذلك ولكن
عليكم بمحمد صلى الله عليه و سلم
فيأتوني ولي عند ربي ثلاث شفاعات وعدنيهن فأنطلق حتى آتي باب الجنة فآخذ بحلقة
الباب فاستفتح فيفتح لي فأخر ساجدا فيأذن لي من حمده وتمجيده بشيء ما أذن به لأحد
من خلقه ثم يقول : ارفع رأسك يا محمد اشفع تشفع وسل تعطه
فإذا رفعت رأسي قال لي - وهو أعلم - ما شأنك ؟ فأقول : يا رب وعدتني الشفاعة
فشفعني
فأقول يا رب من وقع في النار من أمتي ؟ فيقول الله : أخرجوا من عرفتم صورته فيخرج
أولئك حتى لا يبقى منهم أحد ثم يأذن الله بالشفاعة فلا يبقى نبي ولا شهيد إلا شفع
فيقول الله : أخرجوا من وجدتم في قلبه زنة دينار من خير فيخرج أولئك حتى لا يبقى
منهم أحد وحتى لا يبقى في النار من عمل خيرا قط ولا يبقى أحد له شفاعة إلا شفع
حتى أن إبليس ليتطاول في النار لما يرى من رحمة الله رجاء أن يشفع له ثم يقول الله
: بقيت وأنا أرحم الراحمين فيقبض قبضة فيخرج منها ما لا يحصيه غيره فينبتهم على نهر
يقال له نهر الحيوان فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل فما يلي الشمس أخضر
وما يلي الظل أصفر فينبتون كالدر مكتوب في رقابهم : الجهنميون عتقاء الرحمن لم
يعملوا لله خيرا قط يقول مع التوحيد فيمكثون في الجنة
(7/261)
ما
شاء الله وذلك الكتاب في رقابهم ثم يقولون : يا ربنا امح عنا هذا الكتاب فيمحوه
عنهم "
من الآيات 69 - 70 أخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه وأشرقت الأرض قال : أضاءت
ووضع الكتاب قال : الحساب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه وأشرقت الأرض بنور
ربها قال : فما يتضارون في نوره إلا كما يتضارون في اليوم الصحو الذي لا دخن فيه
وجيء بالنبيين والشهداء قال : الذين استشهدوا
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما وجيء بالنبيين والشهداء قال :
النبيون الرسل والشهداء الذين يشهدون بالبلاغ ليس فيهم طعان ولا لعان
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما وجيء بالنبيين والشهداء
قال : يشهدون بتبليغ الرسالة وتكذيب الأمم إياهم
الآيات 71 - 72
(7/262)
أخرج
ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال " إن
جهنم إذا سيق إليها أهلها تلفحهم بعنق منها لفحة لم تدع لحما على عظم إلا ألقته
على العرقوب "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ولكن حقت كلمة العذاب على
الكافرين قال : بأعمالهم أعمال السوء
والله أعلم
الآية 73 أخرج أحمد وعبد بن حميد ومسلم عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر
والذين يلونهم على صورة أشد كوكب دري في السماء إضاءة "
وأخرج ابن المبارك في الزهد وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وابن راهويه وعبد بن حميد
وابن أبي الدنيا في صفة الجنة والبيهقي في البعث والضياء في المختارة عن علي بن
أبي طالب رضي الله عنه قال : يساق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا انتهوا
إلى باب من أبوابها وجدوا عنده شجرة يخرج من تحت ساقها عينان تجريان فعمدوا إلى
إحدهما فشربوا منها فذهب ما في بطونهم من أذى أو قذى وباس ثم عمدوا إلى الأخرى
فتطهروا منها فجرت عليهم نضرة النعيم فلن تغير أبشارهم بعدها أبدا ولن تشعث
أشعارهم كأنما دهنوا بالدهان ثم انتهوا إلى خزنة الجنة فقالوا سلام عليكم طبتم
فادخلوها خالدين ثم تلقاهم الولدان يطوفون بهم كما يطيف أهل الدنيا بالحميم
فيقولون : ابشر بما أعد الله لك من الكرامة ثم ينطلق غلام من أولئك الولدان إلى
بعض أزواجه من الحور العين فيقول : قد جاء فلان باسمه الذي يدعى به في الدنيا
فتقول : أنت رأيته ؟ فيقول : أنا رأيته فيستخفها الفرح حتى تقوم على أسكفة بابها
فإذا انتهى إلى منزله نظر شيئا من أساس بنيانه فإذا جندل اللؤلؤ فوقه أخضر وأصفر
وأحمر من كل لون
ثم رفع رأسه فنظر إلى
(7/263)
سقفه
فإذا مثل البرق
ولولا أن الله تعالى قدر أنه لا ألم لذهب ببصره
ثم طأطأ برأسه فنظر إلى أزواجه وأكواب موضوعة ونمارق مصفوفة وزرابي مبثوثة الغاشية
14 - 16 فنظر إلى تلك النعمة ثم اتكأ على أريكة من أريكته ثم قال الحمد لله الذي
هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
الأعراف 43
ثم ينادي مناد : تحيون فلا تموتون أبدا وتقيمون فلا تظعنون أبدا وتصحون فلا تمرضون
أبدا
والله تعالى أعلم
أما قوله تعالى : وفتحت أبوابها
أخرج البخاري ومسلم والطبراني عن سهل بن سعد رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " في الجنة ثمانية أبواب منها باب
يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون "
وأخرج مالك وأحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن حبان عن أبي هريرة رضي
الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من أنفق زوجين من ماله في
سبيل الله دعي من أبواب الجنة وللجنة أبواب فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب
الصلاة ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب
الصدقة ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد
فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله فهل يدعى أحد منها كلها ؟ قال : نعم
وأرجو أن تكون منهم "
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وأبو يعلى والطبراني والحاكم عن ابن مسعود رضي
الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " للجنة ثمانية أبواب
سبعة مغلقة وباب مفتوح للتوبة حتى تطلع الشمس من نحوه "
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : للجنة ثمانية أبواب
باب للمصلين وباب للصائمين وباب للحاجين وباب للمعتمرين وباب للمجاهدين وباب
للذاكرين وباب للشاكرين
وأخرج أحمد عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لكل
عمل أهل من أبواب الجنة يدعون منه بذلك العمل "
وأخرج البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " إذا كان يوم القيامة دعي الإنسان بأكبر عمله فإذا كانت الصلاة أفضل دعي
بها وإن
(7/264)
كان
صيامه أفضل دعي به وإن كان الجهاد أفضل دعي به
فقال أبو بكر رضي الله عنه : أحد يدعى بعملين ؟ قال : نعم
أنت "
وأخرج الطبراني في الأوسط والخطيب في المتفق المفترق عن أبي هريرة رضي الله عنه عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن في الجنة بابا يقال له الضحى فإذا كان
يوم القيامة نادى مناد : أين الذين كانوا يديمون صلاة الضحى ؟ هذا بابكم فادخلوه
برحمة الله "
وأخرج أحمد عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ما بين مصراعين من مصاريع الجنة
أربعون عاما وليأتين عليهم يوم وأنه لكظيظ "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" والذي نفسي بيده لما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر
أو كما بين مكة وبصرى "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عتبة بن غزوان رضي الله عنه أنه خطب فقال : إن ما بين
المصراعين من مصاريع الجنة لمسيرة أربعين عاما وليأتين على أبواب الجنة يوم وليس
منها باب إلا وهو كظيظ
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب رضي الله عنه قال : ما بين مصراعي الجنة أربعون خريفا
للراكب المجد وليأتين عليه يوم وهو كظيظ الزحام
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي حرب بن أبي الأسود الديلمي قال إن الرجل ليوقف على باب
الجنة مائة عام بالذنب عمله وأنه ليرى أزواجه وخدمه
وأخرج أحمد والبزار عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " مفاتيح الجنة شهادة أن لا إله إلا الله "
وأخرج الطيالسي والدارمي عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " مفاتيح الجنة الصلاة "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والدارمي ومسلم وأبو داود وابن ماجة عن عمر بن الخطاب
رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ما منكم من أحد يسبغ الوضوء ثم
يقول : أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إلا
فتحت له من الجنة ثمانية أبواب من أيها شاء دخل "
(7/265)
وأخرج
النسائي والحاكم وابن حبان عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ما من عبد يصلي الصلوات الخمس ويصوم رمضان
ويخرج الزكاة ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يوم القيامة
"
وأخرج أحمد وابن جرير والبيهقي عن عتبة بن عبد الله السلمي رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " ما من عبد يموت له ثلاثة من
الولد لم يبلغوا الحنث إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية
من أيها شاء دخل "
وأخرج الطبراني في الأوسط عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " من كان له بنتان أو أختان أو عمتان أو خالتان فعالهن فتحت له
أبواب الجنة "
وأخرج الطبراني في الأوسط بسند حسن عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " أيما امرأة اتقت ربها وحفظت فرجها فتحت لها ثمانية أبواب
الجنة فقيل لها : أدخلي من حيث شئت "
وأخرج أبو نعيم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم " من حفظ على أمتي أربعين حديثا ينفعهم الله بها قيل له : ادخل من أي
أبواب الجنة شئت "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله سلام عليكم طبتم قال :
كنتم طيبين بطاعة الله
الآيات 74 - 75
(7/266)
أخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله وأورثنا الأرض قال : أرض
الجنة
وأخرج هناد عن أبي العالية رضي الله عنه مثله
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله نتبوأ من الجنة حيث نشاء قال :
انتهت مشيئتهم إلى ما أعطوا
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه
و سلم سئل عن أرض الجنة قال : " هي بيضاء نقية "
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : أرض الجنة رخام من فضة
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء رضي الله عنه وترى الملائكة حافين من حول العرش قال :
مديرين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه وترى الملائكة حافين من حول
العرش قال : محدقين به
وأخرج ابن عساكر عن كعب رضي الله عنه قال : جبل الخليل والطور والجودي يكون كل
واحد منهم يوم القيامة لؤلؤة بيضاء تضيء ما بين السماء والأرض
يعني يرجعن إلى بيت المقدس حتى يجعلن في زواياه ويضع عليها كرسيه حتى يقضي بين أهل
الجنة والنار والملائكة حافين من حول العرش يسبحون بحمد ربهم وقضي بينهم بالحق
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله وقضي
بينهم بالحق وقيل الحمد لله رب العالمين قال : افتتح أول الخلق بالحمد وختم بالحمد
فتح بقوله الحمد لله الذي خلق السموات والأرض وختم بقوله وقيل الحمد لله رب
العالمين
وأخرج عبد بن حميد عن وهب رضي الله عنه قال : من أراد أن يعرف قضاء الله في خلقه
فليقرأ آخر سورة الزمر
(7/267)
بسم
الله الرحمن الرحيم 40
سورة غافر
مكية وآياتها خمس وثمانون
مقدمة سورة غافر أخرج ابن الضريس والنحاس والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : أنزلت الحواميم السبع بمكة
وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه قال : أخبرني مسروق رضي الله عنه أنها
أنزلت بمكة
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : نزلت الحواميم
جميعا بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت حم المؤمن بمكة
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه و
سلم يقول : " إن الله أعطاني السبع مكان التوراة وأعطاني الراآت إلى الطواسين
مكان الإنجيل وأعطاني ما بين الطواسين إلى الحواميم مكان الزبور وفضلني بالحواميم
والمفصل
ما قرأهن نبي قبلي "
وأخرج أبو عبيد في فضائله عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن لكل شيء لبابا وإن
لباب القرآن الحواميم
وأخرج أبو عبيد وابن الضريس وابن المنذر والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن
مسعود رضي الله عنه قال : الحواميم ديباج القرآن
وأخرج أبو عبيد ومحمد بن نصر وابن المنذر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إذا
وقعت في الحواميم وقعت في روضات أتأنق فيهن
وأخرج محمد بن نصر وحميد بن زنجويه
من وجه آخر عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : إن مثل القرآن كمثل رجل انطلق يرتاد
لأهله منزلا فمر
(7/268)
بأثر
غيث فبينما هو يسير فيه ويتعجب منه إذ هبط على روضات دمثات فقال : عجبت من الغيث
الأول ! فهذا أعجب وأعجب
فقيل له : إن مثل الغيث الأول كمثل عظم القرآن وإن مثل هؤلاء الروضات الدمثات مثل
آل حم في القرآن
وأخرج أبو الشيخ وأبو النعيم والديلمي عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " الحواميم ديباج القرآن "
وأخرج الديلمي وابن مردويه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه مرفوعا " الحواميم
روضة من رياض الجنة "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن الخليل بن مرة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " الحواميم سبع وأبواب جهنم سبع تجيء
كل حم منها تقف على باب من هذه الأبواب تقول : اللهم لا تدخل من هذا الباب من كان
يؤمن بي ويقرأني "
وأخرج الدارمي ومحمد بن نصر عن سعد بن إبراهيم قال : كن الحواميم يسمين العرائس
وأخرج أبو عبيد وابن سعد ومحمد بن نصر والحاكم عن أبي الدرداء رضي الله عنه
أنه بنى مسجدا فقيل له : ما هذا ؟ فقال لآل حم
وأخرج الترمذي والبزار ومحمد بن نصر وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي هريرة
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من قرأ حم إلى
وإليه المصير غافر الآية 1 - 3 وآية الكرسي حين يصبح حفظ بهما حتى يمسي ومن قرأهما
حين يمسي حفظ بهما حتى يصبح "
الآية 1 - 3 أخرج ابن الضريس عن إسحق بن عبد الله رضي الله عنه قال : بلغنا أن
رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لكل شجرة ثمرا وأن ثمرات القرآن ذوات
حم من روضات
(7/269)
مخصبات
معشبات ومتجاورات فمن أحب أن يرتع في رياض الجنة فليقرأ الحواميم ومن قرأ سورة
" الدخان " في ليلة الجمعة أصبح مغفورا له ومن قرأ " ألم تنزيل
" السجدة و " تبارك الذي بيده الملك " في يوم وليلة فكأنما وافق
ليلة القدر ومن قرأ " إذا زلزلت الأرض زلزالها " فكأنما قرأ ربع القرآن
ومن قرأ " قل يا أيها الكافرون " فكأنما قرأ ربع القرآن ومن قرأ "
قل هو الله أحد " عشر مرات بنى الله له قصرا في الجنة
فقال أبو بكر رضي الله عنه : إذن نستكثر من القصور فقال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : الله أكثر وأطيب ومن قرأ " أقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس
" لم يبق شيء من البشر إلا قال : أي رب أعذه من شري ومن قرأ " أم القرآن
" فكأنما قرأ ربع القرآن ومن قرأ " ألهاكم التكاثر " فكأنما قرأ
ألف آية "
وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة رضي الله عنه قال حم اسم من أسماء الله تعالى
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وأبو عبيد وابن سعد وابن أبي شيبة وأبو داود والترمذي
والحاكم وصححه وابن مردويه عن المهلب بن أبي صفرة رضي الله عنه قال : حدثني من سمع
النبي صلى الله عليه و سلم : " إن قلتم الليلة حم لا ينصرون "
وأخرج ابن أبي شيبة والنسائي والحاكم وابن مردويه عن البراء بن عازب رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إنكم تلقون عدوكم غدا فليكن شعاركم
حم لا ينصرون "
وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن أنس رضي الله عنه قال : " انهزم المسلمون بخيبر
فأخذ رسول الله صلى الله عليه و سلم حفنة من تراب حفنها في وجوههم وقال حم لا
ينصرون فانهزم القوم وما رميناهم بسهم ولا طعن برمح "
وأخرج البغوي والطبراني عن شيبة بن عثمان رضي الله عنه قال : " لما كان يوم
خيبر تناول رسول الله صلى الله عليه و سلم من الحصى ينفخ في وجوههم وقال : شاهت
الوجوه حم لا ينصرون "
وأخرج عبد بن حميد عن يزيد بن الأصم رضي الله عنه أن رجلا كان ذا بأس وكان من أهل
الشام وأن عمر فقده فسأل عنه فقيل له : في الشراب فدعا عمر رضي الله عنه كاتبه
فقال له : اكتب : من عمر بن الخطاب إلى فلان بن فلان
(7/270)
سلام
عليكم فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو غافر الذنب وقابل التوب شديد
العقاب ذي الطول لا إله إلا هو إليه المصير ثم دعا وأمن من عنده فدعوا له أن يقبل
الله عليه بقلبه وأن يتوب الله عليه
فلما أتت الصحيفة الرجل جعل يقرأها ويقول غافر الذنب قد وعدني أن يغفر لي وقابل
التوب شديد العقاب قد حذرني الله عقابه ذي الطول الكثير الخير إليه المصير فلم يزل
يرددها على نفسه حتى بكى ثم نزع فأحسن النزع
فلما بلغ عمر رضي الله عنه أمره قال : هكذا فافعلوا إذا رأيتم حالكم في زلة فسددوه
ووفقوه وادعوا الله له أن يتوب عليه ولا تكونوا أعوانا للشيطان عليه
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال : كان شاب بالمدينة صاحب عبادة وكان
عمر رضي الله عنه يحبه فانطلق إلى مصر فانفسد فجعل لا يمتنع من شر فقدم على عمر
رضي الله عنه بعض أهله فسأله حتى سأله عن الشاب فقال : لا تسألني عنه قال : لم ؟
قال : لأنه قد فسد وخلع فكتب إليه عمر رضي الله عنه : من عمر إلا فلان حم تنزيل
الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب شديد العقاب ذي الطول لا إله
إلا هو إليه المصير فجعل يقرأها على نفسه فأقبل بخير
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن الحسن رضي الله عنه في قوله غافر الذنب وقابل التوب
قال غافر الذنب لمن لم يتب وقابل التوب لمن تاب
وأخرج ابن أبي حاتم وابن المنذر عن أبي إسحق السبيعي قال : جاء رجل إلى عمر بن
الخطاب رضي الله عنه فقال : يا أمير المؤمنين إن قتلت فهل لي من توبة ؟ فقرأ عليه
حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التوب وقال : اعمل ولا
تيأس
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله
عنهما ذي الطول السعة والغنى
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه ذي الطول قال : ذي الغنى
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ذي الطول قال : ذي النعم
(7/271)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه ذي الطول قال : ذي المن
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله غافر
الذنب وقابل التوب
قال غافر الذنب لمن يقول لا إله إلا الله قابل التوب لمن يقول لا إله إلا الله
شديد العقاب لمن لا يقول لا إله إلا الله ذي الطول ذي الغنى لا إله إلا هو كانت
كفار قريش لا يوحدونه فوحد نفسه إليه المصير مصير من يقول لا إله إلا هو فيدخله
الجنة ومصير من لا يقول لا إله إلا هو فيدخله النار
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن ثابت البناني رضي الله عنه قال : كنت مع مصعب
بن الزبير رضي الله عنه في سواد الكوفة فدخلت حائطا أصلي ركعتين فافتتحت حم المؤمن
حتى بلغت لا إله إلا هو إليه المصير فإذا خلفي رجل على بغلة شهباء عليه مقطنات
يمنية فقال : إذا قلت قابل التوب فقل : يا قابل التوب اقبل توبتي وإذا قلت شديد
العقاب فقل : يا شديد العقاب لا تعاقبني ولفظ ابن أبي شيبة اعف عني وإذ قلت ذي
الطول فقل : يا ذا الطول طل علي بخير قال : فقلتها ثم التفت فلم أر أحدا فخرجت إلى
الباب فقلت : مر بكم رجل عليه مقطنات يمينة ؟ ! قالوا : مارأينا أحدا
كانوا يقولون أنه إلياس
الآيات 4 - 6
(7/272)
أخرج
ابن أبي حاتم عن أبي مالك رضي الله عنه في قوله ما يجادل في آيات الله إلا الذين
كفروا ونزلت في الحرث بن قيس السلمي
وأخرج عبد بن حميد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إن جدالا في القرآن كفر "
وأخرج عبد بن حميد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " مراء في القرآن كفر "
وأخرج عبد بن حميد عن أبي جهم رضي الله عنه قال : اختلف رجلان من أصحاب النبي صلى
الله عليه و سلم في آية فقال أحدهما : تلقيتها من في رسول الله صلى الله عليه و
سلم
وقال الآخر أنا تلقيتها من في رسول الله صلى الله عليه و سلم
فأتيا النبي صلى الله عليه و سلم فذكرا ذلك له فقال : " أنزل القرآن على سبعة
أحرف وإياكم والمراء فيه فإن المراء كفر "
وأخرج عبد بن حميد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " جدال في القرآن كفر "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله فلا يغررك تقلبهم في
البلاد قال : إقبالهم وإدبارهم وتقلبهم في أسفارهم
وفي قوله والأحزاب من بعدهم قال : من بعد قوم نوح عاد وثمود وتلك القرون
كانوا أحزابا على الكفار وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه فيقتلوه وكذلك حقت كلمة ربك
على الذين كفروا قال : حق عليهم العذاب بأعمالهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله فلا يغررك تقلبهم في
البلاد قال : فسادهم فيها وكفرهم فأخذتهم فكيف كان عقاب قال : والله شديد العقاب
أما قوله تعالى : وجادلوا بالباطل ليدحضوا به الحق
أخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" من أعان باطلا ليدحض بباطله حقا فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله "
(7/273)
الآيات
7 - 9 أخرج أبو يعلى وابن مردويه بسند صحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أذن لي أن أحدث عن ملك قد مرقت رجلاه
الأرض السابعة والعرش على منكبيه وهو يقول : سبحانك أين كنت وأين تكون ؟ ! "
وأخرج أبو داود وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة وابن مردويه والبيهقي في
الأسماء والصفات بسند صحيح عن جابر رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " أذن لي أن أحدث عن ملك من ملائكة الله
من حملة العرش
ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة سنة "
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ عن حبان بن عطية رضي الله عنه قال : حملة العرش
ثمانية
أقدامهم مثقفة في الأرض السابعة ورؤوسهم قد جاوزت السماء السابعة وقرونهم مثل
طولهم عليها العرش
وأخرج أبو الشيخ عن ذاذان رضي الله عنه قال : حملة العرش أرجلهم في التخوم لا
يستطيعون أن يرفعوا أبصارهم من شعاع النور
وأخرج ابن المنذر وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان عن هرون بن رباب رضي الله
عنه قال : حملة العرش ثمانية يتجاوبون بصوت رخيم
يقول أربعة منهم : سبحانك وبحمدك على عفوك بعد قدرتك
وأربعة منهم يقولون : سبحانك وبحمدك على حلمك بعد علمك
(7/274)
وأخرج
أبو الشيخ وابن أبي حاتم من طريق أبي قبيل أنه سمع عبد الله بن عمر رضي الله عنهما
يقول : حملة العرش ثمانية
ما بين موق أحدهم إلى مؤخرة عينيه مسيرة خمسمائة عام
وأخرج أبو الشيخ عن وهب رضي الله عنه قال : حملة العرش الذي يحملونه لكل ملك منهم
أربعة وجوه وأربعة أجنحة جناحان على وجهه ينظر إلى العرش فيصعق وجناحان يطير بهما
أقدامهم في الثرى والعرش على أكتافهم
لكل واحد منهم وجه ثور ووجه أسد ووجه إنسان ووجه نسر
ليس لهم كلام إلا أن يقولوا : قدوس الله القوي ملأت عظمته السموات والأرض
وأخرج أبو الشيخ عن وهب رضي الله عنه قال : حملة العرش أربعة فإذا كان يوم القيامة
أيدوا بأربعة آخرين
ملك منهم في صورة إنسان يشفع لبني آدم في أرزاقهم وملك منهم في صورة نسر يشفع
للطير في أرزاقهم وملك منهم في صورة ثور يشفع للبهائم في أرزاقهم وملك في صورة أسد
يشفع للسباع في أرزاقهم
فلما حملوا العرش وقعوا على ركبهم من عظمة الله فلقنوا لا حول ولا قوة إلا بالله
فاستووا قياما على أرجلهم
وأخرج أبو الشيخ عن مكحول رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن في حملة العرش أربعة أملاك
ملك على صورة سيد الصور وهو ابن آدم وملك على صورة سيد السباع وهو الأسد وملك على
صورة سيد الأنعام وهو الثور فما زال غضبان مذ يوم العجل إلى ساعتي هذه وملك على
صورة سيد الطير وهو النسر "
وأخرج ابن مردويه عن أم سعد رضي الله عنها قالت : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم
يقول " العرش على ملك من لؤلؤة على صورة ديك رجلاه في تخوم الأرض وجناحاه في
الشرق وعنقه تحت العرش "
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : حملة العرش كلهم على صور
قيل : يا عكرمة وما صور ؟ فأمال خده قليلا
وأخرج عبد بن حميد عن ميسرة رضي الله عنه قال : لا تستطيع الملائكة الذين يحملون
العرش أن ينظروا إلى ما فوقهم من شعاع النور
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس
(7/275)
رضي
الله عنهما قال : حملة العرش ما بين منكب أحدهم إلى أسفل قدميه مسيرة خمسمائة عام
وذكر : أن خطوة تلك الملك ما بين المشرق والمغرب
وأخرج عبد بن حميد عن ميسرة رضي الله عنه قال : حملة العرش أرجلهم في الأرض السفلى
ورؤوسهم قد خرقت العرش وهم خشوع لا يرفعون طرفهم وهم أشد خوفا من أهل السماء
السابعة وأهل السماء السابعة أشد خوفا من أهل السماء التي تليها وأهل السماء التي
تليها أشد خوفا من التي تليها
وأخرج البيهقي عن عروة رضي الله عنه قال : حملة العرش منهم من صورته صورة الإنسان
ومنهم من صورته صورة النسر ومنهم من صورته صورة الثور ومنهم من صورته صورة الأسد
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : إن الملائكة الذين يحملون
العرش يتكلمون بالفارسية
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم خرج على أصحابه فقال : " ما جمعكم قالوا : اجتمعنا نذكر ربنا ونتفكر في
عظمته فقال : لن تدركوا التفكر في عظمته
ألا أخبركم ببعض عظمة ربكم ؟ قيل : بلى يا رسول الله قال : إن ملكا من حملة العرش
يقال له إسرافيل زاوية من زوايا العرش على كاهله
قد مرقت قدماه في الأرض السابعة السفلى ومرق رأسه من السماء السابعة في مثله من
خليقة ربكم تعالى "
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال : في بعض القراءة " الذين
يحملون العرش فالذين حوله الملائكة يسبحون بحمد ربهم "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ويستغفرون للذين آمنوا قال
مطرف بن عبد الله بن الشخير : وجدنا أنصح عباد الله لعباده الملائكة عليهم السلام
ووجدنا أغش عباد الله لعباده الشياطين
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال : في بعض القراءة الذين
يحملون العرش في قوله " فاغفر للذين تابوا من الشرك واتبعوا سبيلك " قال
: طاعتك وفي قوله وأدخلهم جنات عدن قال : إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : يا
كعب ما عدن ؟ قال : قصور من ذهب في الجنة
(7/276)
يسكنها
النبيون والصديقون وأئمة العدل وفي قوله وقهم السيئآت قال : العذاب
الآية 10 أخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه في قوله إن الذين كفروا ينادون
لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم قال : إذا كان يوم القيامة فرأوا ما صاروا إليه
مقتوا أنفسهم فقيل لهم لمقت الله إياكم في الدنيا إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون
أكبر من مقتكم أنفسكم اليوم
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : مقتوا أنفسهم لما دخل المؤمنون الجنة وأدخلوا
النار فأكلوا أناملهم من المقت قال : ينادون في النار لمقت الله إياكم في الدنيا
إذ تدعون إلى الإيمان فتكفرون أكبر من مقتكم أنفسكم في النار
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم
الآية
يقول : لمقت الله أهل الضلالة حين يعرض عليهم الإيمان في الدنيا فتركوه وأبو أن
يقبلوا أكبر مما مقتوا أنفسهم حين عاينوا عذاب الله يوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن زر الهمداني رضي الله عنه في قوله إن الذين
كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم قال : هذا شيء يقال لهم يوم القيامة
حين مقتوا أنفسهم فيقال لهم لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم قال : مقتوا أنفسهم
حين عاينوا عذاب الله يوم القيامة حين مقتوا أنفسهم الآن حين علمتم أنكم من أصحاب
النار
الآيات 11 - 13
(7/277)
أخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم
وصححه عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين قال : هي
مثل التي في البقرة كنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم البقرة الآية 28
كانوا أموتا في أصلاب آبائهم ثم أخرجهم فأحياهم ثم يميتهم ثم يحييهم بعد الموت
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين قال : كنتم أمواتا قبل أن يخلقكم فهذه ميتة ثم
أحياكم فهذه حياة ثم يميتكم فترجعون إلى القبور فهذه ميتة أخرى ثم يبعثكم يوم
القيامة فهذه حياة فهما ميتتان وحياتان
فهو كقوله كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم ثم إليه
ترجعون البقرة الآية 28
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك رضي الله عنه قال : كانوا أمواتا فأحياهم الله
تعالى فأماتهم ثم يحييهم الله تعإلى يوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله أمتنا اثنتين
وأحييتنا اثنتين قال : كانوا أمواتا في أصلاب آبائهم فأحياهم الله تعالى في الدنيا
ثم أماتهم الموتة التي لا بد منها ثم أحياهم للبعث يوم القيامة
فهما حياتان وموتتان فاعترفنا بذنوبنا فهل إلى خروج من سبيل ؟ فهل إلى كرة إلى
الدنيا من سبيل
الآية 14 أخرج مسلم وأبو داود والنسائي عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال :
كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول دبر الصلاة " لا إله إلا الله وحده
لا شريك له له الملك وله الحمد وهوعلى كل شيء قدير
ولا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون "
الآيات 15 - 16
(7/278)
أخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله يلقي الروح من
أمره قال : الوحي والرحمة لينذر يوم التلاق قال : يوم يتلاقى أهل السماء وأهل
الأرض والخالق وخلقه يوم هم بارزون ولا يسترهم جبل ولا شيء
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يوم التلاق ويوم الآزفة ونحو
هذا من أسماء يوم القيامة عظمه الله وحذره عباده
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء
قال : واليوم لا يخفى على الله منهم شيء ولكنهم برزوا لله يوم القيامة لا يستترون
بجبل ولا مدر
وأخرج عبد بن حميد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وأبو نعيم في
الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ينادي مناد بين يدي الساعة : يا أيها
الناس أتتكم الساعة فيسمعها الأحياء والأموات وينزل الله إلى السماء الدنيا فيقول
لمن الملك اليوم لله الواحد القهار
وأخرج ابن أبي الدنيا في البعث والديلمي عن أبي سعيد رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : " ينادي مناد بين الصيحة : يا أيها الناس أتتكم الساعة
- ومد بها صوته يسمعه الأحياء والأموات - وينزل الله إلى السماء الدنيا ثم ينادي
مناد : لمن الملك اليوم
؟ لله الواحد القهار "
الآية 17 أخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن جابر رضي الله عنه قال
: بلغني حديث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم في القصاص فأتيت بعير
فشددت عليه رحلي ثم سرت إليه شهرا حتى قدمت مصر فأتيت عبد الله بن أنيس فقلت له :
حديث بلغني عنك في القصاص فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول :
(7/279)
يحشر
الله العباد حفاة عراة غرلا
قلنا ما هما ؟ قال : ليس معهم شيء ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب
أنا الملك أنا الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولا لأحد من أهل
النار أن يدخل النار وعنده مظلمة حتى أقصه منها حتى اللطمة
قلنا كيف وإن نأتي الله غرلا بهما ؟ قال : بالحسنات والسيئآت وتلا رسول الله صلى
الله عليه و سلم اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم "
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الذنوب ثلاثة
فذنب يغفر وذنب لا يغفر وذنب لا يترك منه شيء
فالذنب الذي يغفر العبد يذنب الذنب فيستغفر الله فيغفر له وأما النذب الذي لا يغفر
فالشرك وأما الذنب الذي لا يترك منه شيء فمظلمة الرجل أخاه
ثم قرأ ابن عباس رضي الله عنهما اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله
سريع الحساب يؤخذ للشاة الجماء من ذات القرون بفضل نطحها
وأخرج عبد بن حميد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يجمع الله الخلق يوم القيامة
بصعيد واحد بأرض بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يعص الله عليها قط ولم يخط فيها
فأول ما يتكلم أن ينادي مناد : لمن الملك اليوم
! لله الواحد القهار اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم إن الله سريع الحساب
فأول ما يبدؤن به من الخصومات " الدماء " فيؤتى بالقاتل والمقتول فيقول
: سل عبدك هذا فيم قتلتني ؟ فيقول : نعم
فإن قال قتلته لتكون العزة لله فإنها له وإن قال قتلته لتكون العزة لفلان فإنها
ليست له ويبوء بإئمه فيقتله
ومن كان قتل بالغين ما بلغوا ويذوقوا الموت كما ذاقوه في الدنيا
وأخرج الخطيب في تاريخه بسند واه عن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " يحشر الناس يوم القيامة كما ولدتهم أمهاتهم
حفاة عراة غرلا
فقالت عائشة رضي الله عنها : واسوأتاه
؟ ! ينظر بعضنا إلى بعض فضرب على منكبها وقال : يا بنت أبي قحافة شغل الناس يومئذ
عن النظر وسموا بأبصارهم إلى السماء موقوفون أربعين سنة
لا يأكلون ولا يشربون ولا يتكلمون سامين أبصارهم إلى السماء
يلجمهم العرق فمنهم من بلغ العرق قدميه ومنهم من بلغ ساقيه ومنهم من بلغ فخذيه
وبطنه ومنهم من يلجمه العرق
(7/280)
ثم
يرحم بعد ذلك على العباد فيأمر الملائكة المقربين فيحملون عرش الرب عز و جل حتى
يوضع في أرض بيضاء كأنها الفضة لم يسفك فيها دم حرام ولم يعمل فيها خطيئة وذلك أول
يوم نظرت عين إلى الله تعالى
ثم تقوم الملائكة حافين من حول العرش الزمر75 ثم ينادي مناد فينادي بصوت يسمع
الثقلين الجن والإنس يستمع الناس لذلك الصوت ثم يخرج الرجل من الموقف فيعرق الناس
كلهم ثم يعرق بأخذ حسناته فتخرج معه فيخرج بشيء لم ير الناس مثله كثرة ويعرف الناس
تلك الحسنات فإذا وقف بين يدي رب العالمين قال : أين أصحاب المظالم ؟ فيقول له
الرحمن تعالى : أظلمت فلان بن فلان في كذا وكذا
فيقول : نعم يا رب وذلك يوم تشهد عليه ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون
النور 24 فإذا فرغ من ذلك فيؤخذ من حسناته فيدع إلى من ظلمه
وذلك يوم لا دينار ولا درهم إلا أخذ من الحسنات وترك من السيئآت فإذا لم يبق حسنة
قال : من بقي يا ربنا ما بال غيرنا استوفوا حقوقهم وبقينا ؟ قيل : لا تعجلوا فيؤخذ
من سيئآتهم عليه فإذا لم يبق أحد يطلبه قيل له ارجع إلى أمك الهاوية فإنه لا ظلم
اليوم إن الله سريع الحساب ولا يبقى ملك مقرب ولا نبي مرسل ولا صديق ولا شهيد إلا
ظن أنه لم ينج لما رأى من شدة الحساب "
الآية 18 أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه وأنذرهم يوم الآزفة
قال : الساعة إذ القلوب لدى الحناجر قال : وقعت في حناجرهم من المخافة فلا تخرج
ولا تعود إلى أماكنها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه وأنذرهم يوم الآزفة قال :
يوم القيامة
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه إذ القلوب لدى الحناجر قال : إذا عاين
أهل النار النار حتى تبلغ حناجرهم فلا تخرج فيموتون ولا ترجع
(7/281)
إلى
أماكنها من أجوافهم
وفي قوله كاظمين قال : باكين
الآيات 19 - 20 أخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور قال : الرجل
يكون في القوم فتمر بهم المرأة فيريهم أنه يغض بصره عنها وإذا غفلوا لحظ إليها
وإذا نظروا غض بصره عنها وقد اطلع الله من قلبه أنه ود أنه ينظر إلى عورتها
وأخرج أبو نعيم في الحلية وابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط والبيهقي في شعب
الإيمان عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله يعلم خائنة الأعين قال : نظرت إليها
لتريد الخيانة أم لا ؟ وما تخفي الصدور قال : إذا قدرت عليها أتزني بها أم لا ؟
ألا أخبركم والله يقضي بالحق قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة وبالسيئة السيئة
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة عن قتادة رضي الله عنه يعلم خائنة الأعين
قال : يعلم همزه واضمامه بعينيه فيما لا يحب الله تعالى
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه يعلم خائنة الأعين قال : نظر
العين إلى ما نهي عنه
وأخرج عبد بن حميد عن أبي الجوزاء رضي الله عنه يعلم خائنة الأعين قال : كان الرجل
يدخل على القوم في البيت وفي البيت امرأة فيرفع رأسه فيلحظ إليها ثم ينكس
وأخرج أبو داود والنسائي وابن مردويه عن سعد رضي الله عنه قال : لما كان يوم فتح
مكة أمن رسول الله صلى الله عليه و سلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وقال :
" أقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة منهم عبد الله بن سعد بن أبي
سرح
فأختبأ عند عثمان بن عفان رضي الله عنه فلما دعا رسول الله صلى الله عليه و سلم
الناس إلى البيعة جاء به
(7/282)
فقال
: يا رسول الله بايع عبد الله
فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثا كل ذلك يأبى يبايعه ثم أقبل على أصحابه فقال : أما كان
فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله ؟ فقالوا : ما
يدرينا يا رسول الله ما في نفسك هلا أومأت إلينا بعينك ؟ ! قال : أنه لا ينبغي
لنبي أن يكون له خائنة الأعين "
وأخرج الخطيب في تاريخه والحكيم الترمذي عن أم معبد رضي الله عنها قالت : سمعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " اللهم طهر قلبي من النفاق وعملي من
الرياء ولساني من الكذب وعيني من الخيانة فإنك تعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور
"
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله والله يقضي بالحق قال : قادر
على أن يقضي بالحق والذين يدعون من دونه لا يقدرون على أن يقضوا بالحق
من آية 21 - 22 أخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه وما كان لهم من الله من
واق قال : من واق يقيهم ولا ينفعهم
من آية 23 - 27
(7/283)
أخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه فلما جاءهم بالحق من عندنا قالوا
اقتلوا أبناء الذين آمنوا
قال : هذا بعد القتل الأول ولفظ عبد بن حميد هذا قتل غير القتل الأول الذي كان
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك رضي الله عنه في قوله وقال فرعون ذروني أقتل موسى قال
: أنظر من يمنعه مني
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في
الأرض الفساد قال : أن يقتلوا أبناءكم ويستحيوا نساءكم إذا ظهروا عليكم كما كنتم
تفعلون بهم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه إني أخاف أن يبدل دينكم أي
أمركم الذي أنتم عليه أو أن يظهر في الأرض الفساد والفساد عنده أن يعمل بطاعة الله
إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب ؟ ؟ قال : المشرك أسرف على نفسه بالشرك
الآية 28 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لم يكن
في آل فرعون مؤمن غيره وغير امرأة فرعون وغير المؤمن الذي أنذر موسى عليه
(7/284)
السلام
الذي قال : " أن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك قال ابن المنذر أخبرت أن اسمه
حزقيل
وأخرج عبد بن حميد عن أبي إسحق رضي الله عنه قال : كان سم الرجل الذي آمن من آل
فرعون حبيب
وأخرج البخاري وابن المنذر وابن مردويه من طريق عروة رضي الله عنه قال : قلت لعبد
الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون برسول الله صلى
الله عليه و سلم ؟ قال : بينا رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي بفناء الكعبة إذ
أقبل عقبة بن أبي معيط فأخذ بمنكب رسول الله صلى الله عليه و سلم ولوى ثوبه في
عنقه فخنقه خنقا شديدا فأقبل أبو بكر رضي الله عنه فأخذ بمنكبيه ودفعه عن النبي
صلى الله عليه و سلم
ثم قال أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم
وأخرج ابن أبي شيبة والحكيم الترمذي وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن عمرو بن
العاص رضي الله عنه قال : " ما رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئا كان
أشد من أن طاف بالبيت ضحى فلقوه حين فرغ فأخذوا بمجامع ردائه وقالوا : أنت الذي
تنهانا عما كان يعبد آباؤنا ؟ قال : أنا ذاك
فقام أبو بكر رضي الله عنه فالتزمه من ورائه ثم قال أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله
وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبا فعليه كذبه وإن يك صادقا يصبكم بعض الذي
يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب رافعا صوته بذلك وعيناه يسحان حتى أرسلوه
"
وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : ضربوا رسول الله صلى الله
عليه و سلم حتى غشي عليه
فقام أبو بكر رضي الله عنه فجعل ينادي ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله قالوا
: من هذا ؟ قال : هذا ابن أبي قحافة
وأخرج الحكيم الترمذي وابن مردويه من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما
نحوه
وأخرج البزار وأبو نعيم في فضائل الصحابة عن علي رضي الله عنه أنه قال : أيها
الناس أخبروني بأشجع الناس ؟ قالوا : أنت
قال : لا
قالوا : فمن ؟ قال : أبو بكر رضي الله عنه
لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم وأخذته قريش
هذا يحثه وهذا يبلبله وهم يقولون : أنت الذي جعلت الآلهة آلها واحدا قال : فوالله
ما دنا منا أحد
(7/285)
إلا
أبو بكر رضي الله عنه
يضرب هذا ويجاهد هذا وهو يقول ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ثم رفع علي رضي
عنه بردة كانت عليه فبكى حتى اخضلت لحيته ثم قال : أنشدكم بالله أمؤمن آل فرعون
خير أم أبو بكر رضي الله عنه خير من مؤمن آل فرعون ؟ ذاك رجل يكتم إيمانه وهذا رجل
أعلن إيمانه
الآية 29 - 31 أخرج ابن المنذر عن ابن عباس مثل دأب مثل حال
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه مثل دأب قوم نوح قال : هم
الأحزاب قوم نوح وعاد وثمود
الآيات 32 - 33 أخرج ابن المبارك وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الضحاك
رضي الله عنه قال : إذا كان يوم القيامة أمر الله السماء الدنيا فتشققت بأهلها
فتكون الملائكة على حافتها حتى يأمرهم الرب فينزلون فيحيطون بالأرض ومن بها ثم
الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة ثم السادسة ثم السابعة
فصفوا صفا دون صف ثم ينزل الملك الأعلى ليسري جهنم فإذا رأها أهل الأرض هربوا فلا
يأتون قطرا من أقطار الأرض إلا وجدوا سبعة صفوف من الملائكة فيرجعون إلى المكان
الذي كانوا فيه
فذلك قوله يوم التناد يعني بتشديد الدال يوم تولون مدبرين ما
(7/286)
لكم
من الله من عاصم وذلك قوله وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم الفجر الآية
22 - 23 وقوله يا معشر الجن والإنس إن إستطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والأرض
فأنفذوا لا تنفذون إلا بسلطان الرحمن الآية 33 وقوله وانشقت السماء فهي يومئذ
واهية والملك على أرجائها الحاقة الآية 17 يعني ما تشقق فيها
فبينما هم كذلك إذ سمعوا الصوت فأقبلوا إلى الحساب
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله يوم التناد قال : ينادى كل قوم
بأعمالهم
فنادي أهل النار أهل الجنة
وأهل الجنة أهل النار يوم تولون مدبرين إلى النار ما لكم من الله من عاصم أي من
ناصر
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ويا قوم إني أخاف عليكم يوم التناد قال :
ينادي أهل الجنة أهل النار أن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم
حقا الأعراف الآية 44 قال : وينادي أهل النار أهل الجنة أن أفيضوا علينا من الماء
أو مما رزقكم الله الأعراف الآية 50
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه يوم تولون مدبرين قال :
قادرين غير معجزين
الآيات 34 - 38
(7/287)
أخرج
ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ولقاء جاءكم يوسف من قبل بالبينات
قال : رؤيا يوسف عليه السلام
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك في قوله الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان قال :
بغير برهان
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : ما رآه المؤمنون حسنا فهو حسن
عند الله وما رآه المؤمنون سيئا فهو سيء عند الله
وكان الأعمش رضي الله عنه يتأول بعده كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر مضاف لا
ينون في قلب
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه وقال فرعون يا هامان ابن لي
صرحا قال : كان أول من بنى بهذا الآجر وطبخه لعلي أبلغ الأسباب قال : الأبواب
أسباب أي أبواب السموات وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل قال : فعل ذلك به
وزين له سوء عمله وما كيد فرعون إلا في تباب أي في ضلال وخسار
وأخرج ابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في قوله يا هامان ابن لي صرحا قال
: أوقد على الطين حتى يكون الآجر
وأخرج عبد بن حميد عن أبي صالح رضي الله عنهم في قوله أسباب السموات قال : طرق
السموات
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله إلا في تباب
قال : خسران
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد في تباب قال : في خسارة
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ وصدوا عن السبيل برفع الصاد
الآيات 39 - 40
(7/288)
أخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الدنيا جمعة من جمع الآخرة
سبعة آلاف سنة
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إن الحياة الدنيا متاع وليس من متاعه شيء خيرا من المرأة الصالحة
التي إذا نظرت إليها سرتك وإذا غبت عنها حفظتك في نفسها ومالك "
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه وإن الآخرة هي دار القرار استقرت الجنة
بأهلها واستقرت النار بأهلها من عمل سيئة قال : الشرك فلا يجزى إلا مثلها ومن عمل
صالحا أي خيرا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة يرزقون فيها بغير حساب
لا والله ما هناك مكيال ولا ميزان
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ " فأولئك يدخلون الجنة
" بنصب الياء
الآيات 41 - 45
(7/289)
أخرج
الفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد عن مجاهد في قوله ويا قوم ما لي أدعوكم إلى
النجاة قال : إلى الإيمان ! وفي قوله لا جرم إنما تدعونني إليه ليس له دعوة في
الدنيا قال : الوثن ليس بشيء وإن المسرفين السفاكين الدماء بغير حقها هم أصحاب
النار
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قال ليس له دعوة في الدنيا ولا في الآخرة قال : لا يضر
ولا ينفع وإن المسرفين هم أصحاب النار قال : ؟ جميع أصحابنا إن المسرفين هم أصحاب
النار
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة في قوله فوقاه الله سيئآت ما
مكروا قال : كان قبطيا من قوم فرعون فنجا مع موسى وبني إسرائيل حين نجوا
الآيات 46 - 50 أخرج ابن أبي شيبة وهناد وعبد بن حميد عن هذيل بن شرحبيل رضي الله
عنه قال : إن أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تغدو وتروح على النار
فذلك عرضها وأرواح الشهداء في أجواف طير خضر وأولاد المسلمين الذين لم يبلغوا
الحنث في أجواف عصافير من عصافير الجنة ترعى وتسرح
(7/290)
وأخرج
عبد بن حميد عن الضحاك رضي الله عنه أنه سئل عن أرواح الشهداء قال : تجعل أرواحهم
في أجواف طير خضر تسرح في الجنة وتأوي بالليل إلى قناديل من ذهب معلقة بالعرش
فتأوي فيها
قيل فأرواح الكفار ؟ قال : توجد أرواحهم فتجعل في أجواف طير سود تغدو وتروح على
النار
ثم قرأ هذه الآية النار يعرضون عليها غدوا وعشيا
وأخرج عبد الرزاق وابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : أرواح الشهداء في
أجواف طير خضر تسرح بهم في الجنة حيث شاءوا وأن أرواح ولدان المؤمنين في أجواف
عصافير تسرح في الجنة حيث شاءت وإن أرواح آل فرعون في أجواف طير سود تغدو على جهنم
وتروح
فذلك عرضها
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه النار يعرضون عليها غدوا
وعشيا قال : صباحا ومساء
يقال لهم : هذه منازلكم فانظروا إليها توبيخا ونقمة وصغارا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله يعرضون عليها غدوا وعشيا قال : ما
كانت الدنيا تعرض أرواحهم
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي
هريرة رضي الله عنه
أنه كان له صرختان في كل يوم غدوة وعشية
كان يقول أول النهار : ذهب الليل وجاء النهار وعرض آل فرعون على النار فلا يسمع
أحد صوته إلا استعاذ بالله من النار
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب من عاش بعد الموت وابن جرير عن الأوزاعي رضي الله
عنه
أنه سأله رجل فقال : يا أبا عمرو إنا نرى طيرا أسود تخرج من البحر فوجا فوجا لا
يعلم عددها إلا الله تعالى فإذا كان العشاء عاد مثلها بيضا ؟ ! قال : وفطنتم لذلك
؟ قالوا : نعم
قال : تلك في حواصلها أرواح آل فرعون يعرضون على النار غدوا وعشيا فترجع وكورها
وقد أحرقت رياشها وصارت سوداء فينبت عليها ريش أبيض وتتناثر السود ثم تعرض على
النار ثم ترجع إلى وكورها فذلك دأبهم في الدنيا فإذا كان يوم القيامة قال الله
أدخلوا آل فرعون أشد العذاب
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله
(7/291)
عنهما
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن أحدكم إذا مات عرض عليه
مقعده من الغداة والعشي
إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة وإن كان من أهل النار فمن أهل النار
يقال : هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة
زاد ابن مردويه النار يعرضون عليها غدوا وعشيا "
وأخرج البزار وابن أبي حاتم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن
مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ما أحسن محسن مسلم أو كافر
إلا أثابه الله
قلنا يا رسول الله ما إثابة الكافر ؟ قال : المال والولد والصحة وأشباه ذلك
قلنا : وما إثابته في الآخرة ؟ قال : عذابا دون العذاب
وقرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم أدخلوا آل فرعون أشد العذاب قراءة مقطوعة
الألف
الآيات 51 - 55 أخرج أحمد والترمذي وحسنه وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة والطبراني
وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : " من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه نار جهنم
ثم تلا إنا لننصر رسلنا
الآية "
وأخرج ابن مردويه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
مثله
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي العالية رضي الله عنه في قوله إنا لننصر رسلنا
الآية
قال : ذلك في الحجة
يفتح الله حجتهم في الدنيا
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في هذه الآية قال : لم يبعث الله
(7/292)
إليهم
من ينصرهم فيطلب بدمائهم ممن فعل ذلك بهم في الدنيا وهم منصورون فيها
وأخرج أبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ويوم يقوم الأشهاد قال : هم
الملائكة
وأخرج عبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه
مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سفيان رضي الله عنه قال : سألت الأعمش عن قوله
ويوم يقوم الأشهاد قال : الملائكة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال الأشهاد ملائكة الله وأنبياؤه
والمؤمنون
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم رضي الله عنه قال الأشهاد أربعة :
الملائكة الذين يحصون أعمالنا
وقرأ وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ق 21
والنبيون شهداء على أممهم
وقرأ فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد النساء 41
وأمة محمد صلى الله عليه و سلم شهداء على الأمم
وقرأ لتكونوا شهداء على الناس الحج 78
والأجساد والجلود
وقرأ وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء فصلت 21
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار قال : صل لربك بالعشي
والإبكار قال : الصلوات المكتوبات
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله بالعشي والإبكار قال
: صلاة الفجر والعصر
الآيات 56 - 59
(7/293)
أخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم بسند صحيح عن أبي العالية رضي الله عنه قال : إن اليهود
أتوا النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : إن الدجال يكون منا في آخر الزمان ويكون
من أمره فعظموا أمره وقالوا : يصنع كذا
فأنزل الله إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر
ما هم ببالغيه قال : لا يبلغ الذي يقول فاستعذ بالله فأمر نبيه صلى الله عليه و
سلم أن يتعوذ من فتنة الدجال لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس الدجال
وأخرج ابن أبي حاتم عن كعب الأحبار رضي الله عنه في قوله إن الذين يجادلون في آيات
الله بغير سلطان قال : هم اليهود نزلت فيهم فيما ينتظرونه من أمر الدجال
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله لخلق السموات والأرض أكبر من
خلق الناس قال : زعموا أن اليهود قالوا : يكون منا ملك في آخر الزمان البحر إلى
ركبتيه والسحاب دون رأسه يأخذ الطير بين السماء والأرض
معه جبل خبز ونهر
فنزلت لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله إن في صدورهم إلا كبر قال : عظمة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة
إنما حملهم على التكذيب الزيغ الذي في قلوبهم
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة وما يستوي الأعمى والبصير قال الأعمى الكافر والبصير
المؤمن والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما تتذكرون قال : هم في
بغيهم بعد
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ما كان من فتنة ولا تكون حتى تقوم الساعة أعظم من فتنة الدجال وما من نبي
إلا حذر
(7/294)
قومه
ولأخبرنكم عنه بشيء ما أخبره نبي قبلي فوضع يده على عينه ثم قال : أشهد أن الله
ليس بأعور "
وأخرج ابن عدي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " ما من نبي
إلا وقد حذر أمته الدجال
وهو أعور بين عينيه طفرة مكتوب عليه كافر معه واديان
أحدهما جنة والآخر نار
فناره جنة وجنته نار "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عن داود بن عامر بن أبي وقاص عن أبيه عن جده قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنه لم يكن نبي قبلي إلا وقد وصف الدجال
لأمته
ولأصفنه صفة لم يصفها أحد كان قبلي إنه أعور وإن الله عز و جل ليس بأعور "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي وحسنه عن أبي عبيدة بن الجراح
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إنه لم يكن نبي إلا قد أنذر
قومه الدجال وأنا أنذركموه
فوصف لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال : لعله سيدركه بعض من رآني وسمع
كلامي قالوا : يا رسول الله كيف قلوبنا يومئذ ؟ قال : مثلها اليوم أو خير "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد في مسنده والحاكم عن أبي سعيد الخدري قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إني خاتم ألف نبي أو أكثر
ما بعث نبي إلا وقد حذر أمته وأني قد بين لي من أمره ما لم يتبين لأحد وإنه أعور
وإن ربكم ليس بأعور وعينه اليمنى جاحظة كأنها في حائط مجصص وعينه اليسرى كأنها
كوكب دري معه من كل لسان ومعه صورة الجنة خضراء يجري فيها الماء ومعه صورة النار
سوداء تدخن
يتبعه من كل قوم يدعونهم بلسانهم إليها "
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" ما بعث نبي إلا أنذر أمته الأعور والكذاب
إلا أنه أعور وإن ربكم ليس بأعور ومكتوب بين عينيه كافر "
وأخرج يعقوب بن سفيان عن معاذ بن جبل قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم
يقول : " ما من نبي إلا وقد حذر أمته الدجال وإني أحذركم أمره إنه أعور وإن
ربكم عز و جل ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر يقرأه الكاتب وغير الكاتب معه جنة
ونار فناره جنة وجنته نار "
(7/295)
وأخرج
ابن أبي شيبة والبزار وابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إني لخاتم ألف نبي أو أكثر وإنه ليس منهم
نبي إلا وقد أنذر قومه الدجال وإنه تبين لي ما لم يتبين لأحد منهم وإنه أعور وإن
ربكم ليس بأعور "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والبخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : " قام
رسول الله صلى الله عليه و سلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال
فقال : إني أنذركموه وما من نبي إلا قد أنذر قومه
لقد أنذر نوح قومه
ولكن سأقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه تعلمون أنه أعور وأن الله ليس بأعور
"
وأخرج أحمد عن عبد الله بن عمر قال : كنا نحدث بحجة الوداع ولا نرى أنه الوداع من
رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكر المسيح الدجال فأطنب في ذكره قال : " ما
بعث الله من نبي إلا قد أنذر أمته
لقد أنذر نوح أمته والنبيون من بعده
إلا ما خفي عليكم من شأنه فلا يخفين عليكم
إن ربكم ليس بأعور
قالها ثلاثا "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " الدجال أعور
العين عليها طفرة
مكتوب بين عينيه كافر "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال
: " إن الدجال أعور جعد حجان أحمر كان رأسه غصن شجرة
أشبه الناس بعبد العزى فأما هلك الهلك فأنه أعور وإن ربكم ليس بأعور "
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " لأنا أعلم بما مع الدجال
معه نهران يجريان
أحدهما رأي العين نار تتأجج فمن أدرك ذلك فليأت النار الذي يراه فليغمض عينيه ثم
يطأطىء رأسه يشرب فإنه بارد وإن الدجال ممسوح العين عليه طفرة غليظة مكتوب بين
عينيه كافر يقرأها كل مؤمن كاتب وغير كاتب "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " ألا أحدثكم عن الدجال حديثا ما حدثه نبي قط
إنه أعور وإنه يجيء معه بمثل الجنة والنار فالذي يقول هي الجنة هي النار إني أنذركم
به كما أنذر نوح قومه "
(7/296)
وأخرج
ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والطبراني والحاكم عن عمران بن حصين رضي الله عنه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من سمع منكم بخروج الدجال
فلينأى عنه ما استطاع فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فما يزال به حتى يتبعه
مما يرى من الشبهات "
وأخرج ابن أبي شيبة عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال : ما كان أحد يسأل رسول
الله صلى الله عليه و سلم عن الدجال أكثر مني قال : وما تسألني عنه ؟ قلت : إن
الناس يقولون : إن معه الطعام والشراب
قال : هو أهون على الله من ذلك
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من شر فتنة المسيح الدجال "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " من نجا من ثلاثة فقد نجا قالها ثلاث مرات قالوا : ما ذاك يا رسول
الله ؟ قال : داء والدجال وقتل خليفة يصطبر بالحق يعطيه "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : يمكث الناس بعد خروج
الدجال أربعين عاما ويغرس النخل وتقوم الأسواق
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العلاء بن الشخير رضي الله عنه : أن نوحا عليه السلام
ومن بعده من الأنبياء عليهم السلام كانوا يتعوذون من فتنة الدجال
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه قال : لا يخرج الدجال حتى يكون خروجه
أشهى إلى المسلمين من شرب الماء على الظمأ فقال له رجل : لم ؟ قال : من شده البلاء
والشر
وأخرج ابن أبي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه قال : حتى لا يكون غائب أحب إلى المؤمن
خروجا منه وما خروجه بأضر للمؤمن من حصاة يرفعها من الأرض وما علم أحدهم أدناهم
وأقصاهم إلا سواء
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي وائل رضي الله عنه قال : أكثر أتباع الدجال اليهود
وأولاد الأمهات
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : كان بمقدمة الأعور الدجال ستمائة ألف يلبسون
التيجان
(7/297)
وأخرج
ابن أبي شيبة وأحمد ومسلم عن هشام بن عامر رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقول : " ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أكبر من الدجال
"
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والترمذي وصححه وابن ماجة عن أبي بكر الصديق رضي الله
عنه قال : " حدثنا رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الدجال يخرج من
أرض بالمشرق يقال لها خراسان يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة "
وأخرج أحمد عن أبي بن كعب
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكر عنده الدجال فقال : " إحدى عينيه كأنها
زجاجة خضراء "
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عاصم قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
أما مسيح الضلالة فرجل أجلى الجبهة ممسوخ العين اليسرى عريض النحر فيه دمامة كأنه
فلان بن عبد العزى أو عبد العزى بن فلان "
وأخرج ابن أبي شيبة عن سفينة قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال :
" إنه لم يكن نبي إلا حذر الدجال أمته
أعور العين اليسرى بعينه اليمنى طفرة غليظة بين عينيه كافر معه واديان
أحدهما جنة
والآخر نار فجنته نار وناره جنة ومعه ملكان يشبهان نبيين من الأنبياء
أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله فيقول ؟ من الناس إلا صاحبه فيقول صاحبه : صدقت
فيسمعه الناس فيحسبون ما صدق الدجال وذلك فتنة ثم يسير حتى يأتي الشام فينزل عيسى
فيقتله الله عند عقبة أفيق "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي بكر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " يمكث أبو الدجال ثلاثين عاما لا يولد لهما ولد ثم يولد لهما غلام
أعور
أضر شيء وأقله نفعا تنام عيناه ولا ينام قلبه
ثم نعت أبويه فقال : أبوه رجل طوال ضرب اللحم طويل الأنف كان أنفه مهار
وأمه امرأة فرغانية عظيمة الثديين "
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن الدجال يطوي الأرض كلها إلا مكة
والمدينة فيأتي المدينة فيجد كل نقب من أنقابها صفوفا من الملائكة فيأتي سبخة
الجرف فيضرب رواقه ثم ترتجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج إليه كل منافق ومنافقة
"
(7/298)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن حذيفة رضي الله عنه قال : لو خرج الدجال لآمن به قوم في قبورهم
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : يهبط الدجال من كور كرهان معه
ثمانون ألفا عليهم الطيالسة ينتعلون كان وجوههم مجان مطرقة
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق حوط العبدي عن عبد الله رضي الله عنه قال : إن أذن
حمار الدجال لتظل سبعين ألفا
وأخرج ابن أبي شهبة ؟ عن جنادة بن أمية الدري رضي الله عنه قال : دخلت أنا وصاحب
لي على رجل من أصحاب رسول الله فقلنا : حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه
و سلم ولا تحدثنا عن غيره وإن كان عندنا مصدقا قال : نعم
قام فينا رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات يوم فقال : " أنذركم الدجال
أنذركم الدجال أنذركم الدجال
فإنه لم يكن نبي إلا أنذره أمته وإنه فيكم أيتها الأمة وأنه جعد آدم ممسوخ العين
اليسرى وإن معه جنة ونارا فناره جنة وجنته نار وإن معه نهر ماء وجبل خبز وإنه يسلط
على نفس فيقتلها ثم يحييها لا يسلط على غيرها وإنه يمطر السماء وينبت الأرض وإنه
يلبث في الأرض أربعين صباحا حتى يبلغ منها كل منهل وإنه لا يقرب أربعة مساجد
مسجد الحرام ومسجد الرسول ومسجد المقدس ومسجد الطور وما عليكم من الأشياء فإن الله
ليس بأعور مرتين "
وأخرج ابن أبي شيبة والطبراني عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : " والله لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا آخرهم الأعور
الدجال ممسوخ العين اليسرى كأنها عين أبي يحيى الشيخ من الأنصار وإنه متى يخرج
فإنه يزعم أنه الله فمن آمن به وصدقه واتبعه فليس ينفعه صالح له من عمل له سلف ومن
كفر به وكذبه فليس يعاقب بشيء من عمل له سلف
وإنه سيظهر على الأرض كلها إلا الحرم وبيت المقدس فهزمه الله وجنوده
حتى أن حرم الحائط أو أصل الشجرة ينادي : يا مؤمن هذا كافر يستتر بي فتعال فاقتله
ولن يكون ذاك كذلك حتى تروا أمور يتفاقم شأنها في أنفسكم فتتساءلون بينكم : هل كان
نبيكم ذكر لكم منها شيئا ذكر أو حتى تزول جبال عن مراتبها ثم على أثر ذلك القبض
وأشار بيده إلى الموت "
(7/299)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" الدجال يخوض البحار إلى ركبتيه ويتناول السحاب ويسبق الشمس إلى مغربها وفي
جبهته قرن منه الحيات وقد صور في جسده السلاح كله حتى ذكر السيف والرمح والدرق
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : يخرج الدجال فيمكث في الأرض
أربعين صباحا يبلغ منها كل منهل
اليوم منها كالجمعة والجمعة كالشهر والشهر كالسنة
وأخرج ابن أبي شيبة عن عبيد بن عمير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " ليصحبن الدجال قوم يقولون : إنا لنصحبه وإنا لنعلم أنه كذاب
ولكنا إنما نصحبه لنأكل من الطعام ونرعى من الشجر وإذا نزل غضب الله نزل عليهم
كلهم "
وأخرج الطبراني عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه قال : ذكر الدجال عند عبد الله بن
مسعود رضي الله عنه فقال : لا تكثروا ذكره فإن الأمر إذا قضي في السماء كان أسرع
لنزوله إلى الأرض أن يظهر على ألسنة الناس
الآيات 60 - 64
(7/300)
أخرج
سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد والبخاري في الأدب المفرد وأبو
داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني
وابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان
عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" الدعاء تلو العبادة
ثم قرأ وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي قال : عن دعائي
سيدخلون جهنم داخرين هل تدرون ما عبادة الله ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ! قال : هو
إخلاص الله مما سواه "
وأخرج ابن مردويه والخطيب عن البراء رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن الدعاء هو العبادة
وقرأ وقال ربكم ادعوني أستجب لكم "
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في
قوله ادعوني أستجب لكم قال : اعبدوني
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله سيدخلون جهنم داخرين قال : صاغرين
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : " قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : الدعاء الاستغفار "
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " من لم يدع الله يغضب عليه "
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي وأبو يعلى والطبراني عن معاذ رضي الله عنه قال : لن
ينفع حذر من قدر ولكن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل
فعليكم بالدعاء عباد الله
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " إذا فتح الله على عبد بالدعاء فليدع فإن الله
يستجيب له "
وأخرج الحكيم الترمذي وابن عدي في نوادر الأصول عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن الله يحب الملحين في الدعاء
"
وأخرج الحكيم الترمذي عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : نجد فيما أنزل الله
(7/301)
تعالى
في بعض الكتب أن الله تعالى يقول : أنزل البلاء أستخرج به الدعاء
وأخرج ابن المنذر عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله ادعوني أستجب لكم قال : قال
ربكم : " عبدي إنك ما دعوتني ورجوتني فإني سأغفر لك على ما كان فيك ولو
لقيتني بقراب الأرض خطايا لقيتك بقرابها مغفرة ولو أخطأت حتى تبلغ خطاياك عنان
السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي "
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أفضل العبادة
الدعاء وقرأ وقال ربكم ادعوني أستجب لكم
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله ادعوني أستجب لكم
قال : اعملوا وأبشروا فإنه حق على الله أن يستجيب للذين آمنوا وعملوا الصالحات
ويزيدهم من فضله
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن كعب رضي الله عنه أنه تلا هذه الآية فقال : ما
أعطي أحد من الأمم ما أعطيت هذه الأمة إلا بني الرجل المجتبى يقال له : سل تعطه
وأخرج البخاري في الأدب عن عائشة رضي الله عنها قالت : سئل النبي صلى الله عليه و
سلم أي العبادة أفضل ؟ فقال : " دعاء المرء لنفسه "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن كعب رضي الله عنه قال : قال الله تعالى
لموسى عليه الصلاة و السلام : " قل للمؤمنين لا يستعجلوني إذا دعوني ولا
يبخلوني أليس يعلمون أني أبغض البخيل فكيف أكون بخيلا ! يا موسى لا تخف مني بخلا
أن تسألني عظيما ولا تستحي أن تسألني صغيرا اطلب إلي الدقة واطلب إلي العلف لشاتك
يا موسى أما علمت أني خلقت الخردلة فما فوقها ؟ وإني لم أخلق شيئا إلا وقد علمت أن
الخلق يحتاجون إليه فمن يسألني مسألة وهو يعلم أني قادر أعطي وأمنع وأعطيته مسألته
مع المغفرة فإن حمدني حين أعطيته وحين أمنعه أسكنته دار الحمادين وأيما عبد لم
يسألني مسألة ثم أعطيته كان أشد عليه من الحساب "
وأخرج الحكيم الترمذي عن مالك بن أنس رضي الله عنه قال : قال عروة بن الزبير رضي
الله عنه : إني لأسأل الله تعالى حوائجي في صلاتي
حتى أسأله الملح لأهلي
(7/302)
وأخرج
الحكيم الترمذي عن زهرة بن معبد رضي الله عنه قال : سمعت محمد بن المنكدر رضي الله
عنه يدعو يقول : اللهم قو ذكري فإن فيه منفعة لأهلي
وأخرج أحمد في الزهد عن ثابت البناني رضي الله عنه قال : تعبد رجل سبعين سنة فكان
يقول في دعائه : رب أجزني بعملي فأدخل الجنة فمكث فيها سبعين عاما فلما وفت قيل له
: أخرج قد استوفيت عملك
أي شيء كان في الدنيا أوثق في نفسه فلم يجد شيئا أوثق في نفسه مما دعا الله سبحانه
فأقبل يقول في دعائه : رب سمعتك وأنا في الدنيا وأنت تقيل العثرات فأقل اليوم
عثرتي
فترك في الجنة
أما قوله تعالى : الله الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه
أخرج ابن مردويه عن عبد الله بن مغفل قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إن عيسى بن مريم عليه السلام قال : يا معشر الحواريين الصلاة جامعة فخرج الحواريون
في هيئة العبادة قد تضمرت البطون وغارت العيون واصفرت الألوان فسار بهم عيسى عليه
السلام إلى فلاة من الأرض فقام على رأس جرثومة فحمد الله وأثنى عليه ثم أنشأ يتلو
عليهم آيات الله وحكمته فقال : يا معشر الحواريين اسمعوا ما أقول لكم
إني لأجد في كتاب الله المنزل الذي أنزل الله في الإنجيل أشياء معلومة فأعملوا بها
قالوا : يا روح الله وما هي ؟ قال : خلق الليل لثلاث خصال وخلق النهار لسبع خصال
فمن مضى عليه الليل والنهار وهو في غير هذه الخصال خاصمه الليل والنهار يوم
القيامة فخصماه
خلق الليل لتسكن فيه العروق الفاترة التي أتعبتها في نهارك وتستغفر لذنبك الذي
كسبته في النهار ثم لا تعود فيه وتقنت فيه قنوت الصابرين
فثلث تنام وثلث تقوم وثلث تتضرع إلى ربك فهذا ما خلق له الليل وخلق النهار لتؤدي
فيه الصلاة المفروضة التي عنها تسأل وبها تحاسب وبر والديك وأن تضرب في الأرض تبتغي
المعيشة معيشة يومك وأن تعود فيه وليا لله تعالى كيما يتعهدكم الله برحمته وأن
تشيعوا فيه جنازة كيما تنقلبوا مغفورا لكم وأن تأمروا بمعروف وتنهوا عن منكر فهو
ذروة الإيمان وقوام الدين وأن تجاهد في سبيل الله تراحموا إبراهيم خليل الرحمن
عليه الصلاة و السلام في قبته
ومن مضى عليه الليل والنهار وهو في غير هذه الخصال خاصمه الله والنهار يوم القيامة
وهو عند مليك مقتدر
(7/303)
آية
65 أخرج ابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الأسماء
والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : من قال لا إله إلا الله فليقل على
أثرهما الحمد لله رب العالمين
وذلك قوله فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه أنه كان يستحب إذا قال : "
لا إله إلا الله " يتبعها : " الحمد لله رب العالمين " ثم يقرأ هذه
الآية هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين والله أعلم
آية 66 أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الوليد بن المغيرة وشيبة بن
ربيعة قالا : يا محمد ارجع عما تقول وعليك بدين آبائك وأجدادك
فأنزل الله تعالى قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله لما جاءني البينات
من ربي وأمرت أن أسلم لرب العالمين
الآيات 67 - 70
(7/304)
أخرج
عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قال : يثغر الغلام لسبع ويحتلم لأربعة عشر
وينتهي طوله لاحدى وعشرين وينتهي عقله لثمان وعشرين ويبلغ أشده لثلاث وثلاثين
وأخرج ابن المنذر عن ابن جرير رضي الله عنه ومنكم من يتوفى من قبل قال : من قبل أن
يكون شيخا ولتبلغوا أجلا مسمى الشيخ والشاب ولعلكم تعقلون عن ربكم أنه يحييكم كما
أماتكم وهذه لأهل مكة كانوا يكذبون بالبعث
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه أنى يصرفون قال : أنى يكذبون وهم يعقلون
الآيات 71 - 77 أخرج أحمد والترمذي وحسنه والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في
البعث والنشور عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : تلا رسول الله صلى الله
عليه و سلم إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون
فقال : " لو أن رصاصة مثل هذه - وأشار إلى جمجمة أرسلت من السماء إلى الأرض
وهي مسيرة خمسمائة سنة - لبلغت الأرض قبل الليل ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة
لسارت أربعين خريفا - الليل والنهار - قبل أن تبلغ أصلها أو قال قعرها "
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني في الأوسط وابن مردويه عن يعلى بن منبه رضي الله عنه
رفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ينشىء الله سحابة لأهل
النار سوداء
(7/305)
مظلمة
يقال لها ولأهل النار أي شيء تطلبون ؟ فيذكرون بها سحاب الدنيا فيقولون : يا ربنا
الشراب فتمطرهم أغلالا تزيد في أعناقهم وسلاسل تزيد في سلاسلهم وجمر يلتهب عليهم
"
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قرأ والسلاسل يسحبون في الحميم
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه وهو يصلي في شهر رمضان يردد هذه
الآية فسوف يعلمون إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار
يسجرون
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة النار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال يسحبون في
الحميم فيسلخ كل شيء عليهم من جلد ولحم وعرق حتى يصير في عقبه
حتى أن لحمه قدر طوله ستون ذراعا
ثم يكسى جلدا آخر ثم يسجر في الحميم فيسلخ كل شيء عليهم من جلد ولحم وعرق
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي
الله عنه في قوله يسجرون قال : توقد بهم النار
وفي قوله تمرحون قال : تبطرون وتاشرون
الآية 78 أخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في
قوله ومنهم من لم نقصص عليك قال : بعث الله عبدا حبشيا نبيا فهو ممن لم يقصص على
محمد صلى الله عليه و سلم
الآيات 79 - 85
(7/306)
أخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ولتبلغوا عليها حاجة في
صدوركم قال : أسفاركم لحاجتكم ما كانت
وفي قوله وآثارا في الأرض قال : المشي فيها بأرجلهم
وفي قوله فرحوا بما عندهم من العلم قال : قولهم نحن أعلم منهم ولن نعذب وفي قوله
وحاق بهم ما كانوا به يستهزؤن قال : ما جاءت به رسلهم من الحق
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله ولتبلغوا عليها حاجة
في صدوركم قال : من بلد إلى بلد
وفي قوله سنت الله التي قد خلت في عباده قال : سننه أنهم كانوا إذا رأوا بأسنا
آمنوا فلم ينفعهم إيمانهم عند ذلك
(7/307)
بسم
الله الرحمن الرحيم 41
سورة فصلت
مكية وآياتها أربع وخمسون
مقدمة السورة أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت حم السجدة
بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير رضي الله عنه
مثله
الآيات 1 - 4 وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وأبو يعلى والحاكم وصححه وابن
مردويه وأبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل وابن عساكر عن جابر بن عبد الله رضي
الله عنه قال : اجتمع قريش يوما فقالوا : انظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر
فليأت هذا الرجل الذي قد فرق جماعتنا وشتت أمرنا وعاب ديننا فليكلمه ولينظر ماذا
يرد عليه ؟ فقالوا : ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة قالوا : أنت يا أبا الوليد
فأتاه فقال : يا محمد أنت خير أم عبد الله
أنت خير أم عبد المطلب
فسكت رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد
عبدوا الآلهة التي عبت وإن كنت تزعم أنك خير منهم فتكلم حتى نسمع لك أما والله ما
رأينا سلحة قط أشأم على قومه منك فرقت جماعتنا وشتت أمرنا وعبت ديننا وفضحتنا في
العرب
حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحرا وأن في قريش كاهنا والله ما ننتظر إلا مثل صيحة
الحبلى أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف
يا أيها الرجل إن كان إنما بك الحاجة جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلا
(7/308)
واحدا
وإن كان نما بك الباءة فاختر أي نساء قريش شئت فلنزوجك عشرا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " فرغت قال : نعم
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن
الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون حتى بلغ فإن أعرضوا فقل أنذرتكم
صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فقال عتبة : حسبك
! ما عندك غير هذا ؟ قال : لا
فرجع إلى قريش فقالوا : ما وراءك ؟ قال : ما تركت شيئا أرى أنكم تكلمون به إلا
كلمته قالوا : فهل أجابك ؟ قال : والذي نصبها بنية ما فهمت شيئا مما قال غير أنه
قال أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود قالوا : ويلك
! يكلمك الرجل بالعربية وما تدري ما قال ؟ قال : لا
والله ما فهمت شيئا مما قال غير ذكر الصاعقة "
وأخرج ابن إسحق وابن المنذر والبيهقي في الدلائل وابن عساكر عن محمد بن كعب القرظي
رضي الله عنه قال : حدثت أن عتبة بن ربيعة وكان أشد قريش حلما
قال ذات يوم وهو جالس في نادي قريش ورسول الله صلى الله عليه و سلم جالس وحده في
المسجد يا معشر قريش ألا أقوم إلى هذا فأكلمه فأعرض عليه أمورا لعله أن يقبل منها
بعضه ويكف عنا ؟ قالوا : بلى يا أبا الوليد فقام عتبة حتى جلس إلى رسول الله صلى
الله عليه و سلم فذكر الحديث فيما قال له عتبة وفيما عرض عليه من المال والملك
وغير ذلك
حتى إذا فرغ عتبة قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أفرغت يا أبا الوليد
؟ قال : نعم
قال : فأستمع مني
قال أفعل
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن
الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا لقوم يعلمون فلما سمعها عتبة أنصت لها وألقى
يديه خلف ظهره معتمدا عليهما يستمع منه حتى انتهى رسول الله صلى الله عليه و سلم
إلى السجدة فسجد فيها ثم قال : سمعت يا أبا الوليد ؟ قال : سمعت قال : أنت وذاك
فقام عتبة إلى أصحابه فقال بعضهم لبعض : نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير
الوجه الذي ذهب به فلما جلس إليهم قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد ؟ قال : والله
إني قد سمعت قولا ما سمعت بمثله قط والله ما هو بالشعر ولا بالسحر ولا بالكهانة
والله ليكونن لقوله الذي سمعت نبا "
وأخرج أبو نعيم والبيهقي كلاهما في الدلائل عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : لما
قرأ النبي صلى الله عليه و سلم على عتبة بن ربيعة حم تنزيل من الرحمن الرحيم أتى
أصحابه
(7/309)
فقال
: يا قوم أطيعوني في هذا اليوم واعصوني بعده فوالله لقد سمعت من هذا الرجل كلاما
ما سمعت مثله قط وما دريت ما أرد عليه
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن شهاب رضي الله عنه قال : بعث رسول الله صلى الله
عليه و سلم مصعب بن عمير فنزل في بني غنم على أسعد بن زرارة فجعل يدعو الناس فجاء
سعد بن معاذ فتوعده فقال له أسعد بن زرارة : اسمع من قوله ؟ فإن سمعت منكرا فاردده
يا هذا وإن سمعت حقا فأجب إليه
فقال : ماذا تقول ؟ فقرأ مصعب حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا لقوم
يعقلون قال : سعد بن معاذ رضي الله عنه : ما أسمع إلا ما أعرف فرجع وقد هداه الله
وأخرج البيهقي في الدلائل وابن عساكر عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال
أبو جهل والملأ من قريش : قد انتشر علينا أمر محمد صلى الله عليه و سلم فلو
التمستم رجلا عالما بالسحر والكهانة والشعر
فقال عتبة
علمت من ذلك علما وما يخفى علي إن كان كذلك فأتاه فلما أتاه قال له : يا محمد أنت
خير أم هاشم أنت خير أم عبد المطلب
فلم يجبه قال : فيم تشتم آلهتنا وتضلل آباءنا ؟ فإن كنت إنما بك الرياسة عقدنا
ألويتنا لك فكنت رأسنا ما بقيت وإن كان بك الباءة زوجناك عشرة نسوة تختار من أي
بنات قريش وإن كان بك المال جمعنا لك من أموالنا ما تستغني به أنت وعقبك من بعدك -
ورسول الله صلى الله عليه و سلم ساكت لا يتكلم - فلما فرغ قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " بسم الله الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت
آياته قرآنا عربيا فقرأ حتى بلغ فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود
فأمسك عتبة على فيه وناشده الرحم أن يكف عنه لم يخرج إلى أهله واحتبس عنهم فقال
أبو جهل : يا معشر قريش ما نرى عتبة إلا قد صبأ إلى محمد وأعجبه طعامه وما ذاك إلا
من حاجة أصابته انتقلوا بنا إليه
فأتوه فقال أبو جهل : والله يا عتبة ما حسبنا إلا أنك صبوت إلى محمد وأعجبك أمره
فإن كنت بك حاجة جمعنا لك من أموالنا ما يغنيك عن محمد
فغضب وأقسم بالله لا يكلم محمد أبدا وقال : لقد علمتم أني أكثر قريش مالا ولكني
أتيته
فقص عليهم القصة فأجابني بشيء والله ما هو بسحر ولا شعر ولا كهانة فقرأ بسم الله
الرحمن الرحيم حم تنزيل من الرحمن الرحيم كتاب فصلت آياته قرآنا عربيا
(7/310)
حتى
بلغ أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود فأمسكت بفيه وناشدته الرحم فكيف وقد علمتم
أن محمدا إذا قال شيئا لم يكذب فخفت أن ينزل بكم العذاب "
وأخرج ابن عساكر عن ابن عمر رضي الله عنهما
أن قريشا اجتمعت برسول الله صلى الله عليه و سلم ورسول الله صلى الله عليه و سلم
جالس في المسجد فقال لهم عتبة بن ربيعة : دعوني حتى أقوم إلى محمد أكلمه فإني عسى
أن أكون أرفق به منكم
فقام عتبة حتى جلس إليه فقال : يا ابن أخي إنك أوسطنا بيتا وأفضلنا مكانا وقد
أدخلت في قومك ما لم يدخل رجل على قومه قبلك فإن كنت تطلب بهذا الحديث مالا فذلك
لك على قومك أن تجمع لك حتى تكون أكثرنا مالا وأن كنت تريد شرفا فنحن مشرفوك حتى
لا يكون أحد من قومك فوقك ولا نقطع الأمور دونك وإن كان هذا عن لمم يصيبك لا تقدر
على النزوع عنه بذلنا لك خزائنا في طلب الطب لذلك منه وإن كنت تريد ملكا ملكناك
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أفرغت يا أبا الوليد ؟ قال : نعم
فقرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم حم السجدة حتى مر بالسجدة فسجد وعتبة ملق يده
خلف ظهره حتى فرغ من قراءته وقام عتبة لا يدري ما يراجعه به
حتى أتى نادي قومه فلما رأوه مقبلا قالوا : لقد رجع إليكم بوجه ما قام به من عندكم
فجلس إليهم فقال : يا معشر قريش قد كلمته بالذي أمرتموني به
حتى إذا فرغت كلمني بكلام لا والله ما سمعت أذناي بمثله قط فما دريت ما أقول له !
يا معشر قريش أطيعوني اليوم واعصوني فيما بعده
اتركوا الرجل واعتزلوه فوالله ما هو بتارك ما هو عليه وخلوا بينه وبين سائر العرب
فإن يكن يظهر عليهم يكن شرفه شرفكم وعزه عزكم وملكه ملككم وإن يظهروا عليه تكونوا
قد كفيتموه بغيركم
قالوا : أصبأت إليه يا أبا الوليد ؟ "
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه قال
: " جئت أزور عائشة رضي الله عنها ورسول الله صلى الله عليه و سلم يوحى إليه
ثم سري عنه فقال : يا عائشة ناوليني ردائي فناولته ثم أتى المسجد فإذا مذكر يذكر
فجلس حتى إذا قضى المذكر تذكره إفتتح حم تنزيل من الرحمن الرحيم السجدة الآية 1
فسجد حتى طالت سجدته ثم تسامع به من كان على ميلين وتلا عليه السجدة فأرسلت عائشة
رضي الله عنها في خاصتها أن احضروا رسول الله صلى الله عليه و سلم
(7/311)
فلقد
رأيت ما لم أره منذ كنت معه فرفع رأسه فقال : سجدت هذه السجدة شكر لربي فيما
أبلاني في أمتي فقال له أبو بكر رضي الله عنه : وماذا أبلاك في أمتك ؟ قال :
أعطاني سبعين ألفا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب
فقال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله إن أمتك كثير طيب فازدد قال : قد فعلت
فأعطاني مع كل واحد من السبعين ألفا سبعين ألفا فقال : يا رسول الله ازدد لأمتك
فقال بيده ثم قال بها على صدره فقال عمر رضي الله عنه : وعيت يا رسول الله "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن الخليل بن مرة رضي الله عنه
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان لا ينام حتى يقرأ تبارك وحم السجدة
الآية 5 أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وقالوا
قلوبنا في أكنة قالوا : كالجعبة للنبل
وأخرج أبو سهل السري بن سهل الجنديسابوري في حديثه من طريق عبد القدوس عن نافع بن
الأزرق عن ابن عمر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه في قوله وقالوا قلوبنا في أكنة
الآية
قال : " أقبلت قريش إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال لهم ما يمنعكم من
الإسلام فتسودوا العرب ؟ فقالوا : يا محمد ما نفقه ما تقول ولا نسمعه وإن على
قلوبنا لغلفا
وأخذ أبو جهل ثوبا فمده فيما بينه وبين رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : يا
محمد قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب
قال لهم النبي صلى الله عليه و سلم : أدعوكم إلى خصلتين
أن تشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأني رسول الله
فلما سمعوا شهادة أن لا إله إلا الله ولو على أدبارهم نفورا الإسراء 46 وقالوا
أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشيء عجاب ص5 وقال بعضهم لبعض امشوا واصبروا على
آلهتكم إن هذا لشيء يراد ما سمعنا بهذا في الملة الآخرة إن هذا إلا اختلاق أأنزل
عليه الذكر من بيننا ص7
(7/312)
وهبط
جبريل فقال : يا محمد إن الله يقرئك السلام ويقول : أليس يزعم هؤلاء أن على قلوبهم
أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقر فليس يسمعون قولك ؟ كيف وإذا ذكرت ربك في القرآن
وحده ولوا على أدبارهم نفورا الإسراء 46 لو كان كما زعموا لم ينفروا ولكنهم كاذبون
يسمعون ولا ينتفعون بذلك كراهية له "
فلما كان من الغد أقبل منهم سبعون رجلا إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقالوا : يا
محمد أعرض علينا الإسلام فلما عرض عليهم الإسلام أسلموا عن آخرهم فتبسم النبي صلى
الله عليه و سلم قال : الحمد الله ألستم بالأمس تزعمون أن على قلوبكم غلفا وقلوبكم
في أكنة مما ندعوكم إليه وفي آذانكم وقرا وأصبحتم اليوم مسلمين فقالوا : يا رسول
الله كذبنا والله بالأمس لو كان كذلك ما اهتدينا أبدا ولكن الله الصادق والعباد
الكاذبون عليه وهو الغني ونحن الفقراء إليه "
الآيات 6 - 8 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الأسماء
والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة
قال : لا يشهدون أن لا إله إلا الله
وفي قوله لهم أجر غير منون قال : غير منقوص
وأخرج عبد بن حميد والحكيم الترمذي وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله
وويل للمشركين الذين لا يؤتون الزكاة قال : لا يقولوا لا إله إلا الله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله الذين لا يؤتون الزكاة قال : كان
يقال الزكاة قنطرة الإسلام من قطعها برىء ونجا ومن لم يقطعها هلك
والله أعلم
(7/313)
الآيات
9 - 12 أخرج ابن جرير والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ في العظمة والحاكم وصححه وابن
مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما
أن اليهود أتت النبي صلى الله عليه و سلم فسألته عن خلق السموات والأرض فقال :
" خلق الله الأرض يوم الأحد والإثنين وخلق الجبال وما فيهن من منافع يوم
الثلاثاء وخلق يوم الأربعاء الشجر والماء والمدائن والعمران والخراب فهذه أربعة
فقال تعالى قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب
العالمين وجعل فيها رواس من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام
سواء للسائلين وخلق يوم الخميس السماء وخلق يوم الجمعة النجوم والشمس والقمر
والملائكة إلى ثلاث ساعات بقين منه
فخلق في أول ساعة من هذه الثلاثة الآجال حين يموت من مات
وفي الثانية ألقى الآفة على كل شيء من منتفع به
وفي الثالثة خلق آدم وأسكنه الجنة وأمر إبليس بالسجود له وأخرجه منها في آخر ساعة
قالت اليهود : ثم ماذا يا محمد ؟ قال : ثم استوى على العرش " قالوا : لقد
أصبت لو أتممت
ثم قالوا : استراح
فغضب النبي صلى الله عليه و سلم غضبا شديدا
فنزل ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب فاصبر
على ما يقولون ق 38
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله وقدر فيها أقواتها قال : شق الأنهار وغرس
الأشجار ووضع الجبال وأجرى البحار وجعل في هذه ما ليس في هذه وفي هذه ما ليس في هذه
(7/314)
وأخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله وقدر فيها أقواتها قال : قدر في كل
أرض شيئا لا يصلح في غيرها
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة في قوله وقدر فيها أقواتها
قال : لا يصلح النيسابوري إلا بنيسابور ولا ثياب اليمن إلا باليمن
وأخرج عبد الرزاق عن الحسن وقدر فيها أقواتها قال : أرزاقها
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله سواء للسائلين قال : من سأل فهو
كما قال الله
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس قال : خلق الله السموات من دخان ثم ابتدأ
خلق الأرض يوم الأحد ويوم الإثنين فذلك قول الله تعالى قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق
الأرض في يومين ثم قدر فيها أقواتها في يوم الثلاثاء ويوم الأربعاء فذلك قوله وقدر
فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين ثم استوى إلى السماء وهي دخان فسمكها
وزينها بالنجوم والشمس والقمر وأجراهما في فلكهما وخلق فيها ما شاء من خلقه
وملائكته يوم الخميس ويوم الجمعة وخلق الجنة يوم الجمعة وخلق اليهود يوم السبت
لأنه يسبت فيه كل شيء وعظمت النصارى يوم الأحد لأنه ابتدىء فيه خلق كل شيء وعظم
المسلمون يوم الجمعة لأن الله فرغ فيه من خلقه وخلق في الجنة رحمته وجمع فيه آدم
عليه السلام وفيه هبط من الجنة وفيه قبلت توبته وهو أعظمها
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس قال : إن الله تعالى خلق يوما فسماه الأحد ثم خلق
ثانيا فسماه الإثنين ثم خلق ثالثا فسماه الثلاثاء ثم خلق رابعا فسماه الأربعاء
وخلق خامسا فسماه الخميس فخلق الأرض يوم الأحد والإثنين وخلق الجبال يوم الثلاثاء
ولذلك يقول الناس أنه يوم ثقيل كذلك وخلق مواضع الأنهار والشجر والقرى يوم
الأربعاء وخلق الطير والوحش والسباع والهوام والآفة يوم الخميس وخلق الإنسان يوم
الجمعة وفرغ من الخلق يوم السبت
وأخرج أبو الشيخ عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : إن الله تعالى ابتدأ
الخلق وخلق الأرض يوم الأحد والإثنين وخلق الأقوات والرواسي يوم الثلاثاء
والأربعاء وخلق السموات يوم الخميس والجمعة إلى صلاة العصر وخلق آدم
(7/315)
عليه
السلام في تلك الساعة التي لا يوافقها عبد يدعو ربه إلا استجاب له فهو ما بين صلاة
العصر إلى أن تغيب الشمس
وأخرج أبو الشيخ عن عكرمة رضي الله عنه أن اليهود قالوا للنبي صلى الله عليه و سلم
: ما يوم الأحد ؟ قال : " خلق الله فيه الأرض قالوا : فيوم الأربعاء ؟ قال :
الأقوات قالوا : فيوم الخميس ؟ قال : فيه خلق الله السموات قالوا : فيوم الجمعة ؟
قال : خلق في ساعتين الملائكة وفي ساعتين الجنة والنار وفي ساعتين الشمس والقمر
والكواكب وفي ساعتين الليل والنهار قالوا : ألست تذكر الراحة فقال سبحان الله
! فأنزل الله ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب
ق 38
وأخرج أبو الشيخ من وجه آخر عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى
الله عليه و سلم قال : " إن الله تعالى فرغ من خلقه في ستة أيام
أولهن يوم الأحد والأثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس والجمعة خلق يوم الأحد
السموات وخلق يوم الإثنين الشمس والقمر وخلق يوم الثلاثاء دواب البحر ودواب الأرض
وفجر الأنهار وقوت الأقوات وخلق الأشجار يوم الأربعاء وخلق يوم الخميس الجنة
والنار وخلق آدم عليه السلام يوم الجمعة ثم أقبل على الأمر يوم السبت "
وأخرج ابن جرير عن أبي بكر رضي الله عنه قال : جاء اليهود إلى النبي صلى الله عليه
و سلم فقالوا : يا محمد أخبرنا ما خلق الله من الخلق في هذه الأيام الستة ؟ فقال :
" خلق الله الأرض يوم الأحد والإثنين وخلق الجبال يوم الثلاثاء وخلق المدائن
والأقوات والأنهار وعمرانها وخرابها يوم الأربعاء وخلق السموات والملائكة يوم
الخميس إلى ثلاث ساعات يعني من يوم الجمعة وخلق في أول ساعة الآجال وفي الثانية
الآفة وفي الثالثة آدم قالوا : صدقت إن تممت فعرف النبي صلى الله عليه و سلم ما
يريدون فغضب فأنزل الله وما مسنا من لغوب فاصبر على ما يقولون ؟ ؟
وأخرج ابن المنذر والحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله قال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قال : قال
(7/316)
للسماء
أخرجي شمسك أخرجي قمرك ونجومك وقال للأرض : شققي أنهارك وأخرجي ثمارك فقالتا أتينا
طائعين
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ائتيا قال :
أعطيا وفي قوله أتينا قال : أعطينا
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وأوحى في كل سماء
أمرها قال : ما أمر به وأراده من خلق النيرات وغير ذلك
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه وأوحى في كل سماء أمرها قال : خلق فيها شمسها
وقمرها ونجومها وصلاحها
الآيات 13 - 18 أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الكلبي رضي الله عنه قال : كل شيء
في القرآن صاعقة فهو عذاب
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله أنذرتكم صاعقة مثل
صاعقة عاد وثمود يقول : أنذرتكم وقيعة عاد وثمود
وفي قوله ريحا صرصرا باردة
وفي قوله نحسات قال : مشؤمات نكدات
(7/317)
وأخرج
عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا قال : شديدة الشؤم
قال : مشؤومات
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وأما ثمود
فهديناهم قال : بينا لهم
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه وأما ثمود فهديناهم يقول : بينا لهم سبيل
الخير والشر والله أعلم
الآيات 19 - 24 أخرج الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما ويوم يحشر أعداء الله
إلى النار فهم يوزعون قال : يحبس أولهم على آخرهم
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد وأبي رزين رضي الله عنه
مثله
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله يوزعون قال :
يدفعون
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ويوم يحشر أعداء الله إلى
النار فهم يوزعون قال الوزعة الساقة من الملائكة عليهم السلام يسوقونهم إلى النار
ويردون الآخر على الأول
(7/318)
وأخرج
عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال : عليهم وزعة ترد أولهم على آخرهم
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه في قوله فهم يوزعون قال : يحبسون بعضا
على بعض قال : عليهم وزعة ترد أولهم على آخرهم
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق أبي الضحى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لابن
الأزرق : أن يوم القيامة يأتي على الناس منه حين لا ينطقون ولا يعتذرون ولا
يتكلمون حتى يؤذن لهم فيختصمون فيجحد الجاحد بشركه بالله تعالى فيحلفون له كما
يحلفون لكم فيبعث الله عليهم حين يجحدون شهودا من أنفسهم جلودهم وأبصارهم وأيديهم
وأرجلهم ويختم على أفواههم ثم تفتح الأفواه فتخاصم الجوارح فتقول أنطقنا الله الذي
أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون فتقر الألسنة بعد
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن
جرير وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في الأسماء والصفات عن ابن مسعود رضي الله
عنه قال : كنت مستترا بأستار الكعبة فجاء ثلاثة نفر قرشي وثقفيان أو ثقفي وقرشيان
كثير لحم بطونهم قليل فقه قلوبهم فتكلموا بكلام لم أسمعه فقال أحدهم : أترون أن
الله يسمع كلامنا هذا ؟ فقال الآخر : إنا إذا رفعنا أصواتنا سمعه وإذا لم نرفعه لم
يسمع
فقال الآخران : سمع منه شيئا سمعه كله قال : فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم
فأنزل الله وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم إلى قوله من الخاسرين
وأخرج عبد الرزاق وأحمد والنسائي وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
والبيهقي في البعث عن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " تحشرون ههنا - وأوما بيده إلى الشام - مشاة وركبانا على
وجوهكم وتعرضون على الله وعلى أفواهكم الفدام وإن أول ما يعرب عن أحدكم فخذه وكفه
وتلا رسول الله صلى الله عليه و سلم وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا
أبصاركم ولا جلودكم "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : ما كنتم تظنون
(7/319)
وأخرج
ابن جرير عن السدي رضي الله عنه وما كنتم تستترون قال : تستخفون
وأخرج أحمد والطبراني وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود وابن ماجة وابن حبان وابن
مردويه عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا
يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله فإن قوما قد أرادهم سوء ظنهم بالله عز و جل
قال الله عز و جل وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين "
الآية 25 أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله
وقيضنا لهم قرناء قال : شياطين
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله فزينوا لهم ما بين أيديهم قال
: الدنيا يرغبونهم فيها وما خلفهم قال : الآخرة زينوا لهم نسيانها والكفر بها
الآيات 26 - 28 أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان رسول الله
صلى الله عليه و سلم وهو بمكة إذا قرأ القرآن يرفع صوته فكان المشركون يطردون
الناس عنه ويقولون لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون وكان رسول الله
صلى الله عليه و سلم إذا أخفى قراءته لم يسمع من يحب أن يسمع القرآن فأنزل الله
ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها الإسراء 110
(7/320)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله والغوا فيه قال : بالتصفير
والتخليط في المنطق على رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قرأ القرآن قريش تفعله
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه والغوا فيه قال : يقولون اجحدوا به
وأنكروه وعادوه
والله أعلم
الآية 29 أخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن
المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه وابن عساكر عن علي بن أبي طالب
رضي الله عنه أنه سئل عن قوله ربنا أرنا الذين أضلانا من الجن والإنس قال : هو ابن
آدم الذي قتل أخاه وإبليس
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة وإبراهيم
مثله
الآيات 30 - 32 أخرج الترمذي والنسائي والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن أبي حاتم
وابن عدي وابن مردويه قال : قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه الآية إن
الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا قال : " قد قالها ناس من الناس ثم كفر
أكثرهم فمن قالها حتى يموت فهو ممن استقام عليها "
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور ومسدد وابن سعد وعبد بن
(7/321)
حميد
وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق سعيد بن عمران عن أبي بكر الصديق رضي
الله عنه في قوله إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا قال الاستقامة أن لا تشركوا
بالله شيئا
وأخرج ابن راهويه وعبد بن حميد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن جرير والحاكم
وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية من طريق الأسود بن هلال عن أبي بكر الصديق
رضي الله عنه أنه قال : ما تقولون في هاتين الآيتين إن الذين قالوا ربنا الله ثم
استقاموا والذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم الأنعام 82 ؟ قالوا : لم يذنبوا
قال : لقد حملتموها على أمر شديد الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم يقول : بشرك
والذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلم يرجعوا إلى عبادة الأوثان
وأخرج ابن مردويه من طريق الثوري رضي الله عنه عن بعض أصحابه عن النبي صلى الله
عليه و سلم في قوله إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا قال : على فرائض الله
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله إن الذين
قالوا ربنا الله ثم استقاموا قال : على شهادة أن لا إله إلا الله
وأخرج ابن المبارك وسعيد بن منصور وأحمد في الزهد وعبد بن حميد والحكيم الترمذي
وابن المنذر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا
قال : استقاموا بطاعة الله ولم يروغوا روغان الثعلب
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس أنه سئل أي آية في كتاب الله أرحب ؟ قال : قوله إن
الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا على شهادة أن لا إله إلا الله قيل له : فأين
قوله تعالى يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم
الزمر 53 ؟ زاد قرأ وأنيبوا إلى ربكم الزمر 54 فيهما علقه اعملوا
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم ومجاهد رضي الله عنهما في قوله ثم استقاموا قال :
قالوا لا إله إلا الله لم يشركوا بعدها بالله شيئا حتى يلقوه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قالوا ربنا الله وحده
ثم استقاموا يقول : على أداء فرائض الله تتنزل عليهم الملائكة قال : في الآخرة
(7/322)
وأخرج
أحمد وعبد بن حميد والدارمي والبخاري في تاريخه ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة
وابن حبان عن سفيان الثقفي أن رجلا قال " يا رسول الله مرني بأمر في الإسلام
لا أسأل عنه أحدا بعدك ؟ قال : قل آمنت بالله ثم استقم قلت : فما أتقي ؟ فأوما إلى
لسانه "
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب عن مجاهد في قوله تتنزل عليهم
الملائكة قال : عند الموت
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في الآية قال أن لا تخافوا مما تقدمون
عليه من الموت وأمر الآخرة ولا تحزنوا على ما خلفتم من أمر دنياكم من ولد وأهل
ودين مما استخلفكم في ذلك كله
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم قال :
يؤتى المؤمن عند الموت فيقال : لا تخف مما أنت قادم عليه فيذهب خوفه ولا تحزن على
الدنيا ولا على أهلها وأبشر بالجنة فيموت وقد قر الله عينه
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن زيد بن أسلم في الآية قال : يبشر بها عند
موته وفي قبره ويوم يبعث فإنه لقي الجنة وما رميت فرحة البشارة من قلبه
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال لا تخافوا من ضيعتكم
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي الدنيا في ذكر الموت عن علي بن أبي طالب قال : حرام
على كل نفس أن تخرج من الدنيا حتى تعلم مصيرها ؟ وأخرج أبو نعيم في الحلية عن
مجاهد قال : إن المؤمن يبشر بصلاح ولده من بعده لتقر عينه
وأخرج أحمد والنسائي عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من
أحب لقاء الله أحب الله لقاءه قلنا : يا رسول الله كلنا يكره الموت قال : ليس ذلك
كراهية الموت ولكن المؤمن إذا احتضر جاءه البشير من الله بما هو صائر إليه فليس
شيء أحب إليه من أن يكون لقي الله فأحب الله لقاءه وإن الكافر والفاجر إذا احتضر
جاءه بما هو صائر إليه من الشر فكره الله لقاءه "
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ثابت أنه قرأ السجدة حتى بلغ تتنزل عليهم
الملائكة فوقف قال : بلغنا أن العبد المؤمن يبعثه الله من قبره يتلقاه ملكاه
(7/323)
اللذان
كانا معه في الدنيا فيقولان له : لا تخف ولا تحزن وأبشر بالجنة التي كنت توعد
فيؤمن الله خوفه ويقر عينه وبما عصمه ألا وهي للمؤمن قرة عين لما هداه الله تعالى
ولما كان يعمل في الدنيا
وأخرج ابن المبارك وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه
نحن أولياؤكم
قال : رفقاؤكم في الدنيا لا نفارقكم حتى ندخل معكم الجنة ولفظ عبد بن حميد قال : قرناؤهم
الذين معهم في الدنيا
فإذا كان يوم القيامة قالوا : لن نفارقكم حتى ندخلكم الجنة
وأخرج أبو نعيم في صفة الجنة والبيهقي في البعث عن جابر رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " بينا أهل الجنة في مجلس لهم إذ سطع لهم
نور على باب الجنة فرفعوا رؤوسهم فإذا الرب تعالى قد أشرف فقال يا أهل الجنة سلوني
فقالوا : نسألك الرضا عنا قال : رضاي أحلكم داري وأنالكم كرامتي هذه وأيها تسألوني
؟ قالوا : نسألك الزيادة قال : فيؤتون بنجائب من ياقوت أحمر أزمتها زبرجد أخضر
وياقوت أحمر فجاؤا عليها تضع حوافرها عند منتهى طرفها فأمر الله بأشجار عليها
الثمار فتجيء حور من العين وهن يقلن : نحن الناعمات فلا نبأس ونحن الخالدات فلا
نموت أزواج قوم مؤمنين كرام ويأمر الله بكثبان من مسك أبيض أذفر فتنثر عليهم ريحا
يقال لها المثيرة حتى تنتهي بهم إلى جنة عدن وهي قصبة الجنة فتقول الملائكة : يا
ربنا قد جاء القوم فيقول : مرحبا بالصادقين فيكشف لهم الحجاب فينظرون إلى الله
فيتمتعون بنور الرحمن حتى لا يبصر بعضهم بعضا
ثم يقول ارجعوهم إلى القصور بالتحف فيرجعون وقد أبصر بعضهم بعضا
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : فذلك قوله تعالى نزلا من غفور رحيم
وأخرج ابن النجار من حديث أبي هريرة رضي الله عنه
مثله سواء
الآية 33
(7/324)
أخرج
عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها ومن أحسن قولا ممن
دعا إلى الله قالت : المؤذن وعمل صالحا قالت : ركعتان فيما بين الآذان والإقامة
وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن مردويه من وجه آخر عن عائشة رضي الله عنها
قالت : ما أرى هذه الآية نزلت إلا في المؤذنين ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن الحسن رضي الله عنه في قوله ومن أحسن قولا ممن
دعا إلى الله قال : هو النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن ابن سيرين رضي الله عنه في قوله ومن أحسن قولا
ممن دعا إلى الله قال : ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في الآية قال : هو المؤمن
عمل صالحا ودعا إلى الله تعالى
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل
صالحا وقال إنني من المسلمين قال : هذا عبد صدق قوله وعمله ومولجه ومخرجه وسره
وعلانيته ومشهده ومغيبه
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله قال :
قول لا إله إلا الله يعني المؤذن وعمل صالحا صام وصلى
وأخرج الخطيب في تاريخه عن قيس بن أبي حازم رضي الله عنه في قوله ومن أحسن قولا
ممن دعا إلى الله قال الآذان وعمل صالحا قال : الصلاة بين الآذان والإقامة قال
الخطيب : قال أبو بكر النقاش رضي الله عنه قال لي أبو بكر بن أبي داود في تفسيره
عشرون ومائة ألف حديث ليس فيه هذا الحديث
وأخرج سعيد بن منصور عن عاصم بن هبيرة قال : إذا فرغت من آذانك فقل : لا إله إلا
الله والله أكبر وأنا من المسلمين ثم قرأ ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل
صالحا وقال إنني من المسلمين
وأخرج ابن أبي شيبة وابن ماجة عن معاوية رضي الله عنه سمعت النبي صلى الله عليه و
سلم يقول : " إن المؤذنين أطول الناس أعناقا يوم القيامة "
(7/325)
وأخرج
ابن أبي شيبة والديلمي عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " بلال سيد المؤذنين يوم القيامة ولا يتبعه إلا مؤمن والمؤذنون
أطول الناس أعناقا يوم القيامة "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه و
سلم " المؤذن يغفر له مد صوته ويصدقه كل رطب ويابس "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر رضي الله عنه أنه قال لرجل : ما عملك ؟ قال : الآذان
قال : نعم العمل عملك يشهد لك كل شيء سمعك
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لو أطقت الآذان مع
الخليفي لأذنت
وأخرج ابن أبي شيبة عن سعد رضي الله عنه قال : لأن أقوى على الآذان أحب الي من أن
أحج أو أعتمر أو أجاهد
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لو كنت مؤذنا ما باليت أن لا
أحج ولا أغزو
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب رضي الله عنه قال : من أذن كتب له سبعون حسنة وإن أقام
فهو أفضل
وأخرج ابن أبي شيبة من طريق هشام عن يحيى رضي الله عنه قال : حدثت أن رسول الله
صلى الله عليه و سلم قال : " لو علم الناس ما في الآذان لتجاذبوه قال وكان
يقال : ابتدروا الآذان ولا تبتدروا الإمامة "
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن الحسن رضي الله عنه قال : المؤذن المحتسب
أول ما يكسى يوم القيامة
الآيات 34 - 35
(7/326)
أخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن قال : أمر الله المؤمنين
بالصبر عند الغضب والحلم عند الجهل والعفو عند الإساءة فإذا فعلوا ذلك عصمهم الله
من الشيطان وخضع لهم عدوهم كأنه ولي حميم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ولا تستوي الحسنة ولا السيئة
ادفع بالتي هي أحسن قال : القه بالسلام فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي
حاتم والبيهقي في شعب الإيمان عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ادفع بالتي هي أحسن
قال : السلام أن تسلم عليه إذا لقيته
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء رضي الله عنه ادفع بالتي هي أحسن قال : السلام
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله كأنه ولي حميم قال :
ولي رقيب
وفي قوله إلا ذو حظ عظيم قال : الجنة
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه وما يلقاها إلا الذين صبروا قال : والله
لا يصيبها صاحبها حتى يكظم غيظا ويصفح عن بعض ما يكره
وأخرج ابن المنذر عن أنس رضي الله عنه في قوله وما يلقاها إلا الذين صبروا وما
يلقاها إلا ذو حظ عظيم قال : الرجل يشتمه أخوه فيقول إن كنت صادقا يغفر الله لي
وإن كنت كاذبا يغفر الله لك
والله أعلم
الآية 36 أخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي والحاكم وابن
مردويه عن سليمان بن صرد رضي الله عنه قال : استب رجلان عند النبي صلى الله عليه و
سلم فاشتد غضب
(7/327)
أحدهما
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " إني لأعلم كلمة لو قالها لذهب عنه الغضب
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
فقال الرجل أمجنون تراني ؟ فتلا رسول الله صلى الله عليه و سلم وإما ينزغنك من
الشيطان نزغ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم "
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن مردويه عن معاذ بن جبل
رضي الله عنه قال : استب رجلان عند النبي صلى الله عليه و سلم حتى عرف الغضب في
وجه أحدهما فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إني لأعلم كلمة لو قالها
ذهب غضبه
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم "
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه
و سلم يقول : " اتقوا الغضب فإنها جمرة توقد في قلب ابن آدم ألم تر انتفاخ
أوداجه وحمرة عينيه فمن أحس من ذلك شيئا فليلزق بالأرض "
وأخرج ابن أبي شيبة عن خيثمة رضي الله عنه قال : كان يقال إن الشيطان يقول : كيف
يغلبني ابن آدم إذا رضي حيث أكون في قلبه وإذا غضب طرت حيث أكون على رأسه ؟
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله وإما ينزغنك من
الشيطان نزغ فاستعذ بالله قال : " ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم
بينما هو يصلي إذ جعل يسند حتى يستند السارية ثم يقول ألعنك بلعنة الله التامة
فقال بعض أصحابه : يا نبي الله ما شيء رأيناك تصنعه ؟ قال : أتاني الشيطان بشهاب
من نار ليحرقني به فلعنته بلعنة الله التامة فانكب لفيه وطفئت ناره "
الآيات 37 - 38 أخرج أبو يعلى وابن مردويه عن جابر رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم :
(7/328)
"
لا تسبوا الليل والنهار ولا الشمس ولا القمر ولا الرياح فإنها ترسل رحمة لقوم
وعذابا لقوم "
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق سأله عن
قوله لا يسأمون قال : لا يملون ولا يفترون قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم
أما سمعت قول الشاعر : من الخوف لا ذي سأمة من عبادة ولا مؤمن طول التعبد يجهد
وأخرج ابن أبي شيبة والحاكم وصححه والبيهقي في سننه من طريق سعيد بن جبير رضي الله
عنه عن ابن عباس رضي الله عنهما كان يسجد بآخر الآيتين من حم السجدة وكان ابن
مسعود رضي الله عنه يسجد الأولى منهما
وأخرج سعيد بن منصور عن أبي إسحق قال : كان عبد الله رضي الله عنه وأصحابه يسجدون
بالآية الأولى
وأخرج ابن أبي شيبة عن رجل من بني سليم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم
يسجد بالآية الأولى
وأخرج ابن سعد وابن أبي شيبة من طريق نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يسجد
بالآية الأولى
وأخرج البخاري عن عبدة بن حسن البصري رضي الله عنه وله صحبة أنه سجد في الآية
الأولى من حم
وأخرج سعيد بن منصور من طريق مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يسجد في
الآية الأخيرة
الآية 39 أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله ومن آياته
أنك ترى الأرض خاشعة قال : غبراء متهشمة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت قال :
؟ تغرف الغيث وربوها إذا ما أصابها
(7/329)
وأخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله اهتزت
قال : بالنبات وربت قال : ارتعشت قبل أن تنبت
الآية 40 أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله إن الذين يلحدون
في آياتنا قال : هو أن يوضع الكلام على غير موضعه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله إن الذين يلحدون في
آياتنا قال : هو أن يوضع الكلام على غير موضعه
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله إن الذين يلحدون في
آياتنا قال : الحاد ما ذكر معه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال الإلحاد
التكذيب
وأخرج أحمد في الزهد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : إن هذا القرآن كلام الله
فضعوه على مواضعه ولا تتبعوا فيه هواكم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله أفمن يلقى في النار خير قال
: أبو جهل بن هشام أم من يأتي آمنا يوم القيامة قال : أبو بكر الصديق رضي الله عنه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن عساكر عن بشير بن تميم رضي الله
عنه قال : نزلت هذه الآية في أبي جهل وعمار بن ياسر أفمن يلقى في النار أبو جهل أم
من يأتي آمنا يوم القيامة عمار
وأخرج ابن عساكر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي
آمنا يوم القيامة نزلت في عمار بن ياسر وفي أبي جهل
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله
اعملوا ما شئتم قال : هذا وعيد
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة اعملوا ما شئتم قال : خيركم وأمركم
(7/330)
بالعمل
واتخذ الحجة وبعث رسوله وأنزل كتابه وشرع شرائعه حجة وتقدمة إلى خلقه
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله اعملوا ما شئتم قال : هذا
لأهل بدرخاصة
وأخرج عبد بن حميد عن إبراهيم النخعي رضي الله عنه قال : ذكر أن السماء فرجت يوم
بدر فقيل اعملوا ما شئتم
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال : فأبيحت لهم الأعمال
الآيات 41 - 42 أخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه قال : قيل لرسول الله صلى
الله عليه و سلم أو سئل : " ما المخرج منها ؟ فقال : كتاب الله العزيز الذي
لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد "
وأخرج ابن مردويه عن ابن سعد لا أحسبه إلا أسنده أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " مثل القرآن ومثل الناس كمثل الأرض والغيث بينما الأرض ميتة هامدة ثم
لا يزال ترسل الأدوية حتى تبذر وتنبت ويتم شأنها ويخرج الله ما فيها من زينتها
ومعايش الناس وكذلك فعل الله بهذا القرآن والناس "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الأسماء والصفات عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن
رسول الله صلى الله عليه و سلم تلا إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم إلى قوله حميد
فقال : " إنكم لن ترجعوا إلى الله بشيء أحب إليه من شيء خرج منه يعني القرآن
"
وأخرج البيهقي عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" إنكم لن ترجعوا إلى الله بشيء أفضل مما خرج منه يعني القرآن "
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن عطية بن قيس رضي الله عنه عن النبي صلى الله
عليه و سلم قال : " ما تكلم العباد بكلام أحب إلى الله من كلامه وما أناب
العباد إلى الله بكلام أحب إليه من كلامه بالذكر قال بالقرآن "
(7/331)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله لا يأتيه الباطل قال :
الشيطان
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في الآية لا يأتيه الباطل من بين يديه
ولا من خلفه قال : لا يدخل فيه الشيطان ما ليس منه ولا أحد من الكفرة
وأخرج عبد بن حميد وابن الضريس عن قتادة رضي الله عنه وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه
الباطل من بين يديه ولا من خلفه قال : أعزه الله لأنه كلامه وحفظه من الباطل
والباطل إبليس لا يستطيع أن ينقص منه حقا ولا يزيد فيه باطلا
الآية 43 أخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في قوله ما يقال لك من التكذيب
إلا ما قد قيل للرسل من قبلك فكما كذبت فقد كذبوا وكما صبروا على أذى قومهم لهم
فاصبر على أذى قومك إليك
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن أبي صالح رضي الله عنه في قوله ما يقال لك إلا
ما قد قيل للرسل من قبلك قال : من الأذى
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في الآية قال : تعزية
آية 44 أخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ولو
جعلناه قرآنا أعجميا
الآية يقول لو جعلنا القرآن أعجميا ولسانك يا محمد عربي
(7/332)
لقالوا
أأعجمي وعربي يأتينا به مختلفا أو مختلطا لولا فصلت آياته فكان القرآن مثل اللسان
يقول فلم يفعل لئلا يقولوا فكانت حجة عليهم
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه في الآية قال : لو نزل أعجميا قال
المشركون : كيف يكون أعجميا وهو عربي ؟ وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن سعيد بن
جبير رضي الله عنه قال : قالت : قريش لولا أنزل هذا القرآن أعجميا وعربيا فأنزل
الله وقالوا : لولا فصلت آياته أأعجمي وعربي وأنزل الله تعالى بعد هذه الآية فيه
بكل لسان حجارة من سجيل قال ابن جبير رضي الله عنه
والقراءة على هذا أعجمي بالاستفهام
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي ميسرة رضي الله عنه قال : في القرآن بكل لسان
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق عن قتادة رضي الله عنه في قوله أولئك ينادون من
مكان بعيد قال : بعيد من قلوبهم
الآيات 45 - 46
(7/333)
أخرج
عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله ولولا كلمة سبقت من ربك قال : سبق لهم
من الله حين واجلهم ؟ بالغرة
الآيات 47 - 54 أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وما
تخرج من ثمرة من أكمامها قال : حين تطلع
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما آذناك أعلمناك
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم في قوله لا يسأم الإنسان قال : لا
يمل
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ولئن أذقناه رحمة منا
الآية
قال : عافية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله سنريهم آياتنا في
الآفاق قال : كانوا يسافرون فيرون آثار عاد وثمود يقولون والله لقد صدق محمد صلى
الله عليه و سلم وما أراهم في أنفسهم قال : الأمراض
(7/334)
بسم
الله الرحمن الرحيم 42
سورة الشورى
مكية وآياتها ثلاث وخمسون
مقدمة السورة أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت حم عسق بمكة
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير - رضي الله عنهما - قال : أنزلت بمكة حم عسق
الآيات 1 - 4 وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن جعفر بن محمد رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ ذات ليلة حم عسق فرددها مرارا حم عسق في بيت
ميمونة
فقال : يا ميمونة أمعك حم عسق ؟ قالت : نعم قال : فاقرئيها فلقد نسيت ما بين أولها
وآخرها
وأخرج الطبراني بسند صحيح عن ميمونة قالت : قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم حم
عسق فقال : يا ميمونة أتعرفين حم عسق لقد نسيت ما بين أولها وآخرها
قالت : فقرأتها فقرأها رسول الله صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ونعيم بن حماد والخطيب عن ابن ؟ قال : جاء رجل إلى
ابن عباس - رضي الله عنهما - وعنده حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - فقال :
أخبرني عن تفسير حم عسق فأعرض عنه ثم كرر مقالته فأعرض عنه ثم كررها الثالثة فلم
يجبه فقال له حذيفة : رضي الله
(7/335)
عنه
- أنا أنبئك بها لم كررتها نزلت في رجل من أهل بيته يقال له عبد إله أو عبد الله
ينزل على نهر من أنهار المشرق يبني عليه مدينتين يشق النهر بينهما شقا يجتمع فيها
كل جبار عنيد فإذا أذن الله في زوال ملكهم وانقطاع دولتهم ومدتهم بعث الله على
إحدهما نارا ليلا فتصبح سوداء مظلمة قد احترقت كأنها لم تكن مكانها وتصبح صاحبتها
متعجبة كيف أفلتت ! فما هو إلا بياض يومها وذلك حتى يجتمع فيها كل جبار عنيد منهم
ثم يخسف الله بها وبهم جميعا فذلك عدل منه سين - يعني سيكون
ق - يعني واقع بهاتين المدينتين
وأخرج أبو يعلى وابن عساكر بسند ضعيف عن أبي معاوية رضي الله عنه قال : صعد عمر بن
الخطاب رضي الله عنه المنبر فقال : يا أيها الناس هل سمع أحد منكم رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقرأ حم عسق فوثب ابن عباس رضي الله عنهما فقال : إن حم اسم من
أسماء الله تعالى
قال : فعين ؟ قال : عاين المذكور عذاب يوم بدر
قال : فسين ؟ قال : سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون الشعراء الآية 227 قال :
فقاف ؟ فسكت فقام أبو ذر رضي الله عنه ففسر كما فسر ابن عباس رضي الله عنهما وقال
: قاف قارعة من السماء تصيب الناس
الآيات 5 - 9
(7/336)
أخرج
الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنا نقرأ هذه الآية " تكاد
السموات يتفطرن من فوقهن "
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما
" تكاد السموات ينفطرن ؟ من فوقهن " قال : ممن فوقهن وقرأها خصيف بالتاء
المشددة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه تكاد السموات
يتفطرن من فوقهن قال : من عظمة الله تعالى وجلاله ! وأخرج عبد بن حميد وابن جرير
وابن المنذر وأبو الشيخ والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما تكاد السموات
يتفطرن من فوقهن قال : من الثقل
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله
ويستغفرون لمن في الأرض قال : الملائكة عليهم السلام يستغفرون للذين آمنوا
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن إبراهيم قال : كان أصحاب عبد الله يقولون :
الملائكة خير من ابن الكواء يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض وابن الكواء
يشهد عليهم بالكفر
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه وتنذر يوم الجمع قال : يوم القيامة
قوله تعالى : فريق في الجنة وفريق في السعير
وأخرج أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن عبد
الله بن عمرو رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول الله صلى الله عليه و سلم وفي يده
كتابان " فقال : أتدرون ما هذان الكتابان ؟ قلنا لا إلا أن تخبرنا يا رسول
الله قال : للذي في يده اليمنى هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل الجنة وأسماء
آبائهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم ثم قال للذي في
شماله هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل النار وأسماء آبائهم وقبائلهم ثم أجمل
على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا " فقال أصحابه : ففيم العمل يا
رسول الله إن كان قد فرغ منه ؟ فقال : " سددوا وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم
له بعمل أهل الجنة وإن عمل أي
(7/337)
عمل
" ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : بيديه فنبذهما ثم قال : " فرغ
ربكم من العباد فريق في الجنة وفريق في السعير "
وأخرج ابن مردويه عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : خرج علينا رسول الله صلى
الله عليه و سلم في يده كتاب ينظر فيه قال : " انظروا إليه كيف وهو أمي لا
يقرأ قال : فعلمها رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : هذا كتاب من رب العالمين
بأسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وقبائلهم لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم وقال : فريق
في الجنة وفريق في السعير فرغ ربكم من أعمال العباد "
الآيات 10 - 11
(7/338)
أخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى
الله قال : فهو يحكم فيه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام
أزواجا يذرؤكم فيه قال : عيش من الله يعيشكم الله فيه
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه يذرؤكم
فيه قال : نسلا من بعد نسل من الناس والأنعام
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله يذرؤكم قال : يخلقكم
وأخرج عبد بن حميد والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي وائل رضي الله عنه قال :
بينما عبد الله رضي الله عنه يمدح ربه إذ قال مصعد : نعم الرب يذكر
فقال عبد الله : إني لأجله عن ذلك ليس كمثله شيء وهو السميع البصير
الآية 12 أخرج عبد بن حميد وابن المنذر والطبراني وأبو الشيخ في العظمة وابن
مردويه وأبو نعيم في الحلية عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : إن ربكم ليس
عنده ليل ولا نهار نور السموات من نور وجهه إن مقدار كل يوم من أيامكم عنده اثنتا
عشرة ساعة فيعرض عليه أعمالكم بالأمس أول النهار واليوم فينظر فيه ثلاث ساعات
فيطلع منها على ما يكره فيغضبه ذلك وأول من يعلم بغضبه الذين يحملون العرش
وسرادقات العرش والملائكة المقربون وسائر الملائكة وينفخ جبريل في القرن فلا يبقى
شيء إلا سمعه إلا الثقلين : الجن والإنس فيسبحونه ثلاث ساعات حتى يمتلىء الرحمن
رحمة فتلك ست ساعات ثم يؤتى بما في الأرحام فينظر فيها ثلاث ساعات هو الذي يصوركم
في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم آل عمران 6 يخلق ما يشاء يهب لمن
يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور الشورى 49 حتى بلغ عليم فتلك تسع ساعات ثم ينظر
في أرزاق الخلق كله ثلاث ساعات يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم الرعد
26 فتلك اثنتا عشرة ساعة ثم قال : كل يوم هو في شأن الرحمن 29 فهذا شأن ربكم كل
يوم
الآيات 13 - 14 أخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم
عن مجاهد رضي الله عنه في قوله شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا : قال : وصاك يا
محمد وأنبياءه كلهم دينا واحدا
(7/339)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا قال
: الحلال والحرام
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة - رضي الله عنه قال : بعث نوح عليه السلام
حين بعث بالشريعة بتحليل الحلال وتحريم الحرام
وأخرج ابن المنذر عن زيد بن رفيع بقية أهل الجزيرة قال : بعث الله نوحا عليه
السلام وشرع له الدين فكان الناس في شريعة نوح عليه السلام ما كانوا فما أطفأها
إلا الزندقة ثم بعث الله موسى عليه السلام وشرع له الدين فكان الناس في شريعة من
بعد موسى ما كانوا فما أطفأها إلا الزندقة ثم بعث الله عيسى عليه السلام وشرع له
الدين فكان الناس في شريعة عيسى عليه السلام ما كانوا فما أطفأها إلا الزندقة قال
: ولا يخاف على هلاك هذا الدين إلا الزندقة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحكم قال : شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا
قال : جاء نوح عليه السلام بالشريعة بتحريم الأمهات والأخوات والبنات
وأخرج ابن جرير عن السدي - رضي الله عنه أن أقيموا الدين قال : اعملوا به
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة : أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا
فيه
قال : تعلموا أن الفرقة هلكة وأن الجماعة ثقة كبر على المشركين ما تدعوهم إليه
قال : استكبر المشركون أن قيل لهم : لا إله إلا الله ضانها إبليس وجنوده ليردوها
فأبى الله إلا أن يمضيها وينصرها ويظهرها على ما ناوأها وهي كلمة من خاصم بها فلج
ومن انتصر بها نصر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - الله يجتبي
إليه من يشاء قال : يخلص لنفسه من يشاء
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير - رضي الله عنه - بغيا بينهم قال :
كثرت أموالهم فبغى بعضهم على بعض
وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله ويهدي إليه من ينيب قال : من
(7/340)
يقبل
إلى طاعة الله وفي قوله وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم قال : اليهود والنصارى
وأخرج عبد بن حميد عن كعب - رضي الله عنه وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم
بغيا بينهم قال : في الدنيا
الآيات 15 - 16 أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وأمرت لأعدل بينكم قال : أمر
نبي الله - صلى الله عليه و سلم - أن يعدل فعدل حتى مات
والعدل ميزان الله في الأرض به يأخذ للمظلوم من الظالم وللضعيف من الشديد وبالعدل
يصدق الله الصادق ويكذب الكاذب وبالعدل يرد المعتدي ويوبخه
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في
قوله : لا حجة بيننا وبينكم قال : لا خصومة بيننا وبينكم
قوله تعالى : والذين يحاجون في الله
أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في قوله
: والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له قال : هم أهل الكتاب كانوا يجادلون
المسلمين ويصدونهم عن الهدى من بعد ما استجابوا لله
وقال : هم قوم من أهل الضلالة وكان استجيب على ضلالتهم وهم يتربصون بأن تأتيهم
الجاهلية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - والذين يحاجون
في الله من بعد ما استجيب له قال : طمع رجال بأن تعود الجاهلية
(7/341)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله
والذين يحاجون في الله الآية قال : هم اليهود والنصارى حاجوا المسلمين في ربهم
فقالوا : أنزل كتابنا قبل كتابكم ونبينا قبل نبيكم فنحن أولى بالله منكم فأنزل
الله من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها
وما له في الآخرة من نصيب آل عمران الآية 6 وأما قوله : من بعد ما استجيب له قال :
من بعد ما استجاب المسلمون لله وصلوا لله
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن - رضي الله عنه - والذين يحاجون في الله من بعد ما
استجيب له الآية قال : قال أهل الكتاب لأصحاب محمد - صلى الله عليه و سلم - نحن
أولى بالله منكم فأنزل الله والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم
داحضة عند ربهم يعني أهل الكتاب
وأخرج ابن المنذر عن عكرمة - رضي الله عنه - قال : لما نزلت إذا جاء نصر الله
والفتح النصر الآية 1 قال المشركون بمكة : لمن بين أظهرهم من المؤمنين قد دخل
الناس في الدين الله أفواجا فاخرجوا من بين أظهرنا فعلام تقيمون بين أظهرنا ؟
فنزلت والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له الآية
الآية 17 أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه الله
الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان قال : العدل
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر - رضي الله عنه - أنه كان واقفا بعرفة فنظر إلى
الشمس حين تدلت مثل الترس للغروب فبكى واشتد بكاؤه وتلا قول الله تعالى الله الذي
أنزل الكتاب بالحق والميزان إلى العزيز فقيل له فقال : ذكرت رسول الله - صلى الله
عليه و سلم - وهو واقف بمكاني هذا فقال : " أيها الناس لم يبق من دنياكم هذه
