الوصي
هو الذي وكل إليه أمر المحجور عليه سواء أكان التوكيل من الاقارب أو من
الحاكم، ويجب أن يكون مشهورا بالدين والعدالة والرشد سواء أكان رجلا أم
امرأة، فقد أوصى عمر إلى حفصة رضي الله عنهما.
أن يعمل في مال اليتيم والمحجور عليه ما ينميه ويزيد فيه.
ويجوز عند الإمام مالك للوصي وللاب أن يشتريا من مال اليتيم لانفسهما وأن يبيعا مال أنفسهما بمال اليتيم إذا لم يحابيا أنفسهما.
يقول الله سبحانه: {ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف}.
أفادت هذه الآية أن الولي الغني لا حق له في مال اليتيم وأن أجر ولايته مثوبة له من الله. فإن فرض له الحاكم شيئا حل له أكله. أما إذا كان فقيرا فله أن يأخذ من ماله بالمعروف، أي المعروف في أجرة مثله لمثل العمل الذي يقوم به.
قالت السيدة عائشة - رضي الله عنها - في هذه الآية: نزلت في والي اليتيم الذي يقوم عليه ويصلح ماله إن كان فقيرا أكل بالمعروف.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني فقير ليس لي شيء ولي يتيم، فقال: «كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبادر ولا متأثل» والمراد النهي عن أخذ أكثر من أجرة مثله.
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أنفقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجر ما كسب. وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئا».
الوصية مأخوذة من وصيت الشئ أوصيه إذا أوصلته.
فالموصي وصل ما كان في حياته بعد موته.
وهي في الشرع: هبة الإنسان غيره عينا أو دينا أو منفعة على أن يملك الموصى له الهبة بعد موت الموصي.
وعرفها بعضهم: بأنها تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع، ومن هذا التعريف يتبين الفرق بين الهبة والوصية.
فالتمليك المستفاد من الهبة يثبت في الحال.
أما التمليك المستفاد من الوصية فلا يكون إلا بعد الموت. هذا من جهة ومن جهة اخرى، فالهبة لا تكون إلا بالعين. والوصية تكون بالعين وبالدين وبالمنفعة.
وهي مشروعة بالكتاب والسنة والاجماع.
ففي الكتاب يقول الله سبحانه: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين}.
ويقول جل شأنه: {من بعد وصية يوصي بها أو دين}.
ويقول عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية إثنان ذوا عدل منكم} وجاء في السنة الأحاديث الاتية:
1- روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، «ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده».
قال ابن عمر: ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك إلا وعندي وصيتي.
ومعنى الحديث أن الحزم هو هذا فقد يفاجئه الموت.
قال الشافعي: ما الحزم والاحتياط للمسلم إلا أن تكون وصيته مكتوبة عنده، إذا كان له شيء يريد أن يوصي فيه لأنه لا يدري متى تأتيه منيته فتحول بينه وبين ما يريد من ذلك.
2- وروى أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه،
عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار ثم قرأ أبو هريرة. {من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضاروصية من الله والله عليه حليم}».
3- وروى ابن ماجه عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات على وصية مات على سبيل وسنة ومات على تقى وشهادة ومات مغفورا له».
وقد أجمعت الأمة على مشروعية الوصية.
لقد انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الاعلى ولم يوص لأنه لم يترك مالا يوصى به.
روى البخاري عن ابن أبي أوفى أنه صلى الله عليه وسلم لم يوص.
قال العلماء في تعليل ذلك: لأنه لم يترك بعده مالا.
وأما الأرض فقد كان سبلها، وأما السلاح والبغلة فقد أخبر أنها لا تورث. ذكره النووي.
أما الصحابة فقد كانوا يوصون ببعض أموالهم تقربا إلى الله. وكانت لهم وصية مكتوبة لمن بعدهم من الورثة.
أخرج عبد الرازق بسند صحيح أن أنسا رضي الله عنه قال: كانوا يكتبون في صدور وصاياهم: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما أوصى به فلان بن فلان أن يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ويشهد أن محمدا عبده ورسوله وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وأوصى من ترك من أهله أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين وأوصاهم بما أوصى به ابرهيم بنيه ويعقوب: {إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}.
حكمتها: جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم زيادة في أعمالكم فضعوها حيث شئتم أو حيث أحببتم». والحديث ضعيف.
أفاد هذا الحديث أن الوصية قربة يتقرب بها الإنسان إلى الله عز وجل في آخر حياته كي تزداد حسناته أو يتدارك بها ما فاته، ولما فيها من البر بالناس والمواساة لهم.
أما حكمها أي وصفها الشرعي من حيث كونها مطلوبة الفعل أو الترك فقد اختلف العلماء فيه إلى عدة آراء نجملها فيما يلي: الرأي الأول: يرى أن الوصية واجبة على كل من ترك مالا سواء أكان المال قليلا أم كثيرا، قاله الزهري وأبو مجلز.
وهذا رأي ابن حزم وروى الوجوب عن ابن عمر وطلحة والزبير وعبد لله بن أبي أوفى وطلحة بن مطرف وطاوس والشعبي قال: وهو قول أبي سليمان وجميع أصحابنا.
واستدلوا بقول الله تعالى: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين}.
الرأي الثاني: يرى أنها تجب للوالدين والاقربين الذين لا يرثون الميت.
وهذا مذهب مسروق وإياس وقتادة وابن جرير والزهري.
الرأي الثالث: وهو قول الائمة الأربعة والزيدية أنها ليست فرضا على كل من ترك مالا كما في الرأي الأول.
ولا فرضا للوالدين والاقربين غير الوارثين كما هو الرأي الثاني وإنما يختلف حكمها باختلاف الاحوال.
فقد تكون واجبة أو مندوبة أو محرمة أو مكروهة أو مباحة.
فتجب في حالة ما إذا كان على الإنسان حق شرعي يخشى أن يضيع إن لم يوص به: كوديعة ودين لله أو لادمي، مثل أن يكون عليه زكاة لم يؤدها أو حج لم يقم به أو تكون عنده أمانة تجب عليه أن يخرج منها أو يكون عليه دين لا يعلمه غيره أو يكون عنده وديعة بغير إشهاد.
أن يعمل في مال اليتيم والمحجور عليه ما ينميه ويزيد فيه.
ويجوز عند الإمام مالك للوصي وللاب أن يشتريا من مال اليتيم لانفسهما وأن يبيعا مال أنفسهما بمال اليتيم إذا لم يحابيا أنفسهما.
= .التنزه عن الولاية عند الضعف:
يقول الله سبحانه: {ومن كان غنيا فليستعفف ومن كان فقيرا فليأكل بالمعروف}.
أفادت هذه الآية أن الولي الغني لا حق له في مال اليتيم وأن أجر ولايته مثوبة له من الله. فإن فرض له الحاكم شيئا حل له أكله. أما إذا كان فقيرا فله أن يأخذ من ماله بالمعروف، أي المعروف في أجرة مثله لمثل العمل الذي يقوم به.
قالت السيدة عائشة - رضي الله عنها - في هذه الآية: نزلت في والي اليتيم الذي يقوم عليه ويصلح ماله إن كان فقيرا أكل بالمعروف.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني فقير ليس لي شيء ولي يتيم، فقال: «كل من مال يتيمك غير مسرف ولا مبادر ولا متأثل» والمراد النهي عن أخذ أكثر من أجرة مثله.
=.النفقة على الصغير:
= هل للوصي والزوجة والخازن أن يتصدقوا بدون إذن:
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أنفقت المرأة من طعام زوجها غير مفسدة كان لها أجرها بما أنفقت ولزوجها أجر ما كسب. وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم من أجر بعض شيئا».
الوصية مأخوذة من وصيت الشئ أوصيه إذا أوصلته.
فالموصي وصل ما كان في حياته بعد موته.
وهي في الشرع: هبة الإنسان غيره عينا أو دينا أو منفعة على أن يملك الموصى له الهبة بعد موت الموصي.
وعرفها بعضهم: بأنها تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع، ومن هذا التعريف يتبين الفرق بين الهبة والوصية.
فالتمليك المستفاد من الهبة يثبت في الحال.
أما التمليك المستفاد من الوصية فلا يكون إلا بعد الموت. هذا من جهة ومن جهة اخرى، فالهبة لا تكون إلا بالعين. والوصية تكون بالعين وبالدين وبالمنفعة.
وهي مشروعة بالكتاب والسنة والاجماع.
ففي الكتاب يقول الله سبحانه: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين}.
ويقول جل شأنه: {من بعد وصية يوصي بها أو دين}.
ويقول عز وجل: {يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية إثنان ذوا عدل منكم} وجاء في السنة الأحاديث الاتية:
1- روى البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، «ما حق امرئ مسلم له شيء يوصي فيه، يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده».
قال ابن عمر: ما مرت علي ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك إلا وعندي وصيتي.
ومعنى الحديث أن الحزم هو هذا فقد يفاجئه الموت.
قال الشافعي: ما الحزم والاحتياط للمسلم إلا أن تكون وصيته مكتوبة عنده، إذا كان له شيء يريد أن يوصي فيه لأنه لا يدري متى تأتيه منيته فتحول بينه وبين ما يريد من ذلك.
2- وروى أحمد والترمذي وأبو داود وابن ماجه،
عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرجل ليعمل والمرأة بطاعة الله ستين سنة ثم يحضرهما الموت فيضاران في الوصية فتجب لهما النار ثم قرأ أبو هريرة. {من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضاروصية من الله والله عليه حليم}».
3- وروى ابن ماجه عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من مات على وصية مات على سبيل وسنة ومات على تقى وشهادة ومات مغفورا له».
وقد أجمعت الأمة على مشروعية الوصية.
لقد انتقل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الرفيق الاعلى ولم يوص لأنه لم يترك مالا يوصى به.
روى البخاري عن ابن أبي أوفى أنه صلى الله عليه وسلم لم يوص.
قال العلماء في تعليل ذلك: لأنه لم يترك بعده مالا.
وأما الأرض فقد كان سبلها، وأما السلاح والبغلة فقد أخبر أنها لا تورث. ذكره النووي.
أما الصحابة فقد كانوا يوصون ببعض أموالهم تقربا إلى الله. وكانت لهم وصية مكتوبة لمن بعدهم من الورثة.
أخرج عبد الرازق بسند صحيح أن أنسا رضي الله عنه قال: كانوا يكتبون في صدور وصاياهم: بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما أوصى به فلان بن فلان أن يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ويشهد أن محمدا عبده ورسوله وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وأوصى من ترك من أهله أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم ويطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين وأوصاهم بما أوصى به ابرهيم بنيه ويعقوب: {إن الله اصطفى لكم الدين فلا تموتن إلا وأنتم مسلمون}.
حكمتها: جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم زيادة في أعمالكم فضعوها حيث شئتم أو حيث أحببتم». والحديث ضعيف.
أفاد هذا الحديث أن الوصية قربة يتقرب بها الإنسان إلى الله عز وجل في آخر حياته كي تزداد حسناته أو يتدارك بها ما فاته، ولما فيها من البر بالناس والمواساة لهم.
أما حكمها أي وصفها الشرعي من حيث كونها مطلوبة الفعل أو الترك فقد اختلف العلماء فيه إلى عدة آراء نجملها فيما يلي: الرأي الأول: يرى أن الوصية واجبة على كل من ترك مالا سواء أكان المال قليلا أم كثيرا، قاله الزهري وأبو مجلز.
وهذا رأي ابن حزم وروى الوجوب عن ابن عمر وطلحة والزبير وعبد لله بن أبي أوفى وطلحة بن مطرف وطاوس والشعبي قال: وهو قول أبي سليمان وجميع أصحابنا.
واستدلوا بقول الله تعالى: {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين}.
الرأي الثاني: يرى أنها تجب للوالدين والاقربين الذين لا يرثون الميت.
وهذا مذهب مسروق وإياس وقتادة وابن جرير والزهري.
الرأي الثالث: وهو قول الائمة الأربعة والزيدية أنها ليست فرضا على كل من ترك مالا كما في الرأي الأول.
ولا فرضا للوالدين والاقربين غير الوارثين كما هو الرأي الثاني وإنما يختلف حكمها باختلاف الاحوال.
فقد تكون واجبة أو مندوبة أو محرمة أو مكروهة أو مباحة.
فتجب في حالة ما إذا كان على الإنسان حق شرعي يخشى أن يضيع إن لم يوص به: كوديعة ودين لله أو لادمي، مثل أن يكون عليه زكاة لم يؤدها أو حج لم يقم به أو تكون عنده أمانة تجب عليه أن يخرج منها أو يكون عليه دين لا يعلمه غيره أو يكون عنده وديعة بغير إشهاد.
= استحبابها:
================
حرمتها: وتحرم إذا كان فيها اضرار بالورثة.
روى عبد الرازق عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين سنة فإذا أوصى جاف في وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار.
وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل في وصيته فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة.
قال أبو هريرة اقرأوا إن شئتم: {تلك حدود الله فلا تعتدوها}.
روى سعيد بن منصور بإسناد صحيح قال ابن عباس: الاضرار في الوصية من الكبائر.
ورواه النسائي مرفوعا ورجاله ثقات ومثل هذه الوصية التي يقصد بها الاضرار باطلة ولو كانت دون الثلث.
وتحرم كذلك إذا أوصى بخمر أو ببناء كنيسة أو دار للهو
.كراهتها:
وتكره إذا كان الموصي قليل المال وله وارث أو ورثة يحتاجون إليه، كما تكره لاهل الفسق متى علم أو غلب على ظنه أنهم سيستعينون بها على الفسق والفجور.
فإذا علم الموصي أو غلب على ظنه أن الموصى له سيستعين بها على الطاعة فإنها تكون مندوبة.
إباحتها: وتباح إذا كانت لغني سواء أكان الموصى له قريبا أم بعيدا.
=ركنها:
وركنها الايجاب من الموصي.
والايجاب يكون بكل لفظ يصدر منه متى كان هذا اللفظ دالا على التمليك المضاف إلى ما بعد الموت بغير عوض مثل: أوصيت لفلان بكذا بعد موتي أو وهبت له ذلك أو ملكته بعدي.
وكما تنعقد الوصية بالعبارة تنعقد كذلك بالاشارة المفهمة متى كان الموصي عاجزا عن النطق كما يصح عقدها بالكتابة.
ومتى كانت الوصية غير معينة بأن كانت للمساجد أو الملاجئ أو المدارس أو المستشفيات فإنها لا تحتاج إلى قبول بل تتم بالايجاب وحده لأنها في هذه الحال تكون صدقة، أما إذا كانت الوصية لمعين بالشخص فإنها تفتقر إلى قبول الموصى له بعد الموت أو قبول وليه إن كان الموصى له غير رشيد. فإن قبلها تمت وإن ردها بعد الموت بطلت الوصية وبقيت على ملك ورثة الموصي.
والوصية من العقود الجائزة التي يصح فيها للموصي أن يغيرها أو يرجع عما شاء منها أو يرجع عما أوصى به.
والرجوع يكون صراحة بالقول كأن يقول: رجعت عن الوصية.
ويكون دلالة بالفعل مثل تصرفه في الموصى به تصرفا يخرجه عن ملكه مثل أن يبيعه.
= متى تستحق الوصية:
ولا تستحق الوصية للموصى له إلا بعد موت الموصي وبعد سداد الديون.
فإذا استغرقت الديون التركة كلها فليس للموصى له شيء لقول الله تعالى: {من بعد وصية يوصى بها أو دين}.
= .الوصية المضافة أو المعلقة بالشرط:
وتصح الوصية المضافة أو المعلقة بالشرط أو المقترنة به متى كان الشرط صحيحا.
والشرط الصحيح: هو ما كان فيه مصلحة للموصي أو الموصى له أو لغيرهما ولم يكن منهيا عنه ولا منافيا لمقاصد الشريعة.
ومتى كان الشرط صحيحا وجبت مراعاته ما دامت المصلحة منه قائمة. فإن زالت المصلحة المقصودة منه أو كان غير صحيح لم تجب مراعاته.
= شروطها:
الوصية تقتضي موصيا وموصى له وموصى به، ولكل شروط نذكرها فيما يلي:
= شروط الموصي:
يشترط في الموصي أن يكون أهلا للتبرع بأن يكون كامل الأهلية.
وتكره إذا كان الموصي قليل المال وله وارث أو ورثة يحتاجون إليه، كما تكره لاهل الفسق متى علم أو غلب على ظنه أنهم سيستعينون بها على الفسق والفجور.
فإذا علم الموصي أو غلب على ظنه أن الموصى له سيستعين بها على الطاعة فإنها تكون مندوبة.
إباحتها: وتباح إذا كانت لغني سواء أكان الموصى له قريبا أم بعيدا.
=ركنها:
وركنها الايجاب من الموصي.
والايجاب يكون بكل لفظ يصدر منه متى كان هذا اللفظ دالا على التمليك المضاف إلى ما بعد الموت بغير عوض مثل: أوصيت لفلان بكذا بعد موتي أو وهبت له ذلك أو ملكته بعدي.
وكما تنعقد الوصية بالعبارة تنعقد كذلك بالاشارة المفهمة متى كان الموصي عاجزا عن النطق كما يصح عقدها بالكتابة.
ومتى كانت الوصية غير معينة بأن كانت للمساجد أو الملاجئ أو المدارس أو المستشفيات فإنها لا تحتاج إلى قبول بل تتم بالايجاب وحده لأنها في هذه الحال تكون صدقة، أما إذا كانت الوصية لمعين بالشخص فإنها تفتقر إلى قبول الموصى له بعد الموت أو قبول وليه إن كان الموصى له غير رشيد. فإن قبلها تمت وإن ردها بعد الموت بطلت الوصية وبقيت على ملك ورثة الموصي.
والوصية من العقود الجائزة التي يصح فيها للموصي أن يغيرها أو يرجع عما شاء منها أو يرجع عما أوصى به.
والرجوع يكون صراحة بالقول كأن يقول: رجعت عن الوصية.
ويكون دلالة بالفعل مثل تصرفه في الموصى به تصرفا يخرجه عن ملكه مثل أن يبيعه.
= متى تستحق الوصية:
ولا تستحق الوصية للموصى له إلا بعد موت الموصي وبعد سداد الديون.
فإذا استغرقت الديون التركة كلها فليس للموصى له شيء لقول الله تعالى: {من بعد وصية يوصى بها أو دين}.
= .الوصية المضافة أو المعلقة بالشرط:
وتصح الوصية المضافة أو المعلقة بالشرط أو المقترنة به متى كان الشرط صحيحا.
والشرط الصحيح: هو ما كان فيه مصلحة للموصي أو الموصى له أو لغيرهما ولم يكن منهيا عنه ولا منافيا لمقاصد الشريعة.
ومتى كان الشرط صحيحا وجبت مراعاته ما دامت المصلحة منه قائمة. فإن زالت المصلحة المقصودة منه أو كان غير صحيح لم تجب مراعاته.
= شروطها:
الوصية تقتضي موصيا وموصى له وموصى به، ولكل شروط نذكرها فيما يلي:
= شروط الموصي:
يشترط في الموصي أن يكون أهلا للتبرع بأن يكون كامل الأهلية.
وكمال الأهلية بالعقل والبلوغ والحرية والاختيار وعدم الحجر لسفه أو غفلة، فإن كان الموصي ناقص الأهلية بأن كان صغيرا أو مجنونا أو عبدا أو مكرها أو محجورا عليه فإن وصيته لا تصح.
ويستثنى من ذلك أمران:
1- وصية الصغير المميز الخاصة بأمر تجهيزه ودفنه مادامت في حدود المصلحة.
2- وصية المحجور عليه للسفه في وجه من وجوه الخير مثل تعليم القرآن وبناء المساجد وإقامة المستشفيات.
ثم إن كان له وارث وأجازها الورثة نفذت من كل ماله. وكذا إذا لم يكن له وارث أصلا. وأما إن كان له ورثة ولم يجيزوا هذه الوصية فإنها تنفذ من ثلث ماله فقط، وهذا مذهب الأحناف.
وخالف في ذلك الإمام مالك فأجاز وصية ضعيف العقل والصغير الذي يعقل معنى التقرب إلى الله تعالى قال: الأمر المجمع عليه عندنا أن الضعيف في عقله والسفيه والمصاب الذي يفيق أحيانا تجوز وصاياهم إذا كان معهم من عقولهم ما يعرفون ما يوصون به.
وكذلك الصبي الصغير إذا كان يعقل ما أوصى به ولم يأت بمنكر من القول فوصيته جائة ماضية.
وقد أجاز القانون في مصر وصية السفيه وذوي الغفلة إذا أذنت بها الجهة القضائية المختصة.
= شروط الموصى له:
يشترط في الموصى له الشروط الاتية:
1- أن لا يكون وارثا للموصي.
روى أصحاب المغازي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح: «لا وصية لوارث». رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه.
وهذا الحديث وان كان خبر آحاد إلا أن العلماء تلقته بالقبول وأجمعت العامة على القول به وفي رواية: «إن الله أعطى كل ذي حق حقه، ألا لا وصية لوارث».
وأما آية {كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين}.
فقد قال الجمهور من العلماء بنسخها.
وقال الشافعي: إن الله تعالى أنزل آية الوصية وأنزل آية المواريث فاحتمل أن تكون آية الوصية باقية مع الميراث.
واحتمل أن تكون المواريث ناسخة للوصايا.
وقد طلب العلماء ما يرجح أحد الاحتمالين فوجدوه في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى عنه أصحاب المغازي أنه قال عام الفتح: «لا وصية لوارث» ا.هـ.
واتفقوا على اعتبار كون الموصى له وارثا يوم الموت حتى لو أوصى لاخيه الوارث حيث لا يكون للموصي ابن ثم ولد له ابن قبل موته صحت الوصية للاخ المذكور ولو أوصى لاخيه وله ابن فمات الابن قبل موت الموصي فهي وصية لوارث.
ومذهب الأحناف أن الموصى له إذا كان معينا يشترط لصحة الوصية له أن يكون موجودا وقت الوصية تحقيقا أو تقديرا.
أي يكون موجودا بالفعل وقت الوصية أو يكون مقدرا وجوده أثناءها. كما إذا أوصى لحمل فلانة. وكان الحمل موجودا وقت ايجاب الوصية.
أما إذا لم يكن الموصى له معينا بالشخص فيشترط أن يكون موجودا وقت موت الموصي تحقيقا أو تقديرا.
فإذا قال الموصي: أوصيت بداري لاولاد فلان ولم يعين هؤلاء الأولاد، ثم مات ولم يرجع عن الوصية.
فإن الدار تكون مملوكة للاولاد الموجودين وقت موت الموصي سواء منهم الموجود حقيقة أو تقديرا كالحمل، ولو لم يكونوا موجودين وقت إيجاب الوصية. ويتحقق من وجود الحمل وقت الوصية أو وقت موت الموصي متى ولد لاقل من ستة أشهر من وقت الوصية أو من وقت موت الموصي.
وقال الجمهور من العلماء: إن من أوصى أن يفرق ثلث ماله حيث أرى الله الوصي انها تصح وصيته ويفرقه الوصي في سبيل الخير ولا يأكل منه شيئا ولا يعطي منه وارثا للميت.
وخالف في ذلك أبو ثور، أفاده الشوكاني في نيل الاوطار.
3- ويشترط أن لا يقتل الموصى له الموصي قتلا محرما مباشرا. فإذا قتل الموصى له الموصي قتلا محرما مباشرا بطلت الوصية له لأن من تعجل الشئ قبل أوانه عوقب بحرمانه. وهذا مذهب أبي يوسف.
وقال أبو حنيفة ومحمد لا تبطل الوصية وتتوقف على إجازة الورثة.
== شروط الموصى به:
يشترط في الموصى به أن يكون بعد موت الموصي قابلا للتمليك بأي سبب من أسباب الملك، فتصح الوصية بكل مال متقوم من الاعيان ومن المنافع.
وتصح الوصية بما يثمره شجره وبما في بطن بقرته لأنه يملك بالارث فما دام وجوده محققا وقت موت الموصي استحقه الموصى له.
وهذا بخلاف ما إذا أوصى بمعدوم.
وتصح الوصية بالدين وبالمنافع كالسكن وبالوصية بالحلو. ولا تصح بما ليس بمال كالميتة. وما ليس متقوما في حق العاقدين كالخمر للمسلمين.
= مقدار المال الذي تستحب الوصية فيه:
قال ابن عبد البر: اختلف السلف في مقدار المال الذي يستحب فيه الوصية أو يجب عند من أوجبها.
فروي عن علي أنه قال: ستمائة درهم أو سبعمائة درهم ليس بمال فيه وصية وروي عنه ألف درهم مال فيه وصية.
وقال ابن عباس: لا وصية في ثمانمائة درهم وقالت عائشة: في امرأة لها أربعة من الولد ولها ثلاثة آلاف درهم لا وصية في مالها.
وقال ابراهيم النخعي: ألف درهم إلى خمسمائة درهم.
وقال قتادة في قوله {إن ترك خيرا} ألفا فما فوقها وعن علي: من ترك مالا يسيرا فليدعه لورثته فهو أفضل وعن عائشة فيمن ترك ثمانمائة درهم لم يترك خيرا فلا يوصي ا.هـ.
= .الوصية بالثلث:
وتجوز الوصية بالثلث ولا تجوز الزيادة عليه، والأولى أن ينقص عنه، وقد استقر الاجماع على ذلك.
روى البخاري ومسلم وأصحاب السنن عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: جاء النبي صلى الله عليه وسلم يعودني، وأنا بمكة - وهو يكره أن يموت بالأرض التي هاجر منها - قال: «يرحم الله ابن عفراء - قلت: يا رسول الله أوصي بمالي كله؟ قال: لا. قلت: فالشطر؟ قال: لا. قلت: الثلث؟ قال: فالثلث والثلث كثير، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس في ايديهم، وانك مهما أنفقت من نفقة فإنها صدقة حتى اللقمة ترفعها إلى في في امرتك، وعسى الله أن يرفعك فينتفع بك أناس ويضر بك آخرون، ولم يكن له يومئذ إلا ابنة».
= الثلث يحسب من جميع المال:
ذهب جمهور العلماء إلى أن الثلث يحسب من جميع المال الذي تركه الموصي وقال مالك: يحسب الثلث مما علمه الموصي دون ما خفي عليه أو تجدد له ولم يعلم به.
وهل المعتبر الثلث حال الوصية أو عند الموت؟ ذهب مالك والنخعي وعمر بن عبد العزيز أو المعتبر ثلث التركة عند الوصية.
وذهب أبو حنيفة وأحمد والاصح من قولي الشافعية إلى اعتبار الثلث حال الموت. وهو قول علي وبعض التابعين.
= .الوصية بأكثر من الثلث:
الموصي إما أن يكون له وارث أو لا فإن كان له وارث فإنه لا يجوز له الوصية بأكثر من الثلث كما تقدم، فإن أوصى بالزيادة على الثلث فإن وصيته لا تنفذ إلا بإذن الورثة، ويشترط لنفاذها شرطان:
1- أن تكون بعد موت الموصي لأنه قبل موته لم يثبت للمجيز حق فلا تعتبر إجازته، وإذا أجازها أثناء الحياة كان له الرجوع عنها متى شاء.
وإن أجازها بعد الحياة نفذت الوصية. وقال الزهري وربيعة: ليس له الرجوع مطلقا.
2- أن يكون المجيز وقت الاجازة كامل الأهلية غير محجور عليه لسفه أو غفلة.
وإن لم يكن له وارث فليس له أن يزيد على الثلث أيضا. وهذا عند جمهور العلماء.
وذهب الأحناف واسحاق وشريك وأحمد في رواية، وهو قول علي وابن مسعود، إلى جواز الزيادة على الثلث لان الموصي لا يترك في هذه الحال من يخشى عليه الفقر، ولان الوصية جاءت في الآية مطلقة.
وقيدتها السنة بمن له وارث فبقي من لا وارث له على إطلاقه.