الحاج سليمان

الجمعة، 16 فبراير 2024

كتاب معنى لا إله إلا الله محمد بن عبدالله بن بهادر أبو عبدالله بدر الدين الزركشي

كتاب معنى لا إله إلا الله محمد بن عبدالله بن بهادر


 أبو عبدالله بدر الدين الزركشي 

 بسم الله الرحمن الرحيم وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم الحمد لله حمدا يوافي نعمه ويكافىء مزيده والصلاة والسلام على سيدنا محمد ذو المناقب الحميدة وعلى آله وأصحابه ما دار الزمان بسيطة ومديده وبعد فهذه فوائد جمة وفرائد يعنى بها ذو الهمة غالبها أبكار أبكار عزيزة الوجود رخيصة الأسعار تتعلق بكلمة لا إله إلا الله علقتها في ليلة أقلقني فيها رائد الفكر وتشعبات النظر ليس لي فيها سمير غير المحبرة والسراج ولا أنيس غير الفكر الوهاج هذا وبحره شديد

الأمواج سريع الأزواج إلى أن أسفر الصبح فأعلن بالابتهاج وأنتجت مقدماته أشرف الإنتاج فسرت من عالم الأفكار إلى عالم الاستبصار واستغفرت العزيز الغفار ورتبته على فصول الأول لا نافية للجنس محمولة في العمل على نقيضها إن

واسمها معرب ومبني فيبنى إذا كان مفردا نكرة على ما كان ينصب به

وسبب بنائه تضمنه معنى الحرف وهو من الاستغراقية يدل على ذلك ظهورها في قول الشاعر فقام يذود الناس عنها بسيفه ... وقال ألا لا من سبيل إلى هند وقيل بني لتركبه معها تركيب خمسة عشر

وعن السيرافي والزجاج أن حركة لا رجل ونحوه حركة إعراب وإنما حذف التنوين تخفيفا ويدل على ذلك الرجوع إلى

هذا الأصل في الضرورة كقوله ألا رجلا جزاه الله خيرا ... يدل على محصلة تبيت

ولا حجة فيه لأن التقدير ألا تروني رجلا وإن لم يكن مفردا وأعني به المضاف والمشبه به أعرب نصبا نحو لا خيرا من زيد الثاني لا هذه تخالف إن من أوجه أحدها أنها لا تعمل إلا في النكرات بخلاف إن الثاني أن اسمها إذا لم يكن عاملا كما في لا إله إلا الله فإنه يبنى وقد تقدم السبب في علة بنائه

الثالث أن ارتفاع خبرها عند إفراد اسمها نحو لا رجل قائم بما كان مرفوعا به قبل دخولها لا بها وهو قول سيبويه وخالفه الأكثرون ولا خلاف بين البصريين أن ارتفاعه بها إذا كان عاملا

الرابع أن خبرها لا يتقدم على اسمها ولو كان ظرفا أو مجرورا الخامس أنه يجوز إلغاؤها إذا تكررت نحو لا حول ولا قوة إلا بالله ولك فتح الاسمين ورفعهما والمغايرة بينهما السادس أنه يكثر حذف خبرها إذا علم نحو قالوا لا ضير

وتميم لا تذكره حينئذ الثالث اعلم أن لا لفظ مشترك بين النفي وهي فيه على قسمين قسم تنفي معه الجنس فتعمل عمل إن كما تقدم

وقسم تنفي فيه الوحدة وتعمل حينئذ عمل ليس وبين النهي والدعاء فتجزم فعلا واحدا قلت هكذا ادعى جماعة من النحويين أن لا العاملة عمل ليس لا تكون إلا نافية للوحدة لا غير ورد عليهم بنحو قوله تعز فلا شيء على الأرض باقيا

ولا هذه العاملة عمل ليس تخالف ليس من وجوه أحدها أن عملها قليل الثاني أن ذكر خبرها قليل

الثالث أنها لا تعمل إلا في النكرات خلافا لابن جني وعليه قول النابغة وحلت سواد القلب لا أنا باغيا ... سواها ولا عن حبها متراخيا

وعليه بنى المتنبي قوله إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى ... فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا وقد ترد لا زائدة تقوية للكلام نحو ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن ما منعك ألا تسجد وتوضحه الآية

الأخرى ما منعك أن تسجد الرابع إذا عرف أن لا في كلمة الإخلاص نافية للجنس فإله اسمها ومذهب سيبويه أنها واسمها في محل رفع بالابتداء ولا عمل لها في الخبر ومذهب الأخفش أن اسمها في محل رفع وهي عاملة في الخبر

الخامس قول لا إله إلا الله قدر فيه الأكثرون خبر لا محذوفا فقدر بعضهم الوجود وبعضهم لنا وبعضهم بحق قال لأن آلهة الباطل موجودة في الوجود كالوثن والمقصود نفي ما عدا إله الحق ونازع فيه بعضهم ونفى الحاجة إلى قيد مقدر محتجا بأن نفي الماهية من غير قيد أعم من نفيها بقيد

والتقدير أولى جريا على القاعدة العربية في تقدير الخبر وعلى هذا فالأحسن تقدير الأخير لما ذكر ولتكون الكلمة جامعة لثبوت ما يستحيل نفيه ونفي ما يستحيل ثبوته

السادس ذكر بعضهم أن إلا في كلمة الشهادة بمعنى غير واستدل بقوله تعالى لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ثم بقول الشاعر

وكل أخ مفارقه أخوه ... لعمر أبيك إلا الفرقدان فإنه لو حمل إلا على الاستثناء الصريح لم يكن اللفظ بالكلمة الشريفة توحيدا محضا فإن تقدير الكلام لا إله مستثنى عنه الله فلا يكون نفيا لآلهة لا يستثنى عنها الله وهذا ليس بتوحيد وهذا القائل منازع في هذا الفهم وإجماع العلماء على أنه

يفيد التوحيد المحض وإطلاق الشارع لها غير مقيدة بقيد لا سيما في موضع البيان والتفسير دليل قطعي على أنه صريح فيه وأما حمل الآية على معنى غير فظاهر لأنها مرفوعة نعتا لآلهة لا أن المراد بها الاستثناء إذ المراد نفي المعية لانتفاء التمانع المنفي لانتفاء غير الله تعالى وهو الذي أورده المتكلمون في صورة التقسيم المسمى عندهم برهان الخلف

وأما مجيء كلمة التوحيد بإلا فلأدائها معنى الوحدة وتقدير

لفظة غير في الآية لوجوب نفي مدبر لهما إلا واحد ووجوب أن لا يكون ذلك الواحد إلا الله تعالى وحده قال الزمخشري فإن قلت لم وجب الأمران قلت لعلمنا أن الرعية لتفسد بتدبير الملكين لما يحدث بينهما من التغالب

والاختلاف وهو معنى ما أردنا بانتفاء التمانع السابع قال بعض المتكلمين تصور الإثبات متقدم على تصور النفي بدليل إمكان تصور الإثبات مجردا عن تصور العدم دون العكس فما موجب مخالفته في كلمة الشهادة وأجاب بأن نفي الوجوبية عن الغير ثم إثباتها لله تعالى آكد من الإثبات

وأهل المعاني يقولون إنما بدا بالنفي لأن النفي تفريغ القلب فإذا كان خاليا كان أقرب إلى ارتسام التوحيد فيه وإشراق نور الله تعالى عليه وفي كلام بعضهم أنه إنما بدأ بالنفي لتطهير القلب من الأغيار وصقل جوهره لاستجلاء الأنوار وحصول الأسرار وقوة الأبصار وهذا أشبه بمعارف الصوفية وأليق بمعاني الأسرار الربانية الثامن قول لا إله إلا الله فيه خاصيتان إحداهما أن جميع حروفها جوفية ليس فيها من الحروف الشفهية للإشارة إلى الإتيان بها من خالص جوفه وهو

القلب لا من الشفتين الثانية انه ليس فيها حرف معجم بل جميعها متجردة عن النقط إشارة إلى التجرد عن كل معبود سوى الله تعالى التاسع قول لا إله إلا الله أي على هذه الصيغة الخاصة الجامعة بين النفي والإثبات ليدل على حصر الإلهية لله تعالى فإن الجمع بين النفي والإثبات أبلغ صيغ الحصر وقد ثبت العلم الضروري بالاكتفاء بهذه الكلمة الشريفة في إثبات التوحيد لله تعالى من غير نظر إلى واسطة بين النفي والإثبات ولا انضمام لفظ آخر إليه

لكن هل إفادتها لهذا الإثبات بوضع لغوي أو شرعي أو أنها إنما تفيد نفي شركة إله آخر فأما إثبات الإلهية لله تعالى فإنه معلوم بالعلم الضروري

الحاصل في الطباع لكل عاقل وعند هذا القائل المقصود بالإثبات ثبوت صفة مدح لله تعالى وادعى بعضهم أن هذا الإثبات حصل بالقرينة مع اللفظ والقرينة حصول العلم بأن المطلوب من الخلق على ألسنة الرسل إثبات التوحيد فدل بالقرينة على أن الناطق بالشهادة إنما يريد هذا المعنى وهذا يقرب من القول بأن الاستثناء من النفي ليس إثباتا متمسكا بأن الألفاظ موضوعة للدلالة على الأحكام الذهنية لا على الأمور الخارجية والحق أن خطاب المكلفين بهذه الكلمة

الشريفة وتكليفهم إياها ليس إلا لإثبات إلهية الله تعالى وحده لاكتفاء الشارع بها من غير اعتبار لفظ زائد عليها

ولولا إفادتها التوحيد لوجب بيان الواجب الزائد عليها فإن التوحيد هو المقصود الأصلي من بعثة الرسل واتفاق الخاصة والعامة سلفا وخلفا أن مدلولها إثبات التوحيد وإطلاقهم عليها كلمة التوحيد إجماع منهم فدعوى زائد على ذلك تشغيب على الشرع بالمصطلحات الجدلية وهو غير معتبر ولا جائز وقد استدل أيضا على عدم الواسطة بأن النكرة بعد لا لنفي

العام فتفيد نفي كل آلهة ف إلا بعدها لإثبات ضده وهو بثوت الإلهية لله تعالى وهذا ظاهر وأنشد وليس يصح في الأفهام شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل العاشر سوى الزمخشري بين لا إله إلا الله وبين ما من إله إلا الله لأن كل واحدة من الجملتين اشتمل الكلام منها على نفي وإثبات ومن المؤكدة للنفي المستغرق في إحدى الجملتين ملفوظ والأخرى تضمنت الجملة معناها والظاهر أن لا إله إلا الله ابلغ ولهذا اختيرت في الأغلب وسببه أن لا أقعد بالنفي العام المقصود ههنا من ما ألا ترى أن المقصود من لا نفي الذوات بدليل حذف خبرها كثيرا إيذانا بأن الغرض الاسم لا الخبر ولا يمكن أن يحذف خبر ما لأنه المقصود بالنفي فلما كان المقصود في باب كلمة التوحيد نفي ذات إله سوى الله تعالى كانت لا أقعد بذلك وأيضا فإن الحرف الذي هو من إذا حذف وضمن الاسم معناه وركب مع لا كان أبلغ من بناء الحرف لأن التضمين يصير الاسم دالا على الاستغراق ودلالة الاسم أمكن من دلالة الحرف ثم التركيب يحدث زيادة لا تكون قبله

إلا الله لأن كل واحدة من الجملتين اشتمل الكلام منها على نفي وإثبات ومن المؤكدة للنفي المستغرق في إحدى الجملتين ملفوظ والأخرى تضمنت الجملة معناها والظاهر أن لا إله إلا الله ابلغ ولهذا اختيرت في الأغلب وسببه أن لا أقعد بالنفي العام المقصود ههنا من ما ألا ترى أن المقصود من لا نفي الذوات بدليل حذف خبرها كثيرا إيذانا بأن الغرض الاسم لا الخبر ولا يمكن أن يحذف خبر ما لأنه المقصود بالنفي فلما كان المقصود في باب كلمة التوحيد نفي ذات إله سوى الله تعالى كانت لا أقعد بذلك وأيضا فإن الحرف الذي هو من إذا حذف وضمن الاسم معناه وركب مع لا كان أبلغ من بناء الحرف لأن التضمين يصير الاسم دالا على الاستغراق ودلالة الاسم أمكن من دلالة الحرف ثم التركيب يحدث زيادة لا تكون قبله

الحادي عشر استغراق المفرد أكثر تناولا لأفراد المسمى من استغراق الجمع بدليل صحة لا رجال في الدار إذا كان فيها رجل أو رجلان دون لا رجل فإنه لا يصدق إذا كان فيها رجل أو رجلان ومن هنا يظهر لطف قوله تعالى حاكيا عن زكريا عليه السلام إني وهن العظم مني ولم يقل العظام قال الزمخشري إنما وحد العظام لأن الواحد هو الدال على معنى الجنسية وقصده إلى أن هذا الجنس الذي هو عمود البدن وبه قوامه قد أصابه الوهن ولو جمع لكان قصد إلى معنى آخر وهو أنه لم يهن منه بعض عظامه ولكن كلها قال إمام الحرمين في البرهان هنا أمر ينبغي أن يتفطن له

الناظر وهو أن لفظ التمر أحرى باستيعاب الجنس من التمور فإن التمر يسترسل على الجنس لا بصيغة لفظه والتمور ترده إلى تخيل الوحدان ثم الاستغراق بعده بصيغة الجمع قال شارحوه يريد أن المطلق يطلق لفظ التمر بإزاء المعنى المكمل للآحاد والتمور يلتفت فيه إلى الوحدان فلا يحكم فيه على الحقيقة بل على أفرادها إذا عرفت هذا فلا يخفى عليك لطف نفي المفرد في كلمة الشهادة الثاني عشر لفظ إله في كلمة الشهادة نكرة في سياق النفي فيعم بلا شك والمقصود أن قولهم النكرة إذا كانت في سياق النفي للعموم

ليس على إطلاقه فقد اتفق الأدباء والأصوليون على أن قولنا لا رجل في الدار بالرفع لا يفيد العموم بل يقال لا رجل في الدار بل اثنان مع أنه نكرة في سياق النفي واتفق الناس أيضا على أن

قولنا ليس كل حيوان إنسانا وليس كل عدد زوجا كلام صادق وليس للعموم مع أنه نكرة في سياق النفي ولا يمكن أن يضبط محل النزاع بأن النكرة إذا بنيت مع لا لأن قولنا ما جاءك من أحد وليس في الدار أحد

للعموم مع عدم البناء فيبقى ضبط محل النزاع مشكلا والجواب أنا نقول متى كانت النكرة في سياق النفي فهي للعموم ما عدا هاتين الصورتين وسبب استثناء هاتين الصورتين بين أما الأولى فلأن المراد بها نفي الماهية الكلية بقيد الوحدة لا بقيد التتبع في جملة المحال فلا جرم حسن أن يقال لا رجل في الدار بل اثنان أما إذا بنيت النكرة مع لا فلا لأنه جواب لمن قال هل من رجل في الدار فقيل له لا رجل في الدار أي لا واحد من أحاد ما ذكرته كائن في الدار وتضمن من هو سبب بناء اسمها معها كما تقدم وأما ههنا لما قدر البناء دل على عدم سببه وهو تضمن من

فيكون إخبارا مستأنفا لا جوابا وأما الصورة الثانية فلأنها سلب الحكم عن العمومات وتقريره

أنا نتوهم أن قائلا قال كل عدد زوج فأثبت حكم الزوجية على العموم فقصدنا أن نرفع هذه الموجبة الكلية ويكفي في رفع الموجبة الكلية السلب عن فرد من أفرادها ولذلك كانت السالبة الجزئية نقيض الموجبة الكلية فنحن سالبون

لحكم الكلية لا حاكمون بالسلب لأفراد الكلية فحيث ادعينا أن النكرة للعموم هو حيث يكون الحكم بالسلب لأفراد النكرة لا حيث يكون الحكم مساويا لجزء كل أفرادها بل هذه سالبة جزئية الثالث عشر زعمت الحنفية أن النكرة في سياق النفي إنما عمت بطريق الالتزام لا بالمطابقة والمقصود بالنفي إنما هو المعنى الكلي بالوضع فيلزم من نفيه نفي جزئياته بطريق الالتزام

والحق أن العرب وضعت اللفظ للحكم بالسلب على كل واحد من تلك الجزيئات واللفظ يدل على ذلك مطابقة ويرد على الحنفية أن الاستثناء يرد على العمومات فعلى رأيهم لا يكون من جنس المنطوق به لأنه هو الحقيقة الكلية على زعمهم وعلى رأينا يكون من جنس المنطوق لأن المنطوق هو السالبة الكلية والأصل في الاستثناء أن يكون متصلا مخرجا لما يتناوله اللفظ مطابقة

الرابع عشر النكرة المنفية كما في كلمة الشهادة أقوى في الدلالة على العموم من النكرة في سياق النفي ولذلك قال سيف الدين الآمدي في أبكار الأفكار إن النكرة في سياق النفي لا تعم وإنما تعم النكرة المنفية

الخامس عشر إذا عرفت هذا عرفت أن النكرة في سياق الإثبات لا تعم كذا أطلق جماعة من الأصوليين والحق غيره وأنها بحسب المقامات والذي أريده هنا أنه تستثنى من ذلك صورتان إحداهما إذا كانت في سياق الشرط نبه عليه الإمام في البرهان الثانية إذا كانت في سياق الامتنان نص عليه

القاضي أبو الطيب الطبري السادس عشر اعلم أن الاستثناء من النفي إثبات ومن الإثبات نفي وحكي عن الحنفية المنع في الأول وأنهم أثبتوا واسطة بين الحكم بالنفي والحكم بالإثبات وهو عدم الحكم بشيء واحتج لذلك بأن الإثبات أخص من النفي فلا يستلزم ثبوت الأعم ثبوته فيكون حكم المستثنى مسكوتا عنه وهو منقدح ظاهر ووجهه بعض متكلميهم بأن لا عالم من قولك لا عالم إلا زيد يتضمن شيئين الحكم بالعدم ونفي هذا العدم فالاستثناء بعده يحتمل أن يعود على الحكم بالعدم فلا

يستلزم تحقق الثبوت فيبقى المستثنى غير محكوم عليه بنفي ولا إثبات وهذا معنى الواسطة التي أثبتوها وعورض بأن الاستثناء يحتمل أن يعود إلى نفس النفي وإذا انتفى النفي ثبت الإثبات قطعا ضرورة ترتب وجود الضد على عدم الضد وأيضا بأن الظاهر عدم واسطة بين النفي والإثبات والأصل عدم خلاف الظاهر فإثبات واسطة خلاف الأصل ولهم أن يجيبوا بأن الأصل النفي والأصل بقاء الأصل الثابت والإثبات في الكلمة مستفاد من الوضع الشرعي والنزاع إنما هو في مدلول الوضع اللغوي وهذا منقدح أيضا وأما المثل التي تورد في الاحتجاج على تقرير هذه القاعدة فهي

لا نكاح إلا بولي ولا صلاة إلا بطهور ولا علم إلا بحياة ودعوى المستدل منهم أن قولهم يستلزم حصول الصلاة ووجود النكاح بمجرد حصول الطهارة والولي كما يستلزم قولنا لا عالم إلا

زيد ثبوت العلم لزيد وليس كذلك قطعا فهو غير قادح وقد أجيب في كتب الأصول بأن هذه الصور شروط وإنما لم يلزم فيها إثبات الحكم الخارجي من حيث أن الشرط لا يلزم منه حصول المشروط فعدم دلالة هذه الصور على الإثبات لذلك وجواب آخر وهو أن يقدر محذوف يدل عليه اللفظ وهو لا صلاة إلا صلاة بطهور ولا نكاح إلا نكاح بولي ولا علم إلا علم بحياة وليس الاستثناء من العلم والصلاة وإلا لكان الاستثناء منقطعا فثبت المدعى وهو أن الاستثناء من النفي إثبات السابع عشر اسم الله سبحانه علم واجب لذاته الذي تفرد به تعالى فلم

يجعل لغيره شركة في لفظه كما لم يكن لأحد شركة في معناه وعليه تجرى صفاته وهو بمثابة العلم من حيث إنه يوصف ولا يوصف به لأنه اسم علم لله كأسماء الأعلام التي سمي بها غيره تعالى فإن الأعلام في الأصل وضعت للتمييز بين المسميين وهذا محال على الله

وهو أيضا مستثنى من الخلاف في أن أي المعرفتين أعرف ولذلك قال سيبويه اسم الله تعالى أعرف المعارف وروي أنه رئي في المنام وقد نال خيرا كثيرا بهذه الكلمة الثامن عشر ذهب الأكثرون إلى أن اسم الله تعالى بمثابة الاسم العلم غير مشتق من شيء واحتج بقوله هل تعلم له سميا فلو كان مشتقا

لكان له سمي لأن المشركين سموا أصنامهم آلهة وهذا غير لازم لأن الذي سمى به المشركون أصنامهم هو ما حكاه الله تعالى بقوله قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة وقال إلهكم وإله موسى فأما اسم الله فلام التعريف اللازمة عوض عن الهمزة فلم يسم به غير الله ولم يستعمل قط منكرا وقوله تعالى هل تعلم له سميا أي هل تعلم شيئا يسمى الله

غيره أو هل تعلم له نظيرا في الخلق ووجوب الإلهية وأيضا فإنه لا يستلزم الاشتقاق لاتحاد المعنى فإن العرب قد تضع للمعنيين اسمين مختلفين من لفظ واحد فقد قالوا للبناء حصين وللمرأة حصان وللشجر رزين وللمرأة رزان وكلاهما مشتق من الحصانة والرزانة ومن زعمهم

الكاذب أن العيوق عاق الدبران لما ساق إلى الثريا مهرا وهي نجوم صغار نحو عشرين نجما فهو يتبعها أبدا خاطبا لها والدبران يعوقه ولذلك سموا هذه النجوم القلاص وعليه انشد قول الشاعر أما ابن طوق فقد أوفى بذمته ... كما وفى بقلاص النجم حاديها وعلى هذا لا يمتنع أن يكون الله مشتقا من الألوهية وهو

المذهب الذي عليه الأكثرون وقيل مشتق من أله إذا فزع والله تعالى مفزع كل شيء وهو مروي عن ابن عباس أو من أله إذا تحير ودهش لأن العقول تحار في بحار عظمة الله سبحانه أن تحيط به الأفكار أو يحده المقدار وفي اشتقاقه أقوال غير هذه التاسع عشر قيل اسم الله تعالى منقول إلى الاختصاص بعد العموم وأن

أصله ألا ثم اختص به تعالى كالاختصاص في العيوق والدبران والنجم ونحوها من الأسماء المختصة بالألف واللام كالحسن

والعباس والحارث مما كان في الأصل صفة وذهب آخرون ومنهم المازني أن اسم الله تعالى وقع هكذا في أول أحواله ليس أصله إله واعترض عليه الرياشي فقال لم أثبت أن يكون أصله الإله ثم خفف بحذف الهمزة

فأجاب بأنه لو كان أصله الإله لكان مقتضاه في الحالين واحدا كالأناس والناس ورد بأنه ليس في الكلام العربي اسم فيه الألف واللام إلا وهما مقدران زائدين وإن كانا لازمين

ومن جهة المعنى بأن الأعلام إنما وضعت للفصل بين ما تشابه ويشتبه ولذلك قال سيبويه إن العلم كأنه مجموع صفات يعني أنه وضع لترك الإطالة بذكر الصفات وإذا كان كذلك امتنع أن يكون الله تعالى اسم علم لاستحالة الشبيه والنظير له تعالى قال العلامة أبو محمد السيد إن قال قائل إن الصفات إنما وضعت للفصل عند التشابه فإذا استحال أن يكون للباري تعالى اسم

علم لأنه لا شبيه له فذلك وارد في الصفات لاستحالة الشبة بينه وبين غيره قيل له ليس الغرض بذكر الصفات الفصل بين الموصوفين خاصة بل قد ترد الصفات لذلك وقد ترد للمدح أو الذم أو الترحم وإن لم يكن إلباس والفرق بينهما أن الأول حكمه أن تجري الصفة على الموصوف في إعرابه ولا مخالفة لأنه لما كان لا يفهم إلا مع ذكر صفته صارا كالشيء الواحد ولأجل هذا شبه سيبويه الصفة والموصوف بالصلة والموصول

وأما الثاني فيجوز فيه الإجراء والقطع وعلى هذا الثاني تحمل صفات الله تعالى يعني أنها أجريت عليه سبحانه للمدح لا للتعريف ثم الألف واللام في اسم الله تعالى الظاهر أنها للعهد أي الذي عهدت له الألوهية قيل وكذا في جميع صفاته تعالى ويستحيل كونها للجنس كما سبق

وقال الكوفيون إنها للتفخيم ورد بعدم نظيره في كلام العرب وقال من جعل اسم الله علما غير منقول هما زائدتان وهو تناقض فإن حرف التعريف لا يزاد في الأعلام غير المنقولة إلا في ضرورة الشعر كقوله وجدنا الوليد بن اليزيد خليفة ... واختلف في كيفية دخولهما عليه فقيل أصله إلاه وعن

الخليل أصله لاه وفي القولين تصرف تصريفي والألف على الأول زائدة وعلى الثاني أصلية ونقل السهيلي

وابن العربي فيهما قولا غريبا وهو أن الألف واللام فيه أصلية غير زائدة واعتذروا عن وصل الهمزة بكثرة الاستعمال كما يقول الخليل

في همزة التعريف ورد قولهما بأنه كان ينبغي أن ينون لفظ الجلالة لأن وزنه حينئذ فعال وليس فيه ما يمنعه من التنوين فدل على أن أل فيه زائدة ومن غريب ما قيل فيه إنه صفة وليس باسم لأن الاسم يعرف المسمى والله تعالى لا يدرك حسا ولا بديهة فلا يعرفه اسمه وإنما تعرفه صفاته ولأن العلم قائم مقام اسم الإشارة والله تعالى يمتنع ذلك في حقه

وقد رد الزمخشري هذا القول بما معناه أنك تصفه ولا تصف به فنقول إله عظيم واحد كما تقول نبي عظيم ورجل كريم ولا تقول شيء إله كما لا تقول شيء رجل ولو كان صفة لوقع موقع صفة لغيره لا موصوفا العشرون من خواص اسم الله تعالى أن أسماء الله كلها صفات له وهو مخصوص به غير صفة وأن أسماء الله تعالى كلها تنسب إليه ولا تنسب إلى شيء منها ولله الأسماء الحسنى وأن غيره من الأسماء قد يسمى وإن لم يتسم به أحد وأنه لزمته الألف واللام عوضا من الهمزة ولم يفعل ذلك لغيره وأنه اختص في القسم بخاصة لا تكون لغيره من أسماء الله تعالى ولا شيء من مخلوقاته كقولهم تالله لأفعلن وهو على شرفه دليل وأنه جمع فيه بين يا التي للنداء

واللام ولم يجىء ذلك في غيره إلا ما جاء في ضرورة الشعر وأنه حذف منه الألف في الخط تنزيها له أن يشتبه باللات في الوقف والخط إذا كتبت اللات بالهاء والمشهور أنها حذفت لكثرة الاستعمال ولما اختص به هذا الاسم العظيم من الخواص المذكورة وغيرها

ذهب ذاهبون إلى أنه اسم الله الأعظم وقد تكلم كل ذي فن من العلوم على هذا الاسم بما لو جمع لبلغ ما لا تحصره دواوين وما بلغت نفس امرىء قال مبلغا ... من القول إلا والذي فيه أعظم قال الأستاذ أبو إسحق الأسفراييني هذا الاسم يدل على ذات

موصوفة بنعوت الجلال له قدرة تصلح لاختراع متعلقة بالممكنات وعلم محيط بالمعلومات وإرادة نافذة في المرادات وله الأمر والنهي ولا تصح العبادة إلا له وله صفة تجب له وهي اختصاصية في وجوده على وجه لا يشغل الحيز والمحل الحادي والعشرون في الاسم والمسمى اعلم أن التسمية عند أهل الحق ترجع إلى لفظ المسمى الدال على الاسم والاسم لا يرجع إلى لفظه بل هو مدلول التسمية فإذا قال قائل زيد كان قوله تسمية وكان المفهوم منه اسما والاسم هو المسمى في هذه الحالة ثم قد يرد الاسم والمراد به التسمية كما ترد الصفة والمراد بها الوصف وذهبت المعتزلة إلى التسوية بين الاسم والتسمية والوصف

والصفة والتزموا على ذلك بدعة شنعاء فقالوا لم يكن للباري تعالى في الأزل وصف ولا اسم فالاسم والصفة أقوال المسميين الواصفين ولم يكن في الأزل قول عندهم قال إمام الحرمين ومن زعم أنه لم يكن للرب تعالى في الأزل صفة الإلهية فقد فارق الدين وإجماع المسلمين

ثم الدليل على أن الاسم يفارق التسمية ويراد به المسمى قوله سبحانه سبح اسم ربك الأعلى فإنما المسبح الرب تعالى دون اللفظ وقال تبارك اسم ربك والمعنى تبارك ربك وقال في ذم عبدة الأوثان ما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها ومعلوم أن عبدة الأوثان ما عبدوا أقوال الذاكرين وإنما عبدوا المسمى بالتسمية وقال أبو عبيد معمر بن المثنى

الاسم هو المسمى ثم استشهد على ذلك بقول لبيد إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ... ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر أي ثم السلام وهذا فيه نظر فإن العرب في نظمها ونثرها إذا أطلقت الكلام تريد به ما استمرت به العادة بدليل إذا أوصى بجارية لشخص فإنه

يحمل على الإماء دون السفن ولو قال قائل ما من مؤمن إلا وقد بدت منه زلة أوسم بها فلا يوبخ وإن كان المؤمن من أسماء الله تعالى واستدل بعض الأصحاب بقول سيبويه الأفعال أمثلة أخذت من لفظ أحداث الأسماء إذ الأحداث تصدر من المسميات دون الأقوال نحو القيام والقعود وغيرهما ويدل عليه اتفاق المسلمين قبل ظهور البدع على أن الرب تعالى في أزله كانت له الأسماء الحسنى ولا ينكر ذلك محصل ولم يكن في الأزل قول فإن قالوا لو أن الاسم هو المسمى لوجب تعدده لتعدد الاسم وقد قال تعالى ولله الأسماء الحسنى وقال عليه الصلاة

والسلام لله تسعة وتسعون اسما ولما امتنع التعدد دل على أن المراد بالاسم القول

قلنا الاسم هو المسمى في حقيقته وقد يطلق بمعنى التسمية توسعا وتجوزا كما تقدم وقال بعض الأئمة الاسم مشترك فقد يراد به التسمية كما صار إليه المعتزلة وقد يراد به المسمى كما صار إليه مشايخنا فهو مشترك ثم إطلاق أهل اللسان يتضمن الوجهين جميعا وكلاهما حقيقة وهو مذهب الأستاذ أبي منصور بن أيوب قال إمام الحرمين وهذه طريقة حسنة جدا قريبة من مأخذ الآداب وينبغي للصائر إليها الرد على المعتزلة حيث صرفوا الاسم إلى

التسمية وأبي عبيد حيث صرفه إلى المسمى فتبقى عليهم الحجج الدالة على مغايرة الأسماء للمسميات

فهذا وجيز مغن عن كثير من الترهات التي صار إليها الجهلة وذلك كقولهم لو كان الاسم هو المسمى لاحترق فم من قال نارا إذ قوله نار تسمية لا اسم وكقول من لم يحصل ممن ينتمي إلينا لو كان الاسم غير المسمى لما حد القاذف لأنه قذف الاسم دون المسمى وللخصم أن يقول الدال على المسمى هو الاسم والمقذوف هو المسمى

ثم يقول كل اسم دل على فعل كالخالق والرازق فالأسماء هي الأفعال فهي متعددة وكل اسم دل على الصفات فهي أيضا متعددة كالعالم والقادر إذ لا يبعد التعدد في الصفات القديمة قالوا الرب سبحانه يسمى موجودا إلها قديما فوجب أن يتعدد وعدوا هذا من أقوى عددهم وقال القاضي أبو بكر هذه الأسماء يتعين صرفها إلى صفات نفسية لأنها زائدة على الذات فهي الأحوال عند مثبتها فيؤول

العدد إليها والرب الموصوف بها واحد قال الإمام وهذه الطريقة هي المرضية عند المحققين وصدوا بها المخالفين الثاني والعشرون قال الشيخ أبو الحسن الأشعري فيما نقله

الأنصاري عنه في شرح الإرشاد والإمام في الإرشاد إن أسماء الله تعالى ثلاثة أقسام ما يقال إنه هو وهو كل ما دلت التسمية به على وجوده كالموجود والقديم ونحوهما ومن أسمائه ما لا يقال إنه غيره وهو كل ما دلت التسمية به على فعل كالخالق والرازق ومن أسمائه ما لا يقال إنه هو ولا يقال إنه غيره وهو كل ما دلت التسمية به على صفة كالعالم والقادر

قال وذكر بعض أئمتنا أن كل اسم هو المسمى بعينه وصار إلى أن الرب سبحانه إذا سمي خالقا ورازقا فالخالق هو الاسم وهو الرب سبحانه وليس الخالق اسما للخلق ولا الخلق اسما للخالق وطردوا ذلك في جميع الأقسام قال إمام الحرمين والمرضي عندنا طريقة الشيخ أبي الحسن الأشعري فإن الأسماء تنزل منزلة الصفات فإذا أطلقت ولم تقتض نفيا حملت على ثبوت محقق فإذا قلنا الله الخالق وجب صرف ذلك إلى ثبوت وهو الخلق وكان معنى الخالق من له الخلق ولا ترجع من الخلق صفة متحققة إلى الذات فلا يدل الخالق إلا على إثبات الخلق ولذلك قال أئمتنا لا يتصف الرب تعالى في أزله بكونه خالقا إذ لا خلق في الأزل ولو وصف بذلك على معنى أنه قادر كان توسعا وتجوزا الثالث والعشرون أطلق بعضهم النقل عن الأشعري أن الاسم عين المسمى

وأوله بأن لفظ الاسم اسم لكل لفظ دل على معنى في نفسه غير مقترن بأحد الأزمنة الثلاثة ولفظ الاسم كذلك فيكون الاسم اسما لنفسه فيكون الاسم عين المسمى بهذا الاعتبار لا يقال كون الاسم اسما لمسمى من باب المضاف والمضاف إليه وأحد المتضايفين لا بد وأن يكون مغايرا للآخر لأنا نقول تغاير الاعتبار كاف في تغاير المضافين وههنا الاسم وإن كان عين المسمى إلا أنه اعتبار كونه اسما غير اعتبار كونه مسمى الرابع والعشرون ظن كثير من الناس أن الخلاف في مسألة الاسم هل هو المسمى أو غيره أنه لفظي لا يترتب عليه فائدة والأمر ليس على هذا الظن وبيانه أنك إذا سميت شيئا باسم فالنظر في ثلاثة أشياء ذلك الاسم وهو اللفظ ومعناه قبل التسمية

ومعناه بعد التسمية وهو الذات التي أطلق اللفظ عليها والذات واللفظ متغايران قطعا والنحاة إنما يطلقون الاسم على اللفظ لأنهم إنما يتكلمون في الألفاظ وهو غير المسمى قطعا عند الفريقين والدال هو الاسم عند الفريقين وليس هو المسمى قطعا والخلاف إنما هو في معنى اللفظ قبل التلقيب فعلى قواعد المتكلمين يطلقون الاسم عليه ويختلفون في أنه الثالث أو لا فالخلاف عندهم حينئذ في الاسم المعنوي هل هو المسمى أو لا لا في الاسم اللفظي وأما النحاة فلا يطلقون الاسم على غير اللفظ لأن صناعتهم إنما تنظر في الألفاظ والمتكلم لا ينازع في ذلك ولا يمنع هذا الإطلاق لأنه إطلاق اسم المدلول على الدال ويريد شيئا آخر دعاه علم الكلام إلى تحقيقه في مسألة الأسماء والصفات وإطلاقها على الباري تعالى كما تقرر في علم الكلام ولنبرز ذلك في قالب مثال فتقول إذا قلت عبد الله أنف

الناقة فالنحاة يريدون باللقب لفظ انف الناقة والمتكلمون يريدون معناه وهو ما يفهم منه مدح أو ذم وقول النحاة إن اللقب ويعنون به اللفظ ما أشعر بضعة أو رفعة لا ينافيه لأن اللفظ يشعر بدلالته على المعنى والمعنى في الحقيقة هو المقتضي للضعة أو بالرفعة وذات عبد الله هي الملقب عند الفريقين فهذا تنقيح محل الخلاف في هذه المسألة وبه يظهر أن الخلاف في أن الاسم المسمى أو غيره خاص بأسماء الأعلام المشتقة لا في كل اسم والمقصود به إنما هو المسألة المتعلقة بأصول الدين

الخامس والعشرون عادة من يتكلم على لفظ الجلالة يذكر الخلاف في الاسم والمسمى ورأيت في كلام بعض المتأخرين أن الخلاف محله في غير اسم الله تعالى وأما الله تعالى فلا يجوز إطلاق ذلك عليه بل هو سبحانه واحد في ذاته وصفاته كذلك لا يقال هذا هذا ولا هذا غير هذا بل نطلقه كما أطلقه الله تعالى الله عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا السادس والعشرون قال القاضي أبو بكر اعلم أن أسماء الله تعالى توقيفية لا تؤخذ قياسا واعتبارا من جهة العقول

وقد زل في هذا الباب طوائف من الناس ونحن بعون الله نذكر المقصد منه على السداد فنقول مأخذ أسماء الله التوقيف والمعني بالتوقيف ورود الإذن من الله تعالى وكل ما ورد في إطلاقه إذن أطلقناه وما ورد الشرع فيه بالمنع منعناه وما لم يصح عندنا فيه إذن بالإطلاق ولا المنع منه لم نقض فيه بجواز ولا منع ولا تحليل ولا تحريم إذ هما حكمان لا سبيل إلى القضاء بواحد منهما إلا بالشرع وسبيله سبيل الأحكام قبل ورود الشرع ثم لا يشترط في جواز الإطلاق الخبر القطعي بل يكتفى بالخبر الصحيح ثم قال في آخر كلامه والذي يجب بسطه أن كل لفظ مخيل موهم يفضي بظاهره إلى ما يتقدس الرب تعالى عنه فلا يجوز إطلاقه إلا بثبت شرعي وكذا ما صح من الألفاظ بأن ورد الشرع بالمنع منه منعناه وإن لم يرد فيه إذن ولا منع توقفنا فيه هذا كلامه وهو المختار عند الخلاف وذهب بعضهم أن كل اسم دل على معنى يليق بجلال الله وصفاته يصح إطلاقه على الله بلا توقيف لأن أسماء الله وصفاته مذكورة بالفارسية والتركية وسائر اللغات ولم يرد شيء منها في القرآن والحديث مع إجماع المسلمين على جواز إطلاقها على الله ولأن الله تعالى قال

ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وحسن الاسم باعتبار دلالته على صفات المدح ونعوت الجلال

وكل اسم دل على هذه المعاني كان اسما حسنا فيجوز إطلاقه على الله تمسكا بهذه الأدلة ولأنه لا فائدة في الألفاظ إلا رعاية المعنى فإذا كانت المعاني صحيحة كان الإطلاق جائزا وفي المسألة مذهب ثالث ذهب إليه الغزالي رحمه الله وهو أن إطلاق الاسم على الله لا يجوز إلا بالتوقيف وأما إطلاق الصفات عليه فلا يتوقف على التوقيف ففرق بين الاسم والصفة وقال اسمي

محمد واسمك أبو بكر فهذا من باب الأسماء وأما الصفات فمثل

وصف الإنسان بكونه طويلا فقيها وكذا وكذا لأن وضع الاسم في حق الواحد منا سوء أدب ففي حق الله أولى وأما ذكر الصفات في حقنا بالألفاظ المختلفة فهو جائز من غير منع فكذا في حق الباري تعالى السابع والعشرون ادعى بعض المشايخ الفضلاء أن لا لنفي الأبد ولن إلى وقت وعكس بعضهم هذا المعنى وهم المعتزلة وزعموا أن لن

تفيد النفي الأبدي واستدلوا بذلك على نفي الرؤية في قوله تعالى

لموسى لن تراني نقله إمام الحرمين عنهم في الشامل ورد عليهم بقوله تعالى لليهود فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولن يتمنوه أبدا ثم أخبر عن عامة الكفرة أنهم يتمنون الموت في الآخرة فيقولون يا ليتها كانت القاضية يعني الموت

قلت والحق أن لا ولن معا لمجرد النفي عن الأفعال المستقبلية والتأبيد وعدمه يؤخذان من دليل آخر خارج عنهما وإن استدلوا على أن لن للتأبيد بقوله تعالى فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا و لن يخلقوا ذبابا عورضوا بقوله تعالى لا تأخذه سنة ولا نوم و ولا يئوده حفظهما و ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط ونحو ذلك مما هو للتأبيد وقد استعملت فيه لا دون

لن فهذا يدل على أنهما لمجرد النفي والتأبيد وعدمه مستفادان من دليل آخر والزمخشري من المعتزلة نص في كتابه الأنمودج على أن لن تفيد التأبيد ونص في الكشاف على أنها تفيد تأكيد النفي وكلاهما دعوى بلا دليل لما ذكرنا ولو كانت للتأبيد لم يقيد منفيها باليوم في قوله تعالى فلن أكلم اليوم إنسيا ولكان ذكر الأبد في قوله ولن يتمنوه أبدا تكرارا والأصل عدمه وقد صرح الزمخشري بأن لا لا تفيد النفي الأبدي بل تنفي

فعلا مستقبلا دخل عليه حرف التنفيس بخلاف لن وهذا المعنى وإن كان يشير إليه كلام سيبويه في تمثيله بسيفعل فإنما قصد الزمخشري بذلك توطئة لقاعدة استحالة الرؤية في الآخرة كما تقدم والآية إنما ينفي ظاهرها حصول الرؤية معاقبا للسؤال أو في الدنيا فإن السؤال إنما توجه نحو ذلك والجواب إنما يكون مطابقا للسؤال ولذلك لم يؤكد النفي فيه بالأبدية وأحيل على النظر إلى تجلي الآيات للجبل الثامن والعشرون قال بعض أهل البيان إن لن لنفي القريب ولا لنفي البعيد عكس مقالة الزمخشري وعلله بأن الألفاظ مشاكلة للمعاني والنفس يمتد في ألف لا أكثر من لن فاقتضت بعدا زائدا على لن يعني به أنها لما اختصت بزيادة مد اختصت بزيادة مدة

وهذا كما قيل في ثم إنها لما اختصت بزيادة في لفظها على الفاء اختص معناها بزيادة المهلة دون الفاء لأن كثرة الحروف مؤذنة بكثرة المعنى وبحسب المذهبين أولوا الآيتين في قوله تعالى ولن يتمنوه أبدا ولا يتمنونه أبدا ووجه القول الثاني البياني أن لا يتمنونه . . . جاء بعد الشرط في قوله تعالى إن زعمتم أنكم أولياء لله من دون الناس فتمنوا الموت وحرف الشرط يعم كل الأزمنة فقوبل ب لا ليعم ما هو جواب له أي متى زعموا ذلك في وقت ما فقل لهم فتمنوا الموت و ولن يتمنوه جاء بعد قوله قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة أي إن كانت قد وجبت الدار الآخرة فتمنوا الموت الآن استعجالا للكون في دار الكرامة التي أعدها الله تعالى لأوليائه وأحبابه وعلى وفق هذا القول جاء قوله تعالى لن تراني التاسع والعشرون ليتذكر العالم بمعاني الكلم ما أثبته هنا من الكلام في حرفي النفي وبقي من حروف النفي لم

وليعلم أنهن وإن كن أخوات في الاشتراك في النفي لكنهن أخوات علات تتباين في نسبة النفي بأسباب وعلامات فنقل سيبويه أن لم حرف نفي ل فعل ولن حرف نفي ل سيفعل ولا لنفي ل يفعل يعني بذلك أن لا موضوعة لنفي الفعل المستقبل مطلقا وقد ينفى بها الماضي عند التكرر نحو قوله فلا صدق ولا صلى وعند التعظيم كقوله تعالى فلا اقتحم العقبة وعند الدعاء كقوله E لا استطعت وما هو بلفظ الدعاء

كقوله لا كبرت سنك وما هو متردد بين معنى الدعاء والنفي كقوله لا صام ولا أفطر يعني من صام الدهر ولن تأتي لتأكيد

نفي المستقبل كما مر

وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد الذي إرساله رحمة وقوله حكمة وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين

​الإعلام بحدود قواعد الإسلام​



​الإعلام بحدود قواعد الإسلام​ المؤلف القاضي عياض
تقديم
القاعدة الأولى: وهي الشهادتان ←
تقديم: قال الشيخ  الحافظ القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي :
  الحمد لله الذي لا ينبغي الحمد إلا له، وأساله أن يخص بأزكى صلواته وأنمى بركاته محمدا نبينا وآله، وأن يخلص لوجهه أقوال الكل منا وأعماله، وبعد : أيها الراغب في الخير، الحريص على تدريب المتعلمين لوجوه البر، فإنك سألتني في جمع فصول سهلة المأخذ، قريبة المرام، مفسرة حدود قواعد الإسلام. فاعلم – وفقنا الله وإياك – أن مباني الإسلام خمسة، كما قال نبينا عليه السلام : "بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إلاه إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت."
شرح القاعدة الأولى وهي الشهادتان
ولابد فيها من اعتقاد بالقلب ونطق باللسان. وتفاصيلها أربعون عقيدة : عشر يعتقد وجوبها، وعشر يعتقد استحالتها، وعشر يتحقق وجودها، وعشر متيقن ورودها.
فالعشر الواجبات
أن تعتقد أن الله واحد غير منقسم في ذاته، وأنه ليس معه ثان في إلاهيته، وأنه حي قيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم، وأنه إله كل شيء وخالقه، وأنه على كل شيء قدير، وأنه عالم بما ظهر وما بطن، ﴿لا يغرب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض﴾، وأنه مريد لكل كائن من خير أو شر، ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه سميع بصير متكلم بغير جارحة ولا آلة، بل سمعه وبصره وكلامه صفات له، لا تشبه صفاته الصفات، كما لا تشبه ذاته الذوات ﴿ليس كمثله شيء وهو السميع البصير﴾.
والعشر المستحيلات
أن تعتقد أنه تعالى يستحيل عليه الحدوث والعدم، بل هو تعالى بصفاته وأسمائه قديم باق دائم الوجود ﴿قائم على كل نفس بما كسبت﴾ ليس له أول ولا آخر، بل ﴿هو الأول والآخر﴾، وأنه لا إلاه سواه، ﴿لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا ﴾، وأنه مستغن عن جميع خلقه، غير محتاج إلى ظهير في ملكه، وأنه لا يشغله شأن عن شأن في قضائه وأمره، وأنه لا يحويه مكان في سماواته ولا أرضه، بل هو كما كان قبل خلق المكان، وأنه ليس بجوهر ولا جسم، ولا على صورة ولا شكل، ولا له شبيه ولا مثل، بل هو الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفؤا أحد، وأنه لا تحله الحوادث والتغيرات، ولا تلحقه النقائص والآفات، وأنه لا يليق به الظلم، بل قضاؤه كله حكمة وعدل، وأنه ليس شيء من أفعال خليقته بغير قضائه وخلقه وإرادته، بل ﴿تمت كلمات ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته﴾، ﴿يضل من يشاء ويهدي من يشاء﴾، ﴿لا يسأل عما يفعل، وهم يسألون﴾.
والعشر المتحقق وجودها
أن تعتقد أن الله تعالى أرسل لعباده أنبياءه ورسله، وأنه أنزل عليهم آياته وكتبه، وأنه ختم الرسالة ،بمحمد ﷺ، وأنه أنزل عليه ﴿القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان﴾ وأنه كلام ربنا ليس بمخلوق ولا خالق، وأنه عليه اللام فيما أخبر به صادق، وأن شريعته ناسخة لجميع الشرائع، وأن الجنة والنار حق، وأنهما موجودتان، لأهل الشقاء والسعادة معدتان، وأن الملائكة حق، منهم حفظة يكتبون أعمال العباد، ومنهم رسل الله إلى أنبيائه، و﴿ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون﴾.
والعشر المتيقن ورودها
أن تعتقد أن الدنيا فانية، و﴿كل من عليها فان﴾، وأن الخلق يفتنون في قبورهم وينعمون ويعذبون، وأن الله تعالى يحشرهم يوم القيامة، كما بدأهم يعودون، وأن الحساب حق، والميزان حق، وأن الصراط حق، وأن الحوض حق، وأن الأبرار في الجنة في نعيم، والكفار في النار في جحيم ، وأن المؤمنين يرون الله عز وجل بأبصارهم في الآخرة، وأن الله تعالى يعذب بالنار من يشاء من أهل الكبائر من المؤمنين، ويغفر لمن يشاء، ويخرجهم من النار إلى الجنة بفضل رحمته، وشفاعة الأنبياء والصالحين من عباده، حتى لا يبقى في جهنم إلا الكافرون،﴿إن الله لا يغفر أن يشرك به ، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء﴾.
شرح القاعدة الثانية وهي الصلاة
وهي على ستة أقسام:
فرض على الأعيان:
وهي الصلوات الخمس، والجمعة فرض عين لأنها بدل من الظهر، ولكن لها أحكام تخالفها. وفرض على الكفاية ، وهي صلاة الجنازة.
وسنة، وهي عشر صلوات: صلاة الوتر، والعيدين وكسوف الشمس والقمر، والاستسقاء، وركعتا الفجر، وقيل فضيلة، وركعتا الطواف، وركعتا الإحرام، وسجود القرآن.
وفضيلة، وهي عشر أيضا:
ركعتان بعد الوضوء، وتحية المسجد ركعتان، وقيام رمضان، وقيام الليل، وأربع ركعات قبل الظهر، واثنان بعدها، وروي أربع، واثنتان قبل العصر، وروي أربع، واثنتان بعد المغرب، وروي ست، وروي عشرون، وصلاة الضحى، وهي ثمان ركعات، وقد اختلفت الرواية فيها من اثنين إلى اثنتي عشرة، وإحياء ما بين العشاءين. وقد عدت هذه كلها من السنن أيضا.
وتطوع، وهي كل صلاة:
تنفل بها في الأوقات التي أبيحت الصلاة فيها.
ويختص بالأسباب منها عشر أيضا:
الصلاة عند الخروج إلى السفر، وعند القدوم منه، وصلاة الاستخارة ركعتان، وصلاة الحاجة ركعتان، وصلاة التسبيح أرٍبع، وركعتان بين الأذان والإقامة، وركعتان لمن قرب للقتل، وركعتان قبل الدعاء، وركعتان عند التوبة من الذنب والاستغفار منه، وأربع ركعات بعد الزوال.
وممنوع وهي عشر أيضا:
الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها، إلا لمن تذكر فرضا أو نام عنه، أو لزمه قضاؤه، والصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس، وبعد العصر حتى تغيب، وبعد طلوع الفجر، إلا ركعتي الفجر والصبح، أو من ترك الوتر أو نام عن حزبه من الليل، فله صلاة ذلك ما لم يصل الصبح ، وبعد الجمعة في المسجد في مصلاه، وهي للإمام أشد كراهية، وقبل العيدين، وبعدهما إذا صليا في الصحراء، وقبل صلاة المغرب، وبين الصلاتين لمن جمع بعرفة أو مزدلفة، أو لمطر، والتنقل لمن عليه فرض خرج وقته أو ضاق، وصلاة الرجل وحده، أو في جماعة مخالفا للإمام.
والصلوات الخمس تجب بعشرة شروط:
البلوغ، والعقل، والإسلام، أو بلوغ الدعوة، ودخول الوقت، وكون المكلف غير ساه ولا نائم، وعدم الإكراه، وارتفاع موانع الحيض، وارتفاع موانع النفاس، القدرة على الطهارة لها بالماء أو بالتيمم على خلاف فيه.
والصلوات الخمس مشتملة على خمس أحكام:
فرائض، وسنن، وفضائل، ومكروهات فيها، ومفسدات لها.
ففرائضها عشرون:
الطهارة لها من الحدث، وإزالة النجس من الثوب والبدن والمصلى، وأداؤها في وقتها، واستقبال القبلة في جميعها، والنية بقلبه عند التلبس بها، واستصحاب حكم النية في سائرها، والترتيب في أدائها، وستر العورة في جملتها، للرجل من الركبة إلى السرة، وللمرأة الحرة جميع جسدها ما خلا الوجه والكفين، والإحرام بلفظة" الله أكبر" أولها، وقراءة أم القرآن للفذ والإمام في كل ركعة منها، والقيام للفذ والإمام قدر ذلك، وللمأموم قدر تكبيرة الإحرام في جميع ركعاتها، والركوع كله، وحده إمكان وضع اليدين على الركبتين، والرفع منه، وجميع سجودها، وحده إمكان تمكين الجبهة من الأرض، والفصل بيت السجدتين، والجلوس أخيرا قدر إيقاع السلام، وتر ك الكلام فيها، والطمأنينة في أركانها، والخشوع فيها، والتحلل منها بلفظة "السلام عليكم". وقد عد بعضهم بعض ما ذكرناه في السنن.
وسننها عشرون أيضا:
الأذان لها في المساجد وحيث الأئمة، واختلف في الأذان للجمعة، فقيل: سنة، وقيل: فرض، والإقامة للرجال، والتجميع لها في المساجد، وقراءة السورة في الركعتين الأوليين، والقيام لها ، والجهر في الأوليين في العشاءين وفي الجمعة والصبح، والإسرار فيما عدا ذلك، والإنصات لقراءة الإمام إذا جهر، والقراءة للمأموم فيما أسر فيه الإمام ، والتشهدان سرا، والجلوس لهما، والتكبير مع كل خفض ورفع، إلا عند الرفع من الركوع ؛ فيقول الإمام والفذ ""سمع الله لمن حمده"، ويقول الفذ بعدها والمأموم: "ربنا ولك الحمد"، والصلاة على النبي (ص) فيها، وترك التكبير عند القيام من الجلسة الوسطى حتى يعتدل قائما، والتيامن في السلام ، ورده على الإمام وعلى من صلى على يساره، والاعتدال في الفصل بين الأركان، والسجود على سبعة أعضاء ، وتقديم أم القرآن على السورة، والترتيل في القراءة. وفضائلها ومستحباتها عشرون أيضا: الأذان قبلها للمسافر، والإقامة للنساء، واتخاذ الرداء عند صلاتها، وما يستر الجسد من الثياب، ورفع اليدين لتكبيرة الإحرام، ووضع اليمنى على ظاهر اليسرى عند النحر وقيل عند السرة في القيام إذا لم يرد الاعتماد، ومباشرة الأرض أو ما يستحب أن يصلى عليه بالجبهة والكفين عند السجود، وإطالة القراءة في الصبح والظهر، وتخفيفها في العصر والمغرب، وتوسطها في العشاء، وقيل كذلك في العصر، والتأمين بعد أم الكتاب للفذ والمأموم وللإمام فيما أسر فيه. واختلف هل يقولها الإمام فيما جهر فيه، وقيل في كل هذا سنة، والتسبيح في الركوع والسجود، وهيئة الجلوس في التشهدين وبين السجدتين، وهو أن ينصب رجله اليمنى ويثني اليسرى، ويفضي بأليته إلى الأرض، ووضع اليدين على الركبتين في الركوع وفي الجلوس بين السجدتين، ووضع اليسرى على الركبة اليسرى في جلوس التشهد، ونصب اليمنى على اليمنى قابضا أصابعها محركا السبابة، وأن يجافي في ركوعه وسجوده ضبعيه عن جنبيه ولا يضمهما، ولا يفترش ذراعيه بالأرض عند السجود، والدنو من السترة للإمام والفذ، وأن لا يصمد ما استتر به صمدا، ولينحرف عنه قليلا، والصلاة أول الوقت، والقنوت في الفجر، والترويح ما بين القدمين في القيام، والدعاء في التشهد الآخر وفي السجود، وأن يضع بصره في موضع سجوده، والمشي إلى الصلاة بالسكينة والوقار.
ومكروهات الصلاة عشرون أيضا:
صلاة الرجل وهو يدافع الأخبثين: البول والغائط، والالتفات، وتحدث النفس بأمور الدنيا، وتشبيك الأصابع، وفرقعتها، والعبث بها أو بخاتمه أو لحيته أو بتسوية الحصى، والإقعاء، وهو جلوسه فيها على صدور قدميه في التشهد أو عند القيام من السجود، بل يعتمد على قدميه عند قيامه، والصفد، وهو ضم القدمين في قيامه كالمكبل، والصفن، وهو رفع إحداهما كما تفعل الدابة عند الوقوف، والصلب وهو وضع اليدين على الخاصرتين ويجافي بين العضدين في حال القيام كصفة المصلوب، والاختصار، وهو وضع اليد على الخاصرة في القيام أيضا، وأن يصلى الرجل وهو متلثم أو كافت شعره أو ثوبه لأجل الصلاة، أو حامل في ثوبه أو كمه خبزا أو في فمه أو غيره ما يشغله عن صلاته، أو يصلي وهو غضبان أو جائع، أو بحضرته طعام، أو يكون ضيق الخف مما يشغله عن فهم صلاته، أو يصلي بطريق من يمر بين يديه، أو يقتل برغوثا، أو قملة فيها، أو يدعو في ركوعه أو قبل القراءة في قيامها، أو يقرأ في ركوعه أو سجوده أو تشهده، أو يجهر بالتشهد، أو يرفع رأسه، أو يخفضه في ركوعه، أو يرفع بصره الى السماء فيها، أو يسجد على البسط والكنافس والجلود وشبهها مما لا تنبته الأرض، ومما هو سرف أو فيه رفاهية.
ومفسدات الصلاة عشرون أيضا:
وهي ترك ركن من أركانها، أو فريضة من فرائضها المذكورة ، كترك النية أو قطعها، أو القراءة، أو الركوع، أو غير ذلك منها، أو ما قدر عليه منها إن كان له عذر عن استيفائه، عمدا ترك ذلك أو جهلا، أو سهوا فهو مفسد لها، إلا القبلة وإزالة النجاسة وستر العورة فتركها سهوا مخفف، وتعاد الصلاة منه في الوقت، وكذلك الجهل بالقبلة، وكذلك إسقاط الجلسة الأولى من السنن، أو ترك ثلاث تكبيرات، أو "سمع الله لمن حمده" مثلها يفسد الصلاة إن فات جبرها بسجود السهو، وكذلك الزيادة فيها عمدا، أو كثير سهوا، والردة والقهقهة كيف كانت، والكلام لغير إصلاحها، والأكل والشرب فيها، والعمل الكثير من غير جنسها، وغلبة الحقن، أوالقرقرة وشبهها، وكذلك الهم حتى يشغله عنها ولا يفقه ما صلى، والاتكاء حال قيامها على حائط أو عصا لغير عذر بما لو أزيل عنه مركزة لسقط، وذكر صلاة فرض يجب ترتيبها عليه، والصلاة في الكعبة أو على ظهرها، وتذكر المتيمم الماء فيها، واختلاف نية المأموم وإمامه يفسد صلاته، وكذلك فساد صلاة إمامه بغير سهو الحدث أو النجس، أو إقامة الإمام عليه صلاة أخرى، وكذلك ترك سنة من سننها المؤكدة عمدا يفسدها عند بعضهم. فتمت خصال الصلوات الخمس بهذا مائة خصلة.
فأما صلاة الجمعة فهي من فروض الأعيان، وهي بدل من الظهر.
وشروط وجوبها على من تلزمه الصلوات الخمس، عشرة:
الذكورية والحرية، ونية الإقامة، ومصر، أو قرية من قراه على فرسخ وأقل منه، أو قرية يمكن استيطانها، جامعة لأربعين بيتا أو ثلاثين فأكثر تشبه المصر في صورتها، وجماعة كثيرة ممن تلزمهم الجمعة تبنى لمثلهم الأوطان، وجامع وإمام من أهلها يحسن إقامتها لهم، ومعرفة يومها، وبقاء وقتها، والقدرة على السعي إليها، وارتفاع الأعذار المرخصة في التخلف عنها. وفروضها الزائدة على فروض الصلاة المختصة بها عشرة: الإمام، والجماعة، والجامع، والسعي إليها، والخطبة، وترك اللغو فيها، والطهارة منه لها، والإنصات لها وإن لم يسمعها، وتقديمها على الصلاة، وصلاتها ركعتين، والأذان لها، وقيل سنة.
وسننها المختصة بها الزائدة على سنن الصلاة عشر:
الغسل لها عند الرواح، والطيب، والسواك، والتجمل في اللباس، والجهر بالقراءة فيها، وقراءة الجمعة في الأولى، واستقبال الإمام في خطبته، وكونها خطبتين، والجلوس أول الخطبة ووسطها، والقيام في بقيتها، واتخاذ المنبر لها.
وفضائلها المستحبات لها المختصة بها عشر:
التهجير لها، وصلة الغسل بالرواح لها، واستعمال خصال الفطرة من قص الشارب، ونتف الإبط، والاستحداد، وتقليم الأظفار، والاقتصاد في خطبتها، والتوكؤ على عصا أو سيف وشبهه فيها، واشتمالها على الثناء على الله تعالى وحمده، والشهادتين والتذكير، وقراءة آية من القرآن، والدعاء للأئمة، والركوع قبلها ما لم يخرج الإمام، وترك الركوب في السعي إليها، وكثرة الذكر والدعاء قبلها وبعدها، والصدقة قبلها.
وممنوعاتها المختصة بها عشر:
البيع والشراء بعد النداء لها إلى انقضاء صلاتها، والتنفل بالصلاة منذ يخرج الإمام على الناس للخطبة، والتنفل بعدها في المسجد، وهو للإمام أشد كراهية، والكلام والإمام يخطب، والاشتغال بقول أو فعل يمنعك أو يمنع غيرك من الإنصات له، وتخطي الرقاب منذ يجلس الإمام على المنبر، وصلاتها في المواضع المحجرة المملكة، أو على ظهر المسجد، أو المنار، وأن تجمع في جامعين في مصر واحد، والسفر يوم الجمعة قرب الصلاة.
ومفسداتها المختصة بها عشر:
يفسـد صلاة الجمعة كل ما ذكـرنا أنه يفسـد صلاة الفرض، وتخصــها هــي عشرة أمور: نقص فرض من فرائضها المختصة بها، وأن تصلى أربعا، وانفضاض الناس عن إمامهم فيها، وتركه حتى خطب وحده، أو صلى وحده، أو في جماعة لا تقوم بهم الجمعة؛ فلا تصح الصلاة له ولا لمن بقي معه، وخروج وقتها، وهو إلى الغروب، وقيل: هو إلى دخول وقت العصر، وقيل: إلى الاصفرار، وأن يخطب رجل ويصلى آخر قصدا لذلك، أو واليان طرأ أحدهما على الآخر، وأن يكون بين الخطبة والصلاة مدة طويلة، فإن ذلك يوجب إعادتها، وأن تكون الجمعة قد صليت في ذلك المصر اليوم بتمام شروطها، فلا تجزيء بعد لغيرهم، إلا في مصر عظيم لا يقوم بأهله جامع واحد، أو يكون إتمام الصلاة مع الآخرين، فتجزئهم ولا تجزئ الأولين.
وتتغير أحكام هذه الصلوات المفروضة وصورها بعشر أسباب:
كصلاة الجمعة بالقصر والجهر، وكصلاة الخوف في جماعة بتفريق صلاتها، وكصلاة المسا يف كيفما أمكنه ، وبالتقصير في السفر، وبعذر المرض المانع من استيفاء أركانها فيصلى ما قدر عليه، وبعذر الإكراه والمنع فيصلي ما قدر عليه، وبالجمع للمسافر يجد به السير فيجمع أول الوقت أو وسطه أو آخره بحسب سيره، وبالجمع ليلة المطر للعشاءين قبل مغيب الشفق، وبالجمع للحاج بعرفة بين الظهر والعصر أول الزوال، وبمزدلفة العشاءين، وبالجمع للمريض يخاف أن يغلب على عقله أول الوقت، وإن كان الجمع أرفق به فوسطه.
وأركان سنتها أربعة:
مسجد مختص للصلاة، وإمام يؤم فيها، ومؤذن يدعو إليها، وجماعة يجمعونها.
وصفات الإمام الواجبة عشر:
كونه بالغا، ذكرا، عاقلا، مسلما، صالحا، قارئا، فقيها بما يلزمه في صلاته، قادرا على أداء الصلاة على وجهها، فصيح اللسان، وتزيد في الجمعة: حرا مقيما.
وصفاته المستحبة عشر:
كونه أفضل القوم في دينه، وأفقههم وأقرأهم، ذا حسب فيهم، وخلق حسن، حرا، تام الأعضاء، حسن الصوت، نظيف الثياب.
وصفاته المكروهة عشر:
كونه أعجمي اللفظ، أو ألكن، أو ألثغ، أو ولد زنى، أو عبدا، أو أقلف، أو خصيا، أو أعرابيا، أو أقطع اليد أو الرجل، أو مبتدعا، أو يأخذ على الصلاة أجرا، أو قد كرهته جماعته أو من يلتفت إليه فيهم.
وعلى الإمام عشر وظائف:
مراعاة الوقت، والصلاة أوله لأول اجتماع جماعة له، ولا ينتظر كمالهم، إلا ما استحب له من تأخير الظهر حتى يفئ الفيء ذراعا، وفي الصيف حتى يبرد، وأن يجعل من يراعي الصفوف وراءه، ويسويها، فلا يكبر حتى تستوي، وأن يجزم تحريمه وتسليمه ولا يمططهما لئلا يسابقه بهما من وراءه، وأن يرفع صوته بالتكبير كله، وبـ "سمع الله لمن حمده" ليقتدي به من وراءه، وأن يخلص نيته للمأمومين في حفظ صلاتهم، ومراعاة حدودها الباطنة والظاهرة، والاجتهاد في الدعاء لهم، فيكون دعاؤه بلفظ الجمع لا بالإفراد، وأن يقتصد في صلاته، فلا يطولها، وأن يتنحى عن موضعه إذا صلى، ولا يمكث في مصلاه إن كان في مسجد، وأن يلتزم الرداء، وأن يجعل من يليه منهم أفضلهم.
وعلى المأمون عشر وظائف أيضا:
أن ينوي الاقتداء بإمامه، وكونه مأموما ولا يلزم ذلك الإمام إلا فيما لا تحصل صلاته فيه إلا بالجماعة، كالجمعة، وصلاة الخوف، وما يقدم من الصلاة قبل وقتها بسبب الجمع، فتلزمه نية الإمامة والجمع، وكذلك المستخلف؛ وعلى المأمون أن لا يسابق إمامه بشيء من أفعال صلاته وأقوالها، وليفعل ذلك بعد فعله، وأن يقول "ءامين" إذا قال الإمام:"ولا الضالين"، وأن لا يقرأ وراءه فيما جهر فيه، ويقرأ وراءه سرا فيما أسر فيه، وأن يقوم من ورائه خلفه إن كانوا ذكرين فأكثر، أو عن يمينه إن كان واحدا، والنساء من خلفهم، وأن يرد السلام على إمامه، وعلى من يساره ، ويقول."ربنا ولك الحمد " إذا قال إمامه " سمع الله لمن حمده "، وأن يسبح بإمامه إذا سها، وينبهه إذا رأى في صلاته خللا، ويفتح عليه إذا غير القرآن أو وقف يطلب الفتح، وأن يطلب الصف الأول فالأول، وتكون صفوف النساء منهم خلف صفوف الرجال في مؤخر المسجد.
وممنوعات صلاة الجماعة عشر:
أن يصلي بهم إمام قد صلى لنفسه تلك الصلاة، فذلك يفسدها عليهم، أو تختلف نيته ونية من وراءه، فلا تجزيء المأمونين، أو يصلي الإمام أرفع مما عليه أصحابه إلا الشيء اليسر، فإن فعل ذلك كبرا أو عبثا أفسد عليه وعليهم، أو يكون بينه وبينهم مسافة منقطعة عنه، فلا تجزئهم، أو يصلي جالسا أو مومئا لعذر وهم لا عذر لهم، فلا تجزئهم وإن صلوا قياما؛ ويكره أن يخص الإمام نفسه بالدعاء دونهم، أو أن يتقدم المأمومون أمامه، أو يساووه في الصف، أو أن يبددوا صفوفهم، أو يصلى الرجل وحده دون الصف، أو بين الأساطين لغير ضرورة، أو يِِؤم الرجل في سلطانه أو داره إلا بإذنه، وأن يجمع في مسجد له إمام مرتين.
صلاة العيدين
وصلاة العيدين سنة مؤكدة، ويؤمر بالتجميع لها، على سنتها، من تلزمه الجمعة ، ويستحب لمن فاتته ، أو كان حيث لا تلزمه أو لمن لم تتأكد في حقه، صلاتها كيفما أمكنه من إفراد أو جمع. وشروط صحتها من اشتراط الأركان وحدودها، كشروط الصلاة المفروضة وحدودها. وسننها المختصة بها، سوى الصلوات المقدمة عشر: كونها ركعتين، وأداؤها في وقتها، وأوله شروق الشمس، وآخره الزوال من يومها ، والبروز لها إلى الصحراء إلا من عذر، والإمام، والجماعة المقيمة، والخطبة بعدها؛ وأحكام خطبتها أحكام خطبة الجمعة، إلا أنه يزاد فيها التكبير أثناءها، والجهر في قراءتها، والتكبير في الركعة الأولى ست بعد تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمس بعد تكبيرة القيام، وإظهار التكبير في المشي إليها من قبل طلوع الشمس، وإذا جلس في المصلى إلى خروج الإمام، ويقطعه بخروجه، ويكبر معه عند بعضهم إذا كبر في خطبته، وبعد الصلوات أيام التشريق إلى بعد صلاة الصبح من اليوم الرابع، وإخراج زكاة الفطر قبلها في عيد الفطر، وذبح الأضحية بعدها في يوم الأضحى واليومين بعده.
وفضائلها ومستحباتها عشر:
الغسل لها، والطيب، والتجمل بالثياب، والسواك، وتنظيف الجسم فيها بتقليم الأظفار وقص الشارب، وما تقدم في الجمعة، والرجوع من غير الطريق الذي يخرج عليه، والأكل قبل الغدو إليها يوم الفطر، وتأخيره يوم عيد الأضحى حتى يأكل من لحم أضحيته، وقراءة الأعلى ونحوها فيهما بعد أم القرآن، والسعي إليها راجلا.
صلاة الاستسقاء سنة، وسننها المختصة بها عشر:
البروز لها إلى الصحراء إلا من عذر، والإمام، والجماعة، والخروج إليها ماشيا بهيئة التبذل، وترك الزينة، وإظهار الفاقة، والخشوع؛ وصلاتها ركعتان، والجهر في قراءتها، وقراءة الأعلى ونحوها فيهما، والخطبة بعدها كخطبة العيدين، وتكثير الاستغفار، والدعاء فيها دون تكبير ولا دعاء للأئمة، وتحويل الرداء آخرها.
صلاة الكسوف سنة، وسنتها المختصة بها ست:
هيئتها في الأداء، وهي ركعتان، في كل ركعة ركعتان بسجدتين، وتطويل القيام والركوع كله إلا القيام الذي وراءه السجود فبحسبه في سائر الصلوات، ويقرأ في القيام الأول بقدر "البقرة" وفي الثاني بقدر "آل عمران" وفي الثالث ب"النساء" وفي الرابع بقدر "المائدة"، ويمكث في كل ركعة بقدر القيام قبلها، والإسرار في قراءتها، وأن تصلى إذا ظهر الكسوف وحلت الصلاة إلى الزوال، ويختلف فيما بعده ، وأن يعظ الناس الإمام أثر صلاتها، وأن، تصلى في الأمصار جماعة في الجوامع.
صلاة الوتر سنة، وسننها المختصة بها ثلاث:
أن تصلى ركعة بعد ركعتين فأكثر، منفصلة، وأن تصلى بعد العتمة، وأن لا تؤخر إلى طلوع الفجر.
ومستحباتها ثلاث:
أن يقرأ في الركعة بالإخلاص والمعوذتين، وفي الشفع قبلها بالأعلى والكافرون، وأن يجهر فيها، وأن تؤخر إلى آخر الليل.
صلاة الفجر سنة، وقيل : من الرغائب، وسننها خمس:
كونها ركعتين خفيفتين، والقراءة فيهما سرا بأم القرآن فقط، وأن لا يصلى بعدها صلاة إلا الصبح. ومستحبات سائر التطوعات والنوافل المختصة بها خمس: أن تصلى ركعتين ركعتين، منفصلتين، والجهر في صلاة الليل، والإسرار في صلاة النهار، وإخفاء ذلك عن أعين الناس؛ واختلف أيهما أفضل؟ تكثير الركعات، أو طول القيام، واختار بعض العلماء التكثير بالنهار، والتطويل بالليل.
الصلاة على الجنائز وهي من فروض الكفايات، وقيل سنة
وتجب بأربع صفات في الميت: ثبات الحياة له قبل، والإسلام، ووجود الجسد أو أكثره، وكون الميت غير قتيل في معترك بين المسلمين والكفار؛ فلا يصلى على سقط لم يظهر له صراخ أو ما تتحقق به حياته، ولا على كافر، ولا على شهيد في المعترك، ولا يغسلون ولا يحنطون ولا يكفنون تكفين الموتى، بل يدفن الشهيد بثيابه، إلا أن يكون عريانا فيلف في ثوب، وكذلك يفعل بالسقط والكافر إن اضطر المسلمون إلى دفنه؛ ولا يصلى على غائب أو غرق، أو أكيل سبع أو نحوه، إلا أن يوجد أكثر الجسد.
وحقوق المسلم الميت على المسلمين أربعة:
غسله، وكفنه، والصلاة عليه، ودفنه.
فسنن غسله ثمانية:
تعميم جسده بالغسل، وكون ذلك بالماء المطهر، والمبالغة في تنظيفه، والوتر في أعداد غسله ثلاثا فما زاد، وأن يغسل في الثانية بالسدر أو ما يقوم مقامه، إن عدم، من غاسول، ويجعل في الآخرة الكافور، وألا يزال له ظفر ولا شعر، وأن تستر عورته.
ومستحباته ثمانية:
أن يجرد عند الغسل من ثيابه، وأن يعجل غسله إثر موته، وأن يوضأ أول غسله ويبدأ بميامينه، ويعصر بطنه عصرا رفيقا، ويلف الغاسل على يده خرقة عند مباشرة أسافله، ويجعل للمرأة ثلاثة قرون، ويغتسل غاسله إذا فرغ.
وسنن تكفينه خمس:
كونها وترا، وبيضا، ثلاث فما زاد، وأن يحنط بالكافور والمسك وشبهه من الطيب، ويدرج في أكفانه إدراجا.
ومستحباته خمس:
تحسينه، وأن يقمص ويعمم، ويجعل الحنوط في مغابنه، وموضع سجوده، ومسام وجهه، وبين أكفانه، ويكون عدد الكفن خمسة أثواب.
ومكروها ته خمس:
كونه سرفا، أو حريرا، أو معصفرا،أو أكثر من سبعة، أو يجعل الحنوط فوق أكفانه.
وفروض صلاة الجنازة وشروط صحتها عشر:
النية، وتكبيرة الإحرام، وثلاث تكبيرات بعدها، والدعاء بينهن، والسلام آخرا، والقيام لذلك كله، والطهارة من الحدث والخبث، واستقبال القبلة، وترك الكلام، وستر العورة، بل يشترط في صحتها ما يشترط في صحة سائر الصلوات المفروضة، إلا أنه لا قراءة فيها ولا ركوع ولا سجود ولا جلوس.
وسننها آدابها عشرة:
أن تصلى جماعة بإمام، ورفع اليدين أول تكبيرة، وحمد الله والثناء عليه أولا، والصلاة على النبي "ص" فيها أولا وآخرا، والدعاء آخرها للمؤمنين والمؤمنات، واختيار ما دعا به النبي "ص" وقاله على الموتى، وأن تصلى على شفير القبر، وأن يقوم الإمام وبينه وبين السرير فرجة لا يلصق بها، وأن يكون حذو صدر الرجل ووسط المرأة، وقيل غير هذا، والأول أصح عن النبي "ص"، وأن يقدم الأفضل فالأفضل إلى الإمام من الموتى، والذكر على الأنثى، والكبير على الصغير، والحر على العبد.
وممنوعاتها عشرة:
صلاتها عند الإسفار حتى تطلع الشمس، وعند الاصفرار حتى تغرب إلا أن يخشى عليه، والصلاة عليها في المسجد، والقراءة فيها، والتكبير أكثر من أربع، والصلاة على القبر، أو على الغائب، أو أقل الجسد، أو على مبتدع، أو يصلى الإمام على من قتله في حد، أو بتيمم إلا مسافرا عدم الماء.
وسنن الدفن ثلاث:
أن يحفر له في الأرض، وأن يدفن مستقبل القبلة، وأن يجعل في القبر على الجانب الأيمن.
ومستحباته سبعة:
نصب اللبن عليه، وتسنيم القبر، وأن يحثي فيه من حضر ثلاث حفنات ليشارك في مواراته،وحمل الجنازة إلى الدفن من جوانب السرير الأربع، وأن يشيعها الناس أمامها، وأن يكونوا مشاة، والتفكر والاعتبار حتى يتم منها.
ومكروهاتها سبعة:
أن تتبع الجنازة بنار، أو يبنى على القبر بيت،أو يضرب عليه قبة، أو يجصص ويبنى، أو يعمق جدا، أو تجعل عليه الحجارة المنقوشة، أو يلهو من حضرها أو يضحك.
الطهارات
وأقسام الطهارة للصلوات أربعة:
غسل، ووضوء، وتيمم، وإزالة نجس. فالغسل لجميع الجسد، وأقسامه ثلاث: فرض، وسنة، وفضيلة مستحبة.
فمفروضه ستة أغسال: الغسل لإنزال الماء الدافق للذة المعتادة كيف كان، أو لمغيب الحشفة في قبل أو دبر ممن كان، ولانقطاع دم الحيض، ولولادة النفساء إن لم يخرج مع الولد دم، ولانقطاع دمها إن خرج معه أو بعده دم، وغسل الكافر يسلم، وهذه الأحداث هي موجبات الغسل ومفسداته.
والسنة ستة أغسال:
الغسل للجمعة، والإحرام، ولدخول مكة، والعيدين، وغسل الميت
والمستحب ستة أغسال:
للوقوف بعرفة، والمزدلفة، والطواف بالبيت، والسعي، ولمن غسل ميتا، وللمستحاضة إذا انقطع دمها.
والغسل الواجب يجب بعشرة شروط:
البلوغ والعقل، والإسلام، أو بلوغ الدعوة، ودخول وقت صلاة فرض، أو تذكرها، وكون المكلف ذاكرا غير ساه ولا غافل ولا نائم، وارتفاع دم الحيض والنفاس، والقدرة على الغسل، وثبوت حكم الحدث الموجب له، ووجوده من الماء المطلق ما يكفيه؛ وهو مشتمل على فرائض وسنن وفضائل.
ففرائضه ستة:
النية أوله أو عند التلبس به، واستصحاب حكمها في جميعه، وعموم الجسد بالغسل، وإمرار اليد معه، أو ما يقوم مقام اليد، وكون ذلك بالماء المطلق، والموالاة مع الذكر.
وسننه ست:
المضمضة، والاستنشاق، والاستنثار، ومسح داخل الأذنين، وتخليل اللحية، وقيل فرض، وتخليل شعر رأسه، وقيل: فضيلة.
وفضائله ست:
التسمية في أوله، ثم غسل اليدين قبل إدخالهما في الإناء وأن كانتا طاهرتين، ثم غسل ما به من أذى، ثم الوضوء قبله، ثم الغرف على رأسه ثلاثا، والبداية بالميامن، وقد عد بعض هذه في السنن
ومكروهاته ست:
التنكيس في عمله، والإكثار من صب الماء فيه، وتكرار المغسول أكثر من مرة إذا أكمل، والتطهر بادي العورة في الصحراء حيث لا يراه الناس، والاغتسال في الخلاء، والكلام بغير ذكر الله عز وجل أثناءه.
والوضوء على خمسة أقسام:
فرض، وسنة، وفضيلة، ومباح، وممنوع.
فمفروضه خمس:
لصلاة الفرائض الخمس، وللمحدث، وللجمعة، ولصلاة الجنازة، ولطواف الإفاضة، وللإمام لخطبة الجمعة، وقيل هو فيها مستحب.
ومسنونه خمس:
الوضوء لسائر الصلوات، وللطواف ما عدا الفرائض وطواف الإفاضة، والوضوء لمس المصحف، ووضوء الجنب إذا أراد أن ينام أو يطعم، وتجديد الوضوء لكل صلاة من الخمس، وقيل في هذا إنه فضيلة.
وفضائله خمس:
الوضوء للنوم، ولقراءة القرآن ظاهرا، وللدعاء والمناجاة، وإسماع حديث رسول الله "ص"، وللمستنكح وللسلس لكل صلاة، ولجميع أعمال الحج.
ومباحه وضوآن:
للدخول على الأمير وركوب البحر وشبهه من المخاوف، وليكون المرء على طهارة لا يريد بها صلاة؛ وقد يقال في هذا كله إنه من الفضائل المستحبات.
وممنوعه وضوآن:
تجديده قبل صلاة فرض به، وفعله لغير ما شرع له أو أبيح.
وشروط وجوبه عشرة:
وهي المذكورة في شروط مفروض الغسل، إلا أنك تقول: والقدرة على الوضوء. وأحكامه منقسمة إلى: فرائض، وسنن، وفضائل.
فمفروضاته عشر:
النية عند التلبس به، واستصحاب حكمها، وغسل الوجه كله، وغسل اليدين إلى المرفقين، وتخليل أصابعهما، ومسح جميع الرأس، وغسل الرجلين إلى الكعبين، وفعل ذلك بالماء المطلق، ونقله إلى كل عضو، وإمرار اليد مع صب الماء، والموالاة مع الذكر.
ومسنوناته عشر:
غسل اليدين قبل إدخالهما الإناء، والمضمضة، والاستنشاق، والاستنثار، ومسح الأذنين، وتجديد الماء لهما، والاقتصار على مسحة واحدة في الرأس، ورد اليدين فيها، فيمر بيديه من المقدم إلى قفاه ثم يرجع إلى مقدم رأسه، والترتيب، وغسل البياض الذي بين الصدغ والأذن، وقيل: فرض، وقيل: لا يغسل.
وفضائله عشر:
السواك قبله والتسمية أوله، وتكراره إلى الثلاث، والمبالغة في الاستنشاق لغير الصائم، والبداءة في مسح الرأس بمقدمه، والتيامن فيه، والتقلل من صب الماء، وجعل الإناء على يمينه، وذكر الله تعالى أثناءه، وتخليل أصابع رجليه.
ومكروهاته عشر:
الإكثار من صب الماء فيه، والزيادة على الثلاث في مغسوله، وعلى الواحدة في ممسوحه، والوضوء في الخلاء، والكلام فيه بغير ذكر الله عز وجل، والاقتصار على مرة لغير العالم، وتخليل اللحية، والوضوء بماء قد توضئ به، والوضوء من إناء ولغ فيه كلب، والوضوء من الماء المشمش، والوضوء من أواني الذهب والفضة،وقيل في هذا حرام.
وموجباته خمسة أنواع:
الأول: ما يخرج من المخرجين، من غائط، أو بول، أو ودي، أو مذي، أو ريح على الوجه المعتاد لا على وجه المرض كالسلس والمستنكح، ولا على الندور كالحصى والدود إذا خرج جافا. وأما المني ودم الحيض والنفاس فيوجبان أعم من الوضوء وهو الغسل. الثاني: زوال العقل، بسكر أو إغماء أو جنون أو نوم الثالث: اللمس للذة بين الرجال والنساء، بالقبلة أو الجسة أو لمس الغلمان، أو فروج سائر الحيوان لمثل ذلك. وأما مغيب الحشفة فهو موجب لأعم من الوضوء، وهو الغسل. الرابع: مس الرجل ذكر نفسه بباطن كفه، أو للذة بغيره، واختلف في لمس المرأة فرجها لغير لذة. الخامس: الردة عن الإسلام.
ومفسداته خمسة أنواع:
طروء حدث من هذه الأحداث الخمسة المذكورة عليه، أو عدم النية أوله، وقطعها عمدا أثناءه، أو فعله بغير ماء مطلق مطهر، أو ترك فرض من فرائضه المتقدمة عمدا، أو ترك المبادرة إلى ما نسيه من فرائضه، أو إلى تطهير ما ستره قبل عن مباشرة الطهر ساتر لعذر كالجبائر تسقط، أو لرخصة كالخف ينزع بعد المسح عليها.
وأما التيمم فهو بدل من الوضوء والغسل عند تعذرهما:
وشروط وجوبه شروط وجوب الوضوء والغسل المتقدمة العشرة، إلا أنك تقول مكان وجود الماء:"عدم الماء، أو عدم القدرة على استعماله"، وتزيد شرطا حادي عشر، وهو وجود ما به يفعل ذلك وهو الصعيد، وثاني عشر، وهو دخول وقت صلاة أو تعين قضائها.
وفرائضه ثمانية:
طلب الماء قبله، والنية أوله، والضربة الواحدة، وكونها على صعيد طاهر، وعموم الوجه بالمسح، ومسح اليدين إلى الكوعين والموالاة، وفعل ذلك بعد دخول الوقت.
وسننه أربع:
الترتيب بتقديم مسح الوجه، وتجديد الضربة لليدين، ومسحهما إلى المرفقين، ونقل ما تعلق بهما من الغبار إلى الوجه واليدين.
وفضائله أربع:
التيمم على تراب غير منقول من موضعه، والتيامن في مسح يديه، والتسمية أول التيمم، وإمرار اليسرى على اليمنى من فوق الكف إلى المرفق، ثم من باطن المرفق إلى الكوع، ثم يمر اليمنى على اليسرى كذلك.
ومكروهاته أربع:
التيمم على غير التراب من جميع أجناس الأرض مع وجود التراب، والتيمم على ما هو سرف بكل حال، كنقار الفضة والذهب وأحجار اليواقيت، والتيمم على الملح وإن كان معدنيا، والزيادة على الواحدة فيه.
ومفسداته أربع:
الحدث بعده، أو وجود الماء بعد فعله، أو إمكان استعمال الطهارة بالماء لمن كان عجز عنها لخوف أو مرض، أو صلاة فريضة أو نافلة به قبل فريضة، فذلك يفسده لأداء فريضة أخرى، ولا بأس بموالاة التنقل به أو بعد الفرض.
وأما إزالة النجاسة فأربعة أنواع:
نضح ، ومسح، وغسل، واستجمار.
والمزال النجاسة عنه ثلاثة أشياء:
جسد المصلى، أو ما هو حامل له من لباس، وخف، وسيف، وشبهه، أو ما هو مصل عليه من أرض أو غيرها. فالنضح يختص بكل ما شك فيه ولم تتحقق نجاسته من جميع ذلك، إلا الجسد فقيل. ينضح، وقيل يغسل، بخلاف غيره.
وأما المسح فيختص بثلاثة أشياء: بالدم عن السيف لصقالته ولأن الغسل يفسده، وبأسفل الخف والنعل مما داسه من أرواث الدواب وأبوالها، فإن دلكه بالأرض يكفيه، وبسحب المرأة ذيلها على أرض نجسة، فإن سحبها بعد ذلك له على أرض يطهره، واختلف أذا تيقنت النجاسة أولا هل يطهرها ذلك أم لا؟
فأما الغسل:
فلكل نجاسة تيقنت سوى ما ذكرناه، فإن أمكن المصلي طرح هذا النجس عنه أو بعده منه، وإلا تعين عليه فيه فرضان: الأول: إزالة عينه بالعرك وموالاة الصب، حتى لا يبقى له طعم؛ ولا لون، ولا رائحة، إلا أن تكون النجاسة لها صبغ أو قوة رائحة لا يذهبها ذلك، فيعفى عن أثر لونها وريحها. الثاني: إزالة حكمه، ذلك أن يغسله بالماء المطهر دون غيره.
وأما الاستجمار:
فيختص بالمخرجين لإزالة بقايا ما خرج منهما عنهما، لا من طارئ عليهما، بالأحجار أو ما يقوم مقامها، وإزالة ذلك بالماء أفضل.
وصفات المستجمر به ثمان:
أن يكون طاهرا، جامدا، منفصلا، منقيا، ليس بسرف، ولا مطعوم، ولا ذي حرمة، ولا فيه حق للغير.
وسنن إزالة هذه النجاسة من المخرجين خمس:
استعمال الماء فهو أطيب، وكون الأحجار وترا ثلاثا فما زاد، ومباشرة ذلك بالشمال، وأن لا يستنجي بما نهي عنه، لا بروثة ولا بعرة ولا عظم ولا حممة، والاستبراء قبله من البول بالنثر والسلت وما أشبهه.
وآدابه ومستحباته خمسة:
الجمع بين الأحجار والماء، والبداية بالقبل قبل الدبر، وصب الماء على اليد قبل مباشرتها للنجاسة، ودلكها بالأرض بعد تمام ذلك لإزالة الرائحة، وأن لا يستنجي بالماء على موضع الحدث أو مكان صلب نجس، لئلا يتطاير عليه من الغسالة.
آداب الإحداث قبله عشرون أدبا:
إبعاد المذهب للغائط في الصحراء وحيث تتعذر الجدران بحيث لا يرى له شخص، ولا يسمع له صوت، والبول بحيث يستتر ويأمن سماع الصوت، وتخير الدمث واللين من الأرض للبول، وأن لا يبول قائما، ولا يأخذ ذكره لبوله بيمينه، ولا يكشف عورته قبل انتهائه إلى موضع تبرزه، وأن يستتر بما أمكنه من جدار، أو نبات أو حجر، أو راحلة، أو ثوبه، إن لم يجد، وأن لا يستقبل القبلة بفرجه، ولا يستدبرها في الصحراء، وأن لا يقعد في متحدث الناس، ولا في ظل شجرة، ولا ظل جدار، وعلى الطرقات أو ضفة نهر، ولا يبول في المياه الراكدة، أو جحر، أو مهواة، أو موضع طهوره، وأن لا يستقبل الريح بفرجه، وأن يعد الأحجار والماء عنده، وأن يقول عند دخوله الخلاء أو عند قعوده:" بسم الله، أعوذ بالله من الخبيث المخبث الشيطان الرجيم"، وعند الخروج أو الفراغ "غفرانك" وأن لا يتحدث على حدثه، ولا يسلم عليه، ولا يرد.
والنجاسات التكلم على زوالها خمسة أنواع متفق عليها.
الأول: كل خارج من السبيلين من بني آدم وما لا يؤكل لحمه من الحيوان. الثاني: الميتات كلها وجميع أجزائها، ما عدا ابن آدم المسلم والسمك، أو ملا نفس له سائلة، كالذباب والجراد والدود المتولد في الفواكه وشبهه، وما عدا الشعر والصوف والوبر مما لا تحله الحياة. الثالث: المسكرات كلها قليلها وكثيرها: الرابع لبن الخنزير؛ واختلف في نجاسة خمسة أنواع، في لبن ما لا يؤكل لحمه غير الخنزير وبني آدم، وفي عرق السكران، وفي عرق الجلالة من الأنعام، وفي أبوال ما يؤكل لحمه من الجلالة منها، وفيما ولغ فيه كلب أو خنزير.
شرح القاعدة الثالثة وهي الصيام
وهو على ستة أقسام:
واجب، وسنة، ومستحب، ونافلة، ومكروه، ومحرم.
فالواجب منه عشرة:
صيام رمضان، وصيام كل نذر أوجبه الإنسان على نفسه، وصيام قضاء رمضان، وقضاء النذر الواجب قضاؤه، وصيام كفارة الظهار، وصيام كفارة القتل، وصيام كفارة اليمين بالله عز وجل، وصيام كفارة صيد الحرم أو المحروم، والصوم عن التمتع، وصوم كفارة إماطة الأذى عن الحج.
والمسنون:
صوم يوم عاشوراء، وهو عاشر المحرم ، وقيل التاسع.
والمستحب عشرة:
صيام أشهر الحرم، وصيام شعبان، والعشر الأول من ذي الحجة، ويوم عرفة، وثلاثة من كل شهر، والعشر الأول من المحرم، ويوم الخميس ويوم الاثنين، ويوم الجمعة إذا وصل بصيام يوم قبله أو بعده، للحديث الوارد في ذلك، وست من شوال إذا صيمت لما ورد فيها من الفضل، لا لتجعل سنة.
ونوافله:
كل صوم كان بغير وقت أو سبب، في غير الأيام المستحق صومها، والممنوع فيها الصوم.
والمكروه خمسة:
صوم الدهر، وصوم يوم الجمعة خصوصا، وصوم يوم السبت خصوصا، وصوم يوم عرفة للحاج، وصوم آخر يوم شعبان للاحتياط.
والمحرم خمسة:
صيام يوم الفطر، ويوم الأضحى، وصوم أيام التشريق الثلاثة بعده إلا للمتمتع، وسهل في اليوم الرابع لمن نذره أو صام فيه كفارة، وفي ذلك وفي اليومين قبله خلاف، وصيام الحائض والنفساء حتى يريا الطهر قبل الفجر، وصيام الخائف على نفسه الهلاك لأجل الصوم.
وشروط وجوب رمضان ستة:
البلوغ، والعقل، والإسلام، أو بلوغ الدعوة، والقدرة على الصوم، ودخول الشهر، والمعرفة به، وهو واجب على المسافر، إلا أن له رخصة في الفطر، وعلى الحائض والنفساء، إلا أنه لا يصح منهما في الحال، فيقضيانه.
وفروضه ثمانية:
ارتقاب الشهر، والنية أوله، واستصحابها، واستيفاء أجزاء النهار كله بالصوم، والإمساك عن كل ما يدخل الجوف من جامد يغذي أو مائع، وإلا ما لا ينفك عنه من بصاق الفم، ورطوبة الدماغ وغبار الطريق، وغلبة الذباب، وشبهه، والإمساك عن إنزال الماء الدافق وتسبيبه بتذكر أو ملامسة وشبهه، والإمساك عن إيلاج في قبل أو دبر، والإمساك عن استدعاء القيء لغير ضرورة فادحة.
وسننه ثمان:
القيام في لياليه، وكون ذلك جماعة في المساجد، والسحور فيها، وتعجيل الإفطار، وتأخير السحور، والاعتكاف في آخره، وإخراج زكاة الفطر عند تمامه، وحفظ اللسان والجوارح فيه عن الرفث والجهل وما لا يعني. ومستحباته ثمانية:
تجديد النية لكل يوم منه، وعمارته بالذكر وتلاوة القرآن والصلاة، وكثرة الصدقة فيه، وطلب الحلال الذي لا شبهة فيه للفطر، وابتداء الفطر على التمر أو الماء، وإحياء ليلة سبع وعشرون منه، وقيام الرجل وحده في منزله إذا كانت ثم جماعة تقوم في المسجد، وإلا فإقامته للجماعة أفضل. ومفسدات الصوم كله عشرة:
إنزال الماء الدافق عن قصد أو لذة في يقظة، وكذلك خروج المذي لليقظان، والإيلاج في قبل أو دبر، وإيصال شئ إلى الجوف من الفم أو الخياشيم، من مطعوم أو مشروب أو غيرهما، وكذلك ما يصل إلى العينين أو الأذنين، من دهن أو كحل، ولا يلزم فيما حصل من حقنة ونحوها، والاستقاء عمدا أو رجوع القيء والقلس إلى الحلق بعد وصولها إلى مكان طرحها، والصوم دون نية، إلا صوم التتابع فتجزئ النية في أول يوم منه، كرمضان، وقيل مثله في النذر ليوم معين ، وفي يوم عاشوراء، والردة فيه، وطروء الحيض أو النفاس عليه، وطروء الإغماء، والجنون عند طلوع الفجر أو عامة النهار، وقطع النية أثناء النهار،على خلاف في هذا.
ومكروهاته عشرة:
الوصال، والقبلة، وهي أشد لمن يخشى على نفسه، وكذلك اللمس، والدخول على الأهل، والنظر إليهن، واستعمال الجوارح كلها في فضول العمل والقول، وإدخال الفم كل رطب ويابس. له طعم وإن مجه، والكحل لمن عادته وصوله إلى حلقه؛ وكذلك دهن الرأس ونحوه ، والمبالغة في الاستنشاق، والإكثار من النوم بالنهار.
والأعذار المبيحة للفطر ستة:
المرض، والحمل، والرضاع إذا خاف أصحابه على أنفسهم زيادة المرض، أو خافت المرضع على ولدها، وإرهاق الجوع والعطش، والتداوي بما يدخل الجوف إذا لم يكن منه بد، والسفر لما تقصر فيه الصلاة.
والأعذار الموجبة للفطر ستة:
الحيض، والنفاس، والضعف عن الصوم بحيث يخاف على نفسه الهلاك إن لم يفطر، وكذلك الحامل والمرضع يخافان على أنفسهما أو أولادهما الهلاك، ومعرفة كون اليوم مما لا يحل صومه، والفطر متعمدا في غير رمضان ولا قضائه ولا صوم معين، فيجب أن لا يصوم بقية النهار.
ولوازم الإفطار ستة:
الأول إكمال اليوم وذلك لكل مفطر في رمضان بعمد، أو نسيان إلا من أفطر لعذر. الثاني القضاء، وهو لازم لكل صوم واجب ترك أو أفسد باختيار أو اضطرار أو نسيان، حاشى النذر المعين فلا قضاء على المضطر فيه، واختلف في الناسي؛ ويلزم في غير الواجب إذا أفسد باختيار. الثالث الكفارة، وهي مختصة بمن انتهك حرمة رمضان فقط، بتعمد إفطاره بأحد مفسدات صومه المتقدمة، لكل يوم انتهكه كفارة، بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينا. الرابع الفدية، وهي لازمة لأربعة؛ لمن فرط في قضاء رمضان حتى دخل عليه آخر، والحامل والمرضع يخافان على أنفسهما أو أولادهما، فهؤلاء يكفرون بمد طعام عن كل يوم عليهم إذا أخذوا في قضائه، وكذلك الشيخ الذي لا يقوى على الصوم جملة يكفر عن كل يوم كذلك. الخامس قطع التتابع متعمدا لفطر يفسد صيام التتابع، من نذر، أو كفارة قتل، أو ظهار، أو إفطار رمضان، ويلزم استئنافه. السادس عقوبة المنتهك لصوم رمضان، وذلك بقدر اجتهاد الإمام وصورة حاله.
===========
شرح القاعدة الرابعة وهي الزكاة
والزكاة قسمان:
زكاة أموال، وزكاة أبدان وهي زكاة الفطر. فزكاة المال تجب بستة شروط: بالإسلام، والحرية، وصحة ملك مال شرعت في مثله الزكاة، وكونه نصابا تجب في مثله الزكاة، أو قيمته نصابا، ومضي الحول عليه أو على أصله الذي نما منه في ملك المزكي، أو مجيء الساعي في الماشية، أو الطيب في الحب، ولا يشترط في المعدن غير وجود ما فيه من الزكاة من نيل واحد.
وشروط إخراجها لمن وجبت عليه ستة:
النية فيها أنها زكاته أو زكاة من يليه، وإخراجها بعد وجوبها بتمام حولها لأصله، أو مجيء الساعي، أو تمام الحب، ودفعها إلى إمام عادل أو أحد الأصناف الثمانية الذين تجب لهم الزكاة من المسلمين. واختلف في المؤلفة قلوبهم الآن هل بقي حكمهم أم لا؟ وأن يدفع عين السن والجنس الذي وجب عليه إخراجه، لا عوضا عنه، فإن دفع أفضل منه من جنسه أجزأه.
وممنوعاتها عشرون:
أن لا تعطى لغني إلا لغاز، ولا تعطى لأحد من بني هاشم وبني المطلب، واختلف في سائر قريش وفي مواليهم، وأن لا يحتسب بها لفقير من دين عليه، وأن لا يدفعها الرجل لمن تجب عليه نفقته، وأن لا تبطل بالمن والأذى، وأن، يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة، وأن لا يحشر الناس المصدق إليه، بل يزكيهم بمواضعهم، وأن لا يأخذ المصدق خيار أموال الناس، وأن لا يشتري الرجل صدقته .
وآدابها ثمانية:
أن يخرجها طيبة بها نفسه، وتكون من طيب كسبه وخياره، ويدفعها للمساكين بيمينه، ويسترها عن أعين الناس، وقد قيل:الإظهار في الفرائض أفضل، وأن يجعل من يتولاها سواه خوف المحمدة، ويفرقها في البلد الذي وجبت فيه لا في غيره، إلا أن تكون بأهل بلد حاجة ملحة فيخرج لهم بعضها، ويستحب أن يقصد بها الأحوج فالأحوج ، ويستحب للمصدق وللإمام الدعاء والصلاة على دافعها. والكلام فيها في سبعة أشياء: على من تجب؟ وفيم تجب؟ وفي مقادير نصبها، ومقدار ما يخرج منها، ولمن تعطى؟ وكم يعطى منها، ومتى تخرج؟ فأما على من تجب ؟ فعلى الحر المسلم كان عاقلا أو مجنونا، أو ذكرا أو أنثى، أو صغيرا أو كبيرا، ولا تجب على كافر لأنها طهرة وزكاة، ولا تجب على عبد، ولا من فيه شعبة رق. وأما فيم تجب ؟ فالأموال المزكاة ثمانية: النقود من الذهب والفضة، والحلي المتخذ منهما للتجارة، وفي معناه النقار والتبر؛ والأنعام وهي الغنم والبقر والإبل، والحبوب وهي كل مقتات من الحبوب، وفي معناها ما له زيت منها، والثمار وهي ثلاثة: تمر وزبيب وزيتون، والعروض المتخذة للتجارة، والمعادن من الذهب والفضة، والركاز من دفن الجاهلية. وأما مقادير نصبها، فنصاب النقود والحلي والمعادن من الذهب والفضة عشرون دينارا ذهبا، أو مائتا درهم فضة خالصين؛ ونصاب العروض قيمتها من ذلك. ويخرج ربع العشر عن ذلك، فما زاد فبحسابه، إلا الندرة في المعدن ففيها الخمس. ونصاب الحبوب والثمار أن يرفع من كل نوع منها خمسة أوسق، حاشى البر والشعير والسلت فإنه يجمع بعضه إلى بعض، وكذلك القطاني تجمع كلها على الصحيح من القولين. ويخرج منها العشر إن كان بعلا أو يسقى سيحا، ونصف العشر إن كان يسقى بالدلو والسانية. وأما الركاز فيخرج الخمس من قليله وكثيره إن كان ذهبا وفضة، واختلف في غيرهما. وأما الأنعام فتختلف، فأول نصب الغنم أربعون، وفيها شاة جذعة أو ثنية إلى مائة وعشرين، فإذا زادت شاة ففيها شاتان إلى مائتي شاة، فإن زادت شاة ففيها ثلاث شياه، ثم بعد هذا في كل مائة شاة. وأما البقر فأول نصبها ثلاثون، وفيها تبيع جدع أو جذعة، وفي أربعين مسنة. وأول نصب الإبل خمس، وفيها شاة، وفي عشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث، وفي عشرين أربع، وفي خمس وعشرين بنت مخاض من الإبل، فإن عدمت فيها فابن لبون، وفي ست وثلاثين بنت لبون، وفي ست وأربعين حقة، وفي إحدى وستين جذعة، وفي ست وسبعين بنتا لبون، وفي إحدى وتسعين حقتان إلى مائة وعشرين، فما زاد ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقة؛ فإذا اجتمع عدد يتفق فيه أخذ السنين كان الساعي مخيرا. ولا زكاة في الأوقاص، وهي ما بين هذه الأعداد والنصب التي ذكرنا، وهي ملغاة. وأما لمن تعطى الزكاة، فلثمانية أصناف ذكرهم الله عز وجل في كتابه العزيز فقال عز من قائل: ﴿إنما الصدقات للفقراء والمساكين﴾ الآية؛ فإن أعطى زكاته لواحد من هذه الأصناف أجزأه. وتخرج زكاة كل مال منه عند تمام حوله فيما يشترط فيه الحول من عين أو سلع مدارة، أو تمام يبس الحب أو التمر، أو عصر الزيت، أو خروج نصاب من المعدن، أو وجود الندرة، أو بيع السلع غير المدارة أو المقتناة بعد مضي حول عليها أو على أصل المال المشتراة به، أو قبض شيء من دينه قل أو كثر إذا كان بيده نصاب مال، أو تم بما يقبضه نصابا بعد مضي الحول على ملكه، أو مجيء الساعي على الماشية بعد مضي حول لها أو لأصلها المتولدة عنه في ملكه.
زكاة الفطر وهي سنة:
وفصولها سبعة: على من تجب؟ ومتى تجب؟ ومتى تخرج؟ ومم تخرج؟ وكم قدرها؟ ولمن تعطى؟ وكم يعطى منها؟ فتجب على كل مسلم واجد لها، كبير أو صغير، حر أو عبد، ذكر أو أنثى، عاقل أو معتوه، غني أو فقير، إذا قدر عليها وفضلت عن قوته وقوت عياله وإن كان ممن يجوز له أخذها. ويلزم الرجل أن يِؤديها عن كل من تلزمه نفقته من المسلمين، من قرابة أو زوجة أو عبد إلا أجيره أو عبده الكافر، ومن له شرك في عبد أدى منها بقدر شركه. وتجب بمغيب شمس آخر يوم من رمضان، وقبل طلوع الفجر من يوم الفطر، وقيل: اليوم كله محل للوجوب، فيعتبر ذلك فيمن ولد أو مات أو أسلم أو بيع، فمن أدركه وقت وجوبها منهم لزمته. ويستحب إخراجها قبل الغدو إلى المصلى، وتخرج من الحبوب المعتاد اقتياتها في البلد المخرجة فيه، صاع عن كل إنسان، وتدفع لكل فقير مسكين محتاج إليها بقدر عياله من كثرة أو قلة؛ واستحب بعض العلماء أن لا يعطى منها أحد أكثر من زكاة إنسان.والواجب، إذا كان الإمام عدلا، دفعها إليه ليلي تفرقتها.والله تعالى الموفق للصواب بمنه.
===========
شرح القاعدة الخامسة وهي الحج
وهو واجب مرة في العمر، وشروط وجوبه ستة:
الإسلام، أو بلوغ الدعوة، والعقل، والحرية، والبلوغ، وصحة البدن، والاستطاعة على الوصول دون مانع ولا ضرر.
وأركانه ستة:
النية، والإحرام، وطواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة، والوقوف بعرفة وقت الحج، واختلف في جمرة العقبة.
والحج على ثلاثة أضرب:
إفراد الحج وحده عند الإحرام وهو أفضلها، وقرانه مع العمرة معا، والتمتع، وهو أن يعتمر غير المكي في أشهر الحج الثلاثة: شوال والشهرين اللذين بعده، ثم يحل ويحج من عامه.
ولا يكون متمتعا إلا بشروط ستة: أن لا يكون مكيا، وأن يجمع بين العمرة والحج في عام واحد وفي سفر واحد، وتكون العمرة مقدمة، ويأتي بها أو ببعضها في أشهر الحج، ويحرم بالحج بعد الإحلال منها.وعلى القارن غير المكي والمتمتع الهدي ينحره بمنى بعد الفجر يوم النحر إن أوقفه بعرفة وإلا نحره بمكة، فإن لم يجده صام ثلاثة أيام في الحج وسبعة في أهله إذا رجع
وسننه خمسون سنة:
وقد سردناها على نسق الحج من الإحرام إلى تمامه لتعلم كيفيته مع ذكرنا لفرائض الحج المتقدمة أثناء ذلك. فأولها أن يحرم في أشهر الحج الثلاثة، والإحرام من الميقات نفسه لا قبله ولا بعده.
والمواقيت خمسة:
ذو الحليفة لأهل المدينة، وقرن لأهل نجد، والجحفة لأهل الشام ومصر والمغرب، ويلملم لأهل اليمن، وذات عرق لأهل العراق ومن ورائهم، ومن منزله وراء الميقات إلى مكة فيحرم من منزله، وأهل مكة من مكة، وعلى متعدي الميقات دون إحرام، دم. والغسل عند الإحرام، والتجرد من المخيط والخفاف للرجال، وماله حارك من النعال يستر بعض القدم، وكشف الرأس والوجه للرجل، والوجه وحده للمرأة، ثم أن يحرم إثر صلاته، والأفضل أنى تكون نافلة، فينوي بقلبه حجة أو عمرة، ثم التلبية، وذلك إذا استوت به الراحلة، أو أخذ في المشي إن كان راجلا، رافعا بها صوته من غير إسراف، في أدبار الصلوات، وعند كل شرف، وعند اجتماع الرفاق، وبالمساجد، وبمسجد منى، والمسجد الحرام، إلا أنه يستحب عند دخوله للطواف الأول أن يقطعها حتى يتم سعيه بين الصفا والمروة، ويقطعها الحاج بعد الزوال من يوم عرفة، وعند الرواح إلى الموقف، ويقطعها المعتمر إذا دخل أوائل الحرم إن كان إحرامه من الميقات، وإن كان إحرامه من التنعيم ونحوه فحين يدخل بيوت مكة. وهي: "لبيك، اللهم لبيك، لا شريك لك، إن الحمد والنعمة لك، والملك لا شريك لك "، ثم الغسل لدخول مكة دون تدلك، ثم طواف القدوم لغير المكي، فيبدأ عند دخول المسجد باستلام الحجر بفيه، ثم يجعل البيت عن يساره، ويطوف خارج الحجر سبعة أشواط، ثلاثة منها خبب، وأربعة مشي، وليس ذلك على النساء، ولا في غير طواف القدوم. ويشترط في الطواف من طهارة الحدث والخبث وستر العورة والموالاة ما يشترط في الصلاة إلا التفريق اليسير؛ وإذا قامت عليه صلاة فيصليها ويبني، ثم صلاة ركعتين، ثم يستلم الحجر، ثم الأخذ في السعي، فيبدأ بالصفا فيصعد عليهما حتی يری البيت، ويهلل ويكبر ويدعو، ثم ينحدر ماشيا إلی المروة، فإذا ظهر عليها فعل مثل ذلك حتى يكمل سبعة أشواط في ذهابه ورجوعه، ويختم بالمروة. وهاهنا يتم عمل المعتمر، ويحلق. فأما الحاج فإذا تم سعيه فعليه الخروج إلى منى يوم التروية، وهو الثامن من ذي الحجة، ثم الجمع بين الظهر والعصر بعرفة يوم التاسع، ثم الوقوف بسفح جبلها من حينئذ إلى غروب الشمس بالتزام التهليل والتكبير والدعاء راكبا، ثم الدفع بدفع الإمام لا قبله إلى مزدلفة، والجمع بها بين العشاءين، والمبيت بها، وإتيان المشعر الحرام بعد صلاة صلاة الصبح بها، والدعاء بعده، والتكبير والتهليل، ثم الرحيل منه بدفع الإمام قبل السفر، والهرولة إذا مر ببطن محسر، ثم رمي جمرة العقبة من أسفلها ضحى من ذلك اليوم راكبا كما أتى، وهي سبع حصيات يكبر مع كل حصاة، ثم نحر الهدي لمن ساقها قياما بعد أن تشعر وتقلد من موضع الإحرام، ينحر منها ما وقف به بعرفة بمنى وما لم يوقف به بها فبمكة. وبعد رمي جمرة العقبة حل للمحرم كل شيء حظر عليه غير الصيد والنساء والطيب، ثم الحلاق أو التقصير، ثم الرجوع إثر ذلك إلى مكة للطواف الواجب على هيئة طواف القدوم الأول الذي ذكرنا، ويركع بعده ركعتين إلا أنه لا يرمل فيه. وعلى من جاء عرفة مراهقا فلم يطف طواف القدوم ولا سعى، أن يسعى بإثر طواف الإفاضة كما تقدم، وبعد طواف الإفاضة يحل المحرم ويباح له كل ما منع منه، ثم الرجوع من يومه إلى منى، والمبيت بها أيام التشريق، ورمي الثلاثة الأيام ثلاث جمرات بعد الزوال وقبل الصلاة، وفي كل يوم، كل جمرة بسبع حصيات يكبر مع كل مع كل حصاة، ويقف للدعاء في الجمرتين الأخريين دون الأولى، ورميها من أعلاها، ثم النفر إلى مكة إثر آخر جمرة منها في اليوم الرابع من أعلاها، ثم النفر إلى مكة إثر آخر جمرة منها في اليوم الرابع من أيام التشريق قبل صلاة الظهر، فيصلى في الطريق، وللمتعجل النفر قبل هذا بيوم، ثم طواف الوداع بمكة لغير المكي على الصفة المتقدمة. وسنته اتصاله بالسفر، فمن أقام بعده أعاده.
ومن سنن الحج: العمرة، وقيل واجبة، ومن سننه: النسك فيه بدم.
مستحباته وفضائله خمس وعشرون فضيلة:
الإفراد به دون التمتع والقران، والاقتصار في عقده من حج أو عمرة على النية دون نطق، والإحرام في البياض، وصلاة نافلة قبله، وأن يكون أشعت أغبر رث الهيئة، وأن يدخل مكة من كداء بأعلاها، ويخرج من كدى بأسفلها، وأن يكون وقوفه وجميع عمله فيه على طهارة، إلا الطواف فإنه شرط في صحته، وأن يغتسل للوقوف بعرفة ومزدلفة وللطواف بالبيت، ولكن كل غسل بعد غسل الإحرام من هذه إنما هو صب الماء دون تدلك، والخبب في بطن المسيل في السعي، وركوع الطواف عند المقام، والدعاء عنده، والإكثار من ذكر الله تعالى، والدعاء والتكبير أيام الحج وفي مشاهده، وتعجيل طواف الإفاضة يوم النحر، والتلبية على كل شرف، وعند مجتمع الرفاق، وأدبار الصلوات، وفي المساجد، والقصد عند دخول مكة إلى البيت دون التعريج على غيره، وأن يدخل من باب بني شيبة، واستلام الحجر كلما مر به في الطواف إن قدر وإلا وضعت عليه اليد ووضعت على الفم، ووضع اليد على الركن اليماني كذلك، ومن لم يقدر على شيء من هذا أشار بيده وكبر ومضى، والحلاق للرجال دون التقصير إلا لمن لبد فيلزمه الحلاق، والحج ماشيا لمن قدر عليه، وقيل: الركوب أفضل ، وتولى نحر هديه بيده، وزيارة قبر رسول الله وشرف وكرم.
ومحظورا ته خمسة وعشرون أيضا:
لبس المخيط للرجال، ولبس البرانس والعمائم والقلانس، وتغطية رأسه ووجهه، ولبس الخفين والجرموقين وما في معناهما مما هو أخفض منهما مع القدرة على النعلين، ولبس القفازين، وهذا للرجال.
وأما النساء فلا تمنع المرأة إلا من ستر وجهها ويدها، فهو إحرامها، ولبس المصبوغ بالزعفران والورس، وحلق شعر الرأس، وسائر الجسد، أو نتفه، أو قصه، وقص الأظفار، واستعمال الطيب، أو مسه، وإزالة الشعث عن رأسه أو بدنه بدهنه أو ترجيله أو غسل درنه، وقتل القمل، وقتل الصيد، وصيده، وإمساكه إن صاده غيره، والأكل من صيد حلال صيد من أجل الحرام، وأما صيد المحرم أو صيد الحرم فغير مذكى لا يؤكل، والاستمناء، والإيلاج، وعقد النكاح لنفسه أو لغيره، والخطبة له، والكحل للمرأة وإن لم يكن فيه طيب، واختلف في الرجل، والاختضاب بالحناء في الرأس واليدين والرجلين، وطرح القراد وشبهه عن بعيره.
ومكروهاته خمسة وعشرون أيضا :
الإحرام قبل أشهر الحج وقبل الميقات، والإكثار من التلبية، ورفع الصوت بها في المساجد، لكن يسمع نفسه ومن يليه إلا المسجد الحرام ومسجد منى فيرفع بها صوته كما يرفعه في غيرهما من المواضع، ولبس المعصفر، والتلبية في السعي وفي الطواف، وقراءة القرآن فيه، وكثرة الكلام، وشرب الماء إلا لمضطر، وتغطية ما فوق الذقن، وشم الطيب، ودخول الحمام، وشم الريحان، أو غسل اليد به، وغمس الرأس في الماء، ومحادثة النساء، ورفث القول، وأكل ما فيه طيب، والحجامة، والتظلل في غير بيت ولا خباء، والسجود على الحجر الأسود، وتقبيل اليد إذا وضعت عليه أو على الركن اليماني، بل توضع على الفم من غير تقبيل، والمبيت بمزدلفة في بطن محسر، والوقوف بعرفة في جبالها، لكن في سفح الجبل، إلا بطن عرنة، فلا يوقف فيه، والدفع من المشعر الحرام عند الإسفار وبعده، لكن قبله إلا للضعفة والنساء، والرمي بحصى قد رمي به، وركوب المحامل فيه دون الرحال. وأحكام الحج والعمرة إذا فسد بوطء أو إنزال آو فوات أو نقص ركن من أركانها أو فرض من فروض الحج أو سنة من سننهما ثمانية أحكام:
التمادي على العمل، والقضاء لما أسقط ، والتحلل من فائته، والإعادة، والتكميل، والهدي، والجزاء، والفدية، فيجب بفسادها المضي على عملها وإتمامها، والتحلل بالعمرة لمن فاته الحج، وإعادتهما بعد في أوقاتهما، كانا تطوعا أو فرضا، إلا لمحصر بعدو فليتحلل من إحرامه، ولا قضاء عليه ولا دم، والتفريق بين الزوجين تنكيلا لهما في القضاء من حين يحرمان إلى تمامه، إذا كانا قد أفسداه بوطء، وقضاء ما نسي أو ترك منه من سننها أو فروض الحج مما لم يفت وقته، أو نقص حد من حدود ذلك، وكذلك في اختلال أركانه، كترك الطواف، أو شوط منه، |أو من السعي، أو الطواف منكسا، أو على غير وضوء، أو على سقائف المسجد دون زحام اضطره إليها، فإنه يرجع فيفعله على ما يجب، فإن لم يذكر ذلك حتى يرجع إلى بلاده فليرجع إلى مكة على إحرامه، ويقض ما فاته، ويقض ما أفسده. ويلزم الهدي لفساد الحج وفواته، بدنة، وكذلك للمحصر بمرض مع التمادي على أحكامه حتى يحج أو يعتمر، وكذلك يلزم الهدي من تمتع أو قرن. والهدي هنا شاة، وكذلك كل من ترك سنة من واجبات سننه ومؤكداته كمتعدي الميقات دون إحرام، وترك الرمي حتى فات وقته، وترك النزول بمزدلفة، وترك ركعتي الطواف الواجب حتى رجع إلى بلاده، أو التلبية جملة، أو طواف القدوم لغير المراهق، أو تقديم الحلق على رمي جمرة العقبة، أو دخول مكة حلالا، أو ترك طواف الإفاضة أو بعضه حتى خرجت أشهر الحج؛ فمن لم يجد الهدي من هؤلاء كلهم ممن كان قد لزمه الدم قبل عمل الحج منهم، كمتعدي الميقات والقارن والمتمتع وشبهه، فليصم عشرة أيام، ثلاثة في الحج آخرها أيام التشريق، وسبعة بعدها، ومن عداهم صاموها متى شاءوا.وأما الجزاء فلقتل الصيد وأكله، كما قال الله عز وجل : ﴿ فجزاء مثل ما قتل من النعم﴾، ينحر بمنى إن وقف به بعرفة وإلا فبمكة، أو قيمة الصيد طعاما، أو صيام يوم عن كل مد.وأما الفدية فلزوال الأذى، من حلق الرأس، ولبس المخيط، والخف، ومس الطيب، ونحو هذا مما منع المحرم، كما قال الله تعالى﴿ ففدية من صيام﴾، وذلك ستة أيام ﴿ أو صدقة﴾، وذلك إطعام ستة مساكين مدان لكل مسكين ﴿أو نسك﴾، وذلك شاة تخرج حيث كانت من البلاد. والله الموفق للصواب.هذه، وفقنا الله وإياك، قواعد الإسلام التي من جحد قاعدة منها فهو كافر حلال الدم، خارج من جملة المسلمين.فأما من تركها تهاونا واستخفافا مع اعترافه بوجوبها، فإن ترك اللفظ بالشهادتين ولم يقلها ولو مرة في عمره فهو كافر يقتل ولو قال مع ذلك :إني أقر بصحتها ، وأومن بمقتضاها.وأما الصلاة فيقتل تاركها إذا قال: لا أصليها، أو قال أصليها ولم يصل، قتل حدا لا كفرا على الصحيح، وقد قيل: يقتل كفرا وإن كان معترفا بوجوبها. وأما الزكاة فتؤخذ منه كرها إن منعها، فإن امتنع قهر على ذلك وقوتل إن كانت له منعة حتى يؤديها أو تؤخذ منه، وعلى المسلمين محاربته مع الإمام.وأما الصوم فمن تركه متهاونا أدب وبولغ في عقوبته، وحبس على التوصل إلى انتهاكه بما قدر عليه.وأما الحج فمن تركه بعد الاستطاعة عليه زجر ووعظ ووبخ، لكونه موسع الوقت.وذهب بعض العلماء إلى أن من ترك شيئا من هذه القواعد وإن اعترف بوجوبه فإنه كافر يقتل كتارك الصلاة، ولم يختلفوا في كفر جاحد وجوبها، ولا قتله.والله تعالى يعصمنا أجمعين من الزلل والخطأ، ويوفقنا لسديد القول والعمل، بمنه لا إلاه غيره، ولا رب سواه .وصلى الله على محمد نبيه المصطفى، وعلى آله وسلم تسليما، وحسبنا الله ونعم الوكيل.




الخطبة المعروفة بالشِّقْشِقِيَّة


لخطبة المعروفة بالشِّقْشِقِيَّة

ومن خطبة له (عليه السلام) المعروفة بالشِّقْشِقِيَّة [وتشتمل على الشكوى من أمر الخلافة ثم ترجيح صبره عنها ثم مبايعة الناس له] أَمَا وَالله لَقَدْ تَقَمَّصَها[1] فُلانٌ، وَإِنَّهُ لَيَعْلَمُ أَنَّ مَحَلِّيَ مِنهَا مَحَلُّ القُطْبِ مِنَ الرَّحَا، يَنْحَدِرُ عَنِّي السَّيْلُ، وَلا يَرْقَى إِلَيَّ الطَّيْرُ، فَسَدَلْتُ[2] دُونَهَا ثَوْباً، وَطَوَيْتُ عَنْهَا كَشْحاً[3]، وَطَفِقْتُ أَرْتَئِي بَيْنَ أَنْ أَصُولَ بِيَد جَذَّاءَ[4]، أَوْ أَصْبِرَ عَلَى طَخْيَة[5] عَمْيَاءَ، يَهْرَمُ فيهَا الكَبيرُ، وَيَشِيبُ فِيهَا الصَّغِيرُ، وَيَكْدَحُ فِيهَا مُؤْمِنٌ حَتَّى يَلْقَى رَبَّهُ. [ترجيح الصبر] فَرَأَيْتُ أَنَّ الصَّبْرَ عَلَى هَاتَا أَحْجَى[6]، فَصَبَرتُ وَفي الْعَيْنِ قَذىً، وَفي الحَلْقِ شَجاً[7]، أرى تُرَاثي[8] نَهْباً، حَتَّى مَضَى الاَْوَّلُ لِسَبِيلِهِ، فَأَدْلَى بِهَا[9]إِلَى فلان بَعْدَهُ. ثم تمثل بقول الاعشى: شَتَّانَ مَا يَوْمِي عَلَى كُورِهَا[10] * وَيَوْمُ حَيَّانَ أَخِي جَابِرِ فَيَا عَجَباً!! بَيْنَا هُوَ يَسْتَقِيلُها[11] في حَيَاتِهِ إِذْ عَقَدَهَا لاخَرَ بَعْدَ وَفَاتِهِ ـ لَشَدَّ مَا تَشَطَّرَا ضَرْعَيْهَا[12] ! ـ فَصَيَّرَهَا في حَوْزَة خَشْنَاءَ، يَغْلُظُ كَلْمُهَا[13]، وَيَخْشُنُ مَسُّهَا، وَيَكْثُرُ العِثَارُ[14] [فِيهَا] وَالاْعْتَذَارُ مِنْهَا، فَصَاحِبُهَا كَرَاكِبِ الصَّعْبَةِ[15]، إِنْ أَشْنَقَ[16] لَهَا خَرَمَ[17]، وَإِنْ أَسْلَسَ[18] لَهَا تَقَحَّمَ[19]، فَمُنِيَ النَّاسُ[20] ـ لَعَمْرُ اللهِ ـ بِخَبْط[21] وَشِمَاس[22]، وَتَلَوُّن وَاعْتِرَاض[23]. فَصَبَرْتُ عَلَى طُولِ الْمُدَّةِ، وَشِدَّةِ الِْمحْنَةِ، حَتَّى إِذا مَضَى لِسَبِيلِهِ جَعَلَهَا في جَمَاعَة زَعَمَ أَنَّي أَحَدُهُمْ. فَيَاللهِ وَلِلشُّورَى[24]! مَتَى اعْتَرَضَ الرَّيْبُ فِيَّ مَعَ الاَْوَّلِ مِنْهُمْ، حَتَّى صِرْتُ أُقْرَنُ إِلَى هذِهِ النَّظَائِرِ[25]! لكِنِّي أَسفَفْتُ[26] إِذْ أَسَفُّوا، وَطِرْتُ إِذْ طَارُوا، فَصَغَا[27] رَجُلُ مِنْهُمْ لِضِغْنِه[28]، وَمَالَ الاْخَرُ لِصِهْرهِ، مَعَ هَن وَهَن[29]. إِلَى أَنْ قَامَ ثَالِثُ القَوْمِ، نَافِجَاً حِضْنَيْهِ[30] بَيْنَ نَثِيلهِ[31] وَمُعْتَلَفِهِ[32]، وَقَامَ مَعَهُ بَنُو أَبِيهِ يَخْضَمُونَ[33] مَالَ اللهِ خَضْمَ الاِْبِل نِبْتَةَ[34] الرَّبِيعِ، إِلَى أَنِ انْتَكَثَ عَلَيْهِ فَتْلُهُ[35]، وَأَجْهَزَ عَلَيْهِ عَمَلُهُ[36]، وَكَبَتْ[37] بِهِ بِطْنَتُهُ[38]. [مبايعة علي(عليه السلام)] فَمَا رَاعَنِي إلاَّ وَالنَّاسُ إليَّ كَعُرْفِ الضَّبُعِ[39]، يَنْثَالُونَ[40] عَلَيَّ مِنْ كُلِّ جَانِب، حَتَّى لَقَدْ وُطِىءَ الحَسَنَانِ، وَشُقَّ عِطْفَايَ[41]، مُجْتَمِعِينَ حَوْلي كَرَبِيضَةِ الغَنَمِ[42]. فَلَمَّا نَهَضْتُ بِالاَْمْرِ نَكَثَتْ طَائِفَةٌ[43]، وَمَرَقَتْ أُخْرَى[44]، وَفَسَقَ [وقسط ]آخَرُونَ[45] كَأَنَّهُمْ لَمْ يَسْمَعُوا اللهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ: (تِلْكَ الدَّارُ الاخِرَةُ نَجْعَلُهَاِللَّذِينَ لاَ يُريدُونَ عُلُوّاً في الاَرْضِ وَلاَ فَسَاداً وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)، بَلَى! وَاللهِ لَقَدْ سَمِعُوهَا وَوَعَوْهَا، وَلكِنَّهُمْ حَلِيَتَ الدُّنْيَا[46] في أَعْيُنِهمْ، وَرَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا[47]! أَمَا وَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ[48]، لَوْلاَ حُضُورُ الْحَاضِرِ[49]، وَقِيَامُ الْحُجَّةِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ[50]، وَمَا أَخَذَ اللهُ عَلَى العُلَمَاءِ أَلاَّ يُقَارُّوا[51] عَلَى كِظَّةِ[52] ظَالِم، وَلا سَغَبِ[53] مَظْلُوم، لاََلقَيْتُ حَبْلَهَا عَلَى غَارِبِهَا[54]، وَلَسَقَيْتُ آخِرَهَا بِكَأْسِ أَوَّلِها، وَلاََلفَيْتُمْ دُنْيَاكُمْ هذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِي مِنْ عَفْطَةِ عَنْز[55]! قالوا: وقام إِليه رجل من أهل السواد[56] عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته، فناوله كتاباً، فأقبل ينظر فيه، فلمّا فرغ من قراءته قال له ابن عباس: يا أميرالمؤمنين، لو اطَّرَدت مَقالتكَ[57] من حيث أَفضيتَ[58]! فَقَالَ(عليه السلام): هَيْهَاتَ يَابْنَ عَبَّاس! تِلْكَ شِقْشِقَةٌ[59] هَدَرَتْ[60] ثُمَّ قَرَّتْ[61]! قال ابن عباس: فوالله ما أَسفت على كلام قطّ كأَسفي على ذلك الكلام أَلاَّ يكون أميرالمؤمنين(عليه السلام)بلغ منه حيث أراد. قوله (عليه السلام) في هذه الخطبة: «كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم، وإن أسلس لها تقحم» يريد: أنه إذا شدد عليها في جذب الزمام وهي تنازعه رأسها خرم أنفها، وإن أرخى لها شيئاً مع صعوبتها تقحمت به فلم يملكها، يقال: أشنق الناقة: إذا جذب رأسها بالزمام فرفعه، وشنقها أيضاً، ذكر ذلك ابن السكيت في «إصلاح المنطق». وإنما قال(عليه السلام): «أشنق لها» ولم يقل: «أشنقها»، لانه جعله في مقابلة قوله: «أسلس لها»، فكأنه(عليه السلام)قال: إن رفع لها رأسها بالزمام يعني أمسكه عليها. وفي الحديث: أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) خطب الناس وهو عل ناقة قد شنق لها وهي تقصع بجرّتها. ومن الشاهد على أنّ أشنق بمعنى شنق قول عدي بن زيد العبادي: ساءها ما بنا تبيّن في الايدي * وأشناقها إلى الاعناقِ

[1] تَقَمّصَها: لبسها كالقميص. [2] سَدَلَ الثوبَ: أرخاه. [3] طَوَى عنها كشحاً: مالَ عنها. [4] الجَذّاءُ ـ بالجيم والذال المعجمة ـ: المقطوعة. [5] طَخْيَة ـ بطاء فخاء بعدها ياء، ويثلّثُ أوّلها ـ: ظلمة. [6] أحجى: ألزم، من حَجِيَ بهِ كرَضيَ: أُولِعَ به ولَزِمَهُ. [7] الشّجَا: ما اعترض في الحلق من عظم ونحوه. [8] التراث: الميراث. [9] أدْلَى بها: ألقى بها. [10] الكُور ـ بالضم ـ: الرّحْل أوهو مع أداته. [11] يَسْتَقِيلها: يطلب إعفاءه منها. [12] تشطرا ضرعيها: اقتسماه فأخذ كلّ منهما شطراً، والضرع للناقة كالثدي للمرأة. [13] كَلْمُها: جرحها، كأنه يقول: خشونتها تجرح جرحاً غليظاً. [14] العِثار: السقوط والكَبْوَةُ. [15] الصّعْبة من الابل: ما ليستْ بِذَلُول. [16] أشْنَقَ البعير وشنقه: كفه بزمامه حتى ألصق ذِفْرَاه (العظم الناتىء خلف الاذن) بقادمة الرحل. [17] خرم: قطع. [18] أسْلَسَ: أرخى. [19] تَقَحّمَ: رمى بنفسه في القحمة أي الهلكة. [20] مُنيَ الناسُ: ابتُلُوا وأُصيبوا. [21] خَبْط: سير على غير هدى. [22] الشِّماس ـ بالكسر ـ: إباء ظَهْرِ الفرسِ عن الركوب. [23] الاعتراض: السير على غير خط مستقيم، كأنه يسير عَرْضاً في حال سيره طولاً. [24] أصل الشّورى: الاستشارة، وفي ذكرها هنا إشارة إلى الستة الذين عيّنَهم عمر ليختاروا أحدهم للخلافة. [25] النّظَائر: جمع نَظِير أي المُشابِه بعضهم بعضاً دونه. [26] أسَفّ الطائر: دنا من الارض. [27] صَغَى صَغْياً وَصَغَا صَغْواً: مالَ. [28] الضِّغْنُ: الضّغِينَة والحقد. [29] مع هَن وَهَن: أي أغراض أخرى أكره ذكرها. [30] نافجاً حضْنَيْه: رافعاً لهما، والحِضْن: ما بين الابط والكَشْح، يقال للمتكبر: جاء نافجاً حِضْنَيْه. [31] النّثِيلُ: الرّوْثُ وقذَر الدوابّ. [32] الـمُعْتَلَفُ: موضع العلف. [33] الخَضم: أكل الشيء الرّطْب. [34] النِّبْتَة ـ بكسر النون ـ: كالنبات في معناه. [35] انْتَكَثَ عليه فَتْلُهُ: انتقض. [36] أجهزَ عليه عملُه: تَمّمَ قتله. [37] كَبَتْ به: من كبابِه الجوادُ: إذا سقط لوجهه. [38] البِطْنَةُ ـ بالكسر ـ: البَطَرُ والاشَرُ والتّخْمة. [39] عُرْفُ الضّبُع: ماكثر على عنقها من الشعر، وهو ثخين يُضرب به المثل في الكثرة والازدحام. [40] يَنْثَالون: يتتابعون مزدحمين. [41] شُقّ عطفاه: خُدِشَ جانباه من الاصطكاك. [42] رَبيضَةُ الغنم: الطائفة الرابضة من الغنم. [43] نَكَثَتْ طَائفة: نَقَضَتْ عهدَها، وأراد بتلك الطائفة الناكثة أصحابَ الجمل وطلحةَ والزبيرَ خاصة. [44] مَرَقَتْ: خَرَجَتْ، وفي المعنى الديني: فَسَقَتْ، وأراد بتلك الطائفة المارقة الخوارج أصحاب النّهْرَوَان. [45] قَسَطَ آخرون: جاروا، وأراد بالجائرين أصحاب صفين. [46] حَلِيَتِ الدنيا: من حَليتِ المرأهُ إذا تزيّنَت بِحُلِيّها. [47] الزِبْرِجُ: الزينة من وَشْي أوجوهر. [48] النَسَمَة ـ محركة ـ: الروح وهي في البشر أرجح، وبَرَأها: خلقها. [49] أراد «بالحاضر» هنا: من حضر لِبَيْعَتِهِ. [50] أراد «بالناصر» هنا: الجيش الذي يستعين به على إلزام الخارجين بالدخول في البيعة الصحيحة. [51] ألاّ يُقَارّوا: ألاّ يوافقوا مُقرّين. [52] الكِظّةُ: ما يعتري الاكل من الثّقَلِ والكَرْب عند امتلاء البطن بالطعام، والمراد استئثار الظالم بالحقوق. [53] السَغَب: شدة الجوع، والمراد منه هضم حقوقه. [54] الغارب: الكاهلُ، والكلام تمثيلٌ للترك وإرسال الامر. [55] عَفْطَة العَنْز: ما تنثره من أنفها. وأكثر ما يستعمل ذلك في النعجة وإن كان الاشهر في الاستعمال «النّفْطَة» بالنون. [56] السّوَاد: العراق، وسُمّيَ سواداً لخضرته بالزرع والاشجار، والعرب تسمي الاخضر أسود. [57] اطّرَدَتْ مقالتك: أُتْبِعَتْ بمقالة أُخرى، من اطّراد النهر إذا تتابع جَرْيُهُ. [58] أفْضَيْتَ: أصل أفضى: خرج إلى الفضاء، والمراد هنا سكوت الامام عماكان يريد قوله. [59] الشّقْشِقَةُ ـ بكسر فسكون فكسر ـ: شيء كالرّئَهِ يخرجه البعير من فيه إذا هاج. [60] هَدَرَتْ: أَطْلَقَتْ صوتاً كصوت البعير عند إخراج الشِقْشِقَةِ من فيه، ونسبة الهدير إليها نسبة إلى الالة. [61] قَرّتْ: سكنت وَهَدَأتْ.

خطبة لعلي بن أبي طالب خالية من نقاط الحروف.

خطبة لعلي بن أبي طالب خالية من نقاط الحروف 
  لا خطبته خالي من نقطة
الخطبته الاول
الحَمدُ لِلّهِ أهلِ الحَمدِ وَ أحلاهُ، وَ أسعَدُ الحَمدِ وَ أسراهُ، وَ أکرَمُ الحَمدِ وَ أولاهُ. الواحدُالأحَدُ الصَّمَدُ، لا والِدَ لَهُ وَ لا وَلَدَ. سَلَّطَ المُلوکَ وَ أعداها، وَ أهلَکَ العُداةَ وَ أدحاها، وَ أوصَلَ المَکارِمَ وَ أسراها، وَ سَمَکَ السَّماءَ وَ عَلّاها، وَ سَطَحَ المِهادَ وَ طَحاها، وَ وَطَّدَها وَ َحاها، وَ مَدَّها وَ سَوّاها، وَ مَهَّدَها وَ وَطّاها، وَ أعطاکُم ماءَها وَ مَرعاها، وَ أحکَمَ عَدَدَ الاُمَمِ وَ أحصاها، وَ عَدَّلَ الأعلامَ وَ أرساها. الاِلاهُ الأوَّلُ لا مُعادِلَ لَهُ، وَلا رادَّ لِحُکمِهِ، لا إلهَ إلّا هُوَ، المَلِکُ السَّلام، المُصَوِّرُ العَلامُ، الحاکِمُ الوَدودُ، المُطَهِّرُ الطّاهِرُ، المَحمودُ أمرُهُ، المَعمورُ حَرَمُهُ، المَأمولُ کَرَمُهُ. عَلَّمَکُم کَلامَهُ، وَ أراکُم أعلامَهُ، وَ حَصَّلَ لَکُم أحکامَهُ، وَ حَلَّلَ حَلالَهُ، وَ حَرَّمَ حَرامَهُ. وَ حَمَّلَ مُحَمَّداً (صَلَّ اللهُ عَلَیهِ وَ آلِهِ) الرِّسالَةَ، وَ رَسولَهُ المُکَرَّمَ المُسَدَّدَ، ألطُّهرَ المُطَهَّرَ. أسعَدَ اللهُ الاُمَّةَ لِعُلُوِّ مَحَلِّهِ، وَ سُمُوِّ سُؤدُدِهِ، وَ سَدادِ أمرِهِ، وَ کَمالِ مُرادِهِ. أطهَرُ وُلدِ آدَمَ مَولوداً، وَ أسطَعُهُم سُعوداً، وَ أطوَلُهُم عَموداً، وَ أرواهُم عوداً، وَ أصَحُّهُم عُهوداً، وَ أکرَمُهُم مُرداً وَ کُهولاً. صَلاةُ اللهِ لَهُ لِآلِهِ الأطهارِ مُسَلَّمَةً مُکَرَّرَةً مَعدودَةً، وَ لِآلِ وُدِّهِمُ الکِرامِ مُحَصَّلَةً مُرَدَّدَةً ما دامَ لِالسَّماءِ أمرٌ مَرسومٌ وَ حَدٌّ مَعلومٌ. أرسَلَهُ رَحمَةً لَکُم، وَ طَهارَةً لِأعمالِکُم، وَ هُدوءَ دارِکُم وَ دُحورَ، عارِکُم وَ صَلاحَ أحوالِکُم، وَ طاعَةً لِلّهِ وَ رُسُلِهِ، وَ عِصمَةً لَکُم وَ رَحمَةً. اِسمَعوا لَهُ وَ راعوا أمرَهُ، حَلِّلوا ما حَلَّلَ، وَ حَرِّموا ما حَرَّمَ، وَ اعمِدوا – رَحِمَکُمُ اللهُ – لِدَوامِ العَمَلِ، وَ ادحَروا الحِرصَ، وَ اعدِموا الکَسَلَ، وَ ادروا السَّلامَةَ وَ حِراسَةَ مُلکِ وَ رَوعَها، وَ هَلَعَ الصُّدورِ وَ حُلولَ کَلِّها وَ هَمِّها. هَلَکَ وَ اللهِ أهلُ الاِصرارِ، وَ ما وَلَدَ والِدٌ لِلاِسرارِ، کَم مُؤَمِّلٍ أمَّلَ ما أهلَکَهُ، وَ کَم مالٍ وَ سِلاحٍ أعَدَّ صارَ لِلأعداءِ عُدَّةً وَ عُمدَةً. اَللّهُمَّ لَکَ الحَمدُ وَ دَوامُهُ، وَ المُلکُ وَ کَمالُهُ، لااِلهَ إلّا هُوَ، وَسِعَ کُلَّ حِلمٍ حِلمُهُ، وَ سَدَّدَ کُلُّ حُکمٍ حُکمُهُ، وَ حَدَرَ کُلَّ عِلمٍ عِلمُهُ. عَصَمَکُمُ وَ لَوّاکُم، وَ دَوامَ السَّلامَةِ أولاکُم، وَ لِلطّاعَةِ سَدَّدَکُم، وَ لِلاِسلامِ هَداکُم، وَ رَحِمَکُم وَ سَمِعَ دُعاءَکُم، وَ طَهَّرَ أعمالَکُم، وَ أصلَحَ أحوالَکُم. وَ أسألُهُ لَکُم دَوامَ السَّلامَةِ، وَ کَمالَ السَّعادَةِ، وَ الآلاءَ الدّارَةَ، وَ الاَحوالَ السّارَّةَ، وَ الحَمدُ لِلّهِ وَحدَهُ.
الخطبته الثاني
اَلْحَمْدُ لِلّهِ الْمَلِکِ الْمَحْمودِ الْمالِکِ الْوَدودِ، مُصَوِّرِ کُلِّ مَوْلودٍ وَ مَآلِ کُلِّ مَطْرودٍ.
ساطِحِ الْمِهادِ وَ مُوَطِّدِ الْاَطْوادِ وَ مُرْسِلِ الْاَمْطارِ وَ مُسَهِّلِ الْاَوْطارِ، عالِمِ الْاَسْرارِ وَ مُدْرِکِها وَ
مُدَمِّرِ الاَمْلاکِ وَ مُهْلِکِها وَ مُکَوِّرِ الدُّهورِ وَ مُکَرِّرِها وَ مُورِدِ الْاُمورِ وَ مُصْدِرِها، عَمَّ سَماحُهُ وَ
کَمُلَ رُکامُهُ وَ هَمَلَ وَ طاوَعَ السُّؤالَ وَ الْاَمَلَ وَ اَوْسَعَ الرَّمَلَ وَ اَرْمَلَ.
اَحمَدُهُ حَمْداً مَمْدوداً مَداهُ وَ اُوَحِّدُهُ کَما وَحَّدَ الاَوّاهُ، وَ هُوَ اللهُ لا اِلهَ لِلاُمَمِ سِواهُ وَ لا صادِعَ لِما عَدَّلَهُ
وَ سَوّاهُ.
اَرْسَلَ مُحَمَّداً عَلَماً لِلْاِسْلامِ وَ اِماماً لِلْحُکّامِ، مُسَدِّداً لِلرَّعاعِ وَ مُعَطِّلَ اَحْکامِ وَدٍّ وَ سُواعٍ، اَعْلَمَ وَ
عَلَّمَ وَ حَکَمَ وَ اَحْکَمَ وَ اَصَّلَ الْاُصولَ وَ مَهَّدَ وَ اَکَّدَ الوُعودَ وَ اَوْعَدَ، اَوْصَلَ اللهَ لَهَ الاِکْرامَ وَ اَوْدَعَ
روحَهَ السَّلامَ وَ رَحِمَ آلَهُ وَ اَهْلَهُ الْکِرامَ، مالَمَعَ رِئآلٌ وَ مَلَعَ رالٌ وَ طَلَعَ هِلالَ وَ سُمِعَ اِهْلالٌ.
اِعْمَلوا -رَعاکُمُ اللهُ- اَصْلَحَ الْاَعْمالِ وَ اسْلُکوا مَسالِکَ الْحَلالِ وَ اطرَحوا الْحَرامَ وَ دَعوهُ وَ
اسمَعوا اَمرَ اللهِ وَ عوهُ وَ صِلوا الْاَرْحامَ وَ راعوها وَ عاصوا الْاَهْواءَ وَ اَردَعوها وَ صاهِروا اَهْلَ
الصَّلاحِ وَ الْوَرَعِ وَ صارِموا رَهْطَ اللَّهْوِ وَ الطَّمَعِ وَ مُصاهِرُکُمْ اَطْهَرُ الْاَحْرارِ مولِداً وَ اَسْراهُمْ
سؤدُداً وَ اَحْلاهُمْ مَورِداً وَ ها؛ هُوَ اَمَّکُمْ وَ حَلَّ حَرَمَکُمْ مُملِکاً عَروسَکُم المُکَرَّمَةَ وَ ماهَرَ لَها کَما
مَهَرَ رَسولُ اللهِ اُمَّ سَلَمَةَ وَ هُوَ اَکْرَمُ صِهْرٍ اَوْدَعَ الْاَوْلادَ وَ مَلَکَ ما اَرادَ وَ ما سَها مُمَلِّکُهُ وَ لا وَهِمَ
وَ لا وُکِسَ مُلاحِمُهُ وَ لا وُصِمَ. اَسْئَلُ اللهَ لَکُم اِحمادَ وِصالِهِ وَ دَوامَ اِسْعادِهِ وَ اَلْهَمَ کُلّاً اِصْلاحَ حالِهِ
وَ الْاِعْدادَ لِمَآلِهِ وَ مَعادِهِ، وَ لَهُ الْحَمْدُ السَّرْمَدُ وَ الْمَدْحُ لِرَسولِهِ اَحْمَدَ.

كتب اسلامية مكتبة مشكاة

الإقتصاد والأعمال الاخلاق والعرفان الادب والخيال الاسرة والطفل التاريخ والجغرافيا التربية والتعليم السيرة والمذكرات الشرع والقانون الصحافة و...