فيما مضى إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى "
(7/342)
وأخرج
ابن مردويه عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال : قد كان الرجل منا يدخل الخلاء
فيحمل الإداوة من الماء فإذا خرج توضأ خشية من أن تقوم الساعة وأن يكون عنده
الفصلة من الطعام فيقول لا آكلها حتى تقوم الساعة
وأخرج أحمد وهناد بن السري والطبراني وابن مردويه والضياء عن جابر بن سمرة قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " بعثت أنا والساعة كهاتين "
الآيات 18 - 19 أخرج ابن المنذر عن ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : لا تقوم
الساعة حتى يتمناها المتمنون فقيل له يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا
مشفقون منها قال : إنما يتمنونها خشية على إيمانهم
الآية 20 أخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله من كان يريد حرث الآخرة قال : عيش
الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها الآية قال : من يؤثر
دنياه على آخرته لم يجعل له نصيبا في الآخرة إلا النار ولم يزدد بذلك من الدنيا
شيئا إلا رزقا قد فرغ منه وقسم له
(7/343)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة من كان يريد حرث الآخرة قال : من كان يريد عيش
الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وما له في الآخرة من
نصيب قال : من يؤثر دنياه على آخرته لم يجعل الله له نصيبا في الآخرة إلا النار
ولم يزدد بذلك من الدنيا شيئا إلا رزقا قد فرغ منه وقسم له
وأخرج ابن مردويه من طريق قتادة عن أنس - رضي الله عنه ومن كان يريد حرث الدنيا
نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب قال : نزلت في اليهود
وأخرج أحمد والحاكم وصححه وابن مردويه وابن حبان عن أبي بن كعب - رضي الله عنه -
أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " بشر هذه الأمة بالسنا والرفعة
والنصر والتمكين في الأرض ما لم يطلبوا الدنيا بعمل الآخرة فمن عمل منهم عمل
الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب "
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال :
تلا رسول الله صلى الله عليه و سلم من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه الآية
ثم قال : يقول الله : " ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك وإلا
تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك "
وأخرج الحاكم وصححه عن ابن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعا : " من جعل الهم
هما واحدا كفاه الله هم دنياه ومن تشعبته الهموم لم يبال الله في أي أودية الدنيا
هلك "
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن عساكر عن علي - رضي الله عنه - قال : الحرث حرثان فحرث
الدنيا المال والبنون وحرث الآخرة الباقيات الصالحات
وأخرج ابن المبارك عن مرة - رضي الله عنه - قال : ذكر عند عبد الله بن مسعود - رضي
الله عنه - قوم قتلوا في سبيل الله فقال : إنه ليس على ما تذهبون وترون إنه إذا
التقى الزحقان نزلت الملائكة فكتبت الناس علىمنازلهم فلان يقاتل للدنيا وفلان
يقاتل للملك وفلان يقاتل للذكر ونحو هذا وفلان يقاتل يريد وجه الله فمن قتل يريد
وجه الله فذلك في الجنة
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن رزين بن حصين - رضي الله عنه - قال : قرأت القرآن
من أوله إلى آخره على علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - فلما بلغت الحواميم قال لي
: قد بلغت عرائس القرآن فلما بلغت اثنتين وعشرين آية من حم عسق بكى ثم قال : اللهم
إني أسألك إخبات المخبتين وخلاص الموقنين ومرافقة الأبرار واستحقاق حقائق الإيمان
والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم ورجوت رحمتك والفوز بالجنة والنجاة من النار
ثم قال : يا
(7/344)
رزين
إذ ختمت فادع بهذه فإن رسول الله - صلى الله عليه و سلم - أمرني أن أدعو بهن عند
ختم القرآن
الآيات 21 - 26 أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد في قوله : ولولا كلمة الفصل
قال : يوم القيامة أخروا إليه وفي قوله روضات الجنة قال : المكان الموفق
أما قوله تعالى : لهم ما يشاؤون
أخرج ابن جرير عن أبي ظبية - رضي الله عنه - قال : إن السرب من أهل الجنة لتظلهم
السحابة فتقول ما أمطركم ؟ قال : فما يدعو داع من القوم بشيء إلا أمطرتهم حتى أن
القائل منهم ليقول : أمطرينا كواعب أترابا
وأخرج أحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم والترمذي وابن جرير وابن مردويه
(7/345)
من
طريق طاوس عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه سئل عن قوله إلا المودة في القربى
فقال سعيد بن جبير : - رضي الله عنه - قربى آل محمد فقال ابن عباس : - رضي الله
عنهما - عجلت أن النبي صلى الله عليه و سلم لم يكن بطن من قريش إلا كان له فيهم
قرابة فقال : ألا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس - رضي
الله عنهما - قال : قال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا أسألكم
عليه أجرا ألا أن تودوني في نفسي لقرابتي منكم وتحفظوا القرابة التي بيني وبينكم
"
وأخرج سعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في
الدلائل عن الشعبي - رضي الله عنه - قال : أكثر الناس علينا في هذه الآية قل لا
أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى فكتبنا إلى ابن عباس - رضي الله عنه -
نسأله فكتب ابن عباس رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان واسط
النسب في قريش ليس بطن من بطونهم إلا وقد ولدوه فقال الله قل لا أسألكم عليه أجرا
على ما أدعوكم إليه إلا المودة في القربى تودوني لقرابتي منكم وتحفظوني بها
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني من طريق علي عن ابن عباس رضي
الله عنهما في قوله إلا المودة في القربى قال : كان لرسول الله - صلى الله عليه و
سلم - قرابة من جميع قريش فلما كذبوه وأبوا أن يبايعوه قال : يا قوم " إذا
أبيتم أن تبايعوني فاحفظوا قرابتي فيكم ولا يكون غيركم من العرب أولى بحفظي ونصرتي
منكم "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق الضحاك عن ابن عباس - رضي الله عنهما -
قال : نزلت هذه الآية بمكة
وكان المشركون يؤذون رسول الله - صلى الله عليه و سلم فأنزل الله تعالى : قل لهم
يا محمد لا أسألكم عليه يعني على ما أدعوكم إليه أجرا عوضا من الدنيا إلا المودة
في القربى إلا الحفظ لي في قرابتي فيكم قال : المودة إنما هي لرسول الله - صلى
الله عليه و سلم - في قرابته فلما هاجر إلى المدينة أحب أن يلحقه بإخوته من
الأنبياء - عليهم السلام - فقال : لا أسألكم عليه أجرا فهو لكم إن أجري إلا على
الله يعني ثوابه وكرامته في الآخرة كما قال : نوح عليه السلام
(7/346)
وما
أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين الشعراء الآية 109 وكما قال هود
وصالح وشعيب : لم يستثنوا أجرا كما استثنى النبي صلى الله عليه و سلم فرده عليهم
وهي منسوخة
وأخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه من طريق مجاهد -
رضي الله عنه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه و سلم في
الآية قل لا أسألكم على ما أتيتكم به من البينات والهدى أجرا إلا أن تودوا الله
وأن تتقربوا إليه بطاعته
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في قوله : قل لا أسألكم
عليه أجرا إلا المودة في القربى قال : أن تتبعوني وتصدقوني وتصلوا رحمي
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه من طريق العوفي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في
الآية قال : إن محمدا قال : لقريش : " لا أسألكم من أموالكم شيئا ولكن أسألكم
أن تودوني لقرابة ما بيني وبينكم فإنكم قومي وأحق من أطاعني وأجابني "
وأخرج ابن مردويه من طريق ابن المبارك عن ابن عباس في قوله إلا المودة في القربى
قال : تحفظوني في قرابتي
وأخرج ابن مردويه من طريق عكرمة عن ابن عباس - رضي الله عنهما - في الآية - قال :
إن رسول الله صلى الله عليه و سلم لم يكن في قريش بطن إلا وله فيهم أم حتى كانت له
من هذيل أم فقال الله : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تحفظوني في قرابتي إن
كذبتموني فلا تؤذوني
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه من طريق مقسم عن ابن عباس - رضي الله
عنهما - قال : قالت الأنصار : فعلنا وفعلنا وكأنهم فخروا فقال ابن عباس - رضي الله
عنهما - لنا الفضل عليكم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه و سلم فأتاهم في
مجالسهم فقال يا معشر الأنصار ألم تكونوا أذلة فأعزكم الله ؟ قالوا : بلى يا رسول
الله قال : أفلا تجيبوني ؟ قالوا : ما تقول يا رسول الله ؟ قال : ألا تقولون : ألم
يخرجك قومك فآويناك ؟ أو لم يكذبوك فصدقناك ؟ أو لم يخذلوك
(7/347)
فنصرناك
؟ فما زال يقول : حتى جثوا على الركب وقالوا : أموالنا وما في أيدينا لله ورسوله
فنزلت قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه بسند ضعيف من طريق سعيد بن جبير قال : قالت
الأنصار فيما بينهم : لولا جمعنا لرسول الله - صلى الله عليه و سلم - مالا يبسط
يده لا يحول بينه وبينه أحد فقالوا : يا رسول الله إنا أردنا أن نجمع لك من
أموالنا فأنزل الله : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى فخرجوا مختلفين
فقالوا : لمن ترون ما قال رسول الله - صلى الله عليه و سلم - ؟ فقال : بعضهم إنما
قال هذا لنقاتل عن أهل بيته وننصرهم
فأنزل الله : أم يقولون افترى على الله كذبا إلى قوله وهو الذي يقبل التوبة عن
عباده فعرض لهم بالتوبة إلى قوله : ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم
من فضله هم الذين قالوا هذا : إن يتوبوا إلى الله ويستغفرونه
وأخرج أبو نعيم والديلمي من طريق مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم لا أسألكم عليه أجر إلا المودة في القربى " أن
تحفظوني في أهل بيتي وتودوهم بي "
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه بسند ضعيف من طريق سعيد بن
جبير عن ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في
القربى قالوا : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت مودتهم ؟ قال : علي
وفاطمة وولداها
وأخرج سعيد بن منصور عن سعيد بن جبير إلا المودة في القربى قال : قربى رسول الله
صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن جرير عن أبي الديلم قال : لما جيء بعلي بن الحسين - رضي الله عنه -
أسيرا فأقيم على درج دمشق قام رجل من أهل الشام فقال : الحمد لله الذي قتلكم
واستأصلكم فقال له علي بن الحسين - رضي الله عنه : أقرأت القرآن ؟ قال : نعم
قال : أقرأت آل حم ؟ لا
قال : أما قرأت قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى قال : فأنكم لأنتم هم
؟ قال : نعم
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ومن يقترف حسنة قال : المودة لآل محمد
(7/348)
وأخرج
أحمد والترمذي وصححه والنسائي والحاكم عن المطلب بن ربيعة - رضي الله عنه - قال :
دخل العباس على رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فقال : إنا لنخرج فنرى قريشا
تحدث فإذا رأونا سكتوا فغضب رسول الله - صلى الله عليه و سلم - ودر عرق بين عينيه
ثم قال : " والله لا يدخل قلب امرىء مسلم إيمان حتى يحبكم لله ولقرابتي
"
وأخرج مسلم والترمذي والنسائي عن زيد بن أرقم : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " أذكركم الله في أهل بيتي "
وأخرج الترمذي وحسنه وابن الأنباري في المصاحف عن زيد بن أرقم - رضي الله عنه -
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به
لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض
وعترتي أهل بيتي ولن يتفرقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما "
وأخرج الترمذي وحسنه والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه وأحبوني
لحب الله وأحبوا أهل بيتي لحبي "
وأخرج البخاري عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال : ارقبوا محمدا - صلى الله
عليه و سلم - في أهل بيته
وأخرج ابن عدي عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من
أبغضنا أهل البيت فهو منافق "
وأخرج الطبراني عن الحسن بن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
لا يبغضنا أحد ولا يحسدنا أحد إلا ذيد يوم القيامة بسياط من نار "
وأخرج أحمد وابن حبان والحاكم عن أبي سعيد قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت رجل إلا أدخله الله النار
"
وأخرج الطبراني والخطيب من طريق أبي الضحى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : جاء
العباس إلى رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فقال : إنك قد تركت فينا ضغائن منذ
صنعت الذي صنعت فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " لا يبلغوا الخير أو
الإيمان حتى يحبوكم "
(7/349)
وأخرج
الخطيب من طريق أبي الضحى عن مسروق عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : أتى العباس
بن عبد المطلب رسول الله - صلى الله عليه و سلم - فقال : يا رسول الله إنا لنعرف
الضغائن في أناس من قومنا من وقائع أوقعناها فقال : " أما والله إنهم لن
يبلغوا خيرا حتى يحبوكم لقرابتي ترجو سليم شفاعتي ولا يرجوها بنو عبد المطلب
"
وأخرج ابن النجار في تاريخه عن الحسن بن علي - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " لكل شيء أساس وأساس الإسلام حب أصحاب رسول الله -
صلى الله عليه و سلم - وحب أهل بيته "
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله : قل لا أسألكم عليه أجرا
إلا المودة في القربى قال : ما كان النبي - صلى الله عليه و سلم - يسألهم على هذا
القرآن أجرا ولكنه أمرهم أن يتقربوا إلى الله بطاعته وحب كتابه
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن الحسن - رضي الله عنه - في الآية قال : كل من
تقرب إلى الله بطاعته وجبت عليه محبته
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن في قوله : إلا المودة في القربى قال : إلا التقرب إلى
الله بالعمل الصالح
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة في الآية قال : كن له عشر أمهات في المشركات وكان إذا
مر بهم أذوه في تنقيصهن وشتمهن فهو قوله : إلا المودة في القربى يقول : لا تؤذوني
في قرابتي
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة - رضي الله عنه - في قوله : إن
الله غفور شكور قال : غفور للذنوب شكور للحسنات يضاعفها
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله : فإن يشأ الله يختم
على قلبك قال : إن يشأ الله أنساك ما قد آتاك والله تعالى أعلم
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن الزهري في قوله : وهو الذي يقبل التوبة عن عباده
أن أبا هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " الله
أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم يجد ضالته في المكان الذي يخاف أن يقتله فيه العطش
"
(7/350)
وأخرج
مسلم والترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " لله أفرح بتوبة أحدكم من أحدكم بضالته إذا وجدها "
وأخرج البخاري ومسلم والترمذي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " لله أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منزلا مهلكة ومعه
راحلته عليها طعامه وشرابه فوضع رأسه فنام نومة فاستيقظ وقد ذهبت راحلته فطلبها
حتى إذا اشتد عليه العطش والحر قال : أرجع إلى مكاني الذي كنت فيه فأنام حتى أموت
فرجع فنام نومة ثم رفع رأسه فإذا راحلته عنده عليه زاده وطعامه وشرابه فالله أشد
فرحا بتوبة العبد المؤمن من هذا براحلته وزاده "
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم والطبراني عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه سئل عن الرجل يفجر بالمرأة
ثم يتزوجها قال : لا بأس به ثم قرأ وهو الذي يقبل التوبة عن عباده
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن عتبة بن الوليد حدثني بعض الرهاويين قال : سمع
جبريل عليه السلام خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام وهو يقول : يا كريم العفو فقال
: له جبريل عليه السلام وتدري ما كريم العفو ؟ قال : لا يا جبريل
قال : " أن يعفو عن السيئة ويكتبها حسنة "
وأخرج سعيد بن منصور والطبراني عن الأخنس قال : امترينا في قراءة هذا الحرف :
ويعلم ما يفعلون أو تفعلون فأتينا ابن مسعود فقال : تفعلون
وأخرج عبد بن حميد عن علقمة رضي الله عنه أنه قرأ في حم عسق ويعلم ما تفعلون
بالتاء
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن سلمة بن سبرة رضي الله
عنه قال : خطبنا معاذ رضي الله عنه فقال : أنتم المؤمنون وأنتم أهل الجنة والله
إني لأطمع أن يكون عامة من تنصبون بفارس والروم في الجنة فإن أحدهم يعمل الخير
فيقول أحسنت بارك الله فيك أحسنت رحمك الله والله يقول : ويستجيب الذين آمنوا
وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله
وأخرج ابن جرير من طريق قتادة عن أبي إبراهيم اللخمي في قوله : ويزيدهم من فضله
قال يشفعون في إخوان إخوانهم
(7/351)
الآية
27 أخرج ابن المنذر وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني
وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان بسند صحيح عن أبي هانىء
الخولاني قال : سمعت عمرو بن حريث وغيره يقولون : إنما أنزلت هذه الآية في أصحاب
الصفة
ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض وذلك أنهم قالوا : لو أن لنا فتمنوا
الدنيا
وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي عن علي رضي الله عنه قال : إنما أنزلت هذه الآية في
أصحاب الصفة ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض وذلك أنهم قالوا : لو أن
لنا فتمنوا الدنيا
وأخرج ابن جرير عن قتادة في الآية قال : يقال خير الرزق ما لا يطغيك ولا يلهيك
قال : ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " أخوف ما أخاف على
أمتي زهرة الدنيا وزخرفها " فقال له قائل : يا نبي الله هل يأتي الخير بالشر
؟ فأنزل الله عليه عند ذلك ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض وكان إذا نزل
عليه كرب لذلك وتربد وجهه حتى إذا سري عنه
قال : " هل يأتي الخير بالشر ؟ يقولها ثلاثا إن الخير لا يأتي إلا بالخير
ولكنه والله ما كان ربيع قط إلا أحبط أو ألم فأما عبد أعطاه الله مالا فوضعه في
سبيل الله التي افترض وارتضى فذلك عبد أريد به خير وعزم له على الخير وأما عبد
أعطاه الله مالا فوضعه في شهواته ولذاته وعدل عن حق الله عليه فذلك عبد أريد به شر
وعزم له على شر "
وأخرج أحمد والطيالسي والبخاري ومسلم والنسائي وأبو يعلى وابن حبان عن أبي سعيد
رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن أخوف ما أخاف
عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا وزينتها فقال له رجل : يا رسول الله أويأتي
الخير بالشر ؟ فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه و سلم فرأينا أنه ينزل عليه فقيل
له : ما شأنك تكلم رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا يكلمك ؟ فسري عن رسول الله
صلى الله عليه و سلم فجعل يمسح عنه الرحضاء فقال : " أين السائل فرأينا أنه
حمده فقال : إن الخير لا يأتي بالشر وإن مما ينبت الربيع يقتل حبطا أو يلم إلا
آكلة الخضر فإنها أكلت حتى امتلأت
(7/352)
خاصرتاها
فاستقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ثم رتعت وإن المال حلوة خضرة ونعم صاحبها المسلم
هو إن وصل الرحم وأنفق في سبيل الله ومثل الذي يأخذه بغير حقه كمثل الذي يأكل ولا
يشبع ويكون عليه شهيدا يوم القيامة "
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض قال : كان
يقال خير العيش ما لا يطغيك ولا يلهيك
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب الأولياء والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن
مردويه وأبو نعيم في الحلية وابن عساكر في تاريخه عن أنس رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه و سلم عن جبريل عن الله عز و جل قال : " يقول الله عز و جل :
من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة وإني لأغضب لأوليائي كما يغضب الليث الحرود
وما تقرب إلي عبدي المؤمن بمثل أداء ما افترضت عليه وما يزال عبدي المؤمن يتقرب
إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا ومؤيدا إن دعاني أجبته
وإن سألني أعطيته وما ترددت في شيء أنا فاعله ترددي في قبض روح عبدي المؤمن يكره
الموت وأكره مساءته ولا بد له منه وإن من عبادي المؤمنين لمن يسألني الباب من
العبادة فأكفه عنه أن لا يدخله عجب فيفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح
إيمانه إلا الصحة ولو أسقمته لأفسده ذلك وإن من عبادي المؤمنين لمن لا يصلح إيمانه
إلا السقم ولو أصححته لأفسده ذلك إني أدبر أمر عبادي بعلمي بقلوبهم إني عليم خبير
"
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا
قال : المطر
الآيات 28 - 29 أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال : ذكر لنا أن
رجلا قال لعمر رضي الله عنه : يا أمير المؤمنين قحط المطر وقنط الناس فقال عمر :
مطرتم إذا ثم قرأ وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا
(7/353)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : من بعد ما
قنطوا قال : يئسوا
وأخرج ابن المنذر عن ثابت رضي الله عنه قال : بلغنا أنه يستجاب الدعاء عند المطر
ثم تلا هذه الآية وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا
وأخرج الحاكم والبيهقي في سننه عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله
عليه و سلم قال : ثنتان ما تردان : الدعاء عند النداء وتحت المطر
وأخرج الطبراني والبيهقي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " تفتح أبواب السماء ويستجاب الدعاء في أربعة مواطن : عند
التقاء الصفوف في سبيل الله وعند نزول الغيث وعند إقامة الصلاة وعند رؤية الكعبة
"
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : وما بث
فيهما من دابة قال : الناس والملائكة
والله أعلم
الآيات 30 - 31 أخرج أحمد وابن راهويه وابن منيع وعبد بن حميد والحكيم والترمذي
وأبو يعلى وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم عن علي بن أبي طالب رضي
الله عنه قال : ألا أخبركم بأفضل آية في كتاب الله حدثنا بها رسول الله صلى الله
عليه و سلم وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير وسأفسرها لك يا
علي ما أصابك من مرض أو عقوبة أو بلاء في الدنيا فبما كسبت أيديكم والله أكرم من
أن يثني عليكم العقوبة في الآخرة وما عفا الله عنه في الدنيا فالله أكرم من أن
يعود بعد عفوه
وأخرج سعيد بن منصور وهناد وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن الحسن
البصري رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت
أيديكم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " والذي نفسي بيده ما من خدش عود
ولا اختلاج عرق ولا نكبة حجر ولا عثرة قدم إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر "
(7/354)
وأخرج
عبد بن حميد والترمذي عن أبي موسى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
قال : " لا يصيب عبدا نكبة فما فوقها أو دونها إلا بذنب وما يعفو الله عنه
أكثر " وقرأ وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي الدنيا في الكفارات وابن أبي حاتم والحاكم وصححه
والبيهقي في شعب الإيمان عن عمران بن حصين رضي الله عنه أنه دخل عليه بعض أصحابه
وكان قد ابتلي في جسده فقال إنا لنبأس لك لما نرى فيك قال : فلا تبتئس لما ترى وهو
بذنب وما يعفو الله عنه أكثر ثم تلا وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو
عن كثير
وأخرج ابن المبارك وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي
في الشعب عن الضحاك قال : ما تعلم أحد القرآن ثم نسيه إلا بذنب يحدثه ثم قرأ هذه
الآية وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم وقال : وأي مصيبة أعظم من نسيان
القرآن ؟
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن العلاء بن بدر رضي الله عنه أن رجلا سأله عن
هذه الآية ؟ وقال : قد ذهب بصري وأنا غلام صغير
قال : ذلك بذنوب والديك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن قتادة رضي
الله عنه وما أصابكم من مصيبة الآية
قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم كان يقول : " لا يصيب ابن آدم
خدش عود ولا اختلاج عرق إلا بذنب وما يعفو الله عنه أكثر "
وأخرج ابن مردويه عن البراء رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم :
" ما عثرة قدم ولا اختلاج عرق ولا خدش عود إلا بما قدمت أيديكم وما يعفو الله
عنه أكثر "
وأخرج ابن سعد عن ابن أبي مليكة رضي الله عنه - أن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي
الله عنهما - كانت تصدع فتضع يدها على رأسها وتقول بذنبي وما يغفره الله أكثر
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في
قوله : وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم قال : الحدود
(7/355)
الآيات
32 - 37 أخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله :
ومن آياته الجواري في البحر قال : السفن كالأعلام قال : كالجبال
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه - في الآية قال : سفن هذا
البحر تجري بالريح فإذا مسكت عنها الريح ركدت
وأخرج ابن المنذر من طريق عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما - في قوله : فيظللن
رواكد على ظهره قال : لا يتحركن ولا يجرين في البحر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما - رواكد قال
: وقوفا أو يوبقهن قال : يهلكهن
وأخرج ابن المنذر عن الضحاك : أو يوبقهن قال : يغرقهن
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه أو يوبقهن قال : يهلكهن
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه ما لهم من محيص من ملجأ
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة : أو يوبقهن بما كسبوا قال :
بذنوب أهلها
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي ظبيان قال : كنا نعرض المصاحف عند علقمة - رضي الله عنه
فقرأ هذه الآية : إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور فقال : قال عبد الله : الصبر نصف
الإيمان
(7/356)
وأخرج
سعيد بن منصور عن الشعبي رضي الله عنه - قال : الشكر نصف الإيمان والصبر نصف
الإيمان واليقين الإيمان كله
وقرأ إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور وآية للموقنين
الآية 38 أخرج عبد بن حميد والبخاري في الأدب وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه -
قال : ما تشاور قوم قط إلا هدوا وأرشد أمرهم ثم تلا وأمرهم شورى بينهم
وأخرج الخطيب في رواة مالك عن علي رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله : الأمر
ينزل بنا بعدك لم ينزل فيه قرآن ولم يسمع منك فيه شيء قال : " اجمعوا له
العابد من أمتي واجعلوه بينكم شورى ولا تقضوه برأي واحد "
وأخرج الخطيب في رواة مالك عن أبي هريرة رضي الله عنه - مرفوعا " استرشدوا
العاقل ترشدوا ولا تعصوه فتندموا "
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و
سلم قال : " من أراد أمرا فشاور فيه وقضى اهتدى لأرشد الأمور "
وأخرج البيهقي عن يحيى بن أبي كثير رضي الله عنه - قال : قال سليمان بن داود عليه
السلام لابنه : يا بني عليك بخشية الله فإنها غاية كل شيء
يا بني لا تقطع أمرا حتى تؤامر مرشدا فإنك إذا فعلت ذلك رشدت عليه يا بني عليك
بالحبيب الأول فإن الأخير لا يعدله
الآية 39 أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن
إبراهيم النخعي رضي الله عنه - في قوله : والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون قال
: كانوا يكرهون للمؤمنين أن يستذلوا وكانوا إذا قدروا عفوا
(7/357)
وأخرج
عبد بن حميد عن منصور قال : سألت إبراهيم عن قوله : والذين إذا أصابهم البغي هم
ينتصرون قال : كانوا يكرهون للمؤمنين أن يذلوا أنفسهم فيجترىء الفساق عليهم
وأخرج النسائي وابن ماجة وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها - قالت : دخلت علي
زينب وعندي رسول الله صلى الله عليه و سلم فأقبلت علي تسبني فردعها النبي صلى الله
عليه و سلم فلم تنته فقال لي : سبيها فسببتها حتى جف ريقها في فمها ووجه رسول الله
صلى الله عليه و سلم متهلل سرورا
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن علي بن زيد بن جدعان رضي الله عنه - قال : لم أسمع
في الأنصار مثل حديث حدثتني به أم ولد أبي محمد عن عائشة رضي الله عنها - قالت :
كنت في البيت وعندنا زينب بنت جحش فدخل علينا النبي صلى الله عليه و سلم فأقبلت
عليه زينب فقالت : ما كل واحدة منا عندك إلا على خلابة ثم أقبلت علي تسبني فقال
النبي صلى الله عليه و سلم : قولي لها كما تقول لك فأقبلت عليها - وكنت أطول وأجود
لسانا منها فقامت
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون قال : ينتصرون
ممن بغى عليهم من غير أن يعتدوا
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : والذين إذا أصابهم البغي قال
: هذا محمد صلى الله عليه و سلم - ظلم وبغي عليه وكذب هم ينتصرون قال : ينتصر محمد
صلى الله عليه و سلم بالسيف
الآية 40 أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : وجزاء سيئة سيئة مثلها قال : ما
يكون من الناس في الدنيا مما يصيب بعضهم بعضا والقصاص
وأخرج أحمد وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم " المستبان ما قالا من شيء فعلى البادىء حتى يعتدي المظلوم ثم قرأ
وجزاء سيئة سيئة مثلها "
(7/358)
وأخرج
ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله : وجزاء سيئة سيئة مثلها قال : إذا شتمك
فاشتمه بمثلها من غير أن تعتدي
وأخرج ابن جرير عن ابن أبي نجيح في قوله : وجزاء سيئة سيئة مثلها قال : يقول أخزاه
الله فيقول أخزاه الله
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إذا كان يوم القيامة أمر الله مناديا ينادي ألا ليقم من كان له على
الله أجر فلا يقوم إلا من عفا في الدنيا وذلك قوله فمن عفا وأصلح فأجره على الله
"
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم
: " إذا كان يوم القيامة نادى مناد من كان له على الله أجر فليقم فيقوم عنق
كثير فيقال لهم : ما أجركم على الله ؟ فيقولون : نحن الذين عفونا عمن ظلمنا "
وذلك قول الله فمن عفا وأصلح فأجره على الله فيقال لهم : ادخلوا الجنة بإذن الله
"
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أنس رضي الله عنه قال
: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إذا وقف العباد للحساب ينادي مناد
ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة ثم نادى الثانية ليقم من أجره على الله قالوا
: ومن ذا الذي أجره على الله ؟ قال : العافون عن الناس فقام كذا وكذا ألفا فدخلوا
الجنة بغير حساب "
وأخرج البيهقي عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
ينادي مناد من كان أجره على الله فليدخل الجنة مرتين فيقوم من عفا عن أخيه
قال الله فمن عفا وأصلح فأجره على الله "
وأخرج ابن مردويه عن الحسن رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " إن أول مناد من عند الله يقول : أين الذين أجرهم على الله ؟ فيقوم من عفا
في الدنيا فيقول الله أنتم الذين عفوتم لي ثوابكم الجنة "
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن محمد بن المنكدر رضي الله عنه قال : إذا كان
يوم القيامة صرخ صارخ الأرض ألا من كان له على الله حق فليقم فيقوم من عفا وأصلح
وأخرج ابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله
(7/359)
صلى
الله عليه و سلم : " ينادي مناد يوم القيامة لا يقوم اليوم أحد إلا من له عند
الله يد فتقول الخلائق : سبحانك بل لك اليد فيقول بلى من عفا في الدنيا بعد قدرة
"
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " قال موسى بن عمران عليه السلام : يا رب من أعز عبادك
عندك ؟ قال : من إذا قدر عفا "
وأخرج أحمد وأبو داود عن أبي هريرة رضي الله عنه - أن رجلا شتم أبا بكر رضي الله
عنه والنبي صلى الله عليه و سلم جالس فجعل النبي صلى الله عليه و سلم يعجب ويبتسم
فلما أكثر رد عليه بعض قوله فغضب النبي صلى الله عليه و سلم وقام فلحقه أبو بكر
رضي الله عنه فقال يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس فلما رددت عليه بعض قوله
غضبت وقمت ؟ قال : إنه كان معك ملك يرد عنك فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان
فلم أكن لأقعد مع الشيطان ثم قال : يا أبا بكر " نلت من حق ما من عبد ظلم
بمظلمة فيغضي عنها لله إلا أعز الله بها نصره وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة
إلا زاده الله بها كثرة وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة إلا زاده الله بها
قلة "
الآيات 41 - 44 أخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن قتادة رضي
الله عنه ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل قال : هذا في الخماشة تكون
بين الناس فأما إن ظلمك رجل فلا تظلمه وإن فجر بك فلا تفجر به وإن خانك فلا تخنه
فإن المؤمن هو الموفي المؤدي وإن الفاجر هو الخائن الغادر
وخ ابن أبي شيبة والترمذي والبزار وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من دعا على من ظلمه فقد انتصر "
(7/360)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن عائشة رضي الله عنها : أن سارقا سرق لها فدعت عليه فقال لها النبي
صلى الله عليه و سلم " لا تسبخي عليه "
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : ولمن انتصر بعد ظلمه قال :
لمحمد صلى الله عليه و سلم أيضا انتصاره بالسيف وفي قوله : إنما السبيل على الذين
يظلمون الناس الآية
قال : من أهل الشرك
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه في قوله : هل إلى مرد من سبيل يقول : إلى
الدنيا
الآيات 45 - 48 أخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ينظرون من طرف
خفي قال : ذليل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه مثله
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن محمد بن كعب رضي الله عنه في
قوله : ينظرون من طرف خفي قال : يسارقون النظر إلى النار
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه مثله
وأخرج عبد بن حميد عن خلف بن حوشب رضي الله عنه قال : قرأ زيد بن
(7/361)
صوحان
رضي الله عنه استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله فقال : لبيك من
زيد لبيك
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : من ملجأ يومئذ قال
: تحرز وما لكم من نكير ناصر ينصركم
الآيات 49 - 51 أخرج ابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن
عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن أولادكم
هبة الله يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء الذكور فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم
إليها "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: " من بركة المرأة ابتكارها بالأنثى " لأن الله قال : لمن يهب لمن يشاء
إناثا ويهب لمن يشاء الذكور
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير رضي الله عنه يهب لمن يشاء إناثا
ويهب لمن يشاء الذكور قال : لا إناث معهم أو يزوجهم ذكرانا وإناثا قال : يولد له
جارية وغلام ويجعل من يشاء عقيما لا يولد له
وأخرج عبد بن حميد عن أبي مالك رضي الله عنه : يهب لمن يشاء إناثا قال : يكون
الرجل لا يولد إلا الإناث
ويهب لمن يشاء الذكور قال : يكون الرجل لا يولد له إلا الذكور أو يزوجهم ذكرانا
وإناثا قال : يكون الرجل يولد له الذكور والإناث ويجعل من يشاء عقيما قال : يكون
الرجل لا يولد له
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن محمد بن الحنفية : أو يزوجهم ذكرانا وإناثا قال
: التوأم
(7/362)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ويجعل من يشاء عقيما قال : الذي
لا يولد له ولد
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس ويجعل من يشاء عقيما قال : لا يلقح
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عبد الله بن الحرث بن عمير أن أبا بكر رضي الله عنه
أصاب وليدة له سوداء فعزلها ثم باعها فانطلق بها سيدها حتى إذا كان في بعض الطريق
أرادها فامتنعت منه فإذا هو براعي غنم فدعاه فراطنها فأخبرها أنه سيدها قالت : إني
قد حملت من سيدي الذي كان قبل هذا وأنا في ديني أن لا يصيبني رجل في حمل من آخر
فكتب سيدها إلى أبي بكر أو عمر فأخبره الخبر فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه و سلم
بمكة فمكث النبي صلى الله عليه و سلم حتى إذا كان من الغد وكان مجلسهم الحجر قال
النبي صلى الله عليه و سلم : " جاءني جبريل في مجلسي هذا عن الله : أن أحدكم
ليس بالخيار على الله إذا شجع ذلك المشجع ولكنه يهب لمن يشاء إناثا ويهب لمن يشاء
الذكور فاعترف بولدك فكتب بذلك فيها "
وأخرج عبد الرزاق عن غيلان عن أنس رضي الله عنه قال : ابتاع أبو بكر رضي الله عنه
جارية أعجمية من رجل قد كان أصابها فحملت له فأراد أبو بكر رضي الله عنه أن يطأها
فأبت عليه وأخبرت أنها حامل فرفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال النبي
صلى الله عليه و سلم : " إنها حفظت فحفظ الله لها إن أحدكم إذا شجع ذلك
المشجع فليس بالخيار على الله فردها إلى صاحبها الذي باعها "
وأخرج البيهقي في الأسماء والصفات عن يونس بن يزيد رضي الله عنه قال : سمعت الزهري
رضي الله عنه سئل عن قول الله وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا الآية قال :
نزلت هذه الآية تعم من أوحى الله إليه من النبيين فالكلام كلام الله الذي كلم به
موسى من وراء حجاب والوحي ما يوحي الله به إلى نبي من أنبيائه فيثبت الله ما أراد
من وحيه في قلب النبي فيتكلم به النبي ويعيه وهو كلام الله ووحيه ومنه ما يكون بين
الله ورسله لا يكلم به أحدا من الأنبياء ولكنه سر غيب بين الله ورسله ومنه ما
يتكلم به الأنبياء عليهم السلام ولا يكتبونه لأحد ولا يأمرون بكتابته ولكنهم
يحدثون به الناس حديثا ويبينون لهم أن الله أمرهم أن يبينوه للناس ويبلغوهم ومن
الوحي ما يرسل الله به من يشاء من اصطفى من ملائكته
(7/363)
فيكلمون
أنبياءه ومن الوحي ما يرسل به إلى من يشاء فيوحون به وحيا في قلوب من يشاء من رسله
وأخرج البخاري ومسلم والبيهقي عن عائشة : أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى
الله عليه و سلم كيف يأتيك الوحي ؟ قال : " أحيانا يأتيني الملك في مثل صلصلة
الجرس فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال وهو أشده علي وأحيانا يتمثل لي الملك رجلا
فيكلمني فأعي ما يقول " قالت عائشة رضي الله عنها : ولقد رأيته ينزل عليه
الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم وأن جبينه ليتفصد عرقا
وأخرج أبو يعلى والعقيلي والطبراني والبيهقي في الأسماء والصفات وضعفه عن سهل بن
سعد وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قالا : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " دون الله سبعون ألف حجاب من نور وظلمة ما يسمع من نفس من حس تلك
الحجب إلا زهقت نفسه "
الآيات 52 - 53 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا قال : القرآن
وأخرج أبو نعيم في الدلائل وابن عساكر عن علي رضي الله عنه قال : قيل للنبي صلى
الله عليه و سلم : هل عبدت وثنا قط ؟ " قال : لا قالوا : فهل شربت خمرا قط ؟
قال : لا وما زلت أعرف الذي هم عليه كفر وما كنت أدري ما الكتاب ولا الإيمان وبذلك
نزل القرآن ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان "
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : وإنك لتهدي قال : لتدعو
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم
قال : قال الله ولكل قوم هاد يوسف 7 قال : داع يدعو إلى الله تعالى
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم قال : تدعو
(7/364)
بسم
الله الرحمن الرحيم 43
سورة الزخرف
مكية وآياتها تسع وثمانون
مقدمة السورة أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزلت بمكة سورة حم
الزخرف
الآيات 1 - 3 أما قوله تعالى : إنا جعلناه قرآنا عربيا
أخرج ابن مردويه عن طاوس رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى ابن عباس من حضرموت فقال
له : يا ابن عباس اخبرني عن القرآن أكلام من كلام الله أم خلق من خلق الله ؟ قال :
بل كلام من كلام الله
أو ما سمعت الله يقول : وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله
التوبة الآية 6 فقال له الرجل : أفرأيت قوله ؟ إنا جعلناه قرآنا عربيا قال : كتبه
الله في اللوح المحفوظ بالعربية
أما سمعت الله يقول ؟ بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ البروج الآية 22 المجيد : هو
العزيز أي كتبه الله في اللوح المحفوظ
وأخرج ابن أبي شيبة عن مقاتل بن حيان رضي الله عنه قال : كلام أهل السماء العربية
ثم قرأ حم والكتاب المبين إنا جعلناه قرآنا عربيا الآيتين
الآية 4
(7/365)
أخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أن أول ما خلق الله من
شيء القلم فأمره أن يكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة والكتاب عنده ثم قرأ وإنه في
أم الكتاب لدينا لعلي حكيم
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله : وإنه في أم الكتاب
قال : في أصل الكتاب وجملته
وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه وإنه في أم الكتاب قال : القرآن عند الله
في أم الكتاب
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : وإنه في أم الكتاب لدينا قال
: الذكر الحكيم فيه كل شيء كان وكل شيء يكون وما نزل من كتاب فمنه
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وأبو الشيخ في العظمة عن ابن سابط
رضي الله عنه في قوله : وإنه في أم الكتاب ما هو كائن إلى يوم القيامة وكل ثلاثة
من الملائكة يحفظون فوكل جبريل عليه السلام بالوحي ينزل به إلى الرسل عليهم الصلاة
والسلام وبالهلاك إذا أراد أن يهلك قوما كان صاحب ذلك ووكل أيضا بالنصر في الحروب
إذا أراد الله أن ينصر ووكل ميكائيل عليه السلام بالقطر أن يحفظه ووكل ملك الموت
عليه السلام بقبض الأنفس فإذا ذهبت الدنيا جمع بين حفظهم وحفظ ؟ أهل الكتاب فوجده
سواء
الآيات 5 - 18
(7/366)
أخرج
ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : أفنضرب عنكم الذكر صفحا قال :
أحسبتم أن نصفح عنكم ولم تفعلوا ما أمرتم به ؟ وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن
جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه أفنضرب عنكم الذكر صفحا قال : تكذبون
بالقرآن ثم لا تعاقبون عليه
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي صالح رضي الله عنه أفنضرب عنكم الذكر صفحا قال
: والله لو أن هذا القرآن رفع حيث رده أوائل هذه الأمة لهلكوا ولكن الله تعالى عاد
عليهم بعائدته ورحمته فكرره عليهم ودعاهم إليه
وأخرج محمد بن نصر في كتاب الصلاة عن الحسن رضي الله عنه قال : لم يبعث الله رسولا
إلا أن أنزل عليه كتابا فإن قبله قومه وإلا رفع فذلك قوله : أفنضرب عنكم الذكر
صفحا إن كنتم قوما مسرفين لا تقبلونه فيلقنه قلب نبيه
قالوا : قبلناه ربنا قبلناه ربنا ولو لم يفعلوا لرفع ولم يترك منه شيء على ظهر
الأرض
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : ومضى
مثل الأولين قال : عقوبة الأولين
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ صفحا ان كنتم بنصب الألف جعل لكم
الأرض مهدا بنصب الميم بغير ألف
وأخرج ابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أنها سمعت النبي صلى الله عليه و سلم
يقرأ هذه الآية وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون لتستووا على ظهوره ثم تذكروا
(7/367)
نعمة
ربكم إذا استويتم عليه أن تقولوا : الحمد لله الذي من علينا بمحمد عبده ورسوله ثم
تقولوا : سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين
وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والحاكم وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله
عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان إذا سافر ركب راحلته ثم " كبر
ثلاثا ثم قال : سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون
وأخرج الطيالسي وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد وأبو
داود والترمذي وصححه وابن جرير والنسائي وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي
في الأسماء والصفات عن علي رضي الله عنه أنه أتى بدابة فلما وضع رجله في الركاب
قال : بسم الله فلما استوى على ظهرها قال : الحمد لله ثلاثا والله أكبر ثلاثا
سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون سبحانك لا إله
إلا أنت قد ظلمت نفسي فاغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ثم ضحك فقلت : مم
ضحكت يا أمير المؤمنين ؟ قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فعل كما فعلت
ثم ضحك فقلت يا رسول الله : مم ضحكت ؟ فقال : يعجب الرب من عبده إذا قال : رب اغفر
لي ويقول : علم عبدي أنه لا يغفر الذنوب غيري
وأخرج أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم أردفه
على دابته فلما استوى عليها كبر ثلاثا وهلل الله وحده ثم ضحك إليه كما ضحكت إليك
وأخرج أحمد والحاكم وصححه عن محمد بن حمزة بن عمر الأسلمي عن أبيه رضي الله عنه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " فوق ظهر كل بعير شيطان فإذا
ركبتموه فاذكروا اسم الله ثم لا تقصروا عن حاجاتكم "
وأخرج الحاكم وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : " على ذروة كل بعير شيطان فامتهنوهن بالركوب فإنما يحمل الله "
وأخرج ابن سعد وأحمد والبغوي والطبراني والحاكم وصححه والبيهقي في سننه عن أبي لاس
الخزاعي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " ما من بعير
إلا في
(7/368)
ذروته
شيطان فاذكروا اسم الله عليه إذا ركبتموه كما أمركم ثم امتهنوها لأنفسكم فإنما يحمل
الله "
وأخرج ابن المنذر عن شهر بن حوشب رضي الله عنه في قوله ثم تذكروا نعمة ربكم إذا
استويتم عليه قال : نعمة الإسلام
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي مجلز رضي الله عنه قال : رأى حسين
بن علي رضي الله عنه رجلا يركب دابة فقال سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له
مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون قال : أو بذلك أمرت ؟ قال : فكيف أقول ؟ قال :
الحمد لله الذي هدانا للإسلام الحمد لله الذي من علينا بمحمد صلى الله عليه و سلم
الحمد لله الذي جعلني في خير أمة أخرجت للناس ثم تقول : سبحان الذي سخر لنا هذا
وما كنا له مقرنين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن طاوس رضي الله عنه أنه كان إذ ركب دابة قال : بسم
الله اللهم هذا من منك وفضلك علينا فلك الحمد ربنا سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا
له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : وما كنا
له مقرنين قال : الإبل والخيل والبغال والحمير
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
وما كنا له مقرنين قال : مطيقين
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه وما
كنا له مقرنين قال : لا في الأيدي ولا في القوة
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سليمان بن يسار رضي الله عنه أن قوما كانوا في
سفر فكانوا إذا ركبوا قالوا : سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وكان فيهم
رجل له ناقة رازم فقال : أما أنا فأنا لهذه مقرن فقمصت به فصرعته فاندقت عنقه
والله أعلم
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه
وجعلوا له من عباده جزءا قال : عدلا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في
(7/369)
قوله
: وجعلوا له من عباده جزءا قال : ولدا وبنات من الملائكة
وفي قوله : وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا قال : ولدا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن
مثلا ظل وجهه مسودا وهو كظيم قال : حزين
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ بما ضرب للرحمن مثلا بنصب الضاد
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه أو من ينشأ في
الحلية قال : الجواري جعلتموهن للرحمن ولدا فكيف تحكمون الصافات الآية 154
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما أو من ينشأ في الحلية قال : هن
النساء فرق بين زيهن وزي الرجال ونقصهن من الميراث وبالشهادة وأمرهن بالقعدة
وسماهن الخوالف
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في
قوله : أو من ينشأ في الحلية قال : جعلوا لله البنات وإذا بشر أحدهم بهن ظل وجهه
مسودا وهو كظيم حزين
وأما قوله : وهو في الخصام غير مبين قال : قلما تكلمت امرأة تريد أن تتكلم بحجتها
إلا تكلمت بالحجة عليها
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرأ أو من ينشأ في الحلية
مخففة الياء
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ ينشأ في الحلية مخففة منصوبة
الياء مهموزة
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية رضي الله عنه أنه سئل عن الذهب للنساء فقال لا
بأس به
يقول الله : أو من ينشأ في الحلية
الآيات 19 - 25
(7/370)
أخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه وجعلوا الملائكة الذين هم عباد
الرحمن إناثا قال : قد قال ذلك أناس من الناس ولا نعلمهم إلا اليهود : إن الله عز
و جل صاهر الجن فخرجت من بنيه الملائكة !
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه عن
سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : كنت أقرأ هذا الحرف الذين هم عباد الرحمن إناثا
فسألت ابن عباس فقال : عباد الرحمن قلت : فإنها في مصحفي " عند الرحمن "
قال : فامحها واكتبها عباد الرحمن بالألف والباء
وقال : أتاني رجل اليوم وددت أنه لم يأتني فقال : كيف تقرأ هذا الحرف وجعلوا
الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثا قال : أن أناسا يقرأون " الذين هم عند
الرحمن " فسكت عنه فقلت : اذهب إلى أهلك !
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه أنه قرأها " الذين هم عند الرحمن
" بالنون
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر عن مروان " وجعلوا الملائكة عند الرحمن إناثا
" ليس فيه الذين هم
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ عباد الرحمن بالألف والباء أشهدوا
خلقهم بنصبهم الألف والشين ستكتب بالتاء ورفع التاء
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي
(7/371)
في
الأسماء والصفات عن مجاهد في قوله : وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم قال : يعنون
الأوثان لأنهم عبدوا الأوثان يقول الله : ما لهم بذلك من علم يعني الأوثان أنهم لا
يعلمون إن هم إلا يخرصون قال : يعلمون قدرة الله على ذلك
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم قال : عبدوا الملائكة
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : أم آتيناهم كتابا من قبله قال : قبل هذا
الكتاب
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : بل قالوا إنا وجدنا آباءنا
على أمة قال : على دين
وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن
قوله عز و جل : إنا وجدنا آباءنا على أمة قال : على ملة غير الملة التي تدعونا
إليها
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت نابغة بني ذبيان وهو يعتذر إلى
النعمان بن المنذر ؟ ويقول : حلفت فلم أترك لنفسك ريبة وهل يأثمن ذو أمة وهو طائع
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على
آثارهم مقتدون قال : قد قال : ذلك مشركو قريش : إنا وجدنا آباءنا على دين وإنا
متبعوهم على ذلك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه إنا وجدنا آباءنا
على أمة وإنا على آثارهم مقتدون قال : بفعلهم
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه قال : الأمة في القرآن على وجوه واذكر بعد
أمة يوسف الآية 45 قال : بعد حين
ووجد عليه أمة من الناس يسقون يوسف الآية 23 قال : جماعة من الناس وإنا وجدنا
آباءنا على أمة قال : على دين
ورفع الألف في كلها
وقرأ قل أولو جئتكم بغير ألف بالتاء
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه فانتقمنا منهم فانظر
(7/372)
كيف
كان عاقبة المكذبين قال : شر والله كان عاقبتهم أخذهم بخسف وغرق فأهلكهم الله ثم
أدخلهم النار
الآيات 26 - 28 أخرج الفضل بن شاذان في كتاب القراءات بسنده عن ابن مسعود رضي الله
عنه أنه قرأ : " إنني بريء مما تعبدون " بالياء
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه : " إنني بريء مما تعبدون إلا الذي
فطرني فإنه سيهدين : قال : إنهم يقولون إن الله ربنا ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن
الله ؟ ؟ فلم يبرأ من ربه
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة وجعلها كلمة باقية في عقبة قال : في الإسلام أوصى بها
ولده
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد وجعلها كلمة باقية في عقبة قال : الإخلاص
والتوحيد لا يزال في ذريته من يقولها من بعده لعلهم يرجعون قال : يتوبون أو يذكرون
وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس وجعلها كلمة باقية في عقبة قال : لا إله إلا الله
في عقبه قال : عقب إبراهيم ولده
وأخرج عبد بن حميد عن الزهري قال : عقب الرجل ولده الذكور والإناث وأولاد الذكور
وأخرج عبد بن حميد عن عبيدة قال : قلت لإبراهيم : ما العقب ؟ قال : ولده الذكر
وأخرج عبد بن حميد عن عطاء في رجل أسكنه رجل له ولعقبه من بعده أتكون امرأته من
عقبه ؟ قال : لا ولكن ولده عقبه
الآيات 29 - 30
(7/373)
أخرج
عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ بل متعت هؤلاء برفع التاء
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه بل متعت هؤلاء وآباءهم حتى
جاءهم الحق ورسول مبين قال : هذا قول أهل الكتاب لهذه الأمة وكان قتادة رضي الله
عنه يقرؤها بل متعت هؤلاء بنصب التاء
وأخرج ابن جرير عن السدي : ولما جاءهم الحق قالوا هذا سحر قال : هؤلاء قريش قالوا
للقرآن الذي جاء به محمد صلى الله عليه و سلم : هذا سحر
الآيات 31 - 32 أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله
عنهما أنه سئل عن قول الله : لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم ما
القريتان ؟ قال : الطائف ومكة قيل : فمن الرجلان ؟ قال : عروة بن مسعود وخيار قريش
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن
قول الله لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم قال : يعني بالقريتين مكة
والطائف والعظيم الوليد بن المغيرة القرشي وحبيب بن عمير الثقفي
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما وقالوا لولا نزل هذا القرآن على
رجل من القريتين عظيم قال : يعني من القريتين مكة والطائف والعظيم الوليد بن
المغيرة القرشي وحبيب بن عمير الثقفي
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : لولا نزل هذا القرآن على
رجل من القريتين عظيم قال : يعنون أشرف من محمد الوليد بن المغيرة من أهل مكة
ومسعود بن عمرو الثقفي من أهل الطائف
(7/374)
وأخرج
عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة قال : قال الوليد بن
المغيرة : لو كان ما يقول محمد حقا أنزل علي هذا القرآن أو على عروة بن مسعود الثقفي
فنزلت وقالوا : لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وقالوا : لولا نزل هذا القرآن على رجل من
القريتين عظيم قال : القريتان مكة والطائف
قال ذلك مشركو قريش
قال : بلغنا أنه ليس فخذ من قريش إلا قد ادعته فقالوا : هو منا وكنا نحدث أنه
الوليد بن المغيرة وعروة بن مسعود الثقفي
قال : يقولون فهلا كان أنزل على أحد هذين الرجلين ليس على محمد صلى الله عليه و
سلم
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله على رجل من القريتين
عظيم قال : عتبة بن ربيعة من مكة وابن عبد ياليل بن كنانة الثقفي من الطائف وعمير
بن مسعود الثقفي وفي لفظ وأبو مسعود الثقفي
وأخرج ابن عساكر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : وقالوا لولا نزل هذا القرآن على
رجل من القريتين عظيم قال : هو عتبة بن ربيعة - وكان ريحانة قريش يومئذ
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه في قوله : على رجل من
القريتين عظيم قال : هو الوليد بن المغيرة المخزومي أو كنانة بن عمر بن عمير عظيم
أهل الطائف
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : نحن
قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا قال : قسم بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا
كما قسم بينهم صورهم وأخلاقهم فتعالى ربنا وتبارك ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات قال
: فتلقاه ضعيف الحيلة عيي اللسان وهو مبسوط له في الرزق وتلقاه شديد الحيلة سليط
اللسان وهو مقتور عليه ليتخذ بعضهم بعضا سخريا قال : ملكة يسخر بعضهم بعضا يبتلي
الله به عباده فالله الله فيما ملكت يمينك ! ورحمة ربك خير مما يجمعون قال : الجنة
(7/375)
الآيات
33 - 35 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله
عليه و سلم : " يقول الله لولا أن يجزع عبدي المؤمن لعصبت الكافر عصابة من
حديد فلا يشتكي شيئا ولصببت عليه الدنيا صبا " قال ابن عباس رضي الله عنهما :
قد أنزل الله شبه ذلك في كتابه في قوله ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن
يكفر بالرحمن الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما ولولا أن
يكون الناس أمة واحدة الآية يقول : لولا أن أجعل الناس كلهم كفارا لجعلت لبيوت
الكفار سقفا من فضة ومعارج من فضة وهي درج عليها يظهرون يصعدون إلى الغرف وسرر فضة
وزخرفا وهو الذهب
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ولولا أن يكون
الناس أمة واحدة قال : لولا أن يكون الناس كفارا لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم
سقفا من فضة قال : السقف أعالي البيوت ومعارج عليها يظهرون قال : درج عليها يصعدون
وزخرفا قال : الذهب والآخرة عند ربك للمتقين قال : خصوصا
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه ولولا أن يكون الناس أمة واحدة قال : لولا
أن يكفروا
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه في قوله : سقفا قال :
الجزوع ومعارج قال : الدرج وزخرفا قال : الذهب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في
(7/376)
قوله
: ولولا أن يكون الناس أمة واحدة قال : لولا أن يكون الناس أجمعون كفارا فيميلوا
إلى الدنيا لجعل الله لهم الذي قال
قال : وقد مالت الدنيا بأكبر همها وما فعل ذلك فكيف لو فعله !
وأخرج أحمد والحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه في قوله : أهم يقسمون رحمة ربك قال
: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن الله قسم بينكم أخلاقكم
كما قسم بينكم أرزاقكم وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا
من يحب فمن أعطاه الدين فقد أحبه "
وأخرج الترمذي وصححه وابن ماجة عن سهل بن سعد رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " لو كانت الدنيا تزن عند الله جناح بعوضة ما سقى
كافرا منها شربة ماء "
الآيات 36 - 40 أخرج ابن أبي حاتم عن محمد بن عثمان المخرمي أن قريشا قالت : قيضوا
لكل رجل رجلا من أصحاب محمد يأخذه فقيضوا لأبي بكر رضي الله عنه طلحة بن عبيد الله
فأتاه وهو في القوم فقال أبو بكر رضي الله عنه : إلام تدعوني ؟ قال : أدعوك إلى
عبادة اللات والعزى ! قال أبو بكر رضي الله عنه : وما اللات ؟ قال : ربنا
قال : وما العزى ؟ قال : بنات الله
قال أبو بكر رضي الله عنه : فمن أمهم ؟ فسكت طلحة فلم يجبه فقال طلحة لأصحابه :
أجيبوا الرجل فسكت القوم فقال طلحة : قم يا أبا بكر أشهد أن لا إله إلا الله وأن
محمدا رسول الله فأنزل الله ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا الآية
(7/377)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس ومن يعش عن ذكر الرحمن قال : يعمى
قال ابن جرير : هذا على قراءة فتح الشين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة ومن يعش قال : يعرض وإنهم ليصدونهم عن
السبيل قال : عن الدين حتى إذا جاءنا جميعا هو وقرينه
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ " حتى إذا جاءنا " على
معنى اثنين هو وقرينه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ومن يعش الآية
قال : من جانب الحق وأنكره وهو يعلم أن الحلال حلال وأن الحرام حرام فترك العلم
بالحلال والحق لهوى نفسه وقضى حاجته ثم أراد من الحرام قيض له شيطان
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن سعيد الجزري في قوله : نقيض له شيطانا
قال : بلغنا أن الكافر إذا بعث يوم القيامة من قبره شفع بيده شيطان ولم يفارقه حتى
يصيرهما الله إلى النار فذلك حين يقول : يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس
القرين قال : وأما المؤمن فيوكل به ملك حتى يقضي بين الناس أو يصير إلى الجنة
وأخرج ابن حبان والبغوي وابن قانع والطبراني وابن مردويه عن شريك بن طارق رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ليس منكم أحد إلا ومعه
شيطان قالوا : ومعك يا رسول الله ؟ قال : ومعي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم
"
وأخرج مسلم وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم
خرج من عندها ليلا قالت : فغرت عليه فجاء فرأى ما أصنع " فقال ما لك يا عائشة
أغرت ؟ فقلت : وما لي لا يغار مثلي على مثلك فقال : أقد جاء شيطانك ؟ قلت : يا
رسول الله أمعي شيطان ؟ قال : نعم ومع كل إنسان
قلت : ومعك ؟ قال : نعم ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم "
وأخرج مسلم وابن مردويه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " ما منكم من أحد إلا وقد وكل الله به قرينه من الجن
قالوا :
(7/378)
وإياك
يا رسول الله قال : وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير
"
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " ما منكم من أحد إلا وقد وكل الله به قرينه من الجن
قالوا : وإياك يا رسول الله قال : وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم "
وأخرج أحمد في الزهد عن وهب بن منبه رضي الله عنه قال : ليس من الآدميين أحد إلا
ومعه شيطان موكل به أما الكافر فيأكل معه من طعامه ويشرب معه من شرابه وينام معه
على فراشه وأما المؤمن فهو بجانب له ينتظره حتى يصيب منه غفلة أو غرة فيثب عليه
وأحب الآدميين إلى الشيطان الأكول النؤوم
الآيات 41 - 43 أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه
عن قتادة رضي الله عنه في قوله : فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون قال : قال أنس
رضي الله عنه : ذهب رسول الله صلى الله عليه و سلم وبقيت النقمة فلم ير الله نبيه
في أمته شيئا يكرهه حتى قبض ولم يكن نبي قط إلا وقد رأى العقوبة في أمته إلا نبيكم
صلى الله عليه و سلم رأى ما يصيب أمته بعده فما رؤي ضاحكا منبسطا حتى قبض
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان من طريق حميد عن أنس بن مالك رضي الله
عنه في قوله : فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون الآية
قال : أكرم الله نبيه صلى الله عليه و سلم أن يريه في أمته ما يكره فرفعه إليه
وبقيت النقمة
وأخرج ابن مردويه عن عبد الرحمن بن مسعود العبدي قال : قرأ علي بن أبي طالب رضي
الله عنه هذه الآية فإما نذهبن بك فإنا منهم منتقمون قال : ذهب نبيه صلى الله عليه
و سلم وبقيت نقمته في عدوه
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه في قوله : فإما نذهبن
(7/379)
بك
فإنا منهم منتقمون قال : لقد كانت نقمة شديدة أكرم الله نبيه صلى الله عليه و سلم
أن يريه في أمته ما كان من النقمة بعده
وأخرج ابن مردويه من طريق محمد بن مروان عن الكلبي عن أبي صالح عن جابر بن عبد
الله : " عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله : فإما نذهبن بك فإنا منهم
منتقمون نزلت في علي بن أبي طالب أنه ينتقم من الناكثين والقاسطين بعدي "
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله أو نرينك الذي وعدناهم الآية
قال : يوم بدر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : إنك على
صراط مستقيم قال : على الإسلام
الآية 44 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب
الإيمان من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما وإنه لذكر لك ولقومك قال : القرآن شرف
لك ولقومك
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه وإنه لذكر لك يعني القرآن
ولقومك يعني من اتبعك من أمتك
وأخرج الشافعي وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
وابن أبي حاتم والبيهقي عن مجاهد في قوله : وإنه لذكر لك ولقومك قال : يقال ممن
هذا الرجل ؟ فيقال : من العرب فيقال : من أي العرب ؟ فيقال : من قريش فيقال : من
أي قريش ؟ فيقال : من بني هاشم
وأخرج ابن عدي وابن مردويه عن علي وابن عباس قالا : كان رسول الله صلى الله عليه و
سلم يعرض نفسه على القبائل بمكة ويعدهم الظهور فإذا قالوا لمن الملك بعدك ؟ أمسك
فلم يجبهم بشيء لأنه لم يؤمر في ذلك بشيء حتى نزلت وإنه لذكر لك ولقومك فكان بعد
إذا سئل قال : لقريش فلا يجيبونه حتى قبلته الأنصار على ذلك
(7/380)
وأخرج
الطبراني وابن مردويه عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : كنت قاعدا عند رسول الله
صلى الله عليه و سلم فقال : " ألا إن الله علم ما في قلبي من حبي لقومي
فشرفني فيهم فقال : وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون فجعل الذكر والشرف لقومي في
كتابه " ثم قال وأنذر عشيرتك الأقربين الشعراء الآية 214 واخفض جناحك لمن
اتبعك من المؤمنين الشعراء الآية 215 يعني قومي فالحمد لله الذي جعل الصديق من
قومي والشهيد من قومي إن الله قلب العباد ظهرا وبطنا فكان خير العرب قريش وهي
الشجرة المباركة التي قال الله في كتابه ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة إبراهيم الآية
24 يعني بها قريشا أصلها ثابت يقول : أصلها كرم وفرعها في السماء يقول : الشرف
الذي شرفهم الله بالإسلام الذي هداهم له وجعلهم أهله
ثم أنزل فيهم سورة من كتاب الله بمكة لإيلاف قريش قريش الآية 1 - 2 - 3 - 4 إلى
آخرها قال عدي بن حاتم : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكر عنده قريش
بخير قط إلا سره حتى يتبين ذلك السرور للناس كلهم في وجهه وكان كثيرا ما يتلوا هذه
الآية وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون
الآية 45 أخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير
في قوله واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا قال : ليلة أسري به لقي الرسل
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا قال :
بلغنا أنه ليلة أسري به أري الأنبياء فأري آدم فسلم عليه : وأري مالكا خازن النار
وأري الكذاب الدجال
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة واسأل من أرسلنا من
قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون قال : سل
(7/381)
أهل
التوراة والإنجيل هل جاءت الرسل إلا بالتوحيد ؟ وقال : في بعض القراءة "
واسأل من أرسلنا إليهم رسلنا قبلك "
وأخرج عبد بن حميد من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس واسأل من أرسلنا قبلك
من رسلنا قال : سل الذين أرسلنا إليهم قبلك من رسلنا
وأخرج سعيد بن منصور وابن المنذر عن مجاهد قال : كان عبد الله يقرأ واسأل الذين
أرسلنا إليهم قبلك من رسلنا قال : في قراءة ابن مسعود " واسأل الذين يقرأون
الكتاب من قبل " مؤمني أهل الكتاب
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد في قوله : واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا قال :
جمعوا له ليلة أسري به ببيت المقدس
الآيات 46 - 56 أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : وما نريهم من آية إلا هي
أكبر من أختها قال : الطوفان وما معه من الآيات
(7/382)
وأخرج
عبد بن حميد عن عكرمة وأخذناهم بالعذاب قال : هو عام السنة
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون قال : يتوبون أو يذكرون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد ادع لنا ربك بما عهد عندك لئن آمنا ليكشفن
عنا العذاب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله إذا هم ينكثون قال : يغدرون
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : ونادى فرعون في قومه قال : ليس هو نفسه
ولكن أمر أن ينادي
وأخرج ابن أبي حاتم عن الأسود بن يزيد قال : قلت لعائشة : ألا تعجبين من رجل من
الطلقاء ينازع أصحاب محمد في الخلافة ؟ ! قالت : وما تعجب من ذلك هو سلطان الله
يؤتيه البر والفاجر وقد ملك فرعون أهل مصر أربعمائة سنة
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار
تجري من تحتي قال : قد كان لهم جنان وأنهار أم أنا خير من هذا الذي هو مهين قال :
ضعيف ولا يكاد يبين قال : عيي اللسان فلولا ألقي عليه أساورة من ذهب قال : أحلية
من ذهب أو جاء معه الملائكة مقترنين أي متتابعين
فلما آسفونا قال : أغضبونا فجعلناهم سلفا قال : إلى النار ومثلا قال : عظة للآخرين
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله : ولا يكاد يبين قال : كانت لموسى لثغة في
لسانه
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله : أو جاء معه الملائكة
مقترنين قال : يمشون معا
وأخرج ابن عبد الحكم في فتوح مصر عن عكرمة قال : لم يخرج فرعون من زاد على
الأربعين سنة ومن دون العشرين فذلك قوله : فاستخف قومه فأطاعوه يعني استخف قومه في
طلب موسى عليه السلام
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة فلما آسفونا قال : أغضبونا
(7/383)
وأخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فلما آسفونا قال : أغضبونا
وفي قوله : سلفا قال : أهواء مختلفة
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : فلما
آسفونا قال : أغضبونا فجعلناهم سلفا قال : هم قوم فرعون كفارهم سلفا لكفار أمة
محمد ومثلا للآخرين قال : عبرة لمن بعدهم
وأخرج أحمد والطبراني والبيهقي في الشعب وابن أبي حاتم عن عقبة بن عامر أن رسول
الله صلى الله عليه و سلم قال : " إذا رأيت الله يعطي العبد ما شاء وهو مقيم
على معاصيه فإنما ذلك استدراج منه له " ثم تلا فلما آسفونا انتقمنا منهم
فأغرقناهم أجمعين
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن طارق بن شهاب قال : كنت عند عبد الله فذكر عند
موت الفجأة فقال : تخفيف على المؤمن وحسرة على الكافر فلما آسفونا انتقمنا منهم
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه كان يقرأ فجعلناهم سلفا بنصب السين واللام
الآيات 57 - 65
(7/384)
أخرج
أحمد وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم قال لقريش : " إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير " فقالوا :
ألست : تزعم أن عيسى كان نبيا وعبدا من عباد الله صالحا وقد عبدته النصارى ؟ ! فإن
كنت صادقا فإنه كآلهتهم
فأنزل الله ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون قال : يضجون وإنه لعلم
للساعة قال : هو خروج عيسى بن مريم قبيل يوم القيامة
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه قال : لما ذكر عيسى بن مريم
جزعت قريش وقالوا : ما ذكر محمد عيسى بن مريم ما يريد محمد إلا أن نصنع به كما
صنعت النصارى بعيسى بن مريم
فقال الله : ما ضربوه لك إلا جدلا
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر
وابن مردويه من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان يقرؤها يصدون يعني بكسر
الصاد يقول : يضجون
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه أنه قرأ
يصدون بضم الصاد
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن إبراهيم يصدون قال : يعرضون
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن معبد بن أخي عبيد بن عمير الليثي رضي
الله عنه قال : قال لي ابن عباس : ما لعمك يقرأ هذه الآية ؟ إذا قومك منه يصدون
إنها ليست كذا إنما هي إذا قومك منه يصدون إذا هم يهجون إذا هم يضجون
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه إذا قومك منه يصدون قال : يضجون
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد والحسن وقتادة رضي الله عنهما مثله
وأخرج ابن مردويه عن علي رضي الله عنه : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ
يصدون بالكسر
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن ماجة وابن جرير وابن
المنذر والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في شعب
(7/385)
الإيمان
عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما
ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل " ثم قرأ ما ضربوه لك إلا جدلا
الآية
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : ما ضلت أمة بعد نبيها إلا
أعطوا الجدل
ثم قرأ ما ضربوه لك إلا جدلا
وأخرج سعيد بن منصور عن أبي إدريس الخولاني رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " ما ثار قوم فتنة إلا أوتوا بها جدلا وما ثار قوم في فتنة
إلا كانوا لها حرزا "
وأخرج ابن عدي والخرائطي في مساوىء الأخلاق عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الكذب باب من أبواب النفاق وإن آية
النفاق أن يكون الرجل جدلا خصما "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : لما ذكر
الله عيسى عليه السلام في القرآن قال مشركو مكة إنما أراد محمد أن نحبه كما أحب
النصارى عيسى قال : ما ضربوه لك إلا جدلا قال : ما قالوا هذا القول إلا ليجادلوا
إن هو إلا عبد أنعمنا عليه قال : ذلك نبي الله عيسى أن كان عبدا صالحا أنعم الله
عليه وجعلناه مثلا قال : آية لبني إسرائيل ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض
يخلفون قال : يخلف بعضهم بعضا مكان بني آدم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن المشركين أتوا رسول الله صلى
الله عليه و سلم فقالوا له : أرأيت ما يعبد من دون الله أين هم ؟ قال : في النار
قالوا : والشمس والقمر ؟ قال : والشمس والقمر قالوا : فعيسى بن مريم ؟ فأنزل الله
إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه لجعلنا منكم ملائكة في الأرض
يخلفون قال : يعمرون الأرض بدلا منكم
وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ومسدد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني من طرق
عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وإنه لعلم للساعة قال : خروج عيسى قبل يوم
القيامة
وأخرج عبد بن حميد عن أبي هريرة رضي الله عنه وإنه لعلم للساعة
(7/386)
قال
: خروج عيسى يمكث في الأرض أربعين سنة تكون تلك الأربعون أربع سنين يحج ويعتمر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه وإنه لعلم للساعة قال : آية
للساعة خروج عيسى بن مريم قبل يوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن رضي الله عنه وإنه لعلم للساعة قال : نزول
عيسى
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه وإنه لعلم للساعة
قال : نزول عيسى علم للساعة وناس يقولون : القرآن علم للساعة
وأخرج عبد بن حميد عن شيبان رضي الله عنه قال : كان الحسن يقول وإنه لعلم للساعة
قال : هذا القرآن
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ وإنه لعلم للساعة قال : هذا
القرآن بخفض العين
وأخرج عبد بن حميد عن حماد بن سلمة رضي الله عنه قال : قرأتها في مصحف أبي "
وإنه لذكر للساعة "
وأخرج ابن جرير من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما وإنه لعلم للساعة قال : نزول
عيسى
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه قال : من
تبديل التوراة
الآية 66
(7/387)
أخرج
ابن مردويه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" تقوم الساعة والرجلان يحلبان اللقحة والرجلان يطويان الثوب " ثم قرأ
هل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة وهم لا يشعرون
الآيات 67 - 71 أخرج ابن مردويه عن سعد بن معاذ رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه و سلم : " إذا كان يوم القيامة انقطعت الأرحام وقلت الأنساب
وذهبت الأخوة إلا الأخوة في الله " وذلك قوله : الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو
إلا المتقين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو
إلا المتقين قال : معصية الله في الدنيا متعادين
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا
المتقين قال : وذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه و سلم كان يقول : "
الأخلاء أربعة مؤمنان وكافران فمات أحد المؤمنين فسئل عن خليله فقال : اللهم لم أر
خليلا آمر بمعروف ولا أنهى عن منكر منه اللهم اهده كما هديتني وأمته على ما أمتني
عليه ومات أحد الكافرين فسئل عن خليله ؟ فقال : اللهم لم أر خليلا آمر بمنكر منه
ولا أنهى عن معروف منه اللهم أضله كما أضللتني وأمته على ما أمتني عليه قال : ثم
يبعثون يوم القيامة فقال : ليثن بعضكم على بعض فأما المؤمنان فأثنى كل واحد منهما
على صاحبه كأحسن الثناء وأما الكافران فأثنى كل واحد منهما على صاحبه كأقبح الثناء
"
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب رضي الله عنه قال : يؤتى بالرئيس في الخير يوم القيامة
فيقال : أجب ربك فينطلق به إلى ربه فلا يحجب عنه فيؤمر به إلى الجنة فيرى منزله
ومنازل أصحابه الذين كانوا يجامعونه على الخير ويعينونه عليه فيقال هذه منزلة فلان
وهذه منزلة فلان فيرى ما أعد الله في الجنة من الكرامة ويرى منزلته أفضل من
منازلهم ويكسى من ثياب الجنة ويوضع على رأسه تاج ويعلقه من ريح الجنة ويشرق وجهه
حتى يكون مثل القمر ليلة البدر فيخرج فلا يراه أهل ملأ إلا قالوا : اللهم اجعله
منهم حتى يأتي أصحابه الذين كانوا يجامعونه على الخير ويعينونه عليه فيقول أبشر يا
فلان فإن الله أعد لك في الجنة
(7/388)
كذا
وأعد لك في الجنة كذا وكذا فلا يزال يخبرهم بما أعد الله لهم في الجنة من الكرامة
حتى يعلو وجوههم من البياض مثل ما علا وجهه فيعرفهم الناس ببياض وجوههم فيقولون
هؤلاء أهل الجنة
ويؤتي بالرئيس في الشر فيقال أجب ربك فينطلق به إلى ربه فيحجب عنه ويؤمر به إلى
النار فيرى منزله ومنازل أصحابه فيقال هذه منزلة فلان وهذه منزلة فلان فيرى ما أعد
الله فيها من الهوان ويرى منزلته شرا من منازلهم فيسود وجهه وتزرق عيناه ويوضع على
رأسه قلنسوة من نار فيخرج فلا يراه أهل ملأ إلا تعوذوا بالله منه فيقول ما أعاذكم
الله مني ؟ أما تذكر يا فلان كذا وكذا فيذكرهم الشر الذي كانوا يجامعونه ويعينونه
عليه فما يزال يخبرهم بما أعد الله لهم في النار حتى يعلو وجوههم من السواد مثل
الذي علا وجهه فيعرفهم الناس بسواد وجوههم فيقولون هؤلاء أهل النار
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وحميد بن زنجويه في ترغيبه وابن جرير وابن أبي حاتم
وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في قوله :
الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين قال : خليلان مؤمنان وخليلان كافران
توفي أحد المؤمنين فبشر بالجنة فذكر خليله فقال : اللهم إنا خليلي فلانا كان
يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر وينبئني أني ملاقيك اللهم
فلا تضله بعدي حتى تريه ما أريتني وترضى عنه كما رضيت عني فيقال له اذهب فلو تعلم
ما له عندي لضحكت كثيرا ولبكيت قليلا ثم يموت الآخر فيجمع بين أرواحهما فيقال :
ليثن كل واحد منكما على صاحبه فيقول كل واحد منهما لصاحبه نعم الأخ ونعم الصاحب
ونعم الخليل وإذا مات أحد الكافرين بشر بالنار فيذكر خليله فيقول : اللهم إن خليلي
فلانا كان يأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير وينبئني
أني غير ملاقيك اللهم فلا تهده بعدي حتى تريه مثل ما أريتني وتسخط عليه كما سخطت
علي فيموت الآخر فيجمع بين أرواحهما فيقال ليثن كل واحد منكما على صاحبه فيقول كل
واحد لصاحبه بئس الأخ وبئس الصاحب وبئس الخليل
وأخرج ابن جرير عن سليمان التيمي قال : سمعت أن الناس حين يبعثون ليس
(7/389)
فيهم
إلا فزع فينادي مناد يا عبادي لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون فيرجوها الناس
كلهم فيتبعها الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : تحبرون قال : تكرمون
والله تعالى أعلم
وأخرج ابن المبارك وابن أبي الدنيا في صفة الجنة والطبراني في الأوسط بسند رجاله
ثقات عن أنس رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " إن
أسفل أهل الجنة أجمعين درجة لمن يقوم على رأسه عشرة آلاف بيد كل واحد صحفتان :
واحدة من ذهب والأخرى من فضة في كل واحدة لون ليس في الأخرى مثله يأكل من آخرها
مثل ما يأكل من أولها يجد لآخرها من الطيب واللذة مثل الذي يجد لأولها ثم يكون ذلك
ريح المسك الأذفر لا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون إخوانا على سرر متقابلين
"
وأخرج ابن جرير عن السدي رضي الله عنه بصحاف قال : القصاع
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب رضي الله عنه قال : إن أدنى أهل الجنة منزلة يوم
القيامة ليؤتى بغدائه في سبعين ألف صحفة في كل صحفة لون ليس كالآخر فيجد للآخر
لذته أوله ليس منه أول
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأكواب الجرار من الفضة
وأخرج هناد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال : الأكواب التي ليس لها آذان
وأخرج الطستي في مسائله عن ابن عباس رضي الله عنهما : أن نافع بن الأزرق سأله عن
قوله : وأكواب قال : القلال التي لا عرا لها
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت قول الهذلي ؟ فلم ينطق الديك حتى
ملأت كوب الذباب له فاستدارا وأخرج ابن جرير عن الضحاك في قوله : بأكواب قال :
جرار ليس لها عرا وهي بالنبطية كوى
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن
أهون أهل النار عذابا رجل يطأ على جمرة يغلي منها دماغه " قال أبو بكر الصديق
: وما كان
(7/390)
جرمه
يا رسول الله ؟ قال : " كانت له ماشية يغشى بها الزرع ويؤذيه وحرم الله الزرع
وما حوله رمية بحجر فلا تستحبوا أموالكم في الدنيا وتهلكوا أنفسكم في الآخرة
"
وقال : " إن أدنى أهل الجنة منزلة وأسفلهم درجة لا يدخل بعده أحد يفسح له في
بصره مسيرة عام في قصور من ذهب وخيام من لؤلؤ ليس فيها موضع شبر إلا معمور يغدى
عليه كل يوم ويراح بسبعين ألف صحفة في كل صحفة لون ليس في الآخر مثله شهوته في
آخرها كشهوته في أولها لو نزل به جميع أهل الأرض لوسع عليهم مما أعطي لا ينقص ذلك
مما أوتي شيئا "
وأخرج ابن جرير عن أبي أمامة قال : إن الرجل من أهل الجنة يشتهي الطائر وهو يطير
فيقع منفلقا نضيجا في كفه فيأكل منه حتى ينتهي ثم يطير ويشتهي الشراب فيقع الإبريق
في يده فيشرب منه ما يريد ثم يرجع إلى مكانه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وأكواب قال : هي دون الأباريق
بلغنا أنها مدورة الرأس
وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي أمامة : أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حدثهم وذكر
الجنة فقال : " والذي نفسي بيده ليأخذن أحدكم اللقمة فيجعلها في فيه ثم يخطر
على باله طعام آخر فيتحول الطعام الذي في فيه على الذي اشتهى " ثم قرأ وفيها
ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة عن ابن عباس قال : الرمانة من رمان الجنة يجتمع
عليها بشر كثير يأكلون منها فإن جرى على ذكر أحدهم شيء وجده في موضع يده حيث يأكل
وأخرج ابن أبي الدنيا والبزار وابن المنذر والبيهقي في البعث عن ابن مسعود قال :
قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إنك ستنظر إلى الطير في الجنة
فتشتهيه فيخر بين يديك مشويا "
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ميمونة : أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إن
الرجل ليشتهي الطير في الجنة فيجيء مثل البختي حتى يقع على خوانه لم يصبه دخان ولم
تمسه نار فيأكل منه حتى يشبع ثم يطير "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن ابن عباس قال : أخس أهل الجنة منزلا له سبعون
ألف خادم مع كل خادم صحفة من ذهب لو نزل به أهل الأرض
(7/391)
جميعا
لأوصلهم لا يستعين عليهم بشيء من عند غيره
وذلك في قول الله وفيها ما تشتهي الأنفس
وأخرج ابن أبي شيبة وابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه سئل في الجنة ولد ؟ قال : إن
شاؤوا
وأخرج أحمد وهناد والدارمي وعبد بن حميد والترمذي وحسنه وابن ماجة وابن المنذر
وابن حبان والبيهقي في البعث عن أبي سعيد الخدري قال : قلنا يا رسول الله إن الولد
من قرة العين وتمام السرور فهل يولد لأهل الجنة ؟ فقال : " إن المؤمن إذا اشتهى
الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة : كما يشتهي "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن ابن سابط قال : قال رجل يا رسول الله : أفي الجنة
خيل ؟ فإني أحب الخيل قال : " إن يدخلك الله الجنة ما من شيء شئت إلا فعلت
" فقال الأعرابي : أفي الجنة إبل ؟ فإني أحب الإبل فقال يا أعرابي : "
إن أدخلك الله الجنة أصبت فيها ما تشتهي نفسك ولذت عينك "
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وابن مردويه عن بريدة قال : جاء رجل إلى النبي صلى
الله عليه و سلم فقال : هل في الجنة خيل ؟ فإنها تعجبني قال : " إن أحببت ذلك
أتيت بفرس من ياقوتة حمراء فتطير بك في الجنة حيث شئت " فقال له رجل : إن
الإبل تعجبني فهل في الجنة من إبل ؟ فقال : " يا عبد الله إن أدخلت الجنة فلك
فيها ما تشتهي نفسك ولذت عينك "
وأخرج عبد بن حميد عن كثير بن مرة الحضرمي قال : إن السحابة لتمر بأهل الجنة فتقول
ما أمطركم ؟
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن سابط قال : إن الرسول يجيء إلى الشجرة من شجر الجنة
فيقول : إن ربي يأمرك أن تفتقى لهذا ما شاء فإن الرسول ليجيء إلى الرجل من أهل
الجنة فينشر عليه الحلة فيقول : قد رأيت الحلل فما رأيت مثل هذه !
وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر بن قيس قال : إن الرجل من أهل الجنة ليشتهي الثمرة
فتجيء حتى تسيل في فيه وإنها في أصلها في الشجرة
وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن عبد الرحمن بن سابط قال : إن الرجل من أهل الجنة
ليزوج خمسمائة حوراء وأربعمائة بكر وثمانية آلاف ثيب ما منهن
(7/392)
واحدة
إلا يعانقها عمر الدنيا كلها لا يوجد واحد منهما من صاحبه وإنه لتوضع مائدته فما
تنقضي منها نهمته عمر الدنيا كلها وإنه ليأتيه الملك بتحية من ربه وبين أصبعيه
مائة أو سبعون حلة فيقول ما أتاني من ربي شيء أعجب إلي من هذه ! فيقول : أيعجبك
هذا ؟ فيقول : نعم فيقول الملك : لأدنى شجرة بالجنة تلوني لفلان من هذا ما اشتهت
نفسه
وأخرج ابن جرير عن أبي ظبية السلمي قال : إن السرب من أهل الجنة لتظلهم السحابة
فتقول : ما أمطركم ؟ فما يدعو داع من القوم بشيء إلا أمطرتهم حتى أن القائل منهم
ليقول : أمطرينا كواعب أترابا
الآيات 72 - 89
(7/393)
أخرج
ابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" ما من أحد إلا وله منزل في الجنة ومنزل في النار فالكافر يرث المؤمن منزله
في النار والمؤمن يرث الكافر منزله في الجنة وذلك قوله وتلك الجنة التي أورثتموها
بما كنتم تعملون "
وأخرج هناد بن السري وعبد بن حميد في الزهد عن عبد الله بن مسعود قال : تجوزون
الصراط بعفو الله وتدخلون الجنة برحمة الله وتقتسمون المنازل بأعمالكم
قوله تعالى : إن المجرمين
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : وهم فيه
مبلسون قال : مستسلمون
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والبخاري وابن الأنباري في المصاحف وابن مردويه
والبيهقي في سننه عن يعلى بن أمية قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ على
المنبر ونادوا يا مالك
وأخرج ابن مردويه عن علي أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ على المنبر ونادوا
يا مالك
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن الأنباري عن مجاهد قال : في قراءة عبد الله بن
مسعود ونادوا يا مالك
وأخرج الطبراني عن يعلى بن أمية قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ على
المنبر ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في صفة النار وابن جرير
وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في البعث والنشور عن ابن عباس :
ونادوا يا مالك قال : مكث عنهم ألف سنة ثم يجيبهم إنكم ماكثون
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : أم أبرموا
أمرا فإنا مبرمون قال : أم أجمعوا أمرا فإنا مجمعون إن كادوا شرا كدناهم مثله
وأخرج ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي قال : بينا ثلاثة بين الكعبة وأستارها
قرشيان وثقفي أو ثقفيان وقرشي فقال واحد منهم : ترون الله يسمع
(7/394)
كلامنا
؟ فقال واحد : إذا جهرتم سمع وإذا أسررتم لم يسمع فنزلت أم يحسبون أنا لا نسمع
سرهم ونجواهم الآية
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : قل إن كان للرحمن
ولد يقول : لم يكن للرحمن ولد فأنا أول العابدين قال : الشاهدين
وأخرج الطستي عن ابن عباس : أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز و جل
فأنا أول العابدين قال : أنا أول متبرىء من أن يكون لله ولد
قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت تبعا وهو يقول ؟ : وقد علمت فهر
بأني ربهم طرا ولم تعبد ؟ وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وقتادة قل إن كان للرحمن ولد
قالا : ما كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين قال : يقول محمد صلى الله عليه و سلم
: " فأنا أول من عبد الله من هذه الأمة "
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد قل إن كان للرحمن ولد في زعمكم
فأنا أول العابدين فأنا أول من عبد الله وحده وكذبكم بما تقولون
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين قال :
المؤمنين بالله فقولوا ما شئتم
وأخرج ابن جرير عن قتادة قال : هذه كلمة من كلام العرب : إن كان للرحمن ولد أي إن
ذلك لم يكن
وأخرج ابن جرير عن زيد بن أسلم قال : هذا مقول من قول العرب إن كان هذا الأمر قط
أي ما كان
وأخرج عبد بن حميد عن الأعمش أنه كان يقرأ : كل شيء بعد السجدة في مريم ولد والتي
في الزخرف ونوح وسائر لعلها : وسائر السور " مصححه " ولد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات عن قتادة في قوله عما يصفون
قال : عما يكذبون
وفي قوله وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله قال : هو الذي يعبد في السماء
ويعبد في الأرض
(7/395)
وأخرج
عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : ولا يملك الذين يدعون من
دونه الشفاعة قال : عيسى وعزير والملائكة إلا من شهد بالحق قال : كلمة الإخلاص وهم
يعلمون أن الله حق وعيسى وعزير والملائكة - يقول : لا يشفع عيسى وعزير والملائكة
إلا من شهد بالحق وهو يعلم الحق
وأخرج عبد بن حميد وعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : إلا من
شهد بالحق وهم يعلمون قال : الملائكة وعيسى وعزيز فإن لهم عند الله شفاعة
وأخرج البيهقي في الشعب عن مجاهد في الآية قال : شهد بالحق وهو يعلم أن الله ربه
وأخرج ابن المنذر عن ابن عوف قال : سألت إبراهيم عن الرجل يجد شهادته في الكتاب
ويعرف الخط والخاتم ولا يحفظ الدراهم فتلا إلا من شهد بالحق وهم يعلمون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله : وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا
يؤمنون قال : هذا قول نبيكم صلى الله عليه و سلم يشكو قومه إلى ربه وعن ابن مسعود
أنه قرأ " وقال الرسول يا رب "
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ وقيله يا رب بخفض اللام والهاء
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة فاصفح عنهم قال : نسخ الصفح
وأخرج ابن أبي شيبة عن شعيب بن الحجاب قال : كنت مع علي بن عبد الله البارقي فمر
علينا يهودي أو نصراني فسلم عليه فقال شعيب : قلت إنه يهودي أو نصراني فقرأ علي
آخر سورة الزخرف وقيله يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون فاصفح عنهم وقل سلام فسوف
يعلمون
وأخرج ابن أبي شيبة عن عون بن عبد الله قال : سئل عمر بن عبد العزيز عن ابتداء أهل
الذمة بالسلام فقال : ترد عليهم ولا تبتدئهم
قلت : فكيف تقول أنت ؟ قال : ما أرى بأسا أن نبدأهم
قلت : لم ؟ قال : لقول الله تعالى فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون
(7/396)
بسم
الله الرحمن الرحيم 44
سورة الدخان
مكية وآياتها تسع وخمسون
مقدمة سورة الدخان أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت بمكة سورة حم الدخان
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال : نزلت بمكة سورة الدخان
وأخرج الترمذي والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون
ألف ملك "
وأخرج الترمذي ومحمد بن نصر وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " من قرأ حم الدخان في ليلة أصبح يستغفر له سبعون
ألف ملك "
وأخرج الترمذي ومحمد بن نصر وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " من قرأ حم الدخان في ليلة جمعة أصبح مغفورا له
"
وأخرج ابن الضريس والبيهقي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " من قرأ ليلة الجمعة حم الدخان ويس أصبح مغفورا له "
وأخرج ابن مردويه عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
من قرأ حم الدخان في ليلة جمعة أو يوم جمعة بنى الله له بيتا في الجنة "
وأخرج ابن الضريس عن الحسن : أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " من قرأ
سورة الدخان في ليلة غفر له ما تقدم من ذنبه "
(7/397)
وأخرج
الدارمي ومحمد بن نصر عن أبي رافع قال : من قرأ الدخان في ليلة الجمعة أصبح مغفورا
له وزوج من الحور العين
وأخرج الدارمي عن عبد الله بن عيسى قال : أخبرت أنه من قرأ حم الدخان ليلة الجمعة
إيمانا وتصديقا بها أصبح مغفورا له
وأخرج البزار عن زيد بن حارثة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لابن صياداني
: " خبأت لك خبيا فما هو ؟ وخبا له رسول الله صلى الله عليه و سلم سورة
الدخان فقال : هو الدخ فقال : اخسه ما شاء الله كان " ثم انصرف
وأخرج الطبراني عن الأسود بن يزيد وعنبسة أن رجلا أتى عبد الله بن مسعود فقال :
قرأت المفصل في ركعة فقال عبد الله : بل هذذت كهذ الشعر وكنثر الدقل ولكن رسول
الله صلى الله عليه و سلم كان يقرأ النظائر في ركعة فذكر عشر ركعات بعشرين سورة عن
تأليف عبد الله آخرهن إذا الشمس كورت والدخان
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : لقد علمت النظائر التي كان يصلي بهن رسول الله
صلى الله عليه و سلم الذاريات والطور والنجم واقتربت والرحمن والواقعة ونون
والحاقة والمزمل ولا أقسم بيوم القيامة وهل أتى على الإنسان والمرسلات وعم
يتساءلون والنازعات وعبس وويل للمطففين وإذا الشمس كورت والدخان
وأخرج الطبراني عن ابن مسعود قال : لأني لأحفظ القرائن التي كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم يقرأ بهن ثمان عشرة من المفصل وسورتين من آل حم
وأخرج ابن أبي عمر في مسنده عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ في
المغرب حم التي يذكر فيها الدخان
الآيات 1 - 5 أخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله : إنا أنزلناه في ليلة مباركة
قال : أنزل القرآن في ليلة القدر ثم نزل به جبريل على رسول الله صلى الله عليه و
سلم نجوما بجواب كلام الناس
(7/398)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة إنا أنزلناه في ليلة مباركة قال : هي ليلة القدر
وأخرج عبد بن حميد عن أبي الجلد قال : نزلت صحف إبراهيم في أول ليلة من رمضان
وأنزل الإنجيل لثمان عشرة ليلة خلت من رمضان وأنزل الفرقان لأربع وعشرين
وأخرج سعيد بن منصور عن إبراهيم النخعي في قوله : إنا أنزلناه في ليلة مباركة قال
: نزل القرآن جملة على جبريل وكان جبريل يجيء بعد إلى النبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج سعيد بن منصور عن سعيد بن جبير قال : نزل القرآن من السماء العليا إلى
السماء الدنيا جميعا في ليلة القدر ثم فصل بعد ذلك في تلك السنين
وأخرج محمد بن نصر وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله : فيها يفرق كل
أمر حكيم قال : يكتب من أم الكتاب الرعد الآية 39 في ليلة القدر ما يكون في السنة
من رزق أو موت أو حياة أو مطر حتى يكتب الحاج يحج فلان ويحج فلان
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر في قوله فيها يفرق كل أمر حكيم قال : أمر السنة إلى
السنة إلا الشقاء والسعادة فإنه في كتاب الله لا يبدل ولا يغير
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق عطاء الخراساني عن عكرمة فيها يفرق كل أمر حكيم قال :
يقضى في ليلة القدر كل أمر محكم
وأخرج ابن أبي شيبة ومحمد بن نصر وابن المنذر من طريق محمد بن سوقة عن عكرمة قال :
يؤذن للحاج ببيت الله في ليلة القدر فيكتبون بأسمائهم وأسماء آبائهم فلا يغادر تلك
الليلة أحد ممن كتب ثم قرأ فيها يفرق كل أمر حكيم فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم
وأخرج سعيد وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه أنه سئل عن
قوله حم والكتاب المبين إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل
أمر حكيم قال : يفرق في ليلة القدر ما يكون من السنة إلى السنة إلا الحياة والموت
يفرق فيها المعايش والمصائب كلها
(7/399)
وأخرج
عبد بن حميد ومحمد بن نصر وابن جرير عن ربيعة بن كلثوم قال : كنت عند الحسن فقال
له رجل يا أبا سعيد ليلة القدر في كل رمضان هي ؟ قال : أي والله إنها لفي كل رمضان
وإنه لليلة يفرق فيها كل أمر حكيم فيها يقضي الله كل أجل وعمل ورزق إلى مثلها
وأخرج ابن جرير عن عمر مولى غفرة قال : يقال ينسخ لملك الموت من يموت من ليلة
القدر إلى مثلها وذلك لأن الله يقول : إنا أنزلناه في ليلة مباركة إلى قوله فيها
يفرق كل أمر حكيم فتجد الرجل ينكح النساء ويفرش الفرش واسمه في الأموات
وأخرج ابن جرير عن هلال بن يساف قال : كان يقال انتظروا القضاء في شهر رمضان
وأخرج ابن جرير عن قتادة إنا أنزلناه في ليلة مباركة قال : ليلة القدر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه والبيهقي في
شعب الإيمان عن ابن عباس قال : إنك لترى الرجل يمشي في الأسواق وقد وقع اسمه في
الموتى ثم قرأ إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين فيها يفرق كل أمر حكيم
يعني ليلة القدر قال : ففي تلك الليلة يفرق أمر الدنيا إلى مثلها من قابل موت أو
حياة أو رزق كل أمر الدنيا يفرق تلك الليلة إلى مثلها من قابل
وأخرج عبد بن حميد ومحمد بن نصر وابن جرير وابن المنذر والبيهقي عن أبي مالك في
قوله : فيها يفرق كل أمر حكيم قال : عمل السنة إلى السنة
وأخرج عبد بن حميد ومحمد بن نصر وابن جرير والبيهقي عن أبي عبد الرحمن السلمي في
قوله : فيها يفرق كل أمر حكيم قال : يدبر أمر السنة إلى السنة في ليلة القدر
وأخرج البيهقي عن أبي الجوزاء فيها يفرق كل أمر حكيم قال : هي ليلة القدر يجاء
بالديوان الأعظم السنة إلى السنة فيغفر الله عز و جل لمن يشاء ألا ترى أنه قال :
رحمة من ربك
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن نصر وابن جرير والبيهقي عن قتادة في
(7/400)
قوله
: فيها يفرق كل أمر حكيم قال : فيها يفرق أمر السنة إلى السنة وفي لفظ قال : فيها
يقضى ما يكون من السنة إلى السنة
وأخرج عبد بن حميد وابن نصر والبيهقي عن أبي نضرة فيها يفرق كل أمر حكيم قال :
يفرق أمر السنة في كل ليلة قدر خيرها وشرها ورزقها وأجلها وبلاؤها ورخاؤها ومعاشها
إلى مثلها من السنة
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق محمد بن سوقة عن عكرمة فيها
يفرق كل أمر حكيم قال : في ليلة النصف من شعبان يبرم أمر السنة وينسخ الأحياء من
الأموات ويكتب الحاج فلا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أحد
وأخرج ابن زنجويه والديلمي عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" تقطع الآجال من شعبان إلى شعبان حتى أن الرجل لينكح ويولد له وقد خرج اسمه
في الموتى "
وأخرج ابن أبي شيبة عن عطاء بن يسار قال : لم يكن رسول الله صلى الله عليه و سلم
في شهر أكثر صياما منه في شعبان وذلك أنه ينسخ فيه آجال من ينسخ في السنة
وأخرج ابن مردويه وابن عساكر عن عائشة قالت : لم يكن رسول الله صلى الله عليه و
سلم في شهر أكثر صياما منه في شعبان لأنه ينسخ فيه أرواح الأحياء في الأموات حتى
أن الرجل يتزوج وقد رفع اسمه فيمن يموت وأن الرجل ليحج وقد رفع اسمه فيمن يموت
وأخرج أبو يعلى عن عائشة أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصوم شعبان كله فسألته
؟ قال : " إن الله يكتب فيه كل نفس مبتة تلك السنة فأحب أن يأتيني أجلي وأنا
صائم "
وأخرج الدينوري في المجالسة عن راشد بن سعد أن النبي صلى الله عليه و سلم قال :
" في ليلة النصف من شعبان يوحي الله إلى ملك الموت بقبض كل نفس يريد قبضها في
تلك السنة "
وأخرج ابن جرير والبيهقي في شعب الإيمان عن الزهري عن عثمان بن محمد بن المغيرة بن
الأخنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " تقطع الآجال من شعبان
إلى شعبان حتى أن الرجل ينكح ويولد له وقد خرج اسمه في الموتى " قال : الزهري
وحدثني أيضا عثمان بن محمد بن المغيرة أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" ما من يوم
(7/401)
طلعت
شمسه إلا يقول من استطاع أن يعمل في خيرا فليعمله فإني غير مكر عليكم أبدا وما من
يوم إلا ينادي مناديان من السماء يقول أحدهما : يا طالب الخير أبشر ويقول الآخر :
يا طالب الشر أقصر ويقول أحدهما : اللهم أعط منفقا مالا خلفا ويقول الآخر : اللهم
اعط ممسكا مالا تلفا "
وأخرج ابن أبي الدنيا عن عطاء بن يسار قال : إذا كان ليلة النصف من شعبان دفع إلى
ملك الموت صحيفة فيقال اقبض من في هذه الصحيفة فإن العبد ليفرش الفراش وينكح
الأزواج ويبني البنيان وإن اسمه قد نسخ في الموتى
وأخرج الخطيب في رواة مالك عن عائشة : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول :
" يفتح الله الخير في أربع ليال ليلة الأضحى والفطر وليلة النصف من شعبان
ينسخ فيها الآجال والأرزاق ويكتب فيها الحاج وفي ليلة عرفة إلى الأذان "
وأخرج الخطيب وابن النجار عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله
عليه و سلم يصوم شعبان كله حتى يصله برمضان ولم يكن يصوم شهرا تاما إلا شعبان فقلت
يا رسول الله : إن شعبان لمن أحب الشهور إليك أن تصومه ؟ فقال : " نعم يا
عائشة إنه ليس نفس تموت في سنة إلا كتب أجلها في شعبان فأحب أن يكتب أجلي وأنا في
عبادة ربي وعمل صالح " ولفظ ابن النجار " يا عائشة إنه يكتب فيه ملك
الموت ومن يقبض فأحب أن لا ينسخ اسمي إلا وأنا صائم " وأخرج ابن ماجة
والبيهقي في شعب الإيمان عن علي بن أبي طالب قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " إذا كان ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها فإن الله
ينزل فيها لغروب الشمس إلى سماء الدنيا فيقول ألا مستغفر فأغفر له ألا مسترزق
فأرزقه ألا مبتلى فأعافيه ألا سائل فأعطيه ألا كذا ألا كذا حتى يطلع الفجر "
وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وابن ماجة والبيهقي عن عائشة رضي الله عنها قالت :
فقدت رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات ليلة فخرجت أطلبه فإذا هو بالبقيع رافعا
رأسه إلى السماء فقال يا عائشة : " أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله ؟
قلت : ما بي من ذلك ولكني ظننت أنك أتيت بعض نسائك فقال : إن الله عز و جل ينزل
ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب "
(7/402)
وأخرج
البيهقي عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن أبيه أو عن عمه أو جده أبي بكر الصديق عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال : " ينزل الله إلى السماء الدنيا ليلة النصف
من شعبان فيغفر لكل شيء إلا لرجل مشرك أو في قلبه شحناء "
وأخرج البيهقي عن أبي ثعلبة الخشني عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إذا
كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله تعالى إلى خلقه فيغفر للمؤمنين ويملي للكافرين
ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه "
وأخرج البيهقي عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " يطلع
الله في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن "
وأخرج البيهقي عن أبي موسى الأشعري مرفوعا نحوه
وأخرج البيهقي عن عائشة قالت : قام رسول الله صلى الله عليه و سلم من الليل يصلي
فأطال السجود حتى ظننت أنه قد قبض فلما رأيت ذلك قمت حتى حركت إبهامه فتحرك فرجعت
فلما رفع رأسه من السجود وفرغ من صلاته فقال : " يا عائشة أو يا حميراء ظننت
أن النبي قد خاس بك " قلت : لا والله يا نبي الله ولكني ظننت أنك قبضت لطول
سجودك فقال : " أتدرين أي ليلة هذه " ؟ قلت : الله ورسوله أعلم قال :
" هذه ليلة النصف من شعبان فيغفر للمستغفرين ويرحم المسترحمين ويؤخر أهل
الحقد كما هم "
وأخرج البيهقي وضعفه عن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل علي رسول الله صلى الله
عليه و سلم فرفع عنه ثوبيه ثم لم يستتم أن قام فلبسهما فأخذتني غيرة شديدة ظننت
أنه يأتي بعض صويحباتي فخرجت أتبعه فأدركته بالبقيع بقيع الغرقد يستغفر للمؤمنين
والمؤمنات والشهداء فقلت : بأبي أنت وأمي أنت في حاجة ربك وأنا في حاجة الدنيا
فانصرفت فدخلت في حجرتي ولي نفس عال ولحقني النبي صلى الله عليه و سلم فقال : ما
هذا النفس يا عائشة ؟ فقلت : بأبي أنت وأمي أتيتني فوضعت عنك ثوبيك ثم لن تستتم أن
قمت فلبستهما فأخذتني غيرة شديدة ظننت أنك تأتي بعض صويحباتي حتى رأيتك بالبقيع
تصنع ما تصنع
قال يا عائشة : " أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله ؟ بل أتاني جبريل
عليه السلام فقال هذه الليلة ليلة النصف من شعبان ولله فيها عتقاء من النار بعدد
شعور غنم كلب لا ينظر الله فيها إلى مشرك ولا إلى مشاحن ولا إلى قاطع رحم ولا إلى
مسبل ولا إلى عاق لوالديه ولا
(7/403)
إلى
مدمن خمر
قالت : ثم وضع عنه ثوبيه فقال لي : يا عائشة أتأذنين لي في القيام هذه الليلة ؟
فقلت : نعم بأبي وأمي فقام فسجد ليلا طويلا حتى ظننت أنه قد قبض فقمت ألتمسه ووضعت
يدي على باطن قدميه فتحرك وسمعته يقول في سجوده : أعوذ بعفوك من عقوبتك وأعوذ
برضاك من سخطك وأعوذ بك منك جل وجهك لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك
فلما أصبح ذكرتهن له فقال يا عائشة : تعلمتيهن ؟ فقلت : نعم فقال : تعلميهن
وعلميهن فإن جبريل عليه السلام علمنيهن وأمرني أن أرددهن في السجود "
وأخرج البيهقي عن عائشة قالت : كانت ليلة النصف من شعبان ليلتي وكان رسول الله صلى
الله عليه و سلم عندي فلما كان في جوف الليل فقدته فأخذني ما يأخذ النساء من
الغيرة فتلفعت بمرطي فطلبته في حجر نسائه فلم أجده فانصرفت إلى حجرتي فإذا أنا به
كالثوب الساقط وهو يقول في سجوده : " سجد لك خيالي وسوادي وآمن بك فؤادي فهذه
يدي وما جنيت بها على نفسي يا عظيم يرجى لكل عظيم يا عظيم اغفر الذنب العظيم سجد
وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره ثم رفع رأسه ثم عاد ساجدا فقال : أعوذ برضاك من
سخطك وأعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ بك منك أنت كما أثنيت على نفسك أقول كما قال أخي
داود أعفر وجهي في التراب لسيدي وحق له أن يسجد ثم رفع رأسه فقال : اللهم ارزقني
قلبا تقيا من الشر نقيا لا جافيا ولا شقيا ثم انصرف فدخل معي في الخميلة ولي نفس
عال فقال ما هذا النفس يا حميراء ؟ فأخبرته فطفق يمسح بيديه على ركبتي ويقول : ويح
هاتين الركبتين ما لقيتا في هذه الليلة ! هذه ليلة النصف من شعبان ينزل الله فيها
إلى السماء الدنيا فيغفر لعباده إلا المشرك والمشاحن "
وأخرج البيهقي عن عثمان بن أبي العاص عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
إذا كان ليلة النصف من شعبان ينزل فيها إلى السماء الدنيا نادى مناد هل من مستغفر
فأغفر له ؟ هل من سائل فأعطيه ؟ فلا يسأل أحد إلا أعطي إلا زانية بفرجها أو مشرك
"
وأخرج البيهقي عن علي قال : رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم ليلة النصف من
شعبان قام فصلى أربع عشرة ركعة ثم جلس بعد الفراغ فقرأ بأم القرآن أربع عشرة مرة
وقل هو الله أحد أربع عشرة مرة وقل أعوذ برب الفلق أربع عشرة مرة وقل أعوذ برب
الناس أربع عشرة مرة وآية الكرسي مرة لقد جاءكم رسول من
(7/404)
أنفسكم
سورة التوبة الآية 128 الآية فلما فرغ من صلاته سألته عما رأيت من صنيعه ؟ قال :
" من صنع مثل الذي رأيت كان له ثواب عشرين حجة مبرورة وصيام عشرين سنة مقبولة
فإذا أصبح في ذلك اليوم صائما كان له كصيام سنتين سنة ماضية وسنة مستقبلة "
قال البيهقي : يشبه أن يكون هذا الحديث موضوعا وهو منكر وفي رواته مجهولون
الآيات 6 - 9 أخرج عبد بن حميد عن عاصم أنه قرأ إنه هو السميع العليم رب السموات
والأرض بالخفض
الآيات 10 - 16 أخرج ابن جرير عن قتادة فارتقب أي فانتظر
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي عبيدة عن ابن مسعود قال : آية الدخان قد مضت
وأخرج ابن مردويه من طريق أبي عبيدة وأبي الأحوص عن عبد الله قال : الدخان جوع
أصاب قريشا حتى كان أحدهم لا يبصر السماء من الجوع
وأخرج ابن مردويه من طريق عتبة بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن مسعود قال :
الدخان قد مضى كان أناس أصابهم مخمصة وجوع شديد حتى كانوا يرون الدخان فيما بينهم
وبين السماء
(7/405)
وأخرج
ابن مردويه من طريق أبي وائل عن عبد الله فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين قال :
جوع أصاب الناس بمكة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي العالية قال : مضى الدخان والبطشة الكبرى يوم
بدر
وأخرج عبد بن حميد عن محمد بن سيرين قال : قال ابن مسعود : كل ما وعدنا الله
ورسوله فقد رأيناه غير أربع : طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض ويأجوج
ومأجوج فأما الدخان فقد مضى وكان سني كسني يوسف وأما القمر فقد انشق على عهد رسول
الله صلى الله عليه و سلم وأما البطشة الكبرى فيوم بدر
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والبخاري وأبو نعيم واليهقي معا في
الدلائل عن مسروق قال : جاء رجل إلى عبد الله فقال : إني تركت رجلا في المسجد يقول
: في هذه الآية يوم تأتي السماء بدخان يغشى الناس يوم القيامة دخان فيأخذ بأسماع
المنافقين وأبصارهم ويأخذ المؤمن منه كهيئة الزكام فغضب وكان متكئا فجلس ثم قال :
من علم منكم علما فليقل به ومن لم يكن يعلم فليقل الله أعلم فإن من العلم أن يقول
لما يقول لما لا يعلم الله أعلم وسأحدثكم عن الدخان : إن قريشا لما استصعبت على
رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبطأوا عن الإسلام قال : اللهم أعني عليهم بسبع
كسبع يوسف فأصابهم قحط وجهد حتى أكلوا العظام فجعل الرجل ينظر إلى السماء فيرى ما
بينه وبينها كهيئة الدخان من الجوع فأنزل الله فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين
يغشى الناس هذا عذاب أليم فأتي النبي صلى الله عليه و سلم فقيل يا رسول الله :
استسق الله لمضر فاستسقى لهم فسقوا فأنزل الله إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم
عائدون أفيكشف عنهم العذاب يوم القيامة ؟ فلما أصابتهم الرفاهية عادوا إلى حالهم
فأنزل الله يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون فانتقم الله منهم يوم بدر فقد مضى
البطشة والدخان واللزام
وأخرج البيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال : لما رأى رسول الله صلى الله عليه و
سلم من الناس إدبارا قال : " اللهم سبع كسبع يوسف " فأخذتهم سنة حتى
أكلوا الميتة والجلود والعظام فجاءه أبو سفيان وناس من أهل مكة فقالوا يا محمد :
إنك تزعم أنك قد بعثت رحمة وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم فدعا رسول الله
(7/406)
صلى
الله عليه و سلم فسقوا الغيث فأطبقت عليهم سبعا فشكا الناس كثرة المطر فقال :
" اللهم حوالينا ولا علينا " فانحدرت السحابة على رأسه فسقي الناس حولهم
قال : فقد مضت آية الدخان وهو الجوع الذي أصابهم
وهو قوله : إنا كاشفوا العذاب قليلا إنكم عائدون وآية الروم والبطشة الكبرى
وانشقاق القمر وذلك كله يوم بدر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : يوم تأتي السماء
بدخان مبين قال : الجدب وإمساك المطر عن كفار قريش
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : يغشى الناس هذا عذاب
أليم قال : الأليم الموجع ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون قال : الدخان أنى لهم
الذكرى قال : أنى لهم التوبة إنا كاشفو العذاب قليلا يعني الدخان إنكم عائدون إلى
عذاب الله يوم القيامة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله : أنى لهم الذكرى قال :
بعد وقوع البلاء بهم وقد تولوا عن محمد وقالوا معلم مجنون ثم كشف عنهم العذاب
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن لهيعة عن عبد الرحمن الأعرج يوم تأتي السماء بدخان
مبين قال : كان يوم فتح مكة
وأخرج ابن سعد من طريق ابن لهيعة عن الأعرج عن أبي هريرة قال : كان يوم فتح مكة
دخان وهو قول الله فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن علي قال : إن الدخان لم يمض بعد
يأخذ المؤمن كهيئة الزكام وينفخ الكافر حتى ينفد
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم بسند صحيح عن ابن
أبي مليكة قال : دخلت على ابن عباس رضي الله عنهما فقال : لم أنم هذه الليلة فقلت
: لم ؟ قال : طلع الكوكب ذو الذنب فخشيت أن يطرق الدخان
وأخرج ابن جرير عن ابن عمر قال : يخرج الدخان فيأخذ المؤمن كهيئة الزكمة ويدخل في
مسامع الكافر والمنافق حتى يكون كالرأس الحنيذ
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن الحسن قال : بلغني أن رسول الله صلى الله عليه و
سلم
(7/407)
قال
: " إن الدخان إذا جاء نفخ الكافر حتى يخرج من كل مسمع من مسامعه ويأخذ
المؤمن منه كالزكمة "
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن قال : الدخان قد بقي وهو أول الآيات
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير من طريق الحسن عن أبي سعيد الخدري قال : يهيج الدخان
بالناس فأما المؤمن فيأخذه كهيئة الزكمة وأما الكافر فينفخه حتى يخرج من كل مسمع
منه
وأخرج ابن جرير عن حذيفة بن اليمان مرفوعا : " أول الآيات : الدجال ونزول
عيسى ونار تخرج من قعر عدن أبين تسوق الناس إلى المحشر تقيل معهم إذا قالوا
والدخان قال : حذيفة يا رسول الله وما الدخان ؟ فتلا رسول الله صلى الله عليه و
سلم فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يملأ ما بين المشرق والمغرب يمكث أربعين
يوما وليلة أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكمة وأما الكافر بمنزلة السكران يخرج
من منخريه وأذنيه ودبره "
وأخرج ابن جرير والطبراني بسند جيد عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن ربكم أنذركم ثلاثا الدخان يأخذ المؤمن
منه كالزكمة ويأخذ الكافر فينفخ حتى يخرج من كل مسمع منه والثانية الدابة والثالثة
الدجال " وأخرج ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه
و سلم قال : " يهيج الدخان بالناس فأما المؤمن فيأخذه كالزكمة وأما الكافر
فينفخه حتى يخرج من كل مسمع منه "
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن مسعود
رضي الله عنه يوم نبطش البطشة الكبرى إنا منتقمون قال : يوم بدر
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن أبي بن كعب ومجاهد والحسن وأبي العالية وسعيد بن
جبير ومحمد بن سيرين وقتادة وعطية مثله
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال : أن يوم البطشة الكبرى يوم القيامة
(7/408)
وأخرج
ابن أبي شيبة عن أبي العالية قال : كنا نتحدث أن قوله : يوم نبطش البطشة الكبرى
يوم بدر والدخان قد مضى
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير بسند صحيح عن عكرمة قال : قال ابن عباس قال : ابن
مسعود البطشة الكبرى يوم بدر وأنا أقول : هي يوم القيامة
الآيات 17 - 28 أخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ولقد فتنا
قال : بلونا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في قوله : ولقد
فتنا قال : ابتلينا قبلهم قوم فرعون وجاءهم رسول كريم قال : هو موسى أن أدوا إلي
عباد الله قال : يعني أرسلوا بني إسرائيل وأن لا تعلوا على الله قال : لا تعثوا
إني آتيكم بسلطان مبين قال : بعذر مبين وإني عذت بربي وربكم أن ترجمون قال :
بالحجارة وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون أي خلوا سبيلي
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله :
أن أدوا إلي عباد الله قال : يقول اتبعوني إلى ما أدعوكم إليه من الحق وفي قوله
وأن لا تعلوا قال : لا تفتروا وفي قوله أن ترجمون قال : تشتمون
(7/409)
وأخرج
ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن عبد الحكم في فتوح مصر عن ابن عباس رضي
الله عنهما في قوله : رهوا قال : سمتا
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما واترك البحر رهوا
قال : كهيئته وامضه
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن عبد الله بن الحارث الهاشمي أن ابن عباس سأل كعبا
عن قوله واترك البحر رهوا قال : طريقا
وأخرج ابن الأنباري في كتاب الأضداد عن الحسن رضي الله عنه في قوله واترك البحر
رهوا قال : طريقا يبسا
وأخرج ابن الأنباري عن قتادة رضي الله عنه في قوله : واترك البحر رهوا قال : ساكنا
وأخرج ابن جرير عن الربيع واترك البحر رهوا قال : سهلا
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما واترك البحر رهوا قال : الرهو أن يترك
كما كان فإنهم لن يخلصوا من ورائه
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس واترك البحر رهوا قال : دمثا
وأخرج ابن جرير عن عكرمة رضي الله عنه واترك البحر رهوا قال : جددا
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله
عنه في قوله : واترك البحر رهوا قال : طريقا يابسا كهيئته يوم ضربه يقول : لا
تأمره أن يرجع بل اتركه حتى يدخل آخرهم
وأخرج ابن عبد الحكم عن الحسن رضي الله عنه رهوا قال : سهلا دمثا
وأخرج محمد بن كعب القرظي رهوا قال : طريقا مفتوحا
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه في قوله : رهوا قال : طريقا منفرجا
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : لما قطع
موسى البحر عطف ليضرب البحر بعصاه ليلتئم : وخاف أن يتبعه فرعون وجنوده فقيل له
واترك البحر رهوا يقول : كما هو طريقا يابسا إنهم جند مغرقون
(7/410)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله : ومقام كريم قال : المنابر
وأخرج ابن مردويه عن جابر مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة في قوله : ومقام كريم قال :
مقام حسن ونعمة كانوا فيها فاكهين قال : ناعمين أخرجه الله من جناته وعيونه وزروعه
حتى أورطه في البحر كذلك وأورثناها قوما آخرين يعني بني إسرائيل والله أعلم
الآيات 29 - 31 أخرج الترمذي وابن أبي الدنيا في ذكر الموت وأبو يعلى وابن أبي
حاتم وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والخطيب عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " ما من عبد إلا وله في السماء بابان باب يصعد
منه عمله وباب ينزل عليه منه رزقه فإذا مات فقداه وبكيا عليه وتلا هذه الآية فما
بكت عليهم السماء والأرض " وذكر أنهم لم يكونوا يعملون على وجه الأرض عملا
صالحا يبكي عليهم ولم يصعد لهم إلى السماء من كلامهم ولا من عملهم كلام طيب ولا
عمل صالح فتفقدهم فتبكي عليهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس رضي
الله عنهما أنه سئل عن قوله : فما بكت عليهم السماء والأرض هل تبكي السماء والأرض
على أحد ؟ قال : نعم إنه ليس أحد من الخلائق إلا له باب في السماء منه ينزل رزقه
وفيه يصعد عمله فإذا مات المؤمن فأغلق بابه من السماء فقده فبكى عليه وإذا فقده
مصلاه من الأرض التي كان يصلي فيها ويذكر الله فيها بكت عليه وإن قوم فرعون لم يكن
لهم في الأرض آثار صالحة ولم يكن يصعد إلى الله منهم خير فلم تبك عليهم السماء
والأرض
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة فما بكت عليهم السماء
(7/411)
والأرض
قال : هم كانوا أهون على الله من ذلك
قال : وكنا نحدث أن المؤمن تبكي عليه بقاعه التي كان يصلي فيها من الأرض ومصعد
عمله من السماء
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد رضي الله عنه فما بكت عليهم
السماء والأرض قال : ما مات مؤمن إلا بكت عليه السماء والأرض صياحا
قال : فقيل له تبكي ما تعجب ! وما للأرض لا تبكي على عبد كان يعمرها بالركوع
والسجود ؟ ! وما للسماء لا تبكي على عبد كان لتسبيحه وتكبيره دوي كدوي النحل ؟ !
وأخرج عبد بن حميد عن مجاهد رضي الله عنه قال : إن العالم إذا مات بكت عليه السماء
والأرض أربعين صباحا
وأخرج عبد بن حميد عن معاوية بن قرة رضي الله عنه قال : إن البقعة التي يصلي عليها
المؤمن تبكي عليه إذا مات وبحذائها من السماء ثم قرأ فما بكت عليهم السماء والأرض
وأخرج عبد بن حميد عن وهب رضي الله عنه قال : إن الأرض لتحزن على العبد الصالح
أربعين صباحا
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه فما بكت عليهم السماء والأرض قال
: لم تبك عليهم السماء لأنهم لم يكونوا يرفع لهم فيها عمل صالح ولم تبك عليهم
الأرض لأنهم لم يكونوا يعملون فيها بعمل صالح
وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن مجاهد رضي الله عنه قال : كان يقال :
الأرض تبكي على المؤمن أربعين صباحا
وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : يقال الأرض تبكي على المؤمن
أربعين صباحا
وأخرج ابن المبارك وأبو الشيخ عن ثور بن يزيد عن مولى لهذيل قال : ما من عبد يضع
جبهته في بقعة من الأرض ساجدا لله عز و جل إلا شهدت له بها يوم القيامة وبكت عليه
يوم يموت
وأخرج ابن أبي الدنيا وابن جرير عن شريح بن عبيد الحضرمي مرسلا رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن الإسلام بدا غريبا وسيعود غريبا
ألا لا غربة على مؤمن ما مات مؤمن في غربة غابت عنه فيها بواكيه إلا بكت عليه
السماء
(7/412)
والأرض
" ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه و سلم فما بكت عليهم السماء والأرض ثم قال
: إنهما لا يبكيان على كافر
وأخرج ابن أبي حاتم عن عباد بن عبد الله رضي الله عنه قال : سأل رجل عليا هل تبكي
السماء والأرض على أحد ؟ فقال : إنه ليس من عبد إلا له مصلى في الأرض ومصعد عمله
في السماء وإن آل فرعون لم يكن لهم عمل صالح في الأرض ولا مصعد في السماء
وأخرج ابن المبارك وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا وابن المنذر من طريق المسيب بن
رافع عن علي رضي الله عنه قال : إن المؤمن إذا مات بكى عليه مصلاه من الأرض ومصعد
عمله من السماء ثم تلا فما بكت عليهم السماء والأرض
وأخرج ابن أبي شيبة والبيهقي عن مجاهد رضي الله عنه قال : ما من ميت يموت إلا تبكي
عليه الأرض أربعين صباحا
وأخرج ابن المبارك وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه والبيهقي في الشعب
عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : إن الأرض لتبكي على المؤمن أربعين صباحا
ثم قرأ فما بكت عليهم السماء والأرض
وأخرج ابن المبارك وابن أبي الدنيا عن عطاء الخراساني - رضي الله عنه - قال : ما
من عبد يسجد لله سجدة في بقعة من بقاع الأرض إلا شهدت له يوم القيامة وبكت عليه
يوم يموت
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبيد المكتب عن إبراهيم - رضي الله عنه - قال : ما بكت
السماء منذ كانت الدنيا إلا على اثنين
قيل لعبيد : أليس السماء والأرض تبكي على المؤمن ؟ قال : ذاك مقامه وحيث يصعد عمله
قال : وتدري ما بكاء السماء ؟ قال : لا
قال : تحمر وتصير وردة كالدهان إن يحيى بن ذكريا لما قتل احمرت السماء وقطرت دما
وإن حسين بن علي يوم قتل احمرت السماء
وأخرج ابن أبي حاتم عن زيد بن زياد - رضي الله عنه - قال : لما قتل الحسين احمرت
آفاق السماء أربعة أشهر
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن عطاء - رضي الله عنه - قال : بكاء السماء حمرة
أطرافها
(7/413)
وأخرج
ابن أبي الدنيا عن الحسن - رضي الله عنه - قال : بكاء السماء حمرتها
وأخرج ابن أبي الدنيا عن سفيان الثوري - رضي الله عنه - قال : كان يقال : هذه
الحمرة التي تكون في السماء بكاء السماء على المؤمن
الآيات 32 - 36 أخرج الفريابي وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد - رضي الله عنه - في
قوله : ولقد اخترناهم على علم على العالمين قال : فضلناهم على من بين أظهرهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه في الآية قال :
اخترناهم على خير علمه الله فيهم على العالمين
قال : العالم الذي كانوا فيه ولكل زمان عالم وآتيناهم من الآيات ما فيه بلاء مبين
قال : أنجاهم من عدوهم وأقطعهم البحر وظلل عليهم الغمام وأنزل عليهم المن والسلوى
إن هؤلاء ليقولون إن هي إلا موتتنا الأولى قال : قد قال مشركو العرب وما نحن
بمنشرين قال : بمبعوثين
الآيات 37 - 42
(7/414)
أخرج
الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم :
" لا تسبوا تبعا فإنه قد أسلم "
وأخرج أحمد والطبراني وابن أبي حاتم وابن مردويه عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله
عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " لا تسبوا تبعا فإنه كان قد
أسلم "
وأخرج ابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا يشتبهن عليكم أمر تبع فإنه
كان مسلما
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا تقولوا لتبع إلا خيرا فإنه
قد حج البيت وآمن بما جاء به عيسى بن مريم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن كعب رضي الله عنه قال : لا تقولوا لتبع إلا خيرا
فإنه قد حج البيت وآمن بما جاء به عيسى بن مريم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن كعب رضي الله عنه قال : إن تبعا نعت الرجل الصالح
ذم الله قومه ولم يذمه
قال : وكانت عائشة رضي الله عنها تقول : لا تسبوا تبعا فإنه كان رجلا صالحا
وأخرج الحاكم وصححه عن عائشة رضي الله عنها قالت : كان تبع رجلا صالحا ألا ترى أن
الله ذم قومه ولم يذمه ! وأخرج ابن عساكر عن عطاء بن أبي رباح رضي الله عنه قال :
لا تسبوا تبعا فإن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن سبه
وأخرج ابن المنذر وابن عساكر عن وهب بن منبه قال : نهى رسول الله صلى الله عليه و
سلم عن سب أسعد وهو تبع
قيل : وما كان أسعد ؟ قال : كان على دين إبراهييم وكان إبراهيم يصلي كل يوم صلاة
ولم تكن شريعة
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : "
لا تسبوا أسعد الحميري وقال : هو أول من كسا الكعبة "
وأخرج ابن المنذر وابن عساكر عن سعيد بن جبير قال : إن تبعا كسا البيت
وأخرج ابن عساكر عن سعيد بن عبد العزيز قال : كان تبع إذا عرض الخيل قاموا صفا من
دمشق إلى صنعاء اليمن
وأخرج ابن المنذر وابن عساكر عن ابن عباس قال : سألت كعبا عن تبع فإني أسمع الله
يذكر في القرآن قوم تبع ولا يذكر تبعا ؟ فقال : إن تبعا كان رجلا من أهل اليمن
ملكا منصورا فسار بالجيوش حتى انتهى إلى سمرقند رجع فأخذ طريق
(7/415)
الشام
فأسر بها أحبارا فانطلق بهم نحو اليمن - حتى إذا دنا من ملكه طار في الناس أنه
هادم الكعبة فقال له الأحبار : ما هذا الذي تحدث به نفسك فإن هذا البيت لله وإنك
لن تسلط عليه فقال : إن هذا لله وأنا أحق من حرمه فأسلم من مكانه وأحرم فدخلها
محرما فقضى نسكه ثم انصرف نحو اليمن راجعا حتى قدم على قومه فدخل عليه أشرافهم
فقالوا : يا تبع أنت سيدنا وابن سيدنا خرجت من عندنا على دين وجئت على غيره فاختر
منا أحد أمرين أما أن تخلينا وملكنا وتعبد ما شئت وإما أن تذر دينك الذي أحدثت -
وبينهم يومئذ نار تنزل من السماء - فقال الأحبار عند ذلك : اجعل بينك وبينهم النار
فتواعد القوم عند ذلك جميعا على أن يجعلوا بينهم النار فجيء بالأحبار وكتبهم وجيء
بالأصنام وعمارها وقدموا جميعا إلى النار وقامت الرجال خلفهم بالسيوف فهدرت النار
هدير الرعد ورمت شعاعا لها فنكص أصحاب الأصنام وأقبلت النار فأحرقت الأصنام
وعمالها وسلم الآخرون فأسلم قوم واستسلم قوم فلبثوا بعد ذلك عمر تبع حتى إذا نزل
بتبع الموت استخلف أخاه وهلك فقتلوا أخاه وكفروا صفقة واحدة
وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن أبي بن كعب قال : لما قدم تبع المدينة ونزل بفناه بعث
إلى أحبار يهود فقال : إني مخرب هذا البلد حتى لا تقوم به يهودية ويرجع الأمر إلى
دين العرب
فقال له شابور اليهودي : - وهو يومئذ أعلمهم - أيها الملك إن هذا بلد يكون إليه
مهاجر نبي من بني إسماعيل مولده بمكة اسمه أحمد وهذه دار هجرته إن منزلك هذا الذي
نزلت به يكون من القتال والجراح أمر كثير في أصحابه وفي عدوهم
قال تبع : ومن يقاتله يومئذ وهو نبي كما تزعم ؟ قال : يسير إليه قومه فيقتتلون
ههنا
قال : فأين قبره ؟ قال : بهذا البلد
قال : فإذا قوتل لمن تكون الدبرة ؟ قال : تكون عليه مرة وله مرة وبهذا المكان الذي
أنت به يكون عليه ويقتل به أصحابه مقتلة عظيمة لم تقتل في موطن ثم تكون العاقبة له
ويظهر فلا ينازعه هذا الأمر أحد
قال : وما صفته ؟ قال : رجل ليس بالقصير ولا بالطويل في عينيه حمرة يركب البعير
ويلبس الشملة سيفه على عاتقه ولا يبالي من لاقى حتى يظهر أمره
فقال تبع : ما إلى هذا البلد من سبيل وما كان ليكون خرابها على يدي فرجع تبع
منصرفا إلى اليمن
وأخرج ابن عساكر عن عباد بن زياد المري عمن أدرك ؟ قال : أقبل تبع يفتتح
(7/416)
المدائن
ويعمل العرب حتى نزل المدينة وأهلها يومئذ يهود فظهر على أهلها وجمع أحبار اليهود
فأخبروه أنه سيخرج نبي بمكة يكون قراره بهذا البلد اسمه أحمد وأخبروه أنه لا يدركه
فقال تبع للأوس والخزرج : أقيموا بهذا البلد فإن خرج فيكم فآزروه وصدقوه وإن لم
يخرج فأوصوا بذلك أولادكم وقال في شعره : حدثت أن رسول المليك يخرج حقا بأرض الحرم
ولو مد دهري إلى دهره لكنت وزيرا له وابن عم وأخرج أبو نعيم في الدلائل عن عبد
الله بن سلام قال : لم يمت تبع حتى صدق بالنبي صلى الله عليه و سلم لما كان يهود
يثرب يخبرونه
وأخرج ابن عساكر عن ابن إسحق قال : أري تبع في منامه أن يكسو البيت فكساه الخصف ثم
أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه العافر ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه الوصائل
وصائل اليمن فكان تبع فيما ذكر لي أول من كساه وأوصى بها ولاته من جرهم وأمر
بتطهيره وجعل له بابا ومفتاحا
وأخرج عبد بن حميد ابن جرير عن قتادة إن يوم الفصل ميقاتهم أجمعين قال يوم يفصل
بين الناس بأعمالهم يوفي فيه للأولين والآخرين يوم لا يغنى مولى عن مولى شيئا قال
: انقطعت الأسباب يومئذ وذهبت الآصار وصار الناس إلى أعمالهم فمن أصاب يومئذ خيرا
سعد به ومن أصاب يومئذ شرا شقي به
وأخرج ابن المبارك عن الضحاك في قوله يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا قال : ولي عن
ولي
الآيات 43 - 59
(7/417)
أخرج
سعيد بن منصور عن أبي مالك قال : إن أبا جهل كان يأتي بالتمر والزبد فيقول تزقموا
بهذا الزقوم الذي يعدكم به محمد فنزلت إن شجرة الزقوم طعام الأثيم
وأخرج ابن أبي حاتم والخطيب في تاريخه عن سعيد بن جبير في الآية قال : الأثيم أبو
جهل
وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن الأنباري وابن المنذر عن عون بن عبد الله أن ابن
مسعود أقرأ رجلا إن شجرة الزقوم طعام الأثيم فقال الرجل : طعام اليتيم فرددها عليه
فلم يستقم بها لسانه فقال : أتستطيع أن تقول : طعام الفاجر ؟ قال : نعم
قال : فافعل
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والحاكم وصححه عن همام بن
الحارث قال : كان أبو الدرداء يقرىء رجلا إن شجرة الزقوم طعام الأثيم فجعل الرجل
يقول : طعام اليتيم
فلما رأى أبو الدرداء أنه لا يفهم قال : إن شجرة الزقوم طعام الفاجر
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله خذوه فاعتلوه
قال : ادفعوه
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله ذق إنك أنت العزيز الكريم يقول : لست
بعزيز ولا كريم
وأخرج الأموي في مغازيه عن عكرمة قال : لقي رسول الله صلى الله عليه و سلم أبا جهل
فقال : إن الله أمرني أن أقول لك أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى سورة القيامة 34
- 35 قال : فنزع يده من يده وقال : ما تستطيع لي أنت ولا صاحبك من شيء لقد علمت
أني أمنع
(7/418)
أهل
بطحاء وأنا العزيز الكريم فقتله الله يوم بدر وأذله وعيره بكلمته ذق إنك أنت
العزيز الكريم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة قال : قال أبو جهل : أيوعدني محمد وأنا أعز
من مشى بين جبليها فنزلت ذق إنك أنت العزيز الكريم
وأخرج ابن المنذر عن ؟ قال : أخبرت أن أبا جهل قال : يا معشر قريش أخبروني ما اسمي
؟ فذكرت له ثلاثة أسماء عمرو والجلاس وأبو الحكم قال : ما أصبتم اسمي ألا أخبركم ؟
قالوا : بلى
قال : اسمي العزيز الكريم
فنزلت إن شجرة الزقوم الآيات
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة قال لما نزلت خذوه
فاعتلوه إلى سواء الجحيم قال أبو جهل : ما بين جبليها رجل أعز ولا أكرم مني فقال
الله ذق إنك أنت العزيز الكريم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله إن شجرة الزقوم طعام الأثيم قال : أبو جهل
وأخرج ابن مردويه عن أبي بن كعب أنه كان يقرىء رجلا فارسيا فكان إذا قرأ عليه إن
شجرة الزقوم طعام الأثيم قال : طعام اليتيم فمر به النبي صلى الله عليه و سلم فقال
: قل له طعام الظالم فقالها ففصح بها لسانه
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن وعمرو بن ميمون أنهما قرآ كالمهل تغلي في البطون
بالتاء
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد خذوه فاعتلوه فاقصفوه كما يقصف الحطب
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الضحاك خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم قال : خذوه
فادفعوه في وسط الجحيم
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير إلى سواء الجحيم قال : وسط الجحيم
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : ذق إنك أنت العزيز الكريم قال : هو يومئذ
ذليل ولكنه يستهزأ به كما كنت تعزز في الدنيا وتكرم بغير كرم الله وعزه
(7/419)
وأخرج
ابن المنذر عن ابن جريج في قوله : إن المتقين في مقام أمين قال : أمنوا الموت
والعذاب
وأخرج ابن أبي شيبة عن الضحاك في قوله في مقام أمين قال : أمنوا الموت أن يموتوا
وأمنوا الهرم أن يهرموا ولا يجوعوا ولا يعروا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله إن المتقين في مقام أمين قال أمين
من الشيطان والأوصاب والأحزان وفي قوله وزوجناهم بحور عين قال : بيض عين
قال : وفي قراءة ابن مسعود بعيس ؟ عين وفي قوله يدعون فيها بكل فاكهة آمنين قال :
أمنوا من الموت والأوصاب والشيطان
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله وزوجناهم
بحور عين قال : أنكحناهم حورا والحور التي يحار فيها الطرف باديا يرى مخ سوقهن من
وراء ثيابهن ويرى الناظر وجهه في كبد إحداهن كالمرآة من رقة الجلد وصفاء اللون
وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق سأله عن قوله حور عين قال الحوراء
البيضاء الممتعة
قال : وهل تعرف العرب ذلك قال : نعم أما سمعت الأعشى الشاعر وهو يقول : وحور
كأمثال الدمى ومناصف وماء وريحان وراح يصفق وأخرج البيهقي في البعث عن عطاء في
قوله بحور عين قال : سوداء الحدقة عظيمة العين
وأخرج هناد بن السري وعبد بن حميد عن الضحاك في قوله بحور عين قال الحور البيض
والعين العظام الأعين
وأخرج ابن أبي حاتم والطبراني عن أبي أمامة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " خلق الحور العين من الزعفران "
وأخرج ابن مردويه والخطيب عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " الحور العين خلقن من زعفران "
وأخرج ابن جرير عن ليث بن أبي سليم قال : بلغني أن الحور العين خلقن من الزعفران
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال : خلق الحور العين من الزعفران
(7/420)
وأخرج
ابن المبارك عن زيد بن أسلم قال : إن الله لم يخلق الحور العين من تراب إنما خلقهن
من مسك وكافور وزعفران
وأخرج ابن أبي الدنيا في صفة الجنة وابن أبي حاتم عن أنس قال : قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم : " لو أن حوراء بزقت في بحر لجي لعذب ذلك البحر من عذوبة
ريقها "
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عمرو قال : لشفر المرأة أطول من جناح النسر
وأخرج ابن أبي الدنيا عن ابن عباس قال : لو أن حوراء أخرجت كفها بين السماء والأرض
لافتتن الخلائق بحسنها ولو أخرجت نصيفها لكانت الشمس عند حسنه مثل الفتيلة في
الشمس لا ضوء لها ولو أخرجت وجهها لأضاء حسنها ما بين السماء والأرض
وأخرج ابن مردويه والديلمي عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" حور العين خلقهن من تسبيح الملائكة "
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه أنه قال : ليوجد ريح المرأة من الحور
العين من مسيرة خمسمائة سنة
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة رضي الله عنه في قوله وزوجناهم بحور عين قال : هي لغة
يمانية وذلك أن أهل اليمن يقولون : زوجنا فلانا بفلانة
وأخرج ابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه قال : في قراءة ابن مسعود " لا
يذقون فيها طعم الموت "
وأخرج ابن مردويه عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : "
يجاء بالموت يوم القيامة في صورة كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار فيعرفه هؤلاء
ويعرفه هؤلاء فيقول أهل النار : اللهم سلطه علينا ويقول أهل الجنة : اللهم إنك
قضيت أن لا نذوق فيها الموت إلا الموتة الأولى فيذبح بينهما فييأس أهل النار من
الموت ويأمن أهل الجنة من الموت "
وأخرج البزار والطبراني في الأوسط وابن مردويه والبيهقي في البعث بسند صحيح عن
جابر رضي الله عنه قال : " قيل يا رسول الله أينام أهل الجنة ؟ قال : لا
النوم أخو الموت وأهل الجنة لا يموتون ولا ينامون "
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله فإنما يسرناه بلسانك
يعني القرآن وفي قوله فارتقب إنهم مرتقبون فانتظر إنهم منتظرون
(7/421)
بسم
الله الرحمن الرحيم 45
سورة الجاثية
مكية وآياتها سبع وثلاثون
مقدمة سورة الجاثية أخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت بمكة
سورة حم الجاثية
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير رضي الله عنهما قال : أنزلت سورة الشريعة بمكة
الآيات 1 - 11
(7/422)
أخرج
ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله : وما أنزل الله من السماء من رزق
قال : المطر
وفي قوله وتصريف الرياح إذا شاء جعلها رحمة وإذا شاء جعلها عذابا
وفي قوله لكل أفاك أثيم قال : كذاب
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله لكل أفاك أثيم قال : المغيرة
بن مخزوم
الآيات 12 - 13 أخرج ابن المنذر من طريق عكرمة رضي الله عنه عن ابن عباس رضي الله
عنهما أنه لم يكن يفسر أربع آيات قوله وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا
منه والرقيم والغسلين
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة قال : لم يفسر ابن عباس رضي الله عنهما هذه الآية إلا
لندبة القارىء وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وعبد بن حميد وأبو الشيخ في العظمة من طريق عكرمة عن
ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وسخر لكم ما في السموات وما في الأرض جميعا منه
نور الشمس والقمر
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وسخر لكم ما في السموات وما في
الأرض جميعا منه قال : كل شيء هو من الله
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر والحاكمي وصححه والبيهقي في الأسماء
والصفات عن طاوس رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي
الله عنهما فسأله مم خلق الخلق ؟ قال : من الماء والنور والظلمة
(7/423)
والريح
والتراب
قال : فمم خلق هؤلاء ؟ قال : لا أدري
ثم أتى الرجل عبد الله بن الزبير رضي الله عنه فسأله فقال له مثل قول عبد الله بن
عمرو رضي الله عنه فأتى ابن عباس رضي الله عنهما فسأله : مم خلق الخلق ؟ قال : من
الماء والنور والظلمة والريح والتراب
قال : فمم خلق هؤلاء ؟ فقرأ ابن عباس رضي الله عنهما وسخر لكم ما في السموات وما
في الأرض جميعا منه فقال الرجل : ما كان ليأتي بهذا إلا رجل من أهل بيت النبي صلى
الله عليه و سلم
الآيات 14 - 15 أخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه قل للذين آمنوا يغفروا
الآية قال : ما زال النبي صلى الله عليه و سلم يأمر بالعفو ويحث عليه ويرغب فيه
حتى أمر أن يعفو عمن لا يرجو أيام الله وذكر أنها منسوخة نسختها الآية التي في
الأنفال فإما تثقفنهم في الحرب سورة الأنفال 57 الآية
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله قل للذين آمنوا
يغفروا الآية قال : كان نبي الله صلى الله عليه و سلم يعرض عن المشركين إذا أذوه
وكان يستهزئون به ويكذبونه فأمره الله أن يقاتل المشركين كافة فكان هذا من المنسوخ
وأخرج أبو داود في تاريخه وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله قل
للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله
قال : اللذين لا يدرون أنعم الله عليهم أم لم ينعم قال سفيان رضي الله عنه : بلغني
أنها نسختها آية القتال
وأخرج ابن جرير وابن الأنباري في المصاحف عن قتادة رضي الله عنه في قوله قل للذين
آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله قال : هي منسوخة بقول الله فإذا انسلخ
الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم
وأخرج ابن عساكر عن أبي مسلم الخولاني رضي الله عنه أنه قال لجارية له : لولا أن
الله تعالى يقول قل للذين آمنوا يغفروا للذين لا يرجون أيام الله
(7/424)
لأوجعتك
فقالت : والله إني لممن يرجو أيامه فما لك لا توجعني ؟ فقال : إن الله تعالى
يأمرني أن أغفر للذين لا يرجون أيامه فعمن يرجو أيامه أحرى انطلقي فأنت حرة
الآيات 16 - 22 أخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة رضي الله عنه في قوله ولقد
آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم قال : اللب
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله ثم جعلناك على شريعة قال : على طريقة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما ثم جعلناك على شريعة من الأمر يقول :
على هدى من الأمر وبينة
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ثم جعلناك على شريعة من الأمر قال : الشريعة
الفرائض والحدود والأمر والنهي
(7/425)
وأخرج
ابن المبارك وسعيد بن منصور وابن سعد وابن أبي شيبة وعبد الله بن أحمد في زوائد
الزهد والطبراني عن أبي الضحى رضي الله عنه قال : قرأ تميم الداري رضي الله عنه
سورة الجاثية فلما أتى على هذه الآية أم حسب الذين اجترحوا السيئات الآية فلم يزل
يكررها ويبكي حتى أصبح وهو عند المقام
وأخرج ابن أبي شيبة عن بشير مولى الربيع بن خيثم رضي الله عنه قال : قام تميم
الداري يصلي فمر بهذه الآية أم حسب الذين اجترحوا السيئات فلم يزل يرددها حتى أصبح
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه في قوله سواء محياهم ومماتهم قال : المؤمن
في الدنيا والآخرة مؤمن والكافر في الدنيا والآخرة كافر
آية 23 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم واللالكائي في السنة والبيهقي في
الأسماء والصفات عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية أفرأيت من اتخذ إلهه هواه
قال : ذاك الكافر اتخذ دينه بغير هدى من الله ولا برهان وأضله الله على علم يقول :
أضله الله في سابق علمه
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله أفرأيت من اتخذ إلهه هواه قال : لا
يهوى شيئا إلا ركبه لا يخاف الله عز و جل
وأخرج النسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال
: كان الرجل من العرب يعبد الحجر فإذا رأى أحسن منه أخذه وألقى الآخر فأنزل الله
أفرأيت من اتخذ إلهه هواه
الآيات 24 - 26
(7/426)
أخرج
ابن جرير وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان
أهل الجاهلية يقولون : إنما يهلكنا الليل والنهار فقال الله في كتابه وقالوا ما هي
إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر وقال الله : " يؤذيني ابن
آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار "
وأخرج أبو عبيد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قرأ
وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا
وأخرج أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن جرير وابن مردويه عن أبي هريرة
رضي الله عنه : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : قال الله عز و جل :
يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وما
يهلكنا إلا الدهر قال : الزمان
وأخرج ابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : قال الله تبارك وتعالى : " لا يقل ابن آدم
يسب الدهر بأخيبة الدهر فإني أنا الدهر أرسل الليل والنهار فإذا شئت قبضتهما
"
وأخرج ابن جرير والحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : يقول الله تعالى : " استقرضت عبدي فلم يعطني وسبني عبدي يقول وادهراه
وأنا الدهر "
الآيات 27 - 37
(7/427)
أخرج
البيهقي في شعب الإيمان عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أنه مر على قوم وعليه
بردة حمراء حسناء فقال رجل من القوم إن أنا سلبته بردته فما لي عندكم ؟ فجعلوا له
شيئا فأتاه فقال : يا أبا عبد الرحمن ! بردتك هذه لي
فقال : إني اشتريتها أمس
قال : قد أعلمتك وأنت في حرج من لبسها
فخلعها ليدفعها إليه فضحك القوم
فقال : ما لكم ؟ فقالوا : هذا رجل بطال
فالتفت إليه فقال يا أخي : أما علمت أن الموت أمامك لا تدري متى يأتيك صباحا أو
مساء أو نهارا ثم القبر ومنكر ونكير وبعد ذلك القيامة يوم يخسر فيه المبطلون
فأبكاهم ومضى
وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه وترى كل أمة جاثية قال : متميزة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه وترى كل أمة جاثية
قال : تستفز على الركب
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه وترى كل أمة جاثية يقول : على الركب عند
الحساب
وأخرج سعيد بن منصور وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن أبي حاتم والبيهقي في
البعث عن عبد الله بن باباه رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم
: " كأني أراكم بالكوم دون جهنم جاثين " ثم قرأ سفيان وترى كل أمة جاثية
(7/428)
وأخرج
ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما في قوله وترى كل أمة جاثية كل أمة مع نبيها
حتى يجيء رسول الله صلى الله عليه و سلم على كوم قد علا الخلائق فذلك المقام
المحمود
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله كل أمة تدعى إلى كتابها قال يعلمون
أنه يدعى أمة قبل أمة وقوم قبل قوم ورجل قبل رجل ذكر لنا أن نبي الله صلى الله
عليه و سلم كان يقول يمثل لكل أمة يوم القيامة ما كانت تعبد من حجر أو وثن أو خشبة
أو دابة ثم يقال : من كان يعبد شيئا فليتبعه فيكون أول ذلك الأوثان قادة إلى النار
حتى تقذفهم فيها فيبقى أمة محمد صلى الله عليه و سلم وأهل الكتاب فيقال لليهود :
ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد الله وعزيزا إلا قليلا منهم ثم يقال لهم :
أما عزير فليس منكم ولستم منه فيؤخذ بهم ذات الشمال فينطلقون لا يستطيعون مكوثا
ثم يدعى بالنصارى فيقال لهم : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد الله والمسيح
بن مريم إلا قليلا منهم فيقال : أما المسيح فليس منكم ولستم منه فيؤخذ بهم ذات
الشمال فينطلقون ولا يستطيعون مكوثا
وتبقى أمة محمد صلى الله عليه و سلم فيقال : ما كنتم تعبدون ؟ فيقولون : كنا نعبد
الله وحده وإنما فارقنا في الدنيا مخافة يومنا هذا فيؤذن للمؤمنين في السجود فيسجد
المؤمنون ويمنع كل منافق فيقصم ظهر المنافق عن السجود ويجعل الله سجود المؤمنين
عليه توبيخا وصغارا وحسرة وندامة
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق
قال : هو أم الكتاب فيه أعمال بني آدم إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون قال : هم
الملائكة عليهم الصلاة والسلام يستنسخون أعمال بني آدم
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن هذه الآية
إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون فقال : إن أول ما خلق الله القلم ثم خلق النون وهي
الدواة ثم خلق الألواح فكتب الدنيا وما يكون فيها حتى تفنى من خلق مخلوق وعمل
معمول من بر أو فاجر وما كان من رزق حلال أو حرام وما كان من رطب ويابس ثم ألزم كل
شيء من ذلك شأنه دخوله في الدنيا حي وبقاؤه فيها كم وإلى كم تفنى ثم وكل بذلك
الكتاب الملائكة ووكل بالخلق ملائكة فتأتي ملائكة الخلق إلى ملائكة ذلك الكتاب
فيستنسخون ما يكون في كل يوم وليلة مقسوم على ما وكلوا به ثم يأتون إلى الناس فيحفظونهم
بأمر الله ويسوقونهم إلى ما في أيديهم
(7/429)
من
تلك النسخ فقام رجل يا ابن عباس
ألستم قوما عربا إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون هل يستنسخ الشيء إلا من كتاب ؟
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : إن الله خلق النون وهو الدواة
وخلق القلم فقال : اكتب
قال : ما أكتب ؟ قال : اكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة من عمل معمول بر أو فاجر
أو رزق مقسوم حلال أو حرام ثم ألزم كل شيء من ذلك شأنه : دخوله في الدنيا ومقامه
فيها كم وخروجه منها كيف ثم جعل على العباد حفظة وعلى الكتاب خزانا تحفظه ينسخون
كل يوم من الخزان عمل ذلك اليوم فإذا فني ذلك الرزق انقطع الأمر وانقضى الأجل أتت
الحفظة الخزنة يطلبون عمل ذلك اليوم فتقول لهم الخزنة : ما نجد لصاحبكم عندنا شيئا
فترجع الحفظة فيجدونهم قد ماتوا
قال ابن عباس رضي الله عنهما : ألستم قوما عربا تسمعون الحفظة يقولون إنا كنا نستنسخ
ما كنتم تعملون وهل يكون الاستنساخ إلا من أصل
وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : إن لله ملائكة يتولون في كل
يوم بشيء يكتبون فيه أعمال بني آدم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال
: " إن أول شيء خلق الله القلم فأخذه بيمينه وكلتا يديه يمين فكتب الدنيا وما
يكون فيها من عمل معمول بر أو فاجر رطب أو يابس فأحصاه عنده في الذكر وقال اقرؤوا
إن شئتم هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون فهل تكون
النسخة إلا من شيء قد فرغ منه ؟ "
وأخرج ابن مردويه بسند ضعيف عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و
سلم في قوله إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون قال : هي أعمال أهل الدنيا الحسنات
والسيئات تنزل من السماء كل غداة أو عشية ما يصيب الإنسان في ذلك اليوم أو الليلة
الذي يقتل والذي يغرق والذي يقع من فوق بيت والذي يتردى من فوق جبل والذي يقع في
بئر والذي يحرق بالنار فيحفظون عليه ذلك كله
فإذا كان العشي صعدوا به إلى السماء فيجدونه كما في السماء مكتوبا في الذكر الحكيم
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : تستنسخ
(7/430)
الحفظة
من أم الكتاب ما يعمل بنو آدم فإنما يعمل الإنسان على ما استنسخ الملك من أم
الكتاب
وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كتب في
الذكر عنده كل شيء هو كائن ثم بعث الحفظة على آدم عليه السلام وذريته فالحفظة
ينسخون من الذكر ما يعمل العباد ثم قرأ هذا كتابنا ينطق عليكم بالحق إنا كنا
نستنسخ ما كنتم تعملون
وأخرج الطبراني عن ابن عباس في قوله إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون قال : إن الله
وكل ملائكة ينسخون من ذلك العام في رمضان ليلة القدر ما يكون في الأرض من حدث إلى
مثلها من السنة المستقبلة فيعارضون به حفظة الله على العباد عشية كل خميس فيجدون
ما رفع الحفظة موافقا لما في كتابهم ذلك ليس فيه زيادة ولا نقصان
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
وقيل اليوم ننساكم كما نسيتم لقاء يومكم هذا قال : تركتم ذكري وطاعتني فكذا أترككم
كما نسيتم لقاء يومكم هذا قال : تركتم ذكري وطاعتي فكذا تركتم في النار
وأخرج ابن عساكر عن عمر بن ذر عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
" ما قعد قوم يذكرون الله إلا قعد معهم عددهم من الملائكة فإذا حمدوا الله
حمدوه وإن سبحوا الله سبحوه وإن كبروا الله كبروه وإن استغفروا الله أمنوا ثم
عرجوا إلى ربهم فيسألهم فقالوا : ربنا عبيد لك في الأرض ذكروك فذكرناك
قال : ماذا قالوا : قالوا : ربنا حمدوك فقال : أول من عبد وآخر من حمد
قالوا : وسبحوك
قال : مدحي لا ينبغي لأحد غيري قالوا : ربنا كبروك
قال : لي الكبرياء في السموات والأرض وأنا العزيز الحكيم
قالوا : ربنا استغفروك
قال : أشهدكم أني قد غفرت لهم
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة رضي الله عنه رفعه أن لله
ثلاثة أثواب : اتزر بالعزة وتسربل الرحمة وارتدى بالكبرياء فمن تعزز بغير ما أعز
الله فذلك الذي يقال له ذق إنك أنت العزيز الكريم سورة الدخان الآية 49 ومن رحم
رحمه
(7/431)
الله
ومن تكبر فقد نازع الله الذي ينبغي له فإنه تبارك وتعالى يقول : لا ينبغي لمن
نازعني أن أدخله الجنة
وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم وأبو داود وابن ماجة وابن مردويه والبيهقي في الأسماء
والصفات عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
" يقول الله عز و جل : الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني في واحد
منهما ألقيته في النار " والله أعلم
(7/432)
بسم
الله الرحمن الرحيم 46
سورة الأحقاف
مكية وآياتها خمس وثلاثون
مقدمة سورة الأحقاف أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : نزلت بمكة سورة حم الأحقاف
وأخرج ابن مردويه عن ابن الزبير مثله
الآيات 1 - 3 وأخرج أحمد بسند جيد عن ابن مسعود قال : أقرأني رسول الله صلى الله
عليه و سلم سورة من آل حم وهي الأحقاف قال : وكانت السورة إذا كانت أكثر من ثلاثين
آية سميت ثلاثين
وأخرج ابن الضريس والحاكم وصححه عن ابن مسعود قال : أقرأني رسول الله صلى الله
عليه و سلم سورة الأحقاف وأقرأها آخر فخالف قراءته فقلت : من أقرأكها ؟ قال : رسول
الله صلى الله عليه و سلم
فقلت : والله لقد أقرأني رسول الله صلى الله عليه و سلم غير ذا
فأتينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقلت يا رسول الله : ألم تقرئني كذا وكذا ؟
قال : بلى فقال الآخر : ألم تقرئني كذا وكذا قال : بلى
فتمعر تمعر وجهه : تغير وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ليقرأ كل واحد
منكما ما سمع فإنما هلك من كان قبلكم بالإختلاف
(7/433)
الآيات
4 - 8 أخرج أحمد وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق أبي
سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه و سلم أو أثارة من علم قال
: " الخط "
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد والحاكم وصححه وابن مردويه والخطيب من طريق أبي سلمة
عن ابن عباس أو أثارة من علم قال : هذا الخط
وأخرج سعيد بن منصور من طريق صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار قال : سئل رسول الله
صلى الله عليه و سلم عن الخط فقال : علمه نبي ومن كان وافقه علم
قال : صفوان : فحدثت به أبا سلمة بن عبد الرحمن فقال : سألت ابن عباس فقال : أو
أثارة من علم
وأخرج عبد بن حميد وابن مردويه عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و
سلم : " كان نبي من الأنبياء يخط فمن صادف مثل خطه علم "
وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه و سلم في قوله أو أثارة من
علم قال : حسن خط
وأخرج الطبراني في الأوسط والحاكم من طريق الشعبي عن ابن عباس أو أثارة من علم قال
: جودة الخط
(7/434)
وأخرج
ابن جرير من طريق أبي سلمة عن ابن عباس في قوله أو أثارة من علم قال : خط كان تخطه
العرب في الأرض
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة في قوله أو أثارة من علم قال : أو خاصة من
علم
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس أو أثارة من علم يقول : بينة من الأمر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله أو أثارة من علم قال :
أحد يأثر علما وفي قوله هو أعلم بما تفيضون فيه قال : تقولون
الآية 9 أخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قل ما
كنت بدعا من الرسل يقول لست بأول الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم فأنزل الله
بعد هذا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر الفتح الآية2 وقوله ليدخل
المؤمنين والمؤمنات جنات الفتح الآية3 الآية فأعلم الله سبحانه نبيه ما يفعل به
وبالمؤمنين جميعا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قل ما كنت بدعا من الرسل قال :
ما كنت بأولهم
وأخرج عبد بن حميد عن قتادة قل ما كنت بدعا من الرسل قال : يقول : قد كانت الرسل
قبله
وأخرج ابن المنذر عن عطية رضي الله عنه في قوله وما أدري ما يفعل بي ولا بكم قال :
هل يترك بمكة أو يخرج منها ؟
وأخرج أبو داود في ناسخه من طريق عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله وما
أدري ما يفعل بي ولا بكم قال : نسختها هذه الآية التي في الفتح
(7/435)
فخرج
إلى الناس فبشرهم بالذي غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر
فقال رجل من المؤمنين : هنيئا لك يا نبي الله قد علمنا الآن ما يفعل بك فماذا يفعل
بنا ؟ فأنزل الله في سورة الأحزاب وبشر المؤمنين بأن لهم من الله فضلا كبيرا
الأحزاب الآية47 وقال ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين
فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما الفتح الآية 5 فبين الله ما
به يفعل وبهم
وأخرج ابن جرير عن عكرمة والحسن مثله
وأخرج أحمد والبخاري والنسائي وابن مردويه عن أم العلاء رضي الله عنها وكانت بايعت
رسول الله صلى الله عليه و سلم أنها قالت : " لما مات عثمان بن مظعون رضي
الله عنه قلت : رحمة الله عليك أبا السائب شهادتي عليك لقد أكرمك الله
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : وما يدريك أن الله أكرمه ؟ أما هو فقد جاءه
اليقين من ربه وإني لأرجو له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي ولا
بكم
قالت أم العلاء : فو الله ما أزكي بعده أحدا "
وأخرج الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما مات عثمان بن
مظعون رضي الله عنه قالت : امرأته أو امرأة : هنيئا لك ابن مظعون الجنة
فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه و سلم نظر مغضب وقال : " وما يدريك والله
إني لرسول الله وما أدري ما يفعل الله بي "
قال : وذلك قبل أن ينزل ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر الفتح الآية 1 - 2
فقالت يا رسول الله صاحبك وفارسك وأنت أعلم فقال : " أرجو له رحمة ربه وأخاف
عليه ذنبه "
وأخرج ابن حبان والطبراني عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن عثمان بن مظعون رضي الله
عنه لما قبض قالت أم العلاء : طبت أبا السائب نفسا إنك في الجنة
فقال النبي صلى الله عليه و سلم : " وما يدريك ؟ " قالت : يا رسول الله
عثمان بن مظعون قال : " أجل ما رأينا إلا خيرا والله ما أدري ما يصنع بي
"
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال لما نزلت هذه الآية وما أدري ما يفعل
بي ولا بكم عمل رسول الله صلى الله عليه و سلم في الخوف زمانا فلما نزلت إنا فتحنا
لك فتحا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر الفتح الآية 1 - 2 اجتهد
(7/436)
فقيل
له : تجهد نفسك وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر
قال : أفلا أكون عبدا شكورا
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه وما أدري ما يفعل بي ولا بكم قال : ثم دري
نبي الله صلى الله عليه و سلم بعد ذلك ما يفعل به بقوله إنا فتحنا لك فتحا مبينا
ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر
وأخرج ابن جرير عن الحسن في قوله وما أدري ما يفعل بي ولا بكم قال : أما في الآخرة
فمعاذ الله قد علم أنه في الجنة حين أخذ ميثاقه في الرسل ولكن وما أدري ما يفعل بي
ولا بكم في الدنيا أخرج كما أخرجت الأنبياء من قبلي أم أقتل كما قتلت الأنبياء من
قبلي ولا بكم أمتي المكذبة أم أمتي المصدقة أم أمتي المرمية بالحجارة من السماء
قذفا أم يخسف بها خسفا ثم أوحي إليه وإذ قلنا لك أن ربك أحاط بالناس الإسراء الآية
60 يقول : أحطت لك بالعرب أن لا يقتلوك فعرف أنه لا يقتل ثم أنزل الله هو الذي
أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدا التوبة
الآية33 يقول : أشهد لك على نفسه أنه سيظهر دينك على الأديان ثم قال له في أمته
وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون الرعد الآية43
فأخبر الله ما صنع به وما يصنع بأمته
الآية 10 أخرج أبو يعلى وابن جرير والطبراني والحاكم وصححه بسند صحيح عن عوف بن
مالك الأشجعي رضي الله عنه قال : انطلق النبي صلى الله عليه و سلم وأنا معه حتى
دخلنا على كنيسة اليهود يوم عيدهم فكرهوا دخولنا عليهم فقال لهم رسول الله صلى
الله عليه و سلم : أروني اثني عشر رجلا منكم يشهدون أن لا إله إلا الله وأن محمدا
رسول الله يحبط الله عن كل يهودي تحت أديم السماء الغضب الذي عليه
فسكتوا فما أجابه منهم أحد ثم رد عليه فلم يجبه أحد فثلث فلم يجبه أحد فقال :
أبيتم فو الله لأنا الحاشر وأنا
(7/437)
العاقب
وأنا المقفي آمنتم أو كذبتم
ثم انصرف وأنا معه حتى كدنا أن نخرج فإذا رجل من خلفه فقال : كما أنت يا محمد
فأقبل فقال ذلك الرجل أي رجل تعلموني فيكم يا معشر اليهود ؟ فقالوا : والله ما
نعلم فينا رجلا أعلم بكتاب الله ولا أفقه منك ولا من أبيك ولا من جدك
قال : فإني أشهد بالله أنه النبي الذي تجدونه في التوراة والإنجيل
قالوا : كذبت ثم ردوا عليه وقالوا شرا
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : كذبتم لن يقبل منكم قولكم
فخرجنا ونحن ثلاث : رسول الله صلى الله عليه و سلم وأنا وابن سلام
فأنزل الله قل أرأيتم إن كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بني إسرائيل على
مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدي القوم الظالمين
وأخرج البخاري ومسلم والنسائي وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه عن سعد بن أبي
وقاص رضي الله عنه قال : ما سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول لأحد يمشي
على وجه الأرض إنه من أهل الجنة إلا لعبد الله بن سلام وفيه نزلت وشهد شاهد من بني
إسرائيل على مثله
وأخرج الترمذي وابن جرير وابن مردويه عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : نزلت
في آيات من كتاب الله نزلت في وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم
إن الله لا يهدي القوم الظالمين ونزل في قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده
علم الكتاب الأحقاف الآية 16
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما وشهد شاهد
من بني إسرائيل قال : عبد الله بن سلام
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد والضحاك مثله
وأخرج ابن عساكر عن زيد بن أسلم وقتادة مثله
وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن مجاهد وعطاء وعكرمة وشهد شاهد من بني إسرائيل قال :
عبد الله بن سلام
وأخرج الحسن بن مسلم رضي الله عنه نزلت هذه الآية بمكة وعبد الله بن سلام بالمدينة
وأخرج ابن سعد وابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه قال : نزلت حم وعبد الله بالمدينة
مسلم
(7/438)
وأخرج
عبد بن حميد وابن المنذر عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال : كانوا يرون أن هذه
الآية نزلت في عبد الله بن سلام وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله قال : والسورة
مكية والآية مدنية
قال : وكانت الآية تنزل فيؤمر النبي صلى الله عليه و سلم أن يضعها بين آيتي كذا
وكذا في سورة كذا يرون أن هذه منهن
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن عكرمة وشهد شاهد من بني إسرائيل على مثله قال :
ليس بعبد الله بن سلام هذه الآية مكية فيقول : من آمن من بني إسرائيل فهو كمن آمن
بالنبي صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه قال : ما نزل في عبد الله بن سلام رضي
الله عنه شيء من القرآن
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن مسروق رضي الله عنه في قوله وشهد شاهد من بني
إسرائيل على مثله قال : والله ما نزلت في عبد الله بن سلام ما نزلت إلا بمكة وإنما
كان إسلام ابن سلام بالمدينة وإنما كانت خصومة خاصم بها محمد صلى الله عليه و سلم
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد وابن جرير وابن عساكر عن الحسن رضي الله عنه قال : لما
أراد عبد الله بن سلام الإسلام دخل على رسول الله صلى الله عليه و سلم وقال : أشهد
أنك رسول الله أرسلك بالهدى ودين الحق وإن اليهود تجد ذلك عندهم في التوراة منعوتا
ثم قال له : أرسل إلى نفر من اليهود فسلهم عني وعن والدي فإنهم سيخبرونك وإني
سأخرج عليهم فأشهد أنك رسول الله لعلهم يسلمون
فأرسل رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى النفر فدعاهم وخبأهم في بيته فقال لهم ما
عبد الله بن سلام فيكم وما كان والده ؟ قالوا : سيدنا وابن سيدنا وعالمنا وابن
عالمنا
قال : أرأيتم إن أسلم أتسلمون ؟ قالوا : إنه لا يسلم
فخرج عليهم فقال : أشهد أنك رسول الله وإنهم ليعلمون منك مثل ما أعلم
فخرجوا من عنده وأنزل الله في ذلك قل أرأيتم إن كان من عند الله الآية
وأخرج ابن مردويه عن جندب قال : جاء عبد الله بن سلام حتى أخذ بعضادتي الباب ثم
قال : أنشدكم بالله أي قوم أتعلمون أني الذي أنزلت فيه وشهد شاهد من بني إسرائيل
على مثله الآية ؟ قالوا : اللهم نعم
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير قال : جاء ميمون بن يامين إلى النبي
(7/439)
صلى
الله عليه و سلم وكان رأس اليهود بالمدينة قد أسلم وقال : يا رسول الله ابعث إليهم
فاجعل بينك وبينهم حكما من أنفسهم فإنهم سيرضوني فبعث إليهم وأدخله الداخل فأتوه
فخاطبوه مليا فقال لهم : اختاروا رجلا من أنفسكم يكون حكما بيني وبينكم قالوا :
فإنا قد رضينا بميمون بن يامين فأخرجه إليهم فقال لهم ميمون أشهد أنه رسول الله
وأنه على الحق فأبوا أن يصدقوه فأنزل الله فيه قل أرأيتم إن كان من عند الله الآية
وأخرج سعيد بن منصور وابن جرير وابن المنذر عن مسروق رضي الله عنه في قوله وشهد
شاهد من بني إسرائيل على مثله قال : موسى مثل محمد والتوراة مثل القرآن فآمن هذا
بكتابه ونبيه وكفرتم أنتم يا أهل مكة
الآيات 11 - 14 أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : قال ناس
من المشركين : نحن أعز ونحن ونحن فلو كان خيرا ما سبقنا إليه فلان وفلان فنزل وقال
الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا ما سبقونا إليه
وأخرج ابن المنذر عن عون بن أبي شداد قال : كانت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه أمة
أسلمت قبله يقال لها زنيرة فكان عمر رضي الله عنه يضربها على إسلامها وكان كفار
قريش يقولون : لو كان خيرا ما سبقتنا إليه زنيرة فأنزل الله في شأنها وقال الذين
كفروا للذين آمنوا لو كان خيرا الآية
وأخرج الطبراني عن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : "
بنو غفار وأسلم كانوا الكثير من الناس فتنة يقولون لو كان خيرا ما جعلهم الله أول
الناس فيه يقولون لو كان خيرا ماجعلهم الله أول الناس فيه "
(7/440)
الآيات
15 - 16 أخرج ابن عساكر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس رضي الله عنهما
قال : نزلت في أبي بكر الصديق رضي الله عنه ووصينا الإنسان بوالديه إحسانا إلى
قوله : وعد الصدق الذي كانوا يوعدون
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله حملته أمه كرها قال :
مشقة عليها
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن أنه قال : " وحمله وفصله " بغير ألف
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن بعجة بن عبد الله الجهني قال : تزوج رجل منا
امرأة من جهينة فولدت له تماما لستة أشهر فانطلق زوجها إلى عثمان بن عفان فأمر
برجمها فبلغ ذلك عليا رضي الله عنه فأتاه فقال : ما تصنع ؟ قال : ولدت تماما لستة
أشهر وهل يكون ذلك ؟ قال علي رضي الله عنه : أما سمعت الله تعالى يقول وحمله
وفصاله ثلاثون شهرا وقال : حولين كاملين البقرة الآية233 فكم تجده بقي إلا ستة
أشهر ؟ فقال عثمان رضي الله عنه : والله ما فطنت لهذا علي بالمرأة فوجدوها قد فرغ
منها
وكان من قولها لأختها : يا أخيه لا تحزني فو الله ما كشف فرجي أحد قط غيره
قال : فشب الغلام بعد فاعترف الرجل به وكان أشبه الناس به
قال : فرأيت الرجل بعد يتساقط عضوا عضوا على فراشه
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر من طريق قتادة عن أبي حرب ابن أبي
الأسود الدؤلي قال : رفع إلى عمر رضي الله عنه امرأة ولدت لستة أشهر
(7/441)
فسأل
عنها أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم قال علي رضي الله عنه : لا رجم عليها ألا
ترى أنه يقول وحمله وفصاله ثلاثون شهرا وقال : وفصاله في عامين لقمان 14 وكان
الحمل ههنا ستة أشهر
فتركها عمر رضي الله عنه
قال : ثم بلغنا أنها ولدت آخر لستة أشهر
وأخرج عبد الرزاق وابن المنذر عن نافع بن جبير أن ابن عباس أخبره قال : إني لصاحب
المرأة التي أتي بها عمر وضعت لستة أشهر فأنكر الناس ذلك فقلت لعمر : لا تظلم
قال : كيف ؟ قلت : اقرأ وحمله وفصاله ثلاثون شهرا والوالدات يرضعن أولادهن حولين
كاملين البقرة الآية 233 كم الحول ؟ قال : سنة
قلت : كم السنة ؟ قال : اثنا عشر شهرا
قلت : فأربعة وعشرين شهرا حولان كاملان ويؤخر الله من الحمل ما شاء ويقدم
قال : فاستراح عمر رضي الله عنه إلى قولي
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن أبي عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف قال : رفعت
امرأة إلى عثمان رضي الله عنه ولدت لستة أشهر فقال عثمان : إنها قد رفعت إلي امرأة
ما أراها إلا جاءت بشر فقال ابن عباس : إذا كملت الرضاعة كان الحمل ستة أشهر ؟
وقرأ وحمله وفصاله ثلاثون شهرا
فدرأ عثمان عنها
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه
كان يقول : إذا ولدت المرأة لتسعة أشهر كفاها من الرضاع أحد وعشرون شهرا وإذا ولدت
لسبعة أشهر كفاها من الرضاع ثلاثة وعشرون شهرا وإذا وضعت لستة أشهر فحولين كاملين
لأن الله تعالى يقول وحمله وفصاله ثلاثون شهرا
وأخرج ابن أبي حاتم عن القاسم بن عبد الرحمن قال : قلت لمسروق رضي الله عنه : متى
يؤخذ الرجل بذنوبه ؟ قال : إذا بلغت الأربعين فخذ حذرك
وأخرج ابن الجوزي في كتاب الحدائق بسند ضعيف عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال
: جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : " إن الله أمر
الحافظين فقال لهما رفقا بعبدي في حداثته فإذا بلغ الأربعين فاحفظا وحققا "
وأخرج أبو الفتح الأزدي من طريق جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رضي الله عنهما
مرفوعا " من أتى عليه الأربعون سنة فلم يغلب خيره شره فليتجهز إلى النار
"
(7/442)
وأخرج
ابن أبي حاتم عن مالك بن مغول قال شكا أبو معشر ابنه إلى طلحة بن مصرف فقال طلحة
رضي الله عنه : استعن عليه بهذه الآية رب أوزعني أن أشكر نعمتك الآية
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت هذه الآية في أبي بكر
الصديق رضي الله عنه حتى إذا بلغ أشده وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني الآية
فاستجاب الله له فأسلم والداه جميعا وإخوانه وولده كلهم ونزلت فيه أيضا فأما من
أعطى واتقى الآية الليل الآية 5 إلى آخر السورة
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه وأصلح لي في ذريتي قال : اجعلهم لي صالحين
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس رضي الله عنهما عن رسول الله
صلى الله عليه و سلم عن الروح الأمين قال : " يؤتى بحسنات العبد وسيئاته
فيقتص بعضها من بعض فإن بقيت له حسنة وسع الله له بها إلى الجنة " قال :
فدخلت على يزدان فحدثت مثل هذا الحديث قلت : فإن ذهبت الحسنة
قال أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا الآية
وأخرج ابن جرير عن مجاهد قال دعا أبو بكر عمر رضي الله عنهما فقال له : إني موصيك
بوصية أن تحفظها إن لله في الليل حقا لا يقبله بالنهار وحقا بالنهار لا يقبله
بالليل إنه ليس لأحد نافلة حتى يؤدي الفريضة إنه إنما ثقلت موازين من ثقلت موازينه
يوم القيامة باتباعهم الحق في الدنيا وثقل ذلك عليهم وحق لميزان لا يوضع فيه إلا
الحق أن يثقل وخفت موازين من خفت موازينه يوم القيامة لاتباعهم الباطل في الدنيا
وخفته عليهم وحق لميزان لا يوضع فيه إلا الباطل أن يخف
ألم تر أن الله ذكر أهل الجنة بأحسن أعمالهم فيقول : أين يبلغ عملك من عمل هؤلاء
وذكر أهل النار بأسوأ أعمالهم حتى يقول القائل أنا خير من عمل هؤلاء وذلك بأن الله
تعالى رد عليهم أحسن أعمالهم ألم تر أن الله أنزل آية الشدة عند آية الرخاء وآية
الرخاء عند آية الشدة ليكون المؤمن راغبا راهبا لئلا يلقى بيده إلى التهلكة ولا
يتمنى على الله أمنية يتمنى على الله فيها غير الحق
(7/443)
الآيات
17 - 19 أخرج البخاري عن يوسف بن ماهك قال : كان مروان على الحجاز استعمله معاوية
بن أبي سفيان فخطب فجعل يذكر يزيد بن معاوية لكي يبايع له بعد أبيه فقال عبد
الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه شيئا فقال : خذوه
فدخل بيت عائشة رضي الله عنها فلم يقدروا عليه فقال مروان : إن هذا أنزل فيه والذي
قال لوالديه أف لكما فقالت عائشة رضي الله عنها من وراء الحجاب : ما أنزل الله
فينا شيئا من القرآن إلا أن الله أنزل عذري
وأخرج عبد بن حميد والنسائي وابن المنذر والحاكم وصححه وابن مردويه عن محمد بن
زياد قال : لما بايع معاوية لابنه قال مروان : سنة أبي بكر وعمر فقال عبد الرحمن :
سنة هرقل وقيصر
فقال مروان : هذا الذي أنزل الله فيه والذي قال لوالديه أف لكما الآية فبلغ ذلك
عائشة رضي الله عنها فقالت : كذب مروان كذب مروان والله ما هو به ولو شئت أن أسمي
الذي أنزلت فيه لسميته ولكن رسول الله صلى الله عليه و سلم لعن أبا مروان في صلبه
فمروان فضفض فضفض : سعة من لعنة الله
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن عبد الله قال : إني لفي المسجد حين خطب مروان
فقال : إن الله قد أرى أمير المؤمنين في يزيد رأيا حسنا وإن يستخلفه فقد استخلف
أبو بكر وعمر
فقال عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه : أهرقلية ؟ إن أبا بكر رضي الله عنه
والله ما جعلها في أحد من ولده ولا أحد من أهل بيته ولا جعلها معاوية إلا رحمة وكرامة
لولده فقال مروان : ألست الذي قال لوالديه أف لكما ؟ فقال عبد الرحمن : ألست ابن
اللعين الذي لعن أباك رسول الله صلى الله عليه و سلم ؟ قال : وسمعتها
(7/444)
عائشة
فقالت : يا مروان أنت القائل لعبد الرحمن كذا وكذا ؟ كذبت والله ما فيه نزلت نزلت
في فلان بن فلان
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما في الذي قال لوالديه أف لكما الآية قال
: هذا ابن لأبي بكر
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : نزلت هذه الآية والذي قال لوالديه أف لكما في
عبد الرحمن بن أبي بكر قال لوالديه وكانا قد أسلما وأبى هو أن يسلم فكانا يأمرانه
بالإسلام ويرد عليهما ويكذبهما فيقول فأين فلان ؟ وأين فلان ؟ يعني مشايخ قريش ممن
قد مات
ثم أسلم بعد فحسن إسلامه فنزلت توبته في هذه الآية ولكل درجات مما عملوا
وأخرج عبد الرزاق وابن مردويه من طريق ميناء أنه سمع عائشة رضي الله عنها تنكر أن
تكون الآية نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنه وقالت : إنما نزلت في فلان
بن فلان سمت رجلا
وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه أتعدانني أن أخرج
قال : يعني البعث بعد الموت
الآية 20 أخرج ابن مردويه عن حفص بن أبي العاصي قال : كنا نتغدى مع عمر رضي الله
عنه فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : قال الله في كتابه ويوم
يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم الآية
وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر والحاكم والبيهقي في شعب الإيمان عن
ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه رأى في يد جابر بن عبد الله درهما
فقال : ما هذا الدرهم ؟ قال : أريد أن أشتري به لحما لأهلي قرموا قرموا إليه :
اشتهوه إليه
(7/445)
فقال
: أفكلما اشتهيتم شيئا اشتريتموه أين تذهب عنكم هذه الآية أذهبتم طيباتكم في
حياتكم الدنيا واستمتعتم بها
وأخرج أحمد في الزهد عن الأعمش قال : مر جابر بن عبد الله وهو متعلق لحما على عمر
رضي الله عنه فقال ما هذا يا جابر ؟ قال : هذا لحم اشتهيته اشتريته
قال : وكلما اشتهيت شيئا اشتريته ؟ أما تخشى أن تكون من أهل هذه الآية أذهبتم
طيباتكم في حياتكم الدنيا
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن سالم بن عبد الله بن عمر أن عمر كان يقول : والله ما
يعني بلذات العيش أن نأمر بصغار المعزى فتسمط لنا ونأمر بلباب الحنطة فتخبز لنا
ونأمر بالزبيب فينبذ لنا في الأسعان الأسعان : جمع سعنة : القربة حتى إذا صار مثل
عين اليعقوب أكلنا هذا وشربنا هذا ولكنا نريد أن نستبقي طيباتنا لأنا سمعنا الله
يقول : أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا الآية
وأخرج أبو نعيم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى رضي الله عنه قال : قدم على عمر رضي
الله عنه ناس من العراق فرأى كأنهم يأكلون هديرا الهدير : العشب طال وعظم فقال يا
أهل العراق لو شئت أن يدهمق لي كما يدهمق لكم لفعلت ولكنا نستبقي من ربنا ما نجده
في آخرتنا أما سمعتم الله يقول لقوم أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا الآية
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه أذهبتم طيباتكم في حياتكم
الدنيا واستمتعتم بها قال : تعلموا أن أقواما يسترطون حسناتهم في الدنيا استبقى
رجل طيباته إن استطاع ولا قوة إلا بالله
قال : وذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يقول : لو شئت لكنت أطيبكم
طعاما وألينكم لباسا ولكني أستبقي طيباتي وذكر لنا أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه
لما قدم الشام صنع له طعام لم ير قبله مثله قال : هذا لنا فما لفقراء المسلمين
الذين ماتوا وهم لا يشبعون من خبز الشعير ؟ فقال خالد بن الوليد رضي الله عنه :
لهم الجنة
فاغرورقت عينا عمر رضي الله عنه فقال : لئن كان حظنا من هذا الحطام وذهبوا بالجنة
لقد باينونا بونا بعيدا
(7/446)
وأخرج
عبد بن حميد عن أبي مجلز رضي الله عنه قال : ليطلبن ناس حسنات عملوها فيقال لهم
أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا واستمتعتم بها الآية
وأخرج عبد بن حميد عن الحسن رضي الله عنه قال : أتي عمر رضي الله عنه بشربة عسل
فقال : والله لا أتحمل فضلها اسقوها فلانا
وأخرج عبد بن حميد عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : رآني
عمر رضي الله عنه وأنا متعلق لحما فقال يا جابر ما هذا ؟ قلت : لحم اشتريته بدرهم
لنسوة عندي قرمن إليه فقال أما يشتهي أحدكم شيئا إلا صنعه أما يجد أحدكم أن يطوي
بطنه لجاره وابن عمه ؟ أين تذهب هذه الآية أذهبتم طيباتكم في حياتكم الدنيا قال
فما انفلت منه حتى كدت أن لا أنفلت
وأخرج ابن سعد وعبد بن حميد عن حميد بن هلال قال : كان حفص رضي الله عنه يكثر
غشيان أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه وكان إذا قرب طعامه اتقاه فقال له عمر رضي
الله عنه : ما لك ولطعامنا ؟ فقال : يا أمير المؤمنين إن أهلي يصنعون لي طعاما هو
أبين من طعامك فأختار طعامهم على طعامك فقال : ثكلتك أمك أما تراني لو شئت أمرت
بشاة فتية سمينة فألقي عنها شعرها ثم أمرت بدقيق فنخل في خرقة فجعل خبزا مرققا
وأمرت بصاع من زبيب فجعل في سمن حتى يكون كدم الغزال ؟ فقال حفص : إني أراك تعرف
لين الطعام
فقال عمر رضي الله عنه : ثكلتك أمك والذي نفسي بيده لولا كراهية أن ينقص من حسناتي
يوم القيامة لأشركتكم في لين طعامكم
وأخرج ابن المبارك وابن سعد وأحمد في الزهد وعبد بن حميد وأبو نعيم في الحلية عن
الحسن قال : قدم وفد أهل البصرة على عمر مع أبي موسى الأشعري فكان له في كل يوم
خبز يلت فربما وافقناها مأدومة بزيت وربما وافقناها مأدومة بسمن وربما وافقناها
مأدومة بلبن وربما وافقناها القدائد اليابسة قد دقت ثم أغلي لها وربما وافقناها
اللحم الغريض وهو قليل
قال وقال لنا عمر رضي الله عنه : إني والله لقد أرى تقديركم وكراهيتكم طعامي أما
والله لو شئت لكنت أطيبكم طعاما وأرقكم عيشا أما والله ما أجهل عن كراكر وأسنمة
وعن صلى وصناب وسلائق ولكني وجدت الله عير قوما بأمر فعلوه فقال أذهبتم طيباتكم في
حياتكم الدنيا واستمتعتم بها
(7/447)
وأخرج
أحمد والبيهقي في شعب الإيمان عن ثوبان رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله
عليه و سلم إذا سافر كان آخر عهده بإنسان من أهله فاطمة وأول من يدخل عليه إذا قدم
فاطمة فقدم من غزاة فأتاها فإذا بمسح على بابها ورأى على الحسن والحسين قلبين من
فضة فرجع ولم يدخل عليها فلما رأت ذلك فاطمة ظنت أنه لم يدخل من أجل ما رأى فهتكت
الستر ونزعت القلبين من الصبيين فقطعتهما فبكى الصبيان فقسمته بينهما فانطلقا إلى
رسول الله صلى الله عليه و سلم وهما يبكيان فأخذه رسول الله صلى الله عليه و سلم
منهما فقال : " يا ثوبان اذهب بهذا إلى بني فلان أهل بيت بالمدينة واشتر
لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج فإن هؤلاء أهل بيتي ولا أحب أن يأكلوا طيباتهم
في حياتهم الدنيا والله تعالى أعلم "
الآيات 21 - 23 أخرج ابن ماجة وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال
رسول الله صلى الله عليه و سلم : " يرحمنا الله وأخا عاد "
وأخرج ابن أبي حاتم عن علي رضي الله عنه قال : " خير واديين في الناس وادي
مكة ووادي أرم بأرض الهند وشر واديين في الناس وادي الأحقاف وواد بحضرموت يدعى
برهوت يلقى فيه أرواح الكفار وخير بئر في الناس زمزم وشر بئر في الناس برهوت وهي في
ذاك الوادي الذي بحضرموت
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : الأحقاف جبل
بالشام
وأخرج ابن جرير عن الضحاك قال : الأحقاف جبل بالشام يسمى الأحقاف
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال : الأحقاف الأرض
وأخرج ابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه قال : الأحقاف جساق من جسمي
(7/448)
وأخرج
ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه قال : ذكر لنا أن عادا كانوا أحياء باليمن أهل رمل
مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشحر
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه في قوله بالأحقاف قال : تلال من أرض اليمن
وأخرج ابن جرير عن الضحاك رضي الله عنه في قوله وقد خلت النذر من بين يديه ومن
خلفه أن لا تعبدوا إلا الله قال : لم يبعث الله رسولا إلا بأن يعبد الله
وأخرج ابن جرير عن ابن زيد رضي الله عنه في قوله لتأفكنا قال لتزيلنا وقرأ "
إن كاد ليضلنا عن آلهتنا " قال : يضلنا ويزيلنا ويأفكنا واحد
الآيات 24 - 25 أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم من طرق عن ابن عباس رضي الله عنهما
في قوله هذا عارض ممطرنا قال : هو السحاب
وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والبخاري ومسلم وأبو داود وابن المنذر
وابن مردويه عن عائشة رضي الله عنها قالت : " ما رأيت رسول الله صلى الله
عليه و سلم مستجمعا ضاحكا حتى أرى منه لهواته إنما كان يتبسم وكان إذا رأى غيما أو
ريحا عرف ذلك في وجهه
قلت يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر وإذا
رأيته عرف في وجهك الكراهية
قال يا عائشة وما يؤمنني أن يكون فيه عذاب قد عذب قوم بالريح وقد رأى قوم العذاب
فقالوا هذا عارض ممطرنا "
وأخرج عبد بن حميد ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة عن عائشة رضي الله عنها قالت
: " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا عصفت الريح قال : اللهم إني أسألك
خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت
به
(7/449)
فإذا
تخليت السماء تغير لونه وخرج ودخل وأقبل وأدبر فإذا أمطرت سري عنه فسألته فقال لا
أدري لعله كما قال قوم عاد هذا عارض ممطرنا "
وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب السحاب وأبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قوله فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قال غيم فيه مطر فأول ما عرفوا أنه
عذاب رأوا ما كان خارجا من رحالهم ومواشيهم يطير بين السماء والأرض مثل الريش
دخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم فجاءت الريح ففتحت أبوابهم ومالت عليهم بالرمل
فكانوا تحت الرمل سبع ليال وثمانية أيام حسوما لهم أنين ثم أمر الريح فكشف عنهم
الرمل وطرحتهم في البحر فهو قوله فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم
وأخرج ابن أبي الدنيا وأبو يعلى والطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ما فتح الله على عاد
من الريح التي هلكوا فيها إلا مثل الخاتم فمرت بأهل البادية فحملتهم وأموالهم
فجعلتهم بين السماء والأرض فلما رأى ذلك أهل الحاضرة من عاد الريح وما فيها قالوا
هذا عارض ممطرنا فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة "
وأخرج الطبراني وأبو الشيخ وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم : " ما فتح الله على عاد من الريح إلا موضع الخاتم
أرسلت عليهم فحملت البدو إلى الحضر فلما رآها أهل الحضر قالوا هذا عارض ممطرنا
مستقبل أوديتنا وكان أهل البوادي فيها فألقي أهل البادية على أهل الحاضرة حتى
هلكوا قال : عتت على خزانها حتى خرجت من خلال الأبواب "
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن عمرو بن ميمون رضي الله عنه قال : كان هود قاعدا
في قومه فجاء سحاب مكفهر فقالوا هذا عارض ممطرنا فقال هود بل هو ما استعجلتم به
ريح فيها عذاب أليم فجعلت تلقي الفسطاط وتجيء بالرجل الغائب
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والحاكم وصححه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما
أرسل الله على عاد من الريح إلا قدر خاتمي هذا
وأخرج عبد بن حميد عن ميمون رضي الله عنه أنه قرأ " لا ترى إلا مساكنهم
" بالتاء والنصب
(7/450)
وأخرج
عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ لا يرى إلا مساكنهم بالياء ورفع النون
الآيات 26 - 28 أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله
ولقد مكناهم فيما إن مكناكم فيه يقول : لم نمكنكم فيه
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله ولقد مكناهم
الآية قال : عاد مكنوا في الأرض أفضل مما مكنت فيه هذه الأمة وكانوا أشد قوة وأكثر
أولادا وأطول أعمارا
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ولقد أهلكنا ما حولكم من القرى
ههنا وههنا شيئا باليمن واليمامة والشام
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن الزبير رضي الله عنه أنه قرأ " وتلك إفكهم "
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس أنه كان يقرأها " وذلك أفكهم " يعني بفتح
الألف والكاف وقال : أصلهم
الآيات 29 - 34
(7/451)
أخرج
أحمد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن الزبير وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون
القرآن قال : بنخلة قال : ورسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي العشاء الآخرة
كادوا يكونون عليه لبدا
وأخرج ابن أبي شيبة وابن منيع والحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم والبيهقي معا
في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : هبطوا على النبي صلى الله عليه و سلم
وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة فلما سمعوه قالوا : أنصتوا قالوا : صه وكانوا تسعة
أحدهم زوبعة فأنزل الله وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن إلى قوله ضلال مبين
وأخرج ابن جرير والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما وإذ صرفنا إليك
نفرا من الجن يستمعون القرآن الآية قال : كانوا تسعة عشر من أهل نصيبين فجعلهم
رسول الله صلى الله عليه و سلم رسلا إلى قومهم
وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : صرفت الجن
إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم مرتين وكان أشراف الجن بنصيبين
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وأبو نعيم في الدلائل عن ابن عباس رضي الله عنهما وإذ
صرفنا إليك نفرا من الجن قال : كانوا من أهل نصيبين أتوه ببطن نخلة
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وأبو الشيخ في العظمة عن ابن مسعود رضي الله عنه :
سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : " بت الليلة أقرأ على الجن ؟ -
رفقا بالحجون "
وأخرج البخاري ومسلم وابن مردويه عن مسروق قال : سألت ابن مسعود من آذن النبي صلى
الله عليه و سلم بالجن ليلة استمعوا القرآن قال : آذنته بهم شجرة
(7/452)
وأخرج
ابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه سئل أين قرأ رسول
الله صلى الله عليه و سلم على الجن فقال : قرأ عليهم بشعب يقال له الحجون
وأخرج عبد بن حميد وأحمد ومسلم والترمذي عن علقمة قال : قلت لابن مسعود رضي الله
عنه : هل صحب رسول الله صلى الله عليه و سلم ليلة الجن منكم أحد ؟ قال : ما صحبه
منا أحد ولكنا فقدناه ذات ليلة فقلنا اغتيل استطير ما فعل قال : فبتنا بشر ليلة
بات بها قوم فلما كان في وجه الصبح إذا نحن به يجيء من قبل حرا فأخبرناه فقال :
إنه أتاني داعي الجن فأتيتهم فقرأت عليهم القرآن فانطلق فأرانا آثارهم وآثار نيرانهم
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة في قوله وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن قال : هم اثنا
عشر ألفا من جزيرة الموصل
وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد رضي الله عنه في قوله وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن
قال : كانوا سبعة ثلاثة من أهل حران وأربعة من نصيبين وكان أسماؤهم حسى ومسى وشاصر
وماصر والأرد وإينان والأحقم وسرق
وأخرج الطبراني والحاكم وابن مردويه عن صفوان بن المعطل قال : خرجنا حجاجا فلما
كنا بالعرج إذا نحن بحية تضطرب فما لبث أن ماتت فلفها رجل في خرقة ودفنها ثم قدمنا
مكة فإنا لبالمسجد الحرام إذ وقف علينا شخص فقال : أيكم صاحب عمرو ؟ قلنا : ما
نعرف عمرا
قال : أيكم صاحب الجان ؟ قالوا : هذا
قال : أما أنه آخر التسعة موتا الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه و سلم يستمعون
القرآن
وأخرج أبو نعيم في الدلائل والواقدي عن أبي جعفر رضي الله عنه قال : قدم على رسول
الله صلى الله عليه و سلم الجن في ربيع الأول سنة إحدى عشرة من النبوة
وأخرج الواقدي وأبو نعيم عن كعب الأحبار رضي الله عنه قال : لما انصرف النفر
التسعة من أهل نصيبين من بطن نخلة وهم فلان وفلان وفلان والأرد وإينان والأحقب
جاؤوا قومهم منذرين فخرجوا بعد وافدين إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وهم
ثلثمائة فانتهوا إلى الحجون فجاء الأحقب فسلم على رسول الله صلى الله عليه و سلم
فقال : إن قومنا قد حضروا الحجون يلقونك فواعده رسول الله صلى الله عليه و سلم
لساعة من الليل بالحجون والله أعلم
الآية 35
(7/453)
أخرج
ابن أبي حاتم والديلمي عن عائشة رضي الله عنها قالت : " ظل رسول الله صلى
الله عليه و سلم صائما ثم طوى ثم ظل صائما ثم طوى ثم ظل صائما قال : " يا
عائشة إن الدنيا لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد
يا عائشة إن الله لم يرض من أولي العزم من الرسل إلا بالصبر على مكروهها والصبر عن
محبوبها ثم لم يرض مني إلا أن يكلفني ما كلفهم فقال : فاصبر كما صبر أولوا العزم
من الرسل وإني والله لأصبرن كما صبروا جهدي ولا قوة إلا بالله "
وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس قال : أولو العزم من الرسل النبي صلى
الله عليه و سلم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى
وأخرج عبد بن حميد وأبو الشيخ والبيهقي في شعب الإيمان وابن عساكر عن أبي العالية
فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل قال : نوح وهود وإبراهيم فأمر رسول الله صلى
الله عليه و سلم أن يصبر كما صبروا وكانوا ثلاثة ورسول الله صلى الله عليه و سلم
رابعهم قال نوح : " يا قوم إن كان كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله يونس
الآية 71 إلى آخرها فأظهر لهم المفارقة وقال هود حين قالوا : إن نقول إلا اعتراك
بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله وأشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه تعود ؟ ؟
الآية 53 فأظهر لهم المفارقة قال لإبراهيم لقد كان لكم أسوة حسنة في إبراهيم
الممتحنة الآية 4 إلى آخر الآية فأظهر لهم المفارقة قال يا محمد : قل إني نهيت أن
أعبد الذين تدعون من دون الله الأنعام الآية 56 فقام رسول الله صلى الله عليه و
سلم عند الكعبة فقرأها على المشركين فأظهر لهم المفارقة
وأخرج ابن عساكر عن قتادة في قوله أولو العزم قال : هم نوح وهود وإبراهيم وشعيب
وموسى
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال أولو العزم إسماعيل ويعقوب وأيوب وليس آدم منهم
ولا يونس ولا سليمان
(7/454)
وأخرج
عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر عن قتادة قال : أولو العزم نوح وإبراهيم
وموسى وعيسى
وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل قال : هم الذين
أمروا بالقتال حتى مضوا على ذلك نوح وهود وصالح وموسى وداود وسليمان
وأخرج ابن مردويه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : بلغني أن أولي العزم من
الرسل كانوا ثلثمائة وثلاثة عشر
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله فهل يهلك إلا القوم
الفاسقون قال : تعلموا والله ما يهلك على الله إلا هالك مشرك ولى الإسلام ظهره أو
منافق صدق بلسانه وخالف بقلبه
وأخرج الطبراني في الدعاء عن أنس أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إذا
طلبت وأحببت أن تنجح فقل : لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي العظيم لا إله
إلا الله وحده لا شريك له رب السموات والأرض ورب العرش العظيم الحمد لله رب
العالمين كأنهم يوم يرونها لم يلبثوا إلا عشية أو ضحاها كأنهم يوم يرون ما يوعدون
لم يلبثوا إلا ساعة من نهار بلاغ فهل يهلك إلا القوم الفاسقون اللهم إني أسألك
موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة
والنجاة من النار اللهم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة هي
لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين والحمد لله رب العالمين "
(7/455)
بسم
الله الرحمن الرحيم 47
سورة محمد
مدنية وآياتها ثمان وثلاثون
مقدمة سورة محمد أخرج ابن ضريس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : أنزلت سورة
القتال بالمدينة وأخرج النحاس وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس رضي
الله عنهما قال : نزلت سورة محمد بالمدينة
وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الزبير قال : نزلت بالمدينة سورة الذين كفروا
وأخرج ابن مردويه عن علي قال : سورة محمد آية فينا وآية في بني أمية
وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم
كان يقرأ بهم في المغرب الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله
الآيات 1 - 3
(7/456)
أخرج
الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وصححه وابن
مردويه عن ابن عباس في قوله الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله أضل أعمالهم قال : هم
أهل مكة قريش نزلت فيهم والذين آمنوا وعملوا الصالحات قال : هم أهل المدينة
الأنصار وأصلح بالهم قال : أمرهم
وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله أضل أعمالهم قال : كانت لهم أعمال فاضلة لا
يقبل الله مع الكفر عملا
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة وأصلح بالهم قال : أصلح حالهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد في قوله وأصلح بالهم قال : شأنهم
وفي قوله ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل قال : الشيطان
الآيات 4 - 6 أخرج ابن المنذر عن ابن جريج في قوله فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب
الرقاب قال : مشركي العرب يقول فضرب الرقاب قال : حتى يقولوا لا إله إلا الله
وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن سعيد بن جبير في قوله حتى إذا أثخنتموهم فشدوا
الوثاق قال : لا تأسروهم ولا تفادوهم حتى تثخنوهم بالسيف
وأخرج النحاس عن ابن عباس في قوله فإما منا بعد وإما فداء قال : فجعل النبي صلى
الله عليه و سلم والمؤمنين بالخيار في الأسرى إن شاؤوا قتلوهم وإن شاؤوا استعبدوهم
وإن شاؤوا فادوهم
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن ابن عباس في قوله فإما منا بعد وإما فداء قال : هذا
منسوخ نسختها فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين التوبة الآية 5
(7/457)
وأخرج
عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه في قوله فإما منا بعد وإما فداء قال : فرخص لهم
أن يمنوا على من شاؤوا منهم نسخ الله ذلك بعد في براءة فقال : فاقتلوا المشركين
حيث وجدتموهم التوبة الآية 5
وأخرج عبد بن حميد وأبو داود في ناسخه وابن جرير وابن المنذر عن قتادة رضي الله عنه
في قوله فإما منا بعد وإما فداء قال : كان المسلمون إذا لقوا المشركين قاتلوهم
فإذا أسروا منهم أسيرا فليس لهم إلا أن يفادوه أو يمنوا عليه ثم نسخ ذلك بعد فإما
تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم الأنفال 57
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وعبد بن حميد وابن جرير عن الضحاك ومجاهد في قوله فإما
منا بعد وإما فداء قالا : نسختها فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن السدي مثله
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله
عليه و سلم فأدى رجلين من أصحابه برجلين من المشركين أسروا
وأخرج عبد بن حميد عن أشعث قال : سألت الحسن وعطاء عن قوله فإما منا بعد وإما فداء
قال : أحدهما يمن عليه أو لا يفادى وقال الآخر : يصنع كما صنع رسول الله صلى الله
عليه و سلم يمن عليه أو لا يفادى
وأخرج ابن جرير وابن مردويه عن الحسن رضي الله عنه قال : أتى الحجاج بأسارى فدفع
إلى ابن عمر رضي الله عنهما رجلا يقتله فقال ابن عمر : ليست بهذا أمرنا إنما قال
الله حتى إذا أثخثنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في سننه عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما أعتق ولد
زنية وقال : قد أمرنا الله ورسوله أن نمن على من هو شر منه قال الله فإما منا بعد
وإما فداء
وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن المنذر وابن مردويه عن ليث رضي الله عنه قال :
قلت لمجاهد : بلغني أن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لا يحل قتل الأسارى لأن الله
تعالى قال فإما منا بعد وإما فداء فقال مجاهد : لا تعبأ بهذا شيئا أدركت أصحاب
رسول الله صلى الله عليه و سلم وكلهم ينكر هذا ويقول : هذه منسوخة إنما كانت
(7/458)
في
الهدنة التي كانت بين رسول الله صلى الله عليه و سلم وبين المشركين فأما اليوم فلا
يقول الله فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ويقول فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب
الرقاب فإن كانوا من مشركي العرب لم يقبل منهم شيء إلا الإسلام فإن لم يسلموا
فالقتل وأما من سواهم فإنهم إذا أسروا فالمسلمون فيهم بالخيار إن شاؤوا قتلوهم وإن
شاؤوا استحيوهم وإن شاؤوا فادوهم إذا لم يتحولوا عن دينهم فإن أظهروا الإسلام لم
يفادوا ونهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قتل الصغير والمرأة والشيخ الفاني
وأخرج ابن أبي شيبة عن مجاهد رضي الله عنه قال : نسخت فاقتلوا المشركين حيث
وجدتموهم النساء 89 ما كان قبل ذلك من فداء أو من
وأخرج عبد الرزاق في المصنف عن عطاء رضي الله عنه أنه كان يكره قتل أهل الشرك صبرا
ويتلو فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء ثم نسختها فخذوهم واقتلوهم حيث
وجدتموهم ونزلت زعموا في العرب خاصة وقتل النبي صلى الله عليه و سلم عقبة بن أبي
معيط ؟ يوم بدر صبرا
وأخرج عبد الرزاق عن أيوب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن قتل
الوصفاء والعسفاء
وأخرج عبد الرزاق عن الضحاك بن مزاحم رضي الله عنه قال : نهى النبي صلى الله عليه
و سلم عن قتل النساء والولدان إلا من عدا منهم بالسيف
وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير عن القاسم بن عبد الرحمن رضي الله عنه قال : بعث
النبي صلى الله عليه و سلم سرية فطلبوا رجلا فصعد شجرة فأحرقوها بالنار فلما قدموا
على النبي صلى الله عليه و سلم أخبروه بذلك فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه و
سلم وقال : إني لم أبعث أعذب بعذاب الله إنما بعثت بضرب الرقاب وشد الوثاق
أما قوله تعالى : حتى تضع الحرب أوزارها
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه في قوله حتى تضع الحرب أوزارها
قال : حتى لا يكون شرك
وأخرج ابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه حتى تضع الحرب أوزارها قال : حتى يعبد
الله ولا يشرك به
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والبيهقي في سننه عن
(7/459)
مجاهد
رضي الله عنه في قوله حتى تضع الحرب أوزارها قال : حتى يخرج عيسى بن مريم عليه
السلام فيسلم كل يهودي ونصراني وصاحب ملة وتأمن الشاة من الذئب ولا تقرض فأرة
جرابا وتذهب العداوة من الناس كلها ذلك ظهور الإسلام على الدين كله وينعم الرجل
المسلم حتى تقطر رجله دما إذا وضعها
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم وابن مردويه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي
صلى الله عليه و سلم قال : " يوشك من عاش منكم أن يلقى عيسى بن مريم إماما
مهديا وحكما عدلا فيكسر الصليب ويقتل الخنزير وتوضع الجزية وتضع الحرب أوزارها
"
وأخرج عبد بن حميد عن سعيد بن جبير رضي الله عنه حتى تضع الحرب أوزارها قال : خروج
عيسى بن مريم عليه السلام
وأخرج ابن سعد وأحمد والنسائي والبغوي والطبراني وابن مردويه عن سلمة بن نفيل رضي
الله عنه قال : بينما أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ جاءه رجل
فقال يا رسول الله : إن الخيل قد سيبت ووضع السلاح وزعم أقوام أن لا قتال وأن قد
وضعت الحرب أوزارها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " كذبوا فالآن جاء
القتال ولا تزال طائفة من أمتي يقاتلون في سبيل الله لا يضرهم من خالفهم يزيغ الله
قلوب قوم ليرزقهم منهم ويقاتلون حتى تقوم الساعة ولا تزال الخيل معقودا في نواصيها
الخير حتى تقوم الساعة ولا تضع الحرب أوزارها حتى يخرج يأجوج ومأجوج "
وأخرج ابن أبي حاتم عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال : فتح لرسول الله صلى
الله عليه و سلم فتح فقلت يا رسول الله اليوم ألقى الإسلام بجرانه ووضعت الحرب
أوزارها فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " إن دون أن تضع الحرب أوزارها
خلالا ستا أولهن موتى ثم فتح بيت المقدس ثم فئتان من أمتي دعواهم واحدة يقتل بعضهم
بعضا ويفيض المال حتى يعطي الرجل المائة دينار فيتسخط وموت يكون كقعاص الغنم وغلام
من بني الأصفر ينبت في اليوم كنبات الشهر وفي الشهر كنبات السنة فيرغب فيه قومه
فيملكونه يقولون نرجو أن ير بك علينا ملكنا فيجمع جمعا عظيما ثم يسير حتى يكون
فيما بين العريش وأنطاكية وأميركم يومئذ نعم الأمير فيقول لأصحابه : ما ترون
فيقولون نقاتلهم حتى يحكم الله بيننا وبينهم فيقول لا أرى ذلك نحرز ذرارينا
وعيالنا ونخلي بينهم وبين الأرض ثم نغزوهم وقد أحرزنا ذرارينا فيسيرون فيخلون
بينهم وبين أرضهم حتى يأتوا مدينتي هذه فيستهدون أهل الإسلام فيهدونهم ثم يقول لا
ينتدبن
(7/460)
معي
إلا من يهب نفسه لله حتى نلقاهم فنقاتل حتى يحكم الله بيني وبينهم فينتدب معه
سبعون ألفا ويزيدون على ذلك فيقول حسبي سبعون ألفا لا تحملهم الأرض وفيهم عين
لعدوهم فيأتيهم فيخبرهم بالذي كان فيسيرون إليهم حتى إذا التقوا سألوا أن يخلي
بينهم وبين من كان بينهم وبينه نسب فيدعونهم فيقولون ما ترون فيما يقولون فيقول :
ما أنتم بأحق بقتالهم ولا أبعد منهم فيقول : فعندكم فأكسروا أغمادكم فيسل الله
سيفه عليهم فيقتل منهم الثلثان ويقر في السفن الثلث وصاحبهم فيهم حتى إذا تراءت
لهم جبالهم بعث الله عليهم ريحا فردتهم إلى مراسيهم من الشام فأخذوا فذبحوا عند
أرجل سفنهم عند الساحل فيومئذ تضع الحرب أوزارها "
أما قوله تعالى : ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم
أخرج عبد بن حميد وابن جرير عن قتادة رضي الله عنه ذلك ولو يشاء لانتصر منهم قال :
أي والله بجنوده الكثيرة كل خلقه له جند فلو سلط أضعف خلقه لكان له جندا
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم
قال : لأرسل عليهم ملكا فدمر عليهم وفي قوله والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل
أعمالهم قال : نزلت فيمن قتل من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم يوم أحد
وأخرج عبد بن حميد عن عاصم رضي الله عنه أنه قرأ " والذين قاتلوا "
بالألف
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن قتادة رضي الله عنه في
قوله والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم الآية
قال : ذكر لنا أن هذه الآية نزلت في يوم أحد ورسول الله صلى الله عليه و سلم في
الشعب وقد فشت فيهم الجراحات والقتل وقد نادى المشركون يومئذ : أعل هبل ونادى
المسلمون الله أعلى وأجل ففادى المشركون يوم بيوم بدر وإن الحرب سجال لنا عزى ولا
عزى لكم فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " قولوا الله مولانا ولا مولى
لكم إن القتلى مختلفة أما قتلانا فأحياء يرزقون وأما قتلاكم ففي النار يعذبون
"
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن مجاهد رضي الله عنه ويدخلهم الجنة عرفها لهم قال :
يهدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم وحيث قسم الله لهم منها لا يخطئون كأنهم ساكنوها
منذ خلقوا لا يستدلون عليها أحدا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق