إلقام الحجر لمن زكى ساب أبي بكر وعمر إلقام الحجر لمن زكى ساب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما للحافظ جلال الدين السيوطي
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
أما بعد حمد الله، والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه، فقد سمعت من بعض المبتدئين: أن سابَّ الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما تقبل شهادته، فهالني ذلك جدا ونهيته عن ذلك فما أفاد ولا أجدى، فوضعت هذه الرسالة إرشادا للمسلمين، ونصيحة للدين، ونقلت ما لأئمتنا في ذلك من مقال ونزلت ما أُوهِم خلافه على أحسن الأحوال، ورتبتها على فصول.
الفصل الأول: فيما ورد في فضلهما
[1] قال الله تعالى: { إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه } [ التوبة 40]
قال المفسرون: المنزل عليه السكينة أبو بكر، لأن النبي ﷺ ما زالت عليه السكينة.
[2] وقال تعالى { وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى * وما لأحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى * ولسوف يرضى } قال المفسرون: هي نازلة في أبي بكر رضي الله عنه.
[3] وعن أنس عن أبي بكر رضي الله عنهما قال: قلت للنبي ﷺ وأنا في الغار: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا قال: « ما ظنك باثنين الله ثالثهما » أخرجه البخاري ومسلم.
[4] وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال. قلت يا رسول الله: أيُُّ الناس أحب إليك؟ قال: « عائشة » فقلت: من الرجال؟ قال: « أبوها » قلت: ثم من؟ قال: « عمر بن الخطاب »، [فعد رجالا]. أخرجاه.
[5] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: « بينما راع في غنمه عدا عليه الذئب، فأخذ منها شاة، فطلبه الراعي، فالتفت إليه الذئب، فقال: من لها يوم السبع يوم ليس لها راع غيري، وبينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها، فالتفتت إليه فكلمته فقالت: إني لم أخلق لهذا، ولكني خلقت للحرث » قال الناس: سبحان الله. قال النبي ﷺ « فإني أومن بذلك وأبو بكر وعمر » أخرجاه وفي رواية لهما: « وما ثم أبو بكر وعمر » أي لم يكونا في المجلس، فشهد لهما بالإيمان بذلك لعلمه بكمال إيمانهما.
[6] وعن أنس رضي الله عنه: أن النبي ﷺ صعد أحدا، وأبو بكر وعمر، وعثمان، فرجف بهم، فقال: « اثبت أحد، فإنما عليك نبي، وصديق، وشهيدان ».
[7] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نخيّر بين الناس في زمن النبي ﷺ، فنخير أبا بكر، ثم عمر، ثم عثمان. ( أخرجه البخاري ) زاد الطبراني: فنعلم بذلك النبي ﷺ، ولا ينكره.
[8] وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: « اقتدوا بالذينِ من بعدي، أبو بكر وعمر ».
[9] وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ « ما من نبي إلا وله وزيران من أهل السماء ووزيران من أهل الأرض، فأما وزيراي من أهل السماء: فجبريل وميكائيل، وأما وزيراي من أهل الأرض: فأبو بكر وعمر » ( رواه الترمذي وحسنه ).
[10] وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ لأبي بكر وعمر: « هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين، إلا النبيين والمرسلين » رواه الترمذي وحسنه.
[11] وعن سعيد بن زيد رضي الله عنه سمعت رسول الله ﷺ يقول: « أبو بكر وعمر في الجنة » الحديث رواه أصحاب السنن الأربعة، وقال الترمذي حسن صحيح.
[12] وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: « إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما ترون النجم الطالع في أ فق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما » رواه الترمذي وحسنه.
[13] وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ: كان يخرج على أصحابه من المهاجرين والأنصار وهم جلوس فيهم أبو بكر وعمر ولا يرفع إليه أحد منهم بصره، إلا أبو بكر وعمر، فإنهما كانا ينظران إليه، وينظر إليهما، ويبتسمان إليه، ويبتسم إليهما. رواه الترمذي.
[14] وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ خرج ذات يوم، فدخل المسجد وأبو بكر وعمر أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، وهو آخذ بأيديهما، وقال: هكذا نبعث يوم القيامة. رواه الترمذي.
[15] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال عمر لأبي بكر: يا خير الناس بعد رسول الله ﷺ، فقال أبو بكر: أما إنك قلت ذلك، فلقد سمعت رسول الله ﷺ يقول ( ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر) رواه الترمذي.
[16] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ «أنا أول من تنشق عنه الأرض، ثم أبو بكر، ثم عمر » رواه الترمذي وحسنه.
[17] وعن عبد الله بن حنطب رضي الله عنه أن النبي ﷺ، رأى أبا بكر وعمر، فقال « هذان السمع والبصر » رواه الترمذي وحسنه.
[18] وعن أبي أروى الدوسي رضي الله عنه قال: كنت عند النبي ﷺ فأقبل أبو بكر وعمر، فقال: « الحمد لله الذي أيدني بكما » رواه البزار في مسنده.
[19] وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ « أتاني جبريل آنفا، فقلت حدثني بفضائل عمر بن الخطاب [في السماء]. فقال: يا محمد، لو حدثتك بفضائل عمر منذ ما لبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، ما نفدت فضائل عمر، وإن عمر لحسنة من حسنات أبي بكر » رواه أبو يعلى في مسنده.
[20] وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خطب رسول الله ﷺ الناس فقال: « إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله » فبكى أبو بكر فعجبنا لبكائه، أن يخبر رسول الله ﷺ عن عبد خيّر، فكان رسول الله ﷺ هو المخيّر، وكان أبو بكر أعلمنا به. أخرجه الشيخان.
[21] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: « إن من أمن الناس عليَّ في صحبته وماله: أبو بكر، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي، لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوَّة الإسلام ومودته، لا تبقين في المسجد باب سدَّ إلا باب أبي بكر » أخرجه البخاري.
[22] وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه (عن أبيه) قال: أتت امرأة إلى النبي ﷺ فأمرها أن ترجع إليه قالت: أرأيت إن جئت ولم أجدك – كأنها تقول الموت – قال: « إن لم تجديني فأت أبا بكر » أخرجاه.
[23] وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال كنت جالسا عند النبي ﷺ، إذ أقبل أبو بكر، فسلم وقال إني كان بيني وبين عمر بن الخطاب شئ، فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي، فأبى عليَّ، فأقبلت إليك، فقال: يغفر الله لك يا أبا بكر، ثلاثا. ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبا بكر، فقال: أثم أبو بكر. فقالوا: لا، فأتى النبي ﷺ، فجعل وجه النبي ﷺ يتمعر، حتى أشفق أبو بكر، فجثى على ركبتيه، فقال: والله أنا كنت أظلم مرتين. فقال النبي ﷺ: « إن الله بعثني إليكم، فقلتم كذبت، وقال أبو بكر: صدقت، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي، مرتين » فما أوذي بعدها. رواه البخاري.
[24] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: « من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة » فقال أبو بكر: إن أحد شقي ثوبي يسترخي، إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال رسول الله ﷺ: « إنك لست تصنع ذلك خيلاء » رواه البخاري.
[25] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: « من أنفق زوجين من شئ من الأشياء في سبيل الله، دعي من ذلك من أبواب الجنة، يا عبد الله: هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان » فقال أبو بكر: ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة. وقال: هل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله قال: « نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر » أخرجه الشيخان.
[26] وعن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال عبد الله بن عمرو بن العاص عن أشد ما صنع المشركون برسول الله ﷺ قال: رأيت عقبة بن أبي مُعَيْط جاء إلى النبي ﷺ وهو يصلي، فوضع رداءه في عنقه، فخنقه به خنقا شديدا، فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه: فقال « أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم » رواه البخاري.
[27] وعن علي رضي الله عنه أنه قال: أيها الناس أخبروني من أشجع الناس؟ قالوا: قلنا أنت يا أمير المؤمنين، قال: أما إني ما بارزت أحدا إلا انتصفت منه. ولكن أخبروني بأشجع الناس؟ قالوا: لا نعلم. فمما قال: أبو بكر، إنه لما كان يوم بدر جعلنا لرسول الله ﷺ عريشا، فقلنا: من يكون مع رسول الله ﷺ لئلا يهوي إليه أحد من المشركين، فوالله ما دنى منا أحد إلا وأبو بكر شاهرا بالسيف على رأس رسول الله ﷺ ما يُهوي إليه أحد إلا أهوى إليه، فهذا أشجع الناس. فقال عليٌّ: ولقد رأيت رسول الله ﷺ، وأخذته قريش، فهذا يجأه وهذا يتلتله، وهم يقولون: أنت الذي جعل الآلهة إلها واحدا؟ قال: والله ما دنى منا أحد إلا أبو بكر، يضرب هذا ويجأ هذا ويتلتل هذا، وهو يقول: ويلكم { أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله } ثم رفع علي بردة كانت عليه، فبكى حتى اخضلت لحيته، ثم قال: أنشدكم الله أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر؟ فسكت القوم، فقال: لا تجيبوني، فوالله لساعة من أبي بكر خير من مثل مؤمن آل فرعون. ذلك رجل كتم إيمانه وهذا رجل أعلن إيمانه. رواه البزار.
[28] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ في مرضه: « ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتابا، فإني أخاف أن يتمنى متمنٍّ ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر » رواه مسلم.
[29] وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: مرض النبي ﷺ، فاشتد مرضه، فقال: « مروا أبا بكر فليصل بالناس » قالت عائشة: يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق القلب إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس، فقال: « مري أبا بكر فليصل بالناس » فعادت، فقال: « مري أبا بكر فليصل بالناس » فعادت فقال: « مري أبا بكر فليصل بالناس، إنكن صواحب يوسف » فأتاه الرسول، فصلى بالناس في حياة رسول الله ﷺ. رواه الشيخان.
[30] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: « أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي » رواه أبو داود.
[31] وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: « أبو بكر سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله ﷺ » رواه الترمذي وحسنه.
[32] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: « ما لأحد عندنا يدٌ إلا و كافأناه، إلا أبو بكر، فإن له عندنا يد ا يكافئه الله بها يوم القيامة، وما نفعني مال أحد قط، ما نفعني مال أبي بكر، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن صاحبكم خليل الله » رواه الترمذي وحسنه.
[33] وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال لأبي بكر: « أنت صاحبي على الحوض، وصاحبي في الغار » رواه الترمذي وحسنه.
[34] وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: « أمرنا رسول الله ﷺ أن نتصدق، فوافق ذلك مالا عندي، فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما، قال: فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله ﷺ: « ما أبقيت لأهلك »؟ قلت مثله. وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال: « يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك » قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قلت: والله لا أسبقه بشيء أبدا. رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح.
[35] وعن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر دخل على رسول الله ﷺ فقال: « أنت عتيق الله من النار » فيومئذ سمي عتيقا. رواه الترمذي، وأخرجه البزار بمثله من حديث عبد الله بن الزبير.
[36] وعنها قالت: قال رسول الله ﷺ: « لا ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يؤمهم غيره » رواه الترمذي.
[37] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: « لما عرج بي إلى السماء، ما مررت بسماء إلا وجدت اسمي فيها مكتوبا: محمد رسول الله، أبوبكر الصديق » رواه البزار.
[38] وعن أسيد بن صفوان قال: لما توفي أبوبكر سجِّيَ بثوب، فارتجت المدينة بالبكاء، ودهش الناس، كيوم قبض رسول الله ﷺ، وجاء علي بن أبي طالب مسرعا مسترجعا، وهو اليوم انقطعت خلافة النبوة، حتى وقف على باب البيت الذي فيه أبو بكر، فقال: رحمك الله يا أبا بكر، كنت أول القوم إسلاما، وأخلصهم إيمانا، وأشدهم يقينا، وأخوفهم لله، وأعظمهم غنى، وأحفظهم على رسول الله ﷺ، وأحدبهم على الإسلام، وآمنهم على أصحابه، وأحسنهم صحبة، وأفضلهم مناقب، وأكثرهم سوابق، وأرفعهم درجة، وأقربهم من رسول الله ﷺ، وأشبههم به هديا وخلقا وسمتا، وأوثقهم عنده، وأشرفهم منزلة، وأكرمهم عليه، فجزاك الله عن الإسلام وعن رسول الله ﷺ وعن المسلمين خيرا. رواه البزار.
[39] وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ « إن الله عز وجل يكره أن يخطأ أبو بكر الصديق في الأرض » رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده.
[40] وعن عمر رضي الله أنه قال: وددت أني شعرة في صدر أبي بكر. رواه مسدد في مسنده.
[41] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ « بينما أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر فقلت لمن هذا القصر؟ قالوا لعمر، فذكرت غيرتك، فوليت مدبرا فبكى عمر وقال: أعليك أغار يا رسول الله » رواه البخاري.
[42] وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: « بينما أنا نائم شربت يعني اللبن حتى أنظر إلى الري يجري في أظفاري، ثم ناولته عمر » فقالوا فما أولته يا رسول الله قال: « العلم » رواه الشيخان.
[43] وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: « رأيت الناس عرضوا علي، وعليهم قمص: منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، وعرض علي عمر، وعليه قميص اجتره » قالوا فما أولته يا رسول الله؟ قال: « الدين » رواه الشيخان.
[44] وعن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله ﷺ: « يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك الشيطان فجا غير فجك » رواه البخاري.
[45] وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر. رواه البخاري.
[46] وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: « اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك، بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب » فكان أحبهما إليه عمر. رواه الترمذي، وقال حسن صحيح.
[47] وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: « إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه » وقال ابن عمر: وما نزل بالناس أمر قط، فقالوا وقال إلا نزل القرآن على نحو ما قال عمر. رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
[48] وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: « لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب » رواه الترمذي وحسنه.
[49] وعن عائشة رضي الله عنها قال: قال رسول الله ﷺ: « إني لأنظر إلى شياطين الإنس والجن قد فروا من عمر » ( قالت فرجفت ) رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
[50] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أسلم عمر نزل جبريل فقال يا محمد لقد استبشر أهل السماء بإسلام عمر. رواه ابن ماجة.
[51] وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: « أول من يصافحه الحق عمر، وأول من يسلم عليه » رواه ابن ماجة.
[52] وعن أبي ذر رضي الله عنه سمعت رسول الله ﷺ يقول: « إن الله وضع الحق على لسان عمر، يقول به ».
[53] وعن علي رضي الله عنه قال: كنا أصحاب محمد لا نشك أن السكينة تنطق على لسان عمر. رواه مسدد وابن منيع في مسنديهما.
[54] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أسلم عمر قال المشركون: لقد انتصف القوم اليوم منا، وأنزل الله تعالى { يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين } رواه البزار.
[55] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: « عمر سراج أهل الجنة » رواه البزار.
[56] وعن قدامة بن مظعون عن عمه عثمان بن مظعون قال: قال رسول الله ﷺ: « هذا غلق الفتنة، وأشار بيده إلى عمر لا يزال بينكم وبين الفتنة باب شديد الغلق ما عاش هذا بين أظهركم » رواه البزار.
[57] وعن أسماء بنت عميس رضي الله عنهما قالت: دخل رجل من المهاجرين على أبي بكر وهو يشتكي في مرضه فقال له: أتستخلف علينا عمر، وقد عتى علينا، ولا سلطان له، فكيف لو ملكنا كان أعتى وأعتى، فكيف تقول لله إذا لقيته؟! فقال أبو بكر: أجلسوني، فأجلسوه. فقال إن لله تعرفوني، فأنا أقول إذا لقيته: استخلفت عليهم خير أهلك. رواه إسحاق بن راهويه في مسنده.
والأحاديث في فضلهما تحتمل مجلدات، وهذه نبذة منها.
[58] وقد روى الترمذي عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال: ما أظن رجلا ينتقص أبا بكر وعمر يحب النبي رسول الله ﷺ.
الفصل الثاني: في بيان أن سبهما كبيرة لا خلاف في ذلك بين السلف والخلف، ونقل ( قول ) من عد ذلك في الكبائر تطويل مشهور
[59] وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله رسول الله ﷺ: « لا تسبوا أحدا من أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا، ما بلغ مدَّ أحدهم ولا نصيفه ».
[60] وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: « أكرموا أصحابي، فإنهم خياركم » رواه النسائي.
[61] وعن عبد الرحمن بن سالم بن عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله ﷺ « إن الله اختارني، واختار أصحابي، وجعل لي منهم وزراء وأنصارا، وأصهارا، فمن سبهم، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا » رواه الطبراني في معجمه والحميدي في مسنده بإسناد حسن.
[62] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: لا تسبوا أصحاب محمد، فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عمره. رواه ابن ماجة.
[63] وعن عبد الله بن معقل رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ « الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه » رواه الترمذي.
[64] وعن جابر سمعت رسول الله ﷺ يقول: « إن الناس يكثرون، وأصحابي يقلون، فلا تسبوهم، لعن الله من سبهم » رواه أبو يعلى في مسنده.
[65] وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ « دعوا لي أصهاري وأصحابي، فإنه من حفظني فيهم كان معه من الله حافظ. ومن لم يحفظني فيهم، تخلى الله عنه، ومن تخلى الله عنه يوشك أن يأخذه » رواه ابن منيع في مسنده.
[66] وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال: « يكون في آخر الزمان قوم يسمون الرافضة، يرفضون الإسلام، ويلفظونه، فاقتلوهم » رواه البزار.
[67] وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ « إن أشد الناس عذابا يوم القيامة من شتم الأنبياء، ثم أصحابي، ثم المسلمين » وإذا نظرت حد الكبيرة، رأيته منطبقا عليه، فقد نقل الرافعي عن الأكثرين أن الكبيرة تنطبق عليه.
[68] ويشهد له ما رواه ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال « كل ذنب ختمه الله بنار، أو غضب، أو لعن، أو عذاب، فهو كبيرة. »
[69] وروى البيهقي في الشعب عنه « كل ما نهى الله عنه كبيرة »
وصحح المتأخر ون: إنها كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين، ورقة الدين »
وممن صحح ذلك ابن السبكي في جمع الجوامع. ثم عد سب الصحابة منها.
وما أجدرها جريمة مؤذنة بالجرأة على الله ورسوله ﷺ، وقلة اكتراث فاعلها بالدين، لظنه الخبيث لعنه الله أن مثل هؤلاء يستحق السب، وهو مبرأ نقي تقي مستأهل للمدح، كلا والله بغية الحجر، بل إذا ظن أنهم يستحقون السب، اعتقدنا أنه يستحق الحرق وزيادة. وإذا عرفت أن سب الشيخين كبيرة بلا خلاف عرفت أن الساب لهما، لا تقبل شهادته، إذ لا يقبل إلا عدل وهو من لم يرتكب كبيرة ، وسنزيد هذا وضوحا.
الفصل الثالث
[حكم سب الشيخين]
اعلم أن ساب الشيخين فيه وجهان لأصحابنا حكاهما القاضي الحسين وغيره.
أحدهما: أنه يكفر، وجزم به المحاملي في اللباب.
الثاني: أنه فاسق، وعليه فتوى الأصحاب، ومن لا يكفر ببدعة.
فحينئذ لا يتخلص حاله عن أحد هذين الأمرين: إما الكفر، وإما الفسق، ولا يُقْبَل متصف بواحد منهما قطعا. وقد جزم بذلك، وأن فتواهم مردودة، وأقوالهم ساقطة ( حكاه النووي ) في أول شرح المهذب، وحكاه في الروضة في باب القضاء عن الخطيب وأقره، وقال به الغزالي والبغوي والرافعي في باب الشهادات.
وإن كان وقع في هذا الباب من زيادات الروضة تعميم قبول المبتدعة، حتى استشكل صاحب المهمات الجمع بينه وبين كلامه في باب القضاء، وشرح المهذب، و وهي الشبهة التيس تمسك بها من قال بالقبول، فلا يشك أن المبتدعة التي قال النووي بقبولهم هم من لا يفسق ببدعته، إذ الكلام فيهم كالشيعي القائل بتفضيل علي، وكمنكر القدر والرؤية ونحوهما ممن لهم تأويل، ويشهد لذلك أمور:
الأول: أنهم عللوه بأن العداوة في الاعتقاد، لا تقدح في العدالة، وقد عرفت أن سب الشيخين كبيرة قادح فيها.
الثاني: ما تقدم له في باب القضاء وفي شرح المهذب. الثالث: أنه قال في الموضعين المذكورين قبل ذكر عدم قبولهم، أن المبتدع الذي لا نكفره ولا نفسقه، فإنه يقبل على الصحيح. ثم عقبه بساب الصحابة والسلف، فإنه مردود، فعلم أن ما ذكره في باب الشهادات محمول على ما ذكره هنا، وإنما أطلق هنا حملا عليه. ولما علم من قاعدة الباب أن الفاسق يقبل، فالساب مردود، لوصف الفسق، لا لخصوص وصف الابتداع، ومن خيل له الشيطان أن لساب الشيخين تأويلا يخرجه عن الفسق، فلا أدري ما أقول له كيف؟.
[70] وقد قال رسول الله ﷺ: « سباب المسلم فسوق » رواه مسلم.
فإذا كان هذا في آحاد المسلمين، فما ظنك بأفضل الأمة، وأكرم الخليقة.
وفي الكفاية لابن الرفعة، قال الماوردي: يشترط لقبول شهادة أهل الأهواء بعد الإسلام ستة شروط: كون التأويل سابقا، كتأويل البغاة، وإلا فهم فسقة.
أن لا يدفعه إجماع.
أن لا يعصي به، كالقدح في الصحابة رضوان الله عليهم، وهم الذين كانوا معه ﷺ حضرا وسفرا أو تابعوه في الدين والدنيا، أو وثق بسرائرهم، أو أفضى بأوامره و نواهيه إليهم دون من قدم من الوفود، وقاتل معه الأعراب، ثم القدح إن كان سبا ففاسق يعزر، أو بنسبة لفسق و ضلال وهو من العشرة، أو من أهل بيعة الرضوان، أو من لم يدخل في قتال صفين والجمل ن فكان ذلك قطعا، أو ممن دخل فيهما، فكذلك على الأصح.
أن لا يقاتل عليا ولا ينابذ فيه أهل العدل.
أن لا يرى تصديق موافقيه على مخالفيه.
أن يكون ظاهر التحفظ كغيره من أهل الحق، انتهى.
وليس في الرافضة شرط من هذه الشروط الستة، فضلا عن اجتماعهم فيهم.
وقال أئمة الحديث وآخرهم الذهبي في الميزان: البدعة على ضربين: صغرى: كالتشيع، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم، مع الدين والورع والصدق، فلا يرد حديثهم. وكبرى كالرفض و الحط على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة.
قال: وأيضا فلا أستحضر في هذا النوع رجلا صادقا ولا مأمونا بل الكذب شعارهم، والتقية والنفاق دثارهم. انتهى.
فإذا كان هذا في باب الرواية مع أنها أوسع من الشهادة بلا خلاف، ولهذا اشترط في الشهادة: الحرية، والعدد، والذكورية في بعض المواضع دونها، فما ظنك بما هو أعظم حالا وأضيق مجالا.
وقال القاضي عياض في الشفا: سب الصحابة وتنقيصهم حرام ملعون فاعله، قال: وقال مالك: من قال: إن أحدا منهم على ضلال قتل، ومن شتمهم بغير هذا نكل نكالا شديدا، وعن مالك أيضا قال: من سبهم فلا حق له في الفيء.
[71] وروي عن عمر رضي الله عنه أنه أراد قطع لسان رجل شتم المقداد بن الأسود، فكلم في ذلك فقال: دعوني أقطع لسانه حتى لا يشتم بعده أحد من أصحاب النبي ﷺ. قال: وأفتى أبو المطرف الشعبي في رجل أنكر تحليف امرأة بالليل وقال: لو كانت بنت أبي بكر الصديق ما حلفت إلا بالنهار، وصوّب قوله بعض المتسمين بالفقه، فقال أبو المطرف: قوله هذا لابنة أبي بكر موجب عليه الضرب الشديد والحبس الطويل، والفقيه الذي صوب قوله أحق باسم الفسق من اسم الفقه، فيتقدم إليه في ذلك، ويزجر ولا تقبل فتواه ولا شهادته، وهي جرحه تامة فيه، ويبغض في الله، انتهى.
فإذا كان فيمن لم يسب ولم يعرض بل أقر على قول من عرض فما ظنك بمن عرض أو صرح [بسب]، والغرض بهذا كله تقرير أنه فاسق مرتكب لعظيم من الكبائر، لا مخلص له إلى العدالة بسبيل، ومن كان بهذه الصفة، لا تقبل شهادته قطعا، ثم من تخيل أنه لقبول ساب الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وجها وتأويلا، فليعلم أن هذا وإن كان فاسدا، فالشيخان خارجان من ذلك، إذ تأويلهم إنما هو فيمن خامر الفتن ولابس قتل عثمان، أو قاتل عليا، والشيخان مبرآن من ذلك قطعا، ولهذا أجري الخلاف في تكفير سابهما وساب عثمان وعلي دون غيرهما من الصحابة، وإن كان تأويلهم بذلك باطلا مردودا عليهم، ولسنا بصدد إقامة الحجة على ذلك، بل القصد ما بيناه، وفيه كفاية لمن رزق وأوتي دينا وتوفيقا يحجزه عن الوقوع في المهاوي، نسأل الله التوفيق بمنه وكرمه وجوده.
ثم رأيت الشيخ تقي الدين السبكي صنف كتابا سماه: غيرة الإيمان الجلي لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، بسبب رافضي وقف في الملأ وسب الشيخين وعثمان وجماعة من الصحابة، فاستتيب، فلم يتب، فحكم المالكي بقتله وصوَّبه السبكي فيما فعل، وألف في تصويبه الكتاب المذكور، وضمنه نفائس بديعات، ومآخذ جليلة واستنباطات، وذكر فيه ما يتعلق بمسألتنا هذه، فقال ما ملخصه: ذكر القاضي حسين من أصحابنا وجهين فيمن سب الشيخين أو الختنين:
أحدهما: يكفر، لأن الأمة أجمعت على إمامتهم.
والثاني: يفسق، ولا يكفر.
ثم نقل عن الحنفية نقولا كثيرة بعضها بالتكفير، وبعضها بالتضليل ثم مال السبكي إلى تصحيح التكفير لمآخذ ذكرها.
ثم نقل عن المالكية والحنابلة نقولا كذلك ثم قال: وسئل محمد بن يوسف الفريابي عن من شتم أبا بكر فقال: كافر فقيل يصلى عليه. قال: لا. قال وممن كفر الرافضة أحمد بن يوسف وأبو بكر بن هانئ، وقالا: لا تؤكل ذبائحهم، لأنهم مرتدون، وكذا قال عبد الله بن إدريس الكوفي أحد أئمة الكوفة: ليس للرافضي شفعة، لأنه لا شفعة إلا لمسلم.
وقال أحمد: شتم عثمان زندقة، ثم قال: وأجمع القائلون بعدم تكفير من سب الصحابة أنهم فساق، وممن قال بوجوب القتل على من سب أبابكر وعمر: عبد الرحمن بن أبزى الصحابي.
ثم نقل الاتفاق على أن من استحل سب الصحابة فهو كافر، لأن أدنى مراتبه أنه مجرم فاسق، واستحلال الحرام والفسق كفر، ثم قال: فإن قلت: فإنما يكون استحلال الحرام كفرا إذا كان تحريمه معلوما من الدين بالضرورة، قلت وتحريم ساب الصحابة معلوم من الدين بالضرورة.
ثم أطال في تقريره، ثم أورد على نفسه، حيث اختار تكفير ساب الشيخين أو الختنين، وإن لم يستحل. فقال، فغن قلت فقد جزم القاضي حسين في كتاب الشهادات بفسق ساب الصحابة، ولم يحك فيه خلافا، وكذلك ابن الصباغ في الشامل وغيره، وحكوه عن الشافعي فيكون ذلك ترجي، لعدم الكفر.
قلت: لا، هما مسألتان:
الأولى: المذكورة في باب الشهادات في السب لمطلق الصحابة.
الثانية: المذكورة في باب الإمامة في سب الشيخين أو الختنين وهي محل الوجهين في الكفر والفسق.
قال: ولا مانع من أن يكون سب مطلق الصحابة موجبا للفسق، وسب هؤلاء الأربعة المخصوصين مختلفا في كونه موجبا للكفر أو الفسق، ثم قال في آخر كلامه: فنخلص أن سب أبي بكر على مذهب أبي حنيفة، وأحد الوجهين عند الشافعية كفر. وفي تخريج عند مالك، وعند أحمد: زندقة. انتهى.
فرع: قال في الروضة في الوصية: لو أوصى لأجهل الناس؟ حكى الروياني أنه يصرف إلى عبدة الأوثان، فإن قال من المسلمين فإلى من يسب الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
أما بعد حمد الله، والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه، فقد سمعت من بعض المبتدئين: أن سابَّ الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما تقبل شهادته، فهالني ذلك جدا ونهيته عن ذلك فما أفاد ولا أجدى، فوضعت هذه الرسالة إرشادا للمسلمين، ونصيحة للدين، ونقلت ما لأئمتنا في ذلك من مقال ونزلت ما أُوهِم خلافه على أحسن الأحوال، ورتبتها على فصول.
الفصل الأول: فيما ورد في فضلهما
[1] قال الله تعالى: { إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه } [ التوبة 40]
قال المفسرون: المنزل عليه السكينة أبو بكر، لأن النبي ﷺ ما زالت عليه السكينة.
[2] وقال تعالى { وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى * وما لأحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى * ولسوف يرضى } قال المفسرون: هي نازلة في أبي بكر رضي الله عنه.
[3] وعن أنس عن أبي بكر رضي الله عنهما قال: قلت للنبي ﷺ وأنا في الغار: لو أن أحدهم نظر تحت قدميه لأبصرنا قال: « ما ظنك باثنين الله ثالثهما » أخرجه البخاري ومسلم.
[4] وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال. قلت يا رسول الله: أيُُّ الناس أحب إليك؟ قال: « عائشة » فقلت: من الرجال؟ قال: « أبوها » قلت: ثم من؟ قال: « عمر بن الخطاب »، [فعد رجالا]. أخرجاه.
[5] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: « بينما راع في غنمه عدا عليه الذئب، فأخذ منها شاة، فطلبه الراعي، فالتفت إليه الذئب، فقال: من لها يوم السبع يوم ليس لها راع غيري، وبينما رجل يسوق بقرة قد حمل عليها، فالتفتت إليه فكلمته فقالت: إني لم أخلق لهذا، ولكني خلقت للحرث » قال الناس: سبحان الله. قال النبي ﷺ « فإني أومن بذلك وأبو بكر وعمر » أخرجاه وفي رواية لهما: « وما ثم أبو بكر وعمر » أي لم يكونا في المجلس، فشهد لهما بالإيمان بذلك لعلمه بكمال إيمانهما.
[6] وعن أنس رضي الله عنه: أن النبي ﷺ صعد أحدا، وأبو بكر وعمر، وعثمان، فرجف بهم، فقال: « اثبت أحد، فإنما عليك نبي، وصديق، وشهيدان ».
[7] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كنا نخيّر بين الناس في زمن النبي ﷺ، فنخير أبا بكر، ثم عمر، ثم عثمان. ( أخرجه البخاري ) زاد الطبراني: فنعلم بذلك النبي ﷺ، ولا ينكره.
[8] وعن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: « اقتدوا بالذينِ من بعدي، أبو بكر وعمر ».
[9] وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ « ما من نبي إلا وله وزيران من أهل السماء ووزيران من أهل الأرض، فأما وزيراي من أهل السماء: فجبريل وميكائيل، وأما وزيراي من أهل الأرض: فأبو بكر وعمر » ( رواه الترمذي وحسنه ).
[10] وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ لأبي بكر وعمر: « هذان سيدا كهول أهل الجنة من الأولين والآخرين، إلا النبيين والمرسلين » رواه الترمذي وحسنه.
[11] وعن سعيد بن زيد رضي الله عنه سمعت رسول الله ﷺ يقول: « أبو بكر وعمر في الجنة » الحديث رواه أصحاب السنن الأربعة، وقال الترمذي حسن صحيح.
[12] وعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: « إن أهل الدرجات العلى ليراهم من تحتهم كما ترون النجم الطالع في أ فق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما » رواه الترمذي وحسنه.
[13] وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ: كان يخرج على أصحابه من المهاجرين والأنصار وهم جلوس فيهم أبو بكر وعمر ولا يرفع إليه أحد منهم بصره، إلا أبو بكر وعمر، فإنهما كانا ينظران إليه، وينظر إليهما، ويبتسمان إليه، ويبتسم إليهما. رواه الترمذي.
[14] وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ خرج ذات يوم، فدخل المسجد وأبو بكر وعمر أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله، وهو آخذ بأيديهما، وقال: هكذا نبعث يوم القيامة. رواه الترمذي.
[15] وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال عمر لأبي بكر: يا خير الناس بعد رسول الله ﷺ، فقال أبو بكر: أما إنك قلت ذلك، فلقد سمعت رسول الله ﷺ يقول ( ما طلعت الشمس على رجل خير من عمر) رواه الترمذي.
[16] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ «أنا أول من تنشق عنه الأرض، ثم أبو بكر، ثم عمر » رواه الترمذي وحسنه.
[17] وعن عبد الله بن حنطب رضي الله عنه أن النبي ﷺ، رأى أبا بكر وعمر، فقال « هذان السمع والبصر » رواه الترمذي وحسنه.
[18] وعن أبي أروى الدوسي رضي الله عنه قال: كنت عند النبي ﷺ فأقبل أبو بكر وعمر، فقال: « الحمد لله الذي أيدني بكما » رواه البزار في مسنده.
[19] وعن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ « أتاني جبريل آنفا، فقلت حدثني بفضائل عمر بن الخطاب [في السماء]. فقال: يا محمد، لو حدثتك بفضائل عمر منذ ما لبث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، ما نفدت فضائل عمر، وإن عمر لحسنة من حسنات أبي بكر » رواه أبو يعلى في مسنده.
[20] وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خطب رسول الله ﷺ الناس فقال: « إن الله خير عبدا بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عند الله » فبكى أبو بكر فعجبنا لبكائه، أن يخبر رسول الله ﷺ عن عبد خيّر، فكان رسول الله ﷺ هو المخيّر، وكان أبو بكر أعلمنا به. أخرجه الشيخان.
[21] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: « إن من أمن الناس عليَّ في صحبته وماله: أبو بكر، ولو كنت متخذا خليلا غير ربي، لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوَّة الإسلام ومودته، لا تبقين في المسجد باب سدَّ إلا باب أبي بكر » أخرجه البخاري.
[22] وعن جبير بن مطعم رضي الله عنه (عن أبيه) قال: أتت امرأة إلى النبي ﷺ فأمرها أن ترجع إليه قالت: أرأيت إن جئت ولم أجدك – كأنها تقول الموت – قال: « إن لم تجديني فأت أبا بكر » أخرجاه.
[23] وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال كنت جالسا عند النبي ﷺ، إذ أقبل أبو بكر، فسلم وقال إني كان بيني وبين عمر بن الخطاب شئ، فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي، فأبى عليَّ، فأقبلت إليك، فقال: يغفر الله لك يا أبا بكر، ثلاثا. ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبا بكر، فقال: أثم أبو بكر. فقالوا: لا، فأتى النبي ﷺ، فجعل وجه النبي ﷺ يتمعر، حتى أشفق أبو بكر، فجثى على ركبتيه، فقال: والله أنا كنت أظلم مرتين. فقال النبي ﷺ: « إن الله بعثني إليكم، فقلتم كذبت، وقال أبو بكر: صدقت، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لي صاحبي، مرتين » فما أوذي بعدها. رواه البخاري.
[24] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: « من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة » فقال أبو بكر: إن أحد شقي ثوبي يسترخي، إلا أن أتعاهد ذلك منه، فقال رسول الله ﷺ: « إنك لست تصنع ذلك خيلاء » رواه البخاري.
[25] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: « من أنفق زوجين من شئ من الأشياء في سبيل الله، دعي من ذلك من أبواب الجنة، يا عبد الله: هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان » فقال أبو بكر: ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة. وقال: هل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله قال: « نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر » أخرجه الشيخان.
[26] وعن عروة بن الزبير رضي الله عنه قال عبد الله بن عمرو بن العاص عن أشد ما صنع المشركون برسول الله ﷺ قال: رأيت عقبة بن أبي مُعَيْط جاء إلى النبي ﷺ وهو يصلي، فوضع رداءه في عنقه، فخنقه به خنقا شديدا، فجاء أبو بكر حتى دفعه عنه: فقال « أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم » رواه البخاري.
[27] وعن علي رضي الله عنه أنه قال: أيها الناس أخبروني من أشجع الناس؟ قالوا: قلنا أنت يا أمير المؤمنين، قال: أما إني ما بارزت أحدا إلا انتصفت منه. ولكن أخبروني بأشجع الناس؟ قالوا: لا نعلم. فمما قال: أبو بكر، إنه لما كان يوم بدر جعلنا لرسول الله ﷺ عريشا، فقلنا: من يكون مع رسول الله ﷺ لئلا يهوي إليه أحد من المشركين، فوالله ما دنى منا أحد إلا وأبو بكر شاهرا بالسيف على رأس رسول الله ﷺ ما يُهوي إليه أحد إلا أهوى إليه، فهذا أشجع الناس. فقال عليٌّ: ولقد رأيت رسول الله ﷺ، وأخذته قريش، فهذا يجأه وهذا يتلتله، وهم يقولون: أنت الذي جعل الآلهة إلها واحدا؟ قال: والله ما دنى منا أحد إلا أبو بكر، يضرب هذا ويجأ هذا ويتلتل هذا، وهو يقول: ويلكم { أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله } ثم رفع علي بردة كانت عليه، فبكى حتى اخضلت لحيته، ثم قال: أنشدكم الله أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر؟ فسكت القوم، فقال: لا تجيبوني، فوالله لساعة من أبي بكر خير من مثل مؤمن آل فرعون. ذلك رجل كتم إيمانه وهذا رجل أعلن إيمانه. رواه البزار.
[28] وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله ﷺ في مرضه: « ادعي لي أبا بكر وأخاك حتى أكتب كتابا، فإني أخاف أن يتمنى متمنٍّ ويأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر » رواه مسلم.
[29] وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: مرض النبي ﷺ، فاشتد مرضه، فقال: « مروا أبا بكر فليصل بالناس » قالت عائشة: يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق القلب إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس، فقال: « مري أبا بكر فليصل بالناس » فعادت، فقال: « مري أبا بكر فليصل بالناس » فعادت فقال: « مري أبا بكر فليصل بالناس، إنكن صواحب يوسف » فأتاه الرسول، فصلى بالناس في حياة رسول الله ﷺ. رواه الشيخان.
[30] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: « أما إنك يا أبا بكر أول من يدخل الجنة من أمتي » رواه أبو داود.
[31] وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: « أبو بكر سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله ﷺ » رواه الترمذي وحسنه.
[32] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: « ما لأحد عندنا يدٌ إلا و كافأناه، إلا أبو بكر، فإن له عندنا يد ا يكافئه الله بها يوم القيامة، وما نفعني مال أحد قط، ما نفعني مال أبي بكر، ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ألا وإن صاحبكم خليل الله » رواه الترمذي وحسنه.
[33] وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال لأبي بكر: « أنت صاحبي على الحوض، وصاحبي في الغار » رواه الترمذي وحسنه.
[34] وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: « أمرنا رسول الله ﷺ أن نتصدق، فوافق ذلك مالا عندي، فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما، قال: فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله ﷺ: « ما أبقيت لأهلك »؟ قلت مثله. وأتى أبو بكر بكل ما عنده، فقال: « يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك » قال: أبقيت لهم الله ورسوله. قلت: والله لا أسبقه بشيء أبدا. رواه أبو داود والترمذي وقال حسن صحيح.
[35] وعن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر دخل على رسول الله ﷺ فقال: « أنت عتيق الله من النار » فيومئذ سمي عتيقا. رواه الترمذي، وأخرجه البزار بمثله من حديث عبد الله بن الزبير.
[36] وعنها قالت: قال رسول الله ﷺ: « لا ينبغي لقوم فيهم أبو بكر أن يؤمهم غيره » رواه الترمذي.
[37] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: « لما عرج بي إلى السماء، ما مررت بسماء إلا وجدت اسمي فيها مكتوبا: محمد رسول الله، أبوبكر الصديق » رواه البزار.
[38] وعن أسيد بن صفوان قال: لما توفي أبوبكر سجِّيَ بثوب، فارتجت المدينة بالبكاء، ودهش الناس، كيوم قبض رسول الله ﷺ، وجاء علي بن أبي طالب مسرعا مسترجعا، وهو اليوم انقطعت خلافة النبوة، حتى وقف على باب البيت الذي فيه أبو بكر، فقال: رحمك الله يا أبا بكر، كنت أول القوم إسلاما، وأخلصهم إيمانا، وأشدهم يقينا، وأخوفهم لله، وأعظمهم غنى، وأحفظهم على رسول الله ﷺ، وأحدبهم على الإسلام، وآمنهم على أصحابه، وأحسنهم صحبة، وأفضلهم مناقب، وأكثرهم سوابق، وأرفعهم درجة، وأقربهم من رسول الله ﷺ، وأشبههم به هديا وخلقا وسمتا، وأوثقهم عنده، وأشرفهم منزلة، وأكرمهم عليه، فجزاك الله عن الإسلام وعن رسول الله ﷺ وعن المسلمين خيرا. رواه البزار.
[39] وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ « إن الله عز وجل يكره أن يخطأ أبو بكر الصديق في الأرض » رواه الحارث بن أبي أسامة في مسنده.
[40] وعن عمر رضي الله أنه قال: وددت أني شعرة في صدر أبي بكر. رواه مسدد في مسنده.
[41] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ « بينما أنا نائم رأيتني في الجنة فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر فقلت لمن هذا القصر؟ قالوا لعمر، فذكرت غيرتك، فوليت مدبرا فبكى عمر وقال: أعليك أغار يا رسول الله » رواه البخاري.
[42] وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: « بينما أنا نائم شربت يعني اللبن حتى أنظر إلى الري يجري في أظفاري، ثم ناولته عمر » فقالوا فما أولته يا رسول الله قال: « العلم » رواه الشيخان.
[43] وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله ﷺ يقول: « رأيت الناس عرضوا علي، وعليهم قمص: منها ما يبلغ الثدي، ومنها ما يبلغ دون ذلك، وعرض علي عمر، وعليه قميص اجتره » قالوا فما أولته يا رسول الله؟ قال: « الدين » رواه الشيخان.
[44] وعن سعد بن أبي وقاص قال: قال رسول الله ﷺ: « يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك الشيطان فجا غير فجك » رواه البخاري.
[45] وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر. رواه البخاري.
[46] وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: « اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك، بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب » فكان أحبهما إليه عمر. رواه الترمذي، وقال حسن صحيح.
[47] وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: « إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه » وقال ابن عمر: وما نزل بالناس أمر قط، فقالوا وقال إلا نزل القرآن على نحو ما قال عمر. رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
[48] وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: « لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب » رواه الترمذي وحسنه.
[49] وعن عائشة رضي الله عنها قال: قال رسول الله ﷺ: « إني لأنظر إلى شياطين الإنس والجن قد فروا من عمر » ( قالت فرجفت ) رواه الترمذي وقال حسن صحيح.
[50] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أسلم عمر نزل جبريل فقال يا محمد لقد استبشر أهل السماء بإسلام عمر. رواه ابن ماجة.
[51] وعن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: « أول من يصافحه الحق عمر، وأول من يسلم عليه » رواه ابن ماجة.
[52] وعن أبي ذر رضي الله عنه سمعت رسول الله ﷺ يقول: « إن الله وضع الحق على لسان عمر، يقول به ».
[53] وعن علي رضي الله عنه قال: كنا أصحاب محمد لا نشك أن السكينة تنطق على لسان عمر. رواه مسدد وابن منيع في مسنديهما.
[54] وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما أسلم عمر قال المشركون: لقد انتصف القوم اليوم منا، وأنزل الله تعالى { يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين } رواه البزار.
[55] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ: « عمر سراج أهل الجنة » رواه البزار.
[56] وعن قدامة بن مظعون عن عمه عثمان بن مظعون قال: قال رسول الله ﷺ: « هذا غلق الفتنة، وأشار بيده إلى عمر لا يزال بينكم وبين الفتنة باب شديد الغلق ما عاش هذا بين أظهركم » رواه البزار.
[57] وعن أسماء بنت عميس رضي الله عنهما قالت: دخل رجل من المهاجرين على أبي بكر وهو يشتكي في مرضه فقال له: أتستخلف علينا عمر، وقد عتى علينا، ولا سلطان له، فكيف لو ملكنا كان أعتى وأعتى، فكيف تقول لله إذا لقيته؟! فقال أبو بكر: أجلسوني، فأجلسوه. فقال إن لله تعرفوني، فأنا أقول إذا لقيته: استخلفت عليهم خير أهلك. رواه إسحاق بن راهويه في مسنده.
والأحاديث في فضلهما تحتمل مجلدات، وهذه نبذة منها.
[58] وقد روى الترمذي عن محمد بن سيرين رضي الله عنه قال: ما أظن رجلا ينتقص أبا بكر وعمر يحب النبي رسول الله ﷺ.
الفصل الثاني: في بيان أن سبهما كبيرة لا خلاف في ذلك بين السلف والخلف، ونقل ( قول ) من عد ذلك في الكبائر تطويل مشهور
[59] وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله رسول الله ﷺ: « لا تسبوا أحدا من أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا، ما بلغ مدَّ أحدهم ولا نصيفه ».
[60] وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: « أكرموا أصحابي، فإنهم خياركم » رواه النسائي.
[61] وعن عبد الرحمن بن سالم بن عبد الرحمن بن عويم بن ساعدة عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله ﷺ « إن الله اختارني، واختار أصحابي، وجعل لي منهم وزراء وأنصارا، وأصهارا، فمن سبهم، فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا » رواه الطبراني في معجمه والحميدي في مسنده بإسناد حسن.
[62] وعن ابن عمر رضي الله عنهما: لا تسبوا أصحاب محمد، فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم عمره. رواه ابن ماجة.
[63] وعن عبد الله بن معقل رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ « الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضا بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه » رواه الترمذي.
[64] وعن جابر سمعت رسول الله ﷺ يقول: « إن الناس يكثرون، وأصحابي يقلون، فلا تسبوهم، لعن الله من سبهم » رواه أبو يعلى في مسنده.
[65] وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ « دعوا لي أصهاري وأصحابي، فإنه من حفظني فيهم كان معه من الله حافظ. ومن لم يحفظني فيهم، تخلى الله عنه، ومن تخلى الله عنه يوشك أن يأخذه » رواه ابن منيع في مسنده.
[66] وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال: « يكون في آخر الزمان قوم يسمون الرافضة، يرفضون الإسلام، ويلفظونه، فاقتلوهم » رواه البزار.
[67] وأخرج أبو نعيم في الحلية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله ﷺ « إن أشد الناس عذابا يوم القيامة من شتم الأنبياء، ثم أصحابي، ثم المسلمين » وإذا نظرت حد الكبيرة، رأيته منطبقا عليه، فقد نقل الرافعي عن الأكثرين أن الكبيرة تنطبق عليه.
[68] ويشهد له ما رواه ابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال « كل ذنب ختمه الله بنار، أو غضب، أو لعن، أو عذاب، فهو كبيرة. »
[69] وروى البيهقي في الشعب عنه « كل ما نهى الله عنه كبيرة »
وصحح المتأخر ون: إنها كل جريمة تؤذن بقلة اكتراث مرتكبها بالدين، ورقة الدين »
وممن صحح ذلك ابن السبكي في جمع الجوامع. ثم عد سب الصحابة منها.
وما أجدرها جريمة مؤذنة بالجرأة على الله ورسوله ﷺ، وقلة اكتراث فاعلها بالدين، لظنه الخبيث لعنه الله أن مثل هؤلاء يستحق السب، وهو مبرأ نقي تقي مستأهل للمدح، كلا والله بغية الحجر، بل إذا ظن أنهم يستحقون السب، اعتقدنا أنه يستحق الحرق وزيادة. وإذا عرفت أن سب الشيخين كبيرة بلا خلاف عرفت أن الساب لهما، لا تقبل شهادته، إذ لا يقبل إلا عدل وهو من لم يرتكب كبيرة ، وسنزيد هذا وضوحا.
الفصل الثالث
[حكم سب الشيخين]
اعلم أن ساب الشيخين فيه وجهان لأصحابنا حكاهما القاضي الحسين وغيره.
أحدهما: أنه يكفر، وجزم به المحاملي في اللباب.
الثاني: أنه فاسق، وعليه فتوى الأصحاب، ومن لا يكفر ببدعة.
فحينئذ لا يتخلص حاله عن أحد هذين الأمرين: إما الكفر، وإما الفسق، ولا يُقْبَل متصف بواحد منهما قطعا. وقد جزم بذلك، وأن فتواهم مردودة، وأقوالهم ساقطة ( حكاه النووي ) في أول شرح المهذب، وحكاه في الروضة في باب القضاء عن الخطيب وأقره، وقال به الغزالي والبغوي والرافعي في باب الشهادات.
وإن كان وقع في هذا الباب من زيادات الروضة تعميم قبول المبتدعة، حتى استشكل صاحب المهمات الجمع بينه وبين كلامه في باب القضاء، وشرح المهذب، و وهي الشبهة التيس تمسك بها من قال بالقبول، فلا يشك أن المبتدعة التي قال النووي بقبولهم هم من لا يفسق ببدعته، إذ الكلام فيهم كالشيعي القائل بتفضيل علي، وكمنكر القدر والرؤية ونحوهما ممن لهم تأويل، ويشهد لذلك أمور:
الأول: أنهم عللوه بأن العداوة في الاعتقاد، لا تقدح في العدالة، وقد عرفت أن سب الشيخين كبيرة قادح فيها.
الثاني: ما تقدم له في باب القضاء وفي شرح المهذب. الثالث: أنه قال في الموضعين المذكورين قبل ذكر عدم قبولهم، أن المبتدع الذي لا نكفره ولا نفسقه، فإنه يقبل على الصحيح. ثم عقبه بساب الصحابة والسلف، فإنه مردود، فعلم أن ما ذكره في باب الشهادات محمول على ما ذكره هنا، وإنما أطلق هنا حملا عليه. ولما علم من قاعدة الباب أن الفاسق يقبل، فالساب مردود، لوصف الفسق، لا لخصوص وصف الابتداع، ومن خيل له الشيطان أن لساب الشيخين تأويلا يخرجه عن الفسق، فلا أدري ما أقول له كيف؟.
[70] وقد قال رسول الله ﷺ: « سباب المسلم فسوق » رواه مسلم.
فإذا كان هذا في آحاد المسلمين، فما ظنك بأفضل الأمة، وأكرم الخليقة.
وفي الكفاية لابن الرفعة، قال الماوردي: يشترط لقبول شهادة أهل الأهواء بعد الإسلام ستة شروط: كون التأويل سابقا، كتأويل البغاة، وإلا فهم فسقة.
أن لا يدفعه إجماع.
أن لا يعصي به، كالقدح في الصحابة رضوان الله عليهم، وهم الذين كانوا معه ﷺ حضرا وسفرا أو تابعوه في الدين والدنيا، أو وثق بسرائرهم، أو أفضى بأوامره و نواهيه إليهم دون من قدم من الوفود، وقاتل معه الأعراب، ثم القدح إن كان سبا ففاسق يعزر، أو بنسبة لفسق و ضلال وهو من العشرة، أو من أهل بيعة الرضوان، أو من لم يدخل في قتال صفين والجمل ن فكان ذلك قطعا، أو ممن دخل فيهما، فكذلك على الأصح.
أن لا يقاتل عليا ولا ينابذ فيه أهل العدل.
أن لا يرى تصديق موافقيه على مخالفيه.
أن يكون ظاهر التحفظ كغيره من أهل الحق، انتهى.
وليس في الرافضة شرط من هذه الشروط الستة، فضلا عن اجتماعهم فيهم.
وقال أئمة الحديث وآخرهم الذهبي في الميزان: البدعة على ضربين: صغرى: كالتشيع، فهذا كثير في التابعين وتابعيهم، مع الدين والورع والصدق، فلا يرد حديثهم. وكبرى كالرفض و الحط على أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فهذا النوع لا يحتج بهم ولا كرامة.
قال: وأيضا فلا أستحضر في هذا النوع رجلا صادقا ولا مأمونا بل الكذب شعارهم، والتقية والنفاق دثارهم. انتهى.
فإذا كان هذا في باب الرواية مع أنها أوسع من الشهادة بلا خلاف، ولهذا اشترط في الشهادة: الحرية، والعدد، والذكورية في بعض المواضع دونها، فما ظنك بما هو أعظم حالا وأضيق مجالا.
وقال القاضي عياض في الشفا: سب الصحابة وتنقيصهم حرام ملعون فاعله، قال: وقال مالك: من قال: إن أحدا منهم على ضلال قتل، ومن شتمهم بغير هذا نكل نكالا شديدا، وعن مالك أيضا قال: من سبهم فلا حق له في الفيء.
[71] وروي عن عمر رضي الله عنه أنه أراد قطع لسان رجل شتم المقداد بن الأسود، فكلم في ذلك فقال: دعوني أقطع لسانه حتى لا يشتم بعده أحد من أصحاب النبي ﷺ. قال: وأفتى أبو المطرف الشعبي في رجل أنكر تحليف امرأة بالليل وقال: لو كانت بنت أبي بكر الصديق ما حلفت إلا بالنهار، وصوّب قوله بعض المتسمين بالفقه، فقال أبو المطرف: قوله هذا لابنة أبي بكر موجب عليه الضرب الشديد والحبس الطويل، والفقيه الذي صوب قوله أحق باسم الفسق من اسم الفقه، فيتقدم إليه في ذلك، ويزجر ولا تقبل فتواه ولا شهادته، وهي جرحه تامة فيه، ويبغض في الله، انتهى.
فإذا كان فيمن لم يسب ولم يعرض بل أقر على قول من عرض فما ظنك بمن عرض أو صرح [بسب]، والغرض بهذا كله تقرير أنه فاسق مرتكب لعظيم من الكبائر، لا مخلص له إلى العدالة بسبيل، ومن كان بهذه الصفة، لا تقبل شهادته قطعا، ثم من تخيل أنه لقبول ساب الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وجها وتأويلا، فليعلم أن هذا وإن كان فاسدا، فالشيخان خارجان من ذلك، إذ تأويلهم إنما هو فيمن خامر الفتن ولابس قتل عثمان، أو قاتل عليا، والشيخان مبرآن من ذلك قطعا، ولهذا أجري الخلاف في تكفير سابهما وساب عثمان وعلي دون غيرهما من الصحابة، وإن كان تأويلهم بذلك باطلا مردودا عليهم، ولسنا بصدد إقامة الحجة على ذلك، بل القصد ما بيناه، وفيه كفاية لمن رزق وأوتي دينا وتوفيقا يحجزه عن الوقوع في المهاوي، نسأل الله التوفيق بمنه وكرمه وجوده.
ثم رأيت الشيخ تقي الدين السبكي صنف كتابا سماه: غيرة الإيمان الجلي لأبي بكر وعمر وعثمان وعلي، بسبب رافضي وقف في الملأ وسب الشيخين وعثمان وجماعة من الصحابة، فاستتيب، فلم يتب، فحكم المالكي بقتله وصوَّبه السبكي فيما فعل، وألف في تصويبه الكتاب المذكور، وضمنه نفائس بديعات، ومآخذ جليلة واستنباطات، وذكر فيه ما يتعلق بمسألتنا هذه، فقال ما ملخصه: ذكر القاضي حسين من أصحابنا وجهين فيمن سب الشيخين أو الختنين:
أحدهما: يكفر، لأن الأمة أجمعت على إمامتهم.
والثاني: يفسق، ولا يكفر.
ثم نقل عن الحنفية نقولا كثيرة بعضها بالتكفير، وبعضها بالتضليل ثم مال السبكي إلى تصحيح التكفير لمآخذ ذكرها.
ثم نقل عن المالكية والحنابلة نقولا كذلك ثم قال: وسئل محمد بن يوسف الفريابي عن من شتم أبا بكر فقال: كافر فقيل يصلى عليه. قال: لا. قال وممن كفر الرافضة أحمد بن يوسف وأبو بكر بن هانئ، وقالا: لا تؤكل ذبائحهم، لأنهم مرتدون، وكذا قال عبد الله بن إدريس الكوفي أحد أئمة الكوفة: ليس للرافضي شفعة، لأنه لا شفعة إلا لمسلم.
وقال أحمد: شتم عثمان زندقة، ثم قال: وأجمع القائلون بعدم تكفير من سب الصحابة أنهم فساق، وممن قال بوجوب القتل على من سب أبابكر وعمر: عبد الرحمن بن أبزى الصحابي.
ثم نقل الاتفاق على أن من استحل سب الصحابة فهو كافر، لأن أدنى مراتبه أنه مجرم فاسق، واستحلال الحرام والفسق كفر، ثم قال: فإن قلت: فإنما يكون استحلال الحرام كفرا إذا كان تحريمه معلوما من الدين بالضرورة، قلت وتحريم ساب الصحابة معلوم من الدين بالضرورة.
ثم أطال في تقريره، ثم أورد على نفسه، حيث اختار تكفير ساب الشيخين أو الختنين، وإن لم يستحل. فقال، فغن قلت فقد جزم القاضي حسين في كتاب الشهادات بفسق ساب الصحابة، ولم يحك فيه خلافا، وكذلك ابن الصباغ في الشامل وغيره، وحكوه عن الشافعي فيكون ذلك ترجي، لعدم الكفر.
قلت: لا، هما مسألتان:
الأولى: المذكورة في باب الشهادات في السب لمطلق الصحابة.
الثانية: المذكورة في باب الإمامة في سب الشيخين أو الختنين وهي محل الوجهين في الكفر والفسق.
قال: ولا مانع من أن يكون سب مطلق الصحابة موجبا للفسق، وسب هؤلاء الأربعة المخصوصين مختلفا في كونه موجبا للكفر أو الفسق، ثم قال في آخر كلامه: فنخلص أن سب أبي بكر على مذهب أبي حنيفة، وأحد الوجهين عند الشافعية كفر. وفي تخريج عند مالك، وعند أحمد: زندقة. انتهى.
فرع: قال في الروضة في الوصية: لو أوصى لأجهل الناس؟ حكى الروياني أنه يصرف إلى عبدة الأوثان، فإن قال من المسلمين فإلى من يسب الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